16396979899100101102103104

الإحصائيات

سورة الأعراف
ترتيب المصحف7ترتيب النزول39
التصنيفمكيّةعدد الصفحات26.00
عدد الآيات206عدد الأجزاء1.25
عدد الأحزاب2.50عدد الأرباع10.00
ترتيب الطول4تبدأ في الجزء8
تنتهي في الجزء9عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 3/29آلمص: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (96) الى الآية رقم (100) عدد الآيات (5)

لَمَّا بَيَّنَ اللهُ في الآيةِ السَّابقةِ أنَّ الَّذينَ عَصَوْا وتَمَرَّدُوا أخَذَهم اللهُ بَغْتَةً؛ بَيَّنَ في هذه الآيةِ أنَّهم لو أطاعُوا لَفَتَحَ اللهُ عليهم أبوابَ الخيراتِ، ثُمَّ بيانُ عدمِ الأمنِ من مَكرِ اللهِ.

فيديو المقطع


المقطع الثاني

من الآية رقم (101) الى الآية رقم (102) عدد الآيات (2)

ثُمَّ بيانُ الغَرَضِ من ذِكْرِ قَصصِ الأقوامِ الخمسةِ وهو: حُصولُ العِبْرَةِ.

فيديو المقطع


المقطع الثالث

من الآية رقم (103) الى الآية رقم (104) عدد الآيات (2)

القصَّةُ السادسةُ: موسى عليه السلام معَ الطَّاغيةِ فرعونَ.

فيديو المقطع


مدارسة السورة

سورة الأعراف

الصراع بين الحق والباطل/ احسم موقفك ولا تكن سلبيًّا

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • بدأت السورة :: بالصراع بين آدم وإبليس، وأتبعته بالحوار بين أهل الجنة وأهل النار. وكأنها تنادينا: هذه هي بداية الصراع، أو أول صراع: (آدم وإبليس)، وهذه هي النتيجة: (فريق في الجنة وفريق في النار).
  • • ثم عرضت السورة :: الصراع في تاريخ البشرية بين كل نبي وقومه، ويظهر أن نهاية الصراع دائمًا هي هلاك الظالمين بسبب فسادهم، ونجاة المؤمنين بسبب إيمانهم.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الأعراف».
  • • معنى الاسم :: الأعراف: جمع عُرْفٍ، وعُرْف الجبل ونحوه: أعلاه، ويطلق على السور ونحوه، وقيل لعرف الديك: عُرف، لارتفاعه على ما سواه من جسده، والأعراف: هو ‏السور ‏الذي ‏بين ‏الجنة ‏والنار يحول بين أهليهما. وأهل الأعراف: من تساوت حسناتهم وسيئاتهم يوم القيامة، إذ يوقفون على أعالي سور بين الجنة والنار، ثم يدخلهم الله الجنة بفضله ورحمته.
  • • سبب التسمية :: لورود لفظ "‏الأعراف" ‏فيها، ولم يذكر في غيرها من السور.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: ‏‏«سورة الميقات»، و«سورة الميثاق»، «أَطْوَلُ الطُّولَيَيْنِ» (الطُّولَيَيْن: الأنعام والأعراف، فهما أطول السور المكية).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن الصراع دائم ومستمر بين الحق والباطل، من بداية خلق آدم إلى نهاية الخلق، مرورًا بنوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام، وفي قصص هؤلاء الأنبياء ظهر لنا كيف أن الله ينجي أولياءه ويهلك أعداءه.
  • • علمتني السورة :: وجوب اتباع الوحي، وحرمة اتباع ما يدعو إليه أصحاب الأهواء والمبتدعة: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾
  • • علمتني السورة :: أن الوزن يوم القيامة لأعمال العباد يكون بالعدل والقسط: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ﴾
  • • علمتني السورة :: أن من أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع إذا صدرت منه الذنوب اجتباه ربه وهداه‏، ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب، فإنه لن يزداد من اللّه إلا بعدًا‏.

مدارسة الآية : [96] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ ..

التفسير :

[96] ولو أنَّ أهل القرى صدَّقوا رسلهم واتبعوهم واجتنبوا ما نهاهم الله عنه، لفتح الله لهم أبواب الخير من كلِّ وجه، ولكنهم كذَّبوا، فعاقبهم الله بالعذاب المهلك بسبب كفرهم ومعاصيهم.

لما ذكر تعالى أن المكذبين للرسل يبتلون بالضراء موعظة وإنذارا، وبالسراء استدراجا ومكرا، ذكر أن أهل القرى، لو آمنوا بقلوبهم إيمانا صادقا صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى اللّه تعالى ظاهرا وباطنا بترك جميع ما حرم اللّه، لفتح عليهم بركات السماء والأرض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم، في أخصب عيش وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كد ولا نصب، ولكنهم لم يؤمنوا ويتقوا{ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ْ} بالعقوبات والبلايا ونزع البركات، وكثرة الآفات، وهي بعض جزاء أعمالهم، وإلا فلو آخذهم بجميع ما كسبوا، ما ترك عليها من دابة.{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ْ}

ثم بين- سبحانه- أن سنته قد جرت بفتح أبواب خيراته للمحسنين، وبإنزال نقمه على المكذبين الضالين فقال: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ.

البركات: جمع بركة: وهي ثبوت الخير الإلهى في الشيء، وسمى بذلك لثبوت الخير فيه كما يثبت الماء في البركة.

قال الراغب: ولما كان الخير الإلهى يصدر من حيث لا يحس، وعلى وجه لا يحصى ولا يحصر، قيل لكل ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة هو مبارك وفيه بركة» .

والمعنى: ولو أن أهل تلك القرى المهلكة آمنوا بما جاء به الرسل. واتقوا ما حرمه الله عليهم، لآتيناهم بالخير من كل وجه. ولوسعنا عليه الرزق سعة عظيمة، ولعاشوا حياتهم عيشة رغدة لا يشوبها كدر، ولا يخالطها خوف.

وفي قوله: لَفَتَحْنا استعارة تبعيه، لأنه شبه تيسير البركات وتوسعتها عليهم بفتح الأبواب في سهولة التناول.

وقيل: المراد بالبركات السماوية المطر، وبالبركات الأرضية النبات والثمار وجميع ما فيها من خيرات.

وقوله: وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ بيان لموقفهم الجحودى.

أى: ولكنهم لم يؤمنوا ولم يتقوا بل كذبوا الرسل الذين جاءوا لهدايتهم فكانت نتيجة تكذيبهم وتماديهم في الضلال أن عاقبناهم بالعقوبة التي تناسب جرمهم واكتسابهم للمعاصي، فتلك هي سنتنا التي لا تتخلف، نفتح للمؤمنين المتقين أبواب الخيرات، وننتقم من المكذبين الضالين بفنون العقوبات.

وقد يقال: إننا ننظر فنرى كثيرا من الكافرين والعصاة مفتوحا عليهم في الرزق والقوة والنفوذ وألوان الخير، وترى كثيرا من المؤمنين مضيقا عليهم في الرزق وفي غيره من وجوه النعم، فأين هذا من سنة الله التي حكتها الآية الكريمة؟

والجواب على ذلك أن الكافرين والعصاة قد يبسط لهم في الأرزاق وفي ألوان الخيرات بسطا كبيرا، ولكن هذا على سبيل الاستدراج كما في قوله- تعالى-: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ.

ومما لا شك فيه أن الابتلاء بالنعمة الذي مر ذكره في الآية السابقة ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا لا يقل خطرا عن الابتلاء بالشدة. فقد ابتلى الله كثيرا من الناس بألوان النعم فأشروا وبطروا ولم يشكروه عليها فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

والخوف، لأن أصحابها شكروا الله عليها.

واستعملوها فيما خلقت له، فكانت النتيجة أن زادهم الله غنى على غناهم، وأن منحهم الأمان والاطمئنان وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

يقول تعالى مخبرا عن قلة إيمان أهل القرى الذين أرسل فيهم الرسل ، كقوله تعالى ( فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ) [ يونس : 98 ] أي : ما آمنت قرية بتمامها إلا قوم يونس ، فإنهم آمنوا ، وذلك بعد ما عاينوا العذاب ، كما قال تعالى : ( وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين ) [ الصافات : 147 ، 148 ] وقال تعالى : ( وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون ) [ سبأ : 34 ]

وقوله تعالى : ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ) أي : آمنت قلوبهم بما جاءتهم به الرسل ، وصدقت به واتبعته ، واتقوا بفعل الطاعات وترك المحرمات ، ( لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ) أي : قطر السماء ونبات الأرض . قال تعالى : ( ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) أي : ولكن كذبوا رسلهم ، فعاقبناهم بالهلاك على ما كسبوا من المآثم والمحارم .

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)

المعاني :

لفتحنا عليهم :       ليسّرنا غليهم أو تابعنا عليهم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[96] ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ سبب نزول الخيرات والبركات هو استقامة الناس على أمر الله.
وقفة
[96] ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ ليست العبرة بالنعمة، إنما العبرة بالبركة في هذه النعمة؛ ولذا كان من دعاء النبي ﷺ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا» [مسلم 1374]، والصاع والمد مکاییل مشهورة عند العرب.
وقفة
[96] ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ كيف والمشاهد أن أكثر أهل الغني هم من لا يؤمنون بالله، أو لا يتقونه؟ الجواب: المؤمن التقى أكثر الناس غني في قلبه، وقناعة في نفسه، ورضا بقدره، وهذه أعظم بركة، ولا حياة أطيب من هذه الحياة.
وقفة
[96] ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ ليست العبرة بالنعمة، وإنما العبرة بالبركة؛ لذا لم يقل عن النعمة: ضاعفنا، لكن قال: باركنا.
وقفة
[96] ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ أهل القرى لو آمنوا بقلوبهم إيمانًا صادقًا صدَّقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله تعالى ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات السماء والأرض.
وقفة
[96] ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ الصلة وثيقة بين سعة الرزق والتقوى، وإنْ أنعم الله على الكافرين فإن هذا استدراج لهم ومكر بهم.
وقفة
[96] ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ الإيمان والعمل الصالح سبب لإفاضة الخيرات والبركات من السماء والأرض على الأمة.
عمل
[96] قبل أن يحمِلك الشيطان على التشاؤم من أشخاص أو أيام أو أماكن، حاسب نفسك ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
عمل
[96] إذا افتقدت البركة في وقتك ومالك؛ فراجع تقواك وإيمانك ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
وقفة
[96] من آثار الاستقامة على واقع الناس ومعايشهم: أنها سبب نزول الخير والبركة ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
وقفة
[96] ليست بركة واحدة، بل بركات من السماء والأرض سينالها الناس إن حققوا الشرط: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
وقفة
[96] أعظم الأسباب لرغد العيش في المجتمعات: الإيمان والتقوى ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
عمل
[96] ألق كلمة، أو أرسل رسالة تبيّن فيها أن حل مشاكل المجتمع إنما هو بالتعاون على الإيمان بوعد الله ووعيده، وباتقاء المعاصي، ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
وقفة
[96] الإيمان أساس التقوىٰ ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
وقفة
[96] وعد رباني لأهل الإيمان والتقوى ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
وقفة
[96] وعد من الله: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾، الإيمان بالله وتقواه يؤهلان لفيض من بركات السماء والأرض.
وقفة
[96] من لزم التقوى رزقه الله الحياة المطمئنة، وانقلبت المحنة في حقه منحة ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
لمسة
[96] (فتح الله عليك) تأتي في الخير والشر، لكن تأتي من فوق: ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾، ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ﴾ [الحجر: ١٤]، ﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٧]، ﴿قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ٧٦].
لمسة
[96] ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ شبه البركات بالبيوت التي تفتح أبوابها ليعبر عن إعطاء الخيرات لأهل الإيمان والتقوى، وقرينة ذلك قوله (لَفَتَحْنَا) فتعدية فعل (فتح) إلى البركات هنا إستعارة مكنية للانتفاع من بيوت البركة المحتجزة في السماء والأرض.
تفاعل
[96] ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ سَل الله من فضله.
وقفة
[96] قوله: ﴿بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ مراد به حقيقته؛ لأن ما يناله الناس من الخيرات الدنيوية لا يعدو أن يكون ناشئًا من الأرض؛ وذلك معظم المنافع، أو من السماء؛ مثل ماء المطر، وشعاع الشمس، وضوء القمر، والنجوم، والهواء والرياح الصالحة.
وقفة
[96] ﴿وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ الأخذ بالعقوبة نعمة من الله؛ لأنها تظهر عدالته سبحانه؛ ولو لم يؤاخذ الله المفسدين بإفسادهم، لأغری ذلك غير المفسدين بالفساد، لكن عقوبة الله للمفسد تردعه وتردع غيره من الزلل.
وقفة
[96] ﴿وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ ارتكاب الذنوب والمعاصي سبب لنزول العقوبة.
تفاعل
[96] ﴿وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[96] ﴿فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ ما يصيبُك من بلاءٍ ومحنةٍ فهو بسببِ ذنوبِك وتقصيرِك.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى:
  • والواو: استئنافية. لو: حرف شرط غير جازم. أن: حرف مشبه بالفعل حرف نصب وتوكيد. أهل: اسم أنّ منصوب بالفتحة. القرى: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر والتقدير: أهل تلك القرى. اللام في القرى: اشارة الى القرى التي دل عليها قوله: وما أرسلنا في قرية ويجوز ان تكون اللام لجنس القرى. وأن مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره: ثبت. أي لو ثبت أيمانهم.
  • ﴿ آمَنُوا وَاتَّقَوْا:
  • آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. واتقوا: معطوفة بالواو على «آمَنُوا» وتعرب إعرابها والفعل مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. والجملة الفعلية «آمَنُوا» في محل رفع خبر «أَنَّ».
  • ﴿ لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ:
  • اللام: واقعة في جواب «لَوْ». فتحنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. عليهم: جار ومجرور متعلق بفتحنا. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى وجملة «لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ» جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. بمعنى لأغدقنا عليهم.
  • ﴿ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ:
  • بركات: مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. من السماء: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من بركات. والأرض: معطوفة بالواو على «السَّماءِ» مجرورة مثلها.
  • ﴿ وَلكِنْ كَذَّبُوا:
  • الواو: زائدة. لكن: حرف مشبه بالفعل مخفف مهمل. كذبوا: أى كذبوا بالرسل تعرب إعراب «آمَنُوا».
  • ﴿ فَأَخَذْناهُمْ:
  • الفاء: سببية. أخذ: فعل ماض مبني على السكون و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بأخذ. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يكسبون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الجملة الفعلية «يَكْسِبُونَ» في محل نصب خبر «كان» وجملة «كانُوا يَكْسِبُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. بمعنى بما كانوا يذنبون. '

المتشابهات :

المائدة: 65﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ
الأعراف: 96﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [96] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل أنَّ الَّذينَ عَصَوْا وتَمَرَّدُوا أخَذَهم اللهُ بَغْتَةً؛ بَيَّنَ هنا أنَّهم لو أطاعُوا لَفَتَحَ اللهُ عليهم أبوابَ الخيراتِ، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لفتحنا:
وقرئ:
لفتحنا، بتشديد التاء، وهى قراءة ابن عامر، وعيسى الثقفي، وأبى عبد الرحمن.

مدارسة الآية : [97] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ ..

التفسير :

[97] أيظن أهل القرى أنهم في منجاة ومأمن من عذاب الله، أن يأتيهم ليلاً وهم نائمون؟

{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى ْ} أي:المكذبة، بقرينة السياق{ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ْ} أي:عذابنا الشديد{ بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ْ} أي:في غفلتهم، وغرتهم وراحتهم.

ثم يتجه القرآن إلى الغافلين، ليوقظ فيهم مشاعر الخوف من بأس الله وعقابه فيقول:

أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ.

البيات: قصد العدو ليلا. يقال: بيت القوم بياتا، إذا أوقعوا به ليلا، وهو حال بمعنى بائتين.

والاستفهام للإنكار والتعجيب من أمر ليس من شأنه أن يقع من العاقل، والمراد بأهل القرى: أهل مكة وغيرهم من القرى التي بعث إليها الرسول صلّى الله عليه وسلّم.

وقيل المراد بهم الأمة المحمدية من عصر النور الأعظم إلى يوم القيامة لتعتبر بما أنزل بغيرها كما يرشد إليه قوله- تعالى- بعد ذلك: أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها.

وقيل المراد بهم من ذكر حالهم فيما تقدم من القرى المهلكة بسبب ذنوبها.

قال الجمل: والفاء للعطف على فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وما بينهما وهو قوله: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى إلى هنا اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه جيء به للمسارعة إلى بيان أن الأخذ المذكور إنما هو بما كسبت أيديهم. والمعنى: أبعد ذلك الأخذ أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون ؟

م قال تعالى مخوفا ومحذرا من مخالفة أوامره ، والتجرؤ على زواجره : ( أفأمن أهل القرى ) أي : الكافرة ( أن يأتيهم بأسنا ) أي : عذابنا ونكالنا ، ( بياتا ) أي : ليلا ( وهم نائمون)

أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97)

المعاني :

بَاسُنَا :       عَذَابُنَا السراج
يأتيهم بأسنا :       ينزل بهم عذابنا معاني القرآن
بَيَاتًا :       لَيْلًا السراج
بياتا :       وقت بيات أي ليلا معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[97] كان هرم بن حيان يخرج في بعض الليالي وينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة كيف نام طالبها؟ وعجبت من النار كيف نام هاربها؟ ثم يقول: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ﴾.
تفاعل
[97] ﴿أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[97، 98] ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ الغارق في الغفلة يأتيه الموت على غفلة، سواء كانت غفلته في ليل بالنوم، أو في نهار باللعب، يموت المرء على ما عاش عليه.
وقفة
[97، 98] ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ على العبد ألا يأمن من عذاب الله المفاجئ الذي قد يأتي في أية ساعة من ليل أو نهار.
لمسة
[97، 98] ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ تقييد التعجب من حال أهل الكفر في أمنهم لمجيء البأس بوقتي البيات والضحى وبحالي النوم والتعب، لأن الوقتين أجدر بأن يحذر حلول العذاب فيهما لأنهما وقتان للدَّعة والراحة، فالإنسان يكره أن ينغِّص عليه وقت راحته فكيف إذا علم مسبقًا أن هذا الوقت هو مدعاة للعذاب والغضب؟ لا شك أنه سيجعله خالٍ من المعصية.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى:
  • الهمزة: إنكار بلفظ استفهام. الفاء: حرف عطف. أمن: فعل ماض مبني على الفتح. أهل: فاعل مرفوع بالضمة. القرى: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر والجملة معطوفة على «فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً» الواردة في الآية الكريمة الخامسة والتسعين. أما القول الوارد في الآية الكريمة السادسة والتسعين من بدايتها: ولو أنّ أهل القرى الى نهايتها «ما كانوا يكسبون» فقد وقع اعتراضا بين المعطوف والمعطوف عليه. وقد عطفت الجملة بالفاء لأن المعنى: فعلوا وصنعوا فأخذناهم بغتة أبعد ذلك أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا.
  • ﴿ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا:
  • أن: حرف مصدري ناصب. يأتي: فعل ماض منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. بأس: فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. و «أَنْ» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بحرف مقدر أي اطمأنوا الى.
  • ﴿ بَياتاً:
  • اسم منصوب على الظرفية الزمانية بالفتحة لأن معناها ليلا بتقدير: أن يأتيهم بأسنا وقت بيات أو منصوب على المصدر: بات بياتا. ويجوز أن تكون حالا بتقدير: أن يأتيهم بأسنا بائتين أو مبيتا أو مبيتين.
  • ﴿ وَهُمْ نائِمُونَ:
  • الواو حالية. هم: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. نائمون: خبر «هُمْ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد والجملة الاسمية «وَهُمْ نائِمُونَ» في محل نصب حال. '

المتشابهات :

الأعراف: 97﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ
الأعراف: 98﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [97] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل أن أهل القرى لو أطاعُوا لَفَتَحَ عليهم أبوابَ الخيراتِ؛ خوَّفَ هنا وحذَّر من مخالفة أمره، قال تعالى:
﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [98] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن ..

التفسير :

[98] أوَ أمن أهل القرى أن يأتيهم عذاب الله وقت الضحى، وهم غافلون متشاغلون بأمور دنياهم؟ وخصَّ الله هذين الوقتين بالذِّكْر؛ لأن الإنسان يكون أغْفَل ما يكون فيهما، فمجيء العذاب فيهما أفظع وأشد.

{ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ْ} أي:أي شيء يؤمنهم من ذلك، وهم قد فعلوا أسبابه، وارتكبوا من الجرائم العظيمة، ما يوجب بعضه الهلاك؟!

فالآية الكريمة تحذر الناس من الغفلة عن طاعة الله، وتحثهم على التيقظ والاعتبار: وقوله:

أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى إنكار بعد إنكار للمبالغة في التوبيخ والتشديد أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أى: أن يأتيهم عقابنا في ضحوة النهار وانبساط الشمس، وهم لاهون لاعبون من فرط الغفلة.

فقد خوفهم- سبحانه- بنزول العذاب بهم في الوقت الذي يكونون فيه في غاية الغفلة وهو حال النوم بالليل، وحال الضحى بالنهار لأنه الوقت الذي يغلب على المرء التشاغل فيه باللذات.

أي : في حال شغلهم وغفلتهم ، ( أفأمنوا مكر الله ) أي : بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم

أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[98] ﴿أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ قرن النوم باللعب، النوم غياب العقول الحسي، واللعب غياب العقول المعنوي.
وقفة
[98] ﴿أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ الذي يستشرف أثر أحداث العصر يدرك أن المنهمكين في لهوهم فلا تعني لهم اﻷحداث شيئًا سيطالهم شررها وهم لاهون!
تفاعل
[98] ﴿أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ
  • هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة- السابعة والتسعين-. ضحى: تعرب إعراب «بَياتاً» وعلامة نصب الكلمة الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ونونت الألف لأن الكلمة اسم نكرة وخبر «هُمْ» جملة فعلية. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [98] لما قبلها :     وبعد أن خوَّفَ اللهُ عز وجل وحذَّر من مخالفة أمره؛ أعاد هنا التخويف والتحذير، قال تعالى:
﴿ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أو أمن:
وقرئ:
أو أمن، بسكون الواو، وجعل «أو» عاطفة، وهى قراءة نافع، والابنين.

مدارسة الآية : [99] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ ..

التفسير :

[99] أفأمن أهل القرى المكذبة مَكْرَ الله وإمهاله لهم؛ استدراجاً لهم بما أنعم عليهم في دنياهم عقوبة لمكرهم؟ فلا يأمن مكر الله إلا القوم الهالكون.

{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ْ} حيث يستدرجهم من حيث لا يعلمون، ويملي لهم، إن كيده متين،{ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ْ} فإن من أمن من عذاب اللّه، فهو لم يصدق بالجزاء على الأعمال، ولا آمن بالرسل حقيقة الإيمان. وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ، على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنا على ما معه من الإيمان. بل لا يزال خائفا وجلا أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان، وأن لا يزال داعيا بقوله:{ يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ْ} وأن يعمل ويسعى، في كل سبب يخلصه من الشر، عند وقوع الفتن، فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة.

وقوله: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ تكرير لمجموع الإنكارين السابقين، جمعا بين التفريق قصدا إلى زيادة التحذير والإنذار.

والمكر في الأصل الخداع، ويطلق على الستر يقال: مكر الليل أى: ستر بظلمته ما هو فيه، وإذا نسب إليه- سبحانه- فالمراد به استدراجه للعبد العاصي حتى يهلكه في غفلته تشبيها لذلك بالخداع.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: فلم رجع فعطف بالفاء قوله: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ؟

قلت: هو تكرير لقوله: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ومكر الله: استعارة لأخذه العبد من حيث لا يشعر ولاستدراجه، فعلى العاقل أن يكون في خوفه من مكر الله كالمحارب الذي يخاف من عدوه الكمين والبيات والغيلة. وعن الربيع بن خثعم أن ابنته قالت له: مالي أراك لا تنام والناس ينامون؟ فقال: يا بنتاه إن أباك يخاف البيات. أراد قوله: أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً .

والمعنى: أفأمنوا مكر الله وتدبيره الخفى الذي لا يعلمه البشر فغفلوا عن قدرتنا على إنزال العذاب بهم بياتا أو ضحوة؟ لئن كانوا كذلك فهم بلا ريب عن الصراط لناكبون، وعن سنن الله في خلقه غافلون، فإنه فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ أى: إلا القوم الذين خسروا أنفسهم وعقولهم، ولم يستفيدوا شيئا من أنواع العبر والعظات التي بثها الله في أنحاء هذا الكون.

هذا، ويرى الإمام الشافعى وأتباعه أن الأمن من مكر الله كبيرة من الكبائر، لأنه استرسال في المعاصي اتكالا على عفو الله.

وقال الحنفية إن الأمن من مكر الله كفر كاليأس، لقوله- تعالى-: إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ وقوله: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ.

( فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) ; ولهذا قال الحسن البصري ، رحمه الله : المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف ، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن .

(1) القول في تأويل قوله : أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: أفأمن ، يا محمد هؤلاء الذين يكذّبون الله ورسوله ، ويجحدون آياته، استدراجَ الله إيّاهم بما أنعم به عليهم في دنياهم من صحّة الأبدان ورخاء العيش، كما استدرج الذين قصَّ عليهم قصصهم من الأمم قبلهم ، (2) فإنّ مكر الله لا يأمنه، يقول: لا يأمن ذلك أن يكون استدراجًا، مع مقامهم على كفرهم ، وإصرارهم على معصيتهم=(إلا القوم الخاسرون) وهم الهالكون. (3)

-------------------

الهوامش :

(1) سقط تفسير هذه الآيات الثلاث من المطبوعة ، ولم ينبه إليه الناشر . وهو ساقط أيضًا من المخطوطة ، وقد ساق الكلام فيها متصلا ليس بينه بياض ، فسها عن هذه الآيات الثلاث .

والظاهر أن هذا نقص قديم ، لا أدري أهو من الطبري نفسه ، أم من ناسخ النسخة العتيقة التي نقلت عنها نسختنا ، أم من ناسخ نسختنا التي بين أيدينا .

والدليل على أنه خرم قديم ، أني لم أجد أحدًا قط نقل شيئًا عن الطبري وأخباره في تفسير هذه الآية . لم يذكر ابن كثير شيئًا منسوبًا إلى ابن جرير ، ولا السيوطي في الدر المنثور ، ولا القرطبي ، ولا أبو حيان ، ولا أحد ممن هو مظنة أن ينقل عن أبي جعفر . فهذا يكاد يرجح أن جميع النسخ التي وقعت في أيديهم كان فيها هذا الخرم ، ولكن لم ينبه أحد منهم إليه . ومن أجل ذلك وضعت الآيات وحدها ، وتركت مكان الخرم بياضًا في هذه الصفحة والتي تليها .

(2) انظر تفسير"المكر" فيما سلف ص: 95 ، 97 تعليق: 1 ، والمراجع هناك.

(3) انظر تفسير"الخسران" فيما سلف ص: 570 تعليق: 2 ، والمراجع هناك.

المعاني :

مكر الله :       عقوبته . أو استدراجه إياهم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[99] في الآية تخويف بليغ على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنًا على ما معه من الإيمان.
وقفة
[99] ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ من عرف علو قدره سبحانه خشي خفي مكره، ومن أمن خفي مكره نسي عظيم قدره.
وقفة
[99] ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ مكر الله واستدراجه إياهم بما أنعم عليهم في دنياهم.
وقفة
[99] ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ خوف مكر الله وسيلة إلى إحسان العمل، وإقلال الزلل.
وقفة
[99] ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ الخاسر: من لا يعتبر !
عمل
[99] ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ إذا أنعم الله عليك من كل ناحية؛ أطعمك من جوع، وآمنك من خوف، وكساك من عري؛ فلا تظن أنك رابح، وأنت مقيم على معصية الله، بل أنت خاسر؛ لأن هذا من مكر الله بك.
وقفة
[99] ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ آيةٌ تقرع قلب كل عاصٍ يخاف عقوبة ربه، ومؤمن يخاف سلب إيمانه؛ فيسأل الله الثبات.
عمل
[99] ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ لا تغتر بحلم الله عليك وستره، ولا تأمن مكره وعقوبته، وأنت مقيم على المعاصي والذنوب.
اسقاط
[99] إذا أمن المجتمع مكر الله؛ فقد تهيأ للخسران واقترب منه ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾.
وقفة
[99] ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ الأمن من مكر الله من الكبائر، ومعنى الأمن من مكر الله: أنه لا يخاف الله، ولا يبالي بالمعاصي، ولا يأمن نقمته، بل هو بارد القلب، غير خائف ولا حَذِر، أما المؤمن فهو يرجو الله ويخافه، يرجو رحمة الله ويخاف عقابه، وهو بين الخوف والرجاء.
وقفة
[99] ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ لا يشتط الظالم في ظلمه إلا حين يأمن مكر الله؛ لذا فعاقبة الظلم الخسران والهلاك.
وقفة
[99] ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ قال ابن حجر: «الأمن من مكر الله يتحقق بالاسترسال في المعاصي مع الاتكال على الرحمة».
وقفة
[99] ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنًا على ما معه من الإيمان، بل لا يزال خائفًا وجلًا أن يُبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان.
اسقاط
[99] ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ قال الحسن البصري: «المؤمن يعمل بالطاعات وهو مُشْفِقٌ وَجِلٌ خائفٌ، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن».
وقفة
[99] ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ لو بلَغْت ما بلَغْت من الإيمانِ فلا تغترّ، واسألْ اللهَ الثباتَ.
وقفة
[99] ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ما أمن مكر الله إلا خاسر، وما خافه إلا مؤمن، ومن الخسران المبين أن تبارزه بالمعصية وتأمن عذابه!
عمل
[99] ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ احذر من الأمن من مكر الله تعالى مهما بلغت درجة إيمانك؛ فإن القلوب بين أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فاحمد الله على ما أنت فيه، وعِش بين الخوف والرجاء تَسْلَم.
وقفة
[99] ﴿فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ في هذه الآية تخويف بليغ، فإن العبد لا ينبغي أن يكون آمنًا على ما معه من الإيمان، بل لا يزال خائفًا أن يُبتلى بلية تسلب إيمانه، ولا يزال داعيًا بالثبات، وأن يسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن؛ فإن العبد -ولو بلغت به الحال ما بلغت- فليس على يقين من السلامة.
وقفة
[99] ﴿فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ أولُ خطواتِ الأمنِ من مكرِ اللهِ أن يستكثرَ الإنسانُ قليلَ الطاعاتِ، وأن يحتقرَ كثيرَ السيئاتِ.
وقفة
[99] لا يظلم الظّالم حين يظلم إلا وقد استقرّ في نفسه (الأمن من مكر الله)، والله يقول: ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ عاقبته الهلاك.
وقفة
[99] من الأمن لمكر الله إقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة! ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾.
تفاعل
[99] ﴿فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ استعذ بالله أن تكون من الخاسرين.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ:
  • تكرار لقوله أفأمن أهل القرى: الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. الفاء: عاطفة. أمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. مكر: مفعول به منصوب بالفتحة والمراد بالمكر هنا الاستدراج أما المكر فمحال عليه سبحانه. الله: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ:
  • الفاء: استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. يأمن: فعل مضارع مرفوع بالضمة. مكر الله: مكررة سبق إعرابها.
  • ﴿ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ:
  • إلّا أداة حصر لا عمل لها. القوم: فاعل مرفوع بالضمة. الخاسرون صفة للقوم مرفوعة مثله وعلامة رفعها: الواو لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [99] لما قبلها :     وبعد التخويف والتحذير؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أن مكرَه لا يأمن على كل حال، قال تعالى:
﴿ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [100] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ ..

التفسير :

[100] أوَلَمْ يتبين للذين سكنوا الأرض من بعد إهلاك أهلها السابقين بسبب معاصيهم، فساروا سيرتهم، أن لو نشاء أصبناهم بالعذاب بسبب ذنوبهم كما فعلنا بأسلافهم، ونختم على قلوبهم، فلا يدخلها الحق، ولا يسمعون موعظة ولا تذكيراً؟

يقول تعالى منبها للأمم الغابرين بعد هلاك الأمم الغابرين{ أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ْ} أي:أو لم يتبين ويتضح للأمم الذين ورثوا الأرض، بعد إهلاك من قبلهم بذنوبهم، ثم عملوا كأعمال أولئك المهلكين؟. أو لم يهتدوا أن اللّه، لو شاء لأصابهم بذنوبهم، فإن هذه سنته في الأولين والآخرين. وقوله:{ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ْ} أي:إذا نبههم اللّه فلم ينتبهوا، وذكرهم فلم يتذكروا، وهداهم بالآيات والعبر فلم يهتدوا، فإن اللّه تعالى يعاقبهم ويطبع على قلوبهم، فيعلوها الران والدنس، حتى يختم عليها، فلا يدخلها حق، ولا يصل إليها خير، ولا يسمعون ما ينفعهم، وإنما يسمعون ما به تقوم الحجة عليهم.

ثم بين- سبحانه- أن من الواجب على الأحياء الذين يرثون الأرض من أهلها الذاهبين المهلكين، الذين أهلكتهم ذنوبهم، وجنت عليهم غفلتهم، وعوقبوا على استهتارهم وغرورهم من الواجب على هؤلاء الأحياء أن يعتبروا ويتعظوا ويحسنوا القول والعمل حتى ينجوا من العقوبات.

قال- تعالى-: أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ.

الاستفهام للإنكار والتوبيخ. ويهد: أى يتبين، يقال: هداه السبيل أو الشيء وهداه إليه، إذا دله عليه وبينه له.

أى: أو لم يتبين لهؤلاء الذين يعيشون على تلك الأرض التي ورثوها بعد أهلها المهلكين، أننا في قدرتنا أن ننزل بهم العذاب بسبب ذنوبهم كما أنزلناه بأولئك المهلكين.

والمراد بالذين يرثون الأرض من بعد أهلها، أهل مكة ومن حولها الذين أرسل النبي صلّى الله عليه وسلّم لهدايتهم. وقيل المراد بهم الأحياء في كل زمان ومكان الذين يخلفون من سبقهم من الأمم.

قال الجمل: وفاعل يَهْدِ فيه وجوه أظهرها: أنه المصدر المؤول من أن وما في حيزها والمفعول محذوف. والتقدير: أو لم يهد أى يبين ويوضح للوارثين مآلهم وعاقبة أمرهم إصابتنا إياهم بذنوبهم لو شئنا ذلك» .

وقوله: وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ جملة مستأنفة لإثبات حصول الطبع على قلوبهم.

أى: ونحن نطبع على قلوبهم ونختم عليها، بسبب اختيارهم الكفر على الإيمان، فهم لذلك لا يسمعون الحكم والنصائح سماع تفقه وتدبر واتعاظ.

والذي يتأمل في الآيات السابقة يراها تحذر الناس بأساليب متنوعة حكيمة من الغفلة عن العظات والعبر، وتحضهم على التخلص من الأمن الكاذب، والشهوات المردية. والمتع الزائلة.

وما يريد القرآن بهذا أن يعيش الناس قلقين، يرتجفون من الهلاك والدمار أن يأخذهم في لحظة من ليل أو نهار.

كلا، ما يريد منهم ذلك لأن القلق الدائم من المستقبل، يشل طاقة البشر، وقد ينتهى بهم إلى اليأس من العمل والإنتاج وتنمية الحياة.

وإنما الذي يريده القرآن منهم أن يتعظوا بآيات الله في كونه، وأن يكونوا دائما على صلة طيبة به، وأن يبتغوا فيما آتاهم الله من فضله الدار الآخرة دون أن ينسوا نصيبهم من الدنيا، وألا يغتروا بطراوة العيش، ورخاء الحياة، وقوة الجاه، كي لا يقودهم ذلك إلى الفساد والطغيان، والاستهتار والانحلال.

وإذا كان القرآن في هذه الآية قد حذر وأنذر، فلأنه يعالج كل أمة وجماعة بالطب الذي يناسبها ويلائمها، فهو يعطيها جرعات من الأمن والثقة والطمأنينة حين يرسخ الإيمان في قلوب أبنائها، وحين يراقبون خالقهم في سرهم وعلنهم، ويشكرونه على نعمه، وهو يعطيها جرعات من التحذير والتخويف، حين تستولى الشهوات على النفوس، وحين تصبح الدنيا بمتعها ولذائذها المطلب الأكبر عند الناس.

قال ابن عباس ، رضي الله عنهما ، في قوله : ( أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ) أو لم نبين ، [ وكذا قال مجاهد والسدي ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أو لم نبين ] لهم أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم .

وقال أبو جعفر بن جرير في تفسيرها : يقول تعالى : أولم نبين للذين يستخلفون في الأرض من بعد إهلاك آخرين قبلهم كانوا أهلها ، فساروا سيرتهم ، وعملوا أعمالهم ، وعتوا على ربهم : ( أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ) يقول : أن لو نشاء فعلنا بهم كما فعلنا بمن قبلهم ، ( ونطبع على قلوبهم ) يقول : ونختم على قلوبهم ( فهم لا يسمعون ) موعظة ولا تذكيرا .

قلت : وهكذا قال تعالى : ( أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ) [ طه : 128 ] وقال تعالى : ( أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون ) [ السجدة : 29 ] وقال ( أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ) [ إبراهيم : 44 ، 45 ] وقال تعالى : ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) [ مريم : 98 ] أي : هل ترى لهم شخصا أو تسمع لهم صوتا ؟ وقال تعالى : ( ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ) [ الأنعام : 6 ] وقال تعالى بعد ذكره إهلاك عاد : ( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون ) [ الأحقاف : 25 - 27 ] وقال تعالى : ( وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير ) [ سبأ : 45 ] وقال تعالى : ( ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير ) [ الملك : 18 ] وقال تعالى : ( فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [ الحج : 45 ، 46 ] وقال تعالى : ( ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ) [ الأنعام : 10 ] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على حلول نقمه بأعدائه ، وحصول نعمه لأوليائه ; ولهذا عقب ذلك بقوله ، وهو أصدق القائلين ورب العالمين :

القول في تأويل قوله : أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (100)

قال أبو جعفر : يقول: أوَلم يَبن للّذين يُسْتخلفون في الأرض بعد هلاك آخرين قبلهم كانُوا أهلها، (4) فساروا سيرتهم ، وعملوا أعمالهم، وعتوا عن أمر ربهم=( أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ) ، يقول: أن لو نشاء فعلنا بهم كما فعلنا بمن قبلهم، فأخذناهم بذنوبهم ، وعجّلنا لهم بأسَنا كما عجلناه لمن كان قبلهم ممن ورثوا عنه الأرض ، فأهلكناهم بذنوبهم=( ونطبع على قلوبهم ) ، (5) يقول: ونختم على قلوبهم = فهم ( لا يسمعون ) ، موعظةً ولا تذكيرًا ، سماعَ منتفع بهما.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك.

14887-حدثنا محمد بن عمرو، قال : حدثنا أبو عاصم، قال حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( أولم يهد ) ، قال: يبيَّن.

14888-حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

14889-... قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: ( أولم يهد ) ، أولم يُبَيَّنْ.

14890-حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ( أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ) ، يقول: أو لم يتبين لهم.

14891-حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ) ، يقول: أولم يتبين للذين يرثون الأرض من بعد أهلها= هم المشركون.

14892- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ) ، أولم نُبَيِّنْ لهم=( أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ) ، قال: و " الهدى " ، البيان الذي بُعث هاديًا لهم ، مبيِّنًا لهم حتى يعرفوا. لولا البيان لم يعرفُوا.

-------------------

الهوامش :

(4) انظر تفسير"هدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدى).

(5) انظر تفسير"الطبع" فيما سلف 1: 258- 261/ 9: 364.

المعاني :

أَوَلَمْ يَهْدِ :       أَوَلَمْ يَتَبَيَّنْ السراج
لم يهدِ للذين آمنوا :       لم يبيّن الله للذين آمنوا معاني القرآن
يَرِثُونَ :       يَسْكُنُونَ السراج
أن لو نشاء أصبناهم :       إصابتنا إياهم لو شئنا معاني القرآن
وَنَطْبَعُ :       نَخْتِمُ السراج

التدبر :

وقفة
[100] ﴿أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها﴾ الأيام دُول، فلا يغتر إنسان بموقع أو منصب.
وقفة
[100] ﴿أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم﴾ تأمل أثر الذنوب في العقوبات الإلهية، فمن شؤمها أنها تطبع على القلب، بحيث لا يشعر بأثر الذنوب ولا يبالي بذلك.
وقفة
[100] قال ابن الجوزي: «أعظم المعاقبة ألا يحس المعاقب بالعقوبة وأشد من ذلك أن يقع في السرور بما هو عقوبة؛ كالفرح بالمال الحرام، والتمكن من الذنوب، ومن هذه حالة لا يفوز بطاعة»، وشاهد ما قاله ابن الجوزي في قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾.
وقفة
[100] ﴿أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ تتابع الذنوب من غير توبة هو سبب إزهاق روح القلب، وتحويله إلى صخرة صماء.
وقفة
[100] ﴿أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ الذنوب تمنع العقل من تدبر القرآن وفهمه، وتحجب عن القلب قوّة التأمل.
تفاعل
[100] ﴿أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ استعذ بالله أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[100] الذنوب تُقيّد القلوب ﴿لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾.
وقفة
[100] الاستغفار من أسباب رفع البلاء وتخفيفه؛ لأن البلاء ينزل بالذنوب، قال الله تعالى: ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّـهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: 11]، ﴿فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ﴾ [الأنعام: 6]، ﴿أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ﴾.
لمسة
[100] قال تعالى: ﴿وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ﴾ وليس: (وطبعنا على قلوبهم)؛ ليدل على استمرار هذا الطبع وازدياده آنًا فآنًا.
وقفة
[100] ﴿وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ أي: إذا نبههم الله فلم ينتبهوا، وذكرهم فلم يتذكروا، وهداهم بالآيات والعبر فلم يهتدوا؛ فإن الله تعالى يعاقبهم، ويطبع على قلوبهم، فيعلوها الران والدنس، حتى يختم عليها، فلا يدخلها حق، ولا يصل إليها خير، ولا يسمعون ما ينفعهم، وإنما يسمعون ما به تقوم الحجة عليهم.
وقفة
[100] ﴿وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ إذا ختم الله على القلب؛ فان صاحبه لا ينتفع بما يسمع من الهدى والخير.
وقفة
[100] من بلاغة القرآن نسبة الضلال إلى القلب لا للحواس؛ لأن الانتفاع وعدمه مداره على القلب، قال الله: ﴿وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾.
وقفة
[100] لماذا الظلمة يرون مصارع أشباههم ولا يعتبرون؟! ﴿وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾.
عمل
[100] إذا رأيت نفسك لا تتأثر بالمواعظ؛ فراجع قلبك ﴿وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾.
لمسة
[100] جاء بالفعل: ﴿لَا يَسْمَعُونَ﴾ دون (لا يعقلون) وعبّر عن عدم تعقل الآيات وتدبرها بعدم السمع، وهو أول درجات تلقي الآيات، فشبّه حال إعراضهم عن تدبر ما ينزل من الآيات بحال من لا يسمع، فالآيات لا تصل إلى أسماعهم، وبالتالي فلن تصل إلى قلوبهم من باب أولى.

الإعراب :

  • ﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ:
  • الهمزة: حرف استفهام لا محل لها. الواو: حرف عطف. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يهد: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره- حرف العلة- والفعل بمعنى «يتبين» والفعل يتعدى ويلزم.
  • ﴿ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ:
  • اللام: حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام ... يرثون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الأرض: مفعول به منصوب بالفتحة والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. والجار والمجرور «لِلَّذِينَ» متعلق بيهد.
  • ﴿ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها:
  • جار ومجرور متعلق بيرثون. أهل: مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ثان.
  • ﴿ أَنْ لَوْ نَشاءُ:
  • أن حرف مشبه بالفعل مخفف واسمه ضمير الشأن أو الحديث. لو: حرف شرط غير جازم. نشاء: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن.
  • ﴿ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. أصبنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بذنوب: جار ومجرور متعلق بأصبنا و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة والجملة من الشرط وجوابه في محل رفع خبر «أَنْ» و «أَنْ مع اسمها وخبرها» في محل رفع فاعل الفعل «يَهْدِ» بمعنى: أو لم يهد للذين يخلفون من خلا قبلهم في ديارهم ويرثون أرضهم هذا الشأن وهو أنّا لو نشاء لأصبناهم بذنوبهم أي بجزاء ذنوبهم. ولو نشاء بمعنى «لو شئنا».
  • ﴿ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ:
  • الجملة: معطوفة بالواو على ما دلّ عليه معنى أو لم يهد كأنه قيل: يغفلون عن الهداية ونطبع على قلوبهم أو على جملة «يَرِثُونَ الْأَرْضَ» ويجوز أن تكون الواو استئنافية ونطبع جملة منقطعة بمعنى ونحن نطبع على قلوبهم. نطبع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. على قلوب: جار ومجرور متعلق بنطبع. و«هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ:
  • الفاء: استئنافية. هم ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لا: نافية لا عمل لها. يسمعون: تعرب إعراب «يَرِثُونَ» والجملة الفعلية «لا يَسْمَعُونَ» في محل رفع خبر «هم». '

المتشابهات :

الأعراف: 100﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ
السجدة: 26﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ
طه: 128﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [100] لما قبلها :     لَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل فيما تقدَّمَ مِنَ الآياتِ حالَ الكفَّارِ الَّذينَ أَهْلَكَهم بالاستِئْصالِ؛ جاء هنا التحذير لمن بقى في الأرض بعد هلاك من هلك، حذرهم ألا يفعلوا مثل ذنوبهم، فيصيبهم ما أصاب الأولين، قال تعالى:
﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [101] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ ..

التفسير :

[101] تلك القرى التي تَقَدَّم ذِكْرُها، وهي قرى قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب، نقصُّ عليك -أيها الرسول- مِن أخبارها، وما كان مِن أَمْر رسل الله التي أرسلت إليهم، ما يحصل به عبرة للمعتبرين وازدجار للظالمين. ولقد جاءت أهلَ القرى رسلُنا بالحجج البينات على صد

{ تِلْكَ الْقُرَى ْ} الذين تقدم ذكرهم{ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا ْ} ما يحصل به عبرة للمعتبرين، وازدجار للظالمين، وموعظة للمتقين.{ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ْ} أي:ولقد جاءت هؤلاء المكذبين رسلهم تدعوهم إلى ما فيه سعادتهم، وأيدهم اللّه بالمعجزات الظاهرة، والبينات المبينات للحق بيانا كاملا، ولكنهم لم يفدهم هذا، ولا أغنى عنهم شيئا،{ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ ْ} أي:بسبب تكذيبهم وردهم الحق أول مرة، ما كان ليهديهم للإيمان، جزاء لهم على ردهم الحق، كما قال تعالى:{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ْ}{ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ْ} عقوبة منه. وما ظلمهم اللّه ولكنهم ظلموا أنفسهم.

هذا وبعد أن انتهت السورة الكريمة من الحديث عما جرى لبعض الأنبياء مع أقوامهم، ومن بين سنن الله في خلقه، وبعد أن حذرت وأنذرت، اتجهت بالخطاب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لتطلعه على النتيجة الأخيرة لابتلاء تلك القرى، وما تكشف عنه من حقائق تتعلق بطبيعة الكفر وطبيعة الإيمان فقالت: تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها.

أى: تلك القرى التي طال الأمد على تاريخها، وجهل قومك أيها الرسول الكريم أحوالها.

وهي قرى قوم نوح وعاد وثمود وقوم شعيب، نقص عليكم ما فيه العظات والعبر من أخبارها.

ليكون ذلك تسلية لك وتثبيتا لفؤادك، وتأييدا لصدقك في دعوتك.

قال الزمخشري: قوله- تعالى-: تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها كقوله: هذا بَعْلِي شَيْخاً في أنه مبتدأ وخبر وحال. ويجوز أن يكون القرى صفة لتلك ونقص خبرا، وأن يكون الْقُرى نَقُصُّ خبرا بعد خبر. فإن قلت: ما معنى تِلْكَ الْقُرى؟ حتى يكون كلاما مفيدا. قلت: هو مفيد ولكن بشرط التقييد بالحال كما يفيد بشرط التقييد بالصفة في قولك:

هو الرجل الكريم. فإن قلت: ما معنى الإخبار عن القرى بنقص عليك من أنبائها؟ قلت:

معناه أن تلك القرى المذكورة نقص عليك بعض أخبارها ولها أنباء أخرى لم نقصها عليك» .

وإنما قص الله- تعالى- على رسوله صلّى الله عليه وسلّم أنباء أهل هذه القرى، لأنهم اغتروا بطول الإمهال مع كثرة النعم، فتوهموا أنهم على الحق، فذكرها الله لمن أرسل إليهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليحترسوا عن مثل تلك الأعمال، وليعتبروا بما أصاب الغافلين الطاغين من قبلهم.

ثم بين- سبحانه- أنه قد أعذر إليهم بأن وضح لهم الحق بالحجج على ألسنة الرسل فقال: وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ أى: ولقد جاء إلى أهل تلك القرى رسلهم بالدلائل الدالة على صدقهم، فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية المعجزات من رسلهم بما كانوا قد كذبوا به قبل رؤيتها منهم، لأنهم لجحودهم وعنادهم تحجرت قلوبهم، واستوت عندهم الحالتان: حالة مجيء الرسل بالمعجزات وحالة عدم مجيئهم بها.

وقيل إن المعنى: ما كانوا لو أحييناهم بعد إهلاكهم ورددناهم إلى دار التكليف ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل إهلاكهم، ونظيره قوله- تعالى- وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ.

وقوله: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ أى: «مثل ذلك الطبع الشديد المحكم الذي طبع الله به على قلوب أهل تلك القرى المهلكة، يطبع الله على قلوب أولئك الكافرين الذين جاءوا من بعدهم بسبب إيثارهم الضلالة على الهداية.

لما قص تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم خبر قوم نوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب [ عليهم الصلاة والسلام ] وما كان من إهلاكه الكافرين وإنجائه المؤمنين ، وأنه تعالى أعذر إليهم بأن بين لهم الحق بالحجج على ألسنة الرسل ، صلوات الله عليهم أجمعين ، قال تعالى : ( تلك القرى نقص عليك ) أي : يا محمد ( من أنبائها ) أي : من أخبارها ، ( ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات ) أي : بالحجج على صدقهم فيما أخبروهم به ، كما قال تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [ الإسراء : 15 ] وقال تعالى : ( ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم ) [ هود : 101 ، 102 ]

وقوله تعالى : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ) الباء سببية ، أي : فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل بسبب تكذيبهم بالحق أول ما ورد عليهم . حكاه ابن عطية ، رحمه الله ، وهو متجه حسن ، كقوله : ( وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) [ الأنعام : 110 ، 111 ] ; ولهذا قال هنا : ( كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين)

القول في تأويل قوله : تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هذه القرى التي ذكرت لك، يا محمد، أمَرها وأمر أهلها= يعني: قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وشعيب= " نقص عليك من أنبائها " فنخبرك عنها وعن أخبار أهلها, وما كان من أمرهم وأمر رُسل الله التي أرسلت إليهم, (6) لتعلم أنا ننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا على أعدائنا وأهل الكفر بنا، ويعلم مكذبوك من قومك ما عاقبة أمر من كذَّب رسل الله, فيرتدعوا عن تكذيبك, وينيبوا إلى توحيد الله وطاعته= " ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات "، يقول: ولقد جاءت أهل القرى التي قصصت عليك نبأها،= " رسلهم بالبينات "، يعني بالحجج: البينات (7) = " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ".

* * *

[ثم] اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. (8) .

فقال بعضهم: معناه: فما كان هؤلاء المشركون الذين أهلكناهم من أهل القرى ليؤمنوا عند إرسالنا إليهم بما كذبوا من قبل ذلك, (9) وذلك يوم أخذِ ميثاقهم حين أخرجهم من ظهر آدم عليه السلام.

* ذكر من قال ذلك.

14901 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل " قال : ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرهًا.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: فما كانوا ليؤمنوا عند مجيء الرسل، بما سبق في علم الله أنهم يكذبون به يوم أخرجهم من صُلب آدم عليه السلام .

* ذكر من قال ذلك:

14902 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن أبي جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب: " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل: قال: كان في علمه يوم أقرُّوا له بالميثاق " .

14903 - حدثني المثنى , قال: حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس قال، يحق على العباد أن يأخذوا من العلم ما أبدى لهم ربهم والأنبياء، ويدعوا علمَ ما أخفى الله عليهم, (10) فإن علمه نافذٌ فيما كان وفيما يكون، وفي ذلك قال: " ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين "، قال: نفذ علمه فيهم، أيُّهم المطيع من العاصي حيث خلقهم في زمان آدم. وتصديق ذلك حيث قال لنوح: اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ، [هود: 48]، وقال في ذلك: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ، [الأنعام: 28]، وفي ذلك قال: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا [الإسراء: 15]، وفي ذلك قال: لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء: 165]، ولا حجة لأحد على الله.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: " فما كانوا " لو أحييناهم بعد هلاكهم ومعاينتهم ما عاينوا من عذاب الله، " ليؤمنوا بما كذبوا من قبل " هلاكهم, كما قال جل ثناؤه: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ .

* ذكر من قال ذلك:

14904 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: " بما كذبوا من قبل "، قال: كقوله: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ .

قال أبو جعفر: وأشبه هذه الأقوال بتأويل الآية وأولاها بالصواب, القولُ الذي ذكرناه عن أبيّ بن كعب والربيع. وذلك أن من سبق في علم الله تبارك وتعالى أنه لا يؤمن به, فلن يؤمن أبدًا, وقد كان سبق في علم الله تبارك وتعالى لمن هلك من الأمم التي قص نبأهم في هذه السورة، أنه لا يؤمن أبدًا, فأخبر جل ثناؤه عنهم, أنهم لم يكونوا ليؤمنوا بما هم به مكذبون في سابق علمه، قبل مجيء الرسل وعند مجيئهم إليهم. ولو قيل: تأويله: فما كان هؤلاء الذين وَرِثوا الأرض، يا محمد، من مشركي قومك من بعد أهلها، الذين كانوا بها من عاد وثمود, ليؤمنوا بما كذب به الذين ورثوها عنهم من توحيد الله ووعده ووعيده= كان وجهًا ومذهبًا, غير أني لا أعلم قائلا قاله ممن يعتمد على علمه بتأويل القرآن.

* * *

وأما الذي قاله مجاهد من أن معناه: لو ردّوا ما كانوا ليؤمنوا= فتأويلٌ لا دلالة عليه من ظاهر التنـزيل, ولا من خبر عن الرسول صحيح. وإذا كان ذلك كذلك, فأولى منه بالصواب ما كان عليه من ظاهر التنـزيل دليل.

* * *

وأما قوله: " كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين " ، فإنه يقول تعالى ذكره: كما طبع الله على قلوب هؤلاء الذين كفروا بربهم وعصوا رسله من هذه الأمم التي قصصنا عليك نبأهم، يا محمد، في هذه السورة، حتى جاءهم بأسُ الله فهلكوا به= " كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين " ، الذين كتب عليهم أنهم لا يؤمنون أبدًا من قومك. (11) .

----------------

الهوامش :

(6) انظر تفسير (( القصص )) فيما سلف 12 : 406 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك . = وتفسير(( النبأ )) فيما سلف 12 : 287 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(7) انظر تفسير (( البينات )) فيما سلف من فهارس اللغة ( بين ) .

(8) الزيادة بين القوسين يقتضيها السياق .

(9) في المطبوعة : (( بما كذبوا قبل ذلك )) ، وفي المخطوطة : (( بما يحدثوا قبل ذلك )) ، واستظهرت أن يكون الصواب ما أثبت ، لقوله في الأثر الذي استدل به (( فآمنوا كرها )) .

(10) في المخطوطة : (( ولوا علم ما أخفي الله عليهم )) ، وكأن الصواب ما في المطبوعة.

(11) انظر تفسير الطبع فيما سلف 12 : 579 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[101] ﴿تِلْكَ الْقُرَىٰ﴾ التكرار للاعتبار، فقد كرر الله ذكر القرى التي أهلكها حتى صارت للسامعين كأنها حاضرة مشاهدة، وصالحة لأن يشار إليها بالبنان.
وقفة
[101] ﴿تِلْكَ الْقُرَىٰ﴾ المقصود بالقرى الأقوام الخمسة الذين وصفهم الله فيما سبق من آیات، وهم: قوم نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب.
وقفة
[101] ﴿تِلْكَ الْقُرَىٰ﴾ لم خص هؤلاء بالذكر؟ قال الإمام الرازي: «وإنما خص الله أنباء هذه القرى؛ لأنهم اغتروا بطول الإمهال مع كثرة النعم، فتوهموا أنهم على الحق، فذكرها الله تعالى تنبيهًا لقوم محمد عليه الصلاة والسلام عن الاحتراز من مثل تلك الأعمال».
وقفة
[101] ﴿تِلْكَ الْقُرَىٰ﴾ الهدف من اسم الإشارة زيادة إحضار القرى المهلكة في أذهان السامعين، ليعتبر الغافلون بمصارع القوم السابقين، ويروا أنهم في العناد والضلال سواء، فيعودوا إلى الحق قبل نزول العذاب.
وقفة
[101] ﴿تِلْكَ الْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا﴾ يقص القرآن أخبار الأمم السابقة من أجل تثبيت المؤمنين وتحذير الكافرين.
وقفة
[101] ﴿تِلْكَ الْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا﴾ ما قصّ الله علينا خبر من قبلنا إلا لنعتبر ونحذر، ولكي تنشط نفوس المؤمنين حينما يقرؤون الأخبار الصادقة بنصر الله تعالى لأوليائه على أعدائه.
وقفة
[101] دراسة التاريخ ضرورة، فهو مدرسة الأجيال ومحل الاعتبار والإدكار ﴿تِلْكَ الْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا﴾.
عمل
[101] اختر قرية أو قبيلة ذكرت قصتها في القرآن، واجمع قصتها من كامل القرآن لتتدبرها ﴿تِلْكَ الْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾.
وقفة
[101] يسلّي اللهُ نبيه كثيرًا بذكر أخبار السابقين: ﴿ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات﴾، والرسالة تقول: «لستَ وحدك»، وهكذا هي ذات الرسالة تقال لكل من سلك طريق الدعوة: «لستَ وحدك، ولا تحسبن الله يخفى عليه حال المكذبين والمعرضين».
وقفة
[101] الفرق بين: ﴿جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ﴾ [المائدة: 32]، و﴿جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ لما يذكر الأحكام التي تأتي عن الله تعالى ينسب الرسل إلى الله تعالى ويقول رسلنا، ولما يتكلم بما يتعلق بموقف القرى من الرسل وما أصابهم من سوء ينسبهم إليهم ويقول رسلهم، آية المائدة جاءت عن الله تعالى وذكر فيها أحكام: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ﴾ [المائدة: 32]، وآية الأعراف تتكلم عن موقف القوم من الرسل، وكان عليهم أن ينتفعوا بالرسل.
وقفة
[101] ﴿كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾ طريق الضلالة واحد، يجتمع عليه أهل الضلال في كل عصر ومصر، والطبع علي القلوب صفة من سبقت بالشقاء قسمته، وحقت بالعذاب عليه كلمته.
وقفة
[101] من أعظم المصائب أن يطبع على القلب؛ فلا يعي خيرًا، ولا يكف عن شر ﴿كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾.
تفاعل
[101] ﴿كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾ استعذ بالله أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ:
  • تلك: اسم اشارة مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. القرى: خبر لتلك مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة المقدرة على الألف للتعذر. نقصّ: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. عليك: جار ومجرور متعلق بنقص. والجملة الفعلية «نَقُصُّ عَلَيْكَ» في محل نصب حال. ويجوز أن تكون «الْقُرى» بدلا أو صفة لتلك وجملة «نَقُصُّ» خبرا لتلك. ويجوز أيضا أن تكون «الْقُرى» خبرا أول للمبتدأ وجملة «نَقُصُّ» خبرا ثانيا له.
  • ﴿ مِنْ أَنْبائِها:
  • جار ومجرور متعلق بنقص و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة و «مِنْ» هنا للتبعيض لأن المعنى نقص عليك بعض أنبائها أي بعض أخبارها.
  • ﴿ وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. جاءت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. رسل: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. بالبينات: جار ومجرور متعلق بجاءتهم.
  • ﴿ فَما كانُوا:
  • الفاء: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة
  • ﴿ لِيُؤْمِنُوا:
  • اللام: لام الجحود أي النفي حرف جر لتأكيد النفي الواقع على الفعل الناقص «كان». يؤمنوا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. و «أن» المضمرة بعد اللام وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام الجحود والجار والمجرور متعلق بالخبر المحذوف لكان. التقدير: فما كانوا مريدين للايمان. وجملة «يؤمنوا» صلة «أن» لا محل لها.
  • ﴿ بِما كَذَّبُوا:
  • جار ومجرور متعلق بيؤمنوا. ما: مصدرية. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. كذبوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.وجملة «كَذَّبُوا» صلة «ما» المصدرية لا محل لها.
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ:
  • من: حرف جر. قبل: اسم مجرور مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بكذبوا.
  • ﴿ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ:
  • الكاف اسم مبني على الفتح في محل نصب نائب عن المفعول المطلق وهو بمعنى «مثل» بتقدير يطبع الله مثل ذلك الطبع الشديد.ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة واللام للبعد والكاف للخطاب. يطبع: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بيطبع. الكافرين مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض تنوين المفرد. '

المتشابهات :

الأعراف: 101﴿ تِلْكَ الْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا
الكهف: 59﴿وَ تِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [101] لما قبلها :     وبعد ذِكْرِ قَصصِ الأقوامِ الخمسةِ؛ اتجه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ تسليةً وتثبيتًا له على الصبر على دعوته، بتذكيره بما في قصص أولئك الرسل مع أقوامهم من وجوه العبر والمواعظ، وبيان أن ما يلاقيه منهم من ضروب العناد والاستكبار والإيذاء ليس بدعًا بين الأمم، بل ذلك طريق سلكه كثير من الأمم السابقة، قال تعالى:
﴿ تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [102] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ..

التفسير :

[102] وما وَجَدْنا لأكثر الأمم الماضية مِن أمانة ولا وفاء بالعهد، وما وجدنا أكثرهم إلا فسقة عن طاعة الله وامتثال أمره.

{ وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ْ} أي:وما وجدنا لأكثر الأمم الذين أرسل اللّه إليهم الرسل من عهد، أي:من ثبات والتزام لوصية اللّه التي أوصى بها جميع العالمين، ولا انقادوا لأوامره التي ساقها إليهم على ألسنة رسله.{ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ْ} أي:خارجين عن طاعة اللّه، متبعين لأهوائهم بغير هدى من اللّه، فاللّه تعالى امتحن العباد بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وأمرهم باتباع عهده وهداه، فلم يمتثل لأمره إلا القليل من الناس، الذين سبقت لهم من اللّه، سابقة السعادة. وأما أكثر الخلق فأعرضوا عن الهدى، واستكبروا عما جاءت به الرسل، فأحل اللّه بهم من عقوباته المتنوعة ما أحل.

ثم كشف القرآن عن طبيعتهم فقال: وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ.

أى: ما وجدنا لأكثر الناس من وفاء بعهودهم في الإيمان والتقوى، بل الحال والشأن أننا علمنا أن أكثرهم فاسقين، أى خارجين عن طاعتنا، تاركين لأوامرنا، منتهكين لحرماتنا.

وبعضهم يجعل الضمير في أَكْثَرَهُمْ لأهل القرى المهلكة، وأنهم كانوا إذا عاهدوا الله بعهد نقضوه ولم يوفوا به. والأول أرجح.

والمراد بالعهد ما عاهدهم الله عليه من الإيمان والتقوى والعمل الصالح.

ومن في قوله مِنْ عَهْدٍ مزيدة للاستغراق وتأكيد النفي.

وإنما حكم على الأكثرين منهم بنقض العهود، لأن الأقلية منهم قد آمنوا ووفوا بما عاهدوا الله عليه من الإيمان والعمل الصالح.

وهذا لون من الاحتراس الذي امتاز به القرآن في عرضه للحقائق، فهو لا يلقى التهم جزافا، وإنما يعطى كل ذي حق حقه، فإن كان الأكثرون قد استحقوا الذم لكفرهم ونقضهم لعهودهم، فإن هناك قلة آمنت فاستحقت المدح والثناء.

قال الآلوسى: وإِنْ مخففة من الثقيلة وضمير الشأن محذوف، ولا عمل لها فيه لأنها ملغاة على المشهور. وذهب الكوفيون إلى أن إِنْ هنا نافية واللام في لَفاسِقِينَ بمعنى إلا، أى: ما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين» .

وإلى هنا تكون الآيات الكريمة التي جاءت في أعقاب الحديث عن أهل القرى المهلكة، قد بينت لنا السنن الإلهية في سعادة الأمم وشقائها، وكشفت لنا عن حكمته- سبحانه- في ابتلائه لعباده بالسراء تارة وبالضراء أخرى، وحضت الناس على المراقبة لله وشكره على نعمائه، وحذرتهم من الغفلة والأمان من مكره- سبحانه- فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.

ثم اتجهت في النهاية بالخطاب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فأطلعته على الطبائع الغالبة في البشر حتى لا يضيق ذرعا بأحوال من أرسل إليهم.

ثم عادت السورة بعد ذلك إلى الحديث عن قصة أخرى من قصص الأنبياء مع أقوامهم،فحدثتنا عن قصة موسى مع فرعون ومع بنى إسرائيل بعد حديثها قبل ذلك عن شعيب الذي كان معاصرا لموسى- عليهما السلام-.

فأنت ترى أن السورة الكريمة قد التزمت الترتيب التاريخى في حديثها عن الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام-.

ولقد قلنا من قبل إن الأسلوب البارز في هذه السورة الكريمة وهي تدعو الناس إلى وحدانية الله يتجلى في تذكيرهم بنعم الله التي لا تحصى، وتخويفهم عن طريق سرد أحوال الأمم المهلكة، بسبب مخالفتها لرسلها، وعتوها عن أمر ربها، ولعل هذا هو السر في أنها ساقت لنا قصص نوح وهود وصالح ولوط وشعيب مع أممهم الذين أهلكوا بسبب كفرهم ولم تذكر لنا- مثلا- قصة إبراهيم مع قومه مع أن لوطا- عليه السلام- كان معاصرا له، وذلك لأن قوم إبراهيم لم يهلكوا، ولم يلتمس هو من ربه ذلك، بل اعتزلهم وما يعبدون من دون الله.

فالسورة الكريمة قد التزمت في مجموعها الحديث عن مصارع المكذبين ليكونوا عبرة لكل عاقل، وذكرى لكل عبد منيب.

( وما وجدنا لأكثرهم ) أي : لأكثر الأمم الماضية ( من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) أي : ولقد وجدنا أكثرهم فاسقين خارجين عن الطاعة والامتثال . والعهد الذي أخذه عليهم هو ما جبلهم عليه وفطرهم عليه ، وأخذ عليهم في الأصلاب أنه ربهم ومليكهم ، وأنه لا إله إلا هو ، فأقروا بذلك ، وشهدوا على أنفسهم به ، فخالفوه وتركوه وراء ظهورهم ، وعبدوا مع الله غيره بلا دليل ولا حجة ، لا من عقل ولا شرع ، وفي الفطر السليمة خلاف ذلك ، وجاءت الرسل الكرام من أولهم إلى آخرهم بالنهي عن ذلك ، كما جاء في صحيح مسلم يقول الله تعالى : " إني خلقت عبادي حنفاء ، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم " . وفي الصحيحين : " كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه " الحديث . وقال تعالى في كتابه العزيز : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] وقال تعالى : ( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) [ الزخرف : 45 ] وقال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] إلى غير ذلك من الآيات .

وقد قيل في تفسير قوله تعالى : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ) ما روى أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب في قوله : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ) قال : كان في علمه تعالى يوم أقروا له بالميثاق ، أي : فما كانوا ليؤمنوا لعلم الله منهم ذلك ، وكذا قال الربيع بن أنس ، واختاره ابن جرير .

وقال السدي : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ) قال : ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرها .

وقال مجاهد في قوله : ( فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ) هذا كقوله : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 28 ]

القول في تأويل قوله : وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولم نجد لأكثر أهل هذه القرى التي أهلكناها واقتصصنا عليك، يا محمد، نبأها= " من عهد ", يقول: من وفاء بما وصيناهم به، من توحيد الله, واتباع رسله, والعمل بطاعته, واجتناب معاصيه، وهجر عبادة الأوثان والأصنام.

* * *

و " العهد " ، هو الوصية, قد بينا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. (12) . = " وإن وجدنا أكثرهم "، يقول: وما وجدنا أكثرهم إلا فسقة عن طاعة ربهم, تاركين عهده ووصيته. وقد بينا معنى " الفسق "، قبل. (13)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

14905 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى: " وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " قال: القرون الماضية.

14906 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, قوله: " وما وجدنا لأكثرهم من عهد "، الآية, قال: القرون الماضية. و " عهده "، الذي أخذه من بني آدم في ظهر آدم ولم يفوا به.

14907 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن أبي جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب: " وما وجدنا لأكثرهم من عهد " قال: في الميثاق الذي أخذه في ظهر آدم عليه السلام.

14908 - حدثني محمد بن سعد, قال: حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: " وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " وذلك أن الله إنما أهلك القرى لأنهم لم يكونوا حفظوا ما أوصاهم به.

-------------------

الهوامش :

(12) انظر تفسير (( العهد )) فيما سلف 1 : 410 ، 557 / 2 : 279 / 3 : 20 - 24 ، 349 / 6 : 526 .

(13) انظر تفسير الفسق فيما سلف 12: 195 تعليق: 1 ، والمراجع هناك .

المعاني :

من عهد :       من وفاء بما أوصيناهم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[102] ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ﴾ لا يقبل الله أن ينقض عبد عهده مع عبد مثله ولو كان مشركًا: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ﴾ [التوبة: 4]، فكيف بنقض العهد مع الله؟!
عمل
[102] حافظ على الصلاة مع الجماعة؛ فهي من العهد الذي بينك وبين الله ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ﴾.
وقفة
[102] قال تعالى في بيان حال الإنسان: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ﴾، هذه حاله مع ربه فكيف مع الناس! ومن عرف الناس استراح.
وقفة
[102] ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ نقض العهد مع الله مُهلك، وقد أخذ الله منا العهد، ونحن في صلب أبينا آدم في عالم الذر.
وقفة
[102] ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ نقض العهود مع الله، واستمراء المعاصي، وعدم التوبة منها فِسْقٌ يوجب العقوبات المتنوعة، فهل من مدّكر؟!
وقفة
[102] تعميم الأحكام يوقع في الظلم، ولذا يأتي التعبير بأكثرهم ونحوها ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾.
تفاعل
[102] حكم الله ﷻ على الناس: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾، قل الآن: اللهم اجعلنا ممن وفَّى عهدك، واجعلنا من الصالحين يا رب العالمين.
وقفة
[102] ﴿وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ ليتنا نتعلم الإنصاف! لَوْن من الاحتراز امتاز به القرآن في عرض الحقائق، فلا يلقي التهم جزافًا، ولا يعمم، بل يعطي كل ذي حق حقه، فإن كان الأكثرون استحقوا الذم، فإن قلة آمنت فاستحقت المدح.

الإعراب :

  • ﴿ وَما وَجَدْنا:
  • الواو: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. وجدنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ:
  • جار ومجرور متعلق بوجد و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة. من عهد: من: حرف جر زائد للتوكيد و «عَهْدٍ» مجرور لفظا منصوب محلا بتقدير وفاء عهد. ويجوز أن يكون الفعل لازما لأن معناه العلم أي ما حصلت لنا حقيقة العلم.
  • ﴿ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ:
  • الواو: اعتراضية والجملة بعده: اعتراضية لا محل لها. وجدنا: أعربت. أكثر: مفعول به أول منصوب بالفتحة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة و «إِنْ» مخففة من «إِنْ» لا عمل لها.
  • ﴿ لَفاسِقِينَ:
  • اللام فارقة وهي اللام المزحلقة نفسها تفرق بين «إن» المخففة من «إن» الثقيلة- التي هي حرف مشبه بالفعل وبين «إن» النافية. فاسقين: مفعول به ثان منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [102] لما قبلها :     وبعد ذِكْرِ قَصصِ الأقوامِ الخمسةِ؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أن أغلب الناس قد خالفوا عهد الفطرة التي فطرَ اللهُ الناسَ عليها، قال تعالى:
﴿ وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [103] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى ..

التفسير :

[103] ثم بعثنا من بعد الرسل المتقدم ذِكْرهم موسى بن عمران بمعجزاتنا البينة إلى فرعون وقومه، فجحدوا وكفروا بها ظلماً منهم وعناداً، فانظر -أيها الرسول- متبصراً كيف فعلنا بهم وأغرقناهم عن آخرهم بمرأى من موسى وقومه؟ وتلك نهاية المفسدين.

أي:ثم بعثنا من بعد أولئك الرسل موسى الكليم، الإمام العظيم، والرسول الكريم، إلى قوم عتاة جبابرة، وهم فرعون وملؤه، من أشرافهم وكبرائهم، فأراهم من آيات اللّه العظيمة ما لم يشاهد له نظير فَظَلَمُوا بِهَا بأن لم ينقادوا لحقها الذي من لم ينقد له فهو ظالم، بل استكبروا عنها. فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ كيف أهلكهم اللّه، وأتبعهم الذم واللعنة في الدنيا ويوم القيامة، بئس الرفد المرفود،

ومن هنا فهي لا تحدثنا عن قصة موسى من أولها كما جاء في سورة القصص مثلا وإنما هي تبدأ حديثها عنها بالغرض الذي جاءت من أجله وهو التخويف من عواقب التكذيب فتقول:

ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ.

وهكذا تصرح السورة الكريمة في أول آية من قصة موسى بالهدف الذي سيقت من أجله وهو النظر والتدبر في عاقبة المفسدين.

ثم بعد ذلك تحدثنا حديثا مستفيضا زاخرا بالعبر والعظات عما دار بين موسى وفرعون من محاورات ومجادلات انتهت بغرق فرعون وقومه، ثم عما دار بين موسى وبين بنى إسرائيل من مجادلات تدل على أصالتهم في الكذب والإفساد والفسوق عن أمر الله.

والآن فلنستمع إلى السورة الكريمة وهي تحكى لنا قصة موسى مع فرعون ومع بنى إسرائيل في نحو سبعين آية تبدؤها بقوله- تعالى-:

هذا هو الدرس الأول من قصة موسى مع فرعون وفيه نرى ما دار بين موسى وفرعون من محاورات، وما دار بين موسى والسحرة من مناقشات ومساجلات انتهت بإيمان السحرة وهم يضرعون إلى الله بلسان صادق، وقلب سليم فيقولون- كما حكى القرآن عنهم-: رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ. ولنبدأ في تفسير آيات هذا الدرس من أولها فنقول:

قوله- تعالى- ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ معطوف على ما قبله من قصص الأنبياء الذين تحدثت عنهم السورة الكريمة.

وموسى- عليه السلام- هو ابن عمران من نسل لاوى بن يعقوب. ويرى بعض المؤرخين أن ولادة موسى كانت في حوالى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وان بعثته كانت في عهد منفتاح بن رمسيس الثاني.

وفرعون: لقب لملوك مصر القدماء، كلقب قيصر لملوك الروم، وكسرى لملوك الفرس، والمعنى: ثم بعثنا من بعد أولئك الرسل الذين سبق الحديث عنهم- وهم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب- بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا التي تدل على صدقه فيما يبلغه عن ربه إلى فرعون وملئه، وهم اشراف قومه، ووجهاء دولته.

قال بعض العلماء: «ولم يقل- سبحانه- إلى فرعون وقومه، لأن الملك ورجال الدولة هم الذين كانوا مستعبدين لبنى إسرائيل، وبيدهم أمرهم، وليس لسائر المصريين من الأمر شيء، ولأنهم كانوا مستعبدين- أيضا ولكن الظلم على بنى إسرائيل الغرباء كان أشد» .

وقوله بِآياتِنا متعلق بمحذوف وقع حالا من مفعول بعثنا، أو صفة لمصدره. أى:

بعثناه- عليه السلام- ملتبسا بها. أو بعثناه بعثا ملتبسا بها.

والمراد بها الآيات التسع وهي العصا، واليد البيضاء، والسنون، ونقص الثمرات، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم.

ثم بين- سبحانه- في الآية الأولى من هذه القصة كيف تلقى فرعون وملؤه دعوة موسى وآياته فقال: فَظَلَمُوا بِها أى: فكفروا بهذه الآيات تكبرا وجحودا، فكان عليهم وزر ذلك، وقد عدى الظلم هنا بالباء مع أنه يتعدى بنفسه لتضمنه معنى الكفر، إذ هما من واد واحد قال- تعالى- إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.

ويجوز أن تكون الباء للسببية والمفعول محذوف، أى: ظلموا أنفسهم بسببها بأن عرضوها للعقاب المهين. أو ظلموا الناس بصدهم عن الإيمان بهذه الآيات، واستمروا على ذلك إلى أن حق عليهم العذاب الأليم.

ثم ختمت الآية بالأمر بالتدبر في أحوال هؤلاء الظالمين وفيما حل بهم من سوء المصير فقال- تعالى- فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ أى: فانظر أيها الرسول الكريم- أو أيها العاقل- كيف كانت عاقبة فرعون وملئه الذين أفسدوا في الأرض، لقد أخذهم الله بذنوبهم فأغرقهم في اليم، وموسى وقومه ينظرون إليهم، وتلك عاقبة كل من طغى وآثر الحياة الدنيا.

ووضع- سبحانه- المفسدين موضع ضميرهم للإيذان بأن الظلم مستلزم للافساد.

وكَيْفَ خبر لكان مقدم عليها لاقتضائه الصدارة. وعاقبة، اسمها، وهذه الجملة الاستفهامية في محل نصب على إسقاط حرف الجر، إذ التقدير: فانظر بعين عقلك إلى كيفية ما فعلناه بهم.

وهكذا نرى السورة الكريمة ترينا في أول آية من هذه القصة الغرض الذي سيقت من أجله وهو التدبر في عواقب المكذبين، والتخويف من المصير الذي ساروا إليه، وتنهى الناس في كل زمان ومكان عن السير على منوالهم. والسورة الكريمة عند ما ترينا ذلك في مطلع هذه القصة تكون متناسقة كل التناسق مع أسلوبها الذي اختارته في دعوة الناس إلى وحدانية الله وإلى مكارم الأخلاق، وهو أسلوب التذكير بالنعم، والتحذير من عواقب الظلم والطغيان- كما سبق أن أشرنا إلى ذلك في التمهيد بين يدي السورة.

يقول تعالى : ( ثم بعثنا من بعدهم ) أي : الرسل المتقدم ذكرهم ، كنوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب ، صلوات الله وسلامه عليهم وعلى سائر أنبياء الله أجمعين . ( موسى بآياتنا ) أي : بحججنا ودلائلنا البينة إلى ) فرعون ) وهو ملك مصر في زمن موسى ، ) وملئه ) أي : قومه ، ( فظلموا بها ) أي : جحدوا وكفروا بها ظلما منهم وعنادا ، كقوله تعالى ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ) [ النمل : 14 ] أي : الذين صدوا عن سبيل الله وكذبوا رسله ، أي : انظر - يا محمد - كيف فعلنا بهم ، وأغرقناهم عن آخرهم ، بمرأى من موسى وقومه . وهذا أبلغ في النكال بفرعون وقومه ، وأشفى لقلوب أولياء الله - موسى وقومه - من المؤمنين به .

القول في تأويل قوله : ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم بعثنا من بعد نوح وهود وصالح ولوط وشعيب، موسى بن عمران.

* * *

و " الهاء والميم " اللتان في قوله: " من بعدهم "، هي كناية ذكر الأنبياء عليهم السلام التي ذكرت من أول هذه السورة إلى هذا الموضع.

* * *

=" بآياتنا " يقول: بحججنا وأدلتنا (14) " إلى فرعون وملئه ", يعني: إلى جماعة فرعون من الرجال (15) = " فظلموا بها "، يقول: فكفروا بها. و " الهاء والألف " اللتان في قوله: " بها " عائدتان على " الآيات ". ومعنى ذلك: فظلموا بآياتنا التي بعثنا بها موسى إليهم= وإنما جاز أن يقال: " فظلموا بها," بمعنى: كفروا بها, لأن الظلم وَضْعُ الشيء في غير موضعه. وقد دللت فيما مضى على أن ذلك معناه، بما أغنى عن إعادته. (16) .

* * *

والكفر بآيات الله، وضع لها في غير موضعها, وصرف لها إلى غير وجهها الذي عُنِيت به= " فانظر كيف كان عاقبه المفسدين "، يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فانظر يا محمد، بعين قلبك، كيف كان عاقبة هؤلاء الذين أفسدوا في الأرض؟ (17) = يعني فرعون وملأه, إذ ظلموا بأيات الله التي جاءهم بها موسى عليه السلام , وكان عاقبتهم أنهم أغرقوا جميعًا في البحر.

------------------

الهوامش :

(14) انظر تفسير (( الآية )) فيما سلف في فهارس اللغة ( أيى ) .

(15) انظر تفسير (( الملأ )) فيما سلف 12 : 565 تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(16) انظر تفسير (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ظلم ) .

(17) انظر تفسير (( العاقبة )) فيما سلف 12 : 560 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك . = وتفسير (( الفساد )) فيما سلف 12 : 560 تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

المعاني :

فظلموا بها :       فكفروا بالآيات معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[103] هذا مجمل القصة، ثم يبدأ القرآن في قص أحداثها بالتفصيل، وهذا من بلاغة القرآن، فمع أن القصة لم تبدأ بعد، إلا أنه دعاهم إلى النظر في سوء مصير المفسدين، ليثير تطلعاتهم وتطلعاتنا إلى خاتمة الصراع بين الحق والباطل، والتي تأتي تفاصيلها بعد قليل.
لمسة
[103] ﴿ثم بعثنا من بعده﴾ [يونس: 74] وحيدة في القرآن في يونس، (من بعده) الضمير راجع لنوح عليه السلام، ﴿ثم بعثنا من بعدهم﴾ مرتين في القرآن في الأعراف ويونس، (من بعدهم) الضمير راجع للرسل المبعوثين قبل موسى عليه السلام.
وقفة
[103] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ طمأنة وتسلية لقلوب المصلحين في صراعهم الأبدي مع أهل الإفساد.
وقفة
[103] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ أي: انظر يا محمد كيف فعلنا بهم، وأغرقناهم عن آخرهم بمرأىً من موسى وقومه، وهذا أبلغ في النكال بفرعون وقومه، وأشفى لقلوب أولياء الله؛ موسى وقومه من المؤمنين به.
وقفة
[103] النظر في عواقب الأمم السالفة يورث الاعتبار ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ .
وقفة
[103] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ﴾ [يونس: 73] جاءت عقب إنذار نوح لقومه، ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [84]: جاءت وصفا لقوم لوط، ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ جاءت وصفًا لقوم فرعون، ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: 39] جاءت وصفًا لمن كذب بالقرآن، ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [الزخرف: 25] جاءت وصفًا لمن كذب الرسل.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ:
  • ثم: عاطفة. بعثنا: معطوفة على «وَجَدْنا» في «إِنْ» وَجَدْنا «بمعنى» «بل وجدنا» في الآية الكريمة السابقة: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. من بعد: جار ومجرور متعلق ببعثنا. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مُوسى بِآياتِنا:
  • مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. بآيات: جار ومجرور متعلق ببعثنا. و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ:
  • جار ومجرور متعلق ببعثنا. فرعون: اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جره: الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف«التنوين» على العلمية. وملإيه: معطوفة بالواو على «فِرْعَوْنَ» مجرورة وعلامة جرها الكسرة. والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة. ويجوز أن يتعلق الجار والمجرور «إِلى فِرْعَوْنَ» بحال محذوفة من آياتنا.
  • ﴿ فَظَلَمُوا بِها:
  • الفاء: استئنافية. ظلموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بها: جار ومجرور متعلق بظلموا أي بتقدير: فظلموا الناس بسببها.
  • ﴿ فَانْظُرْ:
  • الفاء: استئنافية. انظر: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت
  • ﴿ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به للفعل «انظر». كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كانَ» مقدم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. عاقبة: اسم «كانَ» مرفوع بالضمة. المفسدين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

يونس: 74﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ
الأعراف: 103﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا
يونس: 75﴿ ثمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [103] لما قبلها :     القصَّةُ السادسةُ: موسى عليه السلام معَ الطَّاغيةِ فرعونَ، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [104] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي ..

التفسير :

[104] وقال موسى لفرعون محاوراً مبلِّغاً:إني رسولٌ من الله خالق الخلق أجمعين، ومدبِّرِ أحوالهم ومآلهم.

تفسير الآيتين 104 و105:ـ وَقَالَ مُوسَى حين جاء إلى فرعون يدعوه إلى الإيمان. يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أي:إني رسول من مرسل عظيم، وهو رب العالمين، الشامل للعالم العلوي والسفلي، مربي جميع خلقه بأنواع التدابير الإلهية، التي من جملتها أنه لا يتركهم سدى، بل يرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، وهو الذي لا يقدر أحد أن يتجرأ عليه، ويدعي أنه أرسله ولم يرسله. فإذا كان هذا شأنه، وأنا قد اختارني واصطفاني لرسالته، فحقيق علي أن لا أكذب عليه، ولا أقول عليه إلا الحق. فإني لو قلت غير ذلك لعاجلني بالعقوبة، وأخذني أخذ عزيز مقتدر. فهذا موجب لأن ينقادوا له ويتبعوه، خصوصا وقد جاءهم ببينة من اللّه واضحة على صحة ما جاء به من الحق، فوجب عليهم أن يعملوا بمقصود رسالته، ولها مقصودان عظيمان. إيمانهم به، واتباعهم له، وإرسال بني إسرائيل الشعب الذي فضله اللّه على العالمين، أولاد الأنبياء، وسلسلة يعقوب عليه السلام، الذي موسى عليه الصلاة والسلام واحد منهم.

ثم بعد هذا التنبيه الإجمالي إلى مآل المفسدين، أخذت السورة تحكى لنا ما دار بين موسى- عليه السلام- وبين فرعون بصورة مفصلة فقالت: وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أى: قال موسى- عليه السلام- لفرعون في أدب واعتزاز إنى رسول من رب العالمين، أرسلنى إليك لأدعوك لعبادته والخضوع له.

ثم بين له أنه بمقتضى هذه الرسالة لا يقول إلا كلمة الحق فقال: حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ أى: جدير بألا أقول على الله إلا القول الحق.

يخبر تعالى عن مناظرة موسى لفرعون ، وإلجامه إياه بالحجة ، وإظهاره الآيات البينات بحضرة فرعون وقومه من قبط مصر ، فقال تعالى : ( وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين ) أي : أرسلني الذي هو خالق كل شيء وربه ومليكه .

القول في تأويل قوله : وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104)

قال أبوجعفر: يقول جل ثناؤه: وقال موسى لفرعون: يا فرعون إنّي رسول من رب العالمين.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[104] اختیار صفة (رب العالمين) إبطال -في غاية الاختصار- لاعتقاد فرعون أنه رب مصر وأهلها حين قال: (أنا ربكم الأعلى) ، ودخل في العالَمين جميع البلاد والعباد الذين لم يكن فرعون يدعي أنه ربهم مثل الفرس والآشوريين.
عمل
[104] عرِّف بنفسك ومهمتك وجهتك لمن توجِّه إليه خطابك ﴿وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
عمل
[104] ﴿إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾ إذا جهل فضلك البعض فمن الإحسان لهم أن تبين لهم من أنت؛ حتى يستفيدوا من وجودك بينهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ:
  • الواو: استئنافية. قال: فعل ماض مبني على الفتح. موسى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. يا: أداة نداء. فرعون: منادى مبني على الضم في محل نصب.
  • ﴿ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به- مقول القول- إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». رسول: خبر «إن» مرفوع بالضمة. من ربّ: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رَسُولٌ». العالمين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

الأعراف: 61﴿قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَـٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ
الأعراف: 67﴿قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَـٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ
الأعراف: 104﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [104] لما قبلها :     لما ذهب موسى عليه السلام إلى فرعون؛ ذَكَرَ له مهمتَه ووظيفتَه، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف