2457980818283848586

الإحصائيات

سورة يوسف
ترتيب المصحف12ترتيب النزول53
التصنيفمكيّةعدد الصفحات13.50
عدد الآيات111عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول11تبدأ في الجزء12
تنتهي في الجزء13عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 6/29آلر: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (79) الى الآية رقم (81) عدد الآيات (3)

يوسفُ عليه السلام يرفضُ طلبَ إخوتِه، فيذكِّرهم أخوهم الأكبرُ أنَّ أباهم أخَذَ عليهم عهدَ اللهِ أن يردُّوه، ثُمَّ يطلبُ منهم أن يرجعُوا لأبيهم فيخبرُوه بما حدثَ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (82) الى الآية رقم (86) عدد الآيات (5)

= ولأنَّهم مشكوكٌ فيهم قالُوا لأبيهم: اسألْ أهلَ مصرَ، واسألْ أصحابَ القافلةِ التي جئْنَا معَها، فلم يصدِّقْهم، وصبرَ فلم يَشكُ إلا إلى اللهِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة يوسف

الثقة في تدبير الله (اصبر ولا تيأس)/ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ/ الصبر الجميل/ يوسف الإنسان قصة نجاح

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • إلى هؤلاء وإلى كل مسلم نزلت سورة يوسف.: نزلت تهمس في أذن كل مسلم في فترات الضيق أو البلاء؛ لتقول له: تعلَّم من يوسف عليه السلام الصبر، والأمل، وعدم اليأس رغم كل الظروف. وبالمقابل: تعلَّم منه كيف تواجه فترات الراحة والاطمئنان، وذلك بالتواضع والإخلاص لله عز وجل. فالسورة ترشدنا أن حياة الإنسان هي عبارة عن فترات رخاء وفترات شدة، فلا يوجد إنسان قط كانت حياته كلها فترات رخاء أو كلها فترات شدة، وهو في الحالتين: الرخاء والشدة، يُختبر.
  • • سورة يوسف أحسن القصص:: لأنها اشتملت على حاسد ومحسود، ومالك ومملوك، وشاهد ومشهود، وعاشق ومعشوق، وحبس وإطلاق، وخصب وإجداب، وذنب وعفو، وفراق ووصال، وسقم وصحة، وحل وترحال، وذل وعز. وعالجت مشاكل تربوية واجتماعية ونفسية وأخلاقية واقتصادية وسياسية.
  • • سورة يوسف أحسن القصص:: لأن في نهايتها حسن المآل وطيب العافية، فيعقوب عليه السلام رد إليه بصره وظفر بفلذة كبده، ويوسف عليه السلام آتاه الله الملك والحكمة، والأخوة تاب الله عليهم، ومنهم أو من ذريتهم اصطفى الله أسباط بني إسرائيل، وامرأة العزيز أقرت بذنبها وحسنت توبتها، وأهل مصر اجتازوا السبع الشداد حتى صار الناس يأتونهم من جميع الأقطار للمؤنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «‏يوسف».
  • • معنى الاسم :: هو نبي الله يوسف بن نبي الله يعقوب بن نبي الله إسحاق بن نبي الله إبراهيم عليهم السلام.
  • • سبب التسمية :: لأنها ذكرت قصة ‏يوسف عليه السلام كاملة، ولم تذكر قصته في غيرها، بل لم يذكر اسمه إلا في سورة الأنعام آية (84) ، وغافر آية (34).
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: الثقة بتدبير الله، والأمل، والصبر، وعدم اليأس رغم كل الظروف.
  • • علمتني السورة :: رعاية الله عز وجل لأوليائه ولطفه بهم في أوقات المحن.
  • • علمتني السورة :: أن القصص فيها الحسن والسيِّئ، وأن قصص القرآن أحسن القصص: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾
  • • علمتني السورة :: العفو والصفح ثم الإحسان بالدعاء من أخلاق الأنبياء: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾

مدارسة الآية : [79] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ ..

التفسير :

[79] قال يوسف:نعتصم بالله ونستجير به أن نأخذ أحداً غير الذي وجدنا المكيال عنده -كما حكمتم أنتم-، فإننا إن فعلنا ما تطلبون نكون في عداد الظالمين.

فـ{ قَالَ} يوسف{ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} أي:هذا ظلم منا، لو أخذنا البريء بذنب من وجدنا متاعنا عنده، ولم يقل "من سرق"كل هذا تحرز من الكذب،{ إِنَّا إِذًا} أي:إن أخذنا غير من وجد في رحله{ لَظَالِمُونَ} حيث وضعنا العقوبة في غير موضعها.

ولكن هذا الرجاء والتلطف والاستعطاف منهم ليوسف، لم ينفعهم شيئا، فقد رد عليهم في حزم وحسم بقوله: قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ ... و «معاذ» منصوب بفعل محذوف.

أى: قال يوسف لهم: نعوذ بالله- تعالى- معاذا، من أن نأخذ في جريمة السرقة إلا الشخص الذي وجدنا صواع الملك عنده وهو «بنيامين» .

وأنتم الذين أفتيتم بأن السارق في شريعتكم عقوبته استرقاقه لمدة سنة، فنحن نسير في هذا الحكم تبعا لشريعتكم.

إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ إذا أخذنا شخصا آخر سوى الذي وجدنا متاعنا عنده. والظلم تأباه شريعتنا كما تأباه شريعتكم، فاتركوا الجدال في هذا الأمر الذي لا ينفع معه الجدال، لأننا لا نريد أن نكون ظالمين.

وبهذا الرد الحاسم قطع يوسف حبال آمال إخوته في العفو عن بنيامين أو في أخذ أحدهم مكانه، فانسحبوا من أمامه تعلوهم الكآبة، وطفقوا يفكرون في مصيرهم وفي موقفهم من أبيهم عند العودة إليه ...

( قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ) أي : كما قلتم واعترفتم ، ( إنا إذا لظالمون ) [ أي ] إن أخذنا بريئا بسقيم .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)

قال أبو جعفر:-

يقول تعالى ذكره: قال يوسف لإخوته: (معاذ الله) ، أعوذ بالله .

* * *

وكذلك تفعل العرب في كل مصدر وضعته موضع " يفعل " و " تفعل " ، فإنها تنصب ، كقولهم: " حمدًا لله ، وشكرًا له " بمعنى: أحمد الله وأشكره.

* * *

والعرب تقول في ذلك: " معاذَ الله "، و " معاذةَ الله " فتدخل فيه هاء التأنيث. كما يقولون: " ما أحسن معناة هذا الكلام " ، و " عوذ الله " ، و " عوذة الله " ، و " عياذ الله ". ويقولون: اللهم عائذًا بك ، كأنه قيل: " أعوذ بك عائذا " ، أو أدعوك عائذًا .

* * *

، (أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده) يقول: أستجير بالله من أن نأخذ بريئًا بسقيم، (1) كما:-

19615 - حدثنا ابن حميد ، قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: (قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون) ، يقول: إن أخذنا غير الذي وجدنا متاعنا عنده إنَّا إذًا نفعل ما ليس لنا فعله ونجور على الناس.

19616 - حدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي: قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ ، قال يوسف: إذا أتيتم أباكم فأقرئوه السلام ، وقولوا له: إن ملك مصر يدعو لك أن لا تموت حتى ترى ابنك يوسف ، حتى يعلمَ أنّ في أرض مصر صدِّيقين مثلَه.

* * *

----------------------

الهوامش:

(1) انظر تفسير" عاذ" فيما سلف ص : 32 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

المعاني :

مَعَاذَ اللهِ :       نَعْتَصِمُ بِاللهِ، وَنَسْتَجِيرُ بِهِ السراج
مَعَاذَ ٱللَّهِ :       نَسْتجيرُ باللّٰهِ ونعتصِمُ به الميسر في غريب القرآن
معاذ الله :       نعوذ بالله معاذا و نعتصم به معاني القرآن
مَتَٰعَنَا :       مِكْيالَنا الَّذي نَكِيلُ به الطَّعامَ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[79] ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ﴾ لم يقل :(من سرق)؛ لأنه يعلم أن أخاه لم يسرق، ولم يعاملهم بمثل ما قالوا هم فيه: ﴿إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ [77]، فما أحوجنا إلى وزن العبارة مع دقة التعبير في كلماتنا بالذات مع الخصوم وبتجرد دون إفراط أو تفريط.
عمل
[79] ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ﴾ كن دقيقًا في عباراتك.
عمل
[79] ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ﴾ احرص اليوم على دعاء الخروج من المنزل -وفيه الاستعاذة من الظلم- وقل: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ».
وقفة
[79] ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ﴾ لا يجوز أخذ بريء بجريرة غيره، فلا يؤخذ مكان المجرم شخص آخر.
وقفة
[79] روي أن الحجاج بن يوسف أراد أخذ رجل فلم يجدوه، فأخذوا أخاه بدلًا منه، فقال له الحجاج لما رآه: أما سمعت قول الشاعر: جانيكَ مَن يَجني عَلَيكَ وَقَد ... تُعدي الصِحاحَ مَبارِكَ الجُربُ وَلَرُبَّ مَأخوذٍ بِذَنبِ عَشيرَةٍ ... وَنَجا المُقارِفُ صاحِبُ الذَنبِ فقال الرجل: ولكني سمعت الله يقول غير هذا، قال الحجاج: وما يقول؟! قال الرجل: قال عز وجل: ﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ﴾، فطلب الحجاج قائد الشرطة، فمثل بين يديه، فأمره بفك قيد الرجل، وبناء منزله، وزيادة عطائه، ثم أمر مناديًا أن ينادي في الناس: صدق الله وكذب الشاعر.
وقفة
[79] إن القرآن ليصور لنا أخذ البريء بالمذنب؛ لا على أنه مضاد للشريعة فحسب! بل هو كذلك غير متوافق مع الفكرة الأساسية للعدالة الإنسانية ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ﴾.
وقفة
[79] الذي يجعل المتدين نقيًا كالسحاب؛ أنه يحارب بمبادئه وخصمه يحارب بمصالحه ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ﴾.
وقفة
[79] ﴿مَعَاذَ اللَّـهِ﴾ في هذه السورة في موضعين، ليس بتكرار؛ لأن الأول ذكر حين دعته إلى المواقعة، والثاني حين دعى إلى تغيير حكم السرقة، فليس بتكرار.
وقفة
[79] تأمل دقة يوسف عليه السلام لما قال: ﴿مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا﴾، فلم يقل: من سرق! لأنه يعلم أن أخاه لم يسرق، فكان دقيقًا في عبارته، فلم يتهم أخاه، كما لم يثر الشكوك حول دعوى السرقة، فما أحوجنا إلى الدقة في كلماتنا، مع تحقق الوصول إلى مرادنا.
وقفة
[79] ينبغي لمن أراد أن يوهم غيره بأمر لا يحب أن يطلع عليه أن يستعمل المعاريض القولية والفعلية المانعة له من الكذب؛ كما فعل يوسف؛ حيث ألقى الصُّواع في رحل أخيه، ثم استخرجها منه موهماً أنه سارق، وليس فيه إلا القرينة الموهمة لإخوته، وقال بعد ذلك: ﴿مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ﴾ ولم يقل: «من سرق متاعنا».
وقفة
[79] ﴿أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا﴾ دقة في العبارة، ولم يقل: (إلا من سرق)، لأن يوسف يعلم أن أخاه لم يسرق.

الإعراب :

  • ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ:
  • قال فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به - مقول القول - معاذ: مفعول مطلق منصوب بالفتحة وهو مضاف وقد نصب بفعل محذوف تقديره أعوذ بالله معاذًا. معناه: التجيء إليه. الله لفظ الجلالة: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ أَنْ نَأْخُذَ:
  • أنْ: حرف مصدرية ناصب. نأخذ: فعل مضارع منصوب بأنْ وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مسترَ فيه وجوبًا تقديره نحن. و \"أن\" المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف تقديره \"من\" والجار والمجرو\" متعلق بمعاذ ومفعول نأخذ محذوف تقديره أن نأخذ بدله.
  • ﴿ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا:
  • إلَّا: أداة استثناء. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء ويجوز أن تكون إلَّا: أداة حصر و \"من\" مفعولًا به لنأخذ. وجد: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا. و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة \"وجدنا\" صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ مَتَاعَنَا عِنْدَهُ:
  • متاع: مفعول به منصوب بالفتحة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. عنده: ظرف مكان متعلق بوجدنا منصوب على الظرفية بالفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة وشبه الجملة \"عنده\" في محل نصب متعلق بحال محذوفة. التقدير: وجدنا متاعنا كائنًا عنده.
  • ﴿ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و \"نا\" مدغمة بإنّضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم \"إنّ\". إذًا: حرف جواب لا عمل لها وهو هنا جواب لهم وجزاء لأنَّ المعنى انْ أخذنا بدله ظلمناه. اللام لام التوكيد - المزحلقة -. ظالون: خبر \"إنّ\" مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الفرد '

المتشابهات :

يوسف: 23﴿وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ
يوسف: 79﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     وبعد هذا الرجاء والتلطف والاستعطاف؛ جاء هنا الرد الحاسم من يوسف عليه السلام ، قال تعالى:
﴿ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـآ إِذًا لَّظَالِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [80] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا ..

التفسير :

[80] فلما يئسوا من إجابته إياهم لِمَا طلبوه انفردوا عن الناس، وأخذوا يتشاورون فيما بينهم، قال كبيرهم في السن:ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم العهد المؤكد لتردُّنَّ أخاكم إلا أن تُغلبوا، ومن قَبْلِ هذا كان تقصيركم في يوسف وغدركم به؛ لذلك لن أفارق أرض «مص

أي:فلما استيأس إخوة يوسف من يوسف أن يسمح لهم بأخيهم{ خَلَصُوا نَجِيًّا} أي:اجتمعوا وحدهم، ليس معهم غيرهم، وجعلوا يتناجون فيما بينهم، فـ{ قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} في حفظه، وأنكم تأتون به إلا أن يحاط بكم{ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ} ، فاجتمع عليكم الأمران، تفريطكم في يوسف السابق، وعدم إتيانكم بأخيه باللاحق، فليس لي وجه أواجه به أبي.

{ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ} أي:سأقيم في هذه الأرض ولا أزال بها{ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي} أي:يقدر لي المجيء وحدي، أو مع أخي{ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}

وقد حكى القرآن ذلك بأسلوبه البليغ فقال: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ....

وقوله «استيأسوا» يئسوا يأسا تاما فالسين والتاء للمبالغة.

و «خلصوا» من الخلوص بمعنى الانفراد.

و «نجيا» حال من فاعل خلصوا. وهو مصدر أطلق على المتناجين في السر على سبيل المبالغة.

والفاء في قوله فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ ... معطوفة على محذوف يفهم من الكلام.

والتقدير: لقد بذل إخوة يوسف أقصى جهودهم معه ليطلق لهم سراح أخيهم بنيامين، فلما يئسوا يأسا تاما من الوصول إلى مطلوبهم، انفردوا عن الناس ليتشاوروا فيما يفعلونه، وفيما يقولونه لأبيهم عند ما يعودون إليه ولا يجد معهم «بنيامين» ..

هذه الجملة الكريمة وهي قوله- تعالى- فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا من أبلغ الجمل التي اشتمل عليها القرآن الكريم، ومن العلماء الذين أشاروا إلى ذلك الإمام الثعالبي في كتاب «الإيجاز والإعجاز» فقد قال: من أراد أن يعرف جوامع الكلم، ويتنبه لفضل الاختصار ويحيط ببلاغة الإيجاز، ويفطن لكفاية الإيجاز، فليتدبر القرآن وليتأمل علوه على سائر الكلام.

ثم قال: فمن ذلك قوله- تعالى- في إخوة يوسف فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا وهذه صفة اعتزالهم جميع الناس، وتقليبهم الآراء ظهرا لبطن، وأخذهم في تزوير ما يلقون به أباهم عند عودتهم إليه، وما يوردون عليه من ذكر الحادث. فتضمنت تلك الكلمات القصيرة، معاني القصة الطويلة».

وقوله: قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ ... إلخ بيان لما قاله لهم أحدهم خلال تناجيهم مع بعضهم في عزلة عن الناس.

ولم يذكر القرآن اسم كبيرهم، لأنه لا يتعلق بذكره غرض منهم، وقد ذكر بعض المفسرين أن المراد به «روبيل» لأنه أسنهم، وذكر بعضهم أنه «يهوذا» لأنه كبيرهم في العقل ...

أى: وحين اختلى إخوة يوسف بعضهم مع بعض لينظروا في أمرهم بعد أن احتجز عزيز مصر أخاهم بنيامين، قال لهم كبيرهم:

«ألم تعلموا» وأنتم تريدون الرجوع إلى أبيكم وليس معكم «بنيامين» .

«أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله» عند ما أرسله معكم، بأن تحافظوا عليه، وأن لا تعودوا إليه بدونه إلا أن يحاط بكم.

وألم تعلموا كذلك أنكم في الماضي قد فرطتم وقصرتم في شأن يوسف، حيث عاهدتم أباكم على حفظه، ثم ألقيتم به في الجب.

والاستفهام في قوله: «ألم تعلموا ... » للتقرير. أى: لقد علمتم علما يقينا بعهد أبيكم عليكم بشأن بنيامين، وعلمتم علما يقينا بخيانتكم لعهد أبيكم في شأن يوسف، فبأى وجه تعودون إلى أبيكم وليس معكم أخوكم بنيامين؟

قال الشوكانى: قوله: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ أى عهدا من الله- تعالى- بحفظ ابنه ورده إليه. ومعنى كونه من الله: أنه بإذنه.

وقوله وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ معطوف على ما قبله. والتقدير: ألم تعلموا أن أباكم ... وتعلموا تفريطكم في يوسف، فقوله «ومن قبل» متعلق بتعلموا.

أى: تعلموا تفريطكم في يوسف من قبل. على أن ما مصدرية.

وقوله فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ... حكاية للقرار الذي اتخذه كبيرهم بالنسبة لنفسه.

أى: قال كبير إخوة يوسف لهم: لقد علمتم ما سبق أن قلته لكم، فانظروا في أمركم، أما أنا «فلن أبرح الأرض» أى: فلن أفارق أرض مصر «حتى يأذن لي أبى» بمفارقتها، لأنه قد أخذ علينا العهد الذي تعلمونه بشأن أخى بنيامين. «أو يحكم الله لي» بالخروج منها وبمفارقتها على وجه لا يؤدى إلى نقض الميثاق مع أبى «وهو» - سبحانه- «خير الحاكمين» لأنه لا يحكم إلا بالحق والعدل.

يخبر تعالى عن إخوة يوسف : أنهم لما يئسوا من تخليص أخيهم بنيامين ، الذي قد التزموا لأبيهم برده إليه ، وعاهدوه على ذلك ، فامتنع عليهم ذلك ، ( خلصوا ) أي : انفردوا عن الناس ) نجيا ) يتناجون فيما بينهم .

( قال كبيرهم ) وهو روبيل ، وقيل : يهوذا ، وهو الذي أشار عليهم بإلقائه في البئر عندما هموا بقتله ، قال لهم : ( ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ) لتردنه إليه ، فقد رأيتم كيف تعذر عليكم ذلك مع ما تقدم لكم من إضاعة يوسف عنه ، ( فلن أبرح الأرض ) أي : لن أفارق هذه البلدة ، ( حتى يأذن لي أبي ) في الرجوع إليه راضيا عني ، ( أو يحكم الله لي ) قيل : بالسيف . وقيل : بأن يمكنني من أخذ أخي ، ( وهو خير الحاكمين ) .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80)

قال أبو جعفر يعني تعالى ذكره: (فلما استيأسوا منه) فلما يئسوا منه من أن يخلى يوسف عن بنيامين، ويأخذ منهم واحدًا مكانه، وأن يجيبهم إلى ما سألوه من ذلك.

* * *

وقوله (استيأسوا) ،" استفعلوا " ، من: " يئس الرجل من كذا ييأس "، كما:-

19617 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: (فلما استيأسوا منه) يئسوا منه، ورأوا شدّته في أمره.

* * *

وقوله: (خلصوا نجيًّا) ، يقول بعضهم لبعض يتناجون ، لا يختلط بهم غيرهم .

* * *

و " النجيّ"، جماعة القوم المنتجين، يسمى به الواحد والجماعة ، كما يقال: " رجل عدل، ورجال عدل " ، و " قوم زَوْر، وفِطْر ". وهو مصدر من قول القائل: " نجوت فلانا أنجوه نجيًّا " ، جعل صفة ونعتًا . ومن الدليل على أن ذلك كما ذكرنا، قول الله تعالى وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا [ سورة مريم : 52] فوصف به الواحد ، وقال في هذا الموضع: (خلصوا نجيًّا) فوصف به الجماعة ، ويجمع " النجيّ" أنجية ، كما قال لبيد:

وَشَــهِدْتُ أنْجِيَــةَ الأفَاقَـةِ عَاليًـا

كَــعْبي وَأَرْدَافُ المُلُــوكِ شُــهُودُ (2)

وقد يقال للجماعة من الرجال: " نَجْوَى " كما قال جل ثناؤه: وَإِذْ هُمْ نَجْوَى [سورة الإسراء: 47 ] وقال: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ [سورة المجادلة: 7 ] وهم القوم الذين يتناجون . وتكون " النجوى " أيضا مصدرًا ، كما قال الله: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ [سورة المجادلة: 10 ] تقول منه ": نجوت أنجو نجوى " فهي في هذا الموضع، المناجاة نفسها ، ومنه قول الشاعر (3)

بُنَــيَّ بَـدَا خِـبُّ نَجْـوَى الرِّجَـالِ

فَكُــنْ عِنْــدَ سـرّكَ خَـبَّ النَّجِـيّ (4)

فـ" النجوى " و " النجي"، في هذا البيت بمعنى واحد ، وهو المناجاة ، وقد جمع بين اللغتين .

* * *

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: (خلصوا نجيًّا) قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19618- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي: (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيًّا) وأخلص لهم شمعون ، وقد كان ارتهنه ، خَلَوْا بينهم نجيًّا، يتناجون بينهم .

19619 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (خلصوا نجيًّا) خلصوا وحدهم نجيًّا.

19620 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: (خلصوا نجيًّا) : أي خلا بعضهم ببعض ، ثم قالوا: ماذا ترون؟

* * *

وقوله: (قال كبيرهم) اختلف أهل العلم في المعنيِّ بذلك.

فقال بعضهم: عنى به كبيرهم في العقل والعلم ، لا في السن ، وهو شمعون. قالوا: وكان روبيل أكبر منه في الميلاد .

*ذكر من قال ذلك:

19621 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله: (قال كبيرهم) قال: هو شمعون الذي تخلّف ، وأكبر منه ، أو: أكبر منهم ، في الميلاد، روبيل.

19622- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (قال كبيرهم) : ، شمعون الذي تخلّف ، وأكبر منه في الميلاد روبيل.

19623- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19624- حدثني المثنى قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: (قال كبيرهم) ، قال: شمعون الذي تخلف ، وأكبرهم في الميلاد روبيل.

* * *

وقال آخرون: بل عنى به كبيرهم في السن، وهو روبيل .

*ذكر من قال ذلك:

19625 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (قال كبيرهم)، وهو روبيل، أخو يوسف ، وهو ابن خالته ، وهو الذي نهاهم عن قتله.

19626- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (قال كبيرهم) ، قال: روبيل ، وهو الذي أشار عليهم أن لا يقتلوه.

19627 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي: (قال كبيرهم) في العلم (5) ، (إن أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض) ، الآية ، فأقام روبيل بمصر ، وأقبل التسعة إلى يعقوب، فأخبروه الخبرَ ، فبكى وقال: يا بنيّ ما تذهبون مرَّة إلا نقصتم واحدًا! ذهبتم مرة فنقصتم يوسف ، وذهبتم الثانية فنقصتم شمعون ، وذهبتم الآن فنقصتُم روبيل!

19628 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيًّا) قال: ماذا ترون؟ فقال روبيل كما ذكر لي ، وكان كبير القوم: (ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم ومن قبل ما فرطتم في يوسف) ،الآية.

* * *

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال: عنى بقوله: (قال كبيرهم) روبيل، لإجماع جميعهم على أنه كان أكبرهم سنًّا. ولا تفهم العرب في المخاطبة إذا قيل لهم: " فلان كبير القوم "، مطلقا بغير وصل، إلا أحد معنيين: إما في الرياسة عليهم والسؤدد، وإما في السن. فأما في العقل، فإنهم إذا أرادوا ذلك وصَلوه ، فقالوا: " هو كبيرهم في العقل ". فأما إذا أطلق بغير صلته بذلك، فلا يفهم إلا ما ذكرت.

وقد قال أهل التأويل: لم يكن لشمعون ، وإن كان قد كان من العلم والعقل بالمكان الذي جعله الله به ، على إخوته رياسةٌ وسؤدد ، فيعلم بذلك أنه عنى بقوله: (قال كبيرهم) فإذا كان ذلك كذلك فلم يبق إلا الوجه الآخر ، وهو الكبر في السن ، وقد قال الذين ذكرنا جميعًا ": روبيل كان أكبر القوم سنًّا " ، فصح بذلك القول الذي اخترناه .

* * *

وقوله: (ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من الله، ) يقول: ألم تعلموا، أيها القوم؛ أنَّ أباكم يعقوب قد أخذ عليكم عهودَ الله ومواثيقه: (6) لنأتينه به جميعا ، إلا أن يحاط بكم ، ( ومن قبل ما فرطتم في يوسف )، (7) ومن قبل فعلتكم هذه، تفريطكم في يوسف. يقول: أو لم تعلموا من قبل هذا تفريطكم في يوسف؟ ، وإذا صرف تأويل الكلام إلى هذا الذي قلناه ، كانت " ما " حينئذ في موضع نصب .

وقد يجوز أن يكون قوله: (ومن قبل ما فرطتم في يوسف) خبرا مبتدأ ، ويكون قوله: (ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من الله) خبرًا متناهيًا فتكون " ما " حينئذ في موضع رفع ، كأنه قيل: " ومن قبل هذا تفريطكم في يوسف " ، فتكون " ما " مرفوعة بـ" من " قبلُ.

هذا ويجوز أن تكون " ما " التي هي صلة في الكلام ، (8) فيكون تأويل الكلام: ومن قبل هذا فرطتم في يوسف . (9)

* * *

وقوله: (فلن أبرح الأرض) التي أنا بها، وهي مصر فأفارقها ، (حتى يأذن لي أبي) بالخروج منها ، كما:-

19629 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: (فلن أبرح الأرض) التي أنا بها اليوم ، (حتى يأذن لي أبي) ، بالخروج منها.

19630 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: قال شمعون: (لن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين).

* * *

وقوله: (أو يحكم الله لي) ، أو يقضي لي ربي بالخروج منها وترك أخي بنيامين ، وإلا فإني غير خارج ، (وهو خير الحاكمين) ، يقول: والله خير من حكم، وأعدل من فصل بين الناس . (10)

* * *

وكان أبو صالح يقول في ذلك بما:-

19631 - حدثني الحسين بن يزيد السبيعي قال، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح في قوله: (حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي ،) قال: بالسيف.

* * *

، وكأنَّ أبا صالح وجّه تأويل قوله: (أو يحكم الله لي) ، إلى: أو يقضي الله لي بحرب من مَنَعَني من الانصراف بأخي بنيامين إلى أبيه يعقوب ، فأحاربه .

* * *

----------------------

الهوامش:

المعاني :

اسْتَيْأَسُوا :       يَئِسُوا وَانْقَطَعَ رَجَاؤُهُم السراج
ٱسۡتَيۡٔسُواْ مِنۡهُ :       يَئِسُوا من إجابةِ يوسفَ لمَطْلبِهم الميسر في غريب القرآن
استيأسوا منه :       يئسوا من إجابة يوسف لهم معاني القرآن
خَلَصُوا نَجِيًّا :       انْفَرَدُوا يَتَشَاوَرُونَ السراج
خَلَصُواْ :       انفردُوا عن الناسِ الميسر في غريب القرآن
نَجِيࣰّا :       مُتَسارِّين يتشاوَرُون بينهم الميسر في غريب القرآن
خلصوا نجيّا :       انفردوا متناجين مُتشاورين معاني القرآن
مَّوْثِقًا :       عَهْدًا مُؤَكَّدًا السراج
مَّوۡثِقࣰا مِّنَ ٱللَّهِ :       عَهْداً وأكّدْتُموه بالحَلِفِ باللهِ الميسر في غريب القرآن
فَرَّطتُمْ :       قَصَّرْتُمْ السراج
ما فرّطتم :       قصّرتم ، و (ما : زائدة) معاني القرآن
أَبْرَحَ :       أُفَارِقَ السراج
فَلَنۡ أَبۡرَحَ ٱلۡأَرۡضَ :       لن أُفارِقَ أرضَ مصرَ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

عمل
[80] ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْه﴾ لم ييأسوا فحسب بل استيأسوا أيضًا، ولكن الله رد لهم أخاهم، تشبَّث بالأمل.
لمسة
[80] ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْه﴾ لِمَ كان اختيار هذه الكلمة دون اختيار كلمة (يئسوا)، وهي أكثر اختصارا؟! والجواب: زيادة الهمزة والسين والتاء في استيئسوا تدل على المبالغة، وهي تفيد أن اليأس قد بلغ منهم أعلى درجاته بعد أن باءت كل محاولاتهم لإنقاذ أخيهم مع عزيز مصر بالفشل، وفي الآية بلاغة بالحذف، بدلًا من أن يقول: (فلما استيئس إخوة يوسف من العزيز).
لمسة
[80] ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ آية من أبلغ آيات القرآن! قال الإمام الثعالبي: «من أراد أن يعرف جوامع الكلم، ويتنبه لفضل الاختصار ويحيط ببلاغة الإيجاز، ويفطن لكفاية الإيجاز، فليتدبر القرآن وليتأمل علوه على سائر الكلام،ثم قال: فمن ذلك قوله تعالى في إخوة يوسف: ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا﴾، وهذه صفة اعتزالهم جميع الناس، وتقليبهم الآراء ظهرًا لبطن، وأخذهم في تزوير ما يلقون به أباهم عند عودتهم إليه، وما يوردون عليه من ذكر الحادث، فتضمنت تلك الكلمات القصيرة، معاني القصة الطويلة».
وقفة
[80] ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ هنا فخامة تروع القلب، وجلال يمس الشغاف، وشيء يصعب التعبير عنه، هنا طبقة فاخرة من الكلام.
لمسة
[80] ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ المبالغة في الآية: (اسْتَيْأَسُواْ) مبالغة في اليأس يعني حاولوا جهدهم فلم يوافق سيدنا يوسف على أن يأخذ هؤلاء مكان أخيهم، (خَلَصُواْ) أي لما استيأسوا من يوسف انتهوا من كل شيء وانفردوا من غيرهم ولم يفكروا في أي مسألة إلا هذا الأمر، (نَجِيًّا) من التناجي وتحتمل عدة معانٍ، النجي تحتمل المصدر وهو السر، وتحتمل الجمع، (نجيّ) تأتي بصيغة المفرد والجمع، مثل (عدو) يأتي بصيغة المفرد والجمع، نحن نفهم المعنى: إما أنهم استيأسوا ثم انفردوا من كل شيء وخلصوا من ذواتهم وتحولوا إلى نجوى، تحولوا إلى مصدر بقدر ما كان الأمر يهمهم لم يبق شيء من ذواتهم إلا هذه المسألة، فكأنما تحولوا إلى حدث مبالغة في هذا الأمر، وإما أن يكونوا هم جماعة خلصوا إلى هذه المسألة فيكون معنى الجمع ومعنى المبالغة لأنهم جماعة تحولوا إلى نجوى.
وقفة
[80] أحد الأعراب سمع رجلًا يقرأ من سورة يوسف وأبهره الإيجاز في آية: ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ فقال: «والله، لا يقول هذا بشر».
وقفة
[80] ﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ﴾ لم يذكر اسمه؛ فليس المهم الأسماء بل الوقائع والأحداث.
وقفة
[80] ﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّـهِ﴾ الكبير له كلمة بعد الأب؛ لكن أين كانت كلمته عندما قذفوا يوسف بالبئر؟! الحسد يعمي.
وقفة
[80] ﴿قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّـهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ﴾ ذكر، وانصح، وتعاهد إخوانك بالخير، كما فعل كبير إخوة يوسف مع إخوته.
وقفة
[80] ﴿وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ﴾ هنا كانت بداية الإفاقة وصحوة الضمير! فهذا اتهام صريح لهم من كبيرهم بالتفريط في أخيهم يوسف، فإن توالي المصائب کفيل بإيقاظ بعض الضمائر، ووقوع الشدة قد يكون سبب التوبة، وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم.
وقفة
[80] ﴿وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ﴾ يحدُث أن يكون بين أيدي البعض ألماس لكن يراه ترابًا، ويزهد به ولا يكترث له، وغيره يراه يتلألأ من بعيد.
وقفة
[80] أشعر أن التعبير بالتفريط في قوله: ﴿وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ﴾ يشير إلى أَسَفهم وحزنهم الشديد؛ وهكذا نشعر عندما نفقد عزيزًا فرطنا فيه.
وقفة
[80] قال أخو يوسف: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾، فعل بيوسف ما فعل، لكن الله خلد كلامه من بين إخوته لما كان كلامه (برًا بوالده).
وقفة
[80] ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّـهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ فبأي وجه يعود لأبيه بعد أن فرطوا بمن كان يرى به صورة يوسف ومن قبله يوسف.
وقفة
[80] ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّـهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ لما فرط في يوسف ولم يرجع بأخيه الثاني, ترك منصبه (كبيرهم) وفي هذا درس لكل مسؤول.
وقفة
[80] ﴿أَوْ يَحْكُمَ اللَّـهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ سبحانه، لا إله إلا هو، خير من حَكم، وأعدل من فَصل، وأصدق من قال.
وقفة
[80] ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ ما من حكم باطل إلا والله بريء منه؛ وما من حكم حق إلا وحكم الله أعدل وأفضل منه، فهو سبحانه خير الحاكمين.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. استيأسوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد \"لما\" وأصلها: يئسوا - زيدت الألف والسين والتاء في المبالغة. منه: جار ومجرور متعلق باستيأسوا. خلصوا أي \"انفردوا\" تعرب إعراب \"استيأسوا\" وهي جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. نجيًا: أي متناجين بمعنى: انفردوا واعتزلوا النّاس متناجين وحذ حد اللفظ لأنه مصدر بمعنى \"التناجي\" ويكون اسم فاعل بمعنى: الناجي كالعشير والسمير بمعنى: المعاشر والمسامر ومنه قولُه تعالى وقربناه نجيًا. والتناجي بمعنى \"النجوى\" أيضًا ومنه قومٍ نجي كما قيل - وإذا هم نجوى تنزيلًا للمصدر منزلة الأوصاف. و \"نجيًا\" في هذه الآية الكريمة: حال منصوب بالفتحة أي ذوي نجوى أو متناجين.
  • ﴿ قَالَ كَبِيرُهُمْ:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح. كبير: فاعل مرفوع بالضمة و\"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به - مقول القول -.
  • ﴿ أَلَمْ تَعْلَمُوا:
  • الهمزة: همزة تقرير بلفظ استفهام. م: حرف نفي وجزم وقلب. تعلموا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ:
  • أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. أبا: اسم \"أنّ\" منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة. الكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع المذكور. قد: حرف تحقيق. أخذ: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. عليكم: جار ومجرور متعلق بأخذ الكاف ضمير متصل في محل جر بعلى والميم علامة جمع المذكور. وجملة \"قد أخذ عليكم موثقًا\" في محل رفع خبر أنّ و\"أن\" مع اسمها وخبرها: بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي \"تعلموا\".
  • ﴿ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. من الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بصفة محذوفة من \"موثقًا\" أي عهدًا لتحافظن عليه.
  • ﴿ وَمِنْ قَبْلُ:
  • الواو عاطفة. من: حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن. أي من قبل هذا.
  • ﴿ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ:
  • في هذا القول عدة وجوه للإعراب منها: أنْ تكون \"ما\" صلة. أي ومن قبل هذا قصرتم في شأن يوسف. وأن تكون مصدرية. فرطتم: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل في محل رفع فاعل والميم علامة جمع المذكور. في: حرف جر. يوسف: اسم مجرور بفي وعلامة جره الفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف - التنوين - على المعجمة والعلمية والجار والمجرور متعلق بفرطتم. و\"ما\" وما تلاها: في محل رفع مبتدأ مؤخر وخبره مقدم هو شبه الجملة \"من قبل\" في محل رفع. وجملة \"فرطتم\" صلة \"ما\" المصدرية لا محل لها. التقدير: ووقع من قبل تفريطكم في يوسف. ويجوز أن يكون المصدر في محل نصب معطوفًا على مفعول \"ألم تعلموا\" بتقدير: ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقًا وتفريطكم من قبل في يوسف ويجوز أن تكون \"ما\" اسمًا موصولًا بمعنى: ومن قبل هذا ما فرطمتوه: أي قدمتموه في حق يوسف ومحل الاسم الموصول الرفع والنصب على الوجهين. وقيل قد تكون \"ما\" زائدة.
  • ﴿ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ:
  • الفاء: استئنافيّة. لن: حرف نفي ونصب واستقبال. أبرح: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. الأرض: مفعول به منصوب بالفتحة. أي هذه الأرض.
  • ﴿ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي:
  • حرف غاية وجر. يأذن: فعل مضارع منصوب بأنْ مضمرة بعد \"حَتَّى\" وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل \"أَبِي\" مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم. والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. و\"لي\" جار ومجرور متعلق بيأذن. و \"أن\" وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بحتى. والجار والجرور متعلق بفعل أبرح. وجملة \"يأذن لي\" صلة \"أنْ\" المضمرة المصدرية لا محل لها من الإعراب. بمعنى حَتَّى يأذن لي بالرجوع
  • ﴿ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي:
  • و حرف عطف للتخيير. يحكم: معطوفة على \"يأذن\" منصوبة مثلها. الله: فاعل مرفوع بالضمة. لي: جار ومجرور متعلق بيحكم.
  • ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ:
  • الواو: استئنافيّة. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبدأ. خير: خبر \"هو\" مرفوع بالضمة. الحاكمين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

الأعراف: 87﴿فَاصْبِرُوا حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّـهُ بَيْنَنَا ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ
يونس: 109﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّـهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ
يوسف: 80﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّـهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     وبعد أن بذل إخوة يوسف أقصى ما يمكن بذله، وهو عرضهم أن يأخذ أحدهم مكان بنيامين؛ يئسوا هنا من الوصول إلى مطلوبهم، فانفردوا عن الناس ليتشاوروا في الأمر، فقرر كبيرهم: «لن أفارق أرض مصر حتى يأذن لي أبي في الانصراف إليه، أو يحكم الله لي بالخروج منها، وأتمكن مِن أَخْذِ أخي»، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [81] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا ..

التفسير :

[81] ارجعوا أنتم إلى أبيكم، وأخبروه بما جرى، وقولوا له:إن ابنك «بِنْيامين» قد سرق، وما شهدنا بذلك إلا بعد أن تَيَقَّنَّا، فقد رأينا المكيال في رحله، وما كان عندنا علم الغيب أنه سيسرق حين عاهدناك على ردِّه.

ثم وصَّاهم بما يقولون لأبيهم، فقال:{ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} أي:وأخذ بسرقته، ولم يحصل لنا أن نأتيك به، مع ما بذلنا من الجهد في ذلك. والحال أنا ما شهدنا بشيء لم نعلمه، وإنما شهدنا بما علمنا، لأننا رأينا الصواع استخرج من رحله،{ وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} أي:لو كنا نعلم الغيب لما حرصنا وبذلنا المجهود في ذهابه معنا، ولما أعطيناك عهودنا ومواثيقنا، فلم نظن أن الأمر سيبلغ ما بلغ.

ثم واصل كبيرهم حديثه معهم فقال: «ارجعوا» يا إخوتى «إلى أبيكم» يعقوب «فقولوا» له برفق وتلطف. «يا أبانا إن ابنك» بنيامين «سرق» صواع الملك، ووجد الصواع في رحله وقولوا له أيضا: إننا «ما شهدنا إلا بما علمنا» أى: وما شهدنا على أخينا بهذه الشهادة إلا على حسب علمنا ويقيننا بأنه سرق.

«وما كنا للغيب حافظين» أى: وما كنا نعلم الغيب بأنه سيسرق صواع الملك، عند ما أعطيناك عهودنا ومواثيقنا بأن نأتيك به معنا إلا أن يحاط بنا.

ثم أمرهم أن يخبروا أباهم بصورة ما وقع ، حتى يكون عذرا لهم عنده ويتنصلوا إليه ، ويبرءوا مما وقع بقولهم .

وقوله : ( وما كنا للغيب حافظين ) قال عكرمة وقتادة : ما [ كنا ] نعلم أن ابنك سرق .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ما علمنا في الغيب أنه يسرق له شيئا ، إنما سألنا ما جزاء السارق ؟

القول في تأويل قوله تعالى : ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره، مخبرًا عن قيل روبيل لإخوته، حين أخذ يوسف أخاه بالصواع الذي استخرج من وعائه: ارجعوا، إخوتي، إلى أبيكم يعقوب فقولوا له يا أبانا إن ابنك بنيامين سرق) .

* * *

والقرأة على قراءة هذا الحرف بفتح السين والراء والتخفيف: (إن ابنك سرق) .

* * *

ورُوي عن ابن عباس: " إنَّ ابْنَكَ سُرِّقَ" بضم السين وتشديد الراء ، على وجه ما لم يسمَّ فاعله، بمعنى: أنه سَرَق ، (وما شهدنا إلا بما علمنا) .

* * *

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.

فقال بعضهم: معناه: وما قلنا إنه سرق إلا بظاهر علمنا بأن ذلك كذلك ، لأن صواع الملك أصيب في وعائه دون أوعية غيره.

*ذكر من قال ذلك:

19632 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: (ارجعوا إلى أبيكم) فإني ما كنت راجعًا حتى يأتيني أمرُه ، (فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا ) ، أي: قد وجدت السرقة في رحله ، ونحن ننظر لا علم لنا بالغيب ، (وما كنا للغيب حافظين).

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما شهدنا عند يوسف بأن السارق يؤخذ بسرقته إلا بما علمنا .

*ذكر من قال ذلك:

19633 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: قال لهم يعقوب عليه السلام: ما يدري هذا الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته إلا بقولكم! فقالوا: (ما شهدنا إلا بما علمنا) ، لم نشهد أن السارق يؤخذ بسرقته إلا وذلك الذي علمنا. قال: وكان الحكم عند الأنبياء، يعقوب وبنيه أن يؤخذ السارق بسرقته عبدًا فيسترقّ.

* * *

وقوله: (وما كنا للغيب حافظين ) ، يقول: وما كنا نرى أن ابنك يسرق ويصير أمرنا إلى هذا ، وإنما قلنا وَنَحْفَظُ أَخَانَا مما لنا إلى حفظه منه السبيل .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

19634 - حدثنا الحسين بن الحريث أبو عمار المروزي. قال، حدثنا الفضل بن موسى ، عن الحسين بن واقد ، عن يزيد ، عن عكرمة: (وما كنا للغيب حافظين). قال: ما كنا نعلم أن ابنك يسرق. (11)

19635 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: (وما كنا للغيب حافظين) ، لم نشعر أنه سيسرق.

19636- حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (وما كنا للغيب حافظين) قال: لم نشعر أنه سيسرق.

19637- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (وما كنا للغيب حافظين) قال: لم نشعر أنه سيسرق.

19638- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، وأبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة: (وما كنا للغيب حافظين) قال: ما كنا نظن ولا نشعر أنه سيسرق.

19639- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (وما كنا للغيب حافظين) قال: ما كنا نرى أنه سيسرق.

19640- حدثنا محمد بن عبد الأعلى. قال حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (وما كنا للغيب حافظين) ، قال: ما كنا نظن أن ابنك يسرق.

* * *

قال أبو جعفر : وأولى التأويلين بالصواب عندنا في قوله: (وما شهدنا إلا بما علمنا) قولُ من قال: وما شهدنا بأن ابنك سرق إلا بما علمنا من رؤيتنا للصواع في وعائه ، لأنه عَقيِب قوله: (إن ابنك سرق) ؛ فهو بأن يكون خبرًا عن شهادتهم بذلك، أولى من أن يكون خبرًا عما هو منفصل.

* * *

وذكر أن " الغيب "، في لغة حمير، هو الليل بعينه . (12)

* * *

----------------------

الهوامش:

(2) ديوانه قصيدة : 7 ، بيت : 7 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 315 من أبيات يقولها لابنته بسرة ، يذكر طول عمره ، فيقول لها :

وَلَقَـدْ سَـئِمْتُ مـن الحَيَـاةِ وطُولِهَـا

وسُـؤَالِ هـذَا النَّـاسِ : كَـيْف لَبِيدُ ?

وَغَنِيـتُ سَـبْتًا قَبْـلَ مَجْـرَى دَاحِسٍ

لَــوْ كَــانَ للنِّفْسِ اللَّجُـوجِ خُـلُودُ

وَشَـــــــهِدْتُ.................

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

" مجرى داحس" ، هو الخبر المشهور عن داحس والغبراء وإجرائهما ، وكانت بسببه الحرب بين عبس وذبيان أربعين سنة ، وقوله :" سبتًا" ، أي : دهرًا .

و" الأفاقة" اسم موضع ، حيث كان اليوم المشهور بين لبيد ، والربيع بن زياد العبسي . و" أرداف الملوك" ، من" الردف" ، وهو الذي يكون مع الملك ، وينوب عنه إذا قام من مجلسه .

(3) هو الصلتان العبدي .

(4) شرح الحماسة 3 : 112 ، والشعر والشعراء : 479 ، والخزانة 1 : 308 ، وغيرها ، وهو من وصيته المشهورة التي أوصى بها ولده التي يقول فيها :

أَشَــابَ الصّغــيرَ وَأَفْنَـى الكَبـيرَ

كَـــرُّ الغَــدَاةِ وَمَــرُّ العَشِــي

ثم يقول له بعد البيت الشاهد :

وَسِــرُّكَ مَــا كَـانَ عِنْـدَ امْـريٍ

وَسِــرُّ الثَّلاَثَــةِ غَــيْرُ الخَــفِي

و" الحب" ( بكسر الخاء ) ، المكر ، و" الخب" ( بفتحها ) ، المكار .

(5) في المطبوعة والمخطوطة :" في العلم" ، ولم أجد ما أستوثق به من أن يكون الخبر في معنى الترجمة ، أعني مكان" في العلم" ،" في السن" .

(6) انظر تفسير" الموثق" فيما سلف ص : 163 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(7) زدت نص الآية ، وإن لم يكن ثابتًا في المخطوطة أو المطبوعة .

(8) في المطبوعة :" التي تكون صلة" ، ، وفي المخطوطة :" التي صلة" ، ورجحت ما أثبت

، و" الصلة" ، الزيادة ، انظر ما سلف من فهارس المصطلحات .

(9) في المطبوعة" تفريطكم في يوسف" ، والصواب ما أثبت ، لأن" ما" زائدة هنا .

(10) انظر تفسير" الحكم" فيما سلف من فهارس اللغة ( حكم ) .

(11) الأثر : 19634 -" الحسين بن الحريث" ،" أبو عمار المروزي" ، شيخ الطبري ، مضى برقم 11771 .

" الفضل بن موسى السيتاني" ، مضى أيضًا برقم : 11771 .

" الحسين بن واقد المروزي" ، مضى أيضًا برقم : 4810 ، 6311 ، 11771 ، وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا أيضًا" الحسن بن واقد" ، وهو خطأ بين ، كما أشرت إليه قبل .

(12) هذا معنى عزيز في تفسير" الغيب" ، لم أجده في شيء من كتب اللغة التي بين أيدينا .

المعاني :

وَمَا كُنَّا لِلۡغَيۡبِ حَٰفِظِينَ :       ولم نَدْرِ حين عاهَدْناك على رَدِّه أنه سيَسْرِقُ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[81] ﴿ارْجِعُوا إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ﴾ كم تحمَّل قلب هذا الأب من صدمات؟! عندما رجعوا بدون يوسف، وعندما رجعوا بدون بنيامين.
وقفة
[81] ﴿ارْجِعُوا إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ﴾ وردت (يا أبانا) في ستة مواضع في سياق الأبناء الذين أخطأوا في حق والدهم، ووردت (يا أبت) في ثمانية مواضع في سياق الأبناء البررة، بين يديك العِبر.
وقفة
[81] ﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا﴾ [63]، ﴿إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ﴾؛ عندما كانت لهم منفعة قالوا: (أَخَانَا)، وعندما انتهت قالوا: (ابْنَكَ)، تغيرت لغة الخطاب مع تغير المصلحة!
وقفة
[81] ﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا﴾ [63]، ﴿إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ﴾؛ عندما كانت لهم منفعة قالوا: (أَخَانَا)، وعندما انتهت قالوا: (ابْنَكَ)، قمّة الإنتهازية أن تغير الخطاب بتغير المصلحة، اللهم اجعلنا من الصادقين المصلحين.
وقفة
[81] ﴿ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ الكلام في الأشياء شهادة، فالشيء الذي لا تعرف حقيقته لا تخض فيه، تأمل في حال كثير من المجالس أو المنابر الإعلامية لتدرك كم هم المخالفون لهذا الهدي القرآني؟ سواء في المسائل الشرعية أو غيرها.
وقفة
[81] ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ فيه رد على من أجاز الشهادة بلا علم.
وقفة
[81] ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ الأصل في الشهادة أن تكون عن مشاهدة وعيان، ولا تصح بغلبة الظن.
وقفة
[81] ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ قال الإمام القرطبي: «تضمنت هذه الآية جواز الشهادة بأي وجه حصل العلم بها، ولهذا قال أصحابنا: شهادة الأعمى جائزة، وشهادة المستمع جائزة، وشهادة الأخرس إذا فهمت إشارته جائزة».
وقفة
[81] ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ آفة الأخبار رواتها، فلا تنقل إلا ما رأيت وتأكدت من صحته، وأكثر الناس يحدِّث بما فهم لا بما سمع أو رأى، وفرق شاسع بين الأمرين.
وقفة
[81] ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ رأى الإخوة استخراج الصاع من الرحل فشهدوا بما شاهدت أعينهم، والشهادة مرتبطة بالعلم عقلًا وشرعًا، فيشهد على ما علمه وتيقن منه، فهي دِين تعتمد على الحقائق، ولا مجال فيها للتهاون أو التساهل أو التخمين.
وقفة
[81] ﴿وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾ قال ابن عاشور: «احتراس من تحقق كونه سرق وهو إما لقصد التلطف مع أبيهم في نسبة ابنه إلى السرقة، وإما لأنهم علموا من أمانة أخيهم ما خالجهم به الشك في وقوع السرقة منه». والغيب: الأحوال الغائبة عن المرء، والحفظ هنا بمعنى العلم.

الإعراب :

  • ﴿ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ:
  • فعل أمر مبني على حذف النون لأنَّ مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إِلَى أبيكم: جار ومجرور متعلق بأرجعوا وعلامة جر الاسم الياء لأنه من الأسماء الخمسة والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع المذكور.
  • ﴿ فَقُولُوا يَا أَبَانَا:
  • فقولوا: معطوفة بالفاء على \"ارجعوا\" وتعرب إعرابها. يا: أداة نداء. أبا: منادى مضاف منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به - مقول القول - أي فقولوا له. إنَّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ابنك: اسم \"إن\" منصوب بالفتحة. والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. سرق: شعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو وجملة \"سرق\" في محل رفع خبر \"إن\".
  • ﴿ وَمَا شَهِدْنَا:
  • الواو عاطفة أي وإننا ما شهدنا. ما: نافية لا عمل لها. شهد: فعل ماضٍ مبنى في على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بمعنى: وما شهدنا عليه بالسرقة.
  • ﴿ إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا:
  • لَّا: أداة حصر لا عمل لها. الباء حرف جر و \"ما\" اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بشهدنا. علمنا: تعرب إعراب \"شهدنا\" وجملة \"علمنا\" صلة الموصول لا محل لها. بمعنى إلَّا بما علمنا من سرقته وتيقنا.
  • ﴿ وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ:
  • وما: أعربتا. كنا: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم \"كان\". للغيب: جار ومجرور متعلق بحافظين.
  • ﴿ حَافِظِينَ:
  • أي عالمين: خبر \"كان\" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     وبعد بيان ما قاله كبيرهم؛ جاء هنا بيان ما أوصى به إخوته، قال تعالى:
﴿ ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سرق:
1- ثلاثيا مبنيا للفاعل، إخبار بظاهر الحال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتشديد الراء، مبنيا للمفعول أي: نسب إلى السرقة، وهى قراءة ابن عباس، وأبى رزين، والكسائي.
3- سارق، اسم فاعل، وهى قراءة الضحاك.

مدارسة الآية : [82] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ..

التفسير :

[82] ولمَّا رجعوا أخبروا أباهم بما حدث، وطلبوا إليه أن يتوثق مما أخبروه قائلين:واسأل -يا أبانا- أهل «مصر»، ومَن كان معنا في القافلة التي عُدْنا فيها، و إنَّا لصادقون فيما أخبرناك به.

{ وَاسْأَلِ} إن شككت في قولنا{ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} فقد اطلعوا على ما أخبرناك به{ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} لم نكذب ولم نغير ولم نبدل، بل هذا الواقع.

وقولوا كذلك على سبيل زيادة التأكيد، إن كنت في شك من قولنا هذا فاسأل «القرية التي كنا فيها» والمراد بالقرية أهلها.

أى: فأرسل من تريد إرساله إلى أهل القرية التي حصلت فيها حادثة السرقة فإنهم سيذكرون لك تفاصيلها.

قالوا: ومرادهم بالقرية مدينة مصر التي حدث فيها ما حدث، وعبروا عنها بالقرية لأنهم يقصدون مكانا معينا منها، وهو الذي حصل فيه التفتيش لرحالهم، والمراجعة بينهم وبين عزيز مصر ومعاونيه.

وقوله: وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها معطوف على ما قبله.

أى: اسأل أهل القرية التي كنا فيها، واسأل «العير» أى: قوافل التجارة التي كنا فيها عند ذهابنا وإيابنا فإن أصحاب هذه القوافل يعلمون ما حدث من ابنك «بنيامين» .

وقوله وَإِنَّا لَصادِقُونَ أى: وإنا لصادقون في كل ما أخبرناك به. فكن واثقا من صدقنا.

وقد ختم كبيرهم كلامه بهذه الجملة، زيادة في تأكيد صدقهم، لأن ماضيهم معه يبعث على الريبة والشك، فهم الذين قالوا له قبل ذلك في شأن يوسف: «أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون» ثم ألقوا به في الجب، «وجاءوا أباهم عشاء يبكون ... » .

وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد صورت بأسلوب حافل بالإثارة والمحاورة، والأخذ والرد، والترغيب والترهيب.. ما دار بين يوسف وإخوته عند ما قدموا إليه للمرة الثانية ومعهم شقيقه «بنيامين» .

فماذا كان بعد ذلك؟ لقد كان بعد ذلك أن عاد الإخوة إلى أبيهم وتركوا بمصر كبيرهم وأخاهم بنيامين، ويطوى القرآن الحكيم- على عادته في هذه السورة الكريمة- أثر ذلك على قلب أبيهم المفجوع، إلا أنه يسوق لنا رده عليهم، الذي يدل على كمال إيمانه، وسعة آماله في رحمة الله- تعالى- فيقول:

( واسأل القرية التي كنا فيها ) قيل : المراد مصر . قاله قتادة ، وقيل : غيرها ، ( والعير التي أقبلنا فيها ) أي : التي رافقناها ، عن صدقنا وأمانتنا وحفظنا وحراستنا ، ( وإنا لصادقون ) فيما أخبرناك به ، من أنه سرق وأخذوه بسرقته .

القول في تأويل قوله تعالى : وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82)

قال أبو جعفر : يقول: وإن كنتَ مُتَّهمًا لنا، لا تصدقنا على ما نقول من أن ابنك سرق: ( فاسأل القرية التي كنا فيها )، وهي مصر، يقول: سل من فيها من أهلها ، (والعير التي أقبلنا فيها) ، وهي القافلة التي كنا فيها ، (13) التي أقبلنا منها معها ، عن خبر ابنك وحقيقة ما أخبرناك عنه من سَرَقِهِ ، (14) فإنك تَخْبُرمصداق ذلك ، (وإنّا لصادقون) فيما أخبرناك من خبره .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

19641 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (واسأل القرية التي كنا فيها)، وهي مصر.

19642 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (واسأل القرية التي كنا فيها) قال: يعنون مصر.

19643 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: قد عرف رُوبيل في رَجْع قوله لإخوته، أنهم أهلُ تُهمةٍ عند أبيهم ، لما كانوا صنعوا في يوسف . وقولهم له: (اسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها) ، فقد علموا ما علمنا وشهدوا ما شهدنا، إن كنت لا تصدقنا ، (وإنا لصادقون).

* * *

----------------------

الهوامش:

(13) انظر تفسير :" العير" فيما سلف ص : 173 ، 174 .

(14) سرق الشيء يسرقه سرقًا ( بفتحتين ) ، وسرقًا ( بفتح السين وكسر الراء ) ، وسرقة .

المعاني :

وَالْعِيْرَ :       القَافِلَةَ السراج
أَقۡبَلۡنَا فِيهَاۖ :       عُدْنا فيها الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[82] ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ أي أهل القرية، أو أن المسألة واضحة مشتهرة تمامًا لدرجة أن الكل حتى الجماد يعرف تفاصيلها.
وقفة
[82] ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ حذف أهل؛ إخوة يوسف كانوا متهمين بأنهم ليسوا صادقين لأن عند أبيهم تجربة سابقة معهم، فالآن يقولون ابنك سرق وقد يكون كذبًا كالذئب، فكأنهم يريدون أن يقولوا له: إن صدقنا ثابت في القرية، كأنها جميعًا تشهد لنا ليس بناسها فقط، وإنما حتى بجدرانها، وهذا ينسحب على العير أي القافلة العير ومن عليها ومن معها ومن فيها.
وقفة
[82] ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ من يكذب مرة فصعب أن تعود له الثقة مرة أخرى، وإن كان صادقًا.
وقفة
[82] ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ ومن الذي اتهمكم بالكذب؟! كاد المريب أن يقول خذوني.

الإعراب :

  • ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ:
  • الواو استئنافيّة. اسأل: فعل أمر مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستر فيه وجوبًا تقديره أنت. القرية: مفعول به منصوب بالفتحة. أي وقال إخوة يوسف لأبيهم واسأل القرية. يعنون واسأل أهل مصر أو أهل قريته وحذف المفعول المضاف لدلالة قريته عليه فقام المضاف إليه مقامه في إعرابه.
  • ﴿ الَّتِي كُنَّا فِيهَا:
  • التي: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة -نعت- للقرية. كنا: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكوت لاتصاله بنا و\"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم \"كان\". فيها: جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر \"كان\" وجملة \"كنا فيها\" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا:
  • والعير: معطوفة بالواو على \"القرية\" وتعرب إعرابها أي وأصحاب العير. والعير بمعنى: الإبل التي تحمل \"الأثقال ثم استعيرت لكل قافلة. التي: أعربت. أقبل: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. فيها: جار ومجرور متلعق بأقبلنا. أي التي جئنا عليها والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ:
  • الواو: استئنافيّة. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و \"نا\" المدغمة ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم \"إنّ\" اللام: مزحلقة. صادقون: خبر \"إنّ\" مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين في الفرد. '

المتشابهات :

الأنعام: 146﴿ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
يوسف: 82﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
الحجر: 64﴿وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
النمل: 49﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     ولَمَّا كانوا متهمين بسبب واقعة يوسف عليه السلام ؛ بالغوا هنا في إزالة التهمة عن أنفسهم عندما رجعوا وأخبروا أباهم بما حدث، فطلبوا منه أن يتوثق مما أخبروه، إما أن يسأل أهل مصر، أو مَن كان معهم في القافلة التي كانوا فيها، قال تعالى:
﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [83] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ ..

التفسير :

[83] قال لهم:بل زَيَّنَت لكم أنفسكم الأمَّارة بالسوء مكيدة دبَّرتموها كما فعلتم مِن قبل مع يوسف، فصبري صبر جميل لا جزع فيه ولا شكوى معه، عسى الله أن يردَّ إليَّ أبنائي الثلاثة -وهم يوسف وشقيقه وأخوهم الكبير المتخلف من أجل أخيه- إنه هو العليم بحالي، الحكي

فلما رجعوا إلى أبيهم وأخبروه بهذا الخبر، اشتد حزنه وتضاعف كمده، واتهمهم أيضا في هذه القضية، كما اتهمهم في الأولى، و{ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} أي:ألجأ في ذلك إلى الصبر الجميل، الذي لا يصحبه تسخط ولا جزع، ولا شكوى للخلق، ثم لجأ إلى حصول الفرج لما رأى أن الأمر اشتد، والكربة انتهت فقال:{ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} أي:يوسف و "بنيامين"وأخوهم الكبير الذي أقام في مصر.

{ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} الذي يعلم حالي، واحتياجي إلى تفريجه ومنَّته، واضطراري إلى إحسانه،{ الْحَكِيمُ} الذي جعل لكل شيء قدرا، ولكل أمر منتهى، بحسب ما اقتضته حكمته الربانية.

أى: «قال» يعقوب لبنيه، الذين حضروا إليه من رحلتهم، فأخبروه بما هيج أحزانه ...

قال لهم: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ أى: ليس الأمر كما تدعون، ولكن أنفسكم هي التي زينت لكم أمرا أنتم أردتموه، فصبرى على ما قلتم صبر جميل، أى لا جزع معه، ولا شكوى إلا لله- تعالى-.

قال ابن كثير: «قال لهم كما قال لهم حين جاءوا على قميص يوسف بدم كذب «بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل» .

قال محمد بن إسحاق: لما جاءوا يعقوب وأخبروه بما جرى، اتهمهم، وظن أن ما فعلوه ببنيامين يشبه ما فعلوه بيوسف فقال: «بل سولت لكم أنفسكم أمرا ... » .

وقال بعض الناس: لما كان صنيعهم هذا مرتبا على فعلهم الأول، سحب حكم الأول عليه، وصح قوله «بل سولت لكم أنفسكم أمرا ... » .

والخلاصة أن الذي حمل يعقوب- عليه السلام- على هذا القول لهم، المفيد لتشككه في صدق ما أثبتوه لأنفسهم من البراءة، هو ماضيهم معه، فإنهم قد سبق لهم أن فجعوه في يوسف بعد أن عاهدوه على المحافظة عليه.

ولكن يعقوب هنا أضاف إلى هذه الجملة جملة أخرى تدل على قوة أمله في رحمة الله، وفي رجائه الذي لا يخيب في أن يجمع شمله بأبنائه جميعا فقال- عليه السلام- عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.

أى: عسى الله- تعالى- أن يجمعني بأولادى جميعا- يوسف وبنيامين وروبيل الذي تخلف عنهم في مصر- إنه- سبحانه- هو العليم بحالي، الحكيم في كل ما يفعله ويقضى به.

وهذا القول من يعقوب- عليه السلام- يدل دلالة واضحة على كمال إيمانه، وحسن صلته بالله- تعالى- وقوة رجائه في كرمه وعطفه ولطفه- سبحانه-.

وكأنه بهذا القول يرى بنور الله الذي غرسه في قلبه، ما يراه غيره بحواسه وجوارحه.

قال لهم كما قال لهم حين جاءوا على قميص يوسف بدم كذب : ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل )

قال محمد بن إسحاق : لما جاءوا يعقوب وأخبروه بما يجري اتهمهم ، وظن أنها كفعلتهم بيوسف ( قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل ) .

وقال بعض الناس : لما كان صنيعهم هذا مرتبا على فعلهم الأول ، سحب حكم الأول عليه ، وصح قوله : ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل )

ثم ترجى من الله أن يرد عليه أولاده الثلاثة : يوسف وأخاه بنيامين ، وروبيل الذي أقام بديار مصر ينتظر أمر الله فيه ، إما أن يرضى عنه أبوه فيأمره بالرجوع إليه ، وإما أن يأخذ أخاه خفية; ولهذا قال : ( عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم ) أي : العليم بحالي ، ( الحكيم ) في أفعاله وقضائه وقدره .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)

قال أبو جعفر: في الكلام متروك ، وهو: فرجع إخوة بنيامين إلى أبيهم ، وتخلف روبيل ، فأخبروه خبره ، فلما أخبروه أنه سرق قال ، (بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا)، يقول: بل زينت لكم أنفسكم أمرًا هممتم به وأردتموه (15) (فصبر جميل)، يقول: فصبري على ما نالني من فقد ولدي، صبرٌ جميل لا جزع فيه ولا شكاية (16) ، عسى الله أن يأتيني بأولادي جميعًا فيردّهم عليّ ، (إنه هو العليم)، بوحدتي، وبفقدهم وحزني عليهم، وصِدْقِ ما يقولون من كذبه ، (الحكيم) ، في تدبيره خلقه (17) .

* * *

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

19644 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل)، يقول: زينت ، وقوله: (عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا) يقول: بيوسف وأخيه وروبيل.

19645 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: لما جاءوا بذلك إلى يعقوب ، يعني بقول روبيل لهم، اتَّهمهم وظن أن ذلك كفعلتهم بيوسف ، ثم قال: (بل سولت لكم أنفسكم أمرًا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا) أي: بيوسف وأخيه وروبيل.

* * *

----------------------

الهوامش:

(15) انظر تفسير :" التسويل" فيما سلف 15 : 583 .

(16) انظر تفسير :" صبر جميل" فيما سلف 15 : 584 .

(17) انظر تفسير :" العليم" و" الحكيم" فيما سلف عن فهارس اللغة ( علم ) ، ( حكم ) .

المعاني :

سَوَّلَتْ :       زَيَّنَتْ السراج
سوّلت :       زيّنت و سهّلت معاني القرآن
فَصَبۡرࣱ جَمِيلٌۖ :       وهو ما لا جَزَعَ فيه، ولا شَكْوى معه لأحدٍ من الخَلْقِ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[83] ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ قلب المؤمن دليله، وقلب الوالدين واحساسهم مستحيل أن يكذب فنحن أمامهم صفحة مكشوفة وإن تلونا.
وقفة
[83] الأب المحنك والمربي العاقل الذي يعرف كيف يربط الأحداث مع بعضها، فالرؤيا لم تتحقق بعد ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾.
وقفة
[83] ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ إذ كيف يأكله الذئب ولما تسجد له الكواكب بعد؟ كن بمبشرات الخالق أوثق منك بما تراه عيناك.
وقفة
[83] ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ لم تمحُ: ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ [17] حقيقة ﴿إِنِّي رَأَيْتُ﴾ [4]، ثق بالله، وتجاهل كل الأيمان المغلظة التي تنثرها الحياة من حولك.
عمل
[83] ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ لا تثق دائمًا بميولات نفسك، فقد تميل نفسك لأفعال غاية في الشناعة.
اسقاط
[83] ﴿قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل﴾ لم يدع عليهم، لم يشتمهم، لم يعاقبهم، لم يطردهم؛ بل صبر على فعلهم، أي تعامل هذا؟! إنه تعامل الأنبياء؟!
وقفة
[83] تعاقب المصائب مُؤْذنٌ بفرج عاجل فوق ما تتصور: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾.
وقفة
[83] ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ [18]، ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾، المؤمن ثابت الجنان، حسن التوكل على ربه مهما حلت به الفواجع؛ وهذا كان شأن يعقوب عليه السلام حينما فقد يوسف وأخيه.
عمل
[83] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيل﴾ اهزمْ الكيد البشع، والمؤمرات القبيحة، والخطط الشمطاء بالصبـــر الجميــــل.
وقفة
[83] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيل﴾ كيف اجتمعت مرارة الصبر مع الجمال؟! والجواب: ليس هذا حاصلًا إلا في نفوس الموقنين، فإن حلاوة الأجر لديهم طغت على مرارة الصبر.
وقفة
[83] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيل﴾ إذا اجتمع مع الصبر الجميل حسن ظن بالله؛ اقترب الفرج.
وقفة
[83] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيل﴾ لا يسمى الصبر صبرًا إلا إذا كان بعيدًا عن التشكي والتسخط على الله، ولا يكون جميلًا إلا مع الإحتساب وحسن الظن بالله.
وقفة
[83] إذا استحكمت الأزمات وتعقدت حبالها، وترادفت الضوائق وطال ليلها، فالصبر وحده هو الذي يشع للمسلم النور العاصم من التخبط، ولك الأسوة في نبي الله يعقوب، لما توالت عليه المحن قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾.
وقفة
[83] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ ذكر الله الصبر الجميل، والصفح الجميل، والهجر الجميل؛ فالصبر الجميل: الذي لا شكوى معه، والهجر الجميل: الذي لا أذى معه، والصفح الجميل: الذي لا عتاب معه.
وقفة
[83] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾ [18]: في أول مصيبة يعقوب عليه السلام، لذا طلب العون من الله تعالى على فقده لولده، ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾: في نهاية المصيبة، ويعقوب عليه السلام يعلم من الله ما لا يعلمه أبناؤه لذا قال: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] حين يعظم البلاء، يجب أن تحسن الظن بربك، ويتسع عندك الفأل والأمل، فهذا يعقوب لما اشتد به البلاء قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] إذا قويت الشِّدةَ وتَنَاهت؛ جعل الله وراءها فرجًا، فيعقوب عليه السلام لما اشتد به البلاء: وكان حسن الظن بربه، قَوِيَ رجاؤه بالفرج، فقال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] يعقوبُ عليه السلام لـمَّا فَقَدَ ولدًا وطالَ عليه الأمر لم ييأس من الفرج فَأُخِذَ ولدُه الآخر، ومع ذلك لم ينقطع أملُه من فضلِ ربه، فقال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ جرت سنته تعالى أن الشدة إذا تناهت يجعل وراءها فرجًا عظيمًا، كأنه عليه السلام لما رأى اشتداد البلاء قوي رجاؤه بالفرج، فقال ما قال.
لمسة
[83] ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ جاء الرد مباشرة من يعقوب واختزلت الآيات الزمن، أخو يوسف قال لإخوته أن يقولوا هذا الكلام لأبيهم: ﴿ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ * وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ [81، 82] هذا اسمه اختزال، حذف المشاهد وهذا كثير في القرآن يركز على الأشياء التي فيها فائدة.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ لا بقاء لمحنة كما أنه لا دوام لنعمة.
عمل
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ دوام الحال من المحال، فلا يغترن أحد بكثرة مال، ولا يبأس من ضيق حال.
عمل
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ الجأ إلى الله أولًا قبل أن تلجأ إلى غيره؛ خاصة عند الشدائد.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ مهما تقطعت الحبال، وضعف الرجاء، واشتد الكرب فلا تقطع حبل الرجاء مع الله وسيكون عند حسن ظنك.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ في أحلك الظروف أحسن الظن بربك الرؤوف.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ قالها يعقوب حينما أخبر بسجن بنيامين بعد ضياع يوسف في وقت مجاعة وقد انعمى بصره.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ قمة الفأل وحسن الظن بالله في أسوأ حال تعتريه.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ إياك إياك أن تستطيل زمان البلاء،وتضجر من كثرة الدعاء،فإنك مبتلى بالبلاء،متعبد بالصبر والدعاء.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾، ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ [87] لِمن غرس اليأس خنجرًا في قلبه؛ ضمِّد جراحك ولملم آلامك، فهناك أمل.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ هنالك انتظار تنسى معه عذابك، فترسم من خلاله مراسم الفرح المقبل هو انتظار فرج الله.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ يعقوب عليه السلام مثال عظيم لكل أب في عدله حتى في عاطفته مع أبنائه؛ حُبّه ليوسف لم ينسه ابنه الآخر.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ هذا دأب المؤمن في علاقته مع ربه، فهو يحسن الظن به دومًا، فكيف بمثل هذا اليوم العظيم؟ قال ابن المبارك: جئت إلى سفيان عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه، وعيناه تهملان، فبكيت! فالتفت إلي وقال: ما شأنك؟ فقلت: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله عز وجل لا يغفر لهم!
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ في غايةِ ما يكون ضعف الإمكانات، كان عظيمَ الفأل واليقين، درسٌ لقلب !
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ أعطاه الله فوق أمله، كان رجاؤه أن يعود أبناؤه إليه في بداوته وشظف عيشه، فدخل عليهم وهم في الملك والعز.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ المتفائل لا تزيده المصائب إلا فألًا وثقه بالله، فقَدَ ابنه الآخر فقال: «لا بأس يأتون جميعًا».
اسقاط
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ هذا ظن المؤمن بربه في أحلك الظروف، ولم يخيب الله رجاء يعقوب عليه السلام.
عمل
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ قل لكل فائت، لكل شيء ترجوه، أعلنه في دعائك، قل: «عسى الله أن يأتيني به».
عمل
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ لعله أكد بــ(جميعًا) حتى لا يتوهم أبناؤه أنه يقصد يوسف وبنيامين دون شقيقهم؛ كن فطنًا للمشاعر.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ عندما تستبشر بالله خيرًا؛ فإن الله لا يعطيك بقدر أملك به، بل يزيدك من كرمه، فيعقوب عاد له من غاب من بنيه، وفوقهم عرش مصر.
تفاعل
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ قل بثقة ويقين: «سيأتيني الله بما انتظر أو خيرًا مما انتظر، إنه على كل شئ قدير، اللهم يسر لنا الخير حيث كان، وارزقنا فرجًا من حيث لا ندري».
عمل
[83] يَبينُ إيمان المؤمن عند الابتلاء، فهو يبالغ في الدعاء ولا يرى أثرًا للإجابة، ولا يتغير أمله ورجاؤه ولو قويت أسباب اليأس؛ لعلمه أن ربه أعلم بمصالحه منه، ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾، فإياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء، فإنك مبتلى بالبلاء، متعبد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح الله وإن طال البلاء.
عمل
[83] لكل أحلامك وحاجاتك، لكل ثمين فقدته، لكل غال تنتظره، قل بثقة: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] تفاءل يعقوب ﷺ وقال: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾، ثم قال: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ [87]؛ العاقل يجمع بين التفاؤل والعمل.
وقفة
[83] المؤمن حقًا من يحسن الظن بربه دومًا: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾، ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [87].
وقفة
[83] لمن يريد أن يعرف كيف ينتزع الأمل من أقصى أقاصي الألم؛ فليقرأ: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] لما أخبر يعقوب بابنه الثاني قال: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾، الألم يزداد والأمل بالله يكبر.
وقفة
[83] لمن يريد أن يعرف كيف ينتزع الأمل من أقصى أقاصي الألم فليقرأ ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] أما سمعت قصة يعقوب؟ بقي ثمانين سنة في البلاء، فلما ضم إلى فقد يوسف فقد بنيامين لم يتغير أمله وقال: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] أتعجب -والله- من الأمل عند يعقوب، فقد بنيامين بعد سنين من فقد يوسف ثم يقول: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾! لكن من عرف الله لا يستصعب شيئًا.
وقفة
[83] لما احتبس أخوهم الأكبر في مصر ذكره يعقوب مع يوسف وأخيه ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾، إنه حنان الوالدين وإن بلغت أذية الأبناء ذروتها.
وقفة
[83] يعقوب عليه السلام مثال عظيم لكل أب في عدله حتى في عاطفته مع أبناءه؛ ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾؛ حُبّه ليوسف لم ينسيه إبنه الآخر.
وقفة
[83] لكل أحلامك وحاجاتك؛ لكل ثمين فقدته، لكل غالٍ تنتظره، قل بثقة: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] قمة التفاؤل: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40]، قمة الإيجابية: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾، قمة الرضا: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: 83].
وقفة
[83] سنينك العجاف بحاجة لرؤية رشيدة: ﴿فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ﴾ [47]، وأحلامك البعيدة بحاجة ليقين: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[83] ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ ختام الآية بديع؛ لم يقل: (والله على كل شيء قدير)؛ بل: (عليم حكيم) في كل هذا التدبير، عليم بحالك، وحال أحبابك البعيدين عنك، حكيم في تدبيره لهذا البُعد.
وقفة
[83] ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ كل ما جرى ويجري وسيجري في هذا الكون، إنما هو بعلم الله تعالى، ولحكمة بالغة، فلماذا الاستغراق في الحزن؟! وفيم الاستسلام لليأس؟!

الإعراب :

  • ﴿ قَالَ:
  • فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو بمعنى: فقال أبوهم.
  • ﴿ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. سولت: فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. أي زينت وسهلت .. لكم: جار ومجرور متعلق بسولت والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا:
  • فاعل مرفوع بالضمة. الكاف: ضمير متصل في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع المذكور. أمرًا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ:
  • الفاء: استئنافية. صبر: مبتدأ موصوف مرفوع بالضمة وخبره محذوف تقديره صبري. جميل: صفة - نعت - لصبر مرفوعًا مثلها بالضمة. ويجوز أن تكون \"صبر\" خبرًا لمبتدأ محذوف بتقدير: فصبري. صبر جميل
  • ﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ:
  • فعل ماضٍ جامد من أفعال المقاربة يدلُّ على معنى الرجاء وقيل هو فعل تام وقد أعربت الجملة إعرابًا مفصلًا في الآية الكريمة الثانية بعد المائة من سورة \"التوبة\". بهم: جار ومجرور متعلق بيأتي و \"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالباء.
  • ﴿ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ:
  • جميعًا: حال منصوب بالفتحة. إنه: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم \"إن\". هو: ضمير الفصل لا محل له من الإعراب. ويجوز أن يكون في محل نصب بدلًا من الضمير في \"أَنَّهُ\" ويجوز أن يكون في محل رفع مبتدأ وما بعده خبرًا له.
  • ﴿ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ:
  • خبر \"إنّ\" مرفوع بالضمة أى العليم بحالي. الحكيم: صفة - نعت - للعليم أو خبر ثانٍ لإنّ. أي الحكيم في تدبيره مرفوع بالضمة '

المتشابهات :

يوسف: 18﴿وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ
يوسف: 83﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     ولَمَّا سمعَ يعقوبُ عليه السلام من أبنائه ذلك الكلام؛ لم يصدقهم، واتهمهم هنا كما اتهمهم في واقعة يوسف، قال تعالى:
﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [84] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى ..

التفسير :

[84] وأعرض يعقوب عنهم، وقد ضاق صدره بما قالوه، وقال:يا حسرتا على يوسف وابيضَّتْ عيناه، بذهاب سوادهما مِن شدة الحزن فهو ممتلئ القلب حزناً، ولكنه شديد الكتمان له.

أي:وتولى يعقوب عليه الصلاة والسلام عن أولاده بعد ما أخبروه هذا الخبر، واشتد به الأسف والأسى، وابيضت عيناه من الحزن الذي في قلبه، والكمد الذي أوجب له كثرة البكاء، حيث ابيضت عيناه من ذلك.

{ فَهُوَ كَظِيمٌ} أي:ممتلئ القلب من الحزن الشديد،{ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} أي:ظهر منه ما كمن من الهم القديم والشوق المقيم، وذكرته هذه المصيبة الخفيفة بالنسبة للأولى، المصيبة الأولى.

ثم يصور- سبحانه- ما اعترى يعقوب من أحزانه على يوسف، جددها فراق بنيامين له فقال- تعالى- وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ، وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ.

وقوله «يا أسفا» من الأسف وهو أشد الحزن والتحسر على ما فات من أحداث. يقال:

أسف فلان على كذا يأسف أسفا، إذا حزن حزنا شديدا.

وألفه بدل من ياء المتكلم للتخفيف والأصل يا أسفى.

وكظيم بمعنى مكظوم، وهو الممتلئ بالحزن ولكنه يخفيه من الناس ولا يبديه لهم.

ومنه قوله- تعالى- وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ أى: المخفين له، مأخوذ من كظم فلان السقاء: إذا سده على ما بداخله.

والمعنى: وبعد أن استمع يعقوب إلى ما قاله له أبناؤه، ورد عليهم ... انتابته الأحزان والهموم، وتجددت في قلبه الشجون ... فتركهم واعتزل مجلسهم وقال:

«يا أسفا على يوسف» أى: يا حزنى الشديد على يوسف أقبل فهذا أوان إقبالك.

وَابْيَضَّتْ عينا يعقوب من شدة الحزن على يوسف وأخيه حتى ضعف بصره، حيث انقلب سواد عينيه بياضا من كثرة البكاء.

فَهُوَ كَظِيمٌ أى: ممتلئ حزنا على فراق يوسف له، إلا أنه كاتم لهذا الحزن لا يبوح به لغيره من الناس.

قالوا: وإنما تأسف على يوسف دون أخويه- بنيامين وروبيل- مع أن الرزء الأحدث أشد على النفس ... لأن الرزء في يوسف كان قاعدة مصيباته التي ترتبت عليها الرزايا والخطوب ولأن حبه ليوسف كان حبا خاصا لا يؤثر فيه مرور الأعوام ... ولأن من شأن المصيبة الجديدة أن تذكر بالمصيبة السابقة عليها، وتهيج أحزانها، وقد عبر عن هذا المعنى متمم ابن نويرة في رثائه لأخيه مالك فقال:

لقد لامنى عند القبور على البكا ... رفيقي لتذراف الدموع السوافك

فقال أتبكي كل قبر رأيته ... لقبر ثوى بين اللوى والدكادك

فقلت له: إن الشجى يبعث الشجى ... فدعني، فهذا كله قبر مالك

وقال صاحب الكشاف: «فإن قلت: كيف جاز لنبي الله يعقوب أن يبلغ به الجزع ذلك المبلغ؟

قلت: الإنسان مجبول على أن لا يملك نفسه عند الشدائد من الحزن.

ولقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم وقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون.

وإنما الجزع المذموم ما يقع من الجهلة من الصياح والنياحة، ولطم الصدور والوجوه وتمزيق الثياب.

وعن الحسن أنه بكى على ولد له، فقيل له في ذلك؟ فقال: ما رأيت الله جعل الحزن عارا على يعقوب» .

وتولى عنهم وقال ياأسفى على يوسف ) أي : أعرض عن بنيه وقال متذكرا حزن يوسف القديم الأول : ( ياأسفى على يوسف ) جدد له حزن الابنين الحزن الدفين .

قال عبد الرزاق ، أخبرنا الثوري ، عن سفيان العصفري ، عن سعيد بن جبير أنه قال : لم يعط أحد غير هذه الأمة الاسترجاع ، ألا تسمعون إلى قول يعقوب ، عليه السلام : ( ياأسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) أي : ساكت لا يشكو أمره إلى مخلوق قاله قتادة وغيره .

وقال الضحاك : ( فهو كظيم ) كميد حزين .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا حماد بن سلمة [ حدثنا أبو موسى ] عن علي بن زيد عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن داود عليه السلام ، قال : يا رب ، إن بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فاجعلني لهم رابعا . فأوحى الله تعالى إليه أن يا داود ، إن إبراهيم ألقي في النار بسببي فصبر ، وتلك بلية لم تنلك ، وإن إسحاق بذل مهجة دمه في سببي فصبر ، وتلك بلية لم تنلك ، وإن يعقوب أخذت منه حبيبه حتى ابيضت عيناه من الحزن ، فصبر ، وتلك بلية لم تنلك " .

وهذا مرسل ، وفيه نكارة ; فإن الصحيح أن إسماعيل هو الذبيح ، ولكن علي بن زيد بن جدعان له مناكير وغرائب كثيرة ، والله أعلم .

وأقرب ما في هذا أن يكون قد حكاه الأحنف بن قيس ، رحمه الله ، عن بني إسرائيل ككعب ووهب ونحوهما ، والله أعلم ، فإن الإسرائيليين ينقلون أن يعقوب كتب إلى يوسف لما احتبس أخاه بسبب السرقة يتلطف له في رده ، ويذكر له أنهم أهل بيت مصابون بالبلاء ، فإبراهيم ابتلي بالنار ، وإسحاق بالذبح ، ويعقوب بفراق يوسف ، في حديث طويل لا يصح ، والله أعلم ، فعند ذلك رق له بنوه

القول في تأويل قوله تعالى : وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره، بقوله: (وتولى عنهم) ، وأعرض عنهم يعقوب (18) ، (وقال يا أسفا على يوسف)، يعني: يا حَزَنا عليه .

* * *

يقال: إن " الأسف " هو أشدُّ الحزن والتندم. يقال منه ": أسِفْتُ على كذا آسَفُ عليه أسَفًا " .

* * *

يقول الله جل ثناؤه: وابيضَّت عينا يعقوب من الحزن ، (فهو كظيم) ، يقول: فهو مكظوم على الحزن ، يعني أنه مملوء منه، مُمْسِك عليه لا يُبينه.

* * *

، صُرِف " المفعول " منه إلى " فعيل "، ومنه قوله: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ [سورة آل عمران: 134 ] ، وقد بينا معناه بشواهده فيما مضى . (19)

* * *

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ما قلنا في تأويل قوله: (وقال يا أسفا على يوسف) :

19646 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: (وتولى عنهم)، أعرض عنهم ، وتتَامَّ حزنه ، وبلغ مجهودَه ، حين لحق بيوسف أخوه، وهيَّج عليه حزنه على يوسف ، فقال: (يا أسَفَا على يوسف وابيضَّت عيناه من الحزن فهو كظيم).

19647 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال،حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: (وتولى عنهم وقال يا أسفَا على يوسف)، يقول: يا حزني على يوسف.

19648 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء ، وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: (يا أسفا على يوسف) ، يا حَزَنَا.

19648- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (يا أسفا على يوسف) ، يا جزعاه.

19649- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (يا أسفا على يوسف) ، يا جَزَعاه حزنًا.

19650- حدثني المثنى قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (يا أسفا على يوسف) ، يا جَزَعَا.

19651 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (يا أسفا على يوسف) أي: حَزَناه.

19652- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (يا أسفَا على يوسف) ، قال: يا حزناه على يوسف. (20)

19653- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن حميد المعمري ، عن معمر ، عن قتادة ، نحوه .

19654 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (وقال يا أسفا على يوسف) ..... (21)

19655 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ، ، عن أبي حجيرة ، عن الضحاك: (يا أسفا على يوسف) ، قال: يا حَزَنَا على يوسف.

19656- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أبي مرزوق ، عن جويبر، عن الضحاك: (يا أسفَا) ، يا حَزَنَاه. (22)

19657- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: (يا أسفا) يا حزنا ، ( على يوسف).

19658 - حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن سفيان العصفري ، عن سعيد بن جبير قال: لم يُعْطَ أحدٌ غيرَ هذه الأمة الاسترجاع ، (23) ألا تسمعون إلى قول يعقوب: (يا أسفَا على يوسف)؟

19659- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان ، عن سعيد بن جبير، نحوه .

* * *

*ذكر من قال ما قلنا في تأويل قوله: (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ).

19660 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (فهو كظيم)، قال: كظيم الحزن.

19661- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (فهو كظيم) ، قال: كظيم الحزن.

19662- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، نحوه .

19663- حدثني المثنى قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (فهو كظيم)، قال: الحزن.

19664- حدثني المثنى قال، أخبرنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (فهو كظيم) ، مكمود. (24)

19665- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: (فهو كظيم) ، قال: كظيمٌ على الحزن.

19666 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله: (فهو كظيم)، قال: " الكظيم "، الكميد.

19667- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله: (فهو كظيم) ، قال: كميد.

19668- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، في قوله: (كظيم) ، قال: كميد.

19669 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (وابيضت عيناه من الحرن فهو كظيم) ، يقول: تردَّدَ حُزْنُه في جوفه، ولم يتكلّم بسوء.

19670- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله: (فهو كظيم) ، قال: كظيم على الحزن، فلم يقل بأسًا.

19671- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا الحسين بن الحسن قال، حدثنا ابن المبارك قال، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله: (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) قال: كظيم على الحزن فلم يقل إلا خيرًا.

19672 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان ، عن يزيد بن زريع ، عن عطاء الخراساني: (فهو كظيم،) قال: مكروب.

19673 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدى: (فهو كظيم) قال: من الغيظ.

19674 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد ، في قوله: (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) ، قال: " الكظيم " الذي لا يتكَّلم ، بلغ به الحزن حتى كان لا يكلِّمهم.

* * *

----------------------

الهوامش:

(18) انظر تفسير :" التولي" فيما سلف من فهارس اللغة ( ولى ) .

(19) انظر تفسير" الكظم" فيما سلف 7 : 214 .

(20) في المطبوعة ، أسقط قوله :" على يوسف" .

(21) لم يذكر مقالة ابن عباس في تفسير الآية ، سقط من النساخ .

(22) الأثر : 19656 -" عمرو" ، لعله" عمرو بن حماد بن طلحة القناد" ، وهو الذي يروي عنه" سفيان بن وكيع" ، أو" عمرو بن عون" ، وقد أكثر الرواية عنه .

وأما" أبو مرزوق" هذا ، فلم أستطع أن أجد له ذكرًا ، و" أبو مرزوق التجيبي" ، و" أبو مرزوق" الذي روى عن أبي غالب عن أبي أمامة ، أقدم من هذا الذي يروي عن" جوبير" .

فهذا إسناد في النفس منه شيء ، وأخشى أن يكون سقط منه بعض رواته ، فاستبهم على بيانه .

(23) " الاسترجاع" ، هو قولنا نحن المسلمين ، إذا أصابتنا مصيبة : { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } .

(24) في المخطوطة :" مكنود" ، والصواب ما في المطبوعة .

المعاني :

وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ :       أعرضَ يعقوبُ عن خِطابِهم الميسر في غريب القرآن
يَٰٓأَسَفَىٰ :       يا حُزني الشديدَ الميسر في غريب القرآن
وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ :       بذَهابِ سوادِهما، مما أدَّى إلى ضَعْف بَصَرِه أو ذَهابِه الميسر في غريب القرآن
ابيضّت عيناه :       أصابتهما غشاوة فابيضّتا معاني القرآن
كَظِيمٌ :       شَدِيدُ الكِتْمَانِ لِحُزْنِهِ السراج
كَظِيمࣱ :       ممتلئُ القلب حُزْناً، يَكْتُمُه ولا يُبْدِيه الميسر في غريب القرآن
كظيم :       ممتلئ من الغيظ أو الحزن يكتمه و لا يُبديه معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[84] قصة يوسف ذكرت حال والده ولم تذكر (أمه)؛ إذا تفطر قلب (الأب) حبًا لولده رحم الله الأم (بسلوة) تتوازن بها حياة الوالدين، حر هذا يكسره برد ذاك.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ﴾ ليس كل من تولى عنك لا يحبك؛ قد يكون حزنه سببًا في رحيله.
عمل
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ﴾ استثمر لحظات راحتك وانشراح صدرك بالتبسم لأحبتك وحسن الخلق معهم، قبل أن تمر لحظات عصيبة لن يكون في وسعك إلا أن تتولى عنهم.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ﴾ شعلة الحزن الصادق لا يحضرها آدمي لا يعي لاعجَ البثّ.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ﴾ قد نحتاج للخلوة بعيدًا لنرتشف أحزاننا وحدنا.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ﴾ لما أراد إخوة يوسف أن يكون إقبال يعقوب عليهم بالكلية فأعرض، وتولى عنهم، وفاتهم ما كان لهم.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ﴾ حين تغمرنا موجة الحزن ونلتفت فلا نرى من يمكن أن يعرف عمق آلامنا؛ تجتاحنا رغبة في الرحيل عن كل العالم، لنشتكي ولو بالصمت لربنا.
عمل
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ﴾ ابتعد عن الشخصيات الصعبة التي تثير آلامك، اعط كلماتهم ظهرك.
وقفة
[84] أبعدوا يوسف عن أبيه آملين: ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ [9]، ولكن كانت النتيجة: ﴿وتولى عنهم﴾؛ لن يأتيك الخير بضررك للآخرين.
وقفة
[84] عوّد نفسك على خسارة الآخرين، تمرَّن على الوحدة، صادق نفسك كأنك صديقك، فحكمة القدوم للحياة وحيدًا، ومغادرتها بالطريقة نفسها، لم تأتِ من فراغ ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ﴾.
وقفة
[84] يخطئ لكن لا يرتكب إلا أنظف الأخطاء، يغضب لكن بأناقة، كن ذلك الإنسان ما استطعت ، (أنسِن) سلبياتك ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ﴾.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ فيه دليل جواز البكاء على الميت.
عمل
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ لا تلتفت للوراء، بعض الآلام والمواقف وشخوصها (أقل) من أن تحتفظ بها في ذاكرة عمرك، دع ما يزعجك يموت بقلة اهتمامك (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ).
عمل
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ إن اجتاحت روحك الأحزان؛ فلا تجعل أحد يرى انكسارك، فمنهم من يرق لك، وليس بمقدوره عونك، ومنهم الشامت.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ تولى عنهم يعقوب، أشد الحزن هو الذي إن أظهرته لحقك (لوم أو توبيخ) فلا تجد بُدًا من (التولي).
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ لم يطفئ الجرح الجديد لهيب الجرح القديم؛ بل هيجه.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ يشق على الرجل أن يرى الرجال دمعة ضعفه!
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ نحن دومًا بحاجة لخلوة الحُزن التي نعيد بها ترميم دواخلنا ولملمة بعثرتنا.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ تولى عنهم كي لا يروا دمعته الطاهرة.
عمل
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ لا تغب عن والديك؛ لا أحد يملأ مكانك، أحد عشر لم ينسوه غائبهم.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ هذه شكاية إلى الله، لا تسخطًا من الله كما يظنها البعض، ومضمونها الدعاء، والمعنى: يارب ارحم أسفي على يوسف، والدليل ما بعدها، إذ حصر الدعاء والشكاية له ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ [86].
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ تألم لغياب يوسف، لأنه يعرف قدره ويعرف من هو يوسف، وأما من عرف قدره وكان السبب بغيابه, فلم يرف له جفن.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ أخفى ألمه وهم سببه، ما أطيب قلب الأب! أحيانًا لا بد من كتمان الألم عن مُحبينا رفقًا بهم.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ يا أيها الأبناء: ترفقوا بآبائكم، وراعوا مشاعرهم، وتذكروا أنهم يرونكم في الحياة كل شيء.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ ليس دواء الأحزان أن تكون مع الناس دومًا ربما يخفف الوجع أن تكون وحدك.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ إخراج ﻣﺸﺎﻋﺮﻙ ﺍﻟﺤﺰﻳﻨﺔ يستحسن ﺑﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺍﺭﻯ ﻣﻤﻦ حولك، ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻜﺂﺑﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ.
وقفة
[84] جريح القلب قد يجد في العزلة سلوة وشفاء ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾.
وقفة
[84] بعض المشاعر لا يمكن المرء إظهارها، لا بد من أن يتولى عمَّن حوله ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾.
وقفة
[84] فى المعاملات أصعب المراحل الشعورية حين يكون الكلام لا يجدي، والصمت أيضًا لا ينقذ الموقف ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ واستدل بالآية على جواز التأسف والبكاء عند النوائب, ولعل الكف عن أمثال ذلك لا يدخل تحت التكليف؛ فإنه قلَّ من يملك نفسه عند الشدائد, وقد روى الشيخان من حديث أنس أنه ﷺ بكى على ولده إبراهيم، وقال: «إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» [البخاري 1303]، وإنما المنهي عنه: ما يفعله الجهلة من النياحة، ولطم الخدود والصدور، وشق الجيوب، وتمزيق الثياب.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ مشاعر الحب والشوق للولد ليست منافية للإيمان، وليست عيبًا أو نقصًا في الرجال، ولكن قد تكون محلًا للابتلاء.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ البكاء أو الحزن عند وجود المصائب لا ينافي اليقين والثبات.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ بعض المواجع لا تنطفئ مهما تقادم زمنها؛ كظم حزنه سنوات ثم نطقت عيناه بياضًا.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ عندما تغالبك مشاعر حزينة وتعلو محياك؛ توارى عمن تحب حتى لا تحزن قلوبهم، إذا ابتليت بالفقد فخذ عن الكل جانبًا وأنزل أحزانك بين يدي الذي لا يقهر قلبك ولا يقتل آمالك.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ أكثر شيء يسعد الوالدين هو حضورك.
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ مكابدة فراق الأحبة لاتقوى عليه القلوب المُحبّة، ومالا يفصحه اللسان تفضحه العينان.
تفاعل
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ قل الآن: «اللهم لا تذقنا تلك المصيبة، وجمل بالصبر من ابتلي بها، وعوِّضه خيرًا».
وقفة
[84] ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ حب الأب لابنه فاضح، ولا يستره إلا الشوق والدموع.
وقفة
[84] تأمل: القرآن يصف مشاعر الألم في الإنسان: ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾، ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَ قَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ [هود: 77]، ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾ [مريم: 23]، رب يصف مشاعرنا بهذه الدقة والرحمة، لا تحزنوا أبدًا.
وقفة
[84] من حقك الخاص: الغياب حين تضيق بك الحياة، لقد تولى قبلك النبي يعقوب ساعة غم مسّ القلب ﴿وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾.
وقفة
[84] ﴿وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ حُزنٌ أبيض، لا يتسخط، ولا ييأس، حُزن يعلق المرء بالله.
وقفة
‏[84] ﴿وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ الفقد موجع، قد يُمرض بل يَقتل! ‏لا علاقة لتبعات الفقد بتعلق قلبك بأحد غير الله، فهذا نبيٌّ وفقد بصره من فرط حزنه! إنها المشاعر الفطرية في كل مخلوق.
وقفة
[84] قال ابن الأنباري: «الحزن ونفور النفوس من المكروه والبلاء لا عيب فيه، ولا مأثم إذا لم ينطق اللسان بكلام مؤثم، ولم يشتك من ربه، فلما كان قوله: ﴿يَا أَسَفَىٰ﴾ شكوى إلى ربه، كان غير ملوم».
لمسة
[84] ﴿يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ قال ابن الجوزي: «فإن قيل: هذا لفظ الشكوى فأين الصير؟ فالجواب من وجهين أحدهما: أنه شكا إلى الله لا منه، والثاني: أنه أراد به الدعاء، فالمعنى: يا رب، ارحم أسفي على يوسف».
وقفة
[84] ﴿يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ كيف تأسف يعقوب على يوسف دون أخيه مع أن مصيبة فقد أخيه أحدث وبالتالي أشد أثرًا؟ والجواب: تكون أشد أثرًا إذا تساوت المصيبتان في القدر، لكن مصيبة فقد يوسف أشد على قلب يعقوب من مصيبة فقد أخيه، مع تقادم عهدها إلى عشرات السنين.
وقفة
[84] ﴿يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ﴾ يعقوب عليه السلام كتم أمره ثم أفصح؛ مما ﻻ يقبل الخفا واﻻستخفاء: الحنين لغائب.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﺊ ﻳﺬﻫﺐ ﻧﻮﺭ العيون إﻻ فراق اﻷحبة.
اسقاط
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾ هل استشعرت أيها العاق رحمة والديك؟ متى تعود؟
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾ النبي الكريم ذهب بصره من ألم الفراق، أي قلبٍ مطحونٍ بالوجعِ هذا؟! لكن تأمل لم يزده هذا الوجع إلا زيادة حسن ظن بالله، كما هو واضح في قوله لهم: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّـهِ﴾ [87].
عمل
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾ عاش يعقوب عليه السلام حزنًا طويلًا، لكن قصة حزنه صارت كهفًا يأوي إليه المحزونون؛ اجعل قصتك مع الحزن ملهمة لك وللآخرين.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾ ما الفرق بين الحزن والأسى؟ (الحزن) على شيء مؤقت، فاتك شيء محبوب، فاتتك وظيفة، فاتك مرتب، صديق سافر وسيعود، كل شيء تحزن عليه حزنًا مؤقتًا، وسوف ينتهي هذا الحزن قريبًا، إما بعودة الغائب، أو بنجاح بعد رسوب، أو بغنى بعد فقر، صفقة تجارية خسرت ثم بعد يومين تربح، كل شيء قريب سريع التغيير يسمى حزنًا، ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾، تصوّر بلغ من شدة الحزن إلى أن عيونه ابيضّت، ومع هذا قال: (حزن) ما قال: (آسى) لماذا؟ لأن رب العالمين أخبر يعقوب عليه السلام بأن هذا مؤقت، ويوسف سيرجع، وسيصبح رئيس وزراء مصر، كما الله قال عن يوسف: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [15]، وهو في الجُبّ فسيدنا يوسف وسيدنا يعقوب يعلمون أن هذا الكلام قريب، هذا كان حزن لأنه قريب.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ أعظم ما يصيب المحزون مرض السكر والضغط والقولون، هذا يفقد بصره من الألم، أي قلبٍ مطحونٍ بالوجعِ هذا؟!
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ الحزن لا يسبب العمى، وإنما سبب للبكاء، والدمع الكثير يؤدي إلى بياض العينين، ويحدث العمى وليس الحزن.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ بكى حتى ذهب نور عينه! مهما قرأت من قصائد الحزن والفراق، فلا حزن ولا فراق كفراق الوالد لقرة عينه.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ كظيم يكتم حزنه، قد تحاول كتم أحزانك لكن العين تفضح!
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ أقسى أنواع الأوجاع هو الوجع المكبوت، الذي لاتحدث به أحد، ولا تشكوه لأحد، فهو نار بصدرك.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ هذا حب جبار، أراده الله لحكم ولطائف، فطلب أن يعدل يعقوب في مشاعره بين أبنائه تكليف بما لا يستطاع.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ سنين عجزت جميع جوارحه عن البوح عن أمواج حزنه التي كانت تموج بفؤاده، فلما نطق باسمه فقد بصره.
تفاعل
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ من شدة حبه لابنه أصابه العمى، ما أعظم حب الآباء لأبنائهم؟! قل الآن: «اللهم ارحم آباءنا وأمهاتنا».
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ حين كظم لسانه تكلمت عينه حتى ابيضت.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ رضى بقضاء ربه وكتم الحزن في نفسه وفقد لشدة الوجع بصره، كيف يلام قلب فقد ثمرته على دمعه وألمه؟!
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ رغم صبره الجميل غرق قلبه في الحزن، وتهاوى الجسد أمام عنف الألم، لا تلوموا محزونًا لما يعاني.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ تأمل ابيضت عينا (يعقوب)، ولم تبيض عينا (يوسف)، هل عرفت الفرق أيها الابن المبارك؟ وفقنا الله لبرهما أحياءًا وأمواتًا، اللهم ربنا ارحمهما كما ربونا صغارًا.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ قال قتادة: «كظيم على الحزن، لم يقُل إلا خيرًا».
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ ذهب ضوء عينيه من شدة الحزن وهو صامت لم ينطق بكلمة سخط واحدة.
وقفة
[84] ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾، ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّـهِ﴾ [87]، يمكن أن تكون في غمرات حزنك لكن لا تفقد الأمل أبدًا.
وقفة
[84] حين تحزن لفقد وأنت صابر؛ فاعلم أنه يتجدد أجرك، والأجر على قدر الصبر، والصبر باق وإن قدمت المصيبة ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾.
وقفة
[84] لحظة تذهلك وتذهب بك، ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾، ولحظة تحييك وتعيدك إليك ﴿فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ [96]، وبينهما عمر طويل ويقين راسخ ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [96].
وقفة
[84] فَقْد الولد بالموت أهون من فقده حي، ولا يجد ألمه كوالده، قال الله عن يعقوب وهو نبي: ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾، هذا والد يوسف فكيف بأُمه.
وقفة
[84] ﴿فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ علو الهمة في الحزن؟ فالكظيم هو من كظم حزنه، وما أظهر الشكاية لأحد من الخلق، بل اكتفى بالبكاء في خلوته، وبث شكواه إلى مولاه.
وقفة
‏[84، 85] ﴿وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم * قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف﴾ مهما كتم القلب حزنه ولوعته فضحته سقطات اللسان ودمعات العيون.

الإعراب :

  • ﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ:
  • الواو استئنافيّة. تولى: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو بمعنى وأعرض. عنهم: جار ومجرور متعلق بتولى و\"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بعن وقال: معطوفة بالواو على \"تولى\" وتعرب إعرابها والفعل مبني على الفتح الظاهر.
  • ﴿ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ:
  • يا: أداة نداء للندبة، أسفى: منادى منصوب والألف بدل من ياء الإضافة أي منقلبة عن ياء الإضافة في محل جر بالإضافة وقد أضاف الأسف إِلَى نفسه. يقول الزمخشري: والتجانس بين لفظتي الأسف ويوسف مِمَّا يقع مطبوعًا غير مستعمل فيملح ويبدع، ونحوه: وهم ينهون عنه ويناون عنه، يحسبون أنهم يحسنون، من سبأ بنبأ. على يوسف: جار ومجرور متعلق بأسفي وعلامة جر الاسم الفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف على المعجمة والعلمية.
  • ﴿ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ:
  • الواو حالية. ابيضت: فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. عيناه: فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. من الحزن: جار ومجرور في محل نصب متعلق بتمييز أو حال بتقدير: حَتَّى ابيضت عيناه حزنًا. والجملة الفعلية في محل نصب حال.
  • ﴿ فَهُوَ كَظِيمٌ:
  • الفاء: استئنافية للتعليل. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كظيم: خبر \"هو\" مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

يوسف: 84﴿ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ
الأعراف: 79﴿ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَـٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ
الأعراف: 93﴿ فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ ۖ فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     الكلام الذي سمعه من أبنائه؛ أعرضَ عنهم وتجددَ حزنُه على يوسف عليه السلام بسبب فراق بنيامين له، قال تعالى:
﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الحزن:
وقرئ:
1- الحزن، بفتح الحاء والزاى، وهى قراءة ابن عباس، ومجاهد.
2- بضمهما، وهى قراءة قتادة.
3- الحزن، بضم الحاء وإسكان الزاى، وهى قراءة الجمهور.

مدارسة الآية : [85] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ ..

التفسير :

[85] قال بنوه:تالله ما تزال تتذكر يوسف، ويشتدُّ حزنك عليه حتى تُشْرِف على الهلاك أو تهلك فعلاً، فخفف عن نفسك.

فقال له أولاده متعجبين من حاله:{ تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي:لا تزال تذكر يوسف في جميع أحوالك.{ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا} أي:فانيا لا حراك فيك ولا قدرة على الكلام.

{ أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} أي:لا تترك ذكره مع قدرتك على ذكره أبدا.

ثم يحكى القرآن ما قاله أبناء يعقوب له، وقد رأوه على هذه الصورة من الهم والحزن فيقول: قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ.

قال الشوكانى: قوله «تفتأ» أى: لا تفتأ، فحذف حرف النفي لأمن اللبس. قال الكسائي: فتأت وفتئت أفعل كذا: أى ما زلت أفعل كذا.

وقال الفراء: إن «لا» مضمرة. أى لا تفتأ ... ومنه قول الشاعر:

فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطعوا رأسى لديك وأوصالى

أى: «لا أبرح قاعدا ... » .

و «حرضا» مصدر حرض. كتعب- والحرض: الإشراف على الهلاك من شدة الحزن أو المرض أو غيرهما.

والمعنى: قال أبناء يعقوب له بعد أن سمعوه وهو يتحسر على فراق يوسف له: تالله- يا أبانا- ما تزال تذكر يوسف بهذا الحنين الجارف، والحزن المضنى، «حتى تكون حرضا» . أى: مشرفا على الموت لطول مرضك.

«أو تكون من الهالكين» المفارقين لهذه الدنيا.

وقالوا له على سبيل الرفق به والشفقة عليه : ( قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف ) أي : لا تفارق تذكر يوسف ، ( حتى تكون حرضا ) أي : ضعيف الجسم ، ضعيف القوة ، ( أو تكون من الهالكين ) يقولون : وإن استمر بك هذا الحال خشينا عليك الهلاك والتلف .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85)

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره: قال ولد يعقوب ، الذين انصرفوا إليه من مصر له، حين قال: يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ ، : تالله لا تزال تذكر يوسف .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

19675 - حدثني محمد بن عمرو ، قال حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (تفتأ) تفتر من حبه.

19676 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: (تفتأ) ، تفتر من حبه. (25)

قال أبو جعفر:

هكذا قال الحسن في حديثه ، (26) وهو غلط ، إنما هو: تفتر من حبه ، تزال تذكر يوسف. (27)

19677- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف ) قال: لا تفتر من حبه.

19678- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( تفتأ ) : تفتر من حبه.

19679 ....- قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله: ( تالله تفتأ تذكر يوسف ) ، قال: لا تزال تذكر يوسف.

19680 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي ، ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس: ( قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف ) قال: لا تزال تذكر يوسف. قال، لا تفتر من حبه.

19681 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( تفتأ تذكر يوسف ) قال: لا تزال تذكر يوسف.

19682- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( تفتأ تذكر يوسف ،) قال: لا تزال تذكر يوسف. (28)

* * *

يقال منه: " ما فَتِئت أقول ذاك " ،" وما فَتَأت " لغة ،" أفْتِئُ وأفْتَأ فَتأً وفُتوُءًا " (29) . وحكي أيضًا: " ما أفتأت به "، ومنه قول أوس بن حجر:

فَمَــا فَتِئَـتْ حَـتَّى كـأَنَّ غُبَارَهَـا

سُــرَادِقُ يَــوْمٍ ذِي رِيَـاحٍ تَـرَفَّعُ (30)

وقوله الآخر (31)

فَمَــا فَتِئَـتْ خَـيْلٌ تَثُـوبَ وَتَـدَّعِي

وَيَلْحَــقُ مِنْهَــا لاحِــقٌ وتَقَطَّـعُ (32)

بمعنى: فما زالت.

وحذفت " لا " من قوله: ( تفتأ ) وهي مرادة في الكلام ، لأن اليمين إذا كان ما بعدها خبرًا لم يصحبها الجحد ، ولم تسقط" اللام " التي يجاب بها الأيْمان ، وذلك كقول القائل: " والله لآتينَّك " ، وإذا كان ما بعدها مجحودًا تُلُقِّيت بـ" ما " أو بـ" لا " . فلما عرف موقعها حُذِفت من الكلام، لمعرفة السامع بمعنى الكلام ، (33) ومنه قول امرئ القيس:

فَقُلْــتُ يَمِيــنَ اللـهِ أبْـرَحُ قَـاعِدًا

وَلَـوْ قَطَّعُـوا رَأْسِـي لَدَيْكِ وأوْصَالِي (34)

فحذفت " لا " من قوله: " أبرح قاعدًا " ، لما ذكرت من العلة ، كما قال الآخر:

فَـلا وأَبِـي دَهْمَـاءَ زَالَـتْ عَزِيـزَةً

عَـلَى قَوْمِهَـا مَـا فَتَّـلَ الزَّنْـدَ قَادِحُ (35)

يريد: لا زالت .

* * *

وقوله: ( حتى تكون حرضًا، ) يقول: حتى تكون دَنِفَ الجسم مخبولَ العقل.

* * *

وأصل الحرض: الفساد في الجسم والعقل من الحزن أو العشق، ومنه قول العَرْجيّ:

إنِّـي امْـرُؤٌ لَـجّ بي حُبٌّ فأَحْرَضَني

حَـتَّى بَلِيـتُ وحَـتّى شَـفَّني السَّـقَمُ (36)

يعني بقوله: " فأحرضني" ، أذابني فتركني مُحْرَضًا. يقال منه: " رجل حَرَضٌ ، وامرأة حَرَضٌ ، وقوم حَرَضٌ ، ورجلان حَرَضٌ"، على صورة واحدة للمذكر والمؤنث، وفي التثنية والجمع. ومن العرب من يقول للذكر: " حَارِض " ، وللأنثى " حارضة ". فإذا وُصف بهذا اللفظ ثُنِّي وجُمع، وذكِّر وأنث. وَوُحِّد " حَرَض " بكل حال ولم يدخله التأنيث، لأنه مصدر ، فإذا أخرج على " فاعل " على تقدير الأسماء، لزمه ما يلزم الأسماء من التثنية والجمع والتذكير والتأنيث. وذكر بعضهم سماعًا: " رجُل مُحْرَضٌ"، إذا كان وَجِعًا ، وأنشد في ذلك بيتًا:

طَلَبَتْــهُ الخَــيْلُ يَوْمًــا كَــامِلا

وَلَــوَ الْفَتْــهُ لأضْحَـى مُحْرَضَـا (37)

وذكر أنَّ منه قول امرئ القيس:

أَرَى المَـرْءَ ذَا الأذْوَادِ يُصْبِحُ مُحْرَضًا

كَـإِحْرَاضِ بَكْـرٍ فـي الدِّيَـارِ مَريضِ (38)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

19683 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله: ( حتى تكون حرضًا ) يعني: الجَهْدَ في المرض، البالي.

19684 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( حتى تكون حرضًا ) قال: دون الموت.

19685- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد: ( حتى تكون حرضًا ) قال: الحرض، ما دون الموت.

19686- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19687 - ...قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19688- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

19689- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19690- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19691 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( حتى تكون حرضًا ) حتى تبلى أو تهرم.

19692- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( حتى تكون حرضًا ) حتى تكون هَرِمًا.

19693 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن: ( حتى تكون حرضًا ) قال: هرمًا.

19694 - ...قال، حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك قال: " الحرض "، الشيء البالي.

19695- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله: ( حتى تكون حرضًا ) قال: الحرض: الشيء البالي الفاني.

19696....- قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك ، عن أبي معاذ ، عن عبيد بن سليمان ، عن الضحاك: ( حتى تكون حَرَضًا )" الحرضُ" البالي.

19697- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك يقول في قوله: ( حتى تكون حرضًا ) : هو البالي المُدْبر. (39)

19698 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي: (حتى تكون حرضًا ) باليًا.

19699 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: لما ذكر يعقوبُ يوسفَ قالوا ، يعني ولده الذين حضروه في ذلك الوقت، جهلا وظلمًا ، : ( تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضًا ،) أي: تكون فاسدًا لا عقل لك ، ( أو تكون من الهالكين. )

19700 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد ، في قوله: ( حتى تكون حرضًا أو تكون من الهالكين ) ، قال: " الحرض ": الذي قد رُدَّ إلى أرذل العمر حتى لا يعقل ، أو يهلك، فيكون هالكًا قبل ذلك.

* * *

وقوله: ( أو تكون من الهالكين ) ، يقول: أو تكون ممن هلك بالموت .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

19701 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد: ( أو تكون من الهالكين ،) قال: الموت.

19702- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( أو تكون من الهالكين ،) من الميتين.

19703 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك، ( أو تكون من الهالكين ) قال: الميتين.

19704- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، مثله .

19705 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن عون ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن: ( أو تكون من الهالكين )، قال: الميتين.

19706 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( أو تكون من الهالكين ) ، قال: أو تموت.

19707- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( أو تكون من الهالكين، ) قال: من الميتين.

19708 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي: ( أو تكون من الهالكين، ) قال: الميتين. (40)

* * *

----------------------

الهوامش:

(25) في المطبوعة :" ما تفتر" بزيادة" ما" هنا ، وأثبت ما في المخطوطة كالذي قبله .

(26) في المطبوعة :" كذا قال" ، وأثبت ما في المخطوطة .

(27) اعتراض الطبري على خبر الحسن بن محمد ، يدل على أن الذي في أصله شيء آخر قوله غير:" تفتر من حبه" ، كما وردت في الخبر ، ولم أستطع أن أتبين كيف هذا الحرف في رواية الحسن .

(28) الأثر : 19682 - هذا الأثر مكرر في المطبوعة والمخطوطة بإسناده ولفظه ، وبين أنه سهو من الناسخ ، فحذفته .

(29) قوله :" أفتئ" ، هكذا جاءت في المخطوطة والمطبوعة ، و ليس في كتب اللغة ما يؤيد هذا الذي قاله أبو جعفر ، وهو غريب جدًا .

(30) ديوانه ، البيت : 17 ، القصيدة : 12 ، اللسان ( شرم ) ، وروايته فيهما :" فما فتئت خيل كأن غبارها" .

(31) هو قول أوس بن حجر أيضًا .

(32) ديوانه القصيدة : 17 ، البيت : 10 ، الجمهرة 3 : 287 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 316 ، والمعاني الكبير : 1002 .

(33) انظر معاني القرآن للفراء في تفسير الآية .

(34) مضى البيت وتخريجه فيما سلف 4 : 425 ، ويزاد عليه معاني القرآن للفراء .

(35) معاني القرآن للفراء ، في تفسير الآية ، ومشكل القرآن : 174 ، والخزانة 4 : 45 ، 46 ، وشرح شواهد المغني : 278 ، وكان في المطبوعة والمخطوطة :" ما قبل الزند" ، وهو خطأ صرف .

(36) ديوانه : 5 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة : 317 ، واللسان ( حرض ) .

(37) لم أجد البيت ، ولم أعرف قائله .

(38) ديوانه : 77 ، واللسان ( حرض ) .

(39) في المطبوعة :" البالي المندثر" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو أجود .

(40) في المطبوعة :" من الميتين" ، بزيادة" من" .

المعاني :

تَفْتَأُ :       مَا تَزَالُ السراج
تَفۡتَؤُاْ :       لا تَزالُ الميسر في غريب القرآن
تفتأ :       لا تفتأ و لا تزال معاني القرآن
حَرَضًا :       تُشْرِفُ عَلَى الهَلَاكِ السراج
حَرَضًا :       مُشرِفاً على الهَلاكِ الميسر في غريب القرآن
تكون حرضا :       تصير مريضا مُشفيا على الهلاك معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ﴾ في أربعة مواضع: الأول يمين منهم أنهم ليسوا سارقين وأن أهل مصر بذلك عالمون: ﴿قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ﴾ [73]، والثاني يمين منهم أنك لو واظبت على الحزن تصير حرضًا أو تكون من الهالكين: ﴿قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾، والثالث يمين منهم أن الله فضله عليهم وإنهم كانوا خاطئين: ﴿قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا﴾ [91]، والرابع يمين منهم على أنه لم يزل على محبة يوسف: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ﴾ [95].
وقفة
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ وجوده كان بركة، وغيابه ألم وحسرة، ففقد الأشياء الثمينة لا يحس بمرارتها إلا صاحبها.
وقفة
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ يظلُّ للأحبة مكانٌ لا يشغره سواهم، وحنينٌ لا تُنسيه سعادات الدنيا.
عمل
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ قد تبتلى بمن حولك برسائل سلبية؛ فتنبه.
لمسة
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ اختار تعالى كلمة (تَفْتَأُ) دون غيرها من أخواتها التي قد تعطي نفس المعنى من الاستمرار والدوام، لغويًا: كلمة فتئ من معانيها (سكّن) بمعنى مستمر، ومعناها أطفأ النار (يقال فتيء النار) ومن معانيها أيضًا نسي (فتئت الأمر أي نسيته) إذن كلمة (فتأ) لها ثلاثة معانٍ: سكّن وأطفأ النار ونسي، بيانيًا: فاقد العزيز يسكن بعد فترة، وفاقد العزيز كأنما هناك نارًا تحرق جنبيه والنار التي بين جنبي يعقوب عليه السلام لم تنطفئ مع مرور الأيام، وفاقد العزيز ينسى بعد فترة ويعقوب لم ينسى، إذن تفتأ جمعت كل هذه المعاني المرادة في الآية ولا يؤدي أي لفظ آخر هذه المعاني مجتمعة، والقرآن لم يستعمل هذه الكلمة إلا في هذا الموضع واستعمل (يزال ولا يزال) كثيرًا.
عمل
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ احذر ذكريات الأقدار، قد تجلب لك الأكدار!
عمل
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ احذر شدة الحزن، فإنها تدني صاحبها من الموت! قال مجاهد: الحرض: ما دون الموت أي قريبا من الموت، ﴿أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾: أي من الميتين.
وقفة
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ لا تعذل المشتاق في أشواقه، حتى يكون حشاك في أحشائه.
وقفة
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ إنّها المهج أنّى لها أنْ تنسى وقد شفّها ألم الفراق.
وقفة
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ لا يحس بطعم الفقد إلا من ذاق آلامه وتجرع غصصه.
وقفة
[85] ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ ما أقبح مواساتكم! أما كان يجمل بكم أن تشاطروه أحزانه، بدلا من هذا التأنيب؟! بدلًا من أن يقولوا له: اصبر واحتسب، إذا بهم يبشرونه بالموت أو ما دون الموت! الدرس: من لم يستطع البكاء مواساة للمكروبين فليرحم الباكين، ومن لم يشعر بالألم فليشفق على المتألمين.
وقفة
[85] شدة المحبة والشوق يتلفان ويهلكان: ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ الحرض: التالف أو البالي.
وقفة
[85] ﴿حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ ما أقسى لوم البعض بكلمات تزيد الموجوع بؤسًا ألا يتعاطفون لحزن سكنه وألم قلبه للذكرى.
وقفة
[85] ﴿حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ الفقد موجع، قد يُمرض بل يَقتل، ‏لا علاقة لتبعات الفقد بتعلق قلبك بأحد غير الله، فهذا نبيٌّ وفقد بصره من فرط حزنه، إنها المشاعر الفطرية في كل مخلوق.

الإعراب :

  • ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ:
  • فعل ماضٍ مبني عدى الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. تالله: التاء: حرف جر للقسم. الله لفظ الجلالة: برور للتعظيم بتاء القسم والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف تقديره نقسم.
  • ﴿ تَفْتَأُ:
  • أي لا نفتأ أو ما تفتأ: حذف حرف النفي لأنه لا يلتبس بالإثبات لأنه لو كان إثباتًا لم يكن بدّ من اللام والنون - ومعنى \"ما تفتأ\" ما زلت - ما برحت وهي فعل مضارع ناقص تقدم عليه نفي مقدر مرفوع بالضمة واسمها ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنت.
  • ﴿ تَذْكُرُ يُوسُفَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب خبر: لا تفتأ. تذكر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. يوسف: مفعول به منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف - التنوين - للعجمة والعلمية وجملة \"لا تفتأ\" جواب القسم لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا:
  • حرف غاية وجر. تكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأنْ مضمرة بعد \"حَتَّى\" وعلامة نصبه الفتحة واسمها ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنت. حرضًا: خبر \"تكون\" منصوب بالفتحة أي مريضًا بمعنى: حَتَّى تمرضر فلا تستطيع النهوض. و \"أنْ\" وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق بتذكر وجملة \"تكون حرضًا\" صلة \"أنْ\" المضمرة لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ:
  • أو: حرف عطف - للتخيير - تكون: معطوفة على \"تكون\" الأولى وتعرب إعرابها. من الهالكين: جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر \"تكون\" وعلامة جر الاسم: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد '

المتشابهات :

يوسف: 73﴿ قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ
يوسف: 85﴿ قَالُوا تَاللَّـهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا
يوسف: 91﴿ قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَلَيْنَا
يوسف: 95﴿ قَالُوا تَاللَّـهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     ولَمَّا تجددَ حزنُ يعقوب عليه السلام على يوسف عليه السلام ؛ ذكرَ اللهُ عز وجل هنا ما قاله أبناء يعقوب له بعدما اشتد حزنُه، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [86] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي ..

التفسير :

[86] قال يعقوب مجيباً لهم:لا أُظهر همِّي وحزني إلا لله وحده، فهو كاشف الضرِّ والبلاء، وأعلم من رحمة الله وفرجه ما لا تعلمونه.

{ قَالَ} يعقوب{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي} أي:ما أبث من الكلام{ وَحُزْنِي} الذي في قلبي{ إِلَى اللَّهِ} وحده، لا إليكم ولا إلى غيركم من الخلق، فقولوا ما شئتم{ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} من أنه سيردهم علي ويقر عيني بالاجتماع بهم.

وهنا يرد عليهم الأب الذي يشعر بغير ما يشعرون به من ألم وأمل ... قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.

و «البث» ما ينزل بالإنسان من مصائب يعظم حزن صاحبها بسببها. حتى أنه لا يستطيع إخفاء هذا الحزن، وأصله التفريق وإثارة الشيء ومنه قولهم: بثت الريح التراب إذا فرقته.

قالوا: والإنسان إذا قدر على كتم ما نزل به من المصائب كان حزنا، وإذا لم يقدر على كتمه كان بثا ...

والمعنى: قال يعقوب لأولاده الذين لاموه على شدة حزنه على يوسف: إنما أشكو، «بثي» أى: همي الذي انطوى عليه صدري «إلى الله» - تعالى- وحده، لا إلى غيره، فهو العليم بحالي، وهو القادر على تفريج كربى، فاتركوني وشأنى مع ربي وخالقي. فإنى «أعلم من الله» أى: من لطفه وإحسانه وثوابه على الصبر على المصيبة «ما لا تعلمون» أنتم، وإنى لأرجو أن يرحمني وأن يلطف بي، وأن يجمع شملي بمن فارقنى من أولادى، فإن حسن ظني به- سبحانه- عظيم.

قال صاحب الظلال: «وفي هذه الكلمات- التي حكاها القرآن عن يعقوب- عليه السلام-، يتجلى الشعور بحقيقة الألوهية في هذا القلب الموصول، كما تتجلى هذه الحقيقة ذاتها بجلالها الغامر، ولألائها الباهر.

إن هذا الواقع الظاهر الميئس من يوسف، وهذا المدى الطويل الذي يقطع الرجاء من حياته فضلا عن عودته إلى أبيه ... إن هذا كله لا يؤثر شيئا في شعور الرجل الصالح بربه، فهو يعلم من حقيقة ربه ومن شأنه ما لا يعلمه هؤلاء المحجوبون عن تلك الحقيقة ...

وهذه قيمة الإيمان بالله ...

إن هذه الكلمات «أعلم من الله ما لا تعلمون» تجلو هذه الحقيقة بما لا تملك كلماتنا نحن أن تجلوها. وتعرض مذاقا يعرفه من ذاق مثله، فيدرك ماذا تعنى هذه الكلمات في نفس العبد الصالح يعقوب ... والقلب الذي ذاق هذا المذاق، لا تبلغ الشدائد منه- مهما- بلغت إلا أن يتعمق اللمس والمشاهدة والمذاق ... » .

( قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) أي : أجابهم عما قالوا بقوله : ( إنما أشكو بثي وحزني ) أي : همي وما أنا فيه ) إلى الله ) وحده ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) أي : أرجو منه كل خير .

وعن ابن عباس : ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) [ يعني رؤيا يوسف أنها صدق وأن الله لا بد أن يظهرها وينجزها . وقال العوفي عن ابن عباس : ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) أعلم أن رؤيا يوسف صادقة ، وأني سوف أسجد له .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، عن حفص بن عمر بن أبي الزبير ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " كان ليعقوب النبي - عليه السلام - أخ مؤاخ له ، فقال له ذات يوم : ما الذي أذهب بصرك وقوس ظهرك ؟ قال : الذي أذهب بصري البكاء على يوسف ، وأما الذي قوس ظهري فالحزن على بنيامين ، فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال : يا يعقوب ، إن الله يقرئك السلام ويقول لك : أما تستحيي أن تشكوني إلى غيري ؟ فقال يعقوب : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله . فقال جبريل ، عليه السلام : الله أعلم بما تشكو " .

وهذا حديث غريب ، فيه نكارة .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (86)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قال يعقوب للقائلين له من ولده: تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ : ، لست إليكم أشكو بثي وحزني ، وإنما أشكو ذلك إلى الله .

* * *

ويعني بقوله: ( إنما أشكو بثي ) ، ما أشكو هَمِّي وحزني إلا إلى الله.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

19709 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج: ( إنما أشكو بثي ) ، قال ابن عباس: " بثي"، همي.

19710 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: قال يعقوب عَنْ عِلْمٍ بالله: ( إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ) ، لما رأى من فظاظتهم وغلظتهم وسوء لَفْظهم له: (41) لم أشك ذلك إليكم ، ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ).

19711 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة ، عن عوف ، عن الحسن: ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) قال: حاجتي وحزني إلى الله.

19712- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا هوذة بن خليفة قال، حدثنا عوف ، عن الحسن ، مثله .

* * *

وقيل: إن " البثّ"، أشد الحزن ، (42) وهو عندي من : " بَثّ الحديث " ، وإنما يراد منه: إنما أشكو خبري الذي أنا فيه من الهمِّ ، وأبثُّ حديثي وحزني إلى الله .

* * *

19713 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عوف ، عن الحسن، ( إنما أشكو بثي ) ، قال: حزني.

19714 - حدثنا ابن بشار قال، حدثني يحيى بن سعيد ، عن عوف ، عن الحسن: ( إنما أشكو بثي وحزني ) ، قال: حاجتي.

* * *

وأما قوله ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) فإن ابن عباس كان يقول في ذلك فيما ذكر عنه ما:-

19715 - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله: ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ،) يقول: أعلم أن رؤيا يوسف صادقة، وأني سأسجد له.

19716- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال: ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ) ، قال: لما أخبروه بدعاء الملك، أحسَّت نفسُ يعقوب وقال: ما يكون في الأرض صِدِّيق إلا نبيّ ! فطمع قال: لعله يوسف. (43)

19717- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) الآية ، ذكر لنا أن نبي الله يعقوب لم ينـزل به بلاءٌ قط إلا أتى حُسْنَ ظنّه بالله من ورائه.

19718- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام ، عن عيسى بن يزيد ، عن الحسن قال، قيل: ما بلغ وجدُ يعقوب على ابنه؟ قال: وجد سبعين ثكلى! . قال: فما كان له من الأجر؟ قال: أجر مئة شهيدٍ . قال: وما ساء ظنه بالله ساعةً من ليل ولا نهارٍ.

19719- حدثنا به ابن حميد مرة أخرى قال، حدثنا حكام ، عن أبي معاذ ، عن يونس ، عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .

19720- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن المبارك بن مجاهد ، عن رجل من الأزد ، عن طلحة بن مصرِّف الإيامي قال، ثلاثة لا تذْكُرْهنّ واجتنب ذكرهُنّ: لا تشك مَرَضَك ، ولا تَشكُّ مصيبتك ، ولا تزكِّ نفسك . قال: وأنبئت أنّ يعقوب بن إسحاق دخل عليه جار له ، فقال له: يا يعقوب ما لي أراك قد انهشمت وفنيتَ، ولم تبلغ من السن ما بلغ أبوك؟ قال: هَشَمني وأفناني ما ابتلاني الله به من همّ يوسف وذكره! فأوحى الله إليه: يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي؟ فقال: يا رب خطيئة أخطأتُها ، فاغفرها لي ! قال: فإني قد غفرت لك . وكان بعد ذلك إذا سئل قال، ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ).

19721- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثني مؤمل بن إسماعيل قال، حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت قال، بلغني أن يعقوب كبر حتى سقط حاجبَاه على وجنتيه ، فكان يرفعهما بخِرْقَة ، فقال له رجل: ما بلغ بك ما أرى؟ قال: طول الزمان وكثرة الأحزان . فأوحى الله إليه: يا يعقوب تشكوني؟ قال: خطيئة فاغفرها.

19722- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا ثور بن يزيد قال: دخل يعقوب على فرعون وقد سقط حاجبَاه على عينيه ، فقال: ما بلغ بك هذا يا إبراهيم؟ فقالوا: إنّه يعقوب ، فقال: ما بلغ بك هذا يا يعقوب؟ قال: طول الزمان وكثرة الأحزان . فقال الله: يا يعقوب أتشكوني؟ فقال: يا رب خطيئة أخطأتها ، فاغفرها لي.

19723- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا هشام ، عن ليث بن أبي سليم قال، دخل جبريل على يوسف السجنَ ، فعرفه، فقال: أيها المَلَكُ الحسن وجهه ، الطيبة ريحُه ، الكريمُ على ربه ، ألا تخبرني عن يعقوب أحيٌّ هو؟ قال: نعم . قال: أيها الملك الحسنُ وجههُ ، الطيبة ريحه ، الكريم على ربه ، فما بلغ من حزنه؟ قال: حزن سبعين مُثْكِلة . قال: أيها الملك الحسن وجهه ، الطيبة ريحه ، الكريم على ربه ، فهل في ذلك من أجر؟ قال: أجر مئة شهيد.

19724- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد قال: حُدّثت أن جبريل أتى يوسف صلى الله عليه وسلم وهو بمصر في صورة رجل، فلما رآه يوسف عرَفه ، فقام إليه: فقال: أيها الملك الطيبُ ريحه ، الطاهرُ ثيابه ، الكريم على ربه ، هل لك بيعقوب من علم؟ قال: نعم! قال: أيها الملك الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، فكيف هو؟ قال: ذهب بصره . قال: أيها الملك الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، وما الذي أذهب بصره؟ قال: الحزنُ عليك . قال: أيها الملك الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، فما أعطي على ذلك؟ قال: أجر سبعين شهيدًا.

19725- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال أبو شريح: سمعت من يحدث أن يوسف سأل جبريل: ما بلغ من حزن يعقوب؟ قال: حزن سبعين ثكلى . قال: فما بلغ أجره؟ قال: أجر سبعين شهيدًا.

19726- ... قال: أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني نافع بن يزيد ، عن عبيد الله بن أبي جعفر قال، دخل جبريل على يوسف في البئر أو في السجن ، فقال له يوسف: يا جبريل ، ما بلغ حزن أبي؟ قال: حزن سبعين ثكلى . قال: فما بلغ أجره من الله؟ قال: أجر مئة شهيدٍ.

19727- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل قال، سمعت وهب بن منبه يقول: أتى جبريل يوسف بالبشرى وهو في السجن. فقال: هل تعرفني أيها الصِّدِّيق؟ قال: أرى صورة طاهرة ورُوحًا طيبة لا تشبه أرواح الخاطئين . قال: فإني رسول رب العالمين ، وأنا الروح الأمين . قال: فما الذي أدخلك على مُدْخَل المذنبين ، وأنت أطيب الطيبين ، ورأس المقربين ، وأمين رب العالمين؟ قال: ألم تعلم يا يوسف أن الله يطّهر البيوت بطُهْر النبيين ، وأن الأرض التي يدخلونها هي أطهر الأرَضِين ، وأن الله قد طهَّر بك السجن وما حوله يا أطهر الطاهرين وابن المطهَّرين؟ (44) إنما يتطهر بفضل طهرك وطهر آبائك الصالحين المخلَصِين! قال: كيف لي باسم الصّدِّيقين ، وتعدُّني من المخلصين ، وقد أدخلت مُدْخَل المذنبين ، وسميت في الضالين المفسدين؟ (45) قال: لم يُفْتَتَنْ قلبُك ، ولم تطع سيدتك في معصية ربك ، ولذلك سمَّاك الله في الصديقين ، وعدّك من المخلَصين ، وألحقك بآبائك الصالحين . قال: لك علم بيعقوب أيها الروح الأمين؟ قال: نعم ، وهبه الله الصبر الجميل ، وابتلاه بالحزن عليك ، فهو كظيم . قال: فما قَدْرُ حزنه؟ قال: حزن سبعين ثكلى . قال: فماذا له من الأجر يا جبريل؟ قال: قدر مئة شهيدٍ.

19728- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير ، عن ليث ، عن ثابت البناني قال، دخل جبريل على يوسف في السجن ، فعرفه يوسف قال، فأتاه فسلم عليه ، فقال: أيها الملك الطيبُ ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، هل لك من علم بيعقوب؟ قال: نعم . قال: أيها الملك الطيبُ ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، هل تدري ما فعل؟ قال: ابيضَّت عيناه . قال: أيها الملك الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، ممّ ذاك؟ قال: من الحزن عليك. (46) قال، أيها الملك الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، وما بلغ من حزنه؟ قال: حزن سبعين مُثْكِلة . قال: أيها الملك الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، الكريم على ربه ، هل له على ذلك من أجر؟ قال: نعم أجر مئة شهيدٍ.

19729- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال، أتى جبرئيل يوسف وهو في السجن فسلّم عليه ، وجاءه في صورة رجلٍ حسن الوجه طيّب الريح نقيّ الثياب ، فقال له يوسف: أيها المَلك الحسن وجهه ، الكريم على ربه ، الطيب ريحه ، حدثني كيف يعقوب؟ قال: حزن عليك حزنًا شديدًا . قال: وما بلغ من حزنه؟ قال: حزن سبعين مُثْكِلة . قال: فما بلغ من أجره؟ قال: أجر سبعين أو مئة شهيدٍ . قال يوسف: فإلى من أوَى بعدي؟ قال: إلى أخيك بنيامين . قال: فتراني ألقاه أبدًا؟ قال: نعم . فبكى يوسف لما لقي أبوه بعده ، ثم قال: ما أبالي ما لقيت إنِ اللهُ أرانيه.

19730-... قال: حدثنا عمرو بن محمد ، عن إبراهيم بن يزيد ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال، أتى جبريل يوسف وهو في السجن ، فسلم عليه ، فقال له يوسف، أيها الملك الكريم على ربه ، الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، هل لك من علم بيعقوب؟ قال: نعم ما أشد حزنه ! قال: أيها الملك الكريم على ربه ، الطيب ريحه ، الطاهر ثيابه ، ماذا لَه من الأجر؟ قال: أجر سبعين شهيدًا . قال: أفتراني لاقيه؟ قال: نعم . قال: فطابت نفس يوسف.

19731- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير ، عن ليث ، عن سعيد بن جبير قال: لما دخل يعقوب على الملك وحاجباه قد سقطا على عينيه ، قال الملك: ما هذا؟ قال: السنون والأحزان، أو: الهموم والأحزان ، فقال ربه: يا يعقوب لم تشكوني إلى خلقي ، ألم أفعل بك وأفعل؟

19732- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن مسلم بن يسار يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بثَّ لم يصبر (47) ثم قرأ: ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) .

19733- حدثني عمرو بن عبد الحميد الآملي قال، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن الحسن قال، كان منذ خرج يوسف من عند يعقوب إلى يوم رجع ثمانون سنة ، لم يفارق الحزن قلبه ، يبكي حتى ذهبَ بصره . قال الحسن: والله ما على الأرض يومئذ خليقةٌ أكرم على الله من يعقوب صلى الله عليه وسلم.

* * *

----------------------

الهوامش:

(41) في المخطوطة والمطبوعة :" لفظهم به" ، وهو لا يستقيم ، صوابه ما أثبت ، ويعني جفاءهم فيما يخاطبونه به من الكلام .

(42) هو لفظ أبي عبيدة في مجاز القرآن 1 : 317 .

(43) هذا خبر مضطرب اللفظ ، أخشى أن يكون فيه سقط أو تحريف .

(44) في المطبوعة و المخطوطة :" يا طهر الطاهرين" ، والصواب ما أثبت .

(45) في المطبوعة والمخطوطة :" وسميت بالضالين المفسدين" ، وهو لا يستقيم ، صوابه ما أثبت . وانظر بعد قوله :" وسماك الله في الصديقين" .

(46) في المخطوطة :" قال : قد ابيضت عيناه من الحزن عليك" ، وحذف ما بين الكلامين من سؤال وجواب .

(47) في المخطوطة :" من بب فلم نصير" ، غير منقوطة وعلى الجملة حرف ( ط ) دلالة على الخطأ ، والذي في المطبوعة ، هو نص ما في الدر المنثور 4 : 31 .

المعاني :

بَثِّي :       هَمِّي السراج
بَثِّي :       هَمِّي الشديدَ الميسر في غريب القرآن
بثي :       أشدّ غمّي و همّي معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ قال القشيري: «شکا إلى الله ولم يشك من الله، ومن شكا إلى الله وصل، ومن شکا من الله انفصل، ويقال: لما شكا إلى الله وجد الخلف من الله».
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، وإنما الذي ينافيه الشكوى إلى المخلوقين.
لمسة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ ما الفارق بين البث والحزن؟! قال الإمام الشوكاني: «ذكر المفسرون أن الإنسان إذا قدر على كتم ما نزل به من المصائب كان ذلك حزنًا، وإن لم يقدر على كتمه كان ذلك بثًا، فالبث على هذا: أعظم الحزن وأصعبه».
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ لما (بث) حزنه لله لم يطل حزنه بعد أيام (وجد ريح يوسف).
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ لن يشعر أحد بحجم آلامك، ولن يعلم بعمق أحزانك إلا الرحمن، ولن يزيل همومك إلا ذكره، فإليه اللجوء في كل الأحوال.
عمل
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ لا تبث شكواك إلا لمن يكشف بلواك!
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾، ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ [المجادلة: 1]، هكذا هم الصالحون دومًا همومهم وأحزانهم لا يرسلونها إلا لخالقهم، يا محزون، يا مهموم، يا مكروب، يا مديون، اشك إلى الله وانتظر فرجه، لا تلتفت -أيها المؤمن- إلا إليه، ولا تعول إلا عليه، وإياك أن تعقد خنصرك إلا على الذي نظمها.
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ حتى العظيم يشتكي، لكن لمن؟
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾، ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ﴾ [مريم: 5]، ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ [الأنبياء: 83]، ﴿إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: 24] حزين أو خائف أو مريض أو فقير؛ طريق الفرج: يا رب.
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾، ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ﴾ [مريم: 5]، ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ [الأنبياء: 83]، ﴿إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: 24] ياه دعوات الأنبياء تفطر القلوب.
عمل
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ إذا أرْهقتك همومُ الحياة ومسَّك منها عظيمُ الضرر؛ فيمِّم إلى الله في لهفةٍ وبُث الشكاة لرب البشر.
عمل
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ إذا أرهقتك هموم الحياة فبُث الشكوى لرب البشر.
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ شكواك إلى المحب تُحزِنه، وشكواك إلى الكاره تُسعِده، فلم ترفع الشكوى إلى غيره؟!
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ قال ابن تيمية: «أعظم ما يكون العبد قدرًا وحرمة عند الخلق: إذا لم يحتج إليهم بوجه من الوجوه، ومتى احتجت إليهم -ولو في شربة ماء- نقص قدرك عندهم بقدر حاجتك إليهم».
عمل
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ أحزانك وهمومك ومصائبك التي تؤلمك وتبكيك؛ أشكها لله فهو أرحم وألطف بك.
عمل
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ افعل مثله! فلن يفهم عمق جرحك سوى ربك، ولن يدفع عنك البلاء وضيق النفس سواه.
عمل
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ في لحظات الحزن ابتعد عن الناس واقترب من الله.
وقفة
[86] بعض أحزانك لا يُشاطرك فيها أحد من البشر، حتى أولادك الذين من صلبك، ولربما كانوا هم سببًا فيها أيضًا، فيعقوب قال لمجموع أبنائه: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾.
عمل
[86] لا تكتب حزنك؛ فلن يشعر به غيرُك، صُنْه عن طرقات الناس، وأعين المارَّة وتذوق مقام: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾، إلى الله وحده، وحده.
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ أي: إنما أشكو إلى الله لا إليكم، ولا إلى غيركم، والبث: أشدّ الحزن، ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي: أعلم من لطفه ورأفته ورحمته ما يوجب حسن ظنّي به، وقوة رجائي فيه.
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ بعض الأوجاع لا يفهمها البشر، وليس بمقدورهم تخفيفها، وما من ركن تشعر أن بمقدوره إزاحة همك إلا الله.
وقفة
[86] ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ الجاهِلُ يشكو اللهَ إلى النّاس، وهذا غايَة الجَهْل بالمشكوّ والمشكو إليه، فَإنَّهُ لَو عرف ربه لما شكاه، ولو عرف النَّاس لما شكا إلَيْهِم.
وقفة
[86] علمت أن ألمي لا يشعر به غيري، فهمت إن وجعي لن يشاركه معي من لا يفهمه، تيقنت إن في دعائي لله فقط راحتي، وفي تبتلي وشكواي له شفائي من كل داء ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[86] كلما زاد علم الإنسان بالله قلَّت شكواه إلى الخلق ولم يصرفها إلا إلى الخالق ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[86] ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ الأحزان العميقة عند فقد الأحبة لا تطيبها دمعات ولا زفرات ولا سرد الذكريات، إنما يجبرها رب البريات.
عمل
[86] ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ أيها المحزون: اطمئن ما كسر الناس لك قلبًا إلا والله له جابر.
عمل
[86] ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ ثلاث من ملاك أمرك: أن لا تشكو مصيبتك، وأن لا تحدث بوجعك، وأن لا تزكي نفسك بلسانك.
عمل
[86] ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ كررها كلما هبت عليك رياح مشكلة وأزمة شديدة أو ابتلاء، لن يكون همُّك أكبر من همِّ يعقوب.
عمل
[86] ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ دعك من البشر وناج رب البشر، وتضرع إليه، فصوتك الخاشع ودعاؤك الخفي يحب أن يسمعه.
عمل
[86] ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ ما قبل هذه الآية أحزان وابتلاءات، وما بعدها فرج وبشائر، بثّ شكواك لربك بيقين؛ يأتك الفرج.
وقفة
[86] ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ شكواك للذي هو أعلم بك من نفسك؛ فرج ونصر وسكينة واطمئنان.
وقفة
[86] ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ حينما تشكو لله بثك؛ تجد أُنسًا يُنسيك همَّك.
عمل
[86] إذا داهمتك الأحزان والخطوب، انطرح بين يدي مولاك، وأظهر له فاقتك وعجزك ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ إلى الله، لا إلى أحد سواه.
عمل
[86] خذ بأسباب النجاة عندما تشتد بك الكروب، وتحيط بك الهموم، ومن أعظم ذلك أن تبث همك وحزنك إلى الله تعالى كما فعل يعقوب عليه السلام عندما تثاقل عليه الهم والحزن، فقال بثقة ويقين: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ ففرج الله همه، وكشف غمه، وأذهب حزنه، وأقر عينه.
وقفة
[86] فليجعل العاقل شغله خدمة ربه، فما له على الحقيقة غيره، وليكن أنيسه وموضع شكواه: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ فلا تلتفت أيها المؤمن إلا إليه، ولا تعول إلا عليه، وإياك أن تعقد خنصرك إلا على الذي نظمها.
وقفة
[86] في سورة يوسف لم تتحسن الأحوال وتصير للأحسن إلا بعد: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾.
وقفة
[86] توالت الأحزان في قصة يوسف وما فرجت إلا بعد: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾؛ فبعدها: ﴿دَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ [88]، ﴿هَـذَا أَخِي﴾ [90]، ﴿فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ [96]، ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ [100].
عمل
[86] كن أعز ما تكون في حضرتهم، وأذل ما تكون إذا خلوت بالله، وتذكر قول يعقوب: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾.
عمل
[86] قد لا يستوعب أقرب الناس مساحة الحزن في داخلك، لكن الله يعلم ما لا يعلمون، فليكن لسان حالك: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾. ــــ
عمل
[86] ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ تأمل معاني أسماء الله الحسنى التي وردت في كلام يعقوب عليه السلام في القصة، وكيف كانت سببًا في ثباته.
وقفة
[86] من أكبر بواعث الرجاء: العلم بالله كما قال العبد الصالح: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، ومن تأمل اسمي (العليم الحكيم) وعاش في ظلالهما علم لطائف التذييل في قول الله: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [83].
وقفة
[86] إن تعلق قلبك بالله تألق، وإن تعلق بغيره تملق ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. إنما: كافة ومكفوفة. أشكو: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. بمعنى: أني لا أشكو إِلَى أحد منكم إنّما أشكو إِلَى ربّي.
  • ﴿ بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ:
  • بثِّي: أي مصيبتي: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء التكلم والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. وحزني: معطوفة بالواو على \"بثي\" وتعرب إعرابها. إِلَى الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بأشكو
  • ﴿ واعلم من الله:
  • معطوفة بالواو على \"أشكو\" وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة. من الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بأعلم.
  • ﴿ ما لا تعلمون:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. لا: نافية لا عمل لها. تعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة \"لا تعلمون\" صلة الموصول لا محل لها والعائد إِلَى الموصول محذوف في محل نصب مفعول به. '

المتشابهات :

الأعراف: 62﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
يوسف: 86﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
يوسف: 96﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     ولَمَّا لاموه على حزنِه الشديد، وطالبوه أن يخفف عن نفسه؛ طالبهم هنا ألا يلوموه، لأنه لم يشْكُ إليهم، ولا إلى أحد من الخلق، إنما شكا ذلك إلى الله وحده، قال تعالى:
﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

حزنى:
وقرئ:
1- حزنى، بفتحتين، وهى قراءة الحسن، وعيسى.
2- حزنى، بضمتين، وهى قراءة قتادة.

البحث بالسورة

البحث في المصحف