38364656667686970717273747576

الإحصائيات

سورة النمل
ترتيب المصحف27ترتيب النزول48
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.50
عدد الآيات93عدد الأجزاء0.45
عدد الأحزاب0.90عدد الأرباع3.50
ترتيب الطول24تبدأ في الجزء19
تنتهي في الجزء20عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 13/29طس: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (64) الى الآية رقم (68) عدد الآيات (5)

تكملةُ الأدلَّةِ الخمسةِ السابقةِ، ثُمَّ أتبعَها بما هو من لوازمِ الألوهيةِ وهو اختصاصُه تعالى بعلمِ الغيبِ، ثُمَّ بيانُ إنكارِ المشركينَ للبعثِ برغمِ كلِّ ما سبقَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (69) الى الآية رقم (76) عدد الآيات (8)

لمَّا أنكرُوا البعثَ أمرَهم اللهُ هنا أن يعتبرُوا بمصيرِ الأممِ التي كَذَّبتْ بالبعثِ، وأمرَه ﷺ ألا يحزنَ لتكذيبِهِم له، ثُمَّ ردَّ على من استعجلَ العذابَ، وبَيَّنَ إعجازَ القرآنِ لإخبارِه عن قصصِ المتقدمينَ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة النمل

الدعوة إلى الإيمان بآيات الله/ العلم والإيمان/ التفوق الحضاري/ الامتنان على النبي ﷺ بمعجزة القرآن

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • ماذا تقدم لنا سورة النمل؟: سورة النمل تصحح مفاهيم وتنادي الأمة: سورة النمل تعاتب الذين يفهمون الإسلام على أنه صلاة ركعتين وبكاء العينين وقراءة آيتين فقط. تقول لهم: هذه الأشياء -على أهميتها بلا شك- ليست كل الإسلام. تقول لهم: الإسلام ليس مجرد إقامة شعائر تعبدية فقط، ليس دين عبادة فقط؛ وإنما هو دين علم وعبادة. تقول لهم: يجب أن تكون الأمة المسلمة متفوقة في العلم، متفوقة حضاريًا. ليس هذا فحسب، بل تؤكد لهم: إن تفوق المسلمين الحضاري وتقدمهم العلمي والتكنولوجي يفيد في الدعوة ويؤثر في الآخرين أضعاف أضعاف ما يؤثر فيهم كلام شخص عادي أو فاشل في حياته العملية أو راسب في امتحاناته. سورة النمل تنادي أمة محمد ﷺ: - يا أمة محمد ﷺ: كونوا متفوقين، كونوا أقوياء، اجمعوا بين العلم والإيمان للنجاح في الحياة. - يا أمة محمد ﷺ: لابد أن تتفوقوا في العلم والتكنولوجيا، في القوة المادية والعسكرية، لتستخدموها في نصرة دين الله - يا أمة محمد ﷺ: اهتموا بالتفوق الحضاري. وتقول لهم: النَّمل أمَّة منظمة وهي نموذج من نماذج التفوق الحضاري، فتعلموا منها، وإذا كانت الحشرة قد نجحت فكيف تفشلون أنتم يا أمة محمد ﷺ؟! وهكذا نرى أن كل سورة توجّه رسالة واضحة للمسلمين لتكمل سور القرآن في عرضها للمنهج الرباني، مما يشعرنا بترابط القرآن وتماسك سوره، فبعد أن كانت رسالة سورة الشعراء: «اهتموا بالإعلام»، أتت سورة النمل لتوجه رسالة مماثلة: «اهتموا بالتفوق الحضاري»، وكلاهما يخدم نفس الهدف: أهمية التفوق والأخذ بالأسباب الدنيوية في تميز المسلمين وتأثيرهم على الآخرين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «النمل».
  • • معنى الاسم :: جمع نملة، وهي حشرة صغيرة الجسم، تتخذ سكنها تحت الأرض، وتعيش في جماعات.
  • • سبب التسمية :: لاشتمالها على قصة النملة التي وعظت بقية النمل، ثم اعتذرت عن سليمان وجنوده, ففهم نبي الله كلامها وتبسم من قولها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: «سورة سليمان»؛ لأن ما ذكر فيها من ملك سليمان مفصلًا لم يذكر مثله في غيرها، و«سورة الهدهد»؛ لأن لفظ الهدهد لم يذكر في غيرها من السور، و«سورة طس»؛ لافتتاحها بهذين الحرفين دون غيرها من السور.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن الإسلام ليس مجرد إقامة شعائر تعبدية فقط، ليس دين عبادة فقط؛ وإنما هو دين علم وعبادة.
  • • علمتني السورة :: أنه يجب أن تكون الأمة المسلمة متفوقة في العلم، متفوقة حضاريًا.
  • • علمتني السورة :: إن تفوق المسلمين الحضاري وتقدمهم العلمي والتكنولوجي يفيد في الدعوة ويؤثر في الآخرين أضعاف أضعاف ما يؤثر فيهم كلام شخص عادي أو فاشل في حياته العملية أو راسب في امتحاناته.
  • • علمتني السورة :: النمل أن القرآن فيه هدى وبشارة للمؤمنين: ﴿طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾

مدارسة الآية : [64] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ..

التفسير :

[64] واسألهم مَن الذي ينشئ الخلق ثم يفنيه إذا شاء، ثم يعيده، ومَن الذي يرزقكم من السماء بإنزال المطر، ومن الأرض بإنبات الزرع وغيره؟ أمعبود سوى الله يفعل ذلك؟ قل:هاتوا حجتكم إن كنتم صادقين في زعمكم أن لله تعالى شريكاً في ملكه وعبادته.

أي:من هو الذي يبدأ الخلق وينشئ المخلوقات ويبتدئ خلقها، ثم يعيد الخلق يوم البعث والنشور؟ ومن يرزقكم من السماء والأرض بالمطر والنبات؟.

{ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} يفعل ذلك ويقدر عليه؟{ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} أي:حجتكم ودليلكم على ما قلتم{ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وإلا فبتقدير أنكم تقولون:إن الأصنام لها مشاركة له في شيء من ذلك فذلك مجرد دعوى صدقوها بالبرهان، وإلا فاعرفوا أنكم مبطلون لا حجة لكم، فارجعوا إلى الأدلة اليقينية والبراهين القطعية الدالة على أن الله هو المتفرد بجميع التصرفات وأنه المستحق أن تصرف له جميع أنواع العبادات.

ثم انتقلت السورة الكريمة- للمرة الخامسة- إلى لفت أنظارهم إلى نعمة أخروية، بعد أن ساقت ما ساقت من النعم الدنيوية، فقال- تعالى-: أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ أى:

قولوا لنا- أيها المشركون- من الذي في قدرته أن يوجد الخلق في الأرحام من نطفة، ثم يحولها إلى علقة، ثم إلى مضغة.. ثم يعيد هذه المخلوقات جميعها بعد موتها، إلى الحياة مرة أخرى؟ لا شك أنه لا يقدر على ذلك أحد سوى الله- تعالى-.

ثم قولوا لنا وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ بالمطر والنبات والأموال، وبغير ذلك من ألوان النعم التي لا تحصى؟.

أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ هو الذي فعل ذلك؟ كلا، لم يفعل ذلك سوى الله- تعالى- وحده ثم لقن الله- تعالى رسوله صلّى الله عليه وسلم الجواب الذي يخرس ألسنتهم عند المعارضة أو المجادلة فقال: قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

أى: قل لهم- أيها الرسول الكريم- عند معارضتهم لك، أحضروا حجتكم وهاتوا برهانا عقليا أو نقليا، على أن لله- تعالى- شريكا في ملكه، إن كنتم صادقين فيما انغمستم فيه من جهل وشرك وكفر به- عز وجل-.

قال الإمام الرازي ما ملخصه: اعلم أنه- تعالى- لما عدد نعم الدنيا، أتبع ذلك بنعم الآخرة فقال: أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ، لأن نعم الله بالثواب لا تتم إلا بالإعادة بعد الابتداء. فإن قيل: كيف قيل لهم: أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وهم منكرون للإعادة؟.

فالجواب: أنهم كانوا معترفين بالابتداء، ودلالة الابتداء على الإعادة دلالة ظاهرة قوية، فلما كان الكلام مقرونا بالدلالة الظاهرة، صاروا كأنهم لم يبق لهم عذر في الإنكار.. .

وبذلك ترى هذه الآيات الكريمة. قد أقامت أوضح الأدلة وأقواها، على وحدانية الله- تعالى-، وعلى كمال قدرته، وشمول علمه، وانفراده بالخلق والتدبير..

ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك إلى الحديث عن علم الله- تعالى- الذي غيبه عن عباده، وعن أقوال المشركين في شأن البعث والحساب، وعن توجيهات الله- تعالى- لنبيه في الرد عليهم.. فقال- تعالى-:

أي : هو الذي بقدرته وسلطانه يبدأ الخلق ثم يعيده ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : ( إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد ) [ البروج : 12 ، 13 ] ، وقال ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] .

( ومن يرزقكم من السماء والأرض ) أي : بما ينزل من مطر السماء ، وينبت من بركات الأرض ، كما قال : ( والسماء ذات الرجع . والأرض ذات الصدع ) [ الطارق : 11 ، 12 ] ، وقال ( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ) [ الحديد : 4 ] ، فهو ، تبارك وتعالى ، ينزل من السماء ماء مباركا فيسكنه في الأرض ، ثم يخرج به [ منها ] أنواع الزروع والثمار والأزاهير ، وغير ذلك من ألوان شتى ، ( كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ) [ طه : 54 ] ; ولهذا قال : ( أإله مع الله ) أي : فعل هذا . وعلى القول الآخر : يعبد ؟ ( قل هاتوا برهانكم ) على صحة ما تدعونه من عبادة آلهة أخرى ، ( إن كنتم صادقين ) في ذلك ، وقد علم أنه لا حجة لهم ولا برهان ، كما قال [ الله ] : ( ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) [ المؤمنون : 117 ] .

يقول تعالى ذكره: أم ما تشركون أيها القوم خير, أم الذي يبدأ الخلق ثم يعيده, فينشئه من غير أصل, ويبتدعه ثم يفنيه إذا شاء, ثم يعيده إذا أراد كهيئته قبل أن يفنيه, والذي يرزقكم من السماء والأرض فينـزل من هذه الغيث, وينبت من هذه النبات لأقواتكم, وأقوات أنعامكم (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ) سوى الله يفعل ذلك؟ وإن زعموا أن إلها غير الله يفعل ذلك أو شيئا منه ف ( قُلْ ) لهم يا محمد ( هاتوا برهانكم ) أي حجتكم على أن شيئا سوى الله يفعل ذلك (إن كنتم صادقين ) في دعواكم. و من التي في " أمَّن " و " ما " مبتدأ في قوله: أما يشركون, والآيات بعدها إلى قوله: (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ ) بمعنى " الذي ", لا بمعنى الاستفهام, وذلك أن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[64] ﴿أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ من الخالق؟! من المحيي؟! من الرازق؟! تعرفوا إلى الله من أسمائه وصفاته، وإلا فكيف تعبدون من لا تعرفون؟!
وقفة
[64] ﴿وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾، ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات: 22] مسكين من توهم قطع الأرزاق؛ لأن لها منابع في الأرض ومنافذ من السماء.
وقفة
[64] ﴿ومن يرزقكم من السماء والأرضۗ أإلَٰه مع الله﴾ لو تفكر الإنسان بانتظام رزقه لكفاه إيمانًا بربه، ولكنه اعتاد عليه فذهبت هيبته من قلبه.
تفاعل
[64] ﴿أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[64] ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ منحهم حق التعبير عن أدلتهم والاحتجاج بهارغم سقوط قضيتهم وتهاويها.
عمل
[64] إياك أن تقول كلامًا فيه اتهام لمسلم لا تستطيع أن تثبته إذا قيل لك يوم القيامة: ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾، ولن ينفعك أن تقول: «سمعت» أو «قيل لي».
وقفة
[60-64] ترسيخ عقيدة التوحيد من خلال التذكير بنعم الله.

الإعراب :

  • ﴿ أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ:
  • تعرب اعراب أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ» الواردة في الآية الكريمة الثانية والستين.
  • ﴿ ثُمَّ يُعِيدُهُ:
  • ثم حرف عطف. يعيده: فعل مضارع معطوف على يَبْدَؤُا» والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ:
  • الواو عاطفة. وما بعدها: معطوف على «من يبدوا الخلق» والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور وحذف المفعول الثاني لانه معلوم اي الماء والزرع.
  • ﴿ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بيرزقكم اي يرزقكم من السماء الماء. والأرض: معطوفة بالواو على السماء وتعرب اعرابها أي: ويرزقكم من الارض النبات.
  • ﴿ أَءِلهٌ مَعَ اللهِ:
  • اعربت في الآية الكريمة الستين.
  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ هاتُوا بُرْهانَكُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.هاتوا: فعل امر مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وفي حالة تقديره على معنى «ائتوا» يكون فعل امر مبنيا على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة. برهانكم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ:
  • ان: حرف شرط‍ جازم. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. صادقين: خبر «كان» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه. المعنى: ان كنتم صادقين في دعواكم ان مع الله إلها فهاتوا برهانكم اي فأين دليلكم على قولكم او دعواكم.'

المتشابهات :

يونس: 31﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
النمل: 64﴿أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
فاطر: 3﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [64] لما قبلها :     الدليل الخامس: نعمة الخلق والرزق، قال تعالى:
﴿ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أمن:
انظر الآية: 60 من هذه السورة.
أإله:
انظر الآية: 60، من هذه السورة.

مدارسة الآية : [65] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي ..

التفسير :

[65] قل -أيها الرسول- لهم:لا يعلم أحد في السموات ولا في الأرض ما استأثر الله بعلمه من المغيَّبات، ولا يدرون متى هم مبعوثون مِن قبورهم عند قيام الساعة؟

يخبر تعالى أنه المنفرد بعلم غيب السماوات والأرض كقوله تعالى:{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} وكقوله:{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} إلى آخر السورة.

فهذه الغيوب ونحوها اختص الله بعلمها فلم يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل، وإذا كان هو المنفرد بعلم ذلك المحيط علمه بالسرائر والبواطن والخفايا فهو الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ثم أخبر تعالى عن ضعف علم المكذبين بالآخرة منتقلا من شيء إلى ما هو أبلغ منه فقال:{ وَمَا يَشْعُرُونَ} أي:وما يدرون{ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} أي:متى البعث والنشور والقيام من القبور أي:فلذلك لم يستعدوا.

ذكر بعض المفسرين أن كفار مكة سألوا النبي صلّى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة، فنزل قوله- تعالى-: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ...

والغيب: مصدر غاب يغيب، وكثيرا ما يستعمل بمعنى الغائب، ومعناه: ما لا تدركه الحواس، ولا يعلم ببداهة العقل.

و «من» اسم موصول في محل رفع على أنه فاعل «يعلم» و «الغيب» مفعوله فيكون المعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لكل من سألك عن موعد قيام الساعة: لا يعلم أحد من المخلوقات الكائنة في السموات والأرض، الغيب إلا الله- تعالى- وحده، فإنه هو الذي يعلمه.

ويجوز أن يكون لفظ «من» في محل نصب على المفعولية و «الغيب» بدل منه، ولفظ الجلالة «الله» فاعل «يعلم» فيكون المعنى: قل لا يعلم الأشياء التي تحدث في السموات والأرض الغائبة عنا، إلا الله- تعالى-.

قال القرطبي: وفي صحيح مسلم عن عائشة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من زعم أن محمدا صلّى الله عليه وسلم يعلم ما في غد، فقد أعظم على الله الفرية» .

وقوله- سبحانه-: وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ تأكيد لانفراد الله- تعالى- بعلم الغيوب، ولفظ «أيان» ظرف زمان متضمن معنى متى.

أى: وما يشعر هؤلاء الكافرون الذين سألوا عن وقت قيام الساعة، ولا غيرهم، متى يكون بعثهم من قبورهم للحساب، إذ علم وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا الله وحده.

فالجملة الكريمة تنفى عنهم العلم بموعد قيام الساعة في أدق صورة وأخفاها، فهم لا يشعرون ولا يحسون بقيام الساعة، بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ، فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها، وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ .

قول تعالى آمرا رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول معلما لجميع الخلق : أنه لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب . وقوله : ( إلا الله ) استثناء منقطع ، أي : لا يعلم أحد ذلك إلا الله عز وجل ، فإنه المنفرد بذلك وحده ، لا شريك له ، كما قال : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) الآية [ الأنعام : 59 ] ، وقال : ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ) [ لقمان : 34 ] ، والآيات في هذا كثيرة .

وقوله : ( وما يشعرون أيان يبعثون ) أي : وما يشعر الخلائق الساكنون في السموات والأرض بوقت الساعة ، كما قال : ( ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة ) [ الأعراف : 187 ] ، أي : ثقل علمها على أهل السموات والأرض .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : من زعم أنه يعلم - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ; لأن الله تعالى يقول : ( لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) .

وقال قتادة : إنما جعل الله هذه النجوم لثلاث خصلات : جعلها زينة للسماء ، وجعلها يهتدى بها ، وجعلها رجوما [ للشياطين ] ، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال برأيه ، وأخطأ حظه ، وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به . وإن ناسا جهلة بأمر الله ، قد أحدثوا من هذه النجوم كهانة : من أعرس بنجم كذا وكذا ، كان كذا وكذا . ومن سافر بنجم كذا وكذا ، كان كذا وكذا . ومن ولد بنجم كذا وكذا ، كان كذا وكذا . ولعمري ما من نجم إلا يولد به الأحمر والأسود ، والقصير والطويل ، والحسن والدميم ، وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير بشيء من الغيب! وقضى الله : أنه لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ، وما يشعرون أيان يبعثون .

رواه ابن أبي حاتم عنه بحروفه ، وهو كلام جليل متين صحيح .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( قُلْ ) يا محمد لسائليك من المشركين عن الساعة متى هي قائمة (لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ ) الذي قد استأثر الله بعلمه, وحجب عنه خلقه غيره والساعة من ذلك (وَمَا يَشْعُرُونَ ) يقول: وما يدري من في السماوات والأرض من خلقه متى هم مبعوثون من قبورهم لقيام الساعة.

وقد حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا داود بن أبي هند, عن الشعبيّ, عن مسروق, قال: قالت عائشة: من زعم أنه يخبر الناس بما يكون في غد, فقد أعظم على الله الفرية, والله يقول: (لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ ).

واختلف أهل العربية في وجه رفع الله, فقال بعض البصريين: هو كما تقول: إلا قليل منهم. وفي حرف ابن مسعود: قليلا بدلا من الأوّل, لأنك نفيته عنه وجعلته للآخر.

وقال بعض الكوفيين: إن شئت أن تتوهم في " ومن " المجهول, فتكون معطوفة على: قل لا يعلم أحد الغيب إلا الله. قال: ويجوز أن تكون " من " معرفة, ونـزل ما بعد " إلا " عليه, فيكون عطفا ولا يكون بدلا لأن الأوّل منفي, والثاني مثبت, فيكون في النسق كما تقول: قام زيد إلا عمرو, فيكون الثاني عطفا على الأوّل, والتأويل جحد, ولا يكون أن يكون الخبر جحدًا, أو الجحد خبرا. قال: وكذلك مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ وقليلا من نصب, فعلى الاستثناء في عبادتكم إياه, ومن رفع فعلى العطف, ولا يكون بدلا.

المعاني :

وَمَا يَشْعُرُونَ :       مَا يَعْلَمُونَ السراج
وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ :       مَتَى؟ السراج

التدبر :

وقفة
[65] ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ﴾ علم الغيب مما اختص به الله فادعاؤه كفر.
وقفة
[65] عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: «يَا أَبَا عَائِشَةَ، ثَلاَثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ»، قُلْتُ: «مَا هُنَّ؟»، قَالَتْ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، ... وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، ... وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ﴾». [مسلم: 177].
وقفة
[65] ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ لما أبطلت الآيات السابقة إلهية أصنام المشركين بالأدلة المتظاهرة فانقطع دابر عقيدة الإشراك، ثني عنان الإبطال إلى أثر من آثار الشرك؛ وهو ادعاء علم الغيب بالكهانة، وإخبار الجن.
عمل
[65] انصح من يبحثون عن الغيب من خلال النجوم أو المشعوذين ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾.
وقفة
[65] علم الغيب خاص بالله تعالى، فمن ادعى أنه يعلم غيبًا فقد كذب ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ لا يَعْلَمُ مَنْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.لا: نافية لا عمل لها. يعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى «احد».
  • ﴿ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بمضمر تقديره: استقر او هو كائن. وجملة «استقر في السموات» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والارض: معطوفة بالواو على السَّماواتِ» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الا: اداة حصر لا عمل لها. الله لفظ‍ الجلالة: بدل من مَنْ» مرفوع للتعظيم بالضمة. على تقدير لغة بني تميم بحذف المستثنى منه اي لا يعلم احد الغيب الا الله كقولنا: ما اعانه اخوانكم الا اخوانه على نية عدم وجود او ذكر «اخوانكم» او يكون لفظ‍ الجلالة مبتدأ وخبره محذوفا لتقدم معناه اي ولكن الله يعلمه.
  • ﴿ وَما يَشْعُرُونَ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. يشعرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ أَيّانَ يُبْعَثُونَ:
  • أيان: اسم استفهام بمعنى «متى» مبني على الفتح في محل نصب ظرف زمان متعلق بيشعرون. يبعثون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى: لا يدرون متى يبعثون بعد موتهم اي لا يعرفون وقت البعث.'

المتشابهات :

النحل: 21﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
النمل: 65﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [65] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ خمسة أدلَّة على وحدانيتِه وقدرتِه واستحقاقِه للعبادة؛ ذكرَ هنا ما هو من لوازم ذلك، وهو اختصاصُه تعالى بعلمِ الغيبِ؛ تكميلًا لما قبله، وتمهيدًا لما بعده من أمر البعث، قال تعالى:
﴿ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أيان:
وقرئ:
بكسر الهمزة، وهى قراءة السلمى، وهى لغة قبيلة بنى سليم.

مدارسة الآية : [66] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ ..

التفسير :

[66]بل تكامل علمهم في الآخرة، فأيقنوا بالدار الآخرة، وما فيها مِن أهوال حين عاينوها، وقد كانوا في الدنيا في شك منها، بل عميت عنها بصائرهم.

{ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} أي:بل ضعف، وقل ولم يكن يقينا، ولا علما واصلا إلى القلب وهذا أقل وأدنى درجة للعلم ضعفه ووهاؤه، بل ليس عندهم علم قوي ولا ضعيف وإنما{ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا} أي:من الآخرة، والشك زال به العلم لأن العلم بجميع مراتبه لا يجامع الشك،{ بَلْ هُمْ مِنْهَا} أي:من الآخرة{ عَمُونَ} قد عميت عنها بصائرهم، ولم يكن في قلوبهم من وقوعها ولا احتمال بل أنكروها واستبعدوها.

ثم بين- سبحانه- حقيقة أمرهم في الآخرة بصورة أكثر تفصيلا. فقال: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ..

وقوله- تعالى-: بَلِ ادَّارَكَ ... قرأه الجمهور- بكسر اللام وتشديد الدال وبعدها ألف- وأصله تدارك، بزنة تفاعل.

وللعلماء في تفسير هذه الآية أقوال أشهرها: أن التدارك بمعنى الاضمحلال والفناء، وأصله التتابع والتلاحق. يقال: تدارك بنو فلان، إذا تتابعوا في الهلاك، و «في» بمعنى الباء.

أى: بل تتابع علم هؤلاء المشركين بشئون البعث حتى اضمحل وفنى، ولم يبق لهم علم بشيء مما سيكون فيها قطعا مع توافر أسبابه ومباديه من الدلائل.

والمقصود: أن أسباب علمهم بأحوال الآخرة مع توافرها، قد تساقطت من اعتبارهم لكفرهم بها، فأجرى ذلك مجرى تتابعها في الانقطاع.

ومنهم من يرى أن التدارك هنا التكامل، فيكون المعنى: بل تكامل علمهم بشئون الآخرة، حين يعاينون ما أعد لهم فيها من عذاب، بعد أن كانوا ينكرون البعث والحساب في الدنيا..

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ إضراب عما تقدم على وجه يفيد تأكيده وتقريره.. والمعنى: بل تتابع علمهم في شأن الآخرة، التي ما ذكر من البعث حال من أحوالها، حتى انقطع وفنى، ولم يبق لهم علم بشيء مما سيكون فيها قطعا، مع توفر أسبابه، فهو ترق من وصفهم بجهل فاحش إلى وصفهم بجهل أفحش.. وجوز أن يكون «ادارك» بمعنى استحكم وتكامل.. .

ويبدو لنا أن الآية الكريمة تتسع للقولين، على معنى أن المشركين اضمحل علمهم بالآخرة لكفرهم بها في الدنيا، فإذا ما بعثوا يوم القيامة وشاهدوا العذاب، أيقنوا بحقيقتها، وتكامل علمهم واستحكم بأن ما كانوا ينكرونه في الدنيا. قد صار حقيقة لا شك فيها، ولا مفر لهم من عذابها..

ومن الآيات التي توضح هذا المعنى قوله- تعالى-: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أى: علمك بما كنت تنكره في الدنيا قد صار في نهاية القوة والوضوح.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: بل أدرك علمهم في الآخرة- بسكون اللام من بل.

وهمزة قطع مفتوحة مع سكون الدال في «أدرك» فهو بزنة أفعل.

أى: بل كمل علمهم في الآخرة، وذلك بعد أن شاهدوا أهوالها، ورأوها بأعينهم، وقد كانوا مكذبين بها في الدنيا.

وقوله- سبحانه-: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها. بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ بيان لأحوالهم في الدنيا.

أى: أن هؤلاء المشركين كانوا في الدنيا يشكون في الآخرة، بل كانوا في عمى عنها، بحيث لا يفتحون بصائرهم أو أبصارهم، عما قال لهم الرسول صلّى الله عليه وسلم بشأنها.

فأنت ترى أن الآية الكريمة قد انتقلت في تصوير كفر هؤلاء المشركين بالآخرة، من حالة شنيعة إلى حالة أخرى أشد منها في الشناعة والجحود.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هذه الإضرابات الثلاثة ما معناها؟ قلت: ما هي إلا تنزيل لأحوالهم وصفهم أولا بأنهم لا يشعرون وقت البعث، ثم لا يعلمون بأن القيامة كائنة، ثم إنهم يخبطون في شك ومرية، فلا يزيلونه مع أن الإزالة مستطاعة.. ثم بما هو أسوأ حالا وهو العمى، وأن يكون مثل البهيمة قد عكف همه على بطنه وفرجه، لا يخطر بباله حق ولا باطل، ولا يفكر في عاقبة .

وقوله : ( بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها ) أي : انتهى علمهم وعجز عن معرفة وقتها .

وقرأ آخرون : " بل أدرك علمهم " ، أي : تساوى علمهم في ذلك ، كما في الصحيح لمسلم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجبريل - وقد سأله عن وقت الساعة - ما المسؤول عنها بأعلم من السائل أي : تساوى في العجز عن درك ذلك علم المسؤول والسائل .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( بل ادارك علمهم في الآخرة ) أي : غاب .

وقال قتادة : ( بل ادارك علمهم في الآخرة ) يعني : يجهلهم ربهم ، يقول : لم ينفذ لهم إلى الآخرة علم ، هذا قول .

وقال ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : " بل أدرك علمهم في الآخرة " حين لم ينفع العلم ، وبه قال عطاء الخراساني ، والسدي : أن علمهم إنما يدرك ويكمل يوم القيامة حيث لا ينفعهم ذلك ، كما قال تعالى : ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ) [ مريم : 38 ] .

وقال سفيان ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن أنه كان يقرأ : " بل أدرك علمهم " قال : اضمحل علمهم في الدنيا ، حين عاينوا الآخرة .

وقوله : ( بل هم في شك منها ) عائد على الجنس ، والمراد الكافرون ، كما قال تعالى : ( وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ) [ الكهف : 48 ] أي : الكافرون منكم . وهكذا قال هاهنا : ( بل هم في شك منها ) أي : شاكون في وجودها ووقوعها ، ( بل هم منها عمون ) أي : في عماية وجهل كبير في أمرها وشأنها .

وقوله: (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ ) اختلفت القراء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة سوى أبي جعفر وعامة قرّاء أهل الكوفة : (بَلِ ادَّارَكَ ) بكسر اللام من " بل " وتشديد الدال من " ادراك ", بمعنى: بل تدارك علمهم أي تتابع علمهم بالآخرة هل هي كائنة أم لا ثم أدغمت التاء في الدال كما قيل: اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ وقد بينا ذلك فيما مضى بما فيه الكفاية من إعادته.

وقرأته عامة قرّاء أهل مكة: " بَلْ أدْرَك عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ" بسكون الدال وفتح الألف, بمعنى هل أدرك علمهم علم الآخرة. وكان أبو عمرو بن العلاء يُنكر فيما ذكر عنه قراءة من قرأ: " بَلْ أدْرَكَ" ويقول: إن " بل " إيجاب والاستفهام في هذا الموضع إنكار. ومعنى الكلام: إذا قرئ كذلك " بَلْ أَدْرَكَ" لم يكن ذلك لم يدرك علمهم في الآخرة, وبالاستفهام قرأ ذلك ابن محيصن على الوجه الذي ذكرت أن أبا عمرو أنكره.

وبنحو الذي ذكرت عن المكيين أنهم قرءوه، ذُكر عن مجاهد أنه قرأه, غير أنه كان يقرأ في موضع بل: أم.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الله بن موسى, قال: ثنا عثمان بن الأسود, عن مجاهد, أنه قرأ " أمْ أدْرَكَ عِلْمُهُمْ" وكان ابن عباس فيما ذُكر عنه يقرأ بإثبات ياء في بل, ثم يبتدئ " أدّراك " بفتح ألفها على وجه الاستفهام وتشديد الدال.

حدثنا حميد بن مسعدة, قال: ثنا بشر بن المفضل, قال: ثنا شعبة, عن أبي حمزة, عن ابن عباس في هذه الآية: " بَلى أدَّرَاكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ": أي لم يدرك.

حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي حمزة, قال: سمعت ابن عباس يقرأ " بَلى أدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ" إنما هو استفهام أنه لم يدرك. وكأن ابن عباس وجه ذلك إلى أن مخرجه مخرج الاستهزاء بالمكذّبين بالبعث.

والصواب من القراءات عندنا في ذلك، القراءتان اللتان ذكرت إحداهما عن قرأة أهل مكة والبصرة, وهي " بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ" بسكون لام بل، وفتح ألف أدرك، وتخفيف دالها, والأخرى منهما عن قرأة الكوفة, وهي (بَلِ ادَّارَكَ ) بكسر اللام وتشديد الدال من ادّارك؛ لأنهما القراءتان المعروفتان في قرّاء الأمصار, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب عندنا. فأما القراءة التي ذُكرت عن ابن عباس, فإنها وإن كانت صحيحة المعنى والإعراب, فخلاف لما عليه مصاحف المسلمين, وذلك أن في بلى زيادة ياء في قراءاته ليست في المصاحف, وهي مع ذلك قراءة لا نعلمها قرأ بها أحد من قرّاء الأمصار. وأما القراءة التي ذكرت عن ابن محيصن, فإن الذي قال فيها أبو عمرو قول صحيح؛ لأن العرب تحقق ببل ما بعدها لا تنفيه، والاستفهام في هذا الموضع إنكار لا إثبات, وذلك أن الله قد أخبر عن المشركين أنهم من الساعة في شكّ, فقال: (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ).

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معناه: بل أدرك علمهم في الآخرة فأيقنوها إذ عاينوها حين لم ينفعهم يقينهم بها, إذ كانوا بها في الدنيا مكذّبين.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال عطاء الخراساني, عن ابن عباس: " بَلْ أدْرَكَ عِلْمُهُمْ" قال: بصرهم في الآخرة حين لم ينفعهم العلم والبصر.

وقال آخرون: بل معناه: بل غاب علمهم في الآخرة.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: " بَلْ أدْرَكَ عِلْمُهُمْ في الآخرة " يقول: غاب علمهم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( بَلْ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ في الآخِرَةِ ) قال: يقول: ضلّ علمهم في الآخرة فليس لهم فيها علم,(هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ).

وقال آخرون: معنى ذلك: لم يبلغ لهم فيها علم.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد, قال: ثني أبي, عن جدي, قال: ثنا الحسين, عن قَتادة في قوله: (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ ) قال: كان يقرؤها: " بَلْ أدْرَكَ علْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ" قال: لم يبلغ لهم فيها علم, ولا يصل إليها منهم رغبة.

وقال آخرون: معنى ذلك: بل أدْرَكَ: أم أدرك.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " بَلْ أدْرَكَ علْمُهُمْ" قال: أم أدرك.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عثمان, عن مجاهد: " بَلْ أدْرَكَ علْمُهُمْ" قال: أم أدرك علمهم، من أين يدرك علمهم؟

حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, بنحوه.

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب على قراءة من قرأ " بَلْ أدْرَكَ" القول الذي ذكرناه عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس, وهو أن معناه: إذا قرئ كذلك (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) بل أدرك علمهم نفس وقت ذلك في الآخرة حين يبعثون, فلا ينفعهم علمهم به حينئذ, فأما في الدنيا فإنهم منها في شكّ, بل هم منها عمون.

وإنما قلت: هذا القول أولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب، على القراءة التي ذُكِرَت؛ لأن ذلك أظهر معانيه. وإذ كان ذلك معناه، كان في الكلام محذوف قد استغني بدلالة ما ظهر منه عنه، وذلك أن معنى الكلام: وما يشعرون أيان يُبْعثون, بل يشعرون ذلك في الآخرة, فالكلام إذا كان ذلك معناه, وما يشعرون أيان يبعثون, بل أدرك علمهم بذلك في الآخرة, بل هم في الدنيا في شك منها. وأما على قراءة من قرأه (بَلِ ادَّارَكَ ) بكسر اللام وتشديد الدال, فالقول الذي ذكرنا عن مجاهد, وهو أن يكون معنى بل: أم, والعرب تضع أم موضع بل, وموضع بل: أم, إذا كان في أول الكلام استفهام كما قال الشاعر:

فَوَاللــهِ مـا أَدْرِي أَسَـلْمَى تَغَـوَّلَت

أمِ النَّــوْمُ أَمْ كُــلٌّ إلــيَّ حَـبِيبُ (1)

يعني بذلك بل كلّ إلي حبيب, فيكون تأويل الكلام: وما يشعرون أيان يبعثون, بل تدارك علمهم في الآخرة: يعني تتابع علمهم في الآخرة: أي بعلم الآخرة: أي لم يتتابع بذلك ولم يعلموه, بل غاب علمهم عنه, وضل فلم يبلغوه ولم يدركوه.

وقوله: (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا ) يقول: بل هؤلاء المشركون الذين يسألونك عن الساعة في شك من قيامها، لا يوقنون بها ولا يصدّقون بأنهم مبعوثون من بعد الموت (بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ) يقول: بل هم من العلم بقيامها عمون.

------------------------

الهوامش:

(1) تغولت: تراءت لي في النوم في صور مختلفة. والشاهد في البيت: أن "أم" الأولى متصلة، لأنها معادلة للهمزة، يقول: لا أدري أهو طيف سلمى عرض لي وتراءى، أم هو النوم يخلط على صور الأشياء، وهي أضغاث الأحلام. وأما (أم) الثانية فإنها للإضراب: بمعنى (بل) يقول: بل كل ذلك حبيب إلى نفسي. يريد ما يتراءى له من طيف الخيال. وما يراه في النوم من الأحلام. والبيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 236 من مصورة الجامعة). وفي (اللسان: درك). فأما من قرأ: "بل أدارك"، فإن الفراء قال: معناه لغة: تدارك، أي تتابع علمهم في الآخرة؛ يريد بعلم الآخرة: تكون أو لا تكون: ولذلك قال: (بل هم في شك منها بل هم منها عمون) قال: وهي في قراءة أبي: (أم تدارك)؛ والعرب تجعل (بل) مكان (أم)، و (أم) مكان (بل) إذا كان في أول الكلام استفهام، مثل قول الشاعر: "فوالله ما أدري.." البيت. معنى (أم): (بل). وقال أبو معاذ النحوي: ومن قرأ: "بل أدرك"، ومن قرأ: "بل أدارك" فمعناهما واحد. يقول: هم علماء في الآخرة، كقول الله تعالى: (أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا) ونحو ذلك، قال السدي في تفسيره: اجتمع علمهم في الآخرة، ومعناها عنده: أي علموا في الآخرة أن الذي كانوا يوعدون به حق. وقال الأزهري: والقول في تفسير أدرك وأدارك ومعنى الآية: ما قال السدي وذهب إليه أبو معاذ وأبو سعيد. والذي قاله الفراء في معنى تدارك أي تتابع علمهم في الآخرة، أنها تكون أو لا تكون ليس بالبين، إنما المعنى: أنه تتابع علمهم في الآخرة، وتوطأ حين حقت القيامة، وخسروا، وبان لهم صدق ما وعدوا، حين لا ينفعهم ذلك العلم ا ه.

المعاني :

ادَّارَكَ :       تَكَامَلَ أَوِ انْتَهَى عِلْمُهُمْ وَعَجَزَ عَنْ مَعْرِفَةِ وَقْتِهَا السراج
إدّارك علمهم في الآخرة :       تكامل و استحكم علمهم بأحوالها و هو تهكّم بهم لفرْط جهلهم بها معاني القرآن
عَمِونَ :       عَمِيَتْ بَصَائِرُهُمْ عَنْهَا السراج
عمون :       عُمي البصائر عن دلائلها البيّـنة معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[66] ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا ۖ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ﴾ فانتقل في الإخبار عن أحوال هؤلاء المكذبين بالإخبار أنهم لا يدرون متى وقت الآخرة، ثم الإخبار بضعف علمهم فيها، ثم الإخبار بأنه شك، ثم الإخبار بأنه عمى، ثم الإخبار بإنكارهم لذلك، واستبعادهم وقوعه، أي: وبسبب هذه الأحوال ترحَّل خوف الآخرة من قلوبهم، فأقدموا على معاصي الله، وسهل عليهم تكذيب الحق، والتصديق بالباطل، واستحلوا الشهوات على القيام بالعبادات؛ فخسروا دنياهم وأخراهم.
وقفة
[66] ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا ۖ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ﴾ اضمحل علمهم بالآخرة لكفرهم بها في الدنيا، فإذا ما بعثوا يوم القيامة وشاهدوا العذاب، تكامل علمهم وصار عين يقين، وثبت ما كانوا ينكرونه في الدنيا.
وقفة
[66] ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا ۖ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ﴾ الغفلة عن الآخرة مدعاة لقسوة القلب، وتسهيل الوقوع في المعصية.

الإعراب :

  • ﴿ بَلِ ادّارَكَ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. ادراك: فعل ماض مبني على الفتح اصله «تدارك» فأدغمت التاء في الدال بمعنى: «تلاحق» او اضمحل او تتابع. وكسرت لام بَلِ» لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. و عِلْمُهُمْ» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. في الآخرة: جار ومجرور متعلق بادراك علمهم بمعنى: علموا في الآخرة ان ما وعدوا به حق.
  • ﴿ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها:
  • بل حرف اضراب. هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-اي المشركين ممن في السموات والارض في محل رفع مبتدأ. في شك: جار ومجرور متعلق بخبر عِلْمُهُمْ».منها: جار ومجرور متعلق بشك بمعنى بل هم في شك ومرية من الآخرة.
  • ﴿ بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ:
  • اعربت. عمون: خبر عِلْمُهُمْ» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم اي «عمي» وهي جمع «اعمى» وحذفت الياء منها لالتقاء الساكنين. بمعنى: هم عمي عن رؤية انها لا شك فيها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [66] لما قبلها :     وبعد تعييرهم بعدم شعورهم بوقت بعثهم؛ أكد اللهُ هنا جهلهم بهذا اليوم، قال تعالى:
﴿ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بل ادراك:
1- بإدغام التاء فى الدال، إذ أصله: تدارك، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- أم تدارك، وهى قراءة أبى.
3- بل أدرك، بنقل حركة الهمزة إلى اللام، وتشديد الدال، بناء على أن وزنه «افتعل» فأدغم الدال، وهى فاء الكلمة، فى التاء بعد قلبها دالا، والهمزة المحذوفة المنقول حركتها إلى اللام وهى همزة الاستفهام، أدخلت على ألف الوصل، فانحذفت ألف الوصل، ثم انحذفت هى وألقيت حركتها على لام «بل» ، وهى قراءة سليمان بن يسار.
4- على القراءة السابقة، مع كسر لام «بل» ، وهى قراءة أبى رجاء، والأعرج، وشيبة، وطلحة العنبري.
5- أدرك، على وزن «افعل» ، بمعنى: تفاعل، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو، وأبى جعفر، وأهل مكة.
6- آدرك، بمد همزة الاستفهام، وأصله: أأدرك، فقلبت الثانية ألفا تخفيفا، كراهة الجمع بين همزتين، وهى قراءة الحسن، وقتادة، وابن محيصن.
7- أم أدرك، «أم» بدل «بل» و «أدرك» على وزن «افعل» ، وهى قراءة مجاهد.
8- ادراك، بهمزة داخلة على «ادارك» ، فتسقط همزة الوصل المجتلبة لأجل الإدغام والنطق بالساكن، وهى قراءة ابن عباس أيضا.
9- أأدرك، بهمزتين، همزة الاستفهام وهمزة «أفعل» وهى قراءة ابن مسعود.
10- أدرك، بهمزة، وإدغام فاء الكلمة، وهى الدال، فى تاء «افتعل» بعد صيرورة «التاء» : دالا.
11- أدرك، بحذف همزة «أدرك» ونقل حركتها إلى اللام.

مدارسة الآية : [67] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا ..

التفسير :

[67] وقال الذين جحدوا وحدانية الله:أنحن وآباؤنا مبعوثون أحياء كهيئتنا من بعد مماتنا بعد أن صرنا تراباً؟

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ} أي:هذا بعيد غير ممكن قاسوا قدرة كامل القدرة بقدرهم الضعيفة.

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك أقوالهم الباطلة، التي جعلتهم في عمى عن الآخرة فقال:

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ.

أى: وقال الذين كفروا على سبيل الإنكار للبعث والحساب: أإذا متنا وصرنا مثل التراب، وصار آباؤنا كذلك مثل التراب، أنبعث ونخرج إلى الحياة مرة أخرى بعد أن صرنا جميعا عظاما نخرة وأجسادا بالية؟

يقولون هذا، وينسون لجهلهم وانطماس بصائرهم أن الله- تعالى- أوجدهم بقدرته ولم يكونوا شيئا مذكورا.

والاستفهام للإنكار والنفي، والعامل في «إذا» محذوف، دل عليه «مخرجون» وقوله: وَآباؤُنا معطوف على اسم كان، أى: أنبعث ونخرج نحن وآباؤنا إذا كنا كذلك؟

يقول تعالى مخبرا عن منكري البعث من المشركين : أنهم استبعدوا إعادة الأجساد بعد صيرورتها عظاما ورفاتا وترابا ،

يقول تعالى ذكره: قال الذين كفروا بالله: أئنا لمخرجون من قبورنا أحياء, كهيئتنا من بعد مماتنا بعد أن كنا فيها ترابا قد بلينا؟.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[67] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ﴾ وينسون أنهم خلقوا أول مرة، ولم يكونوا من قبل شيئًا، ولا يدري أحد أين كانت الخلايا والذرات التي تكونت منها هياكلهم الأولى، فهؤلاء في خلقتهم أول مرة، فما العجب أن يكونوا كذلك أو على نحو آخر في المرة الآخرة!
وقفة
[67] ﴿وَقالَ الَّذينَ كَفَروا أَإِذا كُنّا تُرابًا وَآباؤُنا أَئِنّا لَمُخرَجونَ﴾ يقولون هذا، وينسون لجهلهم وانطماس بصائرهم أن الله تعالى أوجدهم بقدرته ولم يكونوا شيئًا مذكورًا.
وقفة
[67، 68] عدم التصديق باليوم الآخر يجعل العبد متجرئًا على المعاصي ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ الَّذِينَ:
  • الواو عاطفة. قال: فعل ماض مبني على الفتح. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ كَفَرُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ أَءذا كُنّا تُراباً:
  • الهمزة همزة انكار بلفظ‍ استفهام. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه. كنا: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».ترابا: خبرها منصوب بالفتحة. وجملة كُنّا تُراباً» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَآباؤُنا:
  • معطوفة بالواو على ضمير المتكلمين في كُنّا» مرفوعة بالضمة. و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة بتقدير: نحن وآباؤنا وقد وردت في الآية التالية.
  • ﴿ أَءنّا لَمُخْرَجُونَ:
  • الهمزة همزة انكار بلفظ‍ استفهام وتكرير حرف الاستفهام بادخاله على «اذا» و «ان» انكار على انكار وجحود عقب جحود ودليل على كفر مؤكد. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل -ضمير المتكلمين -مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» ويعود الضمير لهم ولآبائهم. لمخرجون: اللام لائم الابتداء-المزحلقة -للتوكيد. و«مخرجون» خبر «إن» مرفوع بالوا ولا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. وجواب إِذا» ما دل عليه أَإِنّا لَمُخْرَجُونَ» بتقدير: نخرج بمعنى او المراد بالإخراج: الإخراج من الارض او من القبور او من حال الفناء الى الحياة.'

المتشابهات :

الرعد: 5﴿وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبٞ قَوۡلُهُمۡ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ
النمل: 67﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ
ق: 3﴿ أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗاۖ ذَٰلِكَ رَجۡعُۢ بَعِيد
المؤمنون: 35﴿أَيَعِدُكُمۡ أَنَّكُمۡ إِذَا مِتُّمۡ وَكُنتُمۡ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخۡرَجُونَ
المؤمنون: 82﴿قَالُوٓاْ أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ
الصافات: 16﴿أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ
الصافات: 53﴿أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ
الواقعة: 47﴿وَكَانُواْ يَقُولُونَ أَئِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [67] لما قبلها :     وبعد ذكرِ جهلهم بالآخرة؛ أتبع اللهُ ذلك بيان أنهم ينكرون البعث والخروج من القبور بعد الموت، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أئذا:
وقرئ:
1- بالجمع بين الاستفهامين، وقلب الثانية ياء، وهى قراءة ابن كثير.
2- على القراءة السابقة، والفصل بينهما بألف، وهى قراءة أبى عمرو.
3- بهمزتين، وهى قراءة عاصم، وحمزة.
4- بهمزة مكسورة، وهى قراءة نافع.
5- آئذا، باستفهام ممدود.
أإنا:
قرئ:
1- بالجمع بين الاستفهامين، وقلب الثانية ياء، وهى قراءة ابن كثير.
2- على القراءة السابقة، والفصل بينهما بألف، وهى قراءة أبى عمرو.
3- بهمزتين وهى قراءة عاصم، وحمزة.
4- آينا، بهمزة الاستفهام وقلب الثانية ياء، وبينهما مدة.
5- أننا، بنونين، من غير استفهام.

مدارسة الآية : [68] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا ..

التفسير :

[68] لقد وُعدنا هذا البعث نحن وآباؤنا مِن قبل، فلم نر له حقيقة ولا وقوعاً، ما هذا الوعد إلا مما سطَّره الأولون من الأكاذيب في كتبهم وافتروه.

{ لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا} أي:البعث{ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ} أي:فلم يجئنا ولا رأينا منه شيئا.{ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} أي:قصصهم وأخبارهم التي تقطع بها الأوقات وليس لها أصل ولا صدق فيها.

فانتقل في الإخبار عن أحوال المكذبين بالإخبار أنهم لا يدرون متى وقت الآخرة ثم الإخبار بضعف علمهم فيها ثم الإخبار بأنه شك ثم الإخبار بأنه عمى ثم الإخبار بإنكارهم لذلك واستبعادهم وقوعه. أي:وبسبب هذه الأحوال ترحل خوف الآخرة من قلوبهم فأقدموا على معاصي الله وسهل عليهم تكذيب الحق والتصديق بالباطل واستحلوا الشهوات على القيام بالعبادات فخسروا دنياهم وأخراهم.

ثم يتبعون قولهم هذا، بقول أشد منه في الإنكار والتهكم فيقولون: لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ، إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ.

والأساطير: جمع أسطورة، كأحاديث وأحدوثة، وأكاذيب وأكذوبة.

ومرادهم بها: الخرافات والتخيلات التي لا حقيقة لها.

أى: لقد وعدنا الإخراج والإعادة إلى الحياة، نحن وآباؤنا من قبل، أى: من قبل أن يخربنا محمد صلّى الله عليه وسلم بذلك، فنحن وآباؤنا ما زلنا نسمع من القصاص أن هناك بعثا وحسابا، ولكن لا نرى لذلك حقيقة ولا وقوعا..

وما هذا الذي نسمعه من محمد صلّى الله عليه وسلم في شأن الآخرة إلا أكاذيب الأولين، وخرافاتهم التي لا مكان لها في عقولنا.

وهكذا يؤكدون إنكارهم للآخرة، بشتى ألوان المؤكدات، المصحوبة بالتهكم والاستخفاف.

ثم قال : ( لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل ) أي : ما زلنا نسمع بهذا نحن وآباؤنا ، ولا نرى له حقيقة ولا وقوعا .

وقولهم : ( إن هذا إلا أساطير الأولين ) : يعنون : ما هذا الوعد بإعادة الأبدان ، ( إلا أساطير الأولين ) أي : أخذه قوم عمن قبلهم ، من قبلهم يتلقاه بعض عن بعض ، وليس له حقيقة .

(لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ ) يقول: لقد وَعَدنا هذا من قبل محمد واعدون، وعدوا ذلك آباءنا, فلم نر لذلك حقيقة, ولم نتبين له صحة (إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ ) يقول: قالوا: ما هذا الوعد إلا ما سطَّر الأوّلون من الأكاذيب في كتبهم, فأثبتوه فيها وتحدّثوا به من غير أن يكون له صحة.

المعاني :

أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ :       مَا سَطَّرَ القُدَمَاءُ مِنَ الأَكَاذِيبِ السراج
أساطير الأوّلين :       أكاذيبهم المُسطّر في كتبهم معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[68] ﴿لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ قدم ما وعدهم به: (هذا)؛ لأن السياق يرد على إنكار البعث، فالتقديم يفيد التأكيد ومزيد الاعتناء.
وقفة
[68] وصفوا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بالتخلّف القديم، فقالوا: ﴿أساطير الأولين﴾، وقالوا: ستموت دعوته بموته ووصفوه بـالأبتر، فماتوا ومات دينهم، وبقي ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ودينه.

الإعراب :

  • ﴿ لَقَدْ وُعِدْنا هذا:
  • اللام لائم الابتداء للتوكيد. قد: حرف تحقيق. وعد: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ نَحْنُ وَآباؤُنا:
  • نحن ضمير منفصل في محل رفع توكيد لضمير المتكلمين في وُعِدْنا».وآباء: معطوفة بالواو على الضمير المؤكد في وُعِدْنا» مرفوعة بالضمة. و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ:
  • جار ومجرور متعلق بوعد. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن. اي ووعد آباؤنا من قبلنا.
  • ﴿ إِنْ هذا إِلاّ أَساطِيرُ:
  • ان مخففة لا عمل لها بمعنى «ما» نافية. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أساطير: خبر هذا» مرفوع بالضمة بمعنى: خرافات اي ما سطره الأقدمون من خرافات وهي جمع «أسطورة» وهي مضافة. و إِلاّ» اداة حصر لا عمل لها.
  • ﴿ الْأَوَّلِينَ:
  • مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الأنعام: 25﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
الأنفال: 31﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا ۙ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
المؤمنون: 83﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
النمل: 68﴿لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [68] لما قبلها :     وبعد استبعاد وإنكار البعث والخروج من القبور بعد الموت؛ أكدوا هذا الاستبعاد بقول أشد منه في الإنكار والتهكم، فقالوا:
﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [69] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا ..

التفسير :

[69] قل -أيها الرسول- لهؤلاء المكذبين:سيروا في الأرض، فانظروا إلى ديار مَن كان قبلكم من المجرمين، كيف كان عاقبة المكذبين للرسل؟ أهلكهم الله بتكذيبهم، والله فاعل بكم مثلهم إن لم تؤمنوا.

ثم نبههم على صدق ما أخبرت به الرسل فقال:{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ}فلا تجدون مجرما قد استمر على إجرامه، إلا وعاقبته شر عاقبة وقد أحل الله به من الشر والعقوبة ما يليق بحاله.

وهنا يلفت القرآن أنظارهم إلى مصارع المكذبين من قبلهم، ويأمر النبي صلّى الله عليه وسلم أن يحذرهم من سوء مصير هذا الإنكار والاستهزاء، فيقول: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الجاحدين: سيروا في الأرض لتروا بأعينكم مصارع المكذبين بما جاءهم به الرسل من قبلكم. ولتعتبروا بما أصابهم بسبب إجرامهم، وإنكارهم للبعث والحساب يوم القيامة.

فالآية الكريمة توجههم إلى ما من شأنه أن يفتح مغاليق قلوبهم المتحجرة وأن يزيل عن نفوسهم قسوتها وعنادها.

قال الله تعالى مجيبا لهم عما ظنوه من الكفر وعدم المعاد : ( قل ) - يا محمد - لهؤلاء : ( سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ) أي : المكذبين بالرسل وما جاءوهم به من أمر المعاد وغيره ، كيف حلت بهم نقم الله وعذابه ونكاله ، ونجى الله من بينهم رسله الكرام ومن اتبعهم من المؤمنين ، فدل ذلك على صدق ما جاءت به الرسل وصحته .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( قُل ) يا محمد لهؤلاء المكذّبين ما جئتهم به من الأنباء من عند ربك: (سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا ) إلى ديار من كان قبلكم من المكذّبين رسل الله ومساكنهم كيف هي, ألم يخرّبها الله, ويهلك أهلها بتكذيبهم رسلهم, وردّهم عليهم نصائحهم فخلت منهم الديار وتعفَّت منهم الرسوم والآثار, فإن ذلك كان عاقبة إجرامهم, وذلك سنة ربكم في كلّ من سلك سبيلهم في تكذيب رسل ربهم, والله فاعل ذلك بكم إن أنتم لم تبادروا الإنابة من كفركم وتكذيبكم رسول ربكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[69] ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ اقرأ وتأمل في مصارع الظالمين.
وقفة
[69] ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ الاعتبار بالأمم السابقة من حيث مصيرها وأحوالها طريق النجاة.
وقفة
[69] ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ التعميم مقصود، لما لم يقل عاقبة الكافرين؟ قال الرازي: «الغرض أن يحصل التخويف لكل العصاة».
وقفة
[69] إن البعض يتعامل مع أخبار الأمراض والأدواء والأحداث في حدودية الزمان والمكان، فنظرته إليها نظرة الغافل المتجافي، فكأنه ماض كان، أو مستقبل لن يكون في زمانه ومكانه، وقد أمر الله بالتأمل والاعتبار بما كان، رغم تباعد الزمان والمكان بقوله: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به -مقول القول - سيروا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخامسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. في الارض: جار ومجرور متعلق بسيروا.
  • ﴿ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ:
  • اعربت في الآية الكريمة الرابعة عشرة. والواو في «انظروا» واو الجماعة ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. و الْمُجْرِمِينَ» اراد بهم الكافرين.'

المتشابهات :

آل عمران: 137﴿قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَـ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
النحل: 36﴿فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّـهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَـ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
النمل: 69﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ
العنكبوت: 20﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّـهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ
الروم: 42﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ۚ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [69] لما قبلها :     ولَمَّا أنكرُوا البعثَ؛ أمرَهم اللهُ هنا أن يعتبرُوا بمصيرِ الأممِ السابقة التي كَذَّبتْ بالبعثِ، قال تعالى:
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [70] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن ..

التفسير :

[70] ولا تحزن على إعراض المشركين عنك وتكذيبهم لك، ولا يَضِقْ صدرك مِن مكرهم بك، فإن الله ناصرك عليهم.

أي:لا تحزن يا محمد على هؤلاء المكذبين وعدم إيمانهم، فإنك لو علمت ما فيهم من الشر وأنهم لا يصلحون للخير، لم تأس ولم تحزن، ولا يضق صدرك ولا تقلق نفسك بمكرهم فإن مكرهم سيعود عاقبته عليهم،{ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}

وبعد هذا التوجيه الحكيم تأخذ السورة الكريمة في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلم عما أصابه من حزن بسبب كفرهم فتقول: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ، وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ والحزن:

اكتئاب نفسي يحدث للإنسان من أجل وقوع ما يكرهه.

والمقصود بالنهى عن الحزن: النهى عن لوازمه، كالإكثار من محاولة تجديد شأن المصائب، وتعظيم أمرها، وبذلك تتجدد الآلام، ويصعب نسيانها.

والمكر: التدبير المحكم. أو صرف الغير عما يريده بحيلة، لقصد إيقاع الأذى به.

أى: ولا تحزن- أيها الرسول الكريم- على هؤلاء المشركين، بسبب إصرارهم على الكفر والجحود ولا يضيق صدرك، ويمتلئ هما وغما بسبب مكرهم فإن الله- تعالى- عاصمك منهم، وناصرك عليهم.

ثم قال تعالى مسليا لنبيه ، صلوات الله وسلامه عليه : ( ولا تحزن عليهم ) أي : المكذبين بما جئت به ، ولا تأسف عليهم وتذهب نفسك عليهم حسرات ، ( ولا تك في ضيق مما يمكرون ) أي : في كيدك ورد ما جئت به ، فإن الله مؤيدك وناصرك ، ومظهر دينك على من خالفه وعانده في المشارق والمغارب .

وقوله: (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تحزن على إدبار هؤلاء المشركين عنك وتكذيبهم لك (وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ) يقول: ولا يضق صدرك من مكرهم بك, فإن الله ناصرك عليهم, ومهلكهم قتلا بالسيف.

المعاني :

ضيق :       حرج و ضيق صدر معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[70] ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ مع شدَّةِ أذيتِهم له كان حزنُه الأعظمُ عليهم لا منهم.
وقفة
‏[70] ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ عدم الحزن ذكر في أكثر من موضع بالقرآن، ونبينا استعاذ منه، إذا ﻻ خير بالحزن فلماذا نستجره لأنفسنا ونستعذب به!
وقفة
[70] ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ النهي عن الحزن لأنه خانق الإيمان وسبيل الشيطان، حربهم مع الله وليست معك، معاداتهم لدين الله وليست لشخصك؛ لذا فالأمر محسوم، والقضية منتهية.
وقفة
[70] ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ﴾ كانت الرحمة غالبة على النبي ﷺ والشفقة على الأمة من خلاله، فلما أُنذر المكذبون بهذا الوعيد؛ تحركت الشفقة في نفس الرسول عليه الصلاة والسلام فربط الله على قلبه بهذا التشجيع أن لا يحزن عليهم إذا أصابهم ما أنذروا به.
وقفة
[70] تكفل الله بالنصر والتمكين للمؤمنين، فلا حزن ولا ضيق ولا خوف من مكر الماكرين، والعاقبة للمتقين ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في الآية السابعة والعشرين بعد المائة من سورة النحل.'

المتشابهات :

الحجر: 88﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ
النحل: 127﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ
النمل: 70﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [70] لما قبلها :     وبعد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يلفت أنظار منكري البعث إلى مصارع المكذبين من قبلهم؛ جاء هنا أمر آخر للنبي صلى الله عليه وسلم ألا يحزنَ لتكذيبِهِم له، قال تعالى:
﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [71] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن ..

التفسير :

[71] ويقول مشركو قومك -أيها الرسول-:متى يكون هذا الوعد بالعذاب الذي تَعِدُنا به أنت وأتباعك إن كنتم صادقين فيما تعدوننا به؟

ويقول المكذبون بالمعاد وبالحق الذي جاء به الرسول مستعجلين للعذاب:{ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}

وهذا من سفاهة رأيهم وجهلهم فإن وقوعه ووقته قد أجله الله بأجله وقدره بقدر، فلا يدل عدم استعجاله على بعض مطلوبهم.

ثم تعود السورة إلى سرد أباطيلهم فتقول: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أى: ويقول هؤلاء المشركون للرسول صلّى الله عليه وسلم ولأصحابه: متى يحصل هذا الوعد الذي توعدتمونا به، وهو أن عذابا سيصيبنا إذا لم نؤمن بما أنتم مؤمنون به.

إن كنتم صادقين في وعدكم لنا بهذا العذاب، فأنزلوه بنا، فنحن قد طال انتظارنا له.

وهكذا الأشرار يتعجلون مصيرهم الأليم، ويبحثون عن حتفهم بظلفهم، وذلك لإيغالهم في الغرور والعناد.

يقول تعالى مخبرا عن المشركين ، في سؤالهم عن يوم القيامة واستبعادهم وقوع ذلك : ( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) قال الله مجيبا لهم :

يقول تعالى ذكره: ويقول مشركو قومك يا محمد, المكذبوك فيما أتيتهم به من عند ربك: ( مَتَى ) يكون (هَذَا الْوَعْدُ ) الذي تعدُناه من العذاب, الذي هو بنا فيما تقول حالّ، (إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) فيما تعدوننا به (قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ ) يقول جلّ جلاله: قل لهم يا محمد: عسى أن يكون اقترب لكم ودنا(بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ) من عذاب الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس قوله: (قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ ) يقول: اقترب لكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[71] ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ وعد الله قد يتأخر لحكمة؛ لكنه أكيد.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في الآية الكريمة الثامنة والاربعين من سورة يونس والآية الثامنة والثلاثين من سورة الانبياء.'

المتشابهات :

السجدة: 28﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
يونس: 48﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
الأنبياء: 38﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
النمل: 71﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
سبإ: 29﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
يس: 48﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
الملك: 25﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [71] لما قبلها :     وبعد إنكار مشركي قريش للبعث؛ جاء هنا استعجالهم نزول العذاب الذي أنذرهم به النبي محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستهزاء، قال تعالى:
﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [72] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ ..

التفسير :

[72] قل لهم -أيها الرسول-:عسى أن يكون قد اقترب لكم بعض الذي تستعجلون من عذاب الله.

ولكن -مع هذا- قال تعالى محذرا لهم وقوع ما استعجلوه:{ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} أي:قرب منكم وأوشك أن يقع بكم{ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} من العذاب.

ولذا جاء الرد عليهم، يحمل في طياته العذاب الشديد، والتهكم المرير، فيقول- تعالى- آمرا رسوله صلّى الله عليه وسلم بالرد عليهم: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ.

والرديف- كما يقول صاحب المصباح- الذي تحمله خلفك على ظهر الدابة.. ومنه ردف المرأة، وهو عجزها، والجمع أرادف.. وترادف القوم: إذا تتابعوا، وكل شيء تبع شيئا فهو ردفه. .

أى: قل لهم- أيها الرسول الكريم- لا نتعجلوا العذاب فعسى ما تستعجلونه من عذاب، بعضه قد لحقكم ونزل بكم، وبعضه في طريقه إليكم، وأنتم لا تشعرون بذلك، لشدة غفلتكم، وتبلد مشاعركم.

والتعبير بقوله: رَدِفَ لَكُمْ يشعر بأن العذاب ليس بعيدا عنهم، وإنما هو قريب منهم، كقرب الراكب فوق الدابة ممن هو ردفه- أى خلفه- عليها.

ولقد لحقهم شيء من هذا العذاب الذي تعجلوه في مكة، عند ما أصيبوا بالقحط والجدب، ولحقهم شيء منه بعد ذلك في بدر، عند ما قتل المسلمون أكثر زعمائهم، كأبى جهل، وغيره..

ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.

( قل ) يا محمد ( عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ) . [ قال ابن عباس أن يكون قرب - أو : أن يقرب - لكم بعض الذي تستعجلون ] . وهكذا قال مجاهد ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، وقتادة ، والسدي .

وهذا هو المراد بقوله تعالى : ( ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا ) [ الإسراء : 51 ] ، وقال تعالى ( يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) [ العنكبوت : 54 ] .

وإنما دخلت " اللام " في قوله : ( ردف لكم ) ; لأنه ضمن معنى " عجل لكم " كما قال مجاهد في رواية عنه : ( عسى أن يكون ردف لكم ) : عجل لكم .

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ) يقول: اقترب لكم بعض الذي تستعجلون.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: (عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ ) قال: ردف: أعجل لكم.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد قوله: (قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ) قال: أزِف.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (رَدِفَ لَكُمْ ) اقترب لكم.

واختلف أهل العربية في وجه دخول اللام في قوله: (رَدِفَ لَكُمْ ) وكلام العرب المعروف: ردفه أمرٌ, وأردفه, كما يقال: تبعه وأتبعه, فقال بعض نحويي البصرة: أدخل اللام في ذلك فأضاف بها الفعل كما يقال: لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ و لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ .

وقال بعض نحويي الكوفة: أدخل اللام في ذلك للمعنى؛ لأن معناه: دنا لهم, كما قال الشاعر:

فَقُلْتُ لَها الحَاجَاتُ يَطْرَحْنَ بالفَتى (2)

فأدخل الباء في يطرحن, وإنما يقال طرحته, لأن معنى الطرح: الرمي, فأدخل الباء للمعنى, إذ كان معنى ذلك يرمين بالفتى, وهذا القول الثاني هو أولاهما عندي بالصواب, وقد مضى البيان عن نظائره في غير موضع من الكتاب، بما أغنى عن تكراره &; 19-493 &; في هذا الموضع.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( تَسْتَعْجِلُونَ ) قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج: (رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ) قال: من العذاب.

------------------------

الهوامش :

(2) هذا صدر بيت من شواهد الفراء في (معاني القرآن ص 236 من مصورة جامعة القاهرة) وعجزه: * وهــم تعنـاني معنـى ركائبـه *

وهو في (اللسان: عنا) وفي روايته "تعناه" في موضع تعناني. قال: وعانى الشيء: قاساه. يقال: عاناه وتعناه، وتعنى هو. وقال: "فقلت.." إلخ والبيت شاهد على أن الباء في بالفتى زائدة مثلها في قوله تعالى (ردف لكم)

المعاني :

رَدِفَ لَكُم :       اقْتَرَبَ لَكُمْ السراج
ردِف لكم :       لحقكم و وصل إليكم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[72] ﴿قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ﴾ ليس أجمل من نفس تدمن الرجاء، وتجعل حبله موصولًا بالسماء، ﻻ تقطعه مهما طال بها البلاء، فالخير سيأتي ﻻ محالة.
وقفة
[72، 73] ﴿قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ﴾ وهذا خبر خاص بالنبي ﷺ تنبيهًا على أن تأخير الوعيد أثر من آثار رحمة الله؛ لأن أزمنة التأخير أزمنة إمهال، فهم فيها بنعمة.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت وحذفت الواو لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ عَسى أَنْ يَكُونَ:
  • عسى: فعل ماض تام مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. ان: حرف مصدري ناصب. يكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. وجملة «يكون مع اسمها وخبرها» صلة أَنْ» المصدرية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ:
  • ردف: اي تبعكم ولحقكم: فعل ماض مبني على الفتح. لكم: اللام زائدة لتوكيد المعنى وتقويته او لتوكيد اللفظ‍ والكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر باللام لفظا وفي محل نصب محلا لا نه مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور بتقدير: ردفكم مثل قوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ او يكون الفعل متعديا باللام على المعنى مثل: دنا لكم وازف لكم بمعنى: تبعكم ولحقكم او بمعنى ان هذا الفعل رَدِفَ» يجوز ان يكون متعديا ولازما. بعض: فاعل رَدِفَ» مرفوع بالضمة وجملة رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ» في محل نصب خبر يَكُونَ» واسمها ضمير مستتر فيها جوازا تقديره هو او يكون محذوفا لا نه معلوم بمعنى: عسى ان يكون العذاب ردف لكم. او تكون بَعْضُ» اسم يَكُونَ» والجملة الفعلية رَدِفَ لَكُمْ» مع فاعلها الضمير المستتر جوازا تقديره «هو» في محل نصب خبر يَكُونَ» مقدما. و أَنْ» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل عَسى».
  • ﴿ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. تستعجلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة تَسْتَعْجِلُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد للموصول ضمير منصوب المحل محذوف لا نه مفعول به. التقدير: تستعجلونه. اي لا نهم استعجلوا العذاب الموعود لهم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [72] لما قبلها :     ولَمَّا استعجلَتْ قُرَيشٌ أمرَ الساعةِ، والعذابَ الذي وُعِدوا به، وسألوا عن وقتِه على سبيلِ الاستِهزاءِ؛ أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم، فقال له:
﴿ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ردف:
1- بكسر الدال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى قراءة ابن هرمز.
وهما لغتان.

مدارسة الآية : [73] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ..

التفسير :

[73] وإن ربك لذو فضل على الناس؛ بتركه معاجلتهم بالعقوبة على معصيتهم إياه وكفرهم به، ولكن أكثرهم لا يشكرون له على ذلك، فيؤمنوا به ويخلصوا له العبادة.

ينبه عباده على سعة جوده وكثرة أفضاله ويحثهم على شكرها، ومع هذا فأكثر الناس قد أعرضوا عن الشكر واشتغلوا بالنعم عن المنعم.

ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر فضله على الناس، فقال: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ.

أى: وإن ربك- أيها الرسول الكريم- لذو فضل عظيم، وإنعام كبير على الناس. ومن مظاهر ذلك: أنه لم يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم وعصيانهم، ولكن أكثر هؤلاء الناس لا يشكرونه- سبحانه- على فضله وإنعامه.

والتعبير «بأكثر» للإشعار بأن هناك قلة مؤمنة من الناس، ملازمة لشكر الله- تعالى- في السراء والضراء، والعسر واليسر.

أي في إسباغه نعمه عليهم مع ظلمهم لأنفسهم وهم مع ذلك لا يشكرونه على ذلك إلا القليل منهم.

يقول تعالى ذكره: (وَإِنَّ رَبَّكَ ) يا محمد (لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ) بتركه معاجلتهم بالعقوبة على معصيتهم إياه, وكفرهم به, وذو إحسان إليهم في ذلك وفي غيره من نعمه عندهم (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ ) لا يشكرونه على ذلك من إحسانه وفضله عليهم, فيخلصوا له العبادة, ولكنهم يشركون معه في العبادة ما يضرّهم ولا ينفعهم ومن لا فضل له عندهم ولا إحسان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[73] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ﴾ نحمد الله ونشكره على نعمه، قليلها قبل كثيرها، فكم له من لطف خفي قصر عنه شكرنا!
وقفة
[73] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ﴾ قليل من الناس من يعرف الفارق بين ما هو نعمة من الله وما هو محنة، فإذا تقاصر علم العبد عما فيه صلاحه، فعسى أن يحب شيئًا ويظنه خيرًا وبلاؤه فيه، ورب شيء يظنه العبد نعمة فيشكر عليها ويطلب دوامها، وهي محنة له يجب الصبر عليها والتضرع إلى الله في صرفها!
وقفة
[73] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ﴾ ما أحلم الله علينا! فضله على الناس كبير وشكرهم قليل ويقبله؛ لأنه الشكور.
عمل
[73] تذكر خمسًا من أكبر نعم الله عليك، ثم اشكر الله تعالى عليها ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ﴾.
وقفة
[73] ﴿لَا يَشْكُرُونَ﴾ أكثرُ النَّاسِ أعرضوا عن الشكرِ، واشتغلوا بالنِّعمِ عن المُنعمِ.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. رب: اسم إِنَّ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطب -في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ:
  • اللام لائم الابتداء-المزحلقة -للتوكيد. ذو: خبر إِنَّ» مرفوع بالوا ولا نه من الاسماء الخامسة وهو مضاف. فضل: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. على الناس: جار ومجرور متعلق بفضل. اي مفضل عليهم بتأخير العقوبة.
  • ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ:
  • الواو استئنافية. لكن: حرف استدراك من اخوات إِنَّ».اكثر: اسم لَكِنَّ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لا يَشْكُرُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر لَكِنَّ».لا: نافية لا عمل لها. يشكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. ومفعولها محذوف لا نه معلوم بمعنى: لا يشكرونه ولا يعرفون حق النعمة فيه. اي لا يشكرونه على ذلك.'

المتشابهات :

البقرة: 243﴿إ نَّ اللَّـهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ
يوسف: 38﴿لِكَ مِن فَضْلِ اللَّـهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ
غافر: 61﴿إ نَّ اللَّـهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ
يونس: 60﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ
النمل: 73﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [73] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ استعجالَ مشركي قريش للعذاب؛ ذكرَ هنا أن تأخير العذاب عنهم هو محض فضل من الله، فلم يعجل العذاب مع قدرته على وقوعه، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [74] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ ..

التفسير :

[74] وإن ربك لَيعلم ما تخفيه صدور خلقه وما يظهرونه.

{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ} أي:تنطوي عليه{ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} فليحذروا من عالم السرائر والظواهر وليراقبوه.

ثم بين- سبحانه- شمول علمه لكل شيء فقال: وَإِنَّ رَبَّكَ- أيها الرسول الكريم- لَيَعْلَمُ علما تاما ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ أى: ما تخفيه وتستره صدورهم من أسرار، ويعلم- أيضا- ما يُعْلِنُونَ أى: ما يظهرونه من أقوال وأفعال.

( وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ) أي : يعلم السرائر والضمائر ، كما يعلم الظواهر ، ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ) [ الرعد : 10 ] ، ( يعلم السر وأخفى ) [ طه : 7 ] ، ( ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ) [ هود : 5 ] .

وقوله: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ) يقول: وإن ربك ليعلم ضمائر صدور خلقه, ومكنون أنفسهم, وخفيّ أسرارهم, وعلانية أمورهم الظاهرة, لا يخفى عليه شيء من ذلك, وهو محصيها عليهم حتى يجازي جميعهم بالإحسان إحسانا وبالإساءة جزاءها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثني الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ) قال: السر.

المعاني :

تُكِنُّ :       تُخْفِي السراج
ما تكنّ صدورهم :       ما تُخفي و تستر من الأسرار معاني القرآن

التدبر :

اسقاط
[74] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ بمقدورنا تزيين أنفسنا أمام العالم كله؛ لكن كم نحن مكشوفين تمامًا أمام الله، أفلا نخجل منه!
وقفة
[74] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ في الآية إيذان بأن لهم قبائح غير ما حكي عنهم، وتقديم الاكتنان ليظهر المراد من استواء الخفي والظاهر في علمه جل وعلا، أو لأن مضمرات الصدور سبب لما يظهر على الجوارح.
وقفة
[74] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ إحاطة علم الله بأعمال عباده.
وقفة
[74] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ أنت أمام الله كتاب مفتوح، فمهما تزينت أمام الخلق لتخفي عنهم سيئاتك، فأنت عند الله مكشوف بحسناتك وسيئاتك.
عمل
[74] ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ ضع هذه الآية نصب عينيك في كل وقت قبل أن تزيِّن علانيتك للناس؛ احرص على تزيين سريرتك التي لا يطَّلع عليها إلا الله، اللهم طهر سرائرنا.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما:
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب اعرابها. ليعلم: اللام لائم الابتداء-المزحلقة -للتوكيد. يعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة لَيَعْلَمُ» في محل رفع خبر إِنَّ».ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ تُكِنُّ صُدُورُهُمْ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة. صدور: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وجملة تُكِنُّ صُدُورُهُمْ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد للموصول ضمير محذوف منصوب المحل لا نه مفعول به مقدم. التقدير: تكنه صدورهم.
  • ﴿ وَما يُعْلِنُونَ:
  • الواو عاطفة. ما: اعربت. يعلنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة يُعْلِنُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد للموصول ضمير محذوف منصوب المحل لا نه مفعول به. التقدير: وما يعلنونه بمعنى: انه سبحانه يعلم ما يخفونه وما يعلنونه من عداوة رسول الله اي ما يسترونه وما يجهارون به.'

المتشابهات :

النمل: 74﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَـ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ
القصص: 69﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     ولَمَّا كان الإمهالُ قد يكونُ من الجَهلِ بِذنُوبِ الأعداءِ؛ نفى اللهُ ذلك هنا، وبَيَّنَ أنه يعلمُ ما يخفون وما يعلنون، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ما تكن:
1- من «أكن» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح التاء وضم الكاف، من «كن» وهى قراءة ابن محيصن، وابن السميفع.

مدارسة الآية : [75] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء ..

التفسير :

[75] وما مِن شيء غائب عن أبصار الخلق في السماء والأرض إلا في كتاب واضح عند الله وهو اللَّوح المحفوظ. قد أحاط ذلك الكتاب بجميع ما كان وما يكون.

{ وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} أي:خفية وسر من أسرار العالم العلوي والسفلي{ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} قد أحاط ذلك الكتاب بجميع ما كان ويكون إلى أن تقوم الساعة، فكل حادث يحدث جلي أو خفي إلا وهو مطابق لما كتب في اللوح المحفوظ.

وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ أى: وما من شيء غائب عن علم الخلق سواء أكان في السماء أو في الأرض.

إِلَّا وهو عندنا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أى: إلا وهو عندنا في كتاب واضح لمن يطالعه بإذن ربه، وهذا الكتاب المبين هو اللوح المحفوظ الذي سجل- سبحانه- فيه أحوال خلقه.

ومادام الأمر كذلك، فلا تحزن- أيها الرسول الكريم- لما عليه هؤلاء المشركون من جحود وعناد، بل فوض إلينا أمرهم، فأنت عليك البلاغ، ونحن علينا الحساب.

ثم مدحت السورة الكريمة القرآن الكريم، وساقت المزيد من التسلية للنبي صلّى الله عليه وسلم فقال- تعالى-:

ثم أخبر تعالى بأنه عالم غيب السموات والأرض ، وأنه عالم الغيب والشهادة - وهو ما غاب عن العباد وما شاهدوه - فقال : ( وما من غائبة في السماء والأرض ) قال ابن عباس : يعني : وما من شيء ، ( في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ) وهذا كقوله تعالى : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ) [ الحج : 70 ] .

يقول تعالى ذكره: (وَمَا مِنْ ) مكتوم سرّ وخفيّ أمر يغيب عن أبصار الناظرين (فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِلا فِي كِتَابٍ ) وهو أمّ الكتاب الذي أثبت ربنا فيه كلّ ما هو كائن من لدن ابتدأ خلق خلقه إلى يوم القيامة. ويعني بقوله: ( مُبِين ) أنه يبين لمن نظر إليه, وقرأ ما فيه مما أثبت فيه ربنا جلّ ثناؤه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) يقول: ما من شيء في السماء والأرض، سرّ ولا علانية إلا يعلمه.

المعاني :

غَائِبَةٍ :       شَيْءٍ غَائِبٍ عَنِ الأَبْصَارِ السراج
غائبة :       شيء يغيب و يخفى عن الخلق معاني القرآن
كِتَابٍ مُّبِينٍ :       هُوَ: اللَّوْحُ المَحْفُوظُ السراج

التدبر :

وقفة
[75] ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ أنت مراقب، لكن رقابة لطيفة، لا تشعر بها، ولو شعرت بها لاختنقت من ضيق المراقبة والملاحقة.
وقفة
[75] ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ إثبات علم الله السابق على تلك الكتابة، وأنه علم لا يتبدل ولا يتغير .
وقفة
[75] ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ تطمين العبد المسلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه؛ ففيه التسليم لقضاء الله والرضا بقدره.
وقفة
[75] ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ فيه بيان لمشيئة الله النافذة التي لا راد لها، ولا معقب لحكمه.
وقفة
[75] ﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ من أفضل الطرق لقياس درجة الإيمان: الامتناع عن المعصية في الخلوة، اللهم جنبنا الذنوب والمعاصي.
لمسة
[75] ﴿غَائِبَةٍ﴾ التاء هنا ليست تاء التأنيث، بل هي تاء المبالغة كقولك علامة.

الإعراب :

  • ﴿ وَما مِنْ غائِبَةٍ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. من: حرف جر زائد للتأكيد. غائبة: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لا نه مبتدأ بمعنى «خافية» بمعنى: ما من شيء شديد الغيبوبة والخفاء الا وقد علمه الله.
  • ﴿ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بغائبة. والارض: معطوفة بالواو على السَّماءِ» وتعرب اعرابها وعلامة جر الاسمين الكسرة الظاهرة.
  • ﴿ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ:
  • إلا: اداة حصر لا عمل لها. في كتاب: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. مبين: صفة -نعت -لكتاب. اي بمعنى: إلا هي عند ربك في لوح محفوظ‍ اي إلا واحاط‍ به واثبته في اللوح الظاهر البين.'

المتشابهات :

الأنعام: 59﴿وَلَا حَبَّةٖ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبٖ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
يونس: 61﴿وَلَآ أَصۡغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
النمل: 75﴿وَمَا مِنۡ غَآئِبَةٖ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
سبإ: 3﴿وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَآ أَصۡغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
هود: 6﴿وَيَعۡلَمُ مُسۡتَقَرَّهَا وَمُسۡتَوۡدَعَهَاۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أنه يعلمُ ما يخفون وما يعلنون؛ ذكرَ هنا شمولَ علمه لكل شيء، ما يغيب عنه شيء في السَّماءِ والأرضِ، قال تعالى:
﴿ وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [76] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى ..

التفسير :

[76] إن هذا القرآن يقصُّ على بني إسرائيل الحق في أكثر الأشياء التي اختلفوا فيها.

وهذا خبر عن هيمنة القرآن على الكتب السابقة وتفصيله وتوضيحه، لما كان فيها قد وقع فيه اشتباه واختلاف عند بني إسرائيل فقصه هذا القرآن قصا زال به الإشكال وبين به الصواب من المسائل المختلف فيها. وإذا كان بهذه المثابة من الجلالة والوضوح وإزالة كل خلاف وفصل كل مشكل كان أعظم نعم الله على العباد ولكن ما كل أحد يقابل النعمة بالشكر. ولهذا بين أن نفعه ونوره وهداه مختص بالمؤمنين

قال الإمام الرازي: اعلم انه- سبحانه- لما تمم الكلام في إثبات المبدأ والمعاد. ذكر بعد ذلك ما يتعلق بالنبوة، ولما كانت الدلالة الكبرى في إثبات نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم هو القرآن، لا جرم بين الله- تعالى- أولا كونه معجزة.. .

أى: إن هذا القرآن من معجزاته الدالة على أنه من عند الله- تعالى-، أنه يقص على بنى إسرائيل، الذين هم حملة التوراة والإنجيل، أكثر الأشياء التي اختلفوا فيها، ويبين لهم وجه الحق والصواب فيما اختلفوا فيه.

ومن بين ما اختلف فيه بنو إسرائيل: اختلافهم في شأن عيسى- عليه السلام-، فاليهود كفروا به، وقالوا على أمه ما قالوا من الكذب والبهتان، والنصارى قالوا فيه إنه الله، أو هو ابن الله، فجاء القرآن ليبين لهم القول الحق في شأن عيسى- عليه السلام-فقال: من بين ما قال: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ.. .

وقال- سبحانه-: يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ للإشارة إلى أن القرآن ترك أشياء اختلفوا فيها دون أن يحكيها، لأنه لا يتعلق بذكرها غرض هام يستدعى الحديث عنها، ولأن في عدم ذكرها سترا لهم، عما وقعوا فيه من أخطاء..

يقول تعالى مخبرا عن كتابه العزيز ، وما اشتمل عليه من الهدى والبينات والفرقان : إنه يقص على بني إسرائيل - وهم حملة التوراة والإنجيل - ( أكثر الذي هم فيه يختلفون ) ، كاختلافهم في عيسى وتباينهم فيه ، فاليهود افتروا ، والنصارى غلوا ، فجاء [ إليهم ] القرآن بالقول الوسط الحق العدل : أنه عبد من عباد الله وأنبيائه ورسله الكرام ، عليه [ أفضل ] الصلاة والسلام ، كما قال تعالى : ( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ) [ مريم : 34 ] .

وقوله: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )يقول تعالى ذكره: إن هذا القرآن الذي أنـزلته إليك يا محمد يقصّ على بني إسرائيل الحقّ، في أكثر الأشياء التي اختلفوا فيها, وذلك كالذي اختلفوا فيه من أمر عيسى, فقالت اليهود فيه ما قالت, وقالت النصارى فيه ما قالت, وتبرأ لاختلافهم فيه هؤلاء من هؤلاء, وهؤلاء من هؤلاء, وغير ذلك من الأمور التي اختلفوا فيها, فقال جلّ ثناؤه لهم: إن هذا القرآن يقصّ عليكم الحق فيما اختلفتم فيه فاتبعوه, وأقرّوا لما فيه, فإنه يقص عليكم بالحقّ, ويهديكم إلى سبيل الرشاد.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[76] ﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ من دلائل الآية: أن القرآن يحكم في القضايا الكبري التي اختلف حولها بنو إسرائيل, فمن الرحمة بأمة الغرب إيصالهم القرآن ليحكم بينهم.
وقفة
[76] ﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ تكرر ذكر القرآن في سورة النمل؛ لكونه أعظم نعمة على النبي ﷺ.
وقفة
[76] ﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ من الرحمة بأمة الغرب إيصالهم القرآن ليحكم في اختلافاتهم في قضاياهم الكبرى.
وقفة
[76] ﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ والمعنى: إن هذا القرآن يبين لهم ما اختلفوا فيه لو أخذوا به.
وقفة
[76] ﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ اتباع هدي القرآن فيه العصمة من الاختلاف والفرقة.
وقفة
[76] ﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ تصحيح القرآن لانحرافات بني إسرائيل وتحريفهم لكتبهم.
وقفة
[76] ﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ کاختلافهم في عيسى وتباينهم فيه، فاليهود افتروا عليه، والنصارى غلو فيه.
وقفة
[76] ﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ القرآن ليس هداية للمسلمين فقط.
وقفة
[76] ﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ قصص القرآن أصدق القصص لتمام مطابقتها على الواقع، ولاشتمالها على أعلى درجات الكمال في البلاغة، وجلال المعنى ولقوة تأثيرها في إصلاح القلوب والأعمال والأخلاق.
وقفة
[76، 77] ألم يلفت انتباهك علاقة القرآن بالهداية: ﴿هذا القرآن يهدي﴾ [الإسراء: 9]، ﴿هذا القرآن يقص على بني إسرائيل ... * وإنه لهدى﴾، ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [1، 2]، وغيرها؛ فتأمل.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب اسم إِنَّ».القرآن: بدل من اسم الاشارة منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ يَقُصُّ:
  • بمعنى يحكي او يروي وهو فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يقص وما بعدها» في محل رفع خبر إِنَّ».
  • ﴿ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ:
  • جار ومجرور متعلق بيقص. بني: اسم مجرور بعلى وعلامة جره الياء لا نه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت نونه للاضافة. اسرائيل: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لا نه ممنوع من الصرف-التنوين -للعجمة.
  • ﴿ أَكْثَرَ الَّذِي:
  • مفعول به منصوب بيقص وعلامة نصبه الفتحة. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ:
  • الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. هم: ضمير منفصل -ضمير الغائبين -في محل رفع مبتدأ. فيه: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. يختلفون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية يَخْتَلِفُونَ» في محل رفع خبر هُمْ».'

المتشابهات :

الإسراء: 9﴿ إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ
النمل: 76﴿ إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     وبعد بيان شمول علمه تعالى لكل شيء؛ بَيَّنَ هنا أن هذا القرآن -الذي هو وحي من عند الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم- يقصُّ على بني إسرائيل الحقَّ في أكثرِ الأشياءِ التي اختلفوا فيها، قال تعالى:
﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف