433404142434445464748

الإحصائيات

سورة سبإ
ترتيب المصحف34ترتيب النزول58
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.50
عدد الآيات54عدد الأجزاء0.35
عدد الأحزاب0.70عدد الأرباع2.80
ترتيب الطول31تبدأ في الجزء22
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 6/14الحمد لله: 4/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (40) الى الآية رقم (42) عدد الآيات (3)

ثُمَّ توبيخُ المشركينَ يومَ القيامةِ بسؤالِ الملائكةِ: أهم كانُوا يعبدُونَكم؟ وبيانُ أنَّهم كانُوا ينقادُونَ لأمرِ الجِنِّ، وأنَّ ما كانُوا يعبدُونَه لا ينفعُهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (43) الى الآية رقم (45) عدد الآيات (3)

بعدَ بيانِ عذابِ المشركينَ في النَّارِ، ذكرَ اللهُ هنا سببَ هذا العذابِ، وهو تكذيبُ النَّبي ﷺ والقرآنِ، ثُمَّ أنذرَهم بما حدثَ للأممِ السابقةِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (46) الى الآية رقم (49) عدد الآيات (4)

= ودعَاهُم إلى التَّفكُّرِ الهادئِ العميقِ في شأنِ النَّبي ﷺ وما يعلمُونه من سيرتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة سبإ

حسن عاقبة الشاكرين وسوء عاقبة الجاحدين/ العبودية سبيل العمران (حضارتان في الميزان).

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هؤلاء شكروا وهؤلاء كفروا:: بدأت السورة بـ: 1- بيان ربوبية الله وألوهيته وقدرته سبحانه وتعالى، ثم: 2- الإخبار عن إنكار كفار مكة للبعث والجزاء، وسخريتهم من النبي ﷺ، وقد هدَّدهم الله على ذلك بالعذاب مِن فوقهم، أو من تحت أرجلهم، ثم أعقب ذلك بـ: 3- قصة داود وسليمان عليهما السلام، ثم قصة قوم سبأ. ويشترك أصحاب القصتين في أن الله قد أنعم عليهم بالخيرات، ورزقهم من الطيبات، حتى شبعوا وأَمِنُوا، ولكن آل داود آمنوا وشكروا، وآل سبأ بطروا وكفروا، فكانت القصتان مثَلين لأمَّتين إحداهما شاكرة، والأخرى كافرة، وكانت أمَّة داود الشاكرة المرحومة مثلًا للنبي ﷺ ومَن آمن معه، وفي ذلك تثبيت لهم على إيمانهم، وربط على قلوبهم، كما كانت أمَّة سبأ الكافرة المعذَّبة مثلًا لكفار قريش؛ لإنذارهم من العذاب كما عذب الله قوم سبأ.
  • • من هي سبأ؟: إن سبأً قومٌ اكتملتْ نِعَمُهم؛ فأرزاقُهم حاضرة، وأرضهم مخضرَّة، وسماؤهم ممطرة، وثمارهم يانعة، وضروعهم دارَّة، تحيط بمساكنهم الأشجارُ والثمار، وتملأ جنبتي بلادهم؛ فلا يسيرون إلا في خضرة من الأرض، ولا يأكلون إلا أطيب الطعام والثمار، يشربون من الماء أعذبَه، ويتنفسون من الهواء أنقاه، حتى ذكر المفسِّرون خلو أرضهم وأجوائهم من الهوام والحشرات المؤذية، وهذا من أكمل ما يكون للعيش الرغيد، والراحة التامة، والنعم الكاملة. ولم يطلب ربُّهم منهم مقابلَ هذه النعم المتتابعة إلا شكرَه عليها، بإقامة دينه وتحقيق توحيده: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ (15)، فوصفها الله بأنها بلدة طيبة؛ فكل شيء فيها طيِّب. وقد عفا الله عنهم ما مضى مِن كفرهم وتجاوزهم، فلم يستأصلهم به، ودعاهم إلى شكره، بتذكيرهم بمغفرته ورزقه: ﴿كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ (15). لكنهم قابلوا دعوة الله لهم بالإعراض والاستكبار، والإعراضُ أشدُّ أنواع الكفر، فاستحقوا العذابَ والدمار: ﴿ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ (16)، ففتح الله عليهم سدَّهم؛ ليغرق بلادهم، ويهلك حرثهم وأنعامهم، ويتلف أشجارهم وثمارهم، فأضحتْ بلادُهم بعد الخضرة مغبرَّةً، وبعد الجدة مقفرةً، وبعد السَّعة ضيقةً، وذهبتْ نعمهم في لمح البصر، وصاروا ممحلين لا يلوون على شيء.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «سبأ».
  • • معنى الاسم :: سبأ: هي أرض باليمن، مدينتها مأرب.
  • • سبب التسمية :: لأن ‏الله ‏ذكر ‏فيها ‏قصة ‏سبأ‏، ‏وقد ‏كان ‏أهلها ‏في ‏نعمة ‏ورخاء، ‏وكانت ‏مساكنهم ‏حدائق ‏وجنات ‏فلما كفروا ‏النعمة ‏دمرهم ‏الله ‏بسيل ‏العرم ‏وجعلهم ‏عبرة ‏لمن ‏يعتبر‏‏.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن العبودية سبيل العمران.
  • • علمتني السورة :: حسن عاقبة الشاكرين وسوء عاقبة الجاحدين.
  • • علمتني السورة :: لأن تكذيب الحضارات وكفرها بالله تعالى هو سبب هلاكها.
  • • علمتني السورة :: أن الغنى لا يدل على محبة الله للعبد: ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ...﴾

مدارسة الآية : [40] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ ..

التفسير :

[40] واذكر -أيها الرسول- يوم يحشر الله المشركين والمعبودين من دونه من الملائكة، ثم يقول للملائكة على وجه التوبيخ لمن عبدهم:أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون مِن دوننا؟

{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} أي:العابدين لغير اللّه والمعبودين من دونه, من الملائكة.{ ثُمَّ يَقُولُ} الله{ لِلْمَلَائِكَةِ} على وجه التوبيخ لمن عبدهم{ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} فتبرأوا من عبادتهم.

أى: واذكر- أيها العاقل- لتعتبر وتتعظ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً أى: يجمع الله- سبحانه- الكافرين جميعا. الذين استضعفوا في الدنيا والذين استكبروا.

ثُمَّ يَقُولُ- عز وجل- لِلْمَلائِكَةِ على سبيل التبكيت والتقريع للمشركين أَهؤُلاءِ الكافرون إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ أى: أهؤلاء كانوا يعبدونكم في الدنيا.

وأنتم رضيتم بذلك.

وهؤُلاءِ مبتدأ، وخبره «كانوا يعبدون» وإِيَّاكُمْ مفعول يعبدون.

وتخصيص الملائكة بالخطاب مع أن من الكفار من كان يعبد الأصنام، ومن كان يعبد غيرها، لأن المقصود من الخطاب حكاية ما يقوله الملائكة في الرد عليهم.

قال صاحب الكشاف: هذا الكلام خطاب للملائكة. وتقريع للكفار وارد على المثل السائر: إياك أعنى واسمعي يا جارة، ونحوه قوله- تعالى- لعيسى: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وقد علم- سبحانه- كون الملائكة وعيسى، منزهين برآء مما وجه عليهم من السؤال، والغرض أن يقول ويقولوا، ويسأل ويجيبوا، فيكون التقريع للمشركين أشد، والتعبير أبلغ، وهوانهم ألزم. ..

يخبر تعالى أنه يقرع المشركين يوم القيامة على رءوس الخلائق ، فيسأل الملائكة الذين كان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الأنداد التي هي على صورة الملائكة ليقربوهم إلى الله زلفى ، فيقول للملائكة : ( أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ) ؟ أي : أنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم ؟ كما قال في سورة الفرقان : ( أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل ) [ الفرقان : 17 ] ، وكما يقول لعيسى : ( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ) [ المائدة : 116 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40)

يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء الكفار بالله جميعًا، ثم نقول للملائكة: أهؤلاء كانوا يعبدونكم من دوننا؟ فتتبرأ منهم الملائكة .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[40] ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ جلس مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ في مجلس، فاغتاب رجل منهم رجلًا، فقال معروف: «يا هذا، اذكر يوم يوضع القطن على عينيك».
وقفة
[40] ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ هذا الكلام خطاب للملائكة التي عبدت من دون الله، وتقريع للكفار الذين عبدوها، وذلك على المثل السائر: (إياك أعني واسمعي يا جارة).
وقفة
[40] ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ﴾ يخبر تعالى أنه يقرع المشركين يوم القيامة على رؤوس الخلائق؛ فيسأل الملائكة: ﴿أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾.
عمل
[40] انطق بشهادة التوحيد، قاصدًا التبرؤ من كل معبود سوى الله سبحانه وتعالى ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾.
وقفة
[40] ﴿ثُمَّ يَقولُ لِلمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيّاكُم كانوا يَعبُدونَ﴾ الإشارة إليهم بكلمة (هؤلاء) كناية عن بعدهم، والاستهزاء بهم واحتقارهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ:
  • الواو استئنافية. يوم: مفعول به بفعل مضمر تقديره:واذكر منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. يحشر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «يحشرهم» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ جَمِيعاً:
  • توكيد لضمير الغائبين «هم» في «يحشرهم» بمعنى: كلهم. ويجوز أن تكون حالا من الضمير منصوبة بالفتحة المنونة.
  • ﴿ ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ:
  • حرف عطف. يقول: معطوفة على «يحشر» وتعرب اعرابها. للملائكة: جار ومجرور متعلق بيقول.
  • ﴿ أَهؤُلاءِ:
  • الهمزة همزة تقرير بلفظ‍ استفهام موجه للملائكة فيه تقريع وتوبيخ للكفار لأن الله سبحانه عليم بكون الملائكة براء مما وجه إليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير و «هؤلاء» اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ خبره الجملة الفعلية بعده. والجملة الاسمية من «هؤلاء» وخبرها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ إِيّاكُمْ:
  • ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «يعبد» الكاف حرف خطاب والميم علامة الجمع. وقيل يجوز أن تكون الكلمة «إياكم» كلمة واحدة ضميرا منفصلا مبنيا على السكون-سكون الميم-في محل نصب مفعول به مقدم ليعبدون.
  • ﴿ كانُوا يَعْبُدُونَ:
  • فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعبدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يعبدون» مع مفعولها المقدم في محل نصب خبر «كان» أي بمعنى أهؤلاء كانوا يعبدونكم من دوني؟'

المتشابهات :

الأنعام: 22﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ
يونس: 28﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ
الأنعام: 128﴿ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ
سبإ: 40﴿ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ
يونس: 45﴿ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ
الفرقان: 17﴿ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     وبعد الرد على أقوال المشركين الباطلة، لكي يزداد المؤمنون إيمانًا على إيمانهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا حالَ أولئك المشركين يوم القيامة، وكيف أن الملائكة يكذبونهم في مزاعمهم، قال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن ..

التفسير :

[41] قالت الملائكة:ننزهك يا ألله عن أن يكون لك شريك في العبادة، أنت وليُّنا الذي نطيعه ونعبده وحده، بل كان هؤلاء يعبدون الشياطين، أكثرهم بهم مصدقون ومطيعون.

{ قَالُوا سُبْحَانَكَ} أي:تنزيها لك وتقديسا, أن يكون لك شريك, أو ند{ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ} فنحن مفتقرون إلى ولايتك, مضطرون إليها, فكيف ندعو غيرنا إلى عبادتنا؟ أم كيف نصلح لأن نتخذ من دونك أولياء وشركاء؟"

ولكن هؤلاء المشركون{ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ} أي:الشياطين, يأمرونبعبادتنا أو عبادة غيرنا, فيطيعونهم بذلك. وطاعتهم هي عبادتهم, لأن العبادة الطاعة, كما قال تعالى مخاطبا لكل من اتخذ معه آلهة{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}

{ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} أي:مصدقون للجن, منقادون لهم, لأن الإيمان هو:التصديق الموجب للانقياد.

وقوله- تعالى-: قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ حكاية لأقوال الملائكة.

أى: قال الملائكة في الإجابة على سؤال خالقهم. سُبْحانَكَ أى: ننزهك ونقدسك عن أن يكون لك شريك في عبادتك وطاعتك أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ أى: أنت الذي نواليك ونتقرب إليك وحدك بالعبادة، وليس بيننا وبين هؤلاء المشركين أى موالاة أو قرب، ولا دخل لنا في عبادتهم لغيرك.

ثم صرحوا بما كان المشركون يعبدونه في الدنيا فقالوا: بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ.

أى: إن هؤلاء المشركين لا علم لنا بأنهم كانوا يعبدوننا، ونبرأ من ذلك إن كانوا قد عبدونا، وهم إنما كانوا يعبدون في الدنيا الْجِنَّ أى الشياطين، وكان أكثر هؤلاء المشركين يؤمنون بعبادة الشياطين، ويطيعونهم فيما يأمرونهم به، أو ينهونهم عنه.

فقوله- تعالى- بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ إضراب انتقالي، لبيان السبب في شرك هؤلاء المشركين، وتصريح بمن كانوا يعبدونهم في الدنيا.

قال الجمل: فإن قيل جميعهم كانوا متابعين للشياطين، فما وجه قوله- تعالى- أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ فإنه يدل على أن بعضهم لم يؤمن بالجن ولم يطعهم؟

فالجواب من وجهين: أحدهما: أن الملائكة احترزوا عن دعوى الإحاطة بهم، فقالوا أكثرهم، لأن الذين رأوهم واطلعوا على أحوالهم كانوا يعيدون الجن، ولعل في الوجود من لم يطلع الله الملائكة على حاله من الكفار.

الثاني: هو أن العبادة عمل ظاهر، والإيمان عمل باطن، فقالوا: بل كانوا يعبدون الجن لاطلاعهم على أعمالهم، وقالوا: أكثرهم بهم مؤمنون عند عمل القلب، لئلا يكونوا مدعين اطلاعهم على ما في القلوب، فإن القلب لا يطلع على ما فيه إلا الله .

وهكذا تقول الملائكة : ( سبحانك ) أي : تعاليت وتقدست عن أن يكون معك إله ( أنت ولينا من دونهم ) أي : نحن عبيدك ونبرأ إليك من هؤلاء ، ( بل كانوا يعبدون الجن ) يعنون : الشياطين; لأنهم هم الذين يزينون لهم عبادة الأوثان ويضلونهم ، ( أكثرهم بهم مؤمنون ) ، كما قال تعالى : ( إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا ) [ النساء : 117 ] .

(قَالُوا سُبْحَانَكَ) ربنا؛ تنـزيهًا لك وتبرئة مما أضاف إليك هؤلاء من الشركاء والأنداد (أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ) لا نتخذ وليًّا دونك (بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ).

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ) استفهام كقوله لعيسى أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ .

وقوله (أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) يقول: أكثرهم بالجن مصدقون، يزعمون أنهم بنات الله، تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا.

المعاني :

سُبْحَانَكَ :       نُنَزِّهُكَ السراج
أَنتَ وَلِيُّنَا :       أَنْتَ الَّذِي نُوَالِيهِ وَنَعْبُدُهُ السراج
أنت وليّـنا :       أنت الذي نواليه معاني القرآن

التدبر :

عمل
[41] ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾ تعلم من الملائكة أن تسبح الله وتنزهه إذا سمعت ما لا يليق به.
تفاعل
[41] ﴿سُبْحَانَكَ﴾ سَبِّح الله الآن.
عمل
[41] نزه الله تعالى، وسبحه، وعظمه، وخاصة عند سماع ما ينقص من عظمته وجلاله؛ اقتداء بالملائكة المقربين ﴿سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ۖ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ﴾.
وقفة
[41] ﴿أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ۖ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ﴾ عبادة الجن ليس بالركوع لها والسجود، بل بطاعة أوامرها.
عمل
[41] ارسل رسالة إلى أهلك أو زملائك للتحذير من السحر والذهاب إلى السحرة، مبيِّنًا أن هذا منافٍ لعبادة الله ﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ﴾.
وقفة
[41] ﴿بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ أكثَرُهُمْ بهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ إن قلتَ: كيف قالت الملائكةُ في حقِّ المشركين ذلك، مع أنه لم يُنقل عن أحدٍ منهم أنهُ عَبَد الجِنَّ؟ قلتُ: معناه أنهم كانوا يطيعون الشياطين، فيما يأمرونهم به من عبادة غير الله تعالى، فالمراد بالجِنِّ الشياطينُ، على أن الكرماني جزم بأنهم عبدوا الجنَّ أيضًا.
وقفة
[41] ﴿أَكثَرُهُم بِهِم مُؤمِنونَ﴾ اتصافًا بالعدل لم يتهموهم جميعًا بعبادة الجن.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ سُبْحانَكَ:
  • مفعول مطلق-مصدر-لفعل محذوف تقديره «نسبح» وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.والجملة الفعلية «نسبح سبحانك» في محل نصب مفعول به لقالوا.
  • ﴿ أَنْتَ وَلِيُّنا:
  • ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ولي: خبر «أنت» مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة. والجملة الاسمية أَنْتَ وَلِيُّنا» تعليلية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مِنْ دُونِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بولينا. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. أي أنت الذي نواليك دون غيرك.
  • ﴿ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. كانوا:فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة. الجن: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية يَعْبُدُونَ الْجِنَّ» في محل نصب خبر «كان» والجملة الفعلية كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ» استئنافية لا محل لها من الاعراب.يريدون الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله.
  • ﴿ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ:
  • الجملة تفسيرية لا محل لها من الاعراب. اكثر:مبتدأ مرفوع بالضمة، و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. الباء حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالباء والجار المجرور متعلق بالخبر. مؤمنون: خبر «اكثرهم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

البقرة: 32﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا
الفرقان: 18﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ
سبإ: 41﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد أن سألَ اللهُ الملائكةَ على وجه التوبيخ لمن عبدهم: أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون مِن دوننا؟؛ جاء هنا رَدُّ الملائكة، قال تعالى:
﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ ..

التفسير :

[42] ففي يوم الحشر لا يملك المعبودون للعابدين نفعاً ولا ضرّاً، ونقول للذين ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي:ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون.

فلما تبرأوا منهم, قال تعالى [مخاطبا] لهم:{ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} تقطعت بينكم الأسباب, وانقطع بعضكم من بعض.{ وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} بالكفر والمعاصي - بعد ما ندخلهم النار -{ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} فاليوم عاينتموها, ودخلتموها, جزاء لتكذيبكم, وعقوبة لما أحدثه ذلك التكذيب, من عدم الهرب من أسبابها.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن الملك في يوم الحساب له وحده فقال: فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا.

أى: فاليوم لا يملك أحد من المعبودين أن ينفع أحدا من العابدين، أو أن يضره، بل الذي يملك كل ذلك هو الله- تعالى- وحده فالمقصود من الآية الكريمة بيان أن مرد النفع والضر في هذا اليوم إلى الله- تعالى.

وحده، فالعابدون لا يملكون شيئا، والمعبودون كذلك لا يملكون شيئا.

وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ أى: ونقول في هذا اليوم الهائل الشديد للذين ظلموا أنفسهم وظلموا الحق بعبادتهم لغيرنا، نقول لهم ذُوقُوا فظاعة وشدة عذاب النار التي كنتم تكذبون بها في الدنيا، وتنكرون أن يكون هناك بعث أو حساب أو ثواب أو عقاب.

ثم تعود السورة الكريمة إلى الحديث عن جانب من أقوال هؤلاء المشركين في شأن النبي صلى الله عليه وسلّم وفي شأن القرآن الكريم، وتهددهم بسوء المصير إذا استمروا في طغيانهم وجهلهم فتقول:

قال الله تعالى : ( فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ) أي : لا يقع لكم نفع ممن كنتم ترجون نفعه اليوم من الأنداد والأوثان ، التي ادخرتم عبادتها لشدائدكم وكربكم ، اليوم لا يملكون لكم نفعا ولا ضرا ، ( ونقول للذين ظلموا ) - وهم المشركون - ( ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون ) أي : يقال لهم ذلك ، تقريعا وتوبيخا .

القول في تأويل قوله تعالى : فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42)

يقول تعالى ذكره: فاليوم لا يملك بعضكم أيها الملائكة للذين كانوا في الدنيا يعبدونكم نفعًا ينفعونكم به، ولا ضرًّا ينالونكم به أو تنالونهم به (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) يقول: ونقول للذين عبدوا غير الله فوضعوا العبادة في غير موضعها، وجعلوها لغير من تنبغي أن تكون له (ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا) في الدنيا(تُكَذِّبُونَ) فقد وردتموها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[42] ﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ كل من علَّق قلبه بغير الله جعله الله سبب خذلانه في الدنيا والآخرة.
وقفة
[42] ﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ لم يكونوا يملكون لهم شيئًا في الدنيا، لكنهم كانوا مخدوعين، وأما اليوم فانكشف الخداع وسقط القناع.
وقفة
[42] ﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ جاء تقديم الضُّر تسع مرات، وجاء تقديم النفع ثماني مرات في القرآن الكريم، فحيث قدم الضر فإن السياق يتحدث عن مضارّ تعود على الإنسان في الدنيا والآخرة، وحيث قدم النفع فإن السياق يتحدث عن منافع تعود على الإنسان في الدنيا والآخرة.
وقفة
[42] ﴿فَاليَومَ لا يَملِكُ بَعضُكُم لِبَعضٍ نَفعًا وَلا ضَرًّا﴾ نعم، وقتها لن ينفعك إلا عملك.
وقفة
[42] ﴿فَاليَومَ لا يَملِكُ بَعضُكُم لِبَعضٍ نَفعًا وَلا ضَرًّا وَنَقولُ لِلَّذينَ ظَلَموا ذوقوا عَذابَ النّارِ الَّتي كُنتُم بِها تُكَذِّبونَ﴾ المقصود من الآية الكريمة بيان أن مرد النفع والضر في هذا اليوم إلى الله تعالى وحده، فالعابدون لا يملكون شيئًا، والمعبودون كذلك لا يملكون شيئًا.
تفاعل
[42] ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من الظالمين.
وقفة
[42] ﴿وَنَقولُ لِلَّذينَ ظَلَموا ذوقوا عَذابَ النّارِ الَّتي كُنتُم بِها تُكَذِّبونَ﴾ لم يظلمون إلا أنفسهم بإنكارهم لليوم الآخر كما فى قوله تعالى: ﴿وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِن أَنفُسَهُم يَظلِمونَ﴾ [آل عمران: 117].

الإعراب :

  • ﴿ فَالْيَوْمَ:
  • الفاء استئنافية أو عاطفة على يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ» اليوم: ظرف زمان منصوب وعلى الظرفية متعلق بلا يملك.
  • ﴿ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ:
  • نافية لا عمل لها. يملك: فعل مضارع مرفوع بالضمة. بعضكم: فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ لِبَعْضٍ نَفْعاً:
  • جار ومجرور متعلق بيملك أو بحال من «نفعا» نفعا: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى فيوم الحساب لا يتمكن بعضكم نفع بعض أو جلب نفع لبعضكم.
  • ﴿ وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتاكيد النفي. ضرا:معطوفة على «نفعا» وتعرب اعرابها. ونقول معطوفة بالواو على لا يَمْلِكُ» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.
  • ﴿ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا:
  • اللام حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بنقول. ظلموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «ظلموا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وحذف مفعولها اختصارا
  • ﴿ ذُوقُوا عَذابَ النّارِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-ذوقوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عذاب:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. النار: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة
  • ﴿ الَّتِي كُنْتُمْ بِها:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة-نعت- للنار. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. بها: جار ومجرور متعلق بتكذبون.
  • ﴿ تُكَذِّبُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل'

المتشابهات :

السجدة: 20﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ
سبإ: 42﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد أن تبرأَ الملائكةُ من المشركين، وبينوا أن الجن هم من سولت للمشركين عبادة غير الله؛ بَيَّنَ اللهُ هنا -توبيخًا للمشركين- أن من عبدوه لا ينفع ولا يضر، قال تعالى:
﴿ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ..

التفسير :

[43] وإذا تتلى على كفار «مكة» آيات الله واضحات قالوا:ما محمد إلا رجل يرغب أن يمنعكم عن عبادة الآلهة التي كان يعبدها آباؤكم، وقالوا:ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا -يا محمد- إلا كذب مختلق، جئتَ به من عند نفسك، وليس مِن عند الله، وقال الكفار عن القرآن لما

يخبر تعالى عن حالة المشركين, عندما تتلى عليهم آيات اللّه البينات, وحججه الظاهرات, وبراهينه القاطعات, الدالة على كل خير, الناهية عن كل شر, التي هي أعظم نعمة جاءتهم, ومِنَّةٍ وصلت إليهم, الموجبة لمقابلتها بالإيمان والتصديق, والانقياد, والتسليم, أنهم يقابلونها بضد ما ينبغي, ويكذبون من جاءهم بها ويقولون:{ مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ} أي:هذا قصده, حين يأمركم بالإخلاص للّه, لتتركوا عوائد آبائكم, الذين تعظمون وتمشون خلفهم، فردوا الحق, بقول الضالين, ولم يوردوابرهانا, ولا شبهة.

فأي شبهة إذا أمرت الرسل بعض الضالين, باتباع الحق, فادَّعوا أن إخوانهم, الذين على طريقتهم, لم يزالوا عليه؟ وهذه السفاهة, ورد الحق, بأقوال الضالين, إذا تأملت كل حق رد, فإذا هذا مآله لا يرد إلا بأقوال الضالين من المشركين, والدهريين, والفلاسفة, والصابئين, والملحدين في دين اللّه, المارقين, فهم أسوة كل من رد الحق إلى يوم القيامة.

ولما احتجوا بفعل آبائهم, وجعلوها دافعة لما جاءت به الرسل, طعنوا بعد هذا بالحق،{ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى} أي:كذب افتراه هذا الرجل, الذي جاء به.{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} أي:سحر ظاهر بيِّن لكل أحد, تكذيبا بالحق, وترويجا على السفهاء.

وقوله: تُتْلى من التلاوة، وهي قراءة الشيء بتدبر وتفهم.

أى: وإذا ما تليت آياتنا الدالة دلالة واضحة على وحدانيتنا وقدرتنا، وعلى صدق رسولنا صلّى الله عليه وسلّم فيما يبلغه عنا.

قالُوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ أى: قالوا على سبيل الإنكار والاستهزاء، ما هذا التالي لتلك الآيات إلا رجل يريد أن يمنعكم عن عبادة الآلهة التي كان يعبدها آباؤكم الأقدمون.

ويعنون بقولهم «ما هذا إلا رجل» : الرسول صلّى الله عليه وسلّم ويقصدون بالإشارة إليه، الاستخفاف به، والتحقير من شأنه صلّى الله عليه وسلم.

وقالوا: يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ لإثارة حمية الجاهلية فيهم فكأنهم يقولون لهم: احذروا اتباع هذا الرجل، لأنه يريد أن يجعلكم من أتباعه، وأن يقطع الروابط التي تربط بينكم وبين آبائكم الذين أنتم قطعة منهم.

ولم يكتفوا بالتشكيك في صدق الرسول صلّى الله عليه وسلّم بل أضافوا إلى ذلك التكذيب للقرآن الكريم، ويحكى- سبحانه- ذلك فيقول: وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً.

أى: وقالوا في شأن القرآن الكريم: ما هذا الذي يتلوه محمد صلّى الله عليه وسلّم علينا، إلا إِفْكٌ أى: كلام مصروف عن وجهه، وكذب في ذاته مُفْتَرىً أى: مختلق على الله- تعالى- من حيث نسبته إليه.

فقوله مُفْتَرىً صفة أخرى وصفوا بها القرآن الكريم، فكأنهم يقولون- قبحهم الله- ما هذا القرآن إلا كذب في نفسه، ونسبته إلى الله- تعالى- ليست صحيحة.

ثم أضافوا إلى تكذيبهم للرسول صلّى الله عليه وسلّم وللقرآن، تكذيبا عاما لكل ما جاءهم به الرسول من حق، فقالوا- كما حكى القرآن عنهم-: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ، إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.

أى: وقال الكافرون في شأن كل حق جاءهم به الرسول صلّى الله عليه وسلم: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر واضح.

وهكذا نراهم- لعنادهم وجهلهم- قد كذبوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم وكذبوا القرآن. وكذبوا كل توجيه قويم، وإرشاد حكيم، أرشدهم إليه صلّى الله عليه وسلّم إذ اسم الإشارة الأول يعود إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم والثاني يعود إلى القرآن، والثالث يعود إلى تعاليم الإسلام كلها.

يخبر تعالى عن الكفار أنهم يستحقون منه العقوبة والأليم من العذاب; لأنهم كانوا إذا تتلى عليهم آياته بينات يسمعونها غضة طرية من لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، ( قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم ) ، يعنون أن دين آبائهم هو الحق ، وأن ما جاءهم به الرسول عندهم باطل - عليهم وعلى آبائهم لعائن الله - ( وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى ) يعنون القرآن ، ( وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين ) .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (43)

يقول تعالى ذكره: وإذا تتلى على هؤلاء المشركين آيات كتابنا بيِّنات، يقول: واضحات أنهن حق من عندنا( قَالُوا مَا هَذَا إِلا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ ) يقول: قالوا عند ذلك: لا تتبعوا محمدًا، فما هو إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباوكم من الأوثان، ويغير دينكم ودين آبائكم (وَقَالُوا مَا هَذَا إِلا إِفْكٌ مُفْتَرًى) يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون: ما هذا الذي تتلو علينا يا محمد، يعنون القرآن، إلا إفك، يقول: إلا كذب مفترى: يقول: مختلق متخرص ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) يقول جل ثناؤه: وقال الكفار للحق، يعني محمدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، لما جاءهم، يعني: لما بعثه الله نبيًّا: هذا سحر مبين، يقول: ما هذا إلا سحر مبين، يبين لمن رآه وتأمله أنه سحر.

المعاني :

إِفْكٌ مُّفْتَرًى :       كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ السراج

التدبر :

وقفة
[43] ﴿وَإِذا تُتلى عَلَيهِم آياتُنا﴾ تُتْلى أى من التلاوة، وهي قراءة الشيء بتدبر وتفهم.
وقفة
[43] ﴿وَإِذا تُتلى عَلَيهِم آياتُنا بَيِّناتٍ قالوا ما هذا إِلّا رَجُلٌ﴾ ويعنون بقولهم: (ما هذا إلا رجل) الرسول ﷺ، ويقصدون بالإشارة إليه من دون ذكر اسمه الاستخفاف به، والتحقير من شأنه ﷺ.
عمل
[43] فرّغ وقتًا لنفسك، واقرأ سورة من سور القرآن الكريم ﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ﴾.
وقفة
[43] ﴿وَإِذا تُتلى عَلَيهِم آياتُنا بَيِّناتٍ قالوا ما هذا إِلّا رَجُلٌ يُريدُ أَن يَصُدَّكُم عَمّا كانَ يَعبُدُ آباؤُكُم﴾ التلاوة جلية واضحة، والآيات بينة وظاهرة، ولكن القلوب علاها الصدأ والعياذ بالله.
وقفة
[43] ﴿قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ﴾ إلهاب القلوب وإيغار الصدور بالحمية والعصبية للجماعة أو العائلة أو الأرض كثيرًا ما يكون سببًا في الإعراض عن الهدى، والإغراق في الضلال.
وقفة
[43] ﴿عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ﴾ التقليدُ الأعَمى للآباءِ صارفٌ عن الهدايةِ.
وقفة
[43] ﴿وَقَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى﴾ المنطق المتهافت لأهل الباطل؛ اتهموا النبي ﷺ بأنه افترى القرآن على الله، فناقضوا بذلك أنفسهم، فقد كانوا يلقبونه بالصادق الأمين، فماذا تغير؟!

الإعراب :

  • ﴿ تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف. تتلى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بتتلى أو بالآيات. آيات: نائب فاعل مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بَيِّناتٍ:
  • حال من الآيات بمعنى «واضحات» منصوبة بالكسرة بدلا من الفتحة لأنها ملحقة بجمع المؤنث السالم
  • ﴿ قالُوا:
  • الجملة الفعلية وما بعدها: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ ما هذا إِلاّ رَجُلٌ:
  • ما: نافية لا عمل لها. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. الا: أداة حصر لا عمل لها. رجل: خبر «هذا» مرفوع بالضمة والاشارة الى رسول الله محمد-ص-.
  • ﴿ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع صفة-نعت-لرجل.يريد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ان: مصدرية ونصب. يصدكم: فعل مضارع منصوب بأن وعلامةنصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى يمنعكم. وجملة «يصدكم» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «يريد» التقدير: يريد صدكم
  • ﴿ عَمّا كانَ:
  • أصلها: عن: حرف جر أدغمت فيها «ما» الاسم الموصول المبني على السكون في محل جر بعن. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على «ما».
  • ﴿ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب خبر «كان» يعبد: فعل مضارع مرفوع بالضمة. آباء: فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. وجملة كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: والمعنى: عما كان يعبده آباؤكم من الآلهة والجار والمجرور «عما» متعلق بيصدكم.
  • ﴿ وَقالُوا ما هذا إِلاّ إِفْكٌ:
  • معطوفة بالواو على قالُوا ما هذا إِلاّ رَجُلٌ» وتعرب اعرابها. والاشارة هنا الى القرآن.
  • ﴿ مُفْتَرىً:
  • صفة-نعت-لإفك مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها. نونت لأنها اسم مقصور نكرة مذكر.بمعنى الا كذب مختلق
  • ﴿ وَقالَ الَّذِينَ:
  • الواو عاطفة. قال: فعل ماض مبني على الفتح. الذين:اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ كَفَرُوا لِلْحَقِّ:
  • تعرب اعراب «قالوا» وجملة «كفروا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. للحق: جار ومجرور متعلق بقال. و «الحق» هو امر النبوة كله ودين الاسلام.
  • ﴿ لَمّا جاءَهُمْ:
  • ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بقال. جاء: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «الحق» و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «جاءهم» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف
  • ﴿ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ:
  • تعرب اعراب ما هذا إِلاّ إِفْكٌ مُفْتَرىً» لأن «إن» مهملة لأنها مخففة بمعنى «ما» و «مبين» مرفوع بالضمة الظاهرة والاشارة هنا إلى «الحق».والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.'

المتشابهات :

الأنفال: 31﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا قَالُواْ قَدۡ سَمِعۡنَا لَوۡ نَشَآءُ لَقُلۡنَا مِثۡلَ هَٰذَآ
يونس: 15﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ
مريم: 73﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ خَيۡرٞ مَّقَامٗا وَأَحۡسَنُ نَدِيّٗا
الحج: 72﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـٰتٍ تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمُنكَرَۖ
سبإ: 43﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـٰتٍ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ
الجاثية: 25﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـٰتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِ‍َٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ
الأحقاف: 7﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     وبعد أن ذكَرَ اللهُ تكذيبَهم بعذاب النَّار؛ ذكرَ هنا تكذيبَهم بالنَّبي صلى الله عليه وسلم وبالقرآنِ، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [44] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ..

التفسير :

[44] وما أنزلنا على الكفار مِن كُتُب يقرؤونها قبل القرآن فتدلهم على ما يزعمون من أن ما جاءهم به محمد سحر، وما أرسلنا إليهم قبلك -أيها الرسول- من رسول ينذرهم بأسنا.

ولما بيَّن ما ردوا به الحق, وأنها أقوال دون مرتبة الشبهة, فضلا أن تكون حجة, ذكر أنهم وإن أراد أحد أن يحتج لهم, فإنهم لا مستند لهم, ولا لهم شيء يعتمدون عليه أصلا, فقال:{ وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا} حتى تكون عمدة لهم{ وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ} حتى يكون عندهم من أقواله وأحواله, ما يدفعون به, ما جئتهم به، فليس عندهم علم, ولا أثارة من علم.

ثم بين- سبحانه- أن أقوالهم هذه لا تستند إلى دليل أو ما يشبه الدليل، وإنما هم يهرفون بما لا يعرفون، فقال- تعالى-: وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ.

أى: أن هؤلاء الذين قالوا ما قالوا من باطل وزور، لم نأتهم بكتب يدرسونها ويقرءونها ليعرفوا منها أن الشرك حق، فيكون لهم عذرهم في التمسك به، وكذلك لم نرسل إليهم قبلك- أيها الرسول الكريم- نذيرا يدعوهم إلى عبادة الأصنام، ويخوفهم من ترك عبادتها.

وما دام الأمر كذلك، فمن أين أتوا بهذا التصميم على شركهم، وبهذا الإنكار للحق الذي جاءهم؟ إن أمرهم هذا لهو في غاية الغرابة والعجب.

فالمقصود من الآية الكريمة تجهيلهم والتهكم بهم، ونفى أن يكون عندهم حتى ما يشبه الدليل على صحة ما هم فيه من شرك.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ وقوله- عز وجل-: أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ.

قال الله تعالى : ( وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير ) أي : ما أنزل الله على العرب من كتاب قبل القرآن ، وما أرسل إليهم نبيا قبل محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد كانوا يودون ذلك ويقولون : لو جاءنا نذير أو أنزل علينا كتاب ، لكنا أهدى من غيرنا ، فلما من الله عليهم بذلك كذبوه وعاندوه وجحدوه .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)

يقول تعالى ذكره: وما أنـزلنا على المشركين القائلين لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لما جاءهم بآياتنا: هذا سحر مبين، بما يقولون من ذلك كتبًا يدرسونها، يقول: يقرءونها.

&; 20-416 &; كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (ومَا آتيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا) أي: يقرءونها(وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) يقول: وما أرسلنا إلى هؤلاء المشركين من قومك يا محمد فيما يقولون ويعملون قبلك من نبي ينذرهم بأسنا عليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) ما أنـزل الله على العرب كتابًا قبل القرآن، ولا بعث إليهم نبيًّا قبل محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

المعاني :

يَدْرُسُونَهَا :       يَقْرَؤُونَهَا السراج

التدبر :

وقفة
[44] ﴿وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ﴾ لم يرسل الله إلى العرب كتابًا قبل القرآن، ولا رسولًا قبل محمد ﷺ، فمن أين جاؤوا بهذا الدين المزيف؟ بل وتمسكوا به إلى الدرجة التي يتهمون بها الرسول الحق بأنه مفترٍ!

الإعراب :

  • ﴿ وَما آتَيْناهُمْ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. آتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها:
  • جار ومجرور متعلق بآتيناهم أو قائم مقام المفعول الثاني للفعل لأن «من» للتبعيض. يدرسونها: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجملة «يدرسونها» في محل جر صفة -نعت-لكتب.
  • ﴿ وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ:
  • معطوفة بالواو على «ما آتينا» وتعرب اعرابها.قبلك: ظرف زمان متعلق بأرسلنا منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْ نَذِيرٍ:
  • حرف زائد لتاكيد النفي. نذير: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به لأرسلنا. أي منذر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ ما ردَّ الكافِرونَ به الحَقَّ، وأنَّها أقوالٌ دونَ مَرتبةِ الشُّبهةِ، فَضلًا أن تكونَ حُجَّةً؛ ذكَرَ هنا أنَّهم وإن أراد أحَدٌ أن يحتَجَّ لهم، فإنَّهم لا مُستندَ لهم، ولا لهم شَيءٌ يعتَمِدونَ عليه أصلًا، قال تعالى:
﴿ وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يدرسونها:
1- مضارع «درس» مخففا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الدال وشدها، وكسر الراء، مضارع «ادّرس» ، افتعل من «الدرس» ، وهى قراءة أبى حيوة.
3- يدرسونها، من التدريس، ورويت عن أبى حيوة أيضا.

مدارسة الآية : [45] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ..

التفسير :

[45] وكذَّب الذين من قبلهم كعاد وثمود رسلنا، وما بلغ أهل «مكة» عُشرَ ما آتينا الأمم السابقة من القوة، وكثرة المال، وطول العمر، وغير ذلك من النعم، فكذبوا رسلي فيما جاؤوهم به فأهلكناهم، فانظر -أيها الرسول- كيف كان إنكاري عليهم وعقوبتي إياهم؟

ثم خوفهم ما فعل بالأمم المكذبين [قبلهم] فقال:{ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا} أي:ما بلغ هؤلاء المخاطبون{ مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ}{ فَكَذَّبُوا} أي:الأمم الذين من قبلهم{ رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي:إنكاري عليهم, وعقوبتي إياهم. قد أعلمنا ما فعل بهم من النكال, وأن منهم من أغرقه, ومنهم من أهلكه بالريح العقيم, وبالصيحة, وبالرجفة, وبالخسف بالأرض, وبإرسال الحاصب من السماء، فاحذروا يا هؤلاء المكذبون, أن تدوموا على التكذيب, فيأخذكم كما أخذ من قبلكم, ويصيبكم ما أصابهم.

ثم بين لهم- سبحانه- بعد ذلك هوان أمرهم. وتفاهة شأنهم بالنسبة لمن سبقوهم، فقال: وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ، فَكَذَّبُوا رُسُلِي، فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ.

والمعشار بمعنى العشر وهو لغة فيه. تقول: عندي عشر دينار ومعشار دينار، قال أبو حيان: والمعشار مفعال من العشر، ولم يبن على هذا الوزن من ألفاظ العدد غيره وغير المرباع. ومعناهما: العشر والربع.. .

والضمير في قوله وَما بَلَغُوا يعود لكفار مكة، وقوله: ما آتَيْناهُمْ وفي قوله:

فَكَذَّبُوا رُسُلِي يعود إلى الأمم السابقة.

والنكير: مصدر كالإنكار، وهو من المصادر التي جاءت على وزن فعيل.

والمعنى: لا تحزن- أيها الرسول الكريم- لتكذيب قومك لك، فقد كذب الذين من قبلهم من الأمم رسلهم، وإن قومك لم يبلغوا من القوة والغنى والكثرة.. عشر ما كان عليه سابقوهم، ولكن لما كذب أولئك السابقون أنبياءهم، أخذتهم أخذ عزيز مقتدر، بأن دمرناهم جميعا.

والاستفهام في قوله- تعالى- فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ للتهويل. والجملة الكريمة معطوفة على مقدر والمعنى: فحين تمادوا في تكذيب رسلي، جاءهم إنكارى بالتدمير، فكيف كان إنكارى عليهم بالتدمير والإهلاك؟ لقد كان شيئا هائلا فظيعا تركهم في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها، فعلى قومك أن يحذروا من أن يصيبهم مثله.

وجعل- سبحانه- التدمير إنكارا، تنزيلا للفعل منزلة القول، كما في قول بعضهم:

ونشتم بالأفعال لا بالتكلم.

ويرى بعضهم أن الضمير في قوله وَما بَلَغُوا يعود على الذين من قبلهم، وفي قوله آتَيْناهُمْ يعود إلى كفار مكة.

وقد رجح الإمام الرازي هذا الرأى فقال ما ملخصه: قال المفسرون: معنى الآية: ما بلغ هؤلاء المشركون معشار ما آتينا المتقدمين.. ثم إن الله أخذ هؤلاء المتقدمين، دون أن تنفعهم قوتهم، لما كذبوا رسلهم، فكيف حال هؤلاء الضعفاء- وهم قومك.

ثم قال- رحمه الله-: وعندي وجه آخر في معنى الآية، وهو أن يقال: وكذب الذين من قبلهم، وما بلغوا معشار ما آتيناهم، أى: الذين من قبلهم ما بلغوا معشار ما آتينا قومك من البيان والبرهان. وذلك لأن كتابك يا محمد أكمل من سائر الكتب.

فإذا كنت قد أنكرت على المتقدمين لما كذبوا رسلهم- مع أنهم لم يؤتوا معشار ما أوتى قومك من البيان-، فكيف لا أنكر على قومك بعد تكذيبهم لأوضح الكتب، وأفصح الرسل..

ويبدو لنا أن المعنى الأول الذي عبر عنه الإمام الرازي بقوله: قال المفسرون، هو الأرجح لأنه هو المتبادر من معنى الآية الكريمة، لأنه يفيد التقليل من شأن مشركي مكة، بالنسبة لمن سبقهم من الأمم، من ناحية القوة والغنى.

وفي القرآن الكريم آيات متعددة تؤيد هذا المعنى، منها قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها، وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ، فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .

وبعد هذا الحديث عن أقوال المشركين في شأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي شأن القرآن.. وبعد هذا الرد الملزم لهم، والمزهق لباطلهم. بعد كل ذلك لقن الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلّم الحجج القاطعة، والأقوال الحكيمة، التي تهدى إلى الرشد بأبلغ أسلوب، وأصدق بيان، فقال- تعالى-:

ثم قال : ( وكذب الذين من قبلهم ) أي : من الأمم ، ( وما بلغوا معشار ما آتيناهم ) قال ابن عباس : أي من القوة في الدنيا . وكذلك قال قتادة ، والسدي ، وابن زيد . كما قال تعالى : ( ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) [ الأحقاف : 26 ] ، ( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة ) [ غافر : 82 ] ، أي : وما دفع ذلك عنهم عذاب الله ولا رده ، بل دمر الله عليهم لما كذبوا رسله; ولهذا قال : ( فكذبوا رسلي فكيف كان نكير ) أي : فكيف كان نكالي وعقابي وانتصاري لرسلي ؟

وقوله (وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يقول: وكذب الذين من قبلهم من الأمم رسلنا وتنـزيلنا(وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتيْنَاهُمْ) يقول: ولم يبلغ قومك يا محمد عشر ما أعطينا الذين من قبلهم من الأمم من القوة والأيدي والبطش، وغير ذلك من النعم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني علي قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله (وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتيْنَاهُمْ) من القوة في الدنيا.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتيْنَاهُمْ) يقول: ما جاوزوا معشار ما أنعمنا عليهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ ) يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم &; 20-417 &; من القوة وغير ذلك.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتيْنَاهُمْ) قال: ما بلغ هؤلاء، أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، معشار ما آتينا الذين من قبلهم، وما أعطيناهم من الدنيا، وبسطنا عليهم (فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِير) يقول: فكذبوا رسلي فيما أتوهم به من رسالتي، فعاقبناهم بتغييرنا بهم ما كنا آتيناهم من النعم، فانظر يا محمد كيف كان نكير، يقول: كيف كان تغييري بهم وعقوبتي.

المعاني :

مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ :       عُشْرَ مَا أَعْطَيْنَاهُمْ مِنَ القُوَّةِ وَالنِّعَمِ السراج
معشار ما آتيناهم :       عُشر ما أعطيناهم من النّعم معاني القرآن
نَكِيرِ :       إِنْكَارِي عَلَيهِمْ السراج
كان نكير :       إنكاري عليهم بالتـّـدمير معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[45] ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ﴾ هذه الآية تسلية للنبي ﷺ أن أقوامًا أشد من قومك يا محمد ﷺ كذبوا أنبياءهم فلا تحزن.
وقفة
[45] ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ﴾ لو أن كل طاغية رأي كم أهلك الله من قبله من هو أشد منه قوة وأكثر أموالًا وأعوانًا، لرده ذلك عن ظلمه، لكن الظالمين عميان.
لمسة
[45] ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ استفهام قصد به التهويل والترهيب، ويعني: انظر كيف كان إنكاري عليهم؟ كان بإهلاكهم من جراء تكذيبهم، وهذا فعله سبحانه مع غيرهم إن هم سلكوا طريقهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ:
  • الواو عاطفة. كذب: فعل ماض مبني على الفتح.الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وحذف مفعول «كذب» اختصارا لأن ما قبله يدل عليهم. بتقدير: وكذب الذين تقدموهم من الأمم والقرون الخالية رسلهم.
  • ﴿ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. بلغوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. معشار: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي وما بلغ هؤلاء المكذبون عشر أو بعض وهو كالمرباع أي الربع.
  • ﴿ ما آتَيْناهُمْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. آتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به وحذف مفعولها الثاني أو صلتها اختصارا بمعنى ما منحناهم من طول الأعمار وكثرة الأموال والجاه وقوة الاجرام. وجملة «آتيناهم» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ فَكَذَّبُوا رُسُلِي:
  • معطوفة بالفاء على ما بَلَغُوا» وتعرب إعرابها. أو تكون الفاء سببية أي ان تكذيب الرسل مسبب عن اقدام الذين من قبلهم على التكذيب. رسلي: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَكَيْفَ كانَ:
  • الفاء استئنافية. كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان» مقدم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
  • ﴿ نَكِيرِ:
  • اسم «كان» مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها والياء المحذوفة ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى «انكاري» وهي اسم فاعل حذف مفعوله اختصارا بمعنى: كيف كان انكاري تكذيبهم. والجملة الفعلية «كيف كان نكير» في محل نصب مفعول به لفعل مقدر. التقدير: فانظروا كيف كان نكيري للمكذبين الأولين فليحذروا منه.'

المتشابهات :

الحج: 44﴿وَأَصۡحَٰبُ مَدۡيَنَۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰۖ فَأَمۡلَيۡتُ لِلۡكَٰفِرِينَ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
سبإ: 45﴿وَمَا بَلَغُواْ مِعۡشَارَ مَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ فَكَذَّبُواْ رُسُلِيۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
فاطر: 26﴿ثُمَّ أَخَذۡتُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
الملك: 18﴿وَلَقَدۡ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     وبعد أن بشَّرَ اللهُ وأنذَرَ، وأبانَ بالحُجَّةِ والبُرهانِ ما كان فيه المَقنَعُ لهم لو كانوا يَعقِلونَ؛ سَلَك بهم سَبيلَ التَّهديدِ والوعيدِ، فبَيَّنَ هوان أمرهم، وتفاهة شأنهم بالنسبة لمن سبقوهم، قال تعالى:
﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [46] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن ..

التفسير :

[46] قل -أيها الرسول- لهؤلاء المكذبين المعاندين:إنما أنصح لكم بخَصْلة واحدة أن تنهضوا في طاعة الله اثنين اثنين وواحداً واحداً، ثم تتفكروا في حال صاحبكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفيما نسب إليه، فما به من جنون، ما هو إلا مخوِّف لكم، ونذير من عذاب جهن

أي{ قُلْ} يا أيها الرسول, لهؤلاء المكذبين المعاندين, المتصدين لرد الحق وتكذيبه, والقدح بمن جاء به:{ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} أي:بخصلة واحدة, أشير عليكم بها, وأنصح لكم في سلوكها، وهي طريق نصف, لست أدعوكم بها إلى اتباع قولي, ولا إلى ترك قولكم, من دون موجب لذلك, وهي:{ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} أي:تنهضوا بهمة, ونشاط, وقصد لاتباع الصواب, وإخلاص للّه, مجتمعين, ومتباحثين في ذلك, ومتناظرين, وفرادى, كل واحد يخاطب نفسه بذلك.

فإذا قمتم للّه, مثنى وفرادى, استعملتم فكركم, وأجلتموه, وتدبرتم أحوال رسولكم، هل هو مجنون, فيه صفات المجانين من كلامه, وهيئته, وصفته؟ أم هو نبي صادق, منذر لكم ما يضركم, مما أمامكم من العذاب الشديد؟

فلو قبلوا هذه الموعظة, واستعملوها, لتبين لهم أكثر من غيرهم, أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم, ليس بمجنون, لأن هيئاتهليست كهيئات المجانين, في خنقهم, واختلاجهم, ونظرهم، بل هيئته أحسن الهيئات, وحركاته أجل الحركات, وهو أكمل الخلق, أدبا, وسكينة, وتواضعا, ووقارا, لا يكون [إلا] لأرزن الرجال عقلا.

ثم [إذا] تأملوا كلامه الفصيح, ولفظه المليح, وكلماته التي تملأ القلوب, أمنا, وإيمانا, وتزكى النفوس, وتطهر القلوب, وتبعث على مكارم الأخلاق, وتحث على محاسن الشيم, وترهبعن مساوئ الأخلاق ورذائلها، إذا تكلم رمقته العيون, هيبة وإجلالا وتعظيما.

فهل هذا يشبه هذيان المجانين, وعربدتهم, وكلامهم الذي يشبه أحوالهم؟"

فكل من تدبر أحواله ومقصده استعلام هل هو رسول اللّه أم لا؟ سواء تفكر وحده, أو مع غيره, جزم بأنه رسول اللّه حقا, ونبيه صدقا, خصوصا المخاطبين, الذي هو صاحبهم يعرفون أول أمره وآخره.

وقوله- تعالى- أَعِظُكُمْ من الوعظ، وهو تذكير الغير بالخير والبر بكلام مؤثر رقيق يقال: وعظه يعظه وعظا وعظة، إذا أمره بالطاعة ووصاه بها.

وقوله بِواحِدَةٍ صفة لموصوف محذوف.

والتقدير: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المشركين الذين قالوا الكذب في شأنك وفي شأن ما جئت به، قل لهم: إنما أعظكم وآمركم وأوصيكم بكلمة واحدة، أو بخصلة واحدة.

ثم فسر- سبحانه- هذه الكلمة بقوله: أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى. والمراد بالقيام هنا: التشمير عن ساعد الجد، وتلقى ما جاءهم به الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقلب مفتوح.

وعقل واع، ونفس خالية من التعصب والحقد والعكوف على التقليد.

ومَثْنى وَفُرادى أى: متفرقين اثنين اثنين، وواحدا واحدا، وهما منصوبان على الحال.

ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا بعد ذلك في أمر هذا الرسول صلّى الله عليه وسلّم وفي أمر رسالته، وفي أمر ما جاء به من عند ربه، فعند ذلك ترون أنه على الحق، وأنه قد جاءكم بما يسعدكم.

فالآية الكريمة تأمرهم أن يفكر كل اثنين بموضوعية وإنصاف في أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم ثم يعرض كل واحد منهما حصيلة تفكيره على صاحبه، وأن يفكر كل واحد منهم على انفراد- أيضا في شأن هذا الرسول، من غير تعصب وهوى.

وقدم الاثنين في القيام على المنفرد، لأن تفكير الاثنين في الأمور بإخلاص واجتهاد وتقدير، أجدى في الوصول إلى الحق من تفكير الشخص الواحد ولم يأمرهم بأن يتفكروا في جماعة، لأن العقلية الجماعية كثيرا ما تتبع الانفعال الطارئ، وقلما تتريث في الحكم على الأمور.

ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال عند تفسيره لهذه الآية: والمعنى: إنما أعظكم بواحدة إن فعلتموها، أصبتم الحق، وتخلصتم من الباطل-، وهي: أن تقوموا لوجه الله خالصا، متفرقين اثنين اثنين، وواحدا واحدا، ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا في أمر محمد صلّى الله عليه وسلّم وما جاء به.

أما الاثنان: فيتفكران ويعرض كل واحد منهما محصول فكره على صاحبه، وينظران فيه متصادقين متناصفين، لا يميل بهما اتباع هوى، ولا ينبض لهما عرق عصبية، حتى يهجم بهما الفكر الصالح، والنظر الصحيح على جادة الحق.

وكذلك الفرد: يفكر في نفسه بعدل ونصفة من غير أن يكابرها، ويعرض فكره على عقله وذهنه، وما استقر عنده من عادات العقلاء، ومجاري أحوالهم. والذي أوجب تفرقهم مثنى وفرادى، أن الاجتماع مما يشوش الخواطر، ويعمى البصائر، ويمنع من الروية، ويخلط القول. ومع ذلك يقل الإنصاف ويكثر الاعتساف: ويثور عجاج التعصب.

وقوله- سبحانه-: ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ كلام مستأنف جيء به لتنزيه ساحته صلى الله عليه وسلّم عما افتراه عليه المفترون من كونه قد أصيب بالجنون.

أى: اجتمعوا اثنين اثنين، أو واحدا واحدا، ثم تفكروا بإخلاص وروية فترون بكل تأكيد أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم ليس به شيء من الجنون، إنما هو أرجح الناس عقلا، وأصدقهم قولا، وأفضلهم علما، وأحسنهم عملا، وأزكاهم نفسا، وأنقاهم قلبا، وأجمعهم لكل كمال يشرى.

وقوله- تعالى- إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ بيان لوظيفته صلّى الله عليه وسلم أى: ليس به صلّى الله عليه وسلّم من جنون، وإنما هو نذير لكم، يحذركم ويخوفكم من العذاب الشديد الذي سينزل بكم يوم القيامة، إذا ما بقيتم على شرككم وكفركم، وهذا العذاب ليس بعيدا عنكم.

قال الإمام ابن كثير: قال الامام أحمد: حدثنا بشير بن المهاجر، حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما فنادى ثلاث مرات فقال: «أيها الناس أتدرون ما مثلي ومثلكم» ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم فقال: «إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم خافوا عدوا يأتيهم. فبعثوا رجلا يتراءى لهم، فبينما هو كذلك أبصر العدو، فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه، فأهوى بثوبه وقال: أيها الناس أوتيتم.

أيها الناس أوتيتم ... »

وبهذا الاسناد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بعثت أنا والساعة جميعا، إن كادت لتسبقني» .

يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء الكافرين الزاعمين أنك مجنون : ( إنما أعظكم بواحدة ) أي : إنما آمركم بواحدة ، وهي : ( أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ) أي : تقوموا قياما خالصا لله ، من غير هوى ولا عصبية ، فيسأل بعضكم بعضا : هل بمحمد من جنون ؟ فينصح بعضكم بعضا ، ( ثم تتفكروا ) أي : ينظر الرجل لنفسه في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، ويسأل غيره من الناس عن شأنه إن أشكل عليه ، ويتفكر في ذلك; ولهذا قال : ( أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ) .

هذا معنى ما ذكره مجاهد ، ومحمد بن كعب ، والسدي ، وقتادة ، وغيرهم ، وهذا هو المراد من الآية .

فأما الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " أعطيت ثلاثا لم يعطهن من قبلي ولا فخر : أحلت لي الغنائم ، ولم تحل لمن قبلي ، كانوا قبلي يجمعون غنائمهم فيحرقونها . وبعثت إلى كل أحمر وأسود ، وكان كل نبي يبعث إلى قومه ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، أتيمم بالصعيد ، وأصلي حيث أدركتني الصلاة ، قال الله : ( أن تقوموا لله مثنى وفرادى ) وأعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدي " - فهو حديث ضعيف الإسناد ، وتفسيرها بالقيام في الصلاة في جماعة وفرادى بعيد ، ولعله مقحم في الحديث من بعض الرواة ، فإن أصله ثابت في الصحاح وغيرها والله أعلم .

وقوله : ( إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) : قال البخاري عندها :

حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا محمد بن خازم ، حدثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : صعد النبي صلى الله عليه وسلم الصفا ذات يوم ، فقال : " يا صباحاه " . فاجتمعت إليه قريش ، فقالوا : ما لك ؟ فقال : " أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو يصبحكم أو يمسيكم ، أما كنتم تصدقوني ؟ " قالوا : بلى . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " . فقال أبو لهب : تبا لك! ألهذا جمعتنا ؟ فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) [ المسد ] .

وقد تقدم عند قوله : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) [ الشعراء : 214 ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا بشير بن المهاجر ، حدثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فنادى ثلاث مرات فقال : " أيها الناس ، أتدرون ما مثلي ومثلكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا يأتيهم ، فبعثوا رجلا يتراءى لهم ، فبينما هو كذلك أبصر العدو ، فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه ، فأهوى بثوبه : أيها الناس ، أوتيتم . أيها الناس ، أوتيتم - ثلاث مرات " .

وبهذا الإسناد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة جميعا ، إن كادت لتسبقني " . تفرد به الإمام أحمد في مسنده .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46)

يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك: إنما أعظكم أيها القوم بواحدة وهي طاعة الله.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ) قال: بطاعة الله.

وقوله ( أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ) يقول: وتلك الواحدة التي أعظكم بها هي أن تقوموا لله اثنين اثنين، (وفُرادَى) فرادى (1) فأن في موضع خفض ترجمة عن الواحدة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد ( أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ) قال: واحدًا واثنين.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ) رجلا ورجلين.

وقيل: إنما قيل: إنما أعظكم بواحدة، وتلك الواحدة أن تقوموا لله بالنصيحة وترك الهوى.(مَثْنَى) يقول: يقوم الرجل منكم مع آخر قيتصادقان على المناظرة: هل علمتم بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جنونًا قطُّ؟ ثم ينفرد كل واحد منكم، فيتفكر ويعتبر فردًا هل كان ذلك به؟ فتعلموا حينئذٍ أنه نذير لكم.

وقوله (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) يقول: لأنه ليس بمجنون.

وقوله (إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) يقول: ما محمد إلا نذير لكم ينذركم على كفركم بالله عقابه أمام عذاب جهنم قبل أن تصلوها، وقوله: هو كناية اسم محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

------------------------

الهوامش:

(1) لعله: فردًا وفردًا: أي أن تقوموا اثنين اثنين، وواحدا واحدا.

المعاني :

بِوَاحِدَةٍ :       بِخَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ السراج
مَثْنَى :       اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ السراج
جِنَّةٍ :       جُنُونٍ السراج
من جـِـنّة :       من جنون معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[46] ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ﴾ قال ابن عباس: «هي لا إله إلا الله»، الإيجاز البلاغ في كلمة واحدة أحيانًا يكون أبلغ في البيان، وأقرب إلى حصول المراد، ومن الأساليب المتنوعة للدعوة.
وقفة
[46] ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ ومعناه: أن تقوموا للنظر في أمر محمد ﷺ قيامًا خالصًا لله تعالى، ليس فيه اتباع هوى ولا ميل، وليس المراد بالقيام هنا القيام على الرجلين، وإنما المراد القيام بالأمر والجدّ فيه.
وقفة
[46] ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ فائدة ذلك أن التفرغ لله تعالى في خلوةٍ لا يكدر صفوها أحد من الخلق، يتيح للقلب أن يتفاعل -في صفاء- مع معطيات التفكر، والشعور بمعية الله، وحقائق الكون الكبرى، ومثل ذلك لا يحصل في لغط النقاش الجماعي، وضوضاء الجدل المتعدد!
وقفة
[46] ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ قبل أن تتفكروا لا بد أن تتخلوا عن حشر رغباتكم وقصص آبائكم ومآسي أطفالكم وتقوموا لله.
وقفة
[46] ﴿قُل إِنَّما أَعِظُكُم بِواحِدَةٍ أَن تَقوموا لِلَّهِ مَثنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّروا﴾ مشاورتك لأولى الفهم تساعدك فى الوصول للحقيقة جلية واضحة، وأفضل من مشاورتك مع نفسك وحدك.
وقفة
[46] من أسرار هذا الدين ولطائفه أن باب عقيدته هو: التفكر ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾، آية في غاية الجمال والسمو! بها بحر من الأسرار التربوية لا يعلم مداه إلا الله.
وقفة
[46] الجلسات الإيمانية الثنائية لها نتائج بالغة التأثير ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ قدم مثنى على فرادى.
وقفة
[46] من تصور أن جلوسه ساعة للتفكر والتأمل مضيعة للوقت؛ فقد خالف المعقول والمنقول ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾.
وقفة
[46] عبادة من أجل العبادات عطلها الكثيرون: عبادة التفكر ﴿﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾.
وقفة
[46] تفكر الجماعة يسلب العقل حريته فيجامل؛ لهذا أمر الله بتفكرهم منفردين ﴿إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة﴾.
وقفة
[46] ﴿إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ﴾ أن يكون قيامكم خالصًا لله عز وجل، لا لغلبة خصومكم؛ فحينئذ تفوزون بالهدى.
وقفة
[46] ﴿أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ﴾ الحق قد تصل إليه وحدك أو بمعونة غيرك! وإن بحث مثل هذا الأمر المهم يحتاج إلى فردين يتبادلان النظر والدليل ويتقصيان المسألة، وسيقنع أحدهما الآخر بالحجة والمنطق، وسيصلان إلى الحق المنشود، أو يصل إليه فرد واحد عاقل بنفسه إن كان متجردًا للحق.
وقفة
[46] ﴿أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ﴾ الطريق إلى الحقيقة لا تكون بالمجادلة أمام الجماهير، وإنما بتأمل الإنسان مع نفسه، أو مع مثله، فأمام الجماعة تتحرك في النفس رغبات العلو والانتصار مع الانفعال مما يحول دون الوصول إلى الحق.
وقفة
[46] ﴿أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ﴾ فضل الصحبة. قدم الاثنين في القيام على المنفرد؛ لأن تفكير الاثنين في الأمور بإخلاص واجتهاد، أجدى في الوصول إلى الحق من تفكير الشخص الواحد.
عمل
[46] ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ أحْيِ في نفسِك عبادةَ التَّفكُّرِ؛ فهي من أجَلِّ العباداتِ القلبيةِ.
وقفة
[46] ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ هل جربتم على صاحبكم كذبًا، أو رأيتم فيه جِنة، أو في أحواله مِن فساد، أو اختلف إلى أحد ممن يدَّعي العلم بالسحر، أو تعلم الأقاصيص وقرأ الكتب، أو عرفتموه بالطمع في أموالكم، أو تقدرون على معارضته في سورة واحدة؟! فإذا عرفتم بهذا الفكر صدقه، فما بال هذه المعاندة؟!
وقفة
[46] ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ التفكر مع التجرد من الهوى وسيلة للوصول إلى القرار الصحيح، والفكر الصائب.
وقفة
[46] ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ ساعة من ساعات التفكر النافع قد تكون أفضل من ساعات من عبادات أخرى كثيرة.
وقفة
[46] ﴿مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ﴾ أفادت: (بِصَاحِبِكُم) فائدتين: الأولى: زيادة التشنيع عليهم في أنهم يصفون صاحبهم الذي يعرفونه جيدًا بهذا الوصف. الثانية: أنه كان الأولى بهم أن يكونوا أول الناس تصديقًا بصاحبهم، وأولهم إعانة له.
وقفة
[46] ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: يَا صَبَاحَاهْ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، قَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟! فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: 1]». [البخاري 4801].
وقفة
[46] ﴿إِن هُوَ إِلّا نَذيرٌ لَكُم بَينَ يَدَي عَذابٍ شَديدٍ﴾ كما لو كان العذاب شخصًا يحتضنهم بيديه، سلم يا رب.
تفاعل
[46] ﴿بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ إِنَّما:
  • فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه لالتقاء الساكنين. انما: كافة ومكفوفة.
  • ﴿ أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول- أعظكم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بواحدة: جار ومجرور متعلق بأعظكم. أي بخصلة واحدة فحذف المجرور الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.
  • ﴿ أَنْ تَقُومُوا لِلّهِ:
  • ان: حرف مصدرية ونصب. تقوموا: بمعنى «تتفرقوا» فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بتقوموا وجملة «تقوموا» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب وأن المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر بتقدير: القيام في محل جر بدل من «واحدة» أو عطف بيان لها. لأن الجملة مفسرة لواحدة. والجار والمجرور للتعظيم «لله» متعلق بتقوموا بمعنى لوجه الله خالصا فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه لفظ‍ الجلالة مقامه.
  • ﴿ مَثْنى وَفُرادى:
  • الكلمتان معدولتان عن عدد مكرر بالنسبة للأولى بمعنى:متفرقين اثنين اثنين والثانية بمعنى واحدا واحدا. وهما منصوبتان على الحال بتقدير: معدودين اثنين اثنين وواحدا واحدا والكلمتان ممنوعتان من الصرف «التنوين» وعلامة نصبهما الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. و «فرادى» معطوفة بالواو على «مثنى» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا:
  • ثم: حرف عطف. تتفكروا: معطوفة على «تقوموا» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ:
  • الجملة استئنافية لا محل لها من الاعراب وردت تنبيها من الله سبحانه على طريقة النظر في أمر رسول الله-ص-أو تكون في محل نصب مفعولا به بمضمر بمعنى ثم تتفكروا في أمر محمد فتعلموا أنه ليس به جنون يحمله على دعواتكم إلى الحق. ما: نافية لا عمل لها.بصاحبكم: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. الكاف ضمير متصل ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور. من: حرف جر زائد لتاكيد النفي. جنة: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ.
  • ﴿ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ لَكُمْ:
  • ان: مهملة لأنها مخففة بمعنى «ما» النافية. هو ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ الا: أداة حصر لا عمل لها. نذير: خبر «هو» مرفوع بالضمة. لكم: جار ومجرور متعلق بصفة لنذير والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ بَيْنَ يَدَيْ:
  • ظرف مكان متعلق بنذير منصوب على الظرفية وهو مضاف.يدي: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وحذفت النون للاضافة. بمعنى «أمام».
  • ﴿ عَذابٍ شَدِيدٍ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. شديد:صفة-نعت-لعذاب مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المنونة أيضا.'

المتشابهات :

الأعراف: 184﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٌ
سبإ: 46﴿أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِيرٞ لَّكُم بَيۡنَ يَدَيۡ عَذَابٖ شَدِيدٖ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     ولَمَّا لقنَ اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم الحججَ القاطعة، وأبطلَ شُبَهَ الكافِرينَ كُلَّها، وصاروا جديرينَ بقَبولِ الوَعظِ؛ دعَاهُم إلى التَّفكُّرِ الهادئِ العميقِ في شأنِ النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما يعلمُونه من سيرتِه، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [47] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ..

التفسير :

[47] قل -أيها الرسول- للكفار:ما سألتكم على الخير الذي جئتكم به من أجر فهو لكم، ما أجري الذي أنتظره إلا على الله المطَّلِع على أعمالي وأعمالكم، لا يخفى عليه شيء فهو يجازي الجميع، كلٌّ بما يستحقه.

وثَمَّ مانع للنفوس آخر عن اتباع الداعي إلى الحق, وهو أنه يأخذ أموال من يستجيب له, ويأخذ أجرة على دعوته. فبين اللّه تعالى نزاهة رسوله صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر فقال:{ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} أي:على اتباعكم للحق{ فَهُوَ لَكُمْ} أي:فأشهدكم أن ذلك الأجر - على التقدير - أنه لكم،{ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} أي:محيط علمه بما أدعو إليه، فلو كنت كاذبا, لأخذني بعقوبته، وشهيد أيضا على أعمالكم, سيحفظها عليكم, ثم يجازيكم بها.

ثم أمره- سبحانه- للمرة الثانية أن يصارحهم بأنه لا يريد منهم أجرا على دعوته إياهم إلى ما يسعدهم فقال: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.

أى: وقل لهم- أيها الرسول الكريم. بعد أن دعوتهم إلى التفكير الهادئ، المتأنى في أمرك: إنى ما طلبت منكم أجرا على دعوتي إياكم إلى الحق والخير، وإذا فرض وطلبت فهو مردود عليكم. لأنى لا ألتمس أجرى إلا من الله- تعالى- وحده، وهو- سبحانه- على كل شيء شهيد ورقيب، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

قال الآلوسى قوله: قل ما سألتكم من أجر، أى: مهما سألتكم من نفع على تبليغ الرسالة فَهُوَ لَكُمْ والمراد نفى السؤال رأسا، كقولك لصاحبك إن أعطيتنى شيئا فخذه، وأنت تعلم أنه لم يعطك شيئا: فما شرطية. مفعول سَأَلْتُكُمْ وقوله فَهُوَ لَكُمْ الجواب- وقيل هي موصولة، والعائد محذوف، ومن للبيان ودخلت الفاء في الخبر لتضمنها معنى الشرط. أى: الذي سألتكموه من الأجر فهو لكم، وثمرته تعود إليكم .

يقول تعالى آمرا رسوله أن يقول للمشركين : ( ما سألتكم من أجر فهو لكم ) أي : لا أريد منكم جعلا ولا عطاء على أداء رسالة الله إليكم ، ونصحي إياكم ، وأمركم بعبادة الله ، ( إن أجري إلا على الله ) أي : إنما أطلب ثواب ذلك من عند الله ( وهو على كل شيء شهيد ) أي : عالم بجميع الأمور ، بما أنا عليه من إخباري عنه بإرساله إياي إليكم ، وما أنتم عليه .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)

يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك المكذبيك، الرادين عليك ما أتيتهم به من عند ربك: ما أسألكم من جُعْلٍ على إنذاريكم عذاب الله، وتخويفكم به بأسه، ونصيحتي لكم في أمري إياكم بالإيمان بالله، والعمل بطاعته، فهو لكم لا حاجة لي به. وإنما معنى الكلام: قل لهم: إني لم أسألكم على ذلك جعلا فتتهموني، وتظنوا أني إنما دعوتكم إلى اتباعي لمال آخذه منكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) أي: جُعل (فَهُوَ لَكُمْ) يقول: لم أسألكم على الإسلام جعلا.

وقوله ( إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ ) يقول: ما ثوابي على دعائكم إلى الإيمان بالله والعمل بطاعته، وتبليغكم رسالته، إلا على الله (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد) يقول: والله على حقيقة ما أقول لكم شهيد يشهد لي به، وعلى غير ذلك من الأشياء كلها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[47] ثَمَّ مانع للنفوس آخر من اتباع الداعي إلى الحق، وهو: أنه يأخذ أموال من يستجيب له، ويأخذ أجرة على دعوته، فبيَّن الله تعالى نزاهة رسوله ﷺ عن هذا الأمر، فقال: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ﴾ أي: على اتباعكم للحق ﴿فَهُوَ لَكُمْ﴾ أي: فأشهدكم أن ذلك الأجر -على التقدير- أنه لكم.
وقفة
[47] ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ فيه التلطف في الدعوة، ومجاراة الخصم في زعمه الباطل، والتنزل إلى ما افترضه من سؤال الأجر، وهذا كله من وسائل الإقناع والبيان.
وقفة
[47] ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ الداعية إلى الله لا ينتظر الأجر من الناس، وإنما ينتظره من رب الناس.
عمل
[47] ﴿قُل ما سَأَلتُكُم مِن أَجرٍ فَهُوَ لَكُم إِن أَجرِيَ إِلّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ﴾ جدد النية دائمًا وراقبها دومًا.
عمل
[47] لا تجعل الدين سلمًا تنال به عرض الدنيا الزائل؛ فإن الآخرة خير وأبقى ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾.
عمل
[47] ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ ذكِّر بها نفسكَ عندَ كُلِّ عملٍ تقومُ به، لا تنتظرْ جزاءً من أحدٍ.
عمل
[47] ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ عندما توفق لعمل صالح؛ ذَكِّر نفسك بهذه الآية! فالعطاء الرباني أعظم وأكبر.
وقفة
[47] ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ الأجر على قدر المشقة، فكلما أوذيت في سبيل الله أكثر، كانت مكافأتك عنده أعظم وأكبر.
وقفة
[47] ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ إن كان أجرك كاملًا على الله، فهل يضرك في شيء إن لم تجد ثناء أو عطاء من الناس؟!
وقفة
[47] كلما كثرت نزغات الشيطان في الدعوة تذكر قوله: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ واحتسب مبتغيا الأجر منه سبحانه حتى لايحبط عملك.
عمل
[47] ﴿وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ استشهد الله على من عاداك وآذاك، والله سیفصل بینکم، فهو خير الحاكمين كما أنه خير الشاهدين.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ:
  • قل: أعربت. ما: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون بمعنى «أي شيء» في محل رفع مبتدأ في حالة تعدي الفعل بعده الى مفعول واحد ففي هذه الحالة يكون الفعل «سأل» قد استوفى مفعوله وهو ضمير المخاطبين. وتكون الجملة من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبر «ما» أما اذا تعدى الفعل «سأل» الى مفعولين فتكون «ما» في محل نصب مفعولا به مقدما للفعل «سأل» سألتكم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بما. والتاء ضمير متصل -ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل. والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور
  • ﴿ مِنْ أَجْرٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الشرط‍ «ما» التقدير:أي شيء سألتكم حالة كونه من أجر و «من» حرف جر بياني.
  • ﴿ فَهُوَ لَكُمْ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط‍.هو ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. لكم: جار ومجرور متعلق بخبر «هو» والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ إِنْ أَجْرِيَ:
  • مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية لا محل لها. اجري: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة. والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة وفتحت لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ إِلاّ عَلَى اللهِ:
  • أداة حصر لا عمل لها. على الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر المبتدأ.
  • ﴿ وَهُوَ عَلى كُلِّ:
  • الواو استئنافية. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.على كل: جار ومجرور متعلق
  • ﴿ شَيْءٍ شَهِيدٌ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.شهيد: خبر «هو» مرفوع بالضمة والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

هود: 51﴿يا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
يونس: 72﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
هود: 29﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ ۚ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا
سبإ: 47﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     ولَمَّا انتفى عنه صلى الله عليه وسلم ما اتهموه به من الجنون، بقي إمكان أن يكون لأمر دنيوي، وهو أنَّه يأخُذُ أموالَ مَن يَستجيبُ له، ويأخُذُ أُجرةً على دَعوتِه؛ فبَيَّنَ اللهُ هنا نزاهةَ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن هذا الأمرِ، قال تعالى:
﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [48] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ ..

التفسير :

[48] قل –أيها الرسول- لمن أنكر التوحيد ورسالة الإسلام:إن ربي يقذف الباطل بحجج من الحق، فيفضحه ويهلكه، والله علَّام الغيوب، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

ولما بين البراهين الدالة على صحة الحق, وبطلان الباطل, أخبر تعالى أن هذه سنته وعادته أن{ يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} لأنه بين من الحق في هذا الموضع, ورد به أقوال المكذبين, ما كان عبرة للمعتبرين, وآية للمتأملين.

فإنك كما ترى, كيف اضمحلت أقوال المكذبين, وتبين كذبهم وعنادهم, وظهر الحق وسطع, وبطل الباطل وانقمع، وذلك بسبب بيان{ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} الذي يعلم ما تنطوي عليه القلوب, من الوساوس والشبه, ويعلم ما يقابل ذلك, ويدفعه من الحجج.

ثم أمره- سبحانه- للمرة الثالثة، أن يبين لهم أنهم لا قدرة لهم على مجادلته أو محاربته، لأن الله- تعالى- قد سلحه بما ينصره عليهم فقال: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وأصل القذف: الرمي بقوة وشدة والمراد به هنا: ما يوحيه الله- تعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلّم من قرآن وتوجيهات وإلهامات، والباء في قوله بِالْحَقِّ للسببية.

أى: قل لهم- أيها الرسول الكريم- إن ربي يلقى الوحى إلى وإلى أنبيائه، بسبب الحق الذي كلفهم بتبليغه إلى الناس، وهو- سبحانه- وحده علام الغيوب.

قال الجمل: ما ملخصه قوله: يَقْذِفُ بِالْحَقِّ يجوز أن يكون مفعوله محذوفا، لأن القذف في الأصل الرمي، وعبر به هنا عن الإلقاء. أى: يلقى الوحى إلى أنبيائه بالحق، أى: بسبب الحق، أو متلبسا الحق.

ويجوز أن يكون التقدير: يقذف الباطل بالحق، كما قال- تعالى- بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ.

ويجوز أن يكون المعنى: قل إن ربي يقضى ويحكم بالحق، بتضمين «يقذف» معنى يقضى ويحكم .

وقوله : ( قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ) ، كقوله تعالى : ( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ) [ غافر : 15 ] . أي : يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الأرض ، وهو علام الغيوب ، فلا تخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ (48)

يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (قُلْ) يا محمد لمشركي قومك ( إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ ) وهو الوحي، يقول: ينـزله من السماء، فيقذفه إلى نبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (عَلامُ الْغُيُوبِ) يقول: علام ما يغيب عن الأبصار، ولا مَظْهَر لها، وما لم يكن مما هو كائن، وذلك من صفة الرب، غير أنه رفع لمجيئه بعد الخبر، وكذلك تفعل العرب إذا وقع النعت بعد الخبر، في أن أتبعوا النعت إعراب ما في الخبر، فقالوا: إن أباك يقوم الكريم، فرفع الكريم على ما وصفت، والنصب فيه جائز؛ لأنه نعت للأب، فيتبع إعرابه.

المعاني :

يَقْذِفُ بِالْحَقِّ :       يَرْمِي بِحُجَجِ الحَقِّ عَلَى البَاطِلِ؛ فَيَدْمَغُهُ السراج
يقذف بالحقّ :       يرمي به الباطل فيدمغه معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[48] ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ وتخصيص وصف (علاَّم الغيوب) من بين الأوصاف الإِلهية؛ للإِشارة إلى أنه عالم بالنوايا، وأن القائِل يعلم ذلك، فالذي يعلم هذا لا يجتريء على الله بادعائه باطلًا أنه أرسله إليكم.
وقفة
[48] ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ الحق -لقوة منطقه- قذيفة تطيح بالباطل، وصاحب الحق اختصه الله بهذا الشرف.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي:
  • أعربت. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربي:اسم «ان» منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. والجملة من «انّ» وما في حيزها في محل نصب مفعول به- مقول القول-.
  • ﴿ يَقْذِفُ بِالْحَقِّ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «انّ» فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالحق: جار ومجرور متعلق بيقذف. بمعنى يرمي به الباطل فيدمغه ويزهقه. ومفعول «يقذف» محذوف لأنه معلوم. التقدير: يقذف بالحق الباطل ويجوز أن تكون الباء زائدة و «الحق» مفعول «يقذف» مثل: ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة بمعنى يلقيه أي يلقي الحق وينزله الى أنبيائه.
  • ﴿ عَلاّمُ الْغُيُوبِ:
  • خبر مبتدأ محذوف أي هو علام الغيوب مرفوع بالضمة.أو هو مرفوع لأنه محمول على محل «إن» واسمها. أو على المستكن في «يقذف» أو بدل من الجملة الفعلية «يقذف» ويجوز أن يكون خبرا ثانيا لان خبران متعاقبان لها. الغيوب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ البراهينَ الدالة على صحة الحقِّ، وبطلان الباطل، أخبرَ هنا أن هذه سنته وعادته، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

علام:
1- بالرفع، على أنه خبر ثان، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنصب، صفة ل «ربى» ، وهى قراءة عيسى، وابن أبى إسحاق، وزيد بن على، وابن أبى عبلة، وأبى حيوة، وحرب، عن طلحة.
الغيوب:
وقرئ:
بكسر أوله، استثقلوا ضمتين والواو، فكسروا.

البحث بالسورة

البحث في المصحف