ترتيب المصحف | 27 | ترتيب النزول | 48 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 8.50 |
عدد الآيات | 93 | عدد الأجزاء | 0.45 |
عدد الأحزاب | 0.90 | عدد الأرباع | 3.50 |
ترتيب الطول | 24 | تبدأ في الجزء | 19 |
تنتهي في الجزء | 20 | عدد السجدات | 1 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 13/29 | طس: 1/1 |
القصَّةُ الثالثةُ: قصَّةُ صالحٍ عليه السلام لمَّا دعَا قومَه ثمودَ لعبادةِ اللهِ، فقالُوا له: تَشاءَمْنا بك، وكانَ في المدينةِ (الحِجْر) تسعةُ رجالٍ مفسدينَ حَلفُوا باللهِ على قتلِه.
قريبًا إن شاء الله
لمَّا دبَّرَ قومُ صالحٍ لقتلِه ومن معَه أهلكَهُم اللهُ وأنجَي الذينَ آمَنُوا.
قريبًا إن شاء الله
القصَّةُ الرابعةُ: قصَّةُ لوطٍ عليه السلام لمَّا أنكرَ على قومِه فعلَ الفاحشةِ.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
يخبر تعالى أنه أرسل إلى ثمود القبيلة المعروفة أخاهم في النسب صالحا وأنه أمرهم أن يعبدوا الله وحده ويتركوا الأنداد والأوثان، ( فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) منهم المؤمن ومنهم الكافر وهم معظمهم.
وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ... معطوف على قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً.
واللام في قوله وَلَقَدْ أَرْسَلْنا ... جواب لقسم محذوف، وثَمُودَ اسم للقبيلة التي منها صالح- عليه السلام-، سميت باسم جدها ثمود. وقيل: سميت بذلك لقلة مائها، لأن الثمد هو الماء القليل..
وكانت مساكنهم بالحجر- بكسر الحاء وسكون الجيم-، وهو مكان بين الحجاز والشام، وما زلت مساكنهم تعرف بمدائن صالح إلى اليوم. وقد مر النبي صلّى الله عليه وسلّم بديارهم، وهو ذاهب إلى غزوة تبوك، سنة تسع بعد الهجرة.
وصالح- عليه السلام- هو نبيهم، وكان واحدا منهم، وينتهى نسبه إلى نوح- عليه السلام- وقبيلة ثمود تسمى عادا الثانية، أما قبيلة عاد فتسمى عادا الأولى، ونبيهم هود- عليه السلام- قالوا: وكان بين القبيلتين زهاء مائة عام.
والمعنى: وبالله لقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود، أخاهم صالحا- عليه السلام-، فقال لهم ما قاله كل نبي لقومه: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ- تعالى- وحده، ولا تشركوا معه آلهة أخرى.
و «إذا» في قوله- تعالى-: فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ هي الفجائية ويَخْتَصِمُونَ من المخاصمة بمعنى المجادلة والمنازعة.
أى: أرسلنا نبينا صالحا إلى قومه، فكانت المفاجأة أن انقسم قومه إلى قسمين: قسم آمن به- وهم الأقلون-، وقسم كفر به- وهم الأكثرون.
وهذه الخصومة بين الفريقين، قد أشار إليها القرآن في قوله- تعالى-: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ، لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا، لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ؟ قالُوا: إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ. قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ .
يخبر تعالى عن ثمود وما كان من أمرها مع نبيها صالح ، عليه السلام ، حين بعثه الله إليهم ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ( فإذا هم فريقان يختصمون ) قال مجاهد : مؤمن وكافر - كقوله تعالى : ( قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون ) [ الأعراف : 75 ، 76 ] .
يقول تعالى ذكره: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) وَحده لا شريك له, ولا تجعلوا معه إلها غيره (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) يقول: فلما أتاهم صالح داعيا لهم إلى الله صار قومه من ثمود فيما دعاهم إليه فريقين يختصمون, ففريق مصدّق صالحا مؤمن به, وفريق مكذّب به كافر بما جاء به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) قال: مؤمن وكافر, قولهم: صالح مرسل, وقولهم: صالح ليس بمُرسل, ويعني بقوله (يَخْتَصِمُونَ ) يختلفون.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) قال: مؤمن, وكافر.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 73 | ﴿وَ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ |
---|
هود: 61 | ﴿وَ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ﴾ |
---|
النمل: 45 | ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِأي:لم تبادرون فعل السيئات وتحرصون عليها قبل فعل الحسنات التي بها تحسن أحوالكم وتصلح أموركم الدينية والدنيوية؟ والحال أنه لا موجب لكم إلى الذهاب لفعل السيئات؟.لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَبأن تتوبوا من شرككم وعصيانكم وتدعوه أن يغفر لكم،لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَفإن رحمة الله تعالى قريب من المحسنين والتائب من الذنوب هو من المحسنين.
وقوله- تعالى-: قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ... بيان لما وجهه صالح إلى الكافرين من قومه، من نصائح حكيمة..
أى: قال صالح- عليه السلام- للمكذبين لرسالته من قومه بأسلوب رقيق حكيم:
يا قوم لماذا كلما دعوتكم إلى الحق أعرضتم عن دعوتي، وآثرتم الكفر على الإيمان، واستعجلتم عقوبة الله- تعالى- التي حذرتكم منها، قبل أن تتضرعوا إليه- سبحانه- بطلب الهداية والرحمة.
وقوله: لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ حض منه على الإقلاع عما هم فيه من عناد وضلال.
أى: هلا استغفرتم الله- تعالى- وأخلصتم له العبادة، واتبعتمونى فيما أدعوكم إليه، لكي يرحمكم ربكم ويعفو عنكم.
فالمراد بالسيئة: العذاب الذي تعجلوه، والذي أشار إليه- سبحانه- في قوله:
فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ .
( قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ) ، أي : لم تدعون بحضور العذاب ، ولا تطلبون من الله رحمته ؟ ولهذا قال : ( لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون)
وقوله: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ) يقول تعالى ذكره: قال صالح لقومه: يا قوم لأيّ شيء تستعجلون بعذاب الله قبل الرحمة.
كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن نجيح, عن مجاهد قوله: (لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ) قال: السيئة: العذاب, قبل الحسنة: قبل الرحمة.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ ) قال بالعذاب قبل الحسنة, قال: العافية.
وقوله: (لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) يقول: هلا تتوبون إلى الله من كفركم, فيغفر لكم ربكم عظيم جرمكم, يصفح لكم عن عقوبته إياكم على ما قد أتيتم من عظيم الخطيئة.
وقوله: (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) يقول: ليرحمكم ربكم باستغفاركم إياه من كفركم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
قَالُوالنبيهم صالح مكذبين ومعارضين: اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَزعموا -قبحهم الله- أنهم لم يروا على وجه صالح خيرا وأنه هو ومن معه من المؤمنين صاروا سببا لمنع بعض مطالبهم الدنيوية، فقال لهم صالح: طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِأي:ما أصابكم إلا بذنوبكم،بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَبالسراء والضراء والخير والشر لينظر هل تقلعون وتتوبون أم لا؟ فهذا دأبهم في تكذيب نبيهم وما قابلوه به.
ثم حكى- سبحانه- ما رد به هؤلاء المتكبرون على نبيهم فقال- تعالى- قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ...
وقوله: اطَّيَّرْنا أصله تطيرنا، فأدغمت التاء في الطاء، وزيدت همزة الوصل، ليتأتى الابتداء بالكلمة. والتطير: التشاؤم.
قال الآلوسى: وعبر عنه بذلك، لأنهم كانوا إذا خرجوا مسافرين فيمرون بطائر يزجرونه فإن مر سانحا- بأن مر من ميامن الشخص إلى مياسره- تيمنوا، وإن مر بارحا- بأن مر من المياسر إلى الميامن- تشاءموا. فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر، استعير لما كان سببا لهما من قدر الله- تعالى- وقسمته- عز وجل- أو من عمل العبد الذي هو سبب الرحمة والنعمة .
أى قال المكذبون من قوم صالح في الرد عليه: أصابنا الشؤم والنحس بسبب وجودك فينا، وبسبب المؤمنين الذين استجابوا لدعوتك. حيث أصبنا بالقحط بعد الرخاء والضراء بعد السراء.
ولا شك أن قولهم هذا يدل على جهلهم المطبق، وعلى سوء تفكيرهم، لأن السراء والضراء من عند الله- تعالى- وحده. ولا صلة لهما بوجود صالح والذين آمنوا معه بينهم ولذا رد عليهم صالح- عليه السلام- بقوله طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ...
أى: قال لهم موبخا وزاجرا: ليس الأمر كما زعمتم أن وجودنا بينكم هو السبب فيما أصابكم من شر، بل الحق أن ما يصيبكم من شر وقحط هو من عند الله، بسبب أعمالكم السيئة، وإصراركم على الكفر، واستحبابكم المعصية على الطاعة. والعقوبة على المغفرة.
ثم زاد صالح- عليه السلام- الأمر توضيحا وتبيانا فقال لهم: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ.
أى قال لهم: ليس ما أصابكم بسببنا. بل أنتم قوم «تفتنون» أى تختبرون وتمتحنون بما يقع عليكم من شر، حتى تتوبوا إلى خالقكم، قبل أن ينزل بكم العذاب الماحق، إذا ما بقيتم على كفركم.
فأنت ترى أن صالحا- عليه السلام- قد رد على جهالتهم بأسلوب قوى رصين، بين لهم فيه، أن تشاؤمهم في غير محله، وأن حظهم ومستقبلهم ومصيرهم بيد الله- تعالى- وحده، وأن ما أصابهم من بلاء وقحط، إنما هو لون من امتحان الله- تعالى- لهم، لكي يتنبهوا ويستجيبوا لدعوة الحق، قبل أن يفاجئهم الله- تعالى- بالعذاب الذي يهلكهم.
( قالوا اطيرنا بك وبمن معك ) أي : ما رأينا على وجهك ووجوه من اتبعك خيرا . وذلك أنهم - لشقائهم - كان لا يصيب أحدا منهم سوء إلا قال : هذا من قبل صالح وأصحابه .
قال مجاهد : تشاءموا بهم . وهذا كما قال تعالى إخبارا عن قوم فرعون : ( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ) [ الأعراف : 131 ] . وقال تعالى : ( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله ) [ النساء : 78 ] أي : بقضاء الله وقدره . وقال مخبرا عن أهل القرية إذ جاءها المرسلون : ( قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم . قالوا طائركم معكم ) [ يس : 18 ، 19 ] .وقال هؤلاء : ( اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله ) أي : الله يجازيكم على ذلك ( بل أنتم قوم تفتنون ) قال قتادة : تبتلون بالطاعة والمعصية .
والظاهر أن المراد بقوله : ( تفتنون ) أي : تستدرجون فيما أنتم فيه من الضلال .
يقول تعالى ذكره: قالت ثمود لرسولها صالح (اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ) أي: تشاءمنا بك وبمن معك من أتباعنا, وزجرنا الطير بأنا سيصيبنا بك وبهم المكاره والمصائب، فأجابهم صالح فقال لهم (طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) أي ما زجرتم من الطير لما يصيبكم من المكاره عند الله علمه, لا يدري أيّ ذلك كائن, أما تظنون من المصائب أو المكاره, أم ما لا ترجونه من العافية والرجاء والمحاب؟.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثنا معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس قوله: (قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) يقول: مصائبكم.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة, قوله: (طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) علمكم عند الله.
وقوله: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) يقول: بل أنتم قوم تختبرون, يختبركم ربكم إذ أرسلني إليكم, أتطيعونه, فتعملون بما أمركم به, فيجزيكم الجزيل من ثوابه؟ أم تعصونه بخلافه, فيحلّ بكم عقابه؟.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 81 | ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ |
---|
يس: 19 | ﴿قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ |
---|
الشعراء: 166 | ﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ |
---|
النمل: 47 | ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ |
---|
النمل: 55 | ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
اطيرنا:
قرئ:
تطيرنا، على الأصل.
التفسير :
وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِالتي فيها صالح الجامعة لمعظم قومهتِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَأي:وصفهم الإفساد في الأرض، ولا لهم قصد ولا فعل بالإصلاح قد استعدوا لمعاداة صالح والطعن في دينه ودعوة قومهم إلى ذلك كما قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ
ولكن هذا النصح الحكيم الذي وجهه صالح إلى المكذبين من قومه، لم يجد أذنا صاغية منهم، بل قابله زعماؤهم بالتكبر وبالإصرار على التخلص من صالح- عليه السلام- ومن أهله، وقد حكى القرآن ذلك في قوله- تعالى-: وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ، يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ.
يخبر تعالى عن طغاة ثمود ورءوسهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الضلالة والكفر وتكذيب صالح ، وآل بهم الحال إلى أنهم عقروا الناقة ، وهموا بقتل صالح أيضا ، بأن يبيتوه في أهله ليلا فيقتلوه غيلة ، ثم يقولوا لأوليائه من أقربيه : إنهم ما علموا بشيء من أمره ، وإنهم لصادقون فيما أخبروهم به ، من أنهم لم يشاهدوا ذلك ، فقال تعالى : ( وكان في المدينة ) أي : مدينة ثمود ، ( تسعة رهط ) أي : تسعة نفر ، ( يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) وإنما غلب هؤلاء على أمر ثمود ; لأنهم كانوا كبراء فيهم ورؤساءهم .
قال العوفي ، عن ابن عباس : هؤلاء هم الذين عقروا الناقة ، أي : الذي صدر ذلك عن آرائهم ومشورتهم - قبحهم الله ولعنهم - وقد فعل ذلك .
وقال السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس : كان أسماء هؤلاء التسعة : دعمي ، ودعيم ، وهرما ، وهريم ، وداب ، وصواب ، ورياب ، ومسطع ، وقدار بن سالف عاقر الناقة ، أي : الذي باشر ذلك بيده . قال الله تعالى : ( فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر ) [ القمر : 29 ] ، وقال تعالى ( إذ انبعث أشقاها ) [ الشمس : 12 ] .
وقال عبد الرزاق : أنبأنا يحيى بن ربيعة الصنعاني ، سمعت عطاء - هو ابن أبي رباح - يقول : ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) قال : كانوا يقرضون الدراهم ، يعني : أنهم كانوا يأخذون منها ، وكأنهم كانوا يتعاملون بها عددا ، كما كان العرب يتعاملون .
وقال الإمام مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أنه قال : قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض .
وفي الحديث - الذي رواه أبو داود وغيره - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس .
والغرض أن هؤلاء الكفرة الفسقة ، كان من صفاتهم الإفساد في الأرض بكل طريق يقدرون عليها ، فمنها ما ذكره هؤلاء الأئمة وغير ذلك .
يقول تعالى ذكره: وكان في مدينة صالح, وهي حِجر ثمود, تسعة أنفس يفسدون في الأرض ولا يصلحون, وكان إفسادهم في الأرض، كفرهم بالله, ومعصيتهم إياه, وإنما خصّ الله جلّ ثناؤه هؤلاء التسعة الرهط بالخبر عنهم أنهم كانوا يفسدون في الأرض, ولا يصلحون, وإن كان أهل الكفر كلهم في الأرض مفسدين, لأن هؤلاء التسعة هم الذين سعوا فيما بلغنا في عقر الناقة, وتعاونوا عليه, وتحالفوا على قتل صالح من بين قوم ثمود.وقد ذكرنا قصصهم وأخبارهم فيما مضى من كتابنا هذا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (تِسْعَةُ رَهْطٍ ) قال: من قوم صالح.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ) هم الذين عقروا الناقة, وقالوا حين عقروها: نبيت صالحا وأهله فنقتلهم, ثم نقول لأولياء صالح: ما شهدنا من هذا شيئا, وما لنا به علم, فدمرهم الله أجمعين.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الشعراء: 152 | ﴿الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ |
---|
النمل: 48 | ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فلم يزالوا بهذه الحال الشنيعة حتى إنهم من عداوتهمتَقَاسَمُوافيما بينهم كل واحد أقسم للآخرلَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُأي نأتيهليلا هو وأهله فلنقتلنهمثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِإذا قام علينا وادعى علينا أنا قتلناه ننكر ذلك وننفيه ونحلفإِنَّا لَصَادِقُونَفتواطئوا على ذلك
قالُوا: تَقاسَمُوا بِاللَّهِ، لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ. ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ.
والمراد بالمدينة: مدينة قوم صالح- عليه السلام- وهي الحجر- بكسر الحاء وإسكان الجيم-.
قال الجمل: قوله: «تسعة رهط» أى تسعة أشخاص، وبهذا الاعتبار وقع تمييزا للتسعة، لا باعتبار لفظه، وهم الذين سعوا في عقر الناقة، وباشره منهم قدار بن سالف، وكانوا من أبناء أشراف قوم صالح، والإضافة بيانية. أى: تسعة رهط. وفي المصباح: الرهط دون العشرة من الرجال، ليس فيهم امرأة .
ووصفهم بأنهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون. للإشارة إلى أن نفوسهم قد تمحضت للفساد وللإفساد، ولا مكان فيها للصلاح وللإصلاح.
وقوله: تَقاسَمُوا فعل أمر محكي بالقول، بمعنى: احلفوا بالله، ويجوز أن يكون فعلا ماضيا مفسرا لقالوا، فكأنه قيل: ما الذي قالوه؟ فكان الجواب: تقاسموا أى:
أقسموا.
وقوله: لَنُبَيِّتَنَّهُ من البيات وهو مباغتة العدو ليلا لقتله. يقال بيت القوم العدو، إذا أوقعوا به ليلا.
والمراد بوليه: المطالبون بدمه من أقاربه، وفي ذلك إشارة إلى أن هؤلاء الظالمين لم يكونوا ليستطيعوا قتل صالح- عليه السلام- علانية، خوفا من مناصرة أقاربه له.
ومَهْلِكَ بفتح الميم وكسر اللام بزنة مرجع- مصدر ميمى، من هلك الثلاثي، وقرأ بعضهم مَهْلِكَ بضم الميم وفتح اللام- من أهلك الرباعي، فهو أيضا مصدر ميمى من أهلك، ويجوز أن يكونا اسم زمان أو مكان.
والمعنى: وكان في المدينة التي يسكنها صالح- عليه السلام- وقومه، تسعة أشخاص، دأبهم وديدنهم، الإفساد في الأرض، وعدم الإصلاح فيها، بأى حال من الأحوال.
وقد تعاهد هؤلاء التسعة. وأكدوا ما تعاهدوا عليه بالأيمان المغلظة. على أن يباغتوا نبيهم وأهله ليلا، فيقتلوهم جميعا، ثم ليقولن بعد جريمتهم الشنعاء لأقارب صالح- عليه السلام-: ما حضرنا هلاك أهله وهلاك صالح معهم، ولا علم عندنا بما حل بهم وبه من قتل، وإنا لصادقون في كل ما قلناه.
وهكذا المفسدون في الأرض، يرتكبون أبشع الجرائم وأشنعها، ثم يبررونها بالحيل الساذجة الذميمة ثم بعد ذلك يحلفون بأغلظ الأيمان أنهم يريئون من تلك الجرائم.
ومن العجيب أن هؤلاء المجرمين الغادرين يقولون فيما بينهم: تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أى:
احلفوا بالله، على أن تنفذوا ما اتفقنا عليه من قتل صالح وأهله ليلا غيلة وغدرا. فهم يؤكدون إصرارهم على الإجرام بالحلف بالله، مع أن الله- تعالى- برىء منهم ومن غدرهم.
وقولهم: ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ نفى منهم لحضور قتلهم، فضلا عن مباشرة قتلهم، كأنهم أرادوا بهذه الجملة الإتيان بحيلة يبررون بها كذبهم، أى: أننا قتلناهم في الظلام، فلم نشاهد أشخاصهم، وإنا لصادقون في ذلك.
وقوله : ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) أي : تحالفوا وتبايعوا على قتل نبي الله صالح ، عليه السلام ، من لقيه ليلا غيلة . فكادهم الله ، وجعل الدائرة عليهم .
قال مجاهد : تقاسموا وتحالفوا على هلاكه ، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين .
وقال قتادة : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه ، وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به ، إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : هم الذين عقروا الناقة ، قالوا حين عقروها : نبيت صالحا [ وأهله ] وقومه فنقتلهم ، ثم نقول لأولياء صالح : ما شهدنا من هذا شيئا ، وما لنا به من علم . فدمرهم الله أجمعين .
وقال محمد بن إسحاق : قال هؤلاء التسعة بعدما عقروا الناقة : هلم فلنقتل صالحا ، فإن كان صادقا عجلناه قبلنا ، وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطؤوا على أصحابهم ، أتوا منزل صالح ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة ، فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، ثم هموا به ، فقامت عشيرته دونه ، ولبسوا السلاح ، وقالوا لهم : والله لا تقتلونه أبدا ، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم عليكم غضبا ، وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون . فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك .
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : لما عقروا الناقة وقال لهم صالح : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] قالوا : زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث . وكان لصالح مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي : غار هناك ليلا فقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ، ففرغنا منهم . فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ، ولا يدرون ما فعل بقومهم . فعذب الله هؤلاء هاهنا ، وهؤلاء هاهنا ، وأنجى الله صالحا ومن معه ، ثم قرأ : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية ) أي : فارغة ليس فيها أحد ( بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .
وقوله: (قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ) يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء التسعة الرهط الذين يُفسدون في أرض حجر ثمود, ولا يصلحون: تقاسموا بالله: تحالفوا بالله أيها القوم, ليحلف بعضكم لبعض: لنبيتنّ صالحا وأهله, فلنقتلنه, ثم لنقولنّ لوليه: ما شهدنا مهلك أهله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ) قال: تحالفوا على إهلاكه, فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعون.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, بنحوه.
ويتوجه قوله (تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ) إلى وجهين: أحدهما النصب على وجه الخبر, كأنه قيل: قالوا متقاسمين وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " ولا يصلحون تقاسموا بالله " وليس فيها " قالوا ", فذلك من قراءته يدل على وجه النصب في " تقاسموا " على ما وصفت. والوجه الآخر: الجزم, كأنهم قال بعضهم لبعض: اقسموا بالله, فعلى هذا الوجه الثاني تصلح قراءة (لَنُبَيِّتَنَّهُ ) بالياء والنون, لأن القائل لهم تقاسموا, وإن كان هو الآمر فهو فيمن أقسم, كما يقال في الكلام: انهضوا بنا نمض إلى فلان, وانهضوا نمضي إليه. وعلى الوجه الأوّل الذي هو وجه النصب القراءة فيه بالنون أفصح, لأن معناه: قالوا متقاسمين لنبيتنه, وقد تجوز الياء على هذا الوجه، كما يقال في الكلام: قالوا لنكرمنّ أباك, وليكرمنّ أباك, وبالنون قرأ ذلك قرَّاء المدينة, وعامة قراء البصرة وبعض الكوفيين. وأما الأغلب على قرّاء أهل الكوفة, فقراءته بالياء وضمّ التاء جميعا. وأما بعض المكيين, فقرأه بالياء.
وأعجب القراءات في ذلك إليّ النون, لأن ذلك أفصح الكلام على الوجهين اللذين بيَّنت من النصب والجزم, وإن كان كل ذلك صحيحا غير فاسد لما وصفت, وأكرهها إليّ القراءة بها الياء, لقلة قارئ ذلك كذلك. وقوله: ( لَنُبَيِّتَنَّهُ ) قال: ليبيتنّ صالحا ثم يفتكوا به.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: قال التسعة الذين عقروا الناقة: هلمّ فلنقتل صالحا, فإن كان صادقا -يعني فيما وعدهم من العذاب بعد الثلاث- عجلناه قبله, وإن كان كاذبا نكون قد ألحقناه بناقته، فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله, فدمغتهم الملائكة بالحجارة; فلما أبطئوا على أصحابهم أتوا منـزل صالح, فوجدوهم مشدوخين قد رضخوا بالحجارة. وقوله: (وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) نقول لوليه: وإنا لصادقون, أنا ما شهدنا مهلك أهله.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنعام: 146 | ﴿ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ |
---|
يوسف: 82 | ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ |
---|
الحجر: 64 | ﴿وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ |
---|
النمل: 49 | ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تقاسموا:
1- هذه قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تقسموا، بغير ألف، وتشديد السين، وهى قراءة ابن أبى ليلى.
لنبيتنه ... لنقولن:
1- بالنون، فيهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاء خطاب الجمع، فيهما، وهى قراءة الحسن، وحمزة، والكسائي.
3- بياء الغيبة، فيهما، وهى قراءة مجاهد، وابن وثاب، وطلحة، والأعمش.
4- بياء الغيبة فى الأولى، مسندا للجمع، أي: ليبيتنه، أي: قوم منا، وبالنون فى الثاني، أي: جميعنا، وهى قراءة حميد بن قيس.
مهلك:
1- بفتح الميم وكسر اللام، وهى قراءة حفص.
وقرئ:
2- بضم الميم وفتح اللام، من «أهلك» ، وهى قراءة الجمهور.
3- بفتحهما، وهى قراءة أبى بكر.
التفسير :
وَمَكَرُوا مَكْرًادبروا أمرهم على قتل صالح وأهله على وجه الخفية حتى من قومهم خوفا من أوليائهوَمَكَرْنَا مَكْرًابنصر نبينا صالح عليه السلام وتيسير أمره وإهلاك قومه المكذبينوَهُمْ لا يَشْعُرُونَ
ولكن هذا المكر السيئ، والتحايل القبيح قد أبطله الله- تعالى- وجعله يحيق بهم وبأشياعهم، فقد قال- تعالى- وَمَكَرُوا مَكْراً أى بهذا الحلف فيما بينهم على قتل صالح وأهله غدرا وَمَكَرْنا مَكْراً أى: ودبرنا لصالح- عليه السلام- ولمن آمن به، تدبيرا محمودا محكما وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أى: وهم لا يشعرون بتدبيرنا الحكيم، حيث أنجينا صالحا ومن معه من المؤمنين، وأهلكنا أعداءه أجمعين.
وقوله : ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) أي : تحالفوا وتبايعوا على قتل نبي الله صالح ، عليه السلام ، من لقيه ليلا غيلة . فكادهم الله ، وجعل الدائرة عليهم .
قال مجاهد : تقاسموا وتحالفوا على هلاكه ، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين .
وقال قتادة : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه ، وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به ، إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : هم الذين عقروا الناقة ، قالوا حين عقروها : نبيت صالحا [ وأهله ] وقومه فنقتلهم ، ثم نقول لأولياء صالح : ما شهدنا من هذا شيئا ، وما لنا به من علم . فدمرهم الله أجمعين .
وقال محمد بن إسحاق : قال هؤلاء التسعة بعدما عقروا الناقة : هلم فلنقتل صالحا ، فإن كان صادقا عجلناه قبلنا ، وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطؤوا على أصحابهم ، أتوا منزل صالح ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة ، فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، ثم هموا به ، فقامت عشيرته دونه ، ولبسوا السلاح ، وقالوا لهم : والله لا تقتلونه أبدا ، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم عليكم غضبا ، وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون . فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك .
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : لما عقروا الناقة وقال لهم صالح : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] قالوا : زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث . وكان لصالح مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي : غار هناك ليلا فقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ، ففرغنا منهم . فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ، ولا يدرون ما فعل بقومهم . فعذب الله هؤلاء هاهنا ، وهؤلاء هاهنا ، وأنجى الله صالحا ومن معه ، ثم قرأ : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية ) أي : فارغة ليس فيها أحد ( بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .
يقول تعالى ذكره: وغدر هؤلاء التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض بصالح بمصيرهم إليه ليلا ليقتلوه وأهله, وصالح لا يشعر بذلك (وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) يقول: فأخذناهم بعقوبتنا إياهم, وتعجيلنا العذاب لهم (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) بمكرنا.
وقد بيَّنا فيما مضى معنى: مكر الله، بمن مكر به, وما وجه ذلك, وأنه أخذه من أخذه منهم على غرّة, أو استدراجه منهم من استدرج على كفره به, ومعصيته إياه, ثم إحلاله العقوبة به على غرّة وغفلة,
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن شمر بن عطية, عن رجل, عن عليّ, قال: المكر غدر, والغدر كفر.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) قال: احتالوا لأمرهم, واحتال الله لهم, مكروا بصالح مكرا, ومكرنا بهم مكرا(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) بمكرنا وشعرنا بمكرهم, قالوا: زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاث فنحن نفرغ منه وأهله قبل ذلك, وكان له مسجد في الحجر في شعب يصلي فيه, فخرجوا إلى كهف وقالوا: إذا جاء يصلي قتلناه, ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله, ففرغنا منهم, وقرأ قول الله تبارك وتعالى: قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم, فخشوا أن تشدخهم, فبادروا الغار, فطبقت الصخرة عليهم فم ذلك الغار, فلا يدري قومهم أين هم؟ ولا يدرون ما فعل بقومهم، فعذّب الله تبارك وتعالى هؤلاء هاهنا, وهؤلاء هنا, وأنجى الله صالحا ومن معه.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) قال: فسلط الله عليهم صخرة فقتلتهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
النمل: 50 | ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ |
---|
نوح: 22 | ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْهل حصل مقصودهم؟ وأدركوا بذلك المكر مطلوبهم أم انتقض عليهم الأمر ولهذا قالأَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَأهلكناهم واستأصلنا شأفتهم فجاءتهم صيحة عذاب فأهلكوا عن آخرهم
ثم بين- سبحانه- الآثار التي ترتبت على مكرهم السيئ، وعلى تدبيره المحكم فقال- تعالى-:
فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ، أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ أى: فانظر- أيها العاقل- وتأمل واعتبر فيما آل إليه أمر هؤلاء المفسدين، لقد دمرناهم وأبدناهم، وأبدنا معهم جميع الذين كفروا بنبينا صالح- عليه السلام-.
قال بعض العلماء ما ملخصه: قوله- تعالى-: أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ قرأه الجمهور بكسر همزة أَنَّا على الاستئناف، وقرأه عاصم وحمزة والكسائي: أَنَّا دَمَّرْناهُمْ بفتح الهمزة وفي إعراب المصدر المنسبك من أن وصلتها أوجه منها: أنه بدل من عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ ومنها: أنه خبر مبتدأ محذوف، وتقديره: هي أى: عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم.. .
وقوله : ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) أي : تحالفوا وتبايعوا على قتل نبي الله صالح ، عليه السلام ، من لقيه ليلا غيلة . فكادهم الله ، وجعل الدائرة عليهم .
قال مجاهد : تقاسموا وتحالفوا على هلاكه ، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين .
وقال قتادة : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه ، وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به ، إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : هم الذين عقروا الناقة ، قالوا حين عقروها : نبيت صالحا [ وأهله ] وقومه فنقتلهم ، ثم نقول لأولياء صالح : ما شهدنا من هذا شيئا ، وما لنا به من علم . فدمرهم الله أجمعين .
وقال محمد بن إسحاق : قال هؤلاء التسعة بعدما عقروا الناقة : هلم فلنقتل صالحا ، فإن كان صادقا عجلناه قبلنا ، وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطؤوا على أصحابهم ، أتوا منزل صالح ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة ، فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، ثم هموا به ، فقامت عشيرته دونه ، ولبسوا السلاح ، وقالوا لهم : والله لا تقتلونه أبدا ، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم عليكم غضبا ، وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون . فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك .
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : لما عقروا الناقة وقال لهم صالح : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] قالوا : زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث . وكان لصالح مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي : غار هناك ليلا فقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ، ففرغنا منهم . فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ، ولا يدرون ما فعل بقومهم . فعذب الله هؤلاء هاهنا ، وهؤلاء هاهنا ، وأنجى الله صالحا ومن معه ، ثم قرأ : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية ) أي : فارغة ليس فيها أحد ( بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .
وقوله: (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: فانظر يا محمد بعين قلبك إلى عاقبة غدر ثمود بنبيهم صالح, كيف كانت؟ وما الذي أورثها اعتداؤهم وطغيانهم وتكذيبهم؟ فإن ذلك سنتنا فيمن كذب رسلنا, وطغى علينا من سائر الخلق, فحذر قومك من قريش, أن ينالهم بتكذيبهم إياك, ما نال ثمود بتكذيبهم صالحا من المثلات.
وقوله: (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ) يقول: إنا دمرنا التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض من قوم صالح وقومهم من ثمود أجمعين, فلم نبق منهم أحدا.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله " إنا " فقرأ بكسرها عامة قرّاء الحجاز والبصرة على الابتداء, وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ ) بفتح الألف. وإذا فُتحت كان في ( أَنَّا ) وجهان من الإعراب: أحدهما الرفع على ردّها على العاقبة على الاتباع لها, والآخر النصب على الرد على موضع كيف؛ لأنها في موضع نصب إن شئت, وإن شئت على تكرير كان عليها على وجه, فانظر كيف كان عاقبة مكرهم كان عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قرأة الأمصار متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أنا:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الحسن، وابن أبى إسحاق، والكوفيين.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة الجمهور.
3- أن، الناصبة للمضارع، وهى قراءة أبى.
التفسير :
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةًقد تهدمت جدرانها على سقوفها وأوحشت من ساكنيها وعطلت من نازليهابِمَا ظَلَمُواأي هذا عاقبة ظلمهم وشركهم بالله وبغيهم في الأرض
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَالحقائق ويتدبرون وقائع الله في أوليائه وأعدائه فيعتبرون بذلك ويعلمون أن عاقبة الظلم الدمار والهلاك وأن عاقبة الإيمان والعدل النجاة والفوز
وقوله- سبحانه-: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا.. مقرر ومؤكد لما قبله من تدمير المفسدين وإهلاكهم.
أى: إن كنت- أيها المخاطب- تريد دليلا على تدميرهم جميعا، فتلك هي بيوتهم خاوية وساقطة ومتهدمة على عروشها، بسبب ظلمهم وكفرهم ومكرهم.
إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فعلناه بهم من تدمير وإهلاك لَآيَةً بينة، وعبرة واضحة،لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أى: يتصفون بالعلم النافع الذي يتبعه العمل الصالح.
وقوله : ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) أي : تحالفوا وتبايعوا على قتل نبي الله صالح ، عليه السلام ، من لقيه ليلا غيلة . فكادهم الله ، وجعل الدائرة عليهم .
قال مجاهد : تقاسموا وتحالفوا على هلاكه ، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين .
وقال قتادة : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه ، وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به ، إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : هم الذين عقروا الناقة ، قالوا حين عقروها : نبيت صالحا [ وأهله ] وقومه فنقتلهم ، ثم نقول لأولياء صالح : ما شهدنا من هذا شيئا ، وما لنا به من علم . فدمرهم الله أجمعين .
وقال محمد بن إسحاق : قال هؤلاء التسعة بعدما عقروا الناقة : هلم فلنقتل صالحا ، فإن كان صادقا عجلناه قبلنا ، وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطؤوا على أصحابهم ، أتوا منزل صالح ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة ، فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، ثم هموا به ، فقامت عشيرته دونه ، ولبسوا السلاح ، وقالوا لهم : والله لا تقتلونه أبدا ، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم عليكم غضبا ، وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون . فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك .
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : لما عقروا الناقة وقال لهم صالح : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] قالوا : زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث . وكان لصالح مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي : غار هناك ليلا فقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ، ففرغنا منهم . فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ، ولا يدرون ما فعل بقومهم . فعذب الله هؤلاء هاهنا ، وهؤلاء هاهنا
يعني تعالى ذكره بقوله: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً ) فتلك مساكنهم خاوية خالية منهم, ليس فيها منهم أحد, قد أهلكهم الله فأبادهم (بِمَا ظَلَمُوا ) يقول تعالى ذكره: بظلمهم أنفسهم بشركهم بالله, وتكذيبهم رسولهم (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) يقول تعالى ذكره: إن في فعلنا بثمود ما قصصنا عليك يا محمد من القصة, لعظة لمن يعلم فعلنا بهم ما فعلنا, من قومك الذين يكذّبونك فيما جئتهم به من عند ربك وعبرة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
خاوية:
1- بالنصب، على الحال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، وهى قراءة عيسى بن عمر.
التفسير :
ولهذا قالوَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَأي أنجينا المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وكانوا يتقون الشرك بالله والمعاصي ويعملون بطاعته وطاعة رسله
ثم ختم- سبحانه- هذه القصة بتأكيد سنته التي لا تتخلف فقال: وَأَنْجَيْنَا أى:
بفضلنا وإحساننا، الَّذِينَ آمَنُوا وهم نبينا صالح وأتباعه وَكانُوا يَتَّقُونَ أى:
وكانوا يتقون الله- تعالى- ويخافون عذابه.
وبذلك تكون السورة الكريمة قد ساقت لنا جانبا من قصة صالح مع قومه هذا الجانب فيه ما فيه من عظات وعبر لقوم يعقلون.
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك طرفا من قصة لوط مع قومه، فقال- تعالى-:
وأنجى الله صالحا ومن معه ، ثم قرأ : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية ) أي : فارغة ليس فيها أحد ( بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .
(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا ) يقول: وأنجينا من نقمتنا وعذابنا الذي أحللناه بثمود رسولنا صالحا والمؤمنين
به.(وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) يقول: وكانوا يتقون بإيمانهم, وبتصديقهم صالحا الذي حل بقومهم من ثمود ما حلّ بهم من عذاب الله, فكذلك ننجيك يا محمد وأتباعك, عند إحلالنا عقوبتنا بمشركي قومك من بين أظهرهم.
وذكر أن صالحا لما أحلّ الله بقومه ما أحلّ, خرج هو والمؤمنون به إلى الشام, فنـزل رملة فلسطين.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يونس: 63 | ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ |
---|
النمل: 53 | ﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ |
---|
فصلت: 18 | ﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:واذكر عبدنا ورسولنا لوطا ونبأه الفاضل حين قال لقومه -داعيا إلى الله وناصحا-:( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ) أي:الفعلة الشنعاء التي تستفحشها العقول والفطر وتستقبحها الشرائع ( وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) ذلك وتعلمون قبحه فعاندتم وارتكبتم ذلك ظلما منكم وجرأة على الله.
وقصة لوط- عليه السلام- قد ذكرت في سور متعددة منها الأعراف، وهود، والحجر..
وهنا تتعرض السورة الكريمة، لإبراز ما كان عليه أولئك القوم من فجور، وما هددوا به نبيهم.
قال ابن كثير- رحمه الله-: ولوط هو ابن هاران بن آزر، وهو ابن أخى إبراهيم- عليه السلام- وكان لوط قد آمن مع ابراهيم، وهاجر معه إلى أرض الشام، فبعثه الله- تعالى- إلى أهل «سدوم» ، وما حولها من القرى، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عما يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها، دون أن يسبقهم إليها أحد من بنى آدم. .
وقوله- تعالى-: وَلُوطاً ... منصوب بفعل مضمر محذوف، والتقدير: واذكر- أيها العاقل- وقت أن أرسلنا لوطا إلى قومه. فقال لهم على سبيل الزجر والتوبيخ:
أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أى: أتأتون الفاحشة التي لم يسبقكم إليها أحد، وهي إتيان الذكور دون الإناث، وأنتم تبصرون بأعينكم أنها تتنافى مع الفطرة السوية حتى بالنسبة للحيوان الأعجم فأنتم ترون وتشاهدون أن الذكر من الحيوان لا يأتى الذكر، وإنما يأتى الأنثى، حيث يتأتى عن طريقها التوالد والتناسل وعمارة الكون.
فقوله- سبحانه-: وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ جملة حالية المقصود بها زيادة تبكيتهم وتوبيخهم، لأنهم يشاهدون تنزه الحيوان عنها، كما يعلمون سوء عاقبتها، وسوء عاقبة الذين خالفوا أنبياءهم من قبلهم.
يخبر تعالى عن عبده لوط عليه السلام ، أنه أنذر قومه نقمة الله بهم في فعلهم الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم ، وهي إتيان الذكور دون الإناث ، وذلك فاحشة عظيمة ، استغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء - قال ( أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ) أي : يرى بعضكم بعضا ، وتأتون في ناديكم المنكر ؟
يقول تعالى ذكره: وأرسلنا لوطا إلى قومه, إذ قال لهم: يا قوم (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) أنها فاحشة؛ لعلمكم بأنه لم يسبقكم إلى ما تفعلون من ذلك أحد.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 80 | ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ |
---|
يونس: 71 | ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي﴾ |
---|
النمل: 54 | ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ |
---|
العنكبوت: 16 | ﴿وَإبراهيم إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ﴾ |
---|
العنكبوت: 28 | ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ |
---|
الصافات: 124 | ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم فسر تلك الفاحشة فقال: أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِأي:كيف توصلتم إلى هذه الحال، صارت شهوتكم للرجال، وأدبارهم محل الغائط والنجو والخبث، وتركتم ما خلق الله لكم من النساء من المحال الطيبة التي جبلت النفوس إلى الميل إليها وأنتم انقلب عليكم الأمر فاستحسنتم القبيح واستقبحتم الحسنبَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ متجاوزون لحدود الله متجرئون على محارمه.
وقوله- سبحانه-: أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ ... تأكيد للإنكار السابق، وتوضيح للفاحشة التي كانوا يأتونها.
والإتيان: كناية عن الاستمتاع والجماع، مأخوذ من أتى المرأة إذا جامعها.
أى: أإنكم- أيها الممسوخون في فطرتكم وطبائعكم- لتصبون شهوتكم التي ركبها الله- تعالى- فيكم في الرجال دون النساء اللاتي جعلهن الله- تعالى- محل شهوتكم ومتعتكم.
قال الآلوسى: والجملة الكريمة تثنية للإنكار، وبيان لما يأتونه من الفاحشة بطريق التصريح بعد الإبهام وتحلية الجملة بحرفى التأكيد، للإيذان بأن مضمونها مما لا يصدق وقوعه أحد، لكمال شناعته، وإيراد المفعول بعنوان الرجولية دون الذكورية، لزيادة التقبيح والتوبيخ. .
وقوله- تعالى-: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إضراب عن الإنكار إلى الإخبار عن الأسباب التي جعلتهم يرتكبون هذه القبائح، وهي أنهم قوم دينهم الجهل والسفاهة والمجون وانطماس البصيرة.
وقد حكى القرآن أن لوطا قد قال لهم في سورة الأعراف: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ.
وقال لهم في سورة الشعراء: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ وقال لهم هنا: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ومجموع الآيات يدل على أنهم كانوا مصابين بفساد العقل، وانحراف الفطرة،وتجاوز كل الحدود التي ترتضيها النفوس الكريمة.
( أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون ) أي : لا تعرفون شيئا لا طبعا ولا شرعا ، كما قال في الآية الأخرى : ( أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ) [ الشعراء : 165 ، 166 ] .
وقوله: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً ) منكم بذلك من دون فروج النساء التي أباحها الله لكم بالنكاح. وقوله: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) يقول: ما ذلك منكم إلا أنكم قوم سفهاء جهلة بعظيم حقّ الله عليكم, فخالفتم لذلك أمره, وعصيتم رسوله.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 81 | ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ |
---|
النمل: 55 | ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ |
---|
العنكبوت: 29 | ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء