244707172737475767778

الإحصائيات

سورة يوسف
ترتيب المصحف12ترتيب النزول53
التصنيفمكيّةعدد الصفحات13.50
عدد الآيات111عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول11تبدأ في الجزء12
تنتهي في الجزء13عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 6/29آلر: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (70) الى الآية رقم (75) عدد الآيات (6)

يوسفُ عليه السلام يجعلُ مكيالَ الملكِ في وعاءِ أخيه، ولمَّا أرادُوا الرحيلَ نادوهم: إنَّكم لسارقُونَ، وكانَ في شرعِهم أن السَّارقَ يُدْفَعُ إلى المسروقِ منه فيصيرُ عبدًا له.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (76) الى الآية رقم (78) عدد الآيات (3)

يوسفُ عليه السلام يفتّشُ أوعيتَهم أولًا ستْرًا للحيلةِ، ثُمَّ يستخرجُ المكيالَ مِن رَحلِ بِنْيَامِينَ، فاستعطفُوه أن يأخذَ أحدَهم مكانَه رحمةً بأبيه الطَّاعنِ في السنِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة يوسف

الثقة في تدبير الله (اصبر ولا تيأس)/ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ/ الصبر الجميل/ يوسف الإنسان قصة نجاح

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • إلى هؤلاء وإلى كل مسلم نزلت سورة يوسف.: نزلت تهمس في أذن كل مسلم في فترات الضيق أو البلاء؛ لتقول له: تعلَّم من يوسف عليه السلام الصبر، والأمل، وعدم اليأس رغم كل الظروف. وبالمقابل: تعلَّم منه كيف تواجه فترات الراحة والاطمئنان، وذلك بالتواضع والإخلاص لله عز وجل. فالسورة ترشدنا أن حياة الإنسان هي عبارة عن فترات رخاء وفترات شدة، فلا يوجد إنسان قط كانت حياته كلها فترات رخاء أو كلها فترات شدة، وهو في الحالتين: الرخاء والشدة، يُختبر.
  • • سورة يوسف أحسن القصص:: لأنها اشتملت على حاسد ومحسود، ومالك ومملوك، وشاهد ومشهود، وعاشق ومعشوق، وحبس وإطلاق، وخصب وإجداب، وذنب وعفو، وفراق ووصال، وسقم وصحة، وحل وترحال، وذل وعز. وعالجت مشاكل تربوية واجتماعية ونفسية وأخلاقية واقتصادية وسياسية.
  • • سورة يوسف أحسن القصص:: لأن في نهايتها حسن المآل وطيب العافية، فيعقوب عليه السلام رد إليه بصره وظفر بفلذة كبده، ويوسف عليه السلام آتاه الله الملك والحكمة، والأخوة تاب الله عليهم، ومنهم أو من ذريتهم اصطفى الله أسباط بني إسرائيل، وامرأة العزيز أقرت بذنبها وحسنت توبتها، وأهل مصر اجتازوا السبع الشداد حتى صار الناس يأتونهم من جميع الأقطار للمؤنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «‏يوسف».
  • • معنى الاسم :: هو نبي الله يوسف بن نبي الله يعقوب بن نبي الله إسحاق بن نبي الله إبراهيم عليهم السلام.
  • • سبب التسمية :: لأنها ذكرت قصة ‏يوسف عليه السلام كاملة، ولم تذكر قصته في غيرها، بل لم يذكر اسمه إلا في سورة الأنعام آية (84) ، وغافر آية (34).
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: الثقة بتدبير الله، والأمل، والصبر، وعدم اليأس رغم كل الظروف.
  • • علمتني السورة :: رعاية الله عز وجل لأوليائه ولطفه بهم في أوقات المحن.
  • • علمتني السورة :: أن القصص فيها الحسن والسيِّئ، وأن قصص القرآن أحسن القصص: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾
  • • علمتني السورة :: العفو والصفح ثم الإحسان بالدعاء من أخلاق الأنبياء: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾

مدارسة الآية : [70] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ ..

التفسير :

[70] فلما جهَّزهم يوسف، وحمَّل إبلهم بالطعام، أمر عماله، فوضعوا الإناء الذي كان يكيل للناس به في متاع أخيه «بِنْيامين» من حيث لا يشعر أحد، ولما ركبوا ليسيروا نادى منادٍ قائلاً:يا أصحاب هذه القافلة المحمَّلة بالطعام، إنكم لسارقون.

{ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} أي:كال لكل واحد من إخوته، ومن جملتهم أخوه هذا.{ جَعَلَ السِّقَايَةَ} وهو:الإناء الذي يشرب به، ويكال فيه{ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ} أوعوا متاعهم، فلما انطلقوا ذاهبين،{ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} ولعل هذا المؤذن، لم يعلم بحقيقة الحال.

ثم بين- سبحانه- ما فعله يوسف- عليه السلام- مع إخوته، لكي يبقى أخاه معه فلا يسافر معهم عند رحيلهم فقال: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ... والجهاز كما سبق أن بينا: ما يحتاج إليه المسافر من زاد ومتاع..

والسقاية: إناء كان الملك يشرب فيه، وعادة ما يكون من معدن نفيس ولقد كان يوسف- عليه السلام- يكتال به في ذلك الوقت نظرا لقلة الطعام وندرته.

وهذه السقاية هي التي أطلق عليها القرآن بعد ذلك لفظ الصواع أى:

وحين أعطى يوسف إخوته ما هم في حاجة إليه من زاد وطعام، أو عز إلى بعض فتيانه أن يدسوا الصواع في متاع أخيه «بنيامين» دون أن يشعر بهم أحد ...

وقوله ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ بيان لما قاله بعض أعوان يوسف لإخوته عند ما تهيئوا للسفر، وأوشكوا على الرحيل.

والمراد بالمؤذن هنا: المنادى بصوت مرتفع ليعلم الناس ما يريد إعلامهم به. والمراد بالعير هنا: أصحابها. والأصل فيها أنها اسم للإبل التي تحمل الطعام وقيل العير تطلق في الأصل على قافلة الحمير، ثم تجوز فيها فأطلقت على كل قافلة تحمل الزاد وألوان التجارة.

أى: ثم نادى مناد على إخوة يوسف- عليه السلام- وهم يتجهزون للسفر، أو وهم منطلقون إلى بلادهم بقوله: يا أصحاب هذه القافلة توقفوا حتى يفصل في شأنكم فأنتم متهمون بالسرقة.

قال الآلوسى ما ملخصه: «والذي يظهر أن ما فعله يوسف، من جعله السقاية في رحل أخيه. ومن اتهامه لإخوته بالسرقة.. إنما كان بوحي من الله- تعالى- لما علم- سبحانه- في ذلك من الصلاح، ولما أراد من امتحانهم بذلك. ويؤيده قوله- تعالى-: كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ.

لما جهزهم وحمل لهم أبعرتهم طعاما ، أمر بعض فتيانه أن يضع " السقاية " ، وهي : إناء من فضة في قول الأكثرين . وقيل : من ذهب - قاله ابن زيد - كان يشرب فيه ، ويكيل للناس به من عزة الطعام إذ ذاك ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد .

وقال شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( صواع الملك ) قال : كان من فضة يشربون فيه ، وكان مثل المكوك ، وكان للعباس مثله في الجاهلية ، فوضعها في متاع بنيامين من حيث لا يشعر أحد ، ثم نادى مناد بينهم : ( أيتها العير إنكم لسارقون )

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)

قال أبو جعفر: يقول: ولما حمّل يوسف إبل إخوته ما حمّلها من الميرة وقضى حاجتهم , (1) كما:-

19510- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة قوله: (فلما جهزهم بجهازهم) ، يقول: لما قضى لهم حاجتهم ووفّاهم كيلهم.

* * *

وقوله: (جعل السقاية في رحل أخيه) ، يقول: جعل الإناء الذي يكيلُ به الطعام في رَحْل أخيه .

* * *

و " السقاية ": هي المشربة , وهي الإناء الذي كان يشرب فيه الملك ويكيلُ به الطعام .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19511- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عفان قال: حدثنا عبد الواحد , عن يونس , عن الحسن: أنه كان يقول: " الصواع " و " السقاية "، سواء , هو الإناء الذي يشرب فيه.

19512- ... قال: حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: " السقاية " و " الصواع "، شيء واحد، , كان يشرب فيه يوسف.

19513- ... قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال " السقاية ": " الصواع " ، الذي يشرب فيه يوسف.

19514- حدثنا محمد بن الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (جعل السقاية) ، قال: مشربة الملك.

19515- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة: (السقاية في رحل أخيه) ، وهو إناء الملك الذي كان يشرب فيه.

19516- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله: قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وهي" السقاية " التي كان يشرب فيها الملك ، يعني مَكُّوكه.

19517- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد قوله: (جعل السقاية) وقوله: صُوَاعَ الْمَلِكِ ، قال: هما شيء واحد ," السقاية " و " الصواع " شيء واحد، يشرب فيه يوسف.

19518- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان، قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (جعل السقاية في رحل أخيه) ، هو الإناء الذي كان يشرب فيه الملك.

19519- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (جعل السقاية في رحل أخيه) ، قال: " السقاية " هو " الصواع " , وكان كأسًا من ذهب، فيما يذكرون.

* * *

قوله: (في رحل أخيه) ، فإنه يعني: في متاع أخيه ابن أمه وأبيه (2) وهو بنيامين.

وكذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19520- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة: (في رحل أخيه) أي: في متاع أخيه.

* * *

وقوله: (ثم أذّن مؤذن) ، يقول: ثم نادى منادٍ. (3)

* * *

وقيل: أعلم معلم.

* * *

، (أيتها العير) ، وهي القافلة فيها الأحمال ، (إنكم لسارقون) .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19521- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: (فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه) ، والأخ لا يشعر. فلما ارتحلوا أذّن مؤذن قبل أن ترتحل العير: (إنكم لسارقون).

19522- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قال، ثم جهزهم بجهازهم , وأكرمهم وأعطاهم وأوفاهم , وحمَّل لهم بعيرًا بعيرًا , وحمل لأخيه بعيرًا باسمه كما حمل لهم. ثم أمر بسقاية الملك ، وهو " الصواع " , وزعموا أنها كانت من فضة ، فجعلت في رحل أخيه بنيامين . ثم أمهلهم حتى إذا انطلقوا وأمعنوا من القرية , أمر بهم فأدركوا , فاحتبسوا , ثم نادى مناد: (أيتها العير إنكم لسارقون) ، قفوا. وانتهى إليهم رسوله فقال لهم فيما يذكرون: ألم نكرم ضيافتكم , ونوفِّكم كيلكم , ونحسن منـزلتكم , ونفعل بكم ما لم نفعل بغيركم , وأدخلناكم علينا في بيوتنا ومنازلنا؟ ، أو كما قال لهم قالوا: بلى , وما ذاك؟ قال: سقاية الملك فقدناها , ولا نتَّهم عليها غيركم . قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ .

* * *

وقوله: (أيتها العير) ، قد بينا فيما مضى معنى " العير " , وهو جمع لا واحد له من لفظه. (4)

* * *

وحكي عن مجاهد أن عير بني يعقوب كانت حميرًا .

19523- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن الزبير , عن سفيان , عن ابن جريح , عن مجاهد: (أيتها العير) ، قال: كانت حميرًا.

19524- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان قال: حدثني رجل , عن مجاهد , في قوله: (أيتها العير إنكم لسارقون) ، قال: كانت العير حميرًا

* * *

----------------------

الهوامش:

(1) انظر تفسير" التجهيز" و" الجهاز" فيما سلف ص : 154 .

(2) انظر تفسير" الرحل" فيما سلف ص : 157 .

(3) انظر تفسير" أذن" فيما سلف من فهارس اللغة ( أذن ) .

(4) انظر ما سلف ص : 173 .

المعاني :

السِّقَايَةَ :       الإِنَاءَ الَّذِي كَانَ يَكِيلُ بِهِ لِلنَّاسِ السراج
السّقاية :       إناءً من ذهب للشّرب اتخذ للكيل معاني القرآن
رَحْلِ :       مَتَاعِ السراج
أذّن مؤذن :       نادى مُنادٍ و أعلم مُعلم معاني القرآن
الْعِيرُ :       القَافِلَةُ فِيهَا الأَحْمَالُ السراج

التدبر :

لمسة
[70] ﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ وهذا من أحسن المعاريض، والمعاريض: أن يقول الشخص لفظًا هو ظاهر في معناه، لكن المراد به معنی آخر، قال ابن القيم: «وتأمل حذف المفعول في قوله: ﴿إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ ليصح أن يضمن سرقتهم ليوسف فيتم التعريض، ويكون الكلام صدقًا، وذكر المفعول في قوله: ﴿نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ﴾ وهو صادق في ذلك، فصدق في الجملتين معًا تعريضًا وتصريحًا، وتأمل قول يوسف: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ﴾ ولم يقل إلا من سرق، وهو أخصر لفظًا، تحريًا للصدق، فإن الأخ لم يكن سارقًا بوجه، وكان المتاع عنده حقًا؛ فالكلام من أحسن المعاريض وأصدقها».
عمل
[70] ﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ اقرأ قصة يوسف عليه السلام من أحد كتب التفسير لتزداد بها علمًا.
وقفة
[70] ﴿جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ﴾ جواز استعمال المكايد التي يتوصل بها إلى الحقوق، وأن العلم بالطرق الخفية الموصلة إلى مقاصدها مما يحمد عليه العبد، وإنما الممنوع التحايل على إسقاط واجب، أو فعل محرم.
وقفة
[70] ﴿جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ﴾ ودارت الدوائر وها هو يوسف يكيد لإنقاذ أخيه، يكيد لرفع الظلم وتحقيق العدل.
وقفة
[70] ﴿جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ﴾ فيه دليل على جواز الحيلة في التوصل إلى الحقوق, وجواز دفع الضرر بضرر أقل منه.
وقفة
[70] ﴿جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ﴾ كيف جاز ليوسف أن يروع أخاه بنيامين بغير وجه حق؟! والجواب: كان هذا بالاتفاق معه، قال ابن كثير: «وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده معززًا مكرمًا معظمًا».
وقفة
[70] ﴿جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ﴾ يحتاج الإنسان أحيانًا إلى طرق لأخذ حقه والوصول إلى مقصده.
وقفة
[70] ﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ كيف يفعل هذا نبي، فيدعي عليهم ما ليس فيهم؟! قال الآلوسي ما ملخصه: «والذي يظهر أن ما فعله يوسف، من جعله السقاية في رحل أخيه، ومن اتهامه لإخوته بالسرقة ... إنما كان بوحي من الله تعالى لما علم -سبحانه- في ذلك من الصلاح، ولما أراد من امتحانهم بذلك، ويؤيده قوله تعالى: ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾.
وقفة
[70] ﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ قال ابن الجوزي: «فإن قيل: كيف جاز ليوسف أن يُسرِّق من لم يسرق؟ فعنه أربعة أجوية: أحدها: أن المعنى: إنكم لسارقون يوسف حين قطعتموه عن أبيه وطرحتموه في الجب، قاله الزجاج، والثاني: أن المنادي نادى وهو لا يعلم أن يوسف أمر بوضع السقاية في رحل أخيه، فكان غير كاذب في قوله، قاله ابن جرير، والثالث: أن المنادي نادى بالتسريق لهم بغير أمر يوسف، والرابع: أن المعنى: إنكم لسارقون فيما يظهر لمن لم يعلم حقيقة أخباركم، كقوله: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: 49] أي: عند نفسك، لا عندنا».
لمسة
[70] ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ ذكروا في تسميتهم (سارقين) وجهين: أحدهما: أنه من باب المعاريض، وأن يوسف نوى بذلك أنهم سرقوه من أبيه؛ حيث غيبوه عنه بالحيلة التي احتالوها عليه، وخانوه فيه، والخائن يسمى سارقًا؛ وهو من الكلام المشهور؛ حتى أن الخونة من ذوي الديوان يسمون لصوصًا، الثاني: أن المنادي هو الذي قال ذلك من غير أمر يوسف عليه السلام.
وقفة
[70-72] ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ عادوا مستغربين هذا الاتهام الخطير، مستفهمين بأدب جم: ولم يقولوا: (ماذا سرقنا) بل: ﴿ماذا تفقدون﴾؟ وعلى المنادي أن يقول إنا افتقدنا صواع الملك، فإذا وجدوا ما فقدوه في رحالهم قالوا لهم: (أنتم سارقون)، أما أن يتهموهم مباشرة فليس الاتهام دون دليل من الأخلاق، فقال المنادون ﴿نفقد صواع الملك﴾، فيحسُن بنا انتقاء الألفاظ الحسنة حتى مع المدعي.

الإعراب :

  • ﴿ فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية:
  • أعربت في الآية الكريمة التاسعة والخمسين. السقاية: مفعول به منصوب بالفتحة أي \"المشربة\".
  • ﴿ في رحل أخيه:
  • جار ومجرور متعلق بجعل أو بمفعولها الثاني: أخيه: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ ثم أذن مؤذّن أيتها العير:
  • ثم: عاطفة. أذن: فعل ماضٍ مبني على الفتح. مؤذن: فاعل مرفوع بالضمة. أية منادى بأداة نداء محذوفة تقديرها \"يا\" مبني على الضم في محل نصب و \"ها\" زائدة للتنبيه. العير: بدل من \"أية\" مرفوع بالضمة على اللفظ بمعنى أيتها القافلة.
  • ﴿ إنكم لسارقون:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم \"إنّ\" واللام -مزحلقة- سارقون: خبر \"إنّ\" مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

يوسف: 59﴿وَ لَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ
يوسف: 70﴿فَـ لَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [70] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ عز وجل ما دار بين يوسف عليه السلام وبين شقيقه بنيامين؛ بَيَّنَ هنا ما فعله يوسف عليه السلام مع إخوته، لكي يبقى أخاه معه فلا يسافر معهم عند رحيلهم، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جعل:
وقرئ:
وجعل، وهى قراءة عبد الله.

مدارسة الآية : [71] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ

التفسير :

[71] قال أولاد يعقوب مقبلين على المنادي:ما الذي تفقدونه؟

{ قَالُوا} أي:إخوة يوسف{ وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ} لإبعاد التهمة، فإن السارق ليس له همٌّ إلا البعد والانطلاق عمن سرق منه، لتسلم له سرقته، وهؤلاء جاءوا مقبلين إليهم، ليس لهم همٌّ إلا إزالة التهمة التي رموا بها عنهم، فقالوا في هذه الحال:{ مَاذَا تَفْقِدُونَ} ولم يقولوا:"ما الذي سرقنا"لجزمهم بأنهم براء من السرقة.

ثم بين- سبحانه- ما قاله إخوة يوسف بعد أن سمعوا المؤذن يستوقفهم ويتهمهم بالسرقة فقال- تعالى- قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ.

وتفقدون: من الفقد، وهو غيبة الشيء عن الحس بحيث لا يعرف مكانه.

أى: قال إخوة يوسف بدهشة وفزع لمن ناداهم وأخبرهم بأنهم سارقون، قالوا لهم: ماذا تفقدون- أيها الناس- من أشياء حتى اتهمتمونا بأننا سارقون؟!!!

فالتفتوا إلى المنادي وقالوا : ( ماذا تفقدون)

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال بنو يعقوب لما نودوا: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ، وأقبلوا على المنادي ومن بحضرتهم يقولون لهم: (ماذا تفقدون) ، ما الذي تفقدون؟.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[71] ﴿قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ﴾ الاتهام بالسرقة شيء مزعج.

الإعراب :

  • ﴿ قالوا وأقبلوا:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وأقبلوا معطوفة بالواو على قالوا. وتعرب إعرابها.
  • ﴿ عليهم ماذا تفقدون:
  • جار ومجرور متعلق بأقبلوا و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى. ماذا: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل يفسره المذكور بعده. تفقدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة \"ماذا تفقدون\" في محل نصب مفعول به -مقول القول- بتقدير: قائلين أو سائلين. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [71] لما قبلها :     ولَمَّا سمعوا المنادي يتهمهم بالسرقة؛ اتجهوا نحوه، وسألوا: ما الذي ضاع منكم؟ ليقع التفتيش فتظهر براءتهم، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تفقدون:
وقرئ:
بضم التاء، من «أفقدته» ، إذا وجدته فقيدا، وهى قراءة السلمى.

مدارسة الآية : [72] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن ..

التفسير :

[72] قال المنادي ومَن بحضرته:نفقد المكيال الذي يكيل الملك به، ومكافأة من يُحْضِره مقدار حِمْل بعير من الطعام، وقال المنادي:وأنا بحِمْل البعير من الطعام ضامن وكفيل.

{ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} أي:أجرة له على وجدانه{ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} أي:كفيل، وهذا يقوله المؤذن المتفقد.

وهنا رد عليهم المؤذن ومن معه من حراس: قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ أى: صاعه الذي يشرب فيه، ويكتال به للممتارين.

وَلِمَنْ جاءَ بِهِ أى بهذا الصاع، أو دل على سارقه.

حِمْلُ بَعِيرٍ من الطعام زيادة على حقه كمكافأة له.

وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ أى: وأنا بهذا الحمل كفيل بأن أدفعه لمن جاءنا بصواع الملك.

ويبدو أن القائل لهذا القول هو المؤذن السابق، ولعله قد قال ذلك بتوجيه من يوسف- عليه السلام-.

( قالوا نفقد صواع الملك ) أي : صاعه الذي يكيل به ، ( ولمن جاء به حمل بعير ) وهذا من باب الجعالة ، ( وأنا به زعيم ) وهذا من باب الضمان والكفالة .

(قالوا نفقد صواع الملك) ، يقول: فقال لهم القوم: نفقد مشربة الملك .

* * *

واختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فذكر عن أبي هريرة أنه قرأه : " صَاعَ المَلِكِ"، بغير واوٍ , كأنه وجَّهه إلى " الصاع " الذي يكال به الطعام.

* * *

وروي عن أبي رجاء أنه قرأه: " صَوْعَ المَلِكِ".

* * *

وروي عن يحيى بن يعمر أنه قرأه: " صَوْغَ المَلِكِ"، بالغين , كأنه وجَّهه إلى أنه مصدر من قولهم: " صاغ يَصُوغ صوغًا " .

* * *

وأما الذي عليه قرأة الأمصار: فَـ(صُوَاعَ المَلِكِ) , وهي القراءة التي لا أستجيز القراءة بخلافها لإجماع الحجة عليها .

* * *

و " الصواع " ، هو الإناء الذي كان يوسف يكيل به الطعام. وكذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19525- حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس في هذا الحرف: (صواع الملك) قال: كهيئة المكُّوك . قال: وكان للعباس مثله في الجاهلية يَشْرَبُ فيه

19526- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ، عن شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس في قوله: (صواع الملك) ، قال، كان من فضة مثل المكوك . وكان للعباس منها واحدٌ في الجاهلية.

19527- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ، عن شريك , عن سماك , عن عكرمة في قوله: (قالوا نفقد صواع الملك) ، قال: كان من فضة.

19528- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير: أنه قرأ: (صواع الملك) ، قال وكان إناءه الذي يشرب فيه , وكان إلى الطول ما هو.

19529- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سويد بن عمرو , عن أبي عوانة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير: (صواع الملك) ، قال، المكوك الفارسي.

19530- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا أبو عوانة, عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير قال، (صواع الملك) ، قال، هو المكوك الفارسيّ الذي يلتقي طرفاه , كانت تشرب فيه الأعاجم.

19531- ... قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء , عن جويبر , عن الضحاك , في قوله: (صواع الملك) ، قال، إناء الملك الذي كان يشرب فيه.

19532- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا يحيى ، يعني ابن عباد ، قال، حدثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال: (صواع الملك) ، مكّوك من فضة يشربون فيه . وكان للعباس واحدٌ في الجاهلية.

19533- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (صواع الملك) ، إناء الملك الذي يشرب فيه.

19534- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، حدثنا أبو عوانة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير , في قوله: (صواع الملك) ، قال: هو المكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه.

19535- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد قال،" الصواع " ، كان يشرب فيه يوسف.

19536- حدثنا محمد بن معمر البحراني قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال، حدثنا صدقة بن عباد , عن أبيه عن ابن عباس: (صواع الملك) ، قال، كان من نحاس .

* * *

وقوله: (ولمن جاء به حمل بعير) ، يقول: ولمن جاء بالصواع حمل بعير من الطعام، كما:-

19537- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة قوله: (ولمن جاء به حمل بعير) ، يقول: وقر بعير.

19538- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله تعالى: (حمل بعير) ، قال: حمل حمار ، وهي لغة. (5)

19539- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال ،

19540- وحدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قوله: (حمل بعير) قال: حمل حمار ، وهي لغة.

19541- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19542- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد قال، قوله: (حمل بعير) قال، حمل حمار.

* * *

وقوله، (وأنا به زعيم) ، يقول: وأنا بأن أوفيّه حملَ بعير من الطعام إذا جاءني بصواع الملك كفيلٌ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19543- حدثني علي قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس قوله: (وأنا به زعيم) ، يقول: كفيل.

19544- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قوله: (وأنا به زعيم) ،" الزعيم "، هو المؤذّن الذي قال: أَيَّتُهَا الْعِيرُ .

19545- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19546- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله .

19547- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر، وأبو خالد الأحمر , عن ابن جريج قال: بلغني عن مجاهد , ثم ذكر نحوه .

19548- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد , عن ورقاء بن إياس , عن سعيد بن جبير: (وأنا به زعيم) ، قال: كفيل.

19549- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (وأنا به زعيم) : أي: وأنا به كفيلٌ.

19550- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (وأنا به زعيم) ، قال: كفيل.

19551- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر , عن جويبر , عن الضحاك: (وأنا به زعيم) ، قال: كفيل.

19552- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك , فذكر مثله .

19553- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز , عن سفيان , عن رجل , عن مجاهد: (وأنا به زعيم) ، قال: كفيل.

19554- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: قال لهم الرسول: إنه من جاءنا به فله حمل بعير، وأنا به كفيلٌ بذلك حتى أؤدّيه إليه.

* * *

ومن " الزعيم " الذي بمعنى الكفيل، قول الشاعر: (6)

فَلَسْـــتُ بِــآمِرٍ فِيهَــا بِسَــلْمٍ

وَلَكِــنِّي عَــلَى نَفْسِــي زَعِيــمُ (7)

وأصل " الزعيم " ، في كلام العرب: القائم بأمر القوم , وكذلك " الكفيل " و " الحميل " . ولذلك قيل: رئيس القوم زعيمهم ومدبِّرهم. يقال منه: " قد زَعُم فلان زعامة وزَعامًا "، (8) ومنه قول ليلى الأخيلية:

حَــتَّى إذَا بَــرَزَ اللِّــوَاءُ رَأَيْتَـهُ

تَحْـتَ اللِّـوَاءِ عَـلَى الخَـمِيسِ زَعِيمَا (9)

* * *

----------------------

الهوامش:

(5) في المطبوعة والمخطوطة :" حمل طعام" ولا معنى له ، والصواب ما أثبت ، وهو تفسير لقوله :" بعير" ، انظر ما سلف ص : 162 ، رقم : 19477 ، 19478 ، 19523 ، 19524 وصوبت ذلك لقوله :" وهي لغة" لأنه زعموا ذلك لغة في الحمار ، أما" الطعام" ، فلا يصح أن يكون فيه لغة يقال لها " بعير" ! .

(6) هو حاجز بن عوف الأزدي السروي اللص الجاهلي ، وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة :" وقال المؤسى الأزدي" ، وأخشى أن يكون" المؤسى" تصحيف لنسبته ، وهي" السروى" ، نسبة إلى" السرأة" وهي جبال الأزد .

(7) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 315 ، وبعد البيت ، وفيه تمام معناه :

بِغَــزْوٍ مِثْــلِ وَلْـغِ الـذِّئْبِ حَـتَّى

يَنُــوءَ بِصَــاحِبي ثَــأْرٌ مُنِيــمُ

وهذا البيت في لسان العرب مادة ( ولغ ) ، منسوبًا لحاجز اللص .

(8) قوله :" وزعامًا" ، هذا المصدر مما أغفلته معاجم اللغة ، فليقيد في مكانه .

(9) اللسان ( زعم ) وأمالي القالي 1 : 248 ، وسمط اللآلئ 561 ، وتمام تخريجها هناك ، من قصيدة لها تعرض فيها بابن الزبير ، وقبل البيت :

وَمُخَــرَّقِ عَنْــهُ القَمِيـصُ تَخَالُـه

وَسْـطَ البُيُـوتِ مِـنَ الحَيـاء سَـقِيمَا

.

المعاني :

صُوَاعَ :       صَاعَ السراج
صواع الملك :       صاعه "مكياله" ، و هو السّقاية معاني القرآن
زَعِيمٌ :       ضَامِنٌ، وَكَافِلٌ السراج
زعيم :       كفيل أؤدّيه إليه معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[72] ﴿قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ﴾ ما الفرق بين السقاية والصواع؟ الصواع هو ما يكال به عمومًا، السقاية في الأصل هو ما يُسقى به الملك، يشرب به خمرًا، وكان يستعمل صواعًا للكيل، فهو ليس مجرد سقاية عادية، ولو كان عاديًا نأتي بغيره، لكن هذا صواع الملك لبيان أهميته.
وقفة
[72] ﴿قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ﴾ بضم الصاد، وليس بكسرها كما يقرأها البعض.
وقفة
[72] ﴿قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ استدلوا بها على مشروعية الجعالة، والجعالة: التزام عوض معلوم (الجُعل) مقابل عمل معين، ومثاله: أن يقول الرجل: من وجد محفظتي المفقودة فله ألف جنيه.
وقفة
[72] ما دلالة التذكير والتأنيث في كلمة (صواع) في سورة يوسف؟ قال تعالى: ﴿قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ﴾، و﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ﴾ [76]، فاستخدمت كلمة صواع مرة مذكرة ومرة مؤنثة، وبعض الكلمات تأتي مؤنثّة ومذكّرة، فكلمة العاقبة مثلًا تُذكَّر إذا استعملت للعذاب، وتُؤنَّث إذا استعملت للصيحة، في اللغة التأنيث هو للمجاز، ويُسمى (مؤنث مجازي).
وقفة
[72] التحفيز من قبل المربي أثره لا يخفى ﴿وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ﴾.
وقفة
[72] ﴿وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ أصل في الضمان والكفالة.
وقفة
[72] ﴿ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ زعيم ليس معناه هنا (رئيس)، وإنما معناه (كفيل) أي كفيل بأن أوفيه حمل بعير إذا جاءني بصواع الملك.

الإعراب :

  • ﴿ قالوا:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة بعده في محل نصب مفعول به لقالوا.
  • ﴿ نفقد صواع الملك:
  • نفقد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. صواع: مفعول به منصوب بالفتحة. الملك: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والصواع بمعنى: المشربة.
  • ﴿ ولمن جاء به حمل بعير:
  • الواو: استئنافية. اللام حرف جر. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. جاء: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. به: جار ومجرور متعلق بجاء وجملة \"جاء به\" صلة الموصول لا محل لها. حمل: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بعير: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ وأنا به زعيم:
  • الواو استئنافية. أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. به: جار ومجرور متعلق بخبر \"أنا\" زعيم: خبر \"أنا\" مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [72] لما قبلها :     ولَمَّا سألوا عن الشيء المفقود؛ رد عليهم المنادي ومن معه من حراس: «نفقدُ المِكيال الذي يكيل الملك به»، ثم أعلنوا عن جائزة لمن يأتي به، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

صواع:
1- بضم الصاد بعدها واو مفتوحة، بعدهما ألف وعين مهملة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- على القراءة السابقة مع كسر الصاد، وهى قراءة أبى حيوة، والحسن بن جبير.
3- صاع، وهى قراءة أبى هريرة، ومجاهد.
4- صوع، على وزن «قوس» ، وهى قراءة أبى رجاء.
5- صوع، بضم الصاد، وهى قراءة عبد الله بن عون بن أبى أرطبان.
6- صواغ، على وزن «غراب» ، بالغين المعجمة، وهى قراءة الحسن، وابن جبير.
7- صوغ، بالضم وإسكان الواو وغين معجمة، وهى قراءة يحيى بن يعمر.
8- صوغ، بالفتح والغين المعجمة، مصدر «صاغ» ، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [73] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا ..

التفسير :

[73] قال إخوة يوسف:والله لقد تحققتم مما شاهدتموه منا أننا ما جئنا أرض «مصر» من أجل الإفساد فيها، وليس من صفاتنا أن نكون سارقين.

{ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ} بجميع أنواع المعاصي،{ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} فإن السرقة من أكبر أنواع الفساد في الأرض، وإنما أقسموا على علمهم أنهم ليسوا مفسدين ولا سارقين، لأنهم عرفوا أنهم سبروا من أحوالهم ما يدلهم على عفتهم وورعهم، وأن هذا الأمر لا يقع منهم بعلم من اتهموهم، وهذا أبلغ في نفي التهمة، من أن لو قالوا:{ تالله لم نفسد في الأرض ولم نسرق}.

وهنا نجد إخوة يوسف يردون عليهم ردا يدل على استنكارهم لهذه التهمة وعلى تأكدهم من براءتهم فيقولون: قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ.

أى: قال إخوة يوسف للمنادى ومن معه الذين اتهموهم بالسرقة: تالله يا قوم، لقد علمتم من حالنا وسلوكنا وأخلاقنا، أننا ما جئنا إلى بلادكم، لكي نفسد فيها أو نرتكب ما لا يليق، وما كنا في يوم من الأيام ونحن في أرضكم لنرتكب هذه الجريمة، لأنها تضرنا ولا تنفعنا، حيث إننا في حاجة إلى التردد على بلادكم لجلب الطعام، والسرقة تحول بيننا وبين ذلك، لأنكم بسببها ستمنعوننا من دخول أرضكم، وهذه خسارة عظيمة بالنسبة لنا.

لما اتهمهم أولئك الفتيان بالسرقة ، قال لهم إخوة يوسف : ( تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين ) أي : لقد تحققتم وعلمتم منذ عرفتمونا - لأنهم شاهدوا منهم سيرة حسنة - أنا ما جئنا للفساد في الأرض ، وما كنا سارقين ، أي : ليست سجايانا تقتضي هذه الصفة ،

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال إخوة يوسف: (تالله) يعني: والله .

* * *

وهذه التاء في (تالله) ، إنما هي" واو " قلبت " تاء " كما فعل ذلك في" التوراة " وهي من " ورّيت "، (10) و " التُّراث "، وهي من " ورثت " , و " التخمة " وهي من " الوخامة "، قلبت الواو في ذلك كله تاء، و " الواو " في هذه الحروف كلها من الأسماء , وليست كذلك في (تالله) ، لأنها إنما هي واو القسم , وإنما جعلت تاء لكثرة ما جرى على ألسن العرب في الأيمان في قولهم: " والله ", فخُصَّت في هذه الكلمة بأن قلبت تاء . ومن قال ذلك في اسم الله فقال: " تالله " . لم يقل " تالرحمن " و " تالرحيم " , ولا مع شيء من أسماء الله , ولا مع شيء مما يقسم به , ولا يقال ذلك إلا في" تالله " وحده .

* * *

وقوله: (لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) ، يقول: لقد علمتم ما جئنا لنعصى الله في أرضكم. (11)

* * *

كذلك كان يقول جماعة من أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19555- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بن أنس , في قوله: (قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) ، نقول: ما جئنا لنعصى في الأرض.

* * *

فإن قال قائل: وما كان عِلْمُ من قيل له (12) (لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض) ، بأنهم لم يجيئوا لذلك، حتى استجاز قائلو ذلك أن يقولوه؟

قيل: استجازوا أن يقولوا ذلك لأنهم فيما ذكر ردُّوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم , فقالوا: لو كنا سُرَّاقًا لم نردَّ عليكم البضاعة التي وجدناها في رحالنا .

وقيل: إنهم كانوا قد عُرِفوا في طريقهم ومسيرهم أنهم لا يظلمون أحدًا ولا يتناولون ما ليس لهم , فقالوا ذلك حين قيل لهم: إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ .

* * *

----------------------

الهوامش:

(10) في المطبوعة :" كما فعل ذلك في التورية ، وهي من وريت" ، فأساء غاية الإساءة ، فضلا عما فيه من الجهالة . والصواب من المخطوطة ، و" التوراة" ، وهي التي أنزلها الله على موسى ، قال الفراء في كتاب المصادر إنها" تفعلة" من" وريت" ، وجرت على لغة طئ ، كقولهم في" التوصية"" توصاة" وفي" الجارية"" جاراة" . وقال البصريون :" التوراة" ، أصلها" فوعلة" ، مثل" الحوصلة" و" الدوخلة" وكل ما كان على" فوعلت" ، فمصدره" فوعلة" ، وقلبت الواو تاء ، كما قلبت في" تولج" وأصلها" ولج" .

(11) انظر تفسير" الفساد في الأرض" فيما سلف من فهارس اللغة ( فسد ) .

(12) في المطبوعة :" وما كان أعلم من قيل له" ، وهو عبث وفساد ، صوابه ما في المخطوطة .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[73] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ﴾ في أربعة مواضع: الأول يمين منهم أنهم ليسوا سارقين، وأن أهل مصر بذلك عالمون: ﴿قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ﴾، والثاني يمين منهم أنك لو واظبت على الحزن تصير حرضًا أو تكون من الهالكين: ﴿قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ [85]، والثالث يمين منهم أن الله فضله عليهم وإنهم كانوا خاطئين: ﴿قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا﴾ [91]، والرابع يمين منهم على أنه لم يزل على محبة يوسف: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ﴾ [95].
لمسة
[73] دلالة القسم ﴿تَاللَّـهِ﴾: التاء حرف قسم مثل الواو والتاء في أصلها اللغوي مُبدلةٌ من الواو، والقسم بـ (تالله) كما يذكر أهل النحو واللغة يفيد التعجب والتفخيم والتعظيم، (تالله) يُقسَم بها في الأمور العظام، وهي مختصّة بلفظ الجلالة (الله)، وقد وردت في أربع مرات في سورة يوسف: ﴿قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ﴾ [73]، ﴿قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ [85]، ﴿قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا﴾ [91]، ﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ﴾ [95].
وقفة
[73] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ﴾ بقدر معصية الله يكون الإفساد في الأرض.
وقفة
[73] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ﴾ السرقة من أعظم ألوان الفساد في الأرض.
وقفة
[73] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ﴾ حين تعص الله فأنت تفسد في الأرض.

الإعراب :

  • ﴿ قالوا تالله:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. تالله: التاء: حرف جر للقسم عوض عن الواو. الله لفظ الجلالة: اسم مجرور للتعظيم بتاء القسم والجار والمجرور متعلق بفعل أقسم المحذوف. وفي هذا القسم معنى التعجب مما أضيف إليهم.
  • ﴿ لقد علمتم:
  • اللام: واقعة في جواب القسم المحذوف. قد: حرف تحقيق علم: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. علمتم: فعلها لازم بمعنى حصلت لكم حقيقة العلم.
  • ﴿ ما جئنا:
  • ما: نافية لا عمل لها. جئنا: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا. و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لنفسد في الأرض:
  • اللام: حرف جر للتعليل. نفسد: فعل مضارع منصوب بأنْ مضمرة بعد اللام والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن وعلامة نصب الفعل الفتحة. في الأرض: جار ومجرور متعلق بنفسد و\"أن\" وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بجئنا. التقدير: ما جئنا للإفساد في الأرض وجملة \"نفسد\" صلة \"أن\" لا محل لها.
  • ﴿ وما كنا سارقين:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. كنا: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم \"كان\". سارقين: خبر \"كان\" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

يوسف: 73﴿ قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ
يوسف: 85﴿ قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا
يوسف: 91﴿ قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَلَيْنَا
يوسف: 95﴿ قَالُوا تَاللَّـهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [73] لما قبلها :     ولَمَّا أُعلنَ عن سرقة صُوَاع الْمَلِكِ، وأوقفت القافلة للتفتيش؛ رد إخوةُ يوسف هنا ردًّا يدل على استنكارهم لهذه التهمة، وعلى تأكدهم من براءتهم، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [74] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ ..

التفسير :

[74] قال المكلَّفون بالبحث عن المكيال لإخوة يوسف:فما عقوبة السارق عندكم إن كنتم كاذبين في قولكم:لسنا بسارقين؟

{ قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ} أي:جزاء هذا الفعل{ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ} بأن كان معكم؟

وهنا يرد عليهم المنادى وأعوانه بقولهم: قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ.

أى: قال المنادى وأعوانه لإخوة يوسف الذين نفوا عن أنفسهم تهمة السرقة نفيا تاما.

إذا فما جزاء وعقاب هذا السارق لصواع الملك في شريعتكم، إن وجدنا هذا الصواع في حوزتكم، وكنتم كاذبين في دعواكم أنكم ما كنتم سارقين.

فقال لهم الفتيان : ( فما جزاؤه ) أي : السارق ، إن كان فيكم ) إن كنتم كاذبين ) أي : أي شيء يكون عقوبته إن وجدنا فيكم من أخذه ؟

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال أصحاب يوسف لإخوته: فما ثواب السَّرَق إن كنتم كاذبين في قولكم (13) مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ؟ .

----------------------

الهوامش:

(13) " السرق" ( بفتحتين ) ، ومصدره فعل السارق . وسوف يسمى" المسروق"" سرقًا" ، بعد قليل ، وهو صحيح في العربية جيد . وهكذا كان يقوله أئمة الفقهاء القدماء .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[74] ﴿قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ﴾ الكاذب يستحق العقوبة دنيوية أو أخروية.
وقفة
[74] ﴿قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ﴾ تحكيم المرء في ذنبه أدعى لقبوله الحكم الصادر عليه.
وقفة
[74] ﴿قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ﴾ سمو أخلاق الأنبياء، ما أكبر الفرق بين الأنبياء وغيرهم! يعقوب جاء إليه أولاده، ينعون له يوسف وينبئون بافتراس الذئب إياه، فلم يصرح لهم بأنهم کاذبون، مع أنهم كانوا كذلك، وهو يعتقدهم كذلك، لكنه صعب على طبعه اللطيف أن يواجههم بكلمة (كاذبين)، وأما هؤلاء الجنود المصريون فوصفوهم وواجهوهم بكلمة (كاذبين) مع أنهم ما كانوا كاذبين، والمصريون لا يعتقدونهم كاذبين، فما أكبر الفرق!

الإعراب :

  • ﴿ قالوا فما جزاؤه:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة الفاء رابطة لجواب الشرط المتقدم. ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. جزاؤه: خبر \"ما\" مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إنْ كنتم كاذبين:
  • إنْ: حرف شرط جازم. كنتم: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإنْ. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم \"كان\" والميم علامة جمع الذكور. كاذبين: خبر \"كان\" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد. وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير: إنْ كنتم كاذبين في \"قولكم\" ما كنا سارقين فما جزاء السارق منكم. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     ولَمَّا نفى إِخوة يوسف عن أنفسهم تهمة السرقة نفيًا تامًّا؛ قال المنادي وأعوانه؛ سألوهم هنا: فما جزاء السارق لصواع الملك في شريعتكم، إن وجدنا هذا الصواع في حوزتكم، وكنتم سارقين، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [75] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي ..

التفسير :

[75] قال إخوة يوسف:جزاء السارق مَن وُجِد المسروق في رحله فهو جزاؤه، أي:يسلَّم بسرقته إلى مَن سرق منه حتى يكون عبداً عنده، مثل هذا الجزاء -وهو الاسترقاق- نجزي الظالمين بالسرقة، وهذا ديننا وسنتنا في أهل السرقة.

{ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ} أي:الموجود في رحله{ جَزَاؤُهُ} بأن يتملكه صاحب السرقة، وكان هذا في دينهم أن السارق إذا ثبتت عليه السرقة كان ملكا لصاحب المال المسروق، ولهذا قالوا:{ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}

فرد عليهم إخوة يوسف ببيان حكم هذا السارق في شريعتهم بقولهم: قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ، كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ.

والمراد بالجزاء: العقاب الذي يعاقب به السارق في شريعتهم، والضمير في قوله «جزاؤه» يعود إلى السارق.

أى: قال إخوة يوسف: جزاء هذا السارق الذي يوجد صواع الملك في رحله ومتاعه أن يسترق لمدة سنة، هذا هو جزاؤه في شريعتنا.

قال الشوكانى ما ملخصه: وقوله «جزاؤه» مبتدأ، وقوله «من وجد في رحله» خبر المبتدأ.

والتقدير: جزاء السرقة للصواع أخذ من وجد في رحله- أى استرقاقه لمدة سنة-، وتكون جملة «فهو جزاؤه» لتأكيد الجملة الأولى وتقريرها. قال الزجاج وقوله «فهو جزاؤه» زيادة في البيان. أى: جزاؤه أخذ السارق فهو جزاؤه لا غير».

وقالوا «جزاؤه من وجد في رحله» ولم يقولوا جزاء السارق أو جزاء سرقته، للإشارة إلى كمال نزاهتهم، وبراءة ساحتهم من السرقة، حتى لكأن ألسنتهم لا تطاوعهم بأن ينطقوا بها في هذا المقام.

وقوله: كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ مؤكد لما قبله، أى مثل هذا الجزاء العادل، وهو الاسترقاق لمدة سنة، نجازي الظالمين الذين يعتدون على أموال غيرهم.

( قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين )

وهكذا كانت شريعة إبراهيم : أن السارق يدفع إلى المسروق منه . وهذا هو الذي أراد يوسف ، عليه السلام

(قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) . ، يقول جل ثناؤه: وقال إخوة يوسف: ثواب السرق من وجد في متاعه السرق (فهو جزاؤه) , (14) يقول: فالذي وجد ذلك في رحله ثوابه بأن يسلم بسَرِقته إلى من سرق منه حتى يستَرِقّه ، (كذلك نجزي الظالمين) ، يقول: كذلك نفعل بمن ظلم ففعل ما ليس له فعله من أخذه مال غيره سَرَقًا .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19556- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: (فهو جزاؤه) ، أي: سُلِّم به ، (كذلك نجزي الظالمين) ، أي: كذلك نصنع بمن سرقَ منَّا.

19557- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق , عن معمر قال، بلغنا في قوله: (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين) ، أخبروا يوسف بما يحكم في بلادهم أنه من سرق أخذ عبدًا , فقالوا: (جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه).

19558- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) ، تأخذونه فهو لكم.

* * *

قال أبو جعفر: ومعنى الكلام: قالوا: ثوابُ السَّرَق الموجودُ في رحله ، كأنه قيل: " ثوابه استرقاق الموجود في رحله "، ثم حذف " استرقاق ", إذ كان معروفًا معناه. ثم ابتدئ الكلام فقيل: ( هو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين) .

* * *

وقد يحتمل وجهًا آخر: أن يكون معناه: قالوا ثوابُ السَّرق، الذي يوجدُ السَّرق في رحله , فالسارق جزاؤه ، فيكون " جزاؤه " الأول مرفوعًا بجملة الخبر بعده , ويكون مرفوعًا بالعائد من ذكره في" هو ", و " هو " مرافع " جزاؤه " الثاني . (15)

* * *

ويحتمل وجهًا ثالثًا: وهو أن تكون " مَنْ" جزاءً (16) وتكون مرفوعة بالعائد من ذكره في" الهاء " التي في" رحله ", و " الجزاء " الأول مرفوعًا بالعائد من ذكره في" وجد ", ويكون جواب الجزاء " الفاء " في" فهو ". و " الجزاء " الثاني مرفوع ب " هو ", فيكون معنى الكلام حينئذ: قالوا: جزاء السَّرق، من وجد السرق في رحله فهو ثوابه، يُستَرَقُّ ويُستعبَد . (17)

* * *

----------------------

الهوامش:

(14) " السرق" ( بفتحتين ) ، ومصدره فعل السارق . وسوف يسمى" المسروق"" سرقًا" ، بعد قليل ، وهو صحيح في العربية جيد . وهكذا كان يقوله أئمة الفقهاء القدماء .

(15) في المطبوعة :" رافع" ، وأثبت ما في المخطوطة . وهذا الوجه الثاني مكرر في المخطوطة ، كتب مرتين .

(16) في المطبوعة :" جزائية" ، وهو تصرف معيب .

(17) انظر معاني القرآن للفراء في تفسير هذه الآية ، فقد ذكر هذه الوجوه بغير هذا اللفظ .

المعاني :

فَهُوَ جَزَاؤُهُ :       يَكُونُ السَّارِقُ عَبْدًا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ السراج

التدبر :

وقفة
[75] ﴿قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ﴾ قال السمرقندي: «وكان الحكم في أرض مصر للسارق: الضرب والتضمين، وكان الحكم بأرض كنعان: أنهم يأخذون السارق ويسترقونه، ففوضوا الحكم إلى بني يعقوب ليحكموا بحكم بلادهم»، أي أن يوسف رد الحكم إليهم ليتمكن من أخذ أخيه بناء على حكمهم.
لمسة
[75] ﴿قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ﴾ لم يقولوا جزاء السارق أو جزاء سرقته؛ للإشارة إلى کمال نزاهتهم، وبراءة ساحتهم من السرقة، حتى لكأن ألسنتهم لا تطاوعهم بأن ينطقوا بكلمة السرقة في هذا المقام.
وقفة
[75] ﴿قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ﴾ كيف فهم المفسرون من هذه الآية أن إخوة يوسف يريدون تحكيم شريعة يعقوب عليه السلام في السارق؟ الجواب: الاية صريحة في الحكم الذي طلبوه؛ أما كونه كان شريعتهم فلعل المفسرين استفادوه من الاسرائيليات.
وقفة
[75] ﴿قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ بيان حسن تدبير الله تعالى لأوليائه.
وقفة
[75] ﴿كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ الجزاء من جنس العمل، قال ابن عطية: «أي هذه سنتنا وديننا في أهل السرقة: أن يُتملك السارق کما تملك هو الشيء المسروق».
وقفة
[75، 76] قال إخوة يوسف: ﴿جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ﴾ أي: يؤخذ السارق رهينة، ثم قال الله: ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾؛ إذا كاد الله لك ألهم عدوك حجتك.

الإعراب :

  • ﴿ قالوا:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ جزاؤه من وجد في رَحْلِهِ:
  • جزاء: مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. من: اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ثانٍ. وجد: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو أي \"الصواع\" والفعل \"وجد\" فعل الشرط في محل جزم بمن. في رحله: جار ومجرور متعلق بوجد والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة والجملة الشرطية من فعل الشرط وجوابه -جزائه- في محل رفع خبر \"من\" والجملة الاسمية \"من مع خبرها\" في محل رفع خبر المبتدأ الأول \"جزاؤه\" وفي هذا الوجه من الإعراب أقيم الظاهر فيها مقام المضمر. والأصل جزاؤه من وجد في رحله فهو هو، فوضع الجزاء موضع \"هو\" ووجه آخر لإعرابها: هو يجوز أن تكون \"جزاؤه\" خبر مبتدأ محذوف التقدير: المسئول عنه جزاؤه ثم جيء بقولهم: من وجد في رحله فهو جزاؤه. ويجوز أن تعرب \"جزاؤه\" مبتدأ وخبرها محذوفًا بتقدير: جزاؤه عندنا مثل جزائه عندكم.
  • ﴿ فهو جزاؤه:
  • الفاء: واقعة في جواب الشرط. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. جزاؤه خبر \"هو\" مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والجملة الاسمية \"فهو جزاؤه\" جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم
  • ﴿ كذلك نجزي الظالمين:
  • الكاف اسم بمعنى \"مثل\" مبني على الفتح في محل نصب على المصدر نائب عن المفعول المطلق وهو مضاف. ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب أي بتقدير: نجزي الظالمين جزاء مثل ذلك. نجزي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. الظالمين: مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

الأعراف: 40﴿وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ
الأعراف: 152﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ
الأعراف: 41﴿لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ۚ وَ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
يوسف: 75﴿قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
الأنبياء: 29﴿وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     ولَمَّا سألوهم عن جزاء السارق؛ رد إخوة يوسف: يُسلَّم إلى مَن سرق منه حتى يكون عبدًا عنده، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [76] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ..

التفسير :

[76] ورجعوا بإخوة يوسف إليه، فقام بنفسه يفتش أمتعتهم، فبدأ بأمتعتهم قبل متاع شقيقه؛ إحكاماً لما دبَّره لاستبقاء أخيه معه، ثم انتهى بوعاء أخيه، فاستخرج الإناء منه، كذلك يسَّرنا ليوسف هذا التدبير الذي توصَّل به لأخذ أخيه، وما كان له أن يأخذ أخاه في حكم مَلِ

{ فَبَدَأَ} المفتش{ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ} وذلك لتزول الريبة التي يظن أنها فعلت بالقصد، فلما لم يجد في أوعيتهم شيئا{ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} ولم يقل "وجدها، أو سرقها أخوه"مراعاة للحقيقة الواقعة.

فحينئذ تم ليوسف ما أراد من بقاء أخيه عنده، على وجه لا يشعر به إخوته، قال تعالى:{ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} أي:يسرنا له هذا الكيد، الذي توصل به إلى أمر غير مذموم{ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} لأنه ليس من دينه أن يتملك السارق، وإنما له عندهم، جزاء آخر، فلو ردت الحكومة إلى دين الملك، لم يتمكن يوسف من إبقاء أخيه عنده، ولكنه جعل الحكم منهم، ليتم له ما أراد.

قال تعالى:{ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} بالعلم النافع، ومعرفة الطرق الموصلة إلى مقصدها، كما رفعنا درجات يوسف،{ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} فكل عالم، فوقه من هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى عالم الغيب والشهادة.

وقوله- سبحانه- فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ معطوف على كلام محذوف يفهم من المقام.

والتقدير: وبعد هذه المحاورة التي دارت بين إخوة يوسف وبين الذين اتهموهم بالسرقة أخبر الإخوة بتفتيش أمتعتهم للبحث عن الصواع بداخلها.

«فبدأ» المؤذن بتفتيش أوعيتهم، قبل أن يفتش وعاء «بنيامين» فلم يجد شيئا بداخل أوعيتهم.

فلما وصل إلى وعاء «بنيامين» وقام بتفتيشه وجد السقاية بداخله، فاستخرجها منه على مشهد منهم جميعا.

ويبدو أن هذا الحوار من أوله كان بمشهد ومرأى من يوسف- عليه السلام- وكان أيضا بتدبير وتوجيه منه للمؤذن ومن معه، فهو الذي أمر المؤذن بأن ينادى «أيتها العير إنكم لسارقون» ، وهو الذي أشار عليه بأن يسألهم عن حكم السارق في شريعتهم، وهو الذي أمره بأن يبدأ بتفتيش أوعيتهم قبل أن يفتش وعاء شقيقه «بنيامين» دفعا للتهمة، ونفيا للشبهة ...

روى أنه لما بلغت النوبة إلى وعاء «بنيامين» لتفتيشه قال يوسف- عليه السلام-:

ما أظن هذا أخذ شيئا؟ فقالوا: والله لا تتركه حتى تنظر في رحله، فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا».

ويطوى القرآن ما اعترى إخوة يوسف من دهشة وخزي، بعد أن وجدت السقاية في رحل «بنيامين» وبعد أن أقسموا بالله على براءتهم من تهمة السرقة ... يطوى القرآن كل ذلك، ليترك للعقول أن تتصوره ...

ثم يعقب على ما حدث ببيان الحكمة التي من أجلها ألهم الله- تعالى- يوسف أن يفعل ما فعل من دس السقاية في رحل أخيه، ومن سؤال إخوته عن جزاء السارق في شريعتهم فيقول كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ، ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ....

و «كدنا» من الكيد وأصله الاحتيال والمكر، وهو صرف غيرك عما يريده بحيلة، وهو مذموم إن تحرى به الفاعل الشر والقبيح، ومحمود إن تحرى به الفاعل الخير والجميل.

والمراد به هنا: النوع المحمود، واللام في «ليوسف» للتعليل.

والمراد بدين الملك: شريعته التي يسير عليها في الحكم بين الناس.

والمعنى: مثل هذا التدبير الحكيم دبرنا من أجل يوسف ما يوصله إلى غرضه ومقصده، وهو احتجاز أخيه بنيامين معه، بأن ألهمناه بأن يضع السقاية في رحل أخيه، وبأن يسأل إخوته عن حكم السارق في شريعتهم.. وما كان يوسف ليستطيع أن يحتجز أخاه معه، لو نفذ شريعة ملك مصر، لأن شريعته لا تجيز استرقاق السارق سنة كما هو الحال في شريعة يعقوب، وإنما تعاقب السارق بضربه وتغريمه قيمة ما سرقه.

وما كان يوسف ليفعل كل ذلك التدبير الحكيم في حال من الأحوال، إلا في حال مشيئة الله ومعونته وإذنه بذلك، فهو- سبحانه- الذي ألهمه أن يدس السقاية في رحل أخيه، وهو- سبحانه- الذي ألهمه أن يسأل إخوته عن عقوبة السارق في شريعتهم حتى يطبقها على من يوجد صواع الملك في رحله منهم.

والجملة الكريمة بيان لمظهر من مظاهر فضل الله- تعالى- على يوسف حيث ألهمه ما يوصله إلى مقصوده بأحكم أسلوب.

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: «كذلك كدنا ليوسف» أى: مثل ذلك الكيد العجيب وهو إرشاد الإخوة إلى الإفتاء المذكور ... دبرنا وصنفنا من أجل يوسف ما يحصل به غرضه ...

وقوله «ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك» أى في حكمه وقضائه والكلام استئناف وتعليل لذلك الكيد، كأنه قيل: لماذا فعل؟ فقيل: لأنه لم يكن ليأخذ أخاه جزاء وجود الصواع عنده في دين الملك في أمر السارق إلا بذلك الكيد، لأن جزاء السارق في دينه أن يضاعف عليه الغرم ... دون أن يسترق كما هو الحال في شريعة يعقوب.

وقوله «إلا أن يشاء الله» أى: لم يكن يوسف ليتمكن من أخذ أخيه في حال من الأحوال، إلا في حال مشيئته- تعالى- التي هي عبارة عن ذلك الكيد المذكور ... ».

قالوا: وفي الآية دليل على جواز التوصل إلى الأغراض الصحيحة بما صورته صورة الحيلة والمكيدة إذا لم يخالف ذلك شرعا ثابتا».

وقوله- سبحانه- نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ استئناف لبيان قدرة الله- تعالى- وسعة رحمته وعطائه.

أى: نرفع من نشاء رفعه من عبادنا إلى درجات عالية من العلوم والمعارف والعطايا والمواهب ... كما رفعنا درجات يوسف- عليه السلام-.

وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ من أولئك المرفوعين «عليم» يزيد عنهم في علمهم وفي مكانتهم عند الله- تعالى- فهو- سبحانه- العليم بأحوال عباده، وبمنازلهم عنده، وبأعلاهم درجة ومكانة.

وقال- سبحانه- «نرفع» بصيغة الاستقبال وللأشعار بأن ذلك سنة من سننه الإلهية التي لا تتخلف ولا تتبدل، وأن عطاءه- سبحانه- لا يناله إلا الذين تشملهم إرادته ومشيئته كما تقتضيه حكمته.

وجاءت كلمة «درجات» بالتنكير، للإشارة إلى عظمها وكثرتها.

ولهذا بدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ، أي فتشها قبله ، تورية ، ( ثم استخرجها من وعاء أخيه ) فأخذه منهم بحكم اعترافهم والتزامهم وإلزاما لهم بما يعتقدونه; ولهذا قال تعالى : ( كذلك كدنا ليوسف ) وهذا من الكيد المحبوب المراد الذي يحبه الله ويرضاه ، لما فيه من الحكمة والمصلحة المطلوبة .

وقوله : ( ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ) أي : لم يكن له أخذه في حكم ملك مصر ، قاله الضحاك وغيره .

وإنما قيض الله له أن التزم له إخوته بما التزموه ، وهو كان يعلم ذلك من شريعتهم; ولهذا مدحه تعالى فقال : ( نرفع درجات من نشاء ) كما قال تعالى : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) [ المجادلة : 11 ] .

( وفوق كل ذي علم عليم ) قال الحسن البصري : ليس عالم إلا فوقه عالم ، حتى ينتهي إلى الله عز وجل . وكذا روى عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن سعيد بن جبير قال : كنا عند ابن عباس فتحدث بحديث عجيب ، فتعجب رجل فقال : الحمد لله فوق كل ذي علم عليم [ فقال ابن عباس : بئس ما قلت ، الله العليم ، وهو فوق كل عالم ] وكذا روى سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( وفوق كل ذي علم عليم ) قال : يكون هذا أعلم من هذا ، وهذا أعلم من هذا ، والله فوق كل عالم . وهكذا قال عكرمة .

وقال قتادة : ( وفوق كل ذي علم عليم ) حتى ينتهي العلم إلى الله ، منه بدئ وتعلمت العلماء ، وإليه يعود ، وفي قراءة عبد الله " وفوق كل عالم عليم " .

القول في تأويل قوله تعالى : فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ففتش يوسف أوعيتهم ورحالهم، طالبًا بذلك صواعَ الملك , فبدأ في تفتيشه بأوعية إخوته من أبيه , فجعل يفتشها وعاء وِعاءً قبل وعاء أخيه من أبيه وأمه , فإنه أخّر تفتيشه , ثم فتش آخرها وعاء أخيه , فاستخرج الصُّواع من وعاء أخيه .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19559- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة قوله: (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه) ، ذكر لنا أنه كان لا ينظر في وعاء إلا استغفر الله تأثمًا مما قذفهم به , حتى بقي أخوه , وكان أصغر القوم، قال: ما أرى هذا أخذ شيئًا! قالوا: بلى فاستبْرِهِ! (18) ألا وقد علموا حيث وضعوا سقايتهم (ثم استخرجها من وعاء أخيه).

19560- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة قال: (فاستخرجها من وعاء أخيه)، قال: كان كلما فتح متاعًا استغفر تائبًا مما صنع , حتى بلغ متاعَ الغلام , فقال: ما أظن هذا أخذ شيئًا! قالوا: بلى , فاستَبْره!

19561- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد , عن أسباط , عن السدي قال، (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه) ، فلما بقي رحل الغلام قال: ما كان هذا الغلام ليأخذه‍! قالوا: والله لا يترك حتى تنظر في رحله , لنذهب وقد طابت نفسك. فأدخلَ يده فاستخرجه من رحله. (19)

19562- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قال: لما قال الرسول لهم: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ، قالوا: ما نعلمه فينَا ولا معنَا . قال: لستم ببارحين حتى أفتّش أمتعتكم، وأعْذِر في طلبها منكم! فبدأ بأوعيتهم وعاء وعاءً يفتشها وينظر ما فيها , حتى مرّ على وعاء أخيه ففتشه , فاستخرجها منه , فأخذ برقبته , فانصرف به إلى يوسف . يقول الله: (كذلك كدنا ليوسف).

19563- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج قال: ذُكر لنا أنه كان كلما بَحَث متاع رجل منهم استغفر ربه تأثمًا , قد علم أين موضع الذي يَطْلُب! حتى إذا بقي أخوه، وعلم أن بغيته فيه، قال: لا أرى هذا الغلام أخذه , ولا أبالي أن لا أبحث متاعه ! قال إخوته: إنه أطيبُ لنفسك وأنفسنا أن تستبرئ متاعه أيضًا . فلما فتح متاعه استخرج بغيته منه، قال الله: (كذلك كدنا ليوسف).

* * *

واختلف أهل العربية في الهاء والألف اللتين في قوله: (ثم استخرجها من وعاء أخيه) .

فقال بعض نحويي البصرة: هي من ذكر " الصواع ", قال: وأنّث وقد قال: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ ، لأنه عنى " الصواع " . قال، و " الصواع "، مذكر , ومنهم من يؤنث " الصواع "، وعني ههنا " السقاية " , وهي مؤنثة . قال: وهما اسمان لواحد، مثل " الثوب " و " الملحفة "، مذكر ومؤنث لشيءٍ واحدٍ .

* * *

وقال بعض نحويي الكوفة في قوله: (ثم استخرجها من وعاء أخيه) ، ذهب إلى تأنيث " السرقة ". قال: وإن يكن " الصواع " في معنى " الصاع " (20) فلعل هذا التأنيث من ذلك . قال، وإن شئت جعلته لتأنيث السقاية . قال: و " الصواع " ذكر , و " الصاع " يؤنث ويذكر , فمن أنثه قال، ثلاث أصوُع , مثل ثلاث أدور , ومن ذكره قال " أصواع " , مثل أبواب .

* * *

وقال آخر منهم: إنما أنّث " الصواع " حين أنث لأنه أريدت به " السقاية "، وذكّر حين ذكّر , لأنه أريد به " الصواع " . قال: وذلك مثل " الخوان " و " المائدة " , و " سنان الرمح " و " عاليته " , وما أشبه ذلك من الشيء الذي يجتمع فيه اسمان: أحدهما مذكر , والآخر مؤنث .

* * *

وقوله: (كذلك كدنا ليوسف) ، يقول: هكذا صنعنا ليوسف، (21) حتى يخلص أخاه لأبيه وأمه من إخوته لأبيه , بإقرارٍ منهم أن له أن يأخذه منهم ويحتبسه في يديه، ويحول بينه وبينهم. وذلك أنهم قالوا، إذ قيل لهم: (ما جزاؤه إن كنتم كاذبين) : جزاءُ من سرق الصُّواع أن من وجد ذلك في رحله فهو مستَرَقٌّ به , وذلك كان حكمهم في دينهم . فكاد الله ليوسف كما وصف لنا حتى أخذ أخاه منهم , فصار عنده بحكمهم وصُنْعِ الله له .

* * *

وقوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله) ، يقول: ما كان يوسف ليأخذ أخاه في حكم ملك مصر وقضائه وطاعته منهم , لأنه لم يكن من حكم ذلك الملك وقضائه أن يسترقّ أحد بالسَّرَق , فلم يكن ليوسف أخذ أخيه في حكم ملك أرضه، إلا أن يشاء الله بكيده الذي كاده له , حتى أسلم من وجد في وعائه الصواع إخوتُه ورفقاؤه بحكمهم عليه، وطابت أنفسهم بالتسليم .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19564- حدثنا الحسن قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، إلا فعلة كادها الله له , فاعتلّ بها يوسف.

19565- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19566- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (كذلك كدنا ليوسف) كادها الله له , فكانت علَّةً ليوسف.

19567- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد: (ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله) ، قال: إلا فعلة كادها الله، فاعتلّ بها يوسف ، قال حدثني حجاج , عن ابن جريج قوله: (كذلك كدنا ليوسف) ، قال، صنعنا.

19568- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: (كذلك كدنا ليوسف) ، يقول: صنعنا ليوسف.

19569- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (كذلك كدنا ليوسف) ، يقول: صنعنا ليوسف

* * *

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) .

فقال بعضهم: ما كان ليأخذ أخاه في سلطان الملك .

*ذكر من قال ذلك:

19570- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، يقول: في سلطان الملك.

19571- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ , يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، يقول: في سلطان الملك.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: في حكمه وقضائه .

*ذكر من قال ذلك:

19572- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله) ، يقول: ما كان ذلك في قضاء الملك أن يستعبد رجلا بسرقة.

19573- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (في دين الملك) ، قال: لم يكن ذلك في دين الملك ، قال: حكمه.

19574- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح محمد بن ليث المروزي , عن رجل قد سماه , عن عبد الله بن المبارك , عن أبي مودود المديني قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ، (كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، قال: دين الملك لا يؤخذ به من سرق أصلا ولكن الله كاد لأخيه , حتى تكلموا ما تكلموا به , فأخذهم بقولهم , وليس في قضاء الملك. (22)

19575- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق , عن معمر قال: بلغه في قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، قال: كان حكم الملك أن من سَرَق ضوعف عليه الغُرْم.

19576- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدى: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، يقول: في حكم الملك.

19577- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) : ، أي: بظلم , ولكن الله كاد ليوسف ليضمّ إليه أخاه .

19578- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد , في قوله: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) ، قال: ليس في دين الملك أن يؤخذ السارق بسرقته . قال: وكان الحكم عند الأنبياء، يعقوب وبنيه، أن يؤخذ السارق بسرقته عبدًا يسترقّ.

* * *

قال أبو جعفر: وهذه الأقوال وإن اختلفت ألفاظ قائليها في معنى " دين الملك " , فمتقاربة المعاني , لأن من أخذه في سلطان الملك عامله بعمله , فبرضاه أخذه إذًا لا بغيره , (23) وذلك منه حكم عليه , وحكمه عليه قضاؤه .

* * *

وأصل " الدين "، الطاعة. وقد بينت ذلك في غير هذا الموضع بشواهده بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . (24)

* * *

وقوله: (إلا أن يشاء الله) كما:-

19579- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: (إلا أن يشاء الله) ، ولكن صنعنا له، بأنهم قالوا: فَهُوَ جَزَاؤُهُ .

19580- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (إلا أن يشاء الله) إلا بعلة كادَها الله , فاعتلَّ بها يوسف.

* * *

وقوله: (نرفع درجات من نشاء) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأه بعضهم: " نَرْفَعُ دَرَجَاتِ مَنْ نَشَاءُ" بإضافة " الدرجات " إلى " من " بمعنى: نرفع منازل من نشاء رفع منازله ومراتبه في الدنيا بالعلم على غيره , كما رفعنا مرتبة يوسف في ذلك ومنـزلته في الدنيا على منازل إخوته ومراتبهم . (25)

* * *

وقرأ ذلك آخرون: ( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ) بتنوين " الدرجات ", بمعني: نرفع من نشاء مراتب ودرجات في العلم على غيره , كما رفعنا يوسف . فـ" مَنْ" على هذه القراءة نصبٌ , وعلى القراءة الأولى خفض . وقد بينا ذلك في" سورة الأنعام " . (26)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19581- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريح قوله: (نرفع درجات من نشاء) ، يوسف وإخوته، أوتوا علمًا , فرفعنا يوسف فوقهم في العلم.

* * *

وقوله: (وفوق كل ذي علم عليم) ، يقول تعالى ذكره: وفوق كل عالم من هو أعلم منه، حتى ينتهي ذلك إلى الله . وإنما عنى بذلك أنّ يوسف أعلم إخوته , وأنّ فوق يوسف من هو أعلم من يوسف , حتى ينتهي ذلك إلى الله .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19582- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عامر العقدي قال، حدثنا سفيان , عن عبد الأعلى الثعلبي , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس , أنه حدّث بحديث , فقال رجل عنده: (وفوق كل ذي علم عليم) ، فقال ابن عباس: بئسما قلت ! إن الله هو عليم , وهو فوق كل عالم.

19583- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ، عن سفيان , عن عبد الأعلى , عن سعيد بن جبير قال: حدَّث ابن عباس بحديث , فقال رجل عنده: الحمد لله، (وفوق كل ذي علم عليم) ! فقال ابن عباس: العالم الله , وهو فوق كل عالم.

19584- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري , عن عبد الأعلى , عن سعيد بن جبير قال: كنا عند ابن عباس , فحدث حديثًا , فتعجب رجل فقال، الحمد لله، (فوق كل ذي علم عليم) ! فقال ابن عباس: بئسما قلت: الله العليم , وهو فوق كل عالم.

19585- حدثنا الحسن بن محمد وابن وكيع قالا حدثنا عمرو بن محمد قال، أخبرنا إسرائيل , عن سالم , عن عكرمة , عن ابن عباس: (وفوق كل ذي علم عليم) ، قال: يكون هذا أعلم من هذا , وهذا أعلم من هذا , والله فوق كل عالم.

19586- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، أخبرنا أبو الأحوص , عن عبد الأعلى , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس: (وفوق كل ذي علم عليم) ، قال، الله الخبير العليم، فوق كل عالم.

19587- حدثني المثنى قال، حدثنا عبيد الله قال، أخبرنا إسرائيل , عن عبد الأعلى , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس: (وفوق كل ذي علم عليم) ، قال: الله فوق كل عالم.

19588- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ، عن أبي معشر , عن محمد بن كعب قال، سأل رجل عليًّا عن مسألة , فقال فيها , فقال الرجل: ليس هكذا ولكن كذا وكذا. قال عليٌّ: أصبتَ وأخطأتُ ، (وفوق كل ذي علم عليم).

19589- حدثني يعقوب، وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية , عن خالد , عن عكرمة في قوله: (وفوق كل ذي علم عليم) ، قال: علم الله فوق كل أحد.

19590- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير , عن نضر , عن عكرمة , عن ابن عباس: (وفوق كل ذي علم عليم) ، قال، الله عز وجل.

19591- حدثنا ابن وكيع , حدثنا يعلى بن عبيد , عن سفيان , عن عبد الأعلى , عن سعيد بن جبير: (وفوق كل ذي علم عليم) ، قال: الله أعلم من كل أحد.

19592- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير , عن ابن شبرمة , عن الحسن , في قوله: (وفوق كل ذي علم عليم) ، قال: ليس عالمٌ إلا فوقه عالم، حتى ينتهي العلم إلى الله.

19593- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عاصم قال، حدثنا جويرية , عن بشير الهجيمي قال: سمعت الحسن قرأ هذه الآية يومًا: (وفوق كل ذي علم عليم) , ثم وقف فقال: إنه والله ما أمسى على ظهر الأرض عالم إلا فوقه من هو أعلم منه , حتى يعود العلم إلى الذي علَّمه.

19594- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا علي , عن جرير , عن ابن شبرمة , عن الحسن: (وفوق كل ذي علم عليم) ، قال: فوق كل عالم عالم , حتى ينتهي العلم إلى الله.

19595- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (وفوق كل ذي علم عليم) ، حتى ينتهي العلم إلى الله , منه بدئ , وتعلَّمت العلماء , وإليه يعود . في قراءة عبد الله: " وَفَوْقَ كُلِّ عَالِمٍ عَلِيمٌ".

* * *

قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وكيف جاز ليوسف أن يجعل السقاية في رحل أخيه، ثم يُسَرِّق قومًا أبرياء من السّرَق (27) ويقول: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ؟

قيل: إن قوله: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ، إنما هو خبَرٌ من الله عن مؤذِّن أذَّن به , لا خبر عن يوسف . وجائز أن يكون المؤذِّن أذَّن بذلك إذ فَقَد الصُّواع (28) ولا يعلم بصنيع يوسف . وجائز أن يكون كان أذّن المؤذن بذلك عن أمر يوسف , واستجاز الأمر بالنداء بذلك، لعلمه بهم أنهم قد كانوا سرقوا سَرِقةً في بعض الأحوال , فأمر المؤذن أن يناديهم بوصفهم بالسَّرق , ويوسف يعني ذلك السَّرق لا سَرَقهم الصُّواع . وقد قال بعض أهل التأويل: إن ذلك كان خطأ من فعل يوسف , فعاقبه الله بإجابة القوم إيّاه: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ، وقد ذكرنا الرواية فيما مضى بذلك . (29)

* * *

----------------------

الهوامش:

(18) " بلى" ، انظر استعمالها في غير جواب الجحد فيما سلف ، في التعليق على رقم : 16987 ، والمراجع هناك . وقوله" استبره" من" الاستبراء" سهلت همزتها ، وأصله : واستبرئه ، و" الاستبراء" طلب البراءة من الشيء ، ما كان تهمة أو عيبًا أو قادحًا .

(19) في المطبوعة :" فاستخرجها" ، وأثبت ما في المخطوطة .

(20) في المطبوعة :" وإن لم يكن الصواع" ، زاد" لم" فأفسد الكلام ، وإنما عنى أن" الصاع" يذكر ويؤنث ، فمن أجل ذلك أنث" الصواع" .

(21) انظر تفسير" الكيد" فيما سلف ص : 141 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(22) الأثر : 19574 -" محمد بن ليث المروزي" ،" أبو صالح" ، لم أجد له ترجمة في شيء من المراجع التي بين يدي .

و" أبو مودود المديني" هو" عبد العزيز بن أبي سليمان الهذلي" ، كان قاصًا لأهل المدينة ، كان من أهل النسك والفضل ، وكان متكلمًا يعظ ، ورأى أبا سعيد الخدري وغيره من الصحابة . ثقة ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 384 .

(23) في المطبوعة :" فيريناه أخذه إذا لم يغيره" ، وهو كلام مختل لا معنى له ، وهو في المخطوطة غير منقوط بعضه ، وصواب قراءته إن شاء الله ما أثبت ، وأساء الناسخ في كتابته ، لأنه لم يحسن القراءة عن الأم التي نقل منها ، فجعل" فبرضاه"" فيريناه" ، وجعل" لا" ،" لم" ، أما" بغيره" فهي غير منقوطة في المخطوطة .

(24) انظر تفسير" الدين" فيما سلف 3 : 571 / 6 : 273 ، 274 ، وغيرها من المواضع في فهارس اللغة ( دين ) .

(25) انظر تفسير" الدرجة" فيما سلف 14 : 173 ، تعليق : 6 ، والمراجع هناك .

(26) انظر ما سلف 11 : 505 .

(27) " يسرق" ، أي ينسبهم إلى السرقة ،" سرقة يسرقه" ( بتشديد الراء ) ، نسبه إلى ذلك .

(28) في المطبوعة والمخطوطة :" أن فقد الصواع" ، والصواب ما أثبت .

(29) انظر ما سلف رقم : 19559 - 19563 ، وذلك أنه كان يستغفر كلما فتش وعاء من أوعيتهم ، تأثمًا مما فعل . وعنى أبو جعفر أن يوسف كان يعلم أنه مخطئ في فعله . أما جواب إخوته له ، فلم يمض له ذكر فيما سلف .

المعاني :

كدنا ليوسف :       دبّرنا لتحصيل غرضه معاني القرآن
دِينِ الْمَلِكِ :       حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِعْبَادُ السَّارِقِ السراج
دين الملك :       شريعة ملك مصر أو حُكمه معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[76] ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ﴾ كلهم إخوته، ولكن إن اجتمعوا انصبت الأخوة الحقة على من لم يعبث بها.
عمل
[76] ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ﴾ مهد لمفاجآتك.
لمسة
[76] ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ﴾ ما السر في تكرار (وعاء أخيه) ؟! ولماذا لم يقل: (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها منه) أو (استخرجها من وعائه)؟!أجابوا على ذلك فقالوا: لو قال: (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها منه) لكان كأنه استخرجها من أخيه، ولو قال (ثم استخرجها من وعائه) لأوهم ذلك أنه استخرجها من وعاء نفسه أي وعاء يوسف، فلا يمكن التخلص من هذا إلا بتكرار: (وعاء أخيه).
وقفة
[76] ﴿اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ﴾ ما أعظم بلاغة القرآن! لم يقل: (وجدها) أو (سرقها) مرعاة لحقيقة الحال، فما أجمل أن ندقق بكلماتنا لتكون متزنة وواقعية!
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ أي: يسرنا له هذا الكيد، الذي توصل به إلى أمر غير مذموم.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ عندما يكيد لك الخلق بغير وجه حق، وبظلم مطلق فانتظر كيد الله بهم، فالجزاء من جنس العمل.
لمسة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ قال ابن القيم: «تسميته بذلك حقيقة على بابه؛ فإن المكر إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة، ولكنه نوعان: قبيح: وهو إيصال ذلك لمن لا يستحقه، وحسن: وهو إيصاله إلى مستحقه عقوبة له؛ فالأول مذموم، والثاني ممدوح».
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ الكيد منه المشروع ومنه غير ذلك، فالكيد في السورة على ثلاثة أوجه : كيد إخوة يوسف: وكان محركهم الحسد: ﴿فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ [5]، وكيد امرأة العزيز: وكان دافعها الشهوة ﴿إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ﴾ [28]، وكيد يوسف: وكان مطلبه لم الشمل.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ صبر على كيد إخوته فكاد الله له.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ أرأيت كيف يكيد الله لعبده في السعي للخير.
عمل
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ لا تنشغل بكيد الكائدين، إذا أحبك الله فسيكيد لك ضد أعدائك.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ إذا كاد لك الخلق، فدعهم للخالق! ليكيد بهم، ويأخذ حقك كاملًا غير منقوص !
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ حيل وآراء الأتقياء الذكية هي من كيد الله لهم حين لا يبقى لهم ملجأ إلا الله.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ من أجلك يكيد الله لك إذا أحبك؛ فلا تقلق، المهم أن تقترب أكثر.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ إذا أحبك الله؛ كاد لك، وجعل محبوباتك سهلة المنال، وحتى خيالاتك الجميلة يحولها إلى ممكنات أجمل.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ من الكيد والحيلة ما هو جائز؛ إذا كان لاسترداد حق، وليس فيه إضرار بأحد.
لمسة
[76] ما الفرق بين المكر والكيد والخداع؟ (المكر) سر في الإنسان، كل من يعطي عطاء الهدف منه توريط المعطَى وليس إسعاده وإنما إهلاكه به يسمى مكرًا، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ﴾ [آل عمران: ٥٤]، فقد تآمروا على عيسى عليه السلام سنوات والله مكر بهم ورفع عيسى إلى السماء، أما (الكيد) فهو تدبير خفي دقيق ينطلي على المكيد به وأنت تريد من ورائه شيئًا معينًا ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾، فالله أراد أن يجعل يوسف ملك مصر وهو صغير عند يعقوب كيف؟! أما (المخادعة والخديعة) إظهار المحبة والولاء والشفقة كي تؤدي بهم إلى الهلاك، فالثلاثة تشترك في أنها إلى هلاك لكن المكر هلاك عن طريق التزيين والعطاء السم بالدسم، والكيد عن طريق دقة التدبير بحيث لا تأتيك التهمة إطلاقًا.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ﴾ فحينئذ تم ليوسف ما أراد من بقاء أخيه عنده، على وجه لا يشعر به إخوته.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ إذا أحب الله عبدًا رزقه الفهم والعلم.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ معرفة العبد أن الله تعالى عالم بالعباد؛ بكيدهم ومكرهم وما يصفون، يهون عليه كلام الناس، ويعتز ويستغني بالله تعالى، سل الله تعالى والتجئ إليه، وافتقر بين يديه أن يرزقك العلم والفهم.
وقفة
[76] ﴿كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ قال ابن القيم: «التنبيه على أن العلم الدقيق بلطيف الحيل الموصلة إلى المقصود الشرعي الذي يحبه الله تعالى ورسوله -من نصر دينه وكسر أعدائه، ونصر المحق وقمع المبطل- صفة مدح يرفع الله تعالى بها درجة العبد، كما أن العلم الذي يُخصمُ به المُبطِل وتدحض حجته، صفة مدح يرفع بها درجة عبده».
عمل
[76] سل الله تعالى والتجئ إليه، وافتقر بين يديه أن يرزقك العلم والفهم ﴿ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ ٱللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَٰتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾.
وقفة
[76] ﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ دين الملك غير دين يوسف، ومع هذا عمل تحته مستثمرًا منصبه للدعوة إلى الله.
وقفة
[76] ﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ هذا النص يحدد مدلول كلمة الدين تحديدًا دقيقًا، فدين الله هو نظامه وشرعه وفق النصوص.
وقفة
[76] ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ﴾ يعني: الرفعة بالعلم؛ بدليل ما بعده: ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ أي: فوق كل عالم من هو أعلم منه من البشر، أو الله عز وجل.
وقفة
[76] ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ﴾ لن ترقى الدرجات في الدنيا ولا في الآخرة إلا بمشيئة الله.
تفاعل
[76] ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[76] ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ لا شيء يرفع المرء كالتقوى والعلم، وحتى العلم الذي رفعك الله به هنالك من هو أعلم وأبرع منك.
وقفة
[76] ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ الرفعة الحقيقة والعلو يكون بالعلم النافع، الذي يجعل صاحبه يتواضع موقنًا بأن هناك من هو أعلم منه، وأن كل علوم الدنيا لا تساوى قطرة من بحر أمام علم الله سبحانه وتعالى.
عمل
[76] ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ لا تحزن على شيء فاتك، ولا تغتم لمطلوب لم تدركه؛ فمشيئة الله وعلمه وتدبيره خيرًا لك مما ترجو وتأمل.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ قال ابن عباس: «فوق كل عالم عالم، إلى أن ينتهي العلم إلى الله تعالى؛ فالله تعالى فوق كل عالم».
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ طالب العلم الطموح لا تزال نفسه تتوق للتزود من العلم حتى يبلغ ما بلغ الأئمة من قبله.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ علمتني هذه الآية أنه لا منتهى لعلم كتاب الله المستمد من علم الله، وصدق الله ﴿مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ [لقمان: 27].
عمل
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ لا تغتر بعلمك مهما رأيت أنك فقت به غيرك، واكسر جماح نفسك وتعاليها وتعالمها بهذه الآية.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ قال سعيد بن جبير: «كنا عند ابن عباس، فحدث بحديث عجيب، فتعجب رجل فقال: الحمد لله، فوق كل ذي علم عليم، فقال ابن عباس: بئس ما قلت! الله العليم فوق كل عالم».
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ من استمد علمه من علم الله في كتابه؛ فلا نهاية لعلمه، ولا منتهى لمنزلته.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ أعلى مراحل العلم الدنيوي درجة (برفيسور)، وأعلى مراحل العلم الأخروي درجة(الفردوس)؛ فعلى أي المسارين أنت؟
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ تصور هذه الآية والعالم يتجدد بالعلماء في كل مجال وفوقهم علم الله المحيط بكل شيء.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ إذا بلغ الإنسان درجة عالية في العلم أوالمستوى العلمي الرفيع أوالذكاء الخارق فليذكر هذه الآية.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ يعلمُ ما كان وما يكون، وسع علمه كل شيء، ولا يحيطون به عِلمًا، يُدبّر الأمر بعلمه ويوزّع الأرزاق بحكمته.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾، ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: 114]، من العلم المعتبر علم الحيل المشروعة، ذلك أن سياق الآيات فيه.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾، ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: 114]، ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: 10]، بمثل هذا الأدب الإلهي أبعد الإسلام الغرور عن المسلم، فما تراه -إن كان مسلمًا- يحتقر ذا فضل، ويزدري ذا نعمة، ومن تأمل كيف دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة بعدما جرى من قومه ما جرى معه، لم يشمخ بأنفه، ولم يتطاول بانتصاره، بل دخلها متواضعًا، معترفًا بفضل ربه ومنته.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ الآية تجعل لـ(الاحتمال) و(الظن) و(الخطأ) في كلامك مساحات عالية.
وقفة
[76] ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ مهما بلغ علمك هناك من هو أعلم منك، وفوق علم الجميع علم العليم سبحانه، الذي يعلم كل شيء.

الإعراب :

  • ﴿ فبدأ بأوعيتهم:
  • الفاء: استئنافية. بدأ: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. بأوعية: أي يفتش أوعيتهم: جار ومجرور متعلق ببدأ و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ قبل وعاء أخيه:
  • ظرف زمان متعلق ببدأ منصوب على الظرفية بالفتحة وهو مضاف. وعاء: مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف. أخيه: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ ثم استخرجها من وعاء أخيه:
  • ثم: عاطفة. استخرج: فعل يعرب إعراب \"يدأ\" و \"ها\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به تعود على \"صواع الملك\" وقد أنث المفعول بسبب أن الضمير قد يعود إلى \"السقاية\" وهي المشربة ويجوز أن يعني استخرج السرقة. من وعاء: جار ومجرور متعلق باستخرج. أخيه: أعربت.
  • ﴿ كذلك كدنا ليوسف:
  • الكاف: اسم بمعنى \"مثل\" مبني على الفتح في محل نصب على المصدر نائب مفعول مطلق. بتعَدير كدنا كيدًا عظيمًا مثل ذلك الكيد. ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام: للبعد والكاف حرف خطاب. كد: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا. و \"نا\" ضمير متصل في محل رفع فاعل. ومعناه: احتلنا. وبما أن الاحتيال مستحيل على الله سبحانه فيكون المعنى: ألهمناه هذا التدبير الذي حصل به على أخيه. ليوسف: جار ومجرور متعلق بكدنا وعلامة جر الاسم الفتحة بدلًا من الكسرة لمنعه من الصرف للعجمة والعلمية.
  • ﴿ كان ليأخذ أخاه:
  • ما: نافية لا عمل لها. كان: فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح واسمها: ضمير مستتر فيها جوازًا تقديره هو يعود إلى يوسف. اللام: لام الجحود -النفي- حرف جر يؤكد النفي الواقع على الفعل الناقص \"كان\". يأخذ: فعل مضارع منصوب بأنْ مضمرة بعد لام الجحود وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. أخاه: مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. و \"أنْ\"المضمرة بعد لام الجحود وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بلام الجحود والجار والمجرور متعلق بخبر \"كان\"المحذوف. التقدير: ما كان يوسف مريدًا لأخذ أخيه. وجملة \"يأخذ أخاه\" صلة \"أنْ\" المصدرية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ في دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ:
  • جار ومجرور متعلق بيأخذ. الملك: مضاف إليه مجرور بالكسرة. إلَّا: أداة حصر لا عمل لها. أن: حرف مصدرية ونصب. يشاء: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. و \"أن\" وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي إلَّا بمشيئه الله وإذنه فيه. ويجوز أن تكون \"إلَّا\" أداة استثناء والمصدر المؤول بتقدير: إلَّا وقت أو حين مشيئة الله فيكون محل \"أن\" النصب على الظرفية بتقدير حذف الزمان.
  • ﴿ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. درجات: تمييز منصوب بالكسرة بدلًا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. ويجوز أن تكون مفعولًا ثانيًا متعديًا بحرف جر محذوف بتقدير: نرفع من نشاء إِلَى درجات.
  • ﴿ مَنْ نَشَاءُ:
  • من: اسم موصول في محل نصب مفعول به. نشاء: صلة الموصول لا محل لها تعرب إعراب \"نرفع\".
  • ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ:
  • ذالواو: استئنافيّة. فوق: ظرف مكان منصوب على الظرفية بالفتحة وهو مضاف. كلّ: مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف. ذي: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. علم: مضاف إليه مجرور بالكسرة وشبه الجملة \"فوق كلّ ذي علم\" في محل رفع خبر مقدم. عليم: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

الأنعام: 83﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبراهيم عَلَىٰ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
يوسف: 76﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     وبعد هذه المحاورة التي دارت بين إخوة يوسف وبين الذين اتهموهم بالسرقة؛ بدأ هنا تفتيش الأمتعة للبحث عن الصواع، ثم استخراج الصواع من وعاء بنيامين، قال تعالى:
﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وعاء:
وقرئ:
إعاء، بإبدال الواو المكسورة همزة، وهى قراءة ابن جبير.
نرفع درجات من نشاء:
1- نرفع، بالنون، و «درجات» ، منونا، و «نشاء» ، بالنون، وهى قراءة الجمهور، والكوفيين.
وقرئت:
2- نرفع بالنون، و «درجات» مضاف، «نشاء» ، بالنون، وهى قراءة باقى السبعة.
3- يرفع، بالياء، و «درجات» منونا، و «يشاء» ، بالياء، وهى قراءة يعقوب.
4- ترفع، بالنون، و «درجات» منونا، و «يشاء» ، بالياء، وهى قراءة عيسى البصري.
قال صاحب اللوامح: وهى قراءة مرغوب عنها تلاوة وجملة، وإن لم يكن إنكارها.

مدارسة الآية : [77] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ ..

التفسير :

[77] قال إخوة يوسف:إنْ يَسْرق هذا فقد سرق أخ شقيق له من قبل (يقصدون يوسف عليه السلام) فأخفى يوسف في نفسه ما سمعه من بُهْتانهم، وحدَّث نفسه قائلاً:أنتم أسوأ منزلة ممن ذكرتم، حيث دبَّرتم لي ما كان منكم، والله أعلم بما تصفون من الكذب والافتراء.

فلما رأى إخوة يوسف ما رأوا{ قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ} هذا الأخ، فليس هذا غريبا منه.{ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} يعنون:يوسف عليه السلام، ومقصودهم تبرئة أنفسهم وأن هذا وأخاه قد يصدر منهما ما يصدر من السرقة، وهما ليسا شقيقين لنا.

وفي هذا من الغض عليهما ما فيه، ولهذا:أسرها يوسف في نفسه{ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} أي:لم يقابلهم على ما قالوه بما يكرهون، بل كظم الغيظ، وأسرَّ الأمر في نفسه. و{ قَالَ} في نفسه{ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} حيث ذممتمونا بما أنتم على أشر منه،{ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ} منا، من وصفنا بالسرقة، يعلم الله أنا براء منها، ثم سلكوا معه مسلك التملق، لعله يسمح لهم بأخيهم.

ثم حكى- سبحانه- ما قاله إخوة يوسف في أعقاب ثبوت تهمة السرقة على أخيه «بنيامين» فقال- تعالى- قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ....

أى: قال إخوة يوسف- عليه السلام- بعد هذا الموقف المحرج لهم. إن يسرق بنيامين هذا الصواع الخاص بالملك فقد سرق أخ له من قبل- وهو يوسف- ما يشبه ذلك.

وقولهم هذا يدل على أن صنيعهم بيوسف وأخيه ما زال متمكنا من نفوسهم.

وقد ذكر المفسرون هنا روايات متعددة في مرادهم بقولهم هذا، ومن بين هذه الروايات ما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الآية: سرق يوسف- عليه السلام- صنما لجده وكان هذا الصنم من ذهب وفضة، فكسره وألقاه على الطريق، فعير إخوته بذلك»

وقوله فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ، قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ بيان لموقفه من مقالتهم، والضمير في «فأسرها» يعود إلى تلك المقالة التي قالوها.

أى: سمع يوسف- عليه السلام- ما قاله إخوته في حقه وفي حق شقيقه فساءه ذلك، ولكنه كظم غيظه، ولم يظهر لهم تأثره مما قالوه وإنما رد عليهم بقوله «بل أنتم» أيها الإخوة «شر مكانا» أى: موضعا ومنزلا ممن نسبتموه إلى السرقة وهو برىء، لأنكم أنتم الذين كذبتم على أبيكم وخدعتموه، وقلتم له بعد أن ألقيتم أخاكم في الجب، لقد أكله الذئب.

«والله» - تعالى- «أعلم» منى ومنكم «بما تصفون» به غيركم من الأوصاف التي يخالفها الحق، ولا يؤيدها الواقع.

وقال إخوة يوسف لما رأوا الصواع قد أخرج من متاع بنيامين : ( إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ) يتنصلون إلى العزيز من التشبه به ، ويذكرون أن هذا فعل كما فعل أخ له من قبل ، يعنون به يوسف ، عليه السلام .

قال سعيد بن جبير ، عن قتادة كان يوسف قد سرق صنما لجده ، أبي أمه ، فكسره .

وقال محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : كان أول ما دخل على يوسف من البلاء ، فيما بلغني ، أن عمته ابنة إسحاق ، وكانت أكبر ولد إسحاق ، وكانت إليها منطقة إسحاق ، وكانوا يتوارثونها بالكبر ، فكان من اختباها ممن وليها كان له سلما لا ينازع فيه ، يصنع فيه ما يشاء وكانيعقوب حين ولد له يوسف قد حضنته عمته ، فكان منها وإليها ، فلم يحب أحد شيئا من الأشياء حبها إياه ، حتى إذا ترعرع وبلغ سنوات وقعت نفس يعقوب عليه فأتاها ، فقال : يا أخية سلمى إلي يوسف ، فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة . قالت : فوالله ما أنا بتاركته . ثم قالت : فدعه عندي أياما أنظر إليه وأسكن عنه ، لعل ذلك يسليني عنه ، أو كما قالت . فلما خرج من عندها يعقوب ، عمدت إلى منطقة إسحاق ، فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه ، ثم قالت : فقدت منطقة إسحاق ، عليه السلام ، فانظروا من أخذها ومن أصابها ؟ فالتمست ثم قالت : اكشفوا أهل البيت . فكشفوهم فوجدوها مع يوسف . فقالت : والله إنه لي لسلم ، أصنع فيه ما شئت . فأتاها يعقوب فأخبرته الخبر . فقال لها : أنت وذاك ، إن كان فعل ذلك فهو سلم لك ما أستطيع غير ذلك . فأمسكته فما قدر عليه يعقوب حتى ماتت . قال : فهو الذي يقول إخوة يوسف حين صنع بأخيه ما صنع حين أخذه : ( إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ) .

وقوله : ( فأسرها يوسف في نفسه ) يعني : الكلمة التي بعدها ، وهي قوله : ( أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون ) أي : تذكرون . قال هذا في نفسه ، ولم يبده لهم ، وهذا من باب الإضمار قبل الذكر ، وهو كثير ، كقول الشاعر :

جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر وحسن فعل كما يجزى سنمار

وله شواهد كثيرة في القرآن والحديث واللغة ، في منثورها وأخبارها وأشعارها .

قال العوفي ، عن ابن عباس : ( فأسرها يوسف في نفسه ) قال : أسر في نفسه : ( أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون )

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) ، يعنون أخاه لأبيه وأمه، وهو يوسف، كما:-

19596- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قوله: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) ، ليوسف.

19597- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19598- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قوله: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) ، قال: يعني يوسف.

19599- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد: (فقد سرق أخ له من قبل) ، قال: يوسف.

* * *

وقد اختلف أهل التأويل في" السَّرَق " الذي وصفُوا به يوسف.

فقال بعضهم: كان صنمًا لجده أبي أمه، كسره وألقاء على الطريق .

*ذكر من قال ذلك:

19600- حدثنا أحمد بن عمرو البصري قال، حدثنا الفيض بن الفضل قال، حدثنا مسعر , عن أبي حصين , عن سعيد بن جبير: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) ، قال: سرق يوسف صَنَمًا لجده أبي أمه، كسره وألقاه في الطريق، فكان إخوته يعيبونه بذلك. (30)

19601- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (فقد سرق أخ له من قبل) ذكر أنه سرق صنمًا لجده أبي أمه , فعيَّروه بذلك.

19602- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) : أرادوا بذلك عيبَ نبيّ الله يوسف. وسرقته التي عابوه بها، صنم كان لجده أبي أمه , فأخذه , إنما أراد نبيُّ الله بذلك الخير , فعابوه.

19603- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج في قوله: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) ، قال: كانت أمّ يوسف أمرت يوسف يسرق صنمًا لخاله يعبده , وكانت مسلمةً.

* * *

وقال آخرون في ذلك ما:-

19604- حدثنا به أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي قال: كان بنو يعقوب على طعام , إذْ نظرَ يوسف إلى عَرْق فخبأه , (31) فعيّروه بذلك (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل). (32)

* * *

وقال آخرون في ذلك بما:-

19605- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة عن ابن إسحاق , عن عبد الله بن أبي نجيح , عن مجاهد أبي الحجاج قال: كان أوّل ما دخل على يوسف من البلاء، فيما بلغني أن عَمَّته ابنة إسحاق , وكانت أكبر ولد إسحاق , وكانت إليها [صارت] منطقة إسحاق (33) وكانوا يتوارثونها بالكبر , فكان من اختانها ممن وليها (34) كان له سَلَمًا لا ينازع فيه , (35) يصنع فيه ما شاء . وكان يعقوب حين وُلِد له يوسف , كان قد حضَنه عَمَّتَهُ (36) فكان معها وإليها , فلم يحبَّ أحدٌ شيئًا من الأشياء حُبَّهَا إياه . حتى إذا ترعرع وبلغ سنواتٍ , ووقعت نفس يعقوب عليه , (37) أتاها فقال، يا أخيَّة سلّمي إليّ يوسف , فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة ! قالت: فوالله ما أنا بتاركته , (38) والله ما أقدر أن يغيب عني ساعة ! (39) قال: فوالله ما أنا بتاركه ! قالت: فدعه عندي أيامًا أنظرْ إليه وأسكن عنه , لعل ذلك يسلّيني عنه ، أو كما قالت . فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى مِنْطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه , ثم قالت: لقد فقدت مِنْطقة إسحاق , فانظروا من أخذها ومن أصابها؟ فالتُمِسَتْ , ثم قالت: كشِّفوا أهل البيت ! (40) فكشفوهم , فوجدوها مع يوسف , فقالت: والله إنه لي لسَلَمٌ، أصنع فيه ما شئت . قال: وأتاها يعقوب فأخبرته الخبر , فقال لها: أنت وذاك إن كان فعل ذلك، فهو سَلَمٌ لك , ما أستطيع غير ذلك . فأمسكته فما قدر عليه حتى ماتت . قال: فهو الذي يقول إخوة يوسف حين صنع بأخيه ما صنع حين أخذه: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) . (41)

، قال ابن حميد. قال ابن إسحاق: لما رأى بنو يعقوب ما صنع إخْوة يوسف , ولم يشكُّوا أنه سرق، قالوا ، أسفًا عليه، لما دخل عليهم في أنفسهم (42) تأنيبًا له: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) . فلما سمعها يوسف قال: (أنتم شر مكانًا) ، سِرًّا في نفسه (ولم يبدها لهم) ، (والله أعلم بما تصفون).

* * *

وقوله: (فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانًا والله أعلم بما تصفون) ، يعني بقوله: (فأسرها)، فأضمرها. (43)

* * *

وقال: (فأسرها) فأنث , لأنه عنى بها " الكلمة " , وهي: (أنتم شر مكانًا والله أعلم بما تصفون) . ولو كانت جاءت بالتذكير كان جائزًا , كما قيل: تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ [سورة هود:49] ، و ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى ، [سورة هود:100]

* * *

وكنى عن " الكلمة " . ولم يجر لها ذكر متقدِّم. والعرب تفعل ذلك كثيرًا , إذا كان مفهومًا المعنى المرادُ عند سامعي الكلام . وذلك نظير قول حاتم الطائي:

أَمَـاوِيَّ مَـا يُغْنِـي الـثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى

إِذَا حَشْـرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بهَا الصَّدْرُ (44)

يريد: وضاق بالنفس الصدر ، فكنى عنها ولم يجر لها ذكر , إذ كان في قوله: " إذا حشرَجَت يومًا ", دلالة لسامع كلامه على مراده بقوله: " وضاق بها ". ومنه قول الله: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة النحل:110] ، فقال: " من بعدها "، ولم يجر قبل ذلك ذكر لاسم مؤنث .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19606- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة: (فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم) ، أما الذي أسرَّ في نفسه فقوله: (أنتم شر مكانًا والله أعلم بما تصفون).

19607- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانًا والله أعلم بما تصفون) ، قال هذا القول.

19608- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله: (فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم) ، يقول: أسرَّ في نفسه قوله: (أنتم شر مكانًا والله أعلم بما تصفون).

* * *

وقوله: (والله أعلم بما تصفون) ، يقول: والله أعلم بما تكذبون فيما تصفون به أخاه بنيامين . (45)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19609- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قوله: (أنتم شر مكانًا والله أعلم بما تصفون) ، يقولون: يوسف يقوله.

19610- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19611- حدثني المثنى قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19612- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة: (والله أعلم بما تصفون) ، أي: بما تكذبون.

* * *

قال أبو جعفر: فمعنى الكلام إذًا: فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم، قال: أنتم شرّ عند الله منـزلا ممن وصفتموه بأنه سرق , وأخبث مكانًا بما سلف من أفعالكم , والله عالم بكذبكم , وإن جهله كثيرٌ ممن حضرَ من الناس .

* * *

وذكر أن الصّواع لما وُجد في رحل أخي يوسف تلاوَمَ القوم بينهم , كما:-

19613- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي قال: لما استخرجت السرقة من رحل الغلام انقطعت ظهورهم , وقالوا: يا بني راحيل , ما يزال لنا منكم بلاء‍! متى أخذت هذا الصوع؟ (46) فقال بنيامين: بل بنو راحيل الذين لا يزال لهم منكم بلاء , ذهبتم بأخي فأهلكتموه في البرية! وضَع هذا الصواع في رحلي، الذي وضع الدراهم في رحالكم! فقالوا: لا تذكر الدراهم فنؤخذ بها! فلما دخلوا على يوسف دعا بالصواع فنقرَ فيه , ثم أدناه من أذنه , ثم قال، إن صواعى هذا ليخبرني أنكم كنتم اثني عشر رجلا وأنكم انطلقتم بأخٍ لكم فبعتموه . فلما سمعها بنيامين , قام فسجد ليوسف , ثم قال، أيها الملك , سل صواعك هذا عن أخي، أحيٌّ هو؟ (47) فنقره , ثم قال، هو حيٌّ , وسوف تراه . قال، فاصنع بي ما شئت , فإنه إن علم بي فسوف يستنقذني . قال، فدخل يوسف فبكى , ثم توضَّأ , ثم خرج فقال بنيامين: أيها الملك إني أريد أن تضرب صُواعك هذا فيخبرك بالحقّ , فسله من سرقه فجعله في رحلي؟ فنقره فقال: إن صواعي هذا غضبان , وهو يقول: كيف تسألني مَنْ صاحبي , (48) وقد رأيتَ مع من كنت؟ (49) قال: وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقُوا , فغضب روبيل , وقال: أيها الملك , والله لتتركنا أو لأصيحنَّ صيحة لا يبقى بمصر امرأةٌ حامل إلا ألقت ما في بطنها ! وقامت كل شعرة في جسد رُوبيل , فخرجت من ثيابه , فقال يوسف لابنه: قم إلى جنب روبيل فمسَّه. وكان بنو يعقوب إذا غضب أحدهم فمسَّه الآخر ذهب غضبه , فمر الغلام إلى جنبه فمسَّه , فذهب غضبه , فقال روبيل: مَنْ هذا؟ إن في هذا البلد لبَزْرًا من بَزْر يعقوب! (50) فقال يوسف: من يعقوب؟ فغضب روبيل فقال: يا أيها الملك لا تذكر يعقوب , فإنه سَرِيُّ الله , (51) ابن ذبيح الله , ابن خليل الله . قال يوسف: (52) أنت إذًا كنت صادقًا. (53)

----------------------

الهوامش:

(30) الأثر : 19600" أحمد بن عمرو البصري" ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 9875 ، 13928 ، والكلام عنه في الرقم الأول .

و" الفيض بن الفضل البجلي الكوفي" ، مترجم في الكبير 4 / 1 / 140 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 88 ، ولم يذكرا فيه جرحًا . وكان في المطبوعة :" العيص" وأخطأ لأن المخطوطة واضحة هناك كما أثبتها . وهذا الخبر ، رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 182 .

(31) في المطبوعة والمخطوطة :" اضطر يوسف إلى عرق" ، وهو خطأ محض ، وإنما وصل الكاتب" إذ" بقوله بعده" نظر" . و" العرق" ( بفتح فسكون ) : العظم عليه اللحم . فإن لم يكن عليه لحم ، فهو" عراق" ( بضم العين ) .

(32) الأثر : 19604 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 182 ، مطولا .

(33) الزيادة بين القوسين من تاريخ الطبري .

(34) في المطبوعة :" فكان من اختص بها" ، غير ما في المخطوطة ، فأفسد الكلام وأسقطه . والصواب منها ومن التاريخ ." اختانها" ، سرقها .

(35) " السلم" ( بفتحتين ) انقياد المذعن المستخذى ، كالأسير الذي لا يمتنع ممن أسره ، يقال :" أخذه سلمًا" ، إذا أسره من غير حرب ، فجاء به منقادًا لا يمتنع .

(36) في المطبوعة :" قد كان حضنته عمته" ، وأثبت ما في التاريخ . وأما المخطوطة ، فهي غير منقوطة .

وقوله :" حضنه عمته" فهو هنا فعل متعد إلى مفعولين ، وليس هذا المتعدي مما ذكرته كتب اللغة . وإنما ذكر" حضنت المرأة الصبي" ، إذا وكلت به تحفظه وتربيه ، وهي" الحاضنة" ، تضم إليها الطفل فتكفله . وهذا المتعدي إلى مفعولين ، صحيح عريق في قياس العربية ، بمعنى : أعطاها إياه لتحضنه . وهذا مما يزاد عليها إن شاء الله .

(37) في والمطبوعة المخطوطة :" وقعت" بغير واو ، والصواب إثباتها ، كما في تاريخ الطبري وقوله :" وقعت نفسه عليه" ، أي اشتاق إليه شديدا . وهذا مجاز لم تذكره معاجم اللغة ، وهو في غاية الحسن والدقة وبلاغة الأداء عن النفس وانظر بعد قوله :" ما أقدر على أن يغيب عني ساعة" ، فهو دليل على المعنى الذي استظهرته .

(38) في المطبوعة :" فقالت : والله ..." غير ما في المخطوطة ، وهو الموافق لما في تاريخ الطبري أيضًا .

(39) قولها :" والله ما أقدر ..." ، ليست في تاريخ الطبري ، فهي زيادة في المخطوطة .

(40) في المطبوعة :" اكشفوا" ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ .

(41) الأثر : 19605 - إلى هذا الموضع ، رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 170 .

(42) في المطبوعة والمخطوطة :" أسفًا عليهم" ، وهو لا يكاد يستقيم ، وكان في المخطوطة أيضًا :" في أنفسنا" ، فصححها في المطبوعة ، وأصاب .

(43) انظر تفسير" الإسرار" فيما سلف ص : 7 ، تعليق ، والمراجع هناك .

(44) ديوانه : 39 ، وغيره ، من قصيدته المشهورة ، يقول بعده ، وهو من رائع الشعر :

إذَا أنَــا دَلاَّنــي الَّــذِينَ أُحِــبُّهُمْ

بِمَلْحُــودةٍ زَلْــخٍ , جَوَانِبُهَـا غُـبْرُ

وَرَاحُــوا عِجَـالاً ينفُضُــونَ أكُـفَّهُمْ

يَقُولُـونَ : قَـدْ دَمَّـى أَنَامِلَنَـا الحفْرُ !

.

" ملحودة" ، يعني قبرًا قد لحد له . و" زلخ" ، ملساء ، يزل نازلها فيتردى فيها .

(45) انظر تفسير" الوصف" فيما سلف : 15 : 586 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(46) في المطبوعة :" حتى أخذت" ، والصواب من المخطوطة والتاريخ .

(47) في التاريخ :" أين هو" ، ولكنه في المخطوطة :" أحي هو" .

(48) في المطبوعة :" عن صاحبي" ، والصواب من المخطوطة والتاريخ .

(49) في المطبوعة وحدها :" وقد رؤيت" .

(50) " البزر" ( بفتح فسكون ) ، الولد . يقال :" ما أكثر بزره" ، أي : ولده .

(51) في التاريخ :" إسرائيل الله" ، وكأن الذي في التفسير هو الصواب ، لأن" إيل" بمعنى" الله" ، و" إسرا" ، يضاف إليه ، وكأن" إسرا" ، بمعنى" سرى" ، وهو بمعنى المختار ، كأنه :" صفي الله" الذي اصطفاه . وفي تفسير ذلك اختلاف كثير .

(52) في المطبوعة ، حذف" إن" من قوله :" إن كنت صادقًا" .

(53) الأثر : 19613 - رواه أبو جعفر في تاريخه مطولا 1 : 182 ، 183 .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ مهما حاولت أن تكتم مشاعر البغض أو الحب، فإن مواقفك وكلماتك تكشفها لا محالة.
لمسة
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ ما هذا الحقد الأسود الذي لم تَخِف وطأته بعد كل هذه السنين؟! ويزيدك تعجبًا أن المقام ليس مقام طعن في يوسف، بل إنهم ذكروه هنا على سبيل الاستطراد، ومع هذا اتهموه زورًا، وهم الذين كانوا سبب موته (کما ظنوا)، فاتهموه بالسرقة، ولم يكتفوا بجريمة محاولة قتله، بل ألحقوا بها القول السيئ بافتراء الكذب عليه.
وقفة
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ يظنون أن السرقة وراثة.
وقفة
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ أصابه سهم الكلمة الجارحة وهو على كرسي العز والوزارة؛ لا أحد في مأمن من كدر الحياة.
عمل
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ﴾ درب نفسك اليوم على كظم الغيظ قدر ما تستطيع.
اسقاط
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ تستطيع الرد؛ لكن الصمت أبلغ أحيانًا.
وقفة
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ اتهموه بالسرقة بهتانًا وزورًا وهم محتاجون له وهو قادر على عقوبتهم، ومع ذلك كله: (أَسَرَّهَا)، ما أجمل التغافل!
وقفة
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ سمو أخلاق مع صبر وصفح جعل يوسف عليه السلام يكتم غيظه ويضبط نفسه، ولا ينفعل ليتم له ما أراد من إبقاء أخيه لديه.
وقفة
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ أسرها، ولم يبدها، الإعراض عن الجاهلين، إنها أخلاق الكبار، فالرجل الحكيم والقائد المحنك يعرف مواضع الكلام ومواضع السكوت، ومآلات ذلك بإلهام من الله.
وقفة
[77] يوسف عليه السلام آذاه إخوانه، وألقوه في بئر حتى سيق مملوكًا بثمن بخس، وسجن سنين، ثم بعد ذلك يصبح عزيز مصر، قال إخوته: ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ يقصدون يوسف، فماذا فعل؟ انظر إلى ضبط النفس: ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ حتى إنه لم يرد جرح مشاعرهم بهذه الكلمة، فقالها سرًّا في نفسه.
وقفة
[77] ﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ من كمال الإحسان أن لا تواجه الإساءة بمثلها ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾.
وقفة
[77] ﴿قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانًا والله أعلم بما تصفون﴾ برغم ألمه وغور الجرح الذي أصابه من اتهامه بالسرقه مع سابق جرمهم بحقه إلا أن يوسف عليه السلام ترفع عن الرد عليهم وفضحهم وحدث نفسه فقط وهكذا يجب أن يكون المؤمن.
وقفة
[77] سهام الأحبة قاتلة ﴿إنْ يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه﴾.
وقفة
[77] ﴿فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ لم يقصدوا إسماع يوسف هذه الكلمة، لكنها قصة القدر أن يبتلى المؤمن بكلمات حارقة تصل جمرتها للأغوار العميقة.
وقفة
[77] ﴿فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ رمتني بدائها وانسلَّت! كذبة جديدة يفترونها على يوسف، فينعتونه بالكذب وهم الكاذبون، وكأنهم لم يكذبوا من قبل على أبيهم في شأن يوسف مع الذئب، نفوس عجيبة!
لمسة
[77] قولهم: ﴿أَخٌ لَّهُ﴾ إصرار منهم على اعتبار يوسف وأخيه جبهة مستقلة عنهم، فزعموا أن السرقة ليست غريبة على بنيامين، فإن أخاه الذي هلك كان أيضا أی سارقًا! وهما ضالعان في السرقة لأنهما من أم أخرى غير أمنا، وقد اقتدى الأخ بأخيه، ولاشك أن الاشتراك في الأنساب يؤدي إلى الاشتراك في الأخلاق.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ﴾ لم يعلم إخوة يوسف أن العزيز هو أخوهم، فربنا يقدر البلاء ليختبر عباده عند سماع الكلام القاسي.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ﴾ حيث تقبر كلماتك الجارحة إلى الأبد.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ﴾ حينما تسكتُ على من ظلمكَ هذا لا يعني أنَّك ضعيف ولا تستطيع الرَّد، فرغم قدرةِ يوسُف بالرد على من ظلمه لكنه فضل السُّكوت على ذلك، وجعلَ الأيَّام هيَ من تثبت صدْقه.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ﴾ ليس كل صمت هو إكتفاء من الحديث؛ بل بعضه كلام عجز عنه الكلام.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ قد يكون أصدق ما عندنا مكنون في أنفسنا.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ (فأسرها) العظماء صدورهم (مستودع).
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ ما أجمل ما قيل: «صدور الأحرار قبور الأسرار».
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ كتم المشاعر المحبطة، وكظم هفوات الأحبة؛ يورث هناءةً وراحة.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ إذا آلمتك كلمة عابرة من قريب؛ دعها، فإن بعض العلاقات أكبر من أن تضيعها كلمة.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ ذكر الله هذا الإسرار للثناء على يوسف، والدلالة على إنه عمل صالح يحبه الله، كل كلمة موجعة كتمتها بذرة فى حقل الصالحات.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ ليس شرطًا أن تخبر من حولك بكل أمر، فالصدور مجمع الأسرار.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ يوسف عليه السلام أسر في نفسه كلامًا ولم يبده لهم، فليس من المناسب أن تبدي كل ما تسر حفظًا للود بينك وبين الناس.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ أخلاق الكبار.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ رحم الله امرءًا كتم سرًّا، وتتازل عن حقه؛ ليؤلف قلوب إخوانه أو يقطع شرًّا.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ لقد فعلوا به أعظم من تلك الكلمات، وألقوه بأسفل الجُّب في الظلمات، لكن للكلمة أثر يفوق الأفعال المبكيات!
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ ليست الصراحة ممدوحة دائمًا عند اللقاء، أحيانًا يمنعك عنها الحياء!
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ ألقوه في الجب وحرموه من أبويه وعانى الغربة والسجن والرق، لكن لما اتهموه بالسرقة شعر بالألم، لا شيء يعدل مرارة البهتان.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ الكلمة المؤلمة التي تطويها في داخلك تبقيك أنت خالدًا، أسرها فنشر الله ذكره الحسن في المصاحف والمحاريب.
عمل
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ عَليّكَ أن تُعودَ نفسَك ضَبط رُدُود فِعلِكَ إذَا أرَدت أن تُحقِّق هَدفَك وتبلُغ مُرادك.
عمل
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ احمل الكلمات الموجعة واحفر لها قبرًا في النسيان، ضعها تحت الثرى.
عمل
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ لا تقل تلك صراحة إن أخبرته بالشر الذي يُضمره، أخفها وتعامل معها، بأدب وحياء.
اسقاط
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ التغافل من أجل بقاء العلاقات، فن لا يتقنه إلا النفوس الطاهرة النقية‍.
عمل
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ قم مقام الأنبياء؛ ابلع الكلمة الحارقة، وارها بعيدًا في النسيان.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ شتم هشام بن عبد الملك رجلًا من أشراف الناس، فقال هذا الرجل: أما تستحي أن تسبني وأنت خليفة؟! فقال هشام: اقتص مني، قال: لا أريد أن أكون سفيهًا، قال: تعوض مني بمال، قال: ما كنت أبيع شرفي بالدرهم والدينار، قال: اجعلها لله، قال: هي لله ولك، فخجل هشام ونكَّس رأسه، وعاهد الله ألا يشتم أحدًا بعدها أبدًا.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ ما أعظم هذا الحلم النبوي! يُسَبُّ وهو عزيز مصر، فيغُضُّ الطرف عن الأذى! ويطرح من قاموسه كلمات التشفي والانتقام.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ وتسرها أنت، وأسرها أنا، وبهذا تستقيم الحياة، ولو أن كل إنسان أخبر بما يصله من قول سيئ لتنغصت حياته وتكدر .
اسقاط
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ صدرك مستودعك؛ فيحتاج إلى (توسعة وإحكام(.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ بعض الصمت ما هو إﻻ كلام لم يجد قلبًا صاغيًا، ما هو إﻻ عتاب لم يجد من يحتويه، فالصمت هنا معناه خذلت بما يكفي!
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ ليس كل متغافل غافلًا، فلا تبع هيبة السكوت بالرخيص من الكلام.
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾ رحم الله من رأى جدار الوُّد يريدُ أن ينقضّ فأقامه بالتغاضي؛ فذلك خُلُق الأنبياء.
وقفة
[77] يوسف: ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾، وقال فرعون: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ﴾ [الشعراء: 19]، الفرق بين الكبار والصغار.
وقفة
[77] رحم الله من تغافل لأجل بقاء ود، ودوام محبة، وستر زلة ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُم﴾.
وقفة
[77] المشاعر المجروحة من الأفضل ألا تخرج، فقد تبوح بها فتكون سببًا لتفاقم المشكلة ﴿فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم﴾.
وقفة
[77] يقول ابن قتيبة في عيون الأخبار: «سُئِل أعرابي: من العاقل؟ فقال: الفَطِنُ المُتغَافِل، وأقولُ: في القرآن أعذبُ منها: ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾، وهو يومئذ عزيز مصر، لا يخافُ من البوح شيئًا، ولا يرجو من الكتمان شيئًا؛ ولكن الحُر من راعى وداد لحظة».
وقفة
[77] ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا﴾ إذا نظرت لأي حوار بنظرة الغالب والمغلوب، غالبًا ستحاول نصرة رأيك ولن تتجرد لا للحق ولا للمصلحة العامة، وعليه لو وُجد ثمة فائدة عند مخالفك لن تستفيد منها وغالب هذا الصنف لا يكاد يبلور عقله.
وقفة
[77] ﴿فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون﴾ حتى في حديثه مع نفسه عنهم، لم يتجاوز عليهم بما ليس فيهم، قمة العدل والإنصاف، أين نحن من هذه الأخلاق؟!
وقفة
[77] ﴿وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ﴾ أي: الله أعلم أن ما قلتم كذب، وقد قيل: إن إخوة يوسف في ذلك الوقت ما كانوا أنبياء.

الإعراب :

  • ﴿ قَالُوا:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به لقالوا.
  • ﴿ إِنْ يَسْرِقْ:
  • إنْ: حرف شرط جازم. يسرق: فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإنْ وعلامة جزمه السكون والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو.
  • ﴿ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ:
  • الجملة جواب شرط جازم فِعلًا ماضٍ لفظًا ومعنى: مقرونًا بقد مسبوقة بالفاء والفاء رابطة لجواب الشرط. قد: حرف تحقيق. سرق: فعل ماضٍ مبني على الفتح. أخ: فاعل مرفوع بالضمة وهو ليس من الأسماء إلخمسة لأنه كلمة مفردة غير مضافة تعرب بالحركة. له: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من \"أخ\" ومن حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بسرق وجملة \"سرق أخ له من قبل\" في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف مبني للمجهول بتقدير: فقد قيل: سرق أخ له من قبل.
  • ﴿ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ:
  • الفاء: استئنافيّة. أسر: أي كتمها وأخفاها: فعل ماضٍ مبني على الفتح و \"ها \" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. يوسف: فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف - التنوين - للعجمة والعلمية. في نفسه: جار ومجرور متعلق بأسر والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة. وجملة \"أسرها\" فيها إضمار على شريطة التفسير تفسيره أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وقد أنث لأنَّ قولُه \"أنتم شر مكانًا\" جملة أو كلمة أي طائفة من الكلام فالتقدير: فأسر الجملة أو الكلمة التي هي قولُه \"أنتم شر مكانًا\" والمعنى: قال في نفسه: أنتم شر مكانًا. ولأن قولُه \"قال أنتم شر مكانًا\" بدل من أسرها. ويجوز أن يكون ضمير \"أسرها\" بمعنى: أخفى أو كتم هذه التهمة السيئة. أو مجازاتهم على قولهم فيه.
  • ﴿ ولم يبدها لهم:
  • الواو عاطفة. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يبد: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره - حرف العلة - والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. و \"ها\" ضمير متصل في محل نصب مفعول به. اللام حرف جر و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيبدي.
  • ﴿ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. أي قال يوسف في نفسه أيضًا. أنتم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. شر: خبر \"أنتم\" مرفوع بالضمة. مكانًا: تمييز منصوب بالفتحة. والمعنى: أنتم شر عملًا وفعلًا أو منزلة في السرقة إذ سرقتموني من أَبِي. وجملة \"أنتم شر مكانًا\" في محل نصب مفعول به - مقول القول -.
  • ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ:
  • الواو: استئنافيّة. الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. أعلم: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه على وزن أفعل صيغة أفضل وهو ممنوع من الصرف - التنوين -.
  • ﴿ بِمَا تَصِفُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بأعلم. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. تصفون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة \"تصفون\" صلة الموصول لا محل لها والعائد إِلَى الضمير محذوف وهو منصوب المحل لأنه مفعول به. أي بما تصفونه. '

المتشابهات :

المائدة: 60﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ
يوسف: 77﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ
مريم: 75﴿حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا
الفرقان: 34﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُولَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     وبعد استخراج الصواع من وعاء بنيامين؛ تقرر هنا ظاهرًا أن بنيامين هو السارق، فقال إخوة يوسف: إنْ سرق هذا فقد سرق أخ شقيق له من قبل (يقصدون يوسف عليه السلام )، فأخفى يوسف في نفسه ما سمع، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فأسرها:
وقرئ:
فأسره، بضمير تذكير، وهى قراءة عبد الله، وابن أبى عبلة.

مدارسة الآية : [78] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ ..

التفسير :

[78] قالوا مستعطفين ليوفوا بعهد أبيهم:يا أيها العزيز إن له والداً كبيراً في السن يحبه ولا يطيق بُعده، فخُذْ أحدنا بدلاً من «بِنْيامين»، إنا نراك من المحسنين في معاملتك لنا ولغيرنا.

فـ{ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} أي:وإنه لا يصبر عنه، وسيشق عليه فراقه،{ فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} فأحسن إلينا وإلى أبينا بذلك.

ثم حكى- سبحانه- ما قالوا ليوسف على سبيل الرجاء والاستعطاف لكي يطلق لهم أخاهم حتى يعود معهم إلى أبيهم فقال: قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.

أى: قال إخوة يوسف له على سبيل الاستعطاف: يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ الذي أكرمنا وأحسن إلينا «إن» أخانا هذا الذي أخذته على سبيل الاسترقاق لمدة سنة، قد ترك من خلفه في بلادنا «أبا شيخا كبيرا» متقدما في السن، وهذا الأب يحب هذا الابن حبا جما فإذا كان ولا بد من أن تأخذ واحدا على سبيل الاسترقاق بسبب هذه السرقة «فخذ أحدنا مكانه» حتى لا نفجع أبانا فيه.

وإننا ما طلبنا منك هذا الطلب، إلا لأننا «نراك من المحسنين» إلينا، المكرمين لنا، فسر على طريق هذا الإحسان والإكرام، وأطلق سراح أخينا «بنيامين» ليسافر معنا.

لما تعين أخذ بنيامين وتقرر تركه عند يوسف بمقتضى اعترافهم ، شرعوا يترققون له ويعطفونه عليهم ، ف ( قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا ) يعنون : وهو يحبه حبا شديدا ويتسلى به عن ولده الذي فقده ، ( فخذ أحدنا مكانه ) أي : بدله ، يكون عندك عوضا عنه ، ( إنا نراك من المحسنين ) أي : من العادلين المنصفين القابلين للخير .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت إخوه يوسف ليوسف: (يأيها العزيز) ، يا أيها الملك (54) (إن له أبًا شيخًا كبيرًا) كلفًا بحبه , يعنون يعقوب ، (فخذ أحدنا مكانه) ، يعنون فخذ أحدًا منّا بدلا من بنيامين , وخلِّ عنه ، (إنا نراك من المحسنين) ، يقول: إنا نراك من المحسنين في أفعالك .

* * *

وقال محمد بن إسحاق في ذلك ما:-

19614- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: (إنا نراك من المحسنين) ، إنا نرى ذلك منك إحسانا إن فعلتَ.

----------------------

الهوامش:

(54) انظر تفسير" العزيز" فيما سلف ص : 62 ، تعليق : 5 ، والمراجع هناك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[78] ﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ﴾ بعد خروج يوسف من السجن تقلّد منصب وزير المالية في مصر وهو منصب العزيز الذي راودت امرأته يوسف عليه السلام.
وقفة
[78] ﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ سبحان الله! لم يرحموا قلب هذا الشيخ الكبير عندما قذفوا فلذة كبده بالبئر! الحسد يعمي.
وقفة
[78] ﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ سبحان الله! فلينظر كل من يستهين بهذا الأمر؛ حتى الظالم، حتى القاتل يبر والده!
وقفة
[78] ﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ قال ابن عاشور: «ووصفوا أباهم بثلاث صفات تقتضي الترقيق عليه وهي: حنان الأبوة، وصفة الشيخوخة، واستحقاقه جبر خاطره؛ لأنه كبير قومه، أو لأنه انتهى في الكبر إلى أقصاه، فالأوصاف مسوقة للحث على إطلاق سراح الابن».
وقفة
[78] ﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ الاستعطاف وسيلة مشروعة للوصول للهدف، بشرط أن يقصد بها الرجل الشهم المحسن، وأما استعطاف اللئيم فذل وخنوع لا يليق بمسلم.
وقفة
[78] ﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ حري بالأبناء أن يقدروا كبر سن أبيهم وشيخوخته، فهي تستحق الرحمة والرأفة، وتقدير مشاعره المرهفة فهو من البر به.
وقفة
[78] ﴿إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ من كان له أب شيخ كبير (يُرحَم).
وقفة
[78] ﴿إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا﴾ مما يسترحم به منذ القدم وإلى الآن في حال السجين أن يكون والداه أو أحدهما ممن مسه الكبر.
وقفة
[78] ﴿فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ هذا إلاحسان هو ذاته الذي شاهدوه بيوسف عندما قذفوه بالبئر لكن شاهدوه بعين البغض!
وقفة
[78] ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ قالها: من سُجِنَ معه، وإخوته حين دخلوا عليه، وجوه أهل الإحسان بادية.
وقفة
[78] ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ قيلت ليوسف عليه السلام وهو في السجن، ثم قيلت له وهو على خزائن مصر، المعدن النقيُّ لا تغيُّره الأحوال.
وقفة
[78] ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ فإحسانه أنه كان يعود المرضى ويداويهم، ويعزي الحزانى فأرادوا وصفه بما رأوا من إحسانه في جميع أفعاله.
وقفة
[78] ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ إحسانك يقرأه الناس فى وجهك، فى ملامحك، فى شئ يجدونه فى قلوبهم تجاهك.
وقفة
[78] ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ آثار الإحسان تبدو واضحة جلية في جبين المحسنين وأرواحهم، ملامح جمال يرسمها إحسانهم، وإن أخفوه.
وقفة
[78] ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾، ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [القصص: 14]، الإحسان وسيلة كبرى، وقاعدة صلبة ينطلق من خلالها لتحقيق أعظم الأهداف، وأنبل الغايات، فهو أول الطريق وليس نهايته.
وقفة
[78] لما سأل الفتيان يوسف بررا سؤالهما بقولهما: ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾، إن الناس تبث شجنها إلى من يحسن إليها، وأولى الناس بذلك هم المصلحون.
وقفة
[78] أهل الصلاح يظهر عليهم صلاحهم، ويحبهم الناس، وينجذبون إلى عدلهم وصدقهم، فأهل البلد من الكفار والفساق: الملك، وخباز الملك وغيرهم لجؤوا إلى يوسف عليه السلام: ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾، فحالتك وسيرتك وهيئتك وأفعالك تخبر أنك من المحسنين.
وقفة
[78] قوله ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ في موضعين، ليس بتكرار؛ لأن الأول من كلام صاحبي السجن ليوسف عليه السلام، والثاني من كلام إخوة يوسف ليوسف.

الإعراب :

  • ﴿ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ:
  • قالوا: أعربت في الآية الكريمة السابقة. يا: أداة نداء. أي: منادى مبني على الضم في محل نصب و \"ها\" زائدة للتنبيه. العزيز: بدل من \"أي\" مرفوعًا مثلها بالضمة على اللفظ أو صفة لأنها اسم مشتق.
  • ﴿ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. له: جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر \"إنّ\" مقدم. أبًا: اسم \"إنَّ\" مؤخر منصوب بالفتحة وَلَا يعرب إعراب الأسماء الخمسة بل يعرب بالحركة لأنه كلمة مفردة غير مضافة إِلَى ضمير الغائب أو المخاطب. شيخًا كبيرًا: صفتان - نعتان - منصوبتان بالفتحة أيضًا للموصوف \"أبا\" بمعنى أن لهذا الغلام.
  • ﴿ فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ:
  • الفاء: استئنافيّة. خذ: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. أحد: مفعول به منصوب بالفتحة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. مكانه أي بدله: حال منصوب بالفتحة. وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إِنَّا نَرَاكَ:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و \"نا\" مدغمة بإنّ ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسمها. نراك: فعل مضارع مرفوع بالضمة القدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به وجملة \"نراك\" في محل رفع خبر \"إنَّ\".
  • ﴿ من المحسنين:
  • جار ومجرور في محل نصب مفعول به ثانٍ لأنَّ الرؤية هنا بمعنى الظن والعلم وليست بصرية أي نراك محسنًا من المحسنين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته '

المتشابهات :

يوسف: 78﴿ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ
يوسف: 88﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     وبعد ثبوت تهمة السرقة على بنيامين؛ تقرر حسب فتواهم أن يبقى بنيامين عند يوسف، فاستعطفوا يوسف، بأن له أبًا شيخًا كبيرًا، فخُذ أحدَنا رقيقًا مكانه، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف