ترتيب المصحف | 36 | ترتيب النزول | 41 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 5.80 |
عدد الآيات | 83 | عدد الأجزاء | 0.30 |
عدد الأحزاب | 0.60 | عدد الأرباع | 2.30 |
ترتيب الطول | 38 | تبدأ في الجزء | 22 |
تنتهي في الجزء | 23 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 19/29 | يس: 1/1 |
بعدَ بيانِ إصرارِ مشركي العربِ على الكفرِ، ضربَ اللهُ لهم هنا مثلاً يُشبهُ حالَهم في الغلوِ في الكفرِ وتكذيبِ الرسلِ: قصَّةَ أصحابِ القريةِ التى أرسلَ اللهُ لهم رسولَينِ، ثُمَّ عزَّزَ بثالثٍ فكذَّبُوهم.
قريبًا إن شاء الله
وجاءَ من أبعدِ أطرافِ المدينةِ رجلٌ مؤمنٌ ينصحُ قومَه باتِّباعِ الرُّسلِ، وأعلنَ إيمانَه فقتلُوه، فلمَّا قِيل له ادخُلْ الجَنَّةَ قالَ: يا ليتَ قومِى يعلمُونَ هذا ليؤمِنُوا.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
أي:واضرب لهؤلاء المكذبين برسالتك، الرادين لدعوتك، مثلا يعتبرون به، ويكون لهم موعظة إن وفقوا للخير، وذلك المثل:أصحاب القرية، وما جرى منهم من التكذيب لرسل اللّه، وما جرى عليهم من عقوبته ونكاله.
وتعيين تلك القرية، لو كان فيه فائدة، لعينها اللّه، فالتعرض لذلك وما أشبهه من باب التكلف والتكلم بلا علم، ولهذا إذا تكلم أحد في مثل هذا تجد عنده من الخبط والخلط والاختلاف الذي لا يستقر له قرار، ما تعرف به أن طريق العلم الصحيح، الوقوف مع الحقائق، وترك التعرض لما لا فائدة فيه، وبذلك تزكو النفس، ويزيد العلم، من حيث يظن الجاهل أن زيادته بذكر الأقوال التي لا دليل عليها، ولا حجة عليها ولا يحصل منها من الفائدة إلا تشويش الذهن واعتياد الأمور المشكوك فيها.
والشاهد أن هذه القرية جعلها اللّه مثلا للمخاطبين.{ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ} من اللّه تعالى يأمرونهم بعبادة اللّه وحده، وإخلاص الدين له، وينهونهم عن الشرك والمعاصي.
قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ وهذه القرية هي «أنطاكية» في قول جميع المفسرين ... والمرسلون: قيل: هم رسل من الله على الابتداء. وقيل: إن عيسى بعثهم إلى أنطاكية للدعاء إلى الله- تعالى- .
ولم يرتض ابن كثير ما ذهب إليه القرطبي والمفسرون من أن المراد بالقرية «أنطاكية» كما أنه لم يرتض الرأى القائل بأن الرسل الثلاثة كانوا من عند عيسى- عليه السلام- فقد قال- رحمه الله- ما ملخصه: وقد تقدم عن كثير من السلف، أن هذه القرية هي أنطاكية، وأن هؤلاء الثلاثة كانوا رسلا من عيسى- عليه السلام- وفي ذلك نظر من وجوه:
أحدها: أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله- عز وجل- لا من جهة عيسى، كما قال- تعالى-: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ...
الثاني: أن أهل أنطاكية آمنوا برسل عيسى إليهم، وكانوا أول مدينة آمنت بالمسيح عليه السلام، ولهذا كانت عند النصارى، إحدى المدن الأربعة التي فيها بتاركة- أى، علماء بالدين المسيحي..
الثالث: أن قصة أنطاكية مع الحواريين أصحاب عيسى، كانت بعد نزول التوراة، وقد ذكر أبو سعيد الخدري وغيره، أن الله تعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم، بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين ...
فعلى هذا يتعين أن هذه القرية المذكورة. قرية أخرى غير أنطاكية.. فإن هذه القرية المشهورة بهذا الاسم لم يعرف أنها أهلكت، لا في الملة النصرانية ولا قبل ذلك .
والذي يبدو لنا أن ما ذهب إليه الإمام ابن كثير هو الأقرب إلى الصواب وأن القرآن الكريم لم يذكر من هم أصحاب القرية، لأن اهتمامه في هذه القصة وأمثالها، بالعبر والعظات التي تؤخذ منها.
وضرب المثل في القرآن الكريم كثيرا ما يستعمل في تطبيق حالة غريبة، بأخرى تشبهها، كما في قوله- تعالى- ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ، كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما، فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً. وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ.
فيكون المعنى: واجعل- أيها الرسول الكريم- حال أصحاب القرية، مثلا لمشركي مكة في الإصرار على الكفر والعناد، وحذرهم من أن مصيرهم سيكون كمصير هؤلاء السابقين، الذين كانت عاقبتهم أن أخذتهم الصيحة فإذا هم خامدون، لأنهم كذبوا المرسلين.
وقوله- سبحانه-: إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ بدل اشتمال من أَصْحابَ الْقَرْيَةِ.
والمراد بالمرسلين: الذين أرسلهم الله إلى أهل تلك القرية، لهدايتهم إلى الحق.
قول تعالى : واضرب - يا محمد - لقومك الذين كذبوك ( مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون ) .
قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس ، وكعب الأحبار ، ووهب بن منبه - : إنها مدينة أنطاكية ، وكان بها ملك يقال له : أنطيخس بن أنطيخس بن أنطيخس ، وكان يعبد الأصنام ، فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل ، وهم : صادق وصدوق وشلوم ، فكذبهم .
وهكذا روي عن بريدة بن الحصيب ، وعكرمة ، وقتادة ، والزهري : أنها أنطاكية .
وقد استشكل بعض الأئمة كونها أنطاكية ، بما سنذكره بعد تمام القصة ، إن شاء الله تعالى .
القول في تأويل قوله تعالى : وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)
يقول تعالى ذكره: ومثل يا محمد لمشركي قومك مثلا أصحاب القرية ، &; 20-500 &; ذُكر أنها أنطاكية ( إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ) اختلف أهل العلم في هؤلاء الرسل، وفيمن كان أرسلهم إلى أصحاب القرية ؛ فقال بعضهم: كانوا رسل عيسى ابن مريم، وعيسى الذي أرسلهم إليهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) قال: ذُكر لنا أن عيسى ابن مريم بعث رجلين من الحواريين إلى أنطاكية -مدينة بالروم- فكذبوهما فأعزهما بثالث ( فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ).
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، قال: ثني السدي، عن عكرمة ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ ) قال: أنطاكية .
وقال آخرون: بل كانوا رسلا أرسلهم الله إليهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سَلَمَة قال: ثنا ابن إسحاق، فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبه، قال: كان بمدينة أنطاكية، فرعون من الفراعنة يقال له أبطيحس بن أبطيحس يعبد الأصنام، صاحب شرك، فبعث الله المرسلين، وهم ثلاثة: صادق، ومصدوق، وسلوم، فقدم إليه وإلى أهل مدينته منهم اثنان فكذبوهما، ثم عزز الله بثالث ، فلما دعته الرسل ونادته بأمر الله، وصدعت بالذي أمرت به، وعابت دينه، وما هم عليه، قال لهم إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الكهف: 32 | ﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ﴾ |
---|
يس: 13 | ﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ﴾ |
---|
الكهف: 45 | ﴿ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} أي:قويناهما بثالث، فصاروا ثلاثة رسل، اعتناء من اللّه بهم، وإقامة للحجة بتوالي الرسل إليهم،{ فَقَالُوا} لهم:{ إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ}
وقوله: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما ... بيان لكيفية الإرسال ولموقف أهل القرية ممن جاءوا لإرشادهم إلى الدين الحق.
أى: إن موقف المشركين منك- أيها الرسول الكريم-، يشبه موقف أصحاب القرية من الرسل الذين أرسلناهم لهدايتهم، إذ أرسلنا إلى أصحاب هذه القرية اثنين من رسلنا، فكذبوهما. وأعرضوا عن دعوتهما.
والفاء في قوله فَكَذَّبُوهُما للإفصاح، أى: أرسلنا إليهم اثنين لدعوتهم إلى إخلاص العبادة لنا فذهبا إليهم فكذبوهما.
وقوله: فعززنا بثالث أى: فقو بنا الرسالة برسول ثالث، من التعزيز بمعنى التقوية، ومنه قولهم: تعزز لحم الناقة، إذا اشتد وقوى. وعزز المطر الأرض، إذا قواها وشدها. وأرض عزاز، إذا كانت صلبة قوية.
ومفعول فَعَزَّزْنا محذوف لدلالة ما قبله عليه أى: فعززناهما برسول ثالث فَقالُوا أى الرسل الثلاثة لأصحاب القرية: إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ لا إلى غيركم، فأطيعونا فيما ندعوكم إليه من إخلاص العبادة لله- تعالى-، ونبذ عبادة الأصنام.
وقوله : ( إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما ) أي : بادروهما بالتكذيب ، ( فعززنا بثالث ) أي : قويناهما وشددنا أزرهما برسول ثالث .
قال ابن جريج ، عن وهب بن سليمان ، عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الرسولين الأولين شمعون ويوحنا ، واسم الثالث بولص ، والقرية أنطاكية .
وقوله ( إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) يقول تعالى ذكره: حين أرسلنا إليهم اثنين يدعوانهم إلى الله فكذبوهما فشددناهما بثالث، وقويناهما به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل &; 20-501 &; .
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) قال: شددنا .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد في قوله ( فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) قال: زدنا .
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ) قال: جعلناهم ثلاثة، قال: ذلك التعزز، قال: والتعزز: القوة .
وقوله ( فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ) يقول: فقال المرسلون الثلاثة لأصحاب القرية: إنَّا إليكم أيها القوم مرسلون، بأن تُخْلِصوا العبادة لله وحده، لا شريك له، وتتبرءوا مما تعبدون من الآلهة والأصنام.
وبالتشديد في قوله ( فَعَزَّزْنَا ) قرأت القراء سوى عاصم، فإنه قرأه بالتخفيف، والقراءة عندنا بالتشديد، لإجماع الحجة من القراء عليه، وأن معناه، إذا شُدد: فقوينا، وإذا خُفف: فغلبنا، وليس لغلبنا في هذا الموضع كثير معنى.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يس: 14 | ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ﴾ |
---|
يس: 16 | ﴿قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
فعززننا:
1- بالتشديد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتخفيف، وهى قراءة الحسن، وأبى حيوة، وأبى بكر، والمفضل، وأبان.
بثالث:
وقرئ:
بالثالث، بألف ولام، وهى قراءة عبد الله.
التفسير :
فأجابوهم بالجواب الذي ما زال مشهورا عند من رد دعوة الرسل:فـ{ قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} أي:فما الذي فضلكم علينا وخصكم من دوننا؟ قالت الرسل لأممهم:{ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}
{ وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ} أي:أنكروا عموم الرسالة، ثم أنكروا أيضا المخاطبين لهم، فقالوا:{ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ}
ثم حكى- سبحانه- ما دار بين الرسل وأصحاب القرية من محاورات فقال: قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا، وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ.
أى: قال أصحاب القرية للرسل على سبيل الاستنكار والتطاول: أنتم لستم إلا بشرا مثلنا في البشرية، ولا مزية لكم علينا، وكأن البشرية في زعمهم تتنافى مع الرسالة، ثم أضافوا إلى ذلك قولهم: وما أنزل الرحمن من شيء مما تدعوننا إليه.
ثم وصفوهم بالكذب فقالوا لهم: ما أنتم إلا كاذبون، فيما تدعونه من أنكم رسل إلينا.
وهكذا قابل أهل القرية رسل الله، بالإعراض عن دعوتهم وبالتطاول عليهم، وبالإنكار لما جاءوا به، وبوصفهم بالكذب فيم يقولونه.
( فقالوا ) أي : لأهل تلك القرية : ( إنا إليكم مرسلون ) أي : من ربكم الذي خلقكم ، نأمركم بعبادته وحده لا شريك له . قاله أبو العالية .
وزعم قتادة بن دعامة : أنهم كانوا رسل المسيح ، عليه السلام ، إلى أهل أنطاكية . ( قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا ) أي : فكيف أوحي إليكم وأنتم بشر ونحن بشر ، فلم لا أوحي إلينا مثلكم ؟ ولو كنتم رسلا لكنتم ملائكة . وهذه شبه كثير من الأمم المكذبة ، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله : ( ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا ) [ التغابن : 6 ] ، فاستعجبوا من ذلك وأنكروه . وقوله : ( قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين ) [ إبراهيم : 10 ] . وقوله حكاية عنهم في قوله : ( ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ) [ المؤمنون : 34 ] ، ( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا ) ؟ [ الإسراء : 94 ] . ولهذا قال هؤلاء : ( ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون)
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ (15)
يقول تعالى ذكره: قال أصحاب القرية للثلاثة الذين أرسلوا إليهم حين أخبروهم أنهم أرسلوا إليهم بما أرسلوا به: ما أنتم أيها القوم إلا أُناس مثلنا، ولو كنتم رسلا كما تقولون، لكنتم ملائكة ( وَمَا أَنـزلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ ) يقول: قالوا: &; 20-502 &; وما أنـزل الرحمن إليكم من رسالة ولا كتاب ولا أمركم فينا بشيء ( إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ ) في قيلكم إنكم إلينا مرسلون
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يس: 15 | ﴿قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَ مَا أَنزَلَ الرَّحْمَـٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُون﴾ |
---|
الملك: 9 | ﴿قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّـهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فقالت هؤلاء الرسل الثلاثة:{ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} فلو كنا كاذبين، لأظهر اللّهخزينا، ولبادرنا بالعقوبة.
ولكن الرسل قابلوا كل ذلك بالأناة والصبر، شأن الواثق من صدقه، فقالوا لأهل القرية: بُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ. وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ.
أى: قالوا لهم بثقة وأدب: ربنا- وحده- يعلم إنا إليكم لمرسلون، وكفى بعلمه علما، وبحكمه حكما، وما علينا بعد ذلك بالنسبة لكم إلا أن نبلغكم ما كلفنا بتبليغه إليكم تبليغا واضحا، لا غموض فيه ولا التباس.
فأنت ترى أن الرسل لم يقابلوا سفاهة أهل القرية بمثلها، وإنما قابلوا تكذيبهم لهم.
بالمنطق الرصين، وبتأكيد أنهم رسل الله، وأنهم صادقون في رسالتهم، لأن قولهم رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ جار مجرى القسم في التوكيد.
( قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ) أي : أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين : الله يعلم أنا رسله إليكم ، ولو كنا كذبة عليه لانتقم منا أشد الانتقام ، ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم ، وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار ، كقوله تعالى : ( قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون ) [ العنكبوت : 52 ] .
( قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ) يقول: قال الرسل: ربنا يعلم إنَّا إليكم لمرسلون فيما دعوناكم إليه، وإنَّا لصادقون
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يس: 14 | ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ﴾ |
---|
يس: 16 | ﴿قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} أي:البلاغ المبين الذي يحصل به توضيح الأمور المطلوب بيانها، وما عدا هذا من آيات الاقتراح، ومن سرعة العذاب، فليس إلينا، وإنما وظيفتنا -التي هي البلاغ المبين- قمنا بها، وبيناها لكم، فإن اهتديتم، فهو حظكم وتوفيقكم، وإن ضللتم، فليس لنا من الأمر شيء.
وقولهم: وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ تحديد للوظيفة التي أرسلهم الله- تعالى- من أجلها.
( وما علينا إلا البلاغ المبين ) يقولون إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم ، فإذا أطعتم كانت لكم السعادة في الدنيا والآخرة ، وإن لم تجيبوا فستعلمون غب ذلك ، والله أعلم .
( وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) يقول: وما علينا إلا أن نبلغكم رسالة الله التي أرسلنا بها إليكم بلاغًا يبين لكم أنَّا أبلغناكموها، فإن قبلتموها فحظ أنفسكم تصيبون، وإن لم تقبلوها فقد أدينا ما علينا، والله ولي الحكم فيه.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المائدة: 92 | ﴿فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ ﴾ |
---|
النحل: 35 | ﴿فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ ﴾ |
---|
النحل: 82 | ﴿فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ ﴾ |
---|
النور: 54 | ﴿وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ ﴾ |
---|
العنكبوت: 18 | ﴿فَقَدۡ كَذَّبَ أُمَمٞ مِّن قَبۡلِكُمۡۖ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ ﴾ |
---|
يس: 17 | ﴿وَمَا عَلَيۡنَآ إِلَّا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ ﴾ |
---|
التغابن: 12 | ﴿فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فقال أصحاب القرية لرسلهم:{ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} أي:لم نر على قدومكم علينا واتصالكم بنا إلا الشر، وهذا من أعجب العجائب، أن يجعل من قدم عليهم بأجل نعمة ينعم اللّه بها على العباد، وأجل كرامة يكرمهم بها، وضرورتهم إليها فوق كل ضرورة، قد قدم بحالة شر، زادت على الشر الذي هم عليه، واستشأموا بها، ولكن الخذلان وعدم التوفيق، يصنع بصاحبه أعظم ممايصنع به عدوه.
ثم توعدوهم فقالوا:{ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ} أي:نقتلنكم رجما بالحجارة أشنع القتلات{ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}
ولكن أهل القرية لم يقتنعوا بهذا المنطق السليم، بل ردوا على الرسل ردا قبيحا، فقالوا لهم: إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ، لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ، وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ والتطير:التشاؤم. أى قالوا في الرد عليهم: إنا تشاءمنا من وجودكم بيننا، وكرهنا النظر إلى وجوهكم، وإذا لم ترحلوا عنا، وتكفوا عن دعوتكم لنا إلى ما لا نريده، لنرجمنكم بالحجارة، وليمسنكم منا عذاب شديد الألم قد ينتهى بقتلكم وهلاككم.
قال صاحب الكشاف: قوله تَطَيَّرْنا بِكُمْ أى: تشاءمنا بكم، وذلك أنهم كرهوا دينهم، ونفرت منه نفوسهم، وعادة الجهال أن يتيمنوا بكل شيء مالوا إليه، واشتهوه وآثروه وقبلته طباعهم، ويتشاءموا مما نفروا عنه وكرهوه، فإن أصابهم خير أو بلاء، قالوا:
ببركة هذا وبشؤم هذا.. .
فعند ذلك قال لهم أهل القرية : ( إنا تطيرنا بكم ) أي : لم نر على وجوهكم خيرا في عيشنا .
وقال قتادة : يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم .
وقال مجاهد : يقولون : لم يدخل مثلكم إلى قرية إلا عذب أهلها .
( لئن لم تنتهوا لنرجمنكم ) : قال قتادة : بالحجارة . وقال مجاهد : بالشتم .
( وليمسنكم منا عذاب أليم ) أي : عقوبة شديدة .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18)
يقول تعالى ذكره: قال أصحاب القرية للرسل ( إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ) يعنون: إنَّا تشاءمنا بكم، فإن أصابنا بلاء فمن أجلكم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ) قالوا: إن أصابنا شر، فإنما هو من أجلكم .
وقوله ( لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ) يقول: لئن لم تنتهوا عمَّا ذكرتم من أنكم أرسلتم إلينا بالبراءة من آلهتنا، والنهي عن عبادتنا لنرجمنكم، قيل: عني بذلك لنرجمنكم بالحجارة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة ( لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ) بالحجارة ( وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يقول: ولينالنكم منَّا عذاب موجع .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فقالت لهم رسلهم:{ طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} وهو ما معهم من الشرك والشر، المقتضي لوقوع المكروه والنقمة، وارتفاع المحبوب والنعمة.{ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ} أي:بسبب أنا ذكرناكم ما فيه صلاحكم وحظكم، قلتم لنا ما قلتم.
{ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} متجاوزون للحد، متجرهمون في قولكم، فلم يزدهم [دعاؤهم] إلا نفورا واستكبارا.
ولكن الرسل قابلوا هذا التهديد- أيضا- بالثبات، والمنطق الحكيم فقالوا لهم:
طائِرُكُمْ مَعَكُمْ، أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ.
أى: قال الرسل لأهل القرية: ليس الأمر كما ذكرتم من أننا سبب شؤمكم، بل الحق أن شؤمكم معكم، ومن عند أنفسكم، بسبب إصراركم على كفركم، وإعراضكم عن الحق الذي جئناكم به من عند خالقكم.
وجواب الشرط لقوله: أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ محذوف، والتقدير: أئن وعظتم وذكرتم بالحق، وخوفتم من عقاب الله.. تطيرتم وتشاءمتم.
وقوله: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ إضراب عما يقتضيه الاستفهام والشرط من كون التذكير سببا للشؤم.
أى: ليس الأمر كما ذكرتم من أن وجودنا بينكم هو سبب شؤمكم، بل الحق أنكم قوم عادتكم الإسراف في المعاصي، وفي إيثار الباطل على الحق، والغي على الرشد، والتشاؤم على التيامن.
ثم بين- سبحانه- بعد تلك المحاورة التي دارت بين أهل القرية وبين الرسل، والتي تدل على أن أهل القرية كانوا مثلا في السفاهة والكراهة للخير والحق.
بين- سبحانه- بعد ذلك ما دار بين أهل القرية، وبين رجل صالح منهم ساءه أن يرى من قومه تنكرهم لرسل الله- تعالى- وتطاولهم عليهم، وتهديدهم لهم بالرجم: فقال- تعالى-:
فقالت لهم رسلهم : ( طائركم معكم ) أي : مردود عليكم ، كقوله تعالى في قوم فرعون : ( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ) [ الأعراف : 131 ] ، وقال قوم صالح : ( اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله ) [ النمل : 47 ] . وقال قتادة ، ووهب بن منبه : أي أعمالكم معكم . وقال تعالى : ( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ) [ النساء : 78 ] .
وقوله : ( أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون ) أي : من أجل أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد الله وإخلاص العبادة له ، قابلتمونا بهذا الكلام ، وتوعدتمونا وتهددتمونا ؟ بل أنتم قوم مسرفون .
وقال قتادة : أي إن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا ، بل أنتم قوم مسرفون .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19)
يقول تعالى ذكره: قالت الرسل لأصحاب القرية ( طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) يقولون: أعمالكم وأرزاقكم وحظكم من الخير والشر معكم، ذلك كله في أعناقكم، وما ذلك من شؤمنا إن أصابكم سوء فيما كتب عليكم، وسبق لكم من الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنايزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، ( قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ) أي: أعمالكم معكم .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس، وعن كعب وعن وهب بن منبه، قالت لهم الرسل ( طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ) أي: أعمالكم معكم .
وقوله ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) اختلفت القراءة في قراءة ذلك ؛ فقرأته عامة قراء الأمصار ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) بكسر الألف من " إن " وفتح &; 20-504 &; ألف الاستفهام: بمعنى إن ذكرناكم فمعكم طائركم، ثم أدخل على " إن " التي هي حرف جزاء ألف استفهام في قول بعض نحويي البصرة، وفي قول بعض الكوفيين منوي به التكرير، كأنه قيل: طائركم معكم إن ذكرتم فمعكم طائركم، فحذف الجواب اكتفاء بدلالة الكلام عليه. وإنما أنكر قائل هذا القول القول الأول، لأن ألف الاستفهام قد حالت بين الجزاء وبين الشرط، فلا تكون شرطا لما قبل حرف الاستفهام. وذُكر عن أَبي رزين أنه قرأ ذلك ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) بمعنى: ألأن ذكرتم طائركم معكم؟. وذُكر . نعم بعض قارئيه أنه قرأه (قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكَمْ أَيْنَ ذُكِرْتُمْ) بمعنى: حيث ذُكِرْتُمْ بتخفيف الكاف من ذكرتم.
والقراءة التي لا نجيز القراءة بغيرها القراءة التي عليها قراء الأمصار، وهي دخول ألف الاستفهام على حرف الجزاء، وتشديد الكاف على المعنى الذي ذكرناه عن قارئيه كذلك، لإجماع الحجة من القراء عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ ) أي: إن ذكرناكم الله تطيرتم بنا؟( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ).
وقوله ( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ) يقول: قالوا لهم: ما بكم التطير بنا، ولكنكم قوم أهل معاصٍ لله وآثامٍ، قد غلبت عليكم الذنوب والآثام.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 81 | ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ |
---|
يس: 19 | ﴿قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ |
---|
الشعراء: 166 | ﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ |
---|
النمل: 47 | ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ |
---|
النمل: 55 | ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
طائركم:
1- على وزن «فاعل» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- طيركم، بياء ساكنة بعد الطاء، وهى قراءة الحسن، وابن هرمز، وعمرو بن عبيد، وزر بن حبيش.
أئن:
1- بهمزتين، الأولى همزة استفهام والثانية همزة «إن» الشرطية، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيفها، وهى قراءة الكوفيين.
3- بتسهيلها، وهى قراءة باقى السبعة.
4- بهمزتين مفتوحتين، وهى قراءة زر بن حبيش.
5- بهمزتين مفتوحتين، وبناء الثانية بين بين، وهى قراءة أبى جعفر، وطلحة.
ذكرتم:
1- بتشديد الكاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيفها، وهى قراءة أبى جعفر، وخالد بن إلياس، وطلحة، والحسن، وقتادة، وأبى حيوة، والأعمش، من طريق زائدة، والأصمعى، عن نافع
التفسير :
{ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} حرصا على نصح قومه حين سمع ما دعت إليه الرسل وآمن به، وعلم ما رد به قومه عليهم فقال [لهم]:{ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} فأمرهم باتباعهم ونصحهم على ذلك، وشهد لهم بالرسالة.
وقوله- سبحانه-: وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى ... معطوف على كلام محذوف يفهم من سياق القصة، والتقدير:
وانتشر خبر الرسل بين أصحاب القرية، وعلم الناس بتهديد بعضهم لهم وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ أى من أبعد مواضعها رَجُلٌ يَسْعى أى: رجل ذو فطرة سليمة، يسرع الخطا لينصح قومه، وينهاهم عن إيذاء الرسل ويأمرهم باتباعهم.
قالوا: وهذا الرجل كان اسمه حبيب النجار، لأنه كان يشتغل بالنجارة.
وقد أكثر بعض المفسرين هنا من ذكر صناعته وحاله قبل مجيئه، ونحن نرى أنه لا حاجة إلى ذلك، لأنه لم يرد نص صحيح يعتمد عليه فيما ذكروه عنه.
ويكفيه فخرا هذا الثناء من الله- تعالى- عليه بصرف النظر عن اسمه أو صنعته أو حاله، لأن المقصود من هذه القصة وأمثالها في القرآن الكريم هو الاعتبار والافتداء بأهل الخير.
وعبر هنا بالمدينة بعد التعبير عنها في أول القصة بالقرية للإشارة إلى سعتها، وإلى أن خبر هؤلاء الرسل قد انتشر فيها من أولها إلى آخرها.
والتعبير بقوله: يَسْعى: يدل على صفاء نفسه، وسلامة قلبه، وعلو همته، ومضاء عزيمته، حيث أسرع بالحضور إلى الرسل وإلى قومه، ليعلن أمام الجميع كلمة الحق، ولم يرتض أن يقبع في بيته- كما يفعل الكثيرون- بل هرول نحو قومه، ليقوم بواجبه في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
وقوله- تعالى-: قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ بيان لما بدأ ينصح قومه به بعد وصوله إليهم.
أى: قالَ لقومه على سبيل الإرشاد والنصح يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ الذين جاءوا لهدايتكم إلى الصراط المستقيم، ولإنقاذكم من الضلال المبين الذي انغمستم فيه.
قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن منبه - : إن أهل القرية هموا بقتل رسلهم فجاءهم رجل من أقصى المدينة يسعى ، أي : لينصرهم من قومه - قالوا : وهوحبيب ، وكان يعمل الجرير - وهو الحبال - وكان رجلا سقيما قد أسرع فيه الجذام ، وكان كثير الصدقة ، يتصدق بنصف كسبه ، مستقيم النظرة .
وقال ابن إسحاق عن رجل سماه ، عن الحكم ، عن مقسم - أو : عن مجاهد - عن ابن عباس قال : [ كان ] اسم صاحب يس حبيبا ، وكان الجذام قد أسرع فيه .
وقال الثوري ، عن عاصم الأحول ، عن أبي مجلز : كان اسمه حبيب بن مرى .
وقال شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس [ أيضا ] قال : اسم صاحب يس حبيب النجار ، فقتله قومه .
وقال السدي : كان قصارا . وقال عمر بن الحكم : كان إسكافا . وقال قتادة : كان يتعبد في غار هناك .
( قال ياقوم اتبعوا المرسلين ) : يحض قومه على اتباع الرسل الذين أتوهم
وقوله ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ) يقول: وجاء من أقصى مدينة هؤلاء القوم الذين أرسلت إليهم هذه الرسل رجل يسعى إليهم؛ وذلك أن أهل المدينة هذه عزموا، واجتمعت آراؤهم على قتل هؤلاء الرسل الثلاثة فيما ذكر، فبلغ ذلك هذا الرجل، وكان منـزله أقصى المدينة، وكان مؤمنًا، وكان اسمه فيما ذكر " حبيب بن مري".
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الأخبار.
ذكر الأخبار الواردة بذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن أبي مُجِلِّز، قال: كان صاحب يس " حبيب بن مري" .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: كان من حديث صاحب يس فيما حدثنا محمد بن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار وعن وهب بن منبه اليماني أنه كان رجلا من أهل أنطاكية، وكان اسمه " حبيبًا " وكان يعمل الجَرير، وكان رجلا سقيمًا، قد أسرع فيه الجذام، وكان منـزله عند باب من أبواب المدينة قاصيًا، وكان مؤمنًا ذا صدقة، يجمع كسبه إذا أمسى فيما يذكرون، فيقسمه نصفين، فيطعم نصفًا عياله، ويتصدق بنصف، فلم يهمَّه &; 20-505 &; سقمه ولا عمله ولا ضعفه، عن عمل ربه، قال: فلما أجمع قومه على قتل الرسل، بلغ ذلك : " حبيبًا " وهو على باب المدينة الأقصى، فجاء يسعى إليهم يذكرهم بالله، ويدعوهم إلى اتباع المرسلين، فقال ( يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن عمرو بن حزم أنه حُدث عن كعب الأحبار قال: ذكر له حبيب بن زيد بن عاصم أخو بني مازن بن النجار الذي كان مسيلمة الكذاب قطعه باليمامة حين جعل يسأله عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فجعل يقول: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ فيقول: نعم، ثم يقول: أتشهد أني رسول الله؟ فيقول له: لا أسمع، فيقول مسيلمة: أتسمع هذا، ولا تسمع هذا؟ فيقول: نعم، فجعل يقطعه عضوًا عضوًا، كلما سأله لم يزده على ذلك حتى مات في يديه ، قال كعب حين قيل له اسمه " حبيب ": وكان والله صاحب يس اسمه " حبيب " .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن مِقْسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن مجاهد، عن عبد الله بن عباس أنه كان يقول: كان اسم صاحب يس " حبيبًا " وكان الجذام قد أسرع فيه .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ) قال: ذُكر لنا أن اسمه " حبيب "، وكان في غار يعبد ربه، فلما سمع بهم أقبل إليهم . وقوله ( قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) يقول تعالى ذكره: قال الرجل الذي جاء من أقصى المدينة لقومه: يا قوم اتبعوا المرسلين الذين أرسلهم الله إليكم، واقبلوا منهم ما أتوكم به.
وذُكر أنه لما أتى الرسل سألهم: هل يطلبون على ما جاءوا به أجرًا؟ فقالت الرسل: لا فقال لقومه حينئذٍ: اتبعوا من لا يسألكم على نصيحتهم لكم أجرًا &; 20-506 &; .
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: لما انتهى إليهم -يعني إلى الرسل- قال: هل تسألون على هذا من أجر؟ قالوا: لا فقال عند ذلك ( يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبه .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
القصص: 20 | ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ |
---|
يس: 20 | ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم ذكر تأييدا لما شهد به ودعا إليه، فقال:{ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} أي:اتبعوا من نصحكم نصحا يعود إليكم بالخير، وليس [يريد منكم أموالكم ولا أجرا على نصحه لكم وإرشاده إياكم، فهذا موجب لاتباع من هذا وصفه.
بقي] أن يقال:فلعله يدعو ولا يأخذ أجرة، ولكنه ليس على الحق، فدفع هذا الاحتراز بقوله:{ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} لأنهم لا يدعون إلا لما يشهد العقل الصحيح بحسنه، ولا ينهون إلا بما يشهد العقل الصحيح بقبحه.
ثم أكد هذه الدعوة بقوله: اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ اتبعوا هؤلاء الرسل الذين جاءوا بأمر ربكم إليكم، ليرشدوكم الى الطريق الحق، والحال أنهم في أنفسهم ثابتون على الهدى، راسخون في التمسك بالعقيدة السليمة.
( اتبعوا من لا يسألكم أجرا ) أي : على إبلاغ الرسالة ، ( وهم مهتدون ) فيما يدعونكم إليه ، من عبادة الله وحده لا شريك له .
( اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) أي: لا يسألونكم أموالكم على ما جاءوكم به من الهدى، وهم لكم ناصحون، فاتبعوهم تهتدوا بهداهم . وقوله ( وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) يقول: وهم على استقامة من طريق الحق، فاهتدوا أيها القوم بهداهم.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنعام: 82 | ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ |
---|
يس: 21 | ﴿اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فكأن قومه لم يقبلوا نصحه، بل عادوا لائمين له على اتباع الرسل، وإخلاص الدين للّه وحده، فقال:{ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي:وما المانع لي من عبادة من هو المستحق للعبادة، لأنه الذي فطرني، وخلقني، ورزقني، وإليه مآل جميع الخلق، فيجازيهم بأعمالهم، فالذي بيده الخلق والرزق، والحكم بين العباد، في الدنيا والآخرة، هو الذي يستحق أن يعبد، ويثنى عليه ويمجد، دون من لا يملك نفعا ولا ضرا، ولا عطاء ولا منعا، ولا حياة ولا موتا ولا نشورا،
ثم أخذ بعد ذلك في حض قومه على اتباع الحق، عن طريق بيان الأسباب التي حملته على الإيمان، حتى يستثير قلوبهم نحو الهدى، فقال- كما حكى القرآن عنه-: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً؟ إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ. إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ.
أى: قال الرجل الصالح لقومه: وأى مانع يمنعني من أن أعبد الله- تعالى- وحده، لأنه هو الذي خلقني ولم أكن قبل ذلك شيئا مذكورا، وهو الذي إليه يكون مرجعكم بعد مماتكم، فيحاسبكم على أعمالكم في الدنيا، ويجازيكم عليها بما تستحقون من ثواب أو عقاب.
( وما لي لا أعبد الذي فطرني ) أي : وما يمنعني من إخلاص العبادة للذي خلقني وحده لا شريك له ، ( وإليه ترجعون ) أي : يوم المعاد ، فيجازيكم على أعمالكم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22)
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هذا الرجل المؤمن ( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ) أي: وأي شيء لي لا أعبد الرب الذي خلقني ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) يقول: وإليه تصيرون أنتم أيها القوم وتردون جميعًا، وهذا حين أبدى لقومه إيمانه بالله وتوحيده.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبه قال: ناداهم -يعني نادى قومه- بخلاف ما هم عليه من عبادة الأصنام، وأظهر لهم دينه وعبادة ربه، وأخبرهم أنه لا يملك نفعه ولا ضره غيره، فقال ( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ &; 20-507 &; تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) ثم عابها، فقال ( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ ) وشدة ( لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ ).
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ} لأنه لا أحد يشفع عند الله إلا بإذنه، فلا تغني شفاعتهم عني شيئا، وَلَا هُمْ يُنْقذون من الضر الذي أراده اللّه بي.
والاستفهام في قوله: أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً.. للإنكار والنفي.
أى: لا يصح ولا يجوز أن اتخذ معه في العبادة آلهة أخرى، كائنة ما كانت هذه الآلهة، لأنه إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً من النفع، حتى ولو كان هذا النفع في نهاية القلة والحقارة.
وَلا يُنْقِذُونِ: ولا تستطيع هذه الآلهة إنقاذى وتخليصي مما يصيبني من ضر أراد الرحمن أن ينزله بي.
أأتخذ من دونه آلهة ) ؟ استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع ، ( إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ) أي : هذه الآلهة التي تعبدونها من دونه لا يملكون من الأمر شيئا . فإن الله لو أرادني بسوء ، ( فلا كاشف له إلا هو ) [ يونس : 107 ] وهذه الأصنام لا تملك دفع ذلك ولا منعه ، ولا ينقذونني مما أنا فيه ،
وقوله ( أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ) يقول: أأعبد من دون الله آلهة، يعني معبودًا سواه ( إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ ) يقول: إذ مسني الرحمن بضر وشدة ( لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا ) يقول: لا تغني عني شيئًا بكونها إليَّ شفعاء، ولا تقدر على رفع ذلك الضر عني ( وَلا يُنْقِذُونِ ) يقول: ولا يخلصوني من ذلك الضر إذا مسني.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يس: 23 | ﴿إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ ﴾ |
---|
يس: 43 | ﴿وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ إِنِّي إِذًا} أي:إن عبدت آلهة هذا وصفها{ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} فجمع في هذا الكلام، بين نصحهم، والشهادة للرسل بالرسالة، والاهتداء والإخبار بِتعيُّنعبادة اللّه وحده، وذكر الأدلة عليها، وأن عبادة غيره باطلة، وذكر البراهين عليها، والإخبار بضلال من عبدها، والإعلان بإيمانه جهرا، مع خوفه الشديد من قتلهم،
إِنِّي إِذاً لو اتخذت هذه الآلهة شريكا مع الله في العبادة لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أى:
لأكونن في ضلال واضح لا يخفى على أحد من العقلاء.
"إنى إذا لفي ضلال مبين" أى إن اتخذتها آلهة من دون الله.
وقوله ( إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) يقول إني إن اتخذت من دون الله آلهة هذه صفتها( إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) لمن تأمله، جوره عن سبيل الحق.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} فقتله قومه، لما سمعوا منه وراجعهم بما راجعهم به.
ثم ختم حديثه معهم بإعلان إيمانه بكل صراحة وقوة فقال: إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ، الذي خلقكم ورزقكم فَاسْمَعُونِ أى: فاسمعوا ما نطقت به، واشهدوا لي بأنى آمنت بربكم الذي خلقكم وخلقني، وكفرت بهؤلاء الشركاء، ولن أشرك معه- سبحانه- في العبادة أحدا. مهما كانت النتائج.
وهكذا نرى الرجل الصالح الذي استقر الإيمان في قلبه ومشاعره ووجدانه يدافع عن الحق الذي آمن به دفاعا قويا دون أن يخشى أحدا إلا الله، ويدعو قومه بشتى الأساليب إلى اتباعه ويقيم لهم ألوانا من الأدلة على صحة ما يدعو إليه.
ثم يصارحهم في النهاية، ويشهدهم على هذه المصارحة، بأنه قد آمن بما جاء به الرسل إيمانا لا يقبل الشك أو التردد، ولا يثنيه عنه وعد أو وعيد أو إيذاء أو قتل.
ورحم الله صاحب الكشاف، فقد أجاد في تصوير هذه المعاني فقال ما ملخصه: قوله:
اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ كلمة جامعة في الاستجابة لدعوة الرسل، أى: لا تخسرون معهم شيئا من دنياكم، وتربحون صحة دينكم، فينتظم لكم خير الدنيا وخير الآخرة.
ثم أبرز الكلام في معرض المناصحة لنفسه، وهو يريد مناصحتهم، وليتلطف بهم ويداريهم.. فقال: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
ثم قال: إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ يريد فاسمعوا قولي وأطيعونى، فقد نهيتكم على الصحيح الذي لا معدل عنه، أن العبادة لا تصح إلا لمن منه مبتدؤكم وإليه مرجعكم.. .
وقوله : ( إني آمنت بربكم فاسمعون ) : قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب - يقول لقومه : ( إني آمنت بربكم ) الذي كفرتم به ، ( فاسمعون ) أي : فاسمعوا قولي .
ويحتمل أن يكون خطابه للرسل بقوله : ( إني آمنت بربكم ) أي : الذي أرسلكم ، ( فاسمعون ) أي : فاشهدوا لي بذلك عنده . وقد حكاه ابن جرير فقال : وقال آخرون : بل خاطب بذلك الرسل ، وقال لهم : اسمعوا قولي ، لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي ، إني [ قد ] آمنت بربكم واتبعتكم .
وهذا [ القول ] الذي حكاه هؤلاء أظهر في المعنى ، والله أعلم .
قال ابن إسحاق - فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب - : فلما قال ذلك وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه ، ولم يكن له أحد يمنع عنه .
وقال قتادة : جعلوا يرجمونه بالحجارة ، وهو يقول : " اللهم اهد قومي ، فإنهم لا يعلمون " . فلم يزالوا به حتى أقعصوه وهو يقول كذلك ، فقتلوه ، رحمه الله .
وقوله ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ) فاختلف في معنى ذلك، فقال بعضهم: قال هذا القول هذا المؤمن لقومه يعلمهم إيمانه بالله.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب، وعن وهب بن منبه ( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ) إني آمنت بربكم الذي كفرتم به، فاسمعوا قولي .
وقال آخرون: بل خاطب بذلك الرسل، وقال لهم: اسمعوا قولي لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربي، وأني قد آمنت بكم واتبعتكم؛ فذكر أنه لما قال هذا القول، ونصح لقومه النصيحة التي ذكرها الله في كتابه وثبوا به فقتلوه.
ثم اختلف أهل التأويل في صفة قتلهم إياه، فقال بعضهم: رجموه بالحجارة .
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) هذا رجل دعا قومه إلى الله، وأبدى لهم &; 20-508 &; النصيحة فقتلوه على ذلك. وذُكر لنا أنهم كانوا يرجمونه بالحجارة، وهو يقول: اللهم اهد قومي، اللهم اهد قومي، اللهم اهد قومي، حتى أقْعَصوه وهو كذلك .
وقال آخرون: بل وثبوا عليه، فوطئوه بأقدامهم حتى مات.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق فيما بلغه، عن ابن عباس، وعن كعب، وعن وهب بن منبه قال لهم ( وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ) .. إلى قوله ( فَاسْمَعُونِ ) وثبوا وثبة رجل واحد فقتلوه واستضعفوه لضعفه وسقمه، ولم يكن أحد يدفع عنه
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أصحابه &; 20-509 &; أن عبد الله بن مسعود كان يقول: وطئوه بأرجلهم حتى خرج قُصْبه من دُبُره .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فـ{ قِيلَ} له في الحال:{ ادْخُلِ الْجَنَّةَ} فقال مخبرا بما وصل إليه من الكرامة على توحيده وإخلاصه، وناصحا لقومه بعد وفاته، كما نصح لهم في حياته:{ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي}
ولكن هذه النصائح الغالية الحكيمة من الرجل الصالح لقومه، لم تصادف أذنا واعية بل إن سياق القصة بعد ذلك ليوحى بأن قومه قتلوه، فقد قال- تعالى- بعد أن حكى نصائح هذا الرجل لقومه، قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ....
أى: قالت الملائكة لهذا الرجل الصالح عند موته على سبيل البشارة: ادخل الجنة بسبب إيمانك وعملك الطيب.
قال الآلوسى: قوله: قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ.. استئناف لبيان ما وقع له بعد قوله ذلك.
والظاهر أن الأمر المقصود به الإذن له بدخول الجنة حقيقة، وفي ذلك إشارة إلى أن الرجل قد فارق الحياة، فعن ابن مسعود أنه بعد أن قال ما قال قتلوه..
وقيل: الأمر للتبشير لا للإذن بالدخول حقيقة، أى: قالت ملائكة الموت وذلك على سبيل البشارة له بأنه من أهل الجنة- يدخلها إذا دخلها المؤمنون بعد البعث .
قال محمد بن إسحاق ، عن بعض أصحابه ، عن ابن مسعود : إنهم وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره وقال الله له : ( ادخل الجنة ) ، فدخلها فهو يرزق منها ، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها .
وقال مجاهد : قيل لحبيب النجار : ادخل الجنة . وذلك أنه قتل فوجبت له ، فلما رأى الثواب ( قال يا ليت قومي يعلمون ) .
قال قتادة : لا تلقى المؤمن إلا ناصحا ، لا تلقاه غاشا ; لما عاين [ ما عاين ] من كرامة الله ( قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) . تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله [ له ] ، وما هجم عليه .
وقال ابن عباس : نصح قومه في حياته بقوله : ( ياقوم اتبعوا المرسلين ) [ يس : 20 ] ، وبعد مماته في قوله : ( يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) رواه ابن أبي حاتم .
وقال سفيان الثوري ، عن عاصم الأحول ، عن أبي مجلز :
القول في تأويل قوله تعالى : قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)
يقول تعالى ذكره: قال الله له إذ قتلوه كذلك فلقيه ( ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) فلما دخلها وعاين ما أكرمه الله به لإيمانه وصبره فيه ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي) يقول: يا ليتهم يعلمون أن السبب الذي من أجله غفر لي ربي ذنوبي، وجعلني من الذين أكرمهم الله بإدخاله إياه جنته، كان إيماني بالله وصبري فيه، حتى قتلت، فيؤمنوا بالله ويستوجبوا الجنة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن بعض أصحابه أن عبد الله بن مسعود كان يقول: قال الله له: ادخل الجنة، فدخلها حيًّا يرزق فيها، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها، فلما أفضى إلى رحمة الله وجنته وكرامته ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) فلما دخلها( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) قال: فلا تلقى المؤمن إلا ناصحًا، ولا تلقاه غاشًّا، فلما عاين من كرامة الله ( قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله، وما هجم عليه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال: قيل: قد وجبت له الجنة؛ قال ذاك حين رأى الثواب .
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال: وجبت لك الجنة .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ) قال: وجبت له الجنة .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:بأي:شيء غفر لي، فأزال عني أنواع العقوبات،{ وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} بأنواع المثوبات والمسرات، أي:لو وصل علم ذلك إلى قلوبهم، لم يقيموا على شركهم.
وقوله- تعالى-: قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ استئناف بيانى لبيان ما قاله عند البشارة.
أى: قيل له ادخل الجنة بسبب إيمانك وعملك الصالح، فرد وقال: يا ليت قومي الذين قتلوني ولم يسمعوا نصحى، يعلمون بما نلته من ثواب من ربي، فقد غفر لي- سبحانه-، وجعلني من المكرمين عنده، بفضله وإحسانه..
قال ابن كثير: ومقصوده- من هذا القول- أنهم لو اطلعوا على ما حصل عليه من ثواب ونعيم مقيم، لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل، فرحمه الله ورضى عنه، فلقد كان حريصا على هداية قومه.
روى ابن أبى حاتم أن عروة بن مسعود الثقفي، قال للنبي صلّى الله عليه وسلم: ابعثني إلى قومي أدعوهم إلى الإسلام، فقال له صلّى الله عليه وسلم «إنى أخاف أن يقتلوك» ، فقال: يا رسول الله، لو وجدوني نائما ما أيقظونى. فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم «انطلق إليهم» فانطلق إليهم، فمر على اللات والعزى فقال: لأصبحنك غدا بما يسوؤك، فغضبت ثقيف فقال لهم: يا معشر ثقيف: أسلموا تسلموا- ثلاث مرات-. فرماه رجل منهم فأصاب أكحله فقتله- والأكحل: عرق في وسط الذراع- فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «هذا مثله كمثل صاحب يس قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ وقال صاحب الكشاف ما ملخصه: وقوله: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ.. إنما تمنى علم قومه بحاله، ليكون علمهم بها سببا لاكتساب مثلها لأنفسهم، بالتوبة عن الكفر، والدخول في الإيمان.. وفي حديث مرفوع: «نصح قومه حيا وميتا» .
وفيه تنبيه عظيم على وجوب كظم الغيظ والحلم عن أهل الجهل والترؤف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي، والتشمر في تخليصه، والتلطف في افتدائه، والاشتغال بذلك عن الشماتة به، والدعاء عليه، ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته، وللباغين له الغوائل وهم كفرة وعبدة أصنام.. .
( بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ) بإيماني بربي وتصديقي المرسلين .
ومقصوده أنهم لو اطلعوا على ما حصل من هذا الثواب والجزاء والنعيم المقيم ، لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل ، فرحمه الله ورضي عنه ، فلقد كان حريصا على هداية قومه .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عبيد الله ، حدثنا ابن جابر - وهو محمد - عن عبد الملك - يعني : ابن عمير - قال : قال عروة بن مسعود الثقفي للنبي صلى الله عليه وسلم : ابعثني إلى قومي أدعهم إلى الإسلام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أخاف أن يقتلوك " . فقال : لو وجدوني نائما ما أيقظوني . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انطلق " . فانطلق فمر على اللات والعزى ، فقال : لأصبحنك غدا بما يسوءك . فغضبت ثقيف ، فقال : يا معشر ثقيف ، إن اللات لا لات ، وإن العزى لا عزى ، أسلموا تسلموا . يا معشر الأحلاف ، إن العزى لا عزى ، وإن اللات لا لات ، أسلموا تسلموا . قال ذلك ثلاث مرات ، فرماه رجل فأصاب أكحله فقتله ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هذا مثله كمثل صاحب يس ، ( قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين )
وقال محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم : أنه حدث عن كعب الأحبار : أنه ذكر له حبيب بن زيد بن عاصم - أخو بني مازن بن النجار - الذي كان مسيلمة الكذاب قطعه باليمامة ، حين جعل يسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يقول : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ فيقول : نعم . ثم يقول : أتشهد أني رسول الله ؟ فيقول : لا أسمع . فيقول له مسيلمة : أتسمع هذا ولا تسمع ذاك ؟ فيقول : نعم . فجعل يقطعه عضوا عضوا ، كلما سأله لم يزده على ذلك حتى مات في يديه . فقال كعب حين قيل له : اسمه حبيب ، وكان والله صاحب يس اسمه حبيب .
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن عاصم الأحول، عن أبي مجلز، في قوله ( بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي ) قال إيماني بربي، وتصديقي رسله، والله أعلم . &; 20-510 &;
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
المكرمين:
1- بإسكان الكاف وتخفيف الراء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مشدد الراء مفتوح الكاف.