24796979899100101102103

الإحصائيات

سورة يوسف
ترتيب المصحف12ترتيب النزول53
التصنيفمكيّةعدد الصفحات13.50
عدد الآيات111عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول11تبدأ في الجزء12
تنتهي في الجزء13عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 6/29آلر: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (96) الى الآية رقم (100) عدد الآيات (5)

مجئُ البشيرِ إلى يعقوبَ عليه السلام فعادَ بصيرًا، وتوبةُ إخوةِ يوسفَ، ومجيءُ أسرةِ يعقوبَ كلِّها إلى مصرَ، وتحقَّقَتْ الرؤيا وسجَدَ إخوتُه الأحدَ عشرَ له معَ أبيِه وأمِّه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (101) الى الآية رقم (104) عدد الآيات (4)

تحدُّثُ يوسفُ عليه السلام بنِعمِ اللهِ عليه، وطلبُه من ربّه حسنَ الخاتمةِ، وبيانُ أنَّ هذه القصَّةَ دليلُ صدقِ نُبوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ لأنَّها إخبارٌ بالغيبِ، والغيبُ لا يعلمُه إلا اللهُ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة يوسف

الثقة في تدبير الله (اصبر ولا تيأس)/ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ/ الصبر الجميل/ يوسف الإنسان قصة نجاح

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • إلى هؤلاء وإلى كل مسلم نزلت سورة يوسف.: نزلت تهمس في أذن كل مسلم في فترات الضيق أو البلاء؛ لتقول له: تعلَّم من يوسف عليه السلام الصبر، والأمل، وعدم اليأس رغم كل الظروف. وبالمقابل: تعلَّم منه كيف تواجه فترات الراحة والاطمئنان، وذلك بالتواضع والإخلاص لله عز وجل. فالسورة ترشدنا أن حياة الإنسان هي عبارة عن فترات رخاء وفترات شدة، فلا يوجد إنسان قط كانت حياته كلها فترات رخاء أو كلها فترات شدة، وهو في الحالتين: الرخاء والشدة، يُختبر.
  • • سورة يوسف أحسن القصص:: لأنها اشتملت على حاسد ومحسود، ومالك ومملوك، وشاهد ومشهود، وعاشق ومعشوق، وحبس وإطلاق، وخصب وإجداب، وذنب وعفو، وفراق ووصال، وسقم وصحة، وحل وترحال، وذل وعز. وعالجت مشاكل تربوية واجتماعية ونفسية وأخلاقية واقتصادية وسياسية.
  • • سورة يوسف أحسن القصص:: لأن في نهايتها حسن المآل وطيب العافية، فيعقوب عليه السلام رد إليه بصره وظفر بفلذة كبده، ويوسف عليه السلام آتاه الله الملك والحكمة، والأخوة تاب الله عليهم، ومنهم أو من ذريتهم اصطفى الله أسباط بني إسرائيل، وامرأة العزيز أقرت بذنبها وحسنت توبتها، وأهل مصر اجتازوا السبع الشداد حتى صار الناس يأتونهم من جميع الأقطار للمؤنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «‏يوسف».
  • • معنى الاسم :: هو نبي الله يوسف بن نبي الله يعقوب بن نبي الله إسحاق بن نبي الله إبراهيم عليهم السلام.
  • • سبب التسمية :: لأنها ذكرت قصة ‏يوسف عليه السلام كاملة، ولم تذكر قصته في غيرها، بل لم يذكر اسمه إلا في سورة الأنعام آية (84) ، وغافر آية (34).
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: الثقة بتدبير الله، والأمل، والصبر، وعدم اليأس رغم كل الظروف.
  • • علمتني السورة :: رعاية الله عز وجل لأوليائه ولطفه بهم في أوقات المحن.
  • • علمتني السورة :: أن القصص فيها الحسن والسيِّئ، وأن قصص القرآن أحسن القصص: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾
  • • علمتني السورة :: العفو والصفح ثم الإحسان بالدعاء من أخلاق الأنبياء: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾

مدارسة الآية : [96] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ ..

التفسير :

[96] فلما أن جاء مَن يُبشِّر يعقوب بأن يوسف حيٌّ، وطرح قميص يوسف على وجهه فعاد يعقوب مبصراً، وعمَّه السرور فقال لمن عنده:ألمْ أخبركم أني أعلم من الله ما لا تعلمونه من فضل الله ورحمته وكرمه؟

{ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} بقرب الاجتماع بيوسف وإخوته وأبيهم،{ أَلْقَاهُ} أي:القميص{ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} أي:رجع على حاله الأولى بصيرا، بعد أن ابيضت عيناه من الحزن، فقال لمن حضره من أولاده وأهله الذين كانوا يفندون رأيه، ويتعجبون منه منتصرا عليهم، متبجحا بنعمة الله عليه:{ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} حيث كنت مترجيا للقاء يوسف، مترقبا لزوال الهم والغم والحزن.

وتحقق ما وجده يعقوب من رائحة يوسف ... وحل أوان المفاجأة التي حكاها القرآن في قوله فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً، قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.

أى: وحين اقترب أبناء يعقوب من دار أبيهم، تقدم البشير الذي يحمل قميص يوسف إلى يعقوب، فألقى القميص على وجهه فعاد إلى يعقوب بصره كأن لم يكن به ضعف أو مرض من قبل ذلك.

وهذه معجزة أكرم الله- تعالى- بها نبيه يعقوب- عليه السلام- حيث رد إليه بصره بسبب إلقاء قميص يوسف على وجهه.

وهنا قال يعقوب لأبنائه ولمن أنكر عليه قوله إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ أَلَمْ أَقُلْ قبل ذلك إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ أى: من رحمته وفضله وإحسانه ما لا تَعْلَمُونَ أنتم.

قال ابن عباس والضحاك : ( البشير ) البريد .

وقال مجاهد والسدي : كان يهوذا بن يعقوب .

قال السدي : إنما جاء به لأنه هو الذي جاء بالقميص وهو ملطخ بدم كذب ، فأراد أن يغسل ذلك بهذا ، فجاء بالقميص فألقاه على وجه أبيه ، فرجع بصيرا .

وقال لبنيه عند ذلك : ( ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ) أي : أعلم أن الله سيرده إلي ، وقلت لكم : ( إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون )

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (96)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما أن جاء يعقوبَ البشيرُ من عند ابنه يوسف ، وهو المبشّر برسالة يوسف ، وذلك بريدٌ، فيما ذكر، كان يوسف أبردَهُ إليه. (1)

* * *

وكان البريد فيما ذكر، والبشير: يهوذا بن يعقوب، أخا يوسف لأبيه .

*ذكر من قال ذلك:

19857- حدثني محمد بن سعد ، قال: حدثني أبي ، قال:حدثني عمي ، قال:حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه ) ، يقول: " البشير ": البريدُ.

19858- حدثنا القاسم ، قال، حدثنا الحسين ، قال، حدثنا هشيم ، قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) قال: البريد .

19859- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال: البريد.

19860- ... قال، حدثنا شبابة ، قال، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال:يهوذا بن يعقوب.

19861- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( البشير ) قال:يهوذا بن يعقوب.

19862- حدثني المثنى ، قال، حدثنا أبو حذيفة ، قال، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال: يهوذا بن يعقوب.

19863- ... قال:حدثنا إسحاق ، قال، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال: هو يهوذا بن يعقوب.

19864- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين ، قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال:يهوذا بن يعقوب، كان البشير.

19865- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال:هو يهوذا بن يعقوب.

، قال سفيان: وكان ابن مسعود يقرأ: " وَجَاءَ البَشِيرُ مِنْ بَيْنِ يَدَي العِيرِ" (2) .

19866- حدثنا ابن وكيع ، قال:حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال: البريد، هو يهوذا بن يعقوب.

19867- ... قال:حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال، قال يوسف: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ، قال يهوذا:أنا ذهبتُ بالقميص ، ملطخًا بالدم إلى يعقوب فأخبرته أن يوسف أكله الذئب ، وأنا أذهب اليوم بالقميص وأخبره أنه حيٌّ فأفرحه كما أحزنته . فهو كان البشير.

19868- حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال:حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فلما أن جاء البشير ) ، قال: البريد.

* * *

قال أبو جعفر: وكان بعضُ أهل العربيّة من أهل الكوفة يقول: " أنْ" في قوله: ( فلما أن جاء البشير ) وسقوطُها، بمعنى واحدٍ ، وكان يقول هذا في: " لما " و " حتى " خاصّة ، ويذكر أن العرب تدخلها فيهما أحيانًا وتسقطها أحيانًا ، كما قال جل ثناؤه: وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا [سورة العنكبوت:33] ، وقال في موضع آخر: وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا [سورة هود:77] ، وقال:هي صلة، (3) لا موضع لها في هذين الموضعين. يقال: " حتى كان كذا وكذا " ، أو " حتى أن كان كذا وكذا " .

* * *

وقوله: ( ألقاه على وجهه ) ، يقول: ألقى البشير قميص يوسف على وجه يعقوب، كما:-

19869- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: فلما أن جاء البشير ألقى القميص على وجهه.

* * *

وقوله: ( فارتد بصيرًا ) ، يقول:رجع وعادَ مبصرًا بعينيه، (4) بعد ما قد عمي ، ( قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون ) ، يقول جل وعز وجل: قال يعقوب لمن كان بحضرته حينئذ من ولده:ألم أقل لكم يا بني إني أعلم من الله أنه سيردّ عليَّ يوسف ، ويجمع بيني وبينه ، وكنتم لا تعلمون أنتم من ذلك ما كنت أعلمه ، لأن رؤيا يوسف كانت صادقة ، وكان الله قد قضى أن أخِرَّ أنا وأنتم له سجودًا ، فكنت مُوقنًا بقضائه .

----------------------

الهوامش:

(1) في المطبوعة:"برده إليه"، وأثبت ما في المخطوطة، وكلاهما صواب. يقال:"برد بريدًا، وأبرده" ، أي: أرسله.

(2) هذه قراءة لا يقرأ بها كما سلف مرارًا لمخالفتها ما في المصحف ، ولكن هذه فيها إشكال ، فلو صح أنها :" وجاء البشير" ، لوجب أن تكون القراءة بعدها :" فألقاه" بالفاء . وإلا وجب أن تكون القراءة :" فَلَمَّا أَنْ جَاءَ البشِيرُ مِنْ بَيْنِ يَدَي العِيرِ } .

(3) قوله :" صلة"، أي زيادة ، وانظر ما سلف : 1 : 190 ، 405 ، 406 ، 548 . 4 : 289 / 5 : 460 ، 462 / 7 : 340 ، 341 / 12 : 325 ، 326 / 13 : 508 / 14 : 30 / 15 : 497 .

(4) انظر تفسير" ارتد" فيما سلف 3 : 163 / 4 : 316 / 10 : 170 ، 409 ، 410 .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[96] ﴿فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ﴾ لكل رحلة معاناة، ولكل مشوار ألم، ولكل عين أرهقها الدمع هنالك بشير سيطرق بابهم معلنًا نهاية الأسى.
لمسة
[96] ﴿فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ﴾ (أن) بعد (لَمَّا) عند النُحاة زائدة، أي لا تؤثر على المعنى العام إذا حُذفت، والزيادة للتوكيد في الغالب، فصل بين (لَمَّا) والبشير إشارة إلى طول المدة فيعقوب عليه السلام في حالة ترقّب وانتظار، ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ﴾ [94]، وكان يستطيل الوقت فناسب ذكر (أن).
وقفة
[96] ﴿فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ﴾ الذي جاء بقميص البشارة هو أحد الذين جاؤوا بقميص الدم، بالصبر والعفو يصبح من أحزنك ذات يوم بشيرًا.
وقفة
[96] ﴿فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ﴾ عاقبة الصبر الجميل من غيبوه جاؤوا يبشرون بعودته، سبب حزنك اليوم قد يكون بشيرًا غدًا.
لمسة
[96] ﴿فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ﴾ كل حرف في القرآن له دور! وليس ثمة حرف في كتاب الله ليس له دور أو فائدة، فالفاء في بداية هذه الآية أفادت أن مجيء البشير وقع دون أدنى تراخي.
عمل
[96] القرآن يملأ حياتنا بالأمل والبشرى: ﴿بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ﴾ [الحديد: 12]، ﴿جَاءَ الْبَشِيرُ﴾، ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم﴾ [التوبة: 21]، ﴿وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [97]، ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: 25]؛ ثق بربك.
عمل
[96] ﴿أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ لا تعذب قلب الوالد؛ فرائحة ابنه تجلب له العافية.
وقفة
[96] ﴿أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ إذا أذن الله بالأمر كان السبب يسيرًا وقريبًا، وساق لك الخير سوقًا.
لمسة
[93-96] ﴿يَأْتِ بَصِيرًا﴾، ﴿جَاءَ الْبَشِيرُ﴾، ﴿فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ ما دلالة تغير الفعل مع أنها تدور في فلك دلالي واحد بمعنى الحضور أو الإتيان؟ - ﴿ يَأْتِ بَصِيرًا﴾ فيه معنى المجيء الذي لم يشأ أن يجعل فيه قوة أو جهدًا أو تعبًا، كأنه يريد منهم ألا يتعبوه أي يأتي إليه بصيرًا، لو قال:(يرتد بصيرًا) أي في مكانه أين معنى المجيء؟ هو يريد معنى الإتيان إليه، قال: ألقوه على وجه أبي يأتِ إلي وهو مبصر، وأتوني ببقية أهلكم (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ) بلا جهد أو تعب، ما قال: (جيئوني بأهلكم) لأنه لا يريد أن يثقل عليهم. - المجيء فيه ثقل فقال: ﴿جَاءَ الْبَشِيرُ﴾ لأنه جاء مسرعًا بالبشرى إلى يعقوب. - ﴿فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾ ارتد فيه رجوع، بمعنى رجع إلى حاله الأول، ويقصد يعقوب وليس البصر، كان يعقوب عليه السلام أعمى فرجع مبصرًا ولا تستقيم غير كلمة ارتد هنا، فلو قال صار بصيرًاكأنه لم يكن بصيرًا من خِلقته ثم صار بصيرًا.
وقفة
[96] أيها الباكي: بكى من قبلك يعقوب الكريم، وابيضت عيناه من الحزن؛ لكن ثقته بالله عز وجل نقشت له قدرًا جميلًا ﴿فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾.
وقفة
[96] ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ لا بأس أن تذّكر الآخرين بصحة توقعاتك بعد تحققها، بشرط أن تكون مبنية على علم لا حدس.
وقفة
[96] ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ يقول الشيخ الشعراوي: «فإذا جاءكم خبر من معصوم؛ فإياكم أن تقفوا بعقولكم فيه؛ لأن العقول تأخذ مدركات الأشياء على قدرها، وهناك أشياء فوق مدركات العقول, وحين يحدثكم معصوم عما فوق مدركات عقولكم إياكم أن تكذبوه؛ سواء فهمتم ما حدثكم عنه، أو لم تستوعبوا حديثه».
وقفة
[96] عن الله أحدثك: ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ كل الذى كان يعلمه يعقوب عليه السلام أن الله لا يعجزه رد يوسف ولو بعد حين؛ الواثقون بربهم يدركون يقينًا أن الفرج مسألة وقت فقط.
وقفة
[96] ﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ﴾ [الكهف: 73]، ﴿أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ﴾ [الكهف: 75]: (لك) تزاد في الخطاب للتقريع واللوم والعتاب، وقتل الغلام أمام موسى عليه السلام أشد غرابة من سابقه فقال: ﴿لقد جئت شيئًا نكرًا﴾ [الكهف: 74]، فرد الخضر عليه السلام بلوم وعتاب لموسى على عدم صبره في هذه الأحداث بقوله: ﴿ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً﴾ [الكهف: 75]، ونظير ذلك قول الله تعالى: ﴿وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين﴾ [الأعراف: 22]، ﴿أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، ﴿أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ﴾ [القلم: 28].

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ:
  • الفاء: استئنافيّة. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. أنْ: زائدة لوقوعها بعد \"لما\" الوقتية وهي للتوكيد أو هي صلة للما. جاء: فعل ماضٍ مبني على الفتح. البشير: فاعل مرفوع بالضمة. وجملة \"جاء البشير\" في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ:
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. ألقاه: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أي القميص. على وجهه: جار ومجرور متعلق بألقاه. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة أي على وجه يعقوب
  • ﴿ فَارْتَدَّ بَصِيرًا:
  • الفاء: سببية. ارتد: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. بصيرًا: حال منصوب بالفتحة.
  • ﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ:
  • قال: تعرب إعراب \"ارتد\" الألف ألف تقرير بلفظ استفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب. أقلّ: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه: السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. لكم: جار ومجرور متعلق بأقل والميم علامة جمع المذكور ومقول القول هو: إني لأجد ريح يوسف.
  • ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ:
  • جملة ابتدائية لم يقع عليها القول. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم \"انَّ\". أعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. من الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بأعلم. وجملة \"أعلم وما تلاها\" في محل رفع خبر \"ان\".
  • ﴿ مَا لَا تَعْلَمُونَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. لا: نافية لا عمل لها. تعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة \"لا تعلمون\" صلة الموصول لا محل لها والعائد إِلَى الموصول. ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: ما لا تعلمونه. '

المتشابهات :

الأعراف: 62﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
يوسف: 86﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
يوسف: 96﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [96] لما قبلها :     ولَمَّا اقترب أبناء يعقوب من دار أبيهم؛ تقدم البشير الذي يحمل قميص يوسف إلى يعقوب، فألقى القميص على وجهه؛ فعاد إلى يعقوب بصره، كأن لم يكن به ضعف أو مرض من قبل ذلك، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [97] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ..

التفسير :

[97] قال بنوه:يا أبانا سل لنا ربك أن يعفو عنا ويستر علينا ذنوبنا، إنا كنا خاطئين فيما فعلناه بيوسف وشقيقه.

فأقروا بذنبهم ونجعوا بذلك و{ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} حيث فعلنا معك ما فعلنا.

وهنا قال الأبناء لأبيهم في تذلل واستعطاف: يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا.

أى: تضرع إلى الله- تعالى- أن يغفر لنا ما فرط منا من ذنوب في حقك وفي حق أخوينا يوسف وبنيامين.

إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ في حقك وفي حق أخوينا، ومن شأن الكريم أن يصفح ويعفو عمن اعترف له بالخطإ.

فعند ذلك قالوا لأبيهم مترفقين له : ( يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين)

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال ولد يعقوبَ الذين كانوا فرَّقوا بينه وبين يوسف: يا أبانا سل لنا ربك يعفُ عنَّا، ويستر علينا ذنوبنا التي أذنبناها فيك وفي يوسف، فلا يعاقبنا بها في القيامة ، (إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) ، فيما فعلنا به , فقد اعترفنا بذنوبنا .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[97] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا﴾ وردت (يا أبانا) في ستة مواضع في سياق الأبناء الذين أخطأوا في حق والدهم، ووردت (يا أبت) في ثمانية مواضع في سياق الأبناء البررة، بين يديك العِبر.
عمل
[97] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ اطلب العفو ممن ظلمتهم بالقول أو بالفعل قدر استطاعتك، أو استغفر لهم.
وقفة
[97] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ ولما سألوه الاستغفار لذنوبهم عللوه بالاعتراف بالذنب؛ لأنَّ الاعتراف شرط التوبة.
عمل
[97] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ لم يقولوا استغفر لنا ما فعلناه بك من مصائب، لا تذكر من أخطأت في حقه بخطئك، لا تنكأ قلبه بسرد التفاصيل.
اسقاط
[97] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ ما أجمل طلب الاستغفار من الصالحين مع الاعتراف بالخطأ والذنب !
وقفة
[97] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ الوالدان فقط، لدعواتهما برد على قلوب الأبناء.
وقفة
[97] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ العبرة بكمال النهاية! قال السعدي: «العبرة في حال العبد بكمال النهاية، لا بنقص البداية، فإن أولاد يعقوب عليه السلام جرى منهم ما جرى في أول الأمر، مما هو أكبر أسباب النقص واللوم، ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح، والسماح التام من يوسف ومن أبيهم، والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، وإذا سامح العبد عن حقه، فالله خير الراحمين».
لمسة
[97] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ اقتصروا على استدعاء الاستغفار، دون طلب الصفح من أبيهم؛ لأنهم كانوا على ثقة من عفوه وصفحه، لعلمهم برقة قلب الأب وشفقته بأبنائه.
عمل
[97] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ درس مؤلم تعلموه، وإلينا أهدوه: لا تقع في ما يوجب عليك الاعتذار، وفي الحديث: «إياك وكل ما يُعتَذَر منه». [الضياء في المختارة 131/1، وحسنه الألباني].
اسقاط
[97] من السنة طلب الأبناء من الوالدين الدعاء لهم خاصة عند صلاح الوالدين وتقصير الأبناء ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾.
لمسة
[97] قال المهايمي: «صرحوا بالذنوب دون ذكر الرب: ﴿اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾، لمزيد اهتمامهم بها، وكأنهم غلب عليهم النظر إلى قهره، وصرح يعقوب بذكر الرب دون (ذكر) الذنوب: ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾، إذ لا مقدار لها بالنظر إلى رحمته التي ربي بها الكل».
وقفة
[97] ﴿إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾ قالوا: (خاطئين) ولم يقولوا: (مخطئين)، ما الفرق بينهما؟ (خاطئين): هم الذين يرون الصواب ويجانبونه، فيقعون عمدًا في الخطأ، (مخطئين): هم الذين وقعوا في الخطأ ولم يروا الصواب.
وقفة
[97] ﴿وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ﴾ [91]، ﴿إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾: كلا القولين اعتذار من إخوة يوسف، الأول موجه ليوسف، والثاني موجه لأبيهم، جاء التوكيد للأب أقوى من يوسف، وذلك أنهم لما رأوا ما انتهي إليه يوسف من الملك لم يدعهم إلى شدة الاعتذار، في حين أنه لما رأوا ما حل بأبيهم اعتذروا أشد الاعتذار.
وقفة
[97، 98] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا﴾، ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ﴾، القلب الذي لا يحمل الحقد هو قلب الوالدين، ومن السهل كسبه، لكن لا نفعل!
وقفة
[97، 98] اﻷب مدرسة في اللطف مع أولاده مهما أذنبوا في حقه، ألم يقل إخوة يوسف لأبيهم: ﴿اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ فاستجاب: ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا.
  • قال فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. يا: أداة نداء. أبا: منادى مضاف منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به - مقول القول - استغفر: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره. أنت. لنا: جار ومجرور متعلق باستغفر. ذنوب: مفعول به منصوب بالفتحة. و \"نا\" ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و\"نا\" ضمير متصل مدغم بإنّ مبني على السكون في محل نصب اسمها. كُنَّا: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل في محل رفع اسم \"كان\". خاطئين: خبر \"كان\" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. وجملة \"كنا خاطئين\" في محل رفع خبر \"إنَّ\". '

المتشابهات :

يوسف: 11﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا مَالَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ
يوسف: 17﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ وَتَرَكۡنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَٰعِنَا
يوسف: 63﴿فَلَمَّا رَجَعُوٓاْ إِلَىٰٓ أَبِيهِمۡ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلۡكَيۡلُ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَآ أَخَانَا نَكۡتَلۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ
يوسف: 65﴿بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ
يوسف: 97﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا ٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَٰطِ‍ِٔينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [97] لما قبلها :     ولَمَّا رجعَ إليه بصره وقرَّت عينه بالمسير إلى ابنه يوسف؛ طلبوا منه أن يستغفر لهم الله، واعترفوابما كان منهم، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [98] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ ..

التفسير :

[98] قال يعقوب:سوف أسأل ربي أن يغفر لكم ذنوبكم، إنه هو الغفور لذنوب عباده التائبين، الرحيم بهم.

فـ{ قَالَ} مجيبا لطلبتهم، ومسرعا لإجابتهم:{ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} أي:ورجائي به أن يغفر لكم ويرحمكم، ويتغمدكم برحمته، وقد قيل:إنه أخر الاستغفار لهم إلى وقت السحر الفاضل، ليكون أتمَّ للاستغفار، وأقرب للإجابة.

فكان رد أبيهم عليهم أن قال لهم سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي أى: سوف أتضرع إلى ربي لكي يغفر لكم ذنوبكم.

إِنَّهُ- سبحانه- هُوَ الْغَفُورُ أى الكثير المغفرة الرَّحِيمُ أى: الكثير الرحمة لمن شاء أن يغفر له ويرحمه من عباده.

وهكذا صورت لنا السورة الكريمة ما دار بين يوسف وإخوته، وبين يعقوب وبنيه في هذا اللقاء المثير الحافل بالمفاجآت والبشارات.

ولكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، فقد كانت هناك مفاجآت وبشارات أخرى تحققت معها رؤيا يوسف وهو صغير، كما تحقق معها تأويل يعقوب لها فقد هاجر يعقوب ببنيه وأهله إلى مصر للقاء ابنه يوسف، وهناك اجتمع شملهم واستمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى ذلك في نهاية القصة فيقول:

أي : من تاب إليه تاب عليه .

قال ابن مسعود ، وإبراهيم التيمي ، وعمرو بن قيس ، وابن جريج وغيرهم : أرجأهم إلى وقت السحر .

وقال ابن جرير : حدثني أبو السائب ، حدثنا ابن إدريس ، سمعت عبد الرحمن بن إسحاق يذكر عن محارب بن دثار قال : كان عمر ، رضي الله عنه ، يأتي المسجد فيسمع إنسانا يقول : " اللهم دعوتني فأجبت ، وأمرتني فأطعت ، وهذا السحر فاغفر لي " . قال : فاستمع الصوت فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود . فسأل عبد الله عن ذلك فقال : إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله : ( سوف أستغفر لكم ربي )

وقد ورد في الحديث أن ذلك كان ليلة جمعة ، كما قال ابن جرير : أيضا : حدثني المثنى ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب الدمشقي ، حدثنا الوليد ، أنبأنا ابن جريج ، عن عطاء وعكرمة ، عن ابن عباس ، عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( سوف أستغفر لكم ربي ) يقول : حتى تأتي ليلة الجمعة ، وهو قول أخي يعقوب لبنيه .

وهذا غريب من هذا الوجه ، وفي رفعه نظر ، والله أعلم .

( قال سوف أستغفر لكم ربي ) ، يقول جل ثناؤه: قال يعقوب: سوف أسأل ربي أن يعفو عنكم ذنوبكم التي أذنبتموها فيّ وفى يوسف.

* * *

ثم اختلف أهل العلم، (5) في الوقت الذي أخَّر الدعاء إليه يعقوبُ لولده بالاستغفار لهم من ذنبهم.

فقال بعضهم: أخَّر ذلك إلى السَّحَر .

* ذكر من قال ذلك:

19870 - حدثني أبو السائب , قال: حدثنا ابن إدريس , قال: سمعت عبد الرحمن بن إسحاق , يذكر , عن محارب بن دثار , قال: كان عمٌّ لي يأتي المسجدَ , فسمع إنسانًا يقول ": اللهم دعوتني فأجبت وأمرتني فأطعت , وهذا سَحَرٌ , فاغفر لي" قال: فاستمع الصوت فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود. فسأل عبد الله عن ذلك , فقال: إن يعقوب أخَّر بنيه إلى السحر بقوله: ( سوف أستغفر لكم ربي). (6)

19871 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا ابن فضيل , عن عبد الرحمن بن إسحاق , عن محارب بن دثار , عن عبد الله بن مسعود: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، قال: أخَّرهم إلى السَّحر.

19872 - .... قال: حدثنا أبو سفيان الحميري , عن العوام , عن إبراهيم التيميّ في قول يعقوب لبنيه: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، قال: أخّرهم إلى السحر. (7)

19873 - .... قال: حدثنا عمرو , عن خلاد الصفار , عن عمرو بن قيس: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، قال: في صلاة الليل.

19874 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، قال: أخَّر ذلك إلى السَّحر.

* * *

وقال آخرون: أخَّر ذلك إلى ليلة الجمعة .

* ذكر من قال ذلك:

19875 - حدثني المثنى , قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب الدمشقي , قال: حدثنا الوليد , قال: أخبرنا ابن جريج , عن عطاء وعكرمة , عن ابن عباس , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة . وهو قول , أخي يعقوب لبنيه. (8)

19876 - حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي , قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي , قال: حدثنا الوليد بن مسلم , قال: أخبرنا ابن جريج , عن عطاء وعكرمة مولى ابن عباس , عن ابن عباس , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قال أخي يعقوب: ( سوف أستغفر لكم ربي ) , يقول: حتى تأتي ليلة الجمعة. (9)

* * *

وقوله: ( إنه هو الغفور الرحيم ) ، يقول: إن ربي هو الساتر على ذنوب التائبين إليه من ذنوبهم ، " الرحيم "، بهم أن يعذبهم بعد توبتهم منها .

* * *

----------------------

الهوامش:

(5) ‌في المطبوعة :" أهل التأويل" ، وأثبت ما في المخطوطة .

(6) ‌الأثر : 19870 -" عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد الواسطي" ،" أبو شيبة" ، قال أحمد : ليس بشيء ، منكر الحديث ، وضعفه الباقون . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 213 .

و" محارب بن دثار السدوسي" ،" أبو مطرف" ، ثقة ، مضى برقم : 11331 .

(7) الأثر: 19872 -"أبو سفيان الحميري"، هو"سعيد بن يحيى بن مهدي" صدوق، مضى برقم: 12193 .

(8) ‌الأثر: 19875 -"سليمان بن عبد الرحمن التميمي" ،"أبو أيوب الدمشقي" ، ثقة، ولكنه حدث بالمناكير، متكلم في روايته عن غير الثقات، مضى برقم: 14212 .

و"الوليد بن مسلم الدمشقي القرشي" ، ثقة ، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها: 13461 .

وسائر رجال الخبر ثقات ، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره 4 : 477 ، ثم قال:"وهذا غريب من هذا الوجه، وفي رفعه نظر، والله أعلم".

وهذا الحديث ، من حديث الوليد بن مسلم ، رواه الترمذي من طريق أحمد بن الحسن، عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، في باب (أحاديث شتى من أبواب الدعوات) ، وهو حديث طويل جدًا ، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم".

ورواه الحاكم في المستدرك 1 : 316 . من هذه الطريق نفسها ثم قال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

وقد علق الذهبي فقال:" هذا حديث منكر شاذ ، أخاف لا يكون موضوعًا ، وقد حيرني والله جودة سنده، فإن الحاكم قال فيه: حدثنا أبو النضر محمد بن محمد الفقيه، وأحمد بن محمد العنزي قالا حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي (ح) وحدثني أبو بكر بن محمد بن جعفر المزكي، حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي ، قالا حدثنا أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، فذكره مصرحًا بقوله:"حدثنا ابن جريج" ، فقد حدث به سليمان قطعًا وهو ثبت، فالله أعلم".

وهذا الإشكال الذي حير الذهبي، ربما فسره ما قال يعقوب بن سفيان، في سليمان بن عبد الرحمن:"كان صحيح الكتاب ، إلا أنه كان يحول، فإن وقع فيه شيء فمن النقل، وسليمان ثقة". فإن صح هذا فربما كان هذا الحديث مما وهم في تحويله ، لأن أسانيد هذا الخبر تدور كلها على"سليمان بن عبد الرحمن"، ولم نجد أحدًا رواه عن الوليد بن مسلم: غير سليمان . والله أعلم.

وسيأتي بإسناد آخر يليه.

(9) ‌الأثر: 19876 - هذا مكرر الذي سلف.

و"أحمد بن الحسن الترمذي" ، شيخ الطبري، كان أحد أوعية الحديث، مضى برقم : 7489 ، 14212 .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[98] ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ ألقوا أخاهم في البئر لكن الله أمهلهم حتى استغفر لهم نبيان من أنبيائه، مهما كانت جريمتك، المستقبل مليء ببشارات التوبة.
وقفة
[98] ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ يقال أجل الاستغفار لوقت السحر؛ لأنه وقت دعاء، ففيه تأجيل بعض أعمال الخير لمصلحة راجحة.
وقفة
[98] عندما طلب إخوة يوسف من أبيهم يعقوب أن يستغفر لهم بسبب ظلمهم يوسف قال: ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾، قيل إنه أجّل الاستغفار لوقت السحر لفضل هذا الوقت.
وقفة
[98] ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ أراد أن ينبههم إلى عظم الذنب، وعظمة الله تعالى، وأنه سيكرر الاستغفار لهم في أزمنة مستقبلة.
لمسة
[98] ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ تأمل في كلمة (سوف) فكأن هـناك وقتًا! لا بد للمؤمن من وقت يشعر فيه أن الله يقبل استغفاره ودعاءه.
عمل
[98] أخبرْ من ستدعو له بذلك، وكذلك من دعوت له، فلهذا أثرٌ إيجابي عظيم على نفسه: ﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
وقفة
[98] طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ، ألم ترَ قول يوسف: ﴿يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ [92]، وقال يعقوب: ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ﴾.
وقفة
[98] قال محارب بن دثار: كان عمٌّ لي يأتي المسجد فسمع إنسانًا يقول: اللهم دعوتني فأجبت، وأمرتني فأطعت، وهذا سَحر، فاغفر لي، قال: فاستمع الصوت، فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود، فسأل عبد الله عن ذلك، فقال: «إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله: ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾».
وقفة
[98] ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾: ثلاث آيات ليس لهنّ رابعة بهذا اللفظ، جاءت في سياق عظائم الذنوب: في يوسف: عقوق لأبيهم، في القصص: قتل للنفس، في الزمر: إسراف للذنوب.

الإعراب :

  • ﴿ قَالَ:
  • فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. والجملة بعدها في محل نصب مفعولى به - مقول القول -.
  • ﴿ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي:
  • سوف: حرف استقبال - تسويف - استغفر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. لكم: جار ومجرور متعلق باستغفر والميم علامة جمع المذكور. ربي: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء التكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة. والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثالثة والثمانين '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [98] لما قبلها :     ولَمَّا طَلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم الله؛ وعدهم بذلك (قيل: إنه أخر الاستغفار لهم إلى وقت السَّحَر)، قال تعالى:
﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [99] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى ..

التفسير :

[99] وخرج يعقوب وأهله إلى «مصر» قاصدين يوسف، فلما وصلوا إليه ضمَّ يوسف إليه أبويه، وقال لهم:ادخلوا «مصر» بمشيئة الله، وأنتم آمنون من الجهد والقحط، ومن كل مكروه.

أي:{ فَلَمَّا} تجهز يعقوب وأولاده وأهلهم أجمعون، وارتحلوا من بلادهم قاصدين الوصول إلى يوسف في مصر وسكناها، فلما وصلوا إليه، و{ دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} أي:ضمهما إليه، واختصهما بقربه، وأبدى لهما من البر والإكراموالتبجيل والإعظام شيئا عظيما،{ وَقَالَ} لجميع أهله:{ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} من جميع المكاره والمخاوف، فدخلوا في هذه الحال السارة، وزال عنهم النصب ونكد المعيشة، وحصل السرور والبهجة.

وقوله- سبحانه- فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ ... معطوف على كلام محذوف والتقدير:

استجاب إخوة يوسف لقوله لهم: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ فأتوا بأهلهم أجمعين، حيث رحلوا جميعا من بلادهم إلى مصر ومعهم أبوهم، فلما وصلوا إليها ودخلوا على يوسف، ضم إليه أبويه وعانقهما عناقا حارا.

وقال للجميع ادْخُلُوا بلاد مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ من الجوع والخوف.

وقد ذكر المفسرون هنا كلاما يدل على أن يوسف- عليه السلام- وحاشيته ووجهاء مصر، عند ما بلغهم قدوم يعقوب بأسرته إلى مصر، خرجوا جميعا لاستقبالهم كما ذكروا أن المراد بأبويه: أبوه وخالته، لأن أمه ماتت وهو صغير.

إلا أن ابن كثير قال: «قال محمد بن إسحاق وابن جرير: كان أبوه وأمه يعيشان، وأنه لم يقم دليل على موت أمه، وظاهر القرآن يدل على حياتها» ...

ثم قال: «وهذا الذي ذكره ابن جرير، هو الذي يدل عليه السياق» .

والمراد بدخول مصر: الاستقرار بها، والسكن في ربوعها.

قالوا: وكان عدد أفراد أسرة يعقوب الذين حضروا معه ليقيموا في مصر ما بين الثمانين والتسعين.

يخبر تعالى عن ورود يعقوب ، عليه السلام ، على يوسف - عليه السلام - وقدومه بلاد مصر ، لما كان يوسف قد تقدم إلى إخوته أن يأتوه بأهلهم أجمعين ، فتحملوا عن آخرهم وترحلوا من بلاد كنعان قاصدين بلاد مصر ، فلما أخبر يوسف ، عليه السلام ، باقترابهم خرج لتلقيهم ، وأمر [ الملك ] أمراءه وأكابر الناس بالخروج [ مع يوسف ] لتلقي نبي الله يعقوب ، عليه السلام ، ويقال : إن الملك خرج أيضا لتلقيه ، وهو الأشبه .

وقد أشكل قوله : ( آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر ) على كثير من المفسرين ، فقال بعضهم : هذا من المقدم والمؤخر ، ومعنى الكلام : ( وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) وآوى إليه أبويه ، ورفعهما على العرش .

وقد رد ابن جرير هذا . وأجاد في ذلك . ثم اختار ما حكاه عن السدي : أن يوسف آوى إليه أبويه لما تلقاهما ، ثم لما وصلوا باب البلد قال : ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين )

وفي هذا نظر أيضا; لأن الإيواء إنما يكون في المنزل ، كقوله : ( آوى إليه أخاه ) وفي الحديث : " من آوى محدثا " وما المانع أن يكون قال لهم بعدما دخلوا عليه وآواهم إليه : ( ادخلوا مصر ) وضمنه : اسكنوا مصر ( إن شاء الله آمنين ) أي : مما كنتم فيه من الجهد والقحط ، ويقال ، والله أعلم : إن الله تعالى رفع عن أهل مصر بقية السنين المجدبة ببركة قدوم يعقوب عليهم ، كما رفع بقية السنين التي دعا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل مكة حين قال : " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " ، ثم لما تضرعوا إليه واستشفعوا لديه ، وأرسلوا أبا سفيان في ذلك ، فدعا لهم ، فرفع عنهم بقية ذلك ببركة دعائه ، عليه السلام .

وقوله : ( آوى إليه أبويه ) قال السدي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنما كان أباه وخالته ، وكانت أمه قد ماتت قديما .

وقال محمد بن إسحاق وابن جرير : كان أبوه وأمه يعيشان .

قال ابن جرير : ولم يقم دليل على موت أمه ، وظاهر القرآن يدل على حياتها . وهذا الذي نصره هو المنصور الذي يدل عليه السياق .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: فلما دخل يعقوب وولده وأهلوهم على يوسف ، (آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) ، يقول: ضم إليه أبويه (10) فقال لهم: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) .

* * *

فإن قال قائل: وكيف قال لهم يوسف: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) ، بعد ما دخلوها , وقد أخبر الله عز وجل عنهم أنهم لما دخلوها على يوسف وضَمّ إليه أبويه، قال لهم هذا القول؟

قيل: قد اختلف أهل التأويل في ذلك.

فقال بعضهم: إن يعقوب إنما دخل على يوسف هو وولده , وآوى يوسف أبويه إليه قبل دخول مصر. قالوا: وذلك أن يوسف تلقَّى أباه تكرمةً له قبل أن يدخل مصر , فآواه إليه , ثم قال له ولمن معه: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) ، بها قبل الدخول .

* ذكر من قال ذلك:

19877 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: فحملوا إليه أهلهم وعيالهم , فلما بلغوا مصر، كلَّم يوسف الملك الذي فوقه , فخرج هو والملوك يتلقَّونهم , فلما بلغوا مصر قال: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) ، (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ).

19878 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا جعفر بن سليمان , عن فرقد السبخي , قال: لما ألقي القميص على وجهه ارتد بصيرًا , وقال: ( أتوني بأهلكم أجمعين )، فحمل يعقوب وإخوة يوسف، فلما دنا أخبر يوسف أنه قد دنا منه , فخرج يتلقاه. قال: وركب معه أهلُ مصر , وكانوا يعظمونه. فلما دنا أحدهما من صاحبه , وكان يعقوب يمشي وهو يتوكأ على رجل من ولده يقال له يهوذا. قال: فنظر يعقوب إلى الخيل والناس , فقال: يا يهوذا، هذا فرعون مصر؟ قال: لا هذا ابنك! قال: فلما دنا كل واحد منهما من صاحبه , فذهب يوسف يبدؤه بالسلام , فمنع من ذلك , وكان يعقوب أحقّ بذلك منه وأفضل , فقال: السلام عليك يا ذاهب الأحزان عني ، هكذا قال: " يا ذاهب الأحزان عني". (11)

19879 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: قال حجاج: بلغني أن يوسف والملك خرجا في أربعة آلاف يستقبلون يعقوب وبنيه.

، قال: وحدثني من سمع جعفر بن سليمان يحكي , عن فرقد السبخي , قال: خرج يوسف يتلقى يعقوب، وركب أهل مصر مع يوسف ، ثم ذكر بقية الحديث , نحو حديث الحارث , عن عبد العزيز.

* * *

وقال آخرون: بل قوله: ( إن شاء الله ) ، استثناءٌ من قول يعقوب لبنيه: أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي . قال: وهو من المؤخر الذي معناه التقديم. قالوا: وإنما معنى الكلام: قال: أستغفر لكم ربي إن شاء الله إنه هو الغفور الرحيم . فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه، وقال ادخلوا مصر، ورفع أبويه .

* ذكر من قال ذلك:

19880 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج: قال سوف أستغفر لكم ربي إن شاء الله آمنين ، وبَيْن ذلك ما بينه من تقديم القرآن.

* * *

قال أبو جعفر: يعني ابن جريج: " وبين ذلك ما بينه من تقديم القرآن " ، أنه قد دخل بين قوله: ( سوف أستغفر لكم ربي ) ، وبين قوله: ( إن شاء الله ) ، من الكلام ما قد دخل، وموضعه عنده أن يكون عَقِيب قوله: سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي .

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله السدي, وهو أن يوسف قال ذلك لأبويه ومن معهما من أولادهما وأهاليهم قبل دخولهم مصر حين تلقَّاهم، لأن ذلك في ظاهر التنـزيل كذلك , فلا دلالة تدل على صحة ما قال ابن جريج , ولا وجه لتقديم شيء من كتاب الله عن موضعه أو تأخيره عن مكانه إلا بحجّة واضحةٍ .

* * *

وقيل: عُنِي بقوله: ( آوى إليه أبويه ) : ، أبوه وخالتُه. وقال الذين قالوا هذا القول: كانت أم يوسف قد ماتت قبلُ، وإنما كانت عند يعقوب يومئذ خالتُه أخت أمه , كان نكحها بعد أمِّه.

* ذكر من قال ذلك:

19881 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: ( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ) ، قال: أبوه وخالته.

* * *

وقال آخرون: بل كان أباه وأمه .

* ذكر من قال ذلك:

19882 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: ( فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ) ، قال: أباه وأمه.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب ما قاله ابن إسحاق ; لأن ذلك هو الأغلب في استعمال الناس والمتعارف بينهم في" أبوين " , إلا أن يصح ما يقال من أنّ أم يوسف كانت قد ماتت قبل ذلك بحُجة يجب التسليم لها , فيسلّم حينئذ لها.

* * *

وقوله: ( وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) ، مما كنتم فيه في باديتكم من الجدب والقحط.

* * *

----------------------

الهوامش:

(10) انظر تفسير" الإيواء" فيما سلف ص : 169 ، تعليق : 1 ،" والمراجع هناك .

(11) يعني أنه قال ذلك معديًا" ذهب" من قولهم" ذهب به ، وأذهبه" ، أي : أزاله كأنه قال : يا مذهب الأحزان عني . وهذا غريب ، يقيد لغرابته ، وانظر إلى دقة الرواية عندنا ، حتى في مثل هذه الأخبار ، ولكن أهل الزيغ يريدون أن يعبثوا بهذه الدلائل الواضحة ، ليقع الناس في الشك في أخبار نبيهم ، وفي رواية رواتهم ، والله من ورائهم محيط .

المعاني :

آوَى :       ضَمَّ السراج
آوى إليه أبويه :       ضمّهما إليه و اعتنقهما معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[99] ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾ لم خص الأبوين بالذكر؟! قال الآلوسي: «لأنهما ذاقا طعم مرارة الفراق، فخصهما من بينهم بمزيد الدنو يوم التلاق».
وقفة
[99] ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾ لا أجمل من لقاء غائب لغائب، ولا أروع من لقاء مشتاق لمشتاق، لحظة تودع بها الأحزان ولوعة الفراق.
عمل
[99] ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾ (ورفع أبويه) أظهر اهتمامك بهما عند اللقاء.
وقفة
[99] ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾ ذكر الطاهر بن عاشور أن أبويه هما يعقوب عليه السلام وخالته؛ لأن أم يوسف (راحيل) توفيت قبل ذلك أثناء ولادة أخيه بنيامين، وخالفه في هذا الرأي غيره.
وقفة
[99] ﴿آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾ هنا اسبح في خيال واسع، ولك أن تتخيل كيف كان اللقاء بين يعقوب ويوسف بعد هذا الغياب الطويل، قف وتخيل تلك الدموع والعبارات العاطفية والعناق العجيب، توجد مشاهد في السورة يعجز البيان عن الفصح ولا تجد عند المفسرين ما يشفي غليلك.
وقفة
[99] ﴿وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ﴾ هكذا التواضع لله، مع مكانته وهيبة قدره لكن لم يقل:(أنتم في حمايتي آمنين)، بل قال: (إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ).
لمسة
[99] ﴿وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ﴾ تأملوا أدب النبوة، فقد قدم مشيئة الله؛ لأن الأمور كلها بيد الله، ولا بد أن يقدم المشيئة الربانية في الأمور كلها، وإلا وكله الله إلى نفسه، فأول الفشل.
وقفة
[99، 100] ﴿آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾، ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ كبار النفوس لا تشغلهم المناصب عن الاهتمام بالوالدين.
وقفة
[99، 100] ﴿آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾، ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ لم يشغله منصبه عن الاهتمام بأبويه، يبقى الابن الوفي بارًا لا يشغله شيء.
وقفة
[99، 100] ﴿آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾ بعد مُر الفراق وطول الاشتياق بل: ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ هما وإخوته، لا تغفل عن هذه الحقيقة: يذيقك الله مرارة الكسر لتتلذذ بحلاوة الجبر.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمَّا:
  • الفاء: استئنافيّة. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانيهَ متعلقة بالجواب.
  • ﴿ دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ:
  • الجملة: في محل جر - خفض - لوقوعها بعد الظرف \"لما\" بالإضافة. دخلوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. على يوسف: جار ومجرور متعلق بدخلوا. وعلامة جر الاسم الفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف - التنوين - على المعجمة والعلمية.
  • ﴿ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ:
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. آوى أي ضم واعتنق: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. إليه: جار ومجرور متعلق بآوى. أبويه: مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. و \"أبويه\" أي أباه وخالة له كان قد تزوجها أبوه بعد وفاة أمه. هذا مَا جَاءَ في كتب التفسير.
  • ﴿ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ:
  • وقال: معطوفة بالواو على \"آوى\" وتعرب إعرابها والفعل مبني على الفتح الظاهر الجملة بعدها في محل نصب مفعول به - مقول القول -. ادخلوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأنَّ مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. مصر: مفعول به منصوب بالفتحة وهو ممنوع من الصرف.
  • ﴿ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ:
  • إنْ: حرف شرط جازم. شاء: فعل ماضٍ مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإنْ. الله لفظ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم. آمنين: حال من ضمير \"ادخلوا\" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. وجواب الشوط محذوف لدلالة الكلام عليه. التقدير: إن شاء الله دخلتم آمنين. والجملة الجزائية من فعل الشرط وجوابه: جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب وقعت بين الحال وذي الحال. '

المتشابهات :

يوسف: 69﴿وَ لَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ
يوسف: 99﴿فَـ لَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [99] لما قبلها :     ولَمَّا طلبَ يوسُفُ عليه السلام حضور جميع أهله؛ هاجر يعقوب ببنيه وأهله كلهم إلى مصر للقاء ابنه يوسف عليه السلام ، وهناك اجتمع شملهم، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [100] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ ..

التفسير :

[100] وأجْلَسَ أباه وأمه على سرير ملكه بجانبه؛ إكراماً لهما، وحيَّاه أبواه وإخوته الأحد عشر بالسجود له تحية وتكريماً، لا عبادةً وخضوعاً، وكان ذلك جائزاً في شريعتهم، وقد حَرُم في شريعتنا؛ سدّاً لذريعة الشرك بالله. وقال يوسف لأبيه:هذا السجود هو تفسير رؤياي

{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} أي:على سرير الملك، ومجلس العزيز،{ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} أي:أبوه، وأمه وإخوته، سجودا على وجه التعظيم والتبجيل والإكرام،{ وَقَالَ} لما رأى هذه الحال، ورأى سجودهم له:{ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} حين رأي أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فهذا وقوعها الذي آلت إليه ووصلت{ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} فلم يجعلها أضغاث أحلام.

{ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} إحسانا جسيما{ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} وهذا من لطفه وحسن خطابه عليه السلام، حيث ذكر حاله في السجن، ولم يذكر حاله في الجب، لتمام عفوه عن إخوته، وأنه لا يذكر ذلك الذنب، وأن إتيانكم من البادية من إحسان الله إلي.

فلم يقل:جاء بكم من الجوع والنصب، ولا قال:"أحسن بكم"بل قال{ أَحْسَنَ بِي} جعل الإحسان عائدا إليه، فتبارك من يختص برحمته من يشاء من عباده، ويهب لهم من لدنه رحمة إنه هو الوهاب.{ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} فلم يقل "نزغ الشيطان إخوتي"بل كأن الذنب والجهل، صدر من الطرفين، فالحمد لله الذي أخزى الشيطان ودحره، وجمعنا بعد تلك الفرقة الشاقة.

{ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها،{ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} الذي يعلم ظواهر الأمور وبواطنها، وسرائر العباد وضمائرهم،{ الْحَكِيمُ} في وضعه الأشياء مواضعها، وسوقه الأمور إلى أوقاتها المقدرة لها.

والمراد بالعرش في قوله وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ السرير الذي يجلس عليه.

أى: وأجلس يوسف أبويه معه على السرير الذي يجلس عليه، تكريما لهما، وإعلاء من شأنهما.

وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أى: وخر يعقوب وأسرته ساجدين من أجل يوسف، وكان ذلك جائزا في شريعتهم على أنه لون من التحية، وليس المقصود به السجود الشرعي لأنه لا يكون إلا لله- تعالى-.

«وقال» يوسف متحدثا بنعمة الله يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا....

أى: وقال يوسف لأبيه: هذا السجود الذي سجدتموه لي الآن، هو تفسير رؤياي التي رأيتها في صغرى. فقد جعل ربي هذه الرؤيا حقا، وأرانى تأويلها وتفسيرها بعد أن مضى عليها الزمن الطويل.

قالوا: وكان بين الرؤيا وبين ظهور تأويلها أربعون سنة.

والمراد بهذه الرؤيا ما أشار إليه القرآن في مطلع هذه السورة في قوله يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ.

ثم قال يوسف لأبيه أيضا: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي ربي- عز وجل- إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ بعد أن مكثت بين جدرانه بضع سنين.

وعدى فعل الإحسان بالباء مع أن الأصل فيه أن يتعدى بإلى، لتضمنه معنى اللطف ولم يذكر نعمة إخراجه من الجب، حتى لا يجرح شعور إخوته الذين سبق أن قال لهم:

لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ.

وقوله وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ معطوف على ما قبله تعدادا لنعم الله- تعالى- أى: وقد أحسن بي ربي حيث أخرجنى من السجن، وأحسن بي أيضا حيث يسر لكم أموركم، وجمعنى بكم في مصر، بعد أن كنتم مقيمين في البادية في أرض كنعان بفلسطين.

وقوله مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي أى جمعنى بكم من بعد أن أفسد الشيطان بيني وبين إخوتى، حيث حملهم على أن يلقوا بي في الجب.

وأصل نَزَغَ من النزغ بمعنى النخس والدفع. يقال: نزغ الراكب دابته إذا نخسها ودفعها لتسرع في سيرها.

وأسند النزغ إلى الشيطان، لأنه هو الموسوس به، والدافع إليه، ولأن في ذلك سترا على إخوته وتأدبا معهم.

وقوله إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ تذييل قصد به الثناء على الله- تعالى- بما هو أهله.

أى: إن ربي وخالقي، لطيف التدبير لما يشاء تدبيره من أمور عباده، رفيق بهم في جميع شئونهم من حيث لا يعلمون.

إنه- سبحانه- هو العليم بأحوال خلقه علما تاما، الحكيم في جميع أقواله وأفعاله.

وقوله : ( ورفع أبويه على العرش ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : يعني السرير ، أي : أجلسهما معه على سريره .

( وخروا له سجدا ) أي : سجد له أبواه وإخوته الباقون ، وكانوا أحد عشر رجلا ( وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل ) أي : التي كان قصها على أبيه ( إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) [ يوسف : 4 ]

وقد كان هذا سائغا في شرائعهم إذا سلموا على الكبير يسجدون له ، ولم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى - عليه السلام - فحرم هذا في هذه الملة ، وجعل السجود مختصا بجناب الرب سبحانه وتعالى .

هذا مضمون قول قتادة وغيره .

وفي الحديث أن معاذا قدم الشام ، فوجدهم يسجدون لأساقفتهم ، فلما رجع سجد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما هذا يا معاذ ؟ " فقال : إني رأيتهم يسجدون لأساقفتهم ، وأنت أحق أن يسجد لك يا رسول الله . فقال : " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها "

وفي حديث آخر : أن سلمان لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض طرق المدينة ، وكان سلمان حديث عهد بالإسلام ، فسجد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لا تسجد لي يا سلمان ، واسجد للحي الذي لا يموت " .

والغرض أن هذا كان جائزا في شريعتهم; ولهذا خروا له سجدا ، فعندها قال يوسف : ( ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) أي : هذا ما آل إليه الأمر ، فإن التأويل يطلق على ما يصير إليه الأمر ، كما قال تعالى : ( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله ) [ الأعراف : 53 ] أي : يوم القيامة يأتيهم ما وعدوا من خير وشر .

وقوله : ( قد جعلها ربي حقا ) أي : صحيحة صدقا ، يذكر نعم الله عليه ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ) أي : البادية .

قال ابن جريج وغيره : كانوا أهل بادية وماشية . وقال : كانوا يسكنون بالعربات من أرض فلسطين ، من غور الشام . قال : وبعض يقول : كانوا بالأولاج من ناحية شعب أسفل من حسمى ، وكانوا أصحاب بادية وشاء وإبل .

( من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) [ ثم قال ] ( إن ربي لطيف لما يشاء ) أي : إذا أراد أمرا قيض له أسبابا ويسره وقدره ، ( إنه هو العليم ) بمصالح عباده ) الحكيم ) في أفعاله وأقواله ، وقضائه وقدره ، وما يختاره ويريده .

قال أبو عثمان النهدي ، عن سليمان كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة .

قال عبد الله بن شداد : وإليها ينتهي أقصى الرؤيا . رواه ابن جرير .

وقال أيضا : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا هشام ، عن الحسن قال : كان منذ فارق يوسف يعقوب إلى أن التقيا ، ثمانون سنة ، لم يفارق فيها الحزن قلبه ، ودموعه تجري على خديه ، وما على وجه الأرض عبد أحب إلى الله من يعقوب .

وقال هشيم ، عن يونس ، عن الحسن : ثلاث وثمانون سنة .

وقال مبارك بن فضالة ، عن الحسن : ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة ، فغاب عن أبيه ثمانين سنة ، وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة ، فمات وله عشرون ومائة سنة .

وقال قتادة : كان بينهما خمس وثلاثون سنة .

وقال محمد بن إسحاق : ذكر - والله أعلم - أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثماني عشرة سنة ، قال : وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها ، وأن يعقوب - عليه السلام - بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة ، ثم قبضه الله إليه .

وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : دخل بنو إسرائيل مصر ، وهم ثلاثة وستون إنسانا ، وخرجوا منها وهم ستمائة ألف وسبعون ألفا .

وقال أبو إسحاق ، عن مسروق : دخلوا وهم ثلاثمائة وتسعون من بين رجل وامرأة . والله أعلم .

وقال موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شداد : اجتمع آل يعقوب إلى يوسف بمصر . وهم ستة وثمانون إنسانا ، صغيرهم وكبيرهم ، وذكرهم وأنثاهم ، وخرجوا منها وهم ستمائة ألف ونيف .

وقوله: ( ورفع أبويه على العرش ) ، يعني: على السرير، كما: -

19883 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: السرير.

19884 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا محمد بن يزيد الواسطي , عن جويبر , عن الضحاك , قال: " العرش "، السرير.

19885 - .... قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قوله: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: السرير.

19886 - حدثنا محمد بن عمرو , قال: حدثنا أبو عاصم , قال: حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19887 - حدثني المثنى , قال: أخبرنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ،

19888 - وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد مثله .

19889 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله .

19890 - حدثني المثنى , قال: أخبرنا أبو حذيفة , قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ،

19891 - وحدثني المثنى , قال: حدثنا إسحاق , قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله.

19892 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , مثله .

19893 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: سريره.

19894 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: ( على العرش ) ، قال: على السرير.

19895 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: ( ورفع أبويه على العرش ) ، يقول: رفع أبويه على السرير.

19896 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال: حدثنا أبو أحمد , قال: قال سفيان: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: على السرير.

19897 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد , في قوله: ( ورفع أبويه على العرش ) ، قال: مجلسه.

19898 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي , قال:حدثنا عمرو بن أبي سلمة , قال: سألت زيد بن أسلم , عن قول الله تعالى: ( ورفع أبويه على العرش ) ، فقلت: أبلغك أنها خالته؟ قال: قال ذلك بعض أهل العلم , يقولون: إن أمّه ماتت قبل ذلك، وإن هذه خالته.

* * *

وقوله: ( وخرّوا له سجدًا ) ، يقول: وخرّ يعقوب وولده وأمّه ليوسف سجّدًا.

* * *

19899 - حدثني محمد بن سعد , قال: حدثني أبي , قال: حدثني عمي , قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس: ( وخرُّوا له سجدًا ) ، يقول: رفع أبويه على السرير , وسجدا له , وسجد له إخوته.

19900 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: تحمّل ، يعني يعقوب ، بأهله حتى قدموا على يوسف، فلما اجتمع إلى يعقوب بنوه، دخلوا على يوسف، فلما رأوه وقعوا له سجودًا، وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان ، أبوه وأمه وإخوته.

19901 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: ( وخروا له سجّدًا ) وكانت تحية من قبلكم , كان بها يحيِّي بعضهم بعضًا , فأعطى الله هذه الأمة السلام، تحية أهل الجنة، كرامةً من الله تبارك وتعالى عجّلها لهم، ونعمة منه.

19902 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: ( وخروا له سجدًا ) ، قال: وكانت تحية الناس يومئذ أن يسجد بعضهم لبعض.

19903 - حدثنا أحمد بن إسحاق , قال: حدثنا أبو إسحاق , قال: قال سفيان: ( وخرّوا له سجدًا ) ، قال: كانت تحيةً فيهم.

19904 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج: ( وخروا له سجدًا ) ، أبواه وإخوته، كانت تلك تحيّتهم، كما تصنع ناسٌ اليومَ.

19905 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا المحاربي , عن جويبر , عن الضحاك: ( وخروا له سجدًا ) قال: تحيةٌ بينهم.

19906 - حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب , قال: قال ابن زيد في قوله: ( وخرُّوا له سجدًا ) ، قال: قال: ذلك السجود لشرَفه , كما سجدت الملائكة لآدم لشرفه، ليس بسجود عبادةٍ.

* * *

وإنما عنى من ذكر بقوله: " إن السجود كان تحية بينهم "، أن ذلك كان منهم على الخُلُق، لا على وجه العبادة من بعضهم لبعض. ومما يدل على أن ذلك لم يزل من أخلاق الناس قديمًا قبل الإسلام على غير وجه العبادة من بعضهم لبعض، قول أعشى بني ثعلبة:

فَلَمَّـــا أَتَانَـــا بُعَيْــدَ الكَــرَى

سَــجَدْنَا لَــهُ وَرَفَعْنَــا عَمَــارَا (12)

* * *

وقوله: ( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقًّا ) ، يقول جل ثناؤه: قال يوسف لأبيه: يا أبت، هذا السجود الذي سجدتَ أنت وأمّي وإخوتي لي ( ، تأويل رؤياي من قبل ) ، يقول: ما آلت إليه رؤياي التي كنت رأيتها، (13) وهي رؤياه التي كان رآها قبل صنيع إخوته به ما صنعوا: أنَّ أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر له ساجدون ، ( قد جعلها ربي حقًّا ) ، يقول: قد حقّقها ربي، لمجيء تأويلها على الصحَّة.

* * *

وقد اختلف أهل العلم في قدر المدة التي كانت بين رؤيا يوسف وبين تأويلها.

فقال بعضهم: كانت مدّةُ ذلك أربعين سنة .

* ذكر من قال ذلك:

19907 - حدثني محمد بن عبد الأعلى , قال: حدثنا المعتمر , عن أبيه , قال: حدثنا أبو عثمان , عن سلمان الفارسي , قال: كان بين رؤيا يوسف إلى أن رأى تأويلها أربعون سنة.

19908 - حدثني يعقوب بن برهان ويعقوب بن إبراهيم , قالا حدثنا ابن علية قال: حدثنا سليمان التيمي , عن أبي عثمان النهدي , قال: قال عثمان: كانت بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويله. قال: فذكر أربعين سنة. (14)

19909 - حدثنا ابن وكيع , قال:حدثنا ابن علية , عن التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة.

19910 - حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو نعيم , قال: حدثنا سفيان , عن أبي سنان , عن عبد الله بن شداد , قال: رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عامًا.

19911 - .... قال: حدثنا سفيان , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , مثله .

19912 - حدثني أبو السائب , قال: حدثنا ابن فضيل , عن ضرار , عن عبد الله بن شداد أنه سمع قومًا يتنازعون في رؤيا رآها بعضهم وهو يصلي , فلما انصرف سألهم عنها , فكتموه، فقال: أما إنه جاء تأويل رؤيا يوسف بعد أربعين عامًا.

19913 - حدثنا أبو كريب , قال، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا أبي ، عن إسرائيل , عن ضرار بن مرة أبي سنان , عن عبد الله بن شداد , قال: كان بين رؤيا يوسف وتأويلها أربعون سنة.

19914 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا ابن فضيل وجرير , عن أبي سنان , قال: سمع عبد الله بن شداد قومًا يتنازعون في رؤيا ، , فذكر نحو حديث أبي السائب , عن ابن فضيل .

19915 - حدثنا أحمد , قال: حدثنا أبو أحمد , قال: حدثنا سفيان , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: رأى تأويل رؤياه بعد أربعين عامًا.

19916 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: أخبرنا ابن عيينة , عن أبي سنان , عن عبد الله بن شداد , قال: وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة , وإليها ينتهي أقصى الرؤيا. (15)

19917 - .... قال: حدثنا معاذ بن معاذ , قال: حدثنا سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة.

19918 - .... قال، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين عبارتها أربعون سنة.

19919 - .... قال، حدثنا سعيد بن سليمان , قال: حدثنا هشيم , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة.

19920 - .... قال، حدثنا سعيد بن سليمان , قال: حدثنا هشيم , عن سليمان التيمي , عن أبي عثمان , عن سلمان , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين أن رأى تأويلها أربعون سنة.

19921 - .... قال، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي , قال: حدثنا إسرائيل , عن أبي سنان , عن عبد الله بن شداد , قال: كان بين رؤيا يوسف وبين تعبيرها أربعون سنة.

* * *

وقال آخرون: كانت مدة ذلك ثمانين سنة .

* ذكر من قال ذلك:

19922 - حدثنا عمرو بن علي , قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي , قال: حدثنا هشام , عن الحسن , قال: كان منذ فارق يوسف يعقوب إلى أن التقيا، ثمانون سنة، لم يفارق الحزن قلبه , ودموعه تجري على خديه , وما على وجه الأرض يومئذ عبدٌ أحبَّ إلى الله من يعقوب.

19923 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن أبي جعفر جسر بن فرقد , قال: كان بين أن فقد يعقوب يوسف إلى يوم رد عليه ثمانون سنة. (16)

19924 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا حسن بن علي , عن فضيل بن عياض , قال: سمعت أنه كان بين فراق يوسف حجر يعقوب إلى أن التقيا، ثمانون سنة.

19925 - حدثنا الحسن بن محمد , قال: حدثنا داود بن مهران , قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد , عن يونس , عن الحسن , قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان بين ذلك وبين لقائه يعقوب ثمانون سنة , وعاش بعد ذلك ثلاثًا وعشرين سنة , ومات وهو ابن عشرين ومائة سنة.

19926 - .... قال: حدثنا سعيد بن سليمان , قال: حدثنا هشيم , عن يونس , عن الحسن , نحوه ، غير أنه قال: ثلاث وثمانون سنة .

19927 - قال: حدثنا داود بن مهران , قال: حدثنا ابن علية , عن يونس , عن الحسن , قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة , وكان في العبوديّة وفي السجن وفي الملك ثمانين سنة , ثم جمع الله عز وجل شمله، وعاش بعد ذلك ثلاثًا وعشرين سنة.

19928 - حدثني الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا مبارك بن فضالة , عن الحسن , قال: ألقي يوسف في الجب وهو ابن سبع عشرة، فغاب عن أبيه ثمانين سنة , ثم عاش بعدما جمع الله له شمله ورأى تأويل رؤياه ثلاثًا وعشرين سنة، فمات وهو ابن عشرين ومائة سنة.

19929 - حدثنا مجاهد , قال: حدثنا يزيد , قال: أخبرنا هشيم , عن الحسن , قال: غاب يوسف عن أبيه في الجب وفي السجن حتى التقيا ثمانين عامًا , فما جفَّت عينا يعقوب , وما على الأرض أحد أكرمَ على الله من يعقوب. (17)

* * *

وقال آخرون: كانت مدة ذلك ثمان عشرة سنة .

* ذكر من قال ذلك:

19930 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: ذكر لي، والله أعلم، أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثمان عشرة سنة. قال: وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها , وأنّ يعقوب بقي مع يوسف بعد أن قدم عليه مصر سبع عشرة سنة , ثم قبضه الله إليه.

* * *

وقوله: ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ) ، يقول جل ثناؤه، مخبرًا عن قيل يوسف: وقد أحسن الله بي في إخراجه إياي من السجن الذي كنت فيه محبوسًا , وفي مجيئه بكم من البدو . وذلك أن مسكن يعقوب وولده، فيما ذكر، كان ببادية فلسطين، كذلك: -

* * *

19931 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: كان منـزل يعقوب وولده، فيما ذكر لي بعض أهل العلم، بالعَرَبات من أرض فلسطين، ثغور الشأم. وبعضٌ يقول بالأولاج من ناحية الشِّعْب , وكان صاحب بادية، له إبلٌ وشاء.

19932 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدنا عمرو , قال: أخبرنا شيخ لنا أن يعقوب كان ببادية فلسطين.

19933 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة: ( وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ) ، وكان يعقوب وبنوه بأرض كنعان، أهل مواشٍ وبرّية.

19934 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج: ( وجاء بكم من البدو ) ، قال: كانوا أهل بادية وماشية.

* * *

و " الَبْدوُ" مصدر من قول القائل : " بدا فلان ": إذا صار بالبادية،" يَبْدُو بَدْوًا ".

* * *

وذكر أن يعقوب دخل مصر هو ومن معه من أولاده وأهاليهم وأبنائهم يوم دخلوها، وهم أقلّ من مائة. وخرجوا منها يوم خرجوا منها وهم زيادة على ست مائة ألف.

* ذكر الرواية بذلك:

19935 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا زيد بن الحباب وعمرو بن محمد , عن موسى بن عبيدة , عن محمد بن كعب القرظي , عن عبد الله بن شداد , قال: اجتمع آل يعقوب إلى يوسف بمصر وهم ستة وثمانون إنسانًا , صغيرهم وكبيرهم، وذكرهم وأنثاهم. وخرجوا من مصر يوم أخرجهم فرعون وهم ست مائة ألف ونَيّف.

19936 - .... قال: حدثنا عمرو , عن إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن عبد الله , قال: خرج أهل يوسف من مصر وهم ست مائة ألف وسبعون ألفًا , فقال فرعون: إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ [سورة الشعراء: 54] .

19937 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن إسرائيل والمسعودي , عن أبي إسحاق , عن أبي عبيدة , عن ابن مسعود , قال: دخل بنو إسرائيل مصر وهم ثلاث وستون إنسانًا , وخرجوا منها وهم ست مائة ألف ، قال إسرائيل في حديثه: ست مائة ألف وسبعون ألفًا.

19938 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن مسروق , قال: دخل أهل يوسف مصر وهم ثلاث مائة وتسعون من بين رجل وامرأة.

* * *

وقوله: ( من بعد أن نـزغ الشيطان بيني وبين إخوتي ) ، يعني: من بعد أن أفسد ما بيني وبينهم، وجَهِل بعضنا على بعض.

* * *

يقال منه ": نـزغ الشيطان بين فلان وفلان , يَنـزغ نـزغًا و نـزوغًا. (18)

* * *

وقوله: ( إن ربي لطيف لما يشاء ) ، يقول: إن ربي ذو لطف وصنع لما يشاء، (19) ومن لطفه وصنعه أنه أخرجني من السجن، وجاء بأهلي من البَدْوِ بعد الذي كان بيني وبينهم من بُعد الدار، وبعد ما كنت فيه من العُبُودة والرِّق والإسار، كالذي: -

19939 -حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( إن ربي لطيف لما يشاء ) ، لطف بيوسف وصنع له حتى أخرجه من السجن , وجاء بأهله من البدو , ونـزع من قلبه نـزغ الشيطان، وتحريشه على إخوته.

* * *

وقوله:: ( إنه هو العليم ) ، بمصالح خلقه وغير ذلك، لا يخفى عليه مبادي الأمور وعواقبها ، ( الحكيم ) ، في تدبيره.

----------------------

الهوامش:

(12) ديوان : 39 ، وهذا البيت من قصيدته في تمجيد قيس بن معد يكرب ، وكان خرج معه في بعض غاراته ، فكاد الأعشى أن يؤسر ، فاستنقذه قيس ، فذكر ذلك فقال :

فَيَــا لَيْلَــةً لِــيَ فِــي لَعْلَــعٍ

كَطَــوْفِ الغَـرِيبِ يَخَـافُ الإسَـارَا

فلمَّـــــا أَتَانــــا ............

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

و" لعلع" مكان بين الكوفة والبصرة . يذكر في البيت الأول قلقه وشدة نزاعه وحيرته ، لما تأخر قيس ، وقد كاد هو يقع في أسر العدو ، فلما جاء قيس استنقذه ومن معه ، فسجدوا له وحيوه . و" العمار" مختلف في تفسير قيل : هو العمامة أو القلنسوة ، وقيل الريحان يرفع للملك يحيا به ، وقيل : رفعنا أصواتنا بقولنا :" عمرك الله" .

وفي المطبوعة :" ورفعنا العمارا" ، واثبت ما في المخطوطة ، وهو الموافق لرواية الديوان وغيره من المراجع .

(13) انظر تفسير" التأويل" فيما سلف ص : 119 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(14) الأثر : 19908 -" يعقوب بن برهان" ، شيخ الطبري ، لم أجد له ذكرًا في شيء من دواوين الرجال .

وأنا أخشى أن يكون هو :" يعقوب بن ماهان" ، شيخ الطبري أيضًا ، روى عنه فيما سلف رقم : 4901 ، وقال :" حدثني يعقوب بن إبراهيم ، يعقوب بن ماهان ، قالا ، حدثنا هشيم ..." ، وهو شبيه بهذا الإسناد كما ترى ، وكأن الناسخ أساء القراءة ، فنقل مكان" ماهان"" برهان" .

(15) في المطبوعة :" وإليها تنتهي أيضًا الرؤيا" ، وهو كلام فارغ ، ولم يحسن قراءة المخطوطة ، لأنها غير منقوطة ، ولأن رسم" أقصى" فيها :" أنصا" .

(16) الأثر : 19923 -" جسر بن فرقد" ،" أبو جعفر القصاب" ، ليس بذاك ، مضى برقم : 16940 ، 16941 ، وكان في المطبوعة هنا" حسن بن فرقد" ، لم يحسن قراءة المخطوطة .

(17) ‌الأثر : 19929 -" مجاهد" هذا ، هو :" مجاهد بن موسى بن فروخ الخوارزمي" ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 510 ، 3396 .

(18) ‌انظر تفسير" نزغ" فيما سلف 13 : 333 ، وهذا المصدر الثاني" النزوخ" ، مما لم تذكره كتب اللغة ، فيجب إثباته في مكانه منها .

(19) ‌انظر تفسير" اللطيف" فيما سلف 12 : 22 .

المعاني :

الْعَرْشِ :       سَرِيرِ المُلْكِ السراج
وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا :       حَيَّوْهُ بِالسُّجُودِ؛ تَكْرِيمًا، لَا عِبَادَةً، وَهُوَ فِي شَرْعِهِمْ جَائِزٌ السراج
سُجّدا :       و كان ذلك جائزا في شريعتهم معاني القرآن
الْبَدْوِ :       البَادِيَةِ السراج
نَّزَغَ :       أَفْسَدَ السراج
نزغ الشّيطان :       أفسد و حرّش و أغرى معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[100] ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ لا شك أن (الأبوين) هو تغليب لفظ الأب، و(الوالدين) تغليب لفظ الوالد، مع أنه لم يلد، الولادة للأم بالفعل وللأب للنسب، فلما يقول: (الوالدين) تذكير بالولادة فيها إلماح إلى إحسان الصحبة إلى الأم، والبر والاهتمام أكثر من الأب لأن الولادة منها، في هذه الآية ليس فيها مقام ذكر البر قال: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ) إلماح إلى الإحسان إلى الأم أكثر، لماذا؟ نكمل الآية: (وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا) المفروض أن يعظِّم الابن أبويه لا العكس، والآن الأبوان هما اللذان عظّما وخرا سجدا، إذن لم يذكر الأم إجلالًا لمقام الأم واحترامها، هي أكرم من الأب لأنه ليس المفروض هي أن تسجد وتعظِّم ابنها فذكر الأبوين.
وقفة
[100] ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ مهما كبرت منزلتك فلا تكبر على والديك ومهما عظم شأنك، فشأن والديك أعظم فبدعوة منهم عليك تتهاوى عروش عزك!
وقفة
[100] ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ العظيم كلما ارتفع؛ زاد تعظيمه لوالديه، وطأطأ رأسه لهما تواضعًا مهما بلغ من المنصب والجاه.
وقفة
[100] ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ ما أعظم وفاء يوسف مع أبويه عليهم السلام فحين مكنه الله، رفعهما على سرير ملكه، وأظهر لهما التقدير والاحترام!إنها رسالة لكل من آتاه الله مكانةً وعلمًا وغنى، أن يرد الجميل لوالديه، وأن يرفعهما حسًّا ومعنى.
اسقاط
[100] ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ أي بر بالوالدين أعظم من هذا؟!
وقفة
[100] ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ إنها رسالة لكل من يؤتيه الله مكانة وعلمًا وغنى، أن يرد الجميل لوالديه، وأن يرفعهما حسًا ومعنى.
وقفة
[100] ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ إذا زارك والدك في مقر عملك؛ فأعطه حقه من الإجلال والتبجيل، النزاهة لا تعني إهدار الأدب.
وقفة
[100] ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ الحسود لا يسود، قال القشيري: «لما حسدوا يوسف على تقديم أبيهم له لم يرض -سبحانه- حتى أقامهم بين يدي يوسف عليه السلام، وخروا له سجدا ليعلموا أن الحسود لا يسود، ويقال: أطول الناس حزنًا من أراد تأخير من قدمه الله، أو تقديم من أخره الله، فإخوة يوسف عليه السلام أرادوا أن يجعلوه في أسفل الجب فرفعه الله فوق سرير الملك».
وقفة
[100] ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ إن قلتَ: كيف جاز لهم أن يسجدوا ليوسف، والسجودُ لغير الله حرامٌ؟! قلتُ: المرادُ أنهم جعلوه كالقِبْلَةِ، ثم سجدوا للهِ تعالى شكرًا لنعمة وُجْدَان يوسف، كما تقول: سجدتُ وصلَّيتُ للقِبْلة.
وقفة
[100] ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ﴾ وردت (يا أبانا) في ستة مواضع في سياق الأبناء الذين أخطأوا في حق والدهم، ووردت (يا أبت) في ثمانية مواضع في سياق الأبناء البررة، بين يديك العِبر.
عمل
[100] ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾ ثق تمامًا وتأكد أن أحلامك سيأتي لها يوم وتتحقق فقط، أحسن الظن بربك.
لمسة
[100] ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾ ما الفرق بين الاجتهاد والتأويل والتفسير؟ (الاجتهاد) هو بذل الجهد والوسع في الوصول إلى الحكم الصحيح عن طريق القياس، بردّه إلى الكتاب والسُنّة في أمر مشابه للمسألة، ولا يرده إلى رأيه مباشرة، فمثلاً يقيس حكم المخدرات على حكم الخمر. (التأويل) هو نقل ظاهر اللفظ إلى دلالة أخرى لسبب من الأسباب، سورة النصر مثلًا تأويلها عند ابن عباس أنها نعي رسول الله ﷺ، وهو أمر غير مصرّح به في الآية، وإنما ينقله إلى معنى آخر لسبب من الأسباب فلا بد أن تكون لها قرينة تفهم منها، ولا يمكن لأي كان أن يأوّل كيف يشاء، ﴿هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾، أوّل الشمس والقمر إلى الأبوين، والكواكب للإخوة، ينقل ظاهر الأمر إلى دلالة أخرى، فهذا له ضوابط يعرفها أهل العلم. (التفسير) كشف المراد عن اللفظ والمفردات، كآية غير واضحة تشرحها وتفسرها.
عمل
[100] ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾ لا تنس ذكرياتك الجميلة وإن كانت رؤى، وامح ذكرياتك المحزنة، ولو كانت محاولة قتل.
وقفة
[100] ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾ قد يتأخر تأويل الرؤى عشرات السنين، قال ابن عباس: «كان بين رؤيا يوسف ومصير أبيه وإخوته إليه أربعون سنة».
وقفة
[100] ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾ يرى الصالحون كثيرًا من الرؤى المبشرة بتفريج الكرب ونزول النصر، فإذا تأخر الأمر دب اليأس إلى القلوب، وتسلل الشك في الموعود، وننسى أن رؤيا يوسف تحققت بعد مضي عشرات السنين.
وقفة
[100] ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾، وقبلها بسنين: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ﴾ [4]، بين الندائين أيام، وليالٍ، وسنون متطاولة، وأحداث عجيبة، يفتن المرء في دينه ودنياه، لكن الملاحظ أن أصالته هي هي لم تتغير، إياك أن تتغير على والديك من بعد شهادة جامعية أو منصب أو مال أو نحو ذلك.
وقفة
[100] ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾ ما أجمل حديث الذكريات بعد انقضاء الأيام المبكيات!
وقفة
[100] بعد قول يوسف لأبيه: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ﴾ [4] جاءت الابتلاءات، وزادت المواجع وكانت نتائج الصبر الرفعة والتمكين له والبشارة: ﴿هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ﴾.
وقفة
[100] أهل السنة والجماعة لا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، والتحريفُ: إمالةُ الكلامِ عَنِ المَعْنَى المُتَبَادِرِ مِنْهُ إِلى مَعْنًى آخَرَ لا يَدُلُّ عليهِ اللفْظُ ولا دليلَ على إرادته، لكنْ لَوْ دَلَّ الدليلُ على إرادةِ هذا الاحتمالِ المرجوحِ، صحَّ صرفُ اللَّفظِ إليه، ويُسَمَّى تأويلًا، ومِنْهُ المقبولُ والمردود، أما المقبول: 1- فيُطْلِقُهُ أهلُ العلمِ ويُريدُونَ بِهِ ما يُرَادِفُ التفسيرَ، وكثيرًا ما يَقُولُ إمامُ المفسرينَ ابنُ جريرٍ الطبريُّ رحمه الله: (القَوْلُ فِي تأويلِ قولِ اللهِ) ويُرِيدُ بِذلكَ التفسيرَ. 2- ويُطْلَقُ التأويلُ على مَا يَؤُولُ إليهِ الأَمْرُ ويرجع. 3- ويُطْلَقُ أيضًا على تَحَقُّقِ الوعدِ أَوِ الخَبَر، كما في قوله تعالى: ﴿هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ﴾، وأما المردود فهو التحريف، فالتأويلُ لَهُ مُسْتَنَدٌ ومُرَجِّحٌ، وإذا خلَا عَنْ هذا المُرَجِّحِ فهو تحريفٌ، فصار مردودًا، فأهلُ البدعِ يُسَمُّونَ تحريفَهم تأويلًا حين يصرِفون اللفظَ عن معناه الراجحِ إلى معناه المرجوحِ من غيرِ دليلٍ ولا قرينةٍ؛ فَإِذا جَاءَ عَنِ اللهِ وَصْفٌ مِنْ الأوصافِ كاليَدِ مَثلًا، وجاءَ في لغةِ العربِ إطلاقُها على النِّعْمَةِ، قالوا: اليَدُ الحقيقيةُ احتمالٌ راجحٌ، والنعمةُ احتمالٌ مرجوحٌ، فَنَحْنُ نَعْمِدُ إِلى الاحتمالِ المرجوحِ، وهَذا هو التأويلُ، ونحن نَقُولُ: لابد أن يكونَ عِنْدَكُمْ دليلٌ يَقْتَضِي ترجيحَ وإرادةَ هذا الاحتمالِ المرجوحِ مِنْ كتابٍ أو سنةٍ لكي يكونَ تأويلًا مقبولًا، وإلا فهو تحريفٌ. والله أعلم.
وقفة
[100] ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: 173] بهذا اليقين ينبثق الشعاع المنير في ليل اليأس والكرب فتأتي جنود حسن الظن وبشائر الخير: ﴿هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ﴾.
وقفة
[100] رؤيا الأنبياء حق ﴿هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقًا﴾، ولم يقل قد تحقق.
لمسة
[100] يوسف قال عن ربه: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي﴾ ولم يقل (لي) ليشمل: رضاه عن قدر ربه فيما أصابه, وشكره لربه فيما سخره له.
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ بدا لي أنه أراد أن يزيل عنهم رهبة الملك بالذكريات الأليمة حتى يشعرهم بالتواضع.
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ لم يذكر البئر مع أن مناسبته أقوى؛ لأنه يوسف عليه السلام.
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ ذَكَرَ يوسف نعمة الخروج من السجن، وأغفل نعمة الخروج من الجب؛ حتى لا يكسر إخوانه في محفل اللقيا.
لمسة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ الإحسان (بالباء) يدل على شدة الملازمة والالتصاق، وهذا إقرار من يوسف بأن إحسان الله لم يفارقه لحظة من اللحظات، فصاحبه في حياته كلها منذ الرؤيا التي رآها، ثم إلقائه في البئر، وبيعه بثمن بخس، وخدمته في بيت العزيز، وصرفه عن فتنة امرأة العزيز، وحتى في دخوله السجن إلى أن صار عزيز مصر، وجمعه الله بأسرته، فقوله: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي﴾ تدل على قرب المحسن (الله) من المحسن إليه (يوسف) بعكس (أحسن إليك)، فتشعر بتباعد ما بين (المحسن) و(المحسن إليه) كما قال الشيخ رشيد رضا؛ لذا استعملها مع قارون حين أنكر نعمة الله عليه فقال: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [القصص: ۷۷] ليدل على بعد قارون عن الله، فكانت نعم الله عليه استدراجًا لا إكرامًا.
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ لكمال أدب وخُلق يوسف لم يقل: (إذ أخرجني من البئر)، بل قال: (من السجن) حتى لا يذكّرهم بالجريمة، وكما يقال: ذكر الجفا وقت الصفا من الجفا.
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ توقع أن يسيء لك إخوتك أن يقسو عليك أقاربك، أن يأمر من أحبك بسجنك، ولكن الذي لا ينبغي أن تتوقع أن يسيء إليك هو الله.
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ الخروج من السجن، إحسان رباني ليس للبشر فيه منّة!
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ حمدًا وشُكرًا لله الذي جبر ولطفَ، وأعان وما أهان، وابتلى فكان نعم المَولى، ونصر وما كَسَر، ومنّ عليَّ بالفرج.
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ ينبغي للعبد تذكر-حال الرخاء والسرور- حالة الحزن والشدة؛ ليزدادشكره وثناؤه على الله.
لمسة
[100] تأمل قول يوسف عليه السلام: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾، قال الزرکشي: «ولم يذكر خروجه من الجب، مع أن النعمة فيه أعظم، لوجهين: أحدهما: لئلا يستحي إخوته، والكريم يغضي عن اللوم، ولاسيما في وقت الصفاء، والثاني: لأن السجن كان باختياره، فكان الخروج منه أعظم، بخلاف الجب».
عمل
[100] إذا جاء حبيبك معتذرًا فلا تعيِّره بذنبه وتعدد أخطاءه! قال يوسف لإخوته: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾، ولم يقل: (من البئر) وهو أشدّ!
وقفة
[100] السعيد من ينظر إلى مكاسب البلاء دون تعداده الآلام، تأمل قول يوسف عليه السلام: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾.
وقفة
[100] المسجون ظلمًا والماكث في السجن سنوات لم يكن منه حال خروجه إلا قوله: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ ثناء، وشكر، وامتنان بعد محن! هل فعلنا؟!
وقفة
[100] عند اللقاء بالأهل بعد طول غياب، غالبًا ما يذكر الشخص المتاعب التي واجهته، ولكن يوسف ذكر النعم التي حصل عليها: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾.
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ﴾ تتأخر بعض الأحلام، تقابلها آلاف العقبات، لكن تتحقق إن صبرت وأحسنت، وعلي الدعاء أصررت.
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ﴾ إن نقلك الله إلى نعمة، فلا تنسَ سنوات الشقاء التي قبلها، وتذكرها لتعرف فضل الله.
وقفة
[100] في بداية السورة اختار السجن على الفتنة: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ [33]، إلا أنه اعتبر الخروج مما طلبه إحسان: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ﴾، كما أنه دخل السجن ظلمًا، فالخروج منه (بسبب رؤيا) محض فضل من الله فيستحق أن يذكره ويشكره، فكذلك أنت أيها المبتلى لا تنس ذكره وشكره في البلاء كما في: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ﴾، ولا في النعماء كما في:﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي﴾.
وقفة
[100] ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ من أسباب شكرك لله سبحانه تذكّر حالتك قبل حصول النعمة.
تفاعل
[100] استعذ بالله أن ينزغ الشيطان بينك وبين إخوانك ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾.
وقفة
[100] قول يوسف عليه السلام: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ فيه الحفاظ على مشاعر الآخرين وعدم جرحها، فإنه ما قال: بعدما ظلمني إخوتي، وبعدما ألقوني في الجب؛ بل أضاف ذلك إلى الشيطان، وهذا من مكارم الأخلاق، وتلك أخلاق الأنبياء.
وقفة
[100] ﴿وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ﴾ قال العلامة القاسمي: «استدل به على أن الانتقال من البدو نعمة، وذلك لما يلحق أهل البادية من الجفاء، والبعد عن موارد العلوم، وعن رفاهة المدنية، ولطف المعاشرة ، والكمالات الانسانية».
وقفة
[100] قال يوسف لأبيه يعقوب النبي الكريم: ﴿وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ﴾، فكان يعقوب نبيًا بدويًا له إبل وغنم.
وقفة
[100] ﴿وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ أفخم مقامات الأدب الأخوي، سجَّل الجريمة ضد الشيطان، وبرّأ إخوته! وذلك لكمال عفوه عنهم، مع أن الشيطان نزغ إخوته لم ينزغه هو، يا لمروءته!، الكريم يتغاضى عن اللوم، ولا سيما في وقت الصفاء.
وقفة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ وهذا من لطفه وحسن خطابه عليه السلام، فلم يقل: «نزغ الشيطان إخوتي»، بل كأن الذنب والجهل صدر من الطرفين.
وقفة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ ما من شر، وخصام، وعداوة إلا والشيطان هو المحرك والمحرض لها، فالمؤمن لن تعدم بذرة الخير به.
وقفة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ هو المظلوم وساوى نفسه بهم.
وقفة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ لم الشمل أهم من أن نقف ليحاسب بعضنا بعضًا، ونسجل المواقف ونضعها في سجلات العداوة والبغضاء.
وقفة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ انتهت المشكلة، إنها مجرد نزغات شيطان، لاداعي لأن نعيد ذكر المشكلة بالتفصيل، فلم يذكر إلقاءهم له في البئر ولا غيره، نفوس كبيرة بحق، وهنا نكتشف خلق التغافل وثمرته وعدم تذكير صاحب الخطأ بخطئه, بل نعفو عنه متى ما اعترف بخطئه وهو صادق ونتجاوز عنه بدون أي تفاصيل وسرد للملفات.
لمسة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ جعل نفسه طرفًا في الأمر، وساوی بين نفسه المجني عليها والجناة مواساة لهم، وتلطفًا معهم!
لمسة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ بدأ بنفسه وكأنه المذنب، فما أرق مشاعره، وأنبل أخلاقه!.
لمسة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ ما الفرق بين (النزغ) و(الوسوسة)؟ (النزغ) هو الإفساد بين الناس تحديدًا، أن يغري بعضهم ببعض ويفسد بينهم، مع إخوة يوسف لم يقل: (وسوس)؛ لأنه كانت هناك خصومة، فقد أفسد بينهم فحاولوا أن يقتلوا يوسف، و(الوسوسة) عامة لأنه يدخل فيها النزغ، الوسوسة أن يزين له أمر كفعل معصية، وأصلها الصوت الخفي قد يكون غير مسموع وقد يكون مسموعًا بدليل أنه لما وسوس إبليس لآدم كان كلامًا باللسان، لم يكن بين آدم وحواء خصومة فقال: (وسوس).
وقفة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ الحمد لله أن كيد الشيطان توقف عند النزغ، كل هذه المصائب حدثت بنزغ، فكيف لو أوتي سلطانًا أكبر من النزغ علينا؟!
عمل
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ دع طيب كلماتك مع إخوانك تغيظ شيطانك.
عمل
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ في لحظات الصفاء والتسامح: لا تذكرهم بما فعلوا بك، إنها ليست إلا نزغة شيطان، تلاشت في قلب كبير.
وقفة
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ كل من يحاول أن يفرق بينك وبين إخوتك فهو شيطان، لا تتبعوا خطوات الشيطان.
تفاعل
[100] ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.
عمل
[100] نسب يوسف الظلم الذي تعرض له للشيطان ولم ينسبه لإخوته: ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾، في مثل هذه المشاكل كن أنت يوسف.
وقفة
[100] في تحذيره لولده نسب يعقوب الكيد الذي يحذره منه للشيطان: ﴿لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا إن الشيطان للانسان عدو مبين﴾ [5]؛ حتى لا يوغر قلب يوسف على إخوته، فعقلها يوسف وقال في ختام السورة: ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾، ما أحوجنا لنتعلم حسن تربية الأبناء.
وقفة
[100] ﴿نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾، ﴿إِنَّ هَـٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [ص: 23]، ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾ [الحجرات: 10]، يأتي الخلاف ويذهب، وتبقى الأُخوَّة.
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ باب الفرج الأوَّل لديَّ في كل مضائقي.
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ يدفع عنك أبوابًا من الشر والكيد، يفتح لك أبوابًا من الخير والنعمة، فهل استشعرنا لطف الله بنا ليل نهار؟
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ ختم يوسف قصته بهذه الآية إنه استشعار لكل ما مر به من أنواع اللطف الرباني من دفع كل كيد وشر وجلب كل خير وبر.
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ لا يرى لطفه إلا من أحسن النظر إلى حكمته في قضائه وقدره، وأن مايقدره خير كله.
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ وصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها.
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾، ﴿فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ [87]، ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾ [الكهف: 19]، عند التمعن في هذه الآيات: يتضح أن تحقيق الأمور العظيمة يحتاج إلى حكمة وتلطف ورفق وأناة مهما كانت قوة ومنزلة صاحبها.
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ من قرأ سورة يوسف ثم لم يحس بلطف الله وهو يتخلل تفاصيلها ويحكم فصولها فلم يقرأها.
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ ختم بها يوسف قصته ليقرر أن اللطف الإلهي اكتنفه في فصول حياته، حكايات ظاهرها عذاب بيد أن باطنها رحمة هذا الإسم يتنزل على القلب بردًاوسلامًا، اللطيف: الذي يوصل العبد للأمور الرفيعة من أمور يكرهها لعلمه بعواقب الأمور الله لطيف بعباده.
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ بعد رحلة كلها عبر من أولها إلى آخرها ووصوله عليه السلام إلى ما وصل إليه، نظر عليه السلام إلى فضل ربه عليه ونظر إلى ﺑﺮﻩ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧﻪ كيف يصل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﺪ, ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ‌ ﻳﺸﻌﺮ, ﻭﻳﻮﺻﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭ ﻳﻜﺮﻫﻬﺎ فنصيحتي لك: انظر إلى ألطاف ربك لك، ولا تلتفت لغيرها فتجزع وتذكر أن السورة نزلت كما حكاه بعض المفسرين في العام الذي توفيت فيه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وعمه أبوطالب.
وقفة
[100] ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ لطيف بقلبك عندما يحزن، لطيف بدمعتك عندما تنزل، لطيف بك عندما تدعو.
وقفة
[100] قال يوسف: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ الله لطيف حتى بالمجرم، أنجى إخوة يوسف من القتل وامرأة العزيز من الفاحشة.
وقفة
[100] مهما آلمتك الأقدار فإن فيها من ألطاف الله ما لا يخطر لك على بال، تأمل قول يوسف ﷺ: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾.
وقفة
[100] تدبر اسم الله (اللطيف): ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾، يوصل بره وإحسانه إلى العبد, من حيث لا يشعر, ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها.
وقفة
[100] كم ساق اللطيف من خيرات على بساط الابتلاءات: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾‏، قالها يوسف بعد التمكين ولو لم يلقوه في غيابة الجب لما أصبح على خزائن الأرض.
وقفة
[100] يجعل المعصية عند أطراف أصابعك لأنه يعلم أنك أقوى منها فتجتازها ويمنحك الأجر ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾.
وقفة
[100] بعض الأشخاص رسالة لطف من الله لك ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾.
وقفة
[100] كل الذى أعرفه ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾.
وقفة
[100] توالي المصائب قد تُنسي المصاب اللطف المصاحب، وفي قول الكريم: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ أنسٌ وسلوةٌ ولو بعد حين.
وقفة
[100] بعد تجاوز فتنة زيغ الإخوان وفتنة النساء وفتنة المنصب والمال، فالمنازل العليا لا تنال إلا عبر جسر البلاء ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾.
وقفة
[100] في نهاية قصة يوسف قال عليه السلام: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ بُعده عن أبيه، لطف رميه في الجب، لطف شِرائه بثمن بخس، لطف فتنة العزيز، لطف سِجنه، لطف؛ ليكون ملكًا على مصر، فلولا هذه المصائب التي مرت به لما نال هذا التمكين العظيم.
وقفة
[100] في طيات المحن منح، وفي ثنايا البلايا عطايا، فدافع تلك الآلام بالإحسان، وتأمل في ذلك حال يوسف عليه السلام حيث بلغ ما قد بلغه إذ عرف الله وثبت على الإحسان في كل الأحوال، ففي خمسة مواضع يُذكر إحسانه ثم جاء الختام بمعرفته بالله ﴿إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم﴾.
وقفة
[100] لو أن شخصًا نظر إلى ماضيه فوجده مثقلاً بالآلام -كما وقع ليوسف عليه السلام- لضاقت به الأرض، إلا أن يوسف الصديق بقي متألق اليقين وراء جدران السجن، يذكِّر بالله من جهلوه، ويبصِّر بفضله من جحدوه، وذلك شأن أولي الفضل من الناس، لا يفقدون صفاء دينهم إن فقدوا صفاء دنياهم، ولا يهونون أمام أنفسهم لنكبة حلت بهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ:
  • الواو: عاطفة، رفع: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فمه جوازًا تقديره هو. أي يوسف. أبويه: مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة. والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة. على العرش: جار ومجرور متعلق برفع أي على سرير الملك.
  • ﴿ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا:
  • الواو: استئنافيّة. خروا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. له: جار ومجرور متعلق بخروا. سجدًا: حال من الضمير منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وقال يا أبت:
  • وقال: معطوفة بالواو على \"رفع\" وتعرب إعرابها. يا: أداة نداء. أبت: منادى منصوب مضاف وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة والتاء منقلبة عن ياء المتكلم في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ هذا تأويل رؤياي:
  • هذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. تأويل خبر \"هذا\" مرفوع بالضمة. رؤياي: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على المف للتعذر والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة ويجوز أن تكون \"تأويل\" خبرًا لمبتدأ محذوف تقديره هو. وجملة \"هو تأويل\" في محل رفع خبر \"هذا\" والجملة من الابتداء والحبر في محل نصب مفعول به - مقول القول -.
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا:
  • من: حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن. قد: حرف تحقيق. جعل: فعل ماضٍ مبني على الفتح و \"ها\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. ربي: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. حقًا: مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة أو هي صفة - نعت - لمفعول \"جعل\" الثاني المقدر. أي. قد جعلها ربيّ أمرًا حقًا. ويجوز أن تنتصب الكلمة على المصدر - المفعول المطلق - أي حقت حقًا. وجملة، قد جعلها ربيّ حقًا\" في محل نصب حال من الرؤيا.
  • ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ:
  • الجملة معطوفة بالواو على \"قد جعلها ربي\" وتعرب إعرابها وفاعل \"أحسن\" ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو أي ربي. بي: جار ومجرور بأحسن. أي أحسن إلي أو ألطف بي وقبل الباء هنا بمعنى \"إلى\" فهي للغاية. إذ: ظرف زمان بمعنى حين مبني على السكون في محل نصب متعلق بأحسن. والجملة بعد \"إذ\" في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ:
  • أخرج: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. النون نون الوقاية. والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. من السجن: جار ومجرور متعلق بأخرجني.
  • ﴿ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ:
  • الواو عاطفة. جاء: تعرب إعراب \"أخرج\" بكم: جار ومجرور متعلق بجاء والميم علامة جمع المذكور. من البدو: جار ومجرور متعلق بجاء أي من البادية.
  • ﴿ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ:
  • جار ومجرور متعلق بجاء. أنْ: حرف مصدري. نزغ: فعل ماضٍ مبني على الفتح. الشيطان: فاعل مرفوع بالضمة بمعنى أفسد الشيطان و \"أنْ\" المصدرية وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة. وجملة \"نزغ الشيطان\" صلة \"أن\" والحرف المصدري لا محل لها.
  • ﴿ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي:
  • بين: ظرف زمان منصوب متعلق بنزغ أي أفسد وهو مضاف والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. وبين: معطوفة على \"بين\" الأولى. إخوتي: مضاف إليه مجرور بالكسرة والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربي: اسم \"إنَّ\" منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. لطيف: خبر \"إنّ\" مرفوع بالضمة.
  • ﴿ لما يشاء:
  • جار ومجرور متعلق بلطيف و \"ما\" اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. يشاء: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. وجملة \"يشاء\" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثالثة والثمانين وحذف مفعول \"يشاء\" اختصارًا. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [100] لما قبلها :     ولَمَّا دخلوا على يوسُفُ عليه السلام ؛ أجْلَسَ أباه وأمه على سرير ملكه بجانبه; إكرامًا لهما، وحيَّاه أبواه وإخوته الأحد عشر بالسجود له تحية وتكريمًا، لا عبادة وخضوعًا (وكان ذلك جائزًا في شريعتهم، ثم حُرِّمَ في الإسلام)، وكان هذا هو تفسير الرؤيا التي رآها في الصغر، قال تعالى:
﴿ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [101] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ ..

التفسير :

[101] ثم دعا يوسف ربه قائلاً:ربِّ قد أعطيتني من ملك «مصر»، وعلَّمتني من تفسير الرؤى وغير ذلك من العلم، يا خالق السموات والأرض ومبدعهما، أنت متولي جميع شأني في الدنيا والآخرة، توفني إليك مسلماً، وألحقني بعبادك الصالحين من الأنبياء الأبرار والأصفياء الأخيا

لما أتم الله ليوسف ما أتم من التمكين في الأرض والملك، وأقر عينه بأبويه وإخوته، وبعد العلم العظيم الذي أعطاه الله إياه، قال مقرا بنعمة الله شاكرا لها داعيا بالثبات على الإسلام:

{ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} وذلك أنه كان على خزائن الأرض وتدبيرها ووزيرا كبيرا للملك{ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} أي:من تأويل أحاديث الكتب المنزلة وتأويل الرؤيا وغير ذلك من العلم{ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} أي:أدم عليّ الإسلام وثبتني عليه حتى توفاني عليه، ولم يكن هذا دعاء باستعجال الموت،{ وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} من الأنبياء الأبرار والأصفياء الأخيار.

ثم ختم يوسف- عليه السلام- ثناءه على الله- تعالى- بهذا الدعاء الذي حكاه القرآن عنه في قوله: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ أى: يا رب قد أعطيتنى شيئا عظيما من الملك والسلطان بفضلك وكرمك.

وَعَلَّمْتَنِي- أيضا- شيئا كثيرا مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أى: من تفسيرها وتعبيرها تعبيرا صادقا بتوفيقك وإحسانك.

فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى: خالقهما على غير مثال سابق، وهو منصوب على النداء بحرف مقدر أى: يا فاطر السموات والأرض.

أَنْتَ وَلِيِّي وناصري ومعينى فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.

تَوَفَّنِي عند ما يدركني أجلى على الإسلام، وأبقنى مُسْلِماً مدة حياتي.

وَأَلْحِقْنِي في قبري ويوم الحساب بِالصَّالِحِينَ من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

وبهذا الدعاء الجامع الذي توجه به يوسف إلى ربه- تعالى- يختتم القرآن الكريم قصة يوسف مع أبيه ومع إخوته ومع غيرهم ممن عاشرهم والتقى بهم وهو دعاء يدل على أن يوسف- عليه السلام- لم يشغله الجاه والسلطان ولم يشغله لقاؤه عن طاعة ربه، وعن تذكر الآخرة وما فيها من حساب..

وهذا هو شأن المصطفين الأخيار الذين نسأل الله- تعالى- أن يحشرنا معهم، ويلحقنا بهم، ويوفقنا للسير على نهجهم ثم يختتم الله- تعالى- هذه السورة الكريمة بما يدل على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- وبما يدخل التسلية على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وبما يفتح له باب الأمل في النصر على أعدائه ... فيقول:

هذا دعاء من يوسف الصديق ، دعا به ربه عز وجل ، لما تمت النعمة عليه ، باجتماعه بأبويه وإخوته ، وما من الله به عليه من النبوة والملك ، سأل ربه عز وجل ، كما أتم نعمته عليه في الدنيا أن يستمر بها عليه في الآخرة ، وأن يتوفاه مسلما حين يتوفاه . قاله الضحاك ، وأن يلحقه بالصالحين ، وهم إخوانه من النبيين والمرسلين ، صلوات الله وسلامه [ عليه و ] عليهم أجمعين .

وهذا الدعاء يحتمل أن يوسف ، عليه السلام ، قاله عند احتضاره ، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة ، رضي الله عنها; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يرفع أصبعه عند الموت ، ويقول : " اللهم في الرفيق الأعلى ، اللهم في الرفيق الأعلى ، اللهم في الرفيق الأعلى " .

ويحتمل أنه سأل الوفاة على الإسلام واللحاق بالصالحين إذا حان أجله ، وانقضى عمره; لا أنه سأل ذلك منجزا ، كما يقول الداعي لغيره : " أماتك الله على الإسلام " . ويقول الداعي : " اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين " .

ويحتمل أنه سأل ذلك منجزا ، وكان ذلك سائغا في ملتهم ، كما قال قتادة : قوله : ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) لما جمع الله شمله وأقر عينه ، وهو يومئذ مغمور في الدنيا وملكها وغضارتها ، فاشتاق إلى الصالحين قبله ، وكان ابن عباس يقول : ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف ، عليه السلام .

وكذا ذكر ابن جرير والسدي عن ابن عباس : أنه أول نبي دعا بذلك . وهذا يحتمل أنه أول من سأل الوفاة على الإسلام . كما أن نوحا أول من قال : ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا ) [ نوح : 28 ] ويحتمل أنه أول من سأل نجاز ذلك ، وهو ظاهر سياق قتادة ، ولكن هذا لا يجوز في شريعتنا .

قال الإمام أحمد بن حنبل ، رحمه الله : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنيا الموت فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " .

[ ورواه البخاري ومسلم ، وعندهما : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به إما محسنا فيزداد ، وإما مسيئا فلعله يستعتب ، ولكن ليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معان بن رفاعة ، حدثني علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : جلسنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ورققنا ، فبكى سعد بن أبي وقاص فأكثر البكاء ، فقال : يا ليتني مت! فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " يا سعد أعندي تتمنى الموت ؟ " فردد ذلك [ ثلاث ] مرات ثم قال : " يا سعد ، إن كنت خلقت للجنة ، فما طال عمرك ، أو حسن من عملك ، فهو خير لك "

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو يونس - هو سليم بن جبير - عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدعون به من قبل أن يأتيه ، إلا أن يكون قد وثق بعمله ، فإنه إذا مات أحدكم انقطع عنه عمله ، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا " تفرد به أحمد .

وهذا فيما إذا كان الضر خاصا به ، أما إذا كان فتنة في الدين فيجوز سؤال الموت ، كما قال الله تعالى إخبارا عن السحرة لما أرادهم فرعون عن دينهم وتهددهم بالقتل قالوا : ( ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ) [ الأعراف : 126 ] وقالت مريم لما أجاءها المخاض ، وهو الطلق ، إلى جذع النخلة ( ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ) [ مريم : 23 ] لما تعلم من أن الناس يقذفونها بالفاحشة; لأنها لم تكن ذات زوج وقد حملت وولدت ، فيقول القائل أنى لها هذا ؟ ولهذا واجهوها أولا بأن قالوا : ( يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ) [ مريم : 27 ، 28 ] فجعل الله لها من ذلك الحال فرجا ومخرجا ، وأنطق الصبي في المهد بأنه عبد الله ورسوله ، وكان آية عظيمة ومعجزة باهرة ، صلوات الله وسلامه عليه ، وفي حديث معاذ ، الذي رواه الإمام أحمد والترمذي ، في قصة المنام والدعاء الذي فيه : " وإذا أردت بقوم فتنة ، فتوفني إليك غير مفتون " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سلمة ، أنا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو ، عن عاصم ، عن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " اثنتان يكرههما ابن آدم الموت ، والموت خير للمؤمن [ من الفتنة ] . ويكره قلة المال ، وقلة المال أقل للحساب " .

فعند حلول الفتن في الدين يجوز سؤال الموت ; ولهذا قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في آخر إمارته لما رأى أن الأمور لا تجتمع له ، ولا يزداد الأمر إلا شدة قال : اللهم ، خذني إليك ، فقد سئمتهم وسئموني .

وقال البخاري ، رحمه الله ، لما وقعت له تلك المحن وجرى له ما جرى مع أمير خراسان : اللهم توفني إليك .

وفي الحديث : " إن الرجل ليمر بالقبر - أي في زمان الدجال - فيقول : يا ليتني مكانك " لما يرى من الفتن والزلازل والبلابل والأمور الهائلة التي هي فتنة لكل مفتون .

قال أبو جعفر بن جرير : وذكر أن بني يعقوب الذين فعلوا بيوسف ما فعلوا ، استغفر لهم أبوهم ، فتاب الله عليهم وعفا عنهم ، وغفر لهم ذنوبهم .

[ ذكر من قال ذلك ] :

حدثنا القاسم ، حدثنا الحسن ، حدثني حجاج ، عن صالح المري ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : إن الله تعالى لما جمع ليعقوب شمله ، وأقر عينه خلا ولده نجيا ، فقال بعضهم لبعض : ألستم قد علمتم ما صنعتم ، وما لقي منكم الشيخ ، وما لقي منكم يوسف ؟ قالوا : بلى . قال : فيغركم عفوهما عنكم ، فكيف لكم بربكم ؟ فاستقام أمرهم على أن أتوا الشيخ فجلسوا بين يديه ، ويوسف إلى جنب أبيه قاعدا ، قالوا : يا أبانا ، إنا أتيناك في أمر ، لم نأتك في مثله قط ، ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله . حتى حركوه ، والأنبياء ، عليهم السلام ، أرحم البرية ، فقال : ما لكم يا بني ؟ قالوا : ألست قد علمت ما كان منا إليك ، وما كان منا إلى أخينا يوسف ؟ قال : بلى . قالوا : أو لستما قد عفوتما ؟ قالا : بلى . قالوا : فإن عفوكما لا يغني عنا شيئا ، إن كان الله لم يعف عنا . قال : فما تريدون يا بني ؟ قالوا : نريد أن تدعو الله لنا ، فإذا جاءك الوحي من الله بأنه قد عفا عما صنعنا قرت أعيننا ، واطمأنت قلوبنا ، وإلا فلا قرة عين في الدنيا أبدا لنا . قال : فقام الشيخ فاستقبل القبلة ، وقام يوسف خلف أبيه ، وقاموا خلفهما أذلة خاشعين . قال : فدعا وأمن يوسف ، فلم يجب فيهم عشرين سنة - قال صالح المري يخيفهم - قال : حتى إذا كان رأس العشرين نزل جبريل ، عليه السلام ، على يعقوب فقال : إن الله بعثني إليك أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك ، وأنه قد عفا عما صنعوا ، وأنه قد اعتقد مواثيقهم من بعدك على النبوة .

هذا الأثر موقوف عن أنس ، ويزيد الرقاشي وصالح المري ضعيفان جدا .

وذكر السدي : أن يعقوب ، عليه السلام ، لما حضره الموت ، أوصى إلى يوسف بأن يدفن عند إبراهيم وإسحاق ، فلما مات صبره وأرسله إلى الشام ، فدفن عندهما ، عليهم السلام .

القول في تأويل قوله تعالى : رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف بعد ما جمع الله له أبويه وإخوته , وبسط عليه من الدنيا ما بسط من الكرامة , ومكنه في الأرض , متشوِّقًا إلى لقاء آبائه الصالحين: ( رب قد آتيتني من الملك ) ، يعني: من ملك مصر ، ( وعلمتني من تأويل الأحاديث ) ، يعني من عبارة الرؤيا، (20) تعديدًا لنعم الله عليه، وشكرًا له عليها ، ( فاطر السماوات والأرض )، يقول: يا فاطر السموات والأرض، يا خالقها وبارئها (21) ، ( أنت وليي في الدنيا والآخرة ) ، يقول: أنت وليي في دنياي على من عاداني وأرادني بسوء بنصرك , وتغذوني فيها بنعمتك , وتليني في الآخرة بفضلك ورحمتك .( (22) توفني مسلمًا ) ، يقول: اقبضني إليك مسلمًا (23) .( وألحقني بالصالحين ) ، يقول: وألحقني بصالح آبائي إبراهيم وإسحاق ومن قبلهم من أنبيائك ورسلك .

* * *

وقيل: إنه لم يتمن أحدٌ من الأنبياء الموتَ قبل يوسف .

* ذكر من قال ذلك:

19940 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , قال: حدثنا أسباط , عن السدي: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث ) ، الآية , كان ابن عباس يقول: (24) أول نبي سأل الله الموت يوسف.

19941 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال: قال ابن عباس , قوله: ( رب قد آتيتني من الملك ) ... ، الآية , قال: اشتاق إلى لقاء ربه , وأحبَّ أن يلحق به وبآبائه , فدعا الله أن يتوفَّاه ويُلْحِقه بهم. ولم يسأل نبيّ قطّ الموتَ غير يوسف , فقال: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث) ، الآية ، قال ابن جريج: في بعض القرآن من الأنبياء (25) : " توفني" (26)

19942 -حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين ) ، لما جَمَع شمله , وأقرَّ عينه , وهو يومئذ مغموس في نَبْت الدنيا وملكها وغَضَارتها، (27) فاشتاق إلى الصالحين قبله . وكان ابن عباس يقول: ما تمنى نبي قطّ الموت قبل يوسف.

19943 - حدثني المثنى , قال: أخبرنا إسحاق , قال: أخبرنا عبد الله بن الزبير , عن سفيان , عن ابن أبي عروبة , عن قتادة , قال: لما جمع ليوسف شمله , وتكاملت عليه النعم سأل لقاء ربّه فقال: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفّني مسلمًا وألحقني بالصالحين ) ، قال قتادة: ولم يتمنَّ الموت أحد قطُّ، نبي ولا غيره إلا يوسف.

19944 - حدثني المثنى , قال: حدثنا هشام , قال: حدثنا الوليد بن مسلم , قال: حدثني غير واحد , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: أن يوسف النبي صلى الله عليه وسلم، لما جمع بينه وبين أبيه وإخوته , وهو يومئذ ملك مصر , اشتاق إلى الله وإلى آبائه الصالحين إبراهيم وإسحاق، فقال: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين )

19945 - حدثني المثنى , قال: أخبرنا إسحاق , قال: حدثنا هشام , عن مسلم بن خالد , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله: ( وعلمتني من تأويل الأحاديث ) ، قال: العِبَارة.

19946 - حدثت عن الحسين , قال: سمعت أبا معاذ , يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان , قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين ) ، يقول: توفني على طاعتك , واغفر لي إذا توفَّيتني.

19947 - حدثنا ابن حميد , قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق , قال: قال يوسف حين رأى ما رأى من كرامة الله وفضله عليه وعلى أهل بيته حين جمع الله له شمله , وردَّه على والده , وجمع بينه وبينه فيما هو فيه من الملك والبهجة: يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ، إلى قوله: إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ . ثم ارعوى يوسف، وذكر أنّ ما هو فيه من الدنيا بائد وذاهب , فقال: ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفّني مسلمًا وألحقني بالصالحين).

* * *

وذُكِر أن بَني يعقوب الذين فعلوا بيوسف ما فعلوا , استغفر لهم أبوهم , فتاب الله عليهم وعفا عنهم وغفر لهم ذنبهم

* ذكر من قال ذلك:

19948 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن صالح المريّ , عن يزيد الرقاشي , عن أنس بن مالك , قال: إن الله تبارك وتعالى لما جمع ليعقوب شمله , وأقر عينه , خَلا ولده نَجِيًّا , فقال بعضهم لبعض: ألستم قد علمتم ما صنعتم، وما لقي منكم الشيخ، وما لقي منكم يوسف؟ قالوا: بلى! قال: فيغرُّكم عفوهما عنكم , فكيف لكم بربكم؟ فاستقام أمرهم على أن أتوا الشيخ فجلسوا بين يديه , ويوسف إلى جنب أبيه قاعدٌ , قالوا: يا أبانا، أتيناك في أمر لم نأتك في أمرٍ مثله قط، ونـزل بنا أمر لم ينـزل بنا مثله! حتى حرّكوه , والأنبياء أرحم البرية , فقال: مالكم يا بَني؟ قالوا: ألستَ قد علمت ما كان منا إليك، وما كان منا إلى أخينا يوسف؟ قال: بلى! قالوا: أفلستما قد عفوتُما؟ قالا بلى! قالوا: فإن عفوكما لا يغني عنّا شيئًا إن كان الله لم يعفُ عنا! قال: فما تريدون يا بني؟ قالوا: نريد أن تدعو الله لنا , فإذا جاءك الوحي من عند الله بأنه قد عفا عمّا صنعنا، قرّت أعيننا، واطمأنت قلوبنا , وإلا فلا قرّةَ عَين في الدنيا لنا أبدًا . قال: فقام الشيخ واستقبل القبلة , وقام يوسف خلف أبيه , وقاموا خلفهما أذلةً خاشعين . قال: فدعا وأمَّن يوسف، , فلم يُجَبْ فيهم عشرين سنة ، قال صالح المرِّي: يخيفهم. قال: حتى إذا كان رأس العشرين، نـزل جبريل صلى الله عليه وسلم على يعقوب عليه السلام , فقال: إن الله تبارك وتعالى بعثني إليك أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك , وأنه قد عفا عما صنعوا , وأنه قد اعتَقَد مواثيقهم من بعدك على النبوّة. (28)

19949 - حدثني المثنى , قال: حدثنا الحارث , قال: حدثنا عبد العزيز , قال: حدثنا جعفر بن سليمان , عن أبي عمران الجوني , قال: والله لو كان قتلُ يوسف مضى لأدخلهم الله النارَ كُلَّهم , ولكن الله جل ثناؤه أمسك نفس يوسف ليبلغ فيه أمره، ورحمة لهم . ثم يقول: والله ما قصَّ الله نبأهم يُعيّرهم بذلك إنهم لأنبياء من أهل الجنة , ولكن الله قصَّ علينا نبأهم لئلا يقنط عبده.

* * *

وذكر أن يعقوب توفي قبل يوسف , وأوصى إلى يوسف وأمره أن يدفنه عند قبر أبيه إسحاق .

* ذكر من قال ذلك:

19950 - حدثنا ابن وكيع , قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي , قال: لما حضر الموتُ يعقوبَ , أوصى إلى يوسف أن يدفنه عند إبراهيم وإسحاق , فلما مات، نُفِخ فيه المُرّ وحمل إلى الشأم. قال: فلما بلغوا إلى ذلك المكان أقبل عيصا أخو يعقوب (29) فقال: غلبني على الدعوة , فوالله لا يغلبني على القبر! فأبى أن يتركهم أن يدفنوه . فلما احتبسوا، قال هشام بن دان بن يعقوب (30) ، وكان هشامٌ أصمَّ لبعض إخوته: ما لجدّي لا يدفن! قالوا: هذا عمك يمنعه! قال: أرونيه أين هو؟ فلما رآه , رفع هشام يده فوجأ بها رأس العيص وَجْأَةً سقطت عيناه على فخذ يعقوب، فدفنا في قبر واحد.

----------------------

الهوامش:

(20) ‌انظر تفسير" التأويل" فيما سلف ص : 271 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(21) ‌انظر تفسير" فاطر" فيما سلف 15 : 357 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(22) ‌انظر تفسير" الولي" فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي ) .

(23) ‌انظر تفسير" التوفي" فيما سلف 15 : 218 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(24) ‌في المطبوعة والمخطوطة :" قال ابن عباس يقول" ، وبين صواب ما أثبت ، وانظر الخبر التالي رقم : 19942 .

(25) في المخطوطة :" في بعض القرآن قد قال الأنبياء توفني" ، وصوابها ما أثبت ، أما المطبوعة فقد كتبت :" في بعض القرآن من الأنبياء من قال توفني" ، غير مكان الكلام لغير حاجة .

(26) ‌لم أجد للذي قاله ابن جريج دليلا في القرآن ! فلعله وهم ، فإن النهي عن تمني الموت صريح في السنة .

(27) ‌في المطبوعة :" مغموس في نعيم الدنيا" ، وفي المخطوطة :" مغموس في نعيم الدنيا" غير منقوطة ، وهذا صواب قراءتها . وعنى بالنبت هنا : المال الكثير الوفير ، والنعمة النامية ، وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقوم من العرب : أنتم أهل بيت أو نبت ؟ فقالوا نحن أهل بيت وأهل نبت . وقالوا في تفسيره : أي نحن في الشرف نهاية ، وفي النبت نهاية ، أي : ينبت المال على أيدينا

وهذا الذي قلته أصح في تأويل الحديث ، وفي تأويل هذا الخبر .

(28) ‌الأثر : 19948 -" صالح المري" ، هو" صالح بن بشير بن وداع المري" ، منكر الحديث ، قاص متروك الحديث ، مضى برقم : 9234 .

و" يزيد الرقاشي" ، هو" يزيد بن أبان الرقاشي" ، قاص ، متروك الحديث ، مضى قبل مرارًا ، آخرها : 11408 .

وهذا خبر هالك ، من جراء هذين القاصين المتروكين ، صالح المري ، ويزيد الرقاشي .

(29) ‌في المطبوعة :" عيص" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وسيأتي بعد :" العيص" ، بالتعريف ، وهو في كتاب القوم" عيسو" ، وهو ولد إسحاق الأكبر ، وهو أخو يعقوب .

(30) ‌في المطبوعة :" هشام بن دار" ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وولد يعقوب في كتاب القوم هو" دان" كما أثبته .

و" هشام" هذا ، هو في كتاب القوم" حوشيم"

المعاني :

فاطر :       يا مُبدع و مُخترع معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[101] ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ﴾ الملك ليس أن تملك قصرًا جميلًا ولا مالًا وفيرًا فقط، الملك هو أن تملك نفسك، تملك هواك وشهوتك، هو أن تقول في خلوتك: (إني أخاف الله).
وقفة
[101] ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ﴾ طريق طويل ومتعب، قاس فيها يوسف أنواع البلايا حتى وصل إلى الملك، وهذه همسة في أذنك: يا من أراد السير على هدي الأنبياء، ما كان طريق الأنبياء مفروشًا بالورود والرياحين، الطريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل، وفقد يعقوب أبناءه لسنين، وألقي يوسف في البئر، ثم بيع بثمن بخس، وابتلي بالمرأة، ثم لبث في السجن بضع سنين، ونُشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضرَّ أيوب، طُورد موسى، وكاد أن يصلب عيسى، وعالج محمد ﷺ أنواع الأذى والفقر، حوصر في الشعب ٣ سنين، فارق أحبابه، وقُتل أصحابه، شج جبينه، وكُسرت رباعيته، هذا هو طريق الأنبياء، فاعدد للطريق عدته، فلاتدري ما قد تواجهه ولاتدري أين نهاية الطريق، لكن تذكر: ﴿إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [هود: 49].
وقفة
[101] في الشدة: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ﴾ [33]، وفي الرخاء: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ﴾، لاحظ الإلتجاء إلى الله، والإعتماد عليه، والإفتقار إليه في السراء والضراء؛ فكذلك ينبغي أن يكون المسلم.
وقفة
[101] ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ التحدث بنعمة الله مستحب، بشرط ألا يصاحبه کبر أو فخر أو رياء، وقد حَدَّثَ النبي ﷺ بنعم الله عليه، فقال: «إِنِّي لأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ فَخْرَ، وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ، وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ فَخْرَ، وَآتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَتِهَا ...» [أحمد 3/144، وصححه الألباني].
وقفة
[101] ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ مهما ارتفعت منزلتك وعظم قدرك، فلا تنسَ أن ترد الفضل لله فأنت لم تكن شيئًا بدونه.
وقفة
[101] ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ تأويل الرؤى كرامة يذكرها يوسف في معية الملك، وبعضنا يعتبرها من ضمن الخرافات!
وقفة
[101] ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ لا الملك ولا العلم هي نهاية آمال العارفين، الموت على الإسلام هو غاية كل لبيب متبصر.
عمل
[101] ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ التوسل ليس بالآلام والفاقة والشدة فحسب، توسل بسابق نعم الله عليك، قل: يا رب أنت اعطيتني ومنحتني، ثم اطلب حاجتك.
وقفة
[101] إذا اكتملت للمؤمن كثير من النعم لم يزل يتطلع إلى نعم الآخرة، وأولها حسن الختام، تأمل قول يوسف: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
لمسة
[101] ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ من آداب الدعاء! انظر كيف قدم يوسف الثناء على الدعاء، وهذا من الأدب النبوي الذي يوفق الله إليه من اصطفی من عباده ورضي عنه من أوليائه.
وقفة
[101] الملك المطلق لله، والعلم المطلق لله يؤتي منهما من يشاء من عباده، فلا تتكبر، وابرأ إلى الله من حولك وقوتك، وإذا أوتيت علمًا أو ملكًا على شيء فارفع يديك وقل: يا رب: أنت أعطيتنيه، أنت علّمتنيه، ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
عمل
[101] مهما أوتيت من مكانة وعلم؛ فتذكر أنك ميت، تأمل دعوة يوسف: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
عمل
[101] عدد بعض نعم الله تعالى عليك، ثم سل الله تعالى شكرها، وتمامها ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
وقفة
[101] ﴿وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ بعض الناس يأول ويجزم خبط عشواء فربما أربك الناس وأقلقهم بلا علم ولا هدى.
لمسة
[101] ﴿وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ تواضع يوسف! وهو الذي لم تعرض له رؤيا إلا أولها، ومع هذا يعلن أنه لا يعلم إلا بعض علم التأويل، فقوله: (من) للتبعيض، وهو من أدب النبيين أثناء مناجاة الرب العظيم.
وقفة
[101] ﴿فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ جمعت هذه الدعوة محاور: الإقرار بالتوحيد، والاستسلام للرب، وإظهار الافتقار إليه، والبراءة من موالاة غيره سبحانه وطلب الوفاة على الإسلام وهذا من أجل غايات العبد، الإشارة إلى أن كل ما ذكر بيد الله لا بيد العبد -والاعتراف بالمعاد- وطلب مرافقة السعداء.
وقفة
[101] أكرم يوسف بالملك وتأويل اﻷحاديث، فلم يلهه ما يزول عن سؤال ما يدوم ﴿فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
وقفة
[101] من الأدب: الثناء قبل الدعاء ﴿فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
وقفة
[101] ﴿أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ الله هو الذي ينصرك إن ظلمك الناس، وهو الذي يؤيدك إن كذبوك، وهو الذي يقف معك إن تركوك لوحدك ويثبتك.
وقفة
[101] ﴿أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ اجتمع شمل الأحبة عنده، فهتف بوليه الذي صحبه في الجب والرق والسجن، ياربّ أنت ولينا.
وقفة
[101] ﴿أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ قالها يوسف وقد اجتمع عنده أبواه وإخوته وأقرب أوليائه، والله لا أنفع ولا أبرد للقلب من ولاية الله، يا رب: أنت وليي.
وقفة
[101] ﴿أَنتَ وَلِيِّي﴾ أي: الأقرب إليَّ باطنًا وظاهرًا، ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ أي: لا ولي لي غيرك, والولي يفعل لمولاه الأصلح والأحسن, فأحسن بي في الآخرة أعظم ما أحسنت بي في الدنيا.
وقفة
[101] وصية الجد والأب: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 132]، امتثال الابن: ﴿أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾، فلا الملك ولا العلم هما نهاية آمال الأنبياء ولا العلماء العاملين، الموت على الإسلام هو غاية كل لبيب متبصر، ما قدر العناية بهذا الأمر في قلبي وقلبك؟ رحمني الله وإياكم وأحيانًا على الإسلام والسنة وأماتنا عليهما (قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم).
وقفة
[101] كل الأمنيات بهذه الآية: ﴿أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾ لما عدد النعم التي أنعم الله بها عليه؛ دعا أن الله يتم عليه النعم بالوفاة على الإسلام إذا حان أجله.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾ الوفاة على الإسلام أمنية الأنبياء.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾ أعظم من الجمال، أعظم من المال، أعظم من العز، أعظم من الحريّة، أن يتوفّاك الله مسلمًا.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾ النبي الذي أثني الله عليه في سورة كاملة ووصفه بالنبوة والإحسان والإخلاص غاية أشواقه أن يموت مسلمًا، أي نعمة أنت فيها يامسلم!
وقفة
[101] ثبت يوسف في الضراء، ولما تزينت له الدنيا باجتماع الشمل وتمام الملك، لم ينفك عن سؤال الثبات في السراء، فالثبات عزيز ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾.
عمل
[101] نحزن ونحن نقلب أوراق عمرنا الفائتة، من رحمة الله أن جعل العبرة بالخواتيم، تعامل مع بقية عمرك أنها الصفحة الأخيرة ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا﴾.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ دعاء ردده يوسف، وهو نبي، لم يجد أغلى ولا أعلى ولا أشرف من هذه الأمنية.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ إن قلتَ: كيف قال يوسف ذلك، مع علمه بأنَّ كل نبيٍّ لا يموت إلّاَ مسلمًا؟ قلتُ: قاله إظهارًا للعبودية والافتقار، وشدَّة الرغبة في طلب سعادة الخاتمة، وتعليمًا للأمة، وطلبًا للثواب.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ هذه أسمى أمنيات الأنبياء، ومع هذا فلا تخطر على بال كثير من الخلق!
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ روي في تفسير البغوي أن يعقوب قال للبشير حين جاءه بقميص يوسف: کيف ترکت يوسف؟ قال: إنه ملك مصر، فقال يعقوب: ما أصنع بالملك؟! على أي دين تركته؟ قال: على دين الإسلام، قال: الآن تمت النعمة.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ هذه دعوة يوسف عليه السلام بعد أن تربع على عرش مصر وملك خزائنها، دلالة على زهده في الملك، وشوقه إلى لقاء الرب، وإيثار الدار الآخرة.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ الامتحان الأخير! قال السعدي: «أي: أدم على الإسلام وثبتني عليه حتى تتوفاني عليه، ولم يكن هذا دعاء باستعجال الموت».
عمل
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ لا تحزن من البدايات السيئة، ولا تغتر بالبدايات الرائعة، فالعبرة بجمال النهاية، والموفق لها هو الله.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ العظماء إن تحققت آمالهم؛ طمعوا بالأمنية الكبرى إنها الجنة .
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ هـذه أمنية الأنبياء، فما أمنيتك أنت؟
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ دعوة يوسف عليه السلام بعد أن تولى خزائن مصر وجمعه الله مع والديه وإخوته؛ زانت له الدنيا ولكنه أراد الآخرة.
تفاعل
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ ادعُ الله الآن.
وقفة
[101] كان إبراهيم بن أدهم يقول: «كيف نأمن وابراهيم الخليل عليه السلام يقول: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم: 35]، ويوسف الصديق يقول: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾».
عمل
[101] لا يفتر لسانك من دعاءٍ كدعاء يوسف: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾، فإنك لا تدري ما يكون عليه قلبك عند موتك .
وقفة
[101] يوسف عليه السلام أعطاه الله المال والجمال والجاه والنبوة وزانت له الدنيا، لكن أمنيته كانت: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾، وأنت ما أمنيتك؟
عمل
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ اجْعَل أهم أُمنياتِك في هذه الآية؛ فذلك هو الفوز العظيم.
وقفة
[101] من أسباب الثبات: الدعاء، فأكثروا منه، تدبر: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾، وصّى به يعقوب ودعا به يوسف.
وقفة
[101] بلغ الغاية وتمام النعمة، ولكن ﻻ تسكن النفس لغاية دون: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
وقفة
[101] قال الصديق: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ لم يسأل الموت، ولم يتمنه؛ وإنما سأل أنه إذا مات يموت على الإسلام؛ فسأل الصفة لا الموصوف، كما أمر الله بذلك.
وقفة
[101] جمع ليوسف نسب رفيع إلى الغاية، وجمال باهر، وتمكين في الأرض، فلم يمنعه ذلك من أن يقول: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
وقفة
[101] يوسف عليه السلام النبي العظيم علمٌ وصبرٌ وجهاد ماذا كانت أُمنيته؟ ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾، العظماء علموا أن العبرة بالخواتيم.
وقفة
[101] أجَلّ الـمُـنَـى: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
وقفة
[101] ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ اللهم خفافًا لا لنا ولا علينا، لا نؤذِى ولا نؤذَى، لا نَجرَح ولا نُجرَح، لا نَهين ولا نُهان، اللهم عبورًا خفيفًا، لا نشقى بأحد ولا يشقى بنا أحد.
وقفة
[101] مهما جمعت من الدنيا وحققت من الأمنيات؛ لن تجد أجمل من أمنية يوسف عليه السلام: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.
وقفة
[101] ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ لا تأنس نفس المؤمن ولا ترتاح لا في الدنيا لا في الآخرة إلا بمؤاخاة الصالحين ومصاحبتهم والتقائهم.
عمل
[101] ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ (ألحقني): الصالحون متقدمون جدًا (الحق بهم).
وقفة
[101] ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ دعا بها نبِيان في كتاب الله، إليك يا من عدَّ نفسه صالحًا، من الآن!

الإعراب :

  • ﴿ رَبِّ:
  • منادى بأداة نداء محذوفة أي يا ربّ مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء المحذوفة اختصارًا ضمير متصل في محل جر بالإضافة والكسرة دالة عليها.
  • ﴿ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ:
  • قد: حرف تحقيق. آتيتني: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. النون للوقاية. والياء ضمير متصل - ضمير المتكلم - مبني على السكون في محل نصب مفعول به. من الملك: جار ومجرور متعلق بآتيتني. و \"من\" للتبعيض وحذف مفعول \"أَتيت\" الثاني لدلالة \"من\" التبعيضية عليه أي منحتني بعض.
  • ﴿ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ:
  • معطوفة بالواو على \"آتيتني من الملك\" وتعرب إعرابها. الأحاديث: مضاف إليه مجرور بالكسرة و \"من\" أيضًا تبعيضية. لأنه لم يعط إلَّا بعض ملك الدنيا أو بعض ملك مصر وبعض التأويل.
  • ﴿ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
  • فاطر: أي خالق: صفة - نعت - للرب: منصوب مثله بالفتحة ويجوز أن يكون \"فاطر\" منادى ثانيًا أي فاطر منصوب بالفتحة. السماوات: مضاف إليه مجرور بالكسرة. والأرض: معطوفة بالواو على السماوات وتعرب إعرابها.
  • ﴿ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ:
  • أنت: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. وليي: خبر \"أنت\" مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أي أنت متولي أمري. في الدنيا: جار ومجرور متعلق بوليي وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. والآخرة: معطوفة بالواو على \"الدنيا\" مجرورة مثلها وعلامة الجر الكسرة الظاهرة.
  • ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا:
  • فعل دعاء بصيغة - طلب - مبني على حذف آخره - حرف العلة - والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. النون: للوقاية. والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. مسلمًا: حال منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ:
  • وألحقني: معطوفة بالواو على \"توفني\" وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل السكون الظاهر في آخره. بالصالحين: جار ومجرور متعلق بألحقني وعلامة جر الاسم: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

يوسف: 6﴿وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ
يوسف: 21﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ
يوسف: 101﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [101] لما قبلها :     ولَمَّا أتمَّ اللَّهُ لِيوسُفَ ما أتمَّ مِن التَّمكينِ في الأرضِ والمُلْكِ، وأقرَّ عينَه بأبويْه وإخوتِه؛ علِمَ أنَّ نعيمَ الدُّنيا لا يَدومُ، فسأَلَ اللَّهَ حُسْنَ العاقِبةِ، قال تعالى:
﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

آتيتني ... وعلمتنى:
قرئا:
آتيتن ... وعلمتن، بحذف الياء منهما، اكتفاء بالكسرة، وهى قراءة عبد الله، وعمرو بن ذر.

مدارسة الآية : [102] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ ..

التفسير :

[102] ذلك المذكور من قصة يوسف هو من أخبار الغيب نخبرك به -أيها الرسول- وحياً، وما كنت حاضراً مع إخوة يوسف حين دبَّروا له الإلقاء في البئر، واحتالوا عليه وعلى أبيه. وهذا يدل على صدقك، وأن الله يُوحِي إليك.

لما قص الله هذه القصة على محمد صلى الله عليه وسلم قال الله له:{ ذَلِكَ} الإنباء الذي أخبرناك به{ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ} الذي لولا إيحاؤنا إليك لما وصل إليك هذا الخبر الجليل، فإنك لم تكن حاضرا لديهم{ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ} أي:إخوة يوسف{ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} به حين تعاقدوا على التفريق بينه وبين أبيه، في حالة لا يطلع عليها إلا الله تعالى، ولا يمكن أحدا أن يصل إلى علمها، إلا بتعليم الله له إياها.

كما قال تعالى لما قص قصة موسى وما جرى له، ذكر الحال التي لا سبيل للخلق إلى علمها إلا بوحيه{ وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين} الآيات، فهذا أدل دليل على أن ما جاء به رسول الله حقا.

واسم الإشارة في قوله- سبحانه- ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ.... يعود على ما ذكره الله- تعالى- في هذه السورة من قصص يتعلق بيوسف وإخوته وأبيه وغيرهم، أى: ذلك الذي قصصناه عليك- أيها الرسول الكريم- في هذه السورة، وما قصصناه عليك في غيرها مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ أى: من الأخبار الغيبية التي لا يعلمها علما تاما شاملا إلا الله- تعالى- وحده.

ونحن نُوحِيهِ إِلَيْكَ ونعلمك به لما فيه من العبر والعظات.

وقوله: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ مسوق للتدليل على أن هذا القصص من أنباء الغيب الموحاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

أى: ومما يشهد بأن هذا الذي قصصناه عليك في هذه السورة من أنباء الغيب، أنك- أيها الرسول الكريم- ما كنت حاضرا مع إخوة يوسف، وقت أن أجمعوا أمرهم للمكر به، ثم استقر رأيهم على إلقائه في الجب، وما كنت حاضرا أيضا وقت أن مكرت امرأة العزيز بيوسف، وما كنت مشاهدا لتلك الأحداث المتنوعة التي اشتملت عليها هذه السورة الكريمة، ولكنا أخبرناك بكل ذلك لتقرأه على الناس، ولينتفعوا بما فيه من حكم وأحكام، وعبر وعظات.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- في خلال قصة نوح- عليه السلام-: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ .

وقوله- تعالى- في خلال قصة موسى- عليه السلام- وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ .

وقوله- تعالى- في خلال حديثه عن مريم ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ .

إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معاصرا لمن جاء القرآن بقصصهم، ولم يطلع على كتاب فيه خبرهم، فلم يبق لعلمه صلى الله عليه وسلم بذلك طريق إلا طريق الوحى.

قول تعالى لعبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، لما قص عليه نبأ إخوة يوسف ، وكيف رفعه الله عليهم ، وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم ، مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والإعدام : هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة ، ( نوحيه إليك ) ونعلمك به لما فيه من العبرة لك والاتعاظ لمن خالفك ، ( وما كنت لديهم ) حاضرا عندهم ولا مشاهدا لهم ( إذ أجمعوا أمرهم ) أي : على إلقائه في الجب ، ( وهم يمكرون ) به ، ولكنا أعلمناك به وحيا إليك ، وإنزالا عليك ، كما قال تعالى : ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) [ آل عمران : 44 ] وقال تعالى : ( وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين ) [ القصص : 44 ] إلى أن قال : ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك ) [ القصص : 46 ] وقال ( وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين ) [ القصص : 45 ] وقال ( ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين ) [ ص : 69 ، 70 ]

القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هذا الخبر الذي أخبرتك به من خبر يوسف ووالده يعقوب وإخوته وسائر ما في هذه السورة ، ( من أنباء الغيب ) ، يقول: من أخبار الغيب الذي لم تشاهده , ولم تعاينه، (31) ولكنا نوحيه إليك ونعرّفكه , لنثبِّت به فؤادك , ونشجع به قلبك , وتصبر على ما نالك من الأذى من قومك في ذات الله , وتعلم أن من قبلك من رسل الله ، إذ صبروا على ما نالهم فيه , وأخذوا بالعفو , وأمروا بالعُرف , وأعرضوا عن الجاهلين ، فازوا بالظفر , وأيِّدوا بالنصر , ومُكِّنوا في البلاد , وغلبوا من قَصَدوا من أعدائهم وأعداء دين الله . يقول الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فبهم، يا محمد، فتأسَّ , وآثارهم فقُصَّ ، ( وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ) ، يقول: وما كنت حاضرًا عند إخوة يوسف , إذ أجمعوا واتفقت آراؤهم، (32) وصحت عزائمهم، على أن يلقوا يوسف في غيابة الجب. وذلك كان مكرهم الذي قال الله عز وجل: ( وهم يمكرون )، كما:-

19951 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( وما كنت لديهم ) ، يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم , يقول: ما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجب ، ( وهم يمكرون )، أي: بيوسف.

19952 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن عطاء الخراساني , عن ابن عباس: ( وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ) ، الآية , قال: هم بنو يعقوب.

* * *

----------------------

الهوامش:

(31) ‌انظر تفسير" النبأ" و" الغيب" فيما سلف من فهارس اللغة ( نبأ ) و ( غيب ) .

(32) انظر تفسير" الإجماع" فيما سلف 15 : 147 ، 148 ، 573 .

المعاني :

أَجْمَعُوا :       دَبَّرُوا، وَعَزَمُوا السراج
أجمعوا أمرهم :       عزموا على الكيد ليوسف معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[102] ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ﴾، ﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ﴾ [هود: 49]: في سورة يوسف قوله تعالى في أول السورة: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ﴾ [3]، كلمة القَصص مذكر مثل كلمة عدد، وكلمة قَصص مذكر، وهي ليست جمع قصة، وإنما القَصص هنا بمعنى السرد، أي بمعنى اسم المفعول أي المقصوص، وهي قصة واحدة هي قصة يوسف فجاءت الآية باستخدام (ذلك) ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾، وفي سورة هود مجموعة، من قَصص الأنبياء، فاقتضى أن تأتي الآية باستخدام (تلك).
وقفة
[102] ﴿وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ نبأ يوسف غيب لم تكن لتعرفه يا محمد إلا بالحضور والمشاهدة أو عن طريق الوحي، وبما أنك لم تحضره، فما هو غير الوحي أخبرك به؟ وليس المراد نفي حضور النبي ﷺ مشهد المكر بيوسف فقط، بل نفي حضوره سائر المشاهد، لكنه خص مشهد المكر بالذكر لأنه أخفى المشاهد وأولها.
وقفة
[102] ﴿وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ في القصة تفاصيل وهمسات وأحاديث نفس ورؤى ولوعات ومفاجآت ليست من علم نبيّنا ولا درى بها إلا من أحاط بكل شيء علمًا.
وقفة
[102، 103] ﴿وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ قال الطاهر بن عاشور: «وهذه الجملة استخلاص لمواضع العبرة من القصة، وفيها منة على النبي ﷺ، وتعريض بالمشركين بتنبيههم لإعجاز القرآن من الجانب العلمي، فإن صدور ذلك من النبي الأمي آية كبرى على أنه وحي من الله تعالى؛ ولذلك عقب بقوله: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾».
وقفة
[102، 103] ﴿وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾، ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ هناك أخ نسي حق الأخُوة فمكر، وهنا عبد نسى إيمانه فكفر.

الإعراب :

  • ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ:
  • ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام: للبعد والكاف حرف خطاب والإشارة إِلَى ما سبق من نبأ يوسف. من أنْباء: جار ومجرور في محل رفع خبر \"ذلك\". الغيب: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ نُوحِيهِ إِلَيْكَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر ثانٍ للمبتدأ. نوحيه: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. إليك: جار ومجرور متعلق بنوحيه. ويجوز أن تكون \"ذلك\" اسمًا موصولًا بمعنى \"الذي\" وشبه الجملة من الجار والمجرور \"من أنباء الغيب\" صلة لا محل لها من الإعراب. والجملة الفعلية \"نوحيه إليك\" في محل رفع خبر \"الذي\" بمعنى إنّ هذا النبأ غيب لم يحصل لك إلَّا من جهة الوحي.
  • ﴿ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ:
  • الواو: استئنافيّة، ما: نافية لا عمل لها. كنت: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع اسم\"كان\". لدى: ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب و \"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة وشبه الجملة \"لديهم\" في محل نصب متعلق بخبر كان بمعنى: لم تكن مع إخوة يوسف.
  • ﴿ ذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ:
  • ظرف زمان بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب متعلق بكنت لديهم. أجمعوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة \"أجمعوا\" في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف \"إذ\". أمر: مفعول به منصوب بالفتحة. و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى: حين أجمعوا رأيهم على إبعاده عن أبِيهِ.
  • ﴿ وَهُمْ يَمْكُرُونَ:
  • الواو حالية: والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حال. هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يمكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة في محل رفع خبر \"هم\" أي وهم يمكرون بيوسف. '

المتشابهات :

آل عمران: 44﴿ ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ
يوسف: 102﴿ ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [102] لما قبلها :     وبعد ما قص اللهُ عز وجل قصةَ يوسف عليه السلام ؛ بَيَّنَ هنا لنبيِّه أن هذه الأحداث من أخبار الغيب نخبرك به وحيًا، فما كنت حاضرًا لها، وفي هذا دليل على صدقك، قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [103] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ ..

التفسير :

[103] وما أكثرُ المشركين من قومك -أيها الرسول- بمصدِّقيك ولا متبعيك، ولو حَرَصْتَ على إيمانهم، فلا تحزن على ذلك.

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ} على إيمانهم{ بِمُؤْمِنِينَ} فإن مداركهم ومقاصدهم قد أصبحت فاسدة، فلا ينفعهم حرص الناصحين عليهم ولو عدمت الموانع، بأن كانوا يعلمونهم ويدعونهم إلى ما فيه الخير لهم، ودفع الشر عنهم، من غير أجر ولا عوض، ولو أقاموا لهم من الشواهد والآيات الدالات على صدقهم ما أقاموا.

ثم ساق- سبحانه- ما يبعث التسلية والتعزية في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ.

أى: لقد جئت- أيها الرسول- للناس بدين الفطرة، الذي ترتاح له النفوس وتتقبله القلوب بسرور وانشراح. ولكن أكثر الناس قد استحوذ عليهم الشيطان، فمسخ نفوسهم وقلوبهم، فصاروا مع حرصك على إيمانهم، ومع حرصك على دعوتهم إلى الحق على بصيرة، لا يؤمنون بك، ولا يستجيبون لدعوتك، لاستيلاء المطامع والشهوات والأحقاد على نفوسهم.

وفي التعبير بقوله- سبحانه- وَما أَكْثَرُ النَّاسِ ... إشعار بأن هناك قلة من الناس قد استجابت بدون تردد لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلت في الدين الحق، عن طواعية واختيار.

وقوله وَلَوْ حَرَصْتَ جملة معترضة لبيان أنه مهما بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في كشف الحق، فإنهم سادرون في ضلالهم وكفرهم، إذ الحرص طلب الشيء باجتهاد.

قال الآلوسى ما ملخصه: «سألت قريش واليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف، فنزلت مشروحة شرحا وافيا، فأمل النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك سببا في إسلامهم، فلما لم يفعلوا حزن صلى الله عليه وسلم فعزاه الله- تعالى- بذلك» .

يقرر تعالى أنه رسوله ، وأنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس ونجاة لهم في دينهم ودنياهم; ومع هذا ما آمن أكثر الناس; ولهذا قال : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) وقال ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) [ الأنعام : 116 ] إلى غير ذلك من الآيات .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وما أكثر مشركي قومك، يا محمد، ولو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدّقوك , ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك، بمصدِّقيك ولا مُتَّبِعيك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[103] ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ قال الآلوسي ما ملخصه: سألت قريش واليهود رسول الله ﷺ عن قصة يوسف، فنزلت مشروحة شرحًا وافيًا، فأمَّل النبي ﷺ أن يكون ذلك سببًا في إسلامهم، فلما لم يفعلوا حزن ﷺ، فعزاه الله تعالى بذلك.
وقفة
[103] ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ العبرة بموافقة الشريعة لا بالقلة والكثرة.
وقفة
[103] ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ عدم استجابة المدعوين أحيانًا يكون ابتلاء واختبارًا من الله تعالى للداعية.
وقفة
[103] ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ قد تبذل كل ما بوسعك لهداية الناس وارشادهم لكن نور الإيمان لا يتسلل إلا للقلوب المذعنة للحق.
وقفة
[103] ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ هذا في الناس عامة، وقال تعالى بعدها بآيتين: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ﴾ [106]، وهذه في من آمن من الناس فأكثر الناس ليسوا بمؤمنين، والمؤمنون منهم أكثرهم مشركون، فالحرص الحرص على تعلم العقيدة وتعاهد الإيمان حتى تكون ممن اصطفاه الله من القلائل.
وقفة
[103] ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ الاستدلال على صحة مذهب أو حزب أو جماعة بكثرة الأتباع فقط خطأ بالغ، فالكثرة غالبًا ما تميل إلى غير الحق.
وقفة
[103] ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ كثير من الناس لن يصلوا إلى ساحل الإيمان، ولو حرص خير المرسلين على أن يكونوا مؤمنين، وفي هذا تسلية لكل داعية أعرض عنه المدعوون، أن هذا ميراث الأنبياء والمرسلين.
وقفة
[103] من مقاصد سورة يوسف تسلية النبيﷺ عام الحزن حين اشتد أذى قومه عليه بعد وفاة عمه ولذلك جاء في آخرها: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ وما بعدها.
وقفة
[103] ستعرف قدر نعمة الهداية حق المعرفة حين تقرأ هذه النصوص بعيني قلبك: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ﴾ [الأعراف: 116]، ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة: 13]، ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا﴾ [النور: 21].
عمل
[103] عدم استجابة من تدعوهم قد يكون ابتلاءً وامتحانًا؛ فاثبت ولا تحزن، فالله يقول: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.
وقفة
[103] اجعلوا الدين هو المقياس، فإن رأيتم الناس يمشون في طريق الحرام فلا تمشوا معهم، ولا تحتجوا بالأكثرية؛ فإن أكثر الناس غالبًا على ضلال، والله يقول: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: 116]، ويقول: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.
وقفة
[103] إياك أن تغتر بما يغتر به الجاهلون، فإنهم يقولون: لو كان هؤلاء على حق لم يكونوا أقل الناس عددًا والناس على خلافهم! فاعلم أن هؤلاء هم الناس، ومن خالفهم فمشبهون بالناس وليسوا بناس، فما الناس إلا أهل الحق وإن كانوا أقلهم عددًا: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.
وقفة
[103] الحرام حرام حتى لو فعله الجميع لاتغتر، فقط تدبر: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: 116]، وتدبر: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.
وقفة
[103] مجرد الكثرة لاتدل على الحق، فكم من باطل تواطأت عليه الجموع، وكم من حق تجيشت ضده حكومات وشعوب! وما غربة الإمام أحمد عنا ببعيد، فاسلك طريق الهدى، ولا تستوحش من قلة السالكين، واحذر طريق البدع والردى ولا يغرك كثرة الهالكين والمفتونين ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.
وقفة
[103] هل تبحث عن التميز؟ إذا أقبلت على الله فستكون نادرًا ومميزًا لأن الله قال لنا: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية بمنزلة \"ليس\" عند الحجازيين. ومهملة عند بني تميم. أكثر: اسم \"ما\" مرفوع بالضمة. أو مبتدأ. النّاس: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ وَلَوْ حَرَصْتَ
  • ولو حرصت: الواو: اعتراضية. لو: حرف للتمني لا عمل لها. حرصت: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. والجملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ بِمُؤْمِنِينَ:
  • الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. مؤمنين: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا على أنَّه خبر \"ما\" أو مرفوع محلًا على أنَّه خبر \"أكثر\" وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [103] لما قبلها :     وبعد ذكرِ دليل صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الإخبار بالغيب؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل له صلى الله عليه وسلم أن أكثر الناس لن يؤمنوا، مع وضوح الدليل، ومع حرصه على إيمانهم، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف