ترتيب المصحف | 13 | ترتيب النزول | 96 |
---|---|---|---|
التصنيف | مدنيّة | عدد الصفحات | 6.20 |
عدد الآيات | 43 | عدد الأجزاء | 0.35 |
عدد الأحزاب | 0.70 | عدد الأرباع | 2.70 |
ترتيب الطول | 32 | تبدأ في الجزء | 13 |
تنتهي في الجزء | 13 | عدد السجدات | 1 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 7/29 | آلمر: 1/1 |
العودةُ لتشْبيهِ المؤمنِ بالبصيرِ والكافرِ بالأعمى، ثُمَّ بيانُ أنَّه لا يَعتبِرُ ولا ينتفِعُ بهذه الأمثالِ إلا أصحابُ العقولِ السليمةِ، ثُمَّ ذكرُ صفاتِهم وجزائِهم.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ أن ذكرَ صفاتِ السعداءِ وجزاءَهم، ذكرَ هنا صفاتِ الأشقياءِ وجزاءَهم، ثُمَّ بيانُ أن اللهَ يبسطُ الرزقَ ويضيِّقُه ولا تعلُّقَ له بالكفرِ والإيمانِ، ولمَّا طلبَ الكفارُ آيةً حِسّيةً تدلُ على صدقِه ﷺ بَيَّنَ أنَّ الإضْلالَ والهدايةَ من اللهِ.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
يقول تعالى:مفرقا بين أهل العلم والعمل وبين ضدهم:{ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ} ففهم ذلك وعمل به.{ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} لا يعلم الحق ولا يعمل به فبينهما من الفرق كما بين السماء والأرض، فحقيق بالعبد أن يتذكر ويتفكر أي الفريقين أحسن حالا وخير مآلا فيؤثر طريقها ويسلك خلف فريقها، ولكن ما كل أحد يتذكر ما ينفعه ويضره.
{ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} أي:أولو العقول الرزينة، والآراء الكاملة، الذين هم لُبّ العالم، وصفوة بني آدم
قال الإمام الرازي: «قوله- تعالى- أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى ... إشارة إلى المثل المتقدم ذكره- في قوله- تعالى- أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ... وهو أن العالم بالشيء كالبصير، والجاهل به كالأعمى، وليس أحدهما كالآخر، لأن الأعمى إذا أخذ يمشى من غير قائد، فربما يقع في المهالك ... أما البصير فإنه يكون آمنا من الهلاك والإهلاك» .
والمراد بالأعمى هنا: الكافر الذي انطمست بصيرته، فأصبح لا يفرق بين الحق والباطل.
والاستفهام للإنكار والاستبعاد.
المعنى: أفمن يعلم ان ما أنزل إليك- أيها الرسول الكريم- من وحى هو الحق الذي يهدى للتي هي أقوم، كمن هو أعمى القلب: مطموس البصيرة؟؟
فالآية الكريمة تنفى بأبلغ أسلوب، مساواة الذين علموا الحق فاتبعوه، بمن جهلوه وأعرضوا عنه، وصموا آذانهم عن سماعه.
وقوله إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ مدح لأصحاب العقول السليمة، الذين ذكروا بالحق فتذكروه، وآمنوا به، وتعليل لإعراض الكافرين عنه، ببيان أن سبب إعراضهم، أنهم ليسوا أهلا للتذكر، لأن التذكر إنما هو من شأن أولى الألباب.
والألباب: جمع لب وهو الخالص من كل شيء.
أى: إنما يتذكر وينتفع بالتذكير، أصحاب العقول السليمة وهم المؤمنون الصادقون.
يقول تعالى : لا يستوي من يعلم من الناس أن الذي ( أنزل إليك ) يا محمد ( من ربك ) هو ) الحق ) أي : الذي لا شك فيه ولا مرية ولا لبس فيه ولا اختلاف فيه ، بل هو كله حق يصدق بعضه بعضا ، لا يضاد شيء منه شيئا آخر ، فأخباره كلها حق ، وأوامره ونواهيه عدل ، كما قال تعالى : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) [ الأنعام : 115 ] أي : صدقا في الإخبار ، وعدلا في الطلب ، فلا يستوي من تحقق صدق ما جئت به يا محمد ، ومن هو أعمى لا يهتدي إلى خير ولا يفهمه ، ولو فهمه ما انقاد له ، ولا صدقه ولا اتبعه ، كما قال تعالى : ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ) [ الحشر : 20 ] وقال في هذه الآية الكريمة : ( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى ) أي : أفهذا كهذا ؟ لا استواء .
وقوله : ( إنما يتذكر أولو الألباب ) أي : إنما يتعظ ويعتبر ويعقل أولو العقول السليمة الصحيحة جعلنا الله منهم [ بفضله وكرمه ] .يقول تعالى مخبرا عمن اتصف بهذه الصفات الحميدة ، بأن لهم ( عقبى الدار ) وهي العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة .
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أهذا الذي يعلم أنّ الذي أنـزله الله عليك، يا محمد، حق فيؤمن به ويصدق ويعمل بما فيه, كالذي هو أعمى فلا يعرف موقع حُجَة الله عليه به ولا يعلم ما ألزمه الله من فَرَائصه؟
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
*ذكر من قال ذلك:
20329- حدثنا إسحاق قال: حدثنا هشام, عن عمرو, عن سعيد, عن قتادة في قوله: (أفمن يعلم أنما أنـزل إليك من ربك الحق) ، قال: هؤلاء قوم انتفعُوا بما سمعوا من كتاب الله وعقلوه ووَعَوْه، قال الله: (كمن هو أعمى) ، قال: عن الخير فلا يبصره .
* * *
وقوله: (إنما يتذكر أولو الألباب) يقول: إنما يتعظ بآيات الله ويعتبر بها ذوو العقول، (1) وهي" الألباب " واحدها " لُبٌّ" . (2)
-------------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير" التذكر" فيما سلف من فهارس اللغة (ذكر)
(2) انظر تفسير" الألباب" فيما سلف 3 : 383 / 4 : 162 / 5 : 580 / 6 : 211 / 11 : 97 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
سبإ: 6 | ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ﴾ |
---|
الرعد: 1 | ﴿وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ |
---|
الرعد: 19 | ﴿أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أفمن:
وقرئ:
أو من، بالواو بدل الفاء، وهى قراءة زيد بن على.
التفسير :
فإن سألت عن وصفهم، فلا تجد أحسن من وصف الله لهم بقوله:
{ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} الذي عهده إليهم والذي عاهدهم عليه من القيام بحقوقه كاملة موفرة، فالوفاء بها توفيتها حقها من التتميم لها، والنصح فيها{ و} من تمام الوفاء بها أنهم{ لَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} أي:العهد الذي عاهدوا عليه الله، فدخل في ذلك جميع المواثيق والعهود والأيمان والنذور، التي يعقدها العباد. فلا يكون العبد من أولي الألباب الذين لهم الثواب العظيم، إلا بأدائها كاملة، وعدم نقضها وبخسها.
ثم مدح- سبحانه- أصحاب هذه العقول السليمة، بجملة من الخصال الكريمة فقال:
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ.
وعهد الله: فرائضه وأوامره ونواهيه. والوفاء بها: يتأتى باتباع ما أمر به- سبحانه- وباجتناب ما نهى عنه.
وينقضون: من النقض، بمعنى الفسخ والحل لما كان مركبا أو موصولا.
والميثاق: العهد الموثق باليمين، للتقوية والتأكيد.
أى: إنما يتذكر أولوا الألباب، الذين من صفاتهم أنهم يوقنون بعهد الله- تعالى-، بأن يؤدوا كل ما كلفهم بأدائه، ويجتنبوا كل ما أمرهم باجتنابه ولا ينقضون شيئا من العهود والمواثيق التي التزموا بها. وصدر- سبحانه- صفات أولى الألباب، بصفة الوفاء بعهد الله، وعدم النقض للمواثيق، لأن هذه الصفة تدل على كمال الإيمان، وصدق العزيمة، وصفاء النفس.
وأضاف- سبحانه- العهد إلى ذاته، للتشريف وللتحريض على الوفاء به.
وجملة «ولا ينقضون الميثاق» تعميم بعد تخصيص، لتشمل عهودهم مع الله- تعالى- ومع غيره من عباده.
( الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ) وليسوا كالمنافقين الذين إذا عاهد أحدهم غدر ، وإذا خاصم فجر ، وإذا حدث كذب ، وإذا ائتمن خان .
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنما يتعظ ويعتبر بآيات الله أولو الألباب، الذين يوفون بوصية الله التي أوصاهم بها (3) (ولا ينقضون الميثاق) ، ولا يخالفون العهد الذي عاهدوا الله عليه إلى خلافه, فيعملوا بغير ما أمرهم به، ويخالفوا إلى ما نهى عنه .
* * *
وقد بينا معنى " العهد " و " الميثاق " فيما مضى بشواهده, فأغنى عن إعادته في هذا الموضع . (4)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
*ذكر من قال ذلك:
20330- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا هشام, عن عمرو, عن سعيد, عن قتادة قال: (إنما يتذكر أولو الألباب) ، فبيَّن من هم, فقال: (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق) ، فعليكم بوفاء العهد, ولا تنقضوا هذا الميثاق, فإن الله تعالى قد نهى وقدَّم فيه أشد التَّقْدمة, (5) فذكره في بضع وعشرين موضعًا نصيحةً لكم وتقدِمَةً إليكم، وحجة عليكم, وإنما يعظُمُ الأمر بما عظَّمه الله به عند أهل الفهم والعقل, فعظِّموا ما عظم الله. قال قتادة: وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: " لا إيمان لمن لا أمانة له, ولا دين لمن لا عهد له " .
-------------------
الهوامش :
(3) انظر تفسير" الإيفاء" فيما سلف من فهارس اللغة ( وفى ) .
(4) انظر تفسير" العهد" فيما سلف 14 : 141 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
وتفسير" الميثاق" فيما سلف ص : 208 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(5) " قدم فيه أشد التقدمة" ، أي : أمرهم به أمرًا شديدًا ، ونهاهم عن مخالفته ، وقد سلف شرحها في الخبر رقم : 4914 / ج 5 : 9 ، تعليق : 3 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} وهذا عام في كل ما أمر الله بوصله، من الإيمان به وبرسوله، ومحبته ومحبة رسوله، والانقياد لعبادته وحده لا شريك له، ولطاعة رسوله.
ويصلون آباءهم وأمهاتهم ببرهم بالقول والفعل وعدم عقوقهم، ويصلون الأقارب والأرحام، بالإحسان إليهم قولا وفعلا، ويصلون ما بينهم وبين الأزواج والأصحاب والمماليك، بأداء حقهم كاملا موفرا من الحقوق الدينية والدنيوية.
والسبب الذي يجعل العبد واصلا ما أمر الله به أن يوصل، خشية الله وخوف يوم الحساب، ولهذا قال:{ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} أي:يخافونه،
فيمنعهم خوفهم منه، ومن القدوم عليه يوم الحساب، أن يتجرؤوا على معاصي الله، أو يقصروا في شيء مما أمر الله به خوفا من العقاب ورجاء للثواب.
ثم بين- سبحانه- صفات أخرى لهم فقال: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ.
أى: أن من صفات أولى الألباب- أيضا- أنهم يصلون كل ما أمر الله- تعالى- بوصله كصلة الأرحام، وإفشاء السلام، وإعانة المحتاج، والإحسان إلى الجار.
وقوله «ويخشون ربهم» خشية تحملهم على امتثال أمره واجتناب نهيه.
«ويخافون سوء الحساب» أى: ويخافون أهوال يوم القيامة، وما فيه من حساب دقيق، فيحملهم ذلك على أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا.
قال الآلوسى ما ملخصه: «وهذا من قبيل ذكر الخاص بعد العام للاهتمام، والخشية والخوف قيل: بمعنى.
وفرق الراغب بينهما فقال: الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم.
وقال بعضهم: الخشية أشد الخوف، لأنها مأخوذة من قولهم: شجرة خشية، أى:
يابسة.
ثم قال الآلوسى: والحق أن مثل هذه الفروق أغلبى لا كلى ... » .
( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ) من صلة الأرحام ، والإحسان إليهم وإلى الفقراء والمحاويج ، وبذل المعروف ، ( ويخشون ربهم ) أي : فيما يأتون وما يذرون من الأعمال ، يراقبون الله في ذلك ، ويخافون سوء الحساب في الدار الآخرة . فلهذا أمرهم على السداد والاستقامة في جميع حركاتهم وسكناتهم وجميع أحوالهم القاصرة والمتعدية .
وقوله: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) ، يقول تعالى ذكره: والذين يصلون الرَّحم التي أمرهم الله بوصلها فلا يقطعونها (6) (ويخشون ربهم) ، يقول: ويخافون الله في قطْعها أن يقطعوها, فيعاقبهم على قطعها وعلى خلافهم أمرَه فيها .
* * *
وقوله: (ويخافون سوء الحساب) ، يقول: ويحذرون مناقشة الله إياهم في الحساب, ثم لا يصفح لهم عن ذنب, فهم لرهبتهم ذلك جادُّون في طاعته، محافظون على حدوده . كما:-
20331- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا جعفر بن سليمان, عن عمرو بن مالك, عن أبي الجوزاء في قوله: (الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) قال: المقايسةُ بالأعمال . (7)
20332- ... قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد, عن فرقد, عن إبراهيم قال: (سوء الحساب) أن يحاسب من لا يغفر له .
20333- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (ويخافون سوء الحساب) ، قال، فقال: وما(سوء الحساب)؟ قال: الذي لا جَوَاز فيه . (8)
20334- حدثني ابن سمان القزاز قال، حدثنا أبو عاصم, عن الحجاج, عن فرقد قال: قال لي إبراهيم: تدري ما(سوء الحساب)؟ قلت: لا أدري قال: يحاسب العبد بذنبه كله لا يغفرُ له منه شيء . (9)
----------------------------
الهوامش :
(6) انظر تفسير" الوصل" فيما سلف 1 : 415 .
(7) الأثر : 10331 -" عفان" ، هو" عفان بن مسلم الصفار" ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 20226 .
و" جعفر بن سليمان الضبعي" ، ثقة ، كان يتشيع ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 10453 .
و" عمرو بن مالك النكري" ، روى عن أبي الجوزاء ، ثقة ، وضعفه البخاري ، مضى برقم : 7701 .
و" أبو الجوزاء" ، وهو" أوس بن عبد الله الربعي" ، تابعي ثقة ، مضى برقم : 2977 ، 2978 ، 7701 . وكان في المخطوطة والمطبوعة :" عن أبي الحفنا" ، وإنما وصل الناسخ الأول"الواو" بالزاي . فصارت عند ناسخ المخطوطة إلى ما صارت إليه !!
وفي المطبوعة أيضًا :" المناقشة بالأعمال" ، غير ما في المخطوطة . و" المقايسة" من" القياس" ،" قاس الشيء" ، إذا قدره على مثاله . و" المقايسة بالأعمال" ، كأنه أراد تقديرها . والذي في المطبوعة أجود عندي :" المناقشة" .
(8) " الجواز" ، التساهل والتسامح .
(9) الأثر : 20334 - مضى بإسناد آخر رقم : 20328 .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 27 | ﴿الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ |
---|
الرعد: 25 | ﴿وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ |
---|
الرعد: 21 | ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَالَّذِينَ صَبَرُوا} علىالمأمورات بالامتثال، وعن المنهيات بالانكفاف عنها والبعد منها، وعلى أقدار الله المؤلمة بعدم تسخطها.
ولكن بشرط أن يكون ذلك الصبر{ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} لا لغير ذلك من المقاصد والأغراض الفاسدة فإن هذا هو الصبر النافع الذي يحبس به العبد نفسه، طلبا لمرضاة ربه، ورجاء للقرب منه، والحظوة بثوابه، وهو الصبر الذي من خصائص أهل الإيمان، وأما الصبر المشترك الذي غايته التجلد ومنتهاه الفخر، فهذا يصدر من البر والفاجر، والمؤمن والكافر، فليس هو الممدوح على الحقيقة.
{ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} بأركانها وشروطها ومكملاتها ظاهرا وباطنا،{ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} دخل في ذلك النفقات الواجبة كالزكوات والكفارات والنفقات المستحبة وأنهم ينفقون حيث دعت الحاجة إلى النفقة، سرا وعلانية،{ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} أي:من أساء إليهم بقول أو فعل، لم يقابلوه بفعله، بل قابلوه بالإحسان إليه.
فيعطون من حرمهم، ويعفون عمن ظلمهم، ويصلون من قطعهم، ويحسنون إلى من أساء إليهم، وإذا كانوا يقابلون المسيء بالإحسان، فما ظنك بغير المسيء؟!{ أُولَئِكَ} الذين وصفت صفاتهم الجليلة ومناقبهم الجميلة{ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ}
ثم أضاف- سبحانه- إلى الصفات السابقة لأولى الألباب صفات أخرى حميدة فقال:
وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ أى: أن من صفاتهم أنهم صبروا على طاعة الله، وصبروا عن معصيته، وصبروا على المصائب وآلامها، صبرا غايته رضا ربهم وخالقهم، لا رضا أحد سواه.
أى: أن صبرهم في كل مجال يحمد فيه الصبر لم يكن من أجل الرياء أو المباهاة أو المجاملة أو غير ذلك، وإنما كان صبرهم من أجل رضا الله- تعالى- وطلب ثوابه.
وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: «والذين صبروا» فيما يصبر عليه من المصائب في النفوس والأموال ومشاق التكليف «ابتغاء وجه ربهم» لا ليقال ما أصبره وأحمله للنوازل، وأوقره عند الزلازل. ولا لئلا يعاب بالجزع، ولئلا يشمت به الأعداء، كقوله:
وتجلدي للشامتين أريهم ... أنى لريب الدهر لا أتزعزع
ولا لأنه لا طائل تحت الهلع، ولا مرد فيه للفائت.
وكل عمل له وجوه يعمل عليها، فعلى المؤمن أن ينوى منها ما به كان حسنا عند الله- تعالى- وإلا لم يستحق به ثوابا وكان فعلا كلا فعل، .
«وأقاموا الصلاة» أى: أدوها في أوقاتها كاملة الأركان والسنن والأذكار، بخشوع وإخلاص. «وأنفقوا» بسخاء وطيب نفس «مما رزقناهم» أى: مما أعطيناهم من عطائنا الواسع العميم. «سرا وعلانية» أى: ينفقون مما رزقناهم سرا. حيث يحسن السر، كإعطاء من لم يتعود الأخذ من غيره، وينفقون «علانية» حيث تحسن العلانية، كأن ينفقوا بسخاء في مجال التنافس في الخير، ليقتدى بهم غيرهم «ويدرءون بالحسنة السيئة» ، والدرء:
الدفع والطرد. يقال: درأه درءا، إذا دفعه.
أى: أن من صفات أولى الألباب- أيضا- أنهم يدفعون بالعمل الصالح العمل السيئ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم «وأتبع السيئة الحسنة تمحها» أو أنهم يدفعون سيئة من أساء إليهم بالإحسان إليه، أو بالعفو عنه، متى كان هذا الإحسان أو العفو لا يؤدى إلى مفسدة.
قال صاحب الظلال ما ملخصه: «وفي الآية إشارة خفية إلى مقابلة السيئة بالحسنة، عند ما يكون في هذا درء السيئة ودفعها لا إطماعها واستعلاؤها، فأما حين تحتاج السيئة إلى القمع، ويحتاج الشر إلى الدفع، فلا مكان لمقابلتهما بالحسنة، لئلا ينتفش الشر ويتجرأ ويستعلى.
ودرء السيئة بالحسنة يكون غالبا في المعاملة الشخصية بين المتماثلين فأما في دين الله فلا.
إن المستعلى الغاشم لا يجدي معه إلا الدفع الصارم، والمفسدون في الأرض لا يجدي معهم إلا الأخذ الحاسم، والتوجيهات القرآنية متروكة لتدبر المواقف، واستشارة الألباب، والتصرف بما يرجح أنه الخير والصواب» .
وجملة أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ بيان الجزاء الحسن، الذي أعده الله- تعالى- لهؤلاء الأخيار.
والعقبى: مصدر كالعاقبة، وهي الشيء الذي يقع عقب شيء آخر.
والمراد بالدار: الدنيا. وعقباها الجنة. وقيل المراد بالدار: الدار الآخرة. وعقباها الجنة للطائعين، والنار للعاصين.
أى: أولئك الموصوفون بتلك الصفات الكريمة، لهم العاقبة الحسنة وهي الجنة. والجملة الكريمة خبر عن «الذين يوفون بعهد الله....» وما عطف عليها.
( والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم ) أي : عن المحارم والمآثم ، ففطموا نفوسهم عن ذلك لله عز وجل; ابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه ( وأقاموا الصلاة ) بحدودها ومواقيتها وركوعها وسجودها وخشوعها على الوجه الشرعي المرضي ، ( وأنفقوا مما رزقناهم ) أي : على الذين يجب عليهم الإنفاق لهم من زوجات وقرابات وأجانب ، من فقراء ومحاويج ومساكين ، ( سرا وعلانية ) أي : في السر والجهر ، لم يمنعهم من ذلك حال من الأحوال ، في آناء الليل وأطراف النهار ، ( ويدرءون بالحسنة السيئة ) أي : يدفعون القبيح بالحسن ، فإذا آذاهم أحد قابلوه بالجميل صبرا واحتمالا وصفحا وعفوا ، كما قال تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) [ فصلت : 34 ، 35 ] ; ولهذا قال مخبرا عن هؤلاء السعداء المتصفين بهذه الصفات الحسنة بأن لهم عقبى الدار.
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والذين صبروا على الوفاء بعهد الله، وترك نقض الميثاق وصلة الرحم(ابتغاء وجه ربهم) ، ويعني بقوله: (ابتغاء وجه ربهم) ، طلب تعظيم الله, وتنـزيهًا له أن يُخالَفَ في أمره أو يأتي أمرًا كره إتيانه فيعصيه به(وأقاموا الصلاة) ، يقول: وأدُّوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها(وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية) يقول: وأدَّوا من أموالهم زكاتها المفروضة وأنفقوا منها في السبل التي أمرهم الله بالنفقة فيها(سرًّا) في خفاء " وعلانية " في الظاهر . كما:-
20335- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: (وأقاموا الصلاة) يعني الصلوات الخمس(وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية) . يقول الزكاة .
20336- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد " الصبر "، الإقامة. قال، وقال " الصبر " في هاتين, فصبرٌ لله على ما أحبَّ وإن ثقل على الأنفس والأبدان, وصبرٌ عمَّا يكره وإن نازعت إليه الأهواء. فمن كان هكذا فهو من الصابرين . وقرأ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ . [سورة الرعد:24]
* * *
وقوله: (ويدرءون بالحسنة السيئة) ، يقول: ويدفعون إساءة من أساء إليهم من الناس, بالإحسان إليهم. (10) كما:-
20337- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: (ويدرءون بالحسنة السيئة) ، قال: يدفعون الشر بالخير, لا يكافئون الشرّ بالشر، ولكن يدفعونه بالخير .
* * *
وقوله: (أولئك لهم عقبى الدار) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصفنا صفتهم، هم الذين (لهم عقبى الدار), يقول: هم الذين أعقبهم الله دارَ الجنان، من دارهم التي لو لم يكونوا مؤمنين كانت لهم في النار, فأعقبهم الله من تلك هذه . (11)
* * *
وقد قيل: معنى ذلك: أولئك الذين لهم عقِيبَ طاعتهم ربَّهم في الدنيا، دارُ الجنان .
--------------------
الهوامش :
(10) انظر تفسير" الدرء" فيما سلف 2 : 22 ، 225 / 7 : 382 .
(11) انظر تفسير" العاقبة" فيما سلف 15 : 356 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الرعد: 22 | ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ |
---|
فاطر: 29 | ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ جَنَّاتِ عَدْنٍ} أي:إقامة لا يزولون عنها، ولا يبغون عنها حولا؛ لأنهم لا يرون فوقها غاية لما اشتملت عليه من النعيم والسرور، الذي تنتهي إليه المطالب والغايات. ومن تمام نعيمهم وقرة أعينهم أنهم{ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} من الذكور والإناث{ وَأَزْوَاجِهِمْ} أي الزوج أو الزوجة وكذلك النظراء والأشباه، والأصحاب والأحباب، فإنهم من أزواجهم وذرياتهم،{ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} يهنئونهم بالسلامة وكرامة الله لهم
وقوله- سبحانه- جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ تفصيل للمنزلة العالية التي أعدها- سبحانه- لهم.
أى: أولئك الذين قدموا ما قدموا في دنياهم من العمل الصالح، لهم جنات دائمة باقية، يدخلونها هم وَمَنْ صَلَحَ أى: ومن كان صالحا لدخولها مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ.
أى من أصولهم وفروعهم وأزواجهم على سبيل التكريم والزيادة في فرحهم ومسيرتهم.
وفي قوله- سبحانه- وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ.... دليل على أن هؤلاء الأقارب لا يستحقون دخول الجنة، إلا إذا كانت أعمالهم صالحة، أما إذا كانت غير ذلك فإن قرابتهم وحدها لا تنفعهم في هذا اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ .
قال الإمام ابن كثير: وقوله وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ أى: يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين، لتقر أعينهم بهم، حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى، من غير تنقيص لذلك الأعلى عن درجته، بل امتنانا من الله وإحسانا، كما قال- تعالى- وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ، كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ .
ثم فسر ذلك بقوله : ( جنات عدن ) والعدن : الإقامة ، أي : جنات إقامة يخلدون فيها .
وعن عبد الله بن عمرو أنه قال : إن في الجنة قصرا يقال له : " عدن " ، حوله البروج والمروج ، فيه خمسة آلاف باب ، على كل باب خمسة آلاف حبرة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد .
وقال الضحاك في قوله : ( جنات عدن ) مدينة الجنة ، فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى ، والناس حولهم بعد والجنات حولها . رواهما ابن جرير .
وقوله : ( ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ) أي : يجمع بينهم وبين أحبابهم فيها من الآباء والأهلين والأبناء ، ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين; لتقر أعينهم بهم ، حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى ، من غير تنقيص لذلك الأعلى عن درجته ، بل امتنانا من الله وإحسانا ، كما قال تعالى : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين ) [ الطور : 21 ] .
( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب )
قال أبو جعفر: يقول (جنات عدن) ، ترجمة عن (عقبى الدار) (12) كما يقال: " نعم الرجل عبد الله ", فعبد الله هو الرجل المقول له: " نعم الرجل ", وتأويل الكلام: أولئك لهم عَقيِبَ طاعتهم ربِّهم الدارُ التي هي جَنَّات عدْنٍ .
* * *
وقد بينا معنى قوله: (عدن) , وأنه بمعنى الإقامة التي لا ظَعْنَ معها . (13)
* * *
وقوله: (ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) ، يقول تعالى ذكره: جنات عدن يدخلها هؤلاء الذين وصف صفتهم وهم الذين يوفون بعهد الله, والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم, والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم, وأقاموا الصلاة, وفعلوا الأفعال التي ذكرها جل ثناؤه في هذه الآيات الثلاث(ومن صلح من آبائهم وأزواجهم) ، وهي نساؤهم وأهلوهم و " ذرّيّاتهم ". (14) . و " صلاحهم " إيمانهم بالله واتباعهم أمره وأمر رسوله عليه السلام . كما:-
20338- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (ومن صلح من آبائهم) قال: من آمن في الدنيا .
20339- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد
20340- وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .
20341- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله: (ومن صلح من آبائهم) قال: من آمن من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم .
* * *
وقوله: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم) ، يقول: تعالى ذكره: وتدخل الملائكة على هؤلاء الذين وصف جل ثناؤه صفتهم في هذه الآيات الثلاث في جنات عدن, من كل باب منها.
------------------------
الهوامش :
(12) " الترجمة" ، هي عند الكوفيين ،" عطف البيان" و" البدل" عند البصريين ، انظر ما سلف 2 : 340 ، 374 ، 420 ، 425 ، 426 ، ثم سائر الأجزاء في فهرس المصطلحات .
(13) انظر تفسير" جنات عدن" فيما سلف 14 : 350 - 355 .
(14) انظر تفسير" الأزواج" فيما سلف 12 : 150 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
وتفسير" الذرية" فيما سلف 15 : 163 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الرعد: 23 | ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ |
---|
النحل: 31 | ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ﴾ |
---|
فاطر: 33 | ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
جنات:
1- بالجمع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالإفراد، وهى قراءة النخعي.
يدخلونها:
وقرئ:
يدخلونها، مبنيا للمفعول، رويت عن ابن كثير، وأبى عمرو.
صلح:
قرئ:
1- بضم اللام، وهى قراءة ابن أبى عبلة.
2- بفتحها، وهى قراءة الجمهور، وهى أفصح.
ذرياتهم:
قرئ:
1- وذريتهم، بالتوحيد، وهى قراءة عيسى الثقفي.
2- بالجمع «وذرياتهم» وهى قراءة الجمهور.
التفسير :
{ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} أي:حلت عليكم السلامة والتحية من الله وحصلت لكم، وذلك متضمن لزوال كل مكروه، ومستلزم لحصول كل محبوب.
{ بِمَا صَبَرْتُمْ} أي:صبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه المنازل العالية، والجنان الغالية،{ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}
فحقيق بمن نصح نفسه وكان لها عنده قيمة، أن يجاهدها، لعلها تأخذ من أوصاف أولي الألباب بنصيب، لعلها تحظى بهذه الدار، التي هي منية النفوس، وسرور الأرواح الجامعة لجميع اللذات والأفراح، فلمثلها فليعمل العاملون وفيها فليتنافس المتنافسون.
وقوله- سبحانه- وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ... زيادة في تكريمهم، وحكاية لما تحييهم به الملائكة.
أى: والملائكة يدخلون على هؤلاء الأوفياء الصابرين ... من كل باب من أبواب منازلهم في الجنة، قائلين لهم: «سلام عليكم» أى: أمان دائم عليكم بِما صَبَرْتُمْ أى: بسبب صبركم على كل ما يرضى الله- تعالى-.
فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ أى: فنعم العاقبة عاقبة دنياكم، والمخصوص بالمدح محذوف لدلالة المقام عليه، أى: الجنة.
وفي قوله- سبحانه- يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ إشارة إلى كثرة قدوم الملائكة عليهم، وإلى كثرة أبواب بيوتهم، تكريما وتشريفا وتأنيسا لهم.
وجملة سَلامٌ عَلَيْكُمْ مقول لقول محذوف، وهو حال من فاعل يدخلون وهم الملائكة.
وهي بشارة لهم بدوام السلامة.
وفي قوله بِما صَبَرْتُمْ إشارة إلى أن صبرهم على مشاق التكاليف، وعلى الأذى، وعلى كل ما يحمد فيه الصبر، كان على رأس الأسباب التي أوصلتهم إلى تلك المنازل العالية.
هذا ومن الأحاديث التي ذكرها الإمام ابن كثير هنا، ما رواه الإمام أحمد- بسنده- عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم: قال: أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون، الذين تسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، فيقول الله لمن يشاء من ملائكته: ائتوهم فحيوهم. فتقول الملائكة: نحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتى هؤلاء فنسلم عليهم؟
قال: إنهم كانوا عبادا يعبدونني لا يشركون بي شيئا، وتسد بهم الثغور. وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره، فلا يستطيع لها قضاء. قال: فتأتيهم الملائكة عند ذلك، فيدخلون عليهم من كل باب سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ .
أي : وتدخل عليهم الملائكة من هاهنا وهاهنا للتهنئة بدخول الجنة ، فعند دخولهم إياها تفد عليهم الملائكة مسلمين مهنئين لهم بما حصل لهم من الله من التقريب والإنعام ، والإقامة في دار السلام ، في جوار الصديقين والأنبياء والرسل الكرام .
وقال الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثني سعيد بن أبي أيوب ، حدثنا معروف بن سويد الجذامي عن أبي عشانة المعافري ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون الذين تسد بهم الثغور ، وتتقى بهم المكاره ، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء ، فيقول الله تعالى لمن يشاء من ملائكته : ائتوهم فحيوهم . فتقول الملائكة : نحن سكان سمائك ، وخيرتك من خلقك ، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم ؟ قال : إنهم كانوا عبادا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ، وتسد بهم الثغور ، وتتقى بهم المكاره ، ويموت أحدهم وحاجته في صدره فلا يستطيع لها قضاء " . قال : " فتأتيهم الملائكة عند ذلك ، فيدخلون عليهم من كل باب ، ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار )
ورواه أبو القاسم الطبراني ، عن أحمد بن رشدين ، عن أحمد بن صالح ، عن عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن أبي عشانة سمع عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أول ثلة يدخلون الجنة فقراء المهاجرين ، الذين تتقى بهم المكاره ، وإذا أمروا سمعوا وأطاعوا ، وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى سلطان لم تقض حتى يموت وهي في صدره ، وإن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها ، فيقول : أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي ، وأوذوا في سبيلي ، وجاهدوا في سبيلي ؟ ادخلوا الجنة بغير عذاب ولا حساب ، وتأتي الملائكة فيسجدون ويقولون : ربنا نحن نسبحك الليل والنهار ، ونقدس لك ، من هؤلاء الذين آثرتهم علينا ؟ فيقول الرب عز وجل : هؤلاء عبادي الذين جاهدوا في سبيلي ، وأوذوا في سبيلي فتدخل عليهم الملائكة من كل باب : ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار )
وقال عبد الله بن المبارك ، عن بقية بن الوليد ، حدثنا أرطاة بن المنذر ، سمعت رجلا من مشيخة الجند ، يقال له " أبو الحجاج " يقول : جلست إلى أبي أمامة فقال : إن المؤمن ليكون متكئا على أريكته إذا دخل الجنة ، وعنده سماطان من خدم ، وعند طرف السماطين باب مبوب ، فيقبل الملك فيستأذن ، فيقول [ أقصى الخدم ] للذي يليه : " ملك يستأذن " ، ويقول الذي يليه للذي يليه : " ملك يستأذن " ، حتى يبلغ المؤمن فيقول : ائذنوا . فيقول أقربهم إلى المؤمن : ائذنوا ، ويقول الذي يليه للذي يليه : ائذنوا حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب ، فيفتح له ، فيدخل فيسلم ثم ينصرف . رواه ابن جرير .
ورواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن عياش ، عن أرطاة بن المنذر ، عن أبي الحجاج يوسف الألهاني قال : سمعت أبا أمامة ، فذكر نحوه .
وقد جاء في الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يزور قبور الشهداء في رأس كل حول ، فيقول لهم : ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) وكذا أبو بكر ، وعمر وعثمان .
يقولون لهم: (سلام عليكم بما صبرتم) على طاعة ربكم في الدنيا(فنعم عقبى الدار) .
* * *
وذكر أن لجنات عدن خمسة آلاف باب .
20342- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا علي بن جرير قال: حدثنا حماد بن سلمة, عن يعلى بن عطاء, عن نافع بن عاصم, عن عبد الله بن عمرو قال: إن في الجنة قصرًا يقال له " عدن ", حوله البروج والمروج, فيه خمسة آلاف باب, على كل باب خمسة آلاف حِبَرة, (15) لا يدخله إلا نبيٌ أو صديق أو شهيدٌ . (16)
20343- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغراء, عن جويبر, عن الضحاك, في قوله: (جنات عدن) قال: مدينة الجنة, فيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى, والناسُ حولهم بعدد الجنات حوْلها .
* * *
وحذف من قوله: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم)،" يقولون "، (17) اكتفاءً بدلالة الكلام عليه, كما حذف ذلك من قوله: وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا . [سورة السجدة:12]
* * *
20344- حدثني المثنى قال: حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك, عن بقية بن الوليد قال: حدثني أرطاة بن المنذر قال: سمعت رجلا من مشيخة الجند يقال له " أبو الحجاج ", يقول: جلست إلى أبي أمامة فقال: إن المؤمن ليكون متّكئًا على أريكته إذا دخل الجنة, وعنده سِمَاطان من خَدَمٍ, وعند طرف السِّماطين بابٌ مبوَّبٌ، (18) فيقبل المَلَك يستأذن؛ فيقول أقصى الخدم للذي يليه: (19) " ملك يستأذن "، ويقول الذي يليه للذي يليه: ملك يستأذن حتى يبلغ المؤمن فيقول: ائذنوا. فيقول: أقربهم إلى المؤمن ائذنوا. ويقول الذي يليه للذي يليه: ائذنوا. فكذلك حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب, فيفتح له, فيدخل فيسلّم ثم ينصرف . (20)
20345- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك, عن إبراهيم بن محمد, عن سُهَيْل بن أبي صالح, عن محمد بن إبراهيم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول: " السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ", وأبو بكر وعمر وعثمان . (21)
* * *
وأما قوله: (سلام عليكم بما صبرتم) فإن أهل التأويل قالوا في ذلك نحو قولنا فيه .
*ذكر من قال ذلك:
20346- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرزاق, عن جعفر بن سليمان, عن أبي عمران الجوني أنه تلا هذه الآية: (سلام عليكم بما صبرتم) قال: على دينكم .
20347- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد, في قوله: (سلام عليكم بما صبرتم) قال: حين صبروا بما يحبه الله فقدّموه . وقرأ: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ، حتى بلغ: وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا [سورة الإنسان:12-22] وصبروا عما كره الله وحرم عليهم, وصبروا على ما ثقل عليهم وأحبه الله, فسلم عليهم بذلك . وقرأ: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) .
* * *
وأما قوله: (فنعم عقبى الدار) فإن معناه إن شاء الله كما:-
20348- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال حدثنا عبد الرزاق, عن جعفر, عن أبي عمران الجوني في قولهم (فنعم عقبى الدار) قال: الجنة من النار . (22)
--------------------------
الهوامش :
(15) " الحبرة" بكسر الحاء وفتح الباء ، ضرب من برود اليمن منمر .
(16) الأثر : 20342 -" علي بن جرير" ، مضى آنفًا برقم : 20212 ، ولم أجد له ترجمة إلا في ابن أبي حاتم ، وهي مختلفة .
و" حماد بن سلمة" ، ثقة مشهور ، مضى مرارًا .
و" يعلي بن عطاء العامري" ، ثقة مضى مرارًا ، آخرها : 17981 .
و" نافع بن عاصم الثقفي" ، تابعي ثقة ، مضى برقم : 15402 .
وهذا إسناد صحيح إلى عبد الله بن عمرو ، لولا ما فيه من جهالة" علي بن جرير" هذا . وهو موقوف على عبد الله بن عمرو ، لم أجد من رفعه .
(17) أي" وحذف ... يقولون" .
(18) في المطبوعة :" وعند طرف السماطين سور" ، مكان" باب مبوب" ، لأنه لم يحسن قراءة المخطوطة . وقوله :" باب مبوب" ، يعني مصنوع معقود . إن شئت قلت : قد اتخذ له بوابًا يحرسه .
(19) كانت العبارة في المطبوعة فاسدة مع زيادة جملة كاملة ، وهي" فيقول الذي يليه ملك يستأذن" مكررة ، وفي المخطوطة كالذي أثبت ، إلا أنه أسقط من الكلام" أقصى الخدم" ، فأثبتها من الدر المنثور .
(20) الأثر : 20344 -" بقية بن الوليد" ، ثقة ، مضى مرارًا ، ولكن في حديثه مناكير ، أكثرها عن المجاهيل ، وهو كما قال الجوزجاني :" إذا تفرد بالرواية فغير محتج به لكثرة وهمه . ومع أن مسلمًا وجماعة من الأئمة قد أخرجوا عنه اعتبارًا واستشهادًا ، إلا أنهم جعلوا تفرده أصلا" .
و" أرطأة بن المنذر الألهاني" ، ثقة ، كان عابدًا، مضى برقم : 17987 .
وأما" أبو الحجاج ، رجل من مشيخة الجند" ، فأمره مشكل .
وذلك أن ابن قيم الجوزية ، رواه من طريق بقية بن الوليد عن أرطأة بن المنذر وفيه" أبو الحجاج" ، وكذلك رواه من هذه الطريق نفسها ، ابن كثير في التفسير ، ثم قال :" رواه ابن جرير ، ورواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن عياش ، عن أرطأة بن المنذر ، عن أبي الحجاج يوسف الألهاني قال سمعت أبا أمامة" ، فصرح باسم" أبي الحجاج" وأنه" يوسف الألهاني" ( حادي الأرواح 2 : 38 / تفسير ابن كثير 4 : 52 ) .
ولما طلبت" يوسف الألهاني" ، وجدته في التاريخ الكبير للبخاري 4 / 2 / 376 ، 377 قال :" يوسف الألهاني أبو الضحاك الحمصي ، سمع أبا أمامة الباهلي وابن عمر ، وروى عنه أرطأة . حدثنا إسحق بن يزيد ، قال حدثنا أبو مطيع معاوية ، سمع أرطأة ، سمع أبا الضحاك" .
ووجدته في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4 / 2 / 35 :" يوسف الألهاني ، أبو الضحاك الحمصي ، روى ابن عمر وأبي أمامة ، عنه أرطأة بن المنذر" .
والذي نقله ابن كثير عن تفسير ابن أبي حاتم نفسه فيه :" أبو الحجاج يوسف الألهاني" ، والذي في الجرح والتعديل :" أبو الضحاك" ، يؤيده ما جاء في التاريخ الكبير . والمشكل أن يتفق نص ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل . ونص البخاري ، ثم يختلف نقل ابن كثير عن تفسير ابن أبي حاتم ، متفقًا مع ما جاء في نسخ الطبري ومن نقل عنه ، وكنيته فيها" أبو الحجاج" ، والذي أرجحه أن الصواب هو ما في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم :" أبو الضحاك" .
ومع كل ذلك لم أجد ما يهديني إلى الصواب المحقق ، و" يوسف الألهاني"" أبو الضحاك" ، أو" أبو الحجاج" ، تابعي كما ترى ، ولكن لم أجد له ذكرًا في غير ما ذكرت من كتب ، ولم يبين حاله .
فهذا إسناد فيه نظر ، لما وجدت في التابعي من الاختلاف ، وقد رأيت أيضًا أنه لم يتفرد بروايته بقية بن الوليد ، عن أرطاة بن المنذر فيكون تفرد فيه بقية قادحًا في إسناده . فقد رواه عن أرطاة أيضًا" إسماعيل بن عياش" . ومع ذلك يظل في الإسناد شيء ، وفي النفس منه شيء .
و" إسماعيل بن عياش الحمصي" ، مضى مرارًا، آخرها رقم : 14212 ، وهو ثقة ، ولكنهم تكلموا فيه ، وضعفوه في بعض حديثه .
(21) الأثر : 20345 -" إبراهيم بن محمد" ، هو" إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة الفزاري" ، ثقة مأمون ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 11358 .
و" سهيل بن أبي صالح ، ذكوان السمان" ، ثقة ، روى له الجماعة ، متكلم في بعض روايته . مضى أخيرًا برقم : 11503 ، وكان في المطبوعة :" سهل" غير مصغر ، وهو خطأ . لم يحسن الناشر قراءة المخطوطة لأنها غير منقوطة .
و" محمد بن إبراهيم" ، لعله :" محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي" ، تابعي ثقة ، روى له الجماعة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 1 / 22 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 184 .
(22) أي الجنة بدلا من النار ، كما سلف في ص : 422 .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الرعد: 22 | ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ |
---|
الرعد: 24 | ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ |
---|
الرعد: 42 | ﴿يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ۗ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
فنعم:
قرئ:
1- بفتح النون وكسر العين، وهى قراءة ابن يعمر.
2- بفتح النون وسكون العين، وهى قراءة ابن وثاب.
3- بكسر النون وسكون العين، وهى قراءة الجمهور.
التفسير :
لما ذكر حال أهل الجنة ذكر أن أهل النار بعكس ما وصفهم به، فقال عنهم:{ والَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} أي:من بعد ما أكده عليهم على أيدي رسله، وغلظ عليهم، فلم يقابلوه بالانقياد والتسليم، بل قابلوه بالإعراض والنقص،{ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} فلم يصلوا ما بينهم وبين ربهم بالإيمان والعمل الصالح، ولا وصلوا الأرحام ولا أدوا الحقوق، بل أفسدوا في الأرض بالكفر والمعاصي، والصد عن سبيل الله وابتغائها عوجا،{ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} أي:البعد والذم من الله وملائكته وعباده المؤمنين،{ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} وهي:الجحيم بما فيها من العذاب الأليم.
وبعد أن ذكر- سبحانه- صفات هؤلاء الأوفياء، وما أعد لهم من ثواب جزيل، أتبع ذلك ببيان سوء عاقبة الناقضين لعهودهم، القاطعين لما أمر الله بوصله. المفسدين في الأرض فقال- تعالى-: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ.
ونقض العهد: إبطاله وعدم الوفاء به.
وقوله: مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ زيادة في تشنيع النقض. أى: ينقضون عهد الله تعالى ولا يوفون به. من بعد أن أكدوا التزامهم به وقبولهم له.
وقوله: وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ أى: ويقطعون كل ما أوجب الله- تعالى- وصله، ويدخل فيه وصل الرسول صلى الله عليه وسلم بالاتباع والموالاة، ووصل المؤمنين بالمعاونة، والمحبة، ووصل أولى الأرحام بالمودة والتعاطف، فالجملة الكريمة بيان لحال هؤلاء الأشقياء بأنهم كانوا على الضد من أولئك الأوفياء الأخيار الذين كانوا يصلون ما أمر الله به أن يوصل.
وقوله: وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بيان لصفة ثالثة من صفاتهم القبيحة.
أى: أنهم كانوا يفسدون في الأرض عن طريق حربهم لدعوة الحق، واعتدائهم على المؤمنين، وغير ذلك من الأمور التي كانوا يقترفونها مع أن الله- تعالى- قد حرمها ونهى عنها.
وقوله- تعالى-: أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ إخبار عن العذاب الشديد الذي يلقونه في آخرتهم. أى: أولئك الموصوفون بتلك الصفات الذميمة لَهُمُ من الله- تعالى- «اللعنة» والطرد من رحمته.
وَلَهُمْ فوق ذلك، الدار السيئة وهي جهنم التي ليس فيها إلا ما يسوء الصائر إليها.
هذا حال الأشقياء وصفاتهم ، وذكر مآلهم في الدار الآخرة ومصيرهم إلى خلاف ما صار إليه المؤمنون ، كما أنهم اتصفوا بخلاف صفاتهم في الدنيا ، فأولئك كانوا يوفون بعهد الله ويصلون ما أمر الله به أن يوصل ، وهؤلاء ( ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض ) كما ثبت في الحديث : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " وفي رواية : " وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر " .
ولهذا قال : ( أولئك لهم اللعنة ) وهي الإبعاد عن الرحمة ، ( ولهم سوء الدار ) وهي سوء العاقبة والمآل ، ومأواهم جهنم وبئس القرار .
وقال أبو العالية في قوله : ( والذين ينقضون عهد الله ) الآية ، قال : هي ست خصال في المنافقين إذا كان فيهم الظهرة على الناس أظهروا هذه الخصال : إذا حدثوا كذبوا ، وإذا وعدوا أخلفوا ، وإذا ائتمنوا خانوا ، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه ، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل ، وأفسدوا في الأرض . وإذا كانت الظهرة عليهم أظهروا الثلاث الخصال : إذا حدثوا كذبوا ، وإذا وعدوا أخلفوا ، وإذا ائتمنوا خانوا .
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره و أما الذين ينقضون عهد الله , ونقضهم ذلك، خلافهم أمر الله, وعملهم بمعصيته (23) (من بعد ميثاقه) ، يقول: من بعد ما وثّقوا على أنفسهم لله أن يعملوا بما عهد إليهم (24) (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، (25) يقول: ويقطعون الرحم التي أمرهم الله بوصلها(ويفسدون في الأرض) ، فسادهم فيها: عملهم بمعاصي الله ( (26) أولئك لهم اللعنة) ، يقول: فهؤلاء لهم اللعنة, وهي البعد من رحمته، والإقصاء من جِنانه (27) (ولهم سوء الدار) يقول: ولهم ما يسوءهم في الدار الآخرة .
* * *
20349- حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله, لأن الله يقول: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ [سورة الحج:31]، ونقض العهد، وقطيعة الرحم, لأن الله تعالى يقول: (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) ، يعني: سوء العاقبة .
20350- حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج, في قوله: (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا لم تمش إلى ذي رحمك برجلك ولم تعطه من مالك فقد قطعته " .
20351- حدثني محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة, عن عمرو بن مرة, عن مصعب بن سعد قال: سألت أبي عن هذه الآية: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [سورة الكهف:103 ، 104]، أهم الحرورية؟ قال: لا ولكن الحرورية (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار)، فكان سعدٌ يسميهم الفاسقين . (28)
20352- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة, عن عمرو بن مرة قال: سمعت مصعب بن سعد قال: كنت أمسك على سعدٍ المصحف, فأتى على هذه الآية, ثم ذكر نحو حديث محمد بن جعفر . (29)
----------------------------
الهوامش :
(23) انظر تفسير" النقض" فيما سلف 9 : 363 / 10 : 125 / 14 : 22 .
(24) انظر تفسير" الميثاق" فيما سلف ص : 419 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(25) انظر تفسير" الوصل" فيما سلف 1 : 415 وهذا ص : 420 ، تعليق : 1 .
(26) انظر تفسير" الفساد في الأرض" فيما سلف من فهارس اللغة ( فسد ) .
(27) انظر تفسير" اللعنة" فيما سلف 15 : 467 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(28) الأثر : 20351 -" مصعب بن سعد بن أبي وقاص" ، تابعي ثقة ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 18776 .
رواه البخاري في صحيحه من طريق محمد بن بشار ، عن محمد بن جعفر ، مطولا ( الفتح 8 : 323 ) وسيأتي مطولا في التفسير 17 : 27 ( بولاق ) في تفسير آية سورة الكهف . رواه الحاكم في المستدرك 2 : 370 ، من طريق" إسحاق ، عن جرير ، عن منصور ، عن مصعب بن سعد" ، وقال :" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه" . ووافقه الذهبي . ثم انظر تخريجه في غير المطبوع من الكتب ، في الدر المنثور 4 : 253 . وسيأتي بإسناد آخر في الذي يليه .
(29) الأثر : 20352 - هو مكرر الذي قبله من رواية أبي داود الطيالسي ، عن شعبة .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 27 | ﴿ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ |
---|
الرعد: 25 | ﴿وَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:هو وحده يوسع الرزق ويبسطه على من يشاء ويقدره ويضيقه على من يشاء،{ وَفَرِحُوا} أي:الكفار{ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فرحا أوجب لهم أن يطمئنوا بها، ويغفلوا عن الآخرة وذلك لنقصان عقولهم،{ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ} أي:شيء حقير يتمتع به قليلا ويفارق أهله وأصحابه ويعقبهم ويلا طويلا.
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن الغنى والفقر بيده، وأن العطاء والمنع بأمره فقال- تعالى-: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ.... وبسط الرزق كناية عن سعته ووفرته وكثرته. ومعنى: «يقدر» يضيق ويقلل.
قال الإمام الشوكانى: «لما ذكر- سبحانه- عاقبة المشركين بقوله أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ كان لقائل أن يقول: قد نرى كثيرا منهم قد وفر الله له في الرزق وبسط له فيه. فأجاب- سبحانه- عن ذلك: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ فقد يبسط الرزق لمن كان كافرا، ويقتره على من كن مؤمنا ابتلاء وامتحانا، ولا يدل البسط على الكرامة، ولا القبض على الإهانة ... » .
أى: الله- تعالى- وحده هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء من خلقه، وهو وحده- أيضا- الذي يضيقه على من يشاء منهم لحكم هو يعلمها، ولا تعلق لذلك بالكفر أو الإيمان، فقد يوسع على الكافر استدراجا له، وقد يضيق على المؤمن امتحانا له، أو زيادة في أجره.
والضمير في قوله: وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا يعود إلى مشركي مكة، وإلى كل من كان على شاكلتهم في الكفر والطغيان. والمراد بالفرح هنا: الأشر والبطر وجحود النعم.
أى: وفرح هؤلاء الكافرون بربهم، الناقضون لعهودهم، بما أوتوا من بسطة في الرزق في دنياهم، فرح بطر وأشر ونسيان للآخرة لا فرح سرور بنعم الله، وشكر له- سبحانه- عليها، وتذكر للآخرة وما فيها من ثواب وعقاب ...
وقوله- سبحانه- وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ بيان لقلة نعيم الدنيا بالنسبة لنعيم الآخرة.
والمتاع: ما يتمتع به الإنسان في دنياه من مال وغيره لمدة محددة ثم ينقضي.
أى: إن هؤلاء الفرحين بنعم الله عليهم في الدنيا، فرح بطر وأشر وجحود، لن يتمتعوا بها طويلا، لأن نعيم الدنيا ليس إلا شيئا قليلا بالنسبة لنعيم الآخرة.
وتنكير «متاع» للتقليل، كقوله- تعالى- في آية أخرى: لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ، مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ .
قال الآلوسى ما ملخصه: قوله وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ أى: كائنة في جنب نعيم الآخرة، فالجار والمجرور في موضع الحال، و «في» هذه معناها المقايسة وهي كثيرة في الكلام، كما يقال: ذنوب العبد في رحمة الله- تعالى- كقطرة في بحر، وهي الداخلة بين مفضول سابق، وفاضل لاحق ...
والمراد بقوله: إِلَّا مَتاعٌ أى: إلا شيئا يسيرا يتمتع به كزاد الراعي.
والمعنى: أنهم رضوا بحظ الدنيا معرضين عن نعيم الآخرة، والحال أن ما فرحوا به في جنب ما أعرضوا عنه قليل النفع، سريع النفاد.
أخرج الترمذي وصححه عن عبد الله بن مسعود قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير، فقام وقد أثر في جنبه، فقلنا يا رسول الله: لو اتخذنا لك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «مالي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل بشجرة ثم راح وتركها ... » .
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد بينت صفات المؤمنين وحسن عاقبتهم، وصفات الكافرين وسوء مصيرهم كما وضحت أن الأرزاق بيد الله- تعالى- يعطيها بسعة لمن يشاء من عباده، ويعطيها بقلة لغيرهم ...
ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك بعض المطالب المتعنتة التي طلبها الكافرون من النبي صلى الله عليه وسلم، ورد عليها بما يبطلها، ومدح المؤمنين لاطمئنان قلوبهم إلى سلامة دينهم من كل نقص، وأيأسهم من إيمان أعدائهم لاستيلاء العناد والجحود على قلوبهم، فقال- تعالى-:
يذكر تعالى أنه هو الذي يوسع الرزق على من يشاء ، ويقتره على من يشاء ، لما له في ذلك من الحكمة والعدل . وفرح هؤلاء الكفار بما أوتوا في الحياة الدنيا استدراجا لهم وإمهالا كما قال تعالى : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ) [ المؤمنون : 55 ، 56 ] .
ثم حقر الحياة الدنيا بالنسبة إلى ما ادخره تعالى لعباده المؤمنين في الدار الآخرة فقال : ( وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ) كما قال : ( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا ) [ النساء : 77 ] وقال ( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ) [ الأعلى : 16 ، 17 ] .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ويحيى بن سعيد قالا حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، عن المستورد أخي بني فهر قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم ، فلينظر بم ترجع " وأشار بالسبابة . ورواه مسلم في صحيحه .
وفي الحديث الآخر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بجدي أسك ميت - والأسك الصغير الأذنين - فقال : " والله للدنيا أهون على الله من هذا على أهله حين ألقوه " .
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الله يوسّع على من يَشاء من خلقه في رزقه, فيبسط له منه (30) لأن منهم من لا يُصْلحه إلا ذلك(ويقدر) ، يقول: ويقتِّر على من يشاء منهم في رزقه وعيشه, فيضيّقه عليه, لأنه لا يصلحه إلا الإقتار(وفرحوا بالحياة الدنيا) ، يقول تعالى ذكره: وفرح هؤلاء الذين بُسِط لهم في الدنيا من الرزق على كفرهم بالله ومعصيتهم إياه بما بسط لهم فيها، وجهلوا ما عند الله لأهل طاعته والإيمان به في الآخرة من الكرامة والنعيم .
ثم أخبر جلّ ثناؤه عن قدر ذلك في الدنيا فيما لأهل الإيمان به عنده في الآخرة وأعلم عباده قِلّته, فقال: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) ، يقول: وما جميع ما أعطى هؤلاء في الدنيا من السَّعة وبُسِط لهم فيها من الرزق ورغد العيش، فيما عند الله لأهل طاعته في الآخرة(إلا متاع) قليل، وشيء حقير ذاهب . (31) كما:-
20353- حدثنا الحسن بن محمد، قال، حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (إلا متاع) قال: قليلٌ ذاهب .
20354- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد
20355- ... قال: وحدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) ، قال: قليلٌ ذاهب .
20356- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن الأعمش, عن بكير بن الأخنس, عن عبد الرحمن بن سابط في قوله: (وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاعٌ) قال: كزاد الرّاعي يُزوِّده أهله: الكفِّ من التمر, أو الشيء من الدقيق, أو الشيء يشرَبُ عليه اللبن .
---------------------
الهوامش :
(30) انظر تفسير" البسط" فيما سلف 5 : 288 - 290 / 10 : 452 .
(31) انظر تفسير" المتاع" فيما سلف : 414 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الرعد: 26 | ﴿ اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ |
---|
الروم: 37 | ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ﴾ |
---|
الزمر: 52 | ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى أن الذين كفروا بآيات الله يتعنتون على رسول الله، ويقترحون ويقولون:{ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} وبزعمهم أنها لو جاءت لآمنوا فأجابهم الله بقوله:{ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} أي:طلب رضوانه، فليست الهداية والضلال بأيديهم حتى يجعلوا ذلك متوقفا على الآيات، ومع ذلك فهم كاذبون،{ ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون}
ولا يلزم أن يأتي الرسول بالآية التي يعينونها ويقترحونها، بل إذا جاءهم بآية تبين ما جاء به من الحق، كفى ذلك وحصل المقصود، وكان أنفع لهم من طلبهم الآيات التي يعينونها، فإنها لو جاءتهم طبق ما اقترحوا فلم يؤمنوا بها لعاجلهم العذاب.
وقوله- سبحانه-: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ حكاية لما طلبه مشركو مكة من رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل التعنت والطغيان. ومرادهم بالآية: آية كونية كإحياء الموتى، وإزاحة الجبال من أماكنها، و «لولا» هنا: حرف تحضيض بمعنى هلا.
أى: ويقول الكافرون على سبيل العناد والجحود، هلا أنزل على هذا الرسول آية كونية تدل على صدقه، كأن يحيى لنا موتانا، أو أن يحول لنا جبل الصفا ذهبا ...
وكأنهم يرون أن القرآن الذي نزل عليه صلى الله عليه وسلم لا يكفى- في زعمهم- أن يكون آية ومعجزة شاهدة على صدقه.
وقد أمر الله- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم بقوله: قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ.
أى: قل لهم أيها الرسول الكريم على سبيل التعجيب من أحوالهم ومن شدة ضلالهم: إن الله- تعالى- يضل عن طريق الحق من يريد إضلاله، لاستحباب هذا الضال العمى على الهدى، ويهدى إلى صراطه المستقيم، من أناب إليه- سبحانه- ورجع إلى الحق الذي جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم بقلب سليم. وعقل متفتح لمعرفة الصواب والرشاد.
فالجملة الكريمة تعجيب من أقوالهم الباطلة، ومن غفلتهم عن الآيات الباهرة التي أعطاها الله- تعالى- لرسوله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسها القرآن الكريم الذي هو آية الآيات، وحض لهم على الإقلاع عما هم عليه من العتو والعناد.
والإنابة: الرجوع إلى الشيء بعد تردد، فقد جرت عادة كثير من النفوس البشرية أن يعرض عليها الحق فتتردد في قبوله في أول الأمر، ثم تعود إلى قبوله واعتناقه بعد قيام الدلائل على صحته وسلامته من الفساد.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف طابق قولهم لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قوله قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ... ؟
قلت: هو كلام يجرى مجرى التعجب من قولهم، وذلك أن الآيات الباهرة والمتكاثرة التي أوتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤتها نبي قبله، وكفى بالقرآن وحده آية وراء كل آية. فإذا جحدوها ولم يهتدوا بها وجعلوه كأن آية لم تنزل عليه قط، كان موضعا للتعجب والاستنكار، فكأنه قيل لهم: ما أعظم عنادكم وما أشد تصميمكم على كفركم، إن الله يضل من يشاء ممن كان على صفتكم من التصميم وشدة الشكيمة في الكفر، فلا سبيل إلى اهتدائهم وإن أنزلت كل آية وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ كان على خلاف صفتكم أَنابَ أقبل إلى الحق وحقيقته دخل في نوبة الخير» .
يخبر تعالى عن قيل المشركين : ( لولا ) أي : هلا ( أنزل عليه آية من ربه ) كما قالوا : ( فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) [ الأنبياء : 5 ] وقد تقدم الكلام على هذا غير مرة ، وإن الله قادر على إجابة ما سألوا . وفي الحديث : أن الله أوحى إلى رسوله لما سألوه أن يحول لهم الصفا ذهبا ، وأن يجري لهم ينبوعا ، وأن يزيح الجبال من حول مكة فيصير مكانها مروج وبساتين : إن شئت يا محمد أعطيتهم ذلك ، فإن كفروا فإني أعذبهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة ، فقال : " بل تفتح لهم باب التوبة والرحمة " ; ولهذا قال لرسوله : ( قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ) أي : هو المضل والهادي ، سواء بعث الرسول بآية على وفق ما اقترحوا ، أو لم يجبهم إلى سؤالهم; فإن الهداية والإضلال ليس منوطا بذلك ولا عدمه ، كما قال : ( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ) [ يونس : 101 ] وقال ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 96 ، 97 ] وقال ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ) [ الأنعام : 111 ] ; ولهذا قال : ( قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ) أي : ويهدي من أناب إلى الله ، ورجع إليه ، واستعان به ، وتضرع لديه .
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويقول لك يا محمد، مشركو قومك: هلا أنـزل عليك آية من ربك, إمّا ملك يكون معك نذيرًا, أو يُلْقَى إليك كنـز؟ فقل: إن الله يضل منكم من يشاء أيها القوم، فيخذله عن تصديقي والإيمان بما جئته به من عند ربي(ويَهدي إليه من أناب), فرجع إلى التوبة من كفره والإيمان به, فيوفقه لاتباعي وتصديقي على ما جئته به من عند ربه، وليس ضلالُ من يضلّ منكم بأن لم ينـزل علي آية من ربّي ولا هداية من يهتدي منكم بأنَّها أنـزلت عليّ, وإنما ذلك بيَدِ الله, يوفّق من يشاء منكم للإيمان ويخذل من يشاء منكم فلا يؤمن .
* * *
وقد بينت معنى " الإنابة "، في غير موضع من كتابنا هذا بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . (32)
* * *
20357- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (ويهدي إليه من أناب) : أي من تاب وأقبل .
---------------------
الهوامش :
(32) انظر تفسير" الإنابة" فيما سلف 15 : 406 ، 454 . ولقد نسي أبو جعفر رحمه الله ، فإنه لم يذكر" الإنابة" في غير هذين الموضعين القريبين ، ولم يذكر في تفسيرهما شيئًا من الشواهد ، وكأنه لما أوغل في التفسير ، وكان قد أعد له العدة ، شبه عليه الأمر ، وظن أن الذي سيأتي مرارًا ، مضى قبل ذلك مرارًا ، فقال من ذلك ما قال هنا ، وقد مر مثله وأشرت إليه .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يونس: 20 | ﴿وَيَقُولُون لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّـهِ﴾ |
---|
الرعد: 7 | ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ﴾ |
---|
الرعد: 27 | ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّـهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم ذكر تعالى علامة المؤمنين فقال:{ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} أي:يزول قلقها واضطرابها، وتحضرها أفراحها ولذاتها.
{ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} أي:حقيق بها وحريٌّ أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له، هذا على القول بأن ذكر الله، ذكر العبد لربه، من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك.
وقيل:إن المراد بذكر الله كتابه الذي أنزله ذكرى للمؤمنين، فعلى هذا معنى طمأنينة القلوب بذكر الله:أنها حين تعرف معاني القرآن وأحكامه تطمئن لها، فإنها تدل على الحق المبين المؤيد بالأدلة والبراهين، وبذلك تطمئن القلوب، فإنها لا تطمئن القلوب إلا باليقين والعلم، وذلك في كتاب الله، مضمون على أتم الوجوه وأكملها، وأما ما سواه من الكتب التي لا ترجع إليه فلا تطمئن بها، بل لا تزال قلقة من تعارض الأدلة وتضاد الأحكام.
{ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} وهذا إنما يعرفه من خبر كتاب الله وتدبره، وتدبر غيره من أنواع العلوم، فإنه يجد بينها وبينه فرقا عظيما.
ثم رسم القرآن صورة مشرقة للقلوب المؤمنة، وللجزاء الحسن الذي أعده الله لها فقال- تعالى- الَّذِينَ آمَنُوا حق الإيمان، وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أى: تستقر قلوبهم وتسكن، بسبب تدبرهم لكلامه المعجز وهو القرآن الكريم وما فيه من هدايات.
وإطلاق الذكر على القرآن الكريم ورد في آيات منها قوله- تعالى- وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ وقوله- تعالى- إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ .
وقوله: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ أى: ألا بذكره وحده دون غيره من شهوات الحياة تسكن القلوب أنسا به، ومحبة له.
ويصح أن يراد بذكر الله هنا ما يشمل القرآن الكريم، ويشمل ذكر الخالق- عز وجل- باللسان، فإن إجراءه على اللسان ينبه القلوب إلى مراقبته- سبحانه- كما يصح أن يراد به خشيته- سبحانه- ومراقبته بالوقوف عند أمره ونهيه.
إلا أن الأظهر هنا أن يراد به القرآن الكريم، لأنه الأنسب للرد على المشركين الذين لم يكتفوا به كمعجزة دالة على صدقه صلى الله عليه وسلم وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه.
واختير الفعل المضارع في قوله- سبحانه- تَطْمَئِنُّ مرتين في آية واحدة، للإشارة إلى تجدد الاطمئنان واستمراره، وأنه لا يتخلله شك ولا تردد.
وافتتحت جملة أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ بأداة الاستفتاح المفيدة للتنبيه، للاهتمام بمضمونها، وللإغراء بالإكثار من ذكره- عز وجل-، ولإثارة الكافرين إلى الاتسام بسمة المؤمنين لتطمئن قلوبهم.
ولا تنافى بين قوله- تعالى- هنا أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وبين قوله في سورة الأنفال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ... أى: خافت.
لأن وجلهم إنما هو عند ذكر الوعيد والعقاب والطمأنينة عند ذكر الوعد والثواب.
أو وجلت من هيبته وخشيته- سبحانه- وهو لا ينافي اطمئنان الاعتماد والرجاء.
الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ) أي : تطيب وتركن إلى جانب الله ، وتسكن عند ذكره ، وترضى به مولى ونصيرا; ولهذا قال : ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) أي : هو حقيق بذلك .
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ بالتوبة الذين آمنوا .
* * *
و (الذين آمنوا) في موضع نصب، ردٌّ على " مَنْ", لأن " الذين آمنوا " ، هم " من أناب "، ترجم بها عنها . (33)
* * *
وقوله: وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ، يقول: وتسكن قلوبهم وتستأنس بذكر الله، (34) كما:-
20358- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ يقول: سكنت إلى ذكر الله واستأنست به .
* * *
وقوله: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ، يقول: ألا بذكر الله تسكن وتستأنس قلوبُ المؤمنين . (35)
وقيل: إنه عنى بذلك قلوب المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك:
20359- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ لمحمد وأصحابه .
20360- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل (36)
20361- وحدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله, عن ورقاء عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قال: لمحمد وأصحابه .
20362- ... قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا أحمد بن يونس قال، حدثنا سفيان بن عيينة في قوله: وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ قال: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .
------------------------
الهوامش:
(33) " الترجمة" ، البدل أو عطف البيان ، وانظر ما سلف قريبًا ص : 423 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(34) انظر تفسير" الاطمئنان" فيما سلف 15 : 25 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .
(35) انظر تفسير" الاطمئنان" فيما سلف 15 : 25 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .
(36) كرر هذا الإسناد في المطبوعة وحدها ، وقال ناشر المطبوعة الأولى ،" كذا في النسخ بهذا التكرار فانظره" ، وليس مكررًا في مخطوطتنا ، كأنه لم يرجع إليها .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء