5631314151617181920212223242526

الإحصائيات

سورة الملك
ترتيب المصحف67ترتيب النزول77
التصنيفمكيّةعدد الصفحات2.40
عدد الآيات30عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.00
ترتيب الطول59تبدأ في الجزء29
تنتهي في الجزء29عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 13/14تبارك: 2/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (13) الى الآية رقم (19) عدد الآيات (7)

بعدَ وعيدِ الكفارِ ووعدِ المؤمنينَ، عادَ إلى تهديدِ الكافرينَ والنَّاسِ جميعًا بعلمِه بكلِّ شيءٍ، وقدرتِه على الخَسفِ بهم، أو رجمِهم بالحِجَارةِ، ثُمَّ التَّذكيرُ بإهلاكِ الأممِ السابقةِ، وتمكينِ الطيورِ من الطيرانِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (20) الى الآية رقم (26) عدد الآيات (7)

= ثُمَّ تَحدِّي النَّاسَ هنا أن ينصرَهم غيرُ اللهِ إن أرادَ عذابَهم، أو يرزقَهَم غيرُهُ، وقارِنَ بينَ التَّائِه في الضَّلالِ والسَّائرِ على صراطٍ مستقيمٍ، ثُمَّ أوردَ أدلَّةً أُخرى على قدرتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الملك

الدعوة للتفكر في ملك الله

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • السورة دعوة للتأمل والتفكر في:: مقصود السور: المُلك يدل على صاحب المُلك (المَلك المالك المليك) سبحانه وتعالى، ولذا نجد فيها: ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ﴾ (3، 4). فالمُلك ناطق بأنَّ له ربًا ملكًا يصرف أموره. السورة تدعونا للنظر فيما حولنا: ننظر إلى الطيور، إلى الماء، ونسأل أنفسنا: من الذي يتحكم كل هذا؟
  • • على العبد أن لا يقف عند النعم :: 1. ملك الله وعظمته: ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ﴾ (1). 2. الحكمة من خَلْق الخَلْق: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ (2). 3. إتقان الله في كونه: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ (3). 4. نعم الله على عباده، مثل الخلق والرزق وتذليل الأرض للعيش، وحفظ السماء.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «سورة الْمُلك»، و«سُورَةُ تَبَارَكَ».
  • • معنى الاسم :: الْمُلْكُ :ما يُمَلك ويُتصرّف فيه، وتبارك: فعل لا يُستعمل إلا ماضيًا، ولا يسند إلا لله تعالى، وتبارك اللهُ: أي تعاظم وكملت أوصافه وكثرت خيراته.
  • • سبب التسمية :: سميت «سورة الْمُلك»؛ لورود اللفظ في الآية الأولى، و«سُورَةُ تَبَارَكَ»، لافتتاحها بهذا اللفظ.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ»، و«تَبَارَكَ الْمُلْكُ»،‏ ‏و«المانعة»، ‏‏‏و«‏المنجية»، و‏‏‏«‏الواقية‏‏»، و«‏المجادلة»؛ ‏لأنها ‏تجادل ‏عن ‏قارئها ‏عند ‏سؤال ‏الملكين.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: التأمل والتفكر في ملك الله.
  • • علمتني السورة :: أن العبرة بأحسن العمل، لا بأكثره، فالله قال: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (2)، ولم يقل: (أكثر عملًا).
  • • علمتني السورة :: أن الله تعالى لا يعذب بالنار أحدًا إلا بعد أن ينذره في الدنيا: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾
  • • علمتني السورة :: أن النهايات السيئة تبدأ بتسليم الإنسان عقله لغيره بلا تفكير: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾

مدارسة الآية : [13] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ..

التفسير :

[13] وأخفوا قولكم -أيها الناس- في أي أمر من أموركم أو أعلنوه، فهما عند الله سواء، إنه سبحانه عليم بمضمرات الصدور، فكيف تخفى عليه أقوالكم وأعمالكم؟

هذا إخبار من الله بسعة علمه، وشمول لطفه فقال:{ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} أي:كلها سواء لديه، لا يخفى عليه منها خافية، فـ{ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} أي:بما فيها من النيات، والإرادات، فكيف بالأقوال والأفعال، التي تسمع وترى؟!

ثم بين- سبحانه- بأبلغ أسلوب، ان السر يتساوى مع العلانية بالنسبة لعلمه- تعالى- فقال: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ....

وقد ذكروا في سبب نزول هذه الآية، أن المشركين كانوا ينالون من النبي صلى الله عليه وسلم فلما أطلعه الله- تعالى- على أمرهم، فقال بعضهم لبعض: أسروا قولكم كي لا يسمعه رب محمد.. .

وصيغة الأمر في قوله: وَأَسِرُّوا واجْهَرُوا مستعملة في التسوية بين الأمرين، كما في قوله- تعالى- فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا....

أى: إن إسراركم- أيها الكافرون- بالإساءة إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو جهركم بهذه الإساءة، يستويان في علمنا، لأننا لا يخفى علينا شيء من أحوالكم، فسواء عندنا من أسر منكم القول ومن جهر به.

وجملة إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ تعليل للتسوية المستفادة من صيغة الأمر أى: سواء في علمه- تعالى- إسراركم وجهركم، لأنه- سبحانه- عليم علما تاما بما يختلج في صدوركم، وما يدور في نياتكم التي هي بداخل قلوبكم.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ.

ثم قال تعالى منبها على أنه مطلع على الضمائر والسرائر : ( وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ) أي : بما خطر في القلوب .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13)

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[13] ﴿وأسروا قولكم أو اجهروا به﴾ لم يقل: (إنه عليم بذلك)؛ بل قال ما هو أبلغ: ﴿إنه عليمٌ بذات الصدور﴾.
وقفة
[13] ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ أي: بما فيها من النيات والإرادات، فكيف بالأقوال والأفعال التي تسمع وترى!
وقفة
[13] ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ رَبٌّ يراقب النيات والخطرات، فكيف بالأفعال والكلمات؟!
وقفة
[13] ﴿وَأَسِرّوا قَولَكُم أَوِ اجهَروا بِهِ إِنَّهُ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدورِ﴾ ذكر سبحانه ما يسرون أولًا؛ لأنه إن كان يعلمه فهو سبحانه يعلم ما تجهرون به من باب أولى.
وقفة
[13] ﴿إنّه عليم بذات الصدور﴾ رسالة ربانية تقنعك بالسكوت عن إفصاح مشاعرك للناس، وتبرير ظنهم السئ بك، يكفيك أن الله وحده يعلم ما يكنه صدرك؛ فأحسن النية وأبشر بالخير.
وقفة
[13] ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ ما تُخفيهِ في نفسِك ولو كان خاطرةً؛ اللهُ يعلمُها.
وقفة
[13] ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ اطلاع الله على ما تخفيه صدور عباده.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَسِرُّوا:
  • الواو: استئنافية. أسروا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أي واكتموا.
  • ﴿ قَوْلَكُمْ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ:
  • حرف عطف للتخيير. اجهروا: معطوفة على «أسروا» وتعرب اعرابها. به: جار ومجرور متعلق باجهروا وكسر آخر «أو» لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» عليم: خبر «ان» مرفوع بالضمة
  • ﴿ بِذاتِ الصُّدُورِ:
  • جار ومجرور متعلق بعليم. الصدور: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.'

المتشابهات :

الأنفال: 43﴿إِذۡ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلٗاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِيرٗا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
هود: 5﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
فاطر: 38﴿إِنَّ ٱللَّهَ عَٰلِمُ غَيۡبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
الزمر: 7﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
الشورى: 24﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗاۖ فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخۡتِمۡ عَلَىٰ قَلۡبِكَۗ وَيَمۡحُ ٱللَّهُ ٱلۡبَٰطِلَ وَيُحِقُّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦٓۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
الملك: 13﴿وَأَسِرُّواْ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُواْ بِهِۦٓۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وأسِرُّوا قَوْلَكم أوِ اجْهَرُوا بِهِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَزَلَتْ في المُشْرِكِينَ، كانُوا يَنالُونَ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَخَبَّرَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِما قالُوا فِيهِ ونالُوا مِنهُ، فَيَقُولُ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: أسِرُّوا قَوْلَكم لِئَلّا يَسْمَعَ إلَهُ مُحَمَّدٍ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     وبعدَ وعيدِ الكفارِ ووعدِ المؤمنينَ؛ عادَ إلى تهديدِ الكافرينَ والنَّاسِ جميعًا بعلمِه بكلِّ شيءٍ، قال تعالى:
﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ..

التفسير :

[14] ألا يعلم ربُّ العالمين خَلْقه وشؤونهم، وهو الذي خَلَقهم وأتقن خَلْقهم وأحسنه؟ وهو اللطيف بعباده، الخبير بهم وبأعمالهم.

ثم قال -مستدلا بدليل عقلي على علمه-:{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} فمن خلق الخلق وأتقنه وأحسنه، كيف لا يعلمه؟!{ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} الذي لطف علمه وخبره، حتى أدرك السرائر والضمائر، والخبايا [والخفايا والغيوب]، وهو الذي{ يعلم السر وأخفى} ومن معاني اللطيف، أنه الذي يلطف بعبده ووليه، فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر، من حيث لا يحتسب، ويرقيه إلى أعلى المراتب، بأسباب لا تكون من [العبد] على بال، حتى إنه يذيقه المكاره، ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة، والمقامات النبيلة.

ثم أكد- سبحانه- شمول علمه لكل شيء بقوله: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.

واللطيف من اللطف، وهو العالم بخبايا الأمور، والمدبر لها برفق وحكمة ويسر..

والخبير: من الخبر، وهو العلم بجزئيات الأشياء الخفية، التي من شأنها أن يخبر الناس بعضهم بعضا بحدوثها، لأنها كانت خافية عليهم.

ولفظ مَنْ في قوله مَنْ خَلَقَ يصح أن يكون مفعولا لقوله يَعْلَمُ، والعائد محذوف أى: ألا يعلم الله- تعالى- شأن الذين خلقهم، والحال أنه- سبحانه- هو الذي لطف علمه ودق، إذ هو المدبر لأمور خلقه برفق وحكمة، العليم علما تاما بأسرار النفوس وخبايا ما توسوس به..

ويجوز أن يكون مَنْ فاعلا لقوله يَعْلَمُ على أن المقصود به ذاته- تعالى-، ويكون مفعول يعلم محذوفا للعلم به، والمعنى: ألا يعلم السر ومضمرات القلوب الله الذي خلق كل شيء وأوجده، وهو- سبحانه- الموصوف بأنه لطيف خبير.

والاستفهام على الوجهين لإنكار ما زعمه المشركون من انتفاء علمه- تعالى- بما يسرونه فيما بينهم، حيث قال بعضهم لبعض: أسروا قولكم كي لا يسمعه رب محمد.

( ألا يعلم من خلق ) ؟ أي : ألا يعلم الخالق ؟ ! وقيل : معناه ألا يعلم الله مخلوقه ؟ والأول أولى ، لقوله : ( وهو اللطيف الخبير )

وقوله: ( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ) يقول جلّ ثناؤه: وأخفوا قولكم وكلامكم أيها الناس أو أعلنوه وأظهروه (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) يقول: إنه ذو علم بضمائر الصدور التي لم يُتَكَلَّم بها، فكيف بما نطق به وتكلم به، أخفي ذلك أو أعلن، لأن من لم تخف عليه ضمائر الصدور فغيرها أحرى أن لا يخفي عليه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[14] ﴿ألا يعلم من خلق﴾ قد لا يعرف الناس بعض أخلاقك ومشاعرك الطيبة، لا تحزن؛ الذي خلق تلك الأخلاق والنوايا في قلبك يعلمها.
وقفة
[14] ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ لا يخفى على الخبير حاجتك إلى لطفه الخفي؛ ولن يستشعر ذلك إلا من ابتلي؛ فالحظ قول يوسف: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ﴾ [يوسف: 100].
وقفة
[14] ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ يلطُف بعباده فيدفع عنهم السوء ويكفيهم الهموم، يُهيئ لهم أسباب الخير والرزق من حيث لا يحتسبوا.
وقفة
[14] ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ ثم ختم الحجة باسمين مقتضيين لثبوتهما، وهما: اللطيف؛ الذي لطف صنعه وحكمته ودق، حتى عجزت عنه الأفهام. والخبير؛ الذي انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها. فكيف تخفى على اللطيف الخبير ما تحويه الضمائر وتخفيه الصدور؟!
وقفة
[14] ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ كل حكم شرعي يظهر للعقل البشري أنه لا يناسب المخلوق فالآية ترد عليه, إذ ما من حكم إلا وهو يناسب الخلق؛ لأن الله أعلم بمن خلق، كما أفادته الآية.
وقفة
[14] ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ حين تبحث البشرية عن السكينة بعيدًا عن طريق الله، لن تجني غير الحيرة والشقاء.
وقفة
[14] ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ قال السعدي: «ومن معاني اللطيف، أنه الذي يلطف بعبده ووليه، فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر من حيث لا يحتسب، ويرقيه إلى أعلى المراتب بأسباب لا تكون من العبد على بال، حتى إنه يذيقه المكاره، ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة، والمقامات النبيلة».
وقفة
[14] ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ الله أعلم بحالك منك، وأدرى بك من والديك، ومن أقرب الناس إليك، وهو لطيفٌ بخَلقه خبير بعباده، فطِب نفسًا وكن به موقنًا.
وقفة
[14] قال ابن المسيب: «بينما رجل واقف بالليل في شجر كثير، وقد عصفت الريح، فوقع في نفس الرجل: أترى الله يعلم ما يسقط من هذا الورق؟ فنودي من جانب الغيضة بصوت عظيم: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
وقفة
[14] تحكيم كتاب الله وسنة رسوله أعظم وسائل الإصلاح، لماذا؟ لأنها أحكام صادرة من ربنا جل وعلا: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ﴾، وسواها أحكام ظالمة جائرة، مهما أراد أرباب القوانين الوضعية، ومهما بذلوا قصارى جهدهم أن يوجدوا للخليقة أحكامًا تعدل بينهم، فلن يستطيعوا لذلك سبيلًا، أحكام متناقضة، ونظم متباينة، وليس أعدل من حكم الله.
وقفة
[14] ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ اقترن لطف الله بالخبير في خمس آيات، سيوصل إليك لطفه في خفاء، فهو يدرك بواطن الأمور ودقائقها وسرائرها؛ فاطمئن.
وقفة
[14] كل من تحبهم فى هذا العالم لن يشعروا بحبك، حتى تعبر عنه، لكن محبوبًا واحدًا لن يخفق قلبك بحبه لحظة إلا وهو يعلم به، إنَّه اللَّه ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
وقفة
[14] يعارضون شرع الله بأنظمة وضعية، وهو الأعلم بما يصلح حالهم، لأنه الخالق ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
وقفة
[14] ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ الأقدار التي تصيبنا لا تخرج عن لطف الله، ولكننا لا ندرك ذلك بسبب طبيعتنا، فَفوض أمرك لله وارض بأقداره.
وقفة
[14] ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ وكَمْ للهِ من لُطفٍ خفيٍّ!
وقفة
[14] فى الحياة هناك لحظات تكون فيها النفس جاثية على ركبتيها، مهما كان وضع الجسد ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَلا يَعْلَمُ:
  • الهمزة همزة انكار دخلت على المنفي فرجع الى معنى التقرير أو استفهام انكار للنفي مبالغة في الاثبات. لا: نافية لا عمل لها. يعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة
  • ﴿ مَنْ خَلَقَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. وجملة «خلق» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد- لراجع- الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به للفعل «خلق» التقدير: من خلقها وهو راجع الى «بذات الصدور» وهي ضمائرها أي ما تضمره الصدور أو يكون التقدير: من خلقهما أي السر والجهر أو يكون مفعول «خلق» محذوفا بمعنى: خلق الأشياء. أما مفعول «يعلم» فمحذوف أيضا. التقدير: ذلك: اشارة الى السر والجهر والمعنى والتقدير الا يعلم السر والجهر من خلقهما.
  • ﴿ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ:
  • الواو: حالية. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال، هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.اللطيف الخبير: خبرا «هو» مرفوعان بالضمة ويجوز أن يكون «الخبير» صفة للطيف.'

المتشابهات :

الأنعام: 103﴿لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
الملك: 14﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ كَونَه عالِمًا بالجَهرِ وبالسِّرِّ، وبما في الصُّدورِ؛ ذكَرَ هنا الدَّليلَ على كَونِه عالِمًا بهذه الأشياءِ، قال تعالى:
﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ..

التفسير :

[15] الله وحده هو الذي جعل لكم الأرض سهلة ممهدة تستقرون عليها، فامشوا في نواحيها وجوانبها، وكلوا من رزق الله الذي يخرجه لكم منها، وإليه وحده البعث من قبوركم للحساب والجزاء.وفي الآية حثٌّ على طلب الرزق والمكاسب، وفيها دلالة على أن الله هو الإله الحق وحده ل

أي:هو الذي سخر لكم الأرض وذللها، لتدركوا منها كل ما تعلقت به حاجتكم، من غرس وبناء وحرث، وطرق يتوصل بها إلى الأقطار النائية والبلدان الشاسعة،{ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} أي:لطلب الرزق والمكاسب.

{ وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} أي:بعد أن تنتقلوا من هذه الدار التي جعلها الله امتحانًا، وبلغة يتبلغ بها إلى الدار الآخرة، تبعثون بعد موتكم، وتحشرون إلى الله، ليجازيكم بأعمالكم الحسنة والسيئة.

ثم ذكر- سبحانه- جانبا من مظاهر فضله على عباده فقال: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا، فَامْشُوا فِي مَناكِبِها، وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ.

والذلول: السهلة المذللة المسخرة لما يراد منها من مشى عليها، أو غرس فيها، أو بناء فوقها.. من الذّل وهو سهولة الانقياد للغير، ومنه قوله- تعالى-: قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ.. أى: غير مذللة ولا مدربة على حرث الأرض..

والأمر في قوله فَامْشُوا فِي مَناكِبِها للإباحة، والمناكب جمع منكب وهو ملتقى الكتف مع العضد والمراد به هنا: جوانبها أو طرقها وفجاجها أو أطرافها..

وهو مثل لفرط التذليل، وشدة التسخير..

أى: هو- سبحانه- الذي جعل لكم- بفضله ورحمته- الأرض المتسعة الأرجاء.

مذللة مسخرة لكم، لتتمكنوا من الانتفاع بها عن طريق المشي عليها، أو البناء فوقها. أو غرس النبات فيها..

ومادام الأمر كذلك فامشوا في جوانبها وأطرافها وفجاجها.. ملتمسين رزق ربكم فيها، وداوموا على ذلك، ففي الحديث الشريف: «التمسوا الرزق في خبايا الأرض» .

والمراد بقوله: وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ الانتفاع بما فيها من وجوه النعم، وعبر عنه بالأكل لأنه أهم وجوه الانتفاع.

فالآية الكريمة دعوة حارة للمسلمين لكي ينتفعوا بما في الأرض من كنوز، حتى يستغنوا عن غيرهم في مطعمهم ومشربهم وملبسهم وسائر أمور معاشهم.. فإنه بقدر تقصيرهم في استخراج كنوزها، تكون حاجتهم لغيرهم.

قال بعض العلماء: قال الإمام النووي في مقدمة المجموع: إن على الأمة الإسلامية أن تعمل على استثمار وإنتاج كل حاجاتها حتى الإبرة، لتستغنى عن غيرها، وإلا احتاجت إلى الغير بقدر ما قصرت في الإنتاج..

وقد أعطى الله- تعالى- العالم الإسلامى الأولوية في هذا كله. فعليهم أن يحتلوا مكانهم، ويحافظوا على مكانتهم، ويشيدوا كيانهم بالدين والدنيا معا.. .

وقد أفاض بعض العلماء في بيان معنى قوله- تعالى-: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا ... فقال ما ملخصه: والناس لطول إلفهم لحياتهم على هذه الأرض وسهولة استقرارهم عليها.. ينسون نعمة الله في تذليلها لهم وتسخيرها. والقرآن يذكرهم هذه النعمة الهائلة، ويبصرهم بها، في هذا التعبير الذي يدرك منه كل أحد، وكل جيل، ما ينكشف له من علم هذه الأرض الذلول..

والله- تعالى- جعل الأرض ذلولا للبشر من حيث جاذبيتها.. ومن حيث سطحها..

ومن حيث تكوينها، ومن حيث إحاطة الهواء بها.. ومن حيث حجمها.. .

وقوله: وَإِلَيْهِ النُّشُورُ معطوف على ما قبله، لبيان أن مصيرهم إليه- تعالى- بعد قضائهم في الأرض المذللة لهم، مدة حياتهم..

أى: وإليه وحده مرجعكم، وبعثكم من قبوركم، بعد أن قضيتم على هذه الأرض، الأجل الذي قدره- سبحانه- لكم.

ثم ذكر نعمته على خلقه في تسخيره لهم الأرض ، وتذليله إياها لهم ، بأن جعلها قارة ساكنة لا تمتد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال ، وأنبع فيها من العيون ، وسلك فيها من السبل ، وهيأها فيها من المنافع ومواضع الزروع والثمار ، فقال : ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها ) أي : فسافروا حيث شئتم من أقطارها ، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات ، واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئا ، إلا أن ييسره الله لكم ; ولهذا قال : ( وكلوا من رزقه ) فالسعي في السبب لا ينافي التوكل كما قال الإمام أحمد :

حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، أخبرني بكر بن عمرو أنه سمع عبد الله بن هبيرة يقول : إنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول : إنه سمع عمر بن الخطاب يقول : إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا وتروح بطانا " .

رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث ابن هبيرة وقال الترمذي : حسن صحيح . فأثبت لها رواحا وغدوا لطلب الرزق ، مع توكلها على الله ، عز وجل ، وهو المسخر المسير المسبب . ) وإليه النشور ) أي : المرجع يوم القيامة .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي : ( مناكبها ) أطرافها ، وفجاجها ، ونواحيها . وقال ابن عباس ، وقتادة : ( مناكبها ) الجبال .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن حكام الأزدي ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن بشير بن كعب : أنه قرأ هذه الآية : ( فامشوا في مناكبها ) فقال لأم ولد له : إن علمت ) مناكبها ) فأنت عتيقة . فقالت : هي الجبال . فسأل أبا الدرداء فقال : هي الجبال .

القول في تأويل قوله تعالى : أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)

يقول تعالى ذكره: (أَلا يَعْلَمُ ) الربّ جلّ ثناؤه (مَنْ خَلَقَ ) من خلقه؟ يقول: كيف يخفي عليه خلقه الذي خلق (وَهُوَ اللَّطِيفُ ) بعباده (الْخَبِيرُ ) بهم وبأعمالهم.

المعاني :

الأرض ذلولا :       مُذلـّـلة ليّـنـَـة سَهْلة تستقـرّون عليها معاني القرآن
مَناكبها :       جَوَانبها . أو طُرُقِها و فِجَاجها معاني القرآن
إليه النشور :       إليه تبْعثون من القبور معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[15] ﴿هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا﴾ من رحمة الله بخلقه وإحسانه أن جعل الأرض سهلة، ولولا ذلك لم يحفر بئر، ولم يدفن ميت، ولم تحرث لزرع.
وقفة
[15] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئًا، إلا أن ييسره الله لكم، ولهذا قال تعالى: ﴿وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾؛ فالسعي لا ينافي التوكل.
وقفة
[15] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾ ثم نَبَّه بقوله: ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ على أَنَّا في هذا المسكن غير مستوطنين ولا مقيمين، بل دخلناه عابري سبيل، فلا يحسن أن نتخذه وطنًا ومستقرًا، وإنما دخلناه لنتزود منه إلى دار القرار؛ فهو منزل عبور لا مستقر حبور، ومعبر وممر لا وطن ومستقر.
وقفة
[15] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾ هذه دعوة للمسلمين للانتفاع بما في الأرض من كنوز، ليستغنوا عن غيرهم في احتياجاتهم، وبقدر تقصير الأمة في هذا الأمر تكون حاجتها لغيرها.
وقفة
[15] ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾ الماشي على الأرض يطأ مناكبها، وهي أعلى شيء فيها، ولهذا فُسرت المناكب بالجبال، كمناكب الإنسان، وهي أعاليه، وفي الآية إشارة إلى أن المشي في سهولها أيسر.
وقفة
[15] كتب الله الرزق وأسبابه، ومن الإيمان بالقدر السعي في الأسباب الموصلة إليه ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾.
عمل
[15] تأمل كيف جعل الله هذه الأرض مذللة تمشي عليها! ثم اشكر الله تعالى على هذه النعم ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾.
وقفة
[15] في طلب الرزق قال الله: ﴿فامشوا﴾، وفي الذهاب للصلاة: ﴿فاسعوا﴾ [الجمعة: 9]، وفي طلب الجنة: ﴿سابقوا﴾ [الحديد: 21]، وفي تحقيق التوحيد: ﴿ففروا﴾ [الذاريات: 50]؛ فبقدر الهدف يعظم المسير.
وقفة
[15] نحن لا نتوكل التوكل الذي لم يأمر به الإسلام، بل نمشي في مناكب الأرض، نمشي مشيًا لا نسعى سعيًا، لأن الله قال في مجال الرزق: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾، وقال في مجال العبادة: ﴿فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ﴾ [الجمعة: 9]، هذا هو الفهم الصحيحة لمسألة الرزق.
وقفة
[15] نمشي في مناكب الأرض مشيًا؛ لأن الله قال لنا في مجال الرزق: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾، وقال لنا في مجال العبادة: ﴿فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9]، هذا هو الفهم الصحيح لمسألة الرزق.
وقفة
[15] تأمل ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾، لذكر الله: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: 9]، ﻟﻠﻤﻐﻔﺮﺓ: ﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [آل عمران: 133].
وقفة
[15] ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾ من لطائفها: أن الرزق لا يأتي إلا بمشي وطلب وكدح, فمن سعي لرزقه يوشك أن يظفر به لو صبر.
وقفة
[15] ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾ لاحظ ارتباط التنقل والرزق، التجارة بوابة الأرزاق.
وقفة
[15] ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾ رزقه وافر متدفق، إنه في كل الأماكن، ليس عليكم سوى المشي لتحصلوه.
وقفة
[15] ﴿فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه﴾ إنما يحصل الرزق بالجد والعمل، لا بالأماني والكسل.
وقفة
[15] ما من دآبَّة إلا وتسعى طلبًا لرزقها بكل كدٍّ واجتهاد، حتى الحشرات، فالرزق منوط بالسعي، قال تعالى: ﴿فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه﴾، وقال سبحانه: ﴿فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله﴾ [الجمعة: 10]، قال عمر: «لا يقعدنَّ أحدكم في المسجد يقول: الله يرزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة».
وقفة
[15] ﴿إلا على الله رزقها﴾ [هود: 6]، ﴿فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه﴾ ما فائدة السعى وهو مضمون؟ الجواب: أنه تكفل برزقها على الوجه المعتاد والمشروع لمصالح العالم وعمارة الدنيا، وكما يخلق الولد على الوجه المعتاد من الوطىء وغيره، وإن كان قادرًا على إيجاده اختراعًا أوليًّا.
وقفة
[15] إن الله هو الذي قسم الأرزاق، وكتب لكل نفس رزقها وأجلها، ولكنه ما قال لنا اقعدوا حتى يأتي الرزق إليكم، بل قال: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾.
وقفة
[15] ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ فيه الأمر بالتسبب والكسب.
وقفة
[15] ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ في الآية تحذير من الركون إلى الدنيا، وحَث على إسراع السير فيها إلى دار الخلود وجنة النعيم، فسرعان ما سيطوي الله هذه الدار، ويحيي أهلها بعد موتهم من القبور، وإليه النشور.
وقفة
[15] قال ابن القيم: «نبَّه بقوله: ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ على أنا في هذا المسكن غير مستوطنين ولا مقيمين، بل دخلناه عابري سبيل، فلا يحسن أن نتخذه وطنا ومستقرًا، وإنما دخلناه لنتزود منه إلى دار القرار، فهو منزل عبور لا مستقر حبور، ومعبر وممر لا وطن و مستقر».

الإعراب :

  • ﴿ هُوَ الَّذِي:
  • ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي:اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبره.
  • ﴿ جَعَلَ لَكُمُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لكم: جار ومجرور متعلق بجعل أو بمفعولها الثاني. والميم علامة جمع الذكور بمعنى: صير.
  • ﴿ الْأَرْضَ ذَلُولًا:
  • مفعولا «جعل» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة. أي مذللة سهلة.
  • ﴿ َامْشُوا
  • الفاء: استئنافية. امشوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ فِي مَناكِبِها:
  • جار ومجرور متعلق بامشوا. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة أي في جوانبها.
  • ﴿ وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ:
  • معطوفة بالواو على «امشوا» وتعرب اعرابها. من رزقه:جار ومجرور متعلق بكلوا والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. أو «من» للتبعيض. وحذف مفعول «كلوا» لأن «من» التبعيضية تدل عليه
  • ﴿ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ:
  • الواو: استئنافية. اليه: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم.النشور: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة أي المرجع أي الاحياء بعد الموت.'

المتشابهات :

البقرة: 22﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً
غافر: 64﴿اللَّـهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ
طه: 53﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا
الزخرف: 10﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
الملك: 15﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     ولَمَّا ضرَبَ اللهُ لهم بخلْقِ أنفُسِهم دَليلًا على عِلمِه الدَّالِّ على وَحدانيَّتِه وقدرته؛ شَفَعَه بدَليلِ خلْقِ الأرضِ الَّتي همْ عليها، مع المِنَّةِ بأنَّه خَلَقَها هيِّنةً لهم، صالحةً للسَّيرِ فيها، مُخرِجةً لأرزاقِهم، قال تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن ..

التفسير :

[16] هل أمنتم -يا كفارَ «مكة»- اللهَ الذي فوق السماء أن يخسف بكم الأرض، فإذا هي تضطرب بكم حتى تهلكوا؟

هذا تهديد ووعيد، لمن استمر في طغيانه وتعديه، وعصيانه الموجب للنكال وحلول العقوبة، فقال:{ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وهو الله تعالى، العالي على خلقه.

{ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} بكم وتضطرب، حتى تتلفكم وتهلككم

ثم حذر- سبحانه- من بطشه وعقابه فقال: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ..

والخسف: انقلاب ظاهر السطح من بعض الأرض فيصير باطنا، والباطن ظاهرا..

والمور: شدة الاضطراب والتحرك. يقال: مار الشيء مورا، إذا ارتج واضطرب، والمراد بمن في السماء: الله- عز وجل- بدون تحيز أو تشبيه أو حلول في مكان.

قال الإمام الآلوسى: قوله: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ وهو الله- عز وجل- كما ذهب إليه غير واحد، فقيل على تأويل: من في السماء أمره وقضاؤه، يعنى أنه من التجوز في الإسناد، أو أن فيه مضافا مقدرا، وأصله: من في السماء أمره، فلما حذف وأقيم المضاف إليه مقامه ارتفع واستتر، وقيل على تقدير: خالق من في السماء..

وقيل في بمعنى على، ويراد العلو بالقهر والقدرة..

وأئمة السلف لم يذهبوا إلى غيره- تعالى- والآية عندهم من المتشابه وقد قال صلى الله عليه وسلم آمنوا بمتشابهه ولم يقل أولوه. فهم مؤمنون بأنه- عز وجل- في السماء: على المعنى الذي أراده- سبحانه- مع كمال التنزيه. وحديث الجارية- التي قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم أين الله؟ فأشارت إلى السماء- من أقوى الأدلة في هذا الباب. وتأويله بما أول به الخلف، خروج عن دائرة الإنصاف عند ذوى الألباب.. .

والمعنى: أأمنتم- أيها الناس- من في السماء وهو الله- عز وجل- أن يذهب الأرض بكم، فيجعل أعلاها أسفلها.. فإذا هي تمور بكم وتضطرب، وترتج ارتجاجا شديدا تزول معه حياتكم.

فالمقصود بالآية الكريمة تهديد الذين يخالفون أمره، بهذا العذاب الشديد، وتحذيرهم من نسيان بطشه وعقابه.

والباء في قوله بِكُمُ للمصاحبة. أى: يخسفها وأنتم مصاحبون لها بذواتكم، بعد أن كانت مذللة ومسخرة لمنفعتكم..

وهذا أيضا من لطفه ورحمته بخلقه أنه قادر على تعذيبهم ، بسبب كفر بعضهم به وعبادتهم معه غيره وهو مع هذا يحلم ويصفح ، ويؤجل ولا يعجل ، كما قال : ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ) [ فاطر : 45 ] .

وقال ها هنا : ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ) أي : تذهب وتجيء وتضطرب

وقوله: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولا )

يقول تعالى ذكره: الله الذي جعل لكم الأرض ذَلُولا سَهْلا سَهَّلها لكم (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ).

اختلف أهل العلم في معنى (مَنَاكِبِهَا ) فقال بعضهم: مناكبها: جبالها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (فِي مَنَاكِبِهَا ) يقول: جبالها.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن بشير بن كعب أنه قرأ هذه الآية (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) فقال لجارية له: إن دَريْت ما مناكبها، فأنت حرة لوجه الله ؛ قالت: فإن مناكبها: جبالها، فكأنما سُفِع في وجهه، ورغب في جاريته، فسأل، منهم من أمره، ومنهم من نهاه، فسأل أبا الدرداء، فقال: الخير في طمأنينة، والشرّ في ريبة، فَذرْ ما يريبك إلى ما لا يريبك.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي، عن قتادة، عن بشير بن كعب، بمثله سواء.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) : جبالها.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (فِي مَنَاكِبِهَا ) قال: في جبالها.

وقال آخرون: (مَنَاكِبِهَا ) : أطرافها ونواحيها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) يقول: امشوا في أطرافها.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن سعيد، عن قتادة، أن بشير بن كعب العدويّ، قرأ هذه الآية (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) فقال لجاريته: إن أخبرتني ما مناكبها، فأنت حرّة، فقالت: نواحيها ؛ فأراد أن يتزوّجها، فسأل أبا الدرداء، فقال: إن الخير في طمأنينة، وإن الشرّ في ريبة، فدع ما يَريبك إلى ما لا يريبك.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) قال: طرقها وفجاجها.

وأولى القولين عندي بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فامشوا في نواحيها وجوانبها، وذلك أن نواحيها نظير مناكب الإنسان التي هي من أطرافه.

وقوله: (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ) يقول: وكلوا من رزق الله الذي أخرجه لكم من مناكب الأرض، (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) يقول تعالى ذكره: وإلى الله نشركم من قبوركم.

القول في تأويل قوله تعالى : أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)

المعاني :

منْ في السّماء :       أمْرُه و قَـضاؤُه و سلطانه معاني القرآن
يَخسف بكم :       يُـغَوّر بكم معاني القرآن
هِي تمور :       تـَـرْتجّ و تضطرب فتعلو عليكم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[16] ﴿أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ من الذي أمَّنك؟ بقدر خشيتك من الله تشعر بالأمان.
وقفة
[16] ﴿أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ وقدم التهديد بالخسف على التهديد بالحاصب لأن الخسف من أحوال الأرض، والكلام على أحوالها أقرب هنا، فسُلك شبه طريق النشر المعكوس، ولأن إرسال الحاصب عليهم جزاء على كفرهم بنعمة الله التي منها رزقهم في الأرض المشار إليه بقوله: ﴿وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾؛ فإن منشأ الأرزاق الأرضية من غيوث السماء؛ قال تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ﴾ [الذاريات: 22].
وقفة
[16] ﴿أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾ تخويف وتهديد للذين يخالفون أمره بالعذاب الشديد: أأمنتم عذاب من في السماء إن عصيتموه في الأرض.
تفاعل
[16] ﴿أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ أَأَمِنْتُمْ:
  • الهمزة همزة استفهام. أمنتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ مَنْ فِي السَّماءِ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.في السماء: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة بمعنى: من ملكوته في السماء أو من تزعمون أنه كائن في السماء وهو متعال عن المكان.
  • ﴿ أَنْ يَخْسِفَ:
  • حرف مصدرية ونصب. يخسف: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يخسف» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر التقدير: من أن يخسف أي أن يعذبكم بخسف. أو يكون المصدر المؤول «أن يخسف» في محل نصب مفعول «أمن» وتكون «من» في محل جر بحرف جر مقدر. أي ممن في السماء.
  • ﴿ بِكُمُ الْأَرْضَ:
  • جار ومجرور متعلق بيخسف والميم علامة جمع الذكور.الأرض: مفعول به منصوب بالفتحة
  • ﴿ فَإِذا هِيَ تَمُورُ:
  • الفاء: استئنافية. اذا: حرف فجاءة- فجائية- لا عمل له ولا محل له من الاعراب. هي: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. تمور: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هي وجملة «تمور» أي تضطرب في محل رفع خبر «هي» والجملة الاسمية «هي تمور» استئنافية لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد تهديدِ الكافرينَ والنَّاسِ جميعًا بعلمِه بكلِّ شيءٍ؛ هَدَّدَهم هنا بأن يشق الأرض من تحتهم كما شقها من تحت قارون، قال تعالى:
﴿ أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أأمنتم:
قرئ:
1- بتحقيق الهمزة الأولى وتسهيل الثانية، وهى قراءة نافع، وأبى عمرو، والبزي.
2- بإدخال ألف بينهما، وهى قراءة أبى عمرو.
3- بإبدال الأولى واوا، لضمة ما قبلها، وهى قراءة أبى عمرو.
4- بتحقيقهما، وهى قراءة الكوفيين، وابن عامر.

مدارسة الآية : [17] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء ..

التفسير :

[17]هل أمنتم الله الذي فوق السماء أن يرسل عليكم ريحاً ترجمكم بالحجارة الصغيرة، فستعلمون -أيها الكافرون- كيف تحذيري لكم إذا عاينتم العذاب؟ ولا ينفعكم العلم حين ذلك.وفي الآية إثبات العلو لله تعالى، كما يليق بجلاله سبحانه.

*{ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} أي:عذابًا من السماء يحصبكم، وينتقم الله منكم{ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} أي:كيف يأتيكم ما أنذرتكم به الرسل والكتب، فلا تحسبوا أن أمنكم من الله أن يعاقبكم بعقاب من الأرض ومن السماء ينفعكم، فستجدون عاقبة أمركم، سواء طال عليكم الزمانأو قصر، فإن من قبلكم، كذبوا كما كذبتم، فأهلكهم الله تعالى، فانظروا كيف إنكار الله عليهم، عاجلهم بالعقوبة الدنيوية، قبل عقوبة الآخرة، فاحذروا أن يصيبكم ما أصابهم.

ثم انتقل- سبحانه- من تهديدهم بالخسف إلى تهديدهم بعذاب آخر فقال: أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ.

أى: بل أأمنتم- أيها الناس- من السماء، وهو الله- عز وجل- بسلطانه وقدرته..

أن يرسل عليكم حاصِباً أى: ريحا شديدة مصحوبة بالحصى والحجارة التي تهلك، فحينئذ ستعلمون عند معاينتكم للعذاب، كيف كان إنذارى لكم متحققا وواقعا وحقا..

فالاستفهام في الآيتين المقصود به التعجيب من أمنهم عذاب الله- تعالى- عند مخالفتهم لأمره، وخروجهم عن طاعته.

وقدم- سبحانه- التهديد بالخسف على التهديد بإرسال الحاصب، لأن الخسف من أحوال الأرض، التي سبق أن بين لهم أنه خلقها مذللة لهم، وفيها ما فيها من منافعهم، فهذه المنافع ليس عسيرا على الله- تعالى- أن يحولها إلى عذاب لهم..

أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ) أي : ريحا فيها حصباء تدمغكم ، كما قال : ( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا ) [ الإسراء : 68 ] . وهكذا توعدهم ها هنا بقوله : ( فستعلمون كيف نذير ) أي : كيف يكون إنذاري وعاقبة من تخلف عنه وكذب به .

يقول تعالى ذكره: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) أيها الكافرون (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ) يقول: فإذا الأرض تذهب بكم وتجيء وتضطرب

المعاني :

حاصبا :       ريحًا من السّماء فيها حَصباء معاني القرآن
كيف نذير :       كيف إنذاري و قدْرتي على العِقاب معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[17] قدَّم الوعيد بالخسف على التوعد بالحاصب؛ لأن الأرض أقرب إليهم من السماء، وقد عبدوا أصنامًا من أشجارها وأحجارها، فخوَّفهم الله بما هو أقرب إليهم.
وقفة
[17] ‏العاقل حقًا إذا شاهد قُدرة الله في تصريف هذه الريـاح وتقليبهـا شمالًا وجنوبًا، وليـلًا ونهـارًا، وما تحمـله من أمطـارٍ وأخطـار؛ أورثـه ذلك تعظيمًـا لله، وخوفًا من عذابـه، ولـم يأمن مكـر الله.
تفاعل
[17] ﴿أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً:
  • حرف عطف. وما بعده: معطوف على الآية الكريمة السابقة ويعرب اعرابها أي مطرا من الحصى.
  • ﴿ فَسَتَعْلَمُونَ:
  • الفاء استئنافية أو واقعة في جواب شرط مقدر. بمعنى: اذا رأيتم المنذر به فسوف تعلمون. تعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والسين حرف استقبال- تسويف- للقريب.
  • ﴿ كَيْفَ نَذِيرِ:
  • الجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به. كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل رفع خبر مقدم. نذير: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة وحذفت الياء خطا واختصارا لأنها رأس الآي وبقيت الكسرة دالة عليها والياء المحذوفة في محل جر بالاضافة بمعنى: انذاري والنذير بمعنى:الانذار والمنذر. أي فستعلمون كيف انذاري حين لا ينفعكم العلم.'

المتشابهات :

الإسراء: 68﴿أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا
الملك: 17﴿أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     وبعد تهديدِ الكافرينَ والنَّاسِ جميعًا بأن يخسف بهم الأرض؛ هَدَّدَهم هنا بأن يرسل عليهم حجارة من السماء مثل ما بعثها على قوم لوط، قال تعالى:
﴿ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ..

التفسير :

[18] ولقد كذَّب الذين كانوا قبل كفار «مكة» كقوم نوح وعاد وثمود رسلَهم، فكيف كان إنكاري عليهم، وتغييري ما بهم من نعمة بإنزال العذاب بهم وإهلاكهم؟

فإن من قبلكم، كذبوا كما كذبتم، فأهلكهم الله تعالى، فانظروا كيف إنكار الله عليهم، عاجلهم بالعقوبة الدنيوية، قبل عقوبة الآخرة، فاحذروا أن يصيبكم ما أصابهم.

ثم ذكرهم- سبحانه- بما جرى للكافرين السابقين فقال: وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ..

أى: وو الله لقد كذب الذين من قبل كفار مكة من الأمم السابقة، كقوم نوح وعاد وثمود.. فكان إنكارى عليهم، وعقابي لهم، شديدا ومبيرا ومدمرا لهم تدميرا تاما.

فالنكير بمعنى الإنكار، والاستفهام في قوله: فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ للتهويل.

أى: إن إنكارى عليهم كفرهم كان إنكارا عظيما، لأنه ترتب عليه، أن أخذتهم أخذ عزيز مقتدر.

كما قال- تعالى-: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ،وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .

ثم تنتقل السورة بعد هذا التهديد والإنذار، إلى دعوتهم إلى التأمل والتفكر، في مشهد الطير صافات في الجو.. وفي أحوال أنفسهم عند اليأس والفقر، وعند الهزيمة والإعراض عن الحق.. فيقول- سبحانه-:

ثم قال : ( ولقد كذب الذين من قبلهم ) أي : من الأمم السالفة والقرون الخالية ، ( فكيف كان نكير ) أي : فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم ؟ أي : عظيما شديدا أليما .

(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) وهو الله (أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ) وهو التراب فيه الحصباء الصغار (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ) يقول: فستعلمون أيها الكفرة كيف عاقبة نذيري لكم، إذ كذبتم به، ورددتموه على رسولي.

المعاني :

كان نكير :       إنكاري عليهم بالإهلاك معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[18] ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ الاستشهاد بسوء عاقبة السابقين أدعى لردع الغافلين، وأبلغ في تهديد المعاندين، مع ما فيه من تسلية المؤمنين.
وقفة
[18] ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ المراد بالنكير: الإنكار، والله هنا يستنطق المخاطبين، وكل من يقرأ القرآن أو يسمعه من المؤمنين وغير المؤمنين، وذلك باستفهام يحتاج منهم إلى إجابة وإقرار: هل عاقبناهم بما يستحقون؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ:
  • الواو: استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد وقيل لام القسم. قد: حرف تحقيق. كذب: فعل ماض مبني على الفتح. وحذف مفعوله اختصارا لأنه معلوم أي كذبوا رسلهم.
  • ﴿ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. من قبل: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ:
  • الفاء: استئنافية. كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان» المقدم. نكير: اسمها المؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة.وحذفت الياء خطا واختصارا لأنها رأس الآي وبقيت الكسرة دالة عليها والياء المحذوفة في محل جر بالاضافة. بمعنى انكاري. و «كان» فعل ماض ناقص مبني على الفتح.'

المتشابهات :

الحج: 44﴿وَأَصۡحَٰبُ مَدۡيَنَۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰۖ فَأَمۡلَيۡتُ لِلۡكَٰفِرِينَ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
سبإ: 45﴿وَكَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا بَلَغُواْ مِعۡشَارَ مَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ فَكَذَّبُواْ رُسُلِيۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
فاطر: 26﴿ثُمَّ أَخَذۡتُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
الملك: 18﴿وَلَقَدۡ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد تهديدِهم بالخَسْفِ وإرسالِ الحاصِبِ؛ هَدَّدَهم هنا بما حدث للأممِ السابقةِ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ ..

التفسير :

[19] أغَفَل هؤلاء الكافرون، ولم ينظروا إلى الطير فوقهم، باسطات أجنحتها عند طيرانها في الهواء، ويضممنها إلى جُنوبها أحياناً؟ ما يحفظها من الوقوع عند ذلك إلا الرحمن. إنه بكل شيء بصير، لا يُرى في خلقه نقص ولا تفاوت.

وهذا عتاب وحث على النظر إلى حالة الطير التي سخرها الله، وسخر لها الجو والهواء، تصف فيه أجنحتها للطيران، وتقبضها للوقوع، فتظل سابحة في الجو، مترددة فيه بحسب إرادتها وحاجتها.

{ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ} فإنه الذي سخر لهن الجو، وجعل أجسادهن وخلقتهنفي حالة مستعدة للطيران، فمن نظر في حالة الطير واعتبر فيها، دلته على قدرة الباري، وعنايته الربانية، وأنه الواحد الأحد، الذي لا تنبغي العبادة إلا له،{ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ} فهو المدبر لعباده بما يليق بهم، وتقتضيه حكمته.

قال بعض العلماء: قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ.. عطف على جملة هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا.. استرسالا في الدلائل على انفراد الله- تعالى- بالتصرف في الموجودات، وقد انتقل من دلالة أحوال البشر وعالمهم، إلى دلالة أعجب أحوال العجماوات، وهي أحوال الطير في نظام حركاتها في حال طيرانها، إذ لا تمشى على الأرض كما هو في حركات غيرها على الأرض، فحالها أقوى دلالة على عجيب صنع الله المنفرد به.. «2» .

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَوْا.. للتعجيب من حال المشركين، لعدم تفكرهم فيما يدعو إلى التفكر والاعتبار..

والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام، والطير: جمع طائر كصحب وصاحب..

والمعنى: أغفل هؤلاء المشركون، وانطمست أعينهم عن رؤية الطير فوقهم، وهن صافَّاتٍ أى: باسطات أجنحتهن في الهواء عند الطيران في الجو، وَيَقْبِضْنَ أى:

ويضممن أجنحتهن تارة على سبيل الاستظهار بها على شدة التحرك في الهواء..

ما يُمْسِكُهُنَّ في حالتي البسط والقبض إِلَّا الرَّحْمنُ الذي وسعت رحمته وقدرته كل شيء، والذي أحسن كل شيء خلقه..

إِنَّهُ- سبحانه- بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ أى: إنه- سبحانه- مطلع على أحوال كل شيء، ومدبر لأمره على أحسن الوجوه وأحكمها..

قال صاحب الكشاف: صافَّاتٍ باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها، لأنهن إذا بسطنها صففن قوادمها صفا وَيَقْبِضْنَ أى: ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن.

فإن قلت: لم قيل وَيَقْبِضْنَ ولم يقل: وقابضات؟

قلت: لأن الأصل في الطيران هو صف الأجنحة، لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء، والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها. وأما القبض فطارئ على البسط.

للاستظهار به على التحرك، فجيء بما هو طارئ غير أصل بلفظ الفعل، على معنى أنهن صافات، ويكون منهن القبض تارة كما يكون من السابح.. .

والمراد بإمساكهن: عدم سقوطهن إلى الأرض بقدرته وحكمته- تعالى- حيث أودع فيها من الخصائص ما جعلها تطير في الجو، كالسابح في الماء.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ.. .

ثم قال تعالى : ( أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ) أي : تارة يصففن أجنحتهن في الهواء ، وتارة تجمع جناحا وتنشر جناحا ) ما يمسكهن ) أي : في الجو ) إلا الرحمن ) أي : بما سخر لهن من الهواء ، من رحمته ولطفه ، ( إنه بكل شيء بصير ) أي : بما يصلح كل شيء من مخلوقاته . وهذه كقوله : ( ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) [ النحل : 79 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)

المعاني :

صافّات و يَقبضْن :       باسطاتٍ أجنحتهنّ في الجوّ عند الطيران و يَضْمُمْـنـَـها إذا ضربنَ بها جُنوبهنّ معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[19] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ﴾ لم قال: (وَيَقْبِضْنَ)، ولم يقل: (وقابضات)؟ قال الزمخشري: «لأن الأصل في الطيران هو صف الأجنحة؛ لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء، والأصل في السباحة مدّ الأطراف وبسطها، وأما القبض فطارئ».
وقفة
[19] يلفت الله نظرك إلى دقائق ربما أغفلك عن تدقيق النظر فيها اعتياد مشاهدتها، يقول الطاهر بن عاشور: «فإن المرء التونسي أو المغربي مثلًا إذا سافر إلى بلاد الهند أو إلى بلاد السودان، فرأى الفيلة وهو مكتمل العقل دقيق التمييز، أدرك من دقائق خلقة الفيل ما لا يدركه الرجل من أهل الهند الناشئ بين الفيلة، وكم غفل الناس عن دقائق في المخلوقات من الحيوان والجماد ما لو تتبعوه لتجلى لهم منها ما يملأ وصفه الصحف».
عمل
[19] تعرف على قدرة الله بالتأمل في الطيور وعدم سقوطها، ثم قل: «سبحان من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى».
وقفة
[19] نظم بديع لكون لا يعرف سره سواه جل شأنه.
وقفة
[19] ورد اسم الله الرحمن فى هذا الموضع، فمن غير رحمته سبحانه كيف نحيا ويسير نظام الكون وفقًا لما يريده.
عمل
[19] ﴿الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾ تفَكَّر وتأمَّلْ في الطيورِ وعدمِ سقوطِها.

الإعراب :

  • ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا:
  • الهمزة همزة تقرير بلفظ استفهام. الواو: زائدة أو استئنافية.لم: حرف نفي وجزم وقلب. يروا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وقد عدي الفعل بإلى على معنى: ألم ينظروا.
  • ﴿ إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بيروا: فوق: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بحال محذوفة من الطير وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. أي كائنات أو طائرات فوقهم.
  • ﴿ صافَّاتٍ:
  • حال من الطير منصوبة وعلامة نصبها الكسرة بدلا من الفتحة لأنها جمع مؤنث سالم والكلمة اسم فاعل حذف مفعولها اختصارا لأنه معلوم. أي باسطات أجنحتهن في الجو.
  • ﴿ وَيَقْبِضْنَ:
  • الواو عاطفة. يقبضن فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون الاناث والنون ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. وجملة «يقبضن» في محل نصب لأنها معطوفة على «صافات» بمعنى وقابضات.بمعنى ويضممن أجنحتهن اذا ضربن بها جنوبهن ولم يقل «قابضات» لأن الأصل في الطيران كما يقول الزمخشري هو صف الأجنحة لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء. والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها. أما القبض فطارئ على البسط للاستظهار به على التحرك فجيء بما هو طارئ غير أصل بلفظ الفعل على معنى أنهن صافات. ويكون منهن القبض تارة بعد تارة كما يكون من السابح. وهو من عطف الفعل على الاسم لشبهه بالفعل.
  • ﴿ ما يُمْسِكُهُنَّ:
  • نافية لا عمل لها. يمسك: فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هن» ضمير متصل- ضمير الاناث- مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. أي ما يمسكهن في الجو.
  • ﴿ إِلَّا الرَّحْمنُ
  • أداة حصر لا عمل لها. الرحمن: فاعل مرفوع بالضمة. أي بقدرته.
  • ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ:
  • تعرب اعراب «إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» الواردة في الآية الكريمة الثالثة عشرة.'

المتشابهات :

النحل: 79﴿ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّـهُ
الملك: 19﴿ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَـٰنُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد تهديدِهم بكل ما سبق؛ نبَّهَهم على الاعتبارِ بالطَّيرِ وما أُحكِمَ مِن خَلْقِها، وعلى عَجْزِ آلهتِهم عن شَيءٍ مِن ذلك، وناسَبَ ذلك الاعتبارُ بالطَّيرِ؛ إذ قدْ تَقدَّمَه ذِكرُ الحاصِبِ، وقد أهلَكَ اللهُ أصحابَ الفيلِ بالطَّيرِ والحاصِبِ الَّذي رمَتْهم به، ففيهِ إذكارُ قُرَيشٍ بهذه القصَّةِ، وأنَّه تعالَى لو شاءَ لَأهْلَكَهم بحاصِبٍ تَرْمي به الطَّيرُ، كما فَعَلَ بأصحابِ الفيلِ، قال تعالى:
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ ..

التفسير :

[20]بل مَن هذا الذي هو في زعمكم -أيها الكافرون- حِزْب لكم ينصركم من غير الرحمن، إن أراد بكم سوءاً؟ ما الكافرون في زعمهم هذا إلا في خداع وضلال من الشيطان.

يقول تعالى للعتاة النافرين عن أمره، المعرضين عن الحق:{ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ} أي:ينصركم إذا أراد بكم الرحمن سوءًا، فيدفعه عنكم؟ أي:من الذي ينصركم على أعدائكم غير الرحمن؟ فإنه تعالى هو الناصر المعز المذل، وغيره من الخلق، لو اجتمعوا على نصر عبد، لم ينفعوه مثقال ذرة، على أي عدو كان، فاستمرار الكافرين على كفرهم، بعد أن علموا أنه لا ينصرهم أحد من دون الرحمن، غرور وسفه.

ثم لفت أنظارهم للمرة الثانية إلى قوة بأسه، ونفاذ إرادته، وعدم وجود من يأخذ بيدهم إذا ما أنزل بهم عقابه فقال: أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ.

والاستفهام للتحدى والتعجيز، وأم منقطعة بمعنى بل، فهي للإضراب الانتقالى من غرض إلى آخر، ومن حجة إلى أخرى.

ومن اسم استفهام مبتدأ، وخبره اسم الإشارة، وما بعده صفته.

والمراد بالجند: الجنود الذين يهرعون لنصرة من يحتاج إلى نصرتهم. ولفظ دُونِ أصله ظرف للمكان الأسفل.. ويطلق على الشيء المغاير، فيكون بمعنى غير كما هنا، والمقصود بالآية تحقير شأن هؤلاء الجند، والتهوين من شأنهم.

والمعنى: بل أخبرونى- أيها المشركون- بعد أن ثبتت غفلتكم وعدم تفكيركم تفكيرا ينفعكم، من هذا الحقير الذي تستعينون به في نصركم ودفع الضر عنكم، متجاوزين في ذلك إرادة الرحمن ومشيئته ونصره. أو من هذا الذي ينصركم نصرا كائنا غير نصر الرحمن، أو من ينصركم من عذاب كائن من عنده- تعالى-.

والجواب الذي لا تستطيعون جوابا سواه: هو أنه لا ناصر لكم يستطيع أن ينصركم من دون الله- تعالى-، كما قال- سبحانه- وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ، وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ..

وكما قال- عز وجل-: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ.

وقوله- سبحانه-: إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ كلام معترض بين ما قبله وما بعده، لبيان حالهم القبيح وواقعهم المنكر.

والغرور: صفة في النفس تجعلها تعرض عن الحق جحودا وعنادا وجهلا. أى ليس الكافرون إلا في غرور عظيم، وفي جهل تام، عن تدبر الحق، لأنهم زين لهم الشيطان سوء أعمالهم، فرأوها حسنة.

يقول تعالى للمشركين الذين عبدوا غيره ، يبتغون عندهم نصرا ورزقا ، منكرا عليهم فيما اعتقدوه ، ومخبرا لهم أنه لا يحصل لهم ما أملوه ، فقال : ( أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن ) أي : ليس لكم من دونه من ولي ولا واق ، ولا ناصر لكم غيره ; ولهذا قال : ( إن الكافرون إلا في غرور )

يقول تعالى ذكره: ولقد كذّب الذين من قبل هؤلاء المشركين من قريش من الأمم الخالية رسلهم.(فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ) يقول: فكيف كان نكيري تكذيبهم إياهم (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ ) يقول: أولم ير هؤلاء المشركون إلى الطير فوقهم صافات أجنحتهنّ(وَيَقْبِضْنَ ) يقول: ويقبضن أجنحتهنّ أحيانا. وإنما عُنِي بذلك أنها تصُفُّ أجنحتها أحيانا، وتقبض أحيانا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، مقال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (صَافَّاتٍ ) قال: الطير يصفّ جناحه كما رأيت، ثم يقبضه.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ) بسطهنّ أجنحتهنّ وقبضهنّ.

وقوله: (مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ ) يقول: ما يمسك الطير الصافات فوقكم إلا الرحمن. يقول: فلهم بذلك مذكر إن ذكروا، ومعتبر إن اعتبروا، يعلمون به أن ربهم واحد لا شريك له (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ) يقول: إن الله بكل شيء ذو بصر وخبرة، لا يدخل تدبيره خلل، ولا يرى في خلقه تفاوت.

المعاني :

أمّن هذا ؟ ؟ :       بَلْ مَنْ هذا ؟ ؟ معاني القرآن
جُندٌ لكم :       أعْوان لكم و مَنـَـعَة معاني القرآن
غرور :       خديعة من الشيطان و جنده معاني القرآن

التدبر :

تفاعل
[20] ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[20] ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ﴾ افتقارنا إلى نصرة الله علامة إيمان، واستغناؤنا عن ربنا في طلب النصر هو قمة الغرور.
وقفة
[20] من ظن أن له ناصرًا من دون الله؛ وكله الله إلى ظنه، حتى إذا جد الجد أدرك أن لا ناصر له إلا الله، فندم وتحسر.

الإعراب :

  • ﴿ أَمَّنْ: أصلها
  • أم المنقطعة للاضراب بمعنى «بل» وهي حرف عطف و «من» اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. و «من» مع خبرها «جملة اسمية واقعة في جواب شرط محذوف التقدير: ان ارسل الله عليكم عذابه فمن ينصركم من جندكم من دون الله؟
  • ﴿ هذَا الَّذِي:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع خبر «من». الذي:اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة- نعت- لاسم الاشارة أو بدل منه. والجملة الاسمية بعده: صلته لا محل لها.
  • ﴿ هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ:
  • ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.جند: خبر «هو» مرفوع بالضمة. لكم: جار ومجرور متعلق بنعت أي بصفة محذوفة من جند والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ يَنْصُرُكُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع صفة أخرى لجند أو حال منها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.الكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ:
  • جار ومجرور متعلق بينصركم. الرحمن: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ إِنِ الْكافِرُونَ:
  • حرف نفي لا عمل له وهي هنا ليست المخففة مهملة من- أنّ- لأنها لم يقترن خبرها باللام وهي بمعنى «ما» النافية. الكافرون: مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. أي ما الكافرون في عبادتهم الأوثان.
  • ﴿ إِلَّا فِي غُرُورٍ:
  • أداة حصر لا عمل لها. في غرور: جار ومجرور- شبه جملة- في محل رفع خبر المبتدأ وكسر آخر- ان- لالتقاء الساكنين. أو متعلق بخبر محذوف للمبتدأ.'

المتشابهات :

الملك: 20﴿ أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَـٰنِ
الملك: 21﴿ أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا كان الكُفَّارُ يمتَنِعونَ عن الإيمانِ ويُنكِرونَ التَّوحيدَ مع وُضوحِ الأدِلَّةِ، صاروا كأنَّهم يمتَنِعونَ مِن عذابِ اللهِ بجُندٍ، وأشبَهَت حالُهم مَن يملِكُ دَفْعَ العذابِ إن أتاه؛ فقال اللهُ تعالى مُنكِرًا عليهم أن يكونَ لهم امتناعٌ مِن عَذابِه:
﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أمن:
1- بإدغام ميم «أم» فى ميم «من» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيف الميم الأولى ونقلها إلى الثانية، وهى قراءة طلحة.

مدارسة الآية : [21] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ ..

التفسير :

[21]بل مَن هذا الرازق المزعوم الذي يرزقكم إن أمسك الله رزقه ومنعه عنكم؟ بل استمر الكافرون في طغيانهم وضلالهم في معاندة واستكبار ونفور عن الحق، لا يسمعون له، ولا يتبعونه.

{ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} أي:الرزق كله من الله، فلو أمسك عنكم رزقه، فمن الذي يرسله لكم؟ فإن الخلق لا يقدرون على رزق أنفسهم، فكيف بغيرهم؟ فالرزاق المنعم، الذي لا يصيب العباد نعمة إلا منه، هو الذي يستحق أن يفرد بالعبادة، ولكن الكافرون{ لَجُّوا} أي:استمروا{ فِي عُتُوٍّ} أي:قسوة وعدم لين للحق{ وَنُفُورٍ} أي:شرود عن الحق.

ثم انتقل- سبحانه- إلى إلزامهم بنوع آخر من الحجج فقال: أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ..

أى: بل أخبرونى من هذا الذي يزعم أنه يستطيع أن يوصل إليكم الرزق والخير، إذا أمسك الله- تعالى- عنكم ذلك، أو منع عنكم الأسباب التي تؤدى إلى نفعكم وإلى قوام حياتكم، كمنع نزول المطر إليكم، وكإهلاك الزروع والثمار التي تنبتها الأرض..

إنه لا أحد يستطيع أن يرزقكم سوى الله- تعالى-.

وقوله: بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ جملة مستأنفة جواب لسؤال تقديره: فهل انتفع المشركون بتلك المواعظ فكان الجواب كلا إنهم لم ينتفعوا، بل لَجُّوا أى تمادوا في اللجاج والجدال بالباطل وفِي عُتُوٍّ أى: وفي استكبار وطغيان، وفي نُفُورٍ أى: شرود وتباعد عن الطريق المستقيم.

أى: أنهم ساروا في طريق أهوائهم حتى النهاية، دون أن يستمعوا إلى صوت نذير أو واعظ أو مرشد.

ثم قال : ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) ؟ ! أي : من هذا الذي إذا قطع الله رزقه عنكم يرزقكم بعده ؟ ! أي : لا أحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق ، وينصر إلا الله ، عز وجل ، وحده لا شريك له ، أي : وهم يعلمون ذلك ، ومع هذا يعبدون غيره ; ولهذا قال : ( بل لجوا ) أي : استمروا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم ) في عتو ونفور ) أي : معاندة ، واستكبارا ، ونفورا على أدبارهم عن الحق ، أي لا يسمعون له ولا يتبعونه .

القول في تأويل قوله تعالى : أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلا فِي غُرُورٍ (20)

يقول تعالى ذكره: للمشركين به من قريش: من هذا الذي هو جند لكم أيها الكافرون به، ينصركم من دون الرحمن إن أراد بكم سوءا، فيدفع عنكم ما أراد بكم من ذلك (إِنِ الْكَافِرُونَ إِلا فِي غُرُورٍ ) يقول تعالى ذكره: ما الكافرون بالله إلا في غرور من ظنهم أن آلهتهم تقرّبهم إلى الله زلفى، وأنها تنفع أو تضر.

القول في تأويل قوله تعالى : أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ (21)

يقول تعالى ذكره: أم من هذا الذي يطعمكم ويسقيكم، ويأتي بأقواتكم إن أمسك بكم رزقه الذي يرزقه عنكم.

وقوله: (بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ) يقول: بل تمادوا في طغيان ونفور عن الحقّ واستكبار.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ) يقول: في ضلال.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ) قال: كفور.

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ (22)

المعاني :

لجّوا في عُـتوّ :       تمادَوْا في استكبار و عناد معاني القرآن
نفور :       شِرَادٍ و تباعد عن الحقّ معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[21] ﴿أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ﴾ كيف تلتمسون الرزق ممن لا يملك أن يرزق نفسه؟!
وقفة
[21] ﴿أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ﴾ رزقُك بيدِ خالقِك، وما النَّاسُ إﻻ وسائطَ، فعلِّق نفسَكَ بالرَّزاقِ ﻻ بالوسائطِ.
تفاعل
[21] ﴿أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[21] ﴿أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه﴾ كفى بهذه الآية دعوة لقطع العلائق بالخلائق، فمن يملك الرزق إن قطع الله الرزق؟!
وقفة
[21] ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾ تدبرها وأنت خارج لطلب الرزق! والله لا أحد، والله لا أحد.
وقفة
[21] رزقك بيد خالقك، ﻻ رازق لك سواه، وما الناس إﻻ وسائط، فإن أعطوك أو منعوك فمن الله، فعلق نفسك بالرازق ﻻ بالوسائط ﴿أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾.
وقفة
[21] لماذا يشمخ الإنسان بأنفه وهو لولا إعزاز الله ذليل؟ ولولا ستره مفضوح؟ وإذا كان لدى البعض فضل ذكاء أو ثراء فمن أين جاءه؟! ﴿إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء﴾ [آل عمران: 73]، ولو قطع الوهاب إمداده لانتقل العبقري إلى مستشفى المجانين، ولمد القَوَارِين -جمع قارون- أيديهم متسولين: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ﴾.
وقفة
[21] ﴿أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ۚ بَل لَّجُّوا﴾ لجوا: اشتدوا في الخصومة، اليقين بالرزق يورث الطمأنية وقلة الوساوس.
وقفة
[21] ﴿أَمَّنْ هَـٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ۚ بَل لَّجُّوا﴾ مادة العتو ترجع إلى تجاوز الحد في الشيء، والاستمرار فيه مع الثبات عليه ، والعرب تسمي كل سفيه: متمردًا، وكل متمادٍ في الباطل: عاتيًا.

الإعراب :

  • ﴿ أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ:
  • أعربت في الاية الكريمة السابقة. وجملة «يرزقكم» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ:
  • حرف شرط جازم. أمسك: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. رزقه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة وحذف جواب الشرط لتقدم معناه.
  • ﴿ بَلْ لَجُّوا:
  • حرف اضراب للاستئناف لا عمل له. لجوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أصله: لججوا ثم أدغم فحصل التشديد أي تمادوا.
  • ﴿ فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ:
  • جار ومجرور متعلق بلجوا: ونفور: معطوفة بالواو على «عتو» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. أي استكبار وتجاوز حد وتباعد'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا قدَّم أعظَمَ الرَّحمةِ بالحِياطةِ والنُّصرةِ المُوجِبةِ للبقاءِ؛ أتْبَعَه ما يَتِمُّ به البقاءُ، قال تعالى:
﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أمن:
1- بإدغام ميم «أم» فى ميم «من» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيف الميم الأولى ونقلها إلى الثانية، وهى قراءة طلحة.

مدارسة الآية : [22] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ ..

التفسير :

[22] أفمَن يمشي منكَّساً على وجهه لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب، أشد استقامة على الطريق وأهدى، أم مَن يمشي مستوياً منتصب القامة سالماً على طريق واضح لا اعوجاج فيه؟ وهذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن.

أي:أي الرجلين أهدى؟ من كان تائها في الضلال، غارقًا في الكفر قد انتكس قلبه، فصار الحق عنده باطلًا، والباطل حقًا؟ ومن كان عالمًا بالحق، مؤثرًا له، عاملًا به، يمشي على الصراط المستقيم في أقواله وأعماله وجميع أحواله؟ فبمجرد النظر إلى حال هذين الرجلين، يعلم الفرق بينهما، والمهتدي من الضال منهما، والأحوال أكبر شاهد من الأقوال.

ثم ضرب- سبحانه- مثلا لأهل الإيمان وأهل الكفر، وأهل الحق وأهل الباطل، فقال - سبحانه-: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى، أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.

والمكب: هو الإنسان الساقط على وجهه، يقال: كبّ فلان فلانا وأكبه، إذا صرعه وقلبه بأن جعل وجهه على الأرض.. فهو اسم فاعل من أكب.

وقوله: أَهْدى مشتق من الهدى، وهو معرفة طريق الحق والسير فيها، والمفاضلة هنا ليست مقصودة، لأن الذي يمشى مكبا على وجهه، لا شيء عنده من الهداية أو الرشد إطلاقا حتى يفاضل مع غيره، وفيه لون من التهكم بهذا المكب على وجهه.

و «السوى» هو الإنسان الشديد الاستواء والاستقامة، فهو فعيل بمعنى فاعل.

ومنه قوله- تعالى- حكاية عما قاله إبراهيم- عليه السلام- لأبيه: يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا أى: مستويا.

قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى ... :

هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر، فالكافر مثله فيما هو فيه، كمثل من يمشى مكبا على وجهه، أى: يمشى منحنيا لا مستويا على وجهه، أى: لا يدرى أين يسلك، ولا كيف يذهب، بل هو تائه حائر ضال، أهذا أهدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا أى: منتصب القامة عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أى على طريق واضح بين، وهو في نفسه مستقيم وطريقه مستقيمة.

هذا مثلهم في الدنيا، وكذلك يكونون في الآخرة، فالمؤمن يحشر يمشى سويا على صراط مستقيم.. وأما الكافر فإنه يحشر يمشى على وجهه إلى النار..

وروى الإمام أحمد عن أنس قال: قيل يا رسول الله، كيف يحشر الناس على وجوههم؟

فقال: «أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادرا على أن يمشيهم على وجوههم» ؟.

وقال الجمل: هذا مثل للمؤمن والكافر، حيث شبه- سبحانه- المؤمن في تمسكه بالدين الحق، ومشيه على منهاجه، بمن يمشى في الطريق المعتدل، الذي ليس فيه ما يتعثر به..

وشبه الكافر في ركوبه ومشيه على الدين الباطل، بمن يمشى في الطريق الذي فيه حفر وارتفاع وانخفاض، فيتعثر ويسقط على وجهه، وكلما تخلص من عثرة وقع في أخرى.

فالمذكور في الآية هو المشبه به، والمشبه محذوف، لدلالة السياق عليه.. .

وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة قد لفتت أنظار الناس إلى التفكر والاعتبار، ووبخت المشركين على جهالاتهم وطغيانهم، وساقت مثالا واضحا للمؤمن والكافر، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم في بعض آيات أن يذكر الكافرين بنعم الله- تعالى- عليهم، وأن يرد على شبهاتهم وأكاذيبهم بما يدحضها، وأن يكل أمره وأمرهم إليه وحده- تعالى- فقال:

ثم قال : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) ؟ : وهذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكبا على وجهه ، أي : يمشي منحنيا لا مستويا على وجهه ، أي : لا يدري أين يسلك ، ولا كيف يذهب ؟ بل تائه حائر ضال ، أهذا أهدى ( أمن يمشي سويا ) أي : منتصب القامة ) على صراط مستقيم ) أي : على طريق واضح بين ، وهو في نفسه مستقيم ، وطريقه مستقيمة . هذا مثلهم في الدنيا ، وكذلك يكونون في الآخرة . فالمؤمن يحشر يمشي سويا على صراط مستقيم ، مفضى به إلى الجنة الفيحاء ، وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم ، ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون )

قال الإمام أحمد رحمه الله : حدثنا ابن نمير ، حدثنا إسماعيل ، عن نفيع ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قيل : يا رسول الله ، كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ فقال : " أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادرا على أن يمشيهم على وجوههم " .

وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طريق يونس بن محمد ، عن شيبان ، عن قتادة عن أنس به نحوه .

يقول تعالى ذكره: (أَفَمَنْ يَمْشِي ) أيها الناس (مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ ) لا يبصر ما بين يديه، وما عن يمينه وشماله (أَهْدَى ) : أشدّ استقامة على الطريق، وأهدى له، (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا ) مشي بني آدم على قدميه (عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) يقول: على طريق لا اعوجاج فيه؛ وقيل (مُكِبًّا ) لأنه فعل غير واقع، وإذا لم يكن واقعا أدخلوا فيه الألف، فقالوا: أكبّ فلان على وجهه، فهو مكبّ ؛ ومنه قول الأعشى:

مُكِبـا عـلى رَوْقَيْـه يَحْـفِرُ عِرْقَهـا

عَـلَى ظَهْـر عُرْيـان الطَّرِيقـةِ أهْيَما (1)

فقال: مكبا، لأنه فعل غير واقع، فإذا كان واقعا حُذفت منه الألف، فقيل: كببت فلانا على وجهه وكبه الله على وجهه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) يقول: من يمشي في الضلالة أهدى، أم من يمشي مهتديا؟.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ ) قال: في الضلالة (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) قال: حقّ مستقيم.

حدثنا عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ ) يعني الكافر أهدى (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا ) المؤمن؟ ضرب الله مثلا لهما.

وقال آخرون: بل عنى بذلك أن الكافر يحشره الله يوم القيامة على وجهه، فقال: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ ) يوم القيامة (أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا ) يومئذ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى ) " هو الكافر أكبّ على معاصي الله في الدنيا، حشره الله يوم القيامة على وجهه "، فقيل: يا نبيّ الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: " إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يحشره يوم القيامة على وجهه "

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ ) قال: هو الكافر يعمل بمعصية الله، فيحشره الله يوم القيامة على وجهه. قال معمر: قيل للنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: كيف يمشون على وجوههم؟ قال: " إنَّ الَّذِي أمْشاهُم على أقْدَامِهمْ قادِرٌ عَلى أنْ يُمْشيَهُمْ عَلى وُجُوهِهِمْ"

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) قال المؤمن عمل بطاعة الله، فيحشره الله على طاعته.

------------------------

الهوامش:

(1) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (ديوانه 295) من قصيدة يمدح بها إياس بن قبيصة الطائي، والبيت في وصف ثور شبه به ناقة. ومكبا: مطأطئا رأسه يحفر الأرطاة (في البيت قبله) ليتخذ فيها كناسا يأوى إليه. وروقية: قرنيه. وعلى ظهر عريان الطريقة: على ظاهر الطريق. وأهيم منهار لا يتماسك، وهو من صفة (عريان الطريقة). يقول: أكب الثور على أصل الشجرة بقرينه يحفر فيها بيتا يؤويه، في هذا الموضع المكشوف، الذي تنهال رماله غير متماسكة. وقد أورد المؤلف البيت شاهدا على قول الله تعالى : ( أفمن يمشي مكبا على وجهه ) أي مطرقا إلى الأرض. وقال الفراء في معاني القرآن. (الورقة 338) وقوله: ( أفمن يمشي مكبا على وجهه ) تقول: قد أكب الرجل إذا كان فعل غير واقع على أحد (غير متعد) فإذا وقع الفعل (تعدى) أسقطت الألف، فتقول: قد كبه الله لوجهه، وكببته أنا لوجهه . ا هـ

المعاني :

مُكِـبّا على وجهه :       سَاقطا عليه لا يَـأمن العثور معاني القرآن
يَمْشي سَويّا :       مُسْـتـَويًا مُنتصِبا سالمًا من العثور (مَثلٌ للمشرك و الموحّد) معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[22] ضرب الله مثلًا للمؤمن والكافر: ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا﴾ أي: منكسًا رأسه؛ لا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله؛ فهو لا يأمن من العثور والانكباب على وجهه، كمن ﴿يَمْشِي سَوِيًّا﴾ معتدلًا ناظرًا ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله.
وقفة
[22] ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ﴾ ليس كل ذي عينين مبصر أكب على وجهه وعينيه؛ ﻷن قلبه أعمى.
وقفة
[22] ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ﴾ ﻷنه سلك طريقًا موحشًا فالتبس عليه فأكب على وجهه يتتبع اﻵثار، ولو سلك الطريق المستقيم لأنس بكثرة السالكين.
وقفة
[22] ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ﴾ الكفر بالله ظلمة وحيرة، والإيمان به نور وهداية.
وقفة
[22] ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ﴾ شبه الكافر في ركوبه ومشيه على الدين الباطل بمن يمشي في الطريق الذي فيه حفر وارتفاع وانخفاض، فيتعثر ويسقط على وجهه، كلما تخلص من عثرة وقع في أخرى.
وقفة
[22] كل الناس يمشون، ولكن: ﴿أَفَمَن يَمشي مُكِبًّا عَلى وَجهِهِ أَهدى أَمَّن يَمشي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ﴾، ولك الخيار.
وقفة
[22] ﴿أَفَمَن يَمشي مُكِبًّا عَلى وَجهِهِ أَهدى أَمَّن يَمشي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُستَقيمٍ﴾ من أي الفريقين أنت؟ وأي السبيلين اخترت؟
وقفة
[22] للمتمسك بالحق الداعي إليه عزة وإباء ورفعة، ﻻ يبلغها أحد قد آثر غير الحق على الحق.
وقفة
[22] لا يستوي طريق الحق وطريق الباطل.
وقفة
[22] الوحي مع العقل كالنور مع البصر، إذا زاد العلم بالوحي مشى، وإذا نقص ضل وعثر.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي:
  • الهمزة همزة استفهام. الفاء زائدة- تزيينية- من: اسم موصول بمعنى «الذي» مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يمشي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يمشي» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ:
  • حال منصوبة بالفتحة. على وجهه: جار ومجرور متعلق بمكبا والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. أي يمشي في مكان غير مستو فيعثر فيخر ساقطا على وجهه.
  • ﴿ أَهْدى:
  • خبر «من» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. أي أهدى الى غايته.
  • ﴿ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ:
  • معطوفة بأم على ما قبلها وتعرب اعرابها وحذف خبر «من» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه. أي أمن يمشي سويا أهدى؟ و «مستقيم» صفة- نعت- لصراط مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة والقول الكريم مثل للمؤمن والكافر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا وصَفَهم اللهُ بالعُتُوِّ والنُّفورِ؛ نبَّه على ما يدُلُّ على قُبحِ هذَينِ الوَصفَينِ، قال تعالى:
﴿ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ ..

التفسير :

[23] قل لهم -أيها الرسول-:الله هو الذي أوجدكم من العدم، وجعل لكم السمع لتسمعوا به، والأبصار لتبصروا بها، والقلوب لتعقلوا بها، قليلاً -أيها الكافرون- ما تؤدون شكر هذه النعم لربكم الذي أنعم بها عليكم.

يقول تعالى - مبينًا أنه المعبود وحده، وداعيًا عباده إلى شكره، وإفراده بالعبادة-:{ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ} أي:أوجدكم من العدم، من غير معاون له ولا مظاهر، ولما أنشأكم، كمل لكم الوجود بالسمع والأبصار والأفئدة، التي هي أنفع أعضاء البدنوأكمل القوى الجسمانية، ولكنهمع هذا الإنعام{ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} الله، قليل منكم الشاكر، وقليل منكم الشكر.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المشركين- على سبيل تبصيرهم بالحجج والدلائل الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا، وعلى سبيل التنويع في الإرشاد والتوجيه.. قل لهم:

الرحمن- عز وجل- هو الذي أنشأكم وأوجدكم في كل طور من أطوار حياتكم، وهو سبحانه- الذي أوجد لكم السمع الذي تسمعون به، والأبصار التي تبصرون بها الكائنات، والأفئدة أى والقلوب التي تدركونها بها..

ولكنكم- مع كل هذه النعم- قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ خالقكم- عز وجل-.

وجمع- سبحانه- الأفئدة والأبصار، وأفرد السمع، لأن القلوب تختلف باختلاف مقدار ما تفهمه مما يلقى إليها من إنذار أو تبشير، ومن حجة أو دليل، فكان من ذلك تعدد القلوب بتعدد الناس على حسب استعدادهم.

وكذلك شأن الناس فيما تنتظمه أبصارهم من آيات الله في كونه، فإن أنظارهم تختلف في عمق تدبرها وضحولته، فكان من ذلك تعدد المبصرين، بتعدد مقادير ما يستنبطون من آيات الله في الآفاق.

وأما المسموع فهو بالنسبة للناس جميعا شيء واحد، هو الحجة يناديهم بها المرسلون، والدليل يوضحه لهم النبيون.

لذلك كان الناس جميعا كأنهم سمع واحد، فكان إفراد السمع إيذانا من الله بأن حجته واحدة، ودليله واحد لا يتعدد.

وقوله: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ صفة لمصدر محذوف، أى: شكرا قليلا، وما مزيدة لتأكيد التقليل.

وعبر- سبحانه- بقوله قَلِيلًا لحضهم على الإكثار من شكره- تعالى-، وذلك عن طريق إخلاص العبادة له- عز وجل-: ونبذ عبادة غيره.

وقوله : ( قل هو الذي أنشأكم ) أي : ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، ( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) أي : العقول والإدراك ، ( قليلا ما تشكرون ) أي : ما أقل تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم ، في طاعته ، وامتثال أوامره ، وترك زواجره .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ (23)

يقول تعالى ذكره: قل يا محمد للذين يكذّبون بالبعث من المشركين. الله الذي أنشأكم فخلقكم، (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ ) تسمعون به (وَالأبْصَارَ ) تبصرون بها(وَالأفْئِدَةَ ) تعقلون بها(قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ ) يقول: قليلا ما تشكرون ربكم على هذه النعم التي أنعمها عليكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[23] ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ قل: «اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا»، واشكر الله عليها.
وقفة
[23] ﴿قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ أي: قلما تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجملة الاسمية بعده: في محل نصب مفعول به- مقول القول.
  • ﴿ هُوَ الَّذِي:
  • ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي:اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر هو.
  • ﴿ أَنْشَأَكُمْ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. أي خلقكم.
  • ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ:
  • معطوفة بالواو على «أنشأ» وتعرب اعرابها. لكم:جار ومجرور متعلق بجعل والميم علامة جمع الذكور. السمع: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم يأت جمعا لأنه مصدر يستوى فيه المفرد والجمع.
  • ﴿ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ:
  • معطوفتان بواوي العطف على «السمع» وتعربان اعرابها.
  • ﴿ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ:
  • صفة نائبة عن مصدر- مفعول مطلق- محذوف يفسره ما بعده أي تشكرون شكرا قليلا و «قليلا» النائبة عن المصدر سدت مسد مفعول «تشكرون» ما: زائدة لتاكيد القلة. تشكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

المؤمنون: 78﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ
النحل: 78﴿وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
السجدة: 9﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ
الملك: 23﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد تهديدِ الكافرينَ والنَّاسِ جميعًا؛ جاءت هنا ست آيات تبدأ بلفظ: ﴿قل﴾، وكلها أدلة على وحدانية الله تعالى بطريق التلقين، وهي: التلقينُ الأول: خَلْقُ الإنسان وتزويدُه بالسمع والبصر والفؤاد، قال تعالى:
﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ..

التفسير :

[24]قل لهم:الله هو الذي خلقكم ونشركم في الأرض، وإليه وحده تُجمعون بعد هذا التفرق للحساب والجزاء.

{ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} أي:بثكم في أقطارها، وأسكنكم في أرجائها، وأمركم، ونهاكم، وأسدى عليكم من النعم، ما به تنتفعون، ثم بعد ذلك يحشركم ليوم القيامة.

ثم أمره- سبحانه- للمرة الثانية أن يذكرهم بنعمة أخرى فقال قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ. أى: وقل لهم- أيها الرسول الكريم- الرحمن- تعالى- وحده هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ.

أى: هو الذي خلقكم وبثكم وكثركم في الأرض، إذ الذرء معناه: الإكثار من الموجود..

وقوله: وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ بيان لمصيرهم بعد انتهاء آجالهم في هذه الدنيا.

أى: وإليه وحده- لا إلى غيره- يكون مرجعكم للحساب والجزاء يوم القيامة.

( قل هو الذي ذرأكم في الأرض ) أي : بثكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها ، مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم ، وحلاكم وأشكالكم وصوركم ، ( وإليه تحشرون ) أي : تجمعون بعد هذا التفرق والشتات ، يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد، الله (الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأرْضِ ) يقول: الله الذي خلقكم في الأرض (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) يقول: وإلى الله تحشرون، فتجمعون من قبوركم لموقف الحساب

المعاني :

ذرأكم :       خَلقكم و بَثـّـكم و فرّقكم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[24] ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ الذرء هو الإكثار من الموجود، فقل لهم يا محمد: مهما كثر عددكم، وتفرقتم في بقاع الأرض، ستموتون، ثم تُبعَثون، ثم بين يدي الله للحساب تقفون.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ :
  • تعرب اعراب الآية الكريمة السابقة. و «ذرأكم» أي خلقكم. في الأرض:جار ومجرور متعلق بذرأكم.
  • ﴿ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ:
  • الواو استئنافية. اليه: جار ومجرور متعلق بتحشرون أي تجمعون يوم الحشر أي يوم القيامة. تحشرون فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.'

المتشابهات :

المؤمنون: 79﴿وَ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
الملك: 24﴿قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     التلقينُ الثاني: القادرُ على البدء قادرٌ على الإعادة، قال تعالى:
﴿ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن ..

التفسير :

[25] ويقول الكافرون:متى يتحقق هذا الوعد بالحشر يا محمد؟ أخبرونا بزمانه أيها المؤمنون، إن كنتم صادقين فيما تدَّعون،

ولكن هذا الوعد بالجزاء، ينكره هؤلاء المعاندون{ وَيَقُولُونَ} تكذيبًا:

{ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} جعلوا علامة صدقهم أن يخبروابوقت مجيئه، وهذا ظلم وعناد فإنما العلم عند الله لا عند أحد من الخلق، ولا ملازمة بين صدق هذا الخبر وبين الإخبار بوقته، فإن الصدق يعرف بأدلته، وقد أقام الله من الأدلة والبراهين على صحته ما لا يبقى معه أدنى شك لمن ألقى السمع وهو شهيد.

ثم حكى- سبحانه- أقوالهم التي تدل على طغيانهم وجهالاتهم فقال: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

والوعد: مصدر بمعنى الموعود، والمقصود به ما أخبرهم به صلى الله عليه وسلم من أن هناك بعثا وحسابا وجزاء.. ومن أن العاقبة والنصر للمؤمنين.

أى: ويقول هؤلاء الجاحدون للرسول صلى الله عليه وسلم ولأصحابه، على سبيل التهكم والاستهزاء: متى يقع هذا الذي تخبروننا عنه من البعث والحساب والجزاء، ومن النصر لكم لا لنا..؟.

وجواب الشرط محذوف والتقدير: إن كنتم صادقين فيما تقولونه لنا، فأين هو؟ إننا لا نراه ولا نحسه.

ثم قال مخبرا عن الكفار المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه : ( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) أي : متى يقع هذا الذي تخبرنا بكونه من الاجتماع بعد هذا التفرق ؟

(وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) يقول جلّ ثناؤه: ويقول المشركون: متى يكون ما تعدنا من الحشر إلى الله إن كنتم صادقين في وعدكم إيانا ما تعدوننا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[25] ﴿وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ ليس هذا السؤال بريئًا، بل هو سؤال الشاك المتعنت المستريب، فإن معرفة موعد هذا الوعد لن تقدِّم ولن تؤخر، ولا أثر لها في التكاليف التي يطالب الناس بها استعدادًا للقاء الله، فالمهم أنه آتِ، وأن الناس جميعًا محشورون فيه، ومجازون بما عملوا.
وقفة
[25] المؤمن ليس مسؤولًا عن وقت يوم القيامة، وإنما عن الاستعداد له ﴿وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ
  • هذه الآية الكريمة أعربت في سور كثيرة: يونس: النمل .. سبأ .. يس .. تراجع الآية الكريمة الثامنة والأربعون من سورة «يونس».'

المتشابهات :

السجدة: 28﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
يونس: 48﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
الأنبياء: 38﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
النمل: 71﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
سبإ: 29﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
يس: 48﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
الملك: 25﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أن إليه المرجع والمآب؛ أردفه بذكر مقالة الكافرين المنكرين لذلك، قال تعالى:
﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :الملك     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ ..

التفسير :

[26]قل -أيها الرسول- لهؤلاء:إن العلم بوقت قيام الساعة اختصَّ الله به، وإنما أنا نذير لكم أخوِّفكم عاقبة كفركم، وأبيِّن لكم ما أمرني الله ببيانه غاية البيان.

ولكن هذا الوعد بالجزاء، ينكره هؤلاء المعاندون{ وَيَقُولُونَ} تكذيبًا:

{ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} جعلوا علامة صدقهم أن يخبروابوقت مجيئه، وهذا ظلم وعناد فإنما العلم عند الله لا عند أحد من الخلق، ولا ملازمة بين صدق هذا الخبر وبين الإخبار بوقته، فإن الصدق يعرف بأدلته، وقد أقام الله من الأدلة والبراهين على صحته ما لا يبقى معه أدنى شك لمن ألقى السمع وهو شهيد.

وهنا يأمر الله- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم للمرة الثالثة، أن يرد عليهم الرد الذي يكبتهم فيقول: قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ.

أى: قل لهم يا محمد علم قيام الساعة، وعلم اليوم الذي سننتصر فيه عليكم.. عند الله- تعالى- وحده، لأن هذا العلم ليس من وظيفتي.

وإنما وظيفتي أنى نذير لكم، أحذركم من سوء عاقبة كفركم، فإذا استجبتم لي نجوتم، وإن بقيتم على كفركم هلكتم.

واللام في قوله: الْعِلْمُ للعهد. أى: العلم بوقت هذا الوعد، عند الله- تعالى- وحده.

والمبين: اسم فاعل من أبان المتعدى، أى: مبين لما أمرت بتبليغه لكم بيانا واضحا لا لبس فيه ولا غموض.

( قل إنما العلم عند الله ) أي : لا يعلم وقت ذلك على التعيين إلا الله ، عز وجل ، لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة فاحذروه ، ( وإنما أنا نذير مبين ) وإنما علي البلاغ ، وقد أديته إليكم .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26)

يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وَسلم: قل يا محمد لهؤلاء المستعجليك بالعذاب وقيام الساعة: إنما علم الساعة، ومتى تقوم القيامة عند الله لا يعلم ذلك غيره ( وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) يقول: وما أنا إلا نذير لكم أنذركم عذاب الله على كفركم به ( مُبِينٌ ) : قد أبان لكم إنذاره.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[26] لو شاء الله أن يطلعنا على موعد القيامة لأطلعنا، ولكن غيَّبه عنا؛ لنبقى دائمًا على أهبة الاستعداد لذلك اليوم العظيم.
وقفة
[26] ﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ تعلموا الأدب من سيد المتأدبين مع الله؛ فوظيفتي الإنذار، ومهمتي البيان، أما هذا العلم فعند صاحب العلم، ولا أملك منه شيئًا.
وقفة
[26] تفويض العلم إلى الله ﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثالثة والعشرين. إنما: كافة ومكفوفة. العلم: مبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ عِنْدَ اللَّهِ:
  • مفعول فيه- ظرف مكان- منصوب متعلق بخبر المبتدأ «العلم».الله لفظ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ وَإِنَّما أَنَا:
  • الواو عاطفة. انما: كافة ومكفوفة. أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ نَذِيرٌ مُبِينٌ:
  • خبر «أنا» مرفوع بالضمة. مبين: صفة- نعت- لنذير مرفوع بالضمة. أي منذر لكم.'

المتشابهات :

الأحقاف: 23﴿قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ
الملك: 26﴿قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّـهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     ولَمَّا قالوا: متى يتحقق هذا الوعد بالحشر يا محمد؟؛ لقن اللهُ نبيَّه الرَدَّ، وهذا هو التلقينُ الثالث: إن العلم بوقت قيام الساعة اختصَّ الله به، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف