3242526272829303132333435

الإحصائيات

سورة الأنبياء
ترتيب المصحف21ترتيب النزول73
التصنيفمكيّةعدد الصفحات10.00
عدد الآيات112عدد الأجزاء0.50
عدد الأحزاب1.00عدد الأرباع4.00
ترتيب الطول22تبدأ في الجزء17
تنتهي في الجزء17عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 4/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (25) الى الآية رقم (29) عدد الآيات (5)

بعدَ إقامةِ الأدلَّةِ على وحدانيتِه بَيَّنَ اللهُ هنا أنَّه أوحَى لكلِّ الرُّسلِ بذلك، ثُمَّ ردَّ على المشركينَ الذينَ قالُوا: اتَّخذَ اللهُ ولدًا من الملائكةِ، وذكَرَ سبعَ صفاتٍ للملائكةِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (30) الى الآية رقم (35) عدد الآيات (6)

= ثُمَّ وبَّخَهم اللهُ هنا على عدمِ تدبُّرِ آياتِ وأدلَّةِ الكونِ الدَّالةِ على وحدانيتِه، وذكَرَ منها ستةَ أدلةٍ، ثُمَّ بَيَّنَ أنَّ مصيرَ الدُّنيا إلى فناءٍ وزوالٍ، وأنَّها خُلِقتْ للابتلاءِ والامتحانِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الأنبياء

دور الأنبياء في الدعوة إلى الله (الأنبياء قدوتك)/ سورة الإستجابة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سؤال: بمن تقتدي في حياتك؟ من هو قدوتك؟: لو سألنا أكثر شباب اليوم عن قدوتهم، يا ترى كم واحدًا سيجيب أن إبراهيم عليه السلام هو قدوته؟ كم واحدًا سيجيب أن يوسف عليه السلام هو مثله الأعلى؟ وكم واحدًا سيقول أن النبي ﷺ هو قدوته؟ وكم واحدًا سيقول أن المغني الفلاني أو الممثل الفلاني هو قدوته؟ ويا ترى كم واحدًا سيجيب بأنه ليس عنده قدوة أصلاً؟
  • • السورة تجيب عن هذا السؤال: بمن تقتدي في حياتك؟: وتركز على ناحيتين مضيئتين من حياة كل نبي: طاعته وعبادته وخشيته لله، ثم دعوته وإصلاحه في قومه. وكأنها تقول لك: هؤلاء هم مثلك الأعلى في حسن التعامل مع الله وفي حسن التعامل مع الناس، أي في العبادة والدعوة إلى الله.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الأنبياء».
  • • معنى الاسم :: الأنبياء: جمع نبي، وهو رجل اختاره الله وأوحي إليه برسالة، وأمره بتبليغها للناس.
  • • سبب التسمية :: لتضمنها الحديث عن جهاد الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم الوثنيين، حيث ذكر فيها ستة عشر نبيًا ومريم، ‏في ‏استعراض ‏سريع ‏يطول ‏أحيانًا ‏ويَقْصُر ‏أحيانًا.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: «سورة اقترب»؛ لأنها أول كلمة بها.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: جهود الأنبياء في الدعوة إلى الله.
  • • علمتني السورة :: دعاء الله تعالى بخضوع الأنبياء وخشوعهم.
  • • علمتني السورة :: أن الله مع رسله والمؤمنين بالتأييد والعون على الأعداء: ﴿ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ﴾
  • • علمتني السورة :: أن القرآن شرف وعز لمن آمن به وعمل به: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾

مدارسة الآية : [25] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن ..

التفسير :

[25] وما أرسلنا من قبلك -أيها الرسول- من رسول إلا نوحي إليه أنه لا معبود بحق إلا الله، فأخْلِصوا العبادة له وحده.

ولما حول تعالى على ذكر المتقدمين، وأمر بالرجوع إليهم في بيان هذه المسألة، بيَّنها أتم تبيين في قوله:{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ْ} فكل الرسل الذين من قبلك مع كتبهم، زبدة رسالتهم وأصلها، الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، وبيان أنه الإله الحق المعبود، وأن عبادة ما سواه باطلة.

ثم بين- سبحانه- أن جميع الرسل- عليهم الصلاة والسلام- قد أمروا أقوامهم بإخلاص العبادة لله، ونبذ الشرك والشركاء، فقال- تعالى-: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ.

أى: وما أرسلنا من قبلك من رسول يا محمد إلا وأ فهمناه عن طريق وحينا أنه لا إله يستحق العبادة والطاعة إلا أنا، فعليه أن يأمر قومه بطاعتي وعبادتي والخضوع لي وحدي.

هذا، والمتدبر لهذه الآيات الكريمة، يراها قد أقامت أحكم الأدلة العقلية والنقلية على وجوب إخلاص العبادة لله الواحد القهار. وعلى أن الذين يتخذون معه آلهة أخرى سفهاء جاهلون.

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك شبهة من الشبهات الباطلة التي تفوه بها المشركون، ورد عليهم ردا مفحما، فقال- تعالى-:

ولهذا قال : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) ، كما قال : ( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) [ الزخرف : 45 ] ، وقال : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] ، فكل نبي بعثه الله يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، والفطرة شاهدة بذلك أيضا ، والمشركون لا برهان لهم ، وحجتهم داحضة عند ربهم ، وعليهم غضب ، ولهم عذاب شديد .

يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا يا محمد من قبلك من رسول إلى أمة من الأمم إلا نوحي إليه أنه لا معبود في السماوات والأرض، تصلح العبادة له سواي فاعبدون يقول: فأخلصوا لي العبادة، وأفردوا لي الألوهية.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) قال: أرسلت الرسل بالإخلاص والتوحيد، لا يقبل منهم " قال أبو جعفر: أظنه أنا قال " : عمل حتى يقولوه ويقرّوا به، والشرائع مختلفة، في التوراة شريعة، وفي الإنجيل شريعة، وفي القرآن شريعة، حلال وحرام، وهذا كله في الإخلاص لله والتوحيد له.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[25] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ هذه فحوىٰ رسالة جميع الأنبياء.
وقفة
[25] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ قال قتادة: «لم يرسل نبي إلا بالتوحيد، والشرائع مختلفة في التوراة والإنجيل والقرآن، وكل ذلك على الإخلاص والتوحيد».
وقفة
[25] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ مرور الزمن لا يغير الثوابت.
لمسة
[25] ﴿وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ إِلّا نوحي إِلَيهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنا فَاعبُدونِ﴾ ما أبدعها من آيات حين يتكلم رب العزة عن نفسه بضمير المتكلم! فيستشعر العبد فيها خشوعًا لخالقه وتذللًا له وتعظيمًا لرب العالمين.
عمل
[25] اتبع منهج الأنبياء عليهم السلام ببدء دعوتك بتعريف الناس بالله تعالى وتحبيبهم له سبحانه ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾.
وقفة
[25] ﴿فَاعْبُدُونِ﴾ قال ابن تيمية: «العبادة تجمع كمال المحبة وكمال الذل، فالعابد محب خاضع بخلاف من يحب من لا يخضع له، بل يحبه ليتوسل به إلى محبوب آخر، وبخلاف من يخضع لمن لا يحبه کما يخضع للظالم، فإن كلًا من هذين ليس عبادة محضة، وإن كان محبوب لغير الله ومعظم لغير الله، ففيه شوب من العبادة ».

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَرْسَلْنا:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. ارسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من رسول والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. من: حرف جر زائد للتوكيد. رسول: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لانه مفعول به لارسلنا.
  • ﴿ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ:
  • إلا: حرف تحقيق بعد النفي لا عمل له. نوحي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. اليه: جار ومجرور متعلق بنوحي.
  • ﴿ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا:
  • أن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها. لا: نافية للجنس تعمل عمل «ان».اله: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا تقديره:كائن او موجود. الا: اداة استثناء. انا: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع بدل من وضع لا إِلهَ» لان موضع «لا» وما عملت فيه رفع خبر «ان» ولو كان موضع المستثنى نصبا لكان إلا اياي. و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر اي بأنه.
  • ﴿ فَاعْبُدُونِ:
  • الفاء سببية. اعبدون: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.والنون للوقاية والياء المحذوفة اختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها ضمير متصل في محل نصب مفعول به.'

المتشابهات :

الأنبياء: 25﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ
الحج: 52﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا طالب اللهُ عز و جل المشركين بالدليل على دعواهم الباطلة؛ بَيَّنَ هنا أن التوحيد دعوى كل رسول، فجميع الرسل قد أمروا أقوامهم بإخلاص العبادة لله، ونبذ الشرك، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نوحى:
1- بالنون، وهى قراءة الأخوين، والأعمش، وطلحة، وابن أبى ليلى، والقطعي، وابن غزوان عن أيوب، وابن سعدان، وخلف، وابن عيسى، وابن جرير.
وقرئ:
2- بالياء، وفتح الحاء، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [26] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ..

التفسير :

[26] وقال المشركون:اتخذ الرحمن ولداً بزعمهم أن الملائكة بنات الله. تنزَّه الله عن ذلك؛ فالملائكة عباد الله مقرَّبون مخصوصون بالفضائل،

يخبر تعالى عن سفاهة المشركين المكذبين للرسول، وأنهم زعموا - قبحهم الله - أن الله اتخذ ولدا فقالوا:الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم، وأخبر عن وصف الملائكة، بأنهمعبيد مربوبون مدبرون، ليس لهم من الأمر شيء، وإنما هم مكرمون عند الله، قد أكرمهم الله، وصيرهم من عبيد كرامته ورحمته، وذلك لما خصهم به من الفضائل والتطهير عن الرذائل، وأنهم في غاية الأدب مع الله، والامتثال لأوامره.

قال الآلوسى ما ملخصه: «قوله- تعالى-: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً، حكاية لجناية فريق من المشركين لإظهار بطلانها، وبيان تنزهه- سبحانه- عن ذلك، إثر بيان تنزهه- جل وعلا- عن الشركاء على الإطلاق، وهم حي من خزاعة قالوا: الملائكة بنات الله، ونقل الواحدي أن قريشا وبعض العرب قالوا ذلك.

والآية مشنعة على كل من نسب إلى الله- تعالى- ذلك كاليهود والنصارى..» .

أى: وقال المشركون الذين انطمست بصائرهم عن معرفة الحق «اتخذ الرحمن ولدا سبحانه» .

أى: تنزه وتقدس الله- تعالى- عن ذلك جل وعلا عما يقولونه علوا كبيرا.

وقوله: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ إضراب عما قالوه، وإبطال له، وثناء على ملائكته الذين زعم فريق من المشركين أنهم بنات الله.

وعباد: جمع عبد. والعبودية لله- تعالى- معناها: إظهار التذلل له- سبحانه-، والخضوع لذاته.

ومكرم: اسم مفعول من أكرم، وإكرام الله- تعالى- لعبده معناه: إحسانه إليه وإنعامه عليه.

أى: لقد كذب هؤلاء المشركون في زعمهم أن الملائكة بنات الله، والحق أن الملائكة هم عباد مخلوقون له- تعالى- ومقربون إليه ومكرمون عنده.

يقول تعالى ردا على من زعم أن له - تعالى وتقدس - ولدا من الملائكة ، كمن قال ذلك من العرب : إن الملائكة بنات الله ، فقال : ( سبحانه بل عباد مكرمون ) أي : الملائكة عباد الله مكرمون عنده ، في منازل عالية ومقامات سامية ، وهم له في غاية الطاعة قولا وفعلا .

يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الكافرون بربهم: اتخذ الرحمن ولدا من ملائكته، فقال جلّ ثناؤه استعظاما مما قالوا، وتبريًّا مما وصفوه به سبحانه، يقول تنـزيها له عن ذلك، ما ذلك من صفته ( بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ) يقول: ما الملائكة كما وصفهم به هؤلاء الكافرون من بني آدم، ولكنهم عباد مكرمون، يقول: أكرمهم الله.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ) قال: قالت اليهود: إن الله تبارك وتعالى صاهر الجنّ، فكانت منهم الملائكة، قال الله تبارك وتعالى تكذيبا لهم وردّا عليهم، ( بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ) وإن الملائكة ليس كما قالوا، إنما هم عباد أكرمهم الله بعبادته.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، وحدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ) قالت اليهود وطوائف من الناس: إن الله تبارك وتعالى خاتن إلى الجنّ والملائكة من الجنّ، قال الله تبارك وتعالى ( سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ).

المعاني :

ولدا :       قالوا الملائكة بنات الله معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[26] ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ ولما كان اتخاذ الولد نقصًا في جانب واجب الوجود أعقب مقالتهم بكلمة (سبحانه) تنزيهًا له عن ذلك؛ فإن اتخاذ الولد إنما ينشأ عن الافتقار إلى إكمال النقص العارض بفقد الولد.
وقفة
[26] ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ تنزيه الله عن الولد.
وقفة
[26] ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ منزلة الملائكة عند الله أنهم عباد خلقهم لطاعته، لا يوصفون بالذكورة ولا الأنوثة، بل عباد مكرمون.
وقفة
[26] ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ نزلت في خُزاعة حيث قالوا: «الملائكة بنات الله»، وكانوا يعبدونهم طمعًا في شفاعتهم لهم.
وقفة
[26] ﴿بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ العبودية امتهان إلا لله، فهي عين الكرامة.
وقفة
[26] ﴿بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ يمنحنا الله الكرامة بقدر ما فينا من العبودية والذل له، كلما ازددت خضوعًا وعبوديةً لله ازددت عزًّا وكرامةً.
لمسة
[26] ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ لم يقل: (قالوا اتخذ الرحمن ولدًا وكذبوا)، وإنما الأمر أعظم وأكبر من أن يعلق عليهم بأنهم كذبوا؛ لأن نسبة ولد إلى الله أشنع الكفر وأبشعه، فيقول (سُبْحَانَهُ).
تفاعل
[26] ﴿سُبْحَانَهُ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[26، 27] ﴿بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ﴾ ما من مؤمن يعظم قول ربه ويحذر من التقدم عليه؛ إلا رفع الله ذكره وأكرمه في الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-بمعنى زعموا. اتخذ: فعل ماض مبني على الفتح. الرحمن: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. ولدا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ سُبْحانَهُ:
  • مفعول مطلق-مصدر-منصوب بفعل محذوف تقديره «اسبح» وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى: انزهه تنزيها عما يقولون او يصفون من اتخاذه الملائكة ولدا.
  • ﴿ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ:
  • حرف اضراب للاستئناف او ابتدائية لابطال ما قبلها. والجملة الاسمية بعدها استئنافية لا محل لها من الاعراب. عباد: خبر مبتدأ محذوف تقديره هم. مرفوع بالضمة. مكرمون: صفة-نعت-لعباد مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الواو لانها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

البقرة: 116﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
يونس: 68﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ الْغَنِيُّ
الكهف: 4﴿وَيُنذِرَ الَّذِينَ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا
الأنبياء: 26﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ
مريم: 88﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز و جل بالدَّلائِلِ الباهرةِ كَونَه مُنَزَّهًا عن الشَّريكِ والضِّدِّ والنِّدِّ؛ أتبع هنا أنه سبحانه وتعالى منزهٌ عن اتِّخاذِ الوَلَدِ، قال تعالى : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ) ولَمَّا ردَّ اللهُ عز و جل على بعض العرب الذين زعموا أن الملائكةَ بناتُ اللهِ؛ أثنى هنا على الملائكة بست صفات: الصفة الأولى: أنهم عِبَادٌ مُكرَمُون منه، مقربون إليه، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مكرمون:
1- بالتخفيف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتشديد، وهى قراءة عكرمة.

مدارسة الآية : [27] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ ..

التفسير :

[27]وهم في حسن طاعتهم لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم، ولا يعملون عملاً حتى يأذن لهم.

{ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ْ} أي:لا يقولون قولا مما يتعلق بتدبير المملكة، حتى يقول الله، لكمال أدبهم، وعلمهم بكمال حكمته وعلمه.{ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ْ} أي:مهما أمرهم، امتثلوا لأمره، ومهما دبرهم عليه، فعلوه، فلا يعصونه طرفة عين، ولا يكون لهم عمل بأهواء أنفسهم من دون أمر الله

وقوله: لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ أى: لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به، ولا يقولون شيئا بدون إذنه، كما هو شأن العبيد الطائعين لسيدهم.

وأصل الكلام: لا يسبق قولهم قوله- عز وجل- إلا أنه- سبحانه- أسند السبق إليهم، تنزيلا لسبق قولهم لقوله، منزلة سبقهم إياه، للإشعار بمزيد طاعتهم وتنزيههم عن كل قول بغير إذنه- تعالى-.

وقوله: وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ بيان لتبعيتهم له- تعالى- في الأعمال إثر بيان تبعيتهم له- سبحانه- في الأقوال.

أى: وهم بأمره وحده يعملون لا بأمر أحد سواه، ولا بأمر أنفسهم، كما قال- تعالى- في آية أخرى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ. عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ .

( لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) أي : لا يتقدمون بين يديه بأمر ، ولا يخالفونه فيما أمر به بل يبادرون إلى فعله ،وهو تعالى علمه محيط بهم ، فلا يخفى عليه منهم خافية

وقوله: ( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ) يقول جلّ ثناؤه: لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم، ولا يعملون عملا إلا به.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال الله ( لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ) يثني عليهم ( وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ).

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[27] ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ﴾ أي: لا يقولون قولًا مما يتعلق بتدبير المملكة حتى يقول الله؛ لكمال أدبهم، وعلمهم بكمال حكمته وعلمه.

الإعراب :

  • ﴿ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لعباد. لا: نافية لا عمل لها. يسبقونه: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. بمعنى: لا يقولون شيئا حتى يكون هو البادئ به. اي لا يسبق قولهم قوله. والمراد: بقولهم. فأنيب اللام مناب الاضافة اي لا يتقدمون قوله بقولهم. بالقول: جار ومجرور متعلق بلا يسبقونه.
  • ﴿ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ:
  • الواو استئنافية. هم: ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ. بأمره: جار ومجرور متعلق بيعملون والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. يعملون: اي: يصدعون. تعرب اعراب «يسبقون» والجملة الفعلية «يعملون» في محل رفع خبر «هم».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     الصفة الثانية: أنهم لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم. الصفة الثالثة: أنهم لا يعملون عملًا حتى يؤذن لهم، كما هو شأن العبيد الطائعين لسيدهم، قال تعالى:
﴿ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لا يسبقونه:
وقرئ:
بضم الياء.

مدارسة الآية : [28] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا ..

التفسير :

[28] وما من أعمال الملائكة عمل سابق أو لاحق إلا يعلمه الله سبحانه وتعالى، ويحصيه عليهم، ولا يتقدمون بالشفاعة إلا لمن ارتضى الله شفاعتهم له، وهم من خوف الله حذرون من مخالفة أمره ونهيه.

ومع هذا، فالله قد أحاط بهم علمه، فعلم{ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ْ} أي:أمورهم الماضية والمستقبلة، فلا خروج لهم عن علمه، كما لا خروج لهم عن أمره وتدبيره.

ومن جزئيات وصفهم، بأنهم لا يسبقونه بالقول، أنهم لا يشفعون لأحد بدون إذنه ورضاه، فإذا أذن لهم، وارتضى من يشفعون فيه، شفعوا فيه، ولكنه تعالى لا يرضى من القول والعمل، إلا ما كان خالصا لوجهه، متبعا فيه الرسول، وهذه الآية من أدلة إثبات الشفاعة، وأن الملائكة يشفعون.

{ وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ْ} أي:خائفون وجلون، قد خضعوا لجلاله، وعنت وجوههم لعزه وجماله.

ثم بين- سبحانه- مظهرا من مظاهر علمه الشامل، وحكمه النافذ، فقال يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ.. أى: يعلم- سبحانه- أحوالهم كلها صغيرها وكبيرها، متقدمها ومتأخرها، وَلا يَشْفَعُونَ لأحد من خلقه إلا لمن ارتضى الله- تعالى- شفاعتهم له.

وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ أى: وهم لخوفهم من الله ومن عقابه حذرون وجلون.

فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصف الملائكة في هذه الآيات بجملة من الصفات الكريمة التي تدل على طاعتهم المطلقة لله- تعالى- وعلى إكرامه- سبحانه- لهم.

( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم )

وقوله : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) كقوله : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) [ البقرة : 255 ] ، وقوله : ( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ) [ سبأ : 23 ] ، في آيات كثيرة في معنى ذلك .

( وهم من خشيته ) أي : من خوفه ورهبته ( مشفقون)

يقول تعالى ذكره: يعلم ما بين أيدي ملائكته ما لم يبلغوه ما هو وما هم فيه قائلون وعاملون، وما خلفهم :يقول: وما مضى من قبل اليوم مما خلفوه وراءهم من الأزمان والدهور ما عملوا فيه، قالوا ذلك كله محصى لهم وعليهم، لا يخفى عليه من ذلك شيء.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ) يقول: يعلم ما قدّموا وما أضاعوا من أعمالهم ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) يقول: ولا تشفع الملائكة إلا لمن رضي الله عنه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى ) يقول: الذين ارتضى لهم شهادة أن لا إله إلا الله.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( إِلا لِمَنِ ارْتَضَى ) قال: لمن رضي عنه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى ) يوم القيامة، ( وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ).

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال أخبرنا معمر، عن قتادة يقول: ولا يشفعون يوم القيامة.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله ، وقوله ( وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) يقول: وهم من خوف الله وحذار عقابه أن يحلّ بهم مشفقون، يقول: حذرون أن يعصوه ويخالفوا أمره ونهيه.

المعاني :

مُشفقون :       خائفون حذرون معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[28] ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ﴾ دليل على شفاعة الملائكة لأقوام، وأن الله يقبل شفاعتهم، اللهم اجعلنا منهم.
وقفة
[28] من كان كثير الذنوب، وأراد أن يحطها الله عنه بغير تعب فليغتنم ملازمة مكان مصلاه بعد الصلاة؛ ليستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له، فهو مرجو إجابتهم، لقوله: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ﴾.
وقفة
[28] ﴿وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ ليس للملائكة ذنب ويخشونه، فكيف بأصحاب الذنوب؟!
وقفة
[28] ﴿وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ أصل الخشية خوف مع تعظيم، ولذا خص الله بها العلماء، ومن لم يعرف الله حقًّا فكيف يعظمه؟ ومن لم يعظمه فكيف يخشاه؟!
اسقاط
[28] ﴿وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ ملائكة يخافون، وهم لا يذنبون! كيف بمدمن الأوزار بالليل والنهار؟!
اسقاط
[28] ﴿وَهُم مِن خَشيَتِهِ مُشفِقونَ﴾ قس درجة خوفك من الله لتعرف كم الخشية فى قلبك.
تفاعل
[28] ادعُ اللهَ أن يرزقكَ خشيتَه في الغيبِ والشهادةِ ﴿وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ يَعْلَمُ ما:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ:
  • بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف متعلق بمحذوف تقديره: استقر او هو مستقر. ايدي: مضاف اليه مجرور بالكسرة المقدرة على الياء للثقل. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وجملة «استقر أو هو مستقر بين ايديهم» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَما خَلْفَهُمْ:
  • معطوفة بالواو على ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» وتعرب مثلها. بمعنى: ما هو امامهم وخلفهم اي ما قدموا واخروا.
  • ﴿ وَلا يَشْفَعُونَ:
  • معطوفة بالواو على لا يَسْبِقُونَهُ» الواردة في الآية الكريمة السابقة. وتعرب اعراب «لا يسبقون».
  • ﴿ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى:
  • إلا: اداة حصر لا عمل لها. لمن: جار ومجرور متعلق بيشفعون. من: اسم موصول مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل جر باللام. ارتضى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «ارتضى» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد ضمير منصوب محلا لانه مفعول به. التقدير: لمن ارتضاه. بمعنى: الا لمن اراد ان يشفعوا له.
  • ﴿ وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة. وخبر «هم» مفرد. وهو «مشفقون» بمعنى «خائفون» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

مريم: 64﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ۖ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَٰلِكَ
البقرة: 255﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ
طه: 110﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا
الأنبياء: 28﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ
الحج: 76﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     الصفة الرابعة: يعلم اللهُ سابق أعمالهم ولاحقها. الصفة الخامسة: أنهم لا يشفعون إلا لمن رضي اللهُ عنه. الصفة السادسة: أنهم في غاية الخوف والوجل من الله، قال تعالى :
﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [29] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ ..

التفسير :

[29] ومن يدَّع من الملائكة أنه إله مع الله -على سبيل الفرض- فجزاؤه جهنم، مثل ذلك الجزاء نجزي كل ظالم مشرك.

فلما بين أنه لا حق لهم في الألوهية، ولا يستحقون شيئا من العبودية بما وصفهم به من الصفات المقتضية لذلك، ذكر أيضا أنه لا حظ لهم، ولا بمجرد الدعوى، وأن من قال منهم:{ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ ْ} على سبيل الفرض والتنزل{ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ْ} وأي ظلم أعظم من ادعاء المخلوق الناقص، الفقير إلى الله من جميع الوجوه مشاركة الله في خصائص الإلهية والربوبية؟"

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أنهم مع كرامتهم عند الله- تعالى- لو ادعى أحد منهم- على سبيل الفرض- أنه إله، لعاقبه الله عقابا شديدا، فقال- تعالى-: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ، فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ، كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ.

أى: ومن يقل من الملائكة- على سبيل الفرض والتقدير- إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ أى:

من دون الله- عز وجل- «فذلك» الذي ادعى هذا الادعاء الكاذب «نجزيه جهنم» أى: نجعل جزاءه الإلقاء في جهنم كسائر المجرمين الكاذبين، ولا يغنى عنه ما سبق له من طاعة وتكريم كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ أى: مثل هذا الجزاء الرادع الفظيع نجزى كل ظالم يضع الأمور في غير موضعها، إذ أن حقوق الله- تعالى- لا يجوز لأحد- كائنا من كان- أن ينسبها لنفسه، سواء أكان ملكا مقربا، أم نبيا مرسلا.

وبعد أن ساق- سبحانه- ألوانا من الأدلة الكونية الشاهدة بوحدانيته، ومن الأدلة النقلية النافية للشركاء، ومن الأدلة الوجدانية التي تهيج القلوب نحو الحق.. أتبع ذلك بتحريض الكافرين على التدبر في ملكوت السموات والأرض، لعل هذا التدبر يهديهم إلى الإيمان، فقال- تعالى-:

أي : من ادعى منهم أنه إله من دون الله ، أي : مع الله ، ( فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ) أي : كل من قال ذلك ، وهذا شرط ، والشرط لا يلزم وقوعه ، كقوله : ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) [ الزخرف : 81 ] ، وقوله ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) [ الزمر : 65 ] .

يقول تعالى ذكره: ومن يقل من الملائكة: إني إله من دون الله (فَذَلَك) الذي يقول ذلك منهم ( نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ) يقول: نثيبه على قيله ذلك جهنم ( كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) يقول: كما نجزي من قال من الملائكة إني إله من دون الله جهنم، كذلك نجزي ذلك كل من ظلم نفسه، فكفر بالله وعبد غيره، وقيل: عنى بهذه الآية إبليس، وقال قائلو ذلك: إنما قلنا ذلك، لأنه لا أحد من الملائكة قال: إني إله من دون الله سواه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج ( وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ ) قال: قال ابن جُرَيج: من يقل من الملائكة إني إله من دونه؛ فلم يقله إلا إبليس دعا إلى عبادة نفسه، فنـزلت هذه في إبليس.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) وإنما كانت هذه الآية خاصة لعدو الله إبليس لما قال ما قال، لعنه الله وجعله رجيما، فقال ( فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ).

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة ( وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ) قال: هي خاصة لإبليس.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[29] ﴿وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ وأي ظلم أعظم من ادعاء المخلوق -الناقص الفقير إلى الله من جميع الوجوه- مشاركة الله في خصائص الإلهية والربوبية.
وقفة
[29] ﴿وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ بعد أن وصف الله كرامة الملائكة عليه، فاجأنا بهذا الوعد الشديد، وإن كان على سبيل الفرض والتقدير، مع إحاطة علمه سبحانه بأن هذا لا يكون، لكن قصد به تفظيع أمر الشرك، وتعظيم شأن التوحيد.
وقفة
[29] ﴿وَمَن يَقُل مِنهُم إِنّي إِلهٌ مِن دونِهِ فَذلِكَ نَجزيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجزِي الظّالِمينَ﴾ مهما علا شأنك وارتفع نجمك فلست بمنأى من العذاب إن أخطأت ولم تتب.
تفاعل
[29] ﴿فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ﴾ استعذ بالله من جهنم.
وقفة
[29] ﴿كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ (الظَّالِمُونَ) هذه الفاصلة ترددت في القرآن الكريم مئة وست مرات، كلها جاءت في وضع الشيء في غير موضعه، وأحيانًا يكون المعنى واضحًا، وحينًا يحتاج إلى مزيد تأمل وتدبر، وأعلى درجات الظلم هو الشرك، وأيضًا التعدي على حقوق الآخرين، ومن الأمثلة: ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 229]، التعدي = الظلم، ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13]، الشرك = الظلم، ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ﴾ [79]، وضع الشيء في غير موضعه = الظلم.

الإعراب :

  • ﴿ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يقل: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره. وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من: حرف جر. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» و «من» حرف جر بياني. والجملة من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ «من».
  • ﴿ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ:
  • بمعنى. ومن يزعم منهم انه إله. إن حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير المتكلم في محل نصب اسم «إن».إله:خبر «إن» مرفوع بالضمة. من دونه: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «إله» والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة و «ان» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. نجزيه: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والهاء ضمير الغائب في محل نصب مفعول به اول. جهنم: مفعول به ثان منصوب بالفتحة ولم تنون الكلمة لانها ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث. وجملة «نجزيه» في محل رفع خبر «ذلك».
  • ﴿ كَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ:
  • الكاف اسم مبني على الفتح بمعنى «مثل» في محل رفع او نصب. الرفع: على انه مبتدأ و «ذا»اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب. نجزي: اعربت والجملة الفعلية نَجْزِي الظّالِمِينَ» في محل رفع خبر المبتدأ «كذلك».الظالمين: مفعول به منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد بمعنى: مثل ذلك الجزاء نجزي الظالمين. وعلى الوجه الثاني «النصب» تكون الكاف نائبة عن المفعول المطلق-المصدر-المقدر او نعتا له. بتقدير: نجزي جزاء مثل ذلك.'

المتشابهات :

الأعراف: 40﴿وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ
الأعراف: 152﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ
الأعراف: 41﴿لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ۚ وَ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
يوسف: 75﴿قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
الأنبياء: 29﴿وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     وبعد أن وصَفَ اللهُ عز و جل كرامةَ الملائِكةِ عليه، وأثنَى عليهم، وأضاف إليهم تلك الأفعالَ؛ أنذرَ هنا بعذابِ جَهنَّمَ مَن ادَّعى منهم أنَّه إلهٌ؛ تفظيعًا لأمرِ الشركِ، وتعظيمًا لشأنِ التوحيدِ، قال تعالى:
﴿ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نجزيه:
1- بفتح النون، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، والأصل: نجزئه، ثم خففت الهمزة، فانقلبت ياء، وهى قراءة أبى عبد الرحمن المقرئ.

مدارسة الآية : [30] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ ..

التفسير :

[30] أَوَلَمْ يعلم هؤلاء الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين لا فاصل بينهما، فلا مطر من السماء ولا نبات من الأرض، ففصلناهما بقدرتنا، وأنزلنا المطر من السماء، وأخرجنا النبات من الأرض، وجعلنا من الماء كل شيء حي، أفلا يؤمن هؤلاء الجاحدون فيصدقوا بما

أي:أولم ينظر هؤلاء الذين كفروا بربهم، وجحدوا الإخلاص له في العبودية، ما يدلهم دلالة مشاهدة، على أنه الرب المحمود الكريم المعبود، فيشاهدون السماء والأرض فيجدونهما رتقا، هذه ليس فيها سحاب ولا مطر، وهذه هامدة ميتة، لا نبات فيها، ففتقناهما:السماء بالمطر، والأرض بالنبات، أليس الذي أوجد في السماء السحاب، بعد أن كان الجو صافيا لا قزعة فيه، وأودع فيه الماء الغزير، ثم ساقه إلى بلد ميت; قد اغبرت أرجاؤه، وقحط عنه ماؤه، فأمطره فيها، فاهتزت، وتحركت، وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج، مختلف الأنواع، متعدد المنافع، [أليس ذلك]دليلا على أنه الحق، وما سواه باطل، وأنه محيي الموتى، وأنه الرحمن الرحيم؟ ولهذا قال:{ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ْ} أي:إيمانا صحيحا، ما فيه شك ولا شرك.

وقوله رَتْقاً مصدر رتقه رتقا: إذا سده. يقال: رتق فلان الفتق رتقا، إذا ضمه وسده، وهو ضد الفتق الذي هو بمعنى الشق والفصل.

وللعلماء في معنى هذه الآية أقوال أشهرها: أن معنى كانَتا رَتْقاً أن السماء كانت صماء لا ينزل منها مطر، وأن الأرض كانت لا يخرج منها نبات، ففتق الله- تعالى- السماء بأن جعل المطر ينزل منها، وفتق الأرض بأن جعل النبات يخرج منها.

وهذا التفسير منسوب إلى ابن عباس، فقد سئل عن ذلك فقال: كانت السموات رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت، فلما خلق- سبحانه- للأرض أهلا، فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات .

ومنهم من يرى أن المعنى: كانت السموات والأرض متلاصقتين كالشىء الواحد، ففتقهما الله- تعالى- بأن فصل بينهما، فرفع السماء إلى مكانها، وأبقى الأرض في مقرها، وفصل بينهما بالهواء.

قال قتادة قوله كانَتا رَتْقاً يعنى أنهما كانا شيئا واحدا ففصل الله بينهما بالهواء .

ومنهم من يرى أن معنى «كانتا رتقا» أن السموات السبع كانت متلاصقة بعضها ببعض ففتقها الله- تعالى- بأن جعلها سبع سموات منفصلة، والأرضون كانت كذلك رتقا، ففصل الله- تعالى- بينها وجعلها سبعا.

قال مجاهد: كانت السموات طبقة واحدة مؤتلفة، ففتقها فجعلها سبع سموات، وكذلك الأرضين كانت طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبعا .

وقد رجح بعض العلماء المعنى الأول فقال ما ملخصه: كونهما «كانتا رتقا» بمعنى أن السماء لا ينزل منها مطر، والأرض لا تنبت، ففتق- سبحانه- السماء بالمطر والأرض بالنبات، هو الراجح وتدل عليه قرائن من كتاب الله- تعالى- منها:

أن قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا.. يدل على أنهم رأوا ذلك لأن الأظهر في رأى أنها بصرية، والذي يرونه بأبصارهم هو أن السماء تكون لا ينزل منها مطر، والأرض لا نبات فيها. فيشاهدون بأبصارهم نزول المطر من السماء، وخروج النبات من الأرض.

ومنها: أنه- سبحانه- أتبع ذلك بقوله: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ والظاهر اتصال هذا الكلام بما قبله. أى: وجعلنا من الماء الذي أنزلناه بفتقنا السماء، وأنبتنا به أنواع النبات بفتقنا الأرض، كل شيء حي.

ومنها: أن هذا المعنى جاء موضحا في آيات أخرى، كقوله- تعالى-: وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ. وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ والمراد بالرجع: نزول المطر من السماء تارة بعد أخرى، والمراد بالصدع: انشقاق الأرض عن النبات. واختار هذا القول ابن جرير وابن عطية والفخر الرازي.

فإن قيل: هذا الوجه مرجوح، لأن المطر لا ينزل من السموات، بل من سماء واحدة وهي سماء الدنيا؟

قلنا: إنما أطلق عليه لفظ الجمع، لأن كل قطعة فيها سماء كما يقال: ثوب أخلاق- أى:

قطع .

والآية الكريمة مسوقة لتجهيل المشركين وتوبيخهم على كفرهم، مع أنهم يشاهدون بأعينهم ما يدل دلالة واضحة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، ويعلمون أن من كان كذلك،لا يصح أن تترك عبادته إلى عبادة حجر أو نحوه، مما لا يضر ولا ينفع.

والمعنى: أو لم يشاهد الذين كفروا بأبصارهم، ويعلموا بعقولهم، أن السموات والأرض كانتا رتقا، بحيث لا ينزل من السماء مطر، ولا يخرج من الأرض نبات، ففتق الله- تعالى- السماء بالمطر، والأرض بالنبات.

إنهم بلا شك يشاهدون ذلك، ويعقلونه بأفكارهم. ولكنهم لاستيلاء الجحود والعناد عليهم، يعبدون من دونه- سبحانه- مالا ينفع من عبده، ولا يضر من عصاه.

وقال- سبحانه-: كانَتا بالتثنية، باعتبار النوعين اللذين هما نوع السماء، ونوع الأرض، كما في قوله- عز وجل-: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ...

وقوله- تعالى-: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.. تأكيد لمضمون ما سبق، وتقرير لوحدانيته ونفاذ قدرته- سبحانه- والجعل بمعنى الخلق. ومِنَ ابتدائية.

أى: وخلقنا من الماء بقدرتنا النافذة، كل شيء متصف بالحياة الحقيقية وهو الحيوان، أو كل شيء نام فيدخل النبات، ويراد من الحياة ما يشمل النمو.

وهذا العام مخصوص بما سوى الملائكة والجن مما هو حي، لأن الملائكة- كما جاء في بعض الأخبار خلقوا من النور، والجن مخلوقون من النار.

قال- تعالى- خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ.

قال القرطبي: وفي قوله- تعالى-: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ثلاث تأويلات: أحدها: أنه خلق كل شيء من الماء. قاله قتادة. الثاني: حفظ حياة كل شيء بالماء: الثالث: وجعلنا من ماء الصلب- أى: النطفة- كل شيء حي.. .

وقوله: أَفَلا يُؤْمِنُونَ إنكار لعدم إيمانهم مع وضوح كل ما يدعو إلى الإيمان الحق، والفاء للعطف على مقدر يستدعيه هذا الإنكار.

أى: أيشاهدون بأعينهم ما يدل على وحدانية الله وقدرته. ومع ذلك لا يؤمنون؟

إن أمرهم هذا لمن أعجب العجب، وأغرب الغرائب!!.

يقول تعالى منبها على قدرته التامة ، وسلطانه العظيم في خلقه الأشياء ، وقهره لجميع المخلوقات ، فقال : ( أولم ير الذين كفروا ) أي : الجاحدون لإلهيته العابدون معه غيره ، ألم يعلموا أن الله هو المستقل بالخلق ، المستبد بالتدبير ، فكيف يليق أن يعبد غيره أو يشرك به ما سواه ، ألم يروا ( أن السماوات والأرض كانتا رتقا ) أي : كان الجميع متصلا بعضه ببعض متلاصق متراكم ، بعضه فوق بعض في ابتداء الأمر ، ففتق هذه من هذه . فجعل السماوات سبعا ، والأرض سبعا ، وفصل بين سماء الدنيا والأرض بالهواء ، فأمطرت السماء وأنبتت الأرض; ولهذا قال : ( وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ) أي : وهم يشاهدون المخلوقات تحدث شيئا فشيئا عيانا ، وذلك دليل على وجود الصانع الفاعل المختار القادر على ما يشاء :

ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد

قال سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن عكرمة قال : سئل ابن عباس : الليل كان قبل أو النهار؟ فقال : أرأيتم السماوات والأرض حين كانتا رتقا ، هل كان بينهما إلا ظلمة؟ ذلك لتعلموا أن الليل قبل النهار .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن أبي حمزة ، حدثنا حاتم ، عن حمزة بن أبي محمد ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر; أن رجلا أتاه يسأله عن السماوات والأرض ( كانتا رتقا ففتقناهما ) ؟ . قال : اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله ، ثم تعال فأخبرني بما قال لك . قال : فذهب إلى ابن عباس فسأله . فقال ابن عباس : نعم ، كانت السماوات رتقا لا تمطر ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت .

فلما خلق للأرض أهلا فتق هذه بالمطر ، وفتق هذه بالنبات . فرجع الرجل إلى ابن عمر فأخبره ، فقال ابن عمر : الآن قد علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علما ، صدق - هكذا كانت . قال ابن عمر : قد كنت أقول : ما يعجبني جراءة ابن عباس على تفسير القرآن ، فالآن قد علمت أنه قد أوتي في القرآن علما .

وقال عطية العوفي - : كانت هذه رتقا لا تمطر ، فأمطرت . وكانت هذه رتقا لا تنبت ، فأنبتت .

وقال إسماعيل بن أبي خالد : سألت أبا صالح الحنفي عن قوله : ( أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ) ، قال : كانت السماء واحدة ، ففتق منها سبع سماوات ، وكانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين .

وهكذا قال مجاهد ، وزاد : ولم تكن السماء والأرض متماستين .

وقال سعيد بن جبير : بل كانت السماء والأرض ملتزقتين ، فلما رفع السماء وأبرز منها الأرض ، كان ذلك فتقهما الذي ذكر الله في كتابه . وقال الحسن ، وقتادة ، كانتا جميعا ، ففصل بينهما بهذا الهواء .

وقوله : ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) أي : أصل كل الأحياء منه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الجماهر ، حدثنا سعيد بن بشير ، حدثنا قتادة عن أبي ميمونة ، عن أبي هريرة أنه قال : يا نبي الله إذا رأيتك قرت عيني ، وطابت نفسي ، فأخبرني عن كل شيء ، قال : " كل شيء خلق من ماء " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن أبي ميمونة ، عن أبي هريرة قال : قلت : يا رسول الله ، إني إذا رأيتك طابت نفسي ، وقرت عيني ، فأنبئني عن كل شيء . قال : " كل شيء خلق من ماء " قال : قلت : أنبئني عن أمر إذا عملت به دخلت الجنة . قال : " أفش السلام ، وأطعم الطعام ، وصل الأرحام ، وقم بالليل والناس نيام ، ثم ادخل الجنة بسلام " .

ورواه أيضا عبد الصمد وعفان وبهز ، عن همام . تفرد به أحمد ، وهذا إسناد على شرط الصحيحين ، إلا أن أبا ميمونة من رجال السنن ، واسمه سليم ، والترمذي يصحح له . وقد رواه سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة مرسلا والله أعلم .

يقول تعالى ذكره: أو لم ينظر هؤلاء الذي كفروا بالله بأبصار قلوبهم، فيروا بها، ويعلموا أن السماوات والأرض كانتا رَتْقا: يقول: ليس فيهما ثقب، بل كانتا ملتصقتين، يقال منه: رتق فلان الفتق: إذا شدّه، فهو يرتقه رتقا ورتوقا، ومن ذلك قيل للمرأة التي فرجها ملتحم: رتقاء، ووحد الرتق، وهو من صفة السماء والأرض، وقد جاء بعد قوله (كانَتا) لأنه مصدر، مثل قول الزور والصوم والفطر.

وقوله (فَفَتَقْناهُما) يقول: فصدعناهما وفرجناهما.

ثم اختلف أهل التأويل في معنى وصف الله السماوات والأرض بالرتق وكيف كان الرتق، وبأيْ معنى فتق؟ فقال بعضهم: عنى بذلك أن السماوات والأرض كانتا ملتصقتين، ففصل الله بينهما بالهواء.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا ) يقول: كانتا ملتصقتين.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما)... الآية، يقول: كانتا ملتصقتين، فرفع السماء ووضع الأرض.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ) كان ابن عباس يقول: كانتا ملتزقتين، ففتقهما الله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ) قال: كان الحسن وقتادة يقولان: كانتا جميعا، ففصل الله بينهما بهذا الهواء.

وقال آخرون: بل معنى ذلك أن السماوات كانت مرتتقة طبقة، ففتقها الله فجعلها سبع سماوات وكذلك الأرض كانت كذلك مرتتقة، ففتقها، فجعلها سبع أرضين

* ذكر من قال: ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تبارك وتعالى ( رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ) من الأرض ستّ أرضين معها فتلك سبع أرضين معها، ومن السماء ستّ سماوات معها، فتلك سبع سماوات معها، قال: ولم تكن الأرض والسماء متماسَّتين.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ) قال: فتقهنّ سبع سماوات، بعضهنّ فوق بعض، وسبع أرضين بعضهنّ تحت بعض.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد نحو حديث محمد بن عمرو، عن أبي عاصم.

حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا محمد بن يزيد، عن إسماعيل، قال: سألت أبا صالح عن قوله ( كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ) قال: كانت الأرض رتقا والسماوات رتقا، ففتق من السماء سبع سماوات، ومن الأرض سبع أرضين.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: كانت سماء واحدة ثم فتقها، فجعلها سبع سماوات في يومين، في الخميس والجمعة، وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السماوات والأرض، فذلك حين يقول خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ يَقُولُ ( كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا).

وقال آخرون: بل عنى بذلك أن السماوات كانت رتقا لا تمطر، والأرض كذلك رتقا لا تنبت، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ) قال: كانتا رتقا لا يخرج منهما شيء، ففتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات. قال: وهو قوله وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ .

حدثني الحسين بن عليّ الصدائي، قال: ثنا أبي، عن الفضيل بن مرزوق، عن عطية، في قوله ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ) قال: كانت السماء رتقا لا تمطر، والأرض رتقا لا تنبت، ففتق السماء بالمطر، وفتق الأرض بالنبات، وجعل من الماء كل شيء حيّ، أفلا يؤمنون؟

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ) قال: كانت السماوات رتقا لا ينـزل منها مطر، وكانت الأرض رتقا لا يخرج منها نبات، ففتقهما الله، فأنـزل مطر السماء، وشقّ الأرض فأخرج نباتها، وقرأ ( فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ ).

وقال آخرون: إنما قيل (فَفَتَقْنَاهُما) لأن الليل كان قبل النهار، ففتق النهار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خلق الليل قبل النهار، ثم قال: كانتا رتقا ففتقناهما.

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا من المطر والنبات، ففتقنا السماء بالغيث والأرض بالنبات.

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب في ذلك لدلالة قوله: ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) على ذلك، وأنه جلّ ثناؤه لم يعقب ذلك بوصف الماء بهذه الصفة إلا والذي تقدمه من ذكر أسبابه.

فإن قال قائل: فإن كان ذلك كذلك، فكيف قيل: أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا، والغيث إنما ينـزل من السماء الدنيا؟ قيل: إن ذلك مختلف فيه، قد قال قوم: إنما ينـزل من السماء السابعة، وقال آخرون: من السماء الرابعة، ولو كان ذلك أيضا كما ذكرت من أنه ينـزل من السماء الدنيا، لم يكن في قوله ( أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ ) دليل على خلاف ما قلنا، لأنه لا يمتنع أن يقال السماوات، والمراد منها واحدة فتجمع، لأن كل قطعة منها سماء، كما يقال: ثوب أخلاق، وقميص أسمال.

فإن قال قائل: وكيف قيل إن السماوات والأرض كانتا، فالسماوات جمع، وحكم جمع الإناث أن يقال في قليلة كنّ، وفي كثيره كانت؟ قيل: إنما قيل ذلك كذلك لأنهما صنفان، فالسماوات نوع، والأرض آخر، وذلك نظير قول الأسود بن يعفر:

إنَّ المَنِيَّـــةَ والحُــتُوفَ كِلاهُمــا

تُــوفِي المَخـارِمَ يَرْقُبـانِ سَـوَادِي (1)

فقال كلاهما ، وقد ذكر المنية والحتوف لما وصفت من أنه عنى النوعين، وقد أخبرت عن أبي عبيدة معمر بن المثنى، قال: أنشدني غالب النفيلي للقطامي:

ألـــمْ يَحْــزُنْكَ أنَّ حِبــالَ قَيْسٍ

وَتَغْلِــبَ قَــدْ تَبايَنَتــا انْقِطاعَــا (2)

فجعل حبال قيس وهي جمع، وحبال تغلب وهي جمع اثنين.

وقوله ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) يقول تعالى ذكره: وأحيينا بالماء الذي ننـزله من السماء كلّ شيء.

كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) قال: كلّ شيء حيّ خُلق من الماء.

فإن قال قائل: وكيف خصّ كل شيء حيّ بأنه جعل من الماء دون سائر الأشياء غيره، فقد علمت أنه يحيا بالماء الزروع والنبات والأشجار، وغير ذلك مما لا حياة له، ولا يقال له حيّ ولا ميت؟ قيل: لأنه لا شيء من ذلك إلا وله حياة وموت، وإن خالف معناه في ذلك معنى ذوات الأرواح في أنه لا أرواح فيهنّ وأن في ذوات الأرواح أرواحا، فلذلك قيل ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ).

وقوله ( أَفَلا يُؤْمِنُونَ ) يقول: أفلا يصدّقون بذلك، ويقرّون بألوهية من فعل ذلك ويفردونه بالعبادة.

------------------------

الهوامش :

(1) البيت للأسود بن يعفر النهشلي التميمي ( المفضليات 101 ) والمنية : الموت ، والحتوف جمع حتف ، يريد به أنواع الأخطار التي تؤدي إلى الموت والمخارم جمع مخرم : الطريق في الغلظ ( عن السكري ) . وقيل : الطرق في الجبال وأفواه الفجاج ، وسواد الإنسان شخصه . والشاهد في البيت أن الشاعر ذكر المنية والحتوف ثم قال يرقبان بالتثنية ، لأنه جعل المنية والحتوف نوعين للهلاك ، ثم قال : يرقبان . ولو جرى على ما يقتضيه اللفظ لقال : ترقب سوادي ، لأن المنية والحتوف عدة أشياء .

(2) البيت للقطامي ، وهو الرابع من عينيته المشهورة التي مطلعها " قفي قبل التفرق يا ضباعا " ( انظر ديوانه ، طبعة ليدن سنة 1902 ، ص 27 ) . قال : تباينت تفرقت . والحبال : العلائق والعهود . والشاهد في البيت أن الشاعر قال : تباينتا بلفظ التثنية ، مع أن حبال قيس جمع ، وحبال تغلب جمع ، فكان ظاهر اللفظ يقتضي أن يقول : ( تباينت انقطاعا ) مراعاة لمعنى الجمعية في حبال قيس وتغلب .

المعاني :

رَتْقًا :       مُلْتَصِقَتَيْنِ السراج
كانتا رتقا :       كانتا مُلتصِقتين بلا فصْـلٍ معاني القرآن
فَفَتَقْنَاهُمَا :       فَفَصَلْنَاهُمَا بِقُدْرَتِنَا السراج
ففتقناهما :       ففصلنا بينهما بالهواء معاني القرآن
كلّ شيء حيّ :       كل شيء نامٍ حيوانا أو نباتا معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[30] ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ خُلِقت السماوات والأرض وفق سُنَّة التدرج، فقد خُلِقتا مُلْتزِقتين، ثم فُصِل بينهما.
لمسة
[30] ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ الفتق هو الفصل بين الشيئين، والرتق: عكس الفتق وهو الالتئام، فإن قيل: لم ير الكافرون السماوات والأض حين كانتا رتقًا؟ والجواب: أن القرآن -وهو المعجزة الخالدة- قام إخباره بذلك مقام المرئي المشاهد، وهذه الآية من آيات الإعجاز العلمي التي قررت مسألة لم تكن معروفة يومئذ.
وقفة
[30-32] الآيات دالة على وحدانية الله عز وجل، وأنه وحده سبحانه الخالق المدبر، فمَن غيره سواه جل شأنه يخلق ذلك.
وقفة
[30] ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ من رزقك الماء هو من يحبك ويرعاك لتحيا، وسخر لك كل شيء لتوحده وتعبده.
عمل
[30] تصور لو أن الماء انقطع عن مدينتك أسبوعًا فماذا سيحدث للناس؟! ثم احمد الله على نعمة الماء ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ:
  • الالف الف انكار بلفظ‍ استفهام. الواو زائدة. لم: حرف نفي وجزم وقلب. ير: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره حرف العلة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل بمعنى: ألم يعلم الكافرون.
  • ﴿ كَفَرُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.السموات: اسم «ان» منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم. والارض: معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. وان مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «يرى
  • ﴿ كانَتا رَتْقاً:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ان» بمعنى: كانتا جميعا كتلة واحدة اي مضمومتين. اي السماء لاصقة بالارض لا فضاء بينهما. واراد بالجملة التثنية اي جعل السموات والارض مفردتين بمعنى: جماعة السموات وجماعة الارض ولذلك لم يقل كن رتقا. كانتا: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. التاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. والالف ضمير الاثنين مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».رتقا: خبرها منصوب بالفتحة. وجاءت الكلمة «رتقا» مفردة لانها مصدر.
  • ﴿ فَفَتَقْناهُما:
  • الفاء استئنافية. فتق: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. الهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. الميم: عماد. والالف علامة التثنية لا محل له. بمعنى:ففصلنا بعضها عن بعض وجعلناهما كواكب وشمسا وتوابع بعد ان كانتا متلاصقتين. وقيل: ففتقناهما بالمطر والنبات.
  • ﴿ وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ:
  • الواو عاطفة. جعلنا: تعرب اعراب «فتقنا».من الماء: جار ومجرور متعلق بجعلنا بمعنى خلقنا.
  • ﴿ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة وهو مضاف. شيء: مضاف اليه مجرور بالكسرة. حي: صفة-نعت-لشيء مجرورة مثلها بمعنى: كل حيوان ونبات.
  • ﴿ أَفَلا يُؤْمِنُونَ:
  • الالف ألف توبيخ بلفظ‍ استفهام. الفاء: زائدة-تزيينية- لا: نافية لا عمل لها. يؤمنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وصلتها محذوفة دل عليها سياق الكلام.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     وبعد الردِّ على المشركين الذين كانوا يعبدون آلهة من دون الله، والذين قالوا اتخذ الله ولدًا من الملائكة؛ وبَّخَهم اللهُ هنا على عدمِ تدبُّرِ آياتِ وأدلَّةِ الكونِ الدَّالةِ على وحدانيتِه، وذكَرَ منها ستةَ أدلةٍ: الدليل الأول: فَصْلُ السماء عن الأرض. الدليل الثاني: نعمةُ الماء، قال تعالى:
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أو لم:
1- بالواو، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ألم، بغير واو، وهى قراءة ابن كثير، وحميد، وابن محيصن.
رتقا:
1- بسكون التاء، على المصدرية، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح التاء، على الاسمية، وهى قراءة الحسن، ويد بن على، وأبى حيوة، وعيسى.
حى:
1- بالخفض، صفة ل «شيء» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- حيا، بالنصب، مفعولا ثانيا ل «جعلنا» ، وهى قراءة حميد.

مدارسة الآية : [31] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن ..

التفسير :

[31] وخلقنا في الأرض جبالاً تثبتها حتى لا تضطرب بأهلها، وجعلنا فيها طرقاً واسعة؛ رجاء اهتداء الخلق إلى معايشهم، وتوحيد خالقهم.

أي:ومن الأدلة على قدرته وكماله ووحدانيته ورحمته، أنه لما كانت الأرض لا تستقر إلا بالجبال، أرساها بها وأوتدها، لئلا تميد بالعباد، أي:لئلا تضطرب، فلا يتمكن العباد من السكون فيها، ولا حرثها، ولا الاستقرار بها، فأرساها بالجبال، فحصل بسبب ذلك، من المصالح والمنافع، ما حصل، ولما كانت الجبال المتصل بعضها ببعض، قد تتصل اتصالا كثيرا جدا، فلو بقيت بحالها، جبالا شامخات، وقللا باذخات، لتعطل الاتصال بين كثير من البلدان.

فمن حكمة الله ورحمته، أن جعل بين تلك الجبال فجاجا سبلا، أي:طرقا سهلة لا حزنة، لعلهم يهتدون إلى الوصول، إلى مطالبهم من البلدان، ولعلهم يهتدون بالاستدلال بذلك على وحدانية المنان.

ثم ساق- سبحانه- أدلة أخرى على وحدانيته وقدرته فقال: وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ...

الرواسي: جمع راسية، من رسا الشيء إذا ثبت ورسخ، والمراد بها الجبال الثابتة الراسخة في الأرض.

أى: وجعلنا في الأرض جبالا ثوابت، كراهة أن تَمِيدَ بِهِمْ أى: أن تضطرب وتتحرك بهم الأرض. يقال: ماد الشيء يميد ميدا- من باب باع إذا تحرك واهتز.

وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ، والفجاج. جمع فج وهو الطريق الواسع.

والسبل: جمع سبيل وهو الطريق. وهو بدل من فِجاجاً.

أى: وجعلنا في الأرض طرقا واسعة، ومنافذ متعددة، لعلهم بذلك يهتدون ويتوصلون إلى الأماكن التي يريدون الوصول إليها. ويعلمون أن الذي وهبهم كل هذه النعم، هو الله- تعالى- الذي يجب أن يخلصوا له العبادة والطاعة.

وقوله : ( وجعلنا في الأرض رواسي ) أي : جبالا أرسى الأرض بها وقررها وثقلها; لئلا تميد بالناس ، أي : تضطرب وتتحرك ، فلا يحصل لهم عليها قرار لأنها غامرة في الماء إلا مقدار الربع ، فإنه باد للهواء والشمس ، ليشاهد أهلها السماء وما فيها من الآيات الباهرات ، والحكم والدلالات; ولهذا قال : ( أن تميد بهم ) أي : لئلا تميد بهم .

وقوله : ( وجعلنا فيها فجاجا سبلا ) أي : ثغرا في الجبال ، يسلكون فيها طرقا من قطر إلى قطر ، وإقليم إلى إقليم ، كما هو المشاهد في الأرض ، يكون الجبل حائلا بين هذه البلاد وهذه البلاد ، فيجعل الله فيه فجوة - ثغرة - ليسلك الناس فيها من هاهنا إلى هاهنا; ولهذا قال : ( لعلهم يهتدون ) .

يقول تعالى ذكره: أو لم ير هؤلاء الكفار أيضا من حججنا عليهم وعلى جميع خلقنا، أنا جعلنا في الأرض جبالا راسية؟ والرواسي: جمع راسية، وهي الثابتة.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( وَجَعَلْنَا فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ ) أي جبالا.

وقوله ( أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ) يقول: أن لا تتكفأ بهم، يقول جلّ ثناؤه: فجعلنا في هذه الأرض هذه الرواسي من الجبال، فثبتناها لئلا تتكفأ بالناس، وليقدروا بالثبات على ظهرها.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كانوا على الأرض تمور بهم لا تستقرّ، فأصبحوا وقد جعل الله الجبال وهي الرواسي أوتادا للأرض، وجعلنا فيها فجاجا سبلا يعني مسالك، واحدها فجّ.

كما حدثنا بِشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا ) أي أعلاما. وقوله (سُبُلا) أي طرقا، وهي جمع السبيل.

وكان ابن عباس فيما ذُكر عنه يقول: إنما عنى بقوله ( وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا ) وجعلنا في الرواسي، فالهاء والألف في قوله ( وَجَعَلْنَا فِيهَا ) من ذكر الرواسي.

حدثنا بذلك القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس، قوله ( وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا ) سبلا قال: بين الجبال.

وإنما اخترنا القول الآخر في ذلك وجعلنا الهاء والألف من ذكر الأرض، لأنها إذا كانت من ذكرها داخل في ذلك السهل والجبل؛ وذلك أن ذلك كله من الأرض، وقد جعل الله لخلقه في ذلك كله فجاجا سبلا ولا دلالة تدلّ على أنه عنى بذلك فجاج بعض الأرض التي جعلها لهم سبلا دون بعض، فالعموم بها أولى.

وقوله ( لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ) يقول تعالى ذكره: جعلنا هذه الفجاج في الأرض ليهتدوا إلى السير فيها.

المعاني :

رَوَاسِيَ :       جِبَالًا تُثَبِّتُهَا السراج
رواسي :       جبالا ثوابت معاني القرآن
أَن تَمِيدَ :       لِئَلَّا تَضْطَرِبَ السراج
أن تميد بهم :       لئلاّ تضطرب بهم فلا تثبُت معاني القرآن
فِجَاجًا سُبُلًا :       طُرُقًا وَاسِعَةً مَسْلْوكَةً السراج

التدبر :

وقفة
[31] ﴿وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ﴾ الجبال أوتاد لتثبيت الأرض كما أثبتت الدراسات الحديثة، حيث أشاروا إلى أن الجبال تمتلك جذورًا تمتد داخل الغلاف الصخري، بهدف تأمين توازن الأرض.
وقفة
[31] ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ فيها قولان أحدهما: أنها عائدة إلى الجبال، أي وجعلنا في الجبال فجاجًا أي طرقا واسعة. الثاني: عائدة إلى الأرض، أي وجعلنا في الأرض فجاجًا، وهي المسالك والطرق.

الإعراب :

  • ﴿ وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ:
  • تعرب اعراب وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ» الواردة في الآية السابقة. ولم تنون «رواسي» لأنها ممنوعة من الصرف -التنوين-على وزن-مفاعل-بمعنى: وجعلنا في الارض جبالا ثابتات رواسخ. فحذف الموصوف «جبالا» وحلت الصفة «رواسي» محله.
  • ﴿ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ:
  • ان:حرف مصدرية ونصب. تميد: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.بهم: جار ومجرور متعلق بتميد و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالباء. وجملة «تميد بهم» صلة «أن» المصدرية لا محل لها. و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر متعلق بمفعول لاجله محذوف بتقدير: كراهة ان تميد بهم. او لئلا تميد بهم وتضطرب اي تميل وتضطرب. هذا من حيث الاعراب. وهناك وجه اكثر صوابا. وهو على اصل المراد بالقول المقدر: وجعلنا في الارض رواسي لاجل ان نثبتها اذا مادت بهم. اي ان تميد بهم فنثبتها ثم حذف «فنثبتها» دفعا للالتباس ايجازا واختصارا لان الله تعالى يثبت الارض والجبال اذا مادت-مالت-وهذا كله بارادته سبحانه.
  • ﴿ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً:
  • معطوفة بالواو على جَعَلْنا فِي الْأَرْضِ» وتعرب اعرابها. فجاجا: حال منصوبة بالفتحة اي واسعة.
  • ﴿ سُبُلاً لَعَلَّهُمْ:
  • مفعول به لجعلنا منصوب بالفتحة بمعنى: طرقا. لعل:حرف مشبه بالفعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسمها.
  • ﴿ يَهْتَدُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل اي الى منافعهم فيها.'

المتشابهات :

النحل: 15﴿ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
لقمان: 10﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ
الأنبياء: 31﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     الدليل الثالث: خلقُ الجبال. الدليل الرابع: خلقُ الطرق الواسعة، قال تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [32] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ ..

التفسير :

[32] وجعلنا السماء سقفاً للأرض لا يرفعها عماد، وهي محفوظة لا تسقط، ولا تخترقها الشياطين، والكفار عن الاعتبار بآيات السماء - الشمس والقمر والنجوم -، غافلون لاهون عن التفكير فيها.

أي:ذلك الذي ذكرنا لكم من تعظيم حرماته وشعائره، والمراد بالشعائر:أعلام الدين الظاهرة، ومنها المناسك كلها، كما قال تعالى:{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ومنها الهدايا والقربان للبيت، وتقدم أن معنى تعظيمها، إجلالها، والقيام بها، وتكميلها على أكمل ما يقدر عليه العبد، ومنها الهدايا، فتعظيمها، باستحسانها واستسمانها، وأن تكون مكملة من كل وجه، فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله.

وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ أى: وجعلنا السماء سقفا للأرض كما يكون السقف للبيت، وجعلناه محفوظا من السقوط ومن التشقق، ومن كل شيطان رجيم. وهم- أى المشركون- عن آياتها الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا وعلمنا. معرضون ذاهلون، لا يتعظون ولا يتذكرون.

ومن الآيات الدالة على حفظ السماء من السقوط، قوله- تعالى-: ... وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ .

ومن الآيات الدالة على حفظها من التشقق والتفطر قوله- سبحانه-: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ. .

وعلى حفظها من الشياطين قوله- تعالى-: وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ .

ومن الآيات الدالة على إعراض هؤلاء المشركين عن العبر والعظات قوله- سبحانه-:

وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ .

وقوله : ( وجعلنا السماء سقفا ) أي : على الأرض وهي كالقبة عليها ، كما قال : ( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ) [ الذاريات : 47 ] ، وقال : ( والسماء وما بناها ) [ الشمس : 5 ] ، ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ) [ ق : 6 ] ، والبناء هو نصب القبة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس " أي : خمس دعائم ، وهذا لا يكون إلا في الخيام ، على ما تعهده العرب .

( محفوظا ) أي : عاليا محروسا أن ينال . وقال مجاهد : مرفوعا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أشعث - يعني ابن إسحاق القمي - عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال رجل : يا رسول الله ، ما هذه السماء ، قال : " موج مكفوف عنكم " إسناد غريب .

وقوله : ( وهم عن آياتها معرضون ) ، كقوله : ( وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ) [ يوسف : 105 ] أي : لا يتفكرون فيما خلق الله فيها من الاتساع العظيم ، والارتفاع الباهر ، وما زينت به من الكواكب الثوابت والسيارات في ليلها ، وفي نهارها من هذه الشمس التي تقطع الفلك بكماله ، في يوم وليلة فتسير غاية لا يعلم قدرها إلا الذي قدرها وسخرها وسيرها .

وقد ذكر ابن أبي الدنيا ، رحمه الله ، في كتابه " التفكر والاعتبار " : أن بعض عباد بني إسرائيل تعبد ثلاثين سنة ، وكان الرجل منهم إذا تعبد ثلاثين سنة أظلته غمامة ، فلم ير ذلك الرجل شيئا مما كان يرى لغيره ، فشكى ذلك إلى أمه ، فقالت له : يا بني ، فلعلك أذنبت في مدة عبادتك هذه ، فقال : لا والله ما أعلم ، قالت : فلعلك هممت؟ قال : لا ولا هممت . قالت : فلعلك رفعت بصرك إلى السماء ثم رددته بغير فكر؟ فقال : نعم ، كثيرا . قالت : فمن هاهنا أتيت .

يقول تعالى ذكره: ( وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا ) للأرض مسموكا ، وقوله: (مَحْفُوظا) يقول: حفظناها من كلّ شيطان رجيم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( سَقْفًا مَحْفُوظًا ) قال: مرفوعا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بِشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا )... الآية: سقفا مرفوعا، وموجا مكفوفا.

وقوله: ( وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ) يقول: وهؤلاء المشركون عن آيات السماء. ويعني بآياتها: شمسها وقمرها ونجومها.(معرضون) يقول: يعرضون عن التفكر فيها ، وتدبر ما فيها من حجج الله عليهم ، ودلالتها على وحدانية خالقها، وأنه لا ينبغي أن تكون العبادة إلا لمن دبرها وسوّاها، ولا تصلح إلا له.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ) قال: الشمس والقمر والنجوم آيات السماء.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

المعاني :

سَقْفًا مَّحْفُوظًا :       لَا تَسْقُطُ، وَلَا تَخْتَرِقُهَا الشَّيَاطِينُ السراج
سقفا محفوظا :       مصونا من الوُقوع أو التّغيّر معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[32] ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ كل سقف لابد له من أعمدة، لكن بناء السماء ليس له أي أعمدة! فكيف أعرضوا عن الإيمان بعد هذه الآية العظيمة؟!
وقفة
[32] ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ محفوظ عن السقوط على الأرض، أو أن تقع بعض أجرامها على الأرض، أو حفظناها من الانشقاق حتى ميعاد يوم القيامة، أو حفظناها من استراق الشياطين للسمع بالشهب الحارقة.
وقفة
[32] ﴿وَجَعَلنَا السَّماءَ سَقفًا مَحفوظًا﴾ فقط تأمل هذا السقف الذى يظلك منذ الآف السنين وحتى قيام الساعة، صدقًا المتأمل فى نعمة واحدة من نعم الله؛ يعلم يقينًا أين الطريق المستقيم.
وقفة
[32، 33] من الآفات التي تصيب المسلم فتعوق سيره إلي الله عز وجل هى: آفة الإعراض ﴿وَجَعَلنَا السَّماءَ سَقفًا مَحفوظًا وَهُم عَن آياتِها مُعرِضونَ﴾، والعلاج فى الآية التالية مباشرة: ﴿وَهُوَ الَّذي خَلَقَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحونَ﴾، ألا وهو التأمل والتفكر والتدبر فى خلق الله.

الإعراب :

  • ﴿ وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً:
  • تعرب اعراب «وجعلنا سبلا» في الآية السابقة. سقفا: مفعول به ثان لجعلنا منصوب بالفتحة. محفوظا:صفة-نعت-لسقفا منصوبة مثلها بالفتحة بمعنى محفوظا من السقوط‍.
  • ﴿ وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ:
  • تعرب اعراب وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» الواردة في الآية الكريمة الثامنة والعشرين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     الدليل الخامس: جعلُ السماء سقفًا للأرض لا يرفعها عماد، وهي محفوظة لا تسقط، قال تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

آياتها:
1- بالجمع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- آيتها، بالإفراد، وهى قراءة مجاهد، وحميد.

مدارسة الآية : [33] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ..

التفسير :

[33] والله تعالى هو الذي خلق الليل؛ ليسكن الناس فيه، والنهار؛ ليطلبوا فيه المعايش، وخلق الشمس آية للنهار، والقمر آية للَّيل، ولكل منهما مدار يجري فيه ويَسْبَح لا يحيد عنه.

تفسير الآيتين 32 و33:ـ

{ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا ْ} للأرض التي أنتم عليها{ مَحْفُوظًا ْ} من السقوط{ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ْ} محفوظا أيضا من استراق الشياطين للسمع.

{ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ْ} أي:غافلون لاهون، وهذا عام في جميع آيات السماء، من علوها، وسعتها، وعظمتها، ولونها الحسن، وإتقانها العجيب، وغير ذلك من المشاهد فيها، من الكواكب الثوابت والسيارات، وشمسها، وقمرها النيرات، المتولد عنهما، الليل والنهار، وكونهما دائما في فلكهما سابحين، وكذلك النجوم، فتقوم بسبب ذلك منافع العباد من الحر والبرد، والفصول، ويعرفون حساب عباداتهم ومعاملاتهم، ويستريحون في ليلهم، ويهدأون ويسكنون وينتشرون في نهارهم، ويسعون في معايشهم، كل هذه الأمور إذا تدبرها اللبيب، وأمعن فيها النظر، جزم حزما لا شك فيه، أن الله جعلها مؤقتة في وقت معلوم، إلى أجل محتوم، يقضي العباد منها مآربهم، وتقوم بها منافعهم، وليستمتعوا وينتفعوا، ثم بعد هذا، ستزول وتضمحل، ويفنيها الذي أوجدها، ويسكنها الذي حركها، وينتقل المكلفون إلى دار غير هذه الدار، يجدون فيها جزاء أعمالهم، كاملا موفرا ويعلم أن المقصود من هذه الدار أن تكون مزرعة لدار القرار، وأنها منزل سفر، لا محل إقامة.

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات الدالة على قدرته ووحدانيته بقوله- تعالى- وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ.

أى: وهو وحده- سبحانه- الذي خلق بقدرته الليل والنهار بهذا النظام البديع، وخلق الشمس والقمر بهذا الإحكام العجيب «كل» أى: كل واحد من الشمس والقمر يسير في فلكه وطريقه المقدر له بسرعة وانتظام، كالسابح في الماء.

وقوله: يَسْبَحُونَ من السبح وهو المر السريع في الماء أو الهواء.

وجاء يسبحون بضمير العقلاء. لكون السباحة المسندة إليهما من فعل العقلاء، كما في قوله- تعالى-: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ.

هذا والمتأمل في هذه الآيات يراها قد ساقت جملة من الأدلة على وحدانية الله- تعالى- وعلى كمال قدرته.

ثم بين- سبحانه- أن مصير البشر جميعا إلى الفناء، وأن كل نفس ذائقة الموت، وأن من طبيعة الإنسان تعجل الأمور قبل أوانها، وأن المشركين لو علموا المصير السيئ الذي ينتظرهم يوم القيامة، لما قالوا ما قالوه من باطل، ولما فعلوا ما فعلوه من قبائح، قال- تعالى-:

ثم قال منبها على بعض آياته : ( وهو الذي خلق الليل والنهار ) أي : هذا في ظلامه وسكونه ، وهذا بضيائه وأنسه ، يطول هذا تارة ثم يقصر أخرى ، وعكسه الآخر . ( والشمس والقمر ) هذه لها نور يخصها ، وفلك بذاته ، وزمان على حدة ، وحركة وسير خاص ، وهذا بنور خاص آخر ، وفلك آخر ، وسير آخر ، وتقدير آخر ، ( وكل في فلك يسبحون ) [ يس : 40 ] ، أي : يدورون .

قال ابن عباس : يدورون كما يدور المغزل في الفلكة . وكذا قال مجاهد : فلا يدور المغزل إلا بالفلكة ، ولا الفلكة إلا بالمغزل ، كذلك النجوم والشمس والقمر ، لا يدورون إلا به ، ولا يدور إلا بهن ، كما قال تعالى : ( فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم ) [ الأنعام : 96 ] .

وقوله: ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) يقول تعالى ذكره: والله الذي خلق لكم أيها الناس الليل والنهار، نعمة منه عليكم وحجة، ودلالة عظيم سلطانه، وأن الألوهة له دون كلّ ما سواه فهما يختلفان عليكم لصلاح معايشكم وأمور دنياكم وآخرتكم، وخلق الشمس والقمر أيضا، ( كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) يقول: كلّ ذلك في فلك يسبحون.

واختلف أهل التأويل في معنى الفلك الذي ذكره الله في هذه الآية، فقال بعضهم: هو كهيئة حديدة الرحى.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) قال: فلك كهيئة حديدة الرحى.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج: (كُلّ فِي فَلَكٍ) قال: فلك كهيئة حديدة الرحى.

حدثنا ابن حميد، قال: ثني جرير، عن قابوس بن أبي ظَبيان، عن أبيه، عن ابن عباس: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) قال: فلك السماء.

وقال آخرون: بل الفلك الذي ذكره الله في هذا الموضع سرعة جري الشمس والقمر والنجوم وغيرها.

* ذكر من قال ذلك: حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) الفلك: الجري والسرعة.

وقال آخرون: الفلك موج مكفوف تجري الشمس والقمر والنجوم فيه.

وقال آخرون: بل هو القطب الذي تدور به النجوم، واستشهد قائل هذا القول لقوله هذا بقول الراجز:

بــاتَتْ تُنــاجِي الفَلَــكَ الـدَّوَّارَا

حــتى الصَّبــاحِ تعمَـل الأقْتـارَا (3)

‌وقال آخرون في ذلك، ما حدثنا به بِشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) : أي في فلك السماء.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) قال: يجري في فلك السماء كما رأيت.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) قال: الفلك الذي بين السماء والأرض من مجاري النجوم والشمس والقمر، وقرأ: تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا وقال: تلك البروج بين السماء والأرض وليست في الأرض (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) قال: فيما بين السماء والأرض: النجوم والشمس والقمر.

وذُكر عن الحسن أنه كان يقول: الفلك طاحونة كهيئة فلكة المغزل.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: كما قال الله عزّ وجل: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) وجائز أن يكون ذلك الفلك كما قال مجاهد كحديدة الرحى، وكما ذُكر عن الحسن كطاحونة الرحى، وجائز أن يكون موجا مكفوفا، وأن يكون قطب السماء، وذلك أن الفلك في كلام العرب هو كل شيء دائر، فجمعه أفلاك، وقد ذكرت قول الراجز:

باتَّتْ تُناجِي الفُلْكَ الدَّوَّارَا

وإذ كان كل ما دار في كلامها، ولم يكن في كتاب الله، ولا في خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عمن يقطع بقوله العذر، دليل يدل على أيّ ذلك هو من أيّ كان الواجب أن نقول فيه ما قال، ونسكت عما لا علم لنا به.

فإذا كان الصواب في ذلك من القول عندنا ما ذكرنا، فتأويل الكلام: والشمس والقمر، كلّ ذلك في دائر يسبحون.

وأما قوله: (يُسَبِّحُونَ) فإن معناه: يَجْرُون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) قال: يجرون.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (يَسْبَحُونَ) قال: يجرون.

وقيل: (كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) فأخرج الخبر عن الشمس والقمر مخرج الخبر عن بني آدم بالواو والنون، ولم يقل: يسبحن أو تسبح، كما قيل: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ لأن السجود من أفعال بني آدم، فلما وصفت الشمس والقمر بمثل أفعالهم، أجرى الخبر عنهما مجرى الخبر عنهم.

------------------------

الهوامش :

(3) البيت شاهد على أن الفلك هو القطب الذي تدور به النجوم . وقال في ( اللسان : فلك ) : الفلك : مدار النجوم ، والجمع : أفلاك . وفي حديث ابن مسعود : أن رجلا أتى رجلا وهو جالس عنده فقال : " إني تركت فرسك كأنه يدور في فلك " . قال أبو عبيدة : قوله " في فلك " : فيه قولان : فأما الذي تعرفه العامة ، فإنه شبه بفلك السماء الذي تدور عليه النجوم ، وهو الذي يقال له القطب ، شبه بقطب الرحى . قال : وقال بعض العرب : الفلك هو الموج إذا ماج في البحر فاضطرب ، وجاء وذهب ، فشبه الفرس في اضطرابه بذلك .

المعاني :

كلّ :       من الشّمس و القمر معاني القرآن
فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ :       فِي مَدَارٍ يَجْرِي فِيهِ لَا يَحِيدُ عَنْهُ السراج
في فلك يسبحون :       يدورون أو يجرون في السّماء معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[33] ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ ما أجمل القائل: تَــــــأَمَّلْ سُطُوْرَ الْكَائِنَاتِ فَإِنَّهَا ... مِنَ الْمُلْكِ الْأَعْلَىَ إِلَيْـــــكَ رَسَــــائِلُ وَقَدْ خَطَّ فِيْهَا لَوْ تَأَمَّلْتَ خَطَّهَا ... أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا الْلَّهَ بَــاطَلَّ
وقفة
[33] ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ في جميع القرآن يتقدم الليل على النهار؛ لأن اليوم الأصل فيه يبدأ بالليل، وذلك من آذان المغرب تحديدًا، فالليلة تلحق بما بعدها من النهار، فيقال مثلا هذه ليلة الأربعاء.

الإعراب :

  • ﴿ وَهُوَ الَّذِي:
  • الواو استئنافية. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».
  • ﴿ خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ:
  • الجملة صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الليل: مفعول به منصوب بالفتحة. والنهار: معطوفة بالواو على «الليل» منصوبة مثلها وتعرب اعرابها.
  • ﴿ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ:
  • معطوفتان بواوي العطف على اللَّيْلَ وَالنَّهارَ» منصوبتان مثلهما بالفتحة وتعربان اعرابهما.
  • ﴿ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب حال من الشمس والقمر والمعنى كلهم وهما اثنان لان المقصود بهما جنس الطوالع كل يوم وليلة جعلوها متكاثرة لتكاثر مطالعها وهو السبب في جمعهما بالشموس والاقمار مع ان الشمس واحدة والقمر واحد. ويجوز ان تكون الجملة الاسمية استئنافية لا محل لها من الاعراب. كل: مبتدأ مرفوع بالضمة وقد نونت الكلمة عوضا من المضاف إليه اي كلهم. في فلك: جار ومجرور متعلق بيسبحون.يسبحون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «يسبحون» في محل رفع خبر المبتدأ. وانما جعل الضمير للعقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة. ويسبحون: بمعنى:يسرعون اسراع السابح على سطح الماء.'

المتشابهات :

الأنبياء: 33﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ
يس: 40﴿لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     الدليل السادس: خلقُ الليل والنهار والشمس والقمر، قال تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ..

التفسير :

[34] وما جعلنا لبشر من قبلك -أيها الرسول- دوام البقاء في الدنيا، أفإن مت فهم يُؤمِّلون الخلود بعدك؟ لا يكون هذا. وفي هذه الآية دليل على أن الخضر عليه السلام قد مات؛ لأنه بشر.

لما كان أعداء الرسول يقولونتربصوا به ريب المنون. قال الله تعالى:هذا طريق مسلوك، ومعبد منهوك، فلم نجعل لبشر{ مِنْ قَبْلِكَ ْ} يا محمد{ الْخُلْدِ ْ} في الدنيا، فإذا مت، فسبيل أمثالك، من الرسل والأنبياء، والأولياء، وغيرهم.{ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ْ} أي:فهل إذا مت خلدوا بعدك، فليهنهم الخلود إذًا إن كان

قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أى دوام البقاء في الدنيا.

نزلت حين قالوا: نتربص بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ريب المنون. وذلك أن المشركين كانوا يدفعون نبوته ويقولون: شاعر نتربص به ريب المنون، ولعله يموت كما مات شاعر بنى فلان، فقال الله- تعالى-: قد مات الأنبياء قبلك يا محمد، وتولى الله دينه بالنصر والحياطة، فهكذا نحفظ دينك وشرعك.. .

والاستفهام في قوله- سبحانه-: أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ للإنكار والنفي..

والمعنى: وما جعلنا- أيها الرسول الكريم- لبشر من قبلك- كائنا من كان- الخلود في هذه الحياة، وأنت إن مت فهم- أيضا- سيموتون في الوقت الذي حدده الله- تعالى- لانقضاء عمرك وأعمارهم، وما دام الأمر كذلك فذرهم في جهالتهم يعمهون، ولا تلتفت إلى شماتتهم فيك، أو إلى تربصهم بك، فإنك ميت وإنهم ميتون، وكل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون، ورحم الله الإمام الشافعى حيث يقول:

تمنى أناس أن أموت. وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذي يبغى خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى مثلها، وكأن قد

وقال شاعر آخر:

إذا ما الدهر جر على أناس ... كلاكله أناخ بآخرينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا ... سيلقى الشامتون كما لقينا

يقول تعالى : ( وما جعلنا لبشر من قبلك ) أي : يا محمد ، ( الخلد ) أي : في الدنيا بل ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) [ الرحمن : 26 ، 27 ] .

وقد استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الخضر ، عليه السلام ، مات وليس بحي إلى الآن; لأنه بشر ، سواء كان وليا أو نبيا أو رسولا وقد قال تعالى : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ) . وقوله : ( أفإن مت ) أي : يا محمد ، ( فهم الخالدون ) ؟! أي : يؤملون أن يعيشوا بعدك ، لا يكون هذا ، بل كل إلى فناء; ولهذا قال

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما خلدنا أحدا من بني آدم يا محمد قبلك في الدنيا فنخلدك فيها، ولا بد لك من أن تموت كما مات من قبلك رسلنا( أفإن مِتَّ فَهُمُ الخَالِدُونَ ) يقول: فهؤلاء المشركون بربهم هم الخالدون في الدنيا بعدك، لا ما ذلك كذلك، بل هم ميتون بكلّ حال عشت أو متّ، فأدخلت الفاء في إن وهي جزاء، وفي جوابه، لأن الجزاء متصل بكلام قبله، ودخلت أيضا في قوله فهم لأنه جواب للجزاء، ولو لم يكن في قوله فهم الفاء جاز على وجهين: أحدهما: أن تكون محذوفة، وهي مرادة، والآخر أن يكون مرادا تقديمها إلى الجزاء فكأنه قال: أفهم الخالدون إن متّ.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[34] ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾ سببها أن الكفار طعنوا على النبي ﷺ بأنه بشر يموت، وقيل: إنهم تمنوا موته ليشمتوا به، وهذا أنسب لما بعده.
وقفة
[34] ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾ قال القرطبي: «نزلت حين قالوا: تتربص بمحمد ريب المنون، وذلك أن المشركين كانوا يدفعون نبوته ويقولون: شاعر تتربص به ريب المنون، ولعله يموت كما مات شاعر بنی فلان، فقال الله تعالى: قد مات الأنبياء قبلك يا محمد، وتولى الله دينه بالنصر والحياطة، فهكذا نحفظ دينك وشرعك».
عمل
[34] ﴿وَما جَعَلنا لِبَشَرٍ مِن قَبلِكَ الخُلدَ أَفَإِن مِتَّ فَهُمُ الخالِدونَ﴾ اجتهد أن تترك أثرًا يُخَلَّد من بعدك وينتفع به غيرك.
وقفة
[34] لكل من فقد حبيبا: ﴿أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾، أتراه يخلد وقد قبض الله روح أحب عباده إليه؟!
وقفة
[34، 35] تأمل في هذه الآيات جيدًا، تجد بعدها إثباتًا لشيء، ونفيًا لشيء، وتصحيحًا لعقيدة، وربطًا بالله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ:
  • الواو: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. جعل:فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. لبشر أي لاحد: جار ومجرور متعلق بجعلنا.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «بشر» والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. الخلد: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ أَفَإِنْ مِتَّ:
  • الهمزة همزة استفهام لا محل لها. الفاء زائدة. ان: حرف شرط‍ جازم. مت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. والتاء ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل رفع فاعل
  • ﴿ فَهُمُ الْخالِدُونَ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم.الفاء واقعة في جواب الشرط‍.هم: ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ.الخالدون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. ويجوز ان تكون الفاء زائدة على تقدير تقديم جواب الشرط‍ على فعله وانتقال همزة الاستفهام من الشرط‍ على جوابه المقدم. اي بتقدير أهم الخالدون-يخلدون-إن مت؟'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا عُنِيتِ الآياتُ من أوَّلِ السُّورةِ بِاستِقصَاءِ مَطَاعِنِ المشركينَ في الْقُرآنِ، وكان من جُملةِ أمانِيهم أن كانوا يتمنَّون موتَ النبي صلى الله عليه وسلم؛ وَبَّخَهم اللهُ هنا: لا تَشمَتوا إذا ماتَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم، فما هذا بسبيلِه وحْدَه، بل هذه سُنَّةُ اللهِ في الخلْقِ أجمعينَ، قال تعالى:
﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :الأنبياء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم ..

التفسير :

[35] كل نفس ذائقة الموت لا محالة مهما عُمِّرت في الدنيا. وما وجودها في الحياة إلا ابتلاء بالتكاليف أمراً ونهياً، وبتقلب الأحوال خيراً وشرّاً، ثم المآل والمرجع بعد ذلك إلى الله -وحده- للحساب والجزاء.

بل كل من عليها فان، ولهذا قال:{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ْ} وهذا يشمل سائر نفوس الخلائق، وإن هذا كأس لا بد من شربه وإن طال بالعبد المدى، وعمّر سنين، ولكن الله تعالى أوجد عباده في الدنيا، وأمرهم، ونهاهم، وابتلاهم بالخير والشر، بالغنى والفقر، والعز والذل والحياة والموت، فتنة منه تعالى ليبلوهم أيهم أحسن عملا، ومن يفتتن عند مواقع الفتن ومن ينجو،{ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ْ} فنجازيكم بأعمالكم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر{ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ْ} وهذه الآية، تدل على بطلان قول من يقول ببقاء الخضر، وأنه مخلد في الدنيا، فهو قول، لا دليل عليه، ومناقض للأدلة الشرعية.

ثم أكد- سبحانه- عدم خلود بشر في هذه الحياة فقال: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ.

أى: كل نفس أوجدها الله- تعالى- في هذه الحياة، ستذوق مرارة نزول الموت بها.

ومفارقة روحها لجسدها.

قال الآلوسى ما ملخصه: والموت عند الأشعرى، كيفية وجودية تضاد الحياة، وعند كثيرين غيره: أنه عدم الحياة عما من شأنه الحياة بالفعل.

وقال بعضهم: المراد بالنفس هنا: النفس الإنسانية لأن الكلام مسوق لنفى خلود البشر.

واختير عمومها لتشمل نفوس البشر والجن وسائر نفوس الحيوان .

وقوله- تعالى-: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ بيان لسنة من سننه- تعالى- في معاملة عباده.

وقوله- سبحانه-: وَنَبْلُوكُمْ من البلو بمعنى الاختبار والامتحان. يقال: فلان بلاه الله بخير أو شر يبلوه بلوا، وأبلاه وابتلاه ابتلاء، بمعنى امتحنه .

وقوله: فِتْنَةً مصدر مؤكد لنبلوكم من غير لفظه.

أى: كل نفس ذائقة الموت، ونختبركم في هذه الحياة بألوان من النعم وبألوان من المحن، لنرى أتشكرون عند النعمة، وتصبرون عند المحنة، أم يكون حالكم ليس كذلك؟ وفي جميع الأحوال فإن مرجعكم إلينا لا محالة، وسنجازيكم بما تستحقون من ثواب على شكركم وصبركم، وسنجازى غير الشاكرين وغير الصابرين بما يستحقون من عقاب، ولا يظلم ربك أحدا.

قال بعض العلماء: «والابتلاء بالشر مفهوم أمره ليتكشف مدى احتمال المبتلى، ومدى صبره على الضر، ومدى ثقته في ربه، ورجائه في رحمته.. فأما الابتلاء بالخير فهو في حاجة إلى بيان.

إن الابتلاء بالخير أشد وطأة. فكثيرون يصمدون أمام الابتلاء بالشر ولكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير.

كثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف، وقليلون هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة.

كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان، فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل. وقليلون هم الذين يصبرون على الثراء ومغرياته وما يثيره من أطماع.

كثيرون يصبرون على الكفاح والجراح، وقليلون هم الذين يصبرون على الدعة، ولا يصابون بالحرص الذي يذل أعناق الرجال.

إن الابتلاء بالشر قد يثير الكبرياء، ويستحث المقاومة ويجند الأعصاب لاستقبال الشدة..

أما الرخاء فقد يرخى الأعصاب ويفقدها المقاومة.. إلا من عصم الله، وصدق رسوله الله صلّى الله عليه وسلّم حيث يقول: «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» .

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ .

وقوله- سبحانه-: وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ .

( كل نفس ذائقة الموت ) ، وقد روي عن الشافعي ، رحمه الله ، أنه أنشد واستشهد بهذين البيتين :

تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى

: تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد

وقوله : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) أي : نختبركم بالمصائب تارة ، وبالنعم أخرى ، لننظر من يشكر ومن يكفر ، ومن يصبر ومن يقنط ، كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ونبلوكم ) ، يقول : نبتليكم بالشر والخير فتنة ، بالشدة والرخاء ، والصحة والسقم ، والغنى والفقر ، والحلال والحرام ، والطاعة والمعصية والهدى والضلال . .

وقوله : ( وإلينا ترجعون ) أي : فنجازيكم بأعمالكم .

وقوله ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) يقول تعالى ذكره: كل نفس منفوسة من خلقه، معالجة غصص الموت ومتجرّعة كأسها.

وقوله ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) يقول تعالى ذكره: ونختبركم أيها الناس بالشر وهو الشدة نبتليكم بها، وبالخير وهو الرخاء والسعة العافية فنفتنكم به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين: قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس، قوله ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) قال: بالرخاء والشدة، وكلاهما بلاء.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) يقول: نبلوكم بالشر بلاء، والخير فتنة، ( وإلينا ترجعون).

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) قال: نبلوهم بما يحبون وبما يكرهون، نختبرهم بذلك لننظر كيف شكرهم فيما يحبون، وكيف صبرهم فيما يكرهون.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ ) يقول: نبتليكم بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلالة، وقوله ( وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) يقول: وإلينا يردّون فيجازون بأعمالهم، حسنها وسيئها.

المعاني :

وَنَبْلُوكُم :       نَخْتَبِرُكُمْ مَعَ عِلْمِنَا بِحَالِكُمْ السراج

التدبر :

وقفة
[35] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ الفقيرُ والغنيُّ، الظَّالمُ والمظلومُ، ليست معلومةً تُقْرأُ؛ وإنَّما حقيقةٌ تستحقُّ العملَ.
وقفة
[35] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ الدنيا متاع زائل، وما يؤثر الدنيا على الآخرة إلا ضعيف العقل.
وقفة
[35] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ هذه الآية تدل على بطلان قول من قال ببقاء الخضر، وأنه مُخَلَّد في الدنيا، فهو قول لا دليل عليه، ومناقض للأدلة الشرعية.
وقفة
[35] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ كيف يذوق الموت، وهو لا يعرفه قبل ذلك، وبعد الموت يكون قد فقد حاسة الذوق؟ فيكون المعنى أنه يذوق مقدمات الموت، التي يعرف أنه بها يموت، فإنه يأتي على الإنسان أوقاتٌ مهما كان صحيحًا، يُدرك بها أنه ميت لا محالة، ومنه قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ ۜ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ * وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة: 26-30].
وقفة
[35] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ الذوق يعطيك حكمًا على ما ستأكل، وللموت طعم ستحكم بذوقه على ما أعددت بنفسك لحياتك القادمة.
وقفة
[35] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ كل الخلق سوف يشربون كأس الموت، وإن طال بهم العمر.
وقفة
[35] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ وما الدُنيا سوى متاعٌ، نجري وراها عبثًا، ولن تبقى ولن نبقى، فليتَ قلوبنا تدرك، اللهم أحسن رجوعنا إليك.
وقفة
[35] المؤمن لا ينفك عن الفتنة في هذه الدنيا، إما بالخير والنعمة ليرى الله تعالى شكره، وإما بالشر والمحنة ليرى الله تعالى صبره ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾.
وقفة
[35] الحقيقة الكبرى: اختبار ثم موت ثم رجوع للحساب عند الله ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾.
عمل
[35] بادر بكتابة وصيتك هذا اليوم ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ﴾ أي: نختبركم بالفقر والغنى، والصحة والمرض، وغير ذلك من أحوال الدنيا؛ ليظهر الصبر على الشر، والشكر على الخير، أو خلاف ذلك.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ قدم الشر هنا؛ لأن البلاء به نعمة أعظم من نعمة البلاء بالخير.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ الابتلاء لا لنعلم ماذا تفعلون، فإن الله يعلم كل شيء، وإنما الابتلاء ليكون حجة على الخلق.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ الابتلاء بالنعمة كما يكون بالنقمة، وبالعافية كما يكون بالمرض، وبالغنى كما يكون بالفقر.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ الفتنة في كل شيء نعيشه؛ ابتلاء واختبارًا من الله؛ ليعلم الله الشاكرين والصابرين، وأيّنا أحسن عملًا.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ ليس للابتلاء وجه يعرف به؛ فتوخى الحذر عند كل نازلة، فأنت في دار الامتحان.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ قال الحسن البصري: «كانوا يتساوون في وقت النعم، فإذا نزل البلاء تباينوا».
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ نفسِّرُ أقدارَ اللهِ على الناس بنَظَرٍ قاصرٍ، فنَجعلُ كلَّ نعمةٍ رضا، وكلَّ نقمةٍ عقوبةً، وكليهما للاختبارِ بالشكر أو الصبر.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ إن الابتلاء بالخير أشد وطأة فكثيرون يصمدون أمام الابتلاء بالشر ولكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير، كثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف وقليلون هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة، كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل، وقليلون هم الذين يصبرون على الثراء ومغرياته وما يثيره من أطماع.
وقفة
[35] ما اﻷيام إﻻ دول، ولن يعرف حكمة الله من ظن دوام النصر، أو الهزيمة، أو العافية، فقد انتصر النبي ﷺ في بدر، وهزم في أحد، ثم سحر ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ هل ابتلاؤك بالخير (أموال، أولاد، ... إلخ) دليل حب الله لك؟! هل ابتلاؤك بالشر (موت، مرض،....الخ) دليل كره الله لك؟! قطعًا لا للحالتين، هما مجرد نوعين مختلفين من أنواع الامتحانات، المهم أن تجيب الإجابة الصحيحة لتنجح.
وقفة
‌[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ الأمراض مواسم العقلاء، يستدركون بها ما فات من زلّاتهم، إن كانوا من أرباب الزلَّات ويستزيدون من طاعاتهم ‏إن لم يكونوا أرباب زلَّات.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ قال ابن زيد: «نبلوهم بما يحبون وبما يكرهون، نختبرهم بذلك؛ لننظر كيف شكرهم فيما يحبون، وكيف صبرهم فيما يكرهون».
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ في الدنيا الإبتلاء وفي الآخرة الجزاء، والعاقبة لمن آمن وصبر وشكر.
وقفة
[35] ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ الابتلاء كما يكون بالشر يكون بالخير.

الإعراب :

  • ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ:
  • كل: مبتدأ مرفوع بالضمة. نفس: مضاف إليه مجرور بالكسرة. ذائقة: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. الموت: مضاف إليه مجرور بالكسرة. وأصلها: ذائقة الموت بتنوينها ونصب «الموت» على المفعولية وعند حذف التنوين اضيفت الى المفعول فجر بالاضافة.
  • ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ:
  • الواو استئنافية. نبلو: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بالشر: جار ومجرور متعلق بنبلو اي نختبركم بالشر اي بتسليط‍ البلايا عليكم.
  • ﴿ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً:
  • معطوفة بالواو على «الشر» مجرورة مثلها. فتنة: مفعول مطلق-مصدر مؤكد-لنبلوكم من غير لفظه. لان معنى «فتنة» بلاء.بمعنى ونغمركم بالنعم اختبارا لقواكم المعنوية.
  • ﴿ وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ:
  • الواو حالية. والجملة الفعلية بعدها في محل نصب حال. الينا: جار ومجرور للتعظيم متعلق بترجعون. ترجعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل لان الفعل مبني للمجهول.'

المتشابهات :

آل عمران: 185﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
الأنبياء: 35﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
العنكبوت: 57﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     وبعد الرد على المشركين بعدم خلود بشر في هذه الحياة؛ أعادَ اللهُ هنا تأكيد ذلك؛ تعليمًا للمؤمنين، قال تعالى:
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ترجعون:
1- بتاء الخطاب، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتاء مفتوحة، مبنيا للفاعل، وهى قراءة فرقة.
3- بالياء مضمومة، مبنيا للمفعول، للغيبة، على سبيل الالتفات، وهى قراءة فرقة.

البحث بالسورة

البحث في المصحف