ترتيب المصحف | 32 | ترتيب النزول | 75 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 3.00 |
عدد الآيات | 30 | عدد الأجزاء | 0.18 |
عدد الأحزاب | 0.35 | عدد الأرباع | 1.40 |
ترتيب الطول | 51 | تبدأ في الجزء | 21 |
تنتهي في الجزء | 21 | عدد السجدات | 1 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 18/29 | آلم: 6/6 |
لمَّا ذَكَرَ عذابَ الفاسقينَ في الآخرةِ ذكرَ هنا أنَّ لهم عذابًا آخرَ في الدُّنيا، ثُمَّ دعا النَّبي ﷺ إلى الصَّبرِ واليقينِ فإن ما لاقاه من قومِه نظيرُ ما لاقاه موسى عليه السلام ، وثبوتُ اللقاءِ بينهما ليلةَ الإسراءِ والمِعراجِ.
قريبًا إن شاء الله
ختامُ السورةِ بدعوةِ المشركين للاعتبارِ بمن هلكَ من الأممِ السَّابقةِ، والتفكُّرِ في أدلَّةِ وحدانيتِه وقدرتِه، وبيانِ استعجالِهم للعذابِ، والردِّ عليهم.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
أي:ولنذيقن الفاسقين المكذبين، نموذجًا من العذاب الأدنى، وهو عذاب البرزخ، فنذيقهم طرفًا منه، قبل أن يموتوا، إما بعذاب بالقتل ونحوه، كما جرى لأهل بدر من المشركين، وإما عند الموت، كما في قوله تعالى{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} ثم يكمل لهم العذاب الأدنى في برزخهم.
وهذه الآية من الأدلة على إثبات عذاب القبر، ودلالتها ظاهرة، فإنه قال:{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى} أي:بعض وجزء منه، فدل على أن ثَمَّ عذابًا أدنى قبل العذاب الأكبر، وهو عذاب النار.
ولما كانت الإذاقة من العذاب الأدنى في الدنيا، قد لا يتصل بها الموت، فأخبر تعالى أنه يذيقهم ذلك لعلهم يرجعون إليه ويتوبون من ذنوبهم كما قال تعالى:{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى أى الأهون والأقرب والأقل وهو عذاب الدنيا، عن طريق ما ننزله بهم من أمراض وأسقام ومصائب متنوعة.
دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ أى: الأشد والأعظم والأبقى، وهو عذاب الآخرة.
وقوله : ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر [ لعلهم يرجعون ] ) قال ابن عباس : يعني بالعذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها ، وما يحل بأهلها مما يبتلي الله به عباده ليتوبوا إليه . وروي مثله عن أبي بن كعب ، وأبي العالية ، والحسن ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك ، وعلقمة ، وعطية ، ومجاهد ، وقتادة ، وعبد الكريم الجزري ، وخصيف .
وقال ابن عباس - في رواية عنه - : يعني به إقامة الحدود عليهم .
وقال البراء بن عازب ، ومجاهد ، وأبو عبيدة : يعني به عذاب القبر .
وقال النسائي : أخبرنا عمرو بن علي ، أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص وأبي عبيدة ، عن عبد الله : ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر ) قال : سنون أصابتهم .
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثني عبد الله بن عمر القواريري ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن الحسن العرني ، عن يحيى بن الجزار ، عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب في هذه الآية : ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر ) قال : المصيبات والدخان قد مضيا ، والبطشة واللزام .
ورواه مسلم من حديث شعبة ، به موقوفا نحوه . وعند البخاري عن ابن مسعود ، نحوه .
وقال عبد الله بن مسعود أيضا ، في رواية عنه : العذاب الأدنى : ما أصابهم من القتل والسبي يوم بدر . وكذا قال مالك ، عن زيد بن أسلم .
قال السدي وغيره : لم يبق بيت بمكة إلا دخله الحزن على قتيل لهم أو أسير ، فأصيبوا أو غرموا ، ومنهم من جمع له الأمران .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)
اختلف أهل التأويل في معنى العذاب الأدنى الذي وعد الله أن يذيقه هؤلاء الفسقة، فقال بعضهم: ذلك مصائب الدنيا في الأنفس والأموال.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس &; 20-189 &; (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَاب الأدنى) يقول: مصائب الدنيا وأسقامها وبلاؤها مما يبتلي الله بها العباد حتى يتوبوا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَر لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال: العذاب الأدنى بلاء الدنيا، قيل: هي المصائب.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن عروة، عن الحسن العرني، عن ابن أبي ليلى، عن أُبيّ بن كعب (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى) قال: المصيبات في الدنيا قال: والدخان قد مضى، والبطشة واللزام.
قال أبو موسى: ترك يحيى بن سعيد، يحيى بن الجزار، نقصان رجل.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر، قالا ثنا شعبة، عن قتادة، عن ابن عروة، عن الحسن العرني، عن يحيى بن الجزار، عن ابن أبي لَيلى، عن أُبيّ بن كعب، أنه قال: في هذه الآية (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) قال: مصيبات الدنيا، واللزوم والبطشة، أو الدخان: شكّ شعبة في البطشة أو الدخان.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن قَتادة، عن عروة، عن الحسن العرني، عن يحيى بن الجزّار، عن ابن أبي لَيلى، عن أُبيّ بن كعب، بنحوه، إلا أنه قال: المصيبات واللزوم والبطشة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا زيد بن حباب، عن شعبة، عن قَتادة، عن عروة، عن الحسن العرني، عن يحيى بن الجزّار، عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى، عن أُبيّ بن كعب، قال: المصيبات يصابون بها في الدنيا: البطشة، والدخان، واللزوم.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى) قال: المصائب في الدنيا.
قال: ثنا أبو خالد الأحمر، عن جُوَيبر، عن الضحاك (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) قال: المصيبات في دنياهم وأموالهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، حدثه، عن الحسن قوله: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَىَ) : أي مصيبات الدنيا.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى) قال: أشياء يُصابون بها في الدنيا.
وقال آخرون: عنى بها الحدود.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، عن شبيب، عن عكرمة، عن ابن عباس (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) قال: الحدود.
وقال آخرون: عنى بها القتل بالسيف، قال: وقتلوا يوم بدر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السديّ، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى) قال: يوم بدر.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن السديّ، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله مثله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن السديّ، عن مسروق، عن عبد الله، مثله.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عوف عمن حدثه، عن الحسن بن عليّ، أنه قال: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) قال: القتل بالسيف صبرا.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الأعلى، عن عوف، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) قال: القتل بالسيف، كلّ شيء وعد الله هذه الأمة من العذاب الأدنى إنما هو السيف.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قال: كان مجاهد يحدّث &; 20-191 &; عن أُبيّ بن كعب أنه كان يقول: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) يوم بدر.
وقال آخرون: عنى بذلك سنون أصابتهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) قال: سنون أصابتهم.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، مثله.
وقال آخرون: عنى بذلك: عذاب القبر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) قال: الأدنى في القبور وعذاب الدنيا.
وقال آخرون: ذلك عذاب الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى) قال: العذاب الأدنى: عذاب الدنيا.
وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إن الله وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدنيا من بلاء أصابهم، إما شدّة من مجاعة، أو قتل، أو مصائب يصابون بها، فكل ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصص الله تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوع من ذلك دون نوع، وقد عذّبهم بكل ذلك في الدنيا بالقتل والجوع والشدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.
وقوله: (دُونَ العَذابِ الأكْبَرِ) يقول: قيل العذاب الأكبر، وذلك عذاب يوم القيامة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السديّ، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله (دُونَ العَذابِ الأكْبَرِ) قال: يوم القيامة.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن السديّ، عن مسروق، عن عبد الله مثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (دُونَ العَذابِ الأكْبَرِ) يوم القيامة في الآخرة.
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد (دونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) يوم القيامة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) يوم القيامة حدّث به قَتادة، عن الحسن.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) قال: العذاب الأكبر: عذاب الآخرة.
وقوله: (لَعَلَّهمْ يَرْجِعُونَ) يقول: كي يرجعوا ويتوبوا بتعذيبهم العذاب الأدنى.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن السديّ، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال: يتوبون.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي جعفر الرازيّ، عن الربيع، عن أبي العالية (لَعَلَّهُمْ يَرْجعونَ) قال: يتوبون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (لَعَلَّهُمْ يَرْجعونَ) : أي يتوبون.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:لا أحد أظلم، وأزيد تعديًا، ممن ذكر بآيات ربه، التي أوصلها إليه ربه، الذي يريد تربيته، وتكميل نعمته على أيدي رسله، تأمره، وتذكره مصالحه الدينية والدنيوية، وتنهاه عن مضاره الدينية والدنيوية، التي تقتضي أن يقابلها بالإيمان والتسليم، والانقياد والشكر، فقابلها هذا الظالم بضد ما ينبغي، فلم يؤمن بها، ولا اتبعها، بل أعرض عنها وتركها وراء ظهره، فهذا من أكبر المجرمين، الذين يستحقون شديد النقمة، ولهذا قال:{ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}
ثم بين- سبحانه- حال من يدعى إلى الهدى فيعرض عنه، فقال: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها.
أى: لا أحد أشد ظلما وكفرا ممن ذكره المذكر بالآيات الدالة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، وعلى أن دين الإسلام هو الحق، ثم أعرض عنها جحودا وعنادا.
إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ أى: إنّا من أهل الإجرام والجحود لآياتنا منتقمون انتقاما يذلهم ويهينهم.
قال صاحب الكشاف: «ثم» في قوله ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها للاستبعاد.
والمعنى: أن الإعراض عن مثل آيات الله، في وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل، والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها مستبعد في العقل والعدل. كما تقول لصاحبك: وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها، استبعادا لتركه الانتهاز. ومنه «ثم» في بيت الحماسة:
لا يكشف الغماء إلا ابن حرة ... يرى غمرات الموت ثم يزورها
استبعد أن يزور غمرات الموت بعد أن رآها واستيقنها واطلع على شدتها.
فإن قلت: هلا قيل: إنا منه منتقمون؟ قلت: لما جعله أظلم كل ظالم، ثم توعد المجرمين عامة بالانتقام منهم، فقد دل على إصابة الأظلم بالنصيب الأوفر من الانتقام، ولو قاله بالضمير لم يفد هذه الإفادة .
ثم أشارت السورة الكريمة بعد ذلك إلى ما أعطاه الله- تعالى- لنبيه موسى- عليه السلام- من نعم. وما منحه للصالحين من قومه من منن، فقال- تعالى-:
وقوله تعالى "ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها" أي : لا أظلم ممن ذكره الله بآياته وبينها له ووضحها ، ثم بعد ذلك تركها وجحدها وأعرض عنها وتناساها ، كأنه لا يعرفها .
قال قتادة رحمه الله : إياكم والإعراض عن ذكر الله ، فإن من أعرض عن ذكره فقد اغتر أكبر الغرة ، وأعوز أشد العوز ، وعظم من أعظم الذنوب .
ولهذا قال تعالى متهددا لمن فعل ذلك : ( إنا من المجرمين منتقمون ) أي : سأنتقم ممن فعل ذلك أشد الانتقام .
وقال ابن جرير : حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، حدثنا محمد بن المبارك ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا عبد العزيز بن عبيد الله ، عن عبادة بن نسي ، عن جنادة بن أبي أمية عن معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ثلاث من فعلهن فقد أجرم ، من عقد لواء في غير حق ، أو عق والديه ، أو مشى مع ظالم ينصره ، فقد أجرم ، يقول الله تعالى : ( إنا من المجرمين منتقمون )
ورواه ابن أبي حاتم ، من حديث إسماعيل بن عياش ، به ، وهذا حديث غريب جدا .
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22)
يقول تعالى ذكره: وأيّ الناس أظلم لنفسه ممن وعظه الله بحججه، وآي كتابه، ورسله، ثم أعرض عن ذلك كله، فلم يتعظ بمواعظه، ولكنه استكبر عنها.
وقوله: (إنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنْتَقِمونَ) يقول: إنا من الذين اكتسبوا الآثام، واجترحوا السيئات منتقمون.
وكان بعضهم يقول: عنى بالمجرمين في هذا الموضع: أهل القدر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا مروان بن معاوية، قال: أخبرنا وائل بن داود، عن مروان بن سفيح، عن يزيد بن رفيع، قال: إن قول الله في القرآن (إنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) هم أصحاب القدر، ثم قرأ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ... إلى قوله: خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ .
حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا مروان، قال: أخبرنا وائل بن داود، عن ابن سفيح، عن يزيد بن رفيع بنحوه، إلا أنه قال في حديثه: ثم قرأ وائل بن داود هؤلاء الآيات إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ... إلى آخر الآيات.
وقال آخرون في ذلك بما حدثني به عمران بن بكار الكلاعي، قال: ثنا محمد بن المبارك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، قال: ثنا عبد العزيز بن عبيد الله، عن عبادة بن نسيّ، عن جنادة بن أبي أُميَّة، عن معاذ بن جبل، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ثَلاثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ أجْرَمَ: مَنِ اعْتَقَدَ لِوَاءً فِي غيرِ حَقّ، أوْ عَقَّ وَالِدَيْهِ، أو مَشَى مَعَ ظالمٍ يَنْصُرُهُ فَقَدْ أجْرَمَ. يَقُولُ اللهُ(إنَّا مِنَ المُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) ".
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الكهف: 57 | ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ |
---|
السجدة: 22 | ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
لما ذكر تعالى، آياته التي ذكر بها عباده، وهو:القرآن، الذي أنزله على محمد صلى اللّه عليه وسلم، ذكر أنه ليس ببدع من الكتب، ولا من جاء به، بغريب من الرسل، فقد آتى الله موسى الكتاب الذي هو التوراة المصدقة للقرآن، التي قد صدقها القرآن، فتطابق حقهما، وثبت برهانهما،{ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} لأنه قد تواردت أدلة الحق وبيناته، فلم يبق للشك والمرية، محل.
{ وَجَعَلْنَاهُ} أي:الكتاب الذي آتيناه موسى{ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} يهتدون به في أصول دينهم، وفروعهوشرائعه موافقة لذلك الزمان، في بني إسرائيل.
وأما هذا القرآن الكريم، فجعله اللّه هداية للناس كلهم، لأنه هداية للخلق، في أمر دينهم ودنياهم، إلى يوم القيامة، وذلك لكماله وعلوه{ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}
والمراد بالكتاب في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التوراة التي أنزلها- سبحانه- لتكون هداية لبنى إسرائيل.
قالوا: وإنما ذكر موسى لقربه من النبي صلّى الله عليه وسلّم ووجود من كان على دينه إلزاما لهم.
إنما لم يختر عيسى- عليه السّلام- للذكر وللاستدلال، لأن اليهود ما كانوا يوافقون على نبوته، وأما النصارى فكانوا يعترفون بنبوة موسى- عليه السّلام- .
والضمير المجرور في قوله: فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ يعود إلى موسى على أرجح لأقوال- أو إلى الكتاب.
أى: آتينا موسى الكتاب فلا تكن- أيها الرسول الكريم- في مرية أو شك من لقاء موسى للكتاب الذي أوحيناه إليه، بقبول ورضا وتحمل لتكاليف الدعوة به، فكن مثله في لك، وبلغ ما أنزل إليك من ربك دون أن تخشى أحدا سواه.
قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أى: جنس الكتاب فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ أى: شك مِنْ لِقائِهِ أى: من لقائك ذلك الجنس.
وحمل بعضهم الْكِتابَ على العهد، أى الكتاب المعهود وهو التوراة.
ونهيه صلّى الله عليه وسلّم عن أن يكون في شك، المقصود به أمته، والتعريض بمن اتصف بذلك.
وقيل الكتاب، المراد به التوراة، وضمير، لقائه، عائد إليه من غير تقدير مضاف. ولقاء مصدر مضاف إلى مفعوله، وفاعله موسى، أى: فلا تكن في مرية من لقاء موسى الكتاب، ومضاف إلى فاعله، ومفعوله موسى. أى: من لقاء الكتاب موسى ووصوله إليه...
وهذا الرأى الأخير الذي عبر عنه الآلوسى- رحمه الله- بقوله «وقيل» وهو في رأينا رجح الآراء، وأقربها إلى الصواب، لبعده عن التكلف.
قال الجمل في حاشيته، بعد أن ساق ستة أقوال في عودة الضمير في قوله مِنْ لِقائِهِ:
وأظهرها أن الضمير إما لموسى وإما للكتاب. أى: لا ترتب في أن موسى لقى الكتاب أنزل عليه».
قال صاحب الكشاف: والضمير في «لقائه» له- أى لموسى-، ومعناه: إنا آتينا موسى- عليه السّلام- مثل ما آتيناك من الكتب، ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحى، فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله، ولقيت نظيره كقوله- تعالى-: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ، فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ .
وقوله- تعالى-: وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أى: وجعلنا الكتاب الذي أنزلناه على نبينا موسى- عليه السّلام- هداية لبنى إسرائيل إلى طريق الحق والسداد.
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله موسى ، عليه السلام ، أنه آتاه الكتاب وهو التوراة .
وقوله : ( فلا تكن في مرية من لقائه ) : قال قتادة : يعني به ليلة الإسراء . ثم روي عن أبي العالية الرياحي قال : حدثني ابن عم نبيكم - يعني ابن عباس - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أريت ليلة أسري بي موسى بن عمران ، رجلا آدم طوالا جعدا ، كأنه من رجال شنوءة . ورأيت عيسى رجلا مربوع الخلق ، إلى الحمرة والبياض ، مبسط الرأس ، ورأيت مالكا خازن النار والدجال ، في آيات أراهن الله إياه " ، ( فلا تكن في مرية من لقائه ) ، أنه قد رأى موسى ، ولقي موسى ليلة أسري به .
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا الحسن بن علي الحلواني ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( وجعلناه هدى لبني إسرائيل ) ، قال : جعل موسى هدى لبني إسرائيل ، وفي قوله : ( فلا تكن في مرية من لقائه ) قال : من لقاء موسى ربه عز وجل .
وقوله : ( وجعلناه ) أي : الكتاب الذي آتيناه ( هدى لبني إسرائيل ) ، [ كما قال تعالى في سورة الإسراء : ( وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ) [ الإسراء : 2 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23)
يقول تعالى ذكره: ولقد آتينا موسى التوراة، كما آتيناك الفرقان يا محمد ( فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ ) يقول: فلا تكن في شكّ من لقائه، فكان قتادة يقول: معنى ذلك: فلا تكن في شكّ من أنك لقيته، أو تلقاه ليلة أُسري بك، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة عن أبي العالية الرياحي، قال: حدثنا ابن عمّ نبيكم -يعني: ابن عباس- قال: قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: " أُرِيتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى بنَ عِمْرَانَ رَجُلا آدَمَ طِوَالا جَعْدًا، كأنَّهُ مِنْ رجالِ شَنُوءَةَ، ورأيْتُ عِيسَى رَجُلا مَربُوعَ الخَلْقِ إلى الحُمْرَةِ والبياضِ، سَبْطَ الرأسِ ورأيْتُ مالِكا خازِنَ النَّارِ، والدَّجَّالَ" فِي آياتٍ أرَاهنَّ اللهُ إيَّاهُ، ( فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ ) أنه قد رأى موسى، ولقى موسى ليلة أُسري به.
وقوله: ( وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) يقول تعالى ذكره: وجعلنا موسى هدى لبني إسرائيل، يعنى: رشادا لهم يرشدون باتباعه، ويصيبون الحقّ بالاقتداء به، والائتمام بقوله.
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) قال: جعل الله موسى هدى لبني إسرائيل.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الإسراء: 2 | ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا﴾ |
---|
السجدة: 23 | ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ ۖ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
مرية:
قرئ:
بضم الميم، وهى قراءة الحسن.
التفسير :
{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ} أي:من بني إسرائيل{ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} أي:علماء بالشرع، وطرق الهداية، مهتدين في أنفسهم، يهدون غيرهم بذلك الهدى، فالكتاب الذي أنزل إليهم، هدى، والمؤمنون به منهم، على قسمين:أئمة يهدون بأمر اللّه، وأتباع مهتدون بهم.
والقسم الأول أرفع الدرجات بعد درجة النبوة والرسالة، وهي درجة الصديقين، وإنما نالوا هذه الدرجة العالية بالصبر على التعلم والتعليم، والدعوة إلى اللّه، والأذى في سبيله، وكفوا أنفسهم عن جماحها في المعاصي، واسترسالها في الشهوات.
{ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} أي:وصلوا في الإيمان بآيات اللّه، إلى درجة اليقين، وهو العلم التام، الموجب للعمل، وإنما وصلوا إلى درجة اليقين، لأنهم تعلموا تعلمًا صحيحًا، وأخذوا المسائل عن أدلتها المفيدة لليقين.
فما زالوا يتعلمون المسائل، ويستدلون عليها بكثرة الدلائل، حتى وصلوا لذاك، فبالصبر واليقين، تُنَالُ الإمامة في الدين.
وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا والأئمة: جمع إمام، وهو من يقتدى به في الأمور المختلفة. والمراد بهم هنا: من يقتدى بهم في وجوه الخير والبر.
أى: وجعلنا من بنى إسرائيل أئمة في الخير والصلاح، يهدون غيرهم إلى الطريق الحق، بأمرنا وإرادتنا وفضلنا، وقد وفقناهم لذلك حين صبروا على أداء ما كلفناهم به من عبادات، وحين تحملوا الشدائد والمحن في سبيل إعلاء كلمتنا.
وأنت ترى أن جعلهم أئمة في الخير لم يكن اعتباطا، وإنما كان بسبب صبرهم على الأذى، وعلى مشاق الدعوة إلى الحق، وعلى كل أمر يستلزم الصبر وحبس النفس.
وفي ذلك إرشاد وتعليم للمسلمين، بأن يسلكوا طريق الأئمة الصالحين، ممن كانوا قبلهم، وأن يبلغوا دعوة الله إلى غيرهم بصبر ويقين.
وقوله- سبحانه-: وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ زيادة في مدحهم، وفي تقرير أنهم أهل للإمامة في الخير. أى: وكانوا بسبب إدراكهم السليم لمعانى آياتنا: يوقنون إيقانا جازما بأنهم على الحق الذي لا يحوم حوله باطل وبأنهم متبعون لشريعة الله- تعالى- التي لا يضل من اتبعها وسار على نهجها.
وقوله : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) ، أي : لما كانوا صابرين على أوامر الله وترك نواهيه وزواجره وتصديق رسله واتباعهم فيما جاؤوهم به ، كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله ، ويدعون إلى الخير ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر . ثم لما بدلوا وحرفوا وأولوا ، سلبوا ذلك المقام ، وصارت قلوبهم قاسية ، يحرفون الكلم عن مواضعه ، فلا عمل صالحا ، ولا اعتقاد صحيحا; ولهذا قال : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) قال قتادة وسفيان : لما صبروا عن الدنيا : وكذلك قال الحسن بن صالح .
قال سفيان : هكذا كان هؤلاء ، ولا ينبغي للرجل أن يكون إماما يقتدى به حتى يتحامى عن الدنيا .
قال وكيع : قال سفيان : لا بد للدين من العلم ، كما لا بد للجسد من الخبز .
وقال ابن بنت الشافعي : قرأ أبي على عمي - أو : عمي على أبي - سئل سفيان عن قول علي ، رضي الله عنه : الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ألم تسمع قوله : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) ، قال : لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوسا . قال بعض العلماء : بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين .
ولهذا قال تعالى ] : ( ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة [ ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من الأمر ] فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ) [ الجاثية : 16 ، 17 ] ، كما قال هنا :
وقوله: (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمَّةً) يقول تعالى ذكره: وجعلنا من بني إسرائيل أئمة، وهي جمع إمام، والإمام الذي يؤتمّ به في خير أو شرّ، وأريد بذلك في هذا الموضع أنه جعل منهم قادة في الخير، يؤتمّ بهم، ويهْتَدى بهديهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمَّةً يَهدُونَ بأمْرِنا) قال: رؤساء في الخير. وقوله: (يَهْدُونَ بأمْرِنا) يقول تعالى ذكره: يهدون أتباعهم وأهل القبول منهم بإذننا لهم بذلك، وتقويتنا إياهم عليه.
وقوله: (لَمَّا صَبرُوا) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض أهل الكوفة (لَمَّا صَبرُوا) بفتح اللام وتشديد الميم، بمعنى: إذ صبروا، وحين صبروا، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة (لِمَا) بكسر اللام وتخفيف الميم بمعنى: لصبرهم عن الدنيا وشهواتها، واجتهادهم في طاعتنا، والعمل بأمرنا، وذُكر أن ذلك فى قراءة ابن مسعود (بِمَا صَبَرُوا) وما إذا كسرت اللام من (لِمَا) في موضع خفض، وإذا فتحت اللام وشدّدت الميم، فلا موضع لها، لأنها حينئذ أداة.
والقول عندي في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما عامة من القراء فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام إذا قُرئ ذلك بفتح اللام وتشديد الميم، وجعلنا منهم أئمة يهدون أتباعهم بإذننا إياهم، وتقويتنا إياهم على الهداية، إذ صبروا على طاعتنا، وعزفوا أنفسهم عن لذّات الدنيا وشهواتها. وإذا قرئ بكسر اللام (1) على ما قد وصفنا.
وقد حدثنا ابن وكيع، قال: قال أبي، سمعنا في (وَجَعَلْنا مْنِهُمْ أئمَّةً يهدون بأمْرِنا لَمَّا صَبروا) قال: عن الدنيا.
وقوله: (وكانُوا بآياتِنا يُوقِنُونَ) يقول: وكانوا أهل يقين بما دلهم عليه حججنا، وأهل تصديق بما تبين لهم من الحقّ، وإيمان برسلنا، وآيات كتابنا وتنـزيلنا.
-------------------
الهوامش :
(1) لعله فيكون على ... إلخ .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
السجدة: 24 | ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾ |
---|
الأنبياء: 73 | ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ﴾ |
---|
القصص: 41 | ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لما:
1- بفتح اللام وشد الميم، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر اللام وتخفيف الميم، وهى قراءة عبد الله، وطلحة، والأعمش، وحمزة، والكسائي، ورويس.
3- بما، بباء الجر، وهى قراءة لعبد الله أيضا.
التفسير :
وثَمَّ مسائل اختلف فيها بنو إسرائيل، منهم من أصاب فيها الحق، ومنهم من أخطأه خطأ، أو عمدًا، واللّه تعالى{ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} وهذا القرآن يقص على بني إسرائيل، بعض الذي يختلفون فيه، فكل خلاف وقع بينهم، ووجد في القرآن تصديق لأحد القولين، فهو الحق، وما عداه مما خالفه، باطل.
ثم أشار- سبحانه- إلى أن بنى إسرائيل جميعا لم يكونوا كذلك، وإنما كان منهم الأخيار والأشرار، وأنه- تعالى- سيحكم بين الجميع يوم القيامة بحكمه العادل، فقال: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ.
أى: إن ربك- أيها الرسول الكريم- هو وحده الذي يتولى القضاء والحكم بين المؤمنين والكافرين يوم القيامة، فيما كانوا يختلفون فيه في الدنيا من أمور متنوعة. على رأسها ما يتعلق بالأمور الدينية.
ثم يسوق- سبحانه- في أواخر السورة ما من شأنه أن يهدى الضالين إلى الصراط المستقيم، وما يرشدهم إلى مظاهر نعمه عليهم، وما يزيد النبي صلّى الله عليه وسلّم ثباتا على ثباته، ويقينا على يقينه، فيقول- عز وجل-:
( إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) أي : من الاعتقادات والأعمال .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25)
يقول تعالى ذكره: إن ربك يا محمد هو يبين جميع خلقه يوم القيامة فيما كانوا فيه في الدنيا يختلفون من أمور الدين والبعث والثواب والعقاب، وغير ذلك من أسباب دينهم، فيفرق بينهم بقضاء فاصل بإيجابه لأهل الحقّ الجنة، ولأهل الباطل النار.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
النحل: 124 | ﴿إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ |
---|
السجدة: 25 | ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ |
---|
يونس: 93 | ﴿فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّىٰ جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ |
---|
الجاثية: 17 | ﴿فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يعني:أولم يتبين لهؤلاء المكذبين للرسول، ويهدهم إلى الصواب.{ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} الذين سلكوا مسلكهم،{ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} فيشاهدونها عيانًا، كقوم هود، وصالح، وقوم لوط.
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ} يستدل بها، على صدق الرسل، التي جاءتهم، وبطلان ما هم عليه، من الشرك والشر، وعلى أن من فعل مثل فعلهم، فُعِلَ بهم، كما فُعِلَ بأشياعه من قبل.
وعلى أن اللّه تعالى مجازي العباد، وباعثهم للحشر والتناد.{ أَفَلَا يَسْمَعُونَ} آيات اللّه، فيعونها، فينتفعون بها، فلو كان لهم سمع صحيح، وعقل رجيح، لم يقيموا على حالةيجزم بها، بالهلاك.
ثم يسوق - سبحانه - فى أواخر السورة ما من شأنه أن يهدى الضالين إلى الصراط المستقيم ، وما يرشدهم إلى مظاهر نعمه عليهم ، وما يزيد النبى صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ثباتاً على ثباته ، ويقيناً على يقينة ، فيقول - عز وجل - ( أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا . . . إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ ) .
والاستفهام فى قوله - تعالى - : ( أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا . . . ) لإِنكار عدم اهتدائهم إلى ما ينفعهم مع وضوح أسباب هذا الاهتداء . والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام . والخطاب للمشركين وعلى رأسهم كفار مكة . و " كم " خبرية بمعنى كثير . فى محل نصب لأهلكنا .
والمعنى : أغفل هؤلاء المشركون عما أصاب الظالمين من قبلهم ، ولم يتبين لهم - لانطماس بصائرهم - أننا قد أهلكنا كثيراً من أهل الأزمان السابقة من قبلهم ، بسبب تكذيبهم لأنبيائهم ، وإيثارهم الكفر على الإِيمان .
وقوله - تعالى - ( يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ) حال من الضمير فى ( لَهُمْ ) ، لتسجيل أقصى أنواع الجهالة والعناد عليهم . أى : أبلغ بهم الجهل والعناد أنهم لم يعتبروا بالقرون المهلكة من قبلهم ، مع أنهم يمشون فى مساكن هؤلاء السابقين ، ويمرون على ديارهم مصبحين وممسين ، ويرون بأعينهم آثارهم الدارسة ، وبيوتهم الخاوية على عروشها .
ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بما يزيد فى تبكيتهم وتقريعهم فقال : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ ) .
أى : إن فى ذلك الذى يرونه من مصارع الغابرين ، وآثار الماضين ، لآيات بينات ، وعظات بليغات ، فهلا تدبروا فى ذلك ، واستمعوا إلى صوت الحق بتعقل وتفهم؟
فقوله - تعالى - : ( أَفَلاَ يَسْمَعُونَ ) حض لهم على الاستماع إلى الآيات الدالة على سوء عاقبة الظالمين ، بتدبر وتعقل واتعاظ ، وتحول من الباطل إلى الحق ، قبل أن يحل بهم ما حل بأهل الأزمنة الغابرة .
قول تعالى : أولم يهد لهؤلاء المكذبين بالرسل ما أهلك الله قبلهم من الأمم الماضية ، بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم إياهم فيما جاءوهم به من قويم السبل ، فلم يبق منهم باقية ولا عين ولا أثر ؟ ( هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) [ مريم : 98 ] ; ولهذا قال : ( يمشون في مساكنهم ) أي : وهؤلاء المكذبون يمشون في مساكن أولئك المكذبين فلا يرون فيها أحدا ممن كان يسكنها ويعمرها ، ذهبوا منها ، ( كأن لم يغنوا فيها ) [ الأعراف : 92 ] ، كما قال : ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) [ النمل : 52 ] ، وقال : ( فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [ الحج : 45 ، 46 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( إن في ذلك لآيات ) أي : إن في ذهاب أولئك القوم ودمارهم وما حل بهم بسبب تكذيبهم الرسل ، ونجاة من آمن بهم ، لآيات وعبر ومواعظ ودلائل متظاهرة .
( أفلا يسمعون ) أي : أخبار من تقدم ، كيف كان أمرهم ؟ .
القول في تأويل قوله تعالى : أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (26)
كما: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (أوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) يقول: أولم يبين لهم، وعلى القراءة بالياء في ذلك قرّاء الأمصار، وكذلك القراءة عندنا لإجماع الحجة من القرّاء، بمعنى: أولم يبين لهم إهلاكنا القرون الخالية من قبلهم، سنتنا فيمن سلك سبيلهم من الكفر بآياتنا، فيتعظوا وينـزجروا. وقوله: (كَمْ) إذا قُرئ(يهْدِ) بالياء، في موضع رفع بيهد. وأما إذا قرئ ذلك بالنون (أوَلَمْ نَهْدِ) فإن موضع (كم) وما بعدها نصب. وقوله: (يَمْشونَ فِي مَساكِنهمْ) يقول تعالى ذكره: أولم يبين لهن كثرة إهلاكنا القرون الماضية من قبلهم يمشون في بلادهم وأرضهم، كعاد وثمود.
كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أولَمْ يهْدِ لَهُمْ كَمْ أهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهمْ مِنَ القُرُونِ) عاد وثمود، وأنهم إليهم لا يُرجعون.
وقوله: (إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ) يقول تعالى ذكره: إن في خلاء مساكن القرون الذين أهلكناهم من قبل هؤلاء المكذّبين بآيات الله من قريش من أهلها الذين كانوا سكانها وعمَّارها بإهلاكنا إياهم لما كذّبوا رسلنا، وجحدوا بآياتنا، وعبدوا من دون الله آلهة غيره التي يمرّون بها فيعاينونها، لآيات لهم وعظات يتعظون بها، لو كانوا أولي حجا وعقول، يقول الله: (أفلا يَسْمَعُونَ) عظات الله وتذكيره إياهم آياته، وتعريفهم مواضع حججه؟.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
طه: 128 | ﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾ |
---|
الأعراف: 100 | ﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ﴾ |
---|
السجدة: 26 | ﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ أَوَلَمْ يَرَوْا} بأبصارهم نعمتنا، وكمال حكمتنا{ أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ} التي لا نبات فيها، فيسوق اللّه المطر، الذي لم يكن قبل موجودًا فيها، فيفرغه فيها، من السحاب، أو من الأنهار.{ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا} أي:نباتًا، مختلف الأنواع{ تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ} وهو نبات البهائم{ وَأَنْفُسهمْ} وهو طعام الآدميين.
{ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} تلك المنة، التي أحيا اللّه بها البلاد والعباد، فيستبصرون فيهتدون بذلك البصر، وتلك البصيرة، إلى الصراط المستقيم، ولكن غلب عليهم العمى، واستولت عليهم الغفلة، فلم يبصروا في ذلك، بصر الرجال، وإنما نظروا إلى ذلك، نظر الغفلة، ومجرد العادة، فلم يوفقوا للخير.
ثم نبههم- سبحانه- إلى نعمة من نعمه الكثيرة فقال: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ، فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً، تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ والأرض الجرز: هي الأرض اليابسة التي جرز نباتها وقطع، إما لعدم نزول الماء عليها، وإما لرعيه منها.
قال القرطبي ما ملخصه: والأرض الجرز هي التي جرز نباتها أى: قطع، إما لعدم الماء، وإما لأنه رعى وأزيل، ولا يقال للتي لا تنبت كالسباخ جرز.
وهو مشتق من قولهم: رجل جروز إذا كان لا يبقى شيئا إلا أكله، وكذلك ناقة جروز:
إذا كانت تأكل كل شيء تجده، وسيف جراز، أى: قاطع ... » .
أى: أعموا ولم يشاهدوا بأعينهم أَنَّا نَسُوقُ بقدرتنا ورحمتنا الْماءَ الذي تحمله السحب إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ أى: اليابسة الخالية من النبات، فينزل عليها.
فَنُخْرِجُ بِهِ أى: فنخرج بهذا الماء النازل على الأرض القاحلة زَرْعاً كثيرا نافعا تَأْكُلُ مِنْهُ أى: من هذا الزرع أَنْعامُهُمْ أى: تأكل منه ما يصلح لأكلها كالأوراق والأغصان وما يشبه ذلك.
وقوله وَأَنْفُسُهُمْ معطوف على أنعامهم. أى: تأكل أنعامهم من الزرع ما يناسبها، ويأكل منه الناس ما يناسبهم كالبقول والحبوب.
وقدم- سبحانه- الأنعام على بنى آدم للترقي من الأدنى إلى الأشرف.
وقوله- تعالى- أَفَلا يُبْصِرُونَ حض لهم على التأمل في هذه النعم، والحرص على شكر المنعم عليها، وإخلاص العبادة له.
وقوله : ( أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز ) : يبين تعالى لطفه بخلقه ، وإحسانه إليهم في إرساله الماء إما من السماء أو من السيح ، وهو : ما تحمله الأنهار وينحدر من الجبال إلى الأراضي المحتاجة إليه في أوقاته; ولهذا قال : ( إلى الأرض الجرز ) ، وهي [ الأرض ] التي لا نبات فيها ، كما قال تعالى : ( وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ) [ الكهف : 8 ] ، أي : يبسا لا تنبت شيئا وليس المراد من قوله : ( إلى الأرض الجرز ) أرض مصر فقط ، بل هي بعض المقصود ، وإن مثل بها كثير من المفسرين فليست [ هي ] المقصودة وحدها ، ولكنها مرادة قطعا من هذه الآية ، فإنها في نفسها أرض رخوة غليظة تحتاج من الماء ما لو نزل عليها مطرا لتهدمت أبنيتها ، فيسوق الله إليها النيل بما يتحمله من الزيادة الحاصلة من أمطار بلاد الحبشة ، وفيه طين أحمر ، فيغشى أرض مصر ، وهي أرض سبخة مرملة محتاجة إلى ذلك الماء ، وذلك الطين أيضا لينبت الزرع فيه ، فيستغلون كل سنة على ماء جديد ممطور في غير بلادهم ، وطين جديد من غير أرضهم ، فسبحان الحكيم الكريم المنان المحمود ابتداء .
قال ابن لهيعة ، عن قيس بن حجاج ، عمن حدثه قال : لما فتحت مصر ، أتى أهلها عمرو بن العاص - [ وكان أميرا بها ] - حين دخل بئونة من أشهر العجم ، فقالوا : أيها الأمير ، إن لنيلنا سنة لا يجري إلا بها . قال : وما ذاك ؟ قالوا : إذا كانت ثنتا عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها ، فأرضينا أبويها ، وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ، ثم ألقيناها في هذا النيل . فقال لهم عمرو : إن هذا لا يكون في الإسلام ، إن الإسلام يهدم ما كان قبله . فأقاموا بئونة والنيل لا يجري ، حتى هموا بالجلاء ، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب إليه : إنك قد أصبت بالذي فعلت ، وقد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي هذا ، فألقها في النيل . فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة ففتحها فإذا فيها : من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر ، أما بعد . . . فإنك إن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجر ، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله أن يجريك . قال : فألقى البطاقة في النيل ، وأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة ، وقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم . رواه الحافظ أبو القاسم اللالكائي الطبري في كتاب " السنة " له .
ولهذا قال تعالى : ( أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون ) ، كما قال تعالى : ( فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا [ متاعا لكم ولأنعامكم ] ) [ عبس : 24 - 32 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( أفلا يبصرون ) . وقال ابن أبي نجيح ، عن رجل ، عن ابن عباس في قوله : ( إلى الأرض الجرز ) قال : هي التي لا تمطر إلا مطرا لا يغني عنها شيئا ، إلا ما يأتيها من السيول .
وعن ابن عباس ، ومجاهد : هي أرض باليمن .
وقال الحسن ، رحمه الله : هي قرى فيما بين اليمن والشام .
وقال عكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد : الأرض الجرز : التي لا نبات فيها وهي مغبرة .
قلت : وهذا كقوله : ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون ) [ يس : 33 - 35 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (27)
يقول تعالى ذكره: أولم ير هؤلاء المكذّبون بالبعث بعد الموت، والنشر بعد الفناء، أنا بقُدرتنا نسوق الماء إلى الأرض اليابسة الغليظة التي لا نبات فيها، وأصله من قولهم: ناقة جرز: إذا كانت تأكل كلّ شيء، وكذلك الأرض الجروز: التي لا يبقى على ظهرها شيء إلا أفسدته، نظير أكل الناقة الجراز كلّ ما وجدته، ومنه قولهم للأنسان الأكول: جَرُوز، كما قال الراجز:
خَبّ جَرُوزٌ وَإذَا .... (2)
ومنه قيل للسيف إذا كان لا يبقي شيئا إلا قطعه سيف جراز، فيه لغات أربع: أرض جُرُز، وجَرْز، وجِرز وجُرْز، والفتح لبني تميم فيما بلغني.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن ابن عباس (الأرْضِ الجُرُزِ) أرض باليمن.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: أرض باليمن.
قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن المبارك عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (أوَلَمْ يَرَوْا أنَّا نسُوق الماء إلى الأرْضِ الجُرُزِ) قال: أبين (3) ونحوها.
حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا عبد الرزاق بن عمر، عن ابن المبارك، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله، إلا أنه قال: ونحوها من الأرض.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن رجل، عن ابن عباس في قوله: (إلى الأرْضِ الجُرُزِ) قال: الجرز: التي لا تمْطر إلا مطرا لا يغني عنها شيئا، إلا ما يأتيها من السيول.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن يزيد، عن جُوَيبر، عن الضحاك (إلى الأرْضِ الجُرُزِ) ليس فيها نبت.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (أوَلَمْ يَرَوْا أنَّا نَسوقُ الماءَ إلى الأرْضِ الجُرُزِ) المغبرة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (أوَلَمْ يَرَوْا أنَّا نَسُوقُ الماءَ إلى الأرْضِ الجُرُزِ) قال: الأرض الجرز: التي ليس فيها شيء، ليس فيها نبات، وفي قوله: صَعِيدًا جُرُزًا قال: ليس عليها شيء، وليس فيها نبات ولا شيء (فنخرجُ به زرعًا تأكلُ منهُ أنعامهُمْ وَأنْفُسُهُمْ) يقول تعالى ذكره: فنخرج بذلك الماء الذي نسوقه إليها على يبسها وغلظها وطول عهدها بالماء زرعا خضرا، تأكل منه مواشيهم، وتغذّى به أبدانهم وأجسامهم فيعيشون به (أفَلا يُبْصرُونَ) يقول تعالى ذكره: أفلا يرون ذلك بأعينهم، فيعلموا برؤيتهموه أن القدرة التي بها فعلت ذلك لا يتعذّر عليّ أن أحيي بها الأموات، وأنشرهم من قبورهم، وأعيدهم بهيئاتهم التي كانوا بها قبل وفاتهم.
------------------
الهوامش :
(2) هذا جزء من بيت من مشطور الرجز، أورده الشوكاني في تفسيره المسمى فتح القدير (4 : 249) طبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده. وهناك البيت بتمامه مع ما يليه:
خَــبّ جَــرُوزٌ وَإِذَا جَــاعَ بَكَـى
وَيَــأْكُلُ التَّمْــرَ وَلا يُلْقـي النَّـوَى
وهو شاهد عند تفسير قوله تعالى: (أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز). قال أبو عبيدة مجاز القرآن (الورقة 193 - أ): الأرض الجرز: أي اليابسة الغليظة التي لم يصبها مطر. ا هـ. وقال الفراء في معاني القرآن (الورقة 253): الجرز التي لا نبات فيها. ويقال للناقة إنها لجراز: إذا كانت تأكل كل شيء، وللإنسان: إنه لجروز: إذا كان أكولا. وسيف جراز: إذا كان لا يبقى شيئًا إلا قطعه.
(3) إبين بكسر الهمزة وفتحها وسكون الباء، وباء مفتوحة: اسم رجل كان في الزمان القديم، ويقال: ذوأبين، وهو الذي ينسب إليه عدن إبين من بلاد اليمن. فلعل راوي الأثر يريد هذا الموضع. (انظر البكري في المعجم).
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تأكل:
وقرئ:
يأكل، بالياء، وهى قراءة أبى بكر، فى رواية.
يبصرون:
1- بياء الغيبة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب، وهى قراءة ابن مسعود.
التفسير :
أي:يستعجل المجرمون بالعذاب، الذي وعدوا به على التكذيب، جهلاً منهم ومعاندة.
{ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ} الذي يفتح بيننا وبينكم، بتعذيبنا على زعمكم{ إِنْ كُنْتُمْ} أيها الرسل{ صَادِقِينَ} في دعواكم.
ثم حكى- سبحانه- ما كان عليه المشركون من غرور واستخفاف بالوعيد فقال:
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
والمراد بالفتح: الحكم والقضاء والفصل في الخصومة بين المتخاصمين، ومنه قوله- تعالى- حكاية عن شعيب- عليه السّلام-: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ. أى: «احكم بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الحاكمين» .
أى: ويقول المشركون للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولأصحابه على سبيل الاستهزاء، واستعجال العقاب: متى هذا الذي تحدثوننا عنه من أن الله- تعالى- سيفصل بيننا وبينكم، ويجعل لكم النصر ولنا الهزيمة؟
لقد طال انتظارنا لهذا اليوم الذي يتم فيه الحكم بيننا وبينكم، فإن كنتم صادقين في قولكم، فادعوا ربكم أن يعجل بهذا اليوم.
يقول تعالى مخبرا عن استعجال الكفار وقوع بأس الله بهم ، وحلول غضبه ونقمته عليهم ، استبعادا وتكذيبا وعنادا : ( ويقولون متى هذا الفتح ) ؟ أي : متى تنصر علينا يا محمد ؟ كما تزعم أن لك وقتا تدال علينا ، وينتقم لك منا ، فمتى يكون هذا ؟ ما نراك أنت وأصحابك إلا مختفين خائفين ذليلين!
القول في تأويل قوله تعالى : وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28)
يقول تعالى ذكره: ( وَيَقُولُونَ ) هؤلاء المشركون بالله يا محمد، لك: ( مَتَى هَذَا الْفَتْحُ ) واختلف في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: متى يجيء هذا الحكم بيننا وبينكم، ومتى يكون هذا الثواب والعقاب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة في قوله: ( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) قال: قال أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن لنا يوما أوشك أن نستريح فيه وننعم فيه. فقال المشركون: (مَتى هذا الفَتْحُ إن كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
وقال آخرون: بل عنى بذلك فتح مكة.
والصواب من القول في ذلك قول من قال: معناه: ويقولون: متى يجيء هذا الحكم بيننا وبينكم، يعنون العذاب.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
السجدة: 28 | ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ |
---|
يونس: 48 | ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ |
---|
الأنبياء: 38 | ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ |
---|
النمل: 71 | ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ |
---|
سبإ: 29 | ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ |
---|
الملك: 25 | ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ} الذي يحصل به عقابكم، لا تستفيدون به شيئًا، فلو كان إذا حصل، حصل إمهالكم، لتستدركوا ما فاتكم، حين صار الأمر عندكم يقينًا، لكان لذلك وجه، ولكن إذا جاء يوم الفتح، انقضى الأمر، ولم يبق للمحنة محل فـ{ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ} لأنه صار إيمان ضرورة،{ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} أي:يمهلون، فيؤخر عنهم العذاب، فيستدركون أمرهم.
وهنا يأمر الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يرد عليهم بما يخرسهم فيقول: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ. أى: قل- أيها الرسول- في الرد على هؤلاء الجاهلين المغرورين: إن يوم الفصل بيننا وبينكم قريب، وهو آت لا محالة في الوقت الذي يحدده الله- تعالى- ويختاره، سواء أكان هذا اليوم في الدنيا، عند ما تموتون على الكفر، أم في الآخرة عند ما يحل بكم العذاب، ولا ينفعكم إيمانكم، ولا أنتم تمهلون أو تنظرون، بل سينزل بكم العذاب سريعا وبدون مهلة.
قال الله تعالى : ( قل يوم الفتح ) أي : إذا حل بكم بأس الله وسخطه وغضبه في الدنيا وفي الأخرى ، ( لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون ) ، كما قال تعالى : ( فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) [ غافر : 83 - 85 ] ، ومن زعم أن المراد من هذا الفتح فتح مكة فقد أبعد النجعة ، وأخطأ فأفحش ، فإن يوم الفتح قد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلام الطلقاء ، وقد كانوا قريبا من ألفين ، ولو كان المراد فتح مكة لما قبل إسلامهم; لقوله : ( قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون ) ، وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل ، كقوله تعالى : ( فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين ) [ الشعراء : 118 ] ، وكقوله : ( قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ) [ سبأ : 26 ] ، وقال تعالى : ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) [ إبراهيم : 15 ] ، وقال : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) [ البقرة : 89 ] ، وقال : ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ) [ الأنفال : 19 ] .
يدلّ على أن ذلك معناه قوله: ( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ) ولا شكَّ أن الكفار قد كان جعل الله لهم التوبة قبل فتح مكة وبعده، ولو كان معنى قوله: ( مَتَى هَذَا الْفَتْحُ ) على ما قاله من قال: يعني به فتح مكة، لكان لا توبة لمن أسلم من المشركين بعد فتح مكة، ولا شكّ أن الله قد تاب على بشر كثير من المشركين بعد فتح مكة، ونفعهم بالإيمان به وبرسوله، فمعلوم بذلك صحة ما قلنا من التأويل، وفساد ما خالفه. وقوله: ( إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) يعنى: إن كنتم صادقين في الذي تقولون، من أنا معاقبون على تكذيبنا محمدا صلى الله عليه وسلم، وعبادتنا الآلهة والأوثان.
وقوله: ( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ ) يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهم يوم الحكم، ومجيء العذاب: لا ينفع من كفر بالله وبآياته إيمانهم الذي يحدثونه في ذلك الوقت.
كما: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ ) قال: يوم الفتح إذا جاء العذاب
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( يَوْمَ الْفَتْحِ ) يوم القيامة، ونصب اليوم في قوله: ( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ ) ردّا على متى، وذلك أن (متى) في موضع نصب. ومعنى الكلام: أنى حينُ هذا الفتح إن كنتم صادقين؟ ثم قيل: يوم كذا، وبه قرأ القرّاء.
وقوله: (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) يقول: ولا هم يؤخرون للتوبة والمراجعة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الروم: 57 | ﴿فَيَوْمَئِذ لَّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ |
---|
السجدة: 29 | ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَّا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} لما وصل خطابهم إلى حالة الجهل، واستعجال العذاب.{ وَانْتَظِرْ} الأمر الذي يحل بهم، فإنه لا بد منه، ولكن له أجل، إذا جاء لا يتقدم ولا يتأخر.{ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} بك ريب المنون، ومتربصون بكم دوائر السوء، والعاقبة للتقوى.
تم تفسير سورة السجدة - بحول اللّه ومنه فله تعالى كمال الحمد والثناء والمجد.
وما دام الأمر كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ. أى: فأعرض عن هؤلاء المشركين، وعن أقوالهم الفاسدة دون أن تلتفت إليها، وامض في طريقك أنت وأتباعك، وانتظر النصرة عليهم بفضلنا وإرادتنا، إنهم- أيضا- منتظرون ما سيئول إليه أمرك، وسيكون أمرك بخلاف ما يمكرون وما ينتظرون.
وبعد: فهذا تفسير وسيط لسورة السجدة، نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم قال : ( فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون ) أي : أعرض عن هؤلاء المشركين وبلغ ما أنزل إليك من ربك ، كقوله : ( اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ) [ الأنعام : 106 ] ، وانتظر فإن الله سينجز لك ما وعدك ، وسينصرك على من خالفك ، إنه لا يخلف الميعاد .
وقوله : ( إنهم منتظرون ) أي : أنت منتظر ، وهم منتظرون ، ويتربصون بكم الدوائر ، ( أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ) [ الطور : 30 ] ، وسترى أنت عاقبة صبرك عليهم وعلى أداء رسالة الله ، في نصرتك وتأييدك ، وسيجدون غب ما ينتظرونه فيك وفي أصحابك ، من وبيل عقاب الله لهم ، وحلول عذابه بهم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، [ والله أعلم ] .
[ آخر تفسير سورة " الم السجدة " ]
وقوله: (فأعْرِض عَنْهُمْ وانْتَظِرْ إنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين بالله، القائلين لك: متى هذا الفتح المستعجليك بالعذاب، وانتظر ما الله صانع بهم، إنهم منتظرون ما تعدهم من العذاب ومجيء الساعة.
كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَأعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) يعني يوم القيامة.
آخر تفسير سورة السجدة، ولله الحمد والمنة.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
النساء: 61 | ﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّـهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا﴾ |
---|
النساء: 81 | ﴿وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا﴾ |
---|
الأنعام: 68 | ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ |
---|
السجدة: 30 | ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
منتظرون:
1- بكسر الظاء، اسم فاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الظاء، اسم مفعول، وهى قراءة اليماني.