225293031323334353637

الإحصائيات

سورة هود
ترتيب المصحف11ترتيب النزول52
التصنيفمكيّةعدد الصفحات14.00
عدد الآيات123عدد الأجزاء0.65
عدد الأحزاب1.30عدد الأرباع5.90
ترتيب الطول8تبدأ في الجزء11
تنتهي في الجزء12عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 5/29آلر: 2/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (29) الى الآية رقم (31) عدد الآيات (3)

لَمَّا دعاهُم لعبادةِ اللهِ وحدَهُ بَيَّنَ لَهُم أنَّه لا يريدُ منهم أجرًا، فلمَّا طلبَ الأغنياءُ أن يطردَ الفقراءَ من مجلسِه أَبَى، وبَيَّنَ أنَّه بشرٌ لا مَلَكٌ، لا يملكُ خزائنَ ولا يعلمُ الغيبَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (32) الى الآية رقم (37) عدد الآيات (6)

استعجالُ قومِ نوحٍ عليه السلام العذابَ، فأوحى اللهُ إلي نوحٍ عليه السلام أنَّه لن يُؤمِنَ منْ قَومِك إلَّا مَنْ قَدْ آمنَ فلا تَحْزَنْ، ثُمَّ يأمُرُه بصُنْعِ السَّفينةِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة هود

الثبات والاستمرار في الدعوة والإصلاح رغم كل الظروف/ التوازن (أو: الثبات على الحق دون تهور أو ركون)

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • السورة تقدم 7 نماذج من الأنبياء الكرام:: في ظل هذه الأجواء تنزل سورة "هود" لتقول: اثبتوا واستمروا في الدعوة. نزلت بهدف : تثبيت النبي ﷺ والذين معه على الحق. نزلت تنادي: الثبات والاستمرار في الدعوة والإصلاح رغم كل الظروف.
  • • سورة هود شيبت النبي ﷺ:: ذكرت السورة 7 نماذج من الأنبياء الكرام، وصبرهم على ما لاقوه من أقوامهم، كل منهم يواجه الجاهلية الضالة ويتلقى الإعراض والتكذيب والسخرية والاستهزاء والتهديد والإيذاء، وهم: نوح، هود، صالح، إبراهيم، لوط، شعيب، موسى. وهم الأنبياء أنفسهم الذين ذُكروا في سورة الشعراء والعنكبوت (لكن ليس بنفس هذا الترتيب). وأيضًا نفس الأنبياء الذين ذكروا في سورة الأعراف إلا إبراهيم (وبنفس ترتيب هود). وكأنها تقول للنبي ﷺ وأصحابه: هذا ما حدث للأنبياء قبلكم، أصابتهم المحن ولاقوا من المصاعب ما لاقوا خلال دعوتهم، ومع هذا ثبتوا وصبروا واستمروا؛ فاثبتوا واصبروا واستمروا مثلهم.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «هود».
  • • معنى الاسم :: هو نبي الله هود عليه السلام، أرسله الله إلى عاد في الأحقاف التي تقع جنوب الجزيزة العربية بين عُمان وحضر موت.
  • • سبب التسمية :: لتكرار اسمه فيها خمس مرات، ولأنه ما حكي عنه فيها أطول مما حكي عنه في غيرها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: : لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: رعاية الله عز وجل لأوليائه ولطفه بهم في أوقات الشدائد والمحن.
  • • علمتني السورة :: أن التوحيد أول الواجبات: ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ...﴾
  • • علمتني السورة :: أن العبرة بالأحسن، لا بالأكثر! فالله لم يقل: (أكثر عملًا)، بل قال: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾
  • • علمتني السورة :: أن أقارن بين خاتمة المجرمين والمؤمنين، فقد وجدت الكافرين في النار، ليس لهم أولياء يدفعون عنهم العذاب الأليم، أما المؤمنون فـ ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (23)، فالفريق الأول (الكفار) مثلهم كمثل الأعمى الأصم، والفريق الثاني (المؤمنون) كالبصير السميع، وشتان شتان بين هؤلاء وهؤلاء: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ (24).

مدارسة الآية : [29] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ ..

التفسير :

[29] قال نوح عليه السلام لقومه:يا قوم لا أسألكم على دعوتكم لتوحيد الله وإخلاص العبادة له مالاً تؤدونه إليَّ بعد إيمانكم، ولكن ثواب نصحي لكم على الله وحده، وليس من شأني أن أطرد المؤمنين، فإنهم ملاقو ربهم يوم القيامة، ولكني أراكم قوماً تجهلون؛ إذ تأمرونني

{ وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} أي:على دعوتي إياكم{ مَا لَا} فستستثقلون المغرم.

{ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} وكأنهم طلبوا منه طرد المؤمنين الضعفاء، فقال لهم:{ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا} أي:ما ينبغي لي، ولا يليق بي ذلك، بل أتلقاهم بالرحب والإكرام، والإعزاز والإعظام{ إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} فمثيبهم على إيمانهم وتقواهم بجنات النعيم.

{ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} حيث تأمرونني، بطرد أولياء الله, وإبعادهم عني. وحيث رددتم الحق، لأنهم أتباعه، وحيث استدللتم على بطلان الحق بقولكم إني بشر مثلكم وإنه ليس لنا عليكم من فضل.

ثم وجه نوح- عليه السلام- نداء ثانيا إلى قومه زيادة في التلطف معهم، وطمعا في إثارة وجدانهم نحو الحق فقال: وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا.

أى: لا أطلب منكم شيئا من المال في مقابل تبليغ ما أمرنى ربي بتبليغه إليكم: لأن طلبى هذا قد يجعلكم تتوهمون أنى محب للمال..

إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ- تعالى وحده، فهو الذي يثيبني على دعوتي إلى عبادتكم له، وفي هذه الجملة إشارة إلى أنه لا يسأل الله- تعالى- مالا، وإنما يسأله ثوابا، إذ ثواب الله يسمى أجرا، لأنه جزاء على العمل الصالح.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- في سورة الشعراء: وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ وجملة وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا معطوفة على جملة لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا لأن مضمونها كالنتيجة لمضمون المعطوف عليها، إذ أن زهده في مالهم يقتضى تمسكه بأتباعه المؤمنين.

الطرد: الأمر بالبعد عن مكان الحضور تحقيرا أو زجرا.

أى: وما أنا بطارد الذين آمنوا بدعوتي، سواء أكانوا من الفقراء أم من الأغنياء، لأن من استغنى عن مال الناس وعطائهم لا يقيسهم بمقياس الغنى والجاه والقوة ... وإنما يقيسهم بمقياس الإيمان والتقوى.

قال الآلوسى: والمروي عن ابن جريح أنهم قالوا له: يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطرد هؤلاء الأراذل- وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواء.

وذلك كما قال زعماء قريش للنبي صلى الله عليه وسلم في شأن فقراء الصحابة: اطرد هؤلاء عن مجلسك ونحن نتبعك فإنا نستحي أن نجلس معهم في مجلسك ... » .

وجملة إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ تعليل لنفى طردهم.

أى: لن أطردهم عن مجلسي أبدا، لأنهم قد آمنوا بي، ولأن مصيرهم إلى الله- تعالى-، فيحاسبهم على سرهم وعلنهم، أما أنا فأكتفى منهم بظواهرهم التي تدل على صدق إيمانهم، وشدة إخلاصهم.

وجاءت هذه الجملة بصيغة التأكيد، لأن الملأ الذين كفروا من قومه كانوا ينكرون البعث والحساب.

وقوله: وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ استدراك مؤكد لمضمون ما قبله.

أى: لن اطردهم، لأن ذلك ليس من حقي بعد أن آمنوا، وبعد أن تكفل الله بمحاسبتهم، ولكني مع هذا البيان المنطقي الواضح، أراكم قوما تجهلون القيم الحقيقية التي يقدر بها الناس عند الله، وتجهلون أن مرد الناس جميعا إليه وحده- سبحانه- ليحاسبهم على أعمالهم، وتتطاولون على المؤمنين تطاولا يدل على طغيانكم وسفاهتكم.

وحذف مفعول تَجْهَلُونَ للعلم به، وللإشارة الى شدة جهلهم.

أى: تجهلون كل ما ينبغي ألا يجهله عاقل.

يقول لقومه : لا أسألكم على نصحي [ لكم ] مالا; أجرة آخذها منكم ، إنما أبتغي الأجر من الله عز وجل ، ( وما أنا بطارد الذين آمنوا ) كأنهم طلبوا منه أن يطرد المؤمنين عنه ، احتشاما ونفاسة منهم أن يجلسوا معهم ،

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29)

قال أبو جعفر : وهذا أيضًا خبرٌ من الله عن قيل نوح لقومه ، أنه قال لهم: يا قوم لا أسألكم على نصيحتي لكم ، ودعايتكم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له ، مالا أجرًا على ذلك، فتتهموني في نصيحتي، وتظنون أن فعلي ذلك طلبُ عرض من أعراض الدنيا ، (إن أجري إلا على الله) ، يقول: ما ثواب نصيحتي لكم ، ودعايتكم إلى ما أدعوكم إليه، إلا على الله، فإنه هو الذي يجازيني، ويثيبني عليه ، (وما أنا بطارد الذين آمنوا) ، وما أنا بمقصٍ من آمن بالله ، وأقرّ بوحدانيته ، وخلع الأوثان وتبرأ منها ، بأن لم يكونوا من عِلْيتكم وأشرافكم ، (إنهم ملاقو ربهم) ، يقول: إن هؤلاء الذين تسألوني طردهم ، صائرون إلى الله، والله سائلهم عما كانوا في الدنيا يعملون، لا عن شرفهم وحسبهم.

* * *

وكان قيل نوح ذلك لقومه، لأن قومه قالوا له، كما:-

18112- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: (وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم) ، قال: قالوا له: يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواء . فقال: (ما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم) ، فيسألهم عن أعمالهم.

18113- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، وحدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح جميعا، عن مجاهد قوله: (إن أجري إلا على الله) ، قال: جَزَائي.

18114- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

18115-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

* * *

وقوله: (ولكني أراكم قومًا تجهلون) ، يقول: ولكني ، أيها القوم ، أراكم قومًا تجهلونَ الواجبَ عليكم من حقّ الله ، واللازم لكم من فرائضه. ولذلك من جهلكم سألتموني أن أطرد الذين آمنوا بالله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[29] ﴿وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا﴾ ممَّا هُو كالبَصْمةِ في أعمالِ الدُّعاةِ في كلِّ تاريخِ البَشريةِ: كونُ أعمالِهم طواعيةً لا نفعيةً.
وقفة
[29] في قصة نوح: ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا﴾، وفي غيرها: ﴿يَا قَوْمِ لا أسألكم عليه أجرًا﴾ [51]؛ ﴿لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا﴾ هي الوحيدة في القرآن، وقع بعدها: ﴿خزائن﴾ [31]، ولفظ المال بالخزائن أليق.
اسقاط
[29] ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾ عفة الداعية إلى الله، وأنه يرجو منه الثواب وحده.
وقفة
[29] ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾ قال القشيري: «سنة الأنبياء عليهم السلام ألا يطلبوا على رسالتهم أجرًا، وألا يؤمِّلوا لأنفسهم عند الخلق قدرًا، وعملهم لله لا يطلبون شيئًا من غير الله، فمن سلك من العلماء سبيلهم حشر في زمرتهم، ومن أخذ على صلاحه من أحدٍ عوضًا، أو اكتسب بسداده جاهًا، لم ير من الله إلا هوانًا وصغارًا».
وقفة
[29] ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾ تتقازم حظوظ الدنيا وتتقاصر مفاتنها حين يتجرد الداعية لله فيكفيه ويغنيه ويرضيه.
اسقاط
[29] ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾ ‏المبلِّغ لرسالات الله حريٌّ به أن لا يلتمس عطاءً على تبليغه؛ حتى لا يصرفه ذلك عن هدفه، وهذا فعل الأنبياء.
عمل
[29] احتسب في تعليم مسلم حفظ قصار السور ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾.
عمل
[29] تعاون مع مؤسسة خيرية في عمل خير من غير أن تطلب أجراً على ذلك ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾
وقفة
[29] ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾ كم ذُكرت على لسان الأنبياء عليهم السلام؟! بهذا المنهج تهون المصاعب ويغدو الطموح لا حدود له!
عمل
[29] ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾ ذكر بها نفسك عند كل عمل تقوم به.
وقفة
[29] ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـه﴾ هنالك نفوس موفقة تشربت الإيمان الصافي علي وجهه الأمثل؛ فلا يضرها من يمدح أو يجحد، فعملها لله وليس لهم.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فَصلُ العالم عن الجموع المؤمنة من مقاصد شريعة الكفر.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ هذا دليل على أنهم طلبوا منه طرد المؤمنين، ﴿إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ أي: صائرون إلى ربهم في المعاد، فيجزي من طردهم.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ليس هناك كروت خاصة لا يدخل الناس بدونها إلى قاعات الإيمان النورانية، الكل مدعوون.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ حرمة طرد فقراء المؤمنين، ووجوب إكرامهم واحترامهم.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: 52] التحَفّي بالدعاة (منجاة(.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أخوك المؤمن عزيزٌ غنيٌ بإيمانه، وإنِ افتقر لا يُهان، ولا يُذَل، ولا لشخصه يُحتَقر.
لمسة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾: (آمنوا) بالصيغة الفعلية التي تدل على التجدد وعدم الثبوت وذلك في صدر الدعوة، ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: 114]: (المؤمنين) بالصيغة الاسمية التي تدل على الثبوت والاستقرار بعد أن مضى على الدعوة دهر واستقر إيمانهم.
وقفة
[29] الصدود عن الحق بسبب سبق الضعفاء البسطاء إليه دليل سوء في القصد وفساد في القلب ولا خير في استمالة هذا النوع المتكبر المتعالي بإقصاء الراغب الضعيف، ولهذا قال نوح بكل حزم ووضوح: ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾ رد على طلبهم الساذج بطرد أهل الإيمان، فلا يمكن أن يطرد إنسان من حظيرة الإيمان لفقره، فالإيمان لا علاقة له بثروة أو جاه أو فقر أو معاناة، بل الكل فيه سواسية أمام الله.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾ الكبر من أسباب الكفر؛ قالوا له: يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطرد هؤلاء الأراذل، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواء، وهو نفس طلب زعماء قريش للنبي ﷺ في شأن فقراء الصحابة حين قالوا: اطرد هؤلاء عن مجلسك ونحن نتبعك، فإنا نستحي أن نجلس معهم في مجلس واحد.
وقفة
[29] في البشر ميل عجيب إلى ما يسمى بنظام الطبقات، وإلى تحقير فئات من الناس للونهم أو لفقرهم! وقد طلب قوم نوح منه طرد هؤلاء الأراذل عنه؛ لأنهم يستنكفون الاجتماع معهم، فأجاب: ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾.
وقفة
[29] للدعوة إلى الله مبادئ وثوابت لا يمكن التنازل عنها مهما تساهلنا مع الخصوم ﴿وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ويا قوم لا:
  • الواو عاطفة. يا قوم: أعربت في الآية الكريمة السابقة. لا: نافية لا عمل لها.
  • ﴿ أسألكم عليه مالًا إنْ:
  • أسأل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور. عليه: جار ومجرور متعلق بأسأل. مالًا أي جعلًا وهو أجر العامل: مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة. إنْ: بمعنى \"ما\" نافية مهملة لأنها مخففة.
  • ﴿ أجري إلّا على الله:
  • أجر: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. إلّا: أداة حصر لا عمل لها. على الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر المبتدأ.
  • ﴿ وما أنا:
  • الواو: عاطفة. ما: نافية تعمل عمل ليس. أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع اسم \"ما\".
  • ﴿ بطارد الذين:
  • الباء: حرف جر زائد. طارد: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًّا لأنه خبر \"ما\" وأصله بالتنوين فحذف التنوين وأضيف الاسم. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة وهو على الأصل مفعول به لاسم الفاعل \"طارد\".
  • ﴿ آمنوا:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة صلة الموصول لا محل لها والعائد الجار والمجرور محذوف. التقدير آمنوا بي.
  • ﴿ إنهم ملاقو ربهم:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم \"إن\". ملاقو: خبرها مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون للإضافة. ربّ: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ ولكني أراكم:
  • الواو استئنافية. لكنّ: حرف مشبه بالفعل للاستدراك والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم \"لكن\" وقد حذفت النون الثانية التي تسبق الياء أي ضمير المتكلم. لكثرة الاستعمال وهي نون الوقاية. أرى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والجملة في محل رفع خبر \"لكن\".
  • ﴿ قومًا تجهلون:
  • قومًا: مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة. تجهلون: الجملة في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل ومفعولها محذوف تقديره: تجهلون أقدارهم المعنوية أو تجهلون لقاء ربكم أو تجهلون أنهم خير منكم أو بمعنى تتسافهون على المؤمنين وتدعونهم أراذل. '

المتشابهات :

هود: 29﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ
الأنعام: 90﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ
هود: 51﴿يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي
الشورى: 23﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     2- الرد عن الشُّبهةِ الثَّانيةِ: أنا لا أطلبُ على تبليغِ دَعوةِ الرِّسالةِ مالًا حتى يتفاوتَ الحالُ بسبَبِ كَونِ المُستَجيبِ فقيرًا أو غنيًّا، وإنَّما أَجْري على ربِّ العالَمينَ، وإذا كان الأمرُ كذلك فسواءٌ كانوا فُقَراءَ أو أغنياءَ، لم يتفاوتِ الحالُ في ذلك، وإن ظَنَنتُم أنِّي إنما اشتغلتُ بهذه الحِرفةِ؛ لأتوسَّلَ بها إلى أخذِ أموالِكم، فهذا الظنُّ منكم خطأٌ؛ فإنِّي لا أسألُكم على تبليغِ الرِّسالةِ أجرًا، قال تعالى:
﴿ وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [30] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ..

التفسير :

[30] ويا قوم مَن يمنعني من الله إن عاقبني على طردي المؤمنين؟ أفلا تتدبرون الأمور فتعلموا ما هو الأنفع لكم والأصلح؟

{ وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ} أي:من يمنعني من عذابه، فإن طردهم موجب للعذاب والنكال، الذي لا يمنعه من دون الله مانع.

{ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} ما هو الأنفع لكم والأصلح، وتدبرون الأمور.

ثم وجه إليهم نداء ثالثا لعلهم يفيئون إلى رشدهم فقال: وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ، أَفَلا تَذَكَّرُونَ.

أى: افترضوا يا قوم أنى طردت هؤلاء المؤمنين الفقراء من مجلسي، فمن ذا الذي يحمينى ويجيرني من عذاب الله، لأنه- سبحانه- ميزانه في تقييم الناس ليس كميزانكم، إن أكرم الناس عنده هو أتقاهم وليس أغناهم، وهؤلاء المؤمنون الفقراء هم أكرم عنده- سبحانه- منكم، فكيف أطردهم؟

والاستفهام في قوله: أَفَلا تَذَكَّرُونَ لتوبيخهم وزجرهم. والجملة معطوفة على مقدر.

أى: أتصرون على جهلكم فلا تتذكرون أن لهم ربا ينصرهم إن طردتهم؟ إنكم إن بقيتم على هذا الإصرار سيكون أمركم فرطا، وستتعرضون للعذاب الأليم الذي يهلككم.

كما سأل أمثالهم خاتم الرسل - صلى الله عليه وسلم - أن يطرد عنهم جماعة من الضعفاء ويجلس معهم مجلسا خاصا ، فأنزل الله تعالى : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ) [ الأنعام : 52 ] ، ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم ) [ الكهف : 28 ] ، وقال تعالى : ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين ) الآيات [ الأنعام : 53 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (30)

قال أبو جعفر : يقول: (ويا قوم من ينصرني)، فيمنعني من الله إن هو عاقبني على طردي المؤمنين الموحِّدين الله إن طردتهم ؟ ، (أفلا تذكرون) ، يقول: أفلا تتفكرون فيما تقولون: فتعلمون خطأه ، فتنتهوا عنه؟.

* * *

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[30] ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾ (مَنْ يَنْصُرُنِي) استفهام أي لا يوجد أحد ينصرني، يجب أن يكون هناك ذات قوية أعلى منه، ولا يوجد.
وقفة
[30] ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾ مِن أسبابِ النَّصرِ والرِّزقِ والحِفظِ: العِنايةُ بالضُّعَفَاءِ، فحتَّى الأنبياءُ لو وقَعُوا في ظُلمِ الضُّعفاءِ لَمْ يأمَنُوا مِنْ عُقوبةِ اللهِ سبحانه، فكيف بغيرِهِم؟!
وقفة
[30] ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾ أي: من يمنعني من عذابه؛ فإن طردهم موجب للعذاب والنكال الذي لا يمنعه من دون الله مانع.
وقفة
[30] ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾ أي: مَن يخلصني؛ أي: ينجيني (من الله) أي: من عقابه؛ لأن طردهم إهانة تؤذيهم بلا موجب معتبر عند الله، والله لا يحب إهانة أوليائه.
وقفة
[30] ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾ مجرد طرد المؤمن يستوجب العقوبة، فكيف بسجن العالم والداعية والمحتسب؟
عمل
[30] ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾ إشارة إلى تعظيم حق المؤمن حتى ولو كان ضعيفًا فقيرًا؛ فلا تحتقر مؤمنًا ولو كان عامل نظافة.
لمسة
[30] ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾ (يَنصُرُنِي مِنَ) هي في الأصل نصره على، مثل: ﴿وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 250]، ولما يقول: (نصره منه) أي نجَّاه منه، ليس بالمعنى الحرفي، فالنصر ليس هو النجاة، لكن هذا باب التضمين ليشمل معنيين؛ النصر والنجاة، هنا من ينصرني من الله؟ من ينجيني منه؟ يعني من يمنعني هل هنالك ذات تنصره؟
وقفة
[30] استدل بعضهم بقول نوح عليه السلام لقومه: ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾ بأن ثمرة ذلك: وجوب تعظيم المؤمن، وتحريم الاستخفاف به، وإن كان فقيرًا عادمًا للجاه، متعلقًا بالحرف الوضيعة؛ لأنه تعالى حكى كلام نوح وتجهيله للرؤساء لما طلبوا طرد من عدوه من الأراذل.
وقفة
[30] من أسباب النصر والرزق والحفظ: العناية بالضعفاء؛ فحتى الأنبياء لو وقعوا في ظلم الضعفاء لم يأمنوا من عقوبة الله سبحانه ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾، فكيف بغيرهم؟!
عمل
[30] زُر أحد الضعفاء الصالحين، وقدّم له هدية ﴿وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ﴾.
عمل
[30] ﴿وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ صَاحِب أهل الفضل والدين وإن لم يملكوا من الدنيا حُطامها، وإياك والفجار وإن ملكوا مال الدنيا كلها.
وقفة
[30] ﴿وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ يدل على وجوب تعظيم المؤمن، وتحريم الاستخفاف به وإن كان فقيرًا عادمًا للجاه.
وقفة
[30] لماذا قال: ﴿إِن طَرَدتُّهُمْ﴾ بصيغة الماضي، ولم يقل: (إن أطردهم)؟ إذا جاء الفعل الماضي بعد أداة الشرط فالغالب أن القرآن يستعمله لما يراد به مرة واحدة، وإن جاء مضارعًا فمظنة التكرار أكثر من مرة، ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا﴾ [النساء: 92] لأن هذا قتل خطأ، بينما: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا﴾ [النمساء: 93]، هذا مظنة التكرار، إن أطردهم معناها يتكرر، لكنه إن طردهم ستأتيه العقوبة ولن ينجيه أحد من الله حتى يكرر فعله.
وقفة
[30] ﴿أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ لم يقل: (تتذكرون)، اسأل أي أحد: من ينصرني من الله؟ لا أحد، إذن لا تحتاج إلى طول تفكير الأمر واضح، تتذكرون قد تحتاج إلى طول، (أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) هو كأنما يذكرهم بأمر غائب عنهم.

الإعراب :

  • ﴿ ويا قوم من ينصرني من الله:
  • ويا قوم: أعربت في الآية الكريمة الثامنة والعشرين. من: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ينصر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. والنون للوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. من الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بينصرني وجملة \"ينصرني\" في محل رفع خبر \"من\".
  • ﴿ إنْ طردتهم:
  • إنْ: حرف شرط جازم. طردت: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير: إنْ طردتهم فمن ينصرني من الله.
  • ﴿ أفلا تذكرون:
  • أعربت في الآية الكريمة الرابعة والعشرين. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     ولمَّا طلبوا من نوح عليه السلام أن يطرد الفقراء، ورد عليهم بالرفض؛ وَبَّخَهم هنا: من ذا الذي يحمينى من عذاب الله إن طردتهم؟! قال تعالى:
﴿ وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [31] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ..

التفسير :

[31] ولا أقول لكم:إني أملك التصرف في خزائن الله، ولا أعلم الغيب، ولستُ بمَلَك من الملائكة، ولا أقول لهؤلاء الذين تحتقرون من ضعفاء المؤمنين:لن يؤتيكم الله ثواباً على أعمالكم، فالله وحده أعلم بما في صدورهم وقلوبهم، ولئن فعلتُ ذلك إني إذاً لمن الظالمين لأن

وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ أي:غايتي أني رسول الله إليكم، أبشركم، وأنذركم، وأما ما عدا ذلك، فليس بيدي من الأمر شيء، فليست خزائن الله عندي، أدبرها أنا، وأعطي من أشاء، وأحرم من أشاء، ( وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) فأخبركم بسرائركم وبواطنكم ( وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ) والمعنى:أني لا أدعي رتبة فوق رتبتي، ولا منزلة سوى المنزلة، التي أنزلني الله بها، ولا أحكم على الناس، بظني.

وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ أي:ضعفاء المؤمنين، الذين يحتقرهم الملأ الذين كفروا لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ فإن كانوا صادقين في إيمانهم، فلهم الخير الكثير، وإن كانوا غير ذلك، فحسابهم على الله.

إِنِّي إِذًا أي:إن قلت لكم شيئا مما تقدم لَمِنَ الظَّالِمِينَ وهذا تأييس منه، عليه الصلاة والسلام لقومه، أن ينبذ فقراء المؤمنين, أو يمقتهم، وتقنيع لقومه، بالطرق المقنعة للمنصف.

ثم أخذ نوح- عليه السلام- في تفنيد شبهاتهم، وفي دحض مفترياتهم، وفي تعريفهم بحقيقة أمره فقال: وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ...

والخزائن: جمع خزانة- بكسر الخاء- وهو المكان الذي يخزن فيه المال أو الطعام أو غيرهما خشية الضياع، والمراد منها هنا: أنواع رزقه- سبحانه- التي يحتاج إليها عباده، وأضيفت إليه- سبحانه- لاختصاصه بها. وملكيته لها.

أى: إنى لا أقول لكم إن النبوة التي وهبنى الله إياها، تجعلني أملك خزائن أرزاقه- سبحانه- فأصير بذلك من الأثرياء، وأعطى من أشاء بغير حساب ...

كلا. إنى لا أملك شيئا من ذلك، وإنما أنا عبد الله ورسوله، أرسلنى لأخرجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.

وهذه الجملة الكريمة رد على قولهم السابق! وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ.

وأيضا لا أقول لكم إنى أعلم الغيوب التي اختص الله بعلمها، فأدعى قدرة ليست للبشر، أو أزعم أن لي صلة بالله- تعالى- غير صلة النبوة- أو أدعى الحكم على قلوب الناس وعلى منزلتهم عند الله، كما ادعيتم أنتم فقلتم وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ....

وأيضا فإنى لا أقول لكم إنى ملك، بل أنا بشر مثلكم آكل مما تأكلون منه، وأشرب مما تشربون منه، إلا أن الله- تعالى- اختصني من بينكم بالنبوة، والبشرية مقتض للنبوة وليست مانعا منها- كما تزعمون- حيث قلتم ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا.

ولم يكتف نوح- عليه السلام- بهذا الرد المبطل لدعاواهم الفاسدة، بل أضاف إلى ذلك- كما حكى القرآن عنه- وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً، اللَّهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ، إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ.

وقوله: تَزْدَرِي من الازدراء بمعنى التحقير والانتقاص، يقال: ازدرى فلان فلانا إذا احتقره وعابه.

أى: أنا لا أقول لكم بأنى أملك خزائن الله، أو بأنى أعلم الغيب، أو بأنى ملك من الملائكة، ولا أقول لكم- أيضا- في شأن الذين تنظرون إليهم نظر احتقار واستصغار:

إنهم- كما تزعمون- لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً يسعدهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم، بل أقول لكم إنه- سبحانه- سيؤتيهم ذلك- إذا شاء- لأنه- سبحانه- هو الأعلم بما في نفوسهم من خير أو شر- أما أنا فلا علم لي إلا بظواهرهم التي تدل على إيمانهم وإخلاصهم وإِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ لنفسي ولغيري إذا ادعيت أية دعوى من هذه الدعاوى.

قال البيضاوي ما ملخصه، وأسند- سبحانه- الازدراء إلى الأعين في قوله تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ للمبالغة والتنبيه على أنهم استرذلوهم بادى الرؤية- أى بمجرد نظرهم إليهم- من غير روية بسبب ما عاينوه من رثاثة حالهم وقلة منالهم، دون تأمل في معانيهم وكمالاتهم» وهذا الإسناد من باب المجاز العقلي، لأن الازدراء ينشأ عن مشاهدة الصفات الحقيرة «في نظر الناظر» فتكون الأعين سببا في هذا الازدراء.

وأكد جملة إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ بعدة مؤكدات، تحقيقا لظلم كل من يدعى شيئا من هذه الدعاوى، وتكذيبا لأولئك الكافرين الذين احتقروا المؤمنين، وزعموا أن الله- تعالى- لن يؤتيهم خيرا.

وهكذا نجد نوحا- عليه السلام- يشرح لقومه بأسلوب مهذب حكيم حقيقة أمره، ويرد على شبهاتهم بما يزهقها ...

وعند ما وجدوا أنفسهم عاجزين عن الرد على نبيهم بأسلوب مقارعة الحجة بالحجة، لجئوا- على عادة طبقتهم- إلى أسلوب التحدي وقد أخذتهم العزة بالإثم فقالوا- كما حكى القرآن عنهم:

يخبرهم أنه رسول من الله ، يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، بإذن الله له في ذلك ، ولا يسألهم على ذلك أجرا ، بل هو يدعو من لقيه من شريف ووضيع ، فمن استجاب له فقد نجا . ويخبرهم أنه لا يقدر على التصرف في خزائن الله ، ولا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه ، وليس هو بملك من الملائكة ، بل بشر مرسل ، مؤيد بالمعجزات . ولا أقول عن هؤلاء الذين تحتقرونهم وتزدرونهم : إنه ليس لهم عند الله ثواب على إيمانهم الله أعلم بما في أنفسهم ، فإن كانوا مؤمنين باطنا ، كما هو الظاهر من حالهم ، فلهم جزاء الحسنى ، ولو قطع لهم أحد بشر بعد ما آمنوا ، لكان ظالما قائلا ما لا علم له به .

ولا أقول لكم عندي خزائن الله

القول في تأويل قوله تعالى : { ولا أقول لكم عندي خزائن الله } وقوله : { ولا أقول لكم عندي خزائن الله } عطف على قوله : { ويا قوم لا أسألكم عليه أجرا } ومعنى الكلام : ويا قوم لا أسألكم عليه أجرا , ولا أقول لكم عندي خزائن الله التي لا يفنيها شيء , فأدعوكم إلى اتباعي عليها .ولا أعلم الغيب

{ ولا أعلم } أيضا { الغيب } يعني ما خفي من سرائر العباد , فإن ذلك لا يعلمه إلا الله , فأدعي الربوبية وأدعوكم إلى عبادتي .ولا أقول إني ملك

{ ولا أقول } أيضا { إني ملك } من الملائكة أرسلت إليكم , فأكون كاذبا في دعواي ذلك , بل أنا بشر . مثلكم كما تقولون , أمرت بدعائكم إلى الله , وقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم .ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا

{ ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا } يقول : ولا أقول للذين اتبعوني وآمنوا بالله ووحدوه الذين تستحقرهم أعينكم , وقلتم إنهم أراذلكم : لن يؤتيكم الله خيرا , وذلك الإيمان بالله .الله أعلم بما في أنفسهم

{ الله أعلم بما في أنفسهم } يقول : الله أعلم بضمائر صدورهم واعتقاد قلوبهم , وهو ولي أمرهم في ذلك , وإنما لي منهم ما ظهر وبدا , وقد أظهروا الإيمان بالله واتبعوني , فلا أطردهم ولا أستحل ذلك .إني إذا لمن الظالمين

{ إني إذا لمن الظالمين } يقول : إني إن قلت لهؤلاء الذين أظهروا الإيمان بالله وتصديقي : لن يؤتيهم الله خيرا , وقضيت على سرائرهم بخلاف ما أبدته ألسنتهم لي على غير علم مني بما في نفوسهم وطردتهم بفعلي ذلك , لمن الفاعلين ما ليس لهم فعله المعتدين ما أمرهم الله به وذلك هو الظلم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 13991 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قوله : { ولا أقول لكم عندي خزائن الله } التي لا يفنيها شيء , فأكون إنما أدعوكم لتتبعوني عليها لأعطيكم منها . { ولا أقول إني ملك } نزلت من السماء برسالة , ما أنا إلا بشر مثلكم . { ولا أعلم الغيب } ولا أقول اتبعوني على علم الغيب

المعاني :

خزائن الله :       خزائن رزقه و ماله معاني القرآن
تَزْدَرِي :       تَحْتَقِرُ السراج
تزدري أعينكم :       تستحقرهم و تستهين بهم معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[31] قال: ﴿خَزَآئِنُ اللّهِ﴾ ولم يقل: (خزائن لله)؛ لأن (خَزَآئِنُ اللّهِ) يعني كلها، أما خزائن لله ليست كل الخزائن، ولو كانت ثلاثة أربعة صارت لله، إذن الذي عنده خزائن لله يخشى النفاد لكن الذي عنده خزائن الله كيف تنفد؟! والناس يستهويهم المال الكثير، أيضًا مال كثير ولا تنفد، إذن خزائن الله أولى.
وقفة
[31] ﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ استئثار الله تعالى وحده بعلم الغيب.
وقفة
[31] قال: ﴿وَلَا أَقُولُ﴾، ولم يقل: (ما قلت) أو: (ما أقول)؛ (وَلاَ أَقُولُ) نفى بـ (لا) يعني على وجه الاستمرار في الماضي والآن وفي المستقبل، عامة، (لا) أوسع حرف نفي، وما أقول حال يعني الآن، لكن يمكن أن أقول غدًا.
لمسة
[31] ﴿وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ﴾ لماذا حذف العائد ولم يقل: (تزدريهم أعينكم)؟ حذف الضمير إكرامًا لهم، فأحيانًا نحذف من باب الإكرام، لا نريد أن ينال الفعل شخصًا نكرمه ونجله إذا كان فيه شدة، مثل: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: 3]، ولم يقل: (ما قلاك)؛ إكرامًا له.
وقفة
[31] ﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّـهُ خَيْرًا﴾ عين الكافر تصاب بعمى ألوان إن هي رأت نور الأوجه المتوضئة.
عمل
[31] ﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّـهُ خَيْرًا﴾ الداعية إلى الله تعالى لا يداهِن؛ لا تجامِل على حساب رسالتك.
وقفة
[31] ﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّـهُ خَيْرًا ۖ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ﴾ بقدر ما تطوي من الخير في نفسك؛ بقدر ما يؤتيك الله من الخيرات.
وقفة
[31] اتهام بواطن الناس يعد منازعة لله فيما استأثر بعلمه، ومخالفة لهدي رسله ﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّـهُ خَيْرًا ۖ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ﴾.
وقفة
[31] ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ من صور الظلم البشعة: الدخول في النيات والحكم على الناس من ظاهر أشكالهم وأحوالهم.
لمسة
[31] ﴿تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ﴾ وليست: (ازدرت)؛ لأنهم لا يزالون، لو قال: (ازدرت) قد تتغير أو تنتهي.
لمسة
[31] لماذا أسند الازدراء إلى الأعين: ﴿تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ﴾ ولم يقل: (تزدرونهم)؟ أراد إكرامهم، كأنه قال أنتم ترون مظاهرهم بأعينكم لا ترون الحقيقة، هذا منتهى الإكرام لهم، ثم هم قالوا: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾
لمسة
[31] ﴿لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا﴾ (لن) تفيد الاستقبال، الاستقبال قد يكون في الدنيا، وقد يكون في الآخرة، وقد يكون فيهما، جاء بـ(لا) للمستقبل في: (وَلاَ أَقُولُ) ما أدراكم ماذا سيحصل في المستقبل، في الدنيا والآخرة؟!
وقفة
[31] ﴿لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا﴾ لم يقل: (لن يؤتيكم) أحيانًا يُتكلم في الشخص في غيبته ما لا يواجَه به حياء أو خوف، لا نواجه الشخص بكل ما نريد أن نقول، هو أراد أن يكرمهم، قال: أنا في غيبتهم لا أقول ذلك لعلهم يسمعون فيتأذون، (لن يؤتيكم) فيها مواجهة بينما (لَن يُؤْتِيَهُمُ) ليست فيها مواجهة، حتى في غيبتهم لا أقول ذلك، فما بالك في مواجهتهم! فيها إكرام.
اسقاط
[31] ﴿اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ﴾ كم تزدري الناس أشخاصًا لأشكالهم أو ألوانهم أو فقرهم، ولهم في الملأ الأعلى واسع التبجيل والثناء؟!
وقفة
[31] ﴿اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ﴾ التعدي على نيات الناس والخوض فيها تعدي على علم الله؛ لأنه لا يعلم النوايا إلا هو سبحانه.
عمل
[31] ﴿اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ﴾ لا تزدري أحدًا؛ فأنت لا تدري مقدار سلامة قلبه.
وقفة
[31] ﴿اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ﴾ صَدَقَ نوح، يصعب على اﻹنسان أن (يعلم نيته) فكيف (يعلم نية الناس)؟!
وقفة
[31] ﴿اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ﴾ لا يستطيع أحد أن يحكم على نية أحد إلا الله، ولا يعلم خبايا القلوب إلا علام الغيوب.
عمل
[31] ﴿اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ أعظم ظلم لنفس هو الدخول بنيات الآخرين؛ فاحذر كما حذر نوح عليه السلام.
عمل
[31] ﴿اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استمتعوا بقراءة أيِ شيء إلا النوايا؛ ما أبحر إنسان في نوايا الناس إلا غرق.
عمل
[31] ﴿اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ دخولك في نيَّات الآخرين ظلم لنفسك؛ فاحذر.

الإعراب :

  • ﴿ ولا أقول لكم:
  • الواو: استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. أقول: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. وجملة \"عندي خزائن الله\" في محل نصب مفعول به -مقول القول-. لكم: جار ومجرور متعلق بأقول والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب:
  • عند: ظرف مكان منصوب على الظرفية المكانية بالفتحة المقدرة قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء. والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وشبه الجملة \"عندي\" متعلق بخبر مقدم. خزائن: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الله: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة أي خزائن رزق الله اعلم الغيب. أعلم: تعرب إعراب \"أقول\". الغيب: مفعول به منصوب بالفتحة. ولا: حرف نفي لا عمل له.
  • ﴿ ولا أقول إني ملك:
  • أعربت. أي ولا أقول لكم. إنّ: حرف نصب وتوكيد مُشبَّه بالفعل والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم \"إنّ\". ملك: خبرها مرفوع بالضمة وجملة \"إنّي ملك\" في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ ولا أقول للذين:
  • أعربت. للذين: جار ومجرور متعلق بأقول. و \"الذين\" اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام. بمعنى: عن الذين ..
  • ﴿ تزدري أعينكم:
  • تزدري: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. أعين: فاعل مرفوع بالضمة. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. والميم علامة جمع الذكور وجملة \"تزدري أعينكم\" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب والعائد ضمير منصوب محلًّا لأنه مفعول به مقدم. والتقدير: تزدريهم أعينكم.
  • ﴿ لن يؤتيهم الله خيرًا:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول- لن: حرف نفي ونصب واستقبال. يؤتي: أي يمنح: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به وحركت الميم بالضّم للإشباع. الله لفظ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. خيرًا: مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة.
  • ﴿ الله أعلم:
  • لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. أعلم: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على صيغة أفضل.
  • ﴿ بما في أنفسهم:
  • جار ومجرور متعلق بأعلم. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. في أنفس: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة. التقدير: بما استقرأو بما هو كامن في أنفسهم. و \"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إني إذًا لمن الظالمين:
  • الجملة: جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الإعراب. التقدير: إنْ قلت شيئًا من ذلك إني إذًا لمن الظالمين. إني: أعربت. إذًا: حرف جواب لا عمل له. لمن: اللام للتوكيد -مزحلقة- من الظالمين: جار ومجرور متعلق بخبر \"إن\" وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد. '

المتشابهات :

الأنعام: 50﴿قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّـهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۚ
هود: 31﴿ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّـهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     3- الرد عن الشُّبهةِ الثَّالثة: أنا لا أملك خزائن، ولا أعلم الغيب، ولا أنا ملك، إنما أنا عبدُ الله ورسوله، أرسلني لأخرجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإِيمان، قال تعالى:
﴿ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [32] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا ..

التفسير :

[32] قالوا:يا نوح قد حاججتنا فأكثرت جدالنا، فأتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين في دعواك.

فلما رأوه، لا ينكف عما كان عليه من دعوتهم، ولم يدركوا منه مطلوبهم{ قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} من العذاب{ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فما أجهلهم وأضلهم، حيث قالوا هذه المقالة، لنبيهم الناصح.

فهلا قالوا:إن كانوا صادقين:يا نوح قد نصحتنا، وأشفقت علينا, ودعوتنا إلى أمر، لم يتبين لنا، فنريد منك أن تبينه لنا لننقاد لك، وإلا فأنت مشكور في نصحك. لكان هذا الجواب المنصف، الذي قد دعي إلى أمر خفي عليه، ولكنهم في قولهم، كاذبون، وعلى نبيهم متجرئون. ولم يردوا ما قاله بأدنى شبهة، فضلا عن أن يردوه بحجة.

أى: قال قوم نوح- عليه السلام- له بعد أن غلبهم بحجته، وعجزوا عن الدفاع عن أنفسهم: يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا ...

أى: خاصمتنا ونازعتنا فأكثرت في ذلك حتى لم تترك لنا منفذا للرد عليك، والجدال: هو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة. وأصله- كما يقول الآلوسى- من جدلت الحبل إذا أحكمت فتله، ومنه الجديل- أى الحبل المفتول-، وجدلت البناء: أحكمته، والأجدل:

الصقر المحكم البنية، والمجدل- كمنبر القصر المحكم البناء ...

وسميت المنازعة في الرأى جدالا، لأن كل واحد من المتجادلين كأنما، يفتل الآخر عن رأيه- أى بصرفه عنه- ...

وقيل: الأصل في الجدال الصراع، وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة- بفتح الجيم- أى: الأرض الصلبة» .

ثم أضافوا إلى هذا العجز عن مجابهة الحجة سفاهة في القول فقالوا: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.

أى: لقد سئمنا مجادلتك لنا ومللناها، فأتنا بالعذاب الذي تتوعدنا به، إن كنت من الصادقين في دعواك النبوة، وفي وعيدك لنا بعقاب الله، فإننا مصرون على عبادة آلهتنا، وكارهون لما تدعونا إليه.

وهذا شأن الجاهل المعاند، إنه يشهر السيف إذا أعجزته الحجة، ويعلن التحدي إذا يئس عن مواجهة الحق ...

يقول تعالى مخبرا عن استعجال قوم نوح نقمة الله وعذابه وسخطه ، والبلاء موكل بالمنطق : ( قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا ) أي : حاججتنا فأكثرت من ذلك ، ونحن لا نتبعك ( فأتنا بما تعدنا ) أي : من النقمة والعذاب ، ادع علينا بما شئت ، فليأتنا ما تدعو به ، ( إن كنت من الصادقين)

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قال قوم نوح لنوح عليه السلام: قد خاصمتنا فأكثرت خصومتنا ، (1) فأتنا بما تعدنا من العذاب ، إن كنت من الصادقين في عِداتك ودَعواك أنك لله رسول. يعني: بذلك أنه لن يقدر على شيء من ذلك.

* * *

18117- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (جادلتنا)، قال: ماريتنا.

18118- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

18119- وحدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

18120- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: (قالوا يا نوح قد جادلتنا) ، قال: ماريتنا ، (فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا) ، قال ابن جريج: تكذيبًا بالعذاب، وأنه باطلٌ(فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا) ، قال ابن جريج: تكذيبًا بالعذاب، وأنه باطلٌ.

------------------------

الهوامش :

(1) انظر تفسير " الجدال " فيما سلف 12 : 523 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[32] ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾ مشروعية جدال الكفار ومناظرتهم.
وقفة
[32] ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾ بعض الجدل في الدعوة إلى الحق والذب عنه مشروع، وقَيْده الواجب له جاء مصرحًا به في قوله: ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125].
عمل
[32] ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾ لا تسأم من كثرة تكرار النصوص في أي موضوع، ولو أعيدت عليك في اليوم مائة مرة، المحب لا يسأم كلام حبيبه.
وقفة
[32] لا ينبغي الإعراض التام عن تفنيد شبهات المضلين، ونوح عليه السلام كان يُفند شبههم ويرد عليهم، حتى قالوا: ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾.
اسقاط
[32] ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا﴾ المفلسون هم من يقطعون الحوار أولًا.
وقفة
[32] ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ الجدل في الدين محمود؛ ولهذا جادل نوح والأنبياء قومهم حتى يظهر الحق، فمن قبله أنجح وأفلح، ومن رده خاب وخسر، وأما الجدال لغير الحق حتى يظهر الباطل في صورة الحق فمذموم، وصاحبه في الدارين ملوم.
وقفة
[32] ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ ومن الجدال ما هو محمود؛ وذلك إذا كان مع كافر حربي في منعته، ويطمع في الجدال أن يهتدي، ومن ذلك هذه الآية، ومنه قوله تعالى: ﴿وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125] إلى غير ذلك من الأمثلة. ومن الجدال ما هو مكروه؛ وهو ما يقع بين المسلمين بعضهم في بعض في طلب علل الشرائع، وتصور ما يخبر الشرع به من قدرة الله، وقد نهى النبي ﷺ عن ذلك، وكرهه العلماء، والله المستعان.
وقفة
[32] ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ وهذا يدل على أنه عليه السلام كان قد أكثر في الجدال معهم، وذلك الجدال ما كان إلا في إثبات التوحيد والنبوة والمعاد، وهذا يدل على أن الجدال في تقرير الدلائل وفي إزالة الشبهات حرفة الأنبياء، وعلى أن التقليد والجهل والإصرار على الباطل حرفة الكفار.
وقفة
[32] ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ ثلاثة أنواع من الجدال المذموم! قال ابن تيمية: دلالة على المجادلة المشروعة، وقد تجب وقد تستحب، وأما المذمومة شرعًا فهي: الجدل بالباطل، والجدل بغير علم، والجدل في الحق بعد ما تبين.
وقفة
[32] ﴿قَدْ جَادَلْتَنَا﴾ لم يقولوا: (تَجَادَلنَا)، ولم يقولوا: (فكثر الجدال بيننا)، فهم لم يأتوا ليجادلوه، هم كانوا يردوه، هو الذي كان يتعرض لهم، يذهب إليهم ليجادلهم، ولا يتركهم أن تجري الأمور هكذا كيفما تكون، وإنما كان يلاحقهم ويدعوهم إلى ربهم، وكان مأمورًا بهذا، وهذا شأن الدعاة: يذهب إليهم ويثير المسائل ويناقشهم، ولو قال: (تجادلنا) هذه تصبح مشاركة، وهذا فيه إكبار لدور سيدنا نوح في الدعوة.
وقفة
[32] ﴿جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾ سيدنا نوح أسقط الشُبَه التي في أنفسهم، ولم يبق عندهم ما يحتجون به، كل الأشياء التي ذكروها انتهت فأرادوا أن يقطعوا الجدال ويوصدوا الباب.
لمسة
[32] ﴿فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا﴾ فيها تحدٍّ، لم يقولوا: (فأتِ بما تعد)؛ لأنهم غير مهتمين بتحذيره.
لمسة
[32] قال: ﴿فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا﴾ وليس: (ما وعدتنا) فهو كان يكرر الوعد، لم يعدهم مرة واحدة وسكت، وإنما كان يحذرهم.

الإعراب :

  • ﴿ قالوا يا نوح:
  • قالوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. يا: أداة نداء. نوح: منادى مبني على الضم في محل نصب لأنه اسم معرفة.
  • ﴿ قد جادلتنا:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول- قد: حرف تحقيق. جادلت: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فأكثرت جدالنا:
  • معطوفة بالفاء على \"جادلت\" وتعرب إعرابها. جدال: مفعول به منصوب بالفتحة و \"نا\" ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ فأتنا بما تعدنا:
  • الفاء: رابطة لجواب الشرط المتقدم والجملة بعدها: جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. إئتِ: فعل أمر مبني على حذف آخره -الياء- حرف العلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. و\"تا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بما: الباء حرف جر و \"ما\" اسم موصول مبني على السكون لا محل جر بالباء. تعد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنت و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجملة \"تعدنا\" صلة الموصول والعائد جار ومجرور متعلق بتعدنا. التقدير: بما توعدنا به من العذاب. والجار والمجرور \"بما\" متعلق بائتنا.
  • ﴿ إنْ كنت:
  • إنْ: حرف شرط جازم. كنت: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإنْ والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع اسم \"كان\" وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه التقدير: إن كنت من الصادقين فآتنا بما تعدنا به.
  • ﴿ من الصادقين:
  • جار ومجرور وعلامة جر الاسم: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته. والجار والمجرور \"من الصادقين\" متعلق بخبر \"كان\" بمعنى: إن كنت صادقًا فيما تدعيه. '

المتشابهات :

الأعراف: 70﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّـهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ۖ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
هود: 32﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
الأحقاف: 22﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
الأعراف: 77﴿وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     ولمَّا رد عليهم نوحٍ عليه السلام ، ووجدوا أنفسهم عاجزين عن الرد عليه بأسلوب مقارعة الحجة بالحجة؛ وصفوه هنا بكثرة المجادلة، ولجأوا إلى أسلوب التحدِّي، فاستعجلوا العذاب الذي كان يتوعدهم به، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فأكثرت جدالنا:
وقرئ:
فأكثرت جدلنا، وهى قراءة ابن عباس.

مدارسة الآية : [33] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ ..

التفسير :

[33] قال نوح لقومه:إن الله وحده هو الذي يأتيكم بالعذاب إذا شاء، ولستم بفائتيه إذا أراد أن يعذبكم؛ لأنه سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

ولهذا عدلوا - من جهلهم وظلمهم - إلى الاستعجال بالعذاب، وتعجيز الله، ولهذا أجابهم نوح عليه السلام بقوله:{ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ} أي:إن اقتضت مشيئته وحكمته، أن ينزله بكم، فعل ذلك.{ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} لله، وأنا ليس بيدي من الأمر شيء.

ولكن نوحا- عليه السلام- لم يخرجه هذا التحدي عن سمته الكريم، ولم يقعده عناد قومه عن مداومة النصح لهم، وإرشادهم إلى الحقيقة التي ضلوا عنها، فقد رد عليهم بقوله إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ- إِنْ شاءَ- وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ.

أى: إنما يأتيكم بهذا العذاب الذي تستعجلونه الله- تعالى- وحده، إن شاء ذلك، لأنه هو الذي يملكه وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ أى: وما أنتم بمستطيعين الهروب من عذابه متى اقتضت مشيئته- سبحانه- إنزاله لكم، لأنه- تعالى- لا يعجزه شيء.

أي إنما الذي يعاقبكم ويعجلها لكم الله الذي لا يعجزه شيء.

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال نوح لقومه حين استعجلوه العذاب: يا قوم ، ليس الذي تستعجلون من العذاب إليّ، إنما ذلك إلى الله لا إلى غيره، هو الذي يأتيكم به إن شاء ، (وما أنتم بمعجزين) ، يقول: ولستم إذا أراد تعذيبكم بمعجزيه، أي بفائتيه هربًا منه ، لأنكم حيث كنتم في ملكه وسلطانه وقدرته ، حكمهُ عليكم جارٍ (2) .

----------------------

الهوامش :

(2) انظر تفسير " الإعجاز " فيما سلف ص : 286 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

المعاني :

ما أنتم بمُعجزين :       بفائتين من عذاب الله بالهرب معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[33] ﴿قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّـهُ إِن شَاءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ (إِنَّمَا) هذه أداة حصر، يعني هذا الأمر الذي أعدكم به إنما يأتيكم به الله إن شاء، فالأمر بيد الله حصرًا ليس بيد أحد آخر، لا يستطيع أحد من البشر أن يفعله، لا أستطيع أنا ولا غيري.
وقفة
[33] ﴿قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّـهُ إِن شَاءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ تبرأ من حوله وقوته، وأحال الأمر برمته على مشيئة الله، والأنبياء وإن تحدوا الناس بمعجزاتهم، إلا أنهم واقفون عند حدودهم، معترفون لله بعجزهم.
عمل
[33] ﴿قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّـهُ إِن شَاءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ غلف لغتك عند حديثك عن الله بالخوف والحذر والإحتياط؛ فحديثك عنه ليس كحديثك عن غيره.
لمسة
[33] ﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ لم يقل: (أنتم لا تعجزون)، فالاسم دال على الثبات والدوام، يعني على وجه الثبات والدوام ما أنتم بمعجزين، هذه صفتكم أصلًا على طول الزمن، لا تستطيعون أن تهربوا أو أن تفعلوا شيئًا للدلالة على ضعفهم وعجزهم، وأكدها بالباء (وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ)، وجعله عامًّا يعني لا تعجزونه في كل شيء، لا في مكان ولا في زمان.
وقفة
[33] ﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ أي: بفائتين، وقيل: بغالبين بكثرتكم؛ لأنهم أعجبوا بذلك؛ كانوا ملأوا الأرض سهلًا وجبلًا.

الإعراب :

  • ﴿ قال إنما:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو أي نوح. إنما: كافة ومكفوفة لا عمل لها.
  • ﴿ يأتيكم به الله:
  • يأتي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. به: جار ومجرور متعلق بيأتيكم. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ إن شاء:
  • إنْ: حرف شرط جازم. شاء: فعل ماضٍ مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود إلى الله سبحانه. ومفعول الفعل محذوف تقديره المصدر المؤول: أن يجعله لكم: وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير: إن شاء الله ذلك فإنما يأتيكم به.
  • ﴿ وما أنتم بمعجزين:
  • الواو استئنافية. ما: نافية تعمل عمل \"ليس\" أنتم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع اسم \"ما\" الباء: حرف جر زائد. معجزين: اسم مجرور بحرف الجر الزائد لفظًا منصوب محلًّا لأنه خبر \"ما\" وعلامة جر الاسم أو نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد أي بمعجزيه سبحانه. '

المتشابهات :

الأنعام: 134﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَأٓتٖۖ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ
يونس: 53﴿وَيَسۡتَنۢبِ‍ُٔونَكَ أَحَقٌّ هُوَۖ قُلۡ إِي وَرَبِّيٓ إِنَّهُۥ لَحَقّٞۖ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ
هود: 33﴿قَالَ إِنَّمَا يَأۡتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ
العنكبوت: 22﴿ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِۖ
الشورى: 31﴿ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ولمَّا استعجلوا العذاب؛ رد عليهم: إنزال العذاب ليس إلي، وإنما هو لله، يفعله متى شاء، قال تعالى:
﴿ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ ..

التفسير :

[34] ولا ينفعكم نصحي واجتهادي في دعوتكم للإيمان، إن كان الله يريد أن يضلَّكم ويهلككم، هو سبحانه مالككم، وإليه تُرجَعون في الآخرة للحساب والجزاء.

{ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} أي:إن إرادة الله غالبة، فإنه إذا أراد أن يغويكم، لردكم الحق، فلو حرصت غاية مجهودي، ونصحت لكم أتم النصح - وهو قد فعل عليه السلام - فليس ذلك بنافع لكم شيئا،{ هُوَ رَبُّكُمْ} يفعل بكم ما يشاء، ويحكم فيكم بما يريد{ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فيجازيكم بأعمالكم.

ثم أضاف إلى هذا الاعتراف بقدرة الله- تعالى- اعترافا آخر بشمول إرادته فقال:

وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ.

والنصح معناه: تحرى الصلاح والخير للمنصوح مع إخلاص النية من شوائب الرياء.

يقال: نصحته ونصحت له ... أى: أرشدته إلى ما فيه صلاحه.

ويقال: رجل ناصح الجيب إذا كان نقى القلب طاهر السريرة. والناصح الخالص من كل شيء.

أى: إنى قد دعوتكم إلى طاعة الله ليلا ونهارا، ولم أقصر معكم في النصيحة ومع ذلك فإن نصحى الدائم لن يفيدكم شيئا، ما دامت قلوبكم في عمى عنه، وأسماعكم في صمم منه، ونفوسكم على غير استعداد له.

وجواب الشرط في قوله إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ محذوف لدلالة ما قبله عليه.

وقوله إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ: زيادة تأكيد منه- عليه السلام- لعموم قدرة الله وإرادته.

أى: إن كان الله- تعالى- يريد أن يضلكم عن طريق الحق، ويصرفكم عن الدخول فيه، بسبب إصراركم على الجحود والعناد، فعل ذلك، لأنه هو ربكم ومالك أمركم، وإليه وحده ترجعون يوم القيامة، ليجازيكم الجزاء الذي تستحقونه.

وهكذا نجد نوحا- عليه السلام- قد سلك في دعوته إلى الله، أحكم السبل، واستعمل أبلغ الأساليب، وصبر على سفاهة قومه صبرا جميلا.

وعند هذا الحد من قصة نوح مع قومه، تنتقل السورة الكريمة انتقالا سريعا بقارئها إلى الحديث عن مشركي مكة، الذين أنكروا أن يكون القرآن من عند الله، ووقفوا من نبيهم صلى الله عليه وسلم موقفا يشبه موقف قوم نوح منه- عليه السلام- فترد عليهم بقوله- تعالى-:

( ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ) أي : أي شيء يجدي عليكم إبلاغي لكم وإنذاري إياكم ونصحي ، إن كان الله يريد إغواءكم ودماركم ، ( هو ربكم وإليه ترجعون ) أي : هو مالك أزمة الأمور ، والمتصرف الحاكم العادل الذي لا يجور ، له الخلق وله الأمر ، وهو المبدئ المعيد ، مالك الدنيا والآخرة .

(ولا ينفعكم نصحي) ، يقول: ولا ينفعكم تحذيري عقوبته ، ونـزولَ سطوته بكم على كفركم به ، (إن أردت أن أنصح لكم) ، في تحذيري إياكم ذلك ، لأن نصحي لا ينفعكم ، لأنكم لا تقبلونه. (3) ، (إن كان الله يريد أن يغويكم) ، يقول: إن كان الله يريد أن يهلككم بعذابه ، (هو ربكم وإليه ترجعون) ، يقول: وإليه تردُّون بعد الهلاك. (4)

* * *

حكي عن طيئ أنها تقول: " أصبح فلان غاويًا ": أي مريضًا.

وحكي عن غيرهم سماعًا منهم: " أغويت فلانًا "، بمعنى أهلكتَه ، و " غَوِيَ الفصيل " ، إذا فقد اللبن فمات.

وذكر أن قول الله: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ، [سورة مريم: 59] ، أي هلاكًا. (5)

----------------------------

الهوامش :

(3) انظر تفسير " نصحت لك " فيما سلف 3 : 212 .

(4) انظر تفسير " المرجع " فيما سلف من فهارس اللغة ( رجع ) .

(5) انظر تفسير " غوى " فيما سلف 12 :333 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

المعاني :

أن يُغويكم :       يضلّكم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[34] هنا قال: ﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي﴾، وفي الأعراف قال: ﴿وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ [الأعراف: 62]؟ السياقان مختلفان، في الأعراف المقام في بدء الدعوة: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ [الأعراف: 62]، هو ذكر أنه ينصح لهم، ففي أول الدعوة ينبغي أن يذكر مهمته، ينصح لهم ويدعوهم ويعلمهم ويرشدهم، وهنا في هود في مقام الجدال بعد تطاول الزمن جادلهم فأكثر جدالهم وقالوا: (فائنا بما تعدنا) فقال لهم: (ولا ينفعكم نصحي).
عمل
[34] ﴿ولاينفعكم نصحي﴾، ﴿إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ﴾، ومع ذلك نصح ألف سنة! أدِّ ما أراده الله منك، ولا تشترط تحقق ما تريده أنت! فالذي أراد منك الدعوة هو من أراد بها لأقوام خيرًا، وأرادها على أقوام حجة، قد علم استحقاق كل فريق واستعداده، فأمده بما هو أهله.
وقفة
[34] دلَّت هذه الآية على أنَّ الإغواءَ بإرادةِ الله، وهي بذلك تدُلُّ على بطلان مذهب من زعم أن الله تعالى لا يريد أن يعصيَ العاصي، ولا يكفُر الكافر، فرَدَّ الله عليهم بقوله: ﴿إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ﴾.
لمسة
[34] ﴿هُوَ رَبُّكُمْ﴾ حصرًا ليس لكم رب غيره.
لمسة
[34] ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ حصرًا لا إلى غيره، أما (وترجعون إليه) فيها رجوع إلى الله لكن ليس فيه حصر، يمكن ترجع إلى غيره.

الإعراب :

  • ﴿ ولا ينفعكم نصحي إنْ:
  • الواو حرف عطف. لا: نافية لا عمل لها. ينفع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور. نصح: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. إن: حرف شرط جازم.
  • ﴿ أردت:
  • فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه: إن أردت أن أنصح لكم لا ينفعكم نصحي.
  • ﴿ أن أنصح لكم:
  • أن: حرف مصدري ناصب. أنصح: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. لكم: جار ومجرور متعلق بأنصح. وان وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به لأردت. وجملة \"أنصح لكم\" صلة \"أن\" المصدرية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ إن كان الله:
  • إن: حرف شرط جازم. كان: فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن. الله لفظ الجلالة: اسم \"كان\" مرفوع للتعظيم بالضمة. وجواب الشرط \"جزاؤه\" محذوف لتقدم معناه التقدير: إن كان الله يريد أن يغويكم لا ينفعكم نصحي ... وهذا الدال في حكم ما دل عليه فوصل بشرط. كما وصل الجزاء بالشرط في قولك: إن أحسنت إلي أحسنت إليك إن أمكنني.
  • ﴿ يريد أن يغويكم:
  • الجملة: في محل نصب خبر \"كان\". يريد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. أي سبحانه. أن: حرف مصدري ناصب. يغوي: فعل مضارع منه منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو أي سبحانه والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وأن وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ليريد. وجملة يغويكم صلة حرف مصدري لا محل لها.
  • ﴿ هو ربكم:
  • الجملة علة لنفي نفعه أو نفع نصيحته لهم. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. رب: خبر \"هو\" مرفوع للتعظيم بالضمة والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وإليه ترجعون:
  • الواو عاطفة. ويجوز أن تكون حالية. إليه: جار ومجرور متعلق بترجعون. ترجعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولمَّا وصفوه بكثرة المجادلة، واستعجلوا العذاب؛ بَيَّنَ نوحٌ عليه السلام هنا أنَّهم في قَبضتِه تعالى، ونصحه لن ينفعهم إن كان اللهُ يريد أن يهلكهم، قال تعالى:
﴿ وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نصحى:
قرئ:
1- بفتح النون، مصدر، وهى قراءة عيسى بن عمر الثقفي.
2- بضم النون، مصدر، أو اسم، وهى قراءة الجماعة.

مدارسة الآية : [35] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ..

التفسير :

[35] بل أيقول هؤلاء المشركون من قوم نوح:افترى نوح هذا القول؟ قل لهم:إن كنتُ قد افتريتُ ذلك على الله فعليَّ وحدي إثم ذلك، وإذا كنتُ صادقاً فأنتم المجرمون الآثمون، وأنا بريء مِن كفركم وتكذيبكم وإجرامكم.

{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} هذا الضمير محتمل أن يعود إلى نوح، كما كان السياق في قصته مع قومه، وأن المعنى:أن قومه يقولون:افترى على الله كذبا، وكذب بالوحي الذي يزعم أنه من الله، وأن الله أمره أن يقول:{ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ} أي:كل عليه وزره{ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}

ويحتمل أن يكون عائدا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتكون هذه الآية معترضة، في أثناء قصة نوح وقومه، لأنها من الأمور التي لا يعلمها إلا الأنبياء، فلما شرع الله في قصها على رسوله، وكانت من جملة الآيات الدالة على صدقه ورسالته، ذكر تكذيب قومه له مع البيان التام فقال:{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} أي:هذا القرآن اختلقه محمد من تلقاء نفسه، أي:فهذا من أعجب الأقوال وأبطلها، فإنهم يعلمون أنه لم يقرأ ولم يكتب، ولم يرحل عنهم لدراسة على أهل الكتاب، فجاء بهذا الكتاب الذي تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله.

فإذا زعموا - مع هذا - أنه افتراه، علم أنهم معاندون، ولم يبق فائدة في حجاجهم، بل اللائق في هذه الحال، الإعراض عنهم، ولهذا قال:{ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} أي:ذنبي وكذبي،{ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ} أي:فلم تستلجون في تكذيبي.

وأم هنا منقطعة بمعنى بل التي للإضراب، وهو انتقال المتكلم من غرض إلى آخر.

والافتراء: الكذب المتعمد الذي لا توجد أدنى شبهة لقائله.

والإجرام: اكتساب الجرم وهو الشيء القبيح الذي يستحق فاعله العقاب.

يقال: أجرم فلان وجرم واجترم، بمعنى اقترف الذنب الموجب للعقوبة وللمفسرين في معنى هذه الآية اتجاهان:

الاتجاه الأول يرى أصحابه: أنها معترضة بين أجزاء قصة نوح مع قومه، وأنها في شأن مشركي مكة الذين أنكروا أن يكون القرآن من عند الله.

وعليه يكون المعنى. لقد سقنا لك يا محمد من أخبار السابقين ما هو الحق الذي لا يحوم حوله باطل، ولكن المشركين من قومك لم يعتبروا بذلك، بل يقولون إنك قد افتريت هذا القرآن، قل لهم: إن كنت قد افتريته- على سبيل الفرض- فعلى وحدي تقع عقوبة إجرامى وافترائى الكذب، وأنا برىء من عقوبة إجرامكم وافترائكم الكذب.

أما الاتجاه الثاني فيرى أصحابه أن الآية الكريمة ليست معترضة، وإنما هي من قصة نوح عليه السلام- وعليه يكون المعنى: بل أيقول قوم نوح إن نوحا- عليه السلام- قد افترى واختلق ما جاء به من عند نفسه ثم نسبه إلى الله- تعالى- قل لهم إن كنت قد افتريته فعلى سوء عاقبة إجرامى وكذبى، وأنا برىء مما تقترفونه من منكرات، وما تكتسبونه من ذنوب.

ويبدو لنا أن الاتجاه الأول أرجح، لأن التعبير عن أفكارهم بيقولون، وعن الرد عليهم بقل، الدالين على الحال والاستقبال، يقوى أن الآية الكريمة في شأن مشركي مكة.

وقد اقتصر الإمام ابن جرير على الاتجاه الأول، ولم يذكر شيئا عن الاتجاه الثاني مما يدل على ترجيحه للاتجاه الأول فقال ما ملخصه: يقول- تعالى- ذكره: أيقول يا محمد هؤلاء المشركون من قومك: افترى محمد هذا القرآن وهذا الخبر عن نوح، قل لهم: إن افتريته فتخرصته واختلقته فعلى إثمى في افترائى ما افتريت على ربي دونكم.. وأنا برىء مما تذنبون وتأثمون في حقي وحق ربكم ... ».

وإلى هنا نرى الآيات الكريمة قد حكت لنا جانبا من مجادلة قوم نوح له، ومن تطاولهم عليه، ومن تحديهم لدعوته، كما حكت لنا رده عليهم بأسلوب حكيم، جعلهم يعجزون عن مجابهته فماذا كان من شأنه وشأنهم بعد ذلك؟

لقد تابعت السورة الكريمة حديثها عن هذه القصة، فبينت بعد ذلك قضاء الله العادل في هؤلاء الظالمين، حيث حكت لنا ما أوحاه الله إلى نوح- عليه السلام- في شأنهم، وما أمره بصنعه ... فقال- تعالى-:

هذا كلام معترض في وسط هذه القصة ، مؤكد لها ومقرر بشأنها . يقول تعالى لمحمد ، صلى الله عليه وسلم : أم يقول هؤلاء الكافرون الجاحدون : افترى هذا وافتعله من عنده ( قل إن افتريته فعلي إجرامي ) أي : فإثم ذلك علي ، ( وأنا بريء مما تجرمون ) أي : ليس ذلك مفتعلا ولا مفترى ، لأني أعلم ما عند الله من العقوبة لمن كذب عليه .

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: أيقول يا محمد هؤلاء المشركون من قومك: افترى محمد هذا القرآن؟ وهذا الخبر عن نوح ؟ ، قل لهم: إن افتريته فتخرصته واختلقته. (6)

(فعليّ إجرامي) يقول: فعلي إثمي في افترائي ما افتريت على ربّي دونكم، لا تؤاخذون بذنبي ولا إثمي ، ولا أؤاخذ بذنبكم.(وأنا بريء مما تجرمون) ، يقول: وأنا بريء مما تذنبون وتأثَمُون بربكم ، من افترائكم عليه.

* * *

ويقال منه: " أجرمت إجرامًا " ، و " جرَمْت أجرِم جَرْمًا " ، (7) كما قال الشاعر: (8)

طَرِيــدُ عَشِــيرَةٍ وَرَهِيــنُ ذَنْـبٍ

بِمَـا جَـرَمَتْ يَـدِي وَجَـنَى لِسَـانِي (9)

----------------------

الهوامش :

(6) انظر تفسير " الافتراء " ، فيما سلف من فهارس اللغة ( فري ) .

(7) انظر تفسير " الإجرام " فيما سلف من فهارس اللغة ( جرم ) .

(8) هو الهيردان بن خطار بن حفص السعدي ، اللص ، وضبط اسمه بفتح الهاء ، وسكون الياء ، وضم الراء .

(9) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 288 ، واللسان ( جرم ) .

المعاني :

أَمْ يَقُولُونَ :       بَلْ أَيَقُولُونَ السراج
افْتَرَاهُ :       اِخْتَلَقَهُ السراج
فعليّ إجرامي :       عقاب اكتساب ذنبي معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[35] ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ﴾ جملة معترضة بين جملة أجزاء قصة نوح، وليست من القصة، وفيها توجيه بديع، وهو إفادة تبرئة النبي  من أن يفتري القرآن.
وقفة
[35] ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ﴾ نسب الإجرام إلى نفسه ليسوي نفسه بهم، حتى يستميل قلوبهم.
وقفة
[35] ﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي﴾ والشرط لا يكون إلا مستقبلًا؟ الجواب: أن تقديره إن بنت، أو بان أو صح أنى افتريته فعلى إجرامى.
وقفة
[35] ﴿فَعَلَيَّ إِجْرَامِي﴾ الذي افترى على الله الكذب مجرم؛ فعليه إثم ذلك الافتراء.

الإعراب :

  • ﴿ أم يقولون:
  • حرف عطف منقطعة. بمعنى \"بل\" حرف الإضراب. يقولون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ افتراه:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول- افترى: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. أي افترى القرآن.
  • ﴿ قل إن:
  • قل: فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. إنْ: حرف شرط جازم.
  • ﴿ افتريته:
  • فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فعلي إجرامي:
  • الجملة: جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء: رابطة لجواب الشرط. علي: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. إجرامي: أي افترائي أو ذنبي: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها حركة الياء. والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أي عقوبة إجرامي فحذف المضاف وحل المضاف إليه محله لأن لفظة \"إجرامي\" مصدر.
  • ﴿ وأنا بريء مما تجرمون:
  • الواو: استئنافية. أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بريء: خبر أنا مرفوع بالضمة. مما مكونة من \"من\" حرف جر و \"ما\" المصدرية. تجرمون: تعرب إعراب \"يقولون\" و \"ما\" وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بمن. التقدير: من إجرامكم في إسناد الافتراء إليّ والجار والمجرور متعلق ببريء. وجملة \"تجرمون\" صلة \"ما\" المصدرية لا محل لها من الإعراب. '

المتشابهات :

يونس: 38﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
هود: 13﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
هود: 35﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ
السجدة: 3﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
الأحقاف: 8﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولمَّا اتهموا نوح عليه السلام بأنه افترى على الله كذبًا؛ بَيَّنَ لهم هنا أن عليه وحده إثم ذلك، قال تعالى:
﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن ..

التفسير :

[36] وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نوح -عليه السلام- لمَّا حق على قومه العذاب، أنه لن يؤمن بالله إلا مَن قد آمن مِن قبل، فلا تحزن يا نوح على ما كانوا يفعلون.

وقوله:{ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} أي:قد قسوا،{ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} أي:فلا تحزن، ولا تبال بهم, وبأفعالهم، فإن الله قد مقتهم، وأحق عليهم عذابه الذي لا يرد.

وقوله- سبحانه-: وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ معطوف على قوله قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا ...

أى: بعد أن لج قوم نوح في طغيانهم، وصموا آذانهم عن سماع دعوته.. أوحى الله- تعالى- إلى نوح بأن يكتفى بمن معه من المؤمنين، فإنه لم يبق في قومه من يتوقع إيمانه بعد الآن، وبعد أن مكث فيهم زمنا طويلا يدعوهم إلى الدخول في الدين الحق، فلم يزدهم دعاؤه إلا فرارا..

وقوله: فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ تسلية له- عليه السلام- عما أصابه منهم من أذى.

والابتئاس: الحزن. يقال: ابتأس فلان بالأمر، إذا بلغه ما يكرهه ويغمه، والمبتئس:

الكاره الحزين في استكانة.

أى: فلا تحزن بسبب إصرارهم على كفرهم، وتماديهم في سفاهاتهم وطغيانهم، فقد آن الأوان للانتقام منهم.

قال الإمام ابن كثير: يخبر الله- تعالى- في هذه الآية، أنه أوحى إلى نوح لما استعجل قومه نقمة الله بهم، وعذابه لهم، فدعا عليهم نوح دعوته وهي رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً فمنذ ذلك أوحى الله- تعالى- إليه أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فلا تحزن عليهم، ولا يهمنك أمرهم» .

يخبر تعالى أنه أوحى إلى نوح لما استعجل قومه نقمة الله بهم وعذابه لهم ، فدعا عليهم نوح دعوته التي قال الله تعالى مخبرا عنه أنه قال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) [ نوح : 26 ] ، ( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ) [ القمر : 10 ] ، فعند ذلك أوحى الله تعالى إليه : ( أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ) فلا تحزن عليهم ولا يهمنك أمرهم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وأوحَى الله إلى نوح ، لمّا حَقّ على قومه القولُ، وأظلَّهم أمرُ الله، أنه لن يؤمن، يا نوح ، بالله فيوحِّده ، ويتبعك على ما تدعوه إليه ، (من قومك إلا من قد آمن)، فصدّق بذلك واتبعك.(فلا تبتئس) ، يقول: فلا تستكن ولا تحزن ، (بما كانوا يفعلون)، فإني مهلكهم ، ومنقذك منهم ومن اتبعك. وأوحى الله ذلك إليه ، بعد ما دعا عليهم نوحٌ بالهلاك فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، [سورة نوح: 26] .

* * *

، وهو " تفتعل " من " البؤس "، يقال: " ابتأس فلان بالأمر يبتئس ابتئاسًا ": كما قال لبيد بن ربيعة:

فِـــي مَـــأْتَمٍ كَنِعَــاجِ صَــا

رَةَ يَبْتَئِسْــــنَ بِمَـــا لَقَيْنـــا (10)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

18121- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فلا تبتئس) ، قال: لا تحزن.

18122- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، وحدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد مثله.

18123- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) ، يقول: فلا تحزن.

18124- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) ، قال: لا تأسَ ولا تحزن.

18125- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) ، وذلك حين دعا عليهم قال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، [سورة نوح: 26] ، قوله: (فلا تبتئس)، يقول: فلا تأسَ ولا تحزن.

18126- حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) ، فحينئذ دعا على قومه ، لما بيَّن الله له أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن.

---------------------

الهوامش :

(10) ديوانه 2 : 46 ( القصيدة : 35 ، البيت : 21 ) ، اللسان ( يأس ) قصيدة له ، يذكر بنته أو امرأته وحالها بعد موته :

وَحَــذِرْتُ بَعْــدَ المَــوْتِ يَــوْ

مَ تَشِـــينُ أَسْـــمَاءُ الجَبِينَـــا

فِــي رَبْــرَبٍ كَنِعَــاجِ صَــارَ

ةَ يَبْتَئِسْــــنَ بِمَــــا لَقِينَـــا

مُتَسَـــلِّبَاتٍ فِـــي مُسُـــوحِ

الشَّــــعْرِ أَبْكَـــارًا وَعُونَـــا

وهذا شعر ، حسبك به من شعر ! .

المعاني :

فَلَا تَبْتَئِسْ :       لَا تَحْزَنْ السراج
فلا تبتئس :       فلا تحزن معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[36] ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ﴾ 950 عامًا لم تأخذ منه الأمل بإيمانهم، حتى جاء الوحي صريحًا من الله، هذه قصة ظن الأنبياء.
وقفة
[36] هل وقفت متدبرًا لهذه الآيات التي تبين غضب الله على أقوام حتى قضى عليهم بعدم الهداية أبدًا؟ تأمل: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ﴾، ﴿وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ [الكافرون: 3]، ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا﴾ [النساء: 168]، ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ [الأنعام: 158]، والجامع بينها كلها أن هؤلاء قد أتيحت لهم فرص الهداية فأبوا، فكن خائفًا حذرًا من مكر الله، راجيًا لرحمته، وبادر بالعمل قبل فوات الأوان ولا تسوف! لعلك تنجو.
وقفة
[36] ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ﴾، ﴿يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا﴾ [42]، لهفي على الأبوة؛ هل نسي نوح عليه السلام أنه لن يؤمن أحد؟!
وقفة
[36] ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ أي: لا تحزن؛ فإني مهلكهم ومنقذك منهم، فحينئذ دعا نوح عليهم.
وقفة
[36] ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ أي لا تحزن من ذلك ولا تغتم، ولا تظن أن في ذلك مذلة، فإن الدين عزيز وإن قل عدد من يتمسك به، والباطل ذليل وإن كثر عدد من يقول به.
وقفة
[36] ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ أن تبتلع آلامك فهذا شيء عظيم، ولكن أن تطلب من الآخرين أن لا يحزنوا من أجلك فتلك هي العظمةكلها.
وقفة
[36] ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ ياللعظمة، تسلية المحزونين الله يتولاها بنفسه، جزى الله خيرًا كل الأحبة الذين اقتسموا معنا كسرة الحزن.
وقفة
[36] ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ إذا قمت بتبليغ دعوة الله تعالى؛ لا عليك بمن صدّ واختار طريق الضلال.
وقفة
[36] مهما كنت فستجد من لا يحبك، حتى ملائكة الرحمن تكرهها الشياطين ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾.
اسقاط
[36، 37] ﴿لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ... واصنع الفلك﴾ المصائب تزيدنا إصرارًا على العمل، وليس البكاء والضعف.

الإعراب :

  • ﴿ وأوحي إلى نوح:
  • الواو: استئنافية. أوحي: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح. إلى نوح: جار ومجرور متعلق بأوحي.
  • ﴿ أنه لن يؤمن من قومك:
  • أن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم \"أن\". و \"أن\" مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع نائب فاعل. لن: حرف نصب ونفي واستقبال. يؤمن: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة. من قوم: جار ومجرور متعلق بيؤمن أو بحال محذوفة من الموصول \"من\" والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والجملة \"لن يؤمن مع فاعله في محل رفع خبر \"أن\".
  • ﴿ إلا من قد آمن:
  • إلا: أداة حصر لا عمل لها. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل \"يؤمن\". قد: حرف تحقيق للتوقع أي إلا من قد وجد منه ما كان يتوقع من إيمانه. آمن: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو: وجملة \"قد آمن\" صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ فلا تبتئس:
  • الفاء: استئنافية للتعليل. لا: ناهية جازمة. تبتئس: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت.
  • ﴿ بما كانوا يفعلون:
  • الباء: حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتبتئس. كانوا: فعل ماضٍ ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم \"كان\" والألف فارقة. يفعلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة \"يفعلون\" في محل نصب خبر \"كان\" وجملة \"كانوا يفعلون\" صلة الموصول لا محل لها. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بما كانوا يفعلونه. '

المتشابهات :

هود: 36﴿وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ
يوسف: 69﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ عز وجل أن نوحًا عليه السلام أكثر في جدالهم، وأنه كلما ازداد في ذلك زادوا طغيانًا؛ أخبرَ اللهُ نبيَّه نوحًا عليه السلام أن الجدال معهم لن ينفع، فلن يؤمن منهم إلا من قد حصل منه إيمان من قبل، فلا تحزن عليهم، قال تعالى:
﴿ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وأوحى إلى نوح أنه:
قرئ:
1- أوحى، مبنيا للمفعول، و «أنه» بفتح الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
2- أوحى، مبنيا للفاعل، و «إنه» بكسر الهمزة، على إضمار القول، وهى قراءة أبو البرهسم.

مدارسة الآية : [37] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ ..

التفسير :

[37] واصنع السفينة بمرأى منَّا وبأمرنا لك ومعونتنا، وأنت في حفظنا وكِلاءتنا، ولا تطلب مني إمهال هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم من قومك بكفرهم، فإنهم مغرقون بالطوفان. وفي الآية إثبات صفة العين لله تعالى على ما يليق به سبحانه.

{ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} أي:بحفظنا، ومرأى منا, وعلى مرضاتنا،{ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي:لا تراجعني في إهلاكهم،{ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} أي:قد حق عليهم القول، ونفذ فيهم القدر.

وقوله: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا ... معطوف على قوله.. فَلا تَبْتَئِسْ....

والفلك: ما عظم من السفن، ويستعمل هذا اللفظ للواحد والجمع، والمراد به هنا سفينة واحدة عظيمة قام بصنعها نوح- عليه السلام-.

والباء في قوله بِأَعْيُنِنا للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال من ضمير اصنع.

أى: واصنع الفلك يا نوح، حالة كونك بمرأى منا، وتحت رعايتنا وتوجيهنا وإرشادنا عن طريق وحينا.

وقوله- سبحانه- وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ نهى له عن المراجعة بشأنهم.

أى: ولا تخاطبني يا نوح في شأن هؤلاء الظالمين، بأن ترجوني في رحمتهم أو في دفع العذاب عنهم، فقد صدر قضائي بإغراقهم ولا راد لقضائي.

( واصنع الفلك ) يعني : السفينة ( بأعيننا ) أي : بمرأى منا ، ( ووحينا ) أي : وتعليمنا لك ماذا تصنعه ، ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ) .

فقال بعض السلف : أمره الله تعالى أن يغرز الخشب ويقطعه وييبسه ، فكان ذلك في مائة سنة ، ونجرها في مائة سنة أخرى ، وقيل : في أربعين سنة ، فالله أعلم .

وذكر محمد بن إسحاق عن التوراة : أن الله أمره أن يصنعها من خشب الساج ، وأن يجعل طولها ثمانين ذراعا وعرضها خمسين ذراعا .

وأن يطلي باطنها وظاهرها بالقار ، وأن يجعل لها جؤجؤا أزور يشق الماء . وقال قتادة : كان طولها ثلاثمائة ذراع ، في عرض خمسين .

وعن الحسن : طولها ستمائة ذراع وعرضها ثلاثمائة ذراع .

وعنه مع ابن عباس : طولها ألف ومائتا ذراع ، في عرض ستمائة .

وقيل : طولها ألفا ذراع ، وعرضها مائة ذراع ، فالله أعلم .

قالوا كلهم : وكان ارتفاعها في السماء ثلاثين ذراعا ، ثلاث طبقات ، كل طبقة عشرة أذرع ، فالسفلى للدواب والوحوش : والوسطى للإنس : والعليا للطيور . وكان بابها في عرضها ، ولها غطاء من فوقها مطبق عليها .

وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير أثرا غريبا ، من حديث علي بن زيد بن جدعان ، عن يوسف بن مهران ، عن عبد الله بن عباس ; أنه قال : قال الحواريون لعيسى ابن مريم : لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها . قال : فانطلق بهم حتى أتى إلى كثيب من تراب ، فأخذ كفا من ذلك التراب بكفه ، قال أتدرون ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا كعب حام بن نوح . قال : وضرب الكثيب بعصاه ، قال : قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه ، قد شاب . قال له عيسى ، عليه السلام : هكذا هلكت ؟ قال : لا . ولكني مت وأنا شاب ، ولكنني ظننت أنها الساعة ، فمن ثم شبت . قال : حدثنا عن سفينة نوح ؟ قال : كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، وكانت ثلاث طبقات ، فطبقة فيها الدواب والوحوش ، وطبقة فيها الإنس ، وطبقة فيها الطير ، فلما كثر أرواث الدواب ، أوحى الله عز وجل إلى نوح ، عليه السلام ، أن اغمز ذنب الفيل ، فغمزه ، فوقع منه خنزير وخنزيرة ، فأقبلا على الروث ، فلما وقع الفأر بخرز السفينة يقرضه وحبالها ، أوحى إلى نوح; أن اضرب بين عيني الأسد ، فخرج من منخره سنور وسنورة ، فأقبلا على الفأر . فقال له عيسى ، عليه السلام : كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت ؟ قال : بعث الغراب يأتيه بالخبر ، فوجد جيفة فوقع عليها ، فدعا عليه بالخوف ، فلذلك لا يألف البيوت قال : ثم بعث الحمامة ، فجاءت بورق زيتون بمنقارها ، وطين برجليها ، فعلم أن البلاد قد غرقت . قال : فطوقها الخضرة التي في عنقها ، ودعا لها أن تكون في أنس وأمان ، فمن ثم تألف البيوت . قال : فقلنا : يا رسول الله ، ألا ننطلق به إلى أهلينا فيجلس معنا ويحدثنا ؟ قال : كيف يتبعكم من لا رزق له ؟ قال : فقال له : عد بإذن الله ، فعاد ترابا

القول في تأويل قوله تعالى : وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وأحي إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، وأن اصنع الفلك، وهو السفينة ، (11) كما:

18127- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: الفلك: السفينة .

* * *

وقوله : (بأعيننا) ، يقول: بعين الله ووحيه كما يأمرك، كما:-

18127- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا) ، وذلك أنه لم يعلم كيف صنعة الفلك، فأوحى الله إليه أن يصنعها على مثل جؤجؤ الطائر. (12)

18128- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ووحينا) ، قال: كما نأمرك.

18129- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، وحدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (بأعيننا ووحينا) ، كما نأمرك.

18130- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس: (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا) ، قال: بعين الله، قال ابن جريج، قال مجاهد: (ووحينا)، قال: كما نأمرك.

18131- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: (بأعيننا ووحينا) ، قال: بعين الله ووحيه.

* * *

وقوله: (ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون) ، يقول تعالى ذكره: ولا تسألني في العفو عن هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم من قومك، فأكسبوها تعدّيًا منهم عليها بكفرهم بالله ، الهلاك بالغرق، إنهم مغرقون بالطوفان ، كما:-

18132- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: (ولا تخاطبني) ، قال: يقول: ولا تراجعني. قال: تقدَّم أن لا يشفع لهم عنده. (13)

------------------------

الهوامش:

(11) انظر تفسير " الفلك " فيما سلف 12 : 503 / 15 : 50 ، 153 .

(12) " جؤجؤ الطائر " ( بضم الجيم ، ثم سكون الهمزة ، ثم ضم الجيم ) : هو صدره .

(13) " تقدم " ، يعني أمره بذلك .

المعاني :

الْفُلْكَ :       السَّفِينَةَ السراج
بِأَعْيُنِنَا :       بِحِفْظِنَا وَمَرْأًى مِنَّا السراج
بأعيننا :       بحفظنا و كلاءتنا الكاملين معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[37] ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ بدأ سبحانه بما فيه نجاة المؤمنين (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ)، وقدّمه على مصير الظالمين (إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ)، وفي كل القرآن الكريم يقدم نجاة المؤمنين على هلاك الكافرين؛ لأنها أهم، ليطمئن قلوبهم ويحفظهم ويحميهم لأنهم عزيزين عليه، مثل قوله: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا﴾ [الأعراف: 64]، ومع باقي الأنبياء أيضًا هنا في السورة.
عمل
[37] ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ كم هو عظيم أن يبارك الله في عملك ويكون في معيتك ويتفضل عليك! فاجعل عملك لله.
وقفة
[37] ﴿بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا﴾ جاء بالأعين -أي الرعاية والحفظ- جَمَعَ للدلالة على تكثير الحفظ وديمومته، يحفظه من هؤلاء وهو يعمل قد يمنعونه من العمل، وقسم قال أعيننا يعني الملائكة لأنها تحفظ أيضَا ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ﴾ [الرعد: 11]، والوحي مفرد أي نعلمك كيف تصنعها.
وقفة
[37] أغضبوه فلم يقبل فيهم شفاعة أولياؤه وأحبابه ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾، نعوذ برضاك من سخطك، نعوذ بك منك.
وقفة
[37] العذاب إذا نزل بالأمم المكذبة فلن يقدر أحد على دفعه ورفعه ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾.
تفاعل
[37] ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من الظالمين.
وقفة
[37] ﴿فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ ذكر صفتهم التي تستدعي إهلاكهم وعقوبتهم لا تستدعي أن تستشفع فيهم.
وقفة
[37] ﴿ظَلَمُواْ﴾ جعله مطلقًا لأنفسهم ولغيرهم، ولذلك لم يذكر صفة معينة أو قيدًا معينًا، (ظلموا) عامة هذه صفتهم.
لمسة
[37] ﴿إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ جاء بالاسم الدال على الثبوت والدوام، وكأن الأمر انتهى عند الله (هم مغرقون)، ولو قال: (سأغرقهم) فهو لم يحصل بعد.
عمل
[37، 38] ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ﴾ وبعدها مباشرة: ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ﴾؛ ليس هناك تساؤل عن جدوى صناعة الفلك فى اليابسة! مع أوامر الله يلزمك فقط التسليم والإنقياد.

الإعراب :

  • ﴿ واصنع الفلك:
  • الواو: استئنافية. اصنع: فعل أمر مبني على السكون حرك آخره بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. الفلك: أي السفينة: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ بأعيننا:
  • بمعنى: تحت رعايتنا: جار ومجرور متعلق بحال أى اصنعها محفوظًا وحقيقته ملتبسًا بأعيننا. و\"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ ووحينا ولا تخاطبني:
  • ووحينا: معطوفة بالواو على \"أعيننا\" وتعرب إعرابها. الواو عاطفة. لا: ناهية جازمة. تخاطب: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه: سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. والنون للوقاية. والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ في الذين ظلموا:
  • حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بتخاطبني. ظلموا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة \"ظلموا\" صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ إنهم مغرقون:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والجملة تعليلية لا محل لها و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم \"ان\". مغرقون: خبرها مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

هود: 37﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ
المؤمنون: 27﴿فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     ولَمَّا أخبرَ اللهُ عز وجل نبيَّه نوحًا عليه السلام أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن؛ أمره هنا بصُنعِ السفينة؛ لتهيئةِ نجاتِه، ونجاةِ مَن قد آمنَ معه، قال تعالى:
﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف