ترتيب المصحف | 19 | ترتيب النزول | 44 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 7.30 |
عدد الآيات | 98 | عدد الأجزاء | 0.30 |
عدد الأحزاب | 0.65 | عدد الأرباع | 2.60 |
ترتيب الطول | 27 | تبدأ في الجزء | 16 |
تنتهي في الجزء | 16 | عدد السجدات | 1 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 10/29 | كهيعص: 1/1 |
بعدَ الردِّ على الشُبهتين السابقتين حولَ البعثِ أورَدَ هنا ما قالُوه على سبيلِ الاستهزاءِ، ثُمَّ الرد على عُبَّادِ الأصنامِ، ونهى نبيَّه ﷺ عن استعجالِ عذابِ المشركينَ، ثُمَّ قارنَ بينَ وفدِ المتقينَ إلى الجَنَّةِ وورودِ المشركينَ إلى النَّارِ.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ الردِّ على عُبَّادِ الأصنامِ نَاسَبَ الرد على من نسَبَ الولدَ إلى اللهِ، وبيان أنَّ هذا لا يليقُ به تعالى.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
أي:أفلا تتعجب من حالة هذا الكافر، الذي جمع بين كفره بآيات الله ودعواه الكبيرة، أنه سيؤتى في الآخرة مالا وولدا، أي:يكون من أهل الجنة، هذا من أعجب الأمور، فلو كان مؤمنا بالله وادعى هذه الدعوى، لسهل الأمر.وهذه الآية -وإن كانت نازلة في كافر معين- فإنها تشمل كل كافر، زعم أنه على الحق، وأنه من أهل الجنة
ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات منها ما أخرجه البخاري ومسلم عن خباب بن الأرت قال: جئت العاص بن وائل السهمي أتقاضاه حقا لي عنده، فقال لي: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم فقلت له: لا، والله لا أكفر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم حيا ولا ميتا ولا إذا بعثت. فقال العاص: فإذا بعثت جئتني ولي هناك مال وولد فأعطيك حقك، فأنزل الله- تعالى- هذه الآيات.
وفي رواية أن رجالا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم أتوا العاص يتقاضون دينا لهم عليه فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا ومن كل الثمرات؟ قالوا: بلى. قال:
«موعدكم الآخرة والله لأوتين مالا وولدا» .
والاستفهام في قوله- سبحانه- أَفَرَأَيْتَ.. للتعجيب من شأن هذا الكافر الجهول والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام، والتقدير: أنظرت أيها العاقل فرأيت هذا الجاحد الجهول الذي كفر بآياتنا الدالة على وحدانيتنا، وعلى أن البعث حق، وعلى أن ما جاء به رسولنا صلّى الله عليه وسلّم حق وصدق ...
ولم يكتف بهذا الكفر، بل قال بكل تبجح، وإصرار على الباطل، واستهزاء بالدين الحق: والله لَأُوتَيَنَّ في الآخرة مالًا وَوَلَداً كما هو حالي في الدنيا.
فأنت ترى أن هذا الكافر لم يكتف بكفره، بل أضاف إليه القول الباطل المصحوب بالقسم الكاذب، وبالتهكم بالدين الحق.
وقرأ حمزة والكسائي: لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً- بضم الواو الثانية وسكون اللام-، وقرأ الباقون بفتحهما. قالوا: والقراءتان بمعنى واحد كالعرب والعرب. ويرى بعضهم الولد بالفتح للمفرد، والولد- بضم الواو وسكون اللام- للجمع.
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن خباب بن الأرت قال : كنت رجلا قينا ، وكان لي على العاص بن وائل دين ، فأتيته أتقاضاه . فقال : لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد فقلت : لا والله لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموت ثم تبعث . قال : فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد ، فأعطيتك ، فأنزل الله : ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ) إلى قوله : ( ويأتينا فردا ) .
أخرجه صاحبا الصحيح وغيرهما ، من غير وجه ، عن الأعمش به ، وفي لفظ البخاري : كنت قينا بمكة ، فعملت للعاص بن وائل سيفا ، فجئت أتقاضاه . فذكر الحديث وقال : ( أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) قال : موثقا .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : قال خباب بن الأرت ، كنت قينا بمكة ، فكنت أعمل للعاص بن وائل ، قال : فاجتمعت لي عليه دراهم ، فجئت لأتقاضاه ، فقال لي : لا أقضيك حتى تكفر بمحمد . فقلت : لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث . قال : فإذا بعثت كان لي مال وولد . قال : فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله : ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ) إلى قوله : ( ويأتينا فردا ) .
وقال العوفي عن ابن عباس : إن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين ، فأتوه يتقاضونه ، فقال : ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا ، ومن كل الثمرات ؟ قالوا : بلى . قال : فإن موعدكم الآخرة ، فوالله لأوتين مالا وولدا ، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به . فضرب الله مثله في القرآن فقال ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا ) إلى قوله : ( ويأتينا فردا )
وهكذا قال مجاهد ، وقتادة ، وغيرهم : إنها نزلت في العاص بن وائل .
وقوله : ( لأوتين مالا وولدا ) قرأ بعضهم بفتح " الواو " من " ولدا " وقرأ آخرون بضمها ، وهو بمعناه ، قال رؤبة :
الحمد لله العزيز فردا لم يتخذ من ولد شيء ولدا
وقال الحارث بن حلزة :
ولقد رأيت معاشرا قد تمروا مالا وولدا
وقال الشاعر :
فليت فلانا كان في بطن أمه وليت فلانا كان ولد حمار
وقيل : إن " الولد " بالضم جمع ، " والولد " بالفتح مفرد ، وهي لغة قيس ، والله أعلم .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (أَفَرَأَيْتَ) يا محمد (الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا) حججنا فلم يصدّق بها، وأنكر وعيدنا من أهل الكفر (وَقَالَ) وهو بالله كافر وبرسوله (لأُوتَيَنَّ) في الآخرة (مَالا وَوَلَدًا).
وذُكر أن هذه الآيات أنـزلت في العاص بن وائل السهمي أبي عمرو بن العاص.
* ذكر الرواية بذلك: حدثنا أبو السائب وسعيد بن يحيى، قالا ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن خباب، قال: كنت رجلا قينا، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، فقال: والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال: فقال: فإذا أنا متّ ثم بُعثت كما تقول، جئتني ولي مال وولد، قال: فأنـزل الله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) ( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ).... إلى قوله: وَيَأْتِينَا فَرْدًا .
حدثني به أبو السائب، وقرأ في الحديث: وولدا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين، فأتوه يتقاضونه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة فضة وذهبا وحريرا، ومن كلّ الثمرات؟ قالوا: بلى، قال: فإن موعدكم الآخرة، فوالله لأُوتينّ مالا وولدا، ولأُوتينّ مثل كتابكم الذي جئتم به، فضرب الله مثله في القران، فقال: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا).... إلى قوله وَيَأْتِينَا فَرْدًا .
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله (لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) قال: العاص بن وائل يقوله.
حدثنا القاسم، قال. ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) فذكر لنا أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتوا رجلا من المشركين يتقاضونه دينا، فقال: أليس يزعم صاحبكم أن في الجنة حريرا وذهبا؟ قالوا: بلى، قال فميعادكم الجنة، فوالله لا أومن بكتابكم الذي جئتم به، استهزاء بكتاب الله، ولأُوتينّ مالا وولدا ، يقول الله ( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا )؟.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
مريم: 77 | ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا﴾ |
---|
النجم: 33 | ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّىٰ﴾ |
---|
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ولدا:
1- بفتح الواو واللام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم الواو وإسكان اللام، وهى قراءة الأعمش، وطلحة، والكسائي، وابن أبى ليلى، وابن عيسى الأصبهانى.
3- بكسر الواو وسكون اللام، وهى قراءة عبد الله، ويحيى بن يعمر.
التفسير :
قال الله، توبيخا له وتكذيبا:{ أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} أي:أحاط علمه بالغيب، حتى علم ما يكون، وأن من جملة ما يكون، أنه يؤتى يوم القيامة مالا وولدا؟{ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} أنه نائل ما قاله، أي:لم يكن شيء من ذلك، فعلم أنه متقول، قائل ما لا علم له به. وهذا التقسيم والترديد، في غاية ما يكون من الإلزام وإقامة الحجة؛ فإن الذي يزعم أنه حاصل له خير عند الله في الآخرة، لا يخلو:إما أن يكون قوله صادرا عن علم بالغيوب المستقبلة، وقد علم أن هذا لله وحده، فلا أحد يعلم شيئا من المستقبلات الغيبية، إلا من أطلعه الله عليه من رسله.وإما أن يكون متخذا عهدا عند الله، بالإيمان به، واتباع رسله، الذين عهد الله لأهله، وأوزع أنهم أهل الآخرة، والناجون الفائزون. فإذا انتفى هذان الأمران، علم بذلك بطلان الدعوى
وقد رد الله- تعالى- على هذا المتبجح المغرور ردا حكيما ملزما فقال: أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا ...
والاستفهام للإنكار والنفي، والأصل: أاطلع فحذفت همزة الوصل للتخفيف.
والمعنى: إن قول هذا الجاهل إما أن يكون مستندا إلى اطلاعه على الغيب وعلمه بأن الله سيؤتيه في الآخرة مالا وولدا، وإما أن يكون مستندا إلى عهد أعطاه الله- تعالى- له بذلك.
ومما لا شك فيه أن كلا الأمرين لم يتحققا بالنسبة له، فهو لم يطلع على الغيب، ولم يتخذ عند الله عهدا، فثبت كذبه وافتراؤه، ولذا كذبه الله- تعالى- بقوله كَلَّا وهو قول يفيد الزجر والردع والنفي.
أى: كلا لم يطلع على الغيب، ولم يتخذ عند الرحمن عهدا. بل قال ذلك افتراء على الله.
وقوله : ( أطلع الغيب ) : إنكار على هذا القائل ، ( لأوتين مالا وولدا ) يعني : يوم القيامة ، أي : أعلم ما له في الآخرة حتى تألى وحلف على ذلك ، ( أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) : أم له عند الله عهد سيؤتيه ذلك ؟ وقد تقدم عند البخاري : أنه الموثق .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) قال : لا إله إلا الله ، فيرجو بها . وقال محمد بن كعب القرظي : ( أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، ثم قرأ : ( أم اتخذ عند الرحمن عهدا ) .
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: قال خباب بن الأرت: كنت قينا بمكة، فكنت أعمل للعاص بن وائل، فاجتمعت لي عليه دراهم، فجئت لأتقاضاه ، فقال لي: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، قال: قلت: لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال: فإذا بُعثت كان لي مال وولد، قال: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله تبارك وتعالى (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) إِلَى وَيَأْتِينَا فَرْدًا .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (وَوَلَدًا) فقرأته قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: (وَوَلَدًا) بفتح الواو من الولد في كلّ القرآن، غير أن أبا عمرو بن العلاء خص التي في سورة نوح بالضمّ، فقرأها( مالُهُ وَوُلْدُهُ ) وأما عامَّةُ قرّاء الكوفة غير عاصم، فإنهم قرءوا من هذه السورة من قوله (مَالا وَوَلَدًا) إلى آخر السورة. واللتين في الزخرف، والتي في نوح، بالضمِّ وسكون اللام.
وقد اختلف أهل العربية في معنى ذلك إذا ضمت واوه، فقال بعضهم: ضمها وفتحها واحد، وإنما هما لغتان، مثل قولهم العُدم والعَدم، والحزن والحَزَن. واستشهدوا لقيلهم ذلك بقول الشاعر:
فَلَيْـتَ فُلانـا كـانَ فـي بَطْـنِ أُمِّـهِ
وَلَيْــتَ فُلانــا كـانَ وُلْـدَ حِمـارِ (1)
ويقول الحارث بن حِلِّزة:
وَلَقَــــدْ رأيْــــتُ مَعاشِـــرًا
قَـــدْ ثَمَّـــرُوا مــالا وَوُلْــدًا (2)
وقول رُؤْبة:
الحَـــمْدُ للــهِ العَزِيــزِ فَــرْدَا
لَــمْ يَتَّخِـذْ مِـنْ وُلْـدِ شَـيْءٍ وُلْـدَا (3)
وتقول العرب في مثلها: وُلْدُكِ مِنْ دَمَّى عَقِبَيْكِ، قال: وهذا كله واحد، بمعنى الولد.
وقد ذُكر لي أن قيسا تجعل الوُلْد جمعا، والوَلد واحدا .
ولعلّ الذين قرءوا ذلك بالضمّ فيما اختاروا فيه الضمّ، إنما قرءوه كذلك ليفرقوا بين الجمع والواحد.
قال أبو جعفر: والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك عندي أن الفتح في الواو من الوَلد والضمّ فيها بمعنى واحد، وهما لغتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب، غير أن الفتح أشهر اللغتين فيها، فالقراءة به أعجبُ إليّ لذلك.
وقوله ( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ ) يقول عزّ ذكره: أعلم هذا القائل هذا القول علم الغيب، فعلم أن له في الآخرة مالا وولدا باطلاعه على علم ما غاب عنه ( أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) يقول: أم آمن بالله وعمل بما أمر به، وانتهى عما نهاه عنه ، فكان له بذلك عند الله عهدا أن يؤتيه ما يقول من المال والولد.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) بعمل صالح قدّمه.
-----------------------
الهوامش :
(1) البيت في ( اللسان : ولد ) ولم ينسبه . قال : الولد والولد واحد ، مثل العرب والعرب ، والعجم ، والعجم ونحو ذلك . وأنشد الفراء : " فليت فلانا . . . " البيت . فهذا واحد . قال : وقيس تجعل الولد جمعا ، والولد ( بالتحريك ) واحدا . ابن السكيت يقال في الولد : الولد ( بكسر أوله ) ولا ولد ( بضم أوله ) . قال : ويكون الولد ( بضم أوله ) واحدا وجمعا قال : وقد يكون الولد ( بالضم ) جمع الولد ، مثل أسد وأسد . ( وهذا قريب مما نقله المؤلف عن الفراء في معاني القرآن ) .
(2) البيت للحارث بن حلزة اليشكري ، وهو من شواهد ( لسان العرب : ولد ) مثل الشاهد الذي قبله . واستشهد به الفراء أيضًا في معاني القرآن ( مصورة الجامعة رقم 24059 ص 195 ) ثم قال : والولد والولد : لغتان مثل ما قالوا : العدم والعدم .
(3) البيتان لرؤبة بن العجاج ، وهما من مشطور الرجز ، و الفرد : المتفرد بالربوبية ، و بالأمر دون خلقه ، وهو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا ثاني . والبيت ساقه المؤلف مع الشاهدين السابقين عليه . شواهد على أن الولد ، بضم الواو وسكون اللام ، بمعنى الولد ، بالتحريك . وأنه مفرد ، وقد يجيء بمعنى الجمع .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
مريم: 78 | ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا ﴾ |
---|
مريم: 87 | ﴿لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أطلع:
وقرئ:
1- بالهمزة، للاستفهام، لذلك عادلتها «أم» ، وهى قراءة عبد الله، ويحيى بن يعمر.
2- بكسر الهمزة، فى الابتداء وحذفها فى الوصل، لدلالة «أم» عليها.
التفسير :
{ كَلَّا} أي:ليس الأمر كما زعم، فليس للقائل اطلاع على الغيب، لأنه كافر، ليس عنده من علم الرسائل شيء، ولا اتخذ عند الرحمن عهدا، لكفره وعدم إيمانه، ولكنه يستحق ضد ما تقوله، وأن قوله مكتوب، محفوظ، ليجازى عليه ويعاقب، ولهذا قال:{ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} أي:نزيده من أنواع العقوبات، كما ازداد من الغي والضلال.
وقوله- سبحانه-: سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا. وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً بيان للمصير السيئ الذي سيصير إليه هذا الشقي وأمثاله، ونَمُدُّ من المد وأكثر ما يستعمل في المكروه.
أى: سنسجل على هذا الكافر ما قاله، ونحاسبه عليه حسابا عسيرا، ونزيده عذابا فوق العذاب المعد له، بأن نضاعفه له ونطيله عليه
وقوله : ( كلا ) : هي حرف ردع لما قبلها وتأكيد لما بعدها ، ( سنكتب ما يقول ) أي : من طلبه ذلك وحكمه لنفسه بما تمناه ، وكفره بالله العظيم ( ونمد له من العذاب مدا ) أي : في الدار الآخرة ، على قوله ذلك ، وكفره بالله في الدنيا .
يعني تعالى ذكره بقوله (كَلا) : ليس الأمر كذلك، ما اطلع الغيب، فعلم صدق ما يقول، وحقيقة ما يذكر، ولا اتخذ عند الرحمن عهدا بالإيمان بالله ورسوله، والعمل بطاعته، بل كذب وكفر ، ثم قال تعالى ذكره (سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ) : أي سنكتب ما يقول هذا الكافر بربه، القائل لأُوتَيَنَّ في الآخرة مَالا وَوَلَدًا (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا) يقول: ونـزيده من العذاب في جهنم بقيله الكذب والباطل في الدنيا، زيادة على عذابه بكفره بالله.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
كلا:
قرئ:
بالفتح والتنوين، وانتصابه على إضمار فعل من لفظه، وتقديره: كلوا كلا عن عبادة الله، أو نحو ذلك، أي:
انحرفوا، وكنى بالكتابة عما يترتب عليها من الجزاء، فلذلك دخلت السين، وهى قراءة أبى نهيك.
سنكتب:
1- بالنون، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بياء مضمومة، وهى قراءة الأعمش.
3- بتاء مفتوحة، مبنيا للمفعول، ورويت عن عاصم.
ونمد:
وقرئ:
بضم النون، مضارع «أمد» ، وهى قراءة على بن أبى طالب.
التفسير :
{ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} أي:نرثه ماله وولده، فينتقل من الدنيا فردا، بلا مال ولا أهل ولا أنصار ولا أعوان{ وَيَأْتِينَا فَرْدًا} فيرى من وخيم العذاب وأليم العقاب، ما هو جزاء أمثاله من الظالمين.
وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ أى: ما يقول إنه يؤتاه يوم القيامة من المال والولد، بأن نسلبه منه، ونجعله يخرج من هذه الدنيا خالي الوفاض منهما، وليس معه في قبره سوى كفنه، وَيَأْتِينا فَرْداً أى: ويأتينا يوم القيامة بعد مبعثه منفردا بدون مال أو ولد أو خدم أو غير ذلك مما كان يتفاخر به في الدنيا هو وأشباهه من المغرورين الجاحدين.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف قيل: سنكتب بسين التسويف وهو كما قاله كتبه من غير تأخير قال- تعالى-: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ؟.
قلت: فيه وجهان: أحدهما: سنظهر له ونعلمه أنا كتبنا قوله على طريقة قول الشاعر:
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ... ولم تجدى من أن تقرى بها بدا
أى: تبين وعلم بالانتساب أنى لم تلدني لئيمة.
والثاني: أن المتوعد يقول للجاني: سوف أنتقم منك، يعنى أنه لا يخل بالانتصار وإن تطاول به الزمان واستأخر، فجرد هاهنا لمعنى الوعيد.. .
ثم تسوق السورة الكريمة بعد ذلك ألوانا أخرى من رذائل المشركين، فتحكى اعتزازهم بأوثانهم، ونثبت عداوة هذه الأوثان لهم يوم القيامة، وتبشر المؤمنين برضا الله- تعالى- عنهم. وتنذر الكافرين بالسوق إلى جهنم.. قال- تعالى-:
( ونرثه ما يقول ) أي : من مال وولد ، نسلبه منه ، عكس ما قال : إنه يؤتى في الدار الآخرة مالا وولدا ، زيادة على الذي له في الدنيا; بل في الآخرة يسلب من الذي كان له في الدنيا ، ولهذا قال : ( ويأتينا فردا ) أي : من المال والولد .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ونرثه ما يقول ) ، قال : نرثه
وقال مجاهد : ( ونرثه ما يقول ) : ماله وولده ، وذلك الذي قال العاص بن وائل .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : ( ونرثه ما يقول ) قال : ما عنده ، وهو قوله : ( لأوتين مالا وولدا ) وفي حرف ابن مسعود : " ونرثه ما عنده " .
وقال قتادة : ( ويأتينا فردا ) : لا مال له ، ولا ولد .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( ونرثه ما يقول ) قال : ما جمع من الدنيا ، وما عمل فيها ، قال : ( ويأتينا فردا ) قال : فردا من ذلك ، لا يتبعه قليل ولا كثير .
وقوله ( وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ ) يقول عزّ ذكره :
ونسلب هذا القائل: لأوتين في الآخرة مالا وولدا، ماله وولده، ويصير لنا ماله وولده دونه، ويأتينا هو يوم القيامة فردا ، وحده لا مال معه ولا ولد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح "; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ ) ماله وولده، وذلك الذي قال العاص بن وائل.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ) لا مال له ولا ولد.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ ) قال: ما عنده، وهو قوله لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا وفي حرف ابن مسعود: ونرثه ما عنده.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ ) قال: ما جمع من الدنيا وما عمل فيها( وَيَأْتِينَا فَرْدًا ) قال : فردا من ذلك، لا يتبعه قليل ولا كثير.
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ ) : نرثه (4)
---------------------
الهوامش :
(4) كذا في ابن كثير أيضا . والذي في الدر عن ابن عباس : ونرثه ما يكون : ماله وولده .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
والضمير في قوله: وَاتَّخَذُوا يعود إلى أولئك الكافرين الذين ذكر القرآن فيما سبق بعض رذائلهم ودعاواهم الكاذبة، ولما تنته بعد.
أى: واتخذ هؤلاء الجاهلون آلهة باطلة يعبدونها من دون الله- تعالى- لتكون لهم تلك الآلهة عِزًّا أى- لينالوا بها العزة والشفاعة والنصرة والنجاة من عذاب يوم القيامة.
فقد حكى القرآن أنهم كانوا إذا سئلوا عن سبب عبادتهم لهذه الأصنام التي لا تنفع ولا تضر قالوا: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى وقالوا: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ....
يخبر تعالى عن الكفار المشركين بربهم : أنهم اتخذوا من دونه آلهة ، لتكون تلك الآلهة ) عزا ) يعتزون بها ويستنصرونها .
يقول تعالى ذكره: واتخذ يا محمد هؤلاء المشركون من قومك آلهة يعبدونها من دون الله، لتكون هؤلاء الآلهة لهم عزًّا، يمنعونهم من عذاب الله، ويتخذون عبادتهموها عند الله زلفى ، وقوله: (كلا) يقول عز ذكره: ليس الأمر كما ظنوا وأمَّلوا من هذه الآلهة التي يعبدونها من دون الله، في أنها تنقذهم من عذاب الله، وتنجيهم منه، ومن سوء إن أراده بهم ربهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الفرقان: 3 | ﴿ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ |
---|
مريم: 81 | ﴿ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا﴾ |
---|
يس: 74 | ﴿ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وقد رد الله- تعالى- عليهم بما يردعهم عن هذا الظن لو كانوا يعقلون فقال: كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا.
وكَلَّا لفظ جيء به لزجرهم وردعهم عن هذا الاتخاذ الفاسد الباطل. أى: ليس الأمر كما توهم الجاهلون من أن أصنامهم ستكون لهم عزا، بل الحق أن هذه المعبودات الباطلة ستكون عدوة لهم. وقرينتهم في النار.
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ، وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ .
وقوله- سبحانه-: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ، وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ .
ثم أخبر أنه ليس الأمر كما زعموا ، ولا يكون ما طمعوا ، فقال : ( كلا سيكفرون بعبادتهم ) أي : يوم القيامة ( ويكونون عليهم ضدا ) أي : بخلاف ما ظنوا فيهم ، كما قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون . وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) [ الأحقاف : 5 ، 6 ]
وقرأ أبو نهيك : " كل سيكفرون بعبادتهم " .
وقال السدي : ( كلا سيكفرون بعبادتهم ) أي : بعبادة الأوثان . وقوله : ( ويكونون عليهم ضدا ) أي : بخلاف ما رجوا منهم .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ويكونون عليهم ضدا ) قال : أعوانا .
قال مجاهد : عونا عليهم ، تخاصمهم وتكذبهم .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( ويكونون عليهم ضدا ) قال : قرناء .
وقال قتادة : قرناء في النار ، يلعن بعضهم بعضا ، ويكفر بعضهم ببعض .
وقال السدي : ( ويكونون عليهم ضدا ) قال : الخصماء الأشداء في الخصومة .
وقال الضحاك : ( ويكونون عليهم ضدا ) قال : أعداء .
وقال ابن زيد : الضد البلاء .
وقال عكرمة : الضد الحسرة .
وقوله: ( سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ ) يقول عزّ ذكره: ولكن سيكفر الآلهة في الآخرة بعبادة هؤلاء المشركين يوم القيامة إياها، وكفرهم بها قيلهم لربهم : تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون، فجحدوا أن يكونوا عبدوهم أو أمروهم بذلك، وتبرّءُوا منهم، وذلك كفرهم بعبادتهم.
وأما قوله ( وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: معنى ذلك: وتكون آلهتهم عليهم عونا، وقالوا: الضدّ: العون.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) يقول: أعوانا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح "; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) قال: عونا عليهم تخاصمهم وتكذّبهم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد ( وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) قال: أوثانهم يوم القيامة في النار.
وقال آخرون: بل عنى بالضدّ في هذا الموضع: القُرَناء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) يقول: يكونون عليهم قرناء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) قرناء في النار، يلعن بعضهم بعضا، ويتبرأ بعضهم من بعض.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (ضِدّا) قال: قرناء في النار.
وقال آخرون: معنى الضدّ هاهنا: العدوّ.
* ذكر من قال ذلك: حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا مُعاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) قال: أعداء.
وقال آخرون: معنى الضدّ في هذا الموضع: البلاء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ) قال: يكونون عليهم بلاء.
الضدّ: البلاء، والضدّ في كلام العرب: هو الخلاف، يقال: فلان يضادّ فلانا في كذا، إذا كان يخالفه في صنيعه، فيفسد ما أصلحه، ويصلع ما أفسده، وإذ كان ذلك معناه، وكانت آلهة هؤلاء المشركين الذين ذكرهم الله في هذا الموضع يتبرءون منهم، وينتفون يومئذ، صاروا لهم أضدادا، فوصفوا بذلك.
وقد اختلف أهل العربية في وجه توحيد الضدّ، وهو صفة لجماعة. فكان بعض نحوييِّ البصرة يقول: وحد لأنه يكون جماعة، وواحدا مثل الرصد والأرصاد. قال: ويكون الرصد أيضا لجماعة. وقال بعض نحويي الكوفة وحد، لأن معناه عونا، وذكر أن أبا نهيك كان يقرأ ذلك.
كما حدثنا ابن حميد، قال : ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبد المؤمن، قال: سمعت أبا نهيك الأزدي يقرأ ( كَلا سَيَكْفُرُونَ ) يعني الآلهة كلها أنهم سيكفرون بعبادتهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
كلا:
قرئ:
بالفتح والتنوين، وانتصابه على إضمار فعل من لفظه (ظ: الآية: 79) ، وهى قراءة أبى نهيك.
التفسير :
وهذا من عقوبة الكافرين أنهم -لما لم يعتصموا بالله، ولم يتمسكوا بحبل الله، بل أشركوا به ووالوا أعداءه، من الشياطين- سلطهم عليهم، وقيضهم لهم، فجعلت الشياطين تؤزهم إلى المعاصي أزا، وتزعجهم إلى الكفر إزعاجا، فيوسوسون لهم، ويوحون إليهم، ويزينون لهم الباطل، ويقبحون لهم الحق، فيدخل حب الباطل في قلوبهم ويتشربها، فيسعى فيه سعي المحق في حقه، فينصره بجهده ويحارب عنه، ويجاهد أهل الحق في سبيل الباطل، وهذا كله، جزاء له على توليه من وليه وتوليه لعدوه، جعل له عليه سلطان، وإلا فلو آمن بالله، وتوكل عليه، لم يكن له عليه سلطان، كما قال تعالى:
{ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}
وأفرد- سبحانه- عِزًّا وضِدًّا مع أن المراد بهما الجمع. لأنهما مصدران ثم بين- عز وجل- أن هؤلاء الكافرين قد استحوذت عليهم الشياطين فزادتهم كفرا على كفرهم، فقال- تعالى-: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا.
والاستفهام للتقرير والتأكد وتَؤُزُّهُمْ تحركهم تحريكا قويا. وتهزهم هزا شديدا، وتحرضهم على ارتكاب المعاصي والموبقات حتى يقعوا فيها.
يقال: أز فلان الشيء يئزه ويؤزه.. بكسر الهمزة وضمها أزا، إذا حركه بشدة، وأز فلان فلانا، إذا أغراه وهيجه وحثه على فعل شيء معين، وأصله من أزت القدر تؤز أزيزا، إذا اشتد غليان الماء فيها.
والمعنى: لقد علمت أنت وأتباعك أيها الرسول الكريم، أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين، وسلطانهم عليهم، وقيضناهم لهم، لكي يحضوهم على ارتكاب السيئات، ويحركوهم تحريكا شديدا نحو الموبقات حتى يقترفوها وينغمسوا فيها..
وقوله : ( ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : تغويهم إغواء .
وقال العوفي عنه : تحرضهم على محمد وأصحابه .
وقال مجاهد : تشليهم إشلاء .
وقال قتادة : تزعجهم إزعاجا إلى معاصي الله .
وقال سفيان الثوري : تغريهم إغراء وتستعجلهم استعجالا .
وقال السدي : تطغيهم طغيانا .
وقال عبد الرحمن بن زيد : هذا كقوله تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) [ الزخرف : 36 ] .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا محمد أنا أرسلنا الشياطين على أهل الكفر بالله (تَؤُزُّهُمْ) يقول: تحرّكهم بالإغواء والإضلال، فتزعجهم إلى معاصي الله، وتغريهم بها حتى يواقعوها(أزًّا) إزعاجا وإغواء.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (أَزًّا) يقول: تغريهم إغراء.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريح، قال: قال ابن عباس: تؤزّ الكافرين إغراء في الشرك: امض امض في هذا الأمر، حتى توقعهم في النار، امضوا في الغيّ امضوا.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو إدريس، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال: تغريهم إغراء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال: تزعجهم إزعاجا في معصية الله.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا ابن عثمة، قال: ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة في قول الله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال: تزعجهم إلى معاصي الله إزعاجا.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) قال تزعجهم إزعاجا في معاصي الله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) فقرأ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ قال: تؤزّهم أزّا، قال: تشليهم إشلاء على معاصي الله تبارك وتعالى، وتغريهم عليها، كما يغري الإنسان الآخر على الشيء ، يقال منه: أزَزْت فلانا بكذا، إذا أغريته به أؤزُّه أزّا وأزيزا ، وسمعت أزيز القدر: وهو صوت غليانها على النار; ومنه حديث مطرف عن أبيه، أنه انتهى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ} أي:على هؤلاء الكفار المستعجلين بالعذاب{ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} أي أن لهم أياما معدودة لا يتقدمون عنها ولا يتأخرون، نمهلهم ونحلم عنهم مدة ليراجعوا أمر الله، فإذا لم ينجع فيهم ذلك أخذناهم أخذ عزيز مقتدر.
ومادام الأمر كذلك. فذرهم في طغيانهم يعمهون، ولا تتعجل وقوع العذاب بهم. فإن الله- تعالى- قد حدد- بمقتضى حكمته- وقتا معينا لنزول العذاب بهم.
وقوله: إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا تعليل لموجب النهى ببيان أن وقت هلاكهم قد اقترب، إذ كل معدود له نهاية ينتهى عندها.
قال القرطبي ما ملخصه: قوله: إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا يعنى الأيام والليالى والشهور والسنين إلى انتهاء أجل العذاب.. وقال الضحاك: نعد أنفاسهم وقال قطرب: نعد أعمالهم عدا.
روى أن المأمون قرأ هذه السورة فمر بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء فأشار برأسه إلى ابن السماك أن يعظه، فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد، ولم يكن لها مدد، فما أسرع ما تنفد، وقيل في هذا المعنى:
حياتك أنفاس تعد فكلما ... مضى نفس منك انتقصت به جزءا
يميتك ما يحييك في كل ليلة ... ويحدوك حاد ما يريد به الهزءا
وكان ابن عباس- رضى الله عنهما- إذا قرأ هذه الآية بكى وقل: آخر العدد: خروج نفسك. آخر العدد: فراق أهلك آخر العدد: دخول قبرك.
وقوله : ( فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا ) أي : لا تعجل يا محمد على هؤلاء في وقوع العذاب بهم ، ( إنما نعد لهم عدا ) أي : إنما نؤخرهم لأجل معدود مضبوط ، وهم صائرون لا محالة إلى عذاب الله ونكاله ، ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) [ إبراهيم : 42 ] ، ( فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ) [ الطارق : 17 ] ( إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ) [ آل عمران : 178 ] ، ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) [ لقمان : 24 ] ، ( قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ) [ إبراهيم : 30 ] .
قال السدي : ( إنما نعد لهم عدا ) السنين ، والشهور ، والأيام ، والساعات .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( إنما نعد لهم عدا ) قال : نعد أنفاسهم في الدنيا .
وقوله ( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) يقول عزّ ذكره: فلا تعجل على هؤلاء الكافرين بطلب العذاب لهم والهلاك، يا محمد إنما نعدّ لهم عدّا ، يقول: فإنما نؤخر إهلاكهم ليزدادوا إثما، ونحن نعدّ أعمالهم كلها ونحصيها حتى أنفاسهم لنجازيهم على جميعها، ولم نترك تعجيل هلاكهم لخير أردناه بهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ، ( إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) يقول: أنفاسهم التي يتنفسون في الدنيا، فهي معدودة كسنهم وآجالهم.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى عن تفاوت الفريقين المتقين، والمجرمين، وأن المتقين له -باتقاء الشرك والبدع والمعاصي- يحشرهم إلى موقف القيامة مكرمين، مبجلين معظمين، وأن مآلهم الرحمن، وقصدهم المنان، وفودا إليه، والوافد لابد أن يكون في قلبه من الرجاء، وحسن الظن بالوافد [إليه]ما هو معلوم، فالمتقون يفدون إلى الرحمن، راجين منه رحمته وعميم إحسانه، والفوز بعطاياه في دار رضوانه، وذلك بسبب ما قدموه من العمل بتقواه، واتباع مراضيه، وأن الله عهد إليهم بذلك الثواب على ألسنة رسله فتوجهوا إلى ربهم مطمئنين به، واثقين بفضله.
ثم بين- سبحانه- عاقبة المتقين، وعاقبة المجرمين يوم القيامة فقال: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ويَوْمَ ظرف منصوب بقوله: لا يَمْلِكُونَ ... أى: لا يملكون الشفاعة يوم نحشر المتقين.. ويجوز أن يكون منصوبا بفعل محذوف تقديره: اذكر أو احذر..
وقوله: وَفْداً جمع وافد. يقال: وفد فلان على فلان يفد وفدا ووفودا، إذا أقدم عليه، وفعله من باب وعد.
ويطلق الوفد على الجمع من الرجال الذين يفدون على غيرهم لأمر من الأمور الهامة، وهم راكبون على دوابهم. وهذا الإطلاق هو المراد باللفظ هنا.
والمعنى: واذكر- أيها العاقل- يوم القيامة، يوم نحشر المتقين إلى جنة الرحمن، ودار كرامته راكبين على مراكب تنشرح لها النفوس وتسر لها القلوب.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه: يخبر الله- تعالى- عن أوليائه المتقين، الذين خافوه في الدار الدنيا، واتبعوا رسله وصدقوهم، أنه يحشرهم يوم القيامة وفدا إليه. والوفد هم القادمون ركبانا ومنه الوفود، وركوبهم على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة. وهم قادمون على خير موفود إليه، إلى دار كرامته ورضوانه.
وقال ابن أبى حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج.. عن ابن مرزوق قال: يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها، وأطيبها ريحا، فيقول: من أنت؟ فيقول: أما تعرفني؟ فيقول: لا، إلا أن الله- تعالى- طيب ريحك وحسن وجهك. فيقول: أنا عملك الصالح.. فهلم فاركبنى فذلك قوله: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً .
يخبر تعالى عن أوليائه المتقين ، الذين خافوه في الدار الدنيا واتبعوا رسله وصدقوهم فيما أخبروهم ، وأطاعوهم فيما أمروهم به ، وانتهوا عما عنه زجروهم : أنه يحشرهم يوم القيامة وفدا إليه . والوفد : هم القادمون ركبانا ، ومنه الوفود وركوبهم على نجائب من نور ، من مراكب الدار الآخرة ، وهم قادمون على خير موفود إليه ، إلى دار كرامته ورضوانه . وأما المجرمون المكذبون للرسل المخالفون لهم ، فإنهم يساقون عنفا إلى النار ، ( وردا ) عطاشا ، قاله عطاء ، وابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد . وهاهنا يقال : ( أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ) [ مريم : 73 ] .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن خالد ، عن عمرو بن قيس الملائي ، عن ابن مرزوق : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) قال : يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها ، وأطيبها ريحا ، فيقول : من أنت ؟ فيقول : أما تعرفني ؟ فيقول : لا ، إلا أن الله قد طيب ريحك وحسن وجهك . فيقول : أنا عملك الصالح ، وهكذا كنت في الدنيا ، حسن العمل طيبه ، فطالما ركبتك في الدنيا ، فهلم اركبني ، فيركبه . فذلك قوله : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) قال : ركبانا .
وقال ابن جرير : حدثني ابن المثنى ، حدثنا ابن مهدي ، عن شعبة ، عن إسماعيل ، عن رجل ، عن أبي هريرة : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) قال : على الإبل .
وقال ابن جريج : على النجائب .
وقال الثوري : على الإبل النوق .
وقال قتادة : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) قال : إلى الجنة .
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد في مسند أبيه : حدثنا سويد بن سعيد ، أخبرنا علي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، حدثنا النعمان بن سعد قال : كنا جلوسا عند علي ، رضي الله عنه ، فقرأ هذه الآية : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) قال : لا والله ما على أرجلهم يحشرون ، ولا يحشر الوفد على أرجلهم ، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها ، عليها رحائل من ذهب ، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة .
وهكذا رواه ابن أبي حاتم وابن جرير ، من حديث عبد الرحمن بن إسحاق المدني ، به . وزاد : " عليها رحائل الذهب ، وأزمتها الزبرجد " والباقي مثله .
وروى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا غريبا جدا مرفوعا ، عن علي فقال :
حدثنا أبي ، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا مسلمة بن جعفر البجلي ، سمعت أبا معاذ البصري قال : إن عليا كان ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ هذه الآية : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ) فقال : ما أظن الوفد إلا الركب يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون - أو : يؤتون - بنوق بيض لها أجنحة ، وعليها رحال الذهب ، شرك نعالهم نور يتلألأ ، كل خطوة منها مد البصر ، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان ، فيشربون من إحداهما ، فتغسل ما في بطونهم من دنس ، ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدا ، وتجري عليهم نضرة النعيم ، فينتهون أو : فيأتون باب الجنة ، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، فيضربون بالحلقة على الصفيحة فيسمع لها طنين يا علي ، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل ، فتبعث قيمها فيفتح له ، فإذا رآه خر له - قال مسلمة : أراه قال : ساجدا - فيقول : ارفع رأسك ، فإنما أنا قيمك ، وكلت بأمرك . فيتبعه ويقفو أثره ، فتستخف الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ، ثم تقول : أنت - حبي ، وأنا حبك ، وأنا الخالدة التي لا أموت ، وأنا الناعمة التي لا أبأس ، وأنا الراضية التي لا أسخط ، وأنا المقيمة التي لا أظعن . فيدخل بيتا ، من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع ، بناؤه على جندل اللؤلؤ ، طرائق : أصفر وأحمر وأخضر ، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها . وفي البيت سبعون سريرا ، على كل سرير سبعون حشية ، على كل حشية سبعون زوجة ، على كل زوجة سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من وراء الحلل ، يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه . الأنهار من تحتهم تطرد ، أنهار من ماء غير آسن - قال : صاف لا كدر فيه - وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، لم يخرج من ضروع الماشية ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، لم يعتصرها الرجال بأقدامهم وأنهار من عسل مصفى لم يخرج من بطون النحل ، فيستحلي الثمار ، فإن شاء أكل قائما ، وإن شاء قاعدا ، وإن شاء متكئا ، ثم تلا ( ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ) [ الإنسان : 14 ] ، فيشتهي الطعام ، فيأتيه طير أبيض ، وربما قال : أخضر ، فترفع أجنحتها ، فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء ، ثم تطير فتذهب ، فيدخل الملك فيقول : سلام عليكم : ( تلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) [ الزخرف : 72 ] ولو أن شعرة من شعر الحوراء وقعت لأهل الأرض ، لأضاءت الشمس معها ، سواد في نور " .
هكذا وقع في هذه الرواية مرفوعا ، وقد رويناه في المقدمات من كلام علي ، رضي الله عنه ، بنحوه ، وهو أشبه بالصحة ، والله أعلم .
يقول تعالى ذكره: يوم نجمع الذين اتقوا في الدنيا فخافوا عقابه، فاجتنبوا لذلك معاصيه، وأدوا فرائضه إلى ربهم (وَفْدًا) يعني بالوفد: الركبان ، يقال: وفدت على فلان: إذا قدمت عليه، وأوفد القوم وفدا على أميرهم، إذا بعثوا قبلهم بعثا. والوفد في هذا الموضع بمعنى الجمع، ولكنه واحد، لأنه مصدر واحدهم وافد، وقد يجمع الوفد: الوفود، كما قال بعض بني حنيفة:
إنّــي لَمُمْتَــدِح فَمَـا هُـوَ صَـانِعٌ
رأسُ الوُفُــودِ مُزاحِـمُ بـن جِسـاسِ (5)
وقد يكون الوفود في هذا الموضع جمع وافد، كما الجلوس جمع جالس.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا ابن فضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن عليّ، في قوله (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) قال: أما والله ما يحشر الوفد على أرجلهم، ولا يساقون سوقا، ولكنهم يؤتون بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحال الذهب، وأزمتها الزبرجد، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن إسماعيل، عن رجل، عن أبي هريرة (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) قال: على الإبل.
حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) يقول: ركبانا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم بن بشير، قال: ثنا عمرو بن قيس الملائي، قال: إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن صورة، وأطيبها ريحا، فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا إلا أن الله طيب ريحك وحسن صورتك، فيقول: كذلك كنت في الدنيا أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا، فاركبني أنت اليوم، وتلا(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا).
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة (إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) قال: وفدا إلى الجنة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) قال: على النجائب.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: سمعت سفيان الثوري يقول (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) قال: على الإبل النوق.
----------------------------
الهوامش :
(5) البيت لبعض بني حنيفة ، كما قال المؤلف . وفي ( تاج العروس : جثث : جساس بوزن كتاب ابن نشبة بن ربيع التيمي ، ابن عمرو بن عبد الله بن لؤى بن عمرو بن الحارث بن تيم بن عبد مناة بن أد : أبو قبيلة ، من ولده مزاحم بن زفر بن علاج بن الحارث بن عامرو بن جساس عن شعبة عنه أبو الربيع الزهراني ، وأخوه عثمان بن زفر ، حدث عن يوسف بن موسى القطان وغيره . وفي خلاصة تذهيب تهذيب الكمال للخزرجي : مزاحم بن زفر بن الحارث الكوفي ، عن عمر بن عبد العزيز ؛ وعنه شعبة وسفيان ، وثقه ابن معين . وفي اللسان : وفد ) قال الله تعالى : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) : قيل الوفد : الركبان المكرمون . . . وهم الوفد والوفود . فأما الوفد فاسم للجمع ، وقيل جمع . وأما الوفود فجمع وافد . . . . وجمع الوفد : أوفاد ووفود .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وأما المجرمون، فإنهم يساقون إلى جهنم وردا، أي:عطاشا، وهذا أبشع ما يكون من الحالات، سوقهم على وجه الذل والصغار إلى أعظم سجن وأفظع عقوبة، وهو جهنم، في حال ظمئهم ونصبهم يستغيثون فلا يغاثون، ويدعون فلا يستجاب لهم، ويستشفعون فلا يشفع لهم
وقوله- تعالى-: وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً بيان لسوء عاقبة المجرمين بعد بيان ما أعده الله للمتقين من نعيم.
ووِرْداً أى: عطاشا. وأصل الورد الإتيان إلى الماء بقصد الارتواء منه بعد العطش الشديد.
أى: ونسوق المجرمين الذين ارتكبوا الجرائم في دنياهم، نسوقهم سوقا إلى جهنم كما تساق البهائم. حالة كونهم عطاشا، يبحثون عن الماء فلا يجدونه.
وقوله "ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا" أي عطاشا.
وقوله ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) يقول تعالى ذكره: ونسوق الكافرين بالله الذين أجرموا إلى جهنم عطاشا ، والوِرد: مصدر من قول القائل: وردت كذا أرِده وِردا، ولذلك لم يجمع ، وقد وصف به الجمع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثني عبد الله، قال : ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) يقول: عطاشا.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن إسماعيل، عن رجل، عن أبي هريرة ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) قال: عطاشا.
حدثني يعقوب والفضل بن صباح، قالا ثنا إسماعيل بن عُلَيَّة ، عن أبي رجاء، قال: سمعت الحسن يقول في قوله ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) قال: عطاشا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن يونس، عن الحسن، مثله.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: ( إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) قال: ظماء إلى النار.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) سوقوا إليها وهم ظمء عطاش .
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: سمعت سفيان يقول في قوله ( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ) قال: عطاشا.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ} أي:ليست الشفاعة ملكهم، ولا لهم منها شيء، وإنما هي لله تعالى{ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} وقد أخبر أنه لا تنفعهم شفاعة الشافعين، لأنهم لم يتخذوا عنده عهدا بالإيمان به وبرسله، وإلا فمن اتخذ عنده عهدا فآمن به وبرسله واتبعهم، فإنه ممن ارتضاه الله، وتحصل له الشفاعة كما قال تعالى:{ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} وسمى الله الإيمان به واتباع رسله عهدا، لأنه عهد في كتبه وعلى ألسنة رسله، بالجزاء الجميل لمن اتبعهم.
والضمير في قوله- تعالى-: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ.. يرى بعضهم أنه يعود إلى المجرمين في قوله نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ ...
أى: نسوق المجرمين إلى جهنم عطاشا، حالة كونهم لا يملكون الشفاعة لغيرهم، ولا يستحقون أن يشفع لهم غيرهم، لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا وهم المؤمنون الصادقون فإنهم يملكونها بتمليك الله- تعالى- لهم إياها وإذنه لهم فيها، كما قال- تعالى-: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ.. وكما قال- سبحانه-: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى .
وعلى هذا التفسير يكون الاستثناء منقطعا.
قال القرطبي: «قوله- تعالى-: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ أى: هؤلاء الكفار لا يملكون الشفاعة لأحد إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً وهم المسلمون فيملكونها، فهو استثناء الشيء من غير جنسه. أى: لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا يشفع، فمن في موضع نصب على هذا ... ويرى آخرون أن الضمير في قوله: لا يَمْلِكُونَ ... يعود إلى فريقى المتقين والمجرمين.
أى: لا يملك أحد من الفريقين يوم القيامة الشفاعة لأحد، ولا يملك غيرهم الشفاعة لهم، إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ منهم عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً وهم المؤمنون فإنهم يملكون بإذن الله لهم.
والمراد بالعهد الأمر والإذن، يقال: عهد الأمير إلى فلان بكذا، إذا أمره به. أو أذن له في فعله.
وعلى هذا يكون الاستثناء متصلا، ويكون لفظ مَنِ بدل من الواو في يَمْلِكُونَ.
قال الآلوسى ما ملخصه: «قوله لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ ضمير الجمع يعم المتقين والمجرمين، أى: العباد مطلقا ... وقوله إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً استثناء متصل ... والمعنى: لا يملك العباد أن يشفعوا لغيرهم، إلا من اتصف منهم بما يستأهل معه أن يشفع وهو المراد بالعهد ... » .
ويبدو لنا أن هذا القول أولى، لشموله وعمومه إذ الكلام السابق في الفريقين جميعا، فريق المتقين وفريق المجرمين.
ثم يستطرد السياق القرآنى، إلى حكاية أقوال أخرى، من أقوال الكافرين الباطلة، وهي زعمهم أن لله- تعالى- ولدا، فقال- سبحانه-:
( لا يملكون الشفاعة ) أي : ليس لهم من يشفع لهم ، كما يشفع المؤمنون بعضهم لبعض ، كما قال تعالى مخبرا عنهم : ( فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ) [ الشعراء : 100 ، 101 ]
وقوله : ( إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ) : هذا استثناء منقطع ، بمعنى : لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا ، وهو شهادة أن لا إله إلا الله ، والقيام بحقها .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ) قال : العهد : شهادة أن لا إله إلا الله ، ويبرأ إلى الله من الحول والقوة ، ولا يرجو إلا الله ، عز وجل .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عثمان بن خالد الواسطي ، حدثنا محمد بن الحسن الواسطي ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله ، عن أبي فاختة ، عن الأسود بن يزيد قال : قرأ عبد الله - يعني ابن مسعود - هذه الآية : ( إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ) ثم قال : اتخذوا عند الله عهدا ، فإن الله يقول يوم القيامة : " من كان له عند الله عهد فليقم " قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، فعلمنا . قال : قولوا : اللهم ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا أنك إن تكلني إلى عمل تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل لي عندك عهدا تؤديه إلي يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد .
قال المسعودي : فحدثني زكريا ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، أخبرنا ابن مسعود : وكان يلحق بهن : خائفا مستجيرا مستغفرا ، راهبا راغبا إليك .
ثم رواه من وجه آخر ، عن المسعودي ، بنحوه .
يقول تعالى ذكره: لا يملك هؤلاء الكافرون بربهم يا محمد، يوم يحشر الله المتقين إليه وفدا الشفاعة، حين يشفع أهل الإيمان بعضهم لبعض عند الله، فيشفع بعضهم لبعض ( إِلا مَنِ اتَّخَذَ مِنْهُمْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ ) في الدنيا(عَهْدًا) بالإيمان به، وتصديق رسوله، والإقرار بما جاء به، والعمل بما أمر به.
كما حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) قال: العهد: شهادة أن لا إله إلا الله، ويتبرأ إلى الله من الحول والقوّة ولا يرجو إلا الله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) قال: المؤمنون يومئذ بعضهم لبعض شفعاء ( إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) قال: عملا صالحا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ): أي بطاعته، وقال في آية أخرى لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا ليعلموا أن الله يوم القيامة يشفع المؤمنين بعضهم في بعض، ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إنَّ في أُمَّتِي رَجُلا لَيُدْخِلَنَّ اللهُ بِشَفاعَتِهِ الجَنَّةَ أكْثَرَ مِنْ بني تَمِيمِ"، وكنا نحدّث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي المليح، عن عوف بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ شَفاعَتِي لِمَنْ ماتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ باللهِ شَيئًا " ، و " مَن " في قوله (إلا مَنْ) في موضع نصب على الاستثناء ، ولا يكون خفضا بضمير اللام، ولكن قد يكون نصبا في الكلام في غير هذا الموضع، وذلك كقول القائل: أردت المرور اليوم إلا العدوّ، فإني لا أمر به، فيستثنى العدوّ من المعنى، وليس ذلك كذلك في قوله ( لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ) لأن معنى الكلام: لا يملك هؤلاء الكفار إلا من آمن بالله، فالمؤمنون ليسوا من أعداد الكافرين، ومن نصبه على أن معناه إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهدا، فإنه ينبغي أن يجعل قوله لا يملكون الشفاعة للمتقين ، فيكون معنى الكلام حينئذ يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا، لا يملكون الشفاعة، إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا، فيكون معناه عند ذلك، إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهدا. فأما إذا جعل لا يملكون الشفاعة خبرا عن المجرمين، فإن " من " تكون حينئذ نصبا على أنه استثناء منقطع، فيكون معنى الكلام: لا يملكون الشفاعة، لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا يملكه.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
مريم: 87 | ﴿ لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا﴾ |
---|
طه: 109 | ﴿يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ |
---|
سبإ: 23 | ﴿وَ لَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وهذا تقبيح وتشنيع لقول المعاندين الجاحدين، الذين زعموا أن الرحمن اتخذ ولدا، كقول النصارى:المسيح ابن الله، واليهود:عزير ابن الله، والمشركين:الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
والضمير في قوله- تعالى-: وَقالُوا يشمل كل من تفوه بهذا القول الباطل سواء أكان من اليهود أم من النصارى أم من المشركين.
لما قرر تعالى في هذه السورة الشريفة عبودية عيسى ، عليه السلام ، وذكر خلقه من مريم بلا أب ، شرع في مقام الإنكار على من زعم أن له ولدا - تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك علوا كبيرا - فقال : ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا)
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الكافرون بالله (اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا) (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) يقول تعالى ذكره للقائلين ذلك من خلقه: لقد جئتم أيها الناس شيئا عظيما من القول منكرا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 116 | ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ |
---|
يونس: 68 | ﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ الْغَنِيُّ ۖ﴾ |
---|
الكهف: 4 | ﴿وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ﴾ |
---|
الأنبياء: 26 | ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ﴾ |
---|
مريم: 88 | ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا} أي:عظيما وخيما.
وقوله: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا توبيخ وتقريع من الله- تعالى- لهم على هذا القول المنكر.
أى: لقد جئتم بقولكم هذا أيها الضالون شيئا فظيعا عجيبا منكرا تقشعر لهوله الأبدان.
والإد والإدة- بكسر الهمزة- الأمر الفظيع والداهية الكبيرة. يقال: فلان أدته الداهية فهي تئده وتؤدة، إذا نزلت به وحطمت كيانه.
( لقد جئتم ) أي : في قولكم هذا ، ( شيئا إدا ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، ومالك : أي : عظيما .
ويقال : ( إدا ) بكسر الهمزة وفتحها ، ومع مدها أيضا ، ثلاث لغات ، أشهرها الأولى .
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (شَيْئًا إِدًّا) يقول: قولا عظيما.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) يقول: لقد جئتم شيئا عظيما وهو المنكر من القول.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (شَيْئًا إِدًّا) قال: عظيما.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (شَيْئًا إِدًّا) قال: عظيما.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال : قال ابن زيد في قوله (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) قال: جئتم شيئا كبيرا من الأمر حين دعوا للرحمن ولدا. وفي الإدّ لغات ثلاث، يقال: لقد جئت شيئا إدّا، بكسر الألف، وأدّا بفتح الألف، وآدا بفتح الألف ومدّها، على مثال مادّ فاعل. وقرأ قرّاء الأمصار، وبها نقرأ، وقد ذكر عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ ذلك بفتح الألف، ولا أرى قراءته كذلك لخلافها قراءة قرّاء الأمصار، والعرب تقول لكلّ أمر عظيم: إدّ، وإمر، ونكر; ومنه قوله الراجز:
قَــدْ لَقِــيَ الأَعْـدَاءُ مِنِّـي نُكْـرَا
دَاهِيَــــةٌ دَهْيـــاءَ إدّا إمْـــرَا (6)
ومنه قول الآخر:
فِي لَهَثٍ منهُ وَحَثْلٍ إدًّا (7)
-------------------
الهوامش :
(6) هذان بيتان من مشطور الرجز ، وقد سبق استشهاد المؤلف بهما عند قوله تعالى في سورة الكهف ( 15 : 184 ) "لقد جئت شيئا إمرا " . وقد شرحناهما ثمت .
(7) هذا بيت من مشطور الرجز لم أعرف قائله . واللهث واللهاث : حر العطش في الجوف . وفي ( اللسان : لهث ) ابن سيده : لهث الكلب بالفتح ، ولهث يلهث فيهما لهثا : دلع لسانه من شدة العطش والحر ، وكذلك الطائر إذا أخرج لسانه من حر أو عطش . ولهث الرجل ولهث ( بفتح الهاء في الأول وكسرها في الثاني ) يلهث ( بالفتح ) في اللغتين جميعا ، لهثا فهو لهثان : أعيا . وأما الحثل فلم أجد في مادة ( حثل ) في المعاجم معنى يناسب البيت ، ولعله محرف عن الخبل ، وهو فساد الأعضاء . أو عن الختل ، وهو التخادع عن غفلة ، ولعل الراجز يصف كلب صيد أو فرسا . وأما الإد فهو العجب والأمر الفظيع ؛ وهو محل الشاهد في كلام المؤلف ، كالبيتين قبله .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
إدا:
1- بكسر الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى قراءة على بن أبى طالب، وأبى عبد الرحمن.
التفسير :
من عظيم أمره أنه{ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ} على عظمتها وصلابتها{ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} أي:من هذا القول{ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ} منه، أي:تتصدع وتنفطر{ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} أي:تندك الجبال.
وقوله- سبحانه-: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ... في موضع الصفة لقوله إِدًّا.
أى: لقد جئتم بقولكم هذا أمرا منكرا فظيعا، تكاد السموات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ أى:
يتشققن من هوله، من التفطير بمعنى التشقيق، يقال: فلان فطر هذا الشيء يفطره- بكسر الطاء وضمها- إذا شقه. وقرأ حمزة وابن عامر ينفطرن من الانفطار وهو الانشقاق- أيضا-.
وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ أى: وتتصدع الأرض من عظمه، وتنخسف بهؤلاء القائلين ذلك القول الفاسد، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أى: وتسقط الجبال مهدودة- أيضا- من فظاعة هذا القول. يقال: هذا الجدار يهده- بضم الهاء- هدا: إذا هدمه.
وقوله : ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا ) أي : يكاد يكون ذلك عند سماعهن هذه المقالة من فجرة بني آدم ، إعظاما للرب وإجلالا; لأنهن مخلوقات ومؤسسات على توحيده ، وأنه لا إله إلا هو ، وأنه لا شريك له ، ولا نظير له ولا ولد له ، ولا صاحبة له ، ولا كفء له ، بل هو الأحد الصمد :
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
قال ابن جرير : حدثني علي ، حدثنا عبد الله ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا ) قال : إن الشرك فزعت منه السماوات والأرض والجبال ، وجميع الخلائق إلا الثقلين ، فكادت أن تزول منه لعظمة الله ، وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك ، كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله ، فمن قالها عند موته وجبت له الجنة " . قالوا : يا رسول الله ، فمن قالها في صحته ؟ قال : " تلك أوجب وأوجب " . ثم قال : " والذي نفسي بيده ، لو جيء بالسماوات والأرضين وما فيهن ، وما بينهن ، وما تحتهن ، فوضعن في كفة الميزان ، ووضعت شهادة أن لا إله إلا الله في الكفة الأخرى ، لرجحت بهن "
هكذا رواه ابن جرير ، ويشهد له حديث البطاقة ، والله أعلم .
وقال الضحاك : ( تكاد السماوات يتفطرن منه ) أي : يتشققن فرقا من عظمة الله .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( وتنشق الأرض ) أي : غضبا لله ، عز وجل .
( وتخر الجبال هدا ) قال ابن عباس : هدما .
وقال سعيد بن جبير : ( هدا ) ينكسر بعضها على بعض متتابعات .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الله بن سويد المقبري ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثنا مسعر ، عن عون بن عبد الله قال : إن الجبل لينادي الجبل باسمه : يا فلان ، هل مر بك اليوم ذاكر الله عز وجل ؟ فيقول : نعم ، ويستبشر . قال عون : لهي للخير أسمع ، أفيسمعن الزور والباطل إذا قيل ولا يسمعن غيره ، ثم قرأ : ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا
وقوله ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ) يقول تعالى ذكره:
تكاد السماوات يتشققن قطعا من قيلهم (اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا) ومنه قيل: فطرنا به: إذا انشق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا قال: إن الشرك فزعت منه السماوات والأرض والجبال، وجميع الخلائق إلا الثقلين، وكادت أن تزول منه لعظمة الله، وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك، كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ شَهَادَةَ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، فَمَنْ قَالَهَا عِنْدَ مَوْتِهِ وَجَبَتْ له الجَنَّةُ" قالوا: يا رسول الله، فمن قالها في صحته؟ قال: " تلك أوْجَبُ وأَوجَبُ" . ثم قال: " والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ جِيءَ بالسَّمَاوَاتِ والأَرَضِينَ وَمَا فِيهِنَّ وما بَيْنَهُنَّ وَمَا تَحْتَهُنَّ، فَوُضِعْنَ فِي كِفَّةِ المِيزان، ووُضِعَتْ شَهَادَةُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ في الكِفَّةِ الأُخْرَى، لَرَجَحَتْ بِهِنَّ".
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) ذُكر لنا أن كعبا كان يقول: غضبت الملائكة، واستعرت جهنم، حين قالوا ما قالوا.
وقوله: (وتنشق الأرض) يقول: وتكاد الأرض تنشقّ، فتنصدع من ذلك ( وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) يقول: وتكاد الجبال يسقط بعضها على بعض سقوطا. والهدّ: السقوط، وهو مصدر هددت، فأنا أهدّ هدّا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) يقول : هدما.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس ( وتخر الجبال هدّا) قال: الهد: الانقضاض.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) قال: غضبا لله . قال: ولقد دعا هؤلاء الذين جعلوا لله هذا الذي غضبت السماوات والأرض والجبال من قولهم، لقد استتابهم ودعاهم إلى التوبة، فقال : لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ قالوا: هو وصاحبته وابنه، جعلوهما إلهين معه وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ .... إلى قوله: وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
مريم: 90 | ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾ |
---|
الشورى: 5 | ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تكاد:
قرئ:
1- بالياء، وهى قراءة نافع، والكسائي، وأبى حيوة، والأعمش.
2- بالتاء، وهى قراءة باقى السبعة.
يتفطرن:
1- بالتاء والتشديد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ينفطرن، بالنون، مضارع «انفطر» ، وهى قراءة أبى عمرو، وحمزة، وأبى بكر، عن عاصم، وابن عامر، وأبى بحرية، والزهري، وطلحة، وحميد، واليزيدي، ويعقوب، وأبى عبيد.
3- يتصدعن، وهى قراءة ابن مسعود.
قال أبو حيان: وينبغى أن يجعل هذا تفسيرا، لمخالفتها سواد المصحف المجمع عليه.
التفسير :
تفسير الآيتين 91 و 92:ـ
{ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ} أي:من أجل هذه الدعوى القبيحة تكاد هذه المخلوقات، أن يكون منها ما ذكر. والحال أنه:{ مَا يَنْبَغِي} أي:لا يليق ولا يكون{ لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} وذلك لأن اتخاذه الولد، يدل على نقصه واحتياجه، وهو الغني الحميد. والولد أيضا، من جنس والده، والله تعالى لا شبيه له ولا مثل ولا سمي.
وقوله: أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً بمنزلة التعليل لما قبله مع تقدير لام التعليل المحذوفة.
أى: تكاد السموات يتفطرن والأرض تتشقق، والجبال تنهد، لأن هؤلاء الضالين قد زعموا أن الله- تعالى- ولدا، والحال أنه ما يصح وما يليق أن يتخذ الرحمن ولدا، لأنه- سبحانه- غنى عن العالمين.
قال صاحب الكشاف ما ملخصه: «إن قلت: ما معنى هذا التأثر من أجل هذه الكلمة؟.
قلت: فيه وجهان: أحدهما أن الله- سبحانه- يقول: كدت أفعل هذا بالسموات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة غضبا منى على من تفوه بها.. لولا أنى لا أعجل بالعقوبة ...
والثاني: أن يكون استعظاما للكلمة، وتهويلا من فظاعتها وتصويرا لأثرها في الدين، وهدمها لأركانه وقواعده، وأن مثال ذلك الأثر في المحسوسات: أن يصيب هذه الأجرام العظيمة التي هي قوام العالم: ما تنفطر منه وتنشق وتخر..» .
وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا المنذر بن شاذان ، حدثنا هوذة ، حدثنا عوف ، عن غالب بن عجرد ، حدثني رجل من أهل الشام في مسجد منى قال : بلغني أن الله لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر ، لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة - أو قال : كان لهم فيها منفعة - ولم تزل الأرض والشجر بذلك ، حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك الكلمة العظيمة ، قولهم : ( اتخذ الرحمن ولدا ) فلما تكلموا بها اقشعرت الأرض ، وشكاك الشجر .
وقال كعب الأحبار : غضبت الملائكة ، واستعرت النار ، حين قالوا ما قالوا .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أحد أصبر على أذى يسمعه - من الله ، إنه يشرك به ، ويجعل له ولدا ، وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم " .
أخرجاه في الصحيحين وفي لفظ : " إنهم يجعلون له ولدا ، وهو يرزقهم ويعافيهم " .
يقول تعالى ذكره: وتكاد الجبال أن تخرّ انقضاضا، لأن دعوا للرحمن ولدا. ف " أن " في موضع نصب في قول بعض أهل العربية، لاتصالها بالفعل، وفي قول غيره في موضع خفض بضمير الخافض ، وقد بينا الصواب من القول في ذلك في غير موضع من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقال (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) يعني بقوله: (أَنْ دَعَوْا) : أن جعلوا له ولدا، كما قال الشاعر:
ألا رُبَّ مَـنْ تَدْعُـو نَصِيحا وَإنْ تَغِب
تَجـدْهُ بغَيْـبٍ غـيرَ مُنْتَصِـحِ الصَّدْرِ (8)
وقال ابن أحمر:
أهْـوَى لَهَـا مِشْـقَصًا حَشْرًا فَشَبْرَقَها
وكـنتُ أدْعُـو قَذَاهـا الإثمـدَ القَـرِدَا (9)
-----------------------------
الهوامش :
(8) انظر شرح هذا الشاهد مع شرح تاليه .
(9) ( 1 ) البيت في ( اللسان : دعا ) . ونسبه إلى ابن أحمر الباهلي . قال : ودعوته بزيد ، ودعوته إياه سميته به ، تعدى الفعل بعد إسقاط الحرف ؛ قال ابن أحمر الباهلي : " أهوى لها . . . " البيت . أي اسميه ، وأراد : أهوى لها بمشقص ، فحذف الحرف وأوصل وقوله عز وجل ( أن دعوا للرحمن ولدا ) : أي جعلوا ، وأنشد بيت ابن أحمر أيضا وقال : أي كنت أجعل وأسمي ؛ ومثله قول الشاعر : " ألا رب من تدعو تصيحا . . . البيت " . والمشقص من النصال : ما كان طويلا غير عريض ، فإذا كان عريضا فهو المعبلة ( اللسان : شقص ) . وسهم محشور وحشر : مستوى قذذ الريش ، وكل لطيف دقيق حشر . وشبرقها : مزقها ، يقال : ثوب مشبرق : مقطع ممزق . وفي كتاب ( المعاني الكبير لابن قتيبة طبع حيدر أباد ص 988 ) : يقول : كنت من إشفاتي عليها أسمي ما يصلحها قذى ، فكيف ما يؤذيها . وقوله " أدعو " أي أسمي ؛ تقول : ما تدعون هذا فيكم ؟ أي ما تسمونه ؟ والحشر : السهم الخفيف الريش الذي قد شد قصبه ورصافه . والإثمد : الكحل الأسود والقرد : هو الذي ينقطع في العين ؛ وقيل : القرد : الذي لصق بعضه ببعض . والمعنى : كنتم أسمي الإثمد قذى ، من حذري عليها .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تفسير الآيتين 91 و 92:ـ
{ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ} أي:من أجل هذه الدعوى القبيحة تكاد هذه المخلوقات، أن يكون منها ما ذكر. والحال أنه:{ مَا يَنْبَغِي} أي:لا يليق ولا يكون{ لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} وذلك لأن اتخاذه الولد، يدل على نقصه واحتياجه، وهو الغني الحميد. والولد أيضا، من جنس والده، والله تعالى لا شبيه له ولا مثل ولا سمي.
وقال الإمام القرطبي: «نفى عن نفسه- سبحانه وتعالى- الولد، لأن الولد يقتضى الجنسية والحدوث.. ولا يليق به ذلك، ولا يوصف به، ولا يجوز في حقه ...
وروى البخاري عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يقول الله- تبارك وتعالى- كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياى فقوله: لن يعيدني كما بدأنى. وليس أول الخلق بأهون على من إعادته. وأما شتمه إياى فقوله: اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد. لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» .
وقوله : ( وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) أي : لا يصلح له ، ولا يليق به لجلاله وعظمته; لأنه لا كفء له من خلقه ; لأن جميع الخلائق عبيد له;
وقوله (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا) يقول: وما يصلح لله أن يتخذ ولدا، لأنه ليس، كالخلق الذين تغلبهم الشهوات، وتضطرّهم اللذّات إلى جماع الإناث، ولا ولد يحدث إلا من أنثى، والله يتعالى عن أن يكون كخلقه، وذلك كقول ابن أحمر:
فـي رأسِ خَلْقـاءَ مِـنْ هَنْقاءَ مُشْرِفَةٍ
مـا ينبغـي دُونَها سَهْلٌ ولا جَبَلُ (10)
يعني: لا يصلح ولا يكون.
------------------------
الهوامش :
(10) تقدم الاستشهاد بهذا البيت قريبا في هذا الجزء ص 84 وشرحناه ثمة .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} أي:ذليلا منقادا، غير متعاص ولا ممتنع، الملائكة، والإنس، والجن وغيرهم، الجميع مماليك، متصرف فيهم، ليس لهم من الملك شيء، ولا من التدبير شيء، فكيف يكون له ولد، وهذا شأنه وعظمة ملكه؟".
ثم بين- سبحانه- أن جميع المخلوقات خاضعة لقدرته وإرادته وعلمه فقال: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً....
وإِنْ نافية بمعنى ما، أى: ما من أحد من أهل السموات والأرض إلا وهو يأتى يوم القيامة مقرا له- سبحانه- بالعبودية، خاضعا لقدرته، معترفا بطاعته. مقرا بأنه عبد من مخلوقاته. ومن كان كذلك فكيف يكون له ولد؟
وصدق الله إذ يقول: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .
( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا ) أي : قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة ، ذكرهم وأنثاهم وصغيرهم وكبيرهم .
( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) يقول: ما جميع من في السماوات من الملائكة، وفي الأرض من البشر والإنس والجنّ( إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ) يقول: إلا يأتي ربه يوم القيامة عبدا له، ذليلا خاضعا، مقرًّا له بالعبودية، لا نسب بينه وبينه.
وقوله ( آتِي الرَّحْمَنِ ) إنما هو فاعل من أتيته، فأنا آتيه.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
آتى الرحمن:
1- بالإضافة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- آت، بالتنوين، ونصب «الرحمن» ، وهى قراءة عبد الله، وابن الزبير، وأبى حيوة، وطلحة، وأبى بحرية، وابن أبى عبلة، ويعقوب.
التفسير :
{ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} أي:لقد أحاط علمه بالخلائق كلهم، أهل السماوات والأرض، وأحصاهم وأحصى أعمالهم، فلا يضل ولا ينسى، ولا تخفى عليه خافية.
ثم أكد- سبحانه- أنه هو المالك لكل شيء، والعليم بكل شيء فقال: لَقَدْ أَحْصاهُمْ.
أى: حصرهم وأحاط بهم، بحيث لا يخرج أحد من مخلوقاته عن علمه وطاعته وَعَدَّهُمْ عَدًّا أى: وعد أشخاصهم وذواتهم وحركاتهم وسكناتهم.. بحيث لا يهربون من قبضته، ولا يخفى عليه أحد منهم..
ولهذا قال : ( عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا ) أي : قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة ، ذكرهم وأنثاهم وصغيرهم وكبيرهم .
يقول تعالى ذكره: لقد أحصى الرحمن خلقه كلهم، وعدَّهم عدّا، فلا يخفى عليه مبلغ جميعهم، وعرف عددهم، فلا يعزب عنه منهم أحد.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} أي:لا أولاد، ولا مال، ولا أنصار، ليس معه إلا عمله، فيجازيه الله ويوفيه حسابه، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، كما قال تعالى:{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً أى: وكل واحد يأتيه- سبحانه- يوم القيامة منفردا، بدون أهل أو مال أو جاه ... أو غير ذلك مما كانوا يتفاخرون به في الدنيا.
وبذلك تكون الآيات الكريمة قد ردت أبلغ رد وأحكمه. على أولئك الضالين الذين زعموا أن الله ولدا.
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة ببيان ما أعده لعباده المؤمنين وببيان بعض الخصائص التي جعلها لكتابه الكريم.. فقال- تعالى-:
( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) أي : لا ناصر له ولا مجير إلا الله وحده لا شريك له ، فيحكم في خلقه بما يشاء ، وهو العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة ، ولا يظلم أحدا .
( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) يقول: وجميع خلقه سوف يرد عليه يوم تقوم الساعة وحيدا لا ناصر له من الله، ولا دافع عنه، فيقضي الله فيه ما هو قاض، ويصنع به ما هو صانع.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء