175188189190191192193194195

الإحصائيات

سورة الأعراف
ترتيب المصحف7ترتيب النزول39
التصنيفمكيّةعدد الصفحات26.00
عدد الآيات206عدد الأجزاء1.25
عدد الأحزاب2.50عدد الأرباع10.00
ترتيب الطول4تبدأ في الجزء8
تنتهي في الجزء9عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 3/29آلمص: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (188) الى الآية رقم (188) عدد الآيات (1)

= ولا أقدِرُ على جَلبِ نَفعٍ إلى نفسي ولا دفْعِ ضَرٍّ عنها.

فيديو المقطع


المقطع الثاني

من الآية رقم (189) الى الآية رقم (192) عدد الآيات (4)

لَمَّا تقدَّمَ سؤالُ الكُفَّارِ عن السَّاعةِ ووَقتِها، وكان فيهم من لا يُؤمِنُ بالبعثِ، ذكَرَ هنا ابتداءَ خَلقِ الإنسانِ وإنشائِه؛ تنبيهًا على أنَّ الإعادةَ مُمكِنةٌ كما أنَّ الإنشاءَ كان مُمكِنًا.

فيديو المقطع


المقطع الثالث

من الآية رقم (193) الى الآية رقم (195) عدد الآيات (3)

لَمَّا أثبتَ أنَّه لا قُدرةَ للأصنامِ على شيءٍ؛ بَيَّنَ هنا أنَّه لا عِلمَ لها، ولا قدرةَ لها على النَّفعِ والضَّرِّ، وبَيَّنَ أنَّها لا تصلُحُ للألُوهية.

فيديو المقطع


مدارسة السورة

سورة الأعراف

الصراع بين الحق والباطل/ احسم موقفك ولا تكن سلبيًّا

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • بدأت السورة :: بالصراع بين آدم وإبليس، وأتبعته بالحوار بين أهل الجنة وأهل النار. وكأنها تنادينا: هذه هي بداية الصراع، أو أول صراع: (آدم وإبليس)، وهذه هي النتيجة: (فريق في الجنة وفريق في النار).
  • • ثم عرضت السورة :: الصراع في تاريخ البشرية بين كل نبي وقومه، ويظهر أن نهاية الصراع دائمًا هي هلاك الظالمين بسبب فسادهم، ونجاة المؤمنين بسبب إيمانهم.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الأعراف».
  • • معنى الاسم :: الأعراف: جمع عُرْفٍ، وعُرْف الجبل ونحوه: أعلاه، ويطلق على السور ونحوه، وقيل لعرف الديك: عُرف، لارتفاعه على ما سواه من جسده، والأعراف: هو ‏السور ‏الذي ‏بين ‏الجنة ‏والنار يحول بين أهليهما. وأهل الأعراف: من تساوت حسناتهم وسيئاتهم يوم القيامة، إذ يوقفون على أعالي سور بين الجنة والنار، ثم يدخلهم الله الجنة بفضله ورحمته.
  • • سبب التسمية :: لورود لفظ "‏الأعراف" ‏فيها، ولم يذكر في غيرها من السور.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: ‏‏«سورة الميقات»، و«سورة الميثاق»، «أَطْوَلُ الطُّولَيَيْنِ» (الطُّولَيَيْن: الأنعام والأعراف، فهما أطول السور المكية).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن الصراع دائم ومستمر بين الحق والباطل، من بداية خلق آدم إلى نهاية الخلق، مرورًا بنوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام، وفي قصص هؤلاء الأنبياء ظهر لنا كيف أن الله ينجي أولياءه ويهلك أعداءه.
  • • علمتني السورة :: وجوب اتباع الوحي، وحرمة اتباع ما يدعو إليه أصحاب الأهواء والمبتدعة: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾
  • • علمتني السورة :: أن الوزن يوم القيامة لأعمال العباد يكون بالعدل والقسط: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ﴾
  • • علمتني السورة :: أن من أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع إذا صدرت منه الذنوب اجتباه ربه وهداه‏، ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب، فإنه لن يزداد من اللّه إلا بعدًا‏.

مدارسة الآية : [188] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا ..

التفسير :

[188] قل -أيها الرسول-:لا أقدِرُ على جَلْبِ خير لنفسي ولا دفع شر يحل بها إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تكثِّر لي المصالح والمنافع، ولاتَّقيتُ ما يكون من الشر قبل أن يقع، ما أنا إلا رسول الله أرسلني إليكم، أخوِّف من عقاب

قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا فإني فقير مدبر، لا يأتيني خير إلا من اللّه، ولا يدفع عني الشر إلا هو، وليس لي من العلم إلا ما علمني اللّه تعالى. وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ أي:لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تنتج لي المصالح والمنافع، ولحذرت من كل ما يفضي إلى سوء ومكروه، لعلمي بالأشياء قبل كونها، وعلمي بما تفضي إليه. ولكني - لعدم علمي - قد ينالني ما ينالني من السوء، وقد يفوتني ما يفوتني من مصالح الدنيا ومنافعها، فهذا أدل دليل على أني لا علم لي بالغيب. إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ أنذر العقوبات الدينية والدنيوية والأخروية، وأبين الأعمال المفضية إلى ذلك، وأحذر منها. وَبَشِيرٌ بالثواب العاجل والآجل، ببيان الأعمال الموصلة إليه والترغيب فيها، ولكن ليس كل أحد يقبل هذه البشارة والنذارة، وإنما ينتفع بذلك ويقبله المؤمنون، وهذه الآيات الكريمات، مبينة جهل من يقصد النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوه لحصول نفع أو دفع ضر. فإنه ليس بيده شيء من الأمر، ولا ينفع من لم ينفعه اللّه، ولا يدفع الضر عمن لم يدفعه اللّه عنه، ولا له من العلم إلا ما علمه اللّه تعالى، وإنما ينفع من قبل ما أرسل به من البشارة والنذارة، وعمل بذلك، فهذا نفعه صلى الله عليه وسلم، الذي فاق نفع الآباء والأمهات، والأخلاء والإخوان بما حث العباد على كل خير، وحذرهم عن كل شر، وبينه لهم غاية البيان والإيضاح.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يبين للناس أن كل الأمور بيد الله- تعالى-، وأن علم الغيب كله مرجعه إليه- سبحانه- فقال:

قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا أى: لا أملك لأجل نفسي جلب نفع ما ولا دفع ضرر ما.

وقوله لِنَفْسِي متعلق بأملك. أو بمحذوف وقع حالا من نَفْعاً والمراد: لا أملك ذلك في وقت من الأوقات.

وقوله إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ استثناء متصل. أى لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا في وقت من الأوقات إلا في وقت مشيئة الله بأن يمكنني من ذلك، فإننى حينئذ أملكه بمشيئته.

وقيل: الاستثناء منقطع، أى لكن ما شاء الله من ذلك كائن.

وقوله وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ أى: لكانت حالي- كما قال الزمخشري- على خلاف ما هي عليه من استكثار الخير، واستغزار المنافع واجتناب السوء والمضار حتى لا يمسني شيء منها ولم أكن غالبا مرة ومغلوبا أخرى في الحروب، ورابحا وخاسرا في التجارات ومصيبا ومخطئا في التدابير».

قال الجمل: فان قلت: قد أخبر صلّى الله عليه وسلّم عن المغيبات وقد جاءت أحاديث في الصحيح بذلك وهو من أعظم معجزاته فكيف نوفق بينه وبين قوله- تعالى- وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ..

إلخ.؟ قلت: يحتمل أنه قاله على سبيل التواضع والأدب، والمعنى: لا أعلم الغيب إلا أن يطلعني الله عليه ويقدره لي.

ويحتمل أن يكون قال ذلك قبل أن يطلعه الله على علم الغيب. فلما أطلعه الله أخبر به كما قال- تعالى- عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ أو يكون خرج هذا الكلام مخرج الجواب عن سؤالهم، ثم بعد ذلك أظهره- سبحانه- على أشياء من المغيبات فأخبر عنها ليكون ذلك معجزة له ودلالة على صحة نبوته.

ثم بين القرآن وظيفة الرسول صلّى الله عليه وسلّم في قوله إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أى: ما أنا إلا عبد أرسلنى الله نذيرا وبشيرا، وليس من مهمتى أو وظيفتي معرفة علم الغيب.

وقوله لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يجوز أن يتعلق بقوله نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ جميعا لأن المؤمنين هم الذين ينتفعون بالإنذار والتبشير، ويجوز أن يتعلق بقوله بَشِيرٌ وحده، وعليه يكون متعلق النذير محذوف أى: للكافرين. وحذف للعلم به:

وبهذا الإعلان من جانب الرسول صلّى الله عليه وسلّم للناس عن وظيفته، تتم لعقيدة التوحيد الإسلامية كل خصائص التجريد المطلق من الشرك في أية صورة من صوره، وتنفرد الذات الإلهية بخصائص لا يشاركها فيها بشر ولو كان هذا البشر محمدا صلّى الله عليه وسلّم فعند عتبة الغيب تقف الطاقة البشرية، ويقف العلم البشرى، وتقف القدرة البشرية، إذ علم الغيب إنما هو لله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

ثم تحدثت السورة بعد ذلك عن مظاهر قدرة الله وأدلة وحدانيته، فذكرت الناس بمبدأ نشأتهم، وكيف أن بعضهم قد انحرف عن طريق التوحيد إلى طريق الشرك، وساقت ذلك في صورة القصة لضرب المثل من واقع الحياة فقالت:

أمره الله تعالى أن يفوض الأمور إليه ، وأن يخبر عن نفسه أنه لا يعلم الغيب ، ولا اطلاع له على شيء من ذلك إلا بما أطلعه الله عليه ، كما قال تعالى : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا . [ إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ] ) [ الجن : 26 ، 27 ]

وقوله : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) قال عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد . ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) قال : لو كنت أعلم متى أموت ، لعملت عملا صالحا .

وكذلك روى ابن أبي نجيح عن مجاهد : وقال مثله ابن جريج .

وفيه نظر ; لأن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ديمة . وفي رواية : كان إذا عمل عملا أثبته

فجميع عمله كان على منوال واحد ، كأنه ينظر إلى الله ، عز وجل ، في جميع أحواله ، اللهم إلا أن يكون المراد أن يرشد غيره إلى الاستعداد لذلك ، والله أعلم .

والأحسن في هذا ما رواه الضحاك ، عن ابن عباس : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) أي : من المال . وفي رواية : لعلمت إذا اشتريت شيئا ما أربح فيه ، فلا أبيع شيئا إلا ربحت فيه ، وما مسني السوء ، قال : ولا يصيبني الفقر .

وقال ابن جرير : وقال آخرون : معنى ذلك : لو كنت أعلم الغيب لأعددت للسنة المجدبة من المخصبة ، ولعرفت الغلاء من الرخص ، فاستعددت له من الرخص .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( وما مسني السوء ) قال : لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون ، واتقيته .

ثم أخبر أنه إنما هو نذير وبشير ، أي : نذير من العذاب ، وبشير للمؤمنين بالجنات ، كما قال تعالى : ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا ) [ مريم : 97 ]

القول في تأويل قوله : قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لسائليك عن الساعة: أَيَّانَ مُرْسَاهَا =(لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا)، يقول: لا أقدر على اجتلاب نفع إلى نفسي, ولا دفع ضر يحلّ بها عنها إلا ما شاء الله أن أملكه من ذلك، بأن يقوّيني عليه ويعينني (1) =(ولو كنت أعلم الغيب)، يقول: لو كنت أعلم ما هو كائن مما لم يكن بعد (2) =(لاستكثرت من الخير)، يقول: لأعددت الكثير من الخير. (3)

* * *

ثم اختلف أهل التأويل في معنى " الخير " الذي عناه الله بقوله: (لاستكثرت من الخير). (4) فقال بعضهم: معنى ذلك: لاستكثرت من العمل الصالح.

* ذكر من قال ذلك:

15494 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج: قوله: (قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا) قال: الهدى والضلالة =(لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير) قال: " أعلم الغيب "، متى أموت = لاستكثرت من العمل الصالح.

15495 - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل, عن ابن أبى نجيح, عن مجاهد, مثله.

15496 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)، : قال: لاجتنبت ما يكون من الشرّ واتَّقيته.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: " ولو كنت أعلم الغيب " لأعددت للسَّنة المجدبة من المخصبة, ولعرفت الغلاء من الرُّخْص, واستعددت له في الرُّخْص.

* * *

وقوله: (وما مسني السوء)، يقول: وما مسني الضر (5) =(إن أنا إلا نذير وبشير)، يقول: ما أنا إلا رسولٌ لله أرسلني إليكم, أنذر عقابه مَن عصاه منكم وخالف أمره, وأبشّرَ بثوابه وكرامته من آمن به وأطاعه منكم. (6)

* * *

وقوله: (لقوم يؤمنون)، يقول: يصدقون بأني لله رسول, ويقرون بحقية ما جئتهم به من عنده. (7)

-----------------

الهوامش :

(1) انظر تفسير (( ملك )) فيما سلف 10 : 147 ، 187 ، 317 .

(2) انظر تفسير ((الغيب )) فيما سلف 11 : 464 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(3) انظر تفسير (( استكثر )) فيما سلف 12 : 115 .

(4) انظر تفسير (( الخير )) فيما سلف 2 : 505 / 7 : 91 .

(5) انظر تفسير (( المس )) فيما سلف 12 : 573 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(6) انظر تفسير (( نذير )) فيما سلف ص : 290 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك . = وتفسير (( بشير )) فيما سلف 11 : 369 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .

(7) في المطبوعة : (( بحقية ما جئتهم به )) ، والصواب من المخطوطة ، وقد غيرها في مئات من المواضع ، انظر ما سلف ص : 113 ، تعليق : 1 والمراجع هناك . و (( الحقيقة )) ، مصدر ، بمعني الصدق والحق ، كما أسلفت .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[188] ﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا﴾ أي: لا أقدر لنفسي نفعًا؛ أي: اجتلاب نفع بأن أربح، ﴿وَلَا ضَرًّا﴾ أي: دفع ضر.
لمسة
[188] ما الفرق بين الضُّرّ والضَّر والضَّرَر؟ الضُّر: ما يحصل في البدن من مرض وغيره ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ [الأنبياء: 83]، الضَّر: مصدر بما يقابل النفع ﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾، الضَّرَر: الاسم عام أي النقصان يدخل في الشيء، يقال دخل عليه ضرر ﴿لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: 95]، أي الذين فيهم عِلّة.
وقفة
[188] ﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ﴾ في الآيات بيان جهل من يقصد النبي ﷺ ويدعوه لحصول نفع أو دفع ضر؛ لأن النفع إنما يحصل مِن قِبَلِ ما أرسل به من البشارة والنذارة.
وقفة
[188] ﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ﴾ اعتراف نبوي وإقرار بالتبرؤ من حوله وقوته، وأن قيامه وأمره كله بفضل ربه ومنته؛ ولذا تتبدل عليه الأحوال، فبين عسر ويسر، وجوع وشبع، ومرض وصحة، بحسب ما قدر الله له، هذا أشرف الأنبياء يعترف بفقره لربه، لكن الجهلاء يتفاخرون وبقوتهم يغترون!
وقفة
[188] إذا كان الرسول ﷺ لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا وهو أشرف الخلق، فكيف بمن هو دونه؟! ﴿قُل لَّآ أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ﴾.
وقفة
[188] عن ابن عباس: «أن أهل مكة قالوا: يا محمد ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتري عند الغلاء، وبالأرض التي تريد أن تجدب، فترتحل منها إلى التي قد أخصبت، فأنزل الله تعالى: ﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾».
وقفة
[188] ﴿وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ خير البشر هكذا يقول فلا تحمل نفسك فوق طاقتها عندما لا تحسن التقدير في أمرها.
وقفة
[188] علم الغيب إلى الله عز وجل، وليس عند الرسول ﷺ ولا غيره شيء من علم الغيب، فهو مختص بالله عز وجل، كما قال: ﴿وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾.
وقفة
[188] لو كان القائمون على الأضرحة والقبور صادقين لَمَا أصابهم الضر ﴿وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾.
وقفة
[188] ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾ من مَهَام النَّبي ﷺ البشَارةُ والنّذارةُ، فاجْعَلْها من مهامك في الحياة، كأن تبشِّر مَنْ حولك بما أعدّه الله لأهلِ طاعتِه في الجنَّة، أو بقربِ نصرِ اللهِ.
لمسة
[188] ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾ المقام هنا خطاب المكذبين المشركين لذلك قدمت النذارة على البشارة؛ لأنها أعلق بهم.
لمسة
[188] ﴿إنْ أَنَا إلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْم يُؤْمِنُونَ﴾ إن قلتَ: كيف خصَّ المؤمِنين بالذِّكرِ، مع أنه نذيرٌ وبشيرٌ للنَّاس كافة، كما قال تعالى: ﴿وما أرسلناكَ إلَّا كافّةً للنَّاسِ بشيرًا ونذيرًا﴾ [سبأ: 28]؟ قلتُ: خصَّهم بالذّكر، لأنهم المنتفعون بالِإنذار والبشارة.
لمسة
[188] ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ وخص بهم البشارة والنذارة ؛ لأنهم هم الذين ينتفعون بها.
عمل
[188] بشِّر من حولك بما عند الله من الخير؛ كأن تبشرهم بقرب نصر الله تعالى وفرجه، وجنته وكرامته لأهل طاعته ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واواه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي:
  • الجملة وما تلاها: في محل نصب مفعول به- مقول القول- لا: نافية لا عمل. لها أملك: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. لنفسي: جار ومجرور متعلق بأملك أو بحال من «نَفْعاً» لأنه صفة مقدمة عليه والياء ضمير متصل- ضمير المتكلم- في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ نَفْعاً وَلا ضَرًّا:
  • نفعا: مفعول به منصوب بالفتحة ولا: الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. ضرا: معطوفة على نفعا وتعرب اعرابها.
  • ﴿ إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ:
  • إلّا: أداة استثناء. ما: اسم موصول مستثنى بإلّا مبني على السكون في محل نصب. شاء: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. بمعنى: إلا إن شاء الله شيئا من ذلك.
  • ﴿ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ:
  • الواو: استئنافية. لو: حرف شرط غير جازم. كنت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك و «التاء» ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» أعلم تعرب إعراب «أَمْلِكُ». الغيب: مفعول به منصوب بالفتحة وجملة «أَعْلَمُ الْغَيْبَ» في محل نصب خبر كان.
  • ﴿ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ:
  • اللام: واقعة في جواب «لَوْ» استكثر: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. من الخير: جار ومجرور متعلق باستكثرت والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها.
  • ﴿ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ:
  • الواو: عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. مسّ: فعل ماض مبني على الفتح. النون للوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. السوء: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ:
  • إن: مهملة نافية بمعنى «ما». أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. إلّا: أداة حصر لا عمل لها. نذير: خبر «أَنَا» مرفوع بالضمة. وبشير: معطوفة بالواو على «نَذِيرٌ» مرفوعة مثلها بالضمة.
  • ﴿ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بالنذير والبشير جميعا. ويجوز أن يتعلق بالبشير وحده ويكون المتعلق بالنذير محذوفا بتقدير: إلّا نذير للكافرين وبشير لقوم يؤمنون. والنذير: ضد «البشير» يؤمنون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يُؤْمِنُونَ» في محل جر صفة لقوم. '

المتشابهات :

الأنعام: 128﴿قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ
الأعراف: 188﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ
يونس: 49﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌۚ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَلَا يَسۡتَ‍ٔۡخِرُونَ سَاعَةٗ وَلَا يَسۡتَقۡدِمُونَ
الأعلى: 7﴿ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ
هود: 107﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٞ لِّمَا يُرِيدُ
هود: 108﴿خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [188] لما قبلها :     وبعد أن أمرَ اللهُ عز وجل نبيه ﷺ أن يقولَ لِمَن يسألُه عن مَوعدِ القيامةِ: لا عِلمَ لي بِوَقتِها؛ أمره هنا أن يقول: لا أقدِرُ على جَلبِ نَفعٍ إلى نفسي ولا دفْعِ ضَرٍّ عنها، ولا أعلم الغيب، قال تعالى:
﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [189] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ ..

التفسير :

[189] هو الذي خلقكم -أيها الناس- من نفس واحدة، وهي آدم عليه السلام وخَلَق منها زوجها، وهي حواء؛ ليأنس بها ويطمئن، فلما جامعها -والمراد جنس الزوجين من ذرية آدم- حملت ماءً خفيفاً، فقامت به وقعدت وأتمت الحمل، فلما قَرُبت ولادتها وأثقلت دعا الزوجان ربهما:لئن

:هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ أيها الرجال والنساء، المنتشرون في الأرض على كثرتكم وتفرقكم. مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وهو آدم أبو البشر صلى الله عليه وسلم. وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا أي:خلق من آدم زوجته حواء لأجل أن يسكن إليها لأنها إذا كانت منه حصل بينهما من المناسبة والموافقة ما يقتضي سكون أحدهما إلى الآخر، فانقاد كل منهما إلى صاحبه بزمام الشهوة. فَلَمَّا تَغَشَّاهَا أي:تجللها مجامعا لها قدَّر الباري أن يوجد من تلك الشهوة وذلك الجماع النسل، [وحينئذ] حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا، وذلك في ابتداء الحمل، لا تحس به الأنثى، ولا يثقلها. فَلَمَّا استمرت به و أَثْقَلَتْ به حين كبر في بطنها، فحينئذ صار في قلوبهما الشفقة على الولد، وعلى خروجه حيا، صحيحا، سالما لا آفة فيه [كذلك] فدعوا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا ولدا صَالِحًا أي:صالح الخلقة تامها، لا نقص فيه لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ .

قوله- تعالى- هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها استئناف مسوق لبيان ما يقتضى التوحيد الذي هو المقصد الأعظم.

أى. إن الذي يستحق العبادة والخضوع، والذي عنده مفاتح الغيب هو الله الذي خلقكم من نفس واحدة هي نفس أبيكم آدم، وجعل من نوع هذه النفس وجنسها زوجها حواء، ثم انتشر الناس منهما بعد ذلك كما قال- تعالى- يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً.

وقوله لِيَسْكُنَ إِلَيْها أى: ليطمئن إليها ويميل ولا ينفر، لأن الجنس إلى الجنس أميل وبه آنس. وإذا كانت بعضا منه كان السكون والمحبة أبلغ، كما يسكن الإنسان إلى ولده ويحبه محبة نفسه لكونه بضعة منه.

فالأصل في الحياة الزوجية هو السكن والاطمئنان والأنس والاستقرار وهذه نظرة الإسلام إلى تلك الحياة قال- تعالى- وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً.

والضمير المستكن في لِيَسْكُنَ يعود إلى النفس، وكان الظاهر تأنيثه لأن النفس من المؤنثات السماعية ولذا أنثت صفتها وهي قوله واحِدَةٍ إلا أنه جاء مذكرا هنا باعتبار أن المراد من النفس هنا- آدم عليه السلام- «ولو أنث على حسب الظاهر لتوهم نسبة السكون إلى الأنثى، فكان التذكير كما يقول الزمخشري- أحسن طباقا للمعنى.

وقوله فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ.

الغشاء: غطاء الشيء الذي يستره من فوقه، والغاشية الظلة التي تظل الإنسان من سحابة أو غيرها. والتغشى كناية عن الجماع. أى فلما تغشى الزوج الذي هو الذكر الزوجة التي هي الأنثى وتدثرها لقضاء شهوتهما حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً. أى: حملت منه محمولا خفيفا وهو الجنين في أول حملة لا تجد المرأة له ثقلا لأنه يكون نطفة ثم مضغة، ولا ثقل له يذكر في تلك الأحوال فَمَرَّتْ بِهِ أى: فمضت به إلى وقت ميلاده من غير نقصان ولا إسقاط. أو المعنى:

فاستمرت به كما كانت من قبل حيث قامت وقعدت وأخذت وتركت من غير مشقة وتلك هي المرحلة الأولى من مراحل الحمل.

وتأمل معى- أيها القارئ الكريم- مرة أخرى قوله- تعالى: فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً لترى سمو القرآن في تعبيره، وأدبه في عرض الحقائق. إن أسلوبه يلطف ويدق عند تصوير العلاقة بين الزوجين، فهو يسوقها عن طريق كناية بديعة تتناسب مع جو السكن والمودة بين الزوجين وتتسق مع جو الستر الذي تدعو إليه الشريعة الإسلامية عند المباشرة بين الرجل والمرأة، ولا نجد كلمة تؤدى هذه المعاني أفضل من كلمة تَغَشَّاها.

ثم تأتى المرحلة الثانية من مراحل الحمل فيعبر عنها القرآن بقوله: فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ.

أى: فحين صارت ذات ثقل يسبب نمو الحمل في بطنها، فالهمزة للصيرورة كقولهم: أتمر فلان وألبن أى: صار ذا تمر ولبن.

أى: وحين صارت الأم كذلك وتبين الحمل، وتعلق به قلب الزوجين، توجها إلى ربهما يدعوانه بضراعة وطمع بقولهما: لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً أى لئن أعطيتنا نسلا سويا تام الخلقة، يصلح للأعمال الإنسانية النافعة لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ لك على نعمائك التي من أجلها هذه النعمة واستجاب الله للزوجين دعاءهما، فرزقهما الولد الصالح فماذا كانت النتيجة؟.

ينبه تعالى على أنه خلق جميع الناس من آدم ، عليه السلام ، وأنه خلق منه زوجه حواء ، ثم انتشر الناس منهما ، كما قال تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) [ الحجرات : 13 ] وقال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها [ وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ] ) الآية [ النساء : 1 ] .

وقال في هذه الآية الكريمة : ( وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) أي : ليألفها ويسكن بها ، كما قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) [ الروم : 21 ] فلا ألفة بين زوجين أعظم مما بين الزوجين ; ولهذا ذكر تعالى أن الساحر ربما توصل بكيده إلى التفرقة بين المرء وزوجه .

( فلما تغشاها ) أي : وطئها ( حملت حملا خفيفا ) وذلك أول الحمل ، لا تجد المرأة له ألما ، إنما هي النطفة ، ثم العلقة ، ثم المضغة .

وقوله : ( فمرت به ) قال مجاهد : استمرت بحمله . وروي عن الحسن ، وإبراهيم النخعي ، والسدي ، نحوه .

وقال ميمون بن مهران : عن أبيه استخفته .

وقال أيوب : سألت الحسن عن قوله : ( فمرت به ) قال : لو كنت رجلا عربيا لعرفت ما هي . إنما هي : فاستمرت به .

وقال قتادة : ( فمرت به ) واستبان حملها .

وقال ابن جرير : [ معناه ] استمرت بالماء ، قامت به وقعدت .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : استمرت به ، فشكت : أحملت أم لا .

( فلما أثقلت ) أي : صارت ذات ثقل بحملها .

وقال السدي : كبر الولد في بطنها .

( دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا ) أي : بشرا سويا ، كما قال الضحاك ، عن ابن عباس : أشفقا أن يكون بهيمة .

وكذلك قال أبو البختري وأبو مالك : أشفقا ألا يكون إنسانا .

وقال الحسن البصري : لئن آتيتنا غلاما .

( لنكونن من الشاكرين .

القول في تأويل قوله : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة)، يعني بالنفس الواحدة: آدم، (8) كما: -

15497 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن رجل, عن مجاهد: (خلقكم من نفس واحدة) قال: آدم عليه السلام. (9)

15498 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة)، من آدم. (10)

* * *

ويعني بقوله: (وجعل منها زوجها)، : وجعل من النفس الواحدة, وهو آدم, زوجها حواء، (11) كما: -

15499 - حدثني بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة.(وحمل منها زوجها)، : حواء, فجعلت من ضلع من أضلاعه، ليسكن إليها. (12)

* * *

ويعني بقوله: (ليسكن إليها)، : ليأوي إليها لقضاء حاجته ولذته. (13)

* * *

ويعني بقوله: (فلما تغشاها)، فلما تدثَّرها لقضاء حاجته منها، فقضى حاجته منها =(حملت حملا خفيفًا)، وفي الكلام محذوف، ترك ذكرُه استغناءً بما ظهر عما حذف, وذلك قوله: (فلما تغشاها حملت)، وإنما الكلام: فلما تغشاها =فقضى حاجته منها= حملت.

* * *

وقوله: (حملت حملا خفيفًا)، يعني ب " خفة الحمل ": الماء الذي حملته حواء في رَحِمها من آدم، أنه كان حملا خفيفًا, وكذلك هو حملُ المرأة ماءَ الرجل خفيفٌ عليها.

* * *

وأما قوله: (فمرت به)، فإنه يعني: استمرَّت بالماء: قامت به وقعدت, وأتمت الحمل، كما: -

15500 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبو أسامة, عن أبي عمير, عن أيوب قال: سألت الحسن عن قوله: (حملت حملا خفيفًا فمرت به) قال: لو كنت امرءًا عربيًّا لعرفت ما هي؟ إنما هي: فاستمرَّت به. (14)

15501 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: (فلما تغشاها حملت حملا خفيفًا فمرت به)، استبان حملها.

15502 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (فمرت به) قال: استمرّ حملها.

15503 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط, عن السدي, قوله: (حملت حملا خفيفًا) قال: هي النطفة = وقوله: (فمرّت به)، يقول: استمرّت به.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: فشكَّت فيه.

* ذكر من قال ذلك:

15504 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: (فمرت به) قال: فشكت، أحملت أم لا؟

* * *

ويعني بقوله: (فلما أثقلت)، فلما صار ما في بطنها من الحمل الذي كان خفيفًا، ثقيلا ودنت ولادتها.

* * *

يقال منه: " أثقلت فلانة " إذا صارت ذات ثقل بحملها، كما يقال: " أَتْمَرَ فلان ": إذا صار ذا تَمْر. كما: -

15505 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط, عن السدي: (فلما أثقلت)، : كبر الولد في بطنها.

* * *

قال أبو جعفر: (دعوا الله ربهما)، يقول: نادى آدم وحواء ربهما وقالا يا ربنا، " لئن آتيتنا صالحًا لنكونن من الشاكرين ".

* * *

واختلف أهل التأويل في معنى " الصلاح " الذي أقسم آدم وحواء عليهما السلام أنه إن آتاهما صالحًا في حمل حواء: لنكونن من الشاكرين.

فقال بعضهم: ذلك هو أن يكون الحمل غلامًا.

* ذكر من قال ذلك:

15506 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر قال: قال الحسن, في قوله: (لئن آتيتنا صالحًا) قال: غلامًا.

* * *

وقال آخرون: بل هو أن يكون المولود بشرًا سويًّا مثلهما, ولا يكون بهيمة.

* ذكر من قال ذلك:

15507 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي, عن سفيان, عن زيد بن جبير الجُشَمي, عن أبي البختري, في قوله: (لئن آتيتنا صالحًا لنكونن من الشاكرين) قال: أشفقا أن يكون شيئًا دون الإنسان. (15)

15508 -... قال: حدثنا يحيى بن يمان, عن سفيان, عن زيد بن جبير, عن أبي البختري قال: أشفقا أن لا يكون إنسانًا.

15509 - ... قال: حدثنا محمد بن عبيد, عن إسماعيل, عن أبي صالح قال: لما حملت امرأة آدم فأثقلت, كانا يشفقان أن يكون بهيمة, فدعوا ربهما: (لئن آتيتنا صالحًا)، الآية.

15510 - ... قال: حدثنا جابر بن نوح, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس قال: أشفقا أن يكون بهيمة.

15511 - حدثني القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج, عن ابن جريج قال: قال سعيد بن جبير: لما هبط آدم وحواء, ألقيت الشهوة في نفسه فأصابها, فليس إلا أن أصابها حملت, فليس إلا أن حملت تحرك في بطنها ولدها، (16) قالت: ما هذا؟ فجاءها إبليس, فقال [لها: إنك حملت فتلدين! قالت: ما ألد؟ قال]: (17) أترين في الأرض إلا ناقةً أو بقرة أو ضائنة أو ماعزة، أو بعض ذلك! (18) [ ويخرج من أنفك، أو من أذنك، أو من عينك ]. (19) قالت: والله ما مني شيء إلا وهو يضيق عن ذلك! قال: فأطيعيني وسميه " عبد الحارث " = [ وكان اسمه في الملائكة الحارث ] = (20) تلدي شبهكما مثلكما ! قال: فذكرت ذلك لآدم عليه السلام , فقال: هو صاحبنا الذي قد علمت! (21) فمات, ثم حملت بآخر, فجاءها فقال: أطيعيني وسميه عبد الحارث -وكان اسمه في الملائكة الحارث= وإلا ولدت ناقة أو بقرة أو ضائنة أو ماعزة, أو قتلته, فإني أنا قتلت الأول! قال: فذكرت ذلك لآدم, فكأنه لم يكرهه, فسمته " عبد الحارث ", فذلك قوله: (لئن آتيتنا صالحًا)، يقول: شبهنا مثلنا = فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا قال: شبههما مثلهما. (22)

15512 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط, عن السدي: (فلما أثقلت)، كبر الولد في بطنها، جاءها إبليس, فخوَّفها وقال لها: ما يدريك ما في بطنك؟ لعله كلب، أو خنـزير، أو حمار! وما يدريك من أين يخرج؟ أمن دبرك فيقتلك, أو من قُبُلك, أو ينشق بطنك فيقتلك؟ فذلك حين (دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحًا)، يقول: مثلنا =(لنكونن من الشاكرين).

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عن آدم وحواء أنهما دعَوا الله ربهما بحمل حواء, وأقسما لئن أعطاهما ما في بطن حواء، صالحًا ليكونان لله من الشاكرين.

و " الصلاح " قد يشمل معاني كثيرة: منها " الصلاح " في استواء الخلق، ومنها " الصلاح " في الدين, و " الصلاح " في العقل والتدبير.

وإذ كان ذلك كذلك, ولا خبر عن الرسول يوجب الحجة بأن ذلك على بعض معاني " الصلاح " دون بعض, ولا فيه من العقل دليل، وجب أن يُعَمَّ كما عمَّه الله, فيقال: إنهما قالا( لئن آتيتنا صالحًا ) بجميع معاني " الصلاح ". (23)

* * *

وأما معنى قوله: (لنكونن من الشاكرين)، فإنه: لنكونن ممن يشكرك على ما وهبت له من الولد صالحًا.

---------------------

الهوامش :

(8) انظر تفسير (( نفس واحدة )) فيما سلف 7 : 513 ، 514 .

(9) الأثر : 15497 - مضى برقم : 8402

(10) الأثر : 15498 - مضى برقم : 8401 .

(11) انظر تفسير (( جعل )) فيما سلف من فهارس اللغة ( جعل ) .

(12) الأثر : 15499 - مضى برقم : 8405 .

(13) في المطبوعة والمخطوطة : (( لقضاء الحاجة ولذته )) ، والسياق يقتضى ما أثبت .

(14) الأثر : 15500 (( أبو عمير )) ، هو ( الحارث بن عمير البصري ) . ثقة متكلم فيه ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 83 . و(( أيوب )) هو السختياني ، (( أيوب بن أبي تميمه ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 1 / 409 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 255 .

(15) الأثر : 15507 - (( زيد بن جبير الحشمي الطائى )) ، ثقة ، روى له الجماعة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 2 / 1 / 356 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 558 . وكان في المطبوعة : (( الحسمي )) ، غير منقوطة كما في المخطوطة ، والصواب ما أثبت .

(16) هذا تعبير جيد ، يصور سرعة حدوث ذلك ، ولو شاء أن يقوله قائل ، لقال : (( فليس إلا أن أصابها حتي حملت . . . )) ، فتهوى العبارة من قوة إلى ضعف .

(17) الزيادة بين القوسين من الدر المنثور3 : 152 ، وهي زيادة لا بد منها . والمخطوطة مضطربة في الوضع .

(18) في المطبوعة والدر المنثور : (( هو بعض ذلك )) .

(19) الزيادة بين القوسين من الدر المنثور ، ولا يستقيم الكلام إلا بها .

(20) هذه الزيادة أيضا من الدر المنثور .

(21) في المطبوعة : (( هو صاحبنا الذي قد أخرجنا من الجنة )) ، وفي المخطوطة : (( الذي قد فمات )) وبين (( قد )) و(( فمات)) حرف ((ط)) وبالهامش و((كذا)) . وأثبت نص العبارة من الدر المنثور .

(22) الأثر : 15511 - هذه أخبار باطلة كما أشرنا إليه مرارًا .

(23) انظر تفسير (( الصلاح )) فيما سلف من فهارس اللغة ( صلح ) .

المعاني :

لِيَسْكُنَ :       لِيَانَسَ، وَيَطْمَئِنَّ السراج
تَغَشَّاهَا :       جَامَعَهَا السراج
تغشّاها :       واقعها معاني القرآن
فَمَرَّتْ بِهِ :       قَامَتْ بِهِ، وَقَعَدَتْ؛ لِخِفَّةِ الْحَمْلِ السراج
فمرّت به :       فاستمرّت به بغير مشقّة معاني القرآن
أَثْقَلَتْ :       صَارَتْ ثَقِيلَةً لِأَجْلِ الْحَمْلِ السراج
أثقلت :       صارت ذات ثِقل بكِبر الحمل معاني القرآن
صالحا :       نسلا سويّا أو ولدا سليما مثلنا معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[189] القرآن يقول للرجل: إن المرأة فرع منك وأنت أصلها، ولا غنى لأصل عن فرعه، والعكس للمرأة ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾.
وقفة
[189] ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ جعل الله بمنَّته من نوع الرجل زوجه؛ ليألفها ولا يجفو قربها ويأنس بها؛ لتتحقق الحكمة الإلهية في التناسل.
وقفة
[189] في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ أسرار وأسرار في العلاقات الزوجية!
وقفة
[189] ﴿فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ﴾ هنا أدب القرآن لا الأدب المكشوف! وانظر لتصوير العلاقة بين الزوجين بکناية بديعة تناسب جو السكن والمودة بين الزوجين، وتتماشى مع الستر الذي دعا إليه الإسلام عند الحديث عن مباشرة الرجل للمرأة، ولا تكاد تجد كلمة تختصر هذه المعاني أفضل من كلمة: (تَغَشَّاهَا).
وقفة
[189، 190] ﴿دَّعَوَا اللَّـهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ۞ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ عادة الإنسان جحود النعمة، ومن جحد نعمة الخالق، هل يراعي جناب الخلق؟!

الإعراب :

  • ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ:
  • هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هُوَ» خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور وجملة «خَلَقَكُمْ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخلقكم. واحدة: صفة لنفس مجرورة مثلها والمعنى: من آدم.
  • ﴿ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها:
  • وجعل منها معطوفة على خلق من نفس وتعرب إعرابها. زوج: مفعول به منصوب بالفتحة أي من جنسها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِيَسْكُنَ إِلَيْها:
  • اللام للتعليل وهي حرف جر. يسكن: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إليها: جار ومجرور متعلق بيسكن و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بفعل «جَعَلَ» وجملة «يسكن إليها» صلة أن المصدرية لا محل لها. وقد ذكر الفعل «يسكن» بعد ما أنث في قوله «واحِدَةٍ» منها زوجها ذهابا إلى معنى النفس ليبين أنّ المراد بها آدم فكان التذكير أحسن طبقا للمعنى.
  • ﴿ فَلَمَّا تَغَشَّاها:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. تغشى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به وجملة «تَغَشَّاها» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد «لما» بمعنى فحين لا مسها.
  • ﴿ حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً:
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها. حملت: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هي والتاء: تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. حملا: مفعول به منصوب بالفتحة. خفيفا: صفة- نعت- لحملا منصوبة مثله بالفتحة- وهو ليس بمصدر لأنه اسم للمجهول.
  • ﴿ فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ:
  • معطوفة بالفاء على «حَمَلَتْ» وتعرب اعرابها. به: جار ومجرور متعلق بمرت. فلما: أعربت. أثقلت: تعرب إعراب «حَمَلَتْ» وجملة «أَثْقَلَتْ» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد لمّا.
  • ﴿ دَعَوَا اللَّهَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر وعلى الألف المقلوبة واوا. والألف: ألف الاثنين ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الله لفظ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. أي دعا آدم وحواء الله ربهما.
  • ﴿ رَبَّهُما:
  • رب: صفة- نعت- للفظ الجلالة أو بدل منه سبحانه منصوب للتعظيم بالفتحة. الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. الميم: حرف عماد والألف حرف دال على التثنية أي تثنية الغائب.
  • ﴿ لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً:
  • اللام: موطئة للقسم وتسمى أيضا اللام المؤذنة. إن: حرف شرط جازم. آتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. بمعنى لئن «وهبتنا». صالحا: صفة نائبة عن مفعول «آتى» الثاني بمعنى: ولدا صالحا أو ولدا سويا.
  • ﴿ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ:
  • اللام واقعة في جواب القسم المقدر. نكوننّ: فعل مضارع ناقص مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة واسمها ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. من الشاكرين: جار ومجرور متعلق بخبر «نكون» وعلامة جر الاسم: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد وجملة «إن آتيتنا» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها من الاعراب. وجملة «لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ» جواب القسم لا محل لها من الإعراب. أما جواب الشرط فمحذوف لأنّ جواب القسم دلّ عليه. '

المتشابهات :

النساء: 1﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
الأعراف: 189﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [189] لما قبلها :     ولَمَّا تقدَّمَ سؤالُ الكُفَّارِ عن السَّاعةِ ووَقتِها، وكان فيهم من لا يُؤمِنُ بالبعثِ؛ ذكَرَ اللهُ عز وجل هنا ابتداءَ خَلقِ الإنسانِ؛ تنبيهًا على أنَّ الإعادةَ مُمكِنةٌ كما أنَّ الإنشاءَ كان مُمكِنًا، قال تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

حملا:
وقرئ:
حملا، بالكسر، وهى قراءة حماد بن سلمة، عن ابن كثير.
فمرت:
1- بتشديد الراء، وهى قراءة الجمهور أي: استمرت به.
وقرئ:
2- بتخفيف الراء، من المرية أي: فشكت فيما أصابها أهو حمل أو مرض، وهى قراءة ابن عباس، وأبى العالية، ويحيى بن يعمر.
3- فمارت به، بألف وتخفيف الراء أي: جاءت وذهبت، وهى قراءة عبد الله بن عمرو، بن العاص، والجحدري.
4- فاستمرت بحملها، وهى قراءة عبد الله.
5- فاستمرت به، وشى قراءة سعيد بن أبى وقاص، والضحاك.
6- فاستمارت به، وهى قراءة أبى بن كعب، والجرمي.
أثقلت:
وقرئ:
أثقلت، على البناء للمفعول.

مدارسة الآية : [190] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ ..

التفسير :

[190] فلما رزق الله الزوجين ولداً صالحاً، جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله بخلقه فعبَّداه لغير الله، فتعالى الله وتنزه عن كل شرك.

تفسير الآيتين 190 و191:ـ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا على وفق ما طلبا، وتمت عليهما النعمة فيه جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا أي:جعلا للّه شركاء في ذلك الولد الذي انفرد اللّه بإيجاده والنعمة به، وأقرَّ به أعين والديه، فَعَبَّدَاه لغير اللّه. إما أن يسمياه بعبد غير اللّه كـ "عبد الحارث"و "عبد العزيز"و "عبد الكعبة"ونحو ذلك، أو يشركا باللّه في العبادة، بعدما منَّ اللّه عليهما بما منَّ من النعم التي لا يحصيها أحد من العباد. وهذا انتقال من النوع إلى الجنس، فإن أول الكلام في آدم وحواء، ثم انتقل إلى الكلام في الجنس، ولا شك أن هذا موجود في الذرية كثيرا، فلذلك قررهم اللّه على بطلان الشرك، وأنهم في ذلك ظالمون أشد الظلم، سواء كان الشرك في الأقوال، أم في الأفعال، فإن الخالق لهم من نفس واحدة، الذي خلق منها زوجها وجعل لهم من أنفسهم أزواجا، ثم جعل بينهم من المودة والرحمة ما يسكن بعضهم إلى بعض، ويألفه ويلتذ به، ثم هداهم إلى ما به تحصل الشهوة واللذة والأولاد والنسل. ثم أوجد الذرية في بطون الأمهات، وقتا موقوتا، تتشوف إليه نفوسهم، ويدعون اللّه أن يخرجه سويا صحيحا، فأتم اللّه عليهم النعمة وأنالهم مطلوبهم. أفلا يستحق أن يعبدوه، ولا يشركوا به في عبادته أحدا، ويخلصوا له الدين. ولكن الأمر جاء على العكس، فأشركوا باللّه من لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ .

لقد كانت النتيجة عدم الوفاء لله فيما عاهداه عليه، ويحكى القرآن ذلك فيقول: فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما أى: فحين أعطاهما- سبحانه- الولد الصالح الذي كانا يتمنيانه، جعلا لله- تعالى- شركاء في هذا العطاء، وأخلا بالشكر في مقابلة هذه النعمة أسوأ إخلال، حيث نسبوا هذا العطاء إلى الأصنام والأوثان، أو إلى الطبيعة كما يزعم الطبعيون أو إلى غير ذلك مما يتنافى مع إفراد الله- تعالى- بالعبادة والشكر.

وقوله فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ تنزيه فيه معنى التعجب من أحوالهم. أى: تنزه- سبحانه- وتقدس عن شرك هؤلاء الأغبياء الجاحدين الذين يقابلون نعم الله بالإشراك والكفران.

والضمير في يُشْرِكُونَ يعود على أولئك الآباء الذين جعلوا لله شركاء: هذا والمحققون من العلماء يرون أن هاتين الآيتين قد سيقتا توبيخا للمشركين حيث إن الله- تعالى- أنعم عليهم بخلقهم من نفس واحدة، وجعل أزواجهم من أنفسهم ليأنسوا بهن، وأعطاهم الذرية، وأخذ عليهم العهود بشكره على هذه النعم، ولكنهم جحدوا نعمه وأشركوا معه في العبادة والشكر آلهة أخرى فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

ويرى بعض المفسرين أن المراد بهذا السياق آدم وحواء، واستدلوا على ذلك بما رواه الإمام أحمد- بسنده- عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لما طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال لها سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته عبد الحارث فعاش، وكان ذلك من وحى الشيطان وأمره.

وقد أثبت ابن كثير في تفسيره ضعف هذا الحديث من عدة وجوه، ثم قال: قال الحسن:

عنى الله- تعالى- بهذه الآية ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده، وقال قتادة: كان الحسن يقول:

هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولادا فهودوا ونصروا. قال ابن كثير: وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية، ونحن على مذهب الحسن البصري في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته، ولهذا قال: فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.

وقال صاحب الانتصاف: والأسلم والأقرب أن يكون المراد- والله أعلم- جنسى الذكر والأنثى لا يقصد فيه إلى معين. وكأن المعنى خلقكم جنسا واحدا، وجعل أزواجكم منكم أيضا لتسكنوا إليهن، فلما تغشى الجنس الذي هو الذكر، الجنس الآخر الذي هو الأنثى جرى من هذين الجنسين كيت وكيت. وإنما نسب هذه المقالة إلى الجنس وإن كان فيهم الموحدون على حد قولهم: «بنو فلان قتلوا قتيلا» يعنى من نسبة البعض إلى الكل .

والذي نراه أن الآيتين واردتان في توبيخ المشركين على شركهم ونقضهم لعهودهم مع الله- تعالى- لأن الأحاديث والآثار التي وردت في أنهما وردتا في شأن آدم وحواء لتسميتهما ابنهما بعبد الحارث اتباعا لوسوسة الشيطان لهما- ليست صحيحة، كما أثبت ذلك علماء الحديث.

ثم أخذت السورة بعد ذلك في توبيخ المشركين، وفي إبطال شركهم بأسلوب منطقي حكيم فقالت:

( فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون ) ذكر المفسرون هاهنا آثارا وأحاديث سأوردها وأبين ما فيها ، ثم نتبع ذلك بيان الصحيح في ذلك ، إن شاء الله وبه الثقة .

قال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عمر بن إبراهيم ، حدثنا قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ولما ولدت حواء طاف بها إبليس - وكان لا يعيش لها ولد - فقال : سميه عبد الحارث ; فإنه يعيش ، فسمته عبد الحارث ، فعاش وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره " .

وهكذا رواه ابن جرير ، عن محمد بن بشار بندار ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث ، به .

ورواه الترمذي في تفسيره هذه الآية عن محمد بن المثنى ، عن عبد الصمد ، به وقال : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم ، عن قتادة ، ورواه بعضهم عن عبد الصمد ، ولم يرفعه .

ورواه الحاكم في مستدركه ، من حديث عبد الصمد مرفوعا ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

ورواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيره ، عن أبي زرعة الرازي ، عن هلال بن فياض ، عن عمر بن إبراهيم ، به مرفوعا .

وكذا رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث شاذ بن فياض ، عن عمر بن إبراهيم ، به مرفوعا

قلت : " وشاذ " [ هذا ] هو : هلال ، وشاذ لقبه . والغرض أن هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه :

أحدها : أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري ، وقد وثقه ابن معين ، ولكن قال أبو حاتم الرازي : لا يحتج به . ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن سمرة مرفوعا فالله أعلم .

الثاني : أنه قد روي من قول سمرة نفسه ، ليس مرفوعا ، كما قال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه . وحدثنا ابن علية عن سليمان التيمي ، عن أبي العلاء بن الشخير ، عن سمرة بن جندب ، قال : سمى آدم ابنه " عبد الحارث " .

الثالث : أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا ، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعا ، لما عدل عنه .

قال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا سهل بن يوسف ، عن عمرو ، عن الحسن : ( جعلا له شركاء فيما آتاهما ) قال : كان هذا في بعض أهل الملل ، ولم يكن بآدم

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال : قال الحسن : عنى بها ذرية آدم ، ومن أشرك منهم بعده - يعني : [ قوله ] ( جعلا له شركاء فيما آتاهما )

وحدثنا بشر حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن يقول : هم اليهود والنصارى ، رزقهم الله أولادا ، فهودوا ونصروا

وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن ، رحمه الله ، أنه فسر الآية بذلك ، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية ، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما عدل عنه هو ولا غيره ، ولا سيما مع تقواه لله وورعه ، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي ، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب ، من آمن منهم ، مثل : كعب أو وهب بن منبه وغيرهما ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله [ تعالى ] إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع ، والله أعلم .

فأما الآثار فقال محمد بن إسحاق بن يسار ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كانت حواء تلد لآدم ، عليه السلام ، أولادا فيعبدهم لله ويسميه : " عبد الله " و " عبيد الله " ، ونحو ذلك ، فيصيبهم الموت فأتاها إبليس وآدم فقال : إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه به لعاش قال : فولدت له رجلا فسماه " عبد الحارث " ، ففيه أنزل الله ، يقول الله : ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة ) إلى قوله : ( جعلا له شركاء فيما آتاهما ) إلى آخر الآية .

وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله في آدم : ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة ) إلى قوله : ( فمرت به ) شكت أحبلت أم لا ؟ ( فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين ) فأتاهما الشيطان ، فقال : هل تدريان ما يولد لكما ؟ أم هل تدريان ما يكون ؟ أبهيمة يكون أم لا ؟ وزين لهما الباطل ; إنه غوي مبين ، وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين فماتا ، فقال لهما الشيطان : إنكما إن لم تسمياه بي ، لم يخرج سويا ، ومات كما مات الأولان فسميا ولدهما " عبد الحارث " ، فذلك قول الله [ تعالى ] ( فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ) الآية .

وقال عبد الله بن المبارك ، عن شريك ، عن خصيف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ( فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ) قال : قال الله تعالى : ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها ) آدم ( حملت [ حملا خفيفا ] ) فأتاهما إبليس - لعنه الله - فقال : إنى صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعني أو لأجعلن قرني له أيل فيخرج من بطنك فيشقه ، ولأفعلن ولأفعلن - يخوفهما - فسمياه " عبد الحارث " فأبيا أن يطيعاه ، فخرج ميتا ، ثم حملت الثانية ، فأتاهما أيضا فقال : أنا صاحبكما الذي فعلت ما فعلت ، لتفعلن أو لأفعلن - يخوفهما - فأبيا أن يطيعاه ، فخرج ميتا ، ثم حملت الثالثة فأتاهما أيضا ، فذكر لهما ، فأدركهما حب الولد ، فسمياه " عبد الحارث " ، فذلك قوله : ( جعلا له شركاء فيما آتاهما ) رواه ابن أبي حاتم .

وقد تلقى هذا الأثر عن ابن عباس جماعة من أصحابه ، كمجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة . ومن الطبقة الثانية : قتادة ، والسدي ، وغير واحد من السلف وجماعة من الخلف ، ومن المفسرين من المتأخرين جماعات لا يحصون كثرة ، وكأنه - والله أعلم - أصله مأخوذ من أهل الكتاب ، فإن ابن عباس رواه عن أبي بن كعب ، كما رواه ابن أبي حاتم :

حدثنا أبي ، حدثنا أبو الجماهر حدثنا سعيد - يعني ابن بشير - عن عقبة ، عن قتادة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب قال : لما حملت حواء أتاها الشيطان ، فقال لها : أتطيعيني ويسلم لك ولدك ؟ سميه " عبد الحارث " ، فلم تفعل ، فولدت فمات ، ثم حملت فقال لها مثل ذلك ، فلم تفعل . ثم حملت الثالث فجاءها فقال : إن تطيعيني يسلم ، وإلا فإنه يكون بهيمة ، فهيبهما فأطاعا .

وهذه الآثار يظهر عليها - والله أعلم - أنها من آثار أهل الكتاب ، وقد صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم " ، ثم أخبارهم على ثلاثة أقسام : فمنها : ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله . ومنها ما علمنا كذبه ، بما دل على خلافه من الكتاب والسنة أيضا . ومنها : ما هو مسكوت عنه ، فهو المأذون في روايته ، بقوله ، عليه السلام : " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " وهو الذي لا يصدق ولا يكذب ، لقوله : " فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم " . وهذا الأثر : [ هل ] هو من القسم الثاني أو الثالث ؟ فيه نظر . فأما من حدث به من صحابي أو تابعي ، فإنه يراه من القسم الثالث ، وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري ، رحمه الله ، في هذا [ والله أعلم ] وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء ، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته ; ولهذا قال الله : ( فتعالى الله عما يشركون ) ثم قال :

القول في تأويل قوله : فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما رزقهما الله ولدًا صالحًا كما سألا =جعلا له شركاء فيما آتاهما ورزقهما.

* * *

ثم اختلف أهل التأويل في " الشركاء " التي جعلاها فيما أوتيا من المولود.

فقال بعضهم: جعلا له شركاء في الاسم.

* ذكر من قال ذلك:

15513 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا عمر بن إبراهيم, عن قتادة, عن الحسن, عن سمرة بن جندب, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كانت حوّاء لا يعيش لها ولد, فنذرت لئن عاش لها ولد لتسمينه " عبد الحارث ", فعاش لها ولد, فسمته " عبد الحارث ", (24) وإنما كان ذلك عن وحي الشيطان. (25)

15514 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا معتمر, عن أبيه قال: حدثنا أبو العلاء, عن سمرة بن جندب: أنه حدث أن آدم عليه السلام سمى ابنه " عبد الحارث ".

15515 - .... قال: حدثنا المعتمر, عن أبيه قال: حدثنا ابن علية, عن سليمان التيمي, عن أبي العلاء بن الشخّير, عن سمرة بن جندب قال: سمى آدمُ ابنه: " عبد الحارث ". (26)

15515 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن داود بن الحصين, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: كانت حوّاء تلد لآدم, فتعبِّدهم لله, وتسميه " عبيد الله " و " عبد الله " ونحو ذلك, فيصيبهم الموت, فأتاها إبليسُ وآدمَ, فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه لعاش ! فولدت له رجلا فسماه " عبد الحارث ", ففيه أنـزل الله تبارك وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، إلى قوله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما)، إلى آخر الآية.

15517 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله في آدم: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، إلى قوله: فَمَرَّتْ بِهِ ، فشكّت: أحبلت أم لا = فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا الآية, فأتاهما الشيطان فقال: هل تدريان ما يولد لكما؟ أم هل تدريان ما يكون؟ أبهيمة يكون أم لا؟ وزيَّن لهما الباطل، إنه غويٌّ مبين. وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين فماتا, فقال لهما الشيطان: إنكما إن لم تسمياه بي، لم يخرج سويًّا، ومات كما مات الأولان! فسميا ولدهما " عبد الحارث "; فذلك قوله: (فلما آتاهما صالحًا جعلا له شركاء فيما آتاهما)، الآية.

15518 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج, عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: لما ولد له أول ولد, أتاه إبليس فقال: إني سأنصح لك في شأن ولدك هذا، تسميه " عبد الحارث " ! فقال آدم: أعوذ بالله من طاعتك ! =قال ابن عباس: وكان اسمه في السماء " الحارث "= قال آدم: أعوذ بالله من طاعتك، إني أطعتك في أكل الشجرة, فأخرجتني من الجنة, فلن أطيعك. فمات ولده, ثم ولد له بعد ذلك ولد آخر, فقال: أطعني وإلا مات كما مات الأول ! فعصاه, فمات, فقال: لا أزال أقتلهم حتى تسميه " عبد الحارث ". فلم يزل به حتى سماه " عبد الحارث ", فذلك قوله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما)، أشركه في طاعته في غير عبادة, ولم يشرك بالله, ولكن أطاعه.

15519 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سَلَمَة, عن هارون قال: أخبرنا الزبير بن الخِرِّيت, عن عكرمة قال: ما أشرك آدم ولا حواء, وكان لا يعيش لهما ولد, فأتاهما الشيطان فقال: إن سرَّكما أن يعيش لكما ولد فسمياه " عبد الحارث " ! فهو قوله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما). (27)

15520 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا قال: كان آدم عليه السلام لا يولد له ولد إلا مات, فجاءه الشيطان, فقال: إن سرَّك أن يعيش ولدك هذا, فسمِّه " عبد الحارث " ! ففعل قال: فأشركا في الاسم، ولم يشركا في العبادة.

15521 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة: (فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما)، ذكر لنا أنه كان لا يعيش لهما ولد, فأتاهما الشيطان, فقال لهما: سمياه " عبد الحارث " ! وكان من وحي الشيطان وأمره, وكان شركًا في طاعةٍ, ولم يكن شركًا في عبادةٍ.

15522 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (فلما آتاهما صالحًا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون) قال: كان لا يعيش لآدم وامرأته ولد. فقال لهما الشيطان: إذا ولد لكما ولد, فسمياه " عبد الحارث " ! ففعلا وأطاعاه, فذلك قول الله: (فلما آتاهما صالحًا جعلا له شركاء)، الآية.

15523 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا ابن فضيل, عن سالم بن أبي حفصة, عن سعيد بن جبير, قوله: أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا ، .. إلى قوله تعالى: (فتعالى الله عما يشركون) قال: لما حملت حوّاء في أوّل ولد ولدته حين أثقلت, أتاها إبليس قبل أن تلد, فقال: يا حوّاء، ما هذا الذي في بطنك؟ فقالت: ما أدري. فقال: من أين يخرج؟ من أنفك, أو من عينك, أو من أذنك؟ قالت: لا أدري. قال: أرأيت إن خرج سليمًا أمطيعتي أنت فيما آمرك به؟ (28) قالت: نعم. قال: سميه " عبد الحارث " ! =وقد كان يسمى إبليس الحارث= فقالت: نعم. ثم قالت بعد ذلك لآدم: أتاني آت في النوم فقال لي كذا وكذا, فقال: إن ذلك الشيطان فاحذريه, فإنه عدوُّنا الذي أخرجنا من الجنة ! ثم أتاها إبليس, فأعاد عليها, فقالت: نعم. فلما وضعته أخرجه الله سليمًا, فسمته " عبد الحارث " فهو قوله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون).

15524 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا جرير وابن فضيل, عن عبد الملك, عن سعيد بن جبير قال: قيل له: أشرك آدم؟ قال: أعوذ بالله أن أزعم أن آدم أشرك، ولكن حواء لما أثقلت, أتاها إبليس فقال لها: من أين يخرج هذا, من أنفك، أو من عينك، أو من فيك؟ فقنَّطها, ثم قال: أرأيت إن خرج سويًّا = زاد ابن فضيل: لم يضرك ولم يقتلك = أتطيعيني؟ قالت: نعم. قال: فسميه " عبد الحارث " ! ففعلت = زاد جرير: فإنما كان شركه في الاسم. (29)

15525 - حدثني موسى بن هارون قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط, عن السدي قال: فولدت غلامًا =يعني حوّاء= فأتاهما إبليس فقال: سموه عبدي وإلا قتلته ! قال له آدم عليه السلام: قد أطعتك وأخرجتني من الجنة‍! فأبى أن يطيعه, فسماه " عبد الرحمن ", فسلط الله عليه إبليس فقتله. فحملت بآخر; فلما ولدته قال لها: سميه عبدي وإلا قتلته ! قال له آدم: قد أطعتك فأخرجتني من الجنة! فأبى, فسماه " صالحًا " فقتله. فلما أن كان الثالث قال لهما: فإذ غلبتموني فسموه " عبد الحارث " ، (30) وكان اسم إبليس; وإنما سمي " إبليس " حين أبلس =فَعَنَوَا, (31) فذلك حين يقول الله تبارك وتعالى: (جعلا له شركاء فيما آتاهما)، يعني في التسمية.

* * *

وقال آخرون: بل المعنيّ بذلك رجل وامرأة من أهل الكفر من بني آدم، جعلا لله شركاء من الآلهة والأوثان حين رزقهما ما رزقهما من الولد. وقالوا: معنى الكلام: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا : أي هذا الرجل الكافر,(حملت حملا خفيفًا فلما أثقلت) دعوتما الله ربكما. قالوا: وهذا مما ابتدئ به الكلام على وجه الخطاب, ثم رُدَّ إلى الخبر عن الغائب, كما قيل: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ، [سورة يونس: 22] وقد بينا نظائر ذلك بشواهده فيما مضى قبل. (32)

* ذكر من قال ذلك:

15526 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا سهل بن يوسف, عن عمرو, عن الحسن: (جعلا له شركاء فيما آتاهما) قال: كان هذا في بعض أهل الملل, ولم يكن بآدم.

15527 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر قال. قال الحسن: عني بهذا ذرية آدم, من أشرك منهم بعده =يعني بقوله: (فلما آتاهما صالحًا جعلا له شركاء فيما آتاهما).

15528 - حدثنا بشر بن معاذ قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قال: كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى, رزقهم الله أولادًا فهوَّدوا ونصَّروا. (33)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب، قول من قال: عنى بقوله: (فلما آتاهما صالحًا جعلا له شركاء) في الاسم لا في العبادة =وأن المعنيَّ بذلك آدم وحواء، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك.

* * *

فإن قال قائل: فما أنت قائل =إذ كان الأمر على ما وصفت في تأويل هذه الآية, وأن المعنيّ بها آدم وحواء= في قوله: (فتعالى الله عما يشركون) ؟ أهو استنكاف من الله أن يكون له في الأسماء شريك، أو في العبادة؟ فإن قلت: " في الأسماء " دلّ على فساده قوله: أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ؟ فإن قلت: " في العبادة ", قيل لك: أفكان آدم أشرك في عباد الله غيره؟

قيل له: إن القول في تأويل قوله: (فتعالى عما يشركون)، ليس بالذي ظننت, وإنما القول فيه: فتعالى الله عما يشرك به مشركو العرب من عبدة الأوثان. فأما الخبر عن آدم وحواء، فقد انقضى عند قوله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما)، ثم استؤنف قوله: (فتعالى الله عما يشركون)، (34) كما:-

15529 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي, قوله: (فتعالى الله عما يشركون)، يقول: هذه فصْلٌ من آية آدم، خاصة في آلهة العرب.

* * *

واختلفت القرأة في قراءة قوله: (شركاء)،

فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة وبعض المكيين والكوفيين: " جَعَلا لَهُ شِرْكًا " بكسر الشين, بمعنى الشَّرِكَة. (35)

* * *

وقرأه بعض المكيين وعامة قرأة الكوفيين وبعض البصريين: (جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ)، بضم الشين, بمعنى جمع " شريك ".

* * *

قال أبو جعفر: وهذه القراءة أولى القراءتين بالصواب, لأن القراءة لو صحت بكسر الشين، لوجب أن يكون الكلام: فلما أتاهما صالحًا جعلا لغيره فيه شركًا =لأن آدم وحواء لم يدينا بأن ولدهما من عطية إبليس، ثم يجعلا لله فيه شركًا لتسميتهما إياه ب " عبد الله " , وإنما كانا يدينان لا شك بأن ولدهما من رزق الله وعطيته, ثم سمياه " عبد الحارث ", فجعلا لإبليس فيه شركًا بالاسم.

فلو كانت قراءة من قرأ: " شِرْكًا "، صحيحة، وجب ما قلنا، أن يكون الكلام: جعلا لغيره فيه شركًا. وفي نـزول وحي الله بقوله: (جعلا له)، ما يوضح عن أن الصحيح من القراءة: (شُرَكَاء)، بضم الشين على ما بينت قبل.

* * *

فإن قال قائل: فإن آدم وحواء إنما سميا ابنهما " عبد الحارث ", و " الحارث " واحد, وقوله: (شركاء)، جماعة, فكيف وصفهما جل ثناؤه بأنهما " جعلا له شركاء ", وإنما أشركا واحدًا!

قيل: قد دللنا فيما مضى على أن العرب تخرج الخبر عن الواحد مخرج الخبر عن الجماعة، إذا لم تقصد واحدًا بعينه ولم تسمِّه, كقوله: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ، [سورة آل عمران: 173] وإنما كان القائل ذلك واحدًا, فأخرج الخبر مخرج الخبر عن الجماعة, إذ لم يقصد قصده, وذلك مستفيض في كلام العرب وأشعارها. (36)

* * *

وأما قوله: (فتعالى الله عما يشركون)، فتنـزيه من الله تبارك وتعالى نفسَه, وتعظيم لها عما يقول فيه المبطلون، ويدَّعون معه من الآلهة والأوثان، (37) كما: -

15530 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج: (فتعالى الله عما يشركون) قال: هو الإنكاف, أنكف نفسه جل وعز = يقول: عظَّم نفسه = وأنكفته الملائكة وما سبَّح له.

15531 - حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن عيينة قال: سمعت صدقة يحدِّث عن السدي قال: هذا من الموصول والمفصول، قوله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما)، في شأن آدم وحواء, ثم قال الله تبارك وتعالى: (فتعالى الله عما يشركون) قال: عما يشرك المشركون, ولم يعنهما. (38)

--------------------

الهوامش :

(24) في المطبوعة : (( من وحي الشيطان )) ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الموافق لما في المراجع .

(25) الأثر : 15513 - (( عبد الصمد )) هو (( عبد الصمد بن عبد الوارث )) . مضى مرارًا .

و (( عمر بن إبراهيم العبدى )) ، وثقه أحمد وغيره ، ولكنه قال : (( يروى عن قتادة أحاديث مناكير ، يخالف )) . وقال أبو حاتم : (( يكتب حديثه ولا يحتج به )) ، وقال ابن عدى : يروى عن قتادة أشياء لا يوافق عليها ، وحديثه خاصة عن قتادة مضطرب )) . وذكره ابن حبان في الثقاب وقال : (( يخطئ ، ويخالف )) . ثم ذكره في الضعفاء فقال : (( كان ممن ينفرد عن قتادة بما لا يشبه حديثه . فلا يعجبنى الاحتجاج به إذا انفرد . فأما فيما روى الثقات ، فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأساً )) ، وقال الدار قطني : ( لين ، يترك )) . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 98 ، وميزان الاعتدال 2 : 248 .

وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5 : 11 ، بغير هذا اللفظ ، ورواه بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك 2 : 545 ، وقال : (( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )) ، ووافقه الذهبي . وأخرجه الترمذي في تفسير الآية وقال : (( هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم ، عن قتادة . وقد رواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه )) .

وخرجه ابن كثير في تفسيره 3 : 611 ، 612 ، وأعله من ثلاثة وجوه :

الأول : أن عمر بن إبراهيم لا يحتج به =

الثاني : أنه قد روى من قول سمرة نفسه غير مرفوع

= الثالث : أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا ، وذكر بعض أخبار أبي جعفر بأسانيدها رقم 15526 - 15528 ، ثم قال : (( وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضي الله عنه أنه فسر الآية بذلك ، وهو من أحسن التفاسير ، وأولى ما حملت عليه الآية . ولو كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره ، ولاسيما مع تقواه وورعه . فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي ، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم ، مثل كعب أو وهب بن منيه وغيرهما ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله ، إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع ، والله أعلم )) .

قلت : وسترى أن أبا جعفر قد رجح أن المعني بذلك آدم وحواء ، قال : (( لإجماع الحجة من أهل التأويل علي ذلك )) . وإجماع أهل التأويل في مثل هذا ، مما لا يقوم الأول : لأن الآية مشكلة ، ففيها نسبة الشرك إلى آدم الذي اصطفاه ربه ، بنص كتاب الله ، وقد أراد أبو جعفر أن يخرج من ذلك ، فزعم ( ص : 315 ) أن القول عن آدم وحواء انقضى عند قوله : (( جعلا له شركاء فيما آتاهما ، ثم استأنف قوله : (( فتعالى الله عما يشركون )) ، يعنى عما يشرك به مشركو العرب من عبدة الأوثان .وهذا مخرج ضعيف جداً .

الثاني أن مثل هذا المشكل في أمر آدم وحواء ، ونسبة الشرك إليهما ، مما لا يقضى به ، إلا بحجة يجب التسليم لها من نص كتاب ، أو خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا خبر بذلك ، إلا هذا الخبر الضعيف الذي بينا ضعفه ، وأنه من رواية عمر بن إبراهيم ، عن قتادة . وروايته عن قتادة مضطربة ، خالف فيها ما روى عن الحسن ، أنه عنى بالآية بعض أهل الملل والمشركون.

هذا ، وقد رد هذا القول ، جماعة من المفسرين ، كابن كثير في تفسيره ، والفخر الرازي ( 3 : 243 - 345 ) ، وحاول الزمخشرى في تفسيره أن يرده فلم يحسن ، وتعقبه أحمد بن محمد بن المنير في الإنصاف . وغير هؤلاء كثير .

ولكن بعد هذا كله ، نجد إن تفسير ألفاظ الآية ، ومطابقته للمعنى الصحيح الذي ذهب العلماء إليه في نفي الشرك عن أبينا آدم عليه السلام ، وفي أن الآية لا تعنى أبانا آدم وأمنا حواء = بقى مبهماً ، لم يتناوله أحد ببيان صحيح . وكنت أحب أن يتيسر لى بيانه في هذا الموضع ، ولكنى وجدت الأمر أعسر من أن أتكلم فيه في مثل هذا التعليق .

(26) الأثر : 15514 ، 15515 - (( أبو العلاء بن الشخير )) ، منسوب إلى جده ، وهو : (( يزيد بن عبد الله بن الشخير العامرى )) ، تابعى عابد ثقة ، كان يقرأ في المصحف حتى يغشى عليه ، فكان أخوه مطرف يقول له : (( أغن عنا مصحفك سائر اليوم )) . مترجم في التهذيب ، وابن سعد 7/1/113 ، والكبير 4/2/345 ، وابن أبي حاتم 4/2/274 .

(27) الأثر : 15519 - كان الإسناد في المطبوعة: "حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن هارون، لا أدري من أين جاء بقوله "سلمة" !! فإن المخطوطة فيها بياض في هذا الموضع هكذا: "حدثنا ابن حميد قال: حدثنا ...... ، عن هارون، فوضعت مكان البياض نقطا، وفيها بعد "عكرمة" وقبل "قال" خط معقوف، وفي الهامش أمام البياض وعند هذه العلامة حرف (ط) ثم إلى جوارها حرف (ا) عليه ثلاث نقط، كل ذلك دال على الشك والخطأ.

و "هارون" هو النحوي الأعور "هارون بن موسى الأزدي" صاحب القراءات ثقة مضى برقم 4985 ، 11693 .

و "الزبير بن الخريت" ثقة، مضى أيضا برقم 4985، 11693.

وإسناد أبي جعفر في الموضعين في رواية "الزبير بن الخريت" عن عكرمة هو "حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال حدثنا هارون النحوي، قال حدثني الزبير بن الخريت، عن عكرمة" فأخشى أن يكون سقط من التفسير هنا إسناد ابن حميد وخبره ثم صدر إسناد بعده، هو إسناد أبي جعفر السالف: "حدثنا المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم، عن هارون . . . " إلى آخر الإسناد ، والله أعلم" .

(28) في المطبوعة : (( أتطيعينى أنت )) ، والصواب الجيد من المخطوطة .

(29) في المطبوعة : (( شركة )) بالتاء في آخره ، والصواب ما أثبت .

(30) في المطبوعة : (( فإذا غلبتم فسموه )) ، وأثبت ما في المخطوطة .

(31) في المطبوعة : (( ففعلوا )) ، وهو خطأ لا شك فيها ، لو كان لقال : (( ففعلا )) ، ورسم المخطوطة غير منقوطة هو ما أثبت ، وصواب قراءته ما قرأت . = يقال : (( عنا له يعنو )) : إذا خضع له وأطاعه .

(32) انظر ما سلف 1 : 154 / 3 : 304 ، 305 / 6 : 238 ، 464 / 8 : 447 / 11 : 264 .

(33) الآثار: 15526-15528-انظر التعليق على الأثر السالف رقم 10013.

(34) انظر التعليق عن الأثر رقم 155130 .

(35) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 400 .

(36) انظر ما سلف 1 : 292 ، 293 / 2 : 485 - 487 ، 500 /4 : 191 / 6 : 364 / 7 : 404 - 413 / 12 : 213 .

(37) انظر تفسير (( تعالى )) فيما سلف 12 : 10 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(38) عند هذا الموضع ، انتهي الجزء العاشر من مخطوطتنا ، وفي آخرها ما نصه : (( نجز الجز العاشر من كتاب البيان ، بحمد الله وعونه ، وحسن توفيقه ويمنه . وصلى الله على محمد . يتلوه في الحادي عشر إن شاء الله تعالى القول في تأويل قوله : { أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ } وكان الفراغ من نسخه في شهر جمادى الأولى سنة خمس عشرة وسبعمئة . غفر الله لكاتبه ومؤلفه ، ولمن كتب لأجله ولجميع المسلمين . الحمد لله رب العالمين )) ثم يتلوه في أول الجزء الحادي عشر من المخطوطة "بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن".

المعاني :

جعلا له شركاء :       بتسمية ولديهما عبد الحارث بوسوسة معاني القرآن
فَتَعَالَى :       تَعَاظَمَ، وَتَنَزَّهَ السراج
عمّا يُشركون :       أي العرب بعبادة الأصنام معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[190] ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا﴾: على وفق ما طلبا، وتمت عليهما النعمة فيه، ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ أي: جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله بإيجاده والنعمة به، وأقرَّ به أعين والديه، فَعَبَّدَاه لغير الله؛ إما أن يسمياه بعبد غير الله؛ كـ «عبد الحارث» و«عبد العزير» و«عبد الكعبة» ونحو ذلك، أو يشركا بالله في العبادة، بعدما منَّ الله عليهما بما منَّ من النعم التي لا يحصيها أحد من العباد.
عمل
[190] ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ﴾ إذا حصلَتْ لك نعمةٌ فاشكرْ اللهَ قبل شكرِ غيره من البشرِ.
وقفة
[190] ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلاَ لَهُ شُرَكاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ إن قلت: كيف قال عن آدم وحواء ذلكَ مع أن الأنبياء معصومون عن مطلق الكبائر فضلًا عن الشَرك الذي هو أكبرُ الكبائر؟! قلتُ: فيه حذفٌ مضافٍ، أي جعل أولادُهما شركاءَ له (فيما آتاهما) أي: آتى أولادهما، بقرينة قوله تعالى: (فتعالى اللهُ عما يُشركونَ) بالجمع، ومعنى إشراك أولادهما فيما آتاهُم اللهُ: تسميتهم أولادهم بـ (عبد العُزَّى)، و(عبد مناة)، و(عبد شمس) ونحوها، مكان (عبد الله) و(عبد الرحمن) ونحوها.
تفاعل
[190] قل: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم» ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ۚ فَتَعَالَى اللَّـهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾.
تفاعل
[190] ﴿فَتَعَالَى اللَّـهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً:
  • الفاء عاطفة. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. آتى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. الميم: حرف عماد والألف حرف دال على التثنية. صالحا: صفة للمفعول الثاني المقدر منصوب بالفتحة. وجملة «آتاهُما» في محل جر مضاف إليه.
  • ﴿ جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ:
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. جعلا: فعل ماض مبني على الفتح والألف ألف الاثنين ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. له: جار ومجرور متعلق بجعلا. شركاء: مفعول به منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» ويجوز أن يكون الجار والمجرور «لَهُ» في محل نصب حالا لأنه متعلق بصفة مقدمة من «شُرَكاءَ» أو متعلق بمفعول «جَعَلا» الأول المقدر.
  • ﴿ فِيما آتاهُما:
  • جار ومجرور متعلق بجعلا. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي. آتاهما: أعربت وهي صلة الموصول لا محل لها أي فيما آتى أولادهما وقد حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وقد دل على ذلك قوله: فتعالى الله عما يشركون حيث جمع الضمير. وآدم وحواء بريئان من الشرك.
  • ﴿ فَتَعالَى اللَّهُ:
  • الفاء: استئنافية. تعالى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ عَمَّا يُشْرِكُونَ:
  • عما: مركبة من «عن» حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بتعالى. يشركون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يُشْرِكُونَ» صلة الموصول لا محل لها. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [190] لما قبلها :     لما طلب الزوجان ولدًا صالح الخلقة، وأقسما أن يكونا من الشاكرين؛ رزقَ اللهُ عز وجل الزوجين الولد الصالح، فجعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله بخلقه، حيث نسبوا هذا العطاء إلى الأصنام والأوثان، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

شركاء:
قرئ:
1- شركا، على المصدر، وهو على حذف مضاف، أي: ذا شرك، وهى قراءة ابن عباس، وأبى جعفر، وشيبة، وعكرمة، ومجاهد، وأبان بن تغلب، ونافع، وأبى بكر عن عاصم.
2- شركاء، على الجمع، وهى قراءة الأخوين، وابن كثير، وأبى عمرو.
يشركون:
وقرئ:
تشركون، بالتاء على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، وهى قراءة السلمى.

مدارسة الآية : [191] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً ..

التفسير :

[191] أيشرك هؤلاء المشركون في عبادة الله مخلوقاته، وهي لا تقدر على خَلْق شيء، بل هي مخلوقة؟

تفسير الآيتين 190 و191:ـ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا على وفق ما طلبا، وتمت عليهما النعمة فيه جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا أي:جعلا للّه شركاء في ذلك الولد الذي انفرد اللّه بإيجاده والنعمة به، وأقرَّ به أعين والديه، فَعَبَّدَاه لغير اللّه. إما أن يسمياه بعبد غير اللّه كـ "عبد الحارث"و "عبد العزيز"و "عبد الكعبة"ونحو ذلك، أو يشركا باللّه في العبادة، بعدما منَّ اللّه عليهما بما منَّ من النعم التي لا يحصيها أحد من العباد. وهذا انتقال من النوع إلى الجنس، فإن أول الكلام في آدم وحواء، ثم انتقل إلى الكلام في الجنس، ولا شك أن هذا موجود في الذرية كثيرا، فلذلك قررهم اللّه على بطلان الشرك، وأنهم في ذلك ظالمون أشد الظلم، سواء كان الشرك في الأقوال، أم في الأفعال، فإن الخالق لهم من نفس واحدة، الذي خلق منها زوجها وجعل لهم من أنفسهم أزواجا، ثم جعل بينهم من المودة والرحمة ما يسكن بعضهم إلى بعض، ويألفه ويلتذ به، ثم هداهم إلى ما به تحصل الشهوة واللذة والأولاد والنسل. ثم أوجد الذرية في بطون الأمهات، وقتا موقوتا، تتشوف إليه نفوسهم، ويدعون اللّه أن يخرجه سويا صحيحا، فأتم اللّه عليهم النعمة وأنالهم مطلوبهم. أفلا يستحق أن يعبدوه، ولا يشركوا به في عبادته أحدا، ويخلصوا له الدين. ولكن الأمر جاء على العكس، فأشركوا باللّه من لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ .

قوله- تعالى- أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أى: أيشركون به- تعالى- وهو الخالق لهم ولكل شيء، ما لا يخلق شيئا من الأشياء مهما يكن حقيرا، بل إن هذه الأصنام التي تعبد من دون الله مخلوقة ومصنوعة، فكيف يليق بسليم العقل أن يجعل المخلوق العاجز شريكا للخالق القادر.

والاستفهام للإنكار والتجهيل. والمراد بما في قوله ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً أصنامهم، ورجع الضمير إليها مفردا لرعاية لفظها، كما أن إرجاع ضمير الجمع إليها في قوله وَهُمْ يُخْلَقُونَ لرعاية معناها.

وجاء بضمير العقلاء في يُخْلَقُونَ مسايرة لهم في اعتقادهم أنها تضر وتنفع.

هذا إنكار من الله على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ، من الأنداد والأصنام والأوثان ، وهي مخلوقة لله مربوبة مصنوعة ، لا تملك شيئا من الأمر ، ولا تضر ولا تنفع ، [ ولا تنصر ] ولا تنتصر لعابديها ، بل هي جماد لا تتحرك ولا تسمع ولا تبصر ، وعابدوها أكمل منها بسمعهم وبصرهم وبطشهم ; ولهذا قال : ( أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون ) أي : أتشركون به من المعبودات ما لا يخلق شيئا ولا يستطيع ذلك ، كما قال تعالى : ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز ) [ الحج : 73 ، 74 ] أخبر تعالى أنه لو اجتمعت آلهتهم كلها ، ما استطاعوا خلق ذبابة ، بل لو استلبتهم الذبابة شيئا من حقير المطاعم وطارت ، لما استطاعوا إنقاذ ذلك منها ، فمن هذه صفته وحاله ، كيف يعبد ليرزق ويستنصر ؟ ولهذا قال تعالى : ( لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ) أي : بل هم مخلوقون مصنوعون كما قال الخليل : ( قال أتعبدون ما تنحتون [ والله خلقكم وما تعملون ] ) [ الصافات : 95 ، 96 ]

القول في تأويل قوله : أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أيشركون في عبادة الله, فيعبدون معه = " ما لا يخلق شيئًا " ، والله يخلقها وينشئها؟ وإنما العبادة الخالصة للخالق لا للمخلوق.

* * *

وكان ابن زيد يقول في ذلك بما: -

15532 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد قال: ولد لآدم وحواء ولد, فسمياه " عبد الله ", فأتاهما إبليس فقال: ما سميتما يا آدم ويا حواء ابنكما؟ قال: وكان وُلد لهما قبل ذلك ولد, فسمياه " عبد الله ", فمات. فقالا سميناه " عبد الله ". فقال إبليس: أتظنان أن الله تارك عبده عندكما؟ لا والله، ليذهبن به كما ذهبَ بالآخر! ولكن أدلكما على اسم يبقى لكما ما بقيتما، فسمياه " عبد شمس " ! قال: فذلك قول الله تبارك وتعالى: (أيشركون ما لا يخلق شيئًا وهم يخلقون)، آلشمس تخلق شيئًا حتى يكون لها عبد؟ إنما هي مخلوقة! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خدعهما مرتين، خدعهما في الجنة, وخدعهما في الأرض. (39)

* * *

وقيل: (وهم يخلقون)، , فأخرج مكنيَّهم مخرج مكنيّ بني آدم, (40) (أيشركون ما)، فأخرج ذكرهم ب " ما " لا ب " من " مخرج الخبر عن غير بني آدم, لأن الذي كانوا يعبدونه إنما كان حجرًا أو خشبًا أو نحاسًا, أو بعض الأشياء التي يخبر عنها ب " ما " لا ب " من ", فقيل لذلك: " ما "، ثم قيل: " وهم ", فأخرجت كنايتهم مُخْرَج كناية بني آدم, لأن الخبر عنها بتعظيم المشركين إياها، نظير الخبر عن تعظيم الناس بعضهم بعضًا.

---------------------

الهوامش :

(39) الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أجده . وفي الدر المنثور 3 : 152 (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خدعهما مرتين . قال زيد : خدعهما في الجنة ، وخدعهما في الأرض )) .

(40) (( المكنى )) الضمير .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[191] قال أبو يزيد البسطامي: «استغاثة المخلوق بالمخلوق کاستغاثة الغريق».
وقفة
[191، 192] ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ۞ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ﴾ لا يليق بالأفضل الأكمل الأشرف من المخلوقات وهو الإنسان أن يشتغل بعبادة الأخس والأرذل من الحجارة والخشب وغيرها من الآلهة الباطلة.
عمل
[191، 192] حاوِرْ بعض من يلتجئ في قضاء حاجته إلى غير الله تعالى من قبر أو مشهد، وبين له ضعفهم ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ۞ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَيُشْرِكُونَ:
  • الألف ألف تعجيب بلفظ استفهام. يشركون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. لا: نافية لا عمل لها. يخلق: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. شيئا: مفعول به منصوب بالفتحة والجملة الفعلية «لا يَخْلُقُ شَيْئاً» صلة الموصول لا محل لها. أي أيشركون مع الله ما لا يستطيع ان يخلق شيئا.
  • ﴿ وَهُمْ يُخْلَقُونَ:
  • الواو: حالية. هم: ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. يخلقون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية «يُخْلَقُونَ» في محل رفع خبر «هُمْ» والجملة الاسمية «وَهُمْ يُخْلَقُونَ» في محل نصب حال. '

المتشابهات :

الأعراف: 191﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ
النحل: 20﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ
الفرقان: 3﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [191] لما قبلها :     لما جعلا لله شركاء؛ ناقش اللهُ عز وجل المشركين هنا، وبَيَّنَ أنَّ هذه الأصنامَ لا تصلُحُ للألُوهيةِ، وذلك للأسباب التالية: السبب الأول: أن الأصنام مخلوقة، وليست خالقة، قال تعالى:
﴿ أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أيشركون:
وقرئ:
أتشركون، بالتاء، وهى قراءة السلمى.

مدارسة الآية : [192] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ ..

التفسير :

[192] ولا تستطيع أن تنصر عابديها أو تدفع عن نفسها سوءاً، فإذا كانت لا تخلق شيئاً، بل هي مخلوقة، ولا تستطيع أن تدفع المكروه عمن يعبدها، ولا عن نفسها، فكيف تُتَّخذ مع الله آلهة؟ إنْ هذا إلا أظلم الظلم وأسفه السَّفَه.

وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ أي:لعابديها نَصْرًا وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ . فإذا كانت لا تخلق شيئا، ولا مثقال ذرة، بل هي مخلوقة، ولا تستطيع أن تدفع المكروه عن من يعبدها، بل ولا عن أنفسها، فكيف تتخذ مع اللّه آلهة؟ إن هذا إلا أظلم الظلم، وأسفه السفه.

ثم قال- تعالى-: وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ أى: أن هذه الأصنام فضلا عن كونها مخلوقة، فإنها لا تستطيع أن تجلب لعابديها نصرا على أعدائهم، بل إنها لا تستطيع أن تدفع عن نفسها شرا، ومن هذه صفته كيف يعبد من دون الله؟ قال- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ.

ثم قال تعالى : ( ولا يستطيعون لهم نصرا ) أي : لعابديهم ( ولا أنفسهم ينصرون ) يعني : ولا لأنفسهم ينصرون ممن أرادهم بسوء ، كما كان الخليل ، عليه الصلاة والسلام ، يكسر أصنام قومه ويهينها غاية الإهانة ، كما أخبر تعالى عنه في قوله : ( فراغ عليهم ضربا باليمين ) [ الصافات : 93 ] وقال تعالى : ( فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون ) [ الأنبياء : 58 ] وكما كان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن جبل ، رضي الله عنهما - وكانا شابين قد أسلما لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة - فكانا يعدوان في الليل على أصنام المشركين يكسرانها ويتلفانها ويتخذانها حطبا للأرامل ، ليعتبر قومهما بذلك ، ويرتئوا لأنفسهم ، فكان لعمرو بن الجموح - وكان سيدا في قومه - كان له صنم يعبده ويطيبه ، فكانا يجيئان في الليل فينكسانه على رأسه ، ويلطخانه بالعذرة ، فيجيء عمرو بن الجموح فيرى ما صنع به فيغسله ويطيبه ويضع عنده سيفا ، ويقول له : " انتصر " . [ ثم ] يعودان لمثل ذلك ، ويعود إلى صنيعه أيضا ، حتى أخذاه مرة فقرنا معه جرو كلب ميت ، ودلياه في حبل في بئر هناك ، فلما جاء عمرو بن الجموح ورأى ذلك ، نظر فعلم أن ما كان عليه من الدين باطل ، وقال :

تالله لو كنت إلها مستدن لم تك والكلب جميعا في قرن

ثم أسلم فحسن إسلامه ، وقتل يوم أحد شهيدا ، رضي الله عنه وأرضاه ، وجعل جنة الفردوس مأواه .

القول في تأويل قوله : وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أيشرك هؤلاء المشركون في عبادة الله ما لا يخلق شيئًا من خلق الله, ولا يستطيع أن ينصرهم إن أراد الله بهم سوءًا، أو أحلّ بهم عقوبة, ولا هو قادر إن أراد به سوءًا نصر نفسه ولا دفع ضر عنها؟ وإنما العابد يعبد ما يعبده لاجتلاب نفع منه أو لدفع ضر منه عن نفسه، وآلهتهم التي يعبدونها ويشركونها في عبادة الله لا تنفعهم ولا تضرهم, بل لا تجتلب إلى نفسها نفعًا ولا تدفع عنها ضرًّا, فهي من نفع غير أنفسها أو دفع الضر عنها أبعدُ؟ يعجِّب تبارك وتعالى خلقه من عظيم خطأ هؤلاء الذين يشركون في عبادتهم اللهَ غيرَه.

* * *

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[192] ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ﴾ كان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن جبل يعدوان في الليل على أصنام المشركين یکسرانها، ليعتبر قومهما بذلك، فكان لعمرو بن الجموح -وكان سيدًا في قومه- صنم يعبده ويطيبه، فكانا يجيئان في الليل فينکسانه على رأسه، ويلطخانه بالقاذورات، فيجيء عمرو بن الجموح فيرى ما صنع به فيغسله ويطيبه ويضع عنده سيفًا، ويقول له: انتصر! ثم يعودان لمثل ذلك، ويعود إلى صنيعه أيضًا، حتى أخذاه مرة فَقَرَنَا معه جرو كلب ميت، ودَلّيَاه في حبل في بئر، فلما جاء عمرو بن الجموح ورأى ذلك، علم أن ما كان عليه من الدين باطل، ثم أسلم فحسن إسلامه.
وقفة
[189-192] ﴿فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّـهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ۞ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ ثم أوجد الذرية في بطون الأمهات وقتًا موقوتًا؛ تتشوف إليه نفوسهم، ويدعون الله أن يخرجه سويًّا صحيحًا، فأتم الله عليهم النعمة وأنالهم مطلوبهم، أفلا يستحق أن يعبدوه، ولا يشركوا به في عبادته أحدًا، ويخلصوا له الدين؟! ولكن الأمر جاء على العكس، فأشركوا بالله ﴿مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ۞ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ﴾ أي: لعابديها ﴿نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلا يَسْتَطِيعُونَ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. يستطيعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لَهُمْ نَصْراً:
  • جار ومجرور متعلق بيستطيعون. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام. نصرا: مفعول به منصوب بالفتحة
  • ﴿ وَلا أَنْفُسَهُمْ:
  • الواو: عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. أنفس: مفعول به منصوب بالفتحة لفعل مضمر يفسره المذكور أي لا ينصرون أنفسهم و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ يَنْصُرُونَ:
  • تعرب إعراب «يَسْتَطِيعُونَ» بمعنى أن هذه الأصنام لا يمكنها أن تنصرهم ولا أن تنصر نفسها. '

المتشابهات :

الأعراف: 192﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ
الأعراف: 197﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [192] لما قبلها :     السبب الثاني: أن الأصنام لا تدفع الضر عن نفسها، ولا عن غيرها، قال تعالى:
﴿ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [193] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ ..

التفسير :

[193] وإن تدعوا -أيها المشركون- هذه الأصنام التي عبدتموها من دون الله إلى الهدى، لا تسمع دعاءكم ولا تتبعكم، يستوي دعاؤكم لها وسكوتكم عنها؛ لأنها لا تسمع ولا تبصر ولا تَهدِي ولا تُهدى.

وإن تدعوا، أيها المشركون هذه الأصنام، التي عبدتم من دون اللّه إِلَى الْهُدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ . فصار الإنسان أحسن حالة منها، لأنها لا تسمع، ولا تبصر، ولا تهدِي ولا تُهدى، وكل هذا إذا تصوره اللبيب العاقل تصورا مجردا، جزم ببطلان إلهيتها، وسفاهة من عبدها.

ثم بين- سبحانه- عجز الأصنام عما هو أدنى من النصر المنفي عنهم وأيسر وهو مجرد الدلالة على المطلوب من غير تحصيله للطالب فقال: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ أى: وإن تدعو أيها المشركون هذه الأصنام إلى الهدى والرشاد لا يتبعوكم، أى أنهم لا ينفعوكم بشيء ولا ينتفعون منكم بشيء.

وقوله سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ استئناف مقرر لمضمون ما قبله.

أى: مستو عندكم دعاؤكم إياهم وبقاؤكم على صمتكم، فإنه لا يتغير حالكم في الحالين، كما لا يتغير حالهم بحكم أنهم جماد.

وقوله : ( وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم [ سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ] ) يعني : أن هذه الأصنام لا تسمع دعاء من دعاها ، وسواء لديها من دعاها ومن دحاها ، كما قال إبراهيم : ( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ) [ مريم : 42 ] ؟

القول في تأويل قوله : وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره في وصفه وعيبه ما يشرك هؤلاء المشركون في عبادتهم ربَّهم إياه: ومن صفته أنكم، أيها الناس، إن تدعوهم إلى الطريق المستقيم, والأمر الصحيح السديد لا يتبعوكم، لأنها ليست تعقل شيئًا, فتترك من الطرق ما كان عن القصد منعدلا جائرًا, وتركب ما كان مستقيمًا سديدًا.

* * *

وإنما أراد الله جل ثناؤه بوصف آلهتهم بذلك من صفتها، تنبيهَهم على عظيم خطئهم, وقبح اختيارهم. يقول جل ثناؤه: فكيف يهديكم إلى الرشاد مَنْ إن دُعي إلى الرشاد وعُرِّفه لم يعرفه, ولم يفهم رشادًا من ضلال, وكان سواءً دعاءُ داعيه إلى الرشاد وسكوته, لأنه لا يفهم دعاءه, ولا يسمع صوته, ولا يعقل ما يقال له. يقول: فكيف يُعبد من كانت هذه صفته، أم كيف يُشْكِل عظيمُ جهل من اتخذ ما هذه صفته إلهًا؟ وإنما الرب المعبود هو النافع من يعبده, الضارّ من يعصيه, الناصرُ وليَّه, الخاذل عدوه, الهادي إلى الرشاد من أطاعه, السامع دعاء من دعاه.

* * *

وقيل: (سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون)، فعطف بقوله: " صامتون ", وهو اسم على قوله: " أدعوتموهم ", وهو فعل ماض, ولم يقل: أم صمتم, (41) كما قال الشاعر: (42) سَــوَاءٌ عَلَيْـكَ النَّفْـرُ أَمْ بِـتَّ لَيْلَـةً

بِـأَهْلِ الْقِبَـابِ مِـنْ نُمَـيْرِ بنِ عَامِرِ (43)

وقد ينشد: " أم أنْتَ بَائِتٌ".

--------------------

الهوامش :

(41) انظر سيبويه 1 : 435 ، 456 .

(42) لم أعرف قائله .

(43) معاني القرآن للفراء 1 : 401 ، وكان في المطبوعة والمخطوطة (( عليك الفقر )) ، وهو خطأ محض ، صوابه من المعاني . و (( النفر )) بمعنى : النفر من منى في أيام الحج ، وهو الثاني من أيام التشريق .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[193] الإقناع العقلي! يستوي دعاؤكم إياهم وبقاؤكم على صمتكم، فلن يتغير حالكم في الحالين، كما لن يتغير حالهم لأنهم جماد.
وقفة
[193] ﴿أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ﴾ لم يسوي بين الطرفين من حيث الصيغة؛ لأن الأصل هو الصمت وليس الحديث، فعندما ينام أو يخلو الانسان إلى نفسه يكون صامتًا، هو لا يتحدث إلا إذا عرض له أمر.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى:
  • الواو: استئنافية. إن: حرف شرط جازم تدعوا: فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه: حذف النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. إلى الهدى: جار ومجرور متعلق بتدعوهم. وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ لا يَتَّبِعُوكُمْ:
  • لا: نافية لا عمل لها. يتبعوا: فعل مضارع فعل الشرط وجزاؤه مجزوم بإن أيضا وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور وجملة «لا يَتَّبِعُوكُمْ» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها أي لا يتبعوكم الى مرادكم ولا يجيبوكم.
  • ﴿ سَواءٌ عَلَيْكُمْ:
  • سواء: خبر مقدم مرفوع بالضمة. عليكم: جار ومجرور متعلق بسواء والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ أَدَعَوْتُمُوهُمْ:
  • الهمزة همزة التسوية. دعوتموهم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. الميم علامة جمع الذكور والواو لاشباع الميم و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. والجملة: في محل رفع بتأويل مصدر مبتدأ مؤخر. التقدير: دعاؤكم.
  • ﴿ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ:
  • حرف عطف. أنتم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. صامتون: خبر «أَنْتُمْ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد بمعنى: أم صممتم عن دعائهم والجملة الاسمية «أَنْتُمْ صامِتُونَ» في محل رفع معطوفة على المصدر المؤول من الجملة الأولى بتقدير: دعاؤكم «وعظكم» أم صمتكم سواء عليهم لأنهم لاهون. '

المتشابهات :

الأعراف: 193﴿ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمْ
الأعراف: 198﴿ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَسْمَعُوا
الكهف: 57﴿عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۖ وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [193] لما قبلها :     السبب الثالث: أن الأصنام لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل، قال تعالى:
﴿ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لا يتبعوكم:
وقرئ:
لا يتبعوكم، مخففا، وهى قراءة نافع.

مدارسة الآية : [194] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ..

التفسير :

[194] إن الذين تعبدون من غير الله -أيها المشركون- هم مملوكون لربهم كما أنكم مملوكون لربكم، فإن كنتم كما تزعمون صادقين في أنها تستحق من العبادة شيئاً فادعوهم فليستجيبوا لكم، فإن استجابوا لكم وحصَّلوا مطلوبكم، وإلا تبين أنكم كاذبون مفترون على الله أعظم الفر

تفسير الآيتين 194 و195:ـ وهذا من نوع التحدي للمشركين العابدين للأوثان، يقول تعالى:إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ أي:لا فرق بينكم وبينهم، فكلكم عبيد للّه مملوكون، فإن كنتم كما تزعمون صادقين في أنها تستحق من العبادة شيئا فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فإن استجابوا لكم وحصلوا مطلوبكم، وإلا تبين أنكم كاذبون في هذه الدعوى، مفترون على اللّه أعظم الفرية، وهذا لا يحتاج إلى التبيين فيه، فإنكم إذا نظرتم إليها وجدتم صورتها دالة على أنه ليس لديها من النفع شيء،فليس لها أرجل تمشي بها، ولا أيد تبطش بها، ولا أعين تبصر بها، ولا آذان تسمع بها، فهي عادمة لجميع الآلات والقوى الموجودة في الإنسان. فإذا كانت لا تجيبكم إذا دعوتموها، وهي عباد أمثالكم، بل أنتم أكمل منها وأقوى على كثير من الأشياء، فلأي شيء عبدتموها. قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ أي:اجتمعوا أنتم وشركاؤكم على إيقاع السوء والمكروه بي، من غير إمهال ولا إنظار فإنكم غير بالغين لشيء من المكروه بي.

ثم مضى القرآن في دعوته إياهم إلى التدبر والتعقل فقال: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ.

أى: إن هذه الأصناف التي تعبدونها من دون الله، أو تنادونها لدفع الضر أو جلب النفع عِبادٌ أَمْثالُكُمْ أى: مماثلة لكم في كونها مملوكة لله مسخرة مذللة لقدرته كما أنكم أنتم كذلك فكيف تعبدونها أو تنادونها؟.

وأطلق عليها لفظ عِبادٌ- مع أنها جماد- وفق اعتقادهم فيها تبكيتا لهم وتوبيخا.

وقوله فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ تحقيق لمضمون ما قبله بتعجيزهم وتبكيتهم أى:

فادعوهم في رفع ما يصيبكم من ضر، أو في جلب ما أنتم في حاجة إليه من نفع إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في زعمكم أن هذه الأصنام قادرة على ذلك.

ثم ذكر تعالى أنها عبيد مثل عابديها ، أي : مخلوقات مثلهم ، بل الأناسي أكمل منها ، لأنها تسمع وتبصر وتبطش ، وتلك لا تفعل شيئا من ذلك .

القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194)

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لهؤلاء المشركين من عبدة الأوثان، موبِّخهم على عبادتهم ما لا يضرهم ولا ينفعهم من الأصنام: (إن الذين تدعون) أيها المشركون، آلهةً =(من دون الله), وتعبدونها، شركًا منكم وكفرًا بالله =(عباد أمثالكم)، يقول: هم أملاك لربكم, كما أنتم له مماليك. فإن كنتم صادقين أنها تضر وتنفع، وأنها تستوجب منكم العبادة لنفعها إياكم, فليستجيبوا لدعائكم إذا دعوتموهم, (44) فإن لم يستجيبوا لكم، لأنها لا تسمع دعاءكم, فأيقنوا بأنها لا تنفع ولا تضر; لأن الضر والنفع إنما يكونان ممن إذا سُئل سمع مسألة سائله وأعطى وأفضل، ومن إذا شكي إليه من شيء سمع، فضرّ من استحق العقوبة، ونفع من لا يستوجب الضرّ.

----------------

الهوامش :

(44) انظر تفسير (( الاستجابة )) فيما سلف 3 : 483 ، 484 / 7 : 486 - 488 / 11 : 341 .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[194] ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ أطلق على الأصنام لفظ عِباد -مع أنها جماد- وفق اعتقادهم فيها تبكيتًا لهم وتوبیخًا.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها. تدعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تَدْعُونَ» صلة الموصول. والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: تدعونهم.
  • ﴿ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الَّذِينَ». الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة. عباد: خبر «إِنَّ» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ أَمْثالُكُمْ:
  • أمثال: صفة لعباد ويجوز أن تكون بدلا منها مرفوعة مثلها بالضمة. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. وقوله سبحانه: عباد أمثالكم: استهزاء وسخرية من المشركين.
  • ﴿ فَادْعُوهُمْ:
  • الفاء: استئنافية أو واقعة في جواب «إِنْ تَدْعُوهُمْ» ادعوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ:
  • الفاء: واقعة في جواب شرط جازم متقدم عليه. اللام: لام الأمر الجازمة. يستجيبوا: فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه: حذف النون والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لكم: جار ومجرور متعلق بيستجيبوا والميم علامة جمع الذكور. والتقدير: فادعوهم ليتبعوكم فليستجيبوا لكم.
  • ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ:
  • ان: حرف شرط جازم. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والميم علامة جمع الذكور والفعل في محل جزم بإن لأنه فعل الشرط. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم «كان». صادقين: خبرها منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم. والنون: عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد. وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه والتقدير: إن كنتم صادقين بأنهم آلهة فليستجيبوا لكم. '

المتشابهات :

العنكبوت: 17﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا
الأعراف: 194﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ
الحج: 73﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [194] لما قبلها :     السبب الرابع: أن الأصنام وجميع ما يعبد من دون الله مخلوقون لله، مملوكون له، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أن:
وقرئ:
بالتخفيف، وبنصب «عبادا» و «أمثالكم» ، وتكون «إن» نافية أعملت عمل «ما» الحجازية، وهى قراءة ابن جبير.

مدارسة الآية : [195] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ ..

التفسير :

[195] ألهذه الآلهة والأصنام أرجل يسعَوْن بها معكم في حوائجكم؟ أم لهم أيدٍ يدفعون بها عنكم وينصرونكم على من يريد بكم شرّاً ومكروهاً؟ أم لهم أعين ينظرون بها فيعرِّفونكم ما عاينوا وأبصروا مما يغيب عنكم فلا ترونه؟ أم لهم آذان يسمعون بها فيخبرونكم بما لم تسمعو

تفسير الآيتين 194 و195:ـ وهذا من نوع التحدي للمشركين العابدين للأوثان، يقول تعالى:إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ أي:لا فرق بينكم وبينهم، فكلكم عبيد للّه مملوكون، فإن كنتم كما تزعمون صادقين في أنها تستحق من العبادة شيئا فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فإن استجابوا لكم وحصلوا مطلوبكم، وإلا تبين أنكم كاذبون في هذه الدعوى، مفترون على اللّه أعظم الفرية، وهذا لا يحتاج إلى التبيين فيه، فإنكم إذا نظرتم إليها وجدتم صورتها دالة على أنه ليس لديها من النفع شيء،فليس لها أرجل تمشي بها، ولا أيد تبطش بها، ولا أعين تبصر بها، ولا آذان تسمع بها، فهي عادمة لجميع الآلات والقوى الموجودة في الإنسان. فإذا كانت لا تجيبكم إذا دعوتموها، وهي عباد أمثالكم، بل أنتم أكمل منها وأقوى على كثير من الأشياء، فلأي شيء عبدتموها. قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ أي:اجتمعوا أنتم وشركاؤكم على إيقاع السوء والمكروه بي، من غير إمهال ولا إنظار فإنكم غير بالغين لشيء من المكروه بي.

ثم تابع القرآن تقريعه لهذه الأصنام وعابديها فقال: أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها، أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها، أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها، أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها.

الاستفهام للإنكار، والمعنى: أن هذه الأصنام التي تزعمون أنها تقربكم إلى الله زلفى هي أقل منكم مستوى لفقدها الحواس التي هي مناط الكسب إنها ليس لها أرجل تسعى بها إلى دفع ضر أو جلب نفع وليس لها أيد: تبطش بها أى تأخذ بها ما تريد أخذه، وليس لها أعين تبصر بها شئونكم وأحوالكم وليس لها آذان تسمع بها أقوالكم، وتعرف بواسطتها مطالبكم، فأنتم أيها الناس تفضلون هذه الأصنام بما منحكم الله- تعالى- من حواس السمع والبصر وغيرها فكيف يعبد الفاضل المفضول، وكيف ينقاد الأقوى للأضعف؟.

ثم أمر الله- تعالى رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يناصبهم الحجة وان يكرر عليهم التوبيخ فقال: قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ أى: قل أيها الرسول الكريم لهؤلاء الذين هبطوا بعقولهم إلى أحط المستويات نادوا شركاءكم الذين زعمتموهم أولياء ثم تعاونوا أنتم وهم على كيدي وإلحاق الضر بي من غير انتظار أو إمهال، فإنى أنا معتز بالله، وملتجئ إلى حماه ومن كان كذلك فلن يخشى شيئا من المخلوقين جميعا.

وهذا نهاية التحدي من جانب الرسول صلّى الله عليه وسلّم لهم والحط من شأنهم وشأن آلهتهم.

ثم ذكر تعالى أنها عبيد مثل عابديها ، أي : مخلوقات مثلهم ، بل الأناسي أكمل منها ، لأنها تسمع وتبصر وتبطش ، وتلك لا تفعل شيئا من ذلك .

وقوله : ( قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون ) أي : استنصروا بها علي ، فلا تؤخروني طرفة عين ، واجهدوا جهدكم !

القول في تأويل قوله : أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (195)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين عبدوا الأصنام من دونه، معرِّفَهم جهل ما هم عليه مقيمون: ألأصنامكم هذه ، أيها القوم =(أرجل يمشون بها)، فيسعون معكم ولكم في حوائجكم، ويتصرفون بها في منافعكم =(أم لهم أيد يبطشون بها)، فيدفعون عنكم وينصرونكم بها عند قصد من يقصدكم بشرّ ومكروهٍ =(أم لهم أعين يبصرون بها)، فيعرفونكم ما عاينوا وأبصروا مما تغيبون عنه فلا ترونه =(أم لهم آذان يسمعون بها)، فيخبروكم بما سمعوا دونكم مما لم تسمعوه؟

يقول جل ثناؤه: فإن كانت آلهتكم التي تعبدونها ليس فيها شيء من هذه الآلات التي ذكرتُها, والمعظَّم من الأشياء إنما يعظَّم لما يرجى منه من المنافع التي توصل إليه بعض هذه المعاني عندكم, فما وجه عبادتكم أصنامكم التي تعبدونها, وهي خالية من كل هذه الأشياء التي بها يوصل إلى اجتلاب النفع ودفع الضر؟

وقوله: (قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون)، [ قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين من عبدة الأوثان: ادعوا شركاءكم الذين جعلتموهم لله شركاء في العبادة =(ثم كيدون)، (45) ] أنتم وهي (46) (فلا تنظرون)، يقول: فلا تؤخرون بالكيد والمكر, (47) ولكن عجِّلوا بذلك. يُعْلِمه جل ثناؤه بذلك أنهم لن يضروه, وأنه قد عصمه منهم, ويُعَرِّف الكفرة به عجز أوثانهم عن نصرة من بغى أولياءهم بسوء.

------------------------

الهوامش:

(45) هذه العبارة التي بين الأقواس ، استظهرتها من سياق الآية والتفسير ، وظاهر أنها قد سقطت من الناسخ ، وأن الكلام بغيرها ، أو بغير ما يقوم ما مقامها ، لا يستقيم .

(46) في المطبوعة : (( أنتم وهن )) ، وأثبت ما في المخطوطة . ثم انظر تفسير (( الكيد )) فيما سلف ص 288 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(47) انظر تفسير (( الإنظار )) فيما سلف 12 : 331 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

المعاني :

تُنظِرُونِ :       تُمْهِلُونِ السراج
فلا تُنظرون :       فلا تُمهلوني ساعة معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[195] ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ خص الأرجل والأيدي والأعين والآذان؛ لأنها آلات العلم، والسعي، والدفع للنصر.
وقفة
[195] ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ﴾ طالما أن الرجل وسيلة المشي، واليد وسيلة البطش، والعين للبصر، والأذن للسمع؛ فلِمَ جيء بهذه الأوصاف بعد هذه الآلآت؟ الجواب: أتى بيان الله بهذه الأوصاف لسببين: الأول لزيادة تسجيل العجز على الأصنام، والثاني لأن بعض الأصنام كانت محمولة على صدر الآدميين كهُبل وسواع، ولئن كان لها صور الأرجل والأعين ولكنها عديمة العمل والفائدة.
وقفة
[195] وبَّخهم الله تعالى وسفَّه عقولهم، فقال: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۗ قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ﴾ أي: أنتم أفضل منهم، فكيف تعبدونهم؟! والغرض بيان جهلهم.
وقفة
[195] ﴿قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ﴾ المعنى: استنجدوا أصنامكم لمضرتي والكيد عليّ، ولا تؤخروني؛ فإنكم وأصنامكم لا تقدرون على مضرتي، ومقصد الآية الرد عليهم ببيان عجز أصنامهم، وعدم قدرتها على المضرة، وفيها إشارة إلى التوكل على الله، والاعتصام به وحده، وأن غيره لا يقدر على شيء.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها:
  • الهمزة همزة استفهام انكاري يفيد النفي لا محل لها. لهم: اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. أرجل: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. يمشون: فعل مضارع مرفوع بثبوت. النون والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. بها: جار ومجرور متعلق بيمشون وجملة «يَمْشُونَ بِها» في محل رفع صفة- نعت- لأرجل.
  • ﴿ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها:
  • الجمل معطوفة بحرف العطف «أَمْ» وتسمى المنقطعة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام غير حقيقي والعطف على جملة «أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها» وتعرب إعرابها. و «أَيْدٍ» مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة لأنه اسم نكرة منقوص تحذف ياؤه في حالتي الرفع والجر والجار والمجرور «بِها» متعلق بيبطشون ويبصرون ويسمعون.
  • ﴿ قُلِ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. أي قل لهم يا محمد.
  • ﴿ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ:
  • ادعوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. شركاء: مفعول به منصوب بالفتحة. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ ثُمَّ كِيدُونِ:
  • ثم: عاطفة. كيدوا: معطوفة على «ادْعُوا» وتعرب إعرابها. النون: نون الوقاية. والياء المحذوفة: ضمير متصل في محل نصب مفعول به وحذفت الياء اختصارا وبقيت الكسرة الدالة عليها.
  • ﴿ فَلا تُنْظِرُونِ:
  • الفاء: استئنافية. لا: ناهية جازمة. تنظرون: فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه حذف النون والنون الثانية: نون الوقاية والياء المحذوفة: ضمير متصل في محل نصب مفعول به وحذفت الياء اختصارا وبقيت الكسرة الدالة عليها. والفعل «أنظر» الرباعي بمعنى: أمهل والمعنى: استعينوا بهم في عدواني ثم كيدون جميعا انتم وشركاؤهم فلا تمهلوني فأنا لا أبالي بكم. '

المتشابهات :

الأعراف: 195﴿قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ
هود: 55﴿مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [195] لما قبلها :     السبب الخامس: أن هيئة الأصنام تدل على أنها لا تنفع ولا تضر، قال تعالى:
﴿ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف