478121314151617181920

الإحصائيات

سورة فصلت
ترتيب المصحف41ترتيب النزول61
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.00
عدد الآيات54عدد الأجزاء0.33
عدد الأحزاب0.65عدد الأرباع2.60
ترتيب الطول36تبدأ في الجزء24
تنتهي في الجزء25عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 22/29الحواميم: 2/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (12) الى الآية رقم (14) عدد الآيات (3)

= وخلقَ السماواتِ في يومينِ، فتمَّ بذلكَ خلقُ السَّماواتِ والأرضِ في ستةِ أيامٍ، ثُمَّ تهديدُ الكافرينَ بالعذابِ كما حَدَثَ لعادٍ وثمودَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (15) الى الآية رقم (16) عدد الآيات (2)

بعدَ الإجمالِ بدأَ اللهُ بتفصيلِ ما حدثَ لعادٍ قومِ هودٍ عليه السلام لمَّا استكبرُوا أرسلَ عليهم ريحًا أهلكَتْهُم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (17) الى الآية رقم (20) عدد الآيات (4)

وأما ثمودُ قومُ صالحٍ عليه السلام فاختارُوا الكفرَ فأهلكَتْهُمُ الصاعقةُ، ثُمَّ الانتقالُ من عقوبةِ الدُّنيا إلى عقوبةِ الآخرةِ وشهادةُ أعضائِهم عليهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة فصلت

حسن الاستقبال لأوامر الله/ التفصيل في بيان عظمة الله مُنزل الآيات القرآنية وخالق الآيات الكونية

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • بداية ونهاية السورة:: فرسالة السورة: أنتم يا أمة محمد ﷺ مسؤولون عن حمل أمانة القرآن الكريم للعالمين، فعليكم واجب توضيح الرسالة وتفصيلها وتيسيرها للناس، وخذوا العبرة من تاريخ بني إسرائيل.
  • • حسن استقبال الوحي وسوء الاستقبال:: • تبدأ السورة بتنزيل الكتاب، وأنَّه فُصِّلَ من الله للعباد: ﴿حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (1-3). • وأن آيات الله المنزلة في القرآن شاهدة بصدقه، شأنها شأن الآيات الكونية المبثوثة في السماء والأرض: ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي ... وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ ... وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ... وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ...﴾ (9-12). • والآيات التاريخية الشاهدة على مصارع المكذبين وعرض لمصيرهم المخزي في الآخرة: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ...﴾ (13-24). • ثم ذم الذين يصدون الناس عن سماع القرآن: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ...﴾ (26). • ثم تنزيه القرآن عن الطعن فيه: ﴿... وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (41-42). • وختمت بذكر من أعرض عن الكتاب المفصَّل: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ (52).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «فُصلت».
  • • معنى الاسم :: فُصلت: بمعنى بينّت، وآيات مفصلات: أي مبينات.
  • • سبب التسمية :: لوقوع كلمة (فصلت) في أول السورة الآية (3)‏‏.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: «سورة السجدة»، و«سورة حم السجدة»؛ لأنها تميزت عن الحواميم الأخرى بأن فيها سجدة في الآية (37)، و«سجدة المؤمن»؛ لأنها السجدة التي جاءت بعد سورة المؤمن (غافر)، وسورة «المصابيح»، وسورة «الأقوات».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: حسن الاستقبال لأوامر الله.
  • • علمتني السورة :: أهمية تعلّم اللغة العربية لكل مسلم يريد أن يفهم كلام الله: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾
  • • علمتني السورة :: التفكر في عظمة الله؛ فقد خلق الأرض في يومين: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾
  • • علمتني السورة :: : قابل السيئة بالحسنة، وأحسن إلى من أساء إليك: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ...﴾

مدارسة الآية : [12] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ..

التفسير :

[12] فقضى الله خلق السموات السبع وتسويتهن في يومين، فتم بذلك خلق السموات والأرض في ستة أيام، لحكمة يعلمها الله، مع قدرته سبحانه على خلقهما في لحظة واحدة، وأوحى في كل سماء ما أراده وما أمر به فيها، وزيَّنا السماء الدنيا بالنجوم المضيئة، وحفظاً لها من الشيا

{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} فَتَمَّ خلق السماوات والأرض في ستة أيام، أولها يوم الأحد، وآخرها يوم الجمعة، مع أن قدرة اللّه ومشيئته صالحة لخلق الجميع في لحظة واحدة، ولكن مع أنه قدير، فهو حكيم رفيق، فمن حكمته ورفقه، أن جعل خلقها في هذه المدة المقدرة.

واعلم أن ظاهر هذه الآية، مع قوله تعالى في النازعات، لما ذكر خلق السماوات قال:{ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} يظهر منهما التعارض، مع أن كتاب اللّه، لا تعارض فيه ولا اختلاف.

والجواب عن ذلك، ما قاله كثير من السلف، أن خلق الأرض وصورتها متقدم على خلق السماوات كما هنا، ودحي الأرض بأن{ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} متأخر عن خلق السماوات كما في سورة النازعات، ولهذا قال فيها:{ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا} إلى آخره ولم يقل:"والأرض بعد ذلك خلقها"

وقوله:{ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} أي:الأمر والتدبير اللائق بها، الذي اقتضته حكمة أحكم الحاكمين.

{ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} هي:النجوم، يستنار، بها، ويهتدى، وتكون زينة وجمالاً للسماء ظاهرًا، وجمالاً لها، باطنًا، بجعلها رجومًا للشياطين، لئلا يسترق السمع فيها.{ ذَلِكَ} المذكور، من الأرض وما فيها، والسماء وما فيها{ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ} الذي عزته، قهر بها الأشياء ودبرها، وخلق بها المخلوقات.{ الْعَلِيمِ} الذي أحاط علمه بالمخلوقات، الغائب والشاهد.

فَتَرْكُ المشركين الإخلاص لهذا الرب العظيم الواحد القهار، الذي انقادت المخلوقات لأمره ونفذ فيها قدره، من أعجب الأشياء، واتخاذهم له أندادًا يسوونهم به، وهم ناقصون في أوصافهم وأفعالهم، أعجب، وأعجب، ولا دواء لهؤلاء، إن استمر إعراضهم، إلا العقوبات الدنيوية والأخروية.

ثم فصل- سبحانه- بديع صنعه في خلق السموات فقال: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ.... أى: ففرغ من خلقهن وتسويتهن على أبدع صورة وأحكم صنع في مقدار يومين.

والضمير في قوله فَقَضاهُنَّ إما راجع إلى السماء على المعنى لأنها سبع سموات، وإما مبهم يفسره ما بعده وهو سبع سموات.

وقوله: وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها أى: وأوحى في كل منها ما أراده وما أمر به، وخلق فيها ما اقتضته حكمته من الملائكة ومن خلق لا يعلمه إلا هو- سبحانه-.

وقوله: وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً أى: وزينا السماء الدنيا أى القريبة منكم- بكواكب مضيئة، وحفظناها حفظا عظيما من الاختلال والاضطراب والسقوط ذلِكَ الذي ذكرناه لكم من خلق السموات والأرض، وخلق ما فيهما.

تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ أى: تقدير الله- القاهر- لكل شيء. والعليم بما ظهر وبما بطن في هذا الكون.

وقد أخذ العلماء من هذه الآيات الكريمة أن خلق الأرض وما عليها من جبال ومن أقوات للعباد قد تم في أربعة أيام، وأن خلق السموات كان في يومين فيكون مجموع الأيام التي خلق الله- تعالى- فيها السموات والأرض وما بينهما ستة أيام.

وقد جاء ذلك في آيات متعددة، منها قوله- تعالى-: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ.. .

وقوله- سبحانه- وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ...

كما أخذ العلماء منها- أيضا-: أن خلق الأرض متقدم على خلق السموات بدليل قوله- تعالى- بعد حديثه عن خلق الأرض، ثم استوى إلى السماء وهي دخان.

وبدليل قوله- تعالى- في آية أخرى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً، ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ .

وعلى هذا الرأى سار جمهور العلماء، وردوا على من قال بأن خلق السموات متقدم على خلق الأرض، لأن الله- تعالى- يقول في سورة النازعات: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها. رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها، وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أى: بسطها.

ردوا عليهم بما روى عن ابن عباس من أنه سئل عن الجمع بين الآيات التي معنا، وبين آيات سورة النازعات فقال: إنه- تعالى- خلق الأرض أولا غير مدحوة ثم خلق السماء، ثم دحا الأرض بعد ذلك، وجعل فيها الرواسي والأنهار وغيرهما.

أى: أن أصل خلق الأرض كان قبل خلق السماء، ودحوها بجبالها وأشجارها كان بعد خلق السماء، وردوا عليهم- أيضا- بأن لفظ «بعد» في قوله- تعالى- وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها بمعنى مع أى: والأرض مع ذلك بسطها ومهدها لسكنى أهلها فيها. وردوا عليهم- أيضا- بأنه- تعالى- لما خلق الأرض غير مدحوة، وهي أهل لكل ما فيها كان كل ما فيها كأنه قد خلق بالفعل لوجود أصله فيها.

قال بعض العلماء: والدليل من القرآن على أن وجود الأصل يمكن به إطلاق الخلق على الفرع، - وإن لم يكن موجودا بالفعل- قوله- تعالى-: وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ....

فقوله: خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ أى: بخلقنا وتصويرنا لأبيكم آدم الذي هو أصلكم.

كما أخذ منها العلماء أن وجود هذا الكون، بتلك الصورة البديعة، المتمثلة في هذه الأرض وما أقلت. وفي هذه السموات وما أظلت.. من أكبر الأدلة التي تحمل العقلاء على إخلاص العبادة لله الواحد القهار.

وبعد هذا الحديث المتنوع عن مظاهر قدرة الله في هذا الكون، انتقلت السورة إلى تهديد المشركين، وإنذارهم بأن عاقبتهم ستكون كعاقبة الظالمين الذين سبقوهم، فقال- تعالى-:

( فقضاهن سبع سموات في يومين ) أي : ففرغ من تسويتهن سبع سموات في يومين ، أي : آخرين ، وهما يوم الخميس ويوم الجمعة .

( وأوحى في كل سماء أمرها ) أي : ورتب مقررا في كل سماء ما تحتاج إليه من الملائكة ، وما فيها من الأشياء التي لا يعلمها إلا هو ، ( وزينا السماء الدنيا بمصابيح ) وهن الكواكب المنيرة المشرقة على أهل الأرض ، ( وحفظا ) أي : حرسا من الشياطين أن تستمع إلى الملأ الأعلى .

( ذلك تقدير العزيز العليم ) أي : العزيز الذي قد عز كل شيء فغلبه وقهره ، العليم بجميع حركات المخلوقات وسكناتهم .

قال ابن جرير : حدثنا هناد بن السري ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي سعيد البقال ، عن عكرمة ، عن ابن عباس - قال هناد : قرأت سائر الحديث - أن اليهود أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن خلق السماوات والأرض ، فقال : " خلق الله الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب ، فهذه أربعة : ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ) لمن سأل ، قال : " وخلق يوم الخميس السماء ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقيت منه ، فخلق في أول ساعة من هذه الثلاثة الآجال ، حين يموت من مات ، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس ، وفي الثالثة آدم ، وأسكنه الجنة ، وأمر إبليس بالسجود له ، وأخرجه منها في آخر ساعة " . ثم قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد ؟ قال : " ثم استوى على العرش " . قالوا : قد أصبت لو أتممت . قالوا : ثم استراح . فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - غضبا شديدا ، فنزل : ( ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون ) [ ق : 38 ] .

هذا الحديث فيه غرابة . فأما حديث ابن جريج ، عن إسماعيل بن أمية ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن أبي هريرة قال : أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال : " خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة ، فيما بين العصر إلى الليل " فقد رواه مسلم ، والنسائي في كتابيهما ، عن حديث ابن جريج به . وهو من غرائب الصحيح ، وقد علله البخاري في التاريخ فقال : رواه بعضهم عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ] عن كعب الأحبار ، وهو الأصح .

القول في تأويل قوله تعالى : فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)

يقول تعالى ذكره: ففرغ من خلقهنّ سبع سموات في يومين, وذلك يوم الخميس ويوم الجمعة.

كما حدثني موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قال: استوى إلى السماء وهي دخان من تنفس الماء حين تنفس, فجعلها سماء واحدة, ففتقها, فجعلها سبع سموات في يومين, في الخميس والجمعة. وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرض.

وقوله: ( وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ) يقول: وألقى في كل سماء من السموات السبع ما أراد من الخلق.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ) قال: ما أمر الله به وأراده.

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ) قال: خلق في كلّ سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد, وما لا يعلم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ) : خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها.

وقوله: ( وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ) يقول تعالى ذكره: وزيَّنا السماء الدنيا إليكم أيها الناس بالكواكب وهي المصابيح.

كما حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) قال: ثم زين السماء بالكواكب, فجعلها زينة ( وَحِفْظًا ) من الشياطين.

واختلف أهل العربية في وجه نصبه قوله: ( وَحِفْظًا ) فقال بعض نحويي البصرة: نصب بمعنى: وحفظناها حفظا, كأنه قال: ونحفظها حفظا, لأنه حين قال: " زَيَّنَّاهَا بِمَصَابِيحَ" قد أخبر أنه قد نظر في أمرها وتعهدها, فهذا يدلّ على الحفظ, كأنه قال: وحفظناها حفظا. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: نصب ذلك على معنى: وحفظا زيناها, لأن الواو لو سقطت لكان إنا زينا السماء الدنيا حفظا; وهذا القول الثاني أقرب عندنا للصحة من الأوّل.

وقد بيَّنا العلة في نظير ذلك في غير موضع من هذا الكتاب, فأغنى ذلك عن إعادته.

وقوله: ( ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي وصفت لكم من خلقي السماء والأرض وما فيهما, وتزييني السماء الدنيا بزينة الكواكب, على ما بينت تقدير العزيز في نقمته من أعدائه, العليم بسرائر عباده وعلانيتهم, وتدبيرهم على ما فيه صلاحهم.

المعاني :

فَقَضَاهُنَّ :       فَخَلَقَهُنَّ، وَأَبْدَعَهُنَّ السراج
فقضاهنّ :       أحْكَمَ و أبْدَعَ خلقهنّ معاني القرآن
أوْحى :       كوّن ، أو دَبّرَ في اليومين معاني القرآن
بِمَصَابِيحَ :       بِنُجُومٍ مُضِيئَةٍ السراج
وَحِفْظًا :       حَرَسًا مِنَ الشَّيَاطِينِ السراج
حفظا :       حفِظناها حِفظا من الآفات معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[12] ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ خلق الله في كل سماء ما اقتضته حكمته من الملائكة، ومن خلائق لا يعلمها إلا هو سبحانه.
وقفة
[12] ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ النجوم لها وظائف منها ما نعرفها، ومنها ما لا نعرفها، فمما نعرف: تزيين السماء وإضاءتها وحفظها من الخلل والسقوط أو حفظها من الشياطين الذين يسترقون السمع، فأعدَّ لكل شيطان نجمًا يرميه به ولا يخطئه، فمنها ما يُحرق، ومنها ما يقتل.
وقفة
[12] من أجمل تعابير القرآن: ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا﴾، وإنك لتجد هذه الأوصاف في بعض الناس، فإنهم كالسماء، وهم زينة، ونجوم مضيئة، وعندهم تجد الأمان والحفظ.

الإعراب :

  • ﴿ فَقَضاهُنَّ:
  • الفاء عاطفة. قضى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. هن: ضمير متصل مبني على الفتح-ضمير الإناث-في محل نصب مفعول به بمعنى:فمنعهن وقدرهن والضمير يرجع الى السماء على المعنى كما قال «طائعين» ويجوز أن يكون ضميرا مبهما مفسرا بسبع سماوات.
  • ﴿ سَبْعَ سَماواتٍ:
  • حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة وهي مضافة.سماوات: مضاف اليه مجرور لفظا بالإضافة وعلامة جره الكسرة منصوب محلا لأنه تمييز جاء بعد عدد.
  • ﴿ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى:
  • أعربت في الآية التاسعة. وأوحى: معطوفة بالواو على «قضى» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها:
  • جار ومجرور متعلق بأوحى. سماء: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة الظاهرة. أمر: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «ها» ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى ما أمر به فيها ودبره من خلق الملائكة وغيرها أو شأنها وما يصلحها.
  • ﴿ وَزَيَّنَّا السَّماءَ:
  • الواو عاطفة. زين فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. السماء:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ:
  • صفة-نعت-للسماء منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. و «بمصابيح» جار ومجرور متعلق بزينا.وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف على وزن -مفاعيل-صيغة منتهى الجموع بعد ألفه أكثر من حرفين.
  • ﴿ وَحِفْظاً:
  • الواو عاطفة. حفظا: مفعول مطلق منصوب على المصدر والعامل محذوف بتقدير: وحفظناها حفظا وعلامة نصبه الفتحة. ويجوز أن يكون مفعولا له-لأجله-على معنى وخلقنا المصابيح زينة وحفظا.
  • ﴿ ذلِكَ تَقْدِيرُ:
  • اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. تقدير خبر «ذلك» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ:
  • مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.العليم: صفة-نعت-للعزيز مجرور مثله بالكسرة. أو يكونا نعتين حلاّ محل الموصوف المحذوف من القول الكريم لأنه معلوم بتقدير «ذلك تقدير الله العزيز العليم».'

المتشابهات :

الصافات: 6﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ
فصلت: 12﴿وَأَوۡحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمۡرَهَاۚ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا
الملك: 5﴿وَلَقَد زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     وبعد ذكرِ تكوين السماءِ المجملِ؛ جاء هنا التفصيل، قال تعالى:
﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً ..

التفسير :

[13] فإن أعرض هؤلاء المكذبون بعدما بُيِّن لهم من أوصاف القرآن الحميدة، ومن صفات الإله العظيم، فقل لهم:قد أنذرتكم عذاباً يستأصلكم مثل عذاب عاد وثمود حين كفروا بربهم وعصوا رسله.

أي:فإن أعرض هؤلاء المكذبون بعد ما بين لهم من أوصاف القرآن الحميدة، ومن صفات الإله العظيم{ فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً} أي:عذابًا يستأصلكم ويجتاحكم،{ مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} القبيلتين المعروفتين، حيث اجتاحهم العذاب، وحل عليهم، وبيل العقاب، وذلك بظلمهم وكفرهم.

ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآيات والتي قبلها روايات تتعلق بما بين النبي صلّى الله عليه وسلم وبين بعض المشركين، منها ما ذكره محمد بن كعب القرظي قال: حدثت أن عتبة بن ربيعة قال يوما لقريش- ورسول الله صلّى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده: يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه، وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها.

فقالوا: بلى يا أبا الوليد، فقم إليه فكلمه. فقام إليه عتبة فقال: «يا محمد، يا بن أخى، إنك منا حيث قد علمت من السلطة- أى من الشرف- في العشيرة وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع منى أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل بعضها.

ثم قال: إن كنت- يا بن أخى- تريد ما لا أعطيناك من المال حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد ملكا جعلناك ملكا علينا.. وإن كان الذي يأتيك رئيا تراه- أى ترى بعض الجن- طلبنا لك الطب حتى تبرأ.

فلما فرغ عتبة قال صلّى الله عليه وسلم: «أفرغت يا أبا الوليد؟» قال: نعم. قال: «فاسمع منى» قال: افعل. فتلا عليه النبي صلّى الله عليه وسلم من أول سورة «فصلت» .

- وفي رواية أنه لما بلغ قوله- تعالى-: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ ... قال له عتبة: حسبك ما عندك غير هذا.

ثم عاد عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: لقد جاءكم عتبة بوجه غير الذي ذهب به، فلما جلس إليهم قالوا له: ما وراءك يا أبا الوليد؟

فقال: لقد سمعت من محمد صلّى الله عليه وسلم قولا ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالسحر، ولا بالشعر، ولا بالكهانة. يا معشر قريش، أطيعونى واجعلوها لي، خلّوا بين الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ.

فقالوا: لقد سحرك محمد صلّى الله عليه وسلم فقال: «هذا رأيى فيه فاصنعوا ما بدا لكم».

فقوله- تعالى-: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ تهديد لهؤلاء المشركين، بعد أن وضح الحق لهم في أكمل صورة..

والصاعقة- كما يقول ابن جرير-: كل أمر هائل رآه الرائي أو عاينه أو أصابه. حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب وذهاب عقل، يكون مصعوقا...

والمراد بها هنا: العذاب الشديد الذي أنزله الله- تعالى- على قوم عاد ثمود فصعقهم وأهلكهم.

والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المشركين لقد أقمت لكم الأدلة الناصعة على وحدانية الله- تعالى- وعلى عظيم قدرته، وعلى أنى رسول من عنده، وصادق فيما أبلغه عنه.

فَإِنْ أَعْرَضُوا عن دعوتك، ولجوا في طغيانهم، واستمروا في كفرهم وعنادهم.

فَقُلْ لهم على سبيل التحذير: لقد أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ.

وخص- سبحانه- عادا وثمود بالذكر، لأن مشركي قريش يعرفون ما جرى لهؤلاء الظالمين. إذ قوم عاد كانوا بالأحقاف- أى بالمكان المرتفع الكثير الرمال- في جنوب الجزيرة العربية ورسولهم هو هود- عليه السلام-.

وأما ثمود فهم قوم صالح- عليه السلام-، ومساكنهم كانت بشمال الجزيرة العربية، وما زالت آثارهم باقية، وأهل مكة كانوا يمرون عليها في طريقهم إلى بلاد الشام للتجارة.

يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بما جئتهم به من الحق : إن أعرضتم عما جئتكم به من عند الله فإني أنذركم حلول نقمة الله بكم ، كما حلت بالأمم الماضين من المكذبين بالمرسلين ( صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ) أي : ومن شاكلهما ممن فعل كفعلهما .

القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13)

يقول تعالى ذكره: فإن أعرض هؤلاء المشركون عن هذه الحجة التي بيَّنتها لهم يا محمد, ونبهتهم عليها فلم يؤمنوا بها ولم يقروا أن فاعل ذلك هو الله الذي لا إله غيره, فقل لهم: أنذرتكم أيها الناس صاعقة تهلككم مثل صاعقة عاد وثمود.

وقد بيَّنا فيما مضى أن معنى الصاعقة: كلّ ما أفسد الشيء وغيره عن هيئته. وقيل في هذا الموضع عنى بها وقيعة من الله وعذاب.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ) قال: يقول: أنذرتكم وقيعة عاد وثمود, قال: عذاب مثل عذاب عاد وثمود.

المعاني :

أَنذَرْتُكُمْ :       خَوَّفْتُكُمْ السراج
صَاعِقَةً :       عَذَابًا هَائِلًا السراج
أنذرْتكم صاعقة :       خوّفتكمْ عَذاباً شديدا مهلكا معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[13] ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ الإعراض عن الحق سبب المهالك في الدنيا والآخرة.
تفاعل
[13] ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[13] ﴿فَإِن أَعرَضوا فَقُل أَنذَرتُكُم صاعِقَةً مِثلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمودَ﴾ لا يلومون إلا أنفسهم.
عمل
[13] احذر الإعراض والتولي عن طاعة الله؛ فذلك سبب نزول العذاب ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾.
عمل
[13] اقرأ أو اسأل عن أسباب هلاك إحدى الأمم الماضية ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ:
  • الفاء: استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم.أعرضوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.قل: فعل أمر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وجملة«فقل» جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بإن. بمعنى: فان صدوا أو تولوا عنك.
  • ﴿ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- أنذر: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. صاعقة: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى أحذركم عقوبة تصعقكم. والمراد بالصاعقة كناية عن العذاب الشديد الشبيه بنزول الصاعقة. وأصله: أنذرتكم بصاعقة. فحذف الحرف الجار فأوصل الفعل.
  • ﴿ مِثْلَ صاعِقَةِ:
  • صفة-نعت-لصاعقة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة وهي مضافة. صاعقة مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.
  • ﴿ عادٍ وَثَمُودَ:
  • مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو اسم رجل سميت به القبيلة وهم قوم هود. وثمود: معطوفة بالواو على «عاد» مجرورة مثلها وعلامة جرها الفتحة بدلا من الكسرة لأنها ممنوعة من الصرف لانها بتأويل القبيلة ومنع صرفها للتأنيث والتعريف.'

المتشابهات :

فصلت: 13﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ
الشورى: 48﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     وبعد أنْ أنكَرَ اللهُ عليهم عِبادةَ الأندادِ والأوثانِ، وطَلَب إليهم ألَّا يَعبُدوا إلَّا اللهَ الَّذي خَلَق السَّمَواتِ والأرضَ، ثمَّ أعرَضوا عن كُلِّ ذلك؛ لم يَبقَ حينئذٍ طَريقٌ للعِلاجِ، ومِن ثَمَّ أمَرَ رَسولَه أن يُنذِرَهم بحُلولِ شَديدِ النِّقَمِ بهم إنْ هم أصَرُّوا على عِنادِهم، قال تعالى:
﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

صاعقة ... صاعقة:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بغير ألف، فيهما، وسكون العين، وهى قراءة ابن الزبير، والسلمى، والنخعي، وابن محيصن.

مدارسة الآية : [14] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ ..

التفسير :

[14] حين جاءت الرسل عاداً وثمود، يتبع بعضهم بعضاً متوالين، يأمرونهم بعبادة الله وحده لا شريك له، قالوا لرسلهم:لو شاء ربنا أن نوحده ولا نعبد من دونه شيئاً غيره، لأنزل إلينا ملائكة من السماء رسلاً بما تدعوننا إليه، ولم يرسلكم وأنتم بشر مثلنا، فإنا بما أرسل

حيث{ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} أي:يتبع بعضهم بعضا متوالين، ودعوتهم جميعا واحدة.{ أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} أي:يأمرونهم بالإخلاص للّه، وينهونهم عن الشرك، فردوا رسالتهم وكذبوهم،{ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً} أي:وأما أنتم فبشر مثلنا{ فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} وهذه الشبهة لم تزل متوارثة بين المكذبين، من الأمم وهي من أوهى الشُّبَهِ، فإنه ليس من شرط الإرسال، أن يكون المرسل مَلَكًا، وإنما شرط الرسالة، أن يأتي الرسول بما يدل على صدقه، فَلْيَقْدَحُوا، إن استطاعوا بصدقهم، بقادح عقلي أو شرعي، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا.

والضمير في قوله- تعالى-: إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ، أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ... يعود إلى قوم عاد وثمود.

والمراد بالرسل: هود وصالح- عليهما السلام- من باب إطلاق الجمع على الاثنين، أو من باب إدخال من آمن بهما معهما في المجيء إلى هؤلاء الأقوام لدعوتهم إلى عبادة الله وحده.

وقوله: إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ ... حال من قوله صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ وقوله مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ متعلق بجاءتهم.

والمراد بالجملة الكريمة: أن الرسل بذلوا كل جهدهم في إرشاد قوم عاد وثمود إلى الحق ولم يتركوا وسيلة إلا اتبعوها معهم وبينوا لهم بأساليب متعددة حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة الكافرين.

وقوله: أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ بيان لما نصح به الرسل أقوامهم و «أن» يصح أن تكون مصدرية، أى: بأن لا تعبدوا إلا الله، ويصح أن تكون مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف. أو تفسيرية لأن مجيء الرسل يتضمن قولا.

أى جاء الرسل إلى قوم عاد وثمود بكل دليل واضح على وجوب إخلاص العبادة لله، ولم يتركوا وسيلة إلا اتبعوها معهم، وقالوا لهم: اجعلوا عبادتكم لله- تعالى- وحده.

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: قوله: إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ....

أى: أتوهم من كل جانب، واجتهدوا بهم، واعملوا فيهم كل حيلة، فلم يروا منهم إلا العتو والإعراض، كما حكى الله- تعالى- عن الشيطان أنه قال: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ... يعنى لآتينهم من كل جهة، ولأعملن فيهم كل حيلة.

وعن الحسن: أنذروهم بعذاب الله الدنيوي والأخروى.

وقيل معناه: إذ جاءتهم الرسل من قبلهم ومن بعدهم، بمعنى أن هودا وصالحا قد أمروهم بالإيمان بهما وبجميع الرسل الذين من قبلهم والذين من بعدهم، فكأن الرسل جميعا قد جاءوهم .

وقوله- تعالى-: قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ حكاية للرد السيئ الذي رد به قوم عاد وثمود على رسلهم.

ومفعول المشيئة محذوف أى: قال هؤلاء الكافرون لرسلهم على سبيل التكذيب لهم، والتهكم بهم. أنتم لستم رسلا، ولو شاء الله- تعالى- أن يرسل إلينا رسلا لأرسل ملائكة، ومادام الأمر كذلك فإنا بما أرسلتم به- أيها الرسل- كافرون، وإلى ما تدعونا إليه مكذبون.

والسبب الذي حمل هؤلاء الجاهلين على هذا القول: زعمهم أن الرسل لا يكونون من البشر، مع أن كل عقل سليم يؤيد أن الرسول لا يكون إلا من البشر كما قال- تعالى-: وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ...

( إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ) [ الأحقاف : 21 ] ، كقوله تعالى : ( واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ) [ الأحقاف : 21 ] أي : في القرى المجاورة لبلادهم ، بعث الله إليهم الرسل يأمرون بعبادة الله وحده لا شريك له ، ومبشرين ومنذرين ورأوا ما أحل الله بأعدائه من النقم ، وما ألبس أولياءه من النعم ، ومع هذا ما آمنوا ولا صدقوا ، بل كذبوا وجحدوا ، وقالوا : ( لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ) أي : لو أرسل الله رسلا لكانوا ملائكة من عنده ، ( فإنا بما أرسلتم به ) أي : أيها البشر ) كافرون ) أي : لا نتبعكم وأنتم بشر مثلنا .

وقوله: ( إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ) يقول: فقل: أنذرتكم صاعقة مثل صاعقه عاد وثمود التي أهلكتهم, إذ جاءت عادا وثمود الرسل من بين أيديهم; فقوله " إذ " من صلة صاعقة. وعنى بقوله: ( مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ) الرسل التي أتت آباء الذين هلكوا بالصاعقة من هاتين الأمتين.

وعنى بقوله: ( وَمِنْ خَلْفِهِمْ ) : من خلف الرسل الذين بعثوا إلى آبائهم رسلا إليهم, وذلك أن الله بعث إلى عاد هودا, فكذبوه من بعد رسل قد كانت تقدمته إلى آبائهم أيضا, فكذبوهم, فأهلكوا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( فَإِنْ أَعْرَضُوا )... إلى قوله: ( وَمِنْ خَلْفِهِمْ ) قال: الرسل التي كانت قبل هود, والرسل الذين كانوا بعده, بعث الله قبله رسلا وبعث من بعده رسلا.

وقوله: ( أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ ) يقول تعالى ذكره: جاءتهم الرسل بأن لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له.

قالوا: ( لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأنـزلَ مَلائِكَةً ) يقول جل ثناؤه: فقالوا لرسلهم إذ دعوهم إلى الإقرار بتوحيد الله: لو شاء ربنا أن نوحده, ولا نعبد من دونه شيئا غيره, لأنـزل إلينا ملائكة من السماء رسلا بما تدعوننا أنتم إليه, ولم يرسلكم وأنتم بشر مثلنا, ولكنه رضي عبادتنا ما نعبد, فلذلك لم يرسل إلينا بالنهي عن ذلك ملائكة.

وقوله: ( فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) يقول: قال لرسلهم: فإنا بالذي أرسلكم به ربكم إلينا جاحدون غير مصدّقين به.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[14] ﴿مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ تمثيل لحرص رسول كل منهم على هداهم؛ بحيث لا يترك وسيلة يَتوسل بها إلى إبلاغهم الدين إلا توسل بها، فمُثِّل ذلك بالمجيء إلى كل منهم؛ تارة من أمامه، وتارة من خلفه؛ لا يترك له جهة، كما يفعل الحريص على تحصيل أمرٍ أَن يتطلبه، ويعيد تطلبه، ويستوعب مظانَّ وجوده أو مظانَّ سماعه.
وقفة
[14] ﴿قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ﴾ وهذه الشبهة لم تزل متوارثة بين المكذبين من الأمم، وهي من أوهى الشبه؛ فإنه ليس من شرط الإرسال أن يكون المرسل مَلَكًا، وإنما شرط الرسالة أن يأتي الرسول بما يدل على صدقه، فليَقْدَحوا إن استطاعوا بصدقه بقادح عقلي أو شرعي، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلًا.

الإعراب :

  • ﴿ إِذْ:
  • اسم مبني على السكون بمعنى «حين» في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره: اذكر.
  • ﴿ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالإضافة. جاءت: فعل ماض مبني على الفتح. والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. الرسل: فاعل مرفوع بالضمة. وقد أنث الفعل لأنه مفصول عن فاعله ولأن «الرسل» بمعنى الجماعة.
  • ﴿ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بجاءتهم. أيدي: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء للثقل وهو مضاف. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ:
  • معطوفة بالواو على مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ» بمعنى جاءوهم من جميع الجوانب ناصحين إياهم ومن خلفهم: تعرب اعراب مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ».
  • ﴿ أَلاّ تَعْبُدُوا:
  • أصلها: أن. بمعنى «أي» وهي مفسرة. أو تكون مخففة من «أن» الثقيلة أصلها بأنه لا تعبدوا. لا: ناهية جازمة. تعبدوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. واسم «أن» المخففة ضمير شأن مستتر تقديره:هو. وجملة «لا تعبدوا» في محل رفع خبر «أن» على الوجه الثاني وعلى الوجه الاول تفسيرية لا محل لها من الاعراب ويجوز أن تكون «أن» المفسرة مصدرية اذا قدر حرف جر بمعنى: قلنا بأن لا تعبدوا و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف الجر المقدر. والجار والمجرور متعلق بمضمر تقديره ناصحين لهم او قائلين بعدم عبادة احد إلا الله.
  • ﴿ إِلاَّ اللهَ:
  • أداة حصر لا محل لها. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ لَوْ شاءَ رَبُّنا:
  • حرف شرط‍ غير جازم. شاء: فعل ماض مبني على الفتح.رب: فاعل مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين- مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وحذف مفعول «شاء» وهو كثير الحذف في القرآن مع شاء. بتقدير: لو شاء ربنا ارسال الرسل.
  • ﴿ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.اللام: واقعة في جواب «لو» و «انزل» فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. ملائكة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى: لأرسل الملائكة.
  • ﴿ فَإِنّا بِما:
  • الفاء استئنافية تفيد التعليل. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب اسم. «إن» الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلق بخبر «إن».
  • ﴿ أُرْسِلْتُمْ بِهِ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.أرسلتم: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل. به: جار ومجرور متعلق بأرسلتم والضمير عائد الى «ما» الاسم الموصول
  • ﴿ كافِرُونَ:
  • خبر «ان» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

سبإ: 34﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ
فصلت: 14﴿قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَـ إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ
الزخرف: 24﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ صاعِقَة عَادٍ وثَمُود؛ علل هنا إيقاع ذلك بهم، فقال تعالى:
﴿ إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ ..

التفسير :

[15] فأما عاد قوم هود فقد استعلَوا في الأرض على العباد بغير حق، وقالوا في غرور:مَن أشد منا قوة؟ أولم يروا أن الله تعالى الذي خلقهم هو أشدُّ منهم قوة وبطشاً؟ وكانوا بأدلتنا وحججنا يجحدون.

هذا تفصيل لقصة هاتين الأمتين، عاد، وثمود.{ فَأَمَّا عَادٌ} فكانوا -مع كفرهم باللّه، وجحدهم بآيات اللّه، وكفرهم برسله- مستكبرين في الأرض، قاهرين لمن حولهم من العباد، ظالمين لهم، قد أعجبتهم قوتهم.{ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} قال تعالى ردًا عليهم، بما يعرفه كل أحد:{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} فلولا خلقه إياهم، لم يوجدوا فلو نظروا إلى هذه الحال نظرًا صحيحًا، لم يغتروا بقوتهم، فعاقبهم اللّه عقوبة، تناسب قوتهم، التي اغتروا بها.

ثم فصل- سبحانه- بعد ذلك حال كل فريق منهم، وبين ما نزل به من عذاب مهين فقال: فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ...

أى. هذا هو قولهم على سبيل الإجمال لرسلهم، وإليك جانبا من حال قوم عاد، ومن أقوالهم الباطلة.

إنهم قد استكبروا في الأرض بغير الحق. واغتروا بما بين أيديهم من نعم، وقالوا على سبيل التباهي والتفاخر والتكبر: من أشد منا قوة.

وقيد استكبارهم في الأرض بأنه بغير الحق. لبيان واقعهم، حيث كانوا كما وصفهم الله- تعالى- في آيات أخرى متجبرين متعالين على غيرهم، ومن ذلك قوله- تعالى:

أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ. وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ.

الاستفهام في قوله- تعالى- الذي حكاه عنهم مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً للإنكار والنفي.

أى: لا أحد أقوى منا، فنحن في استطاعتنا أن ندفع كل عذاب ينزل بنا، وهذا هو الشعور الكاذب الذي يشعر به الطغاة الجاهلون في كل زمان ومكان.

وقد رد الله- تعالى- عليهم وعلى أمثالهم ردا منطقيا حكيما يخرس ألسنتهم فقال: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً، وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ.

أى: أعموا وصموا عن الحق، ولم يعلموا أن الله- تعالى- الذي أوجدهم من العدم، هو- سبحانه- أشد منهم قوة وبأسا.

إنهم لغرورهم وجهالاتهم نسوا كل ذلك، وكانوا بآياتنا الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا يجحدون، ويعاندون وينكرون الحق الذي جاءتهم به رسلهم.

قال الله تعالى : ( فأما عاد فاستكبروا في الأرض [ بغير الحق ] ) أي : بغوا وعتوا وعصوا ، ( وقالوا من أشد منا قوة ) أي : منوا بشدة تركيبهم وقواهم ، واعتقدوا أنهم يمتنعون به من بأس الله ! ( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ) أي : أفما يتفكرون فيمن يبارزون بالعداوة ؟ فإنه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها ، وإن بطشه شديد ، كما قال تعالى : ( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ) [ الذاريات : 47 ] ،

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)

يقول تعالى ذكره: ( فَأَمَّا عَادٌ ) قوم هود ( فَاسْتَكْبَرُوا ) على ربهم وتجبروا( فِي الأرْضِ ) تكبرا وعتوّا بغير ما أذن الله لهم به ( وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ ) وأعطاهم ما أعطاهم من عظم الخلق, وشدة البطش ( هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) فيحذروا عقابه, ويتقوا سطوته لكفرهم به, وتكذيبهم رسله. يقول: وكانوا بأدلتنا وحججنا عليهم يجحدون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[15] ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا﴾ استعذْ باللهِ من الغرورِ والكِبرِ.
وقفة
[15] ﴿فَأَمّا عادٌ فَاستَكبَروا﴾ التهمة الأولى هى: الاستكبار، فانكسر لله وتواضع للناس
وقفة
[15] ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ وهل يجوز الاستكبار بحق؟ كلا، لكن المقصود تشنيع استكبارهم في النفوس.
وقفة
[15] ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ اغتروا بأجسامهم حين تهددهم بالعذاب، وقالوا: «نحن نقدر على دفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوتنا»؛ وذلك أنهم كانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم.
وقفة
[15] ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ لا مبرر لاستكبار العبد بوجه من الوجوه؛ لأن كل ما يتكبر به العبد من مال وسلطة وقوة وجمال وغير ذلك هو مما منحه الله له، وكل من كان لديه زيادة عطاء في جانب، فلا بد له من نقص في جانب آخر، ففيم التكبر؟!
وقفة
[15] التكبر والاغترار بالقوة مانعان من الإذعان للحق ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾.
وقفة
[15] رسالة إلى كل مستكبر أشِر، فلو بلغت قلبه ما تجبَّر ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾.
وقفة
[15] ﴿فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ يدل على جواز الاستكبار بالحق، وهو الذي يحكم بين الناس، ويردعهم عن الظلم، ويردهم إلى الصواب.
وقفة
[15] ﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾، وهكذا كل ما في المخلوقات من قوة وشدة تدل على أن الله أقوى وأشد، وما فيها من علم يدل على أن الله أعلم، وما فيها من علم وحياة يدل على أن الله أولى بالعلم والحياة.
وقفة
[15] ﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾، لا سقف لطغيان الإنسان ولا لإضلال الشيطان، يوشك بعضهم أن يرى نفسه فوق أهل الأرض وأهل السماء، بل والرب جل في علاه.
وقفة
[15] ﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾، من ركن إلى قوته خانته أحوج ما يكون إليها.
وقفة
[15] قوم عاد عذبت بألطف الأشياء -وهي الريح- لما تعالت بقوتها، وقالت: ﴿مَن أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً﴾؟!
وقفة
[15] قال قوم عاد: ﴿مَن أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً﴾، فأجابهم الله: ﴿وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلّا جعلته كالرميم﴾ [الذاريات: 41، 42] كبرياء.
وقفة
[15، 16] عاد لَمَّا قالوا: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ أرسلَ اللهُ عليهم ﴿رِيحًا﴾، كلُّ مَن انتفشَ وانتفخَ طارَ.
وقفة
[15، 16] ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ الجزاء من جنس العمل، قالوا: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾، فأرسل عليهم ألطف مخلوقاته: الريح، فعاقبهم بما هو مظنة اللين واللطف.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَمّا عادٌ:
  • الفاء: استئنافية. أما: حرف شرط‍ وتفصيل للابتداء. عاد:مبتدأ مرفوع بالضمة أي بنو عاد. فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه لأنه مفهوم.
  • ﴿ فَاسْتَكْبَرُوا:
  • الفاء واقعة في جواب «أما» استكبروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى «تكبروا» والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ:
  • جار ومجرور متعلق باستكبروا. بغير: جار ومجرور متعلق باستكبروا أو متعلق بمصدر-مفعول مطلق-محذوف.بتقدير: استكبارا بغير الحق. الحق: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى بغير جدارة او يتعلق بحال من الضمير اي غير محقين.
  • ﴿ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ:
  • الواو عاطفة. قالوا: تعرب اعراب «استكبروا» من:اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أشد: خبر «من» مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ مِنّا قُوَّةً:
  • جار ومجرور متعلق بأشد. قوة: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ:
  • أعربت في الآية الكريمة التاسعة والتسعين من سورة «الاسراء».
  • ﴿ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر «أن» ويجوز أن تكون «هو» ضمير فصل او عماد لا محل له من الإعراب وتكون «اشد» خبر «أن».منهم قوة: تعرب اعراب مِنّا قُوَّةً».و «هو» على الوجه الأول:ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. أشدّ: خبره مرفوع بالضمة. ولم ينوّن لأنه ممنوع من الصرف اسم تفضيل وعلى وزن-أفعل-وبوزن الفعل.
  • ﴿ وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ:
  • الواو عاطفة. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. بآيات: جار ومجرور متعلق بيجحدون. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. يجحدون: أي يكفرون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يجحدون» في محل نصب خبر «كان» وهي معطوفة على «استكبروا» بمعنى: كانوا يعرفون أن آياتنا حق ولكنهم جحدوها. أي كانوا كفرة فسقة.'

المتشابهات :

الأعراف: 51﴿فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ
فصلت: 15﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَ كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ
فصلت: 28﴿ذَٰلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّـهِ النَّارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ۖ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد أنْ ذَكَرَ اللهُ عن عادٍ وثَمودَ ما اشتَرَكَ فيه الأُمَّتانِ مِن المُكابَرةِ والإصرارِ على الكُفْرِ؛ جاء هنا تفصيل ما اختَصَّتْ به كلُّ أُمَّةٍ منهما، وبدأ بعادٍ، قال تعالى: فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ لهم هذا الذَّنبَ العَظيمَ -وهو الاستِكبارُ-، وكان فِعلًا قَلبيًّا؛ ذكَرَ هنا ما ظَهَر عليهم مِن الفِعلِ اللِّسانيِّ المعَبِّرَ عَمَّا في القَلبِ، قال تعالى:
﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي ..

التفسير :

[16] فأرسلنا عليهم ريحاً شديدة البرودة عالية الصوت في أيام مشؤومات عليهم؛ لنذيقهم عذاب الذل والهوان في الحياة الدنيا، ولَعذاب الآخرة أشد ذلّاً وهواناً، وهم لا يُنْصَرون بمنع العذاب عنهم.

{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} أي:ريحًا عظيمة، من قوتها وشدتها، لها صوت مزعج، كالرعد القاصف. فسخرها اللّه عليهم{ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}{ نحسات} فدمرتهم وأهلكتهم، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم. وقال هنا:{ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الذي اختزوا به وافتضحوا بين الخليقة.{ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} أي:لا يمنعون من عذاب اللّه، ولا ينفعون أنفسهم.

ثم حكى- سبحانه- ما نزل بهم من عذاب بسبب إصرارهم على كفرهم، وبسبب غرورهم وبطرهم فقال: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ، لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا....

ولفظ «صرصرا» من الصر- بفتح الصاد- وهو شدة الحر، أو من الصر- بكسر الصاد- وهو شدة البرد الذي يقبض البدن، أو من الصرة التي هي الصيحة المزعجة، ومنه قوله- تعالى- فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ ... أى: في صيحة.

ولا مانع من أن تكون هذه الريح التي أرسلها الله- تعالى- عليهم، قد اجتمع فيها الصوت الشديد المزعج، والبرد الشديد القاتل.

وقوله: نَحِساتٍ جمع نحسة- بفتح النون وكسر الحاء- صفة مشبهة من نحس- كفرح وكرم- ضد سعد.

أى: فأرسلنا على قوم عاد ريحا شديدة الهبوب والصوت، وشديدة البرودة أو الحرارة في أيام نحسات أو مشئومات نكدات عليهم بسبب إصرارهم على كفرهم وفعلنا ذلك معهم لنذيقهم العذاب المخزى لهم في الحياة الدنيا.

وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى أى: أشد خزيا وإهانة لهم من عذاب الدنيا.

وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ أى: وهم لا يجدون أحدا يدفع عنهم هذا العذاب بحال من الأحوال.

فبارزوا الجبار بالعداوة ، وجحدوا بآياته وعصوا رسوله ، فلهذا قال : ( فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا ) قال بعضهم : وهي الشديدة الهبوب . وقيل : الباردة . وقيل : هي التي لها صوت .

والحق أنها متصفة بجميع ذلك ، فإنها كانت ريحا شديدة قوية ; لتكون عقوبتهم من جنس ما اغتروا به من قواهم ، وكانت باردة شديدة البرد جدا ، كقوله تعالى : ( بريح صرصر عاتية ) [ الحاقة : 6 ] ، أي : باردة شديدة ، وكانت ذات صوت مزعج ، ومنه سمي النهر المشهور ببلاد المشرق " صرصرا لقوة صوت جريه .

وقوله : ( في أيام نحسات ) أي : متتابعات ، ( سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) [ الحاقة : 7 ] ، كقوله ( في يوم نحس مستمر ) [ القمر : 19 ] ، أي : ابتدئوا بهذا العذاب في يوم نحس عليهم ، واستمر بهم هذا النحس سبع ليال وثمانية أيام حتى أبادهم عن آخرهم ، واتصل بهم خزي الدنيا بعذاب الآخرة ; ولهذا قال تعالى : ( لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى ) [ أي ] أشد خزيا لهم ، ( وهم لا ينصرون ) أي : في الأخرى ، كما لم ينصروا في الدنيا ، وما كان لهم من الله من واق يقيهم العذاب ويدرأ عنهم النكال .

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (16)

يقول تعالى ذكره: فأرسلنا على عاد ريحا صرصرا.

واختلف أهل التأويل في معنى الصرصر, فقال بعضهم: عني بذلك أنها ريح شديدة.

* ذكر من قال ذلك.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: شديدة.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( رِيحًا صَرْصَرًا ) شديدة السَّموم عليهم.

وقال آخرون: بل عنى بها أنها باردة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: الصرصر: الباردة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: باردة.

حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: باردة ذات الصوت.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت. الضحاك يقول, في قوله: ( رِيحًا صَرْصَرًا ) يقول: ريحا فيها برد شديد.

وأولى القولين في ذلك بالصواب قول مجاهد, وذلك أن قوله: ( صَرْصَرًا ) إنما هو صوت الريح إذا هبت بشدة, فسمع لها كقول القائل: صرر, ثم جعل ذلك من أجل التضعيف الذي في الراء, فقال ثم أبدلت إحدى الراءات صادا لكثرة الراءات, كما قيل في ردده: ردرده, وفي نههه: نهنهه, كما قال رؤبة:

فــــالْيَوْمَ قَــــدْ تُنَهْنِهُنـــي

وَأَوَّلُ حِــــلْمٍ لَيْسَ بِالْمُسَــــفَّهِ (1)

وكما قيل في كففه: كفكفه, كما قال النابغة?

أُكَفكِــفُ عَــبْرَةً غَلَبَــتْ عُـدَاتِي

إذَا نَهْنَهْتُهَـــا عـــادَت ذُباحــا (2)

وقد قيل: إن النهر الذي يسمى صرصرا, إنما سمي بذلك لصوت الماء الجاري فيه, وإنه " فعلل " من صرر نظير الريح الصرصر.

وقوله: ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ) اختلف أهل التأويل في تأويل النحسات, فقال بعضهم: عني بها المتتابعات.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ) قال: أيام متتابعات أنـزل الله فيهن العذاب.

وقال آخرون: عني بذلك المشائيم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ) قال: مشائيم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ) أيام والله كانت مشئومات على القوم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: النحسات: المشئومات النكدات.

حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ) قال: أيام مشئومات عليهم.

وقال آخرون: معنى ذلك: أيام ذات شر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد قوله: ( أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ) قال: النحس: الشر; أرسل عليهم ريح شر ليس فيها من الخير شيء.

وقال آخرون: النحسات: الشداد.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ) قال: شداد.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال عنى بها: أيام مشائيم ذات نحوس, لأن ذلك هو المعروف من معنى النحس في كلام العرب.

وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قراء الأمصار غير نافع وأبي عمرو ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ) بكسر الحاء, وقرأه نافع وأبو عمرو: " نَحْسَاتٍ" بسكون الحاء. وكان أبو عمرو فيما ذكر لنا عنه يحتج لتسكينه الحاء بقوله: يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ وأن الحاء فيه ساكنة.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان, قد قرأ بكل واحدة منهما قرّاء علماء مع اتفاق معنييهما, وذلك أن تحريك الحاء وتسكينها في ذلك لغتان معروفتان, يقال هذا يوم نحْس, ويوم نَحِس, بكسر الحاء وسكونها; قال الفرّاء: أنشدني بعض العرب?

أبْلِــغْ جُذَامــا وَلَخْمـا أنَّ إخْـوَتَهُمْ

طَيَّـا وَبَهْـرَاءَ قَـوْمٌ نَصْـرُهُمْ نَحِسُ (3)

وأما من السكون فقول الله يَوْمِ نَحْسٍ ; منه قول الراجز?

يَــوْمَيْنِ غَيْمَيْــنِ وَيَوْمــا شَمْسـا

نَجْــمَيْنِ بالسَّــعْدِ وَنَجْمــا نَحْسـا (4)

فمن كان في لغته: يَوْمِ نَحْسٍ قال: " في أيَّامٍ نَحْساتٍ", ومن كان في لغته: (يَوْمِ نَحِسٍ) قال: ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ), وقد قال بعضهم: النحْس بسكون الحاء: هو الشؤم نفسه, وإن إضافة اليوم إلى النحس, إنما هو إضافة إلى الشوم, وإن النحِس بكسر الحاء نعت لليوم بأنه مشئوم, ولذلك قيل: ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ) لأنها أيام مشائيم.

وقوله: ( لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يقول جل ثناؤه: ولعذابنا إياهم في الآخرة أخزى لهم وأشد إهانة وإذلالا. يقول: وهم يعني عادا لا ينصرهم من الله يوم القيامة إذا عذبهم ناصر, فينقذهم منه, أو ينتصر لهم.

------------------------

الهوامش:

(1) البيتان في ديوانه ( طبع ليبسج 166 ) وهما أل ( 19 ، 20 ) ونهنهني زجرني وكفنى . يقول هذا بعد أن كبر وضعف . والأول : الرجوع . والحلم العقل . والسفه : المنسوب إلى السفه . يقول : كنت أستجيب لدواعي الصبا ما دمت شابا ، أما اليوم وقد علتني كبرة ، ورجع إلى ما عزب من عقلي ، فقد كفني عن الطيش حلمي وعقلى ، فلا أفعل ما كنت أفعل في الشباب .

(2) نسب المؤلف البيت إلى النابغة ، ولم أجده في الديوان ولا في شروحه المختلفة . ومعنى أكفكف العبرة : أردها . وقوله غلبت عداتي : أي أنهم كانوا حراصا على أن أبكي بما يسيئون إلى ، فغلبتهم عبرتي التي حبستها ، ونهنهتها : كففتها ورددتها . وذباحا : ذبحا . ذبحا . يريد أنه حبس عبرته ، وكان حبسها كالذبح من شدة الألم لأن البكاء يخفف ما يضطرم في النفس من ألم وغيظ ونحوه . والبيت عند المؤلف شاهد على أن كفكف ونهنه وصرصر ونحوها من الفعل الرباعي المضعف : أصلها : كفف ونهه وصرر ، فلما اجتمع فيه ثلاث أحرف أمثال ، أبدلت إحدى الراءات من نوع فاء الكلمة . وهذا مذهب لبعض النحويين الكوفيين ، والله أعلم .

(3) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 289 ) عند قوله تعالى :" في أيام نحسات" . قال : العوام على تثقيلها بكسر الحاء . وقد خفف بعض أهل المدينة ( بسكون الحاء ) . قال وقد سمعت بعض العرب ينشد :" أبلغ جذاما ... البيت" فهذا لمن ثقل . ومن خفف بناه على قوله" في يوم نحس مستمر" وفي ( اللسان : نحس ) وقرأ أبو عمرو :" فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات" بسكون الحاء . قال الأزهري : هي جمع أيام نحسة ثم جمع الجمع ( بسكون الحاء فيهما) . وقرأت في أيام نحسات ( بكسر الحاء ) وهي المشؤمات عليهم في الوجهين . ا هـ .

(4) البيتان من مشطور الرجز ، ولم نعرف قائلهما . واستشهد المؤلف بهما على أن النحس فيه لغتان : سكون الحاء ، كهذا البيت وكسرها كالشاهد الذي قبله . وعلى هاتين اللغتين جاءت قراءة من قرأ قوله تعالى :" في أيام نحسات" وقد سبق القول عليه في الشاهد السابق .

المعاني :

صَرْصَرًا :       شَدِيدَةَ البُرُودَةِ، عَالِيَةَ الصَّوْتِ السراج
ريحا صرصرا :       شديدة السّموم ، أو البَرْد، أو الصّوت معاني القرآن
نَّحِسَاتٍ :       مَشْؤُومَاتٍ السراج
أيّـام نحِسات :       مشـْـئوماتٍ ، أو ذوات غبار و تراب معاني القرآن
الْخِزْيِ :       الذُّلِّ وَالهَوَانِ السراج
أخزَى :       أشدّ إذلالاً و إهانة معاني القرآن

التدبر :

عمل
[16] ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ إذا رأيت ريحًا مقبلة فقل: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» [مسلم 899].
وقفة
[16] ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ أمة عاد مع كثرتهم (لما استكبروا) أهلكهم؛ وقوم يونس على قلتهم لما (استكانوا وتضرعوا) رحمهم.
تفاعل
[16] ﴿فَأَرسَلنا عَلَيهِم ريحًا صَرصَرًا في أَيّامٍ نَحِساتٍ﴾ قل: «اللهم عافنا وارحمنا».
وقفة
[16] ﴿رِيحًا صَرْصَرًا﴾ الصرصر: الريح الباردة التي تحرق ما أمامها، وهذا يدل على قدرة الله تعالى، وأن قدرته لا تخضع للقوانين العلمية.
وقفة
[16] ﴿فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ﴾ لم تهلكهم الريح في يوم واحد أو لحظات، بل سلَّطت عليهم سبع ليالي وثمانية أيام؛ ليكون هذا أشد وأكثر إيلامًا في العقوبة؛ فكلما زادت العقوبة آلمت.
وقفة
[16] ﴿فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ﴾، ﴿في يوم نحس مستمر﴾ [القمر: 19]، ﴿سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما﴾ [الحاقة: 7] كيف نجمع بينهم؟ الجواب: أن (اليوم) يعبر به عن (الأيام)، كقولهم: يوم الحرة، ويوم بعاث، وقد يراد به اليوم الذي بدأ به الريح، يقال: كان آخر أربعًا في الشهر.
وقفة
[16] ﴿لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ﴾ الكفار يُجْمَع لهم بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
وقفة
[16] ﴿لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ﴾ يعاقب الكافر مرتين: عقوبة دنيوية، وأشدّ: أخروية، ولا يجمع الله على عبده المؤمن عقوبتين!
تفاعل
[16] ﴿لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[16] ﴿لِنُذيقَهُم عَذابَ الخِزيِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَخزى وَهُم لا يُنصَرونَ﴾ بأعمالهم حوصروا بعذابٍ فى الدنيا، وآخرَ أسوأ منه فى الآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَرْسَلْنا:
  • الفاء سببية. أرسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا.و«نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ عَلَيْهِمْ:
  • حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بأرسلنا.
  • ﴿ رِيحاً صَرْصَراً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. صرصرا:صفة-نعت-لريحا منصوبة مثلها بالفتحة.
  • ﴿ فِي أَيّامٍ نَحِساتٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من ريحا. نحسات:صفة-نعت-لأيام مجرورة مثلها وعلامة جرها: الكسرة.
  • ﴿ لِنُذِيقَهُمْ:
  • اللام: لام التعليل حرف جر. نذيق: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «نذيقهم» صلة «ان» المصدرية المضمرة لا محل لها من الإعراب. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بأرسلنا.
  • ﴿ عَذابَ الْخِزْيِ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الخزي: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. وإضافة العذاب الى الخزي على أنه وصف للعذاب بمعنى: عذاب خزي كما يقال: فعل السوء. المراد: الفعل السيئ. وهو من الإسناد المجازي ووصف العذاب بالخزي ابلغ من وصفهم به. و «عذاب»: مفعول به ثان
  • ﴿ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا:
  • جار ومجرور متعلق بنذيقهم. الدنيا: صفة-نعت-للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر.
  • ﴿ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ:
  • الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. عذاب:مبتدأ مرفوع بالضمة. الآخرة: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ أَخْزى:
  • خبر «عذاب» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. أي أذل لهم من خزي الدنيا.
  • ﴿ وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حال. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. لا: نافية لا عمل لها.ينصرون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وجملة لا يُنْصَرُونَ» في محل رفع خبر «هم».'

المتشابهات :

فصلت: 16﴿فَـ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ
القمر: 19﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد أن وصفَ اللهُ حالَ قوم عاد بثلاثة أوصاف؛ ذكرَ هنا ما حلَّ بهم من عذابٍ بسبب إصرارِهم على كفرِهم، قال تعالى:
﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نحسات:
قرئ:
1- بسكون الحاء، على التخفيف، وهى قراءة الحرميين، وأبى عمرو، والنخعي، وعيسى، والأعرج.
2- بكسر الحاء، وهو القياس، وهى قراءة قتادة، وأبى رجاء، والجحدري، وشيبة، وأبى جعفر وباقى السبعة.
لنذيقهم:
وقرئ:
لنذيقهم، وبالتاء، على أن الإذاقة للرياح، أو للأيام النحسات.

مدارسة الآية : [17] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى ..

التفسير :

[17] وأما ثمود قوم صالح فقد بينَّا لهم سبيل الحق وطريق الرشد، فاختاروا العمى على الهدى، فأهلكتهم صاعقة العذاب المهين؛ بسبب ما كانوا يقترفون من الآثام بكفرهم بالله وتكذيبهم رسله.

وأما ثمود وهم القبيلة المعروفة الذين سكنوا الحجر وحواليه، الذين أرسل اللّه إليهم صالحًا عليه السلام، يدعوهم إلى توحيد ربهم، وينهاهم عن الشرك وآتاهم اللّه الناقة، آية عظيمة، لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، يشربون لبنها يومًا ويشربون من الماء يومًا، وليسوا ينفقون عليها، بل تأكل من أرض اللّه، ولهذا قال هنا:{ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} أي:هداية بيان، وإنما نص عليهم، وإن كان جميع الأمم المهلكة، قد قامت عليهم الحجة، وحصل لهم البيان، لأن آية ثمود، آية باهرة، قد رآها صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وكانت آية مبصرة، فلهذا خصهم بزيادة البيان والهدى.

ولكنهم -من ظلمهم وشرهم- استحبوا العمى -الذي هو الكفر والضلال- على الهدى -الذي هو:العلم والإيمان-{ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} لا ظلمًا من اللّه لهم.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك، حال ثمود وما نزل بهم من عذاب فقال: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ....

أى: وأما قوم ثمود الذين أرسلنا إليهم نبينا صالحا، فبينا لهم عن طريقه سبيل الرشاد وسبيل الغي. فالمراد بالهداية هنا: البيان والإرشاد والدلالة على الخير.

فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى أى: فاختاروا الكفر على الإيمان، وآثروا الغي على الرشد.

فالمراد بالعمى هنا الكفر والضلال، والمراد بالهداية الإيمان والطاعة.

فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ أى: فكانت نتيجة إيثارهم الكفر على الإيمان، وتصميمهم على ذلك.. أن أنزلنا عليهم الصاعقة التي أهلكتهم، والعذاب المبين الذي أبادهم، بسبب ما اكتسبوه من ذنوب وقبائح.

وقد حكى- سبحانه- ما أنزله بعاد وثمود من عذاب في آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ. فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ. وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ. سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً. فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ .

وقد ذكر بعضهم أن الأيام النحسات التي نزل فيها العذاب على قوم عاد، كانت في أواخر شهر شوال، وأن أولها كان في يوم الأربعاء، وآخرها- أيضا- كان في يوم الأربعاء، ولذا صار بعض الناس يتشاءم من هذا اليوم.

والحق أن ما ذكروه في هذا الشأن لا دليل عليه، ولا يلتفت إليه، وأن ما أصاب هؤلاء إنما كان بشؤم كفرهم ومعاصيهم.

قال بعض العلماء بعد أن ذكر بعض الآثار التي ذكروها في أن يوم الأربعاء يوم نحس:

«فهذه الروايات وأمثالها لا تدل على شؤم يوم الأربعاء على من لم يكفر بالله ولم يعصه، لأن أغلبها ضعيف، وما صح معناه منها فالمراد بنحسه شؤمه على أولئك الكفرة العصاة الذين أهلكهم الله فيه بسبب كفرهم ومعاصيهم».

وقوله : ( وأما ثمود فهديناهم ) قال ابن عباس ، وأبو العالية ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، والسدي ، وابن زيد : بينا لهم .

وقال الثوري : دعوناهم .

( فاستحبوا العمى على الهدى ) أي : بصرناهم ، وبينا لهم ، ووضحنا لهم الحق على لسان نبيهم صالح - صلى الله عليه وسلم - فخالفوه وكذبوه ، وعقروا ناقة الله التي جعلها آية وعلامة على صدق نبيهم ، ( فأخذتهم صاعقة العذاب الهون ) أي : بعث الله عليهم صيحة ورجفة وذلا وهوانا وعذابا ونكالا ( بما كانوا يكسبون ) أي : من التكذيب والجحود .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)

يقول تعالى ذكره: فبينا لهم سبيل الحق وطريق الرشد.

كما حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ) : أي بيَّنا لهم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ) بينا لهم سبيل الخير والشرّ.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ) بينا لهم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ) قال: أعلمناهم الهدى والضلالة, ونهيناهم أن يتبعوا الضلالة, وأمرناهم أن يتبعوا الهدى.

وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( ثَمُودُ ) فقرأته عامة القراء من الأمصار غير الأعمش وعبد الله بن أبي إسحاق برفع ثمود, وترك إجرائها على أنها اسم للأمة التي تعرف بذلك. وأما الأعمش فإنه ذكر عنه أنه كان يجري ذلك في القرآن كله إلا في قوله: وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فإنه كان لا يجريه في هذا الموضع خاصة من أجل أنه في خطّ المصحف في هذا الموضع بغير ألف, وكان يوجه ثمود إلى أنه اسم رجل بعينه معروف, أو اسم جيل معروف. وأما ابن إسحاق فإنه كان يقرؤه نصبا. وأما ثمود بغير إجراء, وذلك وإن كان له في العربية وجه معروف, فإن أفصحَ منه وأصحّ في الإعراب عند أهل العربية الرفع لطلب أما الأسماء وأن الأفعال لا تليها, وإنما تعمل العرب الأفعال التي بعد الأسماء فيها إذا حسن تقديمها قبلها والفعل في أما لا يحسن تقديمه قبل الاسم; ألا ترى أنه لا يقال: وأما هدينا فثمود, كما يقال: ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ ).

والصواب من القراءة في ذلك عندنا الرفع وترك الإجراء; أما الرفع فلما وصفت, وأما ترك الإجراء فلأنه اسم للأمة.

وقوله: ( فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ) يقول: فاختاروا العمى على البيان الذي بينت لهم, والهدى الذي عرفتهم, بأخذهم طريق الضلال على الهدى, يعني على البيان الذي بينه لهم, من توحيد الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط. عن السديّ( فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ) قال: اختاروا الضلالة والعمى على الهدى.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ) قال: أرسل الله إليهم الرسل بالهدى فاستحبوا العمى على الهدى.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى ) يقول: بينا لهم, فاستحبوا العمى على الهدى.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ) قال: استحبوا الضلالة على الهدى, وقرأ: و كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ... إلى آخر الآية, قال: فزين لثمود عملها القبيح, وقرأ: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ ... إلى آخر الآية.

وقوله: ( فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) يقول: فأهلكتهم من العذاب المذل المهين لهم مهلكة أذلتهم وأخزتهم; والهون: هو الهوان.

كما حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( عَذَابَ الْهُونِ ) قال: الهوان.

وقوله: ( بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) من الآثام بكفرهم بالله قبل ذلك, وخلافهم إياه, وتكذيبهم رسله.

المعاني :

فَهَدَيْنَاهُمْ :       فَبَيَّنَّا لَهُمْ سَبِيلَ الحَقِّ السراج
فهديْناهمْ :       بيّـنّـا لهم طريقي الضلالة و الهُدَى معاني القرآن
فَاسْتَحَبُّوا :       فَاخْتَارُوا السراج
الْهُونِ :       المُهِينِ السراج

التدبر :

وقفة
[17] ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ وإنما نص عليهم -وإن كان جميع الأمم المهلكة قد قامت عليهم الحجة وحصل لهم البيان- لأن آية ثمود آية باهرة، قد رآها صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وكانت آية مبصرة، فلهذا خصهم بزيادة البيان والهدى.
وقفة
[17] ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ أي هداية بيان، وإنما نص عليهم، وإن كان جميع الأمم المهلكة، قد قامت عليهم الحجة، وحصل لهم البيان؛ لأن آية ثمود آية باهرة، قد رآها صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم، وكانت آية مبصرة، فلهذا خصهم بزيادة البيان والهدى.
وقفة
[17] ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ﴾ كل دلائل الحق واضحة له، ومع ذلك ينتصر لطريق الضلالة، ما أشبهه بقوم صالح.
وقفة
[17] ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ﴾ هذا كما هي الآن شريعة الإسلام مبينة لليهود والنصارى المختلطين لنا، ولكنهم يعرضون ويشتغلون بالصد؛ فذلك استحباب العمى على الهدى.
وقفة
[17] ما كل مجتمع حاد عن الحق يكون سبب حيدته جهله، فإن بعض المجتمعات تتعمد الحيدة؛ هروبًا من لوازم الحق ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ﴾.
عمل
[17] لا تعاقب أحدًا قبل أن تخبره بذنبه الذي استحق به العقوبة ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾.
وقفة
[17] ﴿وَأَمّا ثَمودُ فَهَدَيناهُم فَاستَحَبُّوا العَمى عَلَى الهُدى فَأَخَذَتهُم صاعِقَةُ العَذابِ الهونِ بِما كانوا يَكسِبونَ﴾ الله عدل، وَضَّحَ الآيات مفصلات بينات، ولكنهم لم ينصاعوا لها؛ فابحث داخلك وفتش، هل تتبع الآيات منصاعًا لها مستسلمًا ولجميعها؟!
وقفة
[17] ﴿فَهَدَيناهُم فَاستَحَبُّوا العَمى عَلَى الهُدى﴾ هو أمر من الصعب استيعابه، لكنه واقع بالفعل بكل أسف.
لمسة
[17] ﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ﴾ لم يقل: (أحبوا) فزيادة السين في (استحبوا) تدل على تكلفهم محبة الضلال والعمى.
وقفة
[17] ﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ﴾ الجزاء من جنس العمل، فمن استحب الضلال على الهدى كالذي أحب العمى على البصر، فكان جزاؤهم بالصاعقة لأنها تُعْمي الأبصار قبل أن تمهلكهم كما قال تعالى: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ [البقرة:۲۰].
تفاعل
[17] ﴿فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[17] ﴿فَأَخَذَتْهُمْ ... بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ لا مصيبةَ إلَّا بذنبٍ.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَمّا ثَمُودُ:
  • الواو عاطفة. أما: حرف شرط‍ وتفصيل حرف ابتداء.ثمود: مبتدأ مرفوع بالضمة ولم تنون الكلمة لأنها ممنوعة من الصرف على تأويل القبيلة أي للتأنيث والمعرفة
  • ﴿ فَهَدَيْناهُمْ:
  • الفاء واقعة في جواب «أما» والجملة الفعلية: في محل رفع خبر «ثمود».هدى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وحذف المفعول الثاني لأنه معلوم بتقدير فهديناهم على طريقي الضلالة والرشد. وأصلها الى الطريق فحذف الجار وأوصل الفعل.
  • ﴿ فَاسْتَحَبُّوا:
  • الفاء عاطفة. استحبوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بمعنى:فاختاروا وآثروا.
  • ﴿ الْعَمى عَلَى الْهُدى:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. على الهدى: جار ومجرور متعلق باستحبوا وهو مجرور وقدرت الحركة على الألف للتعذر بمعنى فاختاروا طريق الضلالة على طريق الرشد.واستعمال الهدى هنا مجازا.
  • ﴿ فَأَخَذَتْهُمْ:
  • الفاء سببية. اخذت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. العذاب: مضاف اليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الهون: صفة-نعت-للعذاب مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة بمعنى المهين. والهون: بمعنى الهوان وصف به العذاب مبالغة او ابدل منه.
  • ﴿ بِما كانُوا:
  • الباء حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. وجملة كانُوا يَكْسِبُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بما كانوا يكسبونه أي يعملونه. والجار والمجرور متعلق بأخذتهم. أي بسبب ما كانوا يكسبون ويجوز أن يتعلق الجار والمجرور بمفعول له-لأجله-محذوف بتقدير: جزاء لهم على ما كانوا يكسبون.
  • ﴿ يَكْسِبُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

الأنعام: 129﴿وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعۡضَ ٱلظَّٰلِمِينَ بَعۡضَۢا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
الأعراف: 96﴿وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذۡنَٰهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
التوبة: 82﴿فَلۡيَضۡحَكُواْ قَلِيلٗا وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرٗا جَزَآءَۢ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
التوبة: 95﴿وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
يونس: 8﴿أُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
يس: 65﴿وَتَشۡهَدُ أَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
فصلت: 17﴿فَأَخَذَتۡهُمۡ صَٰعِقَةُ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
الجاثية: 14﴿لِيَجۡزِيَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا بدأَ اللهُ بعادٍ -لأنهم أقدَمُ زمانًا، ولِمَا لهم من القوة والاستعلاء، وقد كانت قريش تدعي ذلك-؛ ذكرَ هنا ثمود، قال تعالى:
﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ثمود:
1- بالرفع، ممنوع من الصرف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، مصروفا، وهى قراءة ابن وثاب، والأعمش، وبكر بن حبيب.

مدارسة الآية : [18] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

التفسير :

[18] ونجَّينا الذين آمنوا من العذاب الذي أخذ عاداً وثمود، وكان هؤلاء الناجون يخافون الله ويتقونه.

{ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} أي نجى اللّه صالحًا عليه السلام ومن اتبعه من المؤمنين المتقين للشرك، والمعاصي.

ثم بين- سبحانه- فضله على المؤمنين، ورحمته بهم فقال: وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا.. أى ونجينا الذين آمنوا من عذاب الدنيا ومن عذاب الآخرة.

وَكانُوا يَتَّقُونَ أى: يتقون الله- تعالى-، ويصونون أنفسهم عن كل ما لا يرضيه.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك جانبا من أحوال الظالمين يوم القيامة، يوم تشهد عليهم أسماعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون، يوم يعلمون أن ما جاءهم به رسلهم حق لا ريب فيه، فقال- تعالى-:

( ونجينا الذين آمنوا [ وكانوا يتقون ] ) أي : من بين أظهرهم ، لم يمسهم سوء ، ولا نالهم من ذلك ضرر ، بل نجاهم الله مع نبيهم صالح [ عليه السلام ] بإيمانهم ، وتقواهم لله ، عز وجل .

وقوله: ( وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا ) يقول: ونجينا الذين آمنوا من العذاب الذي أخذهم بكفرهم بالله, الذين وحدوا الله, وصدقوا رسله.

يقول: وكانوا يخافون الله أن يحل بهم من العقوبة على كفرهم لو كفروا ما حل بالذين هلكوا منهم, فآمنوا اتقاء الله وخوف وعيده, وصدقوا رسله, وخلعوا الآلهة والأنداد.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[18] ﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ الإيمان والتقوى سبب النجاة من العذاب الدنيوي والأخروي.
تفاعل
[18] ﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ادعُ الله الآن أن ينجيك من كل كرب.
وقفة
[18] ﴿وَنَجَّينَا الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ﴾ بتقواك تنجو من الأهوال.
تفاعل
[18] ﴿وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من المتقين.

الإعراب :

  • ﴿ وَنَجَّيْنَا:
  • الواو عاطفة. نجى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا.و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَكانُوا يَتَّقُونَ:
  • الواو عاطفة. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يتقون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يتقون» في محل نصب خبر «كان» بمعنى الذين آمنوا منهم واتقوا بمعنى وخافوا وحذف مفعولها لأنه معلوم.'

المتشابهات :

يونس: 63﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ
النمل: 53﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ
فصلت: 18﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ الوَعيدَ؛ أتبعه هنا بالوَعدِ، قال تعالى:
﴿ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى ..

التفسير :

[19] ويوم يُحشر أعداء الله إلى نار جهنم تَرُدُّ زبانية العذاب أولَهم على آخرهم،

يخبر تعالى عن أعدائه، الذين بارزوه بالكفر به وبآياته، وتكذيب رسله ومعاداتهم ومحاربتهم، وحالهم الشنيعة حين يحشرون، أي:يجمعون.{ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [أي]:يرد أولهم على آخرهم، ويتبع آخرهم أولهم، ويساقون إليها سوقا عنيفًا، لا يستطيعون امتناعًا، ولا ينصرون أنفسهم، ولا هم ينصرون.

والظرف في قوله: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ متعلق بمحذوف تقديره: اذكر.

وقوله، يُوزَعُونَ من الوزع وأصله الكف، تقول: وزع فلان فلانا عن الشيء، أى:

كفه ومنعه عنه. ومنه قول الشاعر:

ولن يزع النفس اللجوج عن الهوى ... من الناس، إلا وافر العقل كامله

والمراد هنا: أن يكف أولهم ويمنع عن التحرك حتى يرد آخرهم فيلحق بأولهم، بحيث يجتمعون جميعا للحساب ثم يدعون إلى نار جهنم.

والمعنى: واذكر- أيها العاقل- يوم يحشر أعداء الله جميعا إلى النار، بعد أن حوسبوا على أعمالهم السيئة فَهُمْ يُوزَعُونَ أى: فهم يحبسون في هذا اليوم العصيب حتى يلحق آخرهم بأولهم، ويكفون جميعا عن الحركة حتى يقضى الله- تعالى- بقضائه العادل فيهم.

والتعبير بقوله: أَعْداءُ اللَّهِ يدل على ذمهم، وعلى أن ما أبهم من عذاب مهين. إنما هو بسبب عداوتهم لله- تعالى- ولرسله- صلوات الله عليهم-، حيث أعرضوا عن الحق الذي جاءهم به الرسل من عند ربهم.

والتعبير بقوله يُوزَعُونَ يشعر بأنهم يحبسون ويمنعون عن الحركة بغلظة وزجر.

يقول تعالى : ( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون ) أي : اذكر لهؤلاء المشركين يوم يحشرون إلى النار ) يوزعون ) ، أي : تجمع الزبانية أولهم على آخرهم ، كما قال تعالى : ( ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) [ مريم : 86 ] ، أي : عطاشا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)

يقول تعالى ذكره: ويوم يجمع هؤلاء المشركون أعداء الله إلى النار, إلى نار جهنم, فهم يحبس أولهم على آخرهم.

كما حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال: يحبس أوّلهم على آخرهم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال: عليهم وزعة تردّ أولاهم على أُخراهم.

المعاني :

يُوزَعُونَ :       يُرَدُّ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ السراج
فهم يوزعون :       يُـحـْـبَـسُ سَوَابقهم ليلحقهم تواليهم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[19] ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّـهِ﴾ من ذا الذي يقوى على أن يكون عدوَّه؟! لكنهم قوم استحبوا العمى على الهدى.
تفاعل
[19] ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّـهِ إِلَى النَّارِ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[19] ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّـهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ يساقون ويدفعون إلى جهنم؛ قال قتادة والسدي: «يحبس أولهم عن آخرهم حتى يجتمعوا»، وقال أبو الأحوص: «فإذا تكاملت العدة بدئ بالأكابر فالأكابر جرمًا».

الإعراب :

  • ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ:
  • الواو استئنافية. يوم ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق او العامل فيه بما كانوا يكسبون. او مفعول به لفعل محذوف تقديره:واذكر يوم. يحشر: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وجملة يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ» في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ أَعْداءُ اللهِ:
  • نائب فاعل مرفوع بالضمة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ إِلَى النّارِ فَهُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بيحشر. والفاء استئنافية للتعليل أي لكثرتهم فهم يوزعون. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ
  • ﴿ يُوزَعُونَ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وجملة «يوزعون» في محل رفع خبر «هم» أي يحبس اولهم على آخرهم.'

المتشابهات :

النمل: 17﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
النمل: 83﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ
فصلت: 19﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّـهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     : وبعد مَوعِظةِ المُشرِكينَ بِحالِ الأُمَمِ المُكَذِّبةِ مِن قَبلِهم، وإنذارِهم بعَذابٍ يَحلُّ بهم في الدُّنيا كما حَلَّ بأولئك؛ لِيكونَ لهم ذلك عِبرةً؛ انتُقِلَ هنا إلى إنذارِهم بما سَيحِلُّ بهم في الآخِرةِ؛ ليحصُلَ منه تمامُ الاعتبارِ في الزَّجرِ والتَّحذيرِ، قال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يحشر:
1- مبنيا للمفعول، و «أعداء» رفعا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- نحشر، بالنون، و «أعداء» نصبا، وهى قراءة زيد بن على، ونافع، والأعرج، وأهل المدينة.
3- نحشر، بالنون، وكسر الشين، وهى قراءة الأعرج.

مدارسة الآية : [20] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ ..

التفسير :

[20]حتى إذا ما جاؤوا النار، وأنكروا جرائمهم شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون في الدنيا من الذنوب والآثام.

{ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا} أي:حتى إذا وردوا على النار، وأرادوا الإنكار، أو أنكروا ما عملوه من المعاصي،{ شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ} عموم بعد خصوص. [{ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}] أي:شهد عليهم كل عضو من أعضائهم، فكل عضو يقول:أنا فعلت كذا وكذا، يوم كذا وكذا. وخص هذه الأعضاء الثلاثة، لأن أكثر الذنوب، إنما تقع بها، أو بسببها.

ثم بين- سبحانه- أحوالهم عند ما يعرضون على النار فقال: حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ.

والمراد بشهادة هذه الأعضاء عليهم: أنها تنطق- بإذن الله- تعالى- وتخبر بما اجترحوه من سيئات، وبما فعلوه من قبائح.

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: «فإن قلت «ما» في قوله: حَتَّى إِذا ما جاؤُها ما هي؟.

قلت: مزيدة للتأكيد، ومعنى التأكيد فيها: أن وقت مجيئهم النار لا محالة أن يكون وقت الشهادة عليهم، ولا وجه لأن يخلو منها ...

فإن قلت: كيف تشهد عليهم أعضاؤهم وكيف تنطق؟.

قلت: الله- عز وجل- ينطقها ... بأن يخلق فيها كلاما..

وشهادة الجلود بالملامسة للحرام، وما أشبه ذلك مما يفضى إليها من المحرمات. وقيل:

المراد بالجلود الجوارح- وقيل: هو كناية عن الفروج..» .

وقوله : ( حتى إذا ما جاءوها ) أي : وقفوا عليها ، ( شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون ) أي : بأعمالهم مما قدموه وأخروه ، لا يكتم منه حرف .

وقوله: ( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ ) يقول: حتى إذا ما جاءوا النار شهد عليهم سمعهم بما كانوا يصغون به في الدنيا إليه, ويسمعون له, وأبصارهم بما كانوا ينظرون إليه في الدنيا( وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ).

وقد قيل: عني بالجلود في هذا الموضع: الفروج.

* ذكر من قال ذلك.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب القمي, عن الحكم الثقفي, رجل من آل أبي عقيل رفع الحديث, وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا إنما عني فروجهم, ولكن كني عنها.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثنا حرملة, أنه سمع عبيد الله بن أبي جعفر, يقول ( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ ) قال: جلودهم: الفروج.

وهذا القول الذي ذكرناه عمن ذكرنا عنه في معنى الجلود, وإن كان معنى يحتمله التأويل, فليس بالأغلب على معنى الجلود ولا بالأشهر, وغير جائز نقل معنى ذلك المعروف على الشيء الأقرب إلى غيره إلا بحجة يجب التسليم لها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[20] ﴿حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ وخص هذه الأعضاء الثلاثة؛ لأن أكثر الذنوب إنما تقع عليها أو بسببها.
وقفة
[20] ﴿حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ إذا كان هؤلاء سيشهدون؛ فلا نجاة لنا إلا برحمة الله.
عمل
[20] ﴿حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أكرمهم اليوم ليكرموك غدًا!
وقفة
[20] ﴿حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يا لهول هذا الموقف! كنت أيها الإنسان في الدنيا تطلق العنان لسمعك وبصرك وجوارحك، وها هي تشهد عليك الآن؛ أفلا تتقي الله فيها من الآن لتشهد لك لا عليك، يا رب سلِّم، واسترنا يوم العرض عليك.
وقفة
[20] ﴿حَتّى إِذا ما جاءوها شَهِدَ عَلَيهِم سَمعُهُم وَأَبصارُهُم وَجُلودُهُم بِما كانوا يَعمَلونَ﴾ البعض فى خلوته مع المعاصى يظن أنه بمعزل ولا يراه أحد، ولكن المفاجأة فى انتظاره يوم القيامة.
وقفة
[20] شهادة الجوارح يوم القيامة على أصحابها ﴿حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
وقفة
[20] ﴿شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم﴾ هؤلاء هم رُسلُ القلب، فرسولٌ يأتيه بالخير، أو آخر يعود عليه بالذنب، وكلهم عليه شهود.
وقفة
[20] ﴿شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ حتى لا تظن بأن من خلى بمعصية الله آمن ممن يشهد عليه.
وقفة
[20] ﴿سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم﴾ جاء بالسمع والبصر؛ لأنهما أكثر ما يتعلق بهما أحكام التكليف، من سماع الوحي ورؤية الآيات، ولم يأت بغيرهما كالأنف مثلًا لقلة ما يتعلق به من تكاليف، ثم جاء بالجلود التي تشمل الجميع، السمع والبصر وغيرهما.
وقفة
[20، 21] ﴿شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم﴾ ما أقسى هذه اللحظةِ عندما تلومُ جوارحَك! ﴿لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ حَتّى إِذا ما جاؤُها:
  • حتى: حرف غاية وابتداء. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه. ما: زائدة للتأكيد بمعنى أن وقت مجيئهم النار لا بد أن يكون وقت الشهادة عليهم. جاءوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «ها» ضمير متصل يعود على النار مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الإعراب. شهد: فعل ماض مبني على الفتح على حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بشهد. سمع: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ:
  • معطوفتان بواوي العطف على «سمعهم» وتعربان اعرابها.
  • ﴿ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ:
  • تعرب اعراب بِما كانُوا يَكْسِبُونَ» الواردة في الآية الكريمة السابعة عشرة.'

المتشابهات :

فصلت: 20﴿ حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
الزمر: 71﴿إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ
الزمر: 73﴿إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     : وبعد حشر أعداء الله إلى النار؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنهم يحاسبون على أعمالهم وأقوالهم فينكرونها، وحينئذ تشهد عليهم الجوارح، قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف