ترتيب المصحف | 10 | ترتيب النزول | 51 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 13.50 |
عدد الآيات | 109 | عدد الأجزاء | 0.65 |
عدد الأحزاب | 1.30 | عدد الأرباع | 5.30 |
ترتيب الطول | 10 | تبدأ في الجزء | 11 |
تنتهي في الجزء | 11 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 4/29 | آلر: 1/5 |
بعدَ بيانِ استحقاقِ اللهِ للعبادةِ وبعضِ مظاهرِ قدرتِه وعظمتِه في الخلقِ ذكرَ هنا حالَ من كفرَ به، وحالَ من آمنَ.
قريبًا إن شاء الله
لَمَّا وصَفَ اللهُ الكُفَّارَ بأنَّهم لا يرَجُونَ لِقاءَه وكانُوا عن آياتِه غافلينَ، بَيَّنَ هنا أنَّ مِن غَفلَتِهم أنَّ الرَّسولَ متى أنذَرَهم استعجَلُوا العذابَ جهلًا منهم وسَفَهًا، ثُمَّ تهديدُهم بسنَّةِ اللهِ في إهلاكِ الأممِ الظَّالمةِ، واستخلافِ خلا
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
يقول تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} أي:لا يطمعون بلقاء الله، الذي هو أكبر ما طمع فيه الطامعون، وأعلى ما أمله المؤملون، بل أعرضوا عن ذلك، وربما كذبوا به{ وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بدلا عن الآخرة.
{ وَاطْمَأَنُّوا بِهَا} أي:ركنوا إليها، وجعلوها غاية مرامهمونهاية قصدهم، فسعوا لها وأكبوا على لذاتها وشهواتها، بأي طريق حصلت حصلوها، ومن أي وجه لاحت ابتدروها، قد صرفوا إرادتهم ونياتهم وأفكارهم وأعمالهم إليها.
فكأنهم خلقوا للبقاء فيها، وكأنها ليست دار ممر، يتزود منها المسافرون إلى الدار الباقية التي إليها يرحل الأولون والآخرون، وإلى نعيمها ولذاتها شمر الموفقون.
{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} فلا ينتفعون بالآيات القرآنية، ولا بالآيات الأفقية والنفسية، والإعراض عن الدليل مستلزم للإعراض والغفلة، عن المدلول المقصود.
قال الإمام الرازي: «اعلم أنه- تعالى- لما أقام الدلائل على صحة القول بإثبات الإله القادر الرحيم الحكيم، وعلى صحة القول بالمعاد والحشر والنشر، شرع بعده في شرح أحوال من يكفر بها وفي شرح أحوال من يؤمن بها».
والمراد بلقائه- سبحانه- الرجوع إليه يوم القيامة للحساب والجزاء. والمعنى: إن الذين لا يرجون ولا يتوقعون لقاءنا يوم القيامة لحسابهم على أعمالهم في الدنيا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا رضاء جعلهم لا يفكرون إلا في التشبع من زينتها ومتعها، واطمأنوا بها، اطمئنانا صيرهم يفرحون بها ويسكنون إليها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا التنزيلية والكونية الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا غافِلُونَ بحيث لا يخطر على بالهم شيء مما يدل عليه هذه الآيات من عبر وعظات.
فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصف هؤلاء الأشقياء بأربع صفات ذميمة.
وصفهم- أولا- بعدم الرجاء في لقاء الله- تعالى- بأن صاروا لا يطمعون في ثواب، ولا يخافون من عقاب، لإنكار الدار الآخرة.
ووصفهم- ثانيا- بأنهم رضوا بالحياة الدنيا، بأن أصبح همهم محصورا فيها، وفي لذائذها وشهواتها.
قال الإمام الرازي: واعلم أن الصفة الأولى إشارة إلى خلو قلبه عن اللذات الروحانية، وفراغه عن طلب السعادات الحاصلة بالمعارف الربانية، وأما هذه الصفة الثانية فهي إشارة إلى من استغرقه الله في طلب اللذات الجسمانية واكتفائه بها، واستغراقه في طلبها».
ووصفهم- ثالثا- بأنهم اطمأنوا بهذه الحياة، اطمئنان الشخص إلى الشيء الذي لا ملاذ له سواه، فإذا كان السعداء يطمئنون إلى ذكر الله، فإن هؤلاء الأشقياء ماتت قلوبهم عن كل خير، وصارت لا تطمئن إلا إلى زينة الحياة الدنيا.
ووصفهم- رابعا- بالغفلة عن آيات الله التي توقظ القلب، وتهدى العقل، ونحفز النفس إلى التفكير والتدبير.
وبالجملة فهذه الصفات الأربع تدل دلالة واضحة على أن هؤلاء الأشقياء قد آثروا دنياهم على أخراهم، واستحبوا الضلالة على الهدى، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.
فماذا كان مصيرهم كما بينه- سبحانه- في قوله: أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ.
يقول الله تعالى مخبرا عن حال الأشقياء الذين كفروا بلقاء الله يوم القيامة ولا يرجون في لقاء الله شيئا ، ورضوا بهذه الحياة الدنيا واطمأنت إليها أنفسهم .
قال الحسن : والله ما زينوها ولا رفعوها ، حتى رضوا بها وهم غافلون عن آيات الله الكونية فلا يتفكرون فيها ، والشرعية فلا يأتمرون بها ،
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: إن الذين لا يخافون لقاءَنا يوم القيامة، فهم لذلك مكذِّبون بالثواب والعقاب، متنافسون في زين الدنيا وزخارفها، راضُون بها عوضًا من الآخرة، مطمئنين إليها ساكنين (1) ، والذين هم عن آيات الله ، وهي أدلته على وحدانيته، وحججه على عباده ، في إخلاص العبادة له ، (غافلون) ، معرضون عنها لاهون، (2) لا يتأملونها تأمُّل ناصح لنفسه، فيعلموا بها حقيقة ما دلَّتهم عليه، ويعرفوا بها بُطُول ما هم عليه مقيمون.
--------------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير " الاطمئنان " فيما سلف 13 : 418 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(2) انظر تفسير " الغفلة " فيما سلف 13 : 281 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يونس: 7 | ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾ |
---|
يونس: 11 | ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ |
---|
يونس: 15 | ﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾ |
---|
الفرقان: 21 | ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{أُولَئِكَ} الذين هذا وصفهم {مَأْوَاهُمُ النَّارُ} أي: مقرهم ومسكنهم التي لا يرحلون عنها.
{بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} من الكفر والشرك وأنواع المعاصي،
أى: أولئك المتصفون بتلك الصفات الخسيسة، مقرهم وملجؤهم الذي يلجئون إليه النار وبئس القرار، بسبب ما اجترحوه من سيئات وما اقترفوه من منكرات.
هذه هي صفات هؤلاء الأشقياء، وذلك هو جزاؤهم العادل، أما السعداء فقد بين الله- تعالى- بعد ذلك صفاتهم وثوابهم فقال- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ.
بأن مأواهم يوم معادهم النار ، جزاء على ما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام والخطايا والإجرام ، مع ما هم فيه من الكفر بالله ورسوله واليوم الآخر .
(أولئك مأواهم النار) ، يقول جل ثناؤه: هؤلاء الذين هذه صفتهم ، (مأواهم ) ، مصيرهم إلى النار نار جهنم في الآخرة (3) ، (بما كانوا يكسبون) ، في الدنيا من الآثام والأجْرام، ويجْترحون من السيئات. (4)
* * *
والعرب تقول: " فلان لا يرجو فلانًا ": إذا كان لا يخافه.
ومنه قول الله جل ثناؤه: مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا . [سورة نوح: 13]، (5) ومنه قول أبي ذؤيب:
إِذَا لَسَـعَتْهُ النَّحْـلُ لَـمْ يُـرْج لَسْـعَهَا
وَخَالَفهَـا فِـي بَيْـتِ نُـوب عَوَاسِـلِ (6)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
17553- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واطمأنوا بها) ، قال: هو مثل قوله: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا .
17554- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها)، قال: هو مثل قوله: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا [سورة هود: 15].
17555- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
17556- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: قوله (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون)، قال: إذا شئتَ رأيتَ صاحب دُنْيا، لها يفرح، ولها يحزن، ولها يسخط، ولها يرضى.
17557- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها)، الآية كلها، قال: هؤلاء أهل الكفر. ثم قال: (أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون).
----------------------
الهوامش :
(3) انظر تفسير " المأوى " فيما سلف 14 : 425 ، تعليق : 6 ، والمراجع هناك .
(4) انظر تفسير " الكسب " فيما سلف من فهارس اللغة ( كسب ) .
(5) انظر تفسير "الرجاء" فيما سلف من فهارس اللغة (كسب).
(6) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 9 : 174 .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
آل عمران: 151 | ﴿مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗاۖ و مَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾ |
---|
يونس: 8 | ﴿أولٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ |
---|
النور: 57 | ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ وَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ |
---|
السجدة: 20 | ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَـ مَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فلما ذكر عقابهم ذكر ثواب المطيعين فقال:ـ
يقول تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي: جمعوا بين الإيمان، والقيام بموجبه ومقتضاه من الأعمال الصالحة، المشتملة على أعمال القلوب وأعمال الجوارح، على وجه الإخلاص والمتابعة.
{يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} أي: بسبب ما معهم من الإيمان، يثيبهم الله أعظم الثواب، وهو الهداية، فيعلمهم ما ينفعهم، ويمن عليهم بالأعمال الناشئة عن الهداية، ويهديهم للنظر في آياته، ويهديهم في هذه الدار إلى الصراط المستقيم وفي الصراط المستقيم، وفي دار الجزاء إلى الصراط الموصل إلى جنات النعيم،. ولهذا قال: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} الجارية على الدوام {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} أضافها الله إلى النعيم، لاشتمالها على النعيم التام، نعيم القلب بالفرح والسرور، والبهجة والحبور، ورؤية الرحمن وسماع كلامه، والاغتباط برضاه وقربه، ولقاء الأحبة والإخوان، والتمتع بالاجتماع بهم، وسماع الأصوات المطربات، والنغمات المشجيات، والمناظر المفرحات. ونعيم البدن بأنواع المآكل والمشارب، والمناكح ونحو ذلك، مما لا تعلمه النفوس، ولا خطر ببال أحد، أو قدر أن يصفه الواصفون.
أى: آمنوا بما يجب الإيمان به، وعملوا في دنياهم الأعمال الصالحة التي ترفع درجاتهم عند ربهم.
يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ أى يرشدهم ربهم ويوصلهم بسبب إيمانهم وعملهم الصالح إلى غايتهم وهي الجنة.
وإنما لم تذكر تعويلا على ظهورها وانسياق النفس إليها، بعد أن عرف أن مأوى الكافرين النار وبئس القرار..
قال الإمام ابن كثير: يحتمل أن تكون الباء في قوله بِإِيمانِهِمْ للسببية، فيكون التقدير بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامة إلى الصراط المستقيم حتى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنة، ويحتمل أن تكون للاستعانة كما قال مجاهد: يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ:
أى: يكون إيمانهم لهم نورا يمشون به وقال ابن جريج في الآية: يمثل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة إذا قام من قبره يعارض صاحبه ويبشره بكل خير فيقول له من أنت؟ فيقول أنا عملك، فيجعل له نوره من بين يديه حتى يدخله الجنة، فذلك قوله- تعالى- يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ. والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة. وريح منتنة فيلزم صاحبه حتى يقذفه في النار..».
وقوله: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ أى: تجرى من تحت منازلهم أو مقاعدهم الأنهار، وهم آمنون مطمئنون في الجنات، يتنعمون فيها بما لا عين رأت ولا أذن سمعت. ولا خطر على قلب بشر.
وهذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ، وامتثلوا ما أمروا به ، فعملوا الصالحات ، بأنه سيهديهم بإيمانهم .
يحتمل أن تكون " الباء " هاهنا سببية فتقديره : بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامة على الصراط ، حتى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنة . ويحتمل أن تكون للاستعانة ، كما قال مجاهد في قوله : ( يهديهم ربهم بإيمانهم ) قال : [ يكون لهم نورا يمشون به ] .
وقال ابن جريج في [ قوله : ( يهديهم ربهم بإيمانهم ) قال ] : يمثل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة إذا قام من قبره ، يعارض صاحبه ويبشره بكل خير ، فيقول له : من أنت ؟ فيقول : أنا عملك . فيجعل له نورا . من بين يديه حتى يدخله الجنة ، فذلك قوله تعالى : ( يهديهم ربهم بإيمانهم ) والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيلازم صاحبه ويلازه حتى يقذفه في النار .
وروي نحوه عن قتادة مرسلا فالله أعلم .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) ، إن الذين صدَّقوا الله ورسوله ، (وعملوا الصالحات)، وذلك العمل بطاعة الله والانتهاء إلى أمره (7) ، (يهديهم ربهم بإيمانهم) ، يقول: يرشدهم ربهم بإيمانهم به إلى الجنة، كما:-
17558- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم) بلغنا أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: إن المؤمن إذا خرج من قبره صُوِّر له عمله في صورة حَسَنة فيقول له: ما أنت؟ فوالله إني لأراك امرأ صِدْقٍ! فيقول: أنا عملك! فيكون له نورًا وقائدًا إلى الجنة. وأما الكافر إذا خرج من قبره صُوِّر له عمله في صورة سيئة وشارة سيئة (8) فيقول: ما أنت ؟ فوالله إني لأراك امرأ سَوْء! فيقول: أنا عملك! فينطلق به حتى يدخله النار.
17559- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (يهديهم ربهم بإيمانهم) ، قال: يكون لهم نورًا يمشون به.
17560- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح. عن مجاهد، مثله.
17561- . . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
17562- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله ، وقال ابن جريج: (يهديهم ربهم بإيمانهم) ، قال: يَمْثُل له عمله في صورة حسنة وريحٍ طيبة، يعارِض صاحبه ويبشره بكل خير، فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك! فيجعل له نورًا من بين يديه حتى يدخله الجنة، فذلك قوله: (يهديهم ربهم بإيمانهم). والكافر يَمْثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة، فيلازم صاحبه ويُلازُّهُ حتى يقذفه في النار. (9)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: بإيمانهم ، يهديهم ربهم لدينه. يقول: بتصديقهم هَدَاهم.
* ذكر من قال ذلك:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . (10)
* * *
وقوله: (تجري من تحتهم الأنهار) ، يقول: تجري من تحت هؤلاء المؤمنين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم ، أنهار الجنة ، ( في جنات النعيم) ، يقول في بساتين النعيم ، الذي نعَّم الله به أهل طاعته والإيمان به. (11)
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل : ( تجري من تحتهم الأنهار) ، وإنما وصف جل ثناؤه أنهار الجنة في سائر القرآن أنها تجري تحت الجنات؟ وكيف يمكن الأنهار أن تجري من تحتهم ، إلا أن يكونوا فوق أرضها والأنهار تجري من تحت أرضها؟ وليس ذلك من صفة أنهار الجنة، لأن صفتها أنها تجري على وجه الأرض في غير أخاديد؟
قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبتَ، وإنما معنى ذلك: تجري من دونهم الأنهار إلى ما بين أيديهم في بساتين النعيم، وذلك نظير قول الله: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا [سورة مريم: 24]. ومعلوم أنه لم يجعل " السري" تحتها وهي عليه قاعدة ، إذ كان " السري" هو الجدول ، وإنما عني به : جعل دونها: بين يديها، وكما قال جل ثناؤه مخبرًا عن قيل فرعون، أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ، [سورة الزخرف: 51] ، بمعنى: من دوني، بين يديّ.
-------------------
الهوامش :
(7) انظر تفسير " الصالحات " فيما سلف من فهارس اللغة ( صلح ) .
(8) في المطبوعة : " وبشارة " ، والصواب ما أثبته من المخطوطة .
(9) في المطبوعة : " ويلاده" ؛ بالدال ، وأثبت في المخطوطة. " لازه يلازه ملازاة ولزازًا" قارنه ولزمه ولصق به
(10) لم يذكر شيئًا بعد قوله : " ذكر من قال ذلك " ، وفي هامش المخطوطة " كذا " ، وهو دليل على أنه سقط قديم .
(11) انظر تفسير " جنات النعيم " فيما سلف 10 : 461 ، 462 .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 277 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ |
---|
يونس: 9 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ﴾ |
---|
هود: 23 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ |
---|
الكهف: 30 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ |
---|
الكهف: 107 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا﴾ |
---|
مريم: 96 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَـٰنُ وُدًّا﴾ |
---|
لقمان: 8 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ﴾ |
---|
فصلت: 8 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ |
---|
البروج: 11 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ |
---|
البينة: 7 | ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} أي عبادتهم فيها لله، أولها تسبيح لله وتنزيه له عن النقائض، وآخرها تحميد لله، فالتكاليف سقطت عنهم في دار الجزاء، وإنما بقي لهم أكمل اللذات، الذي هو ألذ عليهم من المآكل اللذيذة، ألا وهو ذكر الله الذي تطمئن به القلوب، وتفرح به الأرواح، وهو لهم بمنزلة النَّفَس، من دون كلفة ومشقة.
{و} أما {تَحِيَّتُهُمْ} فيما بينهم عند التلاقي والتزاور، فهو السلام، أي: كلام سالم من اللغو والإثم، موصوف بأنه {سَلَامٌ} وقد قيل في تفسير قوله {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ} إلى آخر الآية، أن أهل الجنة ـ إذا احتاجوا إلى الطعام والشراب ونحوهما ـ قالوا سبحانك اللهم، فأحضر لهم في الحال.
فإذا فرغوا قالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
وقوله: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ أى: دعاؤهم في هذه الجنات يكون بقولهم:
سبحانك اللهم. فالدعوى هاهنا بمعنى الدعاء. يقال: دعا يدعو دعاء ودعوى. كما يقال:
شكا يشكو شكاية وشكوى.
ولفظ سبحان: اسم مصدر بمعنى التسبيح وهو منصوب بفعل مضمر لا يكاد يذكر معه.
ولفظ اللهم أصله يا الله، فلما استعمل دون حرف النداء الذي هو «يا» جعلت هذه الميم المشددة في آخره عوضا عن حرف النداء.
قال الإمام الرازي: «ومما يقوى أن المراد من الدعوى هنا الدعاء، أنهم قالوا: اللهم.
وهذا نداء الله- تعالى- ومعنى قولهم: سبحانك اللهم. إنا نسبحك. كقول القانت في دعاء القنوت «اللهم إياك نعبد» .
ثم قال: ويجوز أن يراد بالدعاء العبادة، ونظيره قوله- تعالى-: وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أى: وما تعبدون، فيكون معنى الآية: أنه لا عبادة لأهل الجنة إلا أن يسبحوا الله ويحمدوه، ويكون اشتغالهم بذلك الذكر لا على سبيل التكليف، بل على سبيل الابتهاج بذكر الله- تعالى-».
وقوله وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ معطوف على ما قبله. والتحية: التكرمة بالحال الجليلة، وأصلها أحياك الله حياة طيبة. والسلام: بمعنى السلامة من كل مكروه.
أى: دعاؤهم في الجنة أن يقولوا سبحانك اللهم. وتحيتهم التي يحيون بها هي السلامة من كل مكروه.
وهذه التحية تكون من الله- تعالى- لهم كما في قوله- سبحانه- تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ.
وتكون من الملائكة كما في قوله- تعالى-: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ.
وتكون منهم فيما بينهم كما يتبادر من قوله- تعالى- لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً...
وقوله: وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أى: وختام دعائهم يكون بقولهم:
الحمد لله رب العالمين.
قال الإمام القرطبي ما ملخصه: «ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن التهليل والتسبيح والحمد قد يسمى دعاء» .
روى الشيخان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض، ورب العرش الكريم» . قال الطبري: كان السلف يدعون بهذا الدعاء ويسمونه دعاء الكرب.
والذي يقطع النزاع ويثبت أن هذا يسمى دعاء، وإن لم يكن فيه من معنى الدعاء شيء، وإنما هو تعظيم لله- تعالى- وثناء عليه، ما رواه النسائي عن سعد بن أبى وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فإنه لن يدعو بها مسلم في شيء إلا استجيب له» .
ويستحب للداعي أن يقول في آخر دعائه كما قال الله- تعالى- حكاية عن أهل الجنة:
وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر لطفه ورحمته بالناس، وما جبلوا عليه من صفات وطبائع فقال- تعالى-:
وقوله : ( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) أي : هذا حال أهل الجنة .
قال ابن جريج : أخبرت أن قوله : ( دعواهم فيها سبحانك اللهم ) [ قال : إذا مر بهم الطير يشتهونه ، قالوا : سبحانك اللهم ] وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه ، فيسلم عليهم ، فيردون عليه . فذلك قوله : ( وتحيتهم فيها سلام ) قال : فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم ، فذلك قوله : ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )
وقال مقاتل بن حيان : إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم : ( سبحانك اللهم ) قال : فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم ، مع كل خادم صحفة من ذهب ، فيها طعام ليس في الأخرى ، قال : فيأكل منهن كلهن .
وقال سفيان الثوري : إذا أراد أحدهم أن يدعو بشيء قال : ( سبحانك اللهم )
وهذه الآية فيها شبه من قوله : ( تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما ) [ الأحزاب : 44 ] ، وقوله : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ) [ الواقعة : 25 ، 26 ] . وقوله : ( سلام قولا من رب رحيم ) [ يس : 58 ] . وقوله : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) [ الرعد : 23 ، 24 ] .
وقوله : ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) هذا فيه دلالة على أن الله تعالى هو المحمود أبدا ، المعبود على طول المدى ؛ ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه واستمراره ، وفي ابتداء كتابه ، وعند ابتداء تنزيله ، حيث يقول تعالى : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ) [ الكهف : 1 ] ، ( الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض ) [ الأنعام : 1 ] إلى غير ذلك من الأحوال التي يطول بسطها ، وأنه المحمود في الأول و [ في ] الآخر ، في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، في جميع الأحوال ؛ ولهذا جاء في الحديث : " إن أهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس " وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تضاعف نعم الله عليهم ، فتكرر وتعاد وتزاد ، فليس لها انقضاء ولا أمد ، فلا إله إلا هو ولا رب سواه .
وأما قوله: (دعواهم فيها سبحانك اللهم) ، فإن معناه: دعاؤهم فيها : سبحانك اللهم، (12) كما:-
17563- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرت أن قوله: (دعواهم فيها سبحانك اللهم) ، قال: إذا مرّ بهم الطيرُ يشتهونه (13)
قالوا: سبحانك اللهم! وذلك دعواهم، فيأتيهم الملك بما اشتهوا، فيسلم عليهم فيردّون عليه، فذلك قوله: ( وتحيتهم فيها سلام). قال: فإذا أكلوا حمدوا الله ربّهم، فذلك قوله: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين).
17564- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (دعواهم فيها سبحانك اللهم) ، يقول: ذلك قولهم فيها ، (وتحيتهم فيها سلام).
17565- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا عبيد الله الأشجعي قال: سمعت سفيانا يقول: (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام) ، قال: إذا أرادوا الشيء قالوا: " اللهم " ، فيأتيهم ما دَعَوا به.
* * *
وأما قوله: (سبحانك اللهم) ، فإن معناه: تنـزيها لك ، يا رب ، مما أضاف إليك أهل الشرك بك ، من الكذب عليك والفِرْية. (14)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
17566- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت أبي. عن غير واحدٍ عطيةُ فيهم: " سبحان الله " تنـزيهٌ لله.
17567- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ، حدثنا سفيان، عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: سمعت موسى بن طلحة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن " سبحان الله "، قال: إبراء الله عن السوء.
17568- حدثنا أبو كريب ، وأبو السائب ، وخلاد بن أسلم قالوا، حدثنا ابن إدريس قال ، حدثنا قابوس، عن أبيه: أن ابن الكوّاء سأل عليًّا رضي الله عنه عن " سبحان الله " ، قال: كلمة رضيها الله لنفسه.
17569- حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي قال ، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان بن سعيد الثوري ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب الطلحي، عن موسى بن طلحة قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن " سبحان الله "، فقال: تنـزيهًا لله عن السوء. (15)
17570- حدثني علي بن عيسى البزار قال ، حدثنا عبيد الله بن محمد قال ، حدثنا عبد الرحمن بن حماد قال ، حدثني حفص بن سليمان قال ، حدثنا طلحة بن يحيى بن طلحة عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير " سبحان الله " ، فقال: هو تنـزيه الله من كل سوء. (16)
17571- حدثني محمد بن عمرو بن تمام الكلبي قال ، حدثنا سليمان بن أيوب قال : حدثني أبي، عن جدي، عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله ، قول " سبحان الله "؟ قال: تنـزيه الله عن السوء. (17)
* * *
، (وتحيتهم) ، يقول: وتحية بعضهم بعضًا ، (فيها سلام)، أي : سَلِمْتَ وأمِنْتَ مما ابتُلي به أهل النار. (18)
* * *
والعرب تسمي الملك " التحية " ، ومنه قول عمرو بن معد يكرب:
أَزُورُ بِهَــا أَبَــا قَــابُوسَ حَـتَّى
أُنِيــخَ عَــلَى تَحِيَّتِــهِ بِجُــنْدِي (19)
ومنه قول زهير بن جناب الكلبي:
مِــنْ كُــلِّ مَــا نَــالَ الفَتَــى
قَــــدْ نِلْتُــــهُ إلا التَّحِيَّـــهْ
* * *
وقوله: (وآخر دعواهم) ، يقول: وآخر دعائهم (20) ، (أن الحمد لله رب العالمين) ، يقول: وآخر دعائهم أن يقولوا: الحمد لله رب العالمين " ، ولذلك خففت " أن " ولم تشدّد لأنه أريد بها الحكاية.
-------------------------
الهوامش :
(12) انظر تفسير " الدعوى " فيما سلف 12 : 303 ، 304 .
(13) في المطبوعة : " فيشتهونه " بالفاء ، وأثبت ما في المخطوطة .
(14) انظر تفسير " سبحان " فيما سلف 14 ، 213 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(15) الأثر : 17567 ، 17569 - " سفيان " بن سعيد ، هو الثوري الإمام المشهور .
و " عثمان بن عبد الله بن وهب التيمي " ، مولى آل طلحة ينسب إلى جده يقال : " عثمان بن وهب " تابعي ثقة ، روى عن ابن عمر ، وأبي هريرة ، وأم سلمة . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 155 .
و " موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي " ، تابعي ثقة ، روى عن أبيه وغيره من الصحابة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 286 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 147 .
وهو خبر مرسل ، وسيأتي موصولا في الذي يليه ، ولكنها أخبار لا يقوم إسنادها .
(16) الأثر : 17570 - " علي بن عيسى البزار " ، شيخ الطبري ، هو " علي بن عيسى بن يزيد البغدادي الكراجكي ، ثقة ، مضى برقم : 2168 .
و " عبيد الله بن محمد بن حفص التميمي ، العيشي " ، من ولد عائشة بنت طلحة ، ثقة ، مستقيم الحديث . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 335 .
و " عبد الرحمن بن حماد بن عمران بن موسى بن طلحة بن عبيد الله " ، منكر الحديث ، لا يحتج به .
مترجم في لسان الميزان 3 : 412 ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 226 ، ومي زان الاعتدال 2 : 102 .
و " حفص بن سليمان الأسدي البزار " ، ضعيف الحديث ، مضى برقم : 5753 ، 11458 .
و " طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمي " ، وثقه ابن معين وغيره ، وقال البخاري : " منكر الحديث " ، وقال في كتاب الضعفاء الصغير ص : 46 : " وليس بالقوي " ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 477 .
وأبوه : " يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمي " ، تابعي ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 2 / 283 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 160 .
وهذا خبر هالك الإسناد ، كما رأيت .
(17) الأثر : 17571 - " محمد بن عمرو بن تمام الكلبي ، المصري " ، أبو الكروس ، شيخ الطبري ، مترجم في ابن أبي حاتم 4 / 1 / 34 .
و " سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة " روى نسخة عن أبيه عن آبائه عامة ، أحاديثه لا يتابع عليها ، وروى أحاديث مناكير . وذكره ابن حبان في الثقات . مترجم من التهذيب وابن أبي حاتم 2 / 1 / 101 .
وهذا خبر ضعيف الإسناد أيضًا .
(18) انظر تفسير " التحية " فيما سلف 8 : 586 - 590 .
(19) من قصيدة طويلة له ، رواها أبو علي القالي في أماليه 3 : 147 - 150 ، واللسان ( حيا ) ، مع اختلاف في الرواية .
(20) انظر تفسير " الدعوى " فيما سلف ص : 30 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الفاتحة: 2 | ﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ |
---|
الأنعام: 45 | ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ |
---|
يونس: 10 | ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ |
---|
الصافات: 182 | ﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ |
---|
الزمر: 75 | ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ |
---|
غافر: 65 | ﴿فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ن الحمد:
وقرئ:
أن، بالتشديد، ونصب «الحمد» ، وهى قراءة عكرمة، ومجاهد، وقتادة، وابن يعمر، وبلال بن أبى بردة، وأبى مجاز، وأبى حيوة، وابن محيصن، ويعقوب.
التفسير :
وهذا من لطفه وإحسانه بعباده، أنه لو عجل لهم الشر إذا أتوا بأسبابه، وبادرهم بالعقوبة على ذلك، كما يعجل لهم الخير إذا أتوا بأسبابه {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} أي: لمحقتهم العقوبة، ولكنه تعالى يمهلهم ولا يهملهم، ويعفو عن كثير من حقوقه، فلو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة.
ويدخل في هذا، أن العبد إذا غضب على أولاده أو أهله أو ماله، ربما دعا عليهم دعوة لو قبلت منه لهلكوا، ولأضره ذلك غاية الضرر، ولكنه تعالى حليم حكيم.
وقوله: {فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} أي: لا يؤمنون بالآخرة، فلذلك لا يستعدون لها، ولا يعلمون ما ينجيهم من عذاب الله، {فِي طُغْيَانِهِمْ} أي: باطلهم، الذي جاوزوا به الحق والحد.
{يَعْمَهُونَ} يترددون حائرين، لا يهتدون السبيل، ولا يوفقون لأقوم دليل، وذلك عقوبة لهم على ظلمهم، وكفرهم بآيات الله.
قال صاحب المنار: «هاتان الآيتان في بيان شأن من شئون البشر وغرائزهم فيما يعرض لهم في حياتهم الدنيا من خير وشر، ونفع وضر، وشعورهم بالحاجة إلى الله- تعالى- واللجوء إلى دعائه لأنفسهم وعليها، واستعجالهم الأمور قبل أوانها وهو تعريض بالمشركين، وحجة على ما يأتون من شرك وما ينكرون من أمر البعث، متمم لما قبله، ولذلك عطف عليه .
وقوله: يُعَجِّلُ من التعجيل بمعنى طلب الشيء قبل وقته المحدد له والاستعجال:
طلب التعجيل بالشيء.
والأجل: الوقت المحدد لانقضاء المدة. وأجل الإنسان هو الوقت المضروب لانتهاء عمره.
والمراد بالناس هنا- عند عدد من المفسرين-: المشركون الذي وصفهم الله- تعالى- قبل ذلك بأنهم لا يرجون لقاءه ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها.
ولقد حكى القرآن في كثير من آياته، أن المشركين قد استعجلوا الرسول صلى الله عليه وسلم في نزول العذاب، ومن ذلك قوله- تعالى- وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ، وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ، وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ، وقوله- تعالى-: وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ .
والمعنى: ولو يعجل الله- تعالى- لهؤلاء المشركين العقوبة التي طلبوها، تعجيلا مثل استعجالهم الحصول على الخير لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ أى: لأميتوا وأهلكوا جميعا، ولكن الله- تعالى- الرحيم بخلقه، الحكيم في أفعاله، لا يعجل لهم العقوبة التي طلبوها كما يعجل لهم طلب الخير لحكمة هو يعلمها فقد يكون من بين هؤلاء المتعجلين للعقوبة من يدخل في الإسلام، ويتبع الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام الرازي: «فقد بين- سبحانه- في هذه الآية: أنهم لا مصلحة لهم في تعجيل إيصال الشر إليهم، لأنه- تعالى- لو أوصل ذلك العقاب إليهم لماتوا وهلكوا، ولا صلاح في إماتتهم، فربما آمنوا بعد ذلك، وربما خرج من أصلابهم من كان مؤمنا، وذلك يقتضى أن لا يعاجلهم بإيصال ذلك الشر» .
ومن العلماء من يرى أن المراد بالناس هنا ما يشمل المشركين وغيرهم، وأن الآية الكريمة تحكى لونا من ألوان لطف الله بعباده ورحمته بهم.
ومن المفسرين الذين اقتصروا على هذا الاتجاه في تفسيرهم الإمام ابن كثير، فقد قال عند تفسيره لهذه الآية: يخبر- تعالى- عن حلمه ولطفه بعباده أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم، أو أموالهم أو أولادهم بالشر في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم والحالة هذه لطفا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم أو لأولادهم بالخير والبركة والسخاء، ولهذا قال: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ.. أى لو استجاب لهم جميع ما دعوه به في ذلك لأهلكهم.
ثم قال: ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك، كما جاء في الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده عن جابر قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم» .
وقال مجاهد في تفسير هذه الآية: هو قول الإنسان لولده أو ماله إذا غضب عليه: اللهم لا تبارك فيه والعنه، فلو يعجل لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم .
أما الإمام الآلوسى فقد حكى هذين الوجهين، ورجح الأول منهما فقال: «قوله: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ ... وهم الذين لا يرجون لقاء الله- تعالى- المذكورون في قوله:
إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ... والمراد لو يعجل الله لهم الشر الذي كانوا يستعجلون به تكذيبا واستهزاء ... » ، وأخرج ابن جرير عن قتادة: أنه قال: «هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له، وفيه حمل الناس على العموم، والمختار الأول، ويؤيده ما قيل: من أن الآية نزلت في النضر بن الحارث حين قال: «اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم» «2» .
والذي يبدو لنا أن كون لفظ الناس للجنس أولى، ويدخل فيه المشركون دخولا أوليا، لأنه لا توجد قرينة تمنع من إرادة ذلك، وحتى لو صح ما قيل من أن الآية نزلت في النضر بن الحارث، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقوله اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ منصوب على المصدرية، والأصل: ولو يعجل الله للناس الشر تعجيلا مثل استعجالهم بالخير، فحذف تعجيلا وصفته المضافة، وأقيم المضاف إليه مقامها.
ثم بين- سبحانه- ما يشير إلى الحكمة في عدم تعجيل العقوبة فقال: فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ.
والطغيان: مجاوزة الحد في كل شيء، ومنه طغى الماء إذا ارتفع وتجاوز حده.
ويعمهون: من العمه، يقال: عمه- كفرح ومنع- عمها، إذا تحير وتردد فهو عمه وعامه.
أى: لا نعجل للناس ما طلبوه من عقوبات، وإنما نترك الذين لا يرجون لقاءنا إلى يوم القيامة، على سبيل الإمهال والاستدراج في الدنيا في طغيانهم يتحيرون ويترددون، بحيث تلتبس عليهم الأمور فلا يعرفون الخير من الشر.
يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده : أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم ، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك ، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفا ورحمة ، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء ؛ ولهذا قال : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ) أي : لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك ، لأهلكهم ، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك ، كما جاء في الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده :
حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا يعقوب بن محمد ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة عن عبادة بن الوليد ، حدثنا جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدعوا على أنفسكم ، لا تدعوا على أولادكم ، لا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم " .
ورواه أبو داود ، من حديث حاتم بن إسماعيل ، به .
وقال البزار : [ و ] تفرد به عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري ، لم يشاركه أحد فيه ، وهذا كقوله تعالى : ( ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا ) [ الإسراء : 11 ] .
وقال مجاهد في تفسير هذه الآية : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير ) هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه : " اللهم لا تبارك فيه والعنه " . فلو يعجل لهم الاستجابة في ذلك ، كما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: ولو يعجل الله للناس إجابةَ دعائهم في الشرّ ، وذلك فيما عليهم مضرّة في نفس أو مال ، (استعجالهم بالخير) ، يقول: كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة إذا دعوه به ، (لقضي إليهم أجلهم)، يقول: لهلكوا ، وعُجِّل لهم الموت، وهو الأجل. (21)
* * *
وعني بقوله: (لقضي) ، لفرغ إليهم من أجلهم ، (22) ونُبذ إليهم، (23) كما قال أبو ذؤيب:
وَعَلَيْهِمَــا مَسْــرُودَتَانِ قَضَاهُمَــا
دَاوُدُ , أَوْ صَنَــعُ السَّــوَابِغِ تُبَّــعُ (24)
* * *
، (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا)، يقول:
فندع الذين لا يخافون عقابنا ، ولا يوقنون بالبعث ولا بالنشور، (25) ، (في طغيانهم) ، يقول: في تمرّدهم وعتوّهم، (26) (يعمهون) يعني: يترددون. (27)
وإنما أخبر جل ثناؤه عن هؤلاء الكفرة بالبعث بما أخبر به عنهم ، من طغيانهم وترددهم فيه عند تعجيله إجابة دعائهم في الشرّ لو استجاب لهم ، أن ذلك كان يدعوهم إلى التقرُّب إلى الوثن الذي يشرك به أحدهم، أو يضيف ذلك إلى أنه من فعله.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
17572- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: قولُ الإنسان إذا غضب لولده وماله: " لا باركَ الله فيه ولعنه "!
17573- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: قولُ الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: " اللهم لا تبارك فيه والعنه "! فلو يعجّل الله الاستجابة لهم في ذلك، كما يستجاب في الخير لأهلكهم.
17574- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: " اللهم لا تبارك فيه والعنه " ، (لقضي إليهم أجلهم) قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته.
17575- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: قول الرجل لولده إذا غضب عليه أو ماله: " اللهم لا تبارك فيه والعنه "! قال الله: (لقضي إليهم أجلهم) ، قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته. قال: (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) ، قال يقول: لا نهلك أهل الشرك، ولكن نذرهم في طغيانهم يعمهون.
17576- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قوله: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير) ، قال: هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له.
17577- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (لقضي إليهم أجلهم) ، قال: لأهلكناهم. وقرأ: مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ، [سورة فاطر: 45] . قال: يهلكهم كلهم.
* * *
ونصب قوله : (استعجالهم) ، بوقوع (يعجل) عليه، كقول القائل: " قمت اليوم قيامَك " بمعنى : قمت كقيامك، وليس بمصدّرٍ من (يعجل)، لأنه لو كان مصدّرًا لم يحسن دخول " الكاف " ، أعني كاف التشبيه ، فيه. (28)
* * *
واختلفت القراء في قراءة قوله: (لقضي إليهم أجلهم) .
فقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والعراق: ( لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ )، على وجه ما لم يسمَّ فاعله ، بضم القاف من " قضي"، ورفع " الأجل ".
* * *
وقرأ عامة أهل الشأم: ( لَقَضَى إِلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ ) ، بمعنى: لقضى الله إليهم أجلهم.
* * *
قال أبو جعفر: وهما قراءتان متفقتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أني أقرؤه على وجه ما لم يسمَّ فاعله، لأن عليه أكثر القراء.
---------------------
الهوامش :
(21) انظر تفسير " الأجل " فيما سلف 13 : 290 ، تعليق : 6 ، والمراجع هناك .
(22) انظر تفسير " قضى " فيما سلف 13 : 290 ، تعليق : 6 ، والمراجع هناك .
(23) في المطبوعة : " وتبدى لهم " ، غير ما في المخطوطة إذ لم يحسن قراءته .
(24) سلف البيت وتخريجه وشرحه 2 : 542 .
(25) انظر تفسير " يذر " فيما سلف من فهارس اللغة ( وذر ) .
، وتفسير " الرجاء " فيما سلف ص : 26 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
(26) انظر تفسير " الطغيان " فيما سلف 13 : 291 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(27) انظر تفسير " العمه " فيما سلف 13 : 291 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(28) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 458 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يونس: 7 | ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾ |
---|
يونس: 11 | ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ |
---|
يونس: 15 | ﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾ |
---|
الفرقان: 21 | ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لقضى:
قرئ:
1- لقضى، مبنيا للفاعل، و «أجلهم» بالنصب، وهى قراءة ابن عامر.
2- لقضينا، وهى قراءة الأعمش.
3- لقضى، مبنيا للمفعول، و «أجلهم» بالرفع، وهى قراءة باقى السبعة.
التفسير :
وهذا إخبار عن طبيعة الإنسان من حيث هو، وأنه إذا مسه ضر، من مرض أو مصيبة اجتهد في الدعاء، وسأل الله في جميع أحواله، قائما وقاعدا ومضطجعا، وألح في الدعاء ليكشف الله عنه ضره.
{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} أي: استمر في غفلته معرضا عن ربه، كأنه ما جاءه ضره، فكشفه الله عنه، فأي ظلم أعظم من هذا الظلم؟" يطلب من الله قضاء غرضه، فإذا أناله إياه لم ينظر إلى حق ربه، وكأنه ليس عليه لله حق. وهذا تزيين من الشيطان، زين له ما كان مستهجنا مستقبحا في العقول والفطر.
{كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ} أي: المتجاوزين للحد {مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
ثم صور- سبحانه- طبيعة الإنسان في حالتي العسر واليسر فقال: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً، فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ ...
والمس: اتصال أحد الشيئين بآخر على وجه الإحساس والإصابة.
والضر: ما يصيب الإنسان من سوء الحال في نفسه أو بدنه أو غيرهما مما يحبه ويشتهيه.
والمعنى: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ عن طريق المرض أو الفقر أو غيرهما دَعانا بإلحاح وتضرع لكي نكشفه عنه، فهو تارة يدعونا وهو مضطجع على جنبه، وتارة يدعونا وهو قاعد، وتارة يدعونا وهو قائم على قدميه.
فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ وما أصابه من سوء مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ أى:
مضى واستمر في غفلته الأولى حتى لكأنه لم تنزل به كروب، ولم يسبق له أن دعانا بإلحاح لكشفها.
وخص- سبحانه- هذه الأحوال بالذكر، لعدم خلو الإنسان عنها في العادة.
وقيل: يصح أن يراد بهذه الأحوال تعميم أصناف المضار، لأنها قد تكون خفيفة فيدعو الله وهو قائم، وقد تكون متوسطة فيدعوه وهو قاعد، وقد تكون ثقيلة فيدعوه وهو نائم.
ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال عند تفسيره لهذه الآية: «فإن قلت: فما فائدة ذكر هذه الأحوال؟
قلت: معناه أن المضرور لا يزال داعيا لا يفتر عن الدعاء حتى يزول عنه الضر، فهو يدعونا في حالاته كلها، سواء أكان منبطحا عاجزا عن النهوض، أم كان قاعدا لا يقدر على القيام، أم كان قائما لا يطيق المشي.
ويجوز أن يراد أن من المضرورين من هو أشد حالا وهو صاحب الفراش، ومنهم من هو أخف، وهو القادر على القعود، ومنهم المستطيع للقيام، وكلهم لا يستغنون عن الدعاء واستدفاع البلاء، لأن الإنسان للجنس..» .
وفي التعبير بالمس إشارة إلى أن ما أصابه من ضر حتى ولو كان يسيرا فإنه لا يترك الدعاء والابتهال إلى الله بأن يكشفه عنه.
وقوله لِجَنْبِهِ في موضع الحال من فاعل دَعانا وأَوْ لتنويع الأحوال، أو لأصناف المضار.
والتعبير بقوله- سبحانه- مَرَّ يمثل أدق تصوير لطبيعة الإنسان الذي يدعو الله عند البلاء، وينساه عند الرخاء، فهو في حالة البلاء يدعو الله في كل الأحوال، فإذا ما انكشف عنه البلاء مر واندفع في تيار الحياة. بدون كابح، ولا زاجر، ولا مبالاة، وبدون توقف ليتدبر أو ليعتبر ...
ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ أى: كما زين لهذا الإنسان الدعاء عند البلاء والإعراض عند الرخاء، زين لهؤلاء المسرفين المتجاوزين لحدود الله، ما كانوا يعملونه من إعراض عن ذكره، ومن غفلة عن حكمته وعن سننه في كونه.
قال الآلوسى: «وفي الآية ذم لمن يترك الدعاء في الرخاء، ويهرع إليه في الشدة، واللائق بحال العاقل التضرع إلى مولاه في السراء والضراء، فإن ذلك أرجى للإجابة. ففي الحديث الشريف: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» .
وأخرج أبو الشيخ عن أبى الدرداء قال: ادع الله يوم سرائك يستجب لك يوم ضرائك.
وفي حديث للترمذي عن أبى هريرة ورواه الحاكم عن سلمان وقال صحيح الإسناد «من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكروب، فليكثر من الدعاء عند الرخاء» .
وقال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: «وقد ذم الله- تعالى- من هذه طريقته وصفته في الدعاء. أما من رزقه الله الهداية والسداد والتوفيق والرشاد فإنه مستثنى من ذلك، - لأنه يدعو الله في الشدة والرخاء-، وفي الحديث الشريف: «عجبا لأمر المؤمن لا يقضى الله له قضاء إلا كان خيرا له: إن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له، وإن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» .
وبعد أن بين- سبحانه- جانبا من شأنه مع الناس ومن شأنهم معه. أتبع ذلك ببيان مصير الأمم الظالمة ليكون في ذلك عبرة وعظة فقال- تعالى-:
يخبر تعالى عن الإنسان وضجره وقلقه إذا مسه الضر ، كقوله : ( وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ) [ فصلت : 51 ] أي : كثير ، وهما في معنى واحد ؛ وذلك لأنه إذا أصابته شدة قلق لها وجزع منها ، وأكثر الدعاء عند ذلك ، فدعا الله في كشفها وزوالها عنه في حال اضطجاعه وقعوده وقيامه ، وفي جميع أحواله ، فإذا فرج الله شدته وكشف كربته ، أعرض ونأى بجانبه ، وذهب كأنه ما كان به من ذاك شيء ، ( مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه )
ثم ذم تعالى من هذه صفته وطريقته فقال : ( كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ) فأما من رزقه الله الهداية والسداد والتوفيق والرشاد ، فإنه مستثنى من ذلك ، كما قال تعالى : ( إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات ) [ هود : 11 ] ، وكقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له : إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له " ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن .
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وإذا أصاب الإنسان الشدة والجهد (29) ، (دعانا لجنبه) ، يقول: استغاث بنا في كشف ذلك عنه ، ( لجنبه) ، يعني مضطجعًا لجنبه. ، (أو قاعدًا أو قائمًا) بالحال التي يكون بها عند نـزول ذلك الضرّ به ، (فلما كشفنا عنه ضره) ، يقول: فلما فرّجنا عنه الجهد الذي أصابه (30) ، (مرّ كأن لم يدعنا إلى ضر مسه) ، يقول: استمرَّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر، (31) ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء أو تناساه، وترك الشكر لربه الذي فرّج عنه ما كان قد نـزل به من البلاء حين استعاذ به، وعاد للشرك ودَعوى الآلهةِ والأوثانِ أربابًا معه. يقول تعالى ذكره: (كذلك زيّن للمسرفين ما كانوا يعملون) ، يقول: كما زُيِّن لهذا الإنسان الذي وصفنا صفتَه ، (32) استمرارُه على كفره بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضر، كذلك زُيّن للذين أسرفوا في الكذِب على الله وعلى أنبيائه، فتجاوزوا في القول فيهم إلى غير ما أذن الله لهم به، (33) ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك وبه.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
17578- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: (دعانا لجنبه) ، قال: مضطجعًا.
--------------------------
الهوامش :
(29) انظر تفسير " المس " فيما سلف 14 : 64 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك . ، وتفسير " الضر " فيما سلف من فهارس اللغة ( ضرر ) .
(30) انظر تفسير " الكشف " فيما سلف 11 : 354 / 13 : 73 .
(31) انظر تفسير " مر " فيما سلف 13 : 304 ، 305 .
(32) انظر تفسير " التزيين " فيما سلف 14 : 245 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(33) انظر تفسير " الإسراف " فيما سلف 12 : 458 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يونس: 12 | ﴿وَ إِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا﴾ |
---|
الزمر: 8 | ﴿وَ إِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ﴾ |
---|
الزمر: 49 | ﴿فَـ إِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى أنه أهلك الأمم الماضية بظلمهم وكفرهم، بعد ما جاءتهم البينات على أيدي الرسل وتبين الحق فلم ينقادوا لها ولم يؤمنوا. فأحل بهم عقابه الذي لا يرد عن كل مجرم متجرئ على محارم الله، وهذه سنته في جميع الأمم.
والخطاب في قوله: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا.. لأهل مكة الذين كانوا معاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم ومناوئين لدعوته، ويدخل فيه غيرهم ممن يصلح للخطاب على سبيل التبع.
والقرون جمع قرن. والقرن- كما يقول القرطبي- الأمة من الناس، قال الشاعر:
إذا ذهب القرن الذي كنت فيهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب
فالقرن كل عالم في عصره، مأخوذ من الاقتران، أى: عالم مقترن بعضهم إلى بعض.
وفي الحديث الشريف: «خير القرون قرني- يعنى أصحابى- ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» .
فالقرن على هذا مدة من الزمان. قيل: ستون عاما، وقيل سبعون، وقيل ثمانون، وقيل: مائة سنة، وعليه أكثر أصحاب الحديث، أن القرن مائة سنة، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن بسر: «تعيش قرنا» فعاش مائة سنة .
ولَمَّا ظرف بمعنى حين، وهو متعلق بقوله أَهْلَكْنَا.
والمعنى: ولقد أهلكنا أهل القرون السابقة عليكم يا أهل مكة. حين استمروا في ظلمهم وعنادهم، وحين أصروا على كفرهم بعد أن جاءتهم رسلهم بالدلائل الدالة على وحدانية الله، وعلى صدقهم فيها يبلغونه عن ربهم، فعليكم- أيها الغافلون- أن تثوبوا إلى رشدكم، وأن تتبعوا الحق الذي جاءكم به نبيكم كي لا يصيبكم ما أصاب الظالمين من قبلكم.
وقوله: وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ يدل على إفراط أولئك المهلكين في الظلم، وبلوغهم فيه أقصى الغايات، لأنهم مع وضوح الشواهد على صدق الرسل، استمروا في جحودهم وظلمهم.
وقوله: وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا معطوف على ظَلَمُوا. أى: أهلكنا أهل القرون السابقين عليكم حين استمروا على ظلمهم، وحين علم الله- تعالى- منهم الإصرار على الكفر، فإهلاكهم كان بسبب مجموع هذين الأمرين.
وقوله: كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ تذييل قصد به التهديد والوعيد.
أى: مثل ذلك الجزاء الأليم وهو إهلاك الظالمين، نجزى القوم المجرمين في كل زمان ومكان.
أخبر تعالى عما أحل بالقرون الماضية ، في تكذيبهم الرسل فيما جاءوهم به من البينات والحجج الواضحات
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: ولقد أهلكنا الأمم التي كذبت رسل الله من قبلكم أيها المشركون بربهم (34) ، (لما ظلموا) ، يقول: لما أشركوا وخالفوا أمر الله ونهيه (35) ، (وجاءتهم رسلهم) من عند الله، (بالبينات)، وهي الآيات والحجج التي تُبين عن صِدْق من جاء بها. (36)
ومعنى الكلام: وجاءتهم رسلهم بالآيات البينات أنها حق ، ( وما كانوا ليؤمنوا) يقول: فلم تكن هذه الأمم التي أهلكناها ليؤمنوا برسلهم ويصدِّقوهم إلى ما دعوهم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له ، ( وكذلك نجزي المجرمين) ، يقول تعالى ذكره: كما أهلكنا هذه القرون من قبلكم ، أيها المشركون ، بظلمهم أنفسَهم ، وتكذيبهم رسلهم ، وردِّهم نصيحتَهم، كذلك أفعل بكم فأهلككم كما أهلكتهم بتكذيبكم رسولكم محمدًا صلى الله عليه وسلم، وظلمكم أنفسكم بشرككم بربكم، إن أنتم لم تُنيبوا وتتوبوا إلى الله من شرككم فإن من ثواب الكافر بي على كفره عندي ، أن أهلكه بسَخَطي في الدنيا ، وأوردُه النار في الآخرة.
--------------------
الهوامش :
(34) انظر تفسير " القرون " فيما سلف 11 : 263 .
(35) انظر تفسير " الظلم " فيما سلف من فهارس اللغة ( ظلم ) .
(36) انظر تفسير " البينات " فيما سلف من فهارس اللغة ( بين ) .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المائدة: 32 | ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ |
---|
الأعراف: 37 | ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ﴾ |
---|
الأعراف: 101 | ﴿تِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيۡكَ مِنۡ أَنۢبَآئِهَاۚ وَلَقَدۡ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبۡلُۚ﴾ |
---|
يونس: 13 | ﴿وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا ٱلۡقُرُونَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُواْۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِينَ﴾ |
---|
ابراهيم: 9 | ﴿قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا يَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرَدُّوٓاْ أَيۡدِيَهُمۡ فِيٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَقَالُوٓاْ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ﴾ |
---|
الروم: 9 | ﴿وَعَمَرُوهَآ أَكۡثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ﴾ |
---|
فاطر: 25 | ﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَبِٱلزُّبُرِ وَبِٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُنِيرِ﴾ |
---|
غافر: 83 | ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ} أيها المخاطبون {خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} فإن أنتم اعتبرتم واتعظتم بمن قبلكم واتبعتم آيات الله وصدقتم رسله، نجوتم في الدنيا والآخرة.
وإن فعلتم كفعل الظالمين قبلكم، أحل بكم ما أحل بهم، ومن أنذر فقد أعذر.
وقوله- سبحانه-: ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ معطوف على قوله أَهْلَكْنَا.
والخلائف جمع خليفة. وهو كل من يخلف غيره ويأتى من بعده.
أى: ثم جعلناكم أيها المكلفون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم خلفاء في الأرض من بعد أولئك الأقوام المهلكين لنرى ونشاهد ونعلم أى عمل تعملون في خلافتكم فنجازيكم على ذلك بالجزاء المناسب الذي تقتضيه حكمتنا وإرادتنا، وكَيْفَ مفعول مطلق ل تَعْمَلُونَ لا لِنَنْظُرَ لأن الاستفهام له الصدارة، فلا يعمل فيه ما قبله.
قال الآلوسى: واستعمال النظر بمعنى العلم مجاز، حيث شبه بنظر الناظر. وعيان المعاين في تحققه. والمراد نعاملكم معاملة من يطلب العلم بأعمالكم ليجازيكم بحسبها، كقوله- تعالى- لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا .
قال قتادة: صدق الله ربنا، ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلى أعمالنا، فأروا الله من أعمالكم خيرا، بالليل والنهار.
ثم حكى- سبحانه- بعض المقترحات الفاسدة التي اقترحها المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم ورد عليها بما يبطلها فقال- تعالى-:
ثم استخلف الله هؤلاء القوم من بعدهم ، وأرسل إليهم رسولا لينظر طاعتهم له ، واتباعهم رسوله ، وفي صحيح مسلم من حديث أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " .
وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا زيد بن عوف أبو ربيعة فهد حدثنا حماد ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ؛ أن عوف بن مالك قال لأبي بكر : رأيت فيما يرى النائم كأن سببا دلي من السماء ، فانتشط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أعيد ، فانتشط أبو بكر ، ثم ذرع الناس حول المنبر ، ففضل عمر بثلاث أذرع إلى المنبر . فقال عمر : دعنا من رؤياك ، لا أرب لنا فيها ! فلما استخلف عمر قال : يا عوف ، رؤياك ! فقال : وهل لك في رؤياي من حاجة ؟ أولم تنتهرني ؟ فقال : ويحك ! إني : كرهت أن تنعى لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه ! فقص عليه الرؤيا ، حتى إذا بلغ : " ذرع الناس إلى المنبر بهذه الثلاث الأذرع " ، قال : أما إحداهن فإنه كائن خليفة . وأما الثانية فإنه لا يخاف في الله لومة لائم . وأما الثالثة فإنه شهيد . قال : فقال : يقول الله تعالى : ( ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ) فقد استخلفت يا ابن أم عمر ، فانظر كيف تعمل ؟ وأما قوله : " فإني لا أخاف في الله لومة لائم " ، فما شاء الله ! وأما قوله : [ إني ] شهيد فأنى لعمر الشهادة والمسلمون مطيفون به .
القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)
قال أبو جعفر يقول تعالى ذكره: ثم جعلناكم ، أيها الناس، خلائف من بعد هؤلاء القرون الذين أهلكناهم لما ظلموا ، تخلفونهم في الأرض، وتكونون فيها بعدهم (37) (لننظر كيف تعملون) ، يقول: لينظر ربكم أين عملكم من عمل من هلك من قبلكم من الأمم بذنوبهم وكفرهم بربهم، تحتذون مثالهم فيه، فتستحقون من العقاب ما استحقوا، أم تخالفون سبيلَهم فتؤمنون بالله ورسوله وتقرّون بالبعث بعد الممات، فتستحقون من ربكم الثواب الجزيل، كما:-
17579- حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) ، ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: صدق ربُّنا ، ما جعلنا خُلفاء إلا لينظر كيف أعمالُنا، فأرُوا الله من أعمالكم خيرًا بالليل والنهار ، والسر والعلانية.
17580- حدثني المثنى قال ، حدثنا زيد بن عوف أبو ربيعة فهد قال ، حدثنا حماد عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن عوف بن مالك رضي الله عنه قال لأبي بكر رضي الله عنه: رأيتُ فيما يرى النائم كأن سببًا دُلِّي من السماء ، فانتُشِط رسول الله صلى الله عليه وسلم، (38)
ثم دُلِّي فانتُشِط أبو بكر، ثم ذُرِع الناس حول المنبر، (39)
ففضَل عمر رضي الله عنه بثلاث أذرع إلى المنبر. فقال عمر: دعنا من رؤياك، لا أرَبَ لنا فيها ! فلما استخلف عمر قال: يا عوف ، رؤياك! قال: وهل لك في رؤياي من حاجة؟ أو لم تنتهرني! قال: ويحك ! إني كرهت أن تنعَى لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه ! فقصّ عليه الرؤيا، حتى إذا بلغ : " ذُرِع الناس إلى المنبر بهذه الثلاث الأذرع " ، قال: أمّا إحداهن ، فإنه كائن خليفةً. وأما الثانية ، فإنه لا يخاف في الله لومة لائم. وأما الثالثة ، فإنه شهيد. قال: فقال يقول الله: (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) ، فقد استخلفت يا ابن أم عمر، فانظر كيف تعمل.
وأما قوله: " فإني لا أخاف في الله لومة لائم " فما شاء الله.
وأما قوله: " فإني شهيد " فأنَّى لعمر الشهادة ، والمسلمون مُطِيفون به! ثم قال : إن الله على ما يشاء قدير. (40)
------------------------
الهوامش:
(37) انظر تفسير " الخلائف " فيما سلف 13 : 122 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(38) " انتشط " ( بالبناء للمجهول ) ، أي : انتزع ، جذب إلى السماء ورفع إليها ، من قولهم : " نشط الدلو من البئر " ، إذا نزعها وجذبها من البئر صعدا بغير بكرة .
(39) "ذرع الناس" ، أي : قدر ما بينهم وبين المنبر بالذراع . يقال: "ذرع الثوب " ، إذا قدره بالذراع.
(40) الأثر : 17580 - " زيد بن عوف القطعي " ، " أبو ربيعة " ، " فهد " ، متروك ، وقد مضى برقم : 5623 ، 14215 ، 14218 ، 14221 . وكان في المطبوعة هنا : " يزيد بن عوف ، أبو ربيعة ، بهذا " ، ومثله في تفسير ابن كثير 4 : 287 ، وهو اتفاق غريب على الخطأ ! .
وهذا الخبر ، رواه ابن سعد بغير هذا اللفظ ، بإسناد حسن في كتاب الطبقات الكبير 3 / 1 / 239 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنعام: 165 | ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ |
---|
يونس: 14 | ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ |
---|
فاطر: 39 | ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء