450103104105106107108109110111112113114115116117118119120121122123124125126

الإحصائيات

سورة الصافات
ترتيب المصحف37ترتيب النزول56
التصنيفمكيّةعدد الصفحات7.00
عدد الآيات182عدد الأجزاء0.35
عدد الأحزاب0.70عدد الأرباع2.90
ترتيب الطول28تبدأ في الجزء23
تنتهي في الجزء23عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
القسم: 1/17_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (103) الى الآية رقم (113) عدد الآيات (11)

لمَّا خضعَ إبراهيمُ وإسماعيلُ عليهما السلام لتنفيذِ أمرِ اللهِ، نادى اللهُ إبراهيمَ، وفدى إسماعيلَ بكبشٍ عظيمٍ، وبَشَّرَ بإسحاقَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (114) الى الآية رقم (122) عدد الآيات (9)

القصَّةُ الثالثةُ: قصَّةُ موسى وهارونَ عليهما السلام لمَّا نجَّاهُما اللهُ من فرعونَ، وآتاهُما التوراةَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (123) الى الآية رقم (126) عدد الآيات (4)

القصَّةُ الرابعةُ: قصَّةُ إلياسَ عليه السلام معَ قومِه الذينَ عبدُوا صنمًا يُقالُ له (بَعْل) فدعَاهُم إلى توحيدِ اللهِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الصافات

استسلم لأوامر الله حتى لو لم تدرك الحكمة منها/ عزة أولياء الله وذُل وصَغَار أعداء الله

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • رسالة سورة الصافات: استسلم لأوامر الله حتى لو لم تدرك الحكمة منها.: لذلك تأتي السورة بمثل رائع: سيدنا إبراهيم، لما طلب منه ذبح ابنه إسماعيل، فتلقى الأمر دون أي تردد أو سؤال عن الحكمة والغاية من هذا الطلب، وكأن السورة تقول لنا: سيأتيكم يا مسلمون عدد من الأوامر التي لن تفهموا الحكمة منها، فاقتدوا بسيدنا إبراهيم في تنفيذه للأوامر الربانية. مثال يوضح الأمر: إن الواحد منا يستجيب لرأي طبيبه، ويرى أنه هو الصواب، وينفذ تعليماته بكل دقة، وهو بشر لا يملك أن يضر أو ينفع إلا بإذن الله، ولا يسأله ما الحكمة من وراء هذا العلاج بالذات، بل ينفذ أوامره ويخضع لأمره دون مناقشة، ثم نفس هذا الشخص تجده يعترض على خالق الخلق، ألم يكن الأولى أن يستجيب لأوامر ربه العليم الحكيم ولو لم تظهر له حكمة الأمر؟! استسلام الأب والابن: وبالعودة لإبراهيم، فإننا نرى في قصته استسلامًا كاملًا لله تعالى، فهو قد ترك قومه وهاجر إلى الغربة في سبيل الله: ﴿وَقَالَ إِنّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبّى سَيَهْدِينِ﴾ (99)، ثم تصوّر لنا السورة اشتياقه وحاجته للولد: ﴿رَبّ هَبْ لِى مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينِ﴾ (100)، فاستجاب الله لدعائه: ﴿فَبَشَّرْنَـٰهُ بِغُلَـٰمٍ حَلِيمٍ﴾ (101). تخيل فرحة قلبه! رجل كبير عجوز مهاجر وبعيد عن بلده، تخيّل تعلّقه بهذا الولد، الذي ليس غلامًا عاديًا، بل أنه (غلام حليم)، فماذا بعد؟ نرى في الآية (102): ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ﴾، لما كبر الولد أمام عيني والده، رأى إبراهيم في منامه رؤيا صعبة: ﴿قَالَ يٰبُنَىَّ إِنّى أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ،﴾ ليس أمرًا مباشرًا من الله أو عن طريق جبريل، بل عن طريق الرؤيا، ومع ذلك لم يتذرع إبراهيم بذلك؛ لأنه يعلم أن رؤيا الأنبياء حق. ولم يطلب إبراهيم معرفة الحكمة من هذا الطلب، بل لم يسأل عنها أصلاً، لكنه قال لابنه بكل استسلام: ﴿إِنّى أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ﴾، وهذا السؤال ليس ترددًا لأنه سيذبحه أصلًا، لكن إبراهيم ذاك النبي المستسلم لله تعالى في كل أوامره، أراد أن يشارك ابنه في الأجر، فماذا قال إسماعيل؟ إن أباه تركه وهو طفل في صحراء قاحلة، ويأتي اليوم ليخبره أنه سيذبحه: ﴿قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاء ٱلله مِنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ﴾. وهنا تأتي الآية المحورية: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ (103)، وهنا يأتي سؤال: ألم يكونا مسلمين قبل هذا الطلب؟ طبعًا، لكن ﴿أَسْلَمَا﴾ هنا تصور معنى الإسلام الكامل، وهو الاستسلام لله تعالى دون أي تردد. وليس هذا غريبًا على إبراهيم عليه السلام، فهو الذي أُلقى في النار فاستسلم، وأُمر بترك زوجته وولده في مكان موحش لا أنيس فيه ولا جليس فاستسلم. مثال عكسي: استكبار الرجل الذي كان يشكك قرينه في البعث ويدعوه إلى التكذيب، فما التفت إليه بل آمن: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ (51-57).
  • • لماذا سميت السورة بالصافات؟: ما هي الصافات؟ هي الملائكة التي تصطف بين يدي الله تعالى استسلامًا له، لذلك بدأت السورة بداية رائعة بذكر هؤلاء العباد المخلصين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الصافات».
  • • معنى الاسم :: الصافات: الملائكة التي تصف في السماء للعبادة كصفوف الناس في الصلاة في الأرض، أو هم الملائكة التي تصف أجنحتها في الهواء واقفة حتى يأمرها الله بما يريد.
  • • سبب التسمية :: لافتتاحها بالقسم الإلهي بالصافات، وهم ‏الملائكة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: الخضوع لله والاستسلام له ولشرعه وأحكامه، حتى لو لم ندرك الحكمة منها.
  • • علمتني السورة :: عزة أولياء الله وذُل وصَغَار أعداء الله.
  • • علمتني السورة :: : احفظ لسانك وأفعالك، حتى لا تقف موقفًا يسوؤك بين يدي الله: ﴿وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾
  • • علمتني السورة :: أنه لا مجيب إلا الله، ولا مغيث إلا هو: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ﴾

مدارسة الآية : [103] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ

التفسير :

[103] فلما استسلما لأمر الله وانقادا له، وألقى إبراهيم ابنه على جبينه -وهو جانب الجبهة- على الأرض؛ ليذبحه.

{ فَلَمَّا أَسْلَمَا} أي:إبراهيم وابنه إسماعيل، جازما بقتل ابنه وثمرة فؤاده، امتثالا لأمر ربه، وخوفا من عقابه، والابن قد وطَّن نفسه على الصبر، وهانت عليه في طاعة ربه، ورضا والده،{ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أي:تل إبراهيم إسماعيل على جبينه، ليضجعه فيذبحه، وقد انكب لوجهه، لئلا ينظر وقت الذبح إلى وجهه.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما كان من الابن وأبيه فقال: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وأسلما: بمعنى استسلما وانقادا لأمر الله، فالفعل لازم، أو بمعنى: سلّم الذبيح نفسه وسلم الأب ابنه، فيكون متعديا والمفعول محذوف.

وقوله وَتَلَّهُ أى: صرعه وأسقطه، وأصل التل: الرمي على التّل وهو الرمل الكثيف المرتفع، ثم عمم في كل رمى ودفع، يقال: تل فلان فلانا إذا صرعه وألقاه على الأرض.

والجبين: أحد جانبي الجبهة، وللوجه جبينان، والجبهة بينهما.

أى: فلما استسلم الأب والابن لأمر الله- تعالى- وصرع الأب ابنه على شقه، وجعل جبينه على الأرض، واستعد الأب لذبح ابنه.. كان ما كان منا من رحمة بهما. ومن إكرام لهما، ومن إعلاء لقدرهما.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: أين جواب لما؟ قلت: هو محذوف تقديره: فلما أسلما وتله للجبين «وناديناه أن يا إبراهيم. قد صدقت الرؤيا» كان ما كان مما تنطق به الحال، ولا يحيط به الوصف من استبشارهما واغتباطهما، وحمدهما لله، وشكرهما على ما أنعم به عليهما من دفع البلاء العظيم بعد حلوله، وما اكتسبا في تضاعيفه من الثواب، ورضوان الله الذي ليس وراءه مطلوب...

وقد ذكروا هنا آثارا منها أن إسماعيل- عليه السلام- لما هم أبوه بذبحه قال له: يا أبت اشدد رباطى حتى لا أضطرب، واكفف عنى ثيابك حتى لا يتناثر عليها شيء من دمى فتراه أمى فتحزن، وأسرع مرّ السكين على حلقى ليكون أهون للموت على، فإذا أتيت أمى فاقرأ عليها السلام منى.. وكان ذلك عند الصخرة التي بمنى...

قال الله تعالى : ( فلما أسلما وتله للجبين ) أي : فلما تشهدا وذكرا الله تعالى إبراهيم على الذبح والولد على شهادة الموت . وقيل : ( أسلما ) ، [ يعني ] : استسلما وانقادا ; إبراهيم امتثل أمر الله ، وإسماعيل طاعة الله وأبيه . قاله مجاهد ، وعكرمة والسدي ، وقتادة ، وابن إسحاق ، وغيرهم .

ومعنى ( وتله للجبين ) أي : صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه ، ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ، ليكون أهون عليه ، قال ابن عباس ، ومجاهد وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وقتادة : ( وتله للجبين ) : أكبه على وجهه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج ويونس قالا حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عاصم الغنوي ، عن أبي الطفيل ، عن ابن عباس أنه قال : لما أمر إبراهيم بالمناسك عرض له الشيطان عند السعي ، فسابقه فسبقه إبراهيم ، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات ، وثم تله للجبين ، وعلى إسماعيل قميص أبيض ، فقال له : يا أبت ، إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غيره ، فاخلعه حتى تكفنني فيه . فعالجه ليخلعه ، فنودي من خلفه : ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ) ، فالتفت إبراهيم فإذا بكبش أبيض أقرن أعين . قال ابن عباس : لقد رأيتنا نتبع ذلك الضرب من الكباش .

وذكر تمام الحديث في " المناسك " بطوله . ثم رواه أحمد بطوله عن يونس ، عن حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، فذكر نحوه إلا أنه قال : " إسحاق " . فعن ابن عباس في تسمية الذبيح روايتان ، والأظهر عنه إسماعيل ، لما سيأتي بيانه .

وقال محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن دينار ، عن قتادة ، عن جعفر بن إياس ، عن ابن عباس في قوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : خرج عليه كبش من الجنة . قد رعى قبل ذلك أربعين خريفا ، فأرسل إبراهيم ابنه واتبع الكبش ، فأخرجه إلى الجمرة الأولى ، فرماه بسبع حصيات فأفلته عندها ، فجاء الجمرة الوسطى فأخرجه عندها ، فرماه بسبع حصيات ثم أفلته فأدركه عند الجمرة الكبرى ، فرماه بسبع حصيات فأخرجه عندها . ثم أخذه فأتى به المنحر من منى فذبحه ، فوالذي نفس ابن عباس بيده لقد كان أول الإسلام ، وإن رأس الكبش لمعلق بقرنيه في ميزاب الكعبة قد حش ، يعني : يبس .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، أخبرنا القاسم قال : اجتمع أبو هريرة وكعب ، فجعل أبو هريرة يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعل كعب يحدث عن الكتب ، فقال أبو هريرة : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن لكل نبي دعوة مستجابة ، وإني قد خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة " . فقال له كعب : أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم . قال : فداك أبي وأمي - أو : فداه أبي وأمي - أفلا أخبرك عن إبراهيم - عليه السلام - ؟ إنه لما أري ذبح ابنه إسحاق قال الشيطان : إن لم أفتن هؤلاء عند هذه لم أفتنهم أبدا . فخرج إبراهيم بابنه ليذبحه ، فذهب الشيطان فدخل على سارة ، فقال : أين ذهب إبراهيم بابنك ؟ قالت : غدا به لبعض حاجته . قال : لم يغد لحاجة ، وإنما ذهب به ليذبحه . قالت : ولم يذبحه ؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك . قالت : فقد أحسن أن يطيع ربه . فذهب الشيطان في أثرهما فقال للغلام : أين يذهب بك أبوك ؟ قال : لبعض حاجته . قال : إنه لا يذهب بك لحاجة ، ولكنه يذهب بك ليذبحك . قال : ولم يذبحني ؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك . قال : فوالله لئن كان الله أمره بذلك ليفعلن . قال : فيئس منه فلحق بإبراهيم ، فقال : أين غدوت بابنك ؟ قال لحاجة . قال : فإنك لم تغد به لحاجة ، وإنما غدوت به لتذبحه قال : ولم أذبحه ؟ قال : تزعم أن ربك أمرك بذلك . قال : فوالله لئن كان الله أمرني بذلك لأفعلن . قال : فتركه ويئس أن يطاع .

وقد رواه ابن جرير عن يونس ، عن ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، أن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي أخبره ، أن كعبا قال لأبي هريرة . . . فذكره بطوله ، وقال في آخره : وأوحى الله إلى إسحاق أني أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها . قال إسحاق : اللهم ، إني أدعو أن تستجيب لي : أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين ، لا يشرك بك شيئا ، فأدخله الجنة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي ، وبين أن أختبئ شفاعتي ، فاختبأت شفاعتي ، ورجوت أن تكفر الجم لأمتي ، ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لتعجلت فيها دعوتي ، إن الله لما فرج عن إسحاق كرب الذبح قيل له : يا إسحاق ، سل تعطه . فقال : أما والذي نفسي بيده لأتعجلنها قبل نزغات الشيطان ، اللهم من مات لا يشرك بك شيئا فاغفر له وأدخله الجنة " .

هذا حديث غريب منكر . وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف الحديث ، وأخشى أن يكون في الحديث زيادة مدرجة ، وهي قوله : " إن الله تعالى لما فرج عن إسحاق " إلى آخره ، والله أعلم . فهذا إن كان محفوظا فالأشبه أن السياق إنما هو عن " إسماعيل " ، وإنما حرفوه بإسحاق ; حسدا منهم كما تقدم ، وإلا فالمناسك والذبائح إنما محلها بمنى من أرض مكة ، حيث كان إسماعيل لا إسحاق [ عليهما السلام ] ، فإنه إنما كان ببلاد كنعان من أرض الشام .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103)

يقول تعالى ذكره: فلما أسلما أمرهما لله وفوّضاه إليه واتفقا على التسليم لأمره والرضا بقضائه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا ثابت بن محمد، وحدثنا ابن بشار، قال: ثنا مسلم بن صالح، قالا ثنا عبد الله بن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله ( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) قال: اتفقا على أمر واحد.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، قوله ( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) قال: أسلما جميعا لأمر الله ورضي الغلام بالذبح، ورضي الأب بأن يذبحه، فقال: يا أبت اقذفني للوجه كيلا تنظر إلي فترحمني، وأنظر أنا إلى الشفرة فأجزع، ولكن أدخل الشفرة من تحتي، وامض لأمر الله، فذلك قوله ( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) فلما فعل ذلك ( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ).

&; 21-76 &;

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) قال: أسلم هذا نفسه لله، وأسلم هذا ابنه لله.

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) قال: أسلما ما أمرا به.

حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) يقول: أسلما لأمر الله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) : أي سلم إبراهيم لذبحه حين أمر به وسلم ابنه للصبر عليه، حين عرف أن الله أمره بذلك فيه.

وقوله ( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) يقول: وصَرَعَه للجَبِيِن، والجبينان ما عن يمين الجبهة وعن شمالها، وللوجه جبينان، والجبهة بينهما.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو العاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) قال: وضع وجهه للأرض، قال: لا تذبحني وأنت تنظر إلى وجهي عسى أن ترحمني، ولا تجهز عليّ، اربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي للأرض.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) : أى وكبه لفيه وأخذ الشفرة ( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) حتى بلغ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، &; 21-78 &; عن أبيه، عن ابن عباس ( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) قال: أكبه على جبهته.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) قال: جبينه، قال: أخذ جبينه ليذبحه.

حدثنا ابن سنان، قال: ثنا حجاج، عن حماد، عن أبي عاصم الغَنَوِيّ عن أبي الطُّفَيل، قال: قال ابن عباس: إن إبراهيم لما أُمر بالمناسك عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه، فسبقه إبراهيم، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حَصَيَات حتى ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوُسْطَى، فرماه بسبع حَصَيَات حتى ذهب، ثم تلَّه للجَبِين، وعلى إسماعيل قَميص أبيض، فقال له: يا أبت إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غير هذا، فاخلعه حتى تكفنني فيه، فالتفت إبراهيم فإذا هو بكبش أعْيَن أبيض فذبحه، فقال ابن عباس: لقد رأيتنا نتبع هذا الضرب من الكِباش.

المعاني :

أَسْلَمَا :       اسْتَسْلَمَا لِأَمْرِ اللهِ السراج
أسلما :       استسلما و انقادا لأمره تعالى معاني القرآن
وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ :       أَلْقَاهُ عَلَى جَانِبِ جَبْهَتِهِ عَلَى الأَرْضِ السراج
تلّه للجبين :       أضجعه على جبينه على الأرض معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ عجبًا لكمال إيمانِ إبراهيمَ u! ذهب ليذبحَ ولدَه الذي تمنَّاه وأحبَّه وتعلَّق قلبُه بِه.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا﴾ دليل على أن إبراهيم وإسماعيل عليه السلام كانا في غاية التسليم لأمر الله تعالى.
وقفة
[103] نموذج إبراهيم في الصافات قمة الجرأة في نصرة الحق: ﴿أتعبدون ما تنحتون﴾ [95]، وقمة الاستسلام والخضوع لأمر الله: ﴿فلما أسلما﴾.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ حتى يكون إسلامك عظيمًا؛ أمهره بالتضحيات العظيمة.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ حين تستلم وترضى بالقدر يبدأ الفرج.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ حين نرضى بالأقدار تبدأ المحنة في الانحسار.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ قال القرطبي: «وفي الخبر أن الذبيح قال لإبراهيم عليه السلام حين أراد ذبحه: يا أبت، اشدد رباطي حتى لا أضطرب، واكفف ثيابك لئلا ينتضح عليها شيء من دمي فتراه أمي فتحزن، وأسرع مَرّ السكين على حلقي؛ ليكون الموت أهون على، واقذفني للوجه، لئلا تنظر إلى وجهي فترحمني، ولئلا أنظر إلى الشفرة فأجزع».
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ انقادا وخضعا لأمر الله تعالى؛ قال ابن عباس: «أضجعه على جبينه على الأرض والجبهة بين الجبينين».
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ إبراهيم يذبح ابنه، إن من البشر من يشابههم في جسده؛ وروحه أقرب للملائكة.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ الاستسلام لله أورثت الخلة والمجد والرفعة والخلود، كل خطوة خضوع منك لله يولد معها العز والتمكين.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ جاء في بعض الآثار أن الله لما أمر إبراهيم بذبح ابنه حضرت الملائكة من كل الأصقاع يرقبون المشهد, فالأب يعلو الابن لذبحه! اختبار صعب ونجاح فائق.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ عندما تعلَّقَ قلبُ إبراهيمَ بإسمَاعيل أمره الله بذبحِه، وعنْدما تعلقَ قلبُ يعقوبَ بيوسف أخذه منه، يبتلي الله الذين يحبهم بما يحبون؛ ليجعلهم خالصين له، اللهم لك الحمد على حبك، فنحن راضين ياألله؛ فعوضنا وزدنا حبًا وقربًا.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ حين تستسلم وترضى بالقدر يبدأ الفرج.
وقفة
[103] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ للاستقامة تبعات.
وقفة
[103] ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ التل: الصرع على الأرض، كل ما في القصة مؤلم لقلب إبراهيم؛ فلم يضطجع الابن بل والده طرحه على الأرض تنفيذًا لأمر الله.
وقفة
[103] ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ التل بذاته مؤلم للأب فكيف بإمساك الجبين؛ فضلًا عن الذبح (كمال الإيمان علامته الاستسلام).
وقفة
[103] ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ سجود الجبين لله هو الذي ربى إسماعيل على الاستسلام لله.
وقفة
[103] ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ عجبًا لكمال إيمان إبراهيم! (الجبين الذي يقبله عاطفة يذبحه استسلامًا).
وقفة
[103] ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ ألصق وجهه على الأرض لئلا تأتيه عاطفة الأبوة (العواطف عوائق عن الله).
وقفة
[103] أُمِرَ إبراهيمُ بذبح ولده: ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾، وأمر بني إسرائيل بذبح بقرة: ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: 71]؛ فانظر إلى نفسك عند أمر الله وبمن تتشبه؟!
وقفة
[103، 104] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ﴾ جواب (لَمَّا) محذوفٌ، أي استبشرا واغتبطا شكرًا لله تعالى على ما أنعم به عليهما من الفداء، أو قولهُ: (نَادَيْنَاه) والواو زائدة.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا أَسْلَما:
  • اعربت في الآية السابقة. والالف ضمير متصل-ضمير الاثنين-مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى: فلما استسلما لامر الله اي انقادا وخضعا او بمعنى اسلم هذا ابنه وهذا نفسه. وجواب «لما» محذوف تقديره: فلما أسلما كان ما كان مما تنطق به الحال من استبشارهما وحمدهما لله وشكرهما على نعمائه.
  • ﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ:
  • الواو عاطفة. تله: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. للجبين: جار ومجرور متعلق بتلّه بمعنى: وصرعه على وجهه ليذبحه اي حول وجهه للقبلة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [103] لما قبلها :     ولَمَّا خضعَ إبراهيمُ وإسماعيلُ عليهما السلام لتنفيذِ أمرِ اللهِ، ورَضِيَا بقَضائِه؛ ألقى إبراهيمُ عليه السلام ابنه على جَبينه على الأرض؛ لِيَذبَحَه، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أسلما:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- سلّما، أي فوضا، وهى قراءة عبد الله، وعلى، وابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وجعفر بن محمد، والأعمش، والثوري.
3- استسلما.

مدارسة الآية : [104] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ

التفسير :

[104] ونادينا إبراهيم في تلك الحالة العصيبة:أن يا إبراهيم،

{ وَنَادَيْنَاهُ} في تلك الحال المزعجة، والأمر المدهش:{ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ} أي:قد فعلت ما أمرت به، فإنك وطَّنت نفسك على ذلك، وفعلت كل سبب، ولم يبق إلا إمرار السكين على حلقه{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في عبادتنا، المقدمين رضانا على شهوات أنفسهم.

وقوله- سبحانه-: وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا أى: وعند ما صرع إبراهيم ابنه ليذبحه، واستسلما لأمرنا.. نادينا إبراهيم بقولنا يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا أى: قد فعلت ما أمرناك به، ونفذت ما رأيته في رؤياك تنفيذا كاملا، يدل على صدقك في إيمانك، وعلى قوة إخلاصك.

قال الجمل: فإن قلت: كيف قال الله- تعالى- لإبراهيم: قد صدقت الرؤيا وهو إنما رأى أن يذبح ابنه، وما كان تصديقها إلا لو حصل منه الذبح؟

قلت: جعله الله مصدقا لأنه بذل جهده ووسعه، وأتى بما أمكنه، وفعل ما يفعله الذابح، فأتى بالمطلوب، وهو انقيادهما لأمر الله .

وجملة «إنا كذلك نجزى المحسنين» تعليل لما قبلها. أى: فعلنا ما فعلنا من تفريج الكرب عن إبراهيم وإسماعيل، لأن سنتنا قد اقتضت أن نجازي المحسنين الجزاء الذي يرفع درجاتهم، ويفرج كرباتهم، ويكشف الهم والغم عنهم.

وقوله تعالى : ( وناديناه أن يا إبراهيم . قد صدقت الرؤيا ) أي : قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح

وذكر السدي وغيره أنه أمر السكين على رقبته فلم تقطع شيئا ، بل حال بينها وبينه صفيحة من نحاس ونودي إبراهيم - عليه السلام - عند ذلك : ( قد صدقت الرؤيا )

وقوله ( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) وهذا جواب قوله ( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) ومعنى الكلام: فلما أسلما وتلَّه للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم; وأدخلت الواو في ذلك كما أدخلت في قوله حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وقد تفعل العرب ذلك فتدخل الواو في جواب فلما، وحتى وإذا تلقيها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[104] ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ﴾ لا يريدُ اللهُ الدماءَ، ولكن يريدُ منَّا التسليمَ واليقين.
لمسة
[104] ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ﴾ ناداه الله بطريق الوحي بإرسال الملك، لكن أسند المناداة إلى الله تعالى؛ لأنه الآمر بها.
وقفة
[104، 105] ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ إن قلتَ: كيف قال: (قدْ صَدَّقتَ الرُّؤْيا) مع أنَّ تصديقها إنما يكون بالذبح ولم يوجد؟ قلتُ: معناه قد فعلتَ ما في غاية وُسْعكَ، ممَّا يفعله الذابح من إلقاء ولدك، وإمرار المُديةِ على حلقه، ولكنَّ اللهَ منعها أن تقطع، أو أنَّ الذي رآه في النوم، معالجة الذبح فقط لِإراقة الدم، وقد فعل ذلك في اليقظة فكان مصدِّقا للرؤيا.
وقفة
[104، 105] ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ بلاء الوالد فى ولده أعظم من بلاء إسماعيل فى نفسه، مع تسليم الجميع خص الأب بالذِكر ياللهفة الأبآء!

الإعراب :

  • ﴿ وَنادَيْناهُ:
  • الواو عاطفة. نادى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ أَنْ يا إِبْراهِيمُ:
  • أن: حرف تفسير لمفعول به محذوف لان المناداة فيها معنى القول. بتقدير وناديناه وقلنا له يا ابراهيم او وناديناه قائلين يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا. يا: اداة نداء. ابراهيم: منادى مبني على الضم في محل نصب. او تكون «أن» مخففة من «انّ» الثقيلة واسمها ضمير الشأن المحذوف لفظا. وعلى هذا الوجه من الاعراب تكون جملة قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا» في محل رفع خبر «أنّ» المخففة. أي أنه قد صدقت الرؤيا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [104] لما قبلها :     ولَمَّا ألقى إبراهيمُ عليه السلام ابنه على جَبينه على الأرض، واستعَد لِتَنفيذِ الذبح؛ نادى اللهُ إبراهيمَ، قال تعالى:
﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وقرئ:
بحذف «أن» .

مدارسة الآية : [105] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ ..

التفسير :

[105]قد فعلتَ ما أُمرت به وصَدَّقْتَ رؤياك، إنا كما جزيناك على تصديقك نجزي الذين أحسنوا مثلك، فنخلِّصهم من الشدائد في الدنيا والآخرة.

{ وَنَادَيْنَاهُ} في تلك الحال المزعجة، والأمر المدهش:{ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ} أي:قد فعلت ما أمرت به، فإنك وطَّنت نفسك على ذلك، وفعلت كل سبب، ولم يبق إلا إمرار السكين على حلقه{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في عبادتنا، المقدمين رضانا على شهوات أنفسهم.

وقوله - سبحانه - : ( وَنَادَيْنَاهُ أَن ياإبراهيم . قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيآ ) أى : وعندما صرع إبراهيم ابنه ليذبحه ، واستسلما لأمرنا . . نادينا إبراهيم بقولنا ( وَنَادَيْنَاهُ أَن ياإبراهيم . قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيآ ) أى : قد فعلت ما أمرناك به ، ونفذت ما رأيته فى رؤياك تنفيذا كاملا ، يدل على صدقك فى إيمانك ، وعلى قوة إخلاصك .

قال الجمل : فإن قلت : كيف قال الله - تعالى - لإبراهيم : قد صدقت الرؤيا وهو إنما رأى أن يذبح ابنه ، وما كان تصديقها إلا لو حصل منه الذبح .

قلت : جعله الله مصدقا لأنه بذل جهده ووسعه ، وأتى بما أمكنه ، وفعل ما يفعله الذابح ، فأتى بالمطلوب ، وهو انقيادها لأمر الله .

وجملة ( إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين ) تعليل لما قبلها . أى : فعلنا ما فعلنا من تفريج الكرب عن إبراهيم وإسماعيل ، لأن سنتنا قد اقتضت أن نجازى المسحنين الجزاء الذى يرفع درجاتهم ، ويفرج كرباتهم ، ويكشف الهم والغم عنهم .

وقوله : ( إنا كذلك نجزي المحسنين ) أي : هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد ، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا ، كقوله تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا . ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا ) [ الطلاق : 2 ، 3 ] .

وقد استدل بهذه الآية والقصة جماعة من علماء الأصول على صحة النسخ قبل التمكن من الفعل ، خلافا لطائفة من المعتزلة ، والدلالة من هذه ظاهرة ، لأن الله تعالى شرع لإبراهيم ذبح ولده ، ثم نسخه عنه وصرفه إلى الفداء ، وإنما كان المقصود من شرعه أولا إثابة الخليل على الصبر على ذبح ولده وعزمه على ذلك ; ولهذا قال تعالى :

ويعني بقوله ( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) التي أريناكها في منامك بأمرناك بذبح ابنك.

وقوله ( إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) يقول: إنا كما جَزَيْناك بطاعتنا يا إبراهيم، كذلك نجزى الذين أحسنوا، وأطاعوا أمرنا، وعملوا في رضانا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[105] ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ أي: قد حصل المقصود من رؤياك وإضجاعك ولدك للذبح.
وقفة
[105] ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ الدرس: لا يُرفَع قضاء إلا بالرضا به.
وقفة
[105] ﴿إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ كلُّ إحسانٍ تفعله فإنَّ للهِ عليكَ فيه منَّتَين: ١- توفيقُك له، ٢- ثوابُك عليه.
عمل
[105] ابتسم في وجه أخيك، أو ساعد جارك في حمل متاعه، أو ألقِ كلمة طيبة على زملائك، فكل هذا من الإحسان ﴿كَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ﴾.
وقفة
[103-105] ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾، ﴿إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ كلما آثرت رضوان الله على الدنيا؛ فزت برضوان الله، وأتتك الدنيا وهي راغمة.
عمل
[103-105] اعلم أن الفرج يأتي بعد الشدة والضيق، فلا تيأس، وأن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقفة
[105، 106] حتى الرؤيا قد يكون فيها ابتلاء ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا:
  • حرف تحقيق. صدقت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع فاعل. الرؤيا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الالف للتعذر بمعنى: قد حققت الرؤيا اي جعلتها صادقة بفعلك ما أمرت به في الحلم. والجملة في محل رفع خبر «أن».
  • ﴿ إِنّا:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل تفيد هنا التعليل. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسمها.
  • ﴿ كَذلِكَ:
  • الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب نائب عن المفعول المطلق-المصدر-او صفة للمصدر المحذوف. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة واللام للبعد والكاف حرف خطاب بتقدير: انا نجزي جزاء مثل ذلك.
  • ﴿ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ان».نجزي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. المحسنين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

الصافات: 80﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الصافات: 105﴿قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡيَآۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الصافات: 121﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الصافات: 131﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
المرسلات: 44﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [105] لما قبلها :     ولَمَّا نادى اللهُ إبراهيمَ عليه السلام؛ أثنى عليه أن وطَّنَ نفسه على فعل ما رآه في المنام، وفعلَ كل شيء، ولم يبق إلا إمرار السكين، هنا نهاه اللهُ عن ذبح ابنه، فقد نجحَ في الاختبار، قال تعالى:
﴿ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

صدقت:
وقرئ:
بتخفيف الدال.
الرؤيا:
وقرئ:
الريا، بكسر الراء والإدغام، وهى قراءة فياض.

مدارسة الآية : [106] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ

التفسير :

[106] إن الأمر بذبح ابنك هو الابتلاء الشاق الذي أبان عن صدق إيمانك.

{ إِنَّ هَذَا} الذي امتحنا به إبراهيم عليه السلام{ لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} أي:الواضح، الذي تبين به صفاء إبراهيم، وكمال محبته لربه وخلته، فإن إسماعيل عليه السلام لما وهبه اللّه لإبراهيم، أحبه حبا شديدا، وهو خليل الرحمن، والخلة أعلى أنواع المحبة، وهو منصب لا يقبل المشاركة ويقتضي أن تكون جميع أجزاء القلب متعلقة بالمحبوب، فلما تعلقت شعبة من شعب قلبه بابنه إسماعيل، أراد تعالى أن يصفي وُدَّه ويختبر خلته، فأمره أن يذبح من زاحم حبه حب ربه، فلما قدّم حب اللّه، وآثره على هواه، وعزم على ذبحه، وزال ما في القلب من المزاحم، بقي الذبح لا فائدة فيه، فلهذا قال:{ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ}

واسم الإشارة في قوله: إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ يعود إلى ما ابتلى الله- تعالى- نبيه إبراهيم وإسماعيل.

أى: إن هذا الذي ابتلينا به هذين النبيين الكريمين، لهو البلاء الواضح، والاختبار الظاهر، الذي به يتميز قوى الإيمان من ضعيفه، والذي لا يحتمله إلا أصحاب العزائم العالية، والقلوب السليمة، والنفوس المخلصة لله رب العالمين.

( إن هذا لهو البلاء المبين ) أي : الاختبار الواضح الجلي ; حيث أمر بذبح ولده ، فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله ، منقادا لطاعته ; ولهذا قال تعالى : ( وإبراهيم الذي وفى ) [ النجم : 37 ] .

وقوله ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ) : يقول تعالى ذكره: إن أمرنا إياك يا إبراهيم بذبح ابنك إسحاق، لهو البلاء، يقول: لهو الاختبار الذي يبين لمن فكَّرَ فيه أنه بلاء شديد ومِحْنة عظيمة. وكان ابن زيد يقول: البلاء في هذا الموضع الشرّ وليس باختبار.

&; 21-79 &;

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ابن زيد، في قوله ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ) قال: هذا فى البلاء الذي نـزل به في أن يذبح ابنه.( صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) : ابتليتَ ببلاء عظيم أمرت أن تذبح ابنك، قال: وهذا من البلاء المكروه وهو الشرّ وليس من بلاء الاختبار.

المعاني :

الْبَلَاءُ الْمُبِينُ :       الاِخْتِبَارُ الشَّاقُّ الَّذِي أَبَانَ عَنْ صِدْقِ إِيمَانِهِ السراج
البلاء المبين :       الإختبار البيّن. أو المحنة البيّـنة معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[106] ﴿إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ هو خليل الرحمن، والخلة أعلى أنواع المحبة، وهو منصب لا يقبل المشاركة، ويقتضي أن تكون جميع أجزاء القلب متعلقة بالمحبوب، فلما تعلقت شعبة من شعب قلبه بابنه إسماعيل أراد تعالى أن يصفي وُدَّه، ويختبر خلته، فأمره أن يذبح مَن زاحم حبُّه حب ربه، فلما قدم حب الله، وآثره على هواه، وعزم على ذبحه، وزال ما في القلب من المزاحم، بقي الذبح لا فائدة فيه.
وقفة
[106] ﴿إِنَّ هذا لَهُوَ البَلاءُ المُبينُ﴾ وليس أى بلاء! بل أوامر إلهية ليذبح ابنه، أى يقين هذا؟! اللهم ارزقنا يقينًا كيقين الأنبياء.
وقفة
[106] ﴿إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ البعض يبتلى بمعصية ويقول: (صعبٌ عليّ تركها)، إبراهيم يبتلى بقتل ابنه بيده فيستجيب.
وقفة
[106] ﴿إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ هذا أعظم بلاء جاء في القرآن الكريم، وصف بالبيِّن ذلك لمّا أمر الله تعالى خليله إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه وفلذة كبده.
لمسة
[106] ﴿بلاء من ربكم عظيم﴾ [البقرة: 49] في سياق ذبح الأبناء واستحياء النساء من فرعون لبني إسرائيل، ولا ريب أنه بلاء عظيم، لكن أعظم منه قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾ وذلك في سياق ذبح إبراهيم لابنه، ولهذا جاءت مؤكدات كثيرة: (إن)، (اللام)، (هو) ضمير فصل للتوكيد، (أل) للاستغراق.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ هذا لَهُوَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» واللام لام التوكيد-المزحلقة-.هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ الْبَلاءُ الْمُبِينُ:
  • خبر «هو» مرفوع بالضمة. المبين: صفة-نعت-للبلاء مرفوعة مثلها بالضمة. والجملة الاسمية لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ» في محل رفع خبر «ان» وكتبت الكلمة بواو قبل الهمزة على لغة او لفظ‍ من يفخم الالف قبل الهمزة فيميلها الى الواو.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [106] لما قبلها :     ولَمَّا نجحَ إبراهيمُ عليه السلام في الاختبار؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن عملية ذبح الابن البار المطيع على يد أبيه، لا تعدُّ عملية سهلة وبسيطة، بالنسبة لأب انتظر فترة طويلة كي يرزقه الله بهذا الابن، قال تعالى:
﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [107] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ

التفسير :

[107] واستنقذنا إسماعيل، فجعلنا بديلاً عنه كبشاً عظيماً.

[ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} أي:صار بدله ذبح من الغنم عظيم، ذبحه إبراهيم، فكان عظيما من جهة أنه كان فداء لإسماعيل، ومن جهة أنه من جملة العبادات الجليلة، ومن جهة أنه كان قربانا وسنة إلى يوم القيامة.

ثم بين- سبحانه- مظاهر فضله على هذين النبيين الكريمين فقال: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ والذبح بمعنى المذبوح فهو مصدر بمعنى اسم المفعول كالطحن بمعنى المطحون.

أى: وفدينا إسماعيل- عليه السلام- بمذبوح عظيم في هيئته، وفي قدره، لأنه من عندنا، وليس من عند غيرنا.

قيل: افتداه الله- تعالى- بكبش أبيض، أقرن، عظيم القدر.

وقوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن علي ، رضي الله عنه : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : بكبش أبيض أعين أقرن ، قد ربط بسمرة - قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير

وقال الثوري أيضا ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار ، حدثنا داود العطار ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء ابنه ، هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء ، فذبحه ، وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه ، فكان مخزونا حتى فدي به إسحاق .

وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال : كان الكبش يرتع في الجنة حتى تشقق عنه ثبير ، وكان عليه عهن أحمر .

وعن الحسن البصري : أنه كان اسم كبش إبراهيم : جرير .

وقال ابن جريج : قال عبيد بن عمير : ذبحه بالمقام . وقال مجاهد : ذبحه بمنى عند المنحر . وقال هشيم ، عن سيار ، عن عكرمة ; أن ابن عباس كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه ، فأمره بمائة من الإبل . ثم قال بعد ذلك : لو كنت أفتيته بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا ، فإن الله تعالى قال في كتابه : ( وفديناه بذبح عظيم ) والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه فدي بكبش . وقال الثوري ، عن رجل ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : وعل .

وقال محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن أنه كان يقول : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى ، أهبط عليه من ثبير .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، حدثنا منصور ، عن خاله مسافع ، عن صفية بنت شيبة قالت : أخبرتني امرأة من بني سليم - ولدت عامة أهل دارنا - أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن طلحة - وقال مرة : إنها سألت عثمان : لم دعاك النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : قال : " إني كنت رأيت قرني الكبش ، حين دخلت البيت ، فنسيت أن آمرك أن تخمرهما ، فخمرهما ، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي " . قال سفيان : لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت ، فاحترقا .

وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل - عليه السلام - فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل ، إلى أن بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - .

فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو ؟ :

ذكر من قال : هو إسحاق [ عليه السلام ] :

قال حمزة الزيات ، عن أبي ميسرة ، رحمه الله ، قال : قال يوسف - عليه السلام - للملك في وجهه : ترغب أن تأكل معي ، وأنا - والله - يوسف بن يعقوب نبي الله ، ابن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله .

وقال الثوري ، عن أبي سنان ، عن ابن أبي الهذيل : إن يوسف - عليه السلام - قال للملك كذلك أيضا .

وقال سفيان الثوري ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه قال : " قال موسى : يا رب ، يقولون : يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فبم قالوا ذلك ؟ قال : إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه . وإن إسحاق جاد لي بالذبح ، وهو بغير ذلك أجود . وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن " .

وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص قال : افتخر رجل عند ابن مسعود فقال : أنا فلان بن فلان ، ابن الأشياخ الكرام . فقال عبد الله : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله [ صلوات الله وسلامه عليهم ] .

وهذا صحيح إلى ابن مسعود ، وكذا روى عكرمة ، عن ابن عباس أنه إسحاق . وعن أبيه العباس ، وعلي بن أبي طالب مثل ذلك . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وعبيد بن عمير ، وأبو ميسرة ، وزيد بن أسلم ، وعبد الله بن شقيق ، والزهري ، والقاسم بن أبي بزة ، ومكحول ، وعثمان بن حاضر ، والسدي ، والحسن ، وقتادة ، وأبو الهذيل ، وابن سابط . وهو اختيار ابن جرير . وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق .

وهكذا روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر ، عن الزهري ، عن أبي سفيان بن العلاء ، بن جارية ، عن أبي هريرة ، عن كعب الأحبار ، أنه قال : هو إسحاق .

وهذه الأقوال - والله أعلم - كلها مأخوذة عن كعب الأحبار ، فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر ، رضي الله عنه عن كتبه ، فربما استمع له عمر - رضي الله عنه - فترخص الناس في استماع ما عنده ، ونقلوا عنه غثها وسمينها ، وليس لهذه الأمة - والله أعلم - حاجة إلى حرف واحد مما عنده . وقد حكى البغوي هذا القول بأنه إسحاق عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، والعباس ، ومن التابعين عن كعب الأحبار ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومسروق ، وعكرمة ، ومقاتل ، وعطاء ، والزهري ، والسدي - قال : وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس . وقد ورد في ذلك حديث - لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ، ولكن لم يصح سنده - قال ابن جرير :

حدثنا أبو كريب ، حدثنا زيد بن حباب ، عن الحسن بن دينار ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكره قال : هو إسحاق .

ففي إسناده ضعيفان ، وهما الحسن بن دينار البصري ، متروك . وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث . وقد رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، به مرفوعا . . ثم قال : قد رواه مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن الأحنف ، عن العباس قوله ، وهذا أشبه وأصح .

[ ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل - عليه السلام - وهو الصحيح المقطوع به ] .

قد تقدمت الرواية عن ابن عباس أنه إسحاق . قال سعيد بن جبير ، وعامر الشعبي ، ويوسف بن مهران ، ومجاهد ، وعطاء ، وغير واحد ، عن ابن عباس ، هو إسماعيل - عليه السلام - .

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن قيس ، عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل - عليه السلام - وزعمت اليهود أنه إسحاق ، وكذبت اليهود .

وقال إسرائيل ، عن ثور ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : الذبيح إسماعيل .

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : هو إسماعيل . وكذا قال يوسف بن مهران .

وقال الشعبي : هو إسماعيل - عليه السلام - وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة .

وقال محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن دينار ، وعمرو بن عبيد ، عن الحسن البصري : أنه كان لا يشك في ذلك : أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل .

قال ابن إسحاق : وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل . وإنا لنجد ذلك في كتاب الله ، وذلك أن الله حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) . يقول الله تعالى : ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) ، يقول بابن وابن ابن ، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من [ الله ] الموعد بما وعده ، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل .

وقال ابن إسحاق ، عن بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي ، عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم ; أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كان معه بالشام ، فقال له عمر : إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه ، وإني لأراه كما قلت . ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام ، كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه ، وكان يرى أنه من علمائهم ، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك - قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز - فقال له عمر : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم بذلك ، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب ، على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه ، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ، ويزعمون أنه إسحاق ، بكون إسحاق أبوهم ، والله أعلم أيهما كان ، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله - عز وجل - .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : سألت أبي عن الذبيح ، من هو ؟ إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل . ذكره في كتاب الزهد .

وقال ابن أبي حاتم : وسمعت أبي يقول : الصحيح أن الذبيح إسماعيل - عليه السلام - . قال : وروي عن علي ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وأبي الطفيل ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد ، والشعبي ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبي جعفر محمد بن علي ، وأبي صالح أنهم قالوا : الذبيح إسماعيل .

وقال البغوي في تفسيره : وإليه ذهب عبد الله بن عمر ، وسعيد بن المسيب ، والسدي ، والحسن البصري ، ومجاهد ، والربيع بن أنس ، ومحمد بن كعب القرظي ، والكلبي ، وهو رواية عن ابن عباس ، وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء .

وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال : حدثني محمد بن عمار الرازي ، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابي ، عن عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - عن أبيه : حدثني عبد الله بن سعيد ، عن الصنابحي قال : كنا عند معاوية بن أبي سفيان ، فذكروا الذبيح : إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال على الخبير سقطتم ، كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ، عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل له : يا أمير المؤمنين ، وما الذبيحان ؟ فقال : إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها عليه ، ليذبحن أحد ولده ، قال : فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا : افد ابنك بمائة من الإبل . ففداه بمائة من الإبل ، وإسماعيل الثاني .

وهذا حديث غريب جدا . وقد رواه الأموي في مغازيه : حدثنا بعض أصحابنا ، أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحمن القرشي ، حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا الصنابحي قال : حضرنا مجلس معاوية ، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ، وذكره . كذا كتبته من نسخة مغلوطة .

وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى : ( فبشرناه بغلام حليم ) ، فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله : ( وبشروه بغلام عليم ) [ الذاريات : 28 ] . وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي ، أي العمل . ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا . قال : وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد الشام . قال : وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك . هذا ما اعتمد عليه في تفسيره ، وليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم ، بل هو بعيد جدا ، والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)

وقوله ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) يقول: وفدينا إسحاق بذبح عظيم، والفدية: الجزاء، يقول: جزيناه بأن جعلنا مكان ذبحه ذبح كبش عظيم، وأنقذناه من الذبح.

واختلف أهل التأويل، في المفديّ من الذبح من ابني إبراهيم، فقال بعضهم: هو إسحاق.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا ابن يمان، عن مبارك، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: هو إسحاق.

حدثني الحسين بن يزيد بن إسحاق، قال: ثنا ابن إدريس، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الذي أُمِر بذبحه إبراهيم هو إسحاق.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: هو إسحاق.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن داود، عن عكرمة، قال: &; 21-80 &; قال ابن عباس: الذبيح إسحاق.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا زيد بن حباب، عن الحسن بن دينار، عن عليّ بن زيد بن جُدْعان، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث ذكره، قال: " هو إسحاق " .

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، قال: افتخر رجل عند ابن مسعود، فقال: أنا فلان بن فلان ابن الأشياخ الكرام، فقال عبد الله: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا إبراهيم بن المختار، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن الزهري، عن العلاء بن حارثة الثقفي، عن أبي هريرة، عن كعب في قوله ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: من ابنه إسحاق.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا زكريا وشعبة، عن ابن إسحاق، عن مسروق، في قوله ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: هو إسحاق.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عبيد بن عمير، قال: هو إسحاق.

حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمير قال: ( قال موسى: يا ربّ يقولون يا إله &; 21-81 &; إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فبم قالوا ذلك؟ قال: إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا قطّ إلا اختارني عليه، وإن إسحاق جاد لي بالذبح، وهو بغير ذلك أجود، وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظنّ ).

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، قال: قال موسى: أي ربّ بم أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما أعطيتهم؟ فذكر معنى حديث عمرو بن عليّ.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن أبي سنان الشيباني، عن ابن أبي الهذيل، قال: الذبيح هو إسحاق.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا يونس، عن ابن شهاب أن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن حارثة الثقفي، أخبره أن كعبا قال لأبي هريرة: ألا أخبرك عن إسحاق بن إبراهيم النبيّ؟ قال أبو هريرة: بلى، قال كعب: لما رأى إبراهيم ذبح إسحاق ، قال الشيطان: والله لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم لا أفتن أحدا منهم أبدا، فتمثل الشيطان لهم رجلا يعرفونه، فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارَة امرأة إبراهيم، فقال لها: أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق ؟ قالت سارَة: غدا لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله ما لذلك غدا به، قالت سارَة: فَلِمَ غدا به؟ قال: غدا به ليذبحه! قالت سارَة: ليس من ذلك شيء، لم يكن ليذبح ابنه! قال الشيطان: بلى والله! قالت سارَة: فلم يذبحه؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك; قالت سارَة: فهذا أحسن بأن يطيع ربه إن كان أمره بذلك. فخرج الشيطان من عند سارَة حتى أدرك إسحاق وهو يمشي على إثر أبيه، فقال: أين أصبح أبوك غاديا بك ؟ قال: غدا بي لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله ما غدا بك لبعض حاجته، ولكن غدا بك ليذبحك، قال إسحاق: ما كان أبي ليذبحني! قال: بلى; قال: لِمَ ؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك; قال إسحاق: فوالله لئن أمره بذلك ليطيعنَّه، قال: فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم، فقال: أين أصبحت غاديا بابنك؟ قال: غدوت به لبعض حاجتي، قال: أما والله ما غدوت به إلا لتذبحه، قال: لِمَ أذبحه؟ قال: زعمت أن ربك أمرك بذلك; قال: الله فوالله لئن كان أمرني بذلك ربي لأفعلنّ; قال: فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسَلَّم إسحاق، أعفاه الله وفداه بذبح عظيم، قال إبراهيم لإسحاق: قم أي بنيّ، فإن الله قد أعفاك; وأوحى الله إلى إسحاق: إني قد أعطيتك دعوة أستجيب &; 21-82 &; لك فيها; قال، قال إسحاق: اللهمّ إني أدعوك أن تستجيب لي، أيما عبد لقيك من الأوّلين والآخرين لا يُشرك بك شيئا، فأدخله الجنة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن مسلم الزهري، عن أبي سفيان بن العلاء بن حارثة الثقفي، حليف بني زُهرة، عن أبي هريرة، عن كعب الأحبار أن الذي أُمِر إبراهيم بذبحه من ابنيه إسحاق، وأن الله لما فرج له ولابنه من البلاء العظيم الذي كان فيه، قال الله لإسحاق: إني قد أعطيتك بصبرك لأمري دعوة أعطيك فيها ما سألت، فسلني، قال: ربّ أسألك أن لا تعذّب عبدا من عبادك لقيك وهو يؤمن بك، فكانت تلك مسألته التي سأل.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا إسرائيل، عن جابر، عن ابن سابط، قال: هو إسحاق.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا سفيان بن عُقْبة، عن حمزة الزيات، عن أبي ميسرة، قال: قال يوسف للملِك في وجهه: ترغب أن تأكل معي، وأنا والله يوسف بن يعقوب نبيّ الله، ابن إسحاق ذبيح الله، ابن إبراهيم خليل الله.

قال: ثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبى سنان، عن ابن أبي الهُذَيل، قال: قال يوسف للملِك، فذكر نحوه.

وقال آخرون: الذي فُدِي بالذبح العظيم من بني إبراهيم: إسماعيل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قالا ثنا يحيى بن يمان، عن إسرائيل، عن ثور، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: الذبيح: إسماعيل.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سفيان، قال: ثني بيان، عن الشعبيّ، عن ابن عباس ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: إسماعيل.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو حمزة، عن محمد بن ميمون السكريّ، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال: إن الذي أمر بذبحه إبراهيم إسماعيلُ.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن عليّ بن زيد، عن عمار، مولى بني هاشم، أو عن يوسف بن مِهْران، عن ابن عباس، قال: هو إسماعيل، يعني ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ).

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: ثنا داود، عن الشعبيّ، قال: قال ابن عباس: هو إسماعيل.

وحدثني به يعقوب مرّة أخرى، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: سئل داود بن أبي هند: أيّ ابني إبراهيم الذي أُمِر بذبحه؟ فزعم أن الشعبي قال: قال ابن عباس: هو إسماعيل.

حدثنا ابن المثني، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن بيان، عن الشعبيّ، عن ابن عباس أنه قال في الذي فداه الله بذبح عظيم قال: هو إسماعيل.

حدثنا يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، قوله ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: هو إسماعيل.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عمر بن قيس، عن عطاء بن أبي رَباح، عن عبد الله بن عباس أنه قال: المَفْدِيّ إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود.

حدثنا محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا أبو عاصم، عن مبارك، عن عليّ بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس: الذي فداه الله هو إسماعيل.

حدثنا ابن سنان القزّاز، قال: ثنا حجاج بن حماد، عن أبي عاصم &; 21-84 &; الغنوي، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس، مثله.

حدثني إسحاق بن شاهين، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن داود، عن عامر، قال: الذي أراد إبراهيم ذبحه: إسماعيل.

حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عامر أنه قال في هذه الآية ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: هو إسماعيل، قال: وكان قَرْنا الكبش مَنُوطَيْن بالكعبة.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن إسرائيل، عن جابر، عن الشعبي، قال: الذبيح إسماعيل.

قال: ثنا ابن يمان، عن إسرائيل، عن جابر، عن الشعبي، قال: رأيت قرني الكبش في الكعبة.

قال: ثنا ابن يمان، عن مبارك بن فضالة، عن عليّ بن زيد بن جُدْعان، عن يوسف بن مهران، قال: هو إسماعيل.

قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: هو إسماعيل.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا عوف، عن الحسن ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: هو إسماعيل.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: سمعت محمد بن كعب القُرَظِيّ وهو يقول: إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من بنيه إسماعيل، وإنا لنجد ذلك في كتاب الله في قصة الخبر عن إبراهيم وما أُمر به من ذبح ابنه إسماعيل، وذلك أن الله يقول، حين فرغ من قصة المذبوح من إبراهيم، قال: وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ يقول: بشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، يقول: بابن وابن ابن، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الله الموعود ما وعده الله، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد، عن الحسن البصري أنه كان لا يشك في ذلك أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم: إسماعيل.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق: سمعت محمد بن كعب القُرَظِيّ يقول ذلك كثيرا.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن بريدة بن سفيان بن فَرْوة الأسلمي عن محمد بن كعب القُرَظِيّ، أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة، إذ كان معه بالشام فقال له عمر: إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما هو; ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا، فأسلم فحسُن إسلامه، وكان يرى أنه من علماء يهود، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك، فقال محمد بن كعب: وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر: أيّ ابني إبراهيم أُمِر بذبحه؟ فقال: إسماعيل والله يا أمير المؤمنين، وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسُدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق، لأن إسحاق أبوهم، فالله أعلم أيهما كان، كل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لربه.

حدثني محمد بن عمار الرازي، قال: ثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، قال: ثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابيّ، عن عبيد بن محمد العُتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان، عن أبيه، قال: ثني عبد الله بن سعيد، عن الصّنَابحي، قال: كنا عند معاوية بن أبي سفيان، فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق، فقال: على الخبير سقطتم: ( كنا عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاءه رجل، فقال: يا رسول الله عُدّ عليّ مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين; فضحك عليه الصلاة &; 21-86 &; والسلام ; فقلنا له: يا أمير المؤمنين، وما الذبيحان؟ فقال: إن عبد المطلب لما أُمِر بحفْر زمزم، نذر لله لئن سَهُل عليه أمرها ليذبحنّ أحد ولده، قال: فخرج السهم على عبد الله، فمنعه أخواله، وقالوا: افْدِ ابنك بمئة من الإبل، ففداه بمئة من الإبل، وإسماعيل الثاني ) .

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا ابن جريج، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: الذي فُدِيَ به إسماعيل، ويعني تعالى ذكره الكبش الذي فُدِيَ به إسحاق، والعرب تقول لكلّ ما أُعِدّ للذبح ذِبْح، وأما الذَّبح بفتح الذال فهو الفعل.

قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب في المَفْديّ من ابني إبراهيم خليل الرحمن على ظاهر التنـزيل قول من قال: هو إسحاق، لأن الله قال: ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) فذكر أنه فدَى الغلامَ الحليمَ الذي بُشِّر به إبراهيم حين سأله أن يهب له ولدًا صالحًا من الصالحين، فقال: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فإذ كان المفدِيّ بالذبح من ابنيه هو المبشَّر به، وكان الله تبارك اسمه قد بين في كتابه أن الذي بُشِّر به هو إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فقال جل ثناؤه: فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ وكان في كل موضع من القرآن ذكر تبشيره إياه بولد، فإنما هو معنيّ به إسحاق، كان بيَّنا أن تبشيره إياه بقوله فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ في هذا الموضع نحو سائر أخباره في غيره من آيات القرآن.

وبعد: فإن الله أخبر جل ثناؤه في هذه الآية عن خليله أنه بشَّره بالغلام الحليم عن مسألته إياه أن يهب له من الصالحين، ومعلوم أنه لم يسأله ذلك إلا في حال لم يكن له فيه ولد من الصالحين، لأنه لم يكن له من ابنيه إلا إمام الصالحين، وغير موهم منه أن يكون سأل ربه في هبة ما قد كان أعطاه ووهبه له. فإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أن الذي ذكر تعالى ذكره في هذا الموضع هو الذي ذكر في سائر القرآن أنه بشَّره به وذلك لا شك أنه إسحاق، إذ كان المفديّ هو المبشَّر به. وأما الذي اعتلّ به من اعتلّ في أنه إسماعيل، أن الله قد كان وعد إبراهيم أن يكون له من إسحاق ابن ابن، فلم يكن جائزا أن يأمره بذبحه مع الوعد الذي قد تقدم; فإن الله إنما أمره بذبحه بعد أن بلغ معه السعي، وتلك حال غير ممكن أن يكون قد وُلد لإسحاق فيها أولاد، فكيف الواحد؟ وأما اعتلال من اعتل بأن الله أتبع قصة المفديّ من ولد إبراهيم بقوله وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا ولو كان المفديّ هو إسحاق لم يبشَّر به بعد، وقد ولد، وبلغ معه السعي، فإن البشارة بنبوة إسحاق من الله فيما جاءت به الأخبار جاءت إبراهيم وإسحاق بعد أن فُدِي تكرمة من الله له على صبره لأمر ربه فيما امتحنه به من الذبح، وقد تقدمت الرواية قبلُ عمن قال ذلك. وأما اعتلال من اعتلّ بأن قرن الكبش كان معلقا في الكعبة فغير مستحيل أن يكون حُمل من الشام إلى الكعبة. وقد رُوي عن جماعة من أهل العلم أن إبراهيم إنما أمر بذبح ابنه إسحاق بالشام، وبها أراد ذبحه.

اختلف أهل العلم في الذِّبح الذي فُدِي به إسحاق، فقال بعضهم: كان كبشا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن جابر، عن أبي الطفيل، عن عليّ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: كبش أبيض أقرن أعين مربوط بسَمُرَة في ثَبِير.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: كبش قال عبيد بن عمير: ذُبِح بالمَقام، وقال مجاهد: ذبح بمنًى في المَنْحَر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن خثيم، عن سعيد، عن ابن عباس قال: الكبش الذي ذبحه إبراهيم هو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا سيار، عن عكرمة، أن ابن عباس كان أفتى الذي جعل عليه أن ينحر نفسه، فأمره بمئة من الإبل، قال: فقال ابن عباس بعد ذلك: لو كنت أفتيته بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا، فإن الله قال في كتابه: ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) .

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: ذبح كبش.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: قال ابن عباس: التفتَ فإذا كبش، فأخذه فذبحه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جُبَير ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: كان الكبش الذي ذبحه إبراهيم رعى في الجنة أربعين سنة، وكان كبشا أملح، صوفه مثل العِهْنِ الأحمر.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: بكبش.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا ليث، قال مجاهد: الذبح العظيم: شاة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: وثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله ( بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: بكبش.

* وحدثنا الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا شريك، عن ليث، عن مجاهد ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: الذِّبح: الكبش.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: التفت، يعني ابراهيم، فإذا بكبش، فأخذه وخلَّى عن ابنه.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: الذبح العظيم: الكبش الذي فدى الله به إسحاق.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن قتادة بن دِعامة، عن جعفر بن إياس، عن عبد الله بن العباس، في قوله ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: خرج عليه كبش من الجنة قد رعاها قبل ذلك أربعين خريفا، فأرسل إبراهيم ابنه واتبع الكبش، فأخرجه إلى الجمرة الأولى فرمي بسبع حصيات، فأفلته عنده، فجاء الجمرة الوسطى، فأخرجه عندها، فرماه بسبع حصيات، ثم أفلته فأدركه عند الجمرة الكبرى، فرماه بسبع حصيات، فأخرجه عندها، ثم أخذه فأتى به المنحر من مِنَى، فذبحه; فوالذي نفس ابن عباس بيده، لقد كان أوّل الإسلام، وإن رأس الكبش لمعلق بقرنيه عند ميزاب الكعبة قد حُشّ، يعني يبس.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال ابن إسحاق: ويزعم أهل الكتاب الأول وكثير من العلماء أن ذبيحة إبراهيم التي فدى بها ابنه كبش أملح اقرن أعين.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن جويبر، عن الضحاك في قوله ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: بكبش.

وقال آخرون: كان الذبح وعلا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن رجل، عن أبي صالح، عن ابن عباس ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: كان وَعِلا.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن أنه كان يقول: ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأرويّ أهبط عليه من ثبير.

واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل للذِّبح الذي فدي &; 21-90 &; به إسحاق عظيم، فقال بعضهم: قيل ذلك كذلك، لأنه كان رَعَى في الجنة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: رعى في الجنة أربعين خريفا.

وقال آخرون: قيل له عظيم، لأنه كان ذِبْحًا متقبَّلا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن مجاهد، ( عَظِيمٌ ) قال: متقبَّل.

حدثنا الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا شريك، عن ليث، عن مجاهد في ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: العظيم: المتقبل.

وقال آخرون: قيل له عظيم، لأنه ذِبْح ذُبِحَ بالحقّ، وذلك ذبحه بدين إبراهيم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن أنه كان يقول: ما يقول الله ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) لذبيحته التي ذبح فقط، ولكنه الذَّبح على دينه، فتلك السُّنَّة إلى يوم القيامة، فاعلموا أن الذبيحة تدفع مِيتة السُّوء، فضحُّوا عباد الله.

قال أبو جعفر: ولا قول في ذلك أصح مما قال الله جلّ ثناؤه، وهو أن يقال: فداه الله بذِبح عظيم، وذلك أن الله عم وصفه إياه بالعظم دون تخصيصه، فهو كما عمه به.

المعاني :

وَفَدَيْنَاهُ :       جَعَلْنَا بَدِيلًا عَنْهُ السراج
بِذِبْحٍ :       بِكَبْشٍ السراج
بذِبْح :       بكبشٍ يُذبح معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[107] ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ كان عظيمًا من جهة أنه كان فداءً لإسماعيل، ومن جهة أنه من جملة العبادات الجليلة، ومن جهة أنه كان قربانًا وسُنَّة إلى يوم القيامة.
وقفة
[107] ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ كانت ثواب الصبر على البلاء أن خلصه الله من الذبح، وفداه بكبش عظيم، ثم أكرمه فوق الولد بولد آخر: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ﴾ [الأنعام: 84].
وقفة
[107] ﴿وَفَدَيناهُ بِذِبحٍ عَظيمٍ﴾ عندما تعمل مخلصًا لله؛ يكون الجزاء فوق ما تتخيل.

الإعراب :

  • ﴿ وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ:
  • تعرب اعراب وَنادَيْناهُ» في الآية الرابعة بعد المائة. بذبح: جار ومجرور متعلق بفديناه. عظيم: صفة-نعت-لذبح مجرورة مثلها بالكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [107] لما قبلها :     وبعد أن نَهى اللهُ إبراهيم عليه السلام عن الذَّبحِ، وبَشَّره؛ ذكَرَ هنا الفِداءَ، فقد أنزل اللهُ كبشًا عظيمًا؛ ليذبحه إبراهيمُ عليه السلام بدلًا عن ابنه إسماعيل عليه السلام، قال تعالى:
﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [108] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ

التفسير :

[108] وأبقينا لإبراهيم ثناءً حسناً في الأمم بعده.

{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} أي:وأبقينا عليه ثناء صادقا في الآخرين، كما كان في الأولين، فكل وقت بعد إبراهيم عليه السلام، فإنه [فيه] محبوب معظم مثني عليه.

وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ.

أى: ومن مظاهر فضلنا وإحساننا وتكريمنا لنبينا إبراهيم- أننا أبقينا ذكره الحسن في الأمم التي ستأتى من بعده،

وقوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن علي ، رضي الله عنه : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : بكبش أبيض أعين أقرن ، قد ربط بسمرة - قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير

وقال الثوري أيضا ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار ، حدثنا داود العطار ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء ابنه ، هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء ، فذبحه ، وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه ، فكان مخزونا حتى فدي به إسحاق .

وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال : كان الكبش يرتع في الجنة حتى تشقق عنه ثبير ، وكان عليه عهن أحمر .

وعن الحسن البصري : أنه كان اسم كبش إبراهيم : جرير .

وقال ابن جريج : قال عبيد بن عمير : ذبحه بالمقام . وقال مجاهد : ذبحه بمنى عند المنحر . وقال هشيم ، عن سيار ، عن عكرمة ; أن ابن عباس كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه ، فأمره بمائة من الإبل . ثم قال بعد ذلك : لو كنت أفتيته بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا ، فإن الله تعالى قال في كتابه : ( وفديناه بذبح عظيم ) والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه فدي بكبش . وقال الثوري ، عن رجل ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : وعل .

وقال محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن أنه كان يقول : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى ، أهبط عليه من ثبير .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، حدثنا منصور ، عن خاله مسافع ، عن صفية بنت شيبة قالت : أخبرتني امرأة من بني سليم - ولدت عامة أهل دارنا - أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن طلحة - وقال مرة : إنها سألت عثمان : لم دعاك النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : قال : " إني كنت رأيت قرني الكبش ، حين دخلت البيت ، فنسيت أن آمرك أن تخمرهما ، فخمرهما ، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي " . قال سفيان : لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت ، فاحترقا .

وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل - عليه السلام - فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل ، إلى أن بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - .

فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو ؟ :

ذكر من قال : هو إسحاق [ عليه السلام ] :

قال حمزة الزيات ، عن أبي ميسرة ، رحمه الله ، قال : قال يوسف - عليه السلام - للملك في وجهه : ترغب أن تأكل معي ، وأنا - والله - يوسف بن يعقوب نبي الله ، ابن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله .

وقال الثوري ، عن أبي سنان ، عن ابن أبي الهذيل : إن يوسف - عليه السلام - قال للملك كذلك أيضا .

وقال سفيان الثوري ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه قال : " قال موسى : يا رب ، يقولون : يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فبم قالوا ذلك ؟ قال : إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه . وإن إسحاق جاد لي بالذبح ، وهو بغير ذلك أجود . وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن " .

وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص قال : افتخر رجل عند ابن مسعود فقال : أنا فلان بن فلان ، ابن الأشياخ الكرام . فقال عبد الله : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله [ صلوات الله وسلامه عليهم ] .

وهذا صحيح إلى ابن مسعود ، وكذا روى عكرمة ، عن ابن عباس أنه إسحاق . وعن أبيه العباس ، وعلي بن أبي طالب مثل ذلك . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وعبيد بن عمير ، وأبو ميسرة ، وزيد بن أسلم ، وعبد الله بن شقيق ، والزهري ، والقاسم بن أبي بزة ، ومكحول ، وعثمان بن حاضر ، والسدي ، والحسن ، وقتادة ، وأبو الهذيل ، وابن سابط . وهو اختيار ابن جرير . وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق .

وهكذا روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر ، عن الزهري ، عن أبي سفيان بن العلاء ، بن جارية ، عن أبي هريرة ، عن كعب الأحبار ، أنه قال : هو إسحاق .

وهذه الأقوال - والله أعلم - كلها مأخوذة عن كعب الأحبار ، فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر ، رضي الله عنه عن كتبه ، فربما استمع له عمر - رضي الله عنه - فترخص الناس في استماع ما عنده ، ونقلوا عنه غثها وسمينها ، وليس لهذه الأمة - والله أعلم - حاجة إلى حرف واحد مما عنده . وقد حكى البغوي هذا القول بأنه إسحاق عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، والعباس ، ومن التابعين عن كعب الأحبار ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومسروق ، وعكرمة ، ومقاتل ، وعطاء ، والزهري ، والسدي - قال : وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس . وقد ورد في ذلك حديث - لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ، ولكن لم يصح سنده - قال ابن جرير :

حدثنا أبو كريب ، حدثنا زيد بن حباب ، عن الحسن بن دينار ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكره قال : هو إسحاق .

ففي إسناده ضعيفان ، وهما الحسن بن دينار البصري ، متروك . وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث . وقد رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، به مرفوعا . . ثم قال : قد رواه مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن الأحنف ، عن العباس قوله ، وهذا أشبه وأصح .

[ ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل - عليه السلام - وهو الصحيح المقطوع به ] .

قد تقدمت الرواية عن ابن عباس أنه إسحاق . قال سعيد بن جبير ، وعامر الشعبي ، ويوسف بن مهران ، ومجاهد ، وعطاء ، وغير واحد ، عن ابن عباس ، هو إسماعيل - عليه السلام - .

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن قيس ، عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل - عليه السلام - وزعمت اليهود أنه إسحاق ، وكذبت اليهود .

وقال إسرائيل ، عن ثور ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : الذبيح إسماعيل .

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : هو إسماعيل . وكذا قال يوسف بن مهران .

وقال الشعبي : هو إسماعيل - عليه السلام - وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة .

وقال محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن دينار ، وعمرو بن عبيد ، عن الحسن البصري : أنه كان لا يشك في ذلك : أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل .

قال ابن إسحاق : وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل . وإنا لنجد ذلك في كتاب الله ، وذلك أن الله حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) . يقول الله تعالى : ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) ، يقول بابن وابن ابن ، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من [ الله ] الموعد بما وعده ، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل .

وقال ابن إسحاق ، عن بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي ، عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم ; أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كان معه بالشام ، فقال له عمر : إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه ، وإني لأراه كما قلت . ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام ، كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه ، وكان يرى أنه من علمائهم ، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك - قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز - فقال له عمر : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم بذلك ، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب ، على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه ، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ، ويزعمون أنه إسحاق ، بكون إسحاق أبوهم ، والله أعلم أيهما كان ، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله - عز وجل - .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : سألت أبي عن الذبيح ، من هو ؟ إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل . ذكره في كتاب الزهد .

وقال ابن أبي حاتم : وسمعت أبي يقول : الصحيح أن الذبيح إسماعيل - عليه السلام - . قال : وروي عن علي ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وأبي الطفيل ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد ، والشعبي ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبي جعفر محمد بن علي ، وأبي صالح أنهم قالوا : الذبيح إسماعيل .

وقال البغوي في تفسيره : وإليه ذهب عبد الله بن عمر ، وسعيد بن المسيب ، والسدي ، والحسن البصري ، ومجاهد ، والربيع بن أنس ، ومحمد بن كعب القرظي ، والكلبي ، وهو رواية عن ابن عباس ، وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء .

وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال : حدثني محمد بن عمار الرازي ، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابي ، عن عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - عن أبيه : حدثني عبد الله بن سعيد ، عن الصنابحي قال : كنا عند معاوية بن أبي سفيان ، فذكروا الذبيح : إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال على الخبير سقطتم ، كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ، عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل له : يا أمير المؤمنين ، وما الذبيحان ؟ فقال : إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها عليه ، ليذبحن أحد ولده ، قال : فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا : افد ابنك بمائة من الإبل . ففداه بمائة من الإبل ، وإسماعيل الثاني .

وهذا حديث غريب جدا . وقد رواه الأموي في مغازيه : حدثنا بعض أصحابنا ، أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحمن القرشي ، حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا الصنابحي قال : حضرنا مجلس معاوية ، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ، وذكره . كذا كتبته من نسخة مغلوطة .

وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى : ( فبشرناه بغلام حليم ) ، فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله : ( وبشروه بغلام عليم ) [ الذاريات : 28 ] . وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي ، أي العمل . ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا . قال : وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد الشام . قال : وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك . هذا ما اعتمد عليه في تفسيره ، وليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم ، بل هو بعيد جدا ، والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى ، والله أعلم .

وقوله ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) يقول تعالى ذكره: وأبقينا عليه فيمن بعده إلى يوم القيامة ثناءً حسنا.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) قال: أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرين.

حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) قال: سأل إبراهيمُ، فقال: وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ قال: فترك الله عليه الثناء الحسن في الآخرين، كما ترك اللسانَ السَّوْء على فرعون وأشباهه كذلك ترك اللسان الصدق والثناء الصالح على هؤلاء.

وقيل: معنى ذلك: وتركنا عليه في الآخرين السلام، وهو قوله ( سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) ، وذلك قول يُرْوى عن ابن عباس تركنا ذكره لأن في إسناده من لم نستجز ذكره; وقد ذكرنا الأخبار المروية في قوله ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ ) فيما مضى قبل. وقيل:

معنى ذلك: وتركنا عليه في الآخرين أن يقال: سلام على إبراهيم.

المعاني :

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ :       أَبْقَيْنَا لَهُ ذِكْرًا حَسَنًا فِيمَنْ جَاءَ بَعْدَهُ السراج

التدبر :

وقفة
[108] من الآيات التى أثرت في كثيرًا قوله تعالى: ﴿وَتَرَكنا عَلَيهِ فِي الآخِرينَ﴾، فالسمت الطيب والسيرة الحسنة تظل فى ذاكرة الناس حتى بعد الرحيل.
وقفة
[108، 109] ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾ لا يبقى للمرء بعد رحيله إلا الثناء الحسن، والدعاء الصالح.
وقفة
[108، 109] ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾ الثناء الحسن والذكر الطيب من النعيم المعجل في الدنيا.
وقفة
[108، 109] ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾ لما صبر إبراهيم على الابتلاءات كلها استحق أن يخلد الله ذكره في العالمين، فقد نجح في البلاء الذي حصل بغير اختياره حين ألقي في النار، ونجح في الابتلاء الذي وقع باختياره حين هم بذبح ولده بيده.

الإعراب :

  • ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ :
  • هذه الآية الكريمة اعربت في الآية الكريمة الثامنة والسبعين.'

المتشابهات :

الصافات: 119﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ
الصافات: 78﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
الصافات: 108﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
الصافات: 129﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [108] لما قبلها :     وبعد أن ذَبحَ إبراهيمُ عليه السلام الكبشَ؛ امتنَّ اللهُ عليه هنا مرة أخرى، أن أبقى الذبح سُنَّةً باقيةً، يُذكَرُ بها الذِّكرَ الجَميلَ على مَرِّ الأيَّامِ وتَعاقُبِ السِّنينَ، قال تعالى:
﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [109] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ

التفسير :

[109] تحيةٌ لإبراهيم من عند الله، ودعاءٌ له بالسلامة من كل آفة.

{ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} أي:تحيته عليه كقوله:{ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}

وجعلنا التحية والسلام منا ومن المؤمنين عليه إلى يوم الدين

وقوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن علي ، رضي الله عنه : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : بكبش أبيض أعين أقرن ، قد ربط بسمرة - قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير

وقال الثوري أيضا ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار ، حدثنا داود العطار ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء ابنه ، هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء ، فذبحه ، وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه ، فكان مخزونا حتى فدي به إسحاق .

وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال : كان الكبش يرتع في الجنة حتى تشقق عنه ثبير ، وكان عليه عهن أحمر .

وعن الحسن البصري : أنه كان اسم كبش إبراهيم : جرير .

وقال ابن جريج : قال عبيد بن عمير : ذبحه بالمقام . وقال مجاهد : ذبحه بمنى عند المنحر . وقال هشيم ، عن سيار ، عن عكرمة ; أن ابن عباس كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه ، فأمره بمائة من الإبل . ثم قال بعد ذلك : لو كنت أفتيته بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا ، فإن الله تعالى قال في كتابه : ( وفديناه بذبح عظيم ) والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه فدي بكبش . وقال الثوري ، عن رجل ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : وعل .

وقال محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن أنه كان يقول : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى ، أهبط عليه من ثبير .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، حدثنا منصور ، عن خاله مسافع ، عن صفية بنت شيبة قالت : أخبرتني امرأة من بني سليم - ولدت عامة أهل دارنا - أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن طلحة - وقال مرة : إنها سألت عثمان : لم دعاك النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : قال : " إني كنت رأيت قرني الكبش ، حين دخلت البيت ، فنسيت أن آمرك أن تخمرهما ، فخمرهما ، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي " . قال سفيان : لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت ، فاحترقا .

وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل - عليه السلام - فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل ، إلى أن بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - .

فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو ؟ :

ذكر من قال : هو إسحاق [ عليه السلام ] :

قال حمزة الزيات ، عن أبي ميسرة ، رحمه الله ، قال : قال يوسف - عليه السلام - للملك في وجهه : ترغب أن تأكل معي ، وأنا - والله - يوسف بن يعقوب نبي الله ، ابن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله .

وقال الثوري ، عن أبي سنان ، عن ابن أبي الهذيل : إن يوسف - عليه السلام - قال للملك كذلك أيضا .

وقال سفيان الثوري ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه قال : " قال موسى : يا رب ، يقولون : يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فبم قالوا ذلك ؟ قال : إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه . وإن إسحاق جاد لي بالذبح ، وهو بغير ذلك أجود . وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن " .

وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص قال : افتخر رجل عند ابن مسعود فقال : أنا فلان بن فلان ، ابن الأشياخ الكرام . فقال عبد الله : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله [ صلوات الله وسلامه عليهم ] .

وهذا صحيح إلى ابن مسعود ، وكذا روى عكرمة ، عن ابن عباس أنه إسحاق . وعن أبيه العباس ، وعلي بن أبي طالب مثل ذلك . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وعبيد بن عمير ، وأبو ميسرة ، وزيد بن أسلم ، وعبد الله بن شقيق ، والزهري ، والقاسم بن أبي بزة ، ومكحول ، وعثمان بن حاضر ، والسدي ، والحسن ، وقتادة ، وأبو الهذيل ، وابن سابط . وهو اختيار ابن جرير . وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق .

وهكذا روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر ، عن الزهري ، عن أبي سفيان بن العلاء ، بن جارية ، عن أبي هريرة ، عن كعب الأحبار ، أنه قال : هو إسحاق .

وهذه الأقوال - والله أعلم - كلها مأخوذة عن كعب الأحبار ، فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر ، رضي الله عنه عن كتبه ، فربما استمع له عمر - رضي الله عنه - فترخص الناس في استماع ما عنده ، ونقلوا عنه غثها وسمينها ، وليس لهذه الأمة - والله أعلم - حاجة إلى حرف واحد مما عنده . وقد حكى البغوي هذا القول بأنه إسحاق عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، والعباس ، ومن التابعين عن كعب الأحبار ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومسروق ، وعكرمة ، ومقاتل ، وعطاء ، والزهري ، والسدي - قال : وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس . وقد ورد في ذلك حديث - لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ، ولكن لم يصح سنده - قال ابن جرير :

حدثنا أبو كريب ، حدثنا زيد بن حباب ، عن الحسن بن دينار ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكره قال : هو إسحاق .

ففي إسناده ضعيفان ، وهما الحسن بن دينار البصري ، متروك . وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث . وقد رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، به مرفوعا . . ثم قال : قد رواه مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن الأحنف ، عن العباس قوله ، وهذا أشبه وأصح .

[ ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل - عليه السلام - وهو الصحيح المقطوع به ] .

قد تقدمت الرواية عن ابن عباس أنه إسحاق . قال سعيد بن جبير ، وعامر الشعبي ، ويوسف بن مهران ، ومجاهد ، وعطاء ، وغير واحد ، عن ابن عباس ، هو إسماعيل - عليه السلام - .

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن قيس ، عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل - عليه السلام - وزعمت اليهود أنه إسحاق ، وكذبت اليهود .

وقال إسرائيل ، عن ثور ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : الذبيح إسماعيل .

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : هو إسماعيل . وكذا قال يوسف بن مهران .

وقال الشعبي : هو إسماعيل - عليه السلام - وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة .

وقال محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن دينار ، وعمرو بن عبيد ، عن الحسن البصري : أنه كان لا يشك في ذلك : أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل .

قال ابن إسحاق : وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل . وإنا لنجد ذلك في كتاب الله ، وذلك أن الله حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) . يقول الله تعالى : ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) ، يقول بابن وابن ابن ، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من [ الله ] الموعد بما وعده ، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل .

وقال ابن إسحاق ، عن بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي ، عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم ; أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كان معه بالشام ، فقال له عمر : إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه ، وإني لأراه كما قلت . ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام ، كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه ، وكان يرى أنه من علمائهم ، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك - قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز - فقال له عمر : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم بذلك ، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب ، على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه ، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ، ويزعمون أنه إسحاق ، بكون إسحاق أبوهم ، والله أعلم أيهما كان ، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله - عز وجل - .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : سألت أبي عن الذبيح ، من هو ؟ إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل . ذكره في كتاب الزهد .

وقال ابن أبي حاتم : وسمعت أبي يقول : الصحيح أن الذبيح إسماعيل - عليه السلام - . قال : وروي عن علي ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وأبي الطفيل ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد ، والشعبي ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبي جعفر محمد بن علي ، وأبي صالح أنهم قالوا : الذبيح إسماعيل .

وقال البغوي في تفسيره : وإليه ذهب عبد الله بن عمر ، وسعيد بن المسيب ، والسدي ، والحسن البصري ، ومجاهد ، والربيع بن أنس ، ومحمد بن كعب القرظي ، والكلبي ، وهو رواية عن ابن عباس ، وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء .

وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال : حدثني محمد بن عمار الرازي ، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابي ، عن عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - عن أبيه : حدثني عبد الله بن سعيد ، عن الصنابحي قال : كنا عند معاوية بن أبي سفيان ، فذكروا الذبيح : إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال على الخبير سقطتم ، كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ، عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل له : يا أمير المؤمنين ، وما الذبيحان ؟ فقال : إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها عليه ، ليذبحن أحد ولده ، قال : فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا : افد ابنك بمائة من الإبل . ففداه بمائة من الإبل ، وإسماعيل الثاني .

وهذا حديث غريب جدا . وقد رواه الأموي في مغازيه : حدثنا بعض أصحابنا ، أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحمن القرشي ، حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا الصنابحي قال : حضرنا مجلس معاوية ، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ، وذكره . كذا كتبته من نسخة مغلوطة .

وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى : ( فبشرناه بغلام حليم ) ، فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله : ( وبشروه بغلام عليم ) [ الذاريات : 28 ] . وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي ، أي العمل . ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا . قال : وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد الشام . قال : وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك . هذا ما اعتمد عليه في تفسيره ، وليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم ، بل هو بعيد جدا ، والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى ، والله أعلم .

وقوله ( سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) يقول تعالى ذكره: أمَنَة من الله في الأرض لإبراهيم أن لا يذكر من بعده إلا بالجميل من الذكر.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[108، 109] لما سأل إبراهيم ربه: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾ [الشعراء: 84]، قال تعالى: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ﴾ ترك الله عليه الثناء الحسن في الآخرين، كما ترك اللسان السوء على فرعون وأشباهه.
وقفة
[108-110] ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ... كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ على قدر إحسانك ينشر الله لك من الثناء الجميل، والذكر الحسن.

الإعراب :

  • ﴿ سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب سَلامٌ عَلى نُوحٍ» الواردة في الآية الكريمة التاسعة والسبعين. ابراهيم: مجرور بالفتحة بدلا من الكسرة لانه ممنوع من الصرف للعجمة والتعريف.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [109] لما قبلها :     وبعد المِنَّة الثانية؛ امتنَّ اللهُ عليه هنا بمِنَّة ثالثة، قال تعالى:
﴿ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [110] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

التفسير :

[110] كما جزينا إبراهيم على طاعته لنا وامتثاله أمرنا، نجزي المحسنين من عبادنا.

{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في عبادة اللّه، ومعاملة خلقه، أن نفرج عنهم الشدائد، ونجعل لهم العاقبة، والثناء الحسن.

، ومثل هذا الجزاء نجزى المحسنين،

وقوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن علي ، رضي الله عنه : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : بكبش أبيض أعين أقرن ، قد ربط بسمرة - قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير

وقال الثوري أيضا ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار ، حدثنا داود العطار ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء ابنه ، هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء ، فذبحه ، وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه ، فكان مخزونا حتى فدي به إسحاق .

وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال : كان الكبش يرتع في الجنة حتى تشقق عنه ثبير ، وكان عليه عهن أحمر .

وعن الحسن البصري : أنه كان اسم كبش إبراهيم : جرير .

وقال ابن جريج : قال عبيد بن عمير : ذبحه بالمقام . وقال مجاهد : ذبحه بمنى عند المنحر . وقال هشيم ، عن سيار ، عن عكرمة ; أن ابن عباس كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه ، فأمره بمائة من الإبل . ثم قال بعد ذلك : لو كنت أفتيته بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا ، فإن الله تعالى قال في كتابه : ( وفديناه بذبح عظيم ) والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه فدي بكبش . وقال الثوري ، عن رجل ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : وعل .

وقال محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن أنه كان يقول : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى ، أهبط عليه من ثبير .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، حدثنا منصور ، عن خاله مسافع ، عن صفية بنت شيبة قالت : أخبرتني امرأة من بني سليم - ولدت عامة أهل دارنا - أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن طلحة - وقال مرة : إنها سألت عثمان : لم دعاك النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : قال : " إني كنت رأيت قرني الكبش ، حين دخلت البيت ، فنسيت أن آمرك أن تخمرهما ، فخمرهما ، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي " . قال سفيان : لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت ، فاحترقا .

وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل - عليه السلام - فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل ، إلى أن بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - .

فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو ؟ :

ذكر من قال : هو إسحاق [ عليه السلام ] :

قال حمزة الزيات ، عن أبي ميسرة ، رحمه الله ، قال : قال يوسف - عليه السلام - للملك في وجهه : ترغب أن تأكل معي ، وأنا - والله - يوسف بن يعقوب نبي الله ، ابن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله .

وقال الثوري ، عن أبي سنان ، عن ابن أبي الهذيل : إن يوسف - عليه السلام - قال للملك كذلك أيضا .

وقال سفيان الثوري ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه قال : " قال موسى : يا رب ، يقولون : يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فبم قالوا ذلك ؟ قال : إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه . وإن إسحاق جاد لي بالذبح ، وهو بغير ذلك أجود . وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن " .

وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص قال : افتخر رجل عند ابن مسعود فقال : أنا فلان بن فلان ، ابن الأشياخ الكرام . فقال عبد الله : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله [ صلوات الله وسلامه عليهم ] .

وهذا صحيح إلى ابن مسعود ، وكذا روى عكرمة ، عن ابن عباس أنه إسحاق . وعن أبيه العباس ، وعلي بن أبي طالب مثل ذلك . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وعبيد بن عمير ، وأبو ميسرة ، وزيد بن أسلم ، وعبد الله بن شقيق ، والزهري ، والقاسم بن أبي بزة ، ومكحول ، وعثمان بن حاضر ، والسدي ، والحسن ، وقتادة ، وأبو الهذيل ، وابن سابط . وهو اختيار ابن جرير . وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق .

وهكذا روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر ، عن الزهري ، عن أبي سفيان بن العلاء ، بن جارية ، عن أبي هريرة ، عن كعب الأحبار ، أنه قال : هو إسحاق .

وهذه الأقوال - والله أعلم - كلها مأخوذة عن كعب الأحبار ، فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر ، رضي الله عنه عن كتبه ، فربما استمع له عمر - رضي الله عنه - فترخص الناس في استماع ما عنده ، ونقلوا عنه غثها وسمينها ، وليس لهذه الأمة - والله أعلم - حاجة إلى حرف واحد مما عنده . وقد حكى البغوي هذا القول بأنه إسحاق عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، والعباس ، ومن التابعين عن كعب الأحبار ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومسروق ، وعكرمة ، ومقاتل ، وعطاء ، والزهري ، والسدي - قال : وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس . وقد ورد في ذلك حديث - لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ، ولكن لم يصح سنده - قال ابن جرير :

حدثنا أبو كريب ، حدثنا زيد بن حباب ، عن الحسن بن دينار ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكره قال : هو إسحاق .

ففي إسناده ضعيفان ، وهما الحسن بن دينار البصري ، متروك . وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث . وقد رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، به مرفوعا . . ثم قال : قد رواه مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن الأحنف ، عن العباس قوله ، وهذا أشبه وأصح .

[ ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل - عليه السلام - وهو الصحيح المقطوع به ] .

قد تقدمت الرواية عن ابن عباس أنه إسحاق . قال سعيد بن جبير ، وعامر الشعبي ، ويوسف بن مهران ، ومجاهد ، وعطاء ، وغير واحد ، عن ابن عباس ، هو إسماعيل - عليه السلام - .

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن قيس ، عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل - عليه السلام - وزعمت اليهود أنه إسحاق ، وكذبت اليهود .

وقال إسرائيل ، عن ثور ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : الذبيح إسماعيل .

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : هو إسماعيل . وكذا قال يوسف بن مهران .

وقال الشعبي : هو إسماعيل - عليه السلام - وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة .

وقال محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن دينار ، وعمرو بن عبيد ، عن الحسن البصري : أنه كان لا يشك في ذلك : أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل .

قال ابن إسحاق : وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل . وإنا لنجد ذلك في كتاب الله ، وذلك أن الله حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) . يقول الله تعالى : ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) ، يقول بابن وابن ابن ، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من [ الله ] الموعد بما وعده ، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل .

وقال ابن إسحاق ، عن بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي ، عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم ; أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كان معه بالشام ، فقال له عمر : إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه ، وإني لأراه كما قلت . ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام ، كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه ، وكان يرى أنه من علمائهم ، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك - قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز - فقال له عمر : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم بذلك ، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب ، على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه ، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ، ويزعمون أنه إسحاق ، بكون إسحاق أبوهم ، والله أعلم أيهما كان ، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله - عز وجل - .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : سألت أبي عن الذبيح ، من هو ؟ إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل . ذكره في كتاب الزهد .

وقال ابن أبي حاتم : وسمعت أبي يقول : الصحيح أن الذبيح إسماعيل - عليه السلام - . قال : وروي عن علي ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وأبي الطفيل ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد ، والشعبي ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبي جعفر محمد بن علي ، وأبي صالح أنهم قالوا : الذبيح إسماعيل .

وقال البغوي في تفسيره : وإليه ذهب عبد الله بن عمر ، وسعيد بن المسيب ، والسدي ، والحسن البصري ، ومجاهد ، والربيع بن أنس ، ومحمد بن كعب القرظي ، والكلبي ، وهو رواية عن ابن عباس ، وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء .

وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال : حدثني محمد بن عمار الرازي ، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابي ، عن عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - عن أبيه : حدثني عبد الله بن سعيد ، عن الصنابحي قال : كنا عند معاوية بن أبي سفيان ، فذكروا الذبيح : إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال على الخبير سقطتم ، كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ، عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل له : يا أمير المؤمنين ، وما الذبيحان ؟ فقال : إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها عليه ، ليذبحن أحد ولده ، قال : فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا : افد ابنك بمائة من الإبل . ففداه بمائة من الإبل ، وإسماعيل الثاني .

وهذا حديث غريب جدا . وقد رواه الأموي في مغازيه : حدثنا بعض أصحابنا ، أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحمن القرشي ، حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا الصنابحي قال : حضرنا مجلس معاوية ، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ، وذكره . كذا كتبته من نسخة مغلوطة .

وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى : ( فبشرناه بغلام حليم ) ، فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله : ( وبشروه بغلام عليم ) [ الذاريات : 28 ] . وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي ، أي العمل . ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا . قال : وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد الشام . قال : وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك . هذا ما اعتمد عليه في تفسيره ، وليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم ، بل هو بعيد جدا ، والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى ، والله أعلم .

وقوله ( كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) يقول: كما جزينا إبراهيم على طاعته إيانا وإحسانه في الانتهاء إلى أمرنا، كذلك نجزي المحسنين .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[110] ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ نجزى بنون العظمة، فعطاء الله على قدر رب العالمين، وعطاؤك على قدرك أيها المسكين.

الإعراب :

  • ﴿ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في الآية الكريمة الخامسة بعد المائة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [110] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ ما امتنَّ به على إبراهيم عليه السلام؛ بَيَّنَ هنا أن جازاه بهذا الجزاء لأنَّه كان مِن المُحسنينَ، ويجْزي به أيضًا كلَّ مَن كان محسنًا، قال تعالى:
﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [111] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

التفسير :

[111] إنه من عبادنا المؤمنين الذين أعطَوا العبودية حقها.

{ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} بما أمر اللّه بالإيمان به، الذين بلغ بهم الإيمان إلى درجة اليقين، كما قال تعالى:{ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}

إنه- عليه السلام- من عبادنا الصادقين في إيمانهم.

وقوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن أبي الطفيل ، عن علي ، رضي الله عنه : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : بكبش أبيض أعين أقرن ، قد ربط بسمرة - قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير

وقال الثوري أيضا ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار ، حدثنا داود العطار ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء ابنه ، هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء ، فذبحه ، وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه ، فكان مخزونا حتى فدي به إسحاق .

وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال : كان الكبش يرتع في الجنة حتى تشقق عنه ثبير ، وكان عليه عهن أحمر .

وعن الحسن البصري : أنه كان اسم كبش إبراهيم : جرير .

وقال ابن جريج : قال عبيد بن عمير : ذبحه بالمقام . وقال مجاهد : ذبحه بمنى عند المنحر . وقال هشيم ، عن سيار ، عن عكرمة ; أن ابن عباس كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه ، فأمره بمائة من الإبل . ثم قال بعد ذلك : لو كنت أفتيته بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا ، فإن الله تعالى قال في كتابه : ( وفديناه بذبح عظيم ) والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه فدي بكبش . وقال الثوري ، عن رجل ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : وعل .

وقال محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن أنه كان يقول : ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى ، أهبط عليه من ثبير .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، حدثنا منصور ، عن خاله مسافع ، عن صفية بنت شيبة قالت : أخبرتني امرأة من بني سليم - ولدت عامة أهل دارنا - أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن طلحة - وقال مرة : إنها سألت عثمان : لم دعاك النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : قال : " إني كنت رأيت قرني الكبش ، حين دخلت البيت ، فنسيت أن آمرك أن تخمرهما ، فخمرهما ، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي " . قال سفيان : لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت ، فاحترقا .

وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل - عليه السلام - فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل ، إلى أن بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - .

فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو ؟ :

ذكر من قال : هو إسحاق [ عليه السلام ] :

قال حمزة الزيات ، عن أبي ميسرة ، رحمه الله ، قال : قال يوسف - عليه السلام - للملك في وجهه : ترغب أن تأكل معي ، وأنا - والله - يوسف بن يعقوب نبي الله ، ابن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله .

وقال الثوري ، عن أبي سنان ، عن ابن أبي الهذيل : إن يوسف - عليه السلام - قال للملك كذلك أيضا .

وقال سفيان الثوري ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه قال : " قال موسى : يا رب ، يقولون : يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فبم قالوا ذلك ؟ قال : إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه . وإن إسحاق جاد لي بالذبح ، وهو بغير ذلك أجود . وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن " .

وقال شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص قال : افتخر رجل عند ابن مسعود فقال : أنا فلان بن فلان ، ابن الأشياخ الكرام . فقال عبد الله : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله [ صلوات الله وسلامه عليهم ] .

وهذا صحيح إلى ابن مسعود ، وكذا روى عكرمة ، عن ابن عباس أنه إسحاق . وعن أبيه العباس ، وعلي بن أبي طالب مثل ذلك . وكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وعبيد بن عمير ، وأبو ميسرة ، وزيد بن أسلم ، وعبد الله بن شقيق ، والزهري ، والقاسم بن أبي بزة ، ومكحول ، وعثمان بن حاضر ، والسدي ، والحسن ، وقتادة ، وأبو الهذيل ، وابن سابط . وهو اختيار ابن جرير . وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق .

وهكذا روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر ، عن الزهري ، عن أبي سفيان بن العلاء ، بن جارية ، عن أبي هريرة ، عن كعب الأحبار ، أنه قال : هو إسحاق .

وهذه الأقوال - والله أعلم - كلها مأخوذة عن كعب الأحبار ، فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر ، رضي الله عنه عن كتبه ، فربما استمع له عمر - رضي الله عنه - فترخص الناس في استماع ما عنده ، ونقلوا عنه غثها وسمينها ، وليس لهذه الأمة - والله أعلم - حاجة إلى حرف واحد مما عنده . وقد حكى البغوي هذا القول بأنه إسحاق عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، والعباس ، ومن التابعين عن كعب الأحبار ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومسروق ، وعكرمة ، ومقاتل ، وعطاء ، والزهري ، والسدي - قال : وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس . وقد ورد في ذلك حديث - لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ، ولكن لم يصح سنده - قال ابن جرير :

حدثنا أبو كريب ، حدثنا زيد بن حباب ، عن الحسن بن دينار ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذكره قال : هو إسحاق .

ففي إسناده ضعيفان ، وهما الحسن بن دينار البصري ، متروك . وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث . وقد رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، به مرفوعا . . ثم قال : قد رواه مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن الأحنف ، عن العباس قوله ، وهذا أشبه وأصح .

[ ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل - عليه السلام - وهو الصحيح المقطوع به ] .

قد تقدمت الرواية عن ابن عباس أنه إسحاق . قال سعيد بن جبير ، وعامر الشعبي ، ويوسف بن مهران ، ومجاهد ، وعطاء ، وغير واحد ، عن ابن عباس ، هو إسماعيل - عليه السلام - .

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن قيس ، عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال : المفدى إسماعيل - عليه السلام - وزعمت اليهود أنه إسحاق ، وكذبت اليهود .

وقال إسرائيل ، عن ثور ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : الذبيح إسماعيل .

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : هو إسماعيل . وكذا قال يوسف بن مهران .

وقال الشعبي : هو إسماعيل - عليه السلام - وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة .

وقال محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن دينار ، وعمرو بن عبيد ، عن الحسن البصري : أنه كان لا يشك في ذلك : أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل .

قال ابن إسحاق : وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل . وإنا لنجد ذلك في كتاب الله ، وذلك أن الله حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) . يقول الله تعالى : ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) ، يقول بابن وابن ابن ، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من [ الله ] الموعد بما وعده ، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل .

وقال ابن إسحاق ، عن بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي ، عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم ; أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كان معه بالشام ، فقال له عمر : إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه ، وإني لأراه كما قلت . ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام ، كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه ، وكان يرى أنه من علمائهم ، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك - قال محمد بن كعب : وأنا عند عمر بن عبد العزيز - فقال له عمر : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين ، وإن يهود لتعلم بذلك ، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب ، على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه ، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به ، فهم يجحدون ذلك ، ويزعمون أنه إسحاق ، بكون إسحاق أبوهم ، والله أعلم أيهما كان ، وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله - عز وجل - .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : سألت أبي عن الذبيح ، من هو ؟ إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال : إسماعيل . ذكره في كتاب الزهد .

وقال ابن أبي حاتم : وسمعت أبي يقول : الصحيح أن الذبيح إسماعيل - عليه السلام - . قال : وروي عن علي ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وأبي الطفيل ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد ، والشعبي ، ومحمد بن كعب القرظي ، وأبي جعفر محمد بن علي ، وأبي صالح أنهم قالوا : الذبيح إسماعيل .

وقال البغوي في تفسيره : وإليه ذهب عبد الله بن عمر ، وسعيد بن المسيب ، والسدي ، والحسن البصري ، ومجاهد ، والربيع بن أنس ، ومحمد بن كعب القرظي ، والكلبي ، وهو رواية عن ابن عباس ، وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء .

وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال : حدثني محمد بن عمار الرازي ، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحيم الخطابي ، عن عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - عن أبيه : حدثني عبد الله بن سعيد ، عن الصنابحي قال : كنا عند معاوية بن أبي سفيان ، فذكروا الذبيح : إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال على الخبير سقطتم ، كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ، عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل له : يا أمير المؤمنين ، وما الذبيحان ؟ فقال : إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله أمرها عليه ، ليذبحن أحد ولده ، قال : فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا : افد ابنك بمائة من الإبل . ففداه بمائة من الإبل ، وإسماعيل الثاني .

وهذا حديث غريب جدا . وقد رواه الأموي في مغازيه : حدثنا بعض أصحابنا ، أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة ، حدثنا عمر بن عبد الرحمن القرشي ، حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي - من ولد عتبة بن أبي سفيان - حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا الصنابحي قال : حضرنا مجلس معاوية ، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق ، وذكره . كذا كتبته من نسخة مغلوطة .

وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى : ( فبشرناه بغلام حليم ) ، فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله : ( وبشروه بغلام عليم ) [ الذاريات : 28 ] . وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي ، أي العمل . ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا . قال : وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد الشام . قال : وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك . هذا ما اعتمد عليه في تفسيره ، وليس ما ذهب إليه بمذهب ولا لازم ، بل هو بعيد جدا ، والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى ، والله أعلم .

( إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ) يقول: إن إبراهيم من عبادنا المخلصين لنا الإيمان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[111] ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ العبودية في كل المواضع عار وشنار، إلا العبودية لله فإنها شرف وفخار؛ ولذا تكرَّر مدح الله لأصحابها في كتابه.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في الآية الكريمة الحادية والثمانين.'

المتشابهات :

الصافات: 122﴿ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الصافات: 81﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الصافات: 111﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الصافات: 132﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [111] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ أهْلُ المِلَلِ كُلِّها مُتَّفِقَةً عَلى حُبِّهِ؛ وكانَ كُلُّهم يَدَّعِي اتِّباعَهُ؛ ورُتْبَةَ قُرْبِهِ؛ مدحه اللهُ هنا؛ اسْتِعْطافًا لَهم إلى اتِّباعِهِ في الإيمانِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [112] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ

التفسير :

[112] وبشَّرنا إبراهيم بولده إسحاق نبيّاً من الصالحين؛ جزاء له على صبره ورضاه بأمر ربه، وطاعته له.

{ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} هذه البشارة الثانية بإسحاق، الذي من ورائه يعقوب، فبشر بوجوده وبقائه، ووجود ذريته، وكونه نبيا من الصالحين، فهي بشارات متعددة.

ثم بين- سبحانه- مظهرا آخر من مظاهر فضله على نبيه إبراهيم فقال: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ. وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ، وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ.

أى: ومن مظاهر تكريمنا لإبراهيم، أننا بشرناه بولد آخر هو إسحاق، الذي جعلناه نبيا من أنبيائنا الصالحين لحمل رسالتنا، وأفضنا على إبراهيم وعلى إسحاق الكثير من بركاتنا الدينية والدنيوية، بأن جعلنا عددا كبيرا من الأنبياء من نسلهما.

ومع ذلك فقد اقتضت حكمتنا أن نجعل من ذريتهما من هو محسن في قوله وعمله، ومن هو ظالم لنفسه بالكفر والمعاصي ظلما واضحا بينا، وسنجازى كل فريق بما يستحقه من ثواب أو عقاب.

هذا ومن الأحكام والآداب التي أخذها العلماء من هذه الآيات ما يأتى:

1- أن الرسل جميعا قد جاءوا من عند الله- تعالى- بدين واحد في أصوله، وأن كل واحد منهم قد سار على نهج سابقه في الدعوة إلى وحدانية الله، وإلى مكارم الأخلاق، وقد بين- سبحانه- في مطلع هذه القصة، أن إبراهيم كان من شيعة نوح- عليه السلام- أى:

من أتباعه الذين ساروا على سنته في دعوة الناس إلى عبادة الله وحده.

وقد أمر- عز وجل- نبيه صلّى الله عليه وسلم أن يقتدى بإخوانه السابقين من الأنبياء، فقال:

أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ.

2- أن تعاطى الحيل الشرعية من أجل إزالة المنكر، أمر مشروع، فإن إبراهيم- عليه السلام- لكي يقضى على الأصنام، اعتذر لقومه عن الخروج معهم في يوم عيدهم، وقال لهم: إنى سقيم- بعد أن نظر في النجوم.

وكان مقصده من وراء ذلك، أن يختلى بالأصنام ليحطمها، ويثبت لقومه أنها لا تصلح للألوهية.

3- أن سنة الله- تعالى- قد اقتضت أن يراعى- بفضله وكرمه- عباده المخلصين، وأن ينصرهم على أعدائهم، الذين يبيتون لهم الشرور والسوء.

ونرى ذلك جليا في هذه القصة، فقد أضمر الكافرون لإبراهيم الكيد والإهلاك. فأنجاه الله- تعالى- من مكرهم، كما قال- تعالى-: فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ. 4- أن على المؤمن إذا لم يتمكن من نشر دعوة الحق في مكان معين أن ينتقل منه إلى مكان آخر متى كان قادرا على ذلك.

وهذا ما فعله إبراهيم- عليه السلام- فقد قال لقومه بعد أن يئس من صلاحهم، وبعد أن نجاه الله من كيدهم: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ.

5- أن الدعاء متى صدر من نفس عامرة بالإيمان والتقوى، ومن قلب سليم من الهوى..

كان جديرا بالإجابة.

فلقد تضرع إبراهيم إلى ربه أن يرزقه الذرية الصالحة، فأجاب الله دعاءه.

كما حكى- سبحانه- ذلك في قوله: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ، فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ.

ثم قال- سبحانه- بعد ذلك: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.

6- أن إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- قد ضربا أروع الأمثال في صدق الإيمان، وفي الاستسلام لأمر الله- تعالى- وفي الرضاء بقضائه.

فكافأهما- عز وجل- على ذلك مكافأة جزيلة، بأن جعل الذكر الحسن باقيا لإبراهيم إلى يوم القيامة، وبأن افتدى الذبيح بذبح عظيم.

قال- تعالى-: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ. كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ.

7- أن الذبيح الذي ورد ذكره في هذه القصة، والذي افتداه الله- تعالى- بذبح عظيم، هو إسماعيل- عليه السلام- وعلى ذلك سار جمهور العلماء، ومن أدلتهم على ما ذهبوا إليه ما يأتى:

(أ) أن سياق القصة يدل دلالة واضحة على أن الذبيح إسماعيل، لأن الله- تعالى- حكى عن إبراهيم أنه تضرع إليه- تعالى- بقوله: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فبشره- سبحانه- بِغُلامٍ حَلِيمٍ، وهذا الغلام عند ما بلغ السن التي يمكنه معها مساعدة أبيه في أعماله. قال له أبوه: يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى ثم افتدى الله- تعالى- هذا الغلام بذبح عظيم.

ثم قال- تعالى- بعد كل ذلك: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.

وهذا يدل على أن المبشر به الأول وهو إسماعيل، غير المبشر به الثاني وهو إسحاق.

(ب) أن البشارة بمولد إسحاق- عليه السلام- قد جاء الحديث عنها مفصلا في سورة هود. وظروف هذه البشارة وملابساتها، تختلف عن الظروف والملابسات التي وردت هنا في سورة الصافات، وقد أشار إلى ذلك الإمام السيوطي فقال:

وتأملت القرآن فوجدت فيه ما يقتضى القطع- أو ما يقرب منه- على أن الذبيح إسماعيل، وذلك لأن البشارة وقعت مرتين:

مرة في قوله- تعالى- رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ. فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ. فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ....

فهذه الآية قاطعة في أن المبشر به هو الذبيح.

ومرة في قوله- في سورة هود-: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ.

فقد صرح فيها بأن المبشر به إسحاق، ولم يكن بسؤال من إبراهيم، بل قالت امرأته إنها عجوز، وأنه شيخ، وكان ذلك في بلاد الشام، لما جاءت الملائكة إليه، بسبب قوم لوط، وكان إبراهيم في آخر عمره.

أما البشارة الأولى فكانت حين انتقل من العراق إلى الشام، وحين كان سنه لا يستغرب فيه الولد، ولذلك سأله، فعلمنا بذلك أنهما بشارتان في وقتين بغلامين، أحدهما بغير سؤال، وهو إسحاق، والثانية قبل ذلك بسؤال وهو غيره، فقطعنا بأنه إسماعيل وهو الذبيح .

ج- أن القول بأن الذبيح إسماعيل قد ورد- كما قال الإمام ابن القيم- عن كثير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجها.

ثم قال الإمام ابن القيم: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه «بكره» وفي لفظ «وحيده» ، ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاد إبراهيم .

ومن العلماء الذين فصلوا القول في هذه المسألة، الإمام ابن كثير، فقد قال رحمه الله:

«وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحكى ذلك عن طائفة من السلف، حتى نقل عن بعض الصحابة- أيضا- وليس ذلك في كتاب ولا سنة، وما أظن ذلك تلقّى إلا عن أحبار أهل الكتاب، وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بالغلام الحليم، وذكر أنه الذبيح، ثم قال بعد ذلك: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.

ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ وقال- تعالى-:

فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ أى: يولد له في حياتهما ولد يسمى يعقوب، فيكون من ذريته عقب ونسل.

وقد قدمنا أنه لا يجوز بعد ذلك أن يؤمر بذبحه وهو صغير، لأن الله قد وعدهما بأنه سيعقب، ويكون له نسل، فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيرا، وإسماعيل وصف هنا بالحلم، لأنه مناسب لهذا المقام».

قال الآلوسى- رحمه الله- بعد أن ساق أقوال العلماء في ذلك بالتفصيل: «والذي أميل إليه أنه- أى الذبيح- إسماعيل- عليه السلام-، بناء على أن ظاهر الآية يقتضيه، وأنه المروي عن كثير من أئمة أهل البيت، ولم أتيقن صحة حديث مرفوع يقتضى خلاف ذلك، وحال أهل الكتاب لا يخفى على ذوى الألباب» .

هذه بعض الأحكام والآداب التي يمكن أن نأخذها من هذه القصة، التي حكاها- سبحانه- عن نبيه إبراهيم- عليه السلام- في هذه السورة الكريمة، وهناك أحكام وآداب أخرى يستطيع أن يستخلصها المتدبر في هذه الآيات الكريمة.

وقوله : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) ، لما تقدمت البشارة بالذبيح - وهو إسماعيل - عطف بذكر البشارة بأخيه إسحاق ، وقد ذكرت في سورتي هود " و " الحجر " .

وقوله : ( نبيا ) حال مقدرة ، أي : سيصير منه نبي من الصالحين .

وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن داود ، عن عكرمة قال : قال ابن عباس ، رضي الله عنهما : الذبيح إسحاق . قال : وقوله : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) قال : بشر بنبوته . قال : وقوله : ( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ) [ مريم : 53 ] قال : كان هارون أكبر من موسى ، ولكن أراد : وهب له نبوته .

وحدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت داود يحدث ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في هذه الآية : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) قال : إنما بشر به نبيا حين فداه الله من الذبح ، ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان الثوري ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) قال : بشر به حين ولد ، وحين نبئ .

وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة في قوله : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) قال : بعد ما كان من أمره ، لما جاد لله بنفسه ، وقال الله : ( وباركنا عليه وعلى إسحاق )

القول في تأويل قوله تعالى : وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112)

يقول تعالى ذكره: وبشَّرنا إبراهيم بإسحاق نبيا شكرا له على إحسانه وطاعته.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) قال: بشر به بعد ذلك نبيا، بعد ما كان هذا من أمره لمَّا جاد لله بنفسه.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن داود، عن عكرمة، قال: قال ابن عباس: الذبيح إسحاق; قال: وقوله ( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) قال بُشِّر بنبوته. قال: وقوله وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا قال: كان هارون أكبر من موسى، ولكن أراد وهب الله له نبوته.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت داود يحدّث، عن عكرمة، عن ابن عباس في هذه الآية ( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) قال: إنما بشره به نبيا حين فداه من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده.

حدثني الحسين بن يزيد الطحان، قال: ثنا ابن إدريس، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قول الله: ( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا ) قال: إنما بُشِّر بالنبوّة.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) قال: بُشِّر إبراهيم بإسحاق.

حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) قال: بنبوته.

حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيل، عن ضرار، عن شيخ من أهل المسجد، قال: بُشِّر إبراهيم لسبع عشرة ومئة سنة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[112] ﴿وَبَشَّرْنَاهُ﴾ دائمًا يحب الله أن يبشر أولياءه، قبل نعمه يبعث بشاراته، يجعل إرهاصات النعمة قبل النعمة تحببًا وتوددًا.
وقفة
[112] ﴿وَبَشَّرْنَاهُ﴾ بشروا من حولكم كما بشر القرآن، أسعدوا من حولكم،كونوا مفاتيح أفراح، ومغاليق أحزان.
وقفة
[112] ﴿وَبَشَّرْنَاهُ﴾ لا بد من البشري بعد البلوى، واليسر بعد العسر؛ لأن دوام الحال محال، والفجر آت مهما الليل طال.
وقفة
[112] ﴿وَبَشَّرْنَاهُ﴾ الولد ليس سببًا للبشرى إن لم يكن صالحًا.
وقفة
[112] ﴿وَبَشَّرْنَاهُ﴾ قال أحدهم ممن تأخر في إنجاب الأبناء حتى غزى شعره الشيب: «كنت أتألم عندما أرى أقراني وأبناءهم معهم كبار، وأنا أبنائي أطفال صغار، حتى تدبرت وتأملت قصة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام فهو لم يرزق بالأبناء إلا متأخرًا، قيل أن عمره ٨٦ سنة، لكن عوضه الله بجعل الأنبياء بعده كلهم من ذريته، فهدأت نفسي ورضيت بما كتبه الله لي».

الإعراب :

  • ﴿ وَبَشَّرْناهُ:
  • الواو عاطفة. بشر: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بِإِسْحاقَ:
  • جار ومجرور متعلق ببشرنا وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة لانه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة.
  • ﴿ نَبِيًّا:
  • حال مقدرة على تقدير مضاف محذوف اي بوجود اسحاق نبيا اي بأن يوجد إسحاق مقدرة نبوته والعامل بالحال الوجود لا فعل البشارة وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ مِنَ الصّالِحِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بحال ثانية على سبيل الثناء لان كل نبي لا بد ان يكون من الصالحين وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

هود: 71﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ
الصافات: 112﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [112] لما قبلها :     وبعد المِنَّة الثالثة؛ امتنَّ اللهُ عليه هنا بمِنَّة رابعة، قال تعالى:
﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [113] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ..

التفسير :

[113] وأنزلنا عليهما البركة. ومِن ذريتهما من هو مطيع لربه، محسن لنفسه، ومَن هو ظالم لها ظلماً بيِّناً بكفره ومعصيته.

{ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} أي:أنزلنا عليهما البركة، التي هي النمو والزيادة في علمهما وعملهما وذريتهما، فنشر اللّه من ذريتهما ثلاث أمم عظيمة:أمة العرب من ذرية إسماعيل، وأمة بني إسرائيل، وأمة الروم من ذرية إسحاق.{ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} أي:منهم الصالح والطالح، والعادل والظالم الذي تبين ظلمه، بكفره وشركه، ولعل هذا من باب دفع الإيهام، فإنه لما قال:{ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وعلى إسحاق} اقتضى ذلك البركة في ذريتهما، وأن من تمام البركة، أن تكون الذرية كلهم محسنين، فأخبر اللّه تعالى أن منهم محسنا وظالما، واللّه أعلم.

ثم بين- سبحانه- مظهرا آخر من مظاهر فضله على نبيه إبراهيم فقال: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ. وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ، وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ.

أى: ومن مظاهر تكريمنا لإبراهيم، أننا بشرناه بولد آخر هو إسحاق، الذي جعلناه نبيا من أنبيائنا الصالحين لحمل رسالتنا، وأفضنا على إبراهيم وعلى إسحاق الكثير من بركاتنا الدينية والدنيوية، بأن جعلنا عددا كبيرا من الأنبياء من نسلهما.

ومع ذلك فقد اقتضت حكمتنا أن نجعل من ذريتهما من هو محسن في قوله وعمله، ومن هو ظالم لنفسه بالكفر والمعاصي ظلما واضحا بينا، وسنجازى كل فريق بما يستحقه من ثواب أو عقاب.

هذا ومن الأحكام والآداب التي أخذها العلماء من هذه الآيات ما يأتى:

1- أن الرسل جميعا قد جاءوا من عند الله- تعالى- بدين واحد في أصوله، وأن كل واحد منهم قد سار على نهج سابقه في الدعوة إلى وحدانية الله، وإلى مكارم الأخلاق، وقد بين- سبحانه- في مطلع هذه القصة، أن إبراهيم كان من شيعة نوح- عليه السلام- أى:

من أتباعه الذين ساروا على سنته في دعوة الناس إلى عبادة الله وحده.

وقد أمر- عز وجل- نبيه صلّى الله عليه وسلم أن يقتدى بإخوانه السابقين من الأنبياء، فقال:

أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ.

2- أن تعاطى الحيل الشرعية من أجل إزالة المنكر، أمر مشروع، فإن إبراهيم- عليه السلام- لكي يقضى على الأصنام، اعتذر لقومه عن الخروج معهم في يوم عيدهم، وقال لهم: إنى سقيم- بعد أن نظر في النجوم.

وكان مقصده من وراء ذلك، أن يختلى بالأصنام ليحطمها، ويثبت لقومه أنها لا تصلح للألوهية.

3- أن سنة الله- تعالى- قد اقتضت أن يراعى- بفضله وكرمه- عباده المخلصين، وأن ينصرهم على أعدائهم، الذين يبيتون لهم الشرور والسوء.

ونرى ذلك جليا في هذه القصة، فقد أضمر الكافرون لإبراهيم الكيد والإهلاك. فأنجاه الله- تعالى- من مكرهم، كما قال- تعالى-: فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ. 4- أن على المؤمن إذا لم يتمكن من نشر دعوة الحق في مكان معين أن ينتقل منه إلى مكان آخر متى كان قادرا على ذلك.

وهذا ما فعله إبراهيم- عليه السلام- فقد قال لقومه بعد أن يئس من صلاحهم، وبعد أن نجاه الله من كيدهم: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ.

5- أن الدعاء متى صدر من نفس عامرة بالإيمان والتقوى، ومن قلب سليم من الهوى..

كان جديرا بالإجابة.

فلقد تضرع إبراهيم إلى ربه أن يرزقه الذرية الصالحة، فأجاب الله دعاءه.

كما حكى- سبحانه- ذلك في قوله: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ، فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ.

ثم قال- سبحانه- بعد ذلك: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.

6- أن إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- قد ضربا أروع الأمثال في صدق الإيمان، وفي الاستسلام لأمر الله- تعالى- وفي الرضاء بقضائه.

فكافأهما- عز وجل- على ذلك مكافأة جزيلة، بأن جعل الذكر الحسن باقيا لإبراهيم إلى يوم القيامة، وبأن افتدى الذبيح بذبح عظيم.

قال- تعالى-: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ. كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ.

7- أن الذبيح الذي ورد ذكره في هذه القصة، والذي افتداه الله- تعالى- بذبح عظيم، هو إسماعيل- عليه السلام- وعلى ذلك سار جمهور العلماء، ومن أدلتهم على ما ذهبوا إليه ما يأتى:

(أ) أن سياق القصة يدل دلالة واضحة على أن الذبيح إسماعيل، لأن الله- تعالى- حكى عن إبراهيم أنه تضرع إليه- تعالى- بقوله: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فبشره- سبحانه- بِغُلامٍ حَلِيمٍ، وهذا الغلام عند ما بلغ السن التي يمكنه معها مساعدة أبيه في أعماله. قال له أبوه: يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى ثم افتدى الله- تعالى- هذا الغلام بذبح عظيم.

ثم قال- تعالى- بعد كل ذلك: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.

وهذا يدل على أن المبشر به الأول وهو إسماعيل، غير المبشر به الثاني وهو إسحاق.

(ب) أن البشارة بمولد إسحاق- عليه السلام- قد جاء الحديث عنها مفصلا في سورة هود. وظروف هذه البشارة وملابساتها، تختلف عن الظروف والملابسات التي وردت هنا في سورة الصافات، وقد أشار إلى ذلك الإمام السيوطي فقال:

وتأملت القرآن فوجدت فيه ما يقتضى القطع- أو ما يقرب منه- على أن الذبيح إسماعيل، وذلك لأن البشارة وقعت مرتين:

مرة في قوله- تعالى- رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ. فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ. فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ....

فهذه الآية قاطعة في أن المبشر به هو الذبيح.

ومرة في قوله- في سورة هود-: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ.

فقد صرح فيها بأن المبشر به إسحاق، ولم يكن بسؤال من إبراهيم، بل قالت امرأته إنها عجوز، وأنه شيخ، وكان ذلك في بلاد الشام، لما جاءت الملائكة إليه، بسبب قوم لوط، وكان إبراهيم في آخر عمره.

أما البشارة الأولى فكانت حين انتقل من العراق إلى الشام، وحين كان سنه لا يستغرب فيه الولد، ولذلك سأله، فعلمنا بذلك أنهما بشارتان في وقتين بغلامين، أحدهما بغير سؤال، وهو إسحاق، والثانية قبل ذلك بسؤال وهو غيره، فقطعنا بأنه إسماعيل وهو الذبيح .

ج- أن القول بأن الذبيح إسماعيل قد ورد- كما قال الإمام ابن القيم- عن كثير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجها.

ثم قال الإمام ابن القيم: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه «بكره» وفي لفظ «وحيده» ، ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاد إبراهيم .

ومن العلماء الذين فصلوا القول في هذه المسألة، الإمام ابن كثير، فقد قال رحمه الله:

«وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحكى ذلك عن طائفة من السلف، حتى نقل عن بعض الصحابة- أيضا- وليس ذلك في كتاب ولا سنة، وما أظن ذلك تلقّى إلا عن أحبار أهل الكتاب، وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بالغلام الحليم، وذكر أنه الذبيح، ثم قال بعد ذلك: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.

ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ وقال- تعالى-:

فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ أى: يولد له في حياتهما ولد يسمى يعقوب، فيكون من ذريته عقب ونسل.

وقد قدمنا أنه لا يجوز بعد ذلك أن يؤمر بذبحه وهو صغير، لأن الله قد وعدهما بأنه سيعقب، ويكون له نسل، فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيرا، وإسماعيل وصف هنا بالحلم، لأنه مناسب لهذا المقام».

قال الآلوسى- رحمه الله- بعد أن ساق أقوال العلماء في ذلك بالتفصيل: «والذي أميل إليه أنه- أى الذبيح- إسماعيل- عليه السلام-، بناء على أن ظاهر الآية يقتضيه، وأنه المروي عن كثير من أئمة أهل البيت، ولم أتيقن صحة حديث مرفوع يقتضى خلاف ذلك، وحال أهل الكتاب لا يخفى على ذوى الألباب» .

هذه بعض الأحكام والآداب التي يمكن أن نأخذها من هذه القصة، التي حكاها- سبحانه- عن نبيه إبراهيم- عليه السلام- في هذه السورة الكريمة، وهناك أحكام وآداب أخرى يستطيع أن يستخلصها المتدبر في هذه الآيات الكريمة.

ثم ذكر- سبحانه- جانبا من قصة موسى وهارون- عليهما السلام- وهما من ذرية إبراهيم وإسحاق، فقال- تعالى-:

وقوله : ( وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ) كقوله تعالى : ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ) [ هود : 48 ] .

وقوله ( وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ ) يقول تعالى ذكره: وباركنا على إبراهيم وعلى إسحاق ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ ) يعني بالمحسن: المؤمن المطيع لله، المحسن في طاعته إياه ( وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ) ويعني بالظالم لنفسه: الكافر بالله، الجالب على نفسه بكفره عذاب الله وأليم عقابه ( مبين ) : يعني الذي قد أبان ظلمه نفسه بكفره بالله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله ( مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ) قال: المحسن: المطيع لله، والظالم لنفسه: العاصي لله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[113] ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ لما ذكر البركة في الذرية والكثرة قال: منهم محسن، ومنهم مسيء، وأن المسيء لا تنفعه بنوة النبوة؛ فاليهود والنصارى وإن كانوا من ولد إسحاق، والعرب وإن كانوا من ولد إسماعيل، فلا بد من الفرق بين المحسن والمسيء، والمؤمن والكافر.
وقفة
[113] ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ وفيه تنبيه على أن الخبيث والطيِّب لا يجري أمرهما على العِرق والعنصر؛ فقد يلد البَرُّ الفاجرَ والفاجر البَّر، وعلى أن فساد الأعقاب لا يُعدُّ غضاضة على الآباء، وأن مناط الفضل هو خصال الذات وما اكتسب المرء من الصالحات، وأما كرامة الآباء فتكملة للكمال وباعث على الاتِّسام بفضائل الخِلال.
وقفة
[113] النسب والجاه لا ينجيان العبد، والمعول عليه صالح العمل بعد رحمة أرحم الراحمين ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ:
  • تعرب اعراب وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ».و«عليه» جار ومجرور متعلق بباركنا.
  • ﴿ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ:
  • الواو استئنافية. من ذرية: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. و «ما» للتثنية.محسن: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. اي محسن في عمله.
  • ﴿ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ:
  • معطوفة بالواو على «محسن» وتعرب اعرابها. لنفسه: جار ومجرور متعلق بظالم والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة وقد عدي اسم الفاعل باللام بمعنى ومن ذريتهما من هو محسن في عمله ومنهم من هو ظالم لنفسه.
  • ﴿ مُبِينٌ:
  • صفة-نعت-لظالم مرفوعة مثلها بالضمة'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [113] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ ما أعْطَى إبراهيمَ وإسحاقَ عليهما السَّلامُ؛ نَقَل الكلامَ هنا إلى ذُرِّيَّتِهما، قال تعالى:
﴿ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [114] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ

التفسير :

[114] ولقد مننَّا على موسى وهارون بالنبوة والرسالة،

يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

ثم ذكر - سبحانه - جانباً من قصة موسى وهارون - عليهما السلام - وهما من ذرية إبراهيم وإسحاق ، فقال - تعالى - :

( وَلَقَدْ مَنَنَّا على موسى . . . ) .

موسى : هو ابن عمران بن يصهر بن ماهيث بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق ، وكانت ولادته فى حوالى القرن الثالث عشر ق م .

وهارون : أخو موسى ، قيل كان شقيقا له ، وقيل كان أخا له لأمه . .

والمعنى : لقد أنعمنا على موسى - وهارون - عليهما السلام بنعمة النبوة ، وبغيرها من النعم الأخرى .

يذكر تعالى ما أنعم به على موسى وهارون من النبوة والنجاة بمن آمن معهما من قهر فرعون وقومه ، وما كان يعتمده في حقهم من الإساءة العظيمة ، من قتل الأبناء واستحياء النساء ، واستعمالهم في أخس الأشياء . ثم بعد هذا كله نصرهم عليهم ، وأقر أعينهم منهم ، فغلبوهم وأخذوا أرضهم وأموالهم وما كانوا جمعوه طول حياتهم . ثم أنزل الله على موسى الكتاب العظيم الواضح الجلي المستبين ، وهو التوراة ، كما قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء ) [ الأنبياء : 48 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)

يقول تعالى ذكره: ولقد تفضلنا على موسى وهارون ابني عمران، فجعلناهما نبيين، ونجيناهما وقومهما من الغم والمكروه العظيم الذي كانوا فيه من عُبودة آل فرعون، ومما أهلكنا به فرعون وقومه من الغرق.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[113] ﴿وَبارَكنا عَلَيهِ وَعَلى إِسحاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِما مُحسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفسِهِ مُبينٌ﴾ ليست كل الذرية دائمًا صالحة، لذا جاء الحرف (مِن).
وقفة
[114] ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ﴾ المنَّة على موسى وهارون هنا بالنبوة، فإنها أعظم درجة يصل إليها إنسان، ولذا لم يعيِّن الله ما منَّ به عليهم لنحمل المنَّ على أكمل معناه.
وقفة
[114] ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ﴾ النبوة منَّة لأن كلًّا من موسى وهارون لم يسألاها الله، إذ ليست النبوة مكتسبة.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ مَنَنّا:
  • الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق.مننا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. اي تفضلنا.
  • ﴿ عَلى مُوسى وَهارُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بمننا. وهارون: معطوف بالواو على «موسى» ويعرب اعرابه والاسمان ممنوعان من الصرف مجروران بالفتحة بدلا من الكسرة وقد قدرت الحركة على ألف الاسم الأول للتعذر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [114] لما قبلها :     القصَّةُ الثالثةُ: قصَّةُ موسى وهارون عليهما السلام، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [115] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ

التفسير :

[115]ونجيناهما وقومهما من الغرق، وما كانوا فيه من عبودية ومَذلَّة.

يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

والتى من بينها أننا نجيناهما وقومهما المؤمنين ، من استعباد فرعون إياهم ، ومن ظلمه لهم .

يذكر تعالى ما أنعم به على موسى وهارون من النبوة والنجاة بمن آمن معهما من قهر فرعون وقومه ، وما كان يعتمده في حقهم من الإساءة العظيمة ، من قتل الأبناء واستحياء النساء ، واستعمالهم في أخس الأشياء . ثم بعد هذا كله نصرهم عليهم ، وأقر أعينهم منهم ، فغلبوهم وأخذوا أرضهم وأموالهم وما كانوا جمعوه طول حياتهم . ثم أنزل الله على موسى الكتاب العظيم الواضح الجلي المستبين ، وهو التوراة ، كما قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء ) [ الأنبياء : 48 ] .

حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدّيّ، في قوله ( وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) قال: من الغرق.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) : أي من آل فرعون.

المعاني :

الْكَرْبِ الْعَظِيمِ :       الغَرَقِ فِي البَحْرِ، وَالعُبُودِيَّةِ لِفِرْعَوْنَ السراج

التدبر :

وقفة
[115] ﴿وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾ فيه قولان: قيل: إنه الغرق، أغرق الله فرعون وقومه، ونجَّى بني إسرائيل، وقيل: المراد أنه تعالى نجاهم من أذى فرعون، حيث كان يذبِّح أبناءهم ويستحيي نساءهم.
وقفة
[115] وصف الله بلاء فرعون لموسى عليه السلام وقومه بـ ﴿الكرب العظيم﴾، ومع ذلك جعل فرجهم منه بمجرد عصا، قل: «يا رب»، ولا تبالي كيف الفرج؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ
  • الواو عاطفة والآية اعربت في الآية الكريمة السادسة والسبعين و «ما» في نَجَّيْناهُما» و «قومهما» للتثنية.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [115] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنَّه مَنَّ على موسى وهارونَ عليهما السلام؛ فصَّلَ هنا هذه المِنن والنِعم: المِنَّةُ الأولى: النَّجاةُ مِن ظلمِ فرعون، وما كانوا فيه من عبودية ومَذلَّة، ومِن الغَرق، قال تعالى:
﴿ وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [116] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ

التفسير :

[116] ونصرناهم، فكانت لهم العزة والنصرة والغلبة على فرعون وآله.

يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

( وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُواْ هُمُ الغالبين ) أى : ونصرنا موسى وهارون ومن آمن بهما . فكانوا بسبب هذا النصر الذى منحناهم إياه ، هم الغالبين لأعدائهم ، بعد أن كانوا تحت أسرهم وقهرهم .

يذكر تعالى ما أنعم به على موسى وهارون من النبوة والنجاة بمن آمن معهما من قهر فرعون وقومه ، وما كان يعتمده في حقهم من الإساءة العظيمة ، من قتل الأبناء واستحياء النساء ، واستعمالهم في أخس الأشياء . ثم بعد هذا كله نصرهم عليهم ، وأقر أعينهم منهم ، فغلبوهم وأخذوا أرضهم وأموالهم وما كانوا جمعوه طول حياتهم . ثم أنزل الله على موسى الكتاب العظيم الواضح الجلي المستبين ، وهو التوراة ، كما قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء ) [ الأنبياء : 48 ] .

وقوله ( وَنَصَرْنَاهُمْ ) يقول: ونصرنا موسى وهارون وقومهما على فرعون وآله بتغريقناهم، ( فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ) لهم.

وقال بعض أهل العربية: إنما أريد بالهاء والميم في قوله ( وَنَصَرْنَاهُمْ ) موسى وهارون، ولكنها أخرجت على مخرج مكنيّ الجمع، لأن العرب تذهب بالرئيس &; 21-94 &; كالنبي والأمير وشبه إلى الجمع بجنوده وأتباعه، وإلى التوحيد لأنه واحد في الأصل، ومثله: عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ وفي موضع آخر: وملئه قال: وربما ذهبت العرب بالاثنين إلى الجمع كما تذهب بالواحد إلى الجمع، فتخاطب الرجل، فتقول: ما أحسنتم ولا أجملتم، وإنما تريده بعينه، وهذا القول الذي قاله هذا الذي حكينا قوله في قوله ( وَنَصَرْنَاهُمْ ) وإن كان قولا غير مدفوع، فإنه لا حاجة بنا إلى الاحتيال به لقوله ( وَنَصَرْنَاهُمْ ) لأن الله أتبع ذلك قوله ( وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) ثم قال: ( وَنَصَرْنَاهُمْ ) يعني: هما وقومهما، لأن فرعون وقومه كانوا أعداء لجميع بني إسرائيل، قد استضعفوهم، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، فنصرهم الله عليهم، بأن غرّقهم ونجى الآخرين.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[116] ﴿وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ كانوا هم الغالبين في كل الأحوال؛ بظهور الحجة في أول الأمر، والغلبة والرفعة في آخر الأمر.

الإعراب :

  • ﴿ وَنَصَرْناهُمْ:
  • الواو عاطفة. نصر: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. اي ونصرناهم على القوم الكافرين.
  • ﴿ فَكانُوا:
  • الفاء سببية. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والالف فارقة.
  • ﴿ هُمُ الْغالِبِينَ:
  • هم: ضمير فصل او عماد لا محل له من الاعراب. الغالبين:خبر «كان» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [116] لما قبلها :     المِنَّةُ الثانيةُ: نِعمةُ النَّصرِ على فرعون وآله، قال تعالى:
﴿ وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [117] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ

التفسير :

[117] وآتيناهما التوراة البينة،

يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

( وَآتَيْنَاهُمَا ) بعد كل ذلك ( الكتاب المستبين ) أى : الكتاب المبين الواضح وهو التوراة .

يقال : استبان الشئ ، إذا ظهر ووضح وضوحا تاما .

أى في الأقوال والأفعال.

القول في تأويل قوله تعالى : وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117)

يقول تعالى ذكره: وآتينا موسى وهارون الكتاب: يعني التوراة.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ ) : التوراة.

ويعني بالمستبين: المتبيِّن هُدَى ما فيه وتفصيله وأحكامه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[117] ﴿وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ﴾ الكتاب المستبين: هو التوراة، والمستبين: شديد الوضوح، يقال: استبان الشيء إذا ظهر ظهورًا شديدًا.
وقفة
[117، 118] ﴿وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ * وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ من أوتي الكتاب فلن يَضِلَّ الصراط.

الإعراب :

  • ﴿ وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ:
  • معطوفة بالواو على نَصَرْناهُمْ» وتعرب اعرابها والالف علامة التثنية لا محل لها من الاعراب. الكتاب: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ الْمُسْتَبِينَ:
  • صفة-نعت-للكتاب منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة بمعنى:البليغ في بيانه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [117] لما قبلها :     المِنَّةُ الثالثةُ: نِعمةُ نُزُول التَّوراةِ، قال تعالى:
﴿ وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [118] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

التفسير :

[118]وهديناهما الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، وهو الإسلام دين الله الذي ابتعث به أنبياءه،

يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

( وَهَدَيْنَاهُمَا الصراط المستقيم ) أى : وهديناهما وأرشدناهما - بفضلنا وإحساننا - إلى الطريق الواضح الذى لا عوج فيه .

أى في الأقوال والأفعال.

وقوله ( وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) يقول تعالى ذكره: وهدينا موسى وهارون الطريق المستقيم، الذي لا اعوجاج فيه وهو الإسلام دين الله، الذي ابتعث به أنبياءه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) الإسلام.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[118] ﴿وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ قل: اللهم اهدني الصراط المستقيم.
وقفة
[118] ﴿وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ كل عبد مفتقر إلى الهداية ولو كان نبيًّا، وأقرب الناس من الانحراف من ظن نفسه أبعدهم عنه.
وقفة
[118] ﴿وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ لماذا لم يقل: (وهديناهما إلى الصراط المستقيم)؟ والجواب: الهداية نوعان: هداية دلالة: وتتعدى بـ(إلى)، فيقال: «هداه إلى الصراط المستقيم»، وهداية توفيق: وتتعدي بنفسها، فيقال: «هداه الصراط المستقيم» وهي المقصودة في هذه الآية.

الإعراب :

  • ﴿ وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب الآية الكريمة السابقة والقول الكريم بمعنى:طريق اهل الاسلام.'

المتشابهات :

الفاتحة: 6﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
الصافات: 118﴿وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [118] لما قبلها :     المِنَّةُ الرابعةُ: هِدايةُ موسى وهارون عليهما السلام الطريق المستقيم، وهو الإسلام، قال تعالى:
﴿ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [119] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ

التفسير :

[119]وأبقينا لهما ثناءً حسناً وذكراً جميلاً فيمن بعدهما.

{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} أي:أبقى عليهما ثناء حسنا، وتحية في الآخرين، ومن باب أولى وأحرى في الأولين{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}

( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الآخرين . سَلاَمٌ على موسى وَهَارُونَ ) أى : وأبقينا عليهما فى الأمم المتأخرة الثناء الجميل ، والذكر الحسن .

( وتركنا عليهما في الآخرين ) أي : أبقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ، ثم فسره بقوله : ( سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين )

وقوله ( وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الآخِرِينَ ) يقول: وتركنا عليهما في الآخرين بعدهم الثناء الحسن عليهما.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[119] ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ﴾ الذِّكر الجميل والثَّناء الجزيل من الفضل الجليل لله رب العالمين.
وقفة
[119] ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ﴾ عن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله:ﷺ «إذا أثْنى عليك جِيرانُكَ أنَّكَ مُحسِنٌ فأنْتَ مُحْسِنٌ، وإذا أثْنى عليكَ جِيرانُكَ أنَّكَ مُسيىءٌ فأَنْتُ مُسيىءٌ». [ابن عساكر 53/94، وصححه الألباني].

الإعراب :

  • ﴿ وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في الآية الكريمة الثامنة والسبعين. و «ما» للتثنية.'

المتشابهات :

الصافات: 119﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ
الصافات: 78﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
الصافات: 108﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
الصافات: 129﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [119] لما قبلها :     المِنَّةُ الخامسةُ: الثَّنَاءُ الحَسَنُ على موسى وهارون عليهما السلام، قال تعالى:
﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [120] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ

التفسير :

[120] تحيةٌ لموسى وهارون من عند الله، وثناءٌ ودعاءٌ لهما بالسلامة من كل آفة،

{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} أي:أبقى عليهما ثناء حسنا، وتحية في الآخرين، ومن باب أولى وأحرى في الأولين{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}

سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ

"وتركنا عليهما في الآخرين" أي أبقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ثم فسره بقوله تعالى "سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين".

وقوله ( سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ) يقول: وذلك أن يقال: سلام على موسى وهارون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[120] ﴿سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ﴾ سلام عليهما من كل سوء، وسلام يحفظهما من مجرد أن يذكرهما أحد بسوء، والسلام من آثار اسم الله السلام.

الإعراب :

  • ﴿ سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في الآية الكريمة التاسعة والسبعين. وهارون:معطوف بالواو على «موسى».والاسمان أعربا في الآية الكريمة الرابعة عشرة بعد المائة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [120] لما قبلها :     ولَمَّا ظَهَرَ بِهَذا أنَّ لَهُما مِنَ الشَّرَفِ والسُّؤْدُدِ أمْرًا عَظِيمًا؛ كانَتْ نَتِيجَتُهُ:
﴿ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [121] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

التفسير :

[121]كما جزيناهما الجزاء الحسن نجزي المحسنين من عبادنا المخلصين لنا بالصدق والإيمان والعمل.

{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} أي:أبقى عليهما ثناء حسنا، وتحية في الآخرين، ومن باب أولى وأحرى في الأولين{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}

( إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين ) أى : مثل هذا التكريم نجازى عبادنا المحسنين.

( وتركنا عليهما في الآخرين ) أي : أبقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ، ثم فسره بقوله : ( سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين )

وقوله ( إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) يقول: هكذا نجزي أهل طاعتنا، والعاملين بما يرضينا عنهم .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[121] ﴿كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ ليس هذا ثوابًا لموسى وهارون فحسب، بل ثوابًا لكل محسن، فتنافسوا في هذا الدرب، واقتفوا آثار الركب، وتعرّضوا لجوائز الرب.
وقفة
[121] ابتسم في وجه أخيك، أو ساعد جارك في حمل متاعه، أو ألقِ كلمة طيبة على زملائك، فكل هذا من الإحسان ﴿كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب الآية الكريمة الخامسة بعد المائة.'

المتشابهات :

الصافات: 80﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الصافات: 105﴿قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡيَآۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الصافات: 121﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الصافات: 131﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
المرسلات: 44﴿ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [121] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ نَصْرُ النَّبِيِّ ﷺ بِمَن مَعَهُ مِنَ الضُّعَفاءِ عَلى قُرَيْشٍ وسائِرِ العَرَبِ عِنْدَ قُرَيْشٍ في غايَةِ البُعْدِ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه فَعَلَ مَعَهُما ذَلِكَ لِإحْسانِهِما، وذلك تهديدًا لمشركي مكة، قال تعالى:
﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [122] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

التفسير :

[122] . إنهما من عبادنا الراسخين في الإيمان.

{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} أي:أبقى عليهما ثناء حسنا، وتحية في الآخرين، ومن باب أولى وأحرى في الأولين{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}

( إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين ) أى الذين صدقوا فى إيمانهم ، وفى طاعتهم لنا .

( وتركنا عليهما في الآخرين ) أي : أبقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ، ثم فسره بقوله : ( سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين )

( إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ) يقول: إن موسى وهارون من عبادنا المخلصين لنا الإيمان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب الآية الكريمة الحادية والثمانين. و «ما» للتثنية.'

المتشابهات :

الصافات: 122﴿ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الصافات: 81﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الصافات: 111﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الصافات: 132﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [122] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ إحْسانَهُما؛ أكَّدَهُ هنا تَرْغِيبًا في مَضْمُونِهِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [123] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ

التفسير :

[123] وإن عبدنا إلياس لمن الذين أكرمناهم بالنبوة والرسالة،

يمدح تعالى عبده ورسوله، إلياس عليه الصلاة والسلام، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له "بعل"وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟"وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟"

ثم ساق - سبحانه - جانبا من قصة إلياس - عليه السلام - وهو أيضاً من ذرية إبراهيم وإسحاق ، فقال - تعالى - :

( وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ . . . ) .

إلياس - عليه السلام - هو ابن فنحاص بن العيزار بن هارون - عليه السلام - فهو ينتهى نسبه - أيضا - إلى إبراهيم وإسحاق .

ويعرف إلياس فى كتب الإِسرائيليين باسم ( إيليا ) وقد أرسله الله - تعالى - إلى قوم كانوا يعبدون صنما يسمونه بعلا .

ويقال : إن رسالته كانت فى عهد " آخاب " أحد ملوك بنى إسرائيل فى حوالى القرن العاشر ق م .

والمعنى : ( وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المرسلين ) الذين أرسلناهم إلى الناس ليخرجوهم من ظلمات الكفر إلى نور الإِيمان .

قال قتادة ، ومحمد بن إسحاق ، يقال : إلياس هو إدريس . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبيدة بن ربيعة ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : إلياس هو إدريس . وكذا قال الضحاك .

وقال وهب بن منبه : هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران ، بعثه الله في بني إسرائيل بعد حزقيل ، عليهما السلام ، وكانوا قد عبدوا صنما يقال له : " بعل " ، فدعاهم إلى الله ، ونهاهم عن عبادة ما سواه . وكان قد آمن به ملكهم ثم ارتد ، واستمروا على ضلالتهم ، ولم يؤمن به منهم أحد . فدعا الله عليهم .

فحبس عنهم القطر ثلاث سنين ، ثم سألوه أن يكشف ذلك عنهم ، ووعدوه الإيمان به إن هم أصابهم المطر . فدعا الله لهم ، فجاءهم الغيث فاستمروا على أخبث ما كانوا عليه من الكفر ، فسأل الله أن يقبضه إليه . وكان قد نشأ على يديه اليسع بن أخطوب - عليه السلام - فأمر إلياس أن يذهب إلى مكان كذا وكذا ، فمهما جاءه فليركبه ولا يهبه ، فجاءته فرس من نار فركب ، وألبسه الله النور وكساه الريش ، وكان يطير مع الملائكة ملكا إنسيا سماويا أرضيا ، هكذا حكاه وهب عن أهل الكتاب ، والله أعلم بصحته .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)

يقول تعالى ذكره: وإن إلياس، وهو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران فيما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق.

وقيل: إنه إدريس، حدثنا بذلك بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان يقال: إلياس هو إدريس. وقد ذكرنا ذلك فيما مضى قبل.

وقوله (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) يقول جلّ ثناؤه: لمرسل من المرسلين.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[123] ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ إلياس من أنبياء بني إسرائيل، وقيل: إنه إدريس عليه السلام، والأرجح أنه غيره.
عمل
[123، 124] وزِّع كتيبًا على زملائك أو في الحي تدعوهم به إلى الله ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّ إِلْياسَ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.إلياس: اسم «ان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لانه ممنوع من الصرف-التنوين-لانه اسم اعجمي.
  • ﴿ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-.من المرسلين: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

الصافات: 123﴿ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
الصافات: 133﴿ وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ
الصافات: 139﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [123] لما قبلها :     القصَّةُ الرابعةُ: قصَّةُ إلياسَ عليه السلام معَ قومِه، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إلياس:
1- بهمزة قطع مكسورة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بوصل الألف، وهى قراءة عكرمة، والحسن، بخلاف عنهما، والأعرج، وأبى رجاء، وابن عامر، وابن محيصن.

مدارسة الآية : [124] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ

التفسير :

[124] ، إذ قال لقومه من بني إسرائيل:اتقوا الله وحده وخافوه، ولا تشركوا معه غيره،

يمدح تعالى عبده ورسوله، إلياس عليه الصلاة والسلام، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له "بعل"وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟"وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟"

وقوله : ( إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ ) شروع فى بيان ما نصح به إلياس قومه ، والظرف مفعول لفعل محذوف ، والتقدير اذكر وقت أن قال لقومه ألا تتقون الله . وتخشون عذابه ونقمته . والاستفهام للحض على تقوى الله - تعالى - واجتناب ما يغضبه .

أي ألا تخافون الله عز وجل فى عبادتكم غيره.

(إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ) .

يقول حين قال لقومه في بني إسرائيل: ألا تتقون الله أيها &; 21-96 &; القوم، فتخافونه، وتحذرون عقوبته على عبادتكم ربا غير الله، وإلهًا سواه .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[124] ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ أعظم الناس ذنبًا أجدر أن يكون أعظمهم خوفًا، وأطلق لفظ التقوي ولم يحدده بشيء، فلم يقل: (تتقون الله) أو (تتقون النار)؛ لتبقى على عمومها وإطلاقها.
لمسة
[124] ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ تأمل اللطف في الخطاب؛ فلم يقل: (اتقوا الله)، مع أن كثيرًا من الأنبياء قالها، وذلك مراعاة لاختلاف أحوال المخاطبين، ومخاطبة كل واحد بما يليق به.
عمل
[124، 125] دعاء غير الله مناف للتقوى، فاحرص على تحقيق التقوى بدعاء الله وحده سبحانه ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِذْ قالَ:
  • ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» او اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره اذكر.قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة «قال» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِقَوْمِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بقال والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَلا تَتَّقُونَ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-الا: الهمزة همزة توبيخ بلفظ‍ استفهام. لا: نافية لا عمل لها. تتقون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعول «يتقون» لأنه معلوم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [124] لما قبلها :     وبعد أن مدحَ اللهُ رسولَه إِليَاسَ عليه السلام بالرسالة، وكان قومُه يعبدون صنمًا يُقالُ له (بَعْل)؛ أنذر قومه وخَوَّفَهم، قال تعالى:
﴿ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [125] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ

التفسير :

[125]كيف تعبدون صنماً ضعيفاً مخلوقاً، وتتركون أحسنَ الخالقين -المتصفَ بأحسن الصفات وأكملها، فلا تعبدونه-

يمدح تعالى عبده ورسوله، إلياس عليه الصلاة والسلام، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له "بعل"وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟"وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟"

ثم أنكر عليهم عبادتهم لغيره - سبحانه - فقال : ( أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين ) .

والبعل : اسم للصنم الذى كان يعبده قومه ، وهو صنم قيل : سميت باسمه مدينة بعلبك بالشام ، وكان قومه يسكنون فيها ، وقيل : البعل : الرب بلغة اليمن .

أى : قال لهم على سبيل التوبيخ والزجر : أتعبدون صنما لا يضر ولا ينفع وتتركون عبادة أحسن ما يقال له خالق ، وهو الله - عز وجل - الذى خلقكم ورزقكم .

( أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، والسدي : ( بعلا ) يعني : ربا .

قال قتادة وعكرمة : وهي لغة أهل اليمن . وفي رواية عن قتادة قال : هي لغة أزد شنوءة .

وقال ابن إسحاق : أخبرني بعض أهل العلم أنهم كانوا يعبدون امرأة اسمها : " بعل " .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه : هو اسم صنم كان يعبده أهل مدينة يقال لها : " بعلبك " ، غربي دمشق .

وقال الضحاك : هو صنم كانوا يعبدونه .

وقوله : ( أتدعون بعلا ) أي : أتعبدون صنما ؟ ( وتذرون أحسن الخالقين )

(وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ) يقول: وتَدعون عبادة أحسن مَن قيل له خالق.

وقد اختلف في معنى بَعْل، فقال بعضهم: معناه: أتدعون ربا؟ وقالوا: هي لغة لأهل اليمن معروفة فيهم.

* ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا حرمي بن عمارة، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني عُمارة، عن عكرمة، في قوله ( أَتَدْعُونَ بَعْلا ) قال: إلها.

حدثنا عمران بن موسى، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا عمارة، عن عكرمة، في قوله ( أَتَدْعُونَ بَعْلا ) يقول: أتدعون ربا، وهي لغة أهل اليمن، تقول: من بعل هذا الثور: أي من ربُّه؟

حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ومحمد بن عمرو، قالا ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( أَتَدْعُونَ بَعْلا ) قال: ربا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( أَتَدْعُونَ بَعْلا ) قال: هذه لغة باليمانية: أتدعون ربا دون الله.

حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله ( أَتَدْعُونَ بَعْلا ) قال: ربّا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن عبد الله بن أبي يزيد، قال: كنت عند ابن عباس فسألوه عن هذه الآية: ( أَتَدْعُونَ بَعْلا ) قال: فسكت ابن عباس، فقال رجل: أنا بعلها، فقال ابن عباس: كفاني هذا الجواب.

وقال آخرون: هو صنم كان لهم يقال له بَعْل، وبه سميت بعلبك.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( أَتَدْعُونَ بَعْلا ) يعني: صنما كان لهم يسمى بَعْلا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( أَتَدْعُونَ بَعْلا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) ؟ قال: بعل: صنم كانوا يعبدون، كانوا ببعلك، وهم وراء دمشق، وكان بها البعل الذي كانوا يعبدون.

وقال آخرون: كان بَعْل: امرأة كانوا يعبدونها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: سمعت بعض أهل العلم يقول: ما كان بَعْل إلا امرأة يعبدونها من دون الله.

وللبَعْل في كلام العرب أوجه. يقولون لربّ الشيء هو بَعْله، يقال: هذا بَعْل هذه الدار، يعني ربُّها; ويقولون لزوج المرأة بعلُها; ويقولون لما كان من الغروس والزروع مستغنيا بماء السماء، ولم يكن سقيا بل هو بعل، وهو العَذْي. وذُكر أن الله بعث إلى بني إسرائيل إلياس بعد مهلك حِزْقيل بن يوزا.

وكان من قصته وقصة قومه فيما بلغنا، ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن وهب بن منبه، قال: إن الله قبض حِزْقيل، وعظمت في بني إسرائيل الأحداث، ونُسوا ما كان من عهد الله إليهم، حتى نصبوا الأوثان وعبدوها دون الله، فبعث الله إليهم إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران نبيا. وإنما كانت الأنبياء من بني إسرائيل بعد موسى يُبعثون إليهم بتجديد ما نُسوا من التوراة، فكان إلياس مع ملك من ملوك بني إسرائيل، يقال له: أحاب، كان اسم امرأته: أربل، وكان يسمع منه ويصدّقه، وكان إلياس يقيم له أمره، وكان سائر بني إسرائيل قد اتخذوا صنما يعبدونه من دون الله يقال له بعل.

قال ابن إسحاق: وقد سمعت بعض أهل العلم يقول: ( ما كان بعل إلا امرأة يعبدونها من دون الله ); يقول الله لمحمد: ( وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ ) فجعل إلياس يدعوهم إلى الله، وجعلوا لا يسمعون منه شيئا إلا ما كان من ذلك الملك، والملوك متفرّقة بالشام، كل ملك له ناحية منها يأكلها، فقال ذلك الملك الذي كان إلياس معه يقوم له أمره، ويراه على هدى من بين أصحابه يوما: يا إلياس، والله ما أرى ما تدعو إليه إلا باطلا والله ما أرى فلانا وفلانا - يعدّد ملوكًا من ملوك بني إسرائيل قد عبدوا الأوثان من دون الله- إلا على مثل ما نحن عليه، يأكلون ويشربون وينعمون مملكين، ما ينقص دنياهم أمرهم الذي تزعم أنه باطل، وما نرى لنا عليهم من فضل; فيزعمون- والله أعلم- أن إلياس استرجع وقام شعر رأسه وجلده، ثم رفضه وخرج عنه، ففعل ذلك الملك فعل أصحابه: عبد الأوثان، وصنع ما يصنعون، فقال إلياس: اللهمّ إن بني إسرائيل قد أبَوْا إلا أن يكفروا بك والعبادة لغيرك، فغير ما بهم من نعمتك ) أو كما قال.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: فذكر لي أنه أوحي إليه: إنا قد جعلنا أمر أرزاقهم بيدك وإليك حتى تكون أنت الذي تأذن في ذلك، فقال إلياس: اللهم فأمسك عليهم المطر; فحبس عنهم ثلاث سنين، حتى هلكت الماشية والهوامّ والدوابّ والشجر، وجهد الناس جهدا شديدا. وكان إلياس فيما يذكرون حين دعا بذلك على بني إسرائيل قد استخفى، شفقا على نفسه منهم، وكان حيثما كان وضع له رزق، وكانوا إذا وجدوا ريح الخبز في دار أو بيت، قالوا: لقد دخل إلياس هذا المكان فطلبوه، ولقي منهم أهل ذلك المنـزل شرا. ثم إنه أوى ليلة إلى امرأة من بني إسرائيل لها ابن يقال له اليسع ابن أخطوب به ضرّ، فآوته وأخفت أمره، فدعا إلياس لابنها، فعُوفِيَ من الضرّ الذي كان به، واتبع اليسع غلاما شابا، فيزعمون- والله أعلم- أن أوحى إلى إلياس: إنك قد أهلكت كثيرا من الخلق ممن لم يعص سوى بني إسرائيل من البهائم والدوابّ والطير والهوامّ والشجر، بحبس المطر عن بني إسرائيل، فيزعمون والله أعلم أن إلياس قال: أي ربّ دعني أنا الذي أدعو لهم وأكون أنا الذي آتيهم بالفرج مما هم فيه من البلاء الذي أصابهم، لعلهم أن يرجعوا وينـزعوا عما هم عليه من عبادة غيرك، قيل له: نعم; فجاء إلياس إلى بني إسرائيل فقال لهم: إنكم قد هلكتم جهدا، وهلكت البهائم والدوابّ والطير والهوامّ والشجر بخطاياكم، وإنكم على باطل وغرور، أو كما قال لهم، فإن كنتم تحبون أن تعلموا ذلك، وتعلموا أن الله عليكم ساخط فيما أنتم عليه، وأن الذي أدعوكم إليه الحقّ، فاخرجوا بأصنامكم هذه التي تعبدون وتزعمون أنها خير مما أدعوكم إليه، فإن استجابت لكم، فذلك كما تقولون، وإن هي لم تفعل علمتم أنكم على باطل، فنـزعتم، ودعوت الله ففرّج عنكم ما أنتم فيه من البلاء، قالوا: أنصفت; فخرجوا بأوثانهم، وما يتقربون به إلى الله من إحداثهم الذي لا يرضى، فدعوها فلم تستجب لهم، ولم تفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء حتى عرفوا ما هم فيه من الضلالة والباطل، ثم قالوا لإلياس: يا إلياس إنا قد هلكنا فادع الله لنا، فدعا لهم إلياس بالفرج مما هم فيه، وأن يسقوا، فخرجت سحابة مثل التُّرس بإذن الله على ظهر البحر وهم ينظرون، ثم ترامى إليه السحاب، ثم أدحَسَتْ ثم أرسل المطر، فأغاثهم، فحيت بلادهم، وفرج عنهم ما كانوا فيه من البلاء، فلم ينـزعوا ولم يرجعوا، وأقاموا على أخبث ما كانوا عليه; فلما رأى ذلك إلياس من كفرهم، دعا ربه أن يقبضه إليه، فيريحه منهم، فقيل له فيما يزعمون: انظر يوم كذا وكذا، فاخرج فيه إلى بلد كذا وكذا، فماذا جاءوك من شيء فاركبه ولا تهبه; فخرج إلياس وخرج معه اليسع بن أخطوب، حتى إذا كان في البلد الذي ذُكر له في المكان الذي أُمر به، أقبل إليه فرس من نار حتى وقف بين يديه، فوثب عليه، فانطلق به، فناداه اليسع: يا إلياس، يا إلياس ما تأمرني؟ فكان آخر عهدهم به، فكساه الله الريش، وألبسه النور، وقطع عنه لذّة المطعم والمشرب، وطار في الملائكة، فكان إنسيا ملكيا أرضيا سَماويا.

المعاني :

أَتَدْعُونَ بَعْلًا :       أَتَعْبُدُونَ الصَّنَمَ المُسَمَّى: «بَعْلًا» السراج
أتدْعون بَعْلا :       أتعبدون الصّـنم المسمّى بعلا معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[125] ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ ليس المقصود من (بَعْلًا) هنا الزوج، وإنما المراد به الصنم.
وقفة
[125] كل ما في القرآن العظيم من (بعل) فهو: الزوج, إلا ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ فهو: الصنم, ويروي القرطبي أن البعل هو: الرب؛ بلغة اليمن.
وقفة
[125] ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ من مقاصد الشرع تحرير العباد من عبودية البشر.
وقفة
[125] ما المراد بصيغة الجمع فى قوله تعالى: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾؟ الخلق له معنيين: إما الخلق ابتداءً، وهذا خاص بالله سبحانه وتعالى، والخلق بمعنى التقدير، وهذا ليس خاصًا بالله، ويقال للبشر، كما قال على لسان عيسى: ﴿أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ﴾ [آل عمران: 49]، فإذن الخلق ليس مختصًّا بالله في قوله: ﴿أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾، الخلق ابتداء خاص بالله تعالى، والخلق بمعنى التقدير تقال للبشر.

الإعراب :

  • ﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلاً:
  • الهمزة بدل من همزة أَلا تَتَّقُونَ».تدعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بعلا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي بمعنى أتعبدون الصنم «بعل» وهو علم لصنم كان لهم كهبل.
  • ﴿ وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ:
  • معطوفة بالواو على «تدعون» وتعرب اعرابها. احسن: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الخالقين:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [125] لما قبلها :     وبعد أن خَوَّفَهم؛ أنكرَ عليهم ووَبَّخَهم: أتعبدون صنمًا لا يضر ولا ينفع وتتركون عبادة من خلقكم ورزقكم! قال تعالى:
﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بعلا:
وقرئ:
بعلاء، بالمد، على وزن «حمراء» .

مدارسة الآية : [126] :الصافات     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ

التفسير :

[126]اللهَ ربَّكم الذي خلقكم، وخلق آباءكم الماضين قبلكم؟

يمدح تعالى عبده ورسوله، إلياس عليه الصلاة والسلام، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له "بعل"وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟"وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟"

ولفظ الجلالة فى قوله : ( الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ الأولين ) بدل من ( أَحْسَنَ الخالقين ) .

أى : أتعبدون صنما صنعتموه بأيديكم ، وتذرون عبادة الله - تعالى - الذى هو ربكم ورب آبائكم الأولين .

وقرأ غير واحد من القراء السبعة ( الله ) - بالرفع - على أنه مبتدأ ، و ( ربكم ) خبره .

والتعرض لذكر ربوبيته - تعالى - لآبائهم الأولين ، الغرض منه التأكيد على بطلان عبادتهم لغيره - سبحانه - فكأنه يقول لهم : إن الله - تعالى - الذى أدعوكم لعبادته وحده ليس هو ربكم وحدكم بل - أيضاً - رب آبائكم الأولين ، الذين من طريقهم أتيتم إلى هذه الحياة .

أي هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ ) فقرأته عامة قراء مكة والمدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة: ( الله رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ ) رفعا على الاستئناف، وأن الخبر قد تناهى عند قوله ( أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: ( اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ ) نصبا، على الردّ على قوله ( وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) على أن ذلك كله كلام واحد.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، مع استفاضة القراءة بهما في القرّاء، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام: ذلك معبودكم أيها الناس الذي يستحق عليكم العبادة: ربكم الذي خلقكم، وربّ آبائكم الماضين قبلكم، لا الصنم الذي لا يخلق شيئا، ولا يضرّ ولا ينفع.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[126] ﴿اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ تذكير لهم بالموت الذي حصد آباءهم وأجدادهم؛ ليستعدوا للحاق بهم بصلاح أعمالهم وصدق إيمانهم قبل يوم الفراق.

الإعراب :

  • ﴿ اللهَ:
  • لفظ‍ الجلالة بدل من أَحْسَنَ الْخالِقِينَ» الواردة في الآية السابقة منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ رَبَّكُمْ:
  • صفة-نعت-للفظ‍ الجلالة او بدل منه منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة مبني على الضم-ضمير المخاطبين-والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَرَبَّ آبائِكُمُ:
  • معطوف بالواو على «ربكم».آباء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ الْأَوَّلِينَ:
  • صفة-نعت-للآباء مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لانها جمع مذكر سالم والنون عوض من الحركة في المفرد. ولفظ‍ «ربّ» يعرب اعراب «ربّ» في كلمة «ربكم».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [126] لما قبلها :     ولَمَّا عابَهم على عبادةِ غيرِ اللهِ؛ صرَّحَ هنا بالتَّوحيدِ، ونَفيِ الشُّرَكاءِ، قال تعالى:
﴿ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الله ربكم ورب:
1- بالنصب فى الثلاثة، وهى قراءة الكوفيين، وزيد بن على.
وقرئت:
2- بالرفع، وهى قراءة باقى السبعة.

البحث بالسورة

البحث في المصحف