ترتيب المصحف | 11 | ترتيب النزول | 52 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 14.00 |
عدد الآيات | 123 | عدد الأجزاء | 0.65 |
عدد الأحزاب | 1.30 | عدد الأرباع | 5.90 |
ترتيب الطول | 8 | تبدأ في الجزء | 11 |
تنتهي في الجزء | 12 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 5/29 | آلر: 2/5 |
لَمَّا شكَّ قومُ صالحٍ عليه السلام في دعْوتِه جاءَهم بمعجزةِ النَّاقةِ حجةً وعلامةً على صدْقِه، فكذَّبُوه وعقرُوا النَّاقةَ، فأخذَتْهم الصَّيحةُ الشديدةُ فماتُوا، ونجَّى اللهُ صالحًا ومن معَه.
قريبًا إن شاء الله
القصَّةُ الرابعةُ: قِصَّةُ إبْراهيمَ عليه السلام معَ الملائكةِ المرسلةِ لإهلاكِ قومِ لوطٍ، وبَشَّرُوا زوجتَه سارَّة بأنَّها ستلدُ إسحاقَ عليه السلام ، وسيكونُ لإسحاقَ ولدٌ هو يعقوبُ عليه السلام.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} أي:برهان ويقين مني{ وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً} أي:منَّ علي برسالته ووحيه، أي:أفأتابعكم على ما أنتم عليه، وما تدعونني إليه؟.
{ فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} أي:غير خسار وتباب، وضرر.
فانظر كيف قابل هؤلاء السفهاء الدعوة إلى الحق بالتصميم على الباطل، ولكن صالحا- عليه السلام- لم ييأس بل يرد عليهم بأسلوب حكيم فيقول:
قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي، وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً، فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ، فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ.
أى قال صالح- عليه السلام- لقومه: يا قوم أخبرونى إن كنت على حجة واضحة من ربي ومالك أمرى.
وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً أى: وأعطانى من عنده لا من عند غيره رحمة عظيمة حيث اختارني لحمل رسالته. وتبليغ دعوته.
وجملة فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ جواب الشرط وهو قوله إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ.
أى: إذا كان الله- تعالى- قد منحني كل هذه النعم، وأمرنى بأن أبلغكم دعوته فمن ذا الذي يجيرني ويعصمني من غضبه، إذا أنا خالفت أمره أو قصرت في تبليغ دعوته، احتفاظا برجائكم في، ومسايرة لكم في باطلكم؟
لا، إننى سأستمر في تبليغ ما أرسلت به إليكم، ولن يمنعني عن ذلك ترغيبكم أو ترهيبكم.
وقوله فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ تصريح منه بأن ما عليه هو الحق الذي لا يقبل الشك أو الريب، وأن مخالفته توصل إلى الهلاك والخسران.
والتخسير: مصدر خسر، يقال خسر فلان فلانا إذا نسبه إلى الخسران. أى: فما تزيدونني بطاعتكم ومعصية ربي غير الوقوع في الخسران، وغير التعرض لعذاب الله وسخطه وحاشاى أن أخالف أمر ربي إرضاء لكم.
فالآية الكريمة تصور تصويرا بليغا ما كان عليه صالح- عليه السلام- من إيمان عميق بالله- تعالى-، ومن ثبات على دعوته ومن حرص على طاعته- سبحانه-
( قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ) فيما أرسلني به إليكم على يقين وبرهان [ من الله ] ، ( وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته ) وتركت دعوتكم إلى الحق وعبادة الله وحده ، فلو تركته لما نفعتموني ولما زدتموني ( غير تخسير ) أي : خسارة .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (63)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال صالح لقومه من ثمود: (يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ) ، يقول : إن كنت على برهان وبيان من الله قد علمته وأيقنته (1) ، (وآتاني منه رحمة)، يقول: وآتاني منه النبوة والحكمة والإسلام ،
(فمن ينصرني من الله إن عصيته) ، يقول: فمن الذي يدفع عنِّي عقابه إذا عاقبني إن أنا عصيته، فيخلصني منه ، (فما تزيدونني ) ، بعذركم الذي تعتذرون به ، من أنكم تعبدون ما كان يعبدُ آباؤكم، (غير تخسير ) ، لكم يخسركم حظوظكم من رحمة الله، (2) كما:-
18285- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فما تزيدونني غير تخسير) ، يقول: ما تزدادون أنتم إلا خسارًا.
---------------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير " البينة " فيما سلف من فهارس اللغة ( بين) .
(2) انظر تفسير " الخسران " فيما سلف من فهارس اللغة ( خسر ) .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
هود: 28 | ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ﴾ |
---|
هود: 63 | ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّـهِ إِنْ عَصَيْتُهُ﴾ |
---|
هود: 88 | ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} لها شرب من البئر يوما، ثم يشربون كلهم من ضرعها، ولهم شرب يوم معلوم.{ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ} أي:ليس عليكم من مؤنتها وعلفها شيء،{ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ} أي:بعقر{ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}
ثم أرشد صالح- عليه السلام- إلى المعجزة الدالة على صدقه فيما يبلغه عن ربه فقال:
وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً.. أى: معجزة، واضحة دالة على صدقى وفي إضافة الناقة إلى الله- تعالى- تعظيم لها وتشريف لحالها، وتنبيه على أنها ناقة مخصوصة ليست كغيرها من النوق التي تستعمل في الركوب والنحر وغيرهما. لأن الله- تعالى- قد جعلها معجزة لنبيه صالح- عليه السلام- ولم يجعلها كغيرها.
وقد ذكر بعض المفسرين من صفات هذه الناقة وخصائصها. ما لا يؤيده نقل صحيح، لذا أضربنا عن كل ذلك صفحا، ونكتفي بأن نقول: بأنها كانت ناقة ذات صفات خاصة مميزة، تجعل قوم صالح يعلمون عن طريق هذا التمييز لها عن غيرها أنها معجزة دالة على صدق نبيهم- عليه السلام- فيما يدعوهم إليه.
وقوله: فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ، وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ أمر لهم بعدم التعرض لها بسوء وتحذير لهم من نتائج مخالفة أمره.
أى: اتركوا الناقة حرة طليقة تأكل في أرض الله الواسعة ومن رزقه الذي تكفل به لكل دابة، واحذروا أن تمسوها بشيء من السوء مهما كان قليلا، فإنكم لو فعلتم ذلك عرضتم أنفسكم لعذاب الله العاجل القريب.
والتعبير بقوله فَيَأْخُذَكُمْ بفاء التعقيب وبلفظ الأخذ، يفيد سرعة الأخذ وشدته، لأن أخذه- سبحانه- أليم شديد.
قال علماء التفسير والنسب ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح وهو أخو جديس بن عاثر وكذلك قبيلة طسم كل هؤلاء كانوا أحياء من العرب العاربة قبل إبراهيم الخليل عليه السلام وكانت ثمود بعد عاد ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديارهم ومساكنهم وهو ذاهب إلى تبوك في سنة تسع قال الإمام أحمد حدثنا عبدالصمد حدثنا صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس علي تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا لها القدور فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور وعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا علي القوم الذين عذبوا وقال "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم" وقال أحمد أيضا حدثنا عفان حدثنا عبدالعزيز بن مسلم حدثنا عبدالله بن دينار عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم" وأصل هذا الحديث مخرج في الصحيحين من غير وجه وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا يزيد بن هارون المسعودي عن إسماعيل بن أوسط عن محمد بن أبي كبشة الأنماري عن أبيه قال لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس "الصلاة جامعة" قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعنزة وهو يقول "ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم "فناداه رجل منهم نعجب منهم يا رسول الله؟ قال "أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك: رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا "لم يخرجه أحد من أصحاب السنن وأبو كبشة اسمه عمر بن سعد ويقال عامر بن سعد والله أعلم وقال الإمام أحمد حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن عبدالله بن عثمان بن خيثم عن أبي الزبير عن جابر قال لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال "لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما فعقروها فأخذتهم صيحة أخمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله" فقالوا من هو يا رسول الله قال: أبو رغال فلما خرج من الحرم أصاب ما أصاب قومه" وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة وهو على شرط مسلم.
قوله تعالى "وإلى ثمود" أي ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحا "قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" فجميع الرسل يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وقال "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" وقوله "قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية" أي قد جاءتكم حجة من الله على صدق ما جئتكم به وكانوا هم الذين سألوا صالحا أن يأتيهم بآية واقترحوا عليه بأن تخرج لهم من صخرة صماء عينوها بأنفسهم وهي صخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاتبة فطلبوا منه أن تخرج لهم منها ناقة عشراء تمخض فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم الله إلى سؤالهم وأجابهم إلى طلبتهم ليؤمنن به وليتبعنه فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم قام صالح عليه السلام إلى صلاته ودعا الله عز وجل فتحركت تلك الصخرة ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء يتحرك جنينها بين جنبيها كما سألوا فعند ذلك آمن رئيسهم جندع بن عمرو ومن كان معه على أمره وأراد بقية أشراف ثمود أن يؤمنوا فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صعر بن جلهس وكان جندع بن عمرو بن عم له شهاب بن خليفة بن محلاة بن لبيد بن حراس وكان من أشراف ثمود وأفاضلها فأراد أن يسلم أيضا فنهاه أولئك الرهط فأطاعهم فقال في ذلك رجل من مؤمني ثمود يقال له مهوش بن عثمة بن الدميل رحمه الله.
وكانت عصبة من آل عمرو إلى دين النبي دعوا شهابا عزيز ثمود كلهم جميعا فهم بأن يجيب فلو أجابا لأصبح صالح فينا عزيزا وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا ولكن الغواة من آل حجر تولوا بعد رشدهم ذيابا وأقامت الناقة وفصيلها بعد ما وضعته بين أظهرهم مدة تشرب من بئرها يوما وتدعه لهم يوما وكانوا يشربون لبنها يوم شربها يحتلبونها فيملؤن ما شاء من أوعيتهم وأوانيهم كما قال في الآية الأخرى "ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر" وقال تعالى "هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم" وكانت تسرح في بعض تلك الأودية ترد من فج وتصدر من غيره ليسعها لأنها كانت تتضلع من الماء وكانت على ما ذكر خلقا هائلا ومنظرا رائعا إذا مرت بأنعامهم نفرت منها فلما طال عليهم واشتد تكذيبهم لصالح النبي عليه السلام عزموا على قتلها ليستأثروا بالماء كل يوم فيقال إنهم اتفقوا كلهم على قتلها قال قتادة بلغني أن الذي قتلها طاف عليهم كلهم أنهم راضون بقتلها حتى على النساء في خدورهن وعلى الصبيان قلت وهذا هو الظاهر لقوله تعالى "فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها" وقال "وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها" وقال "فعقروا الناقة" فأسند ذلك على مجموع القبيلة فدل على رضى جميعهم بذلك والله أعلم وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير وغيره من علماء التفسير أن سبب قتلها أن امرأة منهم يقال لها عنيزة ابنة غنم بن مجلز وتكنى أم عثمان كانت عجوزا كافرة وكانت من أشد الناس عداوة لصالح عليه السلام وكانت لها بنات حسان ومال جزيل وكان زوجها ذؤاب بن عمرو أحد رؤساء ثمود وامرأة أخرى يقال لها صدقة بنت المحيا بن زهير بن المختار ذات حسب ومال وجمال وكانت تحت رجل مسلم من ثمود ففارقته فكانتا تجعلان لمن التزم لهما بقتل الناقة فدعت صدقة رجلا يقال له الحباب فعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقي فأبى عليها فدعت ابن عم لها يقال له مصدع بن مهرج بن المحيا فأجابها إلى ذلك ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف بن جذع وكان رجلا أحمر أزرق قصيرا يزعمون أنه كان ولد زنية وأنه لم يكن من أبيه الذي ينسب إليه وهو سالف وإنما هو من رجل يقال له صهياد ولكن ولد على فراش سالف وقالت له أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة فعند ذلك انطلق قدار بن سالف ومصدع بن مهرج فاستغويا غواة من ثمود فاتبعهما سبعة نفر فصاروا تسعة رهط وهم الذين قال الله تعالى "وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون" وكانوا رؤساء في قومهم فاستمالوا القبيلة الكافرة بكمالها فطاوعتهم على ذلك فانطلقوا فرصدوا الناقة حين صدرت من الماء وقد كمن لها قدار بن سالف في أصل صخرة على طريقها وكمن لها مصدع في أصل أخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها وخرجت بنت غنم عنيزة وأمرت ابنتها وكانت من أحسن الناس وجها فسفرت عن وجهها لقدار وزمرته وشد عليها قدار بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرجت ساقطة إلى الأرض ورغت رغاة واحدة تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها وانطلق سقبها وهو فصيلها حتى أتى جبلا منيعا فصعد أعلى صخرة فيه ورغا فروى عبدالرزاق عن معمر عمن سمع الحسن البصري أنه قال يا رب أين أمي ويقال أنه رغا ثلات مرات وأنه دخل في صخرة فغاب فيها ويقال إنهم اتبعوه فعقروه مع أمه فالله أعلم.
فلما فعلوا ذلك وفرغوا من عقر الناقة وبلغ الخبر صالحا عليه السلام فجاءهم وهم مجتمعون فلما رأى الناقة بكى وقال "تمتعوا في داركم ثلاثة أيام" الآية.
وكان قتلهم الناقة يوم الأربعاء فلما أمسى أولئك التسعة الرهط عزموا على قتل صالح وقالوا إن كان صادقا عجلناه قبلنا وإن كان كاذبا ألحقناه بناقته "قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم" الآية.
فلما عزموا على ذلك وتواطئوا عليه وجاءوا من الليل ليفتكوا بنبي الله فأرسل الله سبحانه وتعالى وله العزة ولرسوله عليهم حجارة فرضختهم سلفا وتعجيلا قبل قومهم وأصبح ثمود يوم الخميس وهو اليوم الأول من أيام النظرة ووجوههم مصفرة كما وعدهم صالح عليه السلام وأصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة وأصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت ووجوههم مسودة فلما أصبحوا من يوم الأحد وقد تحنطوا وقعدوا ينتظرون نقمة الله وعذابه عياذا بالله من ذلك لا يدرون ماذا يفعل بهم ولا كيف يأتيهم العذاب وأشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحدة.
القول في تأويل قوله تعالى : وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل صالح لقومه من ثمود ، إذ قالوا له : وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ، وسألوه الآية على ما دعاهم إليه: (يا قوم هذه ناقة الله لكم آية) ، يقول: حجة وعلامة، ودلالة على حقيقة ما أدعوكم إليه ، (فذروها تأكل في أرض الله) ، فليس عليكم رزقها ولا مئونتها ، (ولا تمسوها بسوء) ، يقول: لا تقتلوها ولا تنالوها بعَقْر ، (فيأخذكم عذاب قريب) ، يقول: فإنكم إن تمسوها بسوء يأخذكم عذاب من الله غير بعيد فيهلككم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 73 | ﴿ هَـٰذِهِ نَاقَةُ اللَّـهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّـهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ |
---|
هود: 64 | ﴿ هَـٰذِهِ نَاقَةُ اللَّـهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّـهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ} لهم صالح:{ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} بل لا بد من وقوعه.
ولكن قوم صالح- عليه السلام- لم يستمعوا إلى تحذيره، بل قابلوه بالطغيان والعصيان، فَعَقَرُوها أى: فعقروا الناقة وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ .
والفاء معطوفة على محذوف: أى فخالفوا ما نهاهم عنه نبيهم فعقروها أى نحروها وأصل العقر: قطع عرقوب البعير، ثم استعمل في النحر لأن ناحر البعير يعقله ثم ينحره فقال لهم صالح- عليه السلام- بعد عقرها تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ.
والتمتع: الانتفاع بالمتاع، وهو اسم لما يحتاج إليه الإنسان في هذه الحياة من مأكل ومشرب وغيرهما.
والمراد بدارهم: أماكن سكناهم التي يعيشون فيها.
أى: قال لهم نبيهم بعد نحرهم للناقة: عيشوا في بلدكم هذا، متمتعين بما فيه من نعم لمدة ثلاثة أيام: فقط، فهي آخر ما بقي لكم من متاع هذه الدنيا، ومن أيام حياتكم.
ذلِكَ الوعد بنزول العذاب بكم بعد هذه المدة القصيرة.
وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ فيه لأنه صادر من الله- تعالى- الذي لا يخلف وعده.
وعبر عن قرب نزول العذاب بهم بالوعد على سبيل التهكم بهم.
قال الجمل: «مكذوب» يجوز أن يكون مصدرا على وزن مفعول، وقد جاء منه ألفاظ نحو: المجلود والمعقول والمنشور والمغبون، ويجوز أن يكون اسم مفعول على بابه وفيه تأويلان: أحدهما: غير مكذوب فيه، ثم حذف حرف الجر فاتصل الضمير مرفوعا مستترا في الصفة ومثله: يوم مشهود. والثاني: أنه جعل هو نفسه غير مكذوب، لأنه قد وفى به، وإذا وفي به فقد صدق».
قال علماء التفسير والنسب ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح وهو أخو جديس بن عاثر وكذلك قبيلة طسم كل هؤلاء كانوا أحياء من العرب العاربة قبل إبراهيم الخليل عليه السلام وكانت ثمود بعد عاد ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديارهم ومساكنهم وهو ذاهب إلى تبوك في سنة تسع قال الإمام أحمد حدثنا عبدالصمد حدثنا صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس علي تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا لها القدور فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور وعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا علي القوم الذين عذبوا وقال "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم" وقال أحمد أيضا حدثنا عفان حدثنا عبدالعزيز بن مسلم حدثنا عبدالله بن دينار عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم" وأصل هذا الحديث مخرج في الصحيحين من غير وجه وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا يزيد بن هارون المسعودي عن إسماعيل بن أوسط عن محمد بن أبي كبشة الأنماري عن أبيه قال لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس "الصلاة جامعة" قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعنزة وهو يقول "ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم "فناداه رجل منهم نعجب منهم يا رسول الله؟ قال "أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك: رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا "لم يخرجه أحد من أصحاب السنن وأبو كبشة اسمه عمر بن سعد ويقال عامر بن سعد والله أعلم وقال الإمام أحمد حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن عبدالله بن عثمان بن خيثم عن أبي الزبير عن جابر قال لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال "لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما فعقروها فأخذتهم صيحة أخمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله" فقالوا من هو يا رسول الله قال: أبو رغال فلما خرج من الحرم أصاب ما أصاب قومه" وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة وهو على شرط مسلم.
قوله تعالى "وإلى ثمود" أي ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحا "قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" فجميع الرسل يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وقال "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" وقوله "قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية" أي قد جاءتكم حجة من الله على صدق ما جئتكم به وكانوا هم الذين سألوا صالحا أن يأتيهم بآية واقترحوا عليه بأن تخرج لهم من صخرة صماء عينوها بأنفسهم وهي صخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاتبة فطلبوا منه أن تخرج لهم منها ناقة عشراء تمخض فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم الله إلى سؤالهم وأجابهم إلى طلبتهم ليؤمنن به وليتبعنه فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم قام صالح عليه السلام إلى صلاته ودعا الله عز وجل فتحركت تلك الصخرة ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء يتحرك جنينها بين جنبيها كما سألوا فعند ذلك آمن رئيسهم جندع بن عمرو ومن كان معه على أمره وأراد بقية أشراف ثمود أن يؤمنوا فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صعر بن جلهس وكان جندع بن عمرو بن عم له شهاب بن خليفة بن محلاة بن لبيد بن حراس وكان من أشراف ثمود وأفاضلها فأراد أن يسلم أيضا فنهاه أولئك الرهط فأطاعهم فقال في ذلك رجل من مؤمني ثمود يقال له مهوش بن عثمة بن الدميل رحمه الله.
وكانت عصبة من آل عمرو إلى دين النبي دعوا شهابا عزيز ثمود كلهم جميعا فهم بأن يجيب فلو أجابا لأصبح صالح فينا عزيزا وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا ولكن الغواة من آل حجر تولوا بعد رشدهم ذيابا وأقامت الناقة وفصيلها بعد ما وضعته بين أظهرهم مدة تشرب من بئرها يوما وتدعه لهم يوما وكانوا يشربون لبنها يوم شربها يحتلبونها فيملؤن ما شاء من أوعيتهم وأوانيهم كما قال في الآية الأخرى "ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر" وقال تعالى "هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم" وكانت تسرح في بعض تلك الأودية ترد من فج وتصدر من غيره ليسعها لأنها كانت تتضلع من الماء وكانت على ما ذكر خلقا هائلا ومنظرا رائعا إذا مرت بأنعامهم نفرت منها فلما طال عليهم واشتد تكذيبهم لصالح النبي عليه السلام عزموا على قتلها ليستأثروا بالماء كل يوم فيقال إنهم اتفقوا كلهم على قتلها قال قتادة بلغني أن الذي قتلها طاف عليهم كلهم أنهم راضون بقتلها حتى على النساء في خدورهن وعلى الصبيان قلت وهذا هو الظاهر لقوله تعالى "فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها" وقال "وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها" وقال "فعقروا الناقة" فأسند ذلك على مجموع القبيلة فدل على رضى جميعهم بذلك والله أعلم وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير وغيره من علماء التفسير أن سبب قتلها أن امرأة منهم يقال لها عنيزة ابنة غنم بن مجلز وتكنى أم عثمان كانت عجوزا كافرة وكانت من أشد الناس عداوة لصالح عليه السلام وكانت لها بنات حسان ومال جزيل وكان زوجها ذؤاب بن عمرو أحد رؤساء ثمود وامرأة أخرى يقال لها صدقة بنت المحيا بن زهير بن المختار ذات حسب ومال وجمال وكانت تحت رجل مسلم من ثمود ففارقته فكانتا تجعلان لمن التزم لهما بقتل الناقة فدعت صدقة رجلا يقال له الحباب فعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقي فأبى عليها فدعت ابن عم لها يقال له مصدع بن مهرج بن المحيا فأجابها إلى ذلك ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف بن جذع وكان رجلا أحمر أزرق قصيرا يزعمون أنه كان ولد زنية وأنه لم يكن من أبيه الذي ينسب إليه وهو سالف وإنما هو من رجل يقال له صهياد ولكن ولد على فراش سالف وقالت له أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة فعند ذلك انطلق قدار بن سالف ومصدع بن مهرج فاستغويا غواة من ثمود فاتبعهما سبعة نفر فصاروا تسعة رهط وهم الذين قال الله تعالى "وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون" وكانوا رؤساء في قومهم فاستمالوا القبيلة الكافرة بكمالها فطاوعتهم على ذلك فانطلقوا فرصدوا الناقة حين صدرت من الماء وقد كمن لها قدار بن سالف في أصل صخرة على طريقها وكمن لها مصدع في أصل أخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها وخرجت بنت غنم عنيزة وأمرت ابنتها وكانت من أحسن الناس وجها فسفرت عن وجهها لقدار وزمرته وشد عليها قدار بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرجت ساقطة إلى الأرض ورغت رغاة واحدة تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها وانطلق سقبها وهو فصيلها حتى أتى جبلا منيعا فصعد أعلى صخرة فيه ورغا فروى عبدالرزاق عن معمر عمن سمع الحسن البصري أنه قال يا رب أين أمي ويقال أنه رغا ثلات مرات وأنه دخل في صخرة فغاب فيها ويقال إنهم اتبعوه فعقروه مع أمه فالله أعلم.
فلما فعلوا ذلك وفرغوا من عقر الناقة وبلغ الخبر صالحا عليه السلام فجاءهم وهم مجتمعون فلما رأى الناقة بكى وقال "تمتعوا في داركم ثلاثة أيام" الآية.
وكان قتلهم الناقة يوم الأربعاء فلما أمسى أولئك التسعة الرهط عزموا على قتل صالح وقالوا إن كان صادقا عجلناه قبلنا وإن كان كاذبا ألحقناه بناقته "قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم" الآية.
فلما عزموا على ذلك وتواطئوا عليه وجاءوا من الليل ليفتكوا بنبي الله فأرسل الله سبحانه وتعالى وله العزة ولرسوله عليهم حجارة فرضختهم سلفا وتعجيلا قبل قومهم وأصبح ثمود يوم الخميس وهو اليوم الأول من أيام النظرة ووجوههم مصفرة كما وعدهم صالح عليه السلام وأصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة وأصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت ووجوههم مسودة فلما أصبحوا من يوم الأحد وقد تحنطوا وقعدوا ينتظرون نقمة الله وعذابه عياذا بالله من ذلك لا يدرون ماذا يفعل بهم ولا كيف يأتيهم العذاب وأشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحدة.
القول في تأويل قوله تعالى : فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فعقرت ثمود ناقة الله ، وفي الكلام محذوفٌ قد ترك ذكرُه ، استغناءً بدلالة الظاهر عليه، وهو: " فكذبوه " " فعقروها " ، فقال لهم صالح: ، (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام) ، يقول: استمتعوا في دار الدنيا بحياتكم ثلاثة أيام ، (ذلك وعد غير مكذوب) ، يقول: هذا الأجل الذي أجَّلتكم ، وَعْدٌ من الله، وعدكم بانقضائه الهلاكَ ونـزولَ العذاب بكم ، (غير مكذوب)، يقول: لم يكذبكم فيه من أعلمكم ذلك.
* * *
18286- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب) ، وذكر لنا أن صالحًا حين أخبرهم أن العذاب أتاهم لبسُوا الأنطاع والأكسية، (3) وقيل لهم: إن آية ذلك أن تصفرَّ ألوانكم أوَّل يوم، ثم تحمرَّ في اليوم الثاني، ثم تسودَّ في اليوم الثالث . وذكر لنا أنهم لما عقرُوا الناقة ندموا ، وقالوا: " عليكم الفَصيلَ " ؟ فصعد الفصيل القارَة ، و " القارة " الجبل ، حتى إذا كان اليوم الثالث، استقبل القبلة ، وقال: " يا رب أمي ، يا رب أمي " ، ثلاثا. قال: فأرسلت الصيحة عند ذلك.
، وكان ابن عباس يقول: لو صعدتم القارة لرأيتم عظام الفصيل. وكانت منازل ثمود بحجْر بين الشام والمدينة.
18287- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام) ، قال: بقية آجالهم.
18288- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة أن ابن عباس قال: لو صعدتم على القارة لرأيتم عظَام الفصيل.
-------------------
الهوامش :
(3) " الأنطاع " جمع " نطع " ( بكسر فسكون ) ، وهو : الجلد والأدم . كانوا يتخذون لأنفسهم منها أكفانًا ، كما سيأتي في آخر الحديث رقم : 18290 ص : 377 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 77 | ﴿ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ﴾ |
---|
هود: 65 | ﴿ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمۡ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٖۖ ذَٰلِكَ وَعۡدٌ غَيۡرُ مَكۡذُوبٖ﴾ |
---|
الشعراء: 157 | ﴿ فَعَقَرُوهَا فَأَصۡبَحُواْ نَٰدِمِينَ﴾ |
---|
الشمس: 14 | ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمۡدَمَ عَلَيۡهِمۡ رَبُّهُم بِذَنۢبِهِمۡ فَسَوَّىٰهَا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} بوقوع العذاب{ نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} أي:نجيناهم من العذاب والخزي والفضيحة.
{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} ومن قوته وعزته، أن أهلك الأمم الطاغية، ونجى الرسل وأتباعهم.
ولقد تحقق ما توعدهم به نبيهم، فقد حل بهم العذاب في الوقت الذي حدده لهم، قال - تعالى- فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا أى: فلما جاء أمرنا بإنزال العذاب بهم في الوقت المحدد.
نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا أى برحمة عظيمة كائنة منا.
ونجيناهم أيضا مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ أى: من خزي وذل ذلك اليوم الهائل الشديد الذي نزل فيه العذاب بالظالمين من قوم صالح- عليه السلام- فأبادهم.
فالتنوين في قوله يَوْمِئِذٍ عوض عن المضاف إليه المحذوف.
وقوله- سبحانه- إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين عما أصابهم من أذى.
أى: إن ربك- أيها الرسول الكريم- هو القوى الذي لا يعجزه شيء، العزيز الذي لا يهون من يتولاه ويرعاه، فلا تبتئس عما أصابك من قومك، فربك قادر على أن يفعل بهم، ما فعله بالظالمين السابقين من أمثالهم.
قال علماء التفسير والنسب ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح وهو أخو جديس بن عاثر وكذلك قبيلة طسم كل هؤلاء كانوا أحياء من العرب العاربة قبل إبراهيم الخليل عليه السلام وكانت ثمود بعد عاد ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديارهم ومساكنهم وهو ذاهب إلى تبوك في سنة تسع قال الإمام أحمد حدثنا عبدالصمد حدثنا صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس علي تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا لها القدور فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور وعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا علي القوم الذين عذبوا وقال "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم" وقال أحمد أيضا حدثنا عفان حدثنا عبدالعزيز بن مسلم حدثنا عبدالله بن دينار عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم" وأصل هذا الحديث مخرج في الصحيحين من غير وجه وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا يزيد بن هارون المسعودي عن إسماعيل بن أوسط عن محمد بن أبي كبشة الأنماري عن أبيه قال لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس "الصلاة جامعة" قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعنزة وهو يقول "ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم "فناداه رجل منهم نعجب منهم يا رسول الله؟ قال "أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك: رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا "لم يخرجه أحد من أصحاب السنن وأبو كبشة اسمه عمر بن سعد ويقال عامر بن سعد والله أعلم وقال الإمام أحمد حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن عبدالله بن عثمان بن خيثم عن أبي الزبير عن جابر قال لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال "لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما فعقروها فأخذتهم صيحة أخمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله" فقالوا من هو يا رسول الله قال: أبو رغال فلما خرج من الحرم أصاب ما أصاب قومه" وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة وهو على شرط مسلم.
قوله تعالى "وإلى ثمود" أي ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحا "قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" فجميع الرسل يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وقال "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" وقوله "قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية" أي قد جاءتكم حجة من الله على صدق ما جئتكم به وكانوا هم الذين سألوا صالحا أن يأتيهم بآية واقترحوا عليه بأن تخرج لهم من صخرة صماء عينوها بأنفسهم وهي صخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاتبة فطلبوا منه أن تخرج لهم منها ناقة عشراء تمخض فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم الله إلى سؤالهم وأجابهم إلى طلبتهم ليؤمنن به وليتبعنه فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم قام صالح عليه السلام إلى صلاته ودعا الله عز وجل فتحركت تلك الصخرة ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء يتحرك جنينها بين جنبيها كما سألوا فعند ذلك آمن رئيسهم جندع بن عمرو ومن كان معه على أمره وأراد بقية أشراف ثمود أن يؤمنوا فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صعر بن جلهس وكان جندع بن عمرو بن عم له شهاب بن خليفة بن محلاة بن لبيد بن حراس وكان من أشراف ثمود وأفاضلها فأراد أن يسلم أيضا فنهاه أولئك الرهط فأطاعهم فقال في ذلك رجل من مؤمني ثمود يقال له مهوش بن عثمة بن الدميل رحمه الله.
وكانت عصبة من آل عمرو إلى دين النبي دعوا شهابا عزيز ثمود كلهم جميعا فهم بأن يجيب فلو أجابا لأصبح صالح فينا عزيزا وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا ولكن الغواة من آل حجر تولوا بعد رشدهم ذيابا وأقامت الناقة وفصيلها بعد ما وضعته بين أظهرهم مدة تشرب من بئرها يوما وتدعه لهم يوما وكانوا يشربون لبنها يوم شربها يحتلبونها فيملؤن ما شاء من أوعيتهم وأوانيهم كما قال في الآية الأخرى "ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر" وقال تعالى "هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم" وكانت تسرح في بعض تلك الأودية ترد من فج وتصدر من غيره ليسعها لأنها كانت تتضلع من الماء وكانت على ما ذكر خلقا هائلا ومنظرا رائعا إذا مرت بأنعامهم نفرت منها فلما طال عليهم واشتد تكذيبهم لصالح النبي عليه السلام عزموا على قتلها ليستأثروا بالماء كل يوم فيقال إنهم اتفقوا كلهم على قتلها قال قتادة بلغني أن الذي قتلها طاف عليهم كلهم أنهم راضون بقتلها حتى على النساء في خدورهن وعلى الصبيان قلت وهذا هو الظاهر لقوله تعالى "فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها" وقال "وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها" وقال "فعقروا الناقة" فأسند ذلك على مجموع القبيلة فدل على رضى جميعهم بذلك والله أعلم وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير وغيره من علماء التفسير أن سبب قتلها أن امرأة منهم يقال لها عنيزة ابنة غنم بن مجلز وتكنى أم عثمان كانت عجوزا كافرة وكانت من أشد الناس عداوة لصالح عليه السلام وكانت لها بنات حسان ومال جزيل وكان زوجها ذؤاب بن عمرو أحد رؤساء ثمود وامرأة أخرى يقال لها صدقة بنت المحيا بن زهير بن المختار ذات حسب ومال وجمال وكانت تحت رجل مسلم من ثمود ففارقته فكانتا تجعلان لمن التزم لهما بقتل الناقة فدعت صدقة رجلا يقال له الحباب فعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقي فأبى عليها فدعت ابن عم لها يقال له مصدع بن مهرج بن المحيا فأجابها إلى ذلك ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف بن جذع وكان رجلا أحمر أزرق قصيرا يزعمون أنه كان ولد زنية وأنه لم يكن من أبيه الذي ينسب إليه وهو سالف وإنما هو من رجل يقال له صهياد ولكن ولد على فراش سالف وقالت له أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة فعند ذلك انطلق قدار بن سالف ومصدع بن مهرج فاستغويا غواة من ثمود فاتبعهما سبعة نفر فصاروا تسعة رهط وهم الذين قال الله تعالى "وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون" وكانوا رؤساء في قومهم فاستمالوا القبيلة الكافرة بكمالها فطاوعتهم على ذلك فانطلقوا فرصدوا الناقة حين صدرت من الماء وقد كمن لها قدار بن سالف في أصل صخرة على طريقها وكمن لها مصدع في أصل أخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها وخرجت بنت غنم عنيزة وأمرت ابنتها وكانت من أحسن الناس وجها فسفرت عن وجهها لقدار وزمرته وشد عليها قدار بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرجت ساقطة إلى الأرض ورغت رغاة واحدة تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها وانطلق سقبها وهو فصيلها حتى أتى جبلا منيعا فصعد أعلى صخرة فيه ورغا فروى عبدالرزاق عن معمر عمن سمع الحسن البصري أنه قال يا رب أين أمي ويقال أنه رغا ثلات مرات وأنه دخل في صخرة فغاب فيها ويقال إنهم اتبعوه فعقروه مع أمه فالله أعلم.
فلما فعلوا ذلك وفرغوا من عقر الناقة وبلغ الخبر صالحا عليه السلام فجاءهم وهم مجتمعون فلما رأى الناقة بكى وقال "تمتعوا في داركم ثلاثة أيام" الآية.
وكان قتلهم الناقة يوم الأربعاء فلما أمسى أولئك التسعة الرهط عزموا على قتل صالح وقالوا إن كان صادقا عجلناه قبلنا وإن كان كاذبا ألحقناه بناقته "قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم" الآية.
فلما عزموا على ذلك وتواطئوا عليه وجاءوا من الليل ليفتكوا بنبي الله فأرسل الله سبحانه وتعالى وله العزة ولرسوله عليهم حجارة فرضختهم سلفا وتعجيلا قبل قومهم وأصبح ثمود يوم الخميس وهو اليوم الأول من أيام النظرة ووجوههم مصفرة كما وعدهم صالح عليه السلام وأصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة وأصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت ووجوههم مسودة فلما أصبحوا من يوم الأحد وقد تحنطوا وقعدوا ينتظرون نقمة الله وعذابه عياذا بالله من ذلك لا يدرون ماذا يفعل بهم ولا كيف يأتيهم العذاب وأشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحدة.
القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: فلما جاء ثمود عذابُنا ، " نجينا صالحًا والذين آمنوا به معه برحمة منا "، يقول: بنعمة وفضل من الله ، (ومن خزي يومئذ)، يقول: ونجيناهم من هوان ذلك اليوم ، وذلِّه بذلك العذاب (4) ، (إن ربك هو القوي) ، في بطشه إذا بطش بشيء أهلكه، كما أهلك ثمود حين بطَش بها ، " العزيز " ، فلا يغلبه غالب ، ولا يقهره قاهر، بل يغلب كل شيء ويقهره. (5)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18289- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (برحمة منا ومن خزي يومئذ) ، قال: نجاه الله برحمة منه، (6) ونجاه من خزي يومئذ.
18290- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن شهر بن حوشب ، عن عمرو بن خارجة قال: قلنا له: حدّثنا حديثَ ثمود . قال: أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمود: كانت ثمودُ قومَ صالح، أعمرهم الله في الدنيا فأطال أعْمَارهم ، حتى جعل أحدهم يبني المسكنَ من المدر، فينهدم ، (7) والرَّجلُ منهم حيٌّ. فلما رأوا ذلك ، اتخذوا من الجبال بيوتًا فَرِهين، فنحتوها وجَابُوها وجوَّفوها . (8) وكانوا في سعةٍ من معايشهم. فقالوا: يا صالح ادع لنا ربك يخرج لنا آية نعلم أنك رسول الله ، فدعا صالح ربَّه، فأخرج لهم الناقة، فكان شِرْبُها يومًا ، وشِرْبهم يومًا معلومًا. فإذا كان يوم شربها خَلَّوا عنها وعن الماء وحلبوها لبنًا، ملئوا كل إناء ووعاء وسقاء، حتى إذا كان يوم شربهم صرفوها عن الماء، فلم تشرب منه شيئًا ، فملئوا كل إناء ووعاء وسقاء. فأوحى الله إلى صالح: إن قومك سيعقرون ناقتك ! فقال لهم، فقالوا: ما كنا لنفعل ! فقال: إلا تعقروها أنتم ، يوشكُ أن يولد فيكم مولود [يعقرها] . (9) قالوا: ما علامة ذلك المولود؟ فوالله لا نجده إلا قتلناه ! قال: فإنه غلام أشقَر أزرَق أصهَبُ، أحمر. قال: وكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان، لأحدهما ابن يرغب به عن المناكح، وللآخر ابنة لا يجد لها كفؤًا، فجمع بينهما مجلس، فقال أحدهما لصاحبه: ما يمنعك أن تزوج ابنك؟ قال: لا أجد له كفؤًا. قال: فإن ابنتي كفؤ له، وأنا أزوجك. . فزوّجه، فولد بينهما ذلك المولود. وكان في المدينة ثمانية رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فلما قال لهم صالح: " إنما يعقرها مولود فيكم "، اختاروا ثماني نسوة قوابل من القرية، وجعلوا معهن شُرَطًا كانوا يطوفون في القرية، فإذا وجدُوا المرأة تمخَضُ، نظروا ما ولدُها إن كان غلامًا قلَّبنه فنظرن ما هو (10) وإن كانت جارية أعرضن عنها. فلما وجدوا ذلك المولود صرخ النسوة وقلن: " هذا الذي يريد رسول الله صالح "، فأراد الشرط أن يأخذوه، فحال جدّاه بينهم وبينه ، وقالا لو أن صالحًا أراد هذا قتلناه ! فكان شرَّ مولود، وكان يشبُّ في اليوم شباب غيره في الجمعة، ويشبّ في الجمعة شباب غيره في الشهر، ويشب في الشهر شباب غيره في السنة. فاجتمع الثمانية الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، وفيهم الشيخان، فقالوا : " استعمل علينا هذا الغلام " (11) لمنـزلته وشرَف جديه، فكانوا تسعة. وكان صالح لا ينام معهم في القرية، كان في مسجد يقال له : " مسجد صالح "، فيه يبيت بالليل، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذكرهم، وإذا أمسى خرج إلى مسجده فبات فيه.
، قال حجاج: وقال ابن جريج: لما قال لهم صالح: " إنه سيولد غلام يكون هلاككم على يديه "، قالوا : فكيف تأمرنا؟ قال: آمركم بقتلهم ! فقتلوهم إلا واحدًا. قال: فلما بلغ ذلك المولود ، قالوا: لو كنا لم نقتل أولادَنا، لكان لكل رجل منا مثل هذا، هذا عملُ صالح ! فأتمروا بينهم بقتله، وقالوا: نخرج مسافرين والناس يروننا علانيةً، ثم نرجع من ليلة كذا من شهر كذا وكذا ، فنرصده عند مصلاه فنقتله، فلا يحسب الناس إلا أنَّا مسافرون ، كما نحن ! فأقبلوا حتى دخلوا تحت صخرة يرصُدُونه، فأرسل الله عليهم الصخرة فرضَخَتهم، فأصبحوا رَضْخًا. فانطلق رجال ممَّن قد اطلع على ذلك منهم، فإذا هم رضْخٌ، فرجعوا يصيحون في القرية: أي عباد الله، أما رضي صالح أن أمرهم أن يقتلوا أولادَهم حتى قتلهم؟ ! فاجتمع أهل القرية على قتل الناقة أجمعون، وأحجموا عنها إلا ذلك الابن العاشر.
، ثم رجع الحديث إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وأرادوا أن يمكروا بصالح، فمشوا حتى أتوا على سَرَبٍ على طريق صالح، فاختبأ فيه ثمانية، وقالوا: إذا خرج علينا قتلناه وأتينا أهله ، فبيَّتْناهُمْ ! فأمر الله الأرض فاستوت عنهم . قال: فاجتمعوا ومشَوْا إلى الناقة وهي على حَوْضها قائمة، فقال الشقيُّ لأحدهم: ائتها فاعقرها ! فأتاها ، فتعاظَمَه ذلك، فأضرب عن ذلك، فبعث آخر فأعظم ذلك. فجعل لا يبعث رجلا إلا تعاظمه أمرُها ، حتى مشوا إليها، وتطاول فضرب عرقوبيها، فوقعت تركُضُ، وأتى رجلٌ منهم صالحًا فقال: " أدرك الناقةَ فقد عقرت "! فأقبل، وخرجوا يتَلقَّونه ويعتذرون إليه: " يا نبيّ الله، إنما عقرها فلان، إنه لا ذنب لنا "! قال: فانظروا هل تدركون فصيلها؟ ، فإن أدركتموه، فعسَى الله أن يرفعَ عنكم العذابَ ! فخرجوا يطلبونه، ولما رأى الفصيل أمَّه تضطرب ، أتى جبلا يقال له " القارَة " قصيرًا، فصعد وذهبوا ليأخذوه، فأوحى الله إلى الجبل، فطالَ في السماء حتى ما تَناله الطير. قال: ودخل صالح القرية، فلما رآه الفصيل بكى حتى سألت دموعه، ثم استقبل صالحًا فرغًا رَغْوةً، ثم رغَا أخرى، ثم رغا أخرى، فقال صالح لقومه: لكل رغوة أجلُ يوم ، تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ، ألا إن أية العذاب أنّ اليوم الأوّل تصبح وجوهكم مصفرّة، واليوم الثاني محمرّة، واليوم الثالث مسودّة ! فلما أصبحوا فإذا وجوههم كأنها طليت بالخلوق، (12) صغيرُهم وكبيرُهم، ذكرهم وأنثَاهم. فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم: " ألا قد مضى يوم من الأجل ، وحضركم العذاب " ! فلما أصبحوا اليوم. الثاني إذا وجوههم محمرة ، كأنها خُضِبت بالدماء، فصاحوا وضجُّوا وبكوا وعرفوا آية العذاب، فلما أمسوا صاحُوا بأجمعهم: " ألا قد مضى يومان من الأجل وحضركم العذاب " ! فلما أصبحوا اليوم الثالث ، فإذا وجوههم مسودّة كأنها طُليت بالقار، فصاحوا جميعا: " ألا قد حضركم العذاب " ! فتكفَّنُوا وتحنَّطوا، وكان حنوطهم الصَّبر والمقر، (13) وكانت أكفانهم الأنطاع، (14) ثم ألقوا أنفسهم إلى الأرض، (15) فجعلوا يقلبون أبصارهم، فينظرون إلى السماء مرة وإلى الأرض مرة، فلا يدرون من حيث يأتيهم العذاب من فوقهم من السماء أو من تحت أرجلهم من الأرض ، خَشَعًا وفَرَقًا. (16) فلما أصبحوا اليومَ الرابع أتتهم صيحةٌ من السماء فيها صوتُ كل صاعقة، وصوت كلّ شيء له صوتٌ في الأرض، فتقطعت قلوبهم في صدُورهم، فأصبحوا في دارهم جاثمين. (17)
18291- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: حُدِّثت أنَّه لما أخذتهم الصيحة ، أهلك الله مَنْ بَين المشارق والمغارب منهم إلا رجلا واحدًا كان في حرم الله، منعه حرم الله من عذاب الله. قيل: ومن هو يا رسول الله؟ قال: أبو رِغال. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين أتى على قرية ثمود ، لأصحابه: لا يدخلنَّ أحدٌ منكم القرية ، ولا تشربوا من مائهم . وأراهم مُرْتقَى الفصيل حين ارتقَى في القارَة.
، قال ابن جريج، وأخبرني موسى بن عقبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتى على قرية ثمود قال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذّبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ، أنْ يُصيبكم ما أصابهم.
، قال ابن جريج، قال جابر بن عبد الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى على الحِجْر، حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فلا تسألوا رسُولكم الآيات، هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآية، فبعث لهم الناقة، فكانت تَرِدُ من هذا الفَجّ ، وتصدر من هذا الفَجّ، فتشرب ماءَهم يوم ورودها. (18)
18292- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لما مرّ بوادي ثمود، وهو عامد إلى تبوك قال: فأمر أصحابه أن يسرعوا السير، وأن لا ينـزلوا به، ولا يشربوا من مائه، وأخبرهم أنه وادٍ ملعون. قال: وذكر لنا أن الرجل المُوسِر من قوم صالح كان يعطي المعسر منهم ما يتكَفّنون به، وكان الرجل منهم يَلْحَد لنفسه ولأهل بيته، لميعاد نبي الله صالح الذي وعدهم . وحدَّث من رآهم بالطرق والأفنية والبيوت، فيهم شبان وشيوخ ، أبقاهم الله عبرة وآية.
18293- حدثنا إسماعيل بن المتوكل الأشجعي من أهل حمص قال ، حدثنا محمد بن كثير قال ، حدثنا عبد الله بن واقد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم قال ، حدثنا أبو الطفيل، قال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم َغَزاة تبُوك، (19) نـزل الحجر فقال: يا أيها الناس لا تسألوا نبيَّكم الآيات ، هؤلاء قوم صالح سألوا نبيَّهم أن يبعث لهم آية، فبعث الله لهم الناقة آيةً، فكانت تَلج عليهم يوم [ورودها من هذا الفجّ، فتشربُ ماءهم ، ويوم وردهم كانوا يتزودون منه]، (20) ثم يحلبونها مثل ما كانوا يتزَوّدون من مائهم قبل ذلك لبنًا، ثم تخرج من ذلك الفجّ. فعتوا عن أمر ربهم وعقروها، فوعدهم الله العذاب بعد ثلاثة أيام، وكان وعدًا من الله غير مكذوب، فأهلك الله من كان منهم في مشارق الأرض ومغاربها إلا رجلا واحدًا ، كان في حرم الله، فمنعه حَرَمُ الله من عذاب الله . قالوا: ومن ذلك الرجل يا رسول الله؟ قال: أبو رِغال. (21)
----------------------
الهوامش :
(4) انظر تفسير " الخزي " فيما سلف من فهارس اللغة ( خزي ) .
(5) انظر تفسير " القوى " فيما سلف 14 : 19 .
، وتفسير " العزيز " فيما سلف من فهارس اللغة ( عزز ) .
(6) في المطبوعة والمخطوطة : " برحمة منا " ، والسياق يقتضي ما أثبت .
(7) " المدر " ، الطين العلك ، لا رمل فيه .
(8) قوله : " وجابوها " ساقطة من المطبوعة . " جابوها " ، خرقوا الصخر وحفروه ، فاتخذوه بيوتا .
(9) الزيادة بين القوسين ، من تاريخ الطبري .
(10) في التاريخ : " فإن كان ولدا قتلنه " ، ليس فيه هذا الذي في روايته في التفسير ، وهي أحسن الروايتين إن شاء الله .
(11) في المطبوعة : " تستعمل " ، وأثبت ما في المطبوعة والتاريخ .
(12) " الخلوق " ، طيب يتخذ من الزعفران ، تغلب علبه الحمرة والصفرة .
(13) " المقر " ( بفتح فكسر ) ، شبيه بالصبر وقيل هو الصبر نفسه ، وهو شجر مر . وكان في المطبوعة : " المغر " بالغين ، وهو خطأ .
(14) انظر تفسير " الأنطاع " فيما سلف ص : 373 تعليق : 1 .
(15) في المطبوعة والمخطوطة : " بالأرض " ، وأثبت ما في التاريخ .
(16) في المطبوعة : " خسفًا وغرقًا " ، غير ما في المخطوطة وفيها " حسما وفرقا " ، الأولى غير منقوطة . وفي التاريخ : " " خشعا وفرقا " ، وضبط " خشعا " بضم الخاء ، وتشديد الشين ، كأنه جمع " خاشع " ، وضبط " فرقا " بضم الفاء والراء ، وهو فاسد من وجوه . والذي أثبته هو الصواب .
و" الجشع " ( بفتحتين ) ، الجزع لفراق الإلف ، والحرص على الحياة . وفي حديث معاذ : " فبكى معاذ جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم " . وفي حديث ابن الخصاصية : " أخاف إذا حضر قتال جشعت نفسي فكرهت الموت ". و" الفرق " ، أشد الفزع .
(17) الأثر : 18290 - " حجاج " ، هو " حجاج بن محمد المصيصي " ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا كثيرة ." أبو بكر بن عبد الله " ، لم أعرف من يكون ، فإن يكن هو : " أبا بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة القرشي " ، فهو منكر الحديث ، يروي الموضوعات عن الثقات ، ومضى برقم : 14044 ، ذكره حجاج بن محمد، فقال : " قال لي أبو بكر السبري : عندي سبعون ألف حديث في الحلال والحرام " فقال أحمد: " ليس بشيء ، كان يضع الحديث " ، بل هو أيضًا لم يدرك " شهر بن حوشب " ، فإنه مات سنة 162 ، وله ستون سنة ، وشهر بن حوشب ، مات سنة 100 ، أو بعدها بقليل . وإن يكن " أبا بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني " ، كما ذكر الذهبي في تعليقه عن المستدرك ، فهو أيضًا متروك الحديث ، مضى برقم : 9071 ، ولا أعلم أدرك شهرًا ، أم لا ، فإنه مات سنة 156 . وفي تاريخ الطبري المطبوع " " أبو بكر بن عبد الرحمن " ، وفي بعض نسخه المخطوطة " أبو بكر بن عبد الله " ، مطابقًا لما في التفسير ." وعمرو بن خارجة بن المنتفق الأشعري " ، صحابي ، ذكر العسكري أن شهر بن حوشب ، لا يصح سماعه عنه ، وإنما يروي عنه من طريق " عبد الرحمن بن غنم الأشعري " . وهذا الخبر رواه أبو جعفر الطبري في تاريخه 1 : 116 - 118 . ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 566 ، 567 ، وقال : " هذا حديث جامع لذكر هلاك آل ثمود ، تفرد به شهر بن حوشب ، وليس له إسناد غير هذا ، ولم يستغن عن إخراجه . وله شاهد على سبيل الاختصار بإسناد صحيح ، دل على صحة الحديث الطويل ، على شرط مسلم ". وقال الذهبي في تعليقه عليه : " أبو بكر ، واه ، وهو ابن أبي مريم ". فهذا حديث ضعيف ، لضعف " أبي بكر بن عبد الله ، أيا كان ، وللشك في رواية شهر عن عمرو بن خارجة ، فهو منقطع .
(18) الأثر : 18291 - في هذا الخبر حديث مسند ، حديث ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن دينار ، رواه أحمد من طرق ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، وخرجه أخي رحمه الله في المسند ، انظر رقم : 4561 ، 5225 ، 5342 ، 5404 ، 5441 ، 5645 ، 5705 ، 5931 . وأما سائر ما في الخبر ، فهو مرسل ، وقد مضى من حديث جابر نحوه ، من رقم : 14817 - 14823 ، فانظر التعليق على هذه الآثار هناك . وانظر أيضا مجمع الزوائد 6 : 194 / 7 : 37 ، من حديث جابر الذي رواه أحمد وغيره .
(19) في المطبوعة : " غزوة تبوك " ، غير ما في المخطوطة ، وهو مطابق لما في التاريخ .
(20) كان في المطبوعة والمخطوطة : " تلج عليهم يوم ورودهم الذي كانوا يتروون منه ثم يحلبونها . . . " ، وهو غير مستقيم ، أثبت الصواب من التاريخ ، وفيه " يتزودون " في الموضوعين ، فأصلحتهما جميعًا ، ووضعت نص ما في التاريخ بين قوسين .
(21) الأثر : 18293 - " إسماعيل بن المتوكل الشامي الحمصي " ، شيخ الطبري ، مترجم في التهذيب . و" محمد بن كثير " ، كأنه " محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي المصيصي ، الصنعاني " ، وهو ضعيف جدا . مضى برقم : 4150 ، 4836 ، ومضى في نحو هذا الإسناد رقم : 9492 ." وعبد الله بن واقد ، أبو رجاء الهروي " ، ثقة لا بأس به ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 191 ." وعبد الله بن عثمان بن خثيم المكي القارئ " ، تابعي ثقة متكلم فيه ، ولكن الصحيح توثيقه ، وروى عن أبي الطفيل . مضى برقم : 4341 ، 5388 ." وأبو الطفيل " ، هو " عامر بن واثلة " ، مضى مرارًا ، صحابي من صغار الصحابة ، كان له يوم مات رسول الله ثماني سنوات ، فهو قد سمع هذا الخبر ممن هو أكبر منه من الصحابة ، ولعله سمعه من جابر بن عبد الله . وهذا الخبر لين الإسناد شيئًا ، وقد رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 118 من هذه الطريق نفسها ، ولم أجده في مكان آخر .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
هود: 58 | ﴿وَ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا﴾ |
---|
هود: 66 | ﴿فَـ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ﴾ |
---|
هود: 82 | ﴿فَـ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ﴾ |
---|
هود: 94 | ﴿وَ لَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا﴾ |
---|
هود: 40 | ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ﴾ |
---|
المؤمنون: 27 | ﴿فَأَوْحيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَـ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙ فَاسْلُكْ فِيهَا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ومن خزى يومئذ:
1- بالإضافة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- من خزى، بالتنوين، ونصب «يومئذ» على الظرف، معمولا ل «خزى» ، وهى قراءة طلحة، وأبان بن ثعلب.
يؤمئذ:
وقرئ:
1- بفتح الميم، وهى فتحة بناء، لإضافته إلى «إذ» ، وهو غير متمكن، وهى قراءة نافع، والكسائي.
2- بكسر الميم، وهى حركة إعراب، وهى قراءة باقى السبعة.
التفسير :
{ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} العظيمة فقطعت قلوبهم،{ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} أي:خامدين لا حراك لهم.
ثم صور القرآن الكريم حال هؤلاء الظالمين تصويرا يدعو إلى الاعتبار والاتعاظ فقال:
وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ، فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ. كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها، أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ.
والصيحة: الصوت المرتفع الشديد. يقال: صاح فلان إذا رفع صوته بقوة. وأصل ذلك تشقيق الصوت، من قولهم: انصاح الخشب والثوب، إذا انشق فسمع له صوت.
وجاثِمِينَ: من الجثوم وهو للناس وللطير بمنزلة البروك للإبل. يقال: جثم الطائر يجثم جثما وجثوما فهو جاثم ... إذا وقع على صدره، ولزم مكانه فلم يبرحه.
ويغنوا فيها: أى يقيموا فيها. يقال: غنى فلان بالمكان يغنى إذا أقام به وعاش فيه في نعمة ورغد.
أى: وأخذ الذين ظلموا من قوم صالح- عليه السلام- عن طريق الصيحة الشديدة التي صيحت بهم بأمر الله- تعالى- فَأَصْبَحُوا بسببها فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ أى:
هلكى صرعى، ساقطين على وجوههم، بدون حركة ...
قال علماء التفسير والنسب ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح وهو أخو جديس بن عاثر وكذلك قبيلة طسم كل هؤلاء كانوا أحياء من العرب العاربة قبل إبراهيم الخليل عليه السلام وكانت ثمود بعد عاد ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديارهم ومساكنهم وهو ذاهب إلى تبوك في سنة تسع قال الإمام أحمد حدثنا عبدالصمد حدثنا صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس علي تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا لها القدور فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور وعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا علي القوم الذين عذبوا وقال "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم" وقال أحمد أيضا حدثنا عفان حدثنا عبدالعزيز بن مسلم حدثنا عبدالله بن دينار عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم" وأصل هذا الحديث مخرج في الصحيحين من غير وجه وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا يزيد بن هارون المسعودي عن إسماعيل بن أوسط عن محمد بن أبي كبشة الأنماري عن أبيه قال لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس "الصلاة جامعة" قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعنزة وهو يقول "ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم "فناداه رجل منهم نعجب منهم يا رسول الله؟ قال "أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك: رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا "لم يخرجه أحد من أصحاب السنن وأبو كبشة اسمه عمر بن سعد ويقال عامر بن سعد والله أعلم وقال الإمام أحمد حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن عبدالله بن عثمان بن خيثم عن أبي الزبير عن جابر قال لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال "لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما فعقروها فأخذتهم صيحة أخمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله" فقالوا من هو يا رسول الله قال: أبو رغال فلما خرج من الحرم أصاب ما أصاب قومه" وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة وهو على شرط مسلم.
قوله تعالى "وإلى ثمود" أي ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحا "قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" فجميع الرسل يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وقال "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" وقوله "قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية" أي قد جاءتكم حجة من الله على صدق ما جئتكم به وكانوا هم الذين سألوا صالحا أن يأتيهم بآية واقترحوا عليه بأن تخرج لهم من صخرة صماء عينوها بأنفسهم وهي صخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاتبة فطلبوا منه أن تخرج لهم منها ناقة عشراء تمخض فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم الله إلى سؤالهم وأجابهم إلى طلبتهم ليؤمنن به وليتبعنه فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم قام صالح عليه السلام إلى صلاته ودعا الله عز وجل فتحركت تلك الصخرة ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء يتحرك جنينها بين جنبيها كما سألوا فعند ذلك آمن رئيسهم جندع بن عمرو ومن كان معه على أمره وأراد بقية أشراف ثمود أن يؤمنوا فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صعر بن جلهس وكان جندع بن عمرو بن عم له شهاب بن خليفة بن محلاة بن لبيد بن حراس وكان من أشراف ثمود وأفاضلها فأراد أن يسلم أيضا فنهاه أولئك الرهط فأطاعهم فقال في ذلك رجل من مؤمني ثمود يقال له مهوش بن عثمة بن الدميل رحمه الله.
وكانت عصبة من آل عمرو إلى دين النبي دعوا شهابا عزيز ثمود كلهم جميعا فهم بأن يجيب فلو أجابا لأصبح صالح فينا عزيزا وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا ولكن الغواة من آل حجر تولوا بعد رشدهم ذيابا وأقامت الناقة وفصيلها بعد ما وضعته بين أظهرهم مدة تشرب من بئرها يوما وتدعه لهم يوما وكانوا يشربون لبنها يوم شربها يحتلبونها فيملؤن ما شاء من أوعيتهم وأوانيهم كما قال في الآية الأخرى "ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر" وقال تعالى "هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم" وكانت تسرح في بعض تلك الأودية ترد من فج وتصدر من غيره ليسعها لأنها كانت تتضلع من الماء وكانت على ما ذكر خلقا هائلا ومنظرا رائعا إذا مرت بأنعامهم نفرت منها فلما طال عليهم واشتد تكذيبهم لصالح النبي عليه السلام عزموا على قتلها ليستأثروا بالماء كل يوم فيقال إنهم اتفقوا كلهم على قتلها قال قتادة بلغني أن الذي قتلها طاف عليهم كلهم أنهم راضون بقتلها حتى على النساء في خدورهن وعلى الصبيان قلت وهذا هو الظاهر لقوله تعالى "فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها" وقال "وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها" وقال "فعقروا الناقة" فأسند ذلك على مجموع القبيلة فدل على رضى جميعهم بذلك والله أعلم وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير وغيره من علماء التفسير أن سبب قتلها أن امرأة منهم يقال لها عنيزة ابنة غنم بن مجلز وتكنى أم عثمان كانت عجوزا كافرة وكانت من أشد الناس عداوة لصالح عليه السلام وكانت لها بنات حسان ومال جزيل وكان زوجها ذؤاب بن عمرو أحد رؤساء ثمود وامرأة أخرى يقال لها صدقة بنت المحيا بن زهير بن المختار ذات حسب ومال وجمال وكانت تحت رجل مسلم من ثمود ففارقته فكانتا تجعلان لمن التزم لهما بقتل الناقة فدعت صدقة رجلا يقال له الحباب فعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقي فأبى عليها فدعت ابن عم لها يقال له مصدع بن مهرج بن المحيا فأجابها إلى ذلك ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف بن جذع وكان رجلا أحمر أزرق قصيرا يزعمون أنه كان ولد زنية وأنه لم يكن من أبيه الذي ينسب إليه وهو سالف وإنما هو من رجل يقال له صهياد ولكن ولد على فراش سالف وقالت له أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة فعند ذلك انطلق قدار بن سالف ومصدع بن مهرج فاستغويا غواة من ثمود فاتبعهما سبعة نفر فصاروا تسعة رهط وهم الذين قال الله تعالى "وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون" وكانوا رؤساء في قومهم فاستمالوا القبيلة الكافرة بكمالها فطاوعتهم على ذلك فانطلقوا فرصدوا الناقة حين صدرت من الماء وقد كمن لها قدار بن سالف في أصل صخرة على طريقها وكمن لها مصدع في أصل أخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها وخرجت بنت غنم عنيزة وأمرت ابنتها وكانت من أحسن الناس وجها فسفرت عن وجهها لقدار وزمرته وشد عليها قدار بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرجت ساقطة إلى الأرض ورغت رغاة واحدة تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها وانطلق سقبها وهو فصيلها حتى أتى جبلا منيعا فصعد أعلى صخرة فيه ورغا فروى عبدالرزاق عن معمر عمن سمع الحسن البصري أنه قال يا رب أين أمي ويقال أنه رغا ثلات مرات وأنه دخل في صخرة فغاب فيها ويقال إنهم اتبعوه فعقروه مع أمه فالله أعلم.
فلما فعلوا ذلك وفرغوا من عقر الناقة وبلغ الخبر صالحا عليه السلام فجاءهم وهم مجتمعون فلما رأى الناقة بكى وقال "تمتعوا في داركم ثلاثة أيام" الآية.
وكان قتلهم الناقة يوم الأربعاء فلما أمسى أولئك التسعة الرهط عزموا على قتل صالح وقالوا إن كان صادقا عجلناه قبلنا وإن كان كاذبا ألحقناه بناقته "قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم" الآية.
فلما عزموا على ذلك وتواطئوا عليه وجاءوا من الليل ليفتكوا بنبي الله فأرسل الله سبحانه وتعالى وله العزة ولرسوله عليهم حجارة فرضختهم سلفا وتعجيلا قبل قومهم وأصبح ثمود يوم الخميس وهو اليوم الأول من أيام النظرة ووجوههم مصفرة كما وعدهم صالح عليه السلام وأصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة وأصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت ووجوههم مسودة فلما أصبحوا من يوم الأحد وقد تحنطوا وقعدوا ينتظرون نقمة الله وعذابه عياذا بالله من ذلك لا يدرون ماذا يفعل بهم ولا كيف يأتيهم العذاب وأشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحدة.
القول في تأويل قوله تعالى : وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأصاب الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله من عقر ناقة الله وكفرهم به ، (الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين) ، قد جثمتهم المنايا، وتركتهم خمودًا بأفنيتهم، (22) كما:-
18294- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (فأصبحوا في ديارهم جاثمين) ، يقول: أصبحوا قد هلكوا.
------------------------
الهوامش :
(22) انظر تفسير " الجثوم " فيما سلف 12 : 546 ، 566 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
هود: 67 | ﴿ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ |
---|
هود: 94 | ﴿وَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا شُعَيۡبٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} أي:كأنهم لما جاءهم العذاب ما تمتعوا في ديارهم، ولا أنسوا بهاولا تنعموا بها يوما من الدهر، قد فارقهم النعيم، وتناولهم العذاب السرمدي، الذي ينقطع، الذي كأنه لم يزل.
{ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ} أي:جحدوه بعد أن جاءتهم الآية المبصرة،{ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ} فما أشقاهم وأذلهم، نستجير بالله من عذاب الدنيا وخزيها.
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أى: كأن هؤلاء القوم الظالمين لم يقيموا في ديارهم عمرا طويلا وهم في رخاء من عيشهم.
أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ أى: ألا إن هؤلاء الظالمين من قبيلة ثمود، كفروا نعمة ربهم وجحودها ألا بعدا وسحقا وهلاكا لهؤلاء المجرمين من قبيلة ثمود.
وفي تكرار حرف التنبيه أَلا وتكرار لفظ ثَمُودَ تأكيد لطردهم من رحمة الله،وتسجيل لما ارتكبوه من منكرات.
وبذلك انطوت صفحة أولئك الظالمين من قوم صالح- عليه السلام- كما انطوت من قبلهم صحائف قوم نوح وهود- عليهما السلام-.
ومن أبرز العبر والعظات التي نأخذها من قصة صالح مع قومه كما وردت في هذه السورة الكريمة: أن النفوس إذا انطمست، والعقول إذا انتكست، تعجب مما لا عجب فيه وتستنكر ما هو حق وصدق، وتسيء ظنها بالشخص الذي كان بالأمس القريب موضع رجائها وثقتها، لأنه أتاهم بما لم يألفوه ... حتى ولو كان ما أتاهم به فيه سعادتهم وهدايتهم ...
فصالح- عليه السلام- كان مرجوا في قومه قبل أن يكون نبيا، فلما صار نبيا وبلغهم ما أرسله الله به، خاب أملهم فيه، وساء ظنهم به، وجاهروه بالعداوة والعصيان ... مع أنه أتاهم بما يسعدهم ...
وصدق الله إذ يقول: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ.
هذا، وقد وردت أحاديث تصرح بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مر على ديار ثمود وهو في طريقه إلى غزوة تبوك.
ومن هذه الأحاديث ما رواه الشيخان عن ابن عمر قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم، لئلا يصيبكم ما أصابهم. ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى جاوز الوادي.
ثم ساقت السورة الكريمة جانبا من قصة إبراهيم- عليه السلام- مع الملائكة، الذين جاءوه بالبشارة، فقال- تعالى-:
قال علماء التفسير والنسب ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح وهو أخو جديس بن عاثر وكذلك قبيلة طسم كل هؤلاء كانوا أحياء من العرب العاربة قبل إبراهيم الخليل عليه السلام وكانت ثمود بعد عاد ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديارهم ومساكنهم وهو ذاهب إلى تبوك في سنة تسع قال الإمام أحمد حدثنا عبدالصمد حدثنا صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس علي تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا لها القدور فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور وعلفوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا علي القوم الذين عذبوا وقال "إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم" وقال أحمد أيضا حدثنا عفان حدثنا عبدالعزيز بن مسلم حدثنا عبدالله بن دينار عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم" وأصل هذا الحديث مخرج في الصحيحين من غير وجه وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا يزيد بن هارون المسعودي عن إسماعيل بن أوسط عن محمد بن أبي كبشة الأنماري عن أبيه قال لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في الناس "الصلاة جامعة" قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعنزة وهو يقول "ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم "فناداه رجل منهم نعجب منهم يا رسول الله؟ قال "أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك: رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا "لم يخرجه أحد من أصحاب السنن وأبو كبشة اسمه عمر بن سعد ويقال عامر بن سعد والله أعلم وقال الإمام أحمد حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن عبدالله بن عثمان بن خيثم عن أبي الزبير عن جابر قال لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال "لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فكانت - يعني الناقة - ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما فعقروها فأخذتهم صيحة أخمد الله من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله" فقالوا من هو يا رسول الله قال: أبو رغال فلما خرج من الحرم أصاب ما أصاب قومه" وهذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة وهو على شرط مسلم.
قوله تعالى "وإلى ثمود" أي ولقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحا "قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" فجميع الرسل يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وقال "ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" وقوله "قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية" أي قد جاءتكم حجة من الله على صدق ما جئتكم به وكانوا هم الذين سألوا صالحا أن يأتيهم بآية واقترحوا عليه بأن تخرج لهم من صخرة صماء عينوها بأنفسهم وهي صخرة منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاتبة فطلبوا منه أن تخرج لهم منها ناقة عشراء تمخض فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق لئن أجابهم الله إلى سؤالهم وأجابهم إلى طلبتهم ليؤمنن به وليتبعنه فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم قام صالح عليه السلام إلى صلاته ودعا الله عز وجل فتحركت تلك الصخرة ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء يتحرك جنينها بين جنبيها كما سألوا فعند ذلك آمن رئيسهم جندع بن عمرو ومن كان معه على أمره وأراد بقية أشراف ثمود أن يؤمنوا فصدهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صعر بن جلهس وكان جندع بن عمرو بن عم له شهاب بن خليفة بن محلاة بن لبيد بن حراس وكان من أشراف ثمود وأفاضلها فأراد أن يسلم أيضا فنهاه أولئك الرهط فأطاعهم فقال في ذلك رجل من مؤمني ثمود يقال له مهوش بن عثمة بن الدميل رحمه الله.
وكانت عصبة من آل عمرو إلى دين النبي دعوا شهابا عزيز ثمود كلهم جميعا فهم بأن يجيب فلو أجابا لأصبح صالح فينا عزيزا وما عدلوا بصاحبهم ذؤابا ولكن الغواة من آل حجر تولوا بعد رشدهم ذيابا وأقامت الناقة وفصيلها بعد ما وضعته بين أظهرهم مدة تشرب من بئرها يوما وتدعه لهم يوما وكانوا يشربون لبنها يوم شربها يحتلبونها فيملؤن ما شاء من أوعيتهم وأوانيهم كما قال في الآية الأخرى "ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر" وقال تعالى "هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم" وكانت تسرح في بعض تلك الأودية ترد من فج وتصدر من غيره ليسعها لأنها كانت تتضلع من الماء وكانت على ما ذكر خلقا هائلا ومنظرا رائعا إذا مرت بأنعامهم نفرت منها فلما طال عليهم واشتد تكذيبهم لصالح النبي عليه السلام عزموا على قتلها ليستأثروا بالماء كل يوم فيقال إنهم اتفقوا كلهم على قتلها قال قتادة بلغني أن الذي قتلها طاف عليهم كلهم أنهم راضون بقتلها حتى على النساء في خدورهن وعلى الصبيان قلت وهذا هو الظاهر لقوله تعالى "فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها" وقال "وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها" وقال "فعقروا الناقة" فأسند ذلك على مجموع القبيلة فدل على رضى جميعهم بذلك والله أعلم وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير وغيره من علماء التفسير أن سبب قتلها أن امرأة منهم يقال لها عنيزة ابنة غنم بن مجلز وتكنى أم عثمان كانت عجوزا كافرة وكانت من أشد الناس عداوة لصالح عليه السلام وكانت لها بنات حسان ومال جزيل وكان زوجها ذؤاب بن عمرو أحد رؤساء ثمود وامرأة أخرى يقال لها صدقة بنت المحيا بن زهير بن المختار ذات حسب ومال وجمال وكانت تحت رجل مسلم من ثمود ففارقته فكانتا تجعلان لمن التزم لهما بقتل الناقة فدعت صدقة رجلا يقال له الحباب فعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقي فأبى عليها فدعت ابن عم لها يقال له مصدع بن مهرج بن المحيا فأجابها إلى ذلك ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف بن جذع وكان رجلا أحمر أزرق قصيرا يزعمون أنه كان ولد زنية وأنه لم يكن من أبيه الذي ينسب إليه وهو سالف وإنما هو من رجل يقال له صهياد ولكن ولد على فراش سالف وقالت له أعطيك أي بناتي شئت على أن تعقر الناقة فعند ذلك انطلق قدار بن سالف ومصدع بن مهرج فاستغويا غواة من ثمود فاتبعهما سبعة نفر فصاروا تسعة رهط وهم الذين قال الله تعالى "وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون" وكانوا رؤساء في قومهم فاستمالوا القبيلة الكافرة بكمالها فطاوعتهم على ذلك فانطلقوا فرصدوا الناقة حين صدرت من الماء وقد كمن لها قدار بن سالف في أصل صخرة على طريقها وكمن لها مصدع في أصل أخرى فمرت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها وخرجت بنت غنم عنيزة وأمرت ابنتها وكانت من أحسن الناس وجها فسفرت عن وجهها لقدار وزمرته وشد عليها قدار بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرجت ساقطة إلى الأرض ورغت رغاة واحدة تحذر سقبها ثم طعن في لبتها فنحرها وانطلق سقبها وهو فصيلها حتى أتى جبلا منيعا فصعد أعلى صخرة فيه ورغا فروى عبدالرزاق عن معمر عمن سمع الحسن البصري أنه قال يا رب أين أمي ويقال أنه رغا ثلات مرات وأنه دخل في صخرة فغاب فيها ويقال إنهم اتبعوه فعقروه مع أمه فالله أعلم.
فلما فعلوا ذلك وفرغوا من عقر الناقة وبلغ الخبر صالحا عليه السلام فجاءهم وهم مجتمعون فلما رأى الناقة بكى وقال "تمتعوا في داركم ثلاثة أيام" الآية.
وكان قتلهم الناقة يوم الأربعاء فلما أمسى أولئك التسعة الرهط عزموا على قتل صالح وقالوا إن كان صادقا عجلناه قبلنا وإن كان كاذبا ألحقناه بناقته "قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم" الآية.
فلما عزموا على ذلك وتواطئوا عليه وجاءوا من الليل ليفتكوا بنبي الله فأرسل الله سبحانه وتعالى وله العزة ولرسوله عليهم حجارة فرضختهم سلفا وتعجيلا قبل قومهم وأصبح ثمود يوم الخميس وهو اليوم الأول من أيام النظرة ووجوههم مصفرة كما وعدهم صالح عليه السلام وأصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة وأصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع وهو يوم السبت ووجوههم مسودة فلما أصبحوا من يوم الأحد وقد تحنطوا وقعدوا ينتظرون نقمة الله وعذابه عياذا بالله من ذلك لا يدرون ماذا يفعل بهم ولا كيف يأتيهم العذاب وأشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت النفوس في ساعة واحدة.
(كأن لم يغنوا فيها) ، يقول: كأن لم يعيشوا فيها، ولم يعمروا بها، كما:-
18295- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (كأن لم يغنوا فيها) ، كأن لم يعيشوا فيها.
18296- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، مثله.
* * *
وقد بينا ذلك فيما مضى بشواهده فأغنى ذلك عن إعادته. (23)
* * *
وقوله: (ألا إن ثمود كفروا ربهم) ، يقول: ألا إن ثمود كفروا بآيات ربهم فجحدوها (24) ، (ألا بعدًا لثمود) ، يقول: ألا أبعد الله ثمود ! لنـزول العذاب بهم. (25)
--------------------
الهوامش :
(23) انظر تفسير " غني " فيما سلف 12 : 569 ، 570 / 15 : 56 .
(24) انظر ما سلف ص : 367 .
(25) انظر تفسير " البعد " فيما سلف ص : 335 ، 367 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 92 | ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۚ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ﴾ |
---|
هود: 68 | ﴿ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ﴾ |
---|
هود: 95 | ﴿ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا} من الملائكة الكرام، رسولنا{ إِبْرَاهِيمَ} الخليل{ بِالْبُشْرَى} أي:بالبشارة بالولد، حين أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط، وأمرهم أن يمروا على إبراهيم، فيبشروه بإسحاق، فلما دخلوا عليه{ قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} أي:سلموا عليه، ورد عليهم السلام.
ففي هذا مشروعية السلام، وأنه لم يزل من ملة إبراهيم عليه السلام، وأن السلام قبل الكلام، وأنه ينبغي أن يكون الرد، أبلغ من الابتداء, لأن سلامهم بالجملة الفعلية، الدالة على التجدد، ورده بالجملة الاسمية، الدالة على الثبوت والاستمرار، وبينهما فرق كبير كما هو معلوم في علم العربية.
{ فَمَا لَبِثَ} إبراهيم لما دخلوا عليه{ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} أي:بادر لبيته، فاستحضر لأضيافه عجلا مشويا على الرضف سمينا، فقربه إليهم فقال:ألا تأكلون؟.
هذه قصة إبراهيم- عليه السلام- مع الملائكة الذين جاءوا لبشارته بابنه إسحاق، وبإخباره بإهلاك قوم لوط- عليه السلام-.
وقد وردت هذه القصة في سور أخرى منها سورة الحجر في قوله- تعالى-: وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً، قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ... .
ومنها سورة الذاريات في قوله- تعالى- هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً، قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ... .
والمراد بالرسل في قوله- سبحانه- وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى جماعة من الملائكة الذين أرسلهم الله- تعالى- لتبشير إبراهيم بابنه إسحاق.
وقد اختلفت الروايات في عددهم فعن ابن عباس أنهم ثلاثة وهم: جبريل وميكائيل وإسرافيل. وعن الضحاك أنهم كانوا تسعة، وعن السدى أنهم كانوا أحد عشر ملكا..
والحق أنه لم يرد في عددهم نقل صحيح يعتمد عليه، فلنفوض معرفة عددهم إلى الله- تعالى-.
والبشرى: اسم للتبشير والبشارة وهي الخبر السار، فهي أخص من الخبر، وسميت بذلك لأن آثارها تظهر على بشرة الوجه أى: جلده.
وجاءت هذه الجملة الكريمة بصيغة التأكيد للاهتمام بمضمونها، وللرد على مشركي قريش وغيرهم ممن كان ينكر هذه القصة وأمثالها.
والباء في قوله- سبحانه- بِالْبُشْرى للمصاحبة والملابسة، أى: جاءوه مصاحبين وملتبسين بالبشرى.
وقوله: قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ حكاية لتحيتهم له ولرده عليهم.
وسَلاماً منصوب بفعل محذوف. أى قالوا نسلم عليك سلاما.
وسَلامٌ مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف. أى قال أمرى سلام.
وقرأ حمزة والكسائي: قال سلم وهو اسم للمسالمة.
ثم بين- سبحانه- ما فعل إبراهيم مع هؤلاء الرسل من مظاهر الحفاوة والتكريم فقال:
فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ.
و «ما» في قوله فَما لَبِثَ نافية، والفاء للتعقيب، واللبث في المكان معناه: عدم الانتقال عنه. والعجل: الصغير من البقر.
والحنيذ: السمين المشوى على الحجارة المحماة في حفرة من الأرض. يقال: حنذ الشاة يحنذها حنذا أى: شواها بهذه الطريقة.
أى: فما أبطأ وما تأخر إبراهيم- عليه السلام- عن إكرامهم، بل بمجرد أن انتهى من رد التحية عليهم، أسرع إلى أهله فجاءهم بعجل حنيذ ...
وهذا الفعل منه- عليه السلام- يدل على سعة جوده، وعظيم سخائه، فإن من آداب الضيافة، تعجيل القرى للضيف..
قال أبو حيان: والأقرب في إعراب فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ ... أن تكون ما نافية، ولبث معناه تأخر وأبطأ وأَنْ جاءَ فاعل لبث والتقدير فما تأخر مجيئه ...
ويجوز أن يكون فاعل لبث ضمير إبراهيم، وأن جاء على إسقاط حرف الجر، أى فما تأخر في أن جاء بعجل حنيذ ... » .
يقول تعالى : ( ولقد جاءت رسلنا ) وهم الملائكة ، إبراهيم بالبشرى ، قيل : تبشره بإسحاق ، وقيل : بهلاك قوم لوط . ويشهد للأول قوله تعالى : ( فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط ) [ هود : 74 ] ، ( قالوا سلاما قال سلام ) أي : عليكم .
قال علماء البيان : هذا أحسن مما حيوه به; لأن الرفع يدل على الثبوت والدوام .
( فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ) أي : ذهب سريعا ، فأتاهم بالضيافة ، وهو عجل : فتى البقر ، حنيذ : [ وهو ] مشوي [ شيا ناضجا ] على الرضف ، وهي الحجارة المحماة .
هذا معنى ما روي عن ابن عباس [ ومجاهد ] وقتادة [ والضحاك ، والسدي ] وغير واحد ، كما قال في الآية الأخرى : ( فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون ) [ الذاريات : 26 ، 27 ] .
وقد تضمنت هذه الآية آداب الضيافة من وجوه كثيرة .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: (ولقد جاءت رسلنا) ، من الملائكة وهم فيما ذكر ، كانوا جبريل وملكين آخرين. وقيل : إن الملكين الآخرين كان ميكائيل وإسرافيل معه ، (إبراهيم) ، يعني: إبراهيم خليل الله ، (بالبشرى) ، يعني: بالبشارة. (26)
* * *
واختلفوا في تلك البشارة التي أتوه بها.
فقال بعضهم: هي البشارة بإسحاق.
وقال بعضهم: هي البشارة بهلاك قوم لوط.
* * *
، (قالوا سلاما) ، يقول: فسلموا عليه سلامًا.
* * *
ونصب " سلامًا " بإعمال " قالوا " فيه، كأنه قيل: قالوا قولا وسلَّموا تسليمًا.
* * *
، (قال سلام) ، يقول: قال إبراهيم لهم: سلام ، فرفع " سلامٌ"، بمعنى : عليكم السلام ، أو بمعنى : سلام منكم .
* * *
وقد ذكر عن العرب أنها تقول: " سِلْمٌ" بمعنى السلام ، كما قالوا: " حِلٌّ وحلالٌ"، " وحِرْم وحرام ". وذكر الفرَّاء أن بعض العرب أنشده: (27)
مَرَرْنَــا فَقُلْنَـا إِيـهِ سِـلْمٌ فَسَـلَّمَتْ
كَمَـا اكْتَـلَّ بِـالَبْرقِ الغَمَـامُ الَّلـوَائِحُ (28)
بمعنى سلام. وقد روي " كما انكلّ".
* * *
وقد زعم بعضهم أن معناه إذا قرئ كذلك: نحن سِلْمٌ لكم ، من " المسالمة " التي هي خلاف المحاربة.
وهذه قراءة عامَّة قراء الكوفيين.
* * *
وقرأ ذلك عامة قراء الحجاز والبصرة ، ( قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ ) ، على أن الجواب من إبراهيم صلى الله عليه وسلم لهم، بنحو تسليمهم: عليكم السلام.
* * *
والصواب من القول في ذلك عندي: أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، لأن " السلم " قد يكون بمعنى " السلام " على ما وصفت، و " السلام " بمعنى " السلم "، لأن التسليم لا يكاد يكون إلا بين أهل السّلم دون الأعداء، فإذا ذكر تسليم من قوم على قوم ، ورَدُّ الآخرين عليهم، دلّ ذلك على مسالمة بعضهم بعضًا. وهما مع ذلك قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما أهل قدوة في القراءة، فبأيَّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصوابَ.
* * *
وقوله: (فما لبث أن جاء بعجل حنيذ) .
* * *
، وأصله " محنوذ "، صرف من " مفعول " إلى " فعيل ".
* * *
وقد اختلف أهل العربية في معناه، فقال بعض أهل البصرة منهم (29) معنى " المحنوذ ": المشويّ، قال: ويقال منه: " حَنَذْتُ فرسي"، بمعنى سخَّنته وعرَّقته. واستشهد لقوله ذلك ببيت الراجز: (30)
*ورَهِبَا مِنْ حَنْذِهِ أَنْ يَهْرَجَا* (31)
* * *
وقال آخر منهم: " حنذ فرسه ": أي أضمره، وقال: قالوا حَنَذه يحنِذُه حَنْذًا: أي: عرَّقه.
* * *
وقال بعض أهل الكوفة: كل ما انشوَى في الأرض ، إذا خَدَدت له فيه ، فدفنته وغممته ، فهو " الحنيذ " و " المحنوذ ". قال: والخيل تُحْنَذ ، إذا القيت عليها الجِلال بعضُها على بعض لتعرق. قال: ويقال: " إذا سَقَيْتَ فَأحْنِذْ" ، يعني : أخْفِسْ، يريد: أقلَّ الماء، وأكثر النبيذ.
* * *
وأما [أهل ] التأويل، فإنهم قالوا في معناه ما أنا ذاكره، وذلك ما:-
18297- حدثني به المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (بعجل حنيذ) ، يقول: نضيج
18298- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (بعجل حنيذ) قال: " بعجل " ، (32) حَسِيل البقر، ، و " الحنيذ " : المشوي النضيج.
18299- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى) إلى (بعجل حنيذ) ، (33) قال: نضيج ، سُخِّن ، أنضج بالحجارة.
18300- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (فما لبث أن جاء بعجل حنيذ) ، و " الحنيذ ": النضيج.
18301- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (بعجل حنيذ) ، قال: نضيج. قال: [وقال الكلبي]: و " الحنيذ ": الذي يُحْنَذُ في الأرض. (34)
18302- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يعقوب القمي، عن حفص بن حميد، عن شمر في قوله: (فجاء بعجل حنيذ) ، قال: " الحنيذ ": الذي يقطر ماء ، وقد شوى ، وقال حفص: " الحنيذ ": مثل حِنَاذ الخيل.
18303- حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قال: ذبحه ثم شواه في الرَّضْف ، (35) فهو " الحنيذ " حين شواه.
18304- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو يزيد، عن يعقوب، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية: (فجاء بعجل حنيذ) ، قال: المشويّ الذي يقطر.
18305- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا هشام قال ، حدثنا يعقوب، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية، قال: " الحنيذ " الذي يقطر ماؤه وقد شُوِي.
18306- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: (بعجل حنيذ) ، قال: نضيج.
18307- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (بعجل حنيذ) ، الذي أنضج بالحجارة.
18308- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان: (فما لبث أن جاء بعجل حنيذ) ، قال: مشويّ.
18309- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد، أنه سمع وهب بن منبه يقول: " حينذ "، يعني: شُوِي.
18310- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، " الحِناذ ": الإنضاج. (36)
* * *
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال التي ذكرناها عن أهل العربية وأهل التفسير متقارباتُ المعاني بعضها من بعض.
* * *
وموضع " أن " في قوله: (أن جاء بعجل حنيذ) نصبٌ بقوله: (فما لبث أن جاء).
-------------------------
الهوامش :
(26) انظر تفسير " البشرى " فيما سلف من فهارس اللغة ( بشر ) .
(27) لم أعرف قائله . والذي أنشده الفراء في تفسير هذه الآية بيت آخر غير هذا البيت ، شاهدًا على حذف " عليكم " ، وهو قوله :
فَقُلْنَـا : السَّـلامُ , فـاتَّقَتْ مِنْ أَمِيرَها
وَمَــا كَـانَ إلاَّ وَمْؤُهـا بـالحواجِبِ
وأما هذا البيت الذي هنا ، فقد ذكره صاحب اللسان في مادة ( كلل ) ، عن ابن الأعرابي ، فلعل الفراء أنشده في مكان آخر .
(28) اللسان ( كلل ) ، يقال : " انكل السحاب عن البرق ، واكتل " ، أي : لمع به ، و" اللوائح " التي لاح برقها ، أي لمع وظهر .
(29) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن .
(30) هو العجاج .
(31) ديوانه 9 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 292 ، واللسان ( حنذ ) ، و ( هرج ) ، من رجزه المشهور ، وهذا البيت من أبيات يصف حمار الوحش وأتنه ، لما جاء الصيف ، وخرج بهن يطلب الماء البعيد فقال :
حَـتَّى إِذَا مَـا الصَّيْـفُ كَـانَ أَمَجَـا
وَفَرَعَــا مِــنْ رَعْـىِ مَـا تَلَزَّجَـا
ورَهِبَــا مِــنْ حَــنْذِهِ أَنْ يَهْرَجَـا
تَذَكَّـــرَا عَيْنًـــا رِوًى وَفَلَجَــا
و" الأمج " شدة الحر والعطش ، يأخذ بالنفس . و" تلزج الكلأ " تتبعه ، و" الحنذ " ، شدة الحر وإحراقه . و" هرج البعير " تحير وسدر من شدة الحر .
(32) " الحسيل " ( بفتح الحاء وكسر السين ) : ولد البقرة .
(33) كان في المطبوعة والمخطوطة هنا " ولما جاءت رسلنا " ، وهو سهو من الناسخ ، وحق التلاوة ما أثبت . وكذلك جاء سهوًا منه في نص الآية التي يفسرها أبو جعفر ، وصححتها ، ولم أشر إليه هناك .
(34) الذي بين القوسين ليس في المخطوطة ، وقد تركته على حاله ، وإن كنت أشك فيه ، وأرجح أنه زيادة من ناسخ آخر ، بعد ناسخ مخطوطتنا .
(35) " الرضف " ( بفتح فسكون ) الحجارة المحماة على النار . و " شواء مرضوف " ، مشوي على الرضفة .
(36) الأثر : 18310 - من خبر الطويل ، رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 127 . وفيه " التحناذ " ، وكلاهما مما يزاد على معاجم اللغة .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
هود: 69 | ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إبراهيم بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا﴾ |
---|
العنكبوت: 31 | ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إبراهيم بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَـٰذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
سلام:
وقرئ:
سلم، وهى قراءة الأخوين. والسلم: السلام، كحرم وحرام.
التفسير :
{ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ} أي:إلى تلك الضيافة{ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} وظن أنهم أتوه بشر ومكروه، وذلك قبل أن يعرف أمرهم.
فـ{ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} أي:إنا رسل الله, أرسلنا الله إلى إهلاك قوم لوط.
ثم بين- سبحانه- حال إبراهيم عند ما رأى ضيوفه لا يأكلون من طعامه فقال:
فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً....
ومعنى نَكِرَهُمْ: نفر منهم، وكره تصرفهم. نقول: فلان نكر حال فلان- كعلم- وأنكره نكرا ونكورا ... إذا وجده على غير ما يعهده فيه، ويتوقعه منه.
وَأَوْجَسَ من الوجس وهو الصوت الخفى، والمراد به هنا: الإحساس الخفى بالخوف والفزع الذي يقع في النفس عند رؤية ما يقلقها ويخيفها.
أى: فلما رأى إبراهيم- عليه السلام- ضيوفه لا تمتد أيديهم إلى الطعام الذي قدمه لهم، نفر منهم، وأحس في نفسه من جهتهم خوفا ورعبا لأن امتناع الضيف عن الأكل من طعام مضيفه- بدون سبب مقنع- يشعر بأن هذا الضيف ينوى شرا به ... والتقاليد في كثير من البلاد إلى الآن تؤيد ذلك.
ولذا قالت الملائكة لإبراهيم عند ما لاحظوا ما يساور نفسه من الخوف: لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ.
أى: لا تخف يا إبراهيم فإنا لسنا ضيوفا من البشر، وإنما نحن رسل من الله- تعالى- أرسلنا إلى قوم لوط لإهلاكهم.
وقد جاء في بعض الآيات أنه صارحهم بالخوف منهم، ففي سورة الحجر قال- تعالى-:
وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً، قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ. قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ....
وقوله : ( فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم ) تنكرهم ، ( وأوجس منهم خيفة ) وذلك أن الملائكة لا همة لهم إلى الطعام ولا يشتهونه ولا يأكلونه; فلهذا رأى حالهم معرضين عما جاءهم به ، فارغين عنه بالكلية فعند ذلك نكرهم ، ( وأوجس منهم خيفة ) .
قال السدي : لما بعث الله الملائكة لقوم لوط أقبلت تمشي في صور رجال شبان حتى نزلوا على إبراهيم فتضيفوه ، فلما رآهم [ إبراهيم ] أجلهم ، ( فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ) فذبحه ثم شواه في الرضف . [ فهو الحنيد حين شواه ] وأتاهم به فقعد معهم ، وقامت سارة تخدمهم فذلك حين يقول : " وامرأته قائمة وهو جالس " في قراءة ابن مسعود : " فلما قربه إليهم قال ألا تأكلون قالوا : يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن . قال فإن لهذا ثمنا . قالوا وما ثمنه ؟ قال : تذكرون اسم الله على أوله ، وتحمدونه على آخره فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال : حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا " ، ( فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم ) يقول : فلما رآهم لا يأكلون فزع منهم ، وأوجس منهم خيفة ، فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم ، ضحكت وقالت : عجبا لأضيافنا هؤلاء ، [ إنا ] نخدمهم بأنفسنا كرامة لهم ، وهم لا يأكلون طعامنا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا نصر بن علي ، [ حدثنا ] نوح بن قيس ، عن عثمان بن محصن في ضيف إبراهيم قال : كانوا أربعة : جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، ورفائيل . قال نوح بن قيس : فزعم نوح بن أبي شداد أنهم لما دخلوا على إبراهيم ، فقرب إليهم العجل ، مسحه جبريل بجناحه ، فقام يدرج حتى لحق بأمه ، وأم العجل في الدار .
وقوله تعالى إخبارا عن الملائكة : ( قالوا لا تخف ) [ إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت ] ) أي قالوا : لا تخف منا ، إنا ملائكة أرسلنا إلى قوم لوط لنهلكهم . فضحكت سارة استبشارا [ منها ] بهلاكهم ، لكثرة فسادهم ، وغلظ كفرهم وعنادهم ، فلهذا جوزيت بالبشارة بالولد بعد الإياس .
وقال قتادة : ضحكت [ امرأته ] وعجبت [ من ] أن قوما يأتيهم العذاب وهم في غفلة [ فضحكت من ذلك وعجبت فبشرناها بإسحاق ] .
وقوله : ( ومن وراء إسحاق يعقوب ) قال العوفي ، عن ابن عباس : ( فضحكت ) أي : حاضت .
وقول محمد بن قيس : إنها إنما ضحكت من أنها ظنت أنهم يريدون أن يعملوا كما يعمل قوم لوط ، وقول الكلبي إنها إنما ضحكت لما رأت من الروع بإبراهيم . ضعيفان جدا ، وإن كان ابن جرير قد رواهما بسنده إليهما ، فلا يلتفت إلى ذلك ، والله أعلم .
وقال وهب بن منبه : إنما ضحكت لما بشرت بإسحاق . وهذا مخالف لهذا السياق ، فإن البشارة صريحة مرتبة على .
القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: فلما رأى إبراهيم أيديَهم لا تصل إلى العجل الذي أتاهم به، والطعام الذي قدّم إليهم ، نكرهم، وذلك أنه لما قدم طعامه صلى الله عليه وسلم إليهم ، فيما ذكر، كفّوا عن أكله، لأنهم لم يكونوا ممن يأكله. وكان إمساكهم عن أكله ، عند إبراهيم ، وهم ضِيَفانه مستنكرًا. ولم تكن بينهم معرفةٌ، وراعه أمرهم، وأوجس في نفسه منهم خيفة.
* * *
وكان قتادة يقول: كان إنكاره ذلك من أمرهم ، كما:-
18311- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة) ، وكانت العرب إذا نـزل بهم ضيف فلم يطعم من طعامهم، ظنوا أنه لم يجئ بخير، وأنه يحدِّث نفسه بشرّ.
18312- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرَهم) ، قال : كانوا إذا نـزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم، ظنوا أنه لم يأت بخير، وأنه يحدّث نفسه بشرّ، ثم حدَّثوه عند ذلك بما جاؤوا.
*وقال غيره في ذلك ما:-
18313- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا إسرائيل، عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان قال: لما دخل ضيف إبراهيم عليه السلام ، قرّب إليهم العجل، فجعلوا ينكتُون بقِداح في أيديهم من نبْل، ولا تصل أيديهم إليه، نكرهم عند ذلك. (37)
* * *
يقال منه: " نكرت الشيء أنكره "، و " أنكرته أنكره " ، بمعنى واحد، ومن " نكرت " و " أنكرت "، قول الأعشى:
وَأَنْكَـرَتْنِي وَمَـا كَـانَ الَّـذِي نَكِـرَتْ
مِـنَ الحَـوَادِثِ , إلا الشَّـيْبَ وَالصَّلَعَا (38)
فجمع اللغتين جميعا في البيت. وقال أبو ذؤيب:
فَنَكِرْنَــهُ , فَنَفَـرْنَ, وامْتَرَسَـتْ بِـهِ
هَوْجَــاءُ هَادِيَــةٌ وَهَــادٍ جُرْشُـعُ (39)
* * *
وقوله: (وأوجس منهم خيفة) ، يقول: أحسَّ في نَفسه منهم خيفة وأضمرها. (40) ، (قالوا لا تخف ) ، يقول: قالت الملائكة ، لما رأت ما بإبراهيم من الخوف منهم: لا تخف منا وكن آمنًا، فإنا ملائكة ربّك ، (أرسلنا إلى قوم لوط).
---------------------
الهوامش :
(37) الأثر : 18313 - " الأسود بن قيس العبدي ، البجلي " ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 7440 .
و" جندب بن سفيان " ، منسوب إلى جده ، وهو : " جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي " ، كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم غلامًا حزورًا ، كما قال هو ، وهو الذي راهق ، ولم يدرك بعد . مترجم في الإصابة ، وغيره ، وفي التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 220 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 510 .
(38) ديوانه : 72 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 293 ، واللسان ( نكر ) وغيرهما ، وسيأتي في التفسير 29 : 145 ( بولاق ) ، ومما يرويه أبو عبيدة ، أن أبا عمرو بن العلاء قال : " أنا قلت هذا البيت وأستغفر الله " ، فلم يروه ، وأنه أنشد بشارًا هذا البيت وهو يسمعه وقيل له : إنه للأعشى ، فقال : ليس هذا من كلامه . فقلت له : يا سيدي ، ولا عرف القصيدة . ثم قال : أعمى شيطان . وهذه قصة تروى أنا في شك منها .
(39) ديوانه ، ( ديوان الهذليين ) 1 : 8 ، وشرح المفضليات : 867 ، وغيرهما ، يذكر حمر الوحش ، لما شرعت في الماء ، وسمعت حس الصائد ، فقال :
فَشَــرِبْنَ ثُـمَّ سَـمِعْنَ حِسًّـا دُونَـهُ
شَـرَفُ الحِجَـابِ , وَرَيْبَ قَرْعٍ يَقْرَعُ
وَنمِيمَــةً مِـنْ قَــانِصٍ متلبِّــبٍ
فـي كَفِّـهِ جَـشْءٌ أَجَـشُّ وأَقْطَـعُ
يقول : سمعن حس الصائد ، يحجبه ما ارتفع من الحرة وهو " شرف الحجاب " ، ثم يقول : سمعن ما رابهن من قرع القوس وصوت الوتر ، وسمعن نميمة الصائد ، وهو ما ينم عليه من حركته ، و" المتلبب "المحتزم بثوبه . و" الجشء " القضيب الذي تعمل منه القوس . و" أجش " غليظ الصوت . و" الأقطع " جمع " قطع " ( بكسر فسكون ) ، وهو نصل بين النصلين ، صغير . يقول : فلما سمعت ذلك أنكرته فنفرت ، فامترست الأتان بالحمار ، أي دنت منه دنوًا شديدًا ، من شدة ملازمتها له . و"سطعاء " طويلة العنق ، و"هادية " متقدمة ، وهو "هاد " متقدم ، " جرشع "، منتفخ الجنبين .
وأما رواية " هوجاء هادية " ، فإنه يعني : جريئة متقدمة . .
(40) انظر تفسير " خيفة " فيما سلف 13 : 353 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
هود: 70 | ﴿فَلَمَّا رَأَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوطٖ﴾ |
---|
الذاريات: 28 | ﴿فَـ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وامرأة إبراهيم{ قَائِمَةٌ} تخدم أضيافه{ فَضَحِكَتْ} حين سمعت بحالهم، وما أرسلوا به، تعجبا.
{ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} فتعجبت من ذلك.
ثم حكى- سبحانه- ما حدث بعد ذلك فقال: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ.
والمراد بامرأته- كما يقول القرطبي- «سارة بنت هاران بن ناحور، بن شاروع، بن أرغو، بن فالغ، وهي بنت عم إبراهيم» .
وقيامها كان لأجل قضاء مصالحها، أو لأجل خدمة الضيوف ... أو لغير ذلك من الأمور التي تحتاجها المرأة في بيتها.
والمراد بالضحك هنا حقيقته. أى: فضحكت سرورا وابتهاجا بسبب زوال الخوف عن إبراهيم، أو بسبب علمها بأن الضيوف قد أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط، أو بهما معا ...
قال الشوكانى: والضحك هنا هو الضحك المعروف الذي يكون للتعجب والسرور كما قاله الجمهور.
وقال مجاهد وعكرمة: إنه الحيض، ومنه قول الشاعر:
وإنى لآتى العرس عند طهورها ... وأهجرها يوما إذا تك ضاحكا
وقد أنكر بعض اللغويين أن يكون في كلام العرب ضحكت بمعنى حاضت .
أى: وفي أعقاب قول الملائكة لإبراهيم لا تخف ... كانت امرأته قائمة لقضاء بعض حاجاتها، فلما سمعت ذلك «ضحكت» سرورا وفرحا لزوال خوفه فَبَشَّرْناها عقب ذلك بمولودها بِإِسْحاقَ كما بشرناها بأن إسحاق سيكون من نسله يَعْقُوبَ، فهي بشارة مضاعفة. إذ أنها تحمل في طياتها أنها ستعيش حتى ترى ابن ابنها ...
ولا شك أن المرأة عند ما تكون قد بلغت سن اليأس. ولم يكن لها ولد، ثم تأتيها مثل هذه البشارة يهتز كيانها، ويزداد عجبها، ولذا قالت على سبيل الدهشة والاستغراب: يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ.
( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) أي : بولد لها يكون له ولد وعقب ونسل; فإن يعقوب ولد إسحاق ، كما قال في آية البقرة : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ) [ البقرة : 133 ] .
ومن هاهنا استدل من استدل بهذه الآية ، على أن الذبيح إنما هو إسماعيل ، وأنه يمتنع أن يكون هو إسحاق; لأنه وقعت البشارة به ، وأنه سيولد له يعقوب ، فكيف يؤمر إبراهيم بذبحه وهو طفل صغير ، ولم يولد له بعد يعقوب الموعود بوجوده . ووعد الله حق لا خلف فيه ، فيمتنع أن يؤمر بذبح هذا والحالة هذه ، فتعين أن يكون هو إسماعيل وهذا من أحسن الاستدلال وأصحه وأبينه ، ولله الحمد .
القول في تأويل قوله تعالى : وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وامرأته) ، سارَة بنت هاران بن ناحور بن ساروج بن راعو بن فالغ، (41) وهي ابنة عم إبراهيم ، (قائمة)، قيل: كانت قائمة من وراء الستر تسمع كلام الرسل وكلام إبراهيم عليه السلام. وقيل: كانت قائمة تخدُم الرسل ، وإبراهيم جالسٌ مع الرسل.
* * *
وقوله: (فضحكت) ، اختلف أهل التأويل في معنى قوله (فضحكت)، وفي السبب الذي من أجله ضحكت.
فقال بعضهم: ضحكت الضحك المعروف ، تعجبًا من أنَّها وزوجها إبراهيم يخدمان ضِيفانهم بأنفسهما ، تكرمةً لهم، وهم عن طعامهم ممسكون لا يأكلون.
* ذكر من قال ذلك:
18314- حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط، عن السدي قال، بعث الله الملائكة لتهلك قوم لوط ، أقبلت تمشي في صورة رجال شباب، حتى نـزلوا على إبراهيم فتضيَّفوه، فلما رآهم إبراهيم أجلّهم، فراغ إلى أهله، فجاء بعجل سمين، فذبحه ثم شواه في الرَّضْف، فهو " الحنيذ " حين شواه. وأتاهم فقعد معهم، وقامت سارَة تخدمُهم. فذلك حين يقول: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ ) وَهُوَ جَالِسٌ ، في قراءة ابن مسعود. فلما قرّبه إليهم قال ألا تأكلون؟ قالوا: يا إبراهيم ، إنا لا نأكل طعامًا إلا بثمن . قال: فإن لهذا ثمنًا! قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوّله ، وتحمدونه على آخره. فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حُقَّ لهذا أن يتخذه ربه خليلا! فلما رأى أيديهم لا تصل إليه ، يقول: لا يأكلون ، فزع منهم وأوجس منهم خيفة ، فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم، ضحكت وقالت: عجبًا لأضيافنا هؤلاء، إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمةً لهم، وهم لا يأكلون طعامنا ! (42)
* * *
وقال آخرون: بل ضحكت من أن قوم لوط في غَفْلة وقد جاءت رُسُل الله لهلاكهم.
*ذكر من قال ذلك:
18315- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: لما أوجس إبراهيم خيفة في نفسه حدثوه عند ذلك بما جاؤوا فيه، فضحكت امرأته وعجبت من أن قومًا أتاهم العذاب ، وهم في غفلة. فضحكت من ذلك وعجبت ، فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ
18316- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة أنه قال: ضحكت تعجبًا مما فيه قوم لوط من الغفلة ، ومما أتاهم من العذاب.
* * *
وقال آخرون: بل ضحكت ظنًّا منها بهم أنهم يريدون عَمَل قوم لوط.
*ذكر من قال ذلك :
18317- حدثنا الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن قيس، في قوله: (وامرأته قائمة فضحكت) ، قال: لما جاءت الملائكة ظنَّت أنهم يريدون أن يعملوا كما يعمل قوم لوط.
* * *
وقال آخرون: بل ضحكت لما رأت بزوجها إبراهيم من الرَّوع.
*ذكر من قال ذلك:
18318- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الكلبي: (فضحكت) ، قال: ضحكت حين راعُوا إبراهيم مما رأت من الروع، بإبراهيم.
* * *
وقال آخرون: بل ضحكت حين بشرت بإسحاق تعجبًا من أن يكون لها ولد على كبر سنها وسن زوجها.
*ذكر من قال ذلك:
18319- حدثني المثنى قال إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد أنه سمع وهب بن منبه يقول: لما أتى الملائكة إبراهيم عليه السلام فرآهم، راعه هيئتهم وجمالهم، فسلموا عليه، وجلسوا إليه، فقام فأمر بعجل سمين، فحُنِذَ له، فقرّب إليهم الطعام ، فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ، وسارة وراء البيت تسمع ، قالوا: لا تَخَفْ إنَّا نبشرك بغلام حليم مبارك ! وبشّر به امرأته سارة، فضحكت وعجبت: كيف يكون لي ولد وأنا عجوز ، وهو شيخ كبير! فقالوا: أتعجبين من أمر الله؟ فإنه قادر على ما يشاء! فقد وهبه الله لكم ، فأبشروا به .
* * *
وقد قال بعض من كان يتأول هذا التأويل: إن هذا من المقدَّم الذي معناه التأخير، كأنّ معنى الكلام عنده: وامرأته قائمة، فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، فضحكت وقالت: يا ويلتا أألد وأنا عجوز؟
* * *
وقال آخرون: بل معنى قوله: " فضحكت " في هذا الموضع: فحاضت.
*ذكر من قال ذلك:
18320- حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال ، حدثنا بقية بن الوليد، عن علي بن هارون، عن عمرو بن الأزهر، عن ليث، عن مجاهد في قوله: (فضحكت) ، قال: حاضت، وكانت ابنة بضع وتسعين سنة. قال: وكان إبراهيم ابن مائة سنة. (43)
* * *
وقال آخرون: بل ضحكت سرورًا بالأمن منهم، لما قالوا لإبراهيم: لا تخف، وذلك أنه قد كان خافهم وخافتهم أيضًا كما خافهم إبراهيم . فلما أمِنَت ضحكت، فأتبعوها البشارة بإسحاق.
* * *
وقد كان بعض أهل العربية من الكوفيين يزعم أنه لم يسمع " ضحكت "، بمعنى : حاضت ، من ثقة. (44)
* * *
وذكر بعض أهل العربية من البصريين أن بعض أهل الحجاز أخبره عن بعضهم أن العرب تقول " ضحكت المرأة "، حاضت . قال: وقد قال: " الضحك "، الحيض، وقد قال بعضهم: " الضحك ": الثَّغْرُ ، (45) وذكر بيت أبي ذؤيب:
فَجَـاءَ بِمِـزْجٍ لَـمْ يَـرَ النَّـاسُ مِثْلَهُ
هُـوَ الضَّحْـكُ إلا أَنَّـهُ عَمـلُ النَّحْلِ (46)
وذكر أنَّ بعض أصحابه أنشده في الضحك بمعنى الحيض: (47)
وَضِحْــكُ الأرَانِــبِ فَـوْقَ الصَّفَـا
كَمِثْــل دَمِ الجَــوْفِ يَــوْمَ اللِّقَـا (48)
قال: وذكر له بعض أصحابه أنه سمع للكميت:
فَـأضْحَكَتِ الضِّبَـاعُ سُـيُوفُ سَـعْدٍ
بِقَتْــلَى مَــا دُفِــنَّ وَلا وُدِينَــا (49)
وقال: يريد الحيض. قال: وبلحرث بن كعب يقولون: " ضحكت النخلة "، إذا أخرجت الطَّلع أو البُسْر. وقالوا: " الضَّحك " الطلع. قال: وسمعنا من يحكي: " أضحكت حوضًا " أي ملأته حتى فاض. قال: وكأن المعنى قريبٌ بعضه من بعض كله، لأنه كأنه شيءٌ يمتلئُ فيفيض.
* * *
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال التي ذكرت في ذلك بالصواب قولُ من قال: معنى قوله: " فضحكت " فعجبت من غفلة قوم لوط عما قد أحاط بهم من عذاب الله وغفلتهم عنه.
وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب ، لأنه ذكر عقيب قولهم لإبراهيم: لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ . فإذ كان ذلك كذلك، وكان لا وجه للضحك والتعجب من قولهم لإبراهيم: (لا تخف)، كان الضحك والتعجب إنما هو من أمر قوم لوط.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فبشَّرنا سارَة امرأة إبراهيم ثوابًا منا لها على نَكيرها وعجبها من فعل قوم لوط ، (بإسحاق ) ، ولدًا لها ، (ومن وراء إسحاق يعقوب) ، يقول: ومن خلف إسحاق يعقوب ، من ابنها إسحاق.
* * *
و " الوراء " في كلام العرب، ولد الولد، وكذلك تأوَّله أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18321- حدثنا حميد بن مسعدة قال ، حدثنا بشر بن المفضل قال ، حدثنا داود، عن عامر قال: (ومن وراء إسحاق يعقوب) ، قال: الوراء: ولد الولد.
18322- حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى، قال كلّ واحد منهما، حدثني أبو اليسع إسماعيل بن حماد بن أبي المغيرة مولى الأشعري، قال: كنت إلى جنب جدي أبي المغيرة بن مهران ، في مسجد عليّ بن زيد، فمر بنا الحسنُ بن أبي الحسن فقال: يا أبا المغيرة من هذا الفتى؟ قال: ابني من ورائي، فقال الحسن: (فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب). (50)
18323- حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن أبي عدي قال ، حدثنا داود بن أبي هند، عن الشعبي في قوله: (فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) ، قال: ولد الولد هو " الوراء ".
18324- حدثني إسحاق بن شاهين قال ، حدثنا خالد، عن داود، عن عامر في قوله: (ومن وراء إسحاق يعقوب) ، قال: " الوراء " ، ولد الولد.
18325- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي، مثله.
18326- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا أبو عمرو الأزدي قال: سمعت الشعبي يقول: ولد الولد: هم الولد من الوَراء.
18327- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت قال: جاء رجل إلى ابن عباس ومعه ابن ابنه فقال: من هذا معك؟ قال: هذا ابن ابني. قال: هذا ولدُك من الوراء! قال: فكأنه شقَّ على ذلك الرجل، فقال ابن عباس: إن الله يقول: (فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) ، فولد الولد هم الوراء.
18328- حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط، عن السدي قال: لما ضحكت سارَة . وقالت: " عجبًا لأضيافنا هؤلاء، إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا " ! قال لها جبريل: أبشري بولد اسمُه إسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب. فَضربتْ وَجْهَهَا عجبًا، فذلك قوله: فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ، [سورة الذاريات : 29] . وقالت: أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قالوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، قالت سارة: ما آية ذلك؟ قال: فأخذ بيده عودًا يابسا فلواه بين أصابعه، فاهتز أخضر، فقال إبراهيم: هُو لله إذا ذبيحًا.
18329- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فَضَحِكَتْ ، يعني سارَة لما عرفت من أمر الله جل ثناؤه ولمَا تعلم من قوم لوط ، فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، بابن وبابن ابن. فقالت وصكت وجهها ، يقال: ضربت على جبينها ، : يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ ، إلى قوله: إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .
* * *
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء العراق والحجاز: (وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ ) ، برفع " يعقوب "، ويعيد ابتداء الكلام بقوله.(ومن وراء إسحاق يعقوب) ، وذلك وإن كان خبرًا مبتدأ، ففيه دلالة على معنى التبشير.
* * *
وقرأه بعض قراء أهل الكوفة والشأم، (وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوب ) نصبًا .
* * *
فأما الشامي منهما ، فذكر أنه كان ينحو ب " يعقوب " نحو النصب بإضمار فعل آخر مشاكل للبشارة، كأنه قال: ووهبنا له من وراء إسحاق يعقوب. فلما لم يظهر " وهبنا " عمل فيه " التبشير " وعطف به على موضع " إسحاق "، إذ كان " إسحاق " وإن كان مخفوضًا ، فإنه بمعنى المنصوب بعمل " بشرنا " ، فيه، كما قال الشاعر: (51)
جِــئْنِي بِمِثْـلِ بَنِـي بَـدْرٍ لِقَـوْمِهِمِ
أَوْ مِثْـلِ أُسَْـرِة مَنْظُـورِ بـنِ سَـيَّارِ
أَوْ عَـامِرَ بْـنَ طُفَيْـلٍ فِـي مُرَكَّبِـهِ
أَوْ حَارِثًـا , يَـوْمَ نَادَى القَوْمُ: يَا حَارِ (52)
* * *
وأما الكوفي منهما فإنه قرأه بتأويل الخفض فيما ذكر عنه، غير أنه نصبه لأنه لا يجرى. وقد أنكر ذلك أهل العلم بالعربية من أجل دخول الصفة بين حرف العطف والاسم . (53) وقالوا: خطأ أن يقال: " مررت بعمرٍو في الدَّار وفي الدار زيد " وأنت عاطف ب " زيد " على " عمرو "، إلا بتكرير الباء وإعادتها، فإن لم تعد كان وجه الكلام عندهم الرفع، وجاز النصب، فإن قُدم الاسم على الصفة جاز حينئذ الخفض، وذلك إذا قلت: " مررت بعمرو في الدار وزيد في البيت ". وقد أجاز الخفضَ والصفةُ معترضةٌ بين حرف العطف والاسم ، بعضُ نحويي البصرة.
* * *
قال أبو جعفر : وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي قراءة من قرأه رفعًا، لأن ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب، والذي لا يتناكره أهل العلم بالعربية، وما عليه قراءة الأمصار. فأما النَّصب فيه فإن له وجهًا، غير أنِّي لا أحبُّ القراءة به، لأن كتاب الله نـزلَ بأفصح ألسُن العرب، والذي هو أولى بالعلم بالذي نـزل به من الفصاحة.
------------------------
الهوامش:
(41) هكذا هنا : " ساروج " ، وفي غيره : " ساروغ " ، وهو الأكثر .
(42) الأثر : 18314 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 128 .
(43) الأثر : 18320 - " علي بن هارون " ، مضى برقم : 6521 . وكتبت هناك أني أظنه " يزيد بن هارون " ، وهذا ظن خطأ ، دل عليه هذا الإسناد ، فهو هناك أيضًا : " سعيد بن عمرو السكوني ، عن بقية بن الوليد ، عن علي بن هارون " ، ومثل هذا الخطأ لا يكاد يتفق على بعد ما بين الكلامين . والصواب أن " علي بن هارون " مجهول ، فإن " بقية بن الوليد " مشهور بالرواية عن هؤلاء المجهولين ، وكان يحدث بالمناكير عن هؤلاء المجاهيل ، وكان يأخذ عن كل من أدبر وأقبل . فهذا " علي بن هارون " ممن أدبر أو أقبل ! ! وأما " عمرو بن الأزهر العتكي " ، فهو كذاب يضع الحديث ، وكان أبو سعيد الحداد يقول : " كان عمرو بن الأزهر يكذب مجاوبة " ، قيل له : " كيف هذا " ؟ قال : " رجل أسلم ثوبًا إلى حائك ينسجه " ! ! مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 221 ، وتاريخ بغداد 12 : 193 ، وميزان الاعتدال 2 : 281 ، ولسان الميزان 4 : 353 . فهذا خبر هالك من جميع نواحيه .
(44) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ، في تفسير الآية .
(45) في المطبوعة : " الضحك العجب " وفي المخطوطة: " العسب " سيئة الكتابة ، كأنه لم يحسن قراءة المخطوطة التي نقل عنها ، والبيت الذي استشهد به دال على صواب ما أثبتناه .
(46) ديوانه ( ديوان الهذليين ) 1 : 42 ، واللسان (ضحك ) ، وغيرهما ، من قصيدة من عجائبه ، ذكر في آخرها الخمر ، وكيف تزودها من أهل مصر وغزة ، وأقبل بها يقطع الأرض ، حتى بات بمزدلفة ( جمع ) ، ومنى ، فقال قبل البيت :
فَبَـاتَ بِجَـمْعٍ , ثُـمَّ تَـمَّ إِلَـى مِنًـى
فـأَصْبَحَ رَأْدًا يَبْتَغِـي المِـزْجَ بالسَّحْل
وقوله : " رأدًا " ، أي طالبًا ، و " المزج " العسل يمزج بالخمر، و"السحل" يعني ينقد الدراهم، يقول: فلما طلب ذلك "المزج" اشترى بماله مزجا أي : عسلًا ، كأنه ثغر حسناء في بياضه وصفائه ورقته . هكذا قالوا ، وفي النفس منه شيء . وأجود منه عندي أن يقال إن " الضحك " في هذا البيت ، هو طلع النخل حين ينشق عما في جوفه ، وهو أبيض شديد البياض والنقاء .
(47) لم أعرف قائله .
(48) اللسان ( ضحك ) .
(49) اللسان (ضحك) ، من قصيدة له مشهورة ، لم أجدها مجموعة في مكان ، ويزعمون أن الضبع تحيض ، إذا أكلت لحوم الناس أو شربت دماءهم . وكان ابن دريد يرد هذا ويقول : من شاهد الضباع عند حيضها فيعلم أنها تحيض ؟
(50) الأثر : 18322- "أبو اليسع" إسماعيل بن حماد بن أبي المغيرة ، مولى الأشعري" ، لم أجده في مكان آخر . والذي وجدته :
"إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان ، مولى الأشعري " مترجم في التهذيب ، والكبير 1/1/351، وابن أبي حاتم 1/1/ 164، وروى عنه " عمر بن علي بن مقدم "، ولم يرو عنه "عمرو بن علي الفلاس" ، وإذًا فليس هو هو. فيبقى مجهولًا حتى نجد له ترجمة.
(51) هو جرير .
(52) ديوانه : 312 ، 313 ، ونقائض جرير والأخطل : 144 ، وسيبويه 1 : 48 ، 86 ، والفراء في معاني القرآن ، في تفسير الآية : من جياد قصائده في هجاء الأخطل ، يقول له :
لاَ تَفْخَــرَنَّ , فــإنَّ اللــهَ أنْـزَلكُمْ
يَــا خُـزْرَ تَغْلِـبَ دَارَ الـذُّلِّ والعَـارِ
مَـا فِيكُـمُ حَـكَمٌ تُــرْضَى حُكُومَتُـهُ
لِلمُسْــلِمينَ , ولاَ مُسْتَشْــهَدٌ شَـارِي
ثم يقول البيتين ، وبينهما بيت ثالث :
أوْ مَثْــلَ آلِ زُهَـيْرٍ , والقَنـا قِصَـدٌ
وَالخَـيْلُ فـي رَهَـجٍ مِنْهَـا وَإِعْصَارِ
وهو في هذه القصيدة يفخر ببني قيس عيلان بن مضر بن نزار جميعًا ، على بني ربيعة بن نزار ، وهم جذم الأخطل التغلبي . فذكر " بني بدر " ، الفزاريين من قيس عيلان ، و" منظور بن سيار الفزاري " ، و" آل الزهير بن جذيمة " ، العبسيين ، و" عامر بن الطفيل " من بني جعفر بن كلاب ، و" الحارث بن ظالم المري "، من بني ذبيان ، ثم تابع ذكر سائر قبائل قيس .
(53) " الصفة " يعني حرف الجر ، كما سلف مرارًا ، انظر فهارس المصطلحات .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
هود: 71 | ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ |
---|
الصافات: 112 | ﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يعقوب.
قرئ:
1- بالرفع، على الابتداء، وهى قراءة الحرميين، والنحويين، وأبى بكر.
2- بالنصب، وهى قراءة ابن عامر، وحمزة، وحفص، وزيد بن على.