398151617181920212223

الإحصائيات

سورة العنكبوت
ترتيب المصحف29ترتيب النزول85
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.00
عدد الآيات69عدد الأجزاء0.37
عدد الأحزاب0.75عدد الأرباع3.00
ترتيب الطول26تبدأ في الجزء20
تنتهي في الجزء21عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 15/29آلم: 3/6

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (15) الى الآية رقم (15) عدد الآيات (1)

نجاةُ نوحٍ عليه السلام ومن معَه، وغرقُ الكافرينَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (16) الى الآية رقم (18) عدد الآيات (3)

القصَّةُ الثانيةُ: قصَّةُ إبراهيمَ عليه السلام الذي دعَا قومَه لإخلاصِ العبادةِ للهِ، وبَيَّنَ لهم تفاهةَ هذه الأوثانِ، ثُمَّ تحذيرُ المشركينَ من التكذيبِ بمحمدٍ ﷺ والتكذيبِ بالبعثِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (19) الى الآية رقم (23) عدد الآيات (5)

لمَّا كَذَّبُوا بالبعثِ بَيَّنَ اللهُ هنا أن الإِعادةَ أيسرُ من الخلقِ ابتداءً، ودعاهم للتفكُّرِ في آياتِ اللهِ في الأرضِ، وبَيَّنَ أنَّهم لن يفلتُوا من عذابِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة العنكبوت

الفتن والابتلاءات سنة ماضية (جَاهِد الفتن)/ هوان الباطل وأهله مهما علوا وتجبروا/ الابتلاء والولاء

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • امتحانات وامتحانات:: في الحياة الدراسية اختبارات وامتحانات، بعضها مهم، وبعضها أقل أهمية، وهناك امتحانات مصيرية، تغير المسار ويعتمد عليها ما بعدها (كالثانوية العامة مثلًا). وهناك أيضًا امتحانات كهذه في حياتنا بصفة عامة، امتحانات تحدد مصيرنا. فالإنسان معرّض للامتحان أو الاختبار، معرض أن يفتن في كثير من الأمور كفتنة المال والبنين والدنيا والسلطة والشهوات والصحة والأهل، وهذا من تدبير الله تعالى ليبلوا الناس أيهم أحسن عملًا، وليعلم صدق العباد وليختبرهم في إيمانهم وصدقهم.
  • • وسورة العنكبوت تتحدث عن هذا الموضوع: الامتحان أو الابتلاء أو الفتنة. كيف؟: سورة العنكبوت من أواخر ما نزل في مكة، قبل هجرته عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، والمسلمون يتعرضون في مكة لأقصى أنواع التعذيب ليتركوا دينهم، محنة وشدة وفتنة وابتلاء. ومع هذا التعذيب يأتي امتحان جديد؛ امتحان مختلف. هذا الامتحان هو: الهجرة؛ أن يتركوا مكة، أن يتركوا الأهل والأقارب والعشيرة والعمل والمال والبيوت. كثيرًا ما تتعبنا أوطاننا، لكن قرار مغادرتها ليس سهلًا بالمرة. الهجرة اليوم مألوفة، والناس يتبادلون التهاني عندما يحصلون عليها، لكنها لم تكن كذلك آنذاك، هذا التنقل لم يكن مقبولًا بالنسبة للعربي الحضري، من يولد في مدينة يموت فيها غالبًا. السورة تعرض لقصص أنبياء في لحظات خروجهم من مدنهم، كل قصة من هذه القصص عرضت سابقًا في سور مختلفة، لكننا الآن نراها على نحو مختلف، هذه المرة نراهم وهم يهاجرون، كما يجب أن يفعل من تنزلت السورة بينهم.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «العنكبوت».
  • • معنى الاسم :: العنكبوت حيوان صغير، ذكره يدعي عنكب، أما أنثاه فهي العنكبوت، وهي التي تبني البيت من خلال مغزل خاص موجود في نهاية بطنها، ولا يوجد مثله عند الذكر، ولذا جاء في الآية: ﴿كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ (41)، وتصل عدد الخيوط إلي 400 ألف خيط، وطول الخيط الواحد 20 سم، له ثمانية أرجل، وست إلي ثمان أعين، ينسج شبكة من الخيوط للقبض عل فرائسها.
  • • سبب التسمية :: لأن ‏الله شبه في الآية (41) الذين جعلوا الأوثان أولياء من دون الله يرجون نصرها بالعنكبوت التي عملت بيتًا لنفسها ليحفظها من الحر والبرد، ولم يرد لفظ (العنكبوت) في غيرها من السور.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن الطريق إلى الله غير مفروش بالورود؛ فلابد من التعرض لألوان من الفتن والابتلاءات.
  • • علمتني السورة :: أنه لابد للمؤمن أن يبتلى في هذه الدنيا فالإيمان ليس كلمة تقال باللسان فقط فالله تعالى يبتلي عباده ليميز بينهم: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾
  • • علمتني السورة :: أن العبرة بالأفعال، لا بالأقوال فقط: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ﴾
  • • علمتني السورة :: أن كل إنسان يحمل أوزاره يوم القيامة، وأوزار من أضلهم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ ۖ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ۖ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾

مدارسة الآية : [15] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً ..

التفسير :

[15] فأنجينا نوحاً ومَن تبعه ممن كان معه في السفينة، وجعلنا ذلك عبرة وعظة للعالمين.

{ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} الذين ركبوا معه، أهله ومن آمن به.{ وَجَعَلْنَاهَا} أي:السفينة، أو قصة نوح{ آيَةً لِلْعَالَمِينَ} يعتبرون بها، على أن من كذب الرسل، آخر أمره الهلاك، وأن المؤمنين سيجعل اللّه لهم من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا.

وجعل اللّه أيضا السفينة، أي:جنسها آية للعالمين، يعتبرون بها رحمة ربهم، الذي قيض لهم أسبابها، ويسر لهم أمرها، وجعلها تحملهم وتحمل متاعهم من محل إلى محل ومن قُطرٍ إلى قُطرٍ.

ثم بين- سبحانه- حسن عاقبة نوح ومن آمن معه فقال: فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ: أى: فأنجينا نوحا ومن آمن معه، وهم الذين ركبوا معه في السفينة. قيل: كان عدد هؤلاء الذين آمنوا به ثمانين ما بين ذكر وأنثى، وقيل كانوا أقل من ذلك.

والضمير في قوله- سبحانه-: وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ للسفينة، أو للحادثة والقصة.

أى: فأنجينا نوحا ومن ركب معه في السفينة، وجعلناها أى هذه الحادثة عبرة وعظة للعالمين، حيث شاهدوا سوء عاقبة الكفر والظلم على ممر الأيام والأعوام.

قالوا: ومن مظاهر وجوه العبرة في قصة نجاة نوح ومن معه: أن السفينة التي حملتهم وأقلتهم بقيت مدة طويلة، وهي مستقرة على جبل الجودي، الذي يرى كثير من المؤرخين ان مكانه بشمال العراق، بالقرب من مدينة الموصل.

وقوله : ( فأنجيناه وأصحاب السفينة ) أي : الذين آمنوا بنوح عليه السلام . وقد تقدم ذكر ذلك مفصلا في سورة " هود " ، وتقدم تفسيره بما أغنى عن إعادته .

وقوله : ( وجعلناها آية للعالمين ) أي : وجعلنا تلك السفينة باقية ، إما عينها كما قال قتادة : إنها بقيت إلى أول الإسلام على جبل الجودي ، أو نوعها جعله للناس تذكرة لنعمه على الخلق ، كيف نجاهم من الطوفان ، كما قال تعالى : ( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون . وخلقنا لهم من مثله ما يركبون . وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون . إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين ) [ يس : 41 - 44 ] ، وقال تعالى : ( إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية . لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية ) [ الحاقة : 11 ، 12 ] ، وقال هاهنا : ( فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين ) ، وهذا من باب التدريج من الشخص إلى الجنس ، كقوله تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين ) [ الملك : 5 ] أي : وجعلنا نوعها ، فإن التي يرمى بها ليست هي التي زينة للسماء . وقال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) [ المؤمنون : 12 ، 13 ] ، ولهذا نظائر كثيرة .

وقال ابن جرير : لو قيل : إن الضمير في قوله : ( وجعلناها ) ، عائد إلى العقوبة ، لكان وجها ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)

يقول تعالى ذكره: فأنجينا نوحا وأصحاب سفينته، وهم الذين حملهم في سفينته من ولده وأزواجهم.

&; 20-18 &;

وقد بيَّنا ذلك فيما مضى قبل، وذكرنا الروايات فيه، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.

( وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ) يقول: وجعلنا السفينة التي أنجيناه وأصحابه فيها عبرة وعظة للعالمين، وحجة عليهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ ...) الآية. قال: أبقاها الله آية للناس بأعلى الجوديّ.

ولو قيل: معنى ( وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ) وجعلنا عقوبتنا إياهم آية للعالمين، وجعل الهاء والألف في قوله: (وَجَعَلْناها) كناية عن العقوبة أو السخط، ونحو ذلك، إذ كان قد تقدم ذلك في قوله: فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ كان وجها من التأويل.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[15] ﴿فأنجيناه وأصحاب السفينة﴾ للنجاة أهلٌ وبيئة؛ اِلحق بهم.
وقفة
[15] مرة فلك، ومرة جارية، ومرة ذات ألواح ودسر، ومرة سفينة؟ لماذا هذا الاختلاف؟ السفينة لم يستخدمها إلا إذا عيّن أصحابها والفُلك عام، ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ [الكهف: 79]، إذا عيَّن أصحابها ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ﴾ يستخدم سفينة، أما الفُلك فمطلقة، ذات ألواح ودسر تعني صناعتها أنها مصنوعة من ألواح ودسر، ليس هناك تناقض.
وقفة
[15] ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ لأن من لم يشاهد بقايا سفينة نوح يشاهد السفن فيتذكر سفينة نوح، وكيف كان صنعها بوحي من الله لإنجاء نوح ومن شاء الله نجاته، ولأن الذين من أهل قريتها يُخبرون عنها، وتنقل أخبارهم فتصير متواترة.
وقفة
[15] ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ سفينة نوح سبب تفاؤل كل مؤمن، قال السعدي: «يعتبرون بها، على أن من كذب الرسل آخر أمره الهلاك، وأن المؤمنين سيجعل الله لهم من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا».
وقفة
[15] ﴿فَأَنجَيناهُ وَأَصحابَ السَّفينَةِ وَجَعَلناها آيَةً لِلعالَمينَ﴾ الأحداث الجسام تظل راسخة فى الأذهان لأزمنة طويلة فتكون عظة وعبرة.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَنْجَيْناهُ:
  • الفاء عاطفة. انجى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-يعود على نوح في محل نصب مفعول به
  • ﴿ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ:
  • معطوفة بالواو على ضمير الغائب-الهاء-في انجيناه منصوبة مثله وعلامة نصبها الفتحة. السفينة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. اي وانجينا من كان معه في السفينة.
  • ﴿ وَجَعَلْناها:
  • تعرب اعراب «فأنجيناه» و «ها» ضمير مبني على السكون يعود على السفينة او الحادثة او القصة.
  • ﴿ آيَةً لِلْعالَمِينَ:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. للعالمين: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آية» وعلامة جر الاسم الياء لانه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ هلاك المكذبين لنوح عليه السلام؛ بَيَّنَ هنا نجاة نوح عليه السلام، ومن آمن معه، قال تعالى:
﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا ..

التفسير :

[16] واذكر -أيها الرسول- إبراهيم عليه السلام حين دعا قومه:أن أخلصوا العبادة لله وحده، واتقوا سخطه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، ذلكم خير لكم، إن كنتم تعلمون ما هو خير لكم مما هو شر لكم.

يذكر تعالى أنه أرسل خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى قومه، يدعوهم إلى الله، فقال [لهم]:{ اعْبُدُوا اللَّهَ} أي:وحِّدوه، وأخلصوا له العبادة، وامتثلوا ما أمركم به،{ وَاتَّقُوهُ} أن يغضب عليكم، فيعذبكم، وذلك بترك ما يغضبه من المعاصي،{ ذَلِكُمْ} أي:عبادة الله وتقواه{ خَيْرٌ لَكُمْ} من ترك ذلك، وهذا من باب إطلاق{ أفعل التفضيل} بما ليس في الطرف الآخر منه شيء، فإن ترك عبادة الله، وترك تقواه، لا خير فيه بوجه، وإنما كانت عبادة الله وتقواه خيرا للناس، لأنه لا سبيل إلى نيل كرامته في الدنيا والآخرة إلا بذلك، وكل خير يوجد في الدنيا والآخرة، فإنه من آثار عبادة الله وتقواه.

{ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ذلك، فاعلموا الأمور وانظروا ما هو أولى بالإيثار.

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن جانب من قصة إبراهيم- عليه السلام- مع قومه، فقال- تعالى-: وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ....

ولفظ إِبْراهِيمَ منصوب بفعل مضمر. أى: واذكر- أيها المخاطب- إبراهيم- عليه السلام- وقت أن قال لقومه: اعبدوا الله- تعالى- وحده، وصونوا أنفسكم عن كل ما يغضبه ذلِكُمْ الذي أمرتكم به من العبادة والتقوى خَيْرٌ لَكُمْ من الشرك، ومن كل شيء في هذه الحياة إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أى: إن كنتم من ذوى العلم والفهم بما هو خير وبما هو شر.

فأنت ترى أن إبراهيم- عليه السلام- قد بدأ دعوته لقومه يأمرهم بإخلاص العبادة لله- تعالى-، وبالخوف من عقابه، ثم ثنى بتحبيب هذه الحقيقة إلى قلوبهم، ببيان أن إيمانهم خير لهم، ثم ثلث بتهييج عواطفهم نحو العلم النافع، الذي يتنافى مع الجهل..

يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء : أنه دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، والإخلاص له في التقوى ، وطلب الرزق منه وحده لا شريك له ، وتوحيده في الشكر ، فإنه المشكور على النعم ، لا مسدي لها غيره ، فقال لقومه : ( اعبدوا الله واتقوه ) أي : أخلصوا له العبادة والخوف ، ( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي : إذا فعلتم ذلك حصل لكم الخير في الدنيا والآخرة ، واندفع عنكم الشر في الدنيا والآخرة .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر أيضا يا محمد إبراهيم خليل الرحمن، إذ قال لقومه: اعبدوا الله أيها القوم دون غيره من الأوثان والأصنام، فإنه لا إله لكم غيره، (واتقوه) يقول: واتقوا سخطه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه ( ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) ما هو خير لكم مما هو شرّ لكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[16] ﴿وَإِبراهيمَ إِذ قالَ لِقَومِهِ اعبُدُوا اللَّهَ﴾ بعث الله الرسل كلهم برسالة واحدة: التوحيد.
اسقاط
[16] ﴿وَإِبراهيمَ إِذ قالَ لِقَومِهِ اعبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقوهُ﴾ اسأل نفسك: هل درجة إيمانك فى عبادتك لله أوصلتك لمرحلة التقوى؟!
وقفة
[16] ﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ ۖ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ كل خير في الدنيا والآخرة هو من آثار عبادة الله وتقواه.
وقفة
[16] ﴿اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم﴾ مهما تنوعت الخيرات حولك وتنعمت بنعيم الدنيا، فلا كمال لخير النفس وسكونها إلا بالتقوى.
وقفة
[16] ﴿وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ التقوى لا تأتي إلا بخير.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِبْراهِيمَ:
  • معطوفة بالواو على وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً» الواردة في الآية الكريمة الرابعة عشرة او معطوفة على ضمير الغائب في «انجيناه» في الآية الكريمة السابقة او منصوبة بفعل مضمر تقديره «واذكر» منصوبة وعلامة نصبها الفتحة ولم تنون الكلمة لانها ممنوعة من الصرف-التنوين-للعجمة والتعريف.
  • ﴿ إِذْ:
  • اسم مبني على السكون في محل نصب بدل من-ابراهيم-وهو بدل اشتمال. اذا قدر نصب كلمة «ابراهيم» باضمار «اذكر» او هي ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بأرسلنا. اذا عطفت كلمة «ابراهيم» على وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً» بمعنى ارسلناه حين بلغ من السن والعلم مبلغا جعله مؤهلا لوعظ‍ قومه ونصحهم.
  • ﴿ قالَ لِقَوْمِهِ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف «اذ».قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لقومه: جار ومجرور متعلق بقال والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب- في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ اعْبُدُوا اللهَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.اعبدوا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والالف فارقة. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
  • ﴿ وَاتَّقُوهُ:
  • معطوفة بالواو على «اعبدوا» وتعرب اعرابها. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى واحذروه او وخافوه.
  • ﴿ ذلِكُمْ:
  • ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب والميم علامة الجمع.
  • ﴿ خَيْرٌ لَكُمْ:
  • خبر «ذلكم» مرفوع بالضمة. لكم: جار ومجرور متعلق بخير والميم علامة جمع الذكور اي أفضل لكم.
  • ﴿ إِنْ كُنْتُمْ:
  • ان: حرف شرط‍ جازم. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. وحذف جواب الشرط‍ لتقدم معناه. اي ان كان فيكم علم بما هو خير لكم مما هو شر لكم علمتم انه خير لكم.
  • ﴿ تَعْلَمُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

الأعراف: 80﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ
يونس: 71﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي
النمل: 54﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ
العنكبوت: 16﴿وَإبراهيم إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ
العنكبوت: 28﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ
الصافات: 124﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     القصَّةُ الثانيةُ: قصَّةُ إبراهيم عليه السلام الذي دعَا قومَه لإخلاصِ العبادةِ للهِ، قال تعالى :
﴿ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وإبراهيم:
وقرئ:
1- بالرفع، أي: ومن المرسلين إبراهيم، وهى قراءة النخعي، وأبى جعفر، وأبى حنيفة.

مدارسة الآية : [17] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ..

التفسير :

[17] ما تعبدون -أيها القوم- مِن دون الله إلا أصناماً، وتفترون كذباً بتسميتكم إياها آلهة، إنَّ أوثانكم التي تعبدونها من دون الله لا تقدر أن ترزقكم شيئاً، فالتمسوا عند الله الرزق لا من عند أوثانكم، وأخلصوا له العبادة والشكر على رزقه إياكم، إلى الله تُردُّون

فلما أمرهم بعبادة الله وتقواه، نهاهم عن عبادة الأصنام، وبيَّن لهم نقصها وعدم استحقاقها للعبودية، فقال:{ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} تنحتونها وتخلقونها بأيديكم، وتخلقون لها أسماء الآلهة، وتختلقون الكذب بالأمر بعبادتها والتمسك بذلك،{ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} في نقصه، وأنه ليس فيه ما يدعو إلى عبادته،{ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا} فكأنه قيل:قد بان لنا أن هذه الأوثان مخلوقة ناقصة، لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، وأن من هذا وصفه، لا يستحق أدنى أدنى أدنى مثقال مثقال مثقال ذرة من العبادة والتأله، والقلوب لا بد أن تطلب معبودا تألهه وتسأله حوائجها، فقال -حاثا لهم على من يستحق العبادة-{ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} فإنه هو الميسر له، المقدر، المجيب لدعوة من دعاه في أمر دينه ودنياه{ وَاعْبُدُوهُ} وحده لا شريك له، لكونه الكامل النافع الضار، المتفرد بالتدبير،{ وَاشْكُرُوا لَهُ} وحده، لكون جميع ما وصل ويصل إلى الخلق من النعم فمنه، وجميع ما اندفع ويندفع من النقم عنهم فهو الدافع لها.{ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} يجازيكم على ما عملتم، وينبئكم بما أسررتم وأعلنتم، فاحذروا القدوم عليه وأنتم على شرككم، وارغبوا فيما يقربكم إليه، ويثيبكم -عند القدوم- عليه.

ثم بعد ذلك نفرهم من فساد ما هم عليه من باطل، فقال كما حكى القرآن عنه: إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً....

والأوثان: جمع وثن. وتطلق الأوثان على التماثيل والأصنام التي كانوا يصنعونها بأيديهم من الحجارة أو ما يشبهها، ثم يعبدونها من دون الله- تعالى-.

وقوله: وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً أى: وتكذبون كذبا واضحا، حيث سميتم هذه الأوثان آلهة، مع أنها لا تضر ولا تنفع، ولا تغنى عنكم ولا عن نفسها شيئا.

أو يكون قوله وَتَخْلُقُونَ بمعنى وتصنعون وتنحتون. أى: وتصنعون بأيديكم هذه الأوثان صنعا، من أجل الإفك والكذب والانصراف عن كل ما هو حق إلى كل ما هو باطل.

ثم بين لهم تفاهة هذه الأوثان فقال: إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من أوثان وأصنام لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً أى: لا يملكون لكم شيئا من الرزق حتى ولو كان غاية في القلة.

وما دام الأمر كذلك: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ- تعالى- وحده الرِّزْقَ الذي يكفيكم ويغنيكم وَاعْبُدُوهُ وحده- سبحانه- وَاشْكُرُوا لَهُ نعماءه ومننه وعطاياه.

فأنتم وجميع الخلق إِلَيْهِ وحده تُرْجَعُونَ لا إلى غيره، فيجازيكم على أعمالكم وهكذا نرى إبراهيم- عليه السلام- قد سلك في دعوته قومه إلى الحق أبلغ الأساليب وأحكمها، حيث أمرهم بعبادة الله وتقواه، وبين لهم منافع ذلك، وحرضهم على سلوك طريق العلم لا طريق الجهل، ونفرهم من عبادة الأوثان، حيث بين لهم تفاهتها وحقارتها وعجزها، وحضهم على طلب الرزق ممن يملكه وهو الله- عز وجل- الذي إليه المرجع والمآب.

ثم أخذ سيدنا إبراهيم- عليه السلام- يحذر قومه من الاستمرار في تكذيبه ويلفت أنظارهم إلى أن هناك حسابا وثوابا وعقابا وبعثا، وأن عليهم أن يتعظوا بمن قبلهم، فقال- تعالى-:

ثم أخبرهم أن الأصنام التي يعبدونها والأوثان ، لا تضر ولا تنفع ، وإنما اختلقتم أنتم لها أسماء ، سميتموها آلهة ، وإنما هي مخلوقة مثلكم . هكذا روى العوفي عن ابن عباس . وبه قال مجاهد ، والسدي .

وروى الوالبي ، عن ابن عباس : وتصنعون إفكا ، أي : تنحتونها أصناما . وبه قال مجاهد - في رواية - وعكرمة ، والحسن ، وقتادة وغيرهم ، واختاره ابن جرير ، رحمه الله .

وهي لا تملك لكم رزقا ، ( فابتغوا عند الله الرزق ) وهذا أبلغ في الحصر ، كقوله : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 5 ] ، ( رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ) [ التحريم : 11 ] ، ولهذا قال : ( فابتغوا ) أي : فاطلبوا ( عند الله الرزق ) أي : لا عند غيره ، فإن غيره لا يملك شيئا ، ( واعبدوه واشكروا له ) أي : كلوا من رزقه واعبدوه وحده ، واشكروا له على ما أنعم به عليكم ، ( إليه ترجعون ) أي : يوم القيامة ، فيجازي كل عامل بعمله .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل خليله إبراهيم لقومه: إنما تعبدون أيها القوم من دون الله أوثانا، يعني مُثُلا.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا ) أصناما.

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) فقال بعضهم: معناه: &; 20-19 &; وتصنعون كذبا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) يقول: تصنعون كذبا.

وقال آخرون: وتقولون كذبا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) يقول: وتقولون إفكا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) يقول: تقولون كذبا.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وتنحِتون إفكا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء الخراسانيّ، عن ابن عباس قوله: ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) قال: تنحِتون تصوّرون إفكا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) أي: تصنعون أصنامًا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) الأوثان التي ينحتونها بأيديهم.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: وتصنعون كذبًا. وقد بيَّنا معنى الخلق فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. فتأويل الكلام إذن: إنما تعبدون من دون الله أوثانا، وتصنعون كذبا وباطلا. وإنما في قوله: (1) (إفْكًا) مردود على إنما، كقول القائل: إنما تفعلون كذا، وإنما تفعلون كذا. وقرأ جميع قرّاء الأمصار: ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) بتخفيف الخاء من قوله: (وَتَخْلُقُونَ) وَضَمَّ اللام: من الخَلْق. وذُكر عن أبي عبد الرحمن السُلميّ أنه قرأ ( وَتَخَلِّقُونَ إِفْكًا ) بفتح الخاء وتشديد اللام، من التخليق.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليه.

وقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا ) يقول جلّ ثناؤه: إن أوثانكم التي تعبدونها، لا تقدر أن ترزقكم شيئا( فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ ) يقول: فالتمسوا عند الله الرزق لا من عند أوثانكم، تدركوا ما تبتغون من ذلك (وَاعْبُدُوهُ) يقول: وذلوا له (وَاشْكُرُوا لهُ) على رزقه إياكم، ونعمه التي أنعمها عليكم، يقال: شكرته وشكرتُ له، أفصح من شكرته. وقوله: (إلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يقول: إلى الله تُرَدّون من بعد مماتكم، فيسألكم عما أنتم عليه من عبادتكم غيره وأنتم عباده وخلقه، وفي نعمه تتقلَّبون، ورزقه تأكلون.

---------------------

الهوامش :

الهوامش:

(1) لعل مراده: وإنما المقدرة في قوله إفكًا: مردود .. إلخ، والمقصود منه واضح.

المعاني :

وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا :       تَفْتَرُونَ كَذِبًا السراج
تخلقون إفكا :       تكذبون أو تنحتون كذبا معاني القرآن
فَابْتَغُوا :       الْتَمِسُوا وَاطْلُبُوا السراج

التدبر :

وقفة
[17] ﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾ الأصنام لا تملك رزقًا؛ فلا تستحق العبادة.
لمسة
[17] ﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾ قال: (أَوْثَانًا) إشارة إلى تفرق الهم بكثرة المعبود، والكثرة يلزمها الفرقة، ولا خير في الفرقة.
وقفة
[17] ﴿إِنَّما تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ أَوثانًا وَتَخلُقونَ إِفكًا﴾ عبادة البعض لما هو دون الله عز وجل تجعلهم أناسًا يكذبون كما يتنفسون، وتلك هى بداية الضلال.
وقفة
[17] ذکر الله هنا بطلان مذهبهم بأبلغ وجه؛ وذلك لأن المعبود إنما لكونه مستحقًّا للعبادة بذاته، أو كونه نافعًا في الحال أو المآل، فنسف الحجة الأولى أنه مستحق للعبادة بذاته، بأنهم أوثان لا تنفع ولا تضر: ﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْثَانًا﴾، ونسف الحجة الثانية من أن المعبود نافع في الحال أو المآل بأنهم لا يرزقون من يعبدونهم: ﴿لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا﴾.
عمل
[17] الله تعالى هو الذي يرفع الفقر، ويكتب الرزق، ومن عداه لا يملك ذلك؛ فلندْعُهُ مباشرة.
وقفة
[17] ﴿رِزْقاً ... الرِّزْقَ﴾ نكَّر الرزق أولًا، ثمَّ عرَّفه ثانيًا؛ لأنه أراد بذلك أن الذين تعبدون من دون الله، لا يستطيعون أن يرزقوكم شيئًا من الرزق، فابتغوا عند الله الرزقَ كله، فإِنه هو الرزَّاقُ لا غيرُه.
وقفة
[17] ﴿فَابتَغوا عِندَ اللَّهِ الرِّزقَ﴾ إنها دعوةٌ لابتغاء الرزق من الرزّاق وحده، وقطعِ التفات القلب إلى الخلق طمعًا بما عندهم، أو خوفًا منهم.
عمل
[17] ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ﴾ ادع الله تعالى أن يرزقك، ثم اجتهد في فعل السبب.
وقفة
[17] ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ﴾ طلب الرزق إنما يكون من الله الذي يملك الرزق.
عمل
[17] ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ﴾ الرزق عند الله وحده، لا عند غيره، فلا تذل لغير الله.
لمسة
[17] ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ﴾ (فَابْتَغُوا) وأشار بصيغة الافتعال إلى السعي فيه؛ لأنه أجرى عادته سبحانه أنه في الغالب لا يؤتيه إلا بكد من المرزوق وجهد: إما في العبادة والتوكل، وإما في السعي الظاهر في تحصيله بأسبابه الدنيوية، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
وقفة
[17] ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ﴾ الزوجةُ الصَّالحةُ والابنُ البارُّ والقناعةُ والعلمُ وحبُّ النَّاسِ لكَ كلُّ هذه الأرزاقِ عنده وحدَه، لا عندَ غيرِه، فلمَاذا تطلُبُها في ما حَرِّمَ.
وقفة
[17] ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ﴾ عنده لا عند غيره.
وقفة
[17] ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ﴾ أعظم قضية تؤرق الشخص قضية الرزق، ارضِ الرزاق يأتك بالرزق لأنه عنده وبيده.
وقفة
[17] ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ﴾ رزق الزوجة الصالحة والابن البار والغنى عن الناس والعلم ومودة الناس لك والأمان كل هذه الأرزاق عنده وحده، فلماذا تطلبها في ماحرّم؟! فقد يسلبها الله منك بلحظة وقد يؤتيك إياها بلحظة.
عمل
[17] ﴿فابتغوا عند الله الرزق﴾ عند الله؛ فلا يتعلق قلبك برزق من فلان أو فلان، بل ارفع كفيك واطرق أبواب الكريم سبحانه.
وقفة
[17] ﴿فَابتَغوا عِندَ اللَّهِ الرِّزقَ﴾ مَن رجا رزقًا من غير الله خذله الله.
وقفة
[17] لا بد في الرزق من سعي وعمل ولو في ابتغائه من وجوهه، فإن الله تعالى يقول: ﴿فَابتَغوا عِندَ اللَّهِ الرِّزقَ﴾.
وقفة
[17] ﴿فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه﴾، ﴿إلا ليعبدون * إن الله هو الرزّاق﴾ [الذاريات: 56، 57] من فرّغ نفسه لما خُلِقت له؛ يسَّر الله له ما قد تكفَّل له به.
وقفة
[17] ﴿فَابتَغوا عِندَ اللَّهِ الرِّزقَ وَاعبُدوهُ﴾ وكونه سبحانه هو الرزاق وحده؛ فهذا من موجبات عبادتنا له.
وقفة
[17] ﴿فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ ۖ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ هذه خلاصة حياة المؤمن.
وقفة
[17] ﴿وَاعبُدوهُ وَاشكُروا لَهُ إِلَيهِ تُرجَعونَ﴾ شكر النعم وحمدها يرتبط ارتباطًا قويًّا بعقيدة سليمة

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّما تَعْبُدُونَ:
  • كافة ومكفوفة. تعبدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً:
  • جار ومجرور متعلق بتعبدون. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر بالكسرة. اوثانا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى يا قوم انما أنتم تعبدون أصناما من حجر.
  • ﴿ وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً:
  • معطوفة بالواو على «تعبدون اوثانا» وتعرب اعرابها بمعنى وتفترون افكا اي كذبا.
  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «ان».
  • ﴿ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ:
  • اعربت. والجملة صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: ان الذين تعبدونهم من دون الله.
  • ﴿ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ان».لا: نافية لا عمل لها. يملكون رزقا: تعرب اعراب «تعبدون اوثانا» و «لكم» جار ومجرور متعلق بلا يملكون. والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ فَابْتَغُوا:
  • الفاء استئنافية. ابتغوا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة بمعنى: فاطلبوا.
  • ﴿ عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ:
  • ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بابتغوا وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. الرزق: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وقد وردت الكلمة نكرة ثم معرفة فالنكرة «رزقا» بمعنى لا يستطيعون ان يرزقوكم شيئا من الرزق. والمعرفة «الرزق» بمعنى الرزق كله لان الله هو الرازق.
  • ﴿ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ:
  • الجملتان معطوفتان بواوي العطف على «ابتغوا» وتعربان اعرابها. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. له: جار ومجرور متعلق باشكروا.
  • ﴿ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بترجعون. ترجعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى فاستعدوا للقائه بعبادته والشكر على انعمه.'

المتشابهات :

العنكبوت: 17﴿إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا
الأعراف: 194﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ
الحج: 73﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     وبعد أن أمَرَهم إبراهيم عليه السلام بعبادةِ اللهِ وتَقْواه؛ نهاهم هنا عن عبادةِ الأصنامِ، وبَيَّنَ لهم نَقْصَها، وعَدَمَ استِحقاقِها للعبوديَّةِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وتخلقون:
وقرئ:
1- بفتح التاء والخاء، واللام مشددة، أصله: تتخلقون، بتاءين، فحذفت إحداهما، وهى قراءة على، والسلمى، وعون العقيلي، وعبادة، وابن أبى ليلى، وزيد بن على.
إفكا:
وقرئ:
بفتح الهمزة وكسر الفاء، وهو مصدر، وهى قراءة ابن الزبير، وفضيل بن زرقان.

مدارسة الآية : [18] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ ..

التفسير :

[18] وإن تكذِّبوا -أيها الناس- رسولنا محمداً -صلى الله عليه وسلم- فيما دعاكم إليه من عبادة الله وحده، فقد كذبت جماعات من قبلكم رسلها فيما دعتهم إليه من الحق، فحلَّ بهم سخط الله، وما على الرَّسول محمد إلا أن يبلغكم عن الله رسالته البلاغ الواضح. وقد فَعَل.

قال صاحب الكشاف: وهذه الآية- وهي قوله- تعالى-: وَإِنْ تُكَذِّبُوا والآيات التي بعدها إلى قوله: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ.. محتملة أن تكون من جملة قول إبراهيم - صلوات الله عليه- لقومه، وأن تكون آيات وقعت معترضة في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشأن قريش، بين أول قصة إبراهيم وآخرها.

فإن قلت: إذا كانت من قول إبراهيم، فما المراد بالأمم من قبله؟ قلت: المراد بهم قوم شيث وإدريس ونوح وغيرهم، وكفى بقوم نوح أمة في معنى أمم جمة مكذبة ... » .

وقال الإمام ابن كثير: والظاهر من السياق أن كل هذه الآيات، من كلام إبراهيم الخليل- عليه السلام-، يحتج عليهم لإثبات المعاد، لقوله بعد هذا كله: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ .

وقوله- سبحانه-: وَإِنْ تُكَذِّبُوا ... معطوف على محذوف، والتقدير: إن تطيعوني- أيها الناس- فقد فزتم ونجوتم، وإن تكذبوني فيما أخبرتكم به، فلستم بدعا في ذلك، فقد كذب أمم من قبلكم رسلهم، فكانت عاقبة المكذبين خسرا.

ثم بين لهم إبراهيم- عليه السلام- وظيفته فقال: وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ أى: لقد بلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، وتلك هي وظيفتي التي كلفنى بها ربي، وليس على سواها، أما الحساب والجزاء فمرده إلى الله تعالى وحده.

وقوله : ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ) أي : فبلغكم ما حل بهم من العذاب والنكال في مخالفة الرسل ، ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) يعني : إنما على الرسول أن يبلغكم ما أمره الله تعالى به من الرسالة ، والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، فاحرصوا لأنفسكم أن تكونوا من السعداء .

وقال قتادة في قوله : ( وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ) قال : يعزي نبيه - صلى الله عليه وسلم - . وهذا من قتادة يقتضي أنه قد انقطع الكلام الأول ، واعترض بهذا إلى قوله : ( فما كان جواب قومه ) . وهكذا نص على ذلك ابن جرير أيضا .

والظاهر من السياق أن كل هذا من كلام إبراهيم الخليل ، عليه السلام [ لقومه ] يحتج عليهم لإثبات المعاد ، لقوله بعد هذا كله : ( فما كان جواب قومه ) ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (18)

يقول تعالى ذكره: وإن تكذِّبوا أيها الناس رسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم فيما دعاكم إليه من عبادة ربكم الذي خلقكم ورزقكم، والبراءة من الأوثان، فقد كَذَّبت جماعات من قبلكم رسلَها فيما دعتهم إليه الرسل من الحقّ، فحلّ بها من الله سخطه، ونـزل بها من عاجل عقوبته، فسبيلكم سبيلها فيما هو نازل بكم بتكذيبكم إياه ( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) يقول: وما على محمد إلا أن يبلِّغكم عن الله رسالته، ويؤدي إليكم ما أَمَره بأدائه إليكم ربُّه. ويعني بالبلاغ المبين: الذي يُبِين لمن سمعه ما يراد به، ويفهم به ما يعني به.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[18] ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ لا يكفي منك البلاغ، لكن لا بد من إتقان هذا البلاغ بالإنابة، والإنابة هي إقامة البرهان عليه.
وقفة
[18] ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ وقد بلغ النبي r البلاغ المبين، وأشهد الله على أمته كما جعل في حجة الوداع يقول: «... وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّى فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟»، قَالُوا: «نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ»، فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ، «اللَّهُمَّ اشْهَدِ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ثَلاَثَ مَرَّاتٍ» [مسلم 1218].
وقفة
[18] ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ والرسول r أمرنا بالتبليغ عنه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً» [البخاري 3461]، وقال لما خطب المسلمين: «لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» [البخاري 67]، فهل بلَّغنا ما بَلَغنا؟!
وقفة
[18] ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ قال الإمام الرازي: «الآية تدل على أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز».
وقفة
[18] ﴿وَما عَلَى الرَّسولِ إِلَّا البَلاغُ المُبينُ﴾ على الداعي إلى الله أن يبلغ ما أنزله الله بأفضل الوسائل الممكنة موضحًا وشارحًا ومبينًا.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ تُكَذِّبُوا:
  • الواو استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. تكذبوا: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بان وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة وحذف مفعولها لانه معلوم بمعنى: وان تكذبوني فلا تضروني بتكذيبكم.
  • ﴿ فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم بإن والفاء واقعة في جواب الشرط‍.قد: حرف تحقيق. كذب: فعل ماض مبني على الفتح. أمم: فاعل مرفوع بالضمة وقد ذكر الفعل لان«الامم» بمعنى القوم. بمعنى: فقد كذبت امم رسلهم فحذف المفعول.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من المفعول وهو بيان له والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَما عَلَى الرَّسُولِ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. على الرسول: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم.
  • ﴿ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ:
  • اداة حصر لا عمل لها. البلاغ: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. المبين: صفة-نعت-للبلاغ مرفوعة مثلها بالضمة. بمعنى وما على الرسول الا التبليغ الواضح البين.'

المتشابهات :

النور: 54﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ
العنكبوت: 18﴿وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ۖ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ولَمَّا فرَغَ إبراهيم عليه السلام مِن بيانِ التوحيدِ؛ أتى بَعْدَه بالتَّهديدِ، فقال لهم:
﴿ وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ ..

التفسير :

[19] أولم يعلم هؤلاء كيف ينشىء الله الخلق من العدم، ثم يعيده من بعد فنائه، كما بدأه أول مرة خلقاً جديداً، لا يتعذر عليه ذلك؟ إن ذلك على الله يسير، كما كان يسيراً عليه إنشاؤه.

{ أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} يوم القيامة{ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} كما قال تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}

ثم ساق- سبحانه- ما يدل على أن البعث حق، وأنه- تعالى- لا يعجزه شيء، فقال: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ.

والاستفهام لتوبيخهم على إنكارهم هذه الحقيقة، وعدم تعقلهم لما يدل عليها دلالة واضحة، والواو للعطف على مقدر.

والمعنى: ألم ينظر هؤلاء المشركون المنكرون للبعث، ويعلموا كيف خلق الله- تعالى- الخلق ابتداء، ليستدلوا بذلك على قدرته على الإعادة، وهي أهون عليه.

إنهم ليرون كيف يبدئ الله الخلق في النبتة النامية، وفي الشجرة الباسقة، وفي كل ما لم يكن، ثم بعد ذلك يكون، فكيف أنكروا إعادة هذا المخلوق إلى الحياة مرة أخرى، مع أنه من المسلم عند كل ذي عقل، أن الإعادة أيسر من الخلق ابتداء؟

فالآية الكريمة تقرعهم على إنكارهم البعث، وتسوق لهم الأدلة الواضحة على إمكانيته.

واسم الإشارة في قوله: إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ يعود إلى ما ذكر من الأمرين وهما:

بدء الخلق، وإعادته إلى الحياة مرة أخرى.

أى: إن ذلك الذي ذكرناه لكم من خلقكم ابتداء، ثم إعادتكم إلى الحياة بعد موتكم، يسير وهين على الله، لأنه- سبحانه- لا يعجزه شيء.

يقول تعالى مخبرا عن الخليل عليه السلام ، أنه أرشدهم إلى إثبات المعاد الذي ينكرونه ، بما يشاهدونه في أنفسهم من خلق الله إياهم ، بعد أن لم يكونوا شيئا مذكورا ، ثم وجدوا وصاروا أناسا سامعين مبصرين ، فالذي بدأ هذا قادر على إعادته ; فإنه سهل عليه يسير لديه .ثم أرشدهم إلى الاعتبار بما في الآفاق من الآيات المشاهدة من خلق الله الأشياء : السموات وما فيها من الكواكب النيرة : الثوابت ، والسيارات ، والأرضين وما فيها من مهاد وجبال ، وأودية وبرار وقفار ، وأشجار وأنهار ، وثمار وبحار ، كل ذلك دال على حدوثها في أنفسها ، وعلى وجود صانعها الفاعل المختار ، الذي يقول للشيء : كن ، فيكون ; ولهذا قال : ( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير ) ، كقوله : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19)

يقول تعالى ذكره: أولم يروا كيف يستأنف الله خلق الأشياء طفلا صغيرا، ثم غلاما يافعا، ثم رجلا مجتمعا، ثم كهلا يقال منه: أبدأ وأعاد وبدأ وعاد، لغتان بمعنى واحد. وقوله: (ثُمَّ يُعِيدُه) يقول: ثم هو يعيده من بعد فنائه وبلاه، كما بدأه أوّل مرّة خلقا جديدا، لا يتعذّر عليه ذلك ( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) سهل كما كان يسيرًا عليه إبداؤه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، في قوله: ( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) : بالبعث بعد الموت.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[19] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّـهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ اقرأ بعض الأحاديث من كتاب: «بدء الخلق» من صحيح البخاري لتتأمل عظيم قدرة الله.
وقفة
[19] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّـهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ ألم تروا كيف أن الشجرة تتساقط أوراقها في الشتاء، ثم تكتسي بالخضرة في الربيع، ويتكرر هذا أمام أعينكم كل عام، فكيف تستبعدون أن يتكرر نفس الأمر معكم؟!
وقفة
[19] ﴿أَوَلَم يَرَوا كَيفَ يُبدِئُ اللَّهُ الخَلقَ ثُمَّ يُعيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسيرٌ﴾ ختام مبهر للآية يدفعك دفعًا للتأمل فى هذا الخلق، وكيف أنه فى نهاية الأمر يعد يسيرًا، سبحانه.
وقفة
[19] ﴿إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ﴾ كلُّ أمرٍ يشغلُ قلبَكَ، كلُّ أمنيةٍ تراها بعيدةً، كلُّ فرج تنتظُرُه، كلُّ همٍّ تريدُ زوالَه، هو على اللهِ يسيرٌ، ثِقْ باللهِ.

الإعراب :

  • ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا:
  • الهمزة همزة تقرير بلفظ‍ استفهام. الواو زائدة. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يروا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به ليروا: كيف:اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. يبدئ: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. الخلق:مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى: كيف يبدع الله خلق الاشياء.
  • ﴿ ثُمَّ يُعِيدُهُ:
  • ثم: حرف عطف. يعيده: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. وجملة «يعيده» معطوفة على «يبدئ» او معطوفة على الجملة أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ» وان كان هذا العطف قد دخل في الرؤية الماضية وهي لم تقع بعد إلا أنها باخبار الله تعالى بوقوعها تكون كالواقعة المرئية فعوملت معاملة ما رؤي وشوهد.
  • ﴿ إِنَّ ذلِكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» واللام للبعد والكاف للخطاب.
  • ﴿ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر «ان».يسير: خبر «ان» مرفوع بالضمة بمعنى: ان ذلك على قدرة الله شيء سهل بسيط‍.'

المتشابهات :

العنكبوت: 19﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ كَيۡفَ يُبْدِئُ اللَّـهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ
يونس: 4﴿إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقًّاۚ إِنَّهُۥ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ بِٱلۡقِسۡطِۚ
يونس: 34﴿قُلۡ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ
النمل: 64﴿أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ
الروم: 11﴿ٱللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ
الروم: 27﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا كَذَّبُوا بالبعثِ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن الإِعادةَ أيسرُ من الخلقِ ابتداءً، قال تعالى :
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يروا:
1- بالياء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وأبى بكر، بخلاف عنه.
يبدئ:
1- مضارع «أبدأ» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يبدأ، مضارع «بدأ» ، وهى قراءة الزبير، وعيسى، وأبى عمرو.
3- بدا، بتخفيف الهمزة بإبدالها ألفا، فذهبت فى الوصل، وهو تخفيف غير قياسى، وهى قراءة الزهري.

مدارسة الآية : [20] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا ..

التفسير :

[20] قل -أيها الرسول- لمنكري البعث بعد الممات:سيروا في الأرض، فانظروا كيف أنشأ الله الخلق، ولم يتعذر عليه إنشاؤه مبتدَأً؟ فكذلك لا يتعذر عليه إعادة إنشائه النشأة الآخرة. إن الله على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء أراده.

{ قُلْ} لهم، إن حصل معهم ريب وشك في الابتداء:{ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} بأبدانكم وقلوبكم{ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} فإنكم ستجدون أمما من الآدميين والحيوانات، لا تزال توجد شيئا فشيئا، وتجدون النبات والأشجار، كيف تحدث وقتا بعد وقت، وتجدون السحاب والرياح ونحوها، مستمرة في تجددها، بل الخلق دائما في بدء وإعادة، فانظر إليهم وقت موتتهم الصغرى -النوم- وقد هجم عليهم الليل بظلامه، فسكنت منهم الحركات، وانقطعت منهم الأصوات، وصاروا في فرشهم ومأواهم كالميتين، ثم إنهم لم يزالوا على ذلك طول ليلهم، حتى انفلق الإصباح، فانتبهوا من رقدتهم، وبعثوا من موتتهم، قائلين:"الحمد للّه الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور "

ولهذا قال:{ ثُمَّ اللَّهُ} بعد الإعادة{ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} وهي النشأة التي لا تقبل موتا ولا نوما، وإنما هو الخلود والدوام في إحدى الدارين.{ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فقدرته تعالى لا يعجزها شيء وكما قدر بها على ابتداء الخلق، فقدرته على الإعادة من باب أولى وأحرى.

ثم أمر- سبحانه- رسوله صلى الله عليه وسلم أن يلفت أنظار قومه إلى التأمل والتدبر في أحوال هذا الكون، لعل هذا التأمل يهديهم إلى الحق فقال: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ، ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ....

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المنكرين للبعث: سيحوا في الأرض، وتتبعوا أحوال الخلق، وتأملوا كيف خلقهم الله- تعالى- ابتداء على أطوار مختلفة، وطبائع متمايزة.

وأحوال شتى ... ثم قل لهم بعد كل ذلك، الله الذي خلق الخلق ابتداء على تلك الصور المتنوعة والمتكاثرة، هو وحده الذي يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ أى: هو وحده الذي ينشئهم ويخلقهم ويعيدهم إلى الحياة مرة أخرى، بعد أن أوجدهم في المرة الأولى.

فجملة ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ معطوفة على قوله: سِيرُوا ... وداخلة معها في حيز القول..

والكيفية في هذه الآية باعتبار بدء الخلق على أطوار شتى، وصور متعددة ...

وفي الآية السابقة وهي قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ باعتبار بدء الخلق من مادة وغيرها.

والمقصود بالأمر بالسير: التدبر والتأمل والاعتبار، لأن من شأن التنقل في جنبات الأرض، أنه يوقظ الحس، ويبعث على التفكير، ويفتح العين والقلب على المشاهد الجديدة التي لم تألفها العين، ولم يتأملها القلب قبل ذلك.

وجاء الأمر بالسير عاما، لأن كل إنسان- في كل زمان ومكان- يأخذ من وجوه العبرة والعظة- عن طريق هذا السير ما يتناسب مع عقله، وثقافته، وبيئته، وفكره، ومستواه المادي، والاجتماعى، والحضارى ...

وقوله- سبحانه-: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تعليل لما قبله. أى: هو- سبحانه- قادر على النشأة الأولى، وعلى النشأة الآخرة، لأن قدرته لا يعجزها شيء ولا يحول دون نفاذها حائل.

ثم قال تعالى : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة ) أي : يوم القيامة ، ( إن الله على كل شيء قدير ) . وهذا المقام شبيه بقوله تعالى : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) [ فصلت : 53 ] ، وكقوله تعالى : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون ) [ الطور : 35 ، 36 ] .

وقوله: ( قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ ) يقول تعالى ذكره لمحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للمنكرين للبعث بعد الممات، الجاحدين الثواب والعقاب: ( سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ ) الله الأشياء وكيف أنشأها وأحدثها؛ وكما أوجدها وأحدثها ابتداء، فلم يتعذّر عليه إحداثها مُبدئا، فكذلك لا يتعذّر عليه إنشاؤها معيدا( ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ ) يقول: ثم الله يبدئ تلك البدأة الآخرة بعد الفناء.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ) خلق السموات والأرض ( ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ ) : أى البعث بعد الموت.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ ) قال: هي الحياة بعد الموت، وهو النشور.

وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) يقول تعالى ذكره: إن الله على إنشاء جميع خلقه بعد إفنائه كهيئته قبل فنائه، وعلى غير ذلك مما يشاء فعله قادر لا يعجزه شيء أراده.

المعاني :

بَدَأَ الْخَلْقَ :       أَنْشَأَهُ السراج

التدبر :

وقفة
[20] ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ هل تنوي في أي رحلة سياحية أن تعمل بهذه الآية، فتشاهد أشياء وأحوال لم تعتد رؤيتها في بلادك، فإذا رأيت هذه العجائب، تفكرت في عظمتها وعظمة من خلقها، فازددت إيمانًا.
وقفة
[20] ﴿قل سيروا في الأرض﴾ ليكن سيرك في الأرض سير اعتبار وتفكر لا سير لهو وعبث وسياحة لا تضر ولا تنفع.
وقفة
[20] ﴿قُل سيروا فِي الأَرضِ فَانظُروا﴾ مشروعية السفر والسياحة تحت هذه النية: التأمل والتفكر فى خلق الله.
وقفة
[20] ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ أيقظ كل أحاسيسك، وارحل اليوم إلى مكان جديد، صحراء أو جبل أو واد أو حديقة، انظر إليها بعين جديدة، وألق عليه سؤال القرآن الكبير: كيف بدأ الخلق؟
وقفة
[20] ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ من دروس التوحيد الغائبة في كثير من الدروس الاعتقادية: الحث على السير في الأرض، والنظر لكيفية نشأة الخلق.
وقفة
[20] ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ عبادة التفكر عبادة مهجورة مع أنها من أقوي العبادات التي تعمل علي ثبات العقيدة.
وقفة
[20] ﴿قُلْ سِيرُوا فِى الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِىءُ النَّشْاةَ الآخِرَةَ﴾ إن قلتَ: كيف أضمر لفظ (الله) أولًا، ثم أظهره ثانيًا مع أن القياس العكسُ؟ قلتُ: تنبيهًا على عِظم إنشائهم أي إعادتهم، لأنها التى ينكرها الكافر، فناسب ذكر الظاهر للإِيضاح.
عمل
[20] شاهد فيلمًا وثائقيًّا، أو صورًا عن مراحل خلق الإنسان؛ لتتذكر أصل خلقتك ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّـهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ﴾.
وقفة
[20] ﴿فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ على كثرتهم وتفاوت هيئاتهم، واختلاف ألسنتهم وألوانهم وطبائعهم، وانظروا إلى مساكن القرون الماضية وديارهم وآثارهم، كيف أهلكهم؛ لتعلموا بذلك كمال قدرة الله.
وقفة
[20] ﴿فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ بدء الخلق دليل على البعث.
وقفة
[20] ﴿فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ﴾ كشفت دراسة علمية حديثة قام بها باحثون كنديون عن أن ۹۰ ٪ من أنواع الكائنات الحية في العالم لم تكتشف أو توصف أو تصنف بواسطة البشر بعد، وقدرت الدراسة عدد أنواع الكائنات الحية بـ 8,7 مليون نوع.
وقفة
[20] ﴿ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾ تقديم لفظ الجلالة قبل الفعل دلالة على أنه وحده سبحانه الخالق فى الأول وفى الأخر.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول- وهي حكاية كلام الله حكاه ابراهيم لقومه. اي قل يا ابراهيم لقومك سيروا في الارض. سيروا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. في الارض: جار ومجرور متعلق بسيروا.
  • ﴿ فَانْظُرُوا:
  • معطوفة بالفاء على «سيروا» وتعرب اعرابها. والجملة الاستفهامية بعده في محل نصب مفعول به لانظروا.
  • ﴿ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ:
  • اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. بدأ: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي الله سبحانه. الخلق: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ:
  • ثم: حرف عطف. والجملة الاسمية بعده واصلها ثم ينشيء معطوفة على كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ» وقد شرح سبب ذلك في الآية الكريمة السابقة. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع الضمة. ينشئ: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي الله سبحانه. والجملة الفعلية يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ» في محل رفع خبر المبتدأ. واصل الكلام-كما جاء في كتب التفاسير-كيف بدأ الله الخلق ثم ينشيء النشأة الآخرة. وسبب الافصاح باسمه تعالى وايقاعه مبتدأ في قوله: ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ» بعد اضماره في قوله: كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ» هو ان الاصل والقياس: الاظهار ثم الاضمار، يليه لقصد التفخيم الاظهار بعد الاظهار، ويليه وهو افخم الثلاثة الاظهار بعد الاضمار كما في الآية الكريمة والله اعلم.
  • ﴿ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الآخرة:صفة-نعت-للنشأة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. بمعنى: يخرج الخلق ويعيدهم من العدم يوم القيامة.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة:اسمها منصوب للتعظيم بالفتحة. على كل: جار ومجرور متعلق بخبرها.
  • ﴿ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. قدير:خبر «ان» مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

آل عمران: 137﴿قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَـ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
النحل: 36﴿فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّـهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَـ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
النمل: 69﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ
العنكبوت: 20﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّـهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ
الروم: 42﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ۚ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ
الأنعام: 11﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     وبعدَ أنْ ساق اللهُ الدَّليلَ المشاهَدَ في النفس؛ أرشَدَ هنا إلى الاعتِبارِ بما في الآفاقِ مِنَ الآياتِ المُشاهَدةِ، قال تعالى:
﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

النشأة:
قرئ:
1- النشاءة، على وزن «فعالة» ، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو.
2- على وزن «فعلة» ، وهى قراءة باقى السبعة.
وهما لغتان، كالرآفة والرأفة، والقصر أشهر.

مدارسة الآية : [21] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُعَذِّبُُ مَن يَشَاء وَيَرْحَمُ مَن ..

التفسير :

[21] يعذب مَن يشاء مِن خلقه على ما أسلف مِن جرمه في أيام حياته، ويرحم مَن يشاء منهم ممن تاب وآمن وعمل صالحاً، وإليه ترجعون، فيجازيكم بما عملتم.

{ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} أي:هو المنفرد بالحكم الجزائي، وهو إثابة الطائعين ورحمتهم، وتعذيب العاصين والتنكيل بهم.{ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} أي:ترجعون إلى الدار، التي بها تجري عليكم أحكام عذابه ورحمته، فاكتسبوا في هذه الدار، ما هو من أسباب رحمته من الطاعات، وابتعدوا من أسباب عذابه، وهي المعاصي.

وهو- سبحانه- يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ويرحم من يشاء برحمته، وَإِلَيْهِ وحده لا إلى غيره تُقْلَبُونَ أى: ترجعون جميعا فيحاسبكم على أعمالكم.

وقوله : ( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء ) أي : هو الحاكم المتصرف ، الذي يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، لا معقب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، فله الخلق والأمر ، مهما فعل فعدل ; لأنه المالك الذي لا يظلم مثقال ذرة ، كما جاء في الحديث الذي رواه أهل السنن : " إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه ، لعذبهم وهو غير ظالم لهم " . ولهذا قال تعالى : ( يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ) أي : ترجعون يوم القيامة .

القول في تأويل قوله تعالى : يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21)

يقول تعالى ذكره: ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ خلقه من بعد فنائهم، فـ( يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ) منهم على ما أسلف من جرمه في أيام حياته، ( وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ ) منهم ممن تاب وآمن وعمل صالحا(وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) يقول: وإليه ترجعون وتردّون.

المعاني :

تُقْلَبُونَ :       تُرَدُّونَ، وَتُرْجَعُونَ السراج
إليه تُقلبون :       تـُــردّون و ترجعون لا إلى غيره معاني القرآن

التدبر :

عمل
[21] ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[21] قوله تعالى: ﴿يعذب من يشاء ويرحم من يشاء﴾ بتقديم العذاب على الرحمة في هذه السورة فحسب؛ لأن إبراهيم خاطب به نمروذ وأصحابه، وأن العذاب وقع بهم في الدنيا.
وقفة
[21] ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ وَيَرحَمُ مَن يَشاءُ﴾ الأمر كله مرتبط بمشيئة الله، وهو وحده العدل الحكم يُعذب من كفر، ويرحم من آمن.
وقفة
[21] ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ أي: ترجعون إلى الدار التي بها تجري عليكم أحكام عذابه ورحمته، فاكتسبوا في هذه الدار ما هو من أسباب رحمته من الطاعات، وابتعدوا من أسباب عذابه وهي المعاصي.
وقفة
[21] ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ وابتديء بذكر العقاب لأن الخطاب جار مع منكري البعث الذين حظهم فيه هو التعذيب.
وقفة
[21] ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ هذا أبلغ في التخويف من لو قال: (يعذب العاصي ويرحم المؤمن)، ولنضرب لهذا مثلًا: إذا قال الملك: «من خالفني ضربته»، فسيقع في وهم المخالف أنه لا يقدر على ضرب فلان المطيع، فلا يقدر عليَّ أيضًا لكوني مثله؛ ولذا ربط الله التعذيب بالمشيئة: ﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ﴾ ليفيد الخوف العام، لأن الأمن من الله يوجب الجرأة عليه، وانقلاب المطيع عاصيًا.
عمل
[21] ﴿وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان لان الواردة في الآية الكريمة السابقة. يعذب: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء: تعرب اعراب «يعذب» والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والمفعول العائد الى الموصول محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: من يشاؤه اي من يشاء تعذيبه.
  • ﴿ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ:
  • معطوفة بالواو على يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ» وتعرب اعرابها.اي ويرحم من يشاء رحمته
  • ﴿ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ:
  • الواو: استئنافية. إليه: جار ومجرور للتعظيم متعلق بتقلبون. تقلبون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل فى محل رفع نائب فاعل. بمعنى: واليه تردون يوم البعث.'

المتشابهات :

المائدة: 40﴿أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ
العنكبوت: 21﴿ يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ وَإِلَيۡهِ تُقۡلَبُونَ
البقرة: 284﴿يُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ فَـ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ
آل عمران: 129﴿وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ
المائدة: 18﴿بَلۡ أَنتُم بَشَرٞ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ
الفتح: 14﴿وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ النَّشْأةَ الآخِرةَ؛ ذكَرَ هنا ما يَكونُ فيها، وهو: تعذيبُ أهلِ التَّكذيبِ عَدلًا وحِكمةً، وإثابةُ أهلِ الإنابةِ فَضْلًا ورَحمةً، قال تعالى:
﴿ يُعَذِّبُُ مَن يَشَاء وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ..

التفسير :

[22] وما أنتم -أيها الناس- بمعجزي الله في الأرض ولا في السماء إن عصيتموه، وما كان لكم من دون الله مِن وليٍّ يلي أموركم، ولا نصير ينصركم مِن الله إن أراد بكم سوءاً.

{ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} أي:يا هؤلاء المكذبون، المتجرؤن على المعاصي، لا تحسبوا أنه مغفول عنكم، أو معجزون للّه في الأرض ولا في السماء، فلا تغرنكم قدرتكم وما زينت لكم أنفسكم وخدعتكم، من النجاة من عذاب الله، فلستم بمعجزين الله في جميع أقطار العالم.

{ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ} يتولاكم، فيحصل لكم مصالح دينكم ودنياكم،{ وَلَا نَصِيرٍ} ينصركم، فيدفع عنكم المكاره.

وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ أى: وما أنتم- أيها الناس- بقادرين على أن تفلتوا أو تهربوا من لقاء الله- تعالى- ومن حسابه، سواء كنتم في الأرض، أم كنتم في السماء، إذ ليست هناك قوة في هذا الوجود تحول بينكم وبين الانقلاب إليه- سبحانه- والوقوف بين يديه للحساب والجزاء.

قال الشوكانى: وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ قال الفراء: ولا من في السماء بمعجزين الله فيها ... والمعنى: أنه لا يعجزه- سبحانه- أهل الأرض ولا أهل السماء في السماء لو كنتم فيها، كما تقول: لا يفوتني فلان هاهنا ولا بالبصرة. يعنى: ولا بالبصرة لو صار إليها ... » .

وقوله- سبحانه-: وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ مؤكد لما قبله. أى:

لستم بقادرين على الهرب من لقاء الله- تعالى-. في الآخرة. وليس سواه من ناصر ينصركم، أو من قريب يدفع عنكم حكمه وقضاءه- سبحانه-.

وقوله : ( وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء ) أي : لا يعجزه أحد من أهل سماواته وأرضه ، بل هو القاهر فوق عباده ، وكل شيء خائف منه ، فقير إليه ، وهو الغني عما سواه .

( وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير )

وأما قوله: ( وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ ) فإن ابن زيد قال في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ ) قال: لا يُعجزه أهل الأرضين في الأرضين، ولا أهل السموات في السموات إن عصوه، وقرأ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ .

وقال في ذلك بعض أهل العربية من أهل البصرة: ( وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَلا ) من (فِي السَّمَاءِ) مُعْجِزِينَ قال: وهو من غامض العربية للضمير الذي لم يظهر في الثاني، قال: ومثله قول حسان بن ثابت:

أمَــنْ يَهْجُــو رَسُـولَ اللـهِ مِنْكُـمْ

وَيَمْدَحُـــهُ وَيَنْصُـــرُه سَــواءُ? (2)

أراد: ومن ينصره ويمدحه، فأضمر " مَنْ". قال: وقد يقع في وهم السامع أن النصر والمدح لمنْ هذه الظاهرة، ومثله في الكلام: أكرمْ من أتاك وأتى أباك، وأكرم من أتاك ولم يأت زيدا. تريد: ومن لم يأت زيدا، فيكتفي باختلاف الأفعال من إعادة (مَنْ)، كأنه قال: أمَن يهجو، ومن يمدحه، ومن ينصره. ومنه قول الله عزّ وجلّ: &; 20-23 &; وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ وهذا القول أصحّ عندي في المعنى من القول الآخر، ولو قال قائل: معناه: ولا أَنتم بمعجزين في الأرض، ولا أنتم لو كنتم في السماء بمعجزين كان مذهبا.

وقوله: ( وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ) يقول: وما كان لكم أيها الناس من دون الله من وليّ يلي أموركم، ولا نصير ينصركم منه الله إن أراد بكم سوءا ولا يمنعكم منه إن أحل بكم عقوبته.

------------------

الهوامش:

(2) البيت لحسان بن ثابت وقد تقدم الاستشهاد به، وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 244 من مصورة الجامعة) قال: وقوله: (وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء) يقول القائل: وكيف وصفهم أنهم لا يعجزون في الأرض ولا في السماء، وليسوا من أهل السماء؟ فالمعنى، والله أعلم، ما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا من السماء بمعجز. وهو من غامض العربية، للضمير الذي لم يظهر في الثاني. ومثله قول حسان: " فمن يهجو ... " البيت. أراد: ومن ينصره ويمدحه، فأضمر "من"، وقد يقع في وهم السامع أن المدح والنصر لمن هذه الظاهرة. ومثله في الكلام: أكرم من أتاك وأتى أباك، وأكرم من أتاك ولم يأت زيدًا؛ تريد: ومن لم يأت زيدًا. اهـ.

المعاني :

بِمُعْجِزِينَ :       فَائِتِينَ مِنْ عَذَابِهِ بِالهَرَبِ وَغَيْرِهِ السراج
بمعجزين :       فائتين من عذابه بالهرب معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[22] في جميع القرآن تتقدم (السموات) على (الأرض) إلا في خمسة مواطن، فحيث تقدمت الأرض فالسياق في شأن أهل الأرض، كقوله: ﴿وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء﴾، وتتقدم السموات في الحديث عن الخلق والملك والساعة والرزق.
وقفة
[22] ﴿وَما أَنتُم بِمُعجِزينَ فِي الأَرضِ وَلا فِي السَّماءِ﴾ لا فرار من قدر الله، إلا إلى قدر الله.
وقفة
[22] تقرير عجز الإنسان التام، وأنه لا مهرب يملك الفرار إليه إلا بالإيمان والتقوى ﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ:
  • الواو استئنافية. ما: تعمل عمل «ليس» عند الحجازيين وهي مهملة عند بني تميم. انتم: ضمير منفصل-ضمير المخاطبين-في محل رفع اسم «ما» على لغة الحجازيين. ومبتدأ على لغة بني تميم. بمعجزين: الباء حرف جر زائد. معجزين: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على اللغة الاولى ومرفوع محلا على اللغة الثانية وعلامة نصبه او رفعه الياء او الواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.والكلمة اسم فاعل حذف مفعوله بمعنى: بمعجزين ربكم.
  • ﴿ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ:
  • جار ومجرور متعلق بمعجزين. بمعنى: في الأرض الفسيحة. الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. في السماء: جار ومجرور معطوف على فِي الْأَرْضِ» بمعنى ولا في السماء التي هي افسح من الأرض وابسط‍ لو كنتم فيها اي في السماء وتعرب مثلها.
  • ﴿ وَما لَكُمْ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. لكم: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. والميم علامة جمع الذكور
  • ﴿ مِنْ دُونِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من «ولي».الله لفظ‍ الجلالة:مضاف اليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ مِنْ وَلِيٍّ:
  • من: حرف جر زائد. ولي: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لانه مبتدأ مؤخر.
  • ﴿ وَلا نَصِيرٍ:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. نصير: معطوفة على «ولي» وتعرب اعرابها.'

المتشابهات :

البقرة: 107﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
التوبة: 116﴿إِنَّ اللَّـهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
العنكبوت: 22﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
الشورى: 31﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
هود: 111﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا لم يُبقِ اللهُ للقُدرةِ على إعادتِهم مانِعًا يُدَّعَى إلَّا مُمانعَتَهم منها؛ أبطَلَها هنا على تقديرِ ادِّعائِهم لها، فقال تعالى: ( وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ) ولَمَّا آيَسَهم اللهُ مِن الانفِلاتِ بأنفُسِهم؛ أعْقَبَه بتأييسِهم مِن الانفِلاتِ مِنَ الوعيدِ بسَعْيِ غَيرِهم لهم، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :العنكبوت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ ..

التفسير :

[23] والذين جحدوا حُجج الله وأنكروا أدلته، ولقاءه يوم القيامة، أولئك ليس لهم مطمع في رحمتي في الآخرة لَمَّا عاينوا ما أُعِدَّ لهم من العذاب، وأولئك لهم عذاب مؤلم موجع.

يخبر تعالى من هم الذين زال عنهم الخير، وحصل لهم الشر، وأنهم الذين كفروا به وبرسله، وبما جاءوهم به، وكذبوا بلقاء اللّه، فليس عندهم إلا الدنيا، فلذلك قدموا على ما أقدموا عليه من الشرك والمعاصي، لأنه ليس في قلوبهم ما يخوفهم من عاقبة ذلك، ولهذا قال تعالى:{ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي} أي:فلذلك لم يعلموا سببا واحدا يحصلون به الرحمة، وإلا لو طمعوا في رحمته، لعملوا لذلك أعمالا، والإياس من رحمة اللّه من أعظم المحاذير، وهو نوعان:إياس الكفار منها، وتركهم جميع سبب يقربهم منها، وإياس العصاة، بسبب كثرة جناياتهم أوحشتهم، فملكت قلوبهم، فأحدث لها الإياس،{ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي:مؤلم موجع. وكأن هذه الآيات معترضات بين كلام إبراهيم عليه السلام لقومه، وردهم عليه، واللّه أعلم بذلك.

ثم بين- سبحانه- مصير الكافرين فقال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ الدالة على وحدانيته وقدرته، وعلى ذاته وصفاته.. وكفروا- أيضا- بالأدلة الدالة على لِقائِهِ بأن أنكروا البعث والحساب والجزاء أُولئِكَ الذين كفروا بكل ذلك يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي أى: انقطع أملهم في رحمتي إياهم انقطاعا تاما وعبر- سبحانه- بالماضي لدلالة علمه التام على تحقق وقوع هذا اليأس، وفقدان الأمل عند هؤلاء الكافرين وقت أن يقفوا بين يديه للحساب، بسبب كفرهم وسوء أعمالهم.

وأضاف- عز وجل- الرحمة إليه، للإشارة إلى سبقها لغضبه، وأنها تشمل عبادة المؤمنين.

وَأُولئِكَ أى: الذين كفروا بآيات الله وبلقائه لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ لا يعلم مقدار شدته وفظاعته إلا هو- سبحانه-.

ثم قص- سبحانه- بعد ذلك ما قاله قوم إبراهيم له، وما رد به عليهم. فقال- تعالى-:

أي : جحدوها وكفروا بالمعاد ، ( أولئك يئسوا من رحمتي ) أي : لا نصيب لهم فيها ، ( وأولئك لهم عذاب أليم ) أي : موجع في الدنيا والآخرة .

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23)

يقول تعالى ذكره: والذين كفروا حُجَجَ الله، وأنكروا أدلته، وجحدوا لقاءه والورود عليه، يوم تقوم الساعة: ( أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي ) يقول تعالى ذكره: أولئك يئسوا من رحمتي في الآخرة لما عاينوا ما أعدّ لهم من العذاب، وأولئك لهم عذاب مُوجِع.

فإن قال قائل: وكيف اعْترض بهذه الآيات من قوله: وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ... إلى قوله: إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وترك ضمير قوله: فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ وهو من قصة إبراهيم. وقوله: إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... إلى قوله: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ .

قيل: فعل ذلك كذلك، لأن الخبر عن أمر نوح وإبراهيم وقومهما، وسائر مَنْ ذَكَر الله من الرسل والأمم في هذه السورة وغيرها، إنما هو تذكير من الله تعالى ذكره به الَّذِينَ يبتدئ بذكرهم قبل الاعتراض بالخبر، وتحذير منه لهم أن يحلّ بهم ما حلّ بهم، فكأنه قيل في هذا الموضع: فاعبدوه واشكروا له إليه ترجعون، فكذّبتم أنتم معشر قريش رسولكم محمدا، كما كذّب أولئك إبراهيم، ثم جَعَل مكان: فكذّبتم: وإن تكذبوا فقد كَذَّب أمم من قبلكم، إذ كان ذلك يدل على الخبر عن تكذيبهم رسولَهم، ثم عاد إلى الخبر عن إبراهيم وقومه، وتتميم قصته وقصتهم بقوله: فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[23] ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بِآياتِ اللَّهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسوا مِن رَحمَتي﴾ يفقد الكافرون أول ما يفقدون رحمة الله عز وجل.
وقفة
[23] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ وَلِقَائِهِ أُولَـٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ يحتمل أن يكون يأسهم في الآخرة، أو يكون وصف لحالهم في الدنيا؛ لأن الكافر يائس من رحمة الله، والمؤمن راج خائف.
وقفة
[23] اليأس من رحمة الله من أسباب العذاب والهلاك ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ وَلِقَائِهِ أُولَـٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
وقفة
[23] ﴿أُولَـٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي﴾ دخول الجنة محرم على من مات على كفره.
وقفة
[23] ﴿أُولَـٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي﴾ لا يجوز الترحم على الكافرين؛ لأن الله صرح أنهم لا يدخلون في رحمته، فكيف نترحم على من صرح الله بأنهم يئسوا من رحمته؟!
تفاعل
[23] ﴿أُولَـٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[23] ﴿يَئِسُوا﴾ يئسوا في أنفسهم من رحمته فأبعدها الله, ولو طلبوها لقربها الله لهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِينَ:
  • الواو استئنافية. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ كَفَرُوا بِآياتِ:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. بآيات: جار ومجرور متعلق بكفروا
  • ﴿ اللهِ وَلِقائِهِ:
  • لفظ‍ الجلالة مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. ولقائه: معطوفة بالواو على «آيات الله» والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى ولقائه في الآخرة. ولقائه: تعرب اعراب بِآياتِ اللهِ».
  • ﴿ أُولئِكَ يَئِسُوا:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين».اولئك:اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب والاشارة الى الكافرين. يئسوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «يئسوا» في محل رفع خبر اولئك.
  • ﴿ مِنْ رَحْمَتِي:
  • جار ومجرور متعلق بيئسوا والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة
  • ﴿ وَأُولئِكَ:
  • معطوفة بالواو على «اولئك» الاولى وتعرب اعرابها. والجملة الاسمية بعدها في محل رفع خبرها.
  • ﴿ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
  • ذاللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. و «عذاب» مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.أليم: صفة-نعت-لعذاب مرفوعة مثلها بالضمة.'

المتشابهات :

الكهف: 105﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ
العنكبوت: 23﴿وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ وَلِقَائِهِ أُولَـٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     ولَمَّا قرر التوحيد والبعث؛ هَدَّدَ من خالفهما وتوعده، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يئسوا:
1- بالهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بغير همز، بل بياء بدل الهمزة، وهى قراءة الذمارى، وأبى جعفر.

البحث بالسورة

البحث في المصحف