341737475767778

الإحصائيات

سورة الحج
ترتيب المصحف22ترتيب النزول103
التصنيفمكيّةعدد الصفحات10.00
عدد الآيات78عدد الأجزاء0.50
عدد الأحزاب1.00عدد الأرباع4.00
ترتيب الطول20تبدأ في الجزء17
تنتهي في الجزء17عدد السجدات2
فاتحتهافاتحتها
النداء: 3/10يا أيها الناس: 2/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (73) الى الآية رقم (76) عدد الآيات (4)

لمَّا ذمَّ عبادتَهم لغيرِ اللهِ بَيَّنَ هنا جهلَهُم باللهِ، فهذه الآلهةُ تَعْجَزُ عن خَلْقِ ذبابةٍ واحدةٍ، فكيفَ بخلقِ ما هو أكبرُ؟! وأن اللهَ يختارُ الرسلَ من الملائكةِ والنَّاسِ، ولا يَخْفى عليه شيءٌ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (77) الى الآية رقم (78) عدد الآيات (2)

ختامُ السورةِ بالأمرِ بـ: الرُّكوعِ والسُّجودِ وعبادةِ اللهِ وفعلِ الخيرِ والجهادِ، ثُمَّ بَيَّنَ لطفَه بعبادِه ومدحَ ملةَ إبراهيمَ عليه السلام ، ثُمَّ أمرَ بـ: إقامةِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ والاعتصامِ باللهِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الحج

الحج أبرز مظهر للتوحيد في الأرض وأشبهها بالبعث

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لماذا يتوجه الناس جميعًا إلى الله وحده بالعبادة؟: ومع بدايتها تذكرك السورة بأن حياتك رحلة سفر تمر بمحطات متعددة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ...﴾ (5). • العمر رحلة، كما هو الحج رحلة. • سورة الحج رسالة لك: أن حياتك رحلة سفر، كما أن الحج رحلة سفر. • سورة الحج رسالة إلى الناس جميعًا أن يتوجهوا إلى الله وحده لا شريك له بالعبادة كلها. • سورة الحج رسالة إلى الناس جميعًا أن يحجوا إلى الله بقلوبهم وبأبدانهم (وليس فقط حج البدن إلى مكة).
  • • بين سورة الحج وسورة الأنبياء:: والسورة تجيب: لأنه وحده هو الذي خلق، ووحده هو الذي ملك، ووحده هو الذي أحيا، ووحده هو الذي يميت، ووحده هو الذي يرزق، ووحده هو الذي يبعث الناس يوم القيامة. هل عندكم من شركاء بهذه الصفات أو ببعضها؟ لا أحد، إذًا فتبارك الله أحسن الخالقين، وتبارك الله رب العالمين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الحج».
  • • معنى الاسم :: الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام.
  • • سبب التسمية :: لأنها اشتملت على الدعوة إلى الحج على لسان ‏إبراهيم ‏عليه ‏السلام.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن الحج أبرز مظهر للتوحيد في الأرض، وأشبهها بالبعث.
  • • علمتني السورة :: تذكر يوم القيامة والاستعداد له: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا﴾
  • • علمتني السورة :: أن هناك ارتباطًا عكسيًا بين العلمِ والجَدَلِ، كلَّما قلَّ العلمُ زادَ الجدالُ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾
  • • علمتني السورة :: ألا أكون أقل خلق الله في التسبيح والسجود له سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ﴾

مدارسة الآية : [73] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ ..

التفسير :

[73] يا أيها الناس ضُرِب مثل فاستمعوا له وتدبروه:إن الأصنام والأنداد التي تعبدونها من دون الله لن تقدر مجتمعة على خَلْق ذبابة واحدة، فكيف بخلق ما هو أكبر؟ ولا تقدر أن تستخلص ما يسلبه الذباب منها، فهل بعد ذلك مِن عَجْز؟ فهما ضعيفان معاً:ضَعُفَ الطالب الذ

هذا مثل ضربه الله لقبح عبادة الأوثان، وبيان نقصان عقول من عبدها، وضعف الجميع، فقال:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ} هذا خطاب للمؤمنين والكفار، المؤمنون يزدادون علما وبصيرة، والكافرون تقوم عليهم الحجة،{ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} أي:ألقوا إليه أسماعكم، وتفهموا ما احتوى عليه، ولا يصادف منكم قلوبا لاهية، وأسماعا معرضة، بل ألقوا إليه القلوب والأسماع، وهو هذا:{ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} شمل كل ما يدعى من دون الله،{ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} الذي هو من أحقر المخلوقات وأخسها، فليس في قدرتهم خلق هذا المخلوق الضعيف، فما فوقه من باب أولى،{ وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} بل أبلغ من ذلك لو{ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} وهذا غاية ما يصير من العجز.{ ضَعُفَ الطَّالِبُ} الذي هو المعبود من دون الله{ وَالْمَطْلُوبُ} الذي هو الذباب، فكل منهما ضعيف، وأضعف منهما، من يتعلق بهذا الضعيف، وينزله منزلة رب العالمين.

والمثل: الشبيه والنظير، ثم أطلق على القول السائر المعروف، لمماثلة مضربه- وهو الذي يضرب فيه- بمورده- وهو الذي ورد فيه أولا- ولا يكون إلا لما فيه غرابة.

وإنما تضرب الأمثال لإيضاح المعنى الخفى، وتقريب الشيء المعقول من الشيء المحسوس، وعرض الغائب في صورة المشاهد، فيكون المعنى الذي ضرب له المثل أوقع في القلوب، وأثبت في النفوس.

وسمى الله- تعالى- ما ساقه في هذه الآية الكريمة مثلا، لأن ما يفعله المشركون من عبادتهم لآلهة عاجزة، يشبه المثل في غرابته وفي التعجب من فعله.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: الذي جاء به- سبحانه- ليس بمثل فكيف سماه مثلا؟.

قلت: قد سميت الصفة أو القصة الرائعة الملتقاة بالاستغراب مثلا، تشبيها لها ببعض الأمثال المسيرة، لكونها مستحسنة مستغربة عندهم .

والمعنى: يا أيها الناس لقد بينا لكم قصة مستغربة وحالا عجيبة. لما يعبد من دون الله- تعالى- فاستمعوا إليها بتدبر وتعقل.

وقوله: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ.. بيان للمثل وتفسير له.

والذباب: اسم جنس واحده ذبابة- وهي حشرة معروفة بطيشها وضعفها وقذارتها.

أى: إن المعبودات الباطلة التي تعبدونها أيها المشركون، لن تستطيع أن تخلق ذبابة واحدة، حتى لو اشتركت جميعها في محاولة خلق هذه الذبابة.

قال صاحب الكشاف: وهذا من أبلغ ما أنزله الله في تجهيل قريش، واستركاك عقولهم.

والشهادة على أن الشيطان قد خزمهم بخزائمه- أى قد ربطهم برباطه، حيث وصفوا بالإلهية- التي تقتضي الاقتدار على المقدورات كلها- صورا وتماثيل، يستحيل منها أن تقدر على أقل ما خلقه وأذله وأصغره وأحقره، ولو اجتمعوا لذلك وتساندوا.. .

وقوله- سبحانه-: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ بيان لعجز تلك الآلهة الباطلة من أمر آخر سوى الخلق.

أى: وفضلا عن عجز تلك الأصنام مجتمعة عن خلق ذبابة، فإنها إذا اختطف الذباب منها شيئا من الأشياء لا تستطيع استرداده منه لعجزها عن ذلك.

قال القرطبي: وخص الذباب لأربعة أمور تخصه: لمهانته وضعفه، ولاستقذاره وكثرته، فإذا كان هذا الذي هو أضعف الحيوان وأحقره، لا يقدر من عبدوه من دون الله- تعالى- على خلق مثله، ودفع أذيته، فكيف يجوز أن يكونوا آلهة معبودين، وأربابا مطاعين، وهذا من أقوى حجة وأوضح برهان .

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بما يدل على عجز الخاطف والمخطوف منه فقال:

ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ.

قال الآلوسى: والطالب: عابد غير الله- تعالى- والمطلوب: الآلهة، وكون عابد ذلك طالب لدعائه إياه، واعتقاده نفعه، وضعفه لطلبه النفع من غير جهته، وكون الآخر مطلوبا ظاهرا كضعفه.

وقيل: «الطالب الذباب يطلب ما يسلبه من الآلهة، والمطلوب: الآلهة، على معنى المطلوب منه ما يسلب..» .

وعلى أية حال فإن هذا التعليل يدل دلالة واضحة على عجز كل معبود باطل، وأنه قد تساوى في عجزه مع أضعف مخلوقات الله وأحقرها.

يقول تعالى منبها على حقارة الأصنام وسخافة عقول عابديها : ( يا أيها الناس ضرب مثل ) أي : لما يعبده الجاهلون بالله المشركون به ، ( فاستمعوا له ) أي : أنصتوا وتفهموا ، ( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ) أي : لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأنداد على أن يقدروا على خلق ذباب واحد ما قدروا على ذلك . كما قال الإمام أحمد .

حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا شريك ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة رفع الحديث قال : " ومن أظلم ممن خلق [ خلقا ] كخلقي؟ فليخلقوا مثل خلقي ذرة ، أو ذبابة ، أو حبة " .

وأخرجه صاحبا الصحيح ، من طريق عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ فليخلقوا ذرة ، فليخلقوا شعيرة " .

ثم قال تعالى أيضا : ( وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ) أي : هم عاجزون عن خلق ذباب واحد ، بل أبلغ من ذلك عاجزون عن مقاومته والانتصار منه ، لو سلبها شيئا من الذي عليها من الطيب ، ثم أرادت أن تستنقذه منه لما قدرت على ذلك . هذا والذباب من أضعف مخلوقات الله وأحقرها ولهذا [ قال : ( ضعف الطالب والمطلوب ) ] .

قال ابن عباس : الطالب : الصنم ، والمطلوب : الذباب . واختاره ابن جرير ، وهو ظاهر السياق . وقال السدي وغيره : الطالب : العابد ، والمطلوب : الصنم .

يقول تعالى ذكره: يا أيها الناس جعل لله مثل وذكر. ومعنى ضرب في هذا الموضع: جعل من قولهم: ضرب السلطان على الناس البعث, بمعنى: جعل عليهم. وضرب الجزية على النصارى, بمعنى جعل ذلك عليهم; والمَثَل: الشَّبَه, يقول جلّ ثناؤه: جعل لي شبه أيها الناس, يعني بالشَّبَه والمَثَل: الآلهة, يقول: جعل لي المشركون والأصنام شبها, فعبدوها معي، وأشركوها في عبادتي. فاستمعوا له: يقول: فاستمعوا حال ما مثلوه وجعلوه لي في عبادتهم إياه شبها وصفته ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا ) يقول: إن جميع ما تعبدون من دون الله من الآلهة والأصنام لو جمعت لم يخلقوا ذبابا في صغره وقلته, لأنها لا تقدر على ذلك ولا تطيقه, ولو اجتمع لخلقه جميعها.والذباب واحد, وجمعه في القلة أذبة وفي الكثير ذِبَّان غُراب، يجمع في القلة أَغْربة، وفي الكثرة غِرْبان.

وقوله: ( وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا ) يقول: وإن يسلب الآلهة والأوثان الذبابُ شيئا مما عليها من طيب وما أشبهه من شيء لا يستنقذوه منه: يقول: لا تقدر الآلهة أن تستنقذ ذلك منه.

واختلف في معنى قوله: ( ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) فقال بعضهم: عني بالطالب: الآلهة, وبالمطلوب: الذباب.

*ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: حجاج, عن ابن جُرَيج, قال ابن عباس, في قوله: ( ضَعُفَ الطَّالِبُ ) قال: آلهتهم ( وَالْمَطْلُوبُ ) : الذباب.

وكان بعضهم يقول: معنى ذلك: ( ضَعُفَ الطَّالِبُ ) من بني آدم إلى الصنم حاجته, ( وَالْمَطْلُوبُ ) إليه الصنم أن يعطي سائله من بني آدم ما سأله, يقول: ضعف عن ذلك وعجز.

والصواب من القول في ذلك عندنا ما ذكرته عن ابن عباس من أن معناه: وعجز الطالب وهو الآلهة أن تستنقذ من الذباب ما سلبها إياه, وهو الطيب وما أشبهه; والمطلوب: الذباب.

وإنما قلت هذا القول أولى بتأويل ذلك, لأن ذلك في سياق الخبر عن الآلهة والذباب، فأن يكون ذلك خبرا عما هو به متصل أشبه من أن يكون خبرا، عما هو عنه منقطع، وإنما أخبر جلّ ثناؤه عن الآلهة بما أخبر به عنها في هذه الآية من ضعفها ومهانتها, تقريعا منه بذلك عَبَدتها من مشركي قريش, يقول تعالى ذكره: كيف يجعل مثل في العبادة ويشرك فيها معي ما لا قدرة له على خلق ذباب, وإن أخذ له الذباب فسلبه شيئا عليه لم يقدر أن يمتنع منه ولا ينتصر, وأنا الخالق ما في السماوات والأرض ومالكٌ جميع ذلك والمحيي من أردت، والمميت ما أردت ومن أردت، إن فاعل ذلك لا شك أنه في غاية الجهل.

وقوله ( مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) يقول: ما عظم هؤلاء الذين جعلوا الآلهة لله شريكا في العبادة حق عظمته حين أشركوا به غيره, فلم يخلصوا له العبادة ولا عرفوه حق معرفته من قولهم: ما عرفت لفلان قدره إذا خاطبوا بذلك من قَصَّر بحقه، وهم يريدون تعظيمه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا ) ... إلى آخر الآية.

المعاني :

الطَّالِبُ :       المَعْبُودُ مِنْ دُونِ اللهِ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ السراج
وَالْمَطْلُوبُ :       الذُّبَابُ السراج

التدبر :

وقفة
[73] ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستَمِعوا لَهُ﴾ لم يضرب الله الأمثال للناس للتسلية، إنما لنعى ونفهم ونتدبر ونطبق عمليًّا.
وقفة
[73] ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستَمِعوا لَهُ﴾ فى القرآن بضع وستون مثلًا، لم يقل الله عز وجل: (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) إلا في مَثَل سورة الحج.
وقفة
[73] ﴿وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ﴾ سلب حقوق الآخرين منهج الحشرات القذرة.
وقفة
[73] ﴿وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ﴾ عجز الأصنام عن خلق الأدنى دليل على عجزها عن خلق غيره.
وقفة
[73] ﴿وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ﴾ قال القرطبي: «وخص الذباب لأربعة أمور تخصه: مهانته، وضعفه، ولاستقذاره، وكثرته، فإذا كان هذا الذي هو أضعف الحيوان وأحقره، لا يقدر من عبدوهم من دون الله تعالى على خلق مثله، ودفع أذيته، فكيف يجوز أن يكونوا آلهة معبودين وأربابا مطاعين».
عمل
[73] لا تحملن هم رزقك، ولتستيقن أن ما هو لك سيصلك على ضعفك، وما لغيرك لن تناله بقوتك ﴿وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾.
وقفة
[73] ﴿لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾ حاولوا الاستنقاذ وليس الانقاذ، وإن بذلوا جهدهم كله لن يستطيعوا شيئًا، وهذا يبيِّن ضعف ما يعبدون من آلهة، وليس مقصودًا الذباب أو ما يأخذه الذباب.
وقفة
[73] كل من ترجوه من الناس، وتطمع في جاهه أو نصرته أو سلطانه وماله، فهو ضعيف مثلك، لا يملك لك شيئًا ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا النّاسُ:
  • يا: أداة نداء. أي: اسم منادى مبني على الضم في محل نصب. و «ها» زائدة للتنبيه. الناس: عطف بيان أو بدل من «أي» مرفوع على لفظ‍ «أي» لا محلها. وعلامة رفعه الضمة.
  • ﴿ ضُرِبَ مَثَلٌ:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. مثل: نائب فاعل مرفوع بالضمة. بمعنى: ضرب الله لكم مثلا يبين لكم به ضلال المشركين.
  • ﴿ فَاسْتَمِعُوا لَهُ:
  • الفاء: سببية. استمعوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. له: جار ومجرور متعلق باستمعوا.
  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين:اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» تدعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «تدعون» صلة الموصول لا محل لها. والعائد ضمير منصوب محلا لأنه مفعول به.التقدير: تدعونهم.
  • ﴿ مِنْ دُونِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بتدعون أو بحال محذوفة من «الذين».الله: مضاف اليه مجرور بالكسرة بمعنى الذين تعبدونهم ايها المشركون.
  • ﴿ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «إن» لن: حرف نفي ونصب واستقبال. يخلقوا: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة ذبابا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ:
  • لواو حالية. لو: مصدرية. اجتمعوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. له: جار ومجرور متعلق باجتمعوا. وجملة «اجتمعوا» صلة الحرف المصدري لا محل لها. و «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب حال بتقدير: مع اجتماعهم له. ويجوز أن تكون «لو» حرف شرط‍ غير جازم وجوابها محذوفا تقديره: لعجزوا. والجملة في محل نصب حال بمعنى: مستحيل أن يخلقوا الذباب مشروطا عليهم اجتماعهم جميعا لخلقه وتعاونهم على ذلك أي لو أعان بعضهم بعضا على خلقه وتصويره.
  • ﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً:
  • الواو: استئنافية. إن: حرف شرط‍ جازم. يسلب: فعل مضارع مجزوم بإن لأنه فعل الشرط‍ وعلامة جزمه:سكون آخره. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم.الذباب: فاعل مرفوع بالضمة. شيئا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة.
  • ﴿ لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ:
  • الجملة: جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الإعراب. لا: نافية لا عمل لها. يستنقذوه: فعل مضارع جواب الشرط‍ -جزاؤه-مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. منه: جار ومجرور متعلق بيستنقذون بمعنى لا يستطيعون أن ينقذوه منه. أي لو اختطف الذباب منهم شيئا فاجتمعوا على أن يستخلصوه منه لم يقدروا على ذلك.
  • ﴿ ضَعُفَ الطّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح. الطالب:فاعل مرفوع بالضمة. والمطلوب: معطوف بالواو على«الطالب» مرفوع مثله بمعنى: فما أضعف عابد الصنم ومعبوده! .وفي هذا القول الكريم ساوى بينهم وبين الذباب في الضعف مع أن الطالب أضعف.'

المتشابهات :

العنكبوت: 17﴿إِنَّمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا وَتَخۡلُقُونَ إِفۡكًاۚ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا
الأعراف: 194﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ
الحج: 73﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [73] لما قبلها :     وبعد ذمِّ الكافرين وبيان ضلالهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن كل آلهة تعبد من دونه فهى باطلة؛ لأنها تَعْجَزُ عن خَلْقِ ذبابةٍ واحدةٍ، فكيفَ بخلقِ ما هو أكبرُ؟! قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تدعون:
1- بالتاء، مبنيا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالياء، مبنيا للفاعل، وهى قراءة الحسن، ويعقوب، وهارون، والخفاف، ومحبوب، عن أبى عمرو.
3- بالياء، مبنيا للمفعول، وهى قراءة اليماني، وموسى الأسوارى.

مدارسة الآية : [74] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ..

التفسير :

[74] هؤلاء المشركون لم يعظِّموا الله حق تعظيمه، إذ جعلوا له شركاء، وهو القوي الذي خلق كل شيء، العزيز الذي لا يغالَب.

فهذا ما قدر{ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} حيث سوى الفقير العاجز من جميع الوجوه، بالغني القوي من جميع الوجوه، سوى من لا يملك لنفسه، ولا لغيره نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، بمن هو النافع الضار، المعطي المانع، مالك الملك، والمتصرف فيه بجميع أنواع التصريف.

{ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} أي:كامل القوة، كامل العزة، من كمال قوته وعزته، أن نواصي الخلق بيديه، وأنه لا يتحرك متحرك، ولا يسكن ساكن، إلا بإرادته ومشيئته، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومن كمال قوته، أنه يمسك السماوات والأرض أن تزولا، ومن كمال قوته، أنه يبعث الخلق كلهم، أولهم وآخرهم، بصيحة واحدة، ومن كمال قوته، أنه أهلك الجبابرة والأمم العاتية، بشيء يسير، وسوط من عذابه.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن هؤلاء المشركين، قد وضعوا الأمور في غير موضعها، لجهلهم وغبائهم فقال: ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ....

أى: ما عظموا الله حق تعظيمه، وما عرفوه حق معرفته، حيث تركوا عبادة الواحد القهار، وعبدوا ما يعجز عن رد ما سلبه الذباب منه.

إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على خلق كل شيء عَزِيزٌ لا يغالبه مغالب، ولا يدافعه مدافع.

ثم قال : ( ما قدروا الله حق قدره ) أي : ما عرفوا قدر الله وعظمته حين عبدوا معه غيره ، من هذه التي لا تقاوم الذباب لضعفها وعجزها ، ( إن الله لقوي عزيز ) أي : هو القوي الذي بقدرته وقوته خلق كل شيء ، ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] ، ( إن بطش ربك لشديد . إنه هو يبدئ ويعيد ) [ البروج : 12 ، 13 ] ، ( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) [ الذاريات : 58 ] .

وقوله : ( عزيز ) أي : قد عز كل شيء فقهره وغلبه ، فلا يمانع ولا يغالب ، لعظمته وسلطانه ، وهو الواحد القهار .

قال: هذا مثل ضربه الله لآلهتهم، وقرأ ( ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) حين يعبدون مع الله ما لا ينتصف من الذباب ولا يمتنع منه.

وقوله ( إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ ) يقول: إن الله لقويّ على خلق ما يشاء من صغير ما يشاء من خلقه وكبيره عزيز : يقول: منيع في مُلكه لا يقدر شيء دونه أن يسلبه من مُلكه شيئا, وليس كآلهتكم أيها المشركون الذين تدعون من دونه الذين لا يقدرون على خلق ذباب، ولا على الامتناع من الذباب، إذا استلبها شيئا ضعفا ومهانة.

المعاني :

مَا قَدَرُوا :       مَا عَظَّمُوا السراج
ما قدروا الله :       ما عظّـموه أو ما عَرَفوه معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[74] ﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ ما عظم هؤلاء الذين جعلوا الآلهة لله شريكًا في العبادة حق عظمته حين أشركوا به غيره، فلم يخلصوا له العبادة، ولا عرفوه حق معرفته؛ من قولهم: ما عرفت لفلان قدره إذا خاطبوا بذلك من قصر بحقه، وهم يريدون تعظيمه.
وقفة
[74] ﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ والله لو يعلم العاصي عظمة من يعصي لاستحى وما عصاه، ولو يعلم الطائع عظمة من يطيع لاشتاق ولم يفتر.
اسقاط
[74] ﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ عندما تضطر لزيارة أو اجتماع أو مقابلة أنت غير راغب في حضورها، بسبب موضوع المقابلة أو لعدم أهمية من تقابله، تشعر أنك تضيع وقتك، لذا تبدأ التثاؤب، تسرح في أشياء أخرى أكثر أهمية، حتى وأنت تتحدث تفكر ماذا ستفعل بعدها، أليس هذا حالنا ونحن نقف بين يدي الله نصلي؟!
وقفة
[74] ﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ تسونامي اليابان: سيارات تتدحرج كحبات المسبحة وهي تتناثر، وطرق القطارات والسيارات كأنما هي خيط تلك المسبحة، والقتلى والجرحى بالآلاف بعد مرور ٢٤ ساعة فقط من وقوع الطوفان، وصار الناس كأنهم على بوابة القيامة فتراهم: ﴿سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى﴾ [2]، مشهد يحرك في القلب معنى من معاني عظمة الجبار، وضعف الإنسان، فاللهم جنب بلاد المسلمين آثاره، ولين قلوبنا لنعتبر.
وقفة
[74] ﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ عظم الله سبحانه في قلبك بالمحبة والخشية تعظمه جوارحك.
وقفة
[74] ﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ الإشراك بالله سببه عدم تعظيم الله.
وقفة
[74] ﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ إثبات صفتي القوة والعزة لله، وأهمية أن يستحضر المؤمن معاني هذه الصفات.
وقفة
[74] ﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ حيث تركوا عبادة العزيز الوهاب، وأشركوا معه ما يعجز عن رد ما يسلبه منه الذباب!
وقفة
[74] - ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ [الأنعام: 91] لم يعظموا الله حق العظمة في ما أنزل، نزلت في أحد أحبار اليهود، واللفظ عام. - ﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ [الزمر: 67] لم يعظموا الله في توحيده و إفراده بالعبادة، نزلت في كفار مكة، واللفظ عام. - ﴿مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ نزلت في شأن الآلهة التي لا تقوى أن تدفع الذباب عن نفسها، فضلًا عن الخلق ﴿ضعف الطالب والمطلوب﴾ [73]، ثم أكَّد الله تعالى على قوته: ﴿إن الله لقويٌ عزيز﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ما قَدَرُوا اللهَ:
  • ما: نافية لا عمل لها. قدروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ حَقَّ قَدْرِهِ:
  • حقّ: مفعول مطلق. أي نائب عن المصدر وهو مضاف.قدره: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: ما قدروه حق تقديره. أي ما عرفوه حق معرفته. أو ما قدروا الله تقديرا حقا.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «إنّ» منصوب للتعظيم بالفتحة. واللام لام التأكيد-المزحلقة -قوي عزيز: خبران متتابعان لأنّ مرفوعان بالضمة.'

المتشابهات :

الأنعام: 91﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ
الزمر: 67﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
الحج: 74﴿ مَا قَدَرُوا اللَّـهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     وبعد توبيخ الكافرين لعبادتهم آلهة ضعيفة تَعجَزُ عن خَلقِ ذبابةٍ واحدةٍ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن هؤلاء ما عرَفوا اللهَ حقَّ معرفته، قال تعالى:
﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [75] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ..

التفسير :

[75] الله سبحانه وتعالى يختار من الملائكة رسلاً إلى أنبيائه، ويختار من الناس رسلاً؛ لتبليغ رسالاته إلى الخلق، إن الله سميع لأقوال عباده، بصير بجميع الأشياء، وبمن يختاره للرسالة من خلقه.

تفسير الايتين 75 و76:ـ

لما بين تعالى كماله وضعف الأصنام، وأنه المعبود حقا، بين حالة الرسل، وتميزهم عن الخلق بما تميزوا به من الفضائل فقال:{ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} أي:يختار ويجتبي من الملائكة رسلا، ومن الناس رسلا، يكونون أزكى ذلك النوع، وأجمعه لصفات المجد، وأحقه بالاصطفاء، فالرسل لا يكونون إلا صفوة الخلق على الإطلاق، والذي اختارهم واصطفاهم ليس جاهلا بحقائق الأشياء، أو يعلم شيئا دون شيء، وإنما المصطفى لهم، السميع، البصير، الذي قد أحاط علمه وسمعه وبصره بجميع الأشياء، فاختياره إياهم، عن علم منه، أنهم أهل لذلك، وأن الوحي يصلح فيهم كما قال تعالى:{ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}

{ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} أي:هو يرسل الرسل، يدعون الناس إلى الله، فمنهم المجيب، ومنهم الراد لدعوتهم، ومنهم العامل، ومنهم الناكل، فهذا وظيفة الرسل، وأما الجزاء على تلك الأعمال، فمصيرها إلى الله، فلا تعدم منه فضلا أو عدلا.

ثم بين- سبحانه- أن له مطلق التصرف في اختيار رسله فقال: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ....

أى: الله- تعالى- وحده هو الذي يختار من بين ملائكته رسلا يرسلهم لتبليغ وحيه إلى أنبيائه، كما اختار جبريل- عليه السلام- لهذه الوظيفة، وهو الذي يختار من بين الناس رسلا، كما اختار إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وغيرهم لهذه المهمة، فهو- سبحانه- أعلم حيث يجعل رسالته.

إِنَّ اللَّهَ- تعالى- سَمِيعٌ لأقوال عباده بَصِيرٌ بأحوالهم، لا تخفى عليه خافية من شئونهم.

يخبر تعالى أنه يختار من الملائكة رسلا فيما يشاء من شرعه وقدره ، ومن الناس لإبلاغ رسالاته ، ( إن الله سميع بصير ) أي : سميع لأقوال عباده ، بصير بهم ، عليم بمن يستحق ذلك منهم ، كما قال : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) [ الأنعام : 124 ] .

يقول تعالى ذكره: الله يختار من الملائكة رسلا كجبرئيل وميكائيل اللذين كانا يرسلهما إلى أنبيائه، ومن شاء من عباده ومن الناس, كأنبيائه الذين أرسلهم إلى عباده من بني آدم. ومعنى الكلام: الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس أيضا رسلا وقد قيل: إنما أنـزلت هذه الآية لما قال المشركون: أنـزل عليه الذكر من بيننا, فقال الله لهم: ذلك إلي وبيدي دون خلقي, أختار من شئت منهم للرسالة.

وقوله ( إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) يقول: إن الله سميع لما يقول المشركون في محمد صلى الله عليه وسلم, وما جاء به من عند ربه, بصير بمن يختاره لرسالته من خلقه.

المعاني :

يَصْطَفِي :       يَخْتَارُ السراج

التدبر :

لمسة
[75] تقديم المسند إليه وهو لفظ الجلالة على الخبر الفعلي في قوله: ﴿اللَّـهُ يَصْطَفِي﴾ دون أن يقول (يصطفي الله) يفيد الاختصاص، أي أن الله وحده هو الذي يصطفي لا أنتم.
وقفة
[75] ﴿اللَّـهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ الاصطفاء: هو اختيار قليلٍ من كثير، والاصطفاء سار على الكون كله، ففي الزمان اصطفى شهر رمضان، وفي الأمكنة اصطفى مكة، واصطفى جبريل من الملائكة، واصطفى محمدًا من البشر.
وقفة
[75] ﴿اللَّـهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ الدعوة إلى الله اصطفاء رباني، هنيئًا لكل داعية اشتغاله بوظيفة الأنبياء، وهذا تشريف من الله واصطفاء، فليشکر هذه النعمة بإخلاص النية وإصلاح العمل ومضاعفة الجهد.
وقفة
[75] فى قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ سَميعٌ بَصيرٌ﴾ أى إن الله سميع لما يقول المشركون في محمد ﷺ، وما جاء به من عند ربه، بصير بمن يختاره لرسالته من خلقه.

الإعراب :

  • ﴿ اللهُ يَصْطَفِي:
  • لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يصطفى: أي يختار: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يصطفي» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً:
  • جار ومجرور متعلق بيصطفي. رسلا: مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى يختارهم لايتائهم الوحي.
  • ﴿ وَمِنَ النّاسِ:
  • معطوفة بالواو على مِنَ الْمَلائِكَةِ» وتعرب إعرابها. أي ويختار رسلا من الناس داعين للحق.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسمها منصوب للتعظيم بالفتحة. سميع بصير: خبرا «إنّ» مرفوعان بالضمة الظاهرة على آخرهما ويجوز أن يكون «بصير» نعتا لسميع.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     ولَمَّا قَدَّمَ اللهُ ما يتعَلَّقُ بالإلهيَّاتِ؛ ذكَرَ هنا ما يتعَلَّقُ بالنبُوَّاتِ، قال تعالى:
﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [76] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا ..

التفسير :

[76]وهو سبحانه يعلم ما بين أيدي ملائكته ورسله من قبل أن يخلقهم، ويعلم ما هو كائن بعد فنائهم. وإلى الله وحده ترجع الأمور.

تفسير الايتين 75 و76:ـ

لما بين تعالى كماله وضعف الأصنام، وأنه المعبود حقا، بين حالة الرسل، وتميزهم عن الخلق بما تميزوا به من الفضائل فقال:{ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} أي:يختار ويجتبي من الملائكة رسلا، ومن الناس رسلا، يكونون أزكى ذلك النوع، وأجمعه لصفات المجد، وأحقه بالاصطفاء، فالرسل لا يكونون إلا صفوة الخلق على الإطلاق، والذي اختارهم واصطفاهم ليس جاهلا بحقائق الأشياء، أو يعلم شيئا دون شيء، وإنما المصطفى لهم، السميع، البصير، الذي قد أحاط علمه وسمعه وبصره بجميع الأشياء، فاختياره إياهم، عن علم منه، أنهم أهل لذلك، وأن الوحي يصلح فيهم كما قال تعالى:{ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}

{ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} أي:هو يرسل الرسل، يدعون الناس إلى الله، فمنهم المجيب، ومنهم الراد لدعوتهم، ومنهم العامل، ومنهم الناكل، فهذا وظيفة الرسل، وأما الجزاء على تلك الأعمال، فمصيرها إلى الله، فلا تعدم منه فضلا أو عدلا.

يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ أى: يعلم ما قدموا من أعمال، وما يعملون الآن، وما سيعملونه في المستقبل إذ أن علمه- سبحانه- ليس مقيدا بزمان أو مكان وَإِلَى اللَّهِ تعالى وحده تُرْجَعُ الْأُمُورُ كلها لا إلى غيره.

ثم وجه- سبحانه- في نهاية السورة نداء إلى عباده المؤمنين، أمرهم فيه بالمداومة على طاعته، وبالإخلاص في عبادته، وبالجهاد في سبيله، وبالاعتصام بحبله، فقال- تعالى-:

وقوله : ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور ) أي : يعلم ما يفعل برسله فيما أرسلهم به ، فلا يخفى عليه من أمورهم شيء ، كما قال : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا . إلا من ارتضى من رسول [ فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا . ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم ] وأحصى كل شيء عددا ) [ الجن : 26 28 ] ، فهو سبحانه رقيب عليهم ، شهيد على ما يقال لهم ، حافظ لهم ، ناصر لجنابهم; ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) الآية [ المائدة : 67 ] .

يقول تعالى ذكره: الله يعلم ما كان بين أيدي ملائكته ورسله, من قبل أن يخلقهم وما خلفهم, يقول: ويعلم ما هو كائن بعد فنائهم ( وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ )

يقول: إلى الله في الآخرة تصير إليه أمور الدنيا, وإليه تعود كما كان منه البدء.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[76] ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ يعلم ما عملت، ويعلم ما سوف تعمل، وعلمه علم إحاطة لا علم إجبار، وسوف يحاسبنا عليه جميعًا حين نرجع إليه.
وقفة
[76] ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ لا تلجأ لغير الله، فمن أنزل حاجته بالله قُضيت، ومن أنزل حاجته بغير الله وُكل إليه.

الإعراب :

  • ﴿ يَعْلَمُ ما:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يعلم» في محل رفع خبر ثان للمبتدإ ويجوز أن تكون في محل نصب حالا. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ:
  • بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بفعل محذوف وهو مضاف. أيدي: مضاف اليه مجرور بالكسرة. منع من ظهورها الثقل وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جربالاضافة. وشبه الجملة بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» متعلق بفعل محذوف تقديره: استقر أو مستقر. وجملة «استقر بين أيديهم» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: يعلم ما هو أمامهم من الحوادث.
  • ﴿ وَما خَلْفَهُمْ:
  • معطوفة بالواو على ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» وتعرب إعرابها. بمعنى:وما هو خلفهم من هذه الحوادث.
  • ﴿ وَإِلَى اللهِ:
  • الواو استئنافية. الى الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بترجع.
  • ﴿ تُرْجَعُ الْأُمُورُ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. الامور:نائب فاعل مرفوع بالضمة. أي وإلى الله تعود الأمور.'

المتشابهات :

مريم: 64﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ
البقرة: 255﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ
طه: 110﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا
الأنبياء: 28﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ
الحج: 76﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أنه يختار من الملائكة رسلًا، ويختار من الناس رسلًا؛ ذكرَ هنا أنه عالم بأحوال المكلفين لا يخفى عليه منهم شيء، قال تعالى:
﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [77] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا ..

التفسير :

[77] يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- اركعوا واسجدوا في صلاتكم، واعبدوا ربكم وحده لا شريك له، وافعلوا الخير؛ لتفلحوا،،

يأمر تعالى، عباده المؤمنين بالصلاة، وخص منها الركوع والسجود، لفضلهما وركنيتهما، وعبادته التي هي قرة العيون، وسلوة القلب المحزون، وأن ربوبيته وإحسانه على العباد، يقتضي منهم أن يخلصوا له العبادة، ويأمرهم بفعل الخير عموما.

وعلق تعالى الفلاح على هذه الأمور فقال:{ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي:تفوزون بالمطلوب المرغوب، وتنجون من المكروه المرهوب، فلا طريق للفلاح سوى الإخلاص في عبادة الخالق، والسعي في نفع عبيده، فمن وفق لذلك، فله القدح المعلى، من السعادة والنجاح والفلاح.

والمراد بالركوع والسجود هنا: الصلاة، وعبر عنها بهما، لأنهما أهم أركانها، وناداهم- سبحانه- بصفة الإيمان، لحضهم على الامتثال لما أمروا به.

أى: يا من آمنتم بالله- تعالى- وبملائكته وبكتبه وبرسله وباليوم الآخر حافظوا على أداء الصلاة في مواقيتها بخشوع وإخلاص، لأن هذه الصلاة من شأنها أن تنهاكم عن الفحشاء والمنكر، وأن ترفع درجاتكم عند خالقكم.

وقوله- تعالى-: وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ أى: واعبدوا ربكم الذي تولاكم برعايته وتربيته في كل مراحل حياتكم، عبادة خالصة لوجهه الكريم.

وقوله: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ تعميم بعد التخصيص، إذ فعل الخير يشمل كل قول وعمل يرضى الله- تعالى-: كإنفاق المال في وجوه البر، وكصلة الرحم وكالإحسان إلى الجار وكغير ذلك من الأفعال التي حضت عليها تعاليم الإسلام.

وقوله- تعالى-: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ تذييل قصد به التحريض على امتثال ما أمرهم الله- تعالى- به، والفلاح: الظفر بالمطلوب.

أى: أدوا الصلاة بخشوع ومواظبة، واعبدوا ربكم عبادة خالصة، وافعلوا الخير الذي يقربكم من خالقكم، لكي تنالوا رضاه وثوابه- عز وجل-.

فكلمة «لعل» للتعليل، ويصح أن تكون على معناها الحقيقي وهو الرجاء، ولكن على تقدير صدوره من العباد، فيكون المعنى: وافعلوا الخير حالة كونكم راجين الفلاح، ومتوقعين الفوز والنجاح.

والمتأمل في هذه الآية الكريمة يراها أنها قد جمعت أنواع التكاليف الشرعية، وأحاطت بها من كل جوانبها.

قال الآلوسى ما ملخصه: وهذه الآية آية سجدة عند الشافعى وأحمد، لظاهر ما فيها من الأمر بالسجود، ولحديث عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين؟ قال: نعم فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما.

وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنها ليست آية سجدة، لأنها مقرونة بالأمر بالركوع، والمعهود في مثله من القرآن، كونه أمرا بما هو ركن للصلاة، كما في قوله- تعالى-: يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ وما روى من حديث عقبة إسناده ليس بالقوى .

اختلف الأئمة ، رحمهم الله ، في هذه السجدة الثانية من سورة الحج : هل هي مشروع السجود فيها أم لا؟ على قولين . وقد قدمنا عند الأولى حديث عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فضلت سورة الحج بسجدتين ، فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما " .

يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله (ارْكَعُوا) لله في &; 18-688 &; صلاتكم (واسْجُدُوا) له فيها( وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ) يقول: وذلوا لربكم, واخضعوا له بالطاعة, الذي أمركم ربكم بفعله ( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) يقول: لتفلحوا بذلك, فتدركوا به طَلباتكم عند ربكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[77] ‏الإيمان قوة عاصمة عن الدنايا، دافعة إلى المكرمات، ومن ثم فإن الله عندما يدعو عباده إلى خير أو ينفرهم من شر، يناديهم بـ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
وقفة
[77] بداية السورة كان فيها نداء بـ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ [1]، بينما خُتمت في آخر نداء لها بـ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، فكأنها بُدأت بدعو عالمية، ثم خُتمت بالذين استجابوا لهذه الدعوة من هؤلاء الناس.
لمسة
[77] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾ كنّى عن الصلاة بالركوع والسجود؛ لتخصيص ذِكرهما، فإنهما أعظم أركان الصلاة، وبهما يكون إظهار الخضوع والعبودية.
عمل
[77] احرص اليوم على أداء السنن الرواتب مع صلاتك للفرائض حيث أمر الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾.
عمل
[77] أطل اليوم الركوع والسجود، فإن الله سبحانه يحب ذلك ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾.
وقفة
[77] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ عند استيفاء ما سيق إلى المشركين من الحجج والقوارع والنداء على مساوي أعمالهم خُتمت السورة بالإقبال على خطاب المؤمنين بما يُصلح أعمالهم، وينوّه بشأنهم، وفي هذا الترتيب إيماء إلى أن الاشتغال بإصلاح الاعتقاد مقدم على الاشتغال بإصلاح الأعمال.
وقفة
[77] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ المراد بالركوع والسجود الصلوات، وتخصيصهما بالذكر من بين أعمال الصلاة لأنهما أعظم أركان الصلاة؛ إذ بهما إظهار الخضوع والعبودية.
لمسة
[77] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ): عموم في العبادة بعد ذكر الصلاة التي عبر عنها بالركوع والسجود، وإنما قدمها لأنها أهم العبادات.
لمسة
[77] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ما ورد من ترتيب إيماء إلى أن الاشتغال بإصلاح الاعتقاد من ركوع وسجود مقدَّمٌ على الاشتغال بإصلاح الأعمال.
لمسة
[77] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ تخصيص الصلاة بالذِّكر قبل الأمر ببقية العبادات تنبيه على أن الصلاة عماد الدين.
وقفة
[77] بُدأت السورة بالأمر بالتقوى، واختُتمت بآثار هذه التقوى وهي عبودية الله، الخوف من الله، الركوع، السجود، الاستجابة لأمر الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
وقفة
[77] ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اركَعوا وَاسجُدوا وَاعبُدوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ ۩﴾ الآية التي لم تترك خيرًا إلا جمعته.
وقفة
[77] إذا عبر عن شيء بأحد أجزائه فهذا دليل على أنه ركن فيه، ومن هنا أخذت ركنية الركوع والسجود في الصلاة من قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اركَعوا وَاسجُدوا وَاعبُدوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ ۩﴾.
وقفة
[77] كان الفلاح رجاء المؤمنين ﴿اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون﴾؛ فأصبح واقعًا محققًا ﴿قد أفلح المؤمنون﴾ [المؤمنون: 1].
وقفة
[77] ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ لا طريق للفلاح إلَّا بالإخلاص للخالق والإحسان للمخلوقين.
وقفة
[77] ﴿وافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلحون﴾ حتى لو كلمة طيبة، وابتسامة عارضة، وإعانة أرملة، وأخذك بيد مسن، أو سعيك في كفالة يتيم، أو شفاعة لمحتاج، أو إجابة على سؤال جاهل، أو تخفف عنه دينه، أو تلقي عنه همه، أو تعينه برأي، أو تشاركه في حل، ثم انتظر وعد ربك بالفلاح.
وقفة
[77] ﴿وافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلحون﴾، ﴿فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين﴾ [يونس: 106] الأماني لا تقدِّم ولا تؤخر؛ القضيَّة قضيَّة عمل.
عمل
[77] ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الخير) لا تجلس صامتًا هكذا؛ قم افعل أي شيء، أوصل محتاجًا في سيارتك، اتصل بقريب، جهز يسعد به أمك، تصدق بجنيه، اكتبً شيئا جميلًا، لا تكبل طاقة الخير في نمط خاص، أنت عالم من الخير.
عمل
[77] ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ لا تجلسْ صامتًا، قم وافعل أي خير: ساعدْ محتاجًا بمالٍ، أو جهدٍ، أو قضاءِ حاجةٍ، أطعم جائعًا، تصدق على فقير، فرج هم مهموم، أصلح بين متخاصمين، أدخل سرورًا على غيرك.
وقفة
[77] كل معروف صدقة، وفي التنزيل: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
وقفة
[77] ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ربط الله فعل الخير بالفلاح، فلا تجلس فارغًا، أعن محتاجًا، اكتب تغريدة مفيدة، اتصل بأمك لتؤنس وحدتها، تصدق على مسكين، لا تكن طاقة معطلة في عالم أحوج ما يكون إلى فعل الخير .
وقفة
[77] لا يوجد في القرآن سورة فيها سجدتان إلا في سورة الحجِّ.
وقفة
[77، 78] ختم الله سورة الحج بآيتين عظيمتين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩﴾؛ لتأكيد استمرار العبادة ونفع الناس بعد الحج، لا كما يفعل البعض! وختم السورة بقوله: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾؛ لبيان أنَّ استمرار هذه العبادات يحتاج إلى مجاهدة للنفس، ليتحقق الاجتباء والاصطفاء.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:
  • يا: أداة نداء. أي: اسم منادى مبني على الضم في محل نصب. و «ها» زائدة للتنبيه. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب عطف بيان للاسم «أي» أو بدل منه. آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا:
  • فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. واسجدوا واعبدوا: معطوفتان بواوي العطف على «اركعوا» وتعربان اعرابها. و «اعبدوا» هنا بمعنى: اقصدوا بركوعكم وسجودكم وجه الله.
  • ﴿ رَبَّكُمْ:
  • مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. الكاف ضمير متصل-ضمير الغائبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور. بتقدير: وجه ربكم بحذف المفعول المضاف «وجه» وحلول المضاف اليه «ربكم» محله.
  • ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ:
  • الواو عاطفة. افعلوا: تعرب إعراب «اركعوا» الخير: مفعول به منصوب بالفتحة. أي وتحروا عن كل ما هو أصلح.
  • ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ:
  • لعل: حرف مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تفلحون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تفلحون» في محل رفع خبر «لعل».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     ولَمَّا تَكلَّم اللهُ في الإلهيَّاتِ، ثُمَّ في النُّبوَّاتِ؛ أتْبعَه بالكلامِ في الشَّرائعِ والأحكام، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [78] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ..

التفسير :

[78]وجاهدوا أنفسكم، وقوموا قياماً تامّاً بأمر الله، وادعوا الخلق إلى سبيله، وجاهدوا بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم، مخلصين فيه النية لله عز وجل، مسلمين له قلوبكم وجوارحكم، هو اصطفاكم لحمل هذا الدين، وقد مَنَّ عليكم بأن جعل شريعتكم سمحة، ليس فيها تضييق ولا تش

{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} والجهاد بذل الوسع في حصول الغرض المطلوب، فالجهاد في الله حق جهاده، هو القيام التام بأمر الله، ودعوة الخلق إلى سبيله بكل طريق موصل إلى ذلك، من نصيحة وتعليم وقتال وأدب وزجر ووعظ، وغير ذلك.

{ هُوَ اجْتَبَاكُمْ} أي:اختاركم -يا معشر المسلمين- من بين الناس، واختار لكم الدين، ورضيه لكم، واختار لكم أفضل الكتب وأفضل الرسل، فقابلوا هذه المنحة العظيمة، بالقيام بالجهاد فيه حق القيام، ولما كان قوله:{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} ربما توهم متوهم أن هذا من باب تكليف ما لا يطاق، أو تكليف ما يشق، احترز منه بقوله:{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} أي:مشقة وعسر، بل يسره غاية التيسير، وسهله بغاية السهولة، فأولا ما أمر وألزم إلا بما هو سهل على النفوس، لا يثقلها ولا يؤودها، ثم إذا عرض بعض الأسباب الموجبة للتخفيف، خفف ما أمر به، إما بإسقاطه، أو إسقاط بعضه. ويؤخذ من هذه الآية، قاعدة شرعية وهي أن "المشقة تجلب التيسير "و "الضرورات تبيح المحظورات "فيدخل في ذلك من الأحكام الفرعية، شيء كثير معروف في كتب الأحكام.

{ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} أي:هذه الملة المذكورة، والأوامر المزبورة، ملة أبيكم إبراهيم، التي ما زال عليها، فالزموها واستمسكوا بها.

{ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} أي:في الكتب السابقة، مذكورون ومشهورون،{ وَفِي هَذَا} أي:هذا الكتاب، وهذا الشرع. أي:ما زال هذا الاسم لكم قديما وحديثا،{ لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} بأعمالكم خيرها وشرها{ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} لكونكم خير أمة أخرجت للناس، أمة وسطا عدلا خيارا، تشهدون للرسل أنهم بلغوا أممهم، وتشهدون على الأمم أن رسلهم بلغتهم بما أخبركم الله به في كتابه،{ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} بأركانها وشروطها وحدودها، وجميع لوازمها،{ وَآتُوا الزَّكَاةَ} المفروضة لمستحقيها شكرا لله على ما أولاكم،{ وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ} أي:امتنعوا به وتوكلوا عليه في ذلك، ولا تتكلوا على حولكم وقوتكم،{ هُوَ مَوْلَاكُمْ} الذي يتولى أموركم، فيدبركم بحسن تدبيره، ويصرفكم على أحسن تقديره،{ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} أي:نعم المولى لمن تولاه، فحصل له مطلوبه{ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} لمن استنصره فدفع عنه المكروه.

تم تفسير سورة الحج، والحمد لله رب العالمين.

وبعد أن أمر- سبحانه- بالصلاة وبالعبادة وبفعل الخير، أتبع ذلك بالأمر بالجهاد فقال- تعالى-: وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ.

والجهاد مأخوذ من الجهد، وهو بذل أقصى الطاقة في مدافعة العدو.

وهي أنواع، أعظمها: جهاد أعداء الله- تعالى- من الكفار والمنافقين والظالمين والمبتدعين في دين الله- تعالى- ما ليس منه.

كذلك من أنواع الجهاد: جهاد النفس الأمارة بالسوء، وجهاد الشيطان.

وإضافة «حق» إلى «جهاد» في قوله: حَقَّ جِهادِهِ من إضافة الصفة الى الموصوف أى: وجاهدوا- أيها المؤمنون- في سبيل الله- تعالى- ومن أجل إعلاء كلمته، ونصر شريعته، جهادا كاملا صادقا لا تردد معه ولا تراجع.

قال صاحب الكشاف: قوله: وَجاهِدُوا ... أمر بالغزو وبمجاهدة النفس والهوى.

وهو الجهاد الأكبر. عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه رجع من بعض غزواته فقال: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» فِي اللَّهِ أى: في ذات الله ومن أجله. يقال: هو حق عالم، وجد عالم، ومنه حَقَّ جِهادِهِ.

فإن قلت: ما وجه هذه الإضافة وكان القياس حق الجهاد فيه، أو حق جهادكم فيه، كما قال: وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ؟.

قلت: الإضافة تكون بأدنى ملابسة واختصاص. فلما كان الجهاد مختصا بالله من حيث إنه مفعول لوجهه ومن أجله صحت إضافته إليه.. .

وجملة «هو اجتباكم» مستأنفة، لبيان علة الأمر بالجهاد، والاجتباء: الاختيار والاصطفاء.

أى: جاهدوا- أيها المؤمنون- من أجل إعلاء كلمة الله، لأنه- سبحانه- هو الذي اختاركم للذب عن دينه، واصطفاكم لحرب أعدائه، وجدير بمن اختاره الله واصطفاه أن يكون مطيعا له.

ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر لطفه بعباده فقال: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.

أى: ومن مظاهر رحمته بكم- أيها المؤمنون- أنه سبحانه لم يشرع في هذا الدين الذي تدينون به ما فيه مشقة بكم، أو ضيق عليكم: وإنما جعل أمر هذا الدين، مبنى على اليسر والتخفيف ورفع الحرج، ومن قواعده التي تدل على ذلك: أن الضرر يزال. وأن المشقة تجلب التيسير: وأن اليقين لا يرفع بالشك، وأن الأمور تتبع مقاصدها، وأن التوبة الصادقة النصوح تجب ما قبلها من ذنوب.

ومن الآيات التي تدل على أن هذا الدين مبنى على التيسير ورفع الحرج قوله- تعالى-:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها ... وقوله- سبحانه-: ... يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ...

وفي الحديث الشريف: «بعثت بالحنيفية السمحاء» .

قال بعض العلماء: وأنت خبير بأن هناك فرقا كبيرا، بين المشقة في الأحكام الشرعية، وبين الحرج والعسر فيها، فإن الأولى حاصلة وقلما يخلو منها تكليف شرعي، إذ التكليف هو التزام ما فيه كلفة ومشقة، أما المشقة الزائدة عن الحد التي تصل إلى حد الحرج، فهي المرفوعة عن المكلفين.

فقد فرض الله الصلاة على المكلف، وأوجب عليه أداءها، وهذا شيء لا حرج فيه. ثم هو إذا لم يستطيع الصلاة من قيام، فله أن يؤديها وهو قاعد أو بالإيماء.. وهكذا جميع التكاليف الشرعية .

والخلاصة: أن هذا الدين الذي جاءنا به محمد صلّى الله عليه وسلّم من عند ربه- عز وجل- مبنى على التخفيف والتيسير، لا على الضيق والحرج، والذين يجدون فيه ضيقا وحرجا، هم الناكبون عن هديه، الخارجون على تعاليمه.

ورحم الله الإمام القرطبي فقد قال: «رفع الحرج إنما هو لمن استقام على منهاج الشرع، وأما السراق وأصحاب الحدود فعليهم الحرج، وهم جاعلوه على أنفسهم بمفارقتهم الدين..» .

والمراد بالملة في قوله- تعالى-: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ الدين والشريعة، ولفظ «ملة» هنا منصوب بنزع الخافض.

أى: ما جعل عليكم- أيها المؤمنون- في دينكم من حرج، كما لم يجعل ذلك- أيضا- في ملة أبيكم إبراهيم.

ويصح أن يكون منصوبا على المصدرية بفعل دل عليه ما قبله من نفى الحرج بعد حذف المصدر المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه. أى: وسع عليكم في دينكم توسعة ملة أبيكم إبراهيم.

ووصف- سبحانه- إبراهيم- عليه السلام- بالأبوة لهذه الأمة، لأن رسول هذه الأمة صلّى الله عليه وسلّم ينتهى نسبه إلى إبراهيم، ورسول هذه الأمة صلّى الله عليه وسلّم كالأب لها، من حيث إنه صلّى الله عليه وسلّم جاءها من عند ربه- عز وجل- بما يحييها ويسعدها.

والضمير «هو» في قوله- تعالى-: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا.. يعود إلى الله- تعالى- أى: هو- سبحانه- الذي سماكم المسلمين من قبل نزول هذا القرآن.

وسماكم- أيضا- بهذا الإسلام في هذا القرآن.

وقيل: الضمير «هو» يعود إلى إبراهيم أى: إبراهيم هو الذي سماكم المسلمين.

ومن وجوه ضعف هذا القول: أن الله- تعالى- قال: وَفِي هذا أى سماكم المسلمين.

في هذا القرآن، وإبراهيم- عليه السلام- لحق بربه قبل نزول هذا القرآن بأزمان طويلة، وأيضا فإن السياق يؤيد أن الضمير «هو» يعود إلى الله- تعالى- لأن الأفعال السابقة كقوله هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ تعود إليه- عز وجل-.

ثم بين- سبحانه- أسباب هذا الاجتباء والاصطفاء فقال: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ.

والمراد بشهادة الرسول على أمته: الإخبار بأنه قد بلغهم رسالة ربه.

والمراد بشهادة هذه الأمة على غيرها من الناس: الإخبار بأن الرسل الذين أرسلهم الله- تعالى- إلى هؤلاء الناس، قد بلغوهم رسالة ربهم، ونصحوهم بإخلاص العبادة لله وحده.

ويؤيد ذلك ما رواه البخاري عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

يدعى نوح- عليه السلام- يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب. فيقال له: هل بلغت ما أرسلت به؟ فيقول: نعم. فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد صلّى الله عليه وسلّم وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ» .

وشبيه بهذه الجملة قوله- تعالى-: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً .

والمعنى: فعلنا ما فعلنا من اجتبائكم، والتيسير عليكم، وتسميتكم بالمسلمين، ليكون الرسول صلّى الله عليه وسلّم شهيدا عليكم يوم القيامة بأنه قد بلغكم ما أمر بتبليغه إليكم، ولتكونوا أنتم شهداء على الناس بأن رسلهم قد بلغوهم رسالة ربهم.

وما دام الأمر كذلك فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أيها المؤمنون بأن تؤدوها في أوقاتها بإخلاص وخشوع وَآتُوا الزَّكاةَ التي كلفكم الله- تعالى- بإيتائها إلى مستحقيها وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ أى: التجئوا إليه، واستعينوا به في كل أموركم فإنه- سبحانه- هُوَ مَوْلاكُمْ أى: ناصركم ومتولى شئونكم، ومالك أمركم، وهو- تعالى- فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ أى: هو- عز وجل- نعم المالك لأمركم، ونعم النصير القوى لشأنكم.

وبعد: فهذه سورة الحج، وهذا تفسير محرر لها.

نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( وجاهدوا في الله حق جهاده ) أي : بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم ، كما قال تعالى : ( اتقوا الله حق تقاته ) [ آل عمران : 102 ] .

وقوله : ( هو اجتباكم ) أي : يا هذه الأمة ، الله اصطفاكم واختاركم على سائر الأمم ، وفضلكم وشرفكم وخصكم بأكرم رسول ، وأكمل شرع .

( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) أي : ما كلفكم ما لا تطيقون ، وما ألزمكم بشيء فشق عليكم إلا جعل الله لكم فرجا ومخرجا ، فالصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام بعد الشهادتين تجب في الحضر أربعا وفي السفر تقصر إلى ثنتين ، وفي الخوف يصليها بعض الأئمة ركعة ، كما ورد به الحديث ، وتصلى رجالا وركبانا ، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها . وكذا في النافلة في السفر إلى القبلة وغيرها ، والقيام فيها يسقط بعذر المرض ، فيصليها المريض جالسا ، فإن لم يستطع فعلى جنبه ، إلى غير ذلك من الرخص والتخفيفات ، في سائر الفرائض والواجبات; ولهذا قال ، عليه السلام : " بعثت بالحنيفية السمحة " وقال لمعاذ وأبي موسى ، حين بعثهما أميرين إلى اليمن : " بشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا " . والأحاديث في هذا كثيرة; ولهذا قال ابن عباس في قوله : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) يعني : من ضيق .

وقوله : ( ملة أبيكم إبراهيم ) : قال ابن جرير : نصب على تقدير : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) أي : من ضيق ، بل وسعه عليكم كملة أبيكم إبراهيم . [ قال : ويحتمل أنه منصوب على تقدير : الزموا ملة أبيكم إبراهيم ] .

قلت : وهذا المعنى في هذه الآية كقوله : ( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا ) الآية [ الأنعام : 161 ] .

وقوله : ( هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ) قال الإمام عبد الله بن المبارك ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس في قوله : ( هو سماكم المسلمين من قبل ) قال : الله عز وجل . وكذا قال مجاهد ، وعطاء ، والضحاك ، والسدي ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( هو سماكم المسلمين من قبل ) يعني : إبراهيم ، وذلك لقوله : ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ) [ البقرة : 128 ] .

قال ابن جرير : وهذا لا وجه له; لأنه من المعلوم أن إبراهيم لم يسم هذه الأمة في القرآن مسلمين ، وقد قال الله تعالى : ( هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ) قال مجاهد : الله سماكم المسلمين من قبل في الكتب المتقدمة وفي الذكر ، ) وفي هذا ) يعني : القرآن . وكذا قال غيره .

قلت : وهذا هو الصواب; لأنه تعالى قال : ( هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ) ، ثم حثهم وأغراهم على ما جاء به الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، بأنه ملة أبيهم إبراهيم الخليل ، ثم ذكر منته تعالى على هذه الأمة بما نوه به من ذكرها والثناء عليها في سالف الدهر وقديم الزمان ، في كتب الأنبياء ، يتلى على الأحبار والرهبان ، فقال : ( هو سماكم المسلمين من قبل ) أي : من قبل هذا القرآن ) وفي هذا ) ، وقد قال النسائي عند تفسير هذه الآية :

أنبأنا هشام بن عمار ، حدثنا محمد بن شعيب ، أنبأنا معاوية بن سلام أن أخاه زيد بن سلام أخبره ، عن أبي سلام أنه أخبره قال : أخبرني الحارث الأشعري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم " . قال رجل : يا رسول الله ، وإن صام وصلى؟ قال : " نعم ، وإن صام وصلى ، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله " .

وقد قدمنا هذا الحديث بطوله عند تفسير قوله : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) من سورة البقرة [ الآية : 21 ] ; ولهذا قال : ( ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس ) أي : إنما جعلناكم هكذا أمة وسطا عدولا خيارا ، مشهودا بعدالتكم عند جميع الأمم ، لتكونوا يوم القيامة ( شهداء على الناس ) لأن جميع الأمم معترفة يومئذ بسيادتها وفضلها على كل أمة سواها; فلهذا تقبل شهادتهم عليهم يوم القيامة ، في أن الرسل بلغتهم رسالة ربهم ، والرسول يشهد على هذه الأمة أنه بلغها ذلك . وقد تقدم الكلام على هذا عند قوله : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [ البقرة : 143 ] ، وذكرنا حديث نوح وأمته بما أغنى عن إعادته .

وقوله : ( فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) أي : قابلوا هذه النعمة العظيمة بالقيام بشكرها ، وأدوا حق الله عليكم في أداء ما افترض ، وطاعة ما أوجب ، وترك ما حرم . ومن أهم ذلك إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وهو الإحسان إلى خلق الله ، بما أوجب ، للفقير على الغني ، من إخراج جزء نزر من ماله في السنة للضعفاء والمحاويج ، كما تقدم بيانه وتفصيله في آية الزكاة من سورة " التوبة " .

وقوله : ( واعتصموا بالله ) أي : اعتضدوا بالله ، واستعينوا به ، وتوكلوا عليه ، وتأيدوا به ، ( هو مولاكم ) أي : حافظكم وناصركم ومظفركم على أعدائكم ، ( فنعم المولى ونعم النصير ) يعني : [ نعم ] الولي ونعم الناصر من الأعداء .

قال وهيب بن الورد : يقول الله تعالى : ابن آدم ، اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت ، فلا أمحقك فيمن أمحق ، وإذا ظلمت فاصبر ، وارض بنصرتي ، فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك . رواه ابن أبي حاتم .

والله تعالى أعلم وله الحمد والمنة ، والثناء الحسن والنعمة ، وأسأله التوفيق والعصمة ، في سائر الأفعال والأقوال .

هذا آخر تفسير سورة " الحج " ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وشرف وكرم ، ورضي الله تعالى عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) فقال بعضهم: معناه. وجاهدوا المشركين في سبيل الله حق جهاده.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني سليمان بن بلال, عن ثور بن زيد, عن عبد الله بن عباس, في قوله ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) كما جاهدتم أوّل مرّة، فقال عمر من أمر بالجهاد، قال: قبيلتان من قريش مخزوم وعبد شمس، فقال عمر، صدقت.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تخافوا في الله لومة لائم، قالوا: وذلك هو حقّ الجهاد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عباس, في قوله ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) لا تخافوا في الله لومة لائم.

وقال آخرون: معنى ذلك: اعملوا بالحقّ، حقّ عمله، وهذا قول ذكره عن الضحاك بعض من في روايته نظر.

والصواب من القول في ذلك، قول من قال: عُني به الجهاد في سبيل الله، لأن المعروف من الجهاد ذلك, وهو الأغلب على قول القائل: جاهدت &; 18-689 &; في الله، وحقّ الجهاد: هو استفراغ الطاقة فيه. قوله (هُوَ اجْتَباكُمْ) يقول: هو اختاركم لدينه, واصطفاكم لحرب أعدائه والجهاد في سبيله.

وقال ابن زيد في ذلك, ما حدثني به يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله (هُوَ اجْتَباكُمْ) قال: هو هداكم.

وقوله ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) يقول تعالى ذكره: وما جعل عليكم ربكم في الدين الذي تعبَّدكم به من ضيق, لا مخرج لكم مما ابتليتم به فيه، بل وسَّع عليكم, فجعل التوبة من بعض مخرجا, والكفَّارة من بعض, والقصاص من بعض, فلا ذنب يذنب المؤمن إلا وله منه في دين الإسلام مخرج.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني ابن زيد, عن ابن شهاب, قال: سأل عبد الملك بن مروان عليّ بن عبد الله بن عباس عن هذه الآية ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) فقال عليّ بن عبد الله: الحرج: الضيق, فجعل الله الكفارات مخرجا من ذلك, سمعت ابن عباس يقول ذلك.

قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني سفيان بن عيينة, عن عبيد الله بن أبي يزيد, قال: سمعت ابن عباس يسأل عن ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) قال: ما هاهنا من هذيل أحد فقال رجل: نعم قال: ما تعدّون الحرجة فيكم؟ قال: الشيء الضيق، قال ابن عباس، فهو كذلك.

حدثنا الحسن بن يحيى, قال: أخبرنا عبد الرزاق, عن ابن عيينة, عن عبيد الله بن أبي يزيد, قال: سمعت ابن عباس, وذكر نحوه, إلا أنه قال: فقال ابن عباس: أهاهنا أحد من هذيل فقال رجل: أنا, فقال أيضا: ما تعدّون الحرج، وسائر الحديث مثله.

حدثني عمران بن بكار الكلاعي, قال: ثنا يحيى بن صالح, قال: ثنا يحيى بن حمزة, عن الحكم بن عبد الله, قال: سمعت القاسم بن محمد يحدّث, عن عائشة, قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) قال هُوَ الضيق.

حدثنا حميد بن مسعدة, قال: ثنا يزيد بن زريع, قال: ثنا أبو خلدة, قال: قال لي أبو العالية: أتدري ما الحرج؟ قلت: لا أدري، قال: الضيق، وقرأ هذه الآية ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ).

حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا حماد بن سعدة, عن عوف, عن الحسن, في قوله ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) قال: من ضيق.

حدثنا عمرو بن بندق, قال: ثنا مروان بن معاوية, عن أبي خلدة, قال: قال لي أبو العالية: هل تدري ما الحرج؟ قلت: لا قال: الضيق, إن الله لم يضيق عليكم, لم يجعل عليكم في الدين من حرج.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن ابن عون, عن القاسم أنه تلا هذه الآية ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) قال: تدرون ما الحرج؟ قال: الضيق.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن يونس بن أبي إسحاق, عن أبيه, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: إذا تعاجم شيء من القرآن فانظروا في الشعر, فإن الشعر عربيّ، ثم دعا ابن عباس أعرابيا, فقال: ما الحَرَج؟ قال: الضيق. قال: صدقت.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) قال: من ضيق.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.

وقال آخرون: معنى ذلك ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) من ضيق في أوقات فروضكم إذا التبست عليكم, ولكنه قد وسع عليكم حتى تَيَقَّنوا محلها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن مغيرة, عن عثمان بن بشار, عن ابن عباس, في قوله ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) قال: هذا في هلال شهر رمضان إذا شكّ فيه الناس, وفي الحجّ إذا شكوا في الهلال, وفي الفطر والأضحى إذا التبس عليهم وأشباهه.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ما جعل في الإسلام من ضيق, بل وسعه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) يقول: ما جعل عليكم في الإسلام من ضيق, هو واسع, وهو مثل قوله في الأنعام فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا يقول: من أراد أن يضله يضيق عليه صدره حتى يجعل عليه الإسلام ضيقا, والإسلام واسع.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) يقول: من ضيق, يقول: جعل الدين واسعا ولم يجعله ضيقا. وقوله ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ) نصب ملة بمعنى: وما جعل عليكم في الدين من حرج, بل وسعه, كملَّة أبيكم، فلما لم يجعل فيها الكاف اتصلت بالفعل الذي قبلها فنصبت، وقد يحتمل نصبها أن تكون على وجه الأمر بها, لأن الكلام قبله أمر, فكأنه قيل: اركعوا واسجدوا والزموا ملة أبيكم إبراهيم. وقوله (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ) يقول تعالى ذكره: سماكم يا معشر من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم المسلمين من قبل.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) يقول الله سماكم.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: أخبرني عطاء بن ابن أبي رباح, أنه سمع ابن عباس يقول: الله سماكم المسلمين من قبل.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة, وحدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق جميعا؛ عن معمر, عن قَتادة ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) قال: الله سماكم المسلمين من قبل.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) قال: الله سماكم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله.

حدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ) يقول: الله سماكم المسلمين.

وقال آخرون: بل معنا: إبراهيم سماكم المسلمين; وقالوا هو كناية من ذكر إبراهيم صلى الله عليه وسلم:

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) قال: ألا ترى قول إبراهيم وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ قال: هذا قول إبراهيم ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) ولم يذكر الله بالإسلام والإيمان غير هذه الأمة, ذُكرت بالإيمان والإسلام جميعا, ولم نسمع بأمة ذكرت إلا بالإيمان ، ولا وجه لما قال ابن زيد من ذلك، لأنه معلوم أن إبراهيم لم يسمّ أمة محمد مسلمين في القرآن، لأن القرآن أنـزل من بعده بدهر طويل, وقد قال الله تعالى ذكره ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ) ولكن الذي سمانا مسلمين من قبل نـزول القرآن، وفي القرآن، الله الذي لم يزل ولا يزال. وأما قوله (مِنْ قَبْلُ) فإن معناه: من قبل نـزول هذا القرآن في الكتب التي نـزلت قبله، وفي هذا يقول: وفي هذا الكتاب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال. ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ) وفي هذا القرآن.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, قال: قال ابن جُرَيج, قال مجاهد (مِنْ قَبْلُ) قال: في الكتب كلها والذكر (وفي هَذَا) يعني القرآن، وقوله (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) يقول تعالى ذكره اجتباكم الله وسماكم أيها المؤمنون بالله وآياته من أمة محمد صلى الله عليه وسلم مسلمين, ليكون محمد رسول الله شهيدا عليكم يوم القيامة، بأنه قد بلَّغكم ما أرسل به إليكم, وتكونوا أنتم شهداء حينئذ على الرسل أجمعين، أنهم قد بلَّغوا أممهم ما أرسلوا به إليهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ) قال: الله سماكم المسلمين من قبل ( وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ ) بأنه بلَّغكم ( وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) أن رسلهم قد بلغتهم. وبه عن قَتادة, قال: أعطيت هذه الأمة ما لم يعطه إلا نبيّ, كان يقال للنبي: اذهب فليس عليك حرج، وقال الله ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) وكان يقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أنت شهيد على قومك، وقال الله لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وكان يقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: سل تعطه، وقال الله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ .

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, قال: أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم يعطها إلا نبيّ, كان يقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: اذهب فليس عليك حرج، فقال الله ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) قال: وكان يقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أنت شهيد على قومك، وقال الله لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وكان يقال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: سل تعطه، وقال الله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ .

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ

يعني تعالى ذكره بقوله ( فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) يقول: فأدّوا الصلاة المفروضة لله عليكم بحدودها, وآتوا الزكاة الواجبة عليكم في أموالكم ( وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ ) يقول: وثقوا بالله, وتوكلوا عليه في أموركم ( فَنِعْمَ المَوْلَى ) يقول: نعم الوليّ الله لمن فعل ذلك منكم, فأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وجاهد في سبيل الله حقّ جهاده، واعتصم به ( وَنِعْمَ النَّصِيرُ) يقول: ونعم الناصر هو له على من بغاه بسوء.

المعاني :

اجْتَبَاكُمْ :       اصْطَفَاكُمْ السراج
هو اجتباكم :       اختاركم لدينه وعبادته ونُصرته معاني القرآن
حَرَجٍ :       ضِيقٍ، وَشِدَّةٍ السراج
حرج :       ضيق بتكليف يشقّ ويعسُرُ معاني القرآن
مِّلَّةَ أَبِيكُمْ :       هَذِهِ المِلَّةَ السَّمْحَةَ مِلَّةَ أَبِيكُمْ السراج
هُوَ سَمَّاكُمُ :       اللهُ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ فِي الكُتُبِ السَّابِقَةِ السراج
مَوْلَاكُمْ :       مَالِكُكُمْ، وَنَاصِرُكُمْ، وَمُتَوَلِّي أُمُورِكُمْ السراج
هو مولاكم :       مَالِكِكُم وناصِرُكم و متولّي أموركم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[78] ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ إن الرجل ليجاهد في الله حق جهاده، وما ضَرَبَ بسيف.
وقفة
[78] ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ هذه آخر آية في سورة الحج، قال بعض العلماء: «دليل على استمرار مجاهدة النفس بعد الحج».
وقفة
[78] ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ افتح قوس ولادتك، اكتب كلمة (جهاد)، أغلق قوس موتك، هذي حياة المؤمن باختصار.
وقفة
[78] ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ الجهاد: بذل الوسع في حصول الغرض المطلوب، فالجهاد في الله حق جهاده هو: القيام التام بأمر الله، ودعوة الخلق إلى سبيله بكل طريق موصل إلى ذلك؛ من: نصيحة، وتعليم، وقتال، وأدب، وزجر، ووعظ، وغير ذلك.
وقفة
[78] ختم الله سورة الحج بقوله: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾، وفي ذلك -والله أعلم- إشارة إلى استمرار الجهاد والمجاهدة بعد الحج، وأن ذلك ليس خاصًّا به، بل العبد محتاج لها في الصلاة، والزكاة، والاعتصام بالله، مبينًا أن الانضباط بالشريعة -مع حاجته إلى المجاهدة- ليس فيه أي حرج أو عسر، بل هو سمة هذا الدين، ومنهج أبينا إبراهيم، فهل يتنبه لذلك من يركن للراحة والدعة والتفريط بعد الحج؟!
وقفة
[78] المتأمل في آيات الحج يلحظ سمة التيسير في تشريعاته وأحكامه كلها؛ لكنه تيسير منضبط لا عن هوى وتشهي، والتيسير لا يعني عدم المشقة والتعب، فقد ختم الله أحكام الحج في سورة الحج بقوله: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾، وسماه النبي ﷺ جهادًا، وأبان الأجر فيه على قدر النصب والتعب.
عمل
[78] اعلم أن العمل الصالح يحتاج إلى مجاهدة، وصبر، وبذل، ومشقة، فاصبر على ذلك ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّـهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾.
وقفة
[78] ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾ الحمد لله حمدًا تدوم به النعم أن اختارنا من ملايين الناس لنشر رسالته.
وقفة
[78] ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾ اصطفانا نحن أمة محمد، فكنا خير الأمم، ونبينا خير الأنبياء، وديننا أتم الأديان وآخرها، وفي مقابل هذا التشريف كان التكليف، والتكليف هو دعوة الناس وأن نكون شهداء عليهم.
وقفة
[78] ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ أخبر أنه ما جعل علينا في الدين من حرج نفيًا عامًا مؤكدًا، فمن اعتقد أن فيما أمر الله به مثقال ذرة من حرج فقد كذب الله ورسوله، فكيف بمن اعتقد أن المأمور به قد يكون فسادًا وضررًا لا منفعة فيه، ولا مصلحة لنا!
وقفة
[78] ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ هو أصل: المشقة تجلب التيسير.
وقفة
[78] ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ هذه الآيةُ أصلُ قاعدةٍ فقهيةٍ مُهمةٍ وهي: المَشَقَّةُ تجلبُ التيسيرَ.
وقفة
[78] ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ لو تدبَّرتَ الشريعة الإسلاميَّة؛ لوجدتَها مستقيمةً صالحةً لكلِّ زمانٍ ومكان، وأما سوى الإسلام؛ فهو ينحرف يمينًا وشمالًا.
وقفة
[78] ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ رحم الله الإمام القرطبي حين قال: «رفع الحرج إنما هو لمن استقام على منهاج الشرع، وأما السراق وأصحاب الحدود فعليهم الحرج، وهم جاعلوه على أنفسهم بمفارقتهم الدين».
وقفة
[78] ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ إن قلتَ: كيف لا حرج فيه مع أنَّ في قطع يدٍ بسرقة ربع دينار، ورجم محصنٍ بزنى مرَّة، ووجوب صوم شهرين متتابعين، بإِفساد يومٍ من رمضان بِوَطْءٍ، ونحو ذلك حَرَجًا؟! قلتُ: المرادُ بالدين: التوحيدُ، ولا حرج فيه بل فيه تخفيفٌ، فإِنه يُكفِّر ما قبله من الشرك وإن امتدَّ، ولا يتوقف الِإتيانُ به على زمانٍ أو مكان معيَّنٍ، أو أن كلَّ ما يقع الِإنسانُ فيه من المعاصي، يجد له مخرجًا في الشرع، بتوبةٍ، أو كفارةٍ، أو رخصة، أو المرادُ نفيُ الحرج الذي كان في بني إسرائيل.
وقفة
[78] هَجَرَ أباه للهِ فصارَ أبًا للمسلمين: ﴿أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾، وأرادَ ذبحَ ابنِه للهِ فأكرمَه اللهُ بـ: ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ﴾ [العنكبوت: 27].
وقفة
[78] ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾ اﻷمة التي تجهل حقيقة معنى (اسمها) يسهل خداعها.
وقفة
[78] ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾ فهم الكثيرون خطأ أن إبراهيم عليه السلام هو الذي سمانا المسلمين، والصحيح أن الله هو الذي سمانا المسلمين من قبل نزول هذا القرآن في ملل الأنبياء المتقدمين والكتب السابقة: الزبور والتوراة والإنجيل، وسمانا كذلك مسلمين في هذا القرآن.
وقفة
[78] الله أرادنا أمة واحدة: ﴿هذه أمتكم أمة واحدة﴾ [الأنبياء: 92]، وحزبًا واحدًا: ﴿أولئك حزب الله﴾ [المجادلة: 22]، وتسمية واحدة ﴿هو سماكم المسلمين﴾، رضينا بالله وحده.
وقفة
[78] من أقبح الناس من أشغل نفسه في تصنيف الناس؛ والله أرادنا حزبًا واحدًا له، كذَّبنا بتصنيفهم ورضينا بتصنيف الله: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾.
وقفة
[78] الجامع الحقيقي لهذه الأمة هو الإسلام؛ فإن رفعتْ راية غيره فهي الفرقة والنزاع، قال الله في آخرة سورة الحج: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾.
وقفة
[78] خُتمت سورة الحج بذكر الاسم الجامع لأهل الإسلام ولن يجمعهم غيره فقال: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾، والعدول عن هذا الاسم إلى غيره أحد أسباب الفرقة.
وقفة
[78] ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ﴾ يكفينا شرفًا أن الله سمانا المسلمين.
وقفة
[78] من صفات الشاهد العدل: إقامة الصلاة ﴿تَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾.
وقفة
[78] ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّـهِ﴾ إذا رأيت ببصرك أمارات الخداع والمكر تنبعث من عيني أحدهم؛ فقل بإيمان: اعتصمت بالله، سترى عليه ببصيرتك أمارات الهزيمة.
عمل
[78] اعتصم بالله مولاك في كل وقت وحين؛ فإن من اعتصم بغيره هلك وخسر ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّـهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾.
وقفة
[78] من تحصَّن بذكر الله عند قيامه من نومه، فقد تحصن بعظيمٍ له جنود السماوات الأرض، يسير قوي القلب، واثقًا بربه، متوكلًا عليه ﴿فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَجاهِدُوا:
  • الواو عاطفة. جاهدوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة
  • ﴿ فِي اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بجاهدوا بمعنى في ذات الله أو لله بحذف المضاف المجرور «ذات» وحلول المضاف اليه سبحانه محله. أو يكون من أجل الله ومفعول «جاهدوا» محذوف بتقدير: جاهدوا من أجل الله أعداء دينه.
  • ﴿ حَقَّ جِهادِهِ:
  • مفعول مطلق-منصوب بالفتحة بتقدير: جهادا حقا. وفي هذا التقدير يجوز أن تكون «حق» نائبة عن المصدر أو صفة-نعتا-للمصدر المحذوف. جهاده: مضاف اليه مجرور بالكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وقد أضيف الجهاد اليه سبحانه لأنه أي الجهاد مختص به سبحانه ولأن الجهاد مفعول لوجهه تعالى ومن أجله.
  • ﴿ هُوَ اجْتَباكُمْ:
  • الجملة الاسمية تعليلية. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. اجتبى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. والجملة الفعلية «اجتباكم» في محل رفع خبر المبتدأ «هو» بمعنى: اختاركم لدينه ولنصرته من بين الأمم
  • ﴿ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ:
  • الواو عاطفة. ما نافية لا عمل لها. جعل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عليكم:جار ومجرور متعلق بجعل والميم علامة جمع الذكور. وجعل تعدى الى مفعول واحد لأنه هنا بمعنى وما أوجد عليكم. ويتعدى الفعل الى مفعولين لو جاء بمعنى «صير».
  • ﴿ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ:
  • جار ومجرور متعلق بجعل. من: حرف جر زائد للتوكيد. حرج: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «جعل» بمعنى: من ضيق ويجوز أن يكون الجار والمجرور «في الدين» بمقام المفعول الأول. على معنى: وما جعله أي الدين ضيقا بل جعله يسيرا لا عسر فيه.
  • ﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ:
  • ملة: مفعول به منصوب بمضمر في مضمون ما تقدمه بتقدير: وسع دينكم توسعة ملة أبيكم ثم حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه أو منصوب على الاختصاص أي بفعل محذوف تقديره أعني بالدين ملة أبيكم. ويجوز على تقدير معنى: اتبعوا ملة أبيكم. أي دين أبيكم. أبيكم: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور. ابراهيم: بدل اشتمال من «أبيكم» مجرور مثلها وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف- التنوين-للعجمة والعملية.
  • ﴿ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ:
  • تعرب إعراب هُوَ اجْتَباكُمْ» المسلمين: مفعول به ثان منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.والضمير «هو» يرجع الى الله سبحانه كما جاء في هُوَ اجْتَباكُمْ».
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ:
  • جار ومجرور متعلق بسمي. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن. أي من قبل نزول القرآن.
  • ﴿ وَفِي هذا:
  • الواو عاطفة. في: حرف جر. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بسمّى. أي وفي هذا القرآن بمعنى وسماكم الله المسلمين من قبل القرآن في سائر الكتب وفي هذا القرآن فضلكم وسماكم بهذا الاسم.
  • ﴿ لِيَكُونَ الرَّسُولُ:
  • اللام لام التعليل وهي حرف جر: يكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. الرسول: اسم «يكون» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ شَهِيداً عَلَيْكُمْ:
  • خبر «يكون» منصوب بالفتحة. عليكم: جار ومجرور متعلق بخبر «يكون» والميم علامة الجمع و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بسمّى وجملة «يكون» وما بعدها صلة أن لا محل لها.
  • ﴿ وَتَكُونُوا:
  • معطوفة بالواو على «ليكون» منصوبة مثلها وعلامة نصبها حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع اسمها. والألف فارقة. بمعنى ليكون الرسول شهيدا عليكم يوم القيامة وتكونوا شهداء على الناس.
  • ﴿ شُهَداءَ عَلَى النّاسِ:
  • بتبليغكم الناس بما أبلغكم الرسول. شهداء: خبر «تكونوا» منصوب بالفتحة. ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-على وزن-فعلاء-على الناس: جار ومجرور متعلق بشهداء.
  • ﴿ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ:
  • الفاء: سببية. أقيموا: تعرب إعراب «جاهدوا». الصلاة: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ:
  • الجملتان معطوفتان بواوي العطف على «أقيموا الصلاة وجاهدوا في الله» وتعربان اعرابهما. بمعنى وأدوا الزكاة وتمسكوا بالله وثقوا به سبحانه.
  • ﴿ هُوَ مَوْلاكُمْ:
  • هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. مولاكم: خبر «هو» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. بمعنى: هو ناصركم وولي أموركم.
  • ﴿ فَنِعْمَ الْمَوْلى:
  • الفاء: استئنافية. نعم: فعل ماض لإنشاء المدح مبني على الفتح. المولى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. وفي هذه الآية حذف المخصوص بالمدح لأنه تقدم عليه ما يشعر به وهو «مولاكم».
  • ﴿ وَنِعْمَ النَّصِيرُ:
  • معطوفة بالواو على «نعم المولى» وتعرب إعرابها. وعلامة رفع الاسم الضمة الظاهرة على آخره.'

المتشابهات :

البقرة: 143﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ
الحج: 78﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إبراهيم هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     وبعد الأمر بالصلاة وبالعبادة وبفعل الخير؛ جاء هنا الأمر بالجهاد، ذُروة سَنَامِ الإِسلامِ، قال تعالى:
﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف