408333435363738394041

الإحصائيات

سورة الروم
ترتيب المصحف30ترتيب النزول84
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.50
عدد الآيات60عدد الأجزاء0.30
عدد الأحزاب0.57عدد الأرباع2.30
ترتيب الطول35تبدأ في الجزء21
تنتهي في الجزء21عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 16/29آلم: 4/6

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (33) الى الآية رقم (37) عدد الآيات (5)

لمَّا بَيَّنَ التَّوحيدَ بالدَّليلِ وبالمَثَلِ، بَيَّنَ هنا حالَ فئتينِ من الناسِ: الذين يتضرعُونَ إلى اللهِ وقت الشِّدَّةِ ويُشركُونَ وقتَ الرخاءِ، والذينَ يعبدُونَ اللهَ للدنيا إذا آتاهم رَضُوا وإذا منعَهم سَخِطُوا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (38) الى الآية رقم (41) عدد الآيات (4)

لمَّا ذكَرَ أنَّه يبسطُ الرِّزقَ أتبعَه بالإحسانِ لذوي الحاجةِ، وأنَّ من أَعطَى بقصدِ ردِّها بزيادةٍ (الرِّبا) حَرُمَ، ومن أَعطَى للهِ ضاعفَ له الأجرَ، وأنَّ الفسادَ مرتبطٌ بالمعاصِي.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الروم

آيات الله واضحة بينة، فكيف لا تؤمنون؟! / بيد الله مقاليد الأمور، ووعده لا يُخْلف

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • آية تاريخية:: نزلت الآيات الأولى من السورة عندما قامت حرب بين الفرس والروم في عهد النبي ، فانتصر الفرس على الروم انتصارًا ساحقًا، وكان الروم نصارى بينما الفرس مجوس يعبدون النار، فاستبشر المشركون أنهم سينتصرون على المؤمنين كما انتصر الفرس على الروم وهم أهل كتاب.
  • • آية كونية:: يضاف للآية السابقة آية أخرى لم يفهمها الأوائل ولم ينتبهوا لها، تزيدنا إيمانًا بهذا الكتاب المبيّن وآياته المبهرة: فالسورة تقول عن هذه المعركة -التي دارت بين الفرس والروم- أنها حصلت في أدنى الأرض: ﴿غُلِبَتِ ٱلرُّومُ * فِى أَدْنَى ٱلأَرْضِ ...﴾، وهذه الآية لا يستطيع أحد من عصرنا إنكارها، فقد دل العلم الحديث أن المكان الذي حدثت فيه المعركة، المعروف بحوض البحر الميت حاليًا، هو أدنى (أخفض) مكان على الكرة الأرضية، حيث تنخفض عن سطح البحر بعمق 395 مترًا، وقد أكدت ذلك صور وقياسات الأقمار الصناعية، فماذا يملك كل مكذّب قديمًا أو حديثًا بعد هذه الآيات؟!
  • • آية اقتصادية:: وتمضي السورة لتذكر لنا آية أخرى، آية مادية نراها في الدنيا، ليست آية علمية بل آية اقتصادية، اسمع قوله تعالى: ﴿وَمَا ءاتَيْتُمْ مّن رِبًا لّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱلله وَمَا ءاتَيْتُمْ مّن زَكَوٰةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱلله فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ﴾ (39)، والمعنى أن الربا لا يزيد المال بل ينقصه، ويأتي علم الاقتصاد الحديث فيثبت أن أفضل وسيلة تجعل الاقتصاد مستقرًا هي أن تكون نسبة الفائدة صفرًا بالمئة، أي بإلغاء الفوائد كليًا، ثم يثبت علم الاقتصاد أيضًا أن الزكاة هي من أفضل الأساليب التنموية. ولعل هذا هو سر مجيء آية الربا والزكاة ضمن آيات الكون المنظورة الدالة على الإيمان بالله. كأن السورة تقول للناس كلهم، في كل العصور: انظروا إلى آيات الله في كل المجالات: في التاريخ، والكون، والاقتصاد.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الروم».
  • • معنى الاسم :: : الروم: اسم قوم، يقال أصلهم من روما، وكانت لهم مملكة تحتل قطعة من أوروبا وقطعة من آسيا، وعاصمتهم القسطنطينية، وقد امتد سلطانهم في بلاد كثيرة.
  • • سبب التسمية :: لافتتاحها بذكر هزيمة الروم، ثم الإخبار بانتصارهم على الفرس في المستقبل، وهذه اللفظة لم ترد إلا مرة واحدة في القرآن الكريم.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن مقاليد الأمور بيد الله، ووعده لا يُخْلف.
  • • علمتني السورة :: : اعمل لدنياك؛ ولكن لا تغفل عن الآخرة: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾
  • • علمتني السورة :: أن من مظاهر رحمة الله تعالى بين الزوجين: السكن، والمودة، والرحمة: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾
  • • علمتني السورة :: أن اختلاف الألسن كاختلاف الألوان من آيات الله، والسخرية بالألسن واللغات واللهجات عصبية مقيتة كالسخرية بالألوان: ﴿وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾

مدارسة الآية : [33] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا ..

التفسير :

[33] وإذا أصاب الناسَ شدة وبلاء دعَوا ربهم مخلصين له أن يكشف عنهم الضر، فإذا رحمهم وكشف عنهم ضرهم إذا فريق منهم يعودون إلى الشرك مرة أخرى، فيعبدون مع الله غيره.

{ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ} مرض أو خوف من هلاك ونحوه.{ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} ونسوا ما كانوا به يشركون في تلك الحال لعلمهم أنه لا يكشف الضر إلا اللّه.

{ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً} شفاهم من مرضهم وآمنهم من خوفهم،{ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ} ينقضون تلك الإنابة التي صدرت منهم ويشركون به من لا دفع عنهم ولا أغنى، ولا أفقر ولا أغنى،

أى: وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ من قحط أو مصيبة في المال أو الولد، دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ أى: إذا نزل بهم الضر، أسرعوا بالدعاء إلى الله- تعالى- متضرعين إليه أن يكشف عنهم ما نزل بهم من بلاء.

هذا حالهم عند الشدائد والكروب، أما حالهم عند العافية والغنى وتفريج الهموم، فقد عبر عنه- سبحانه- بقوله: ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ.

وإِذا الأولى شرطية، والثانية فجائية.

أى: هم بمجرد نزول الضر بهم يلجئون إلى الله- تعالى- لإزالته، ثم إذا ما كشفه عنهم، وأحاطهم برحمته، أسرع فريق منهم بعبادة غيره- سبحانه-.

وقوله- تعالى-: إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ: إنصاف وتشريف لفريق آخر من الناس، من صفاتهم أنهم يذكرون الله- تعالى- في كل الأحوال، ويصبرون عند البلاء، ويشكرون عند الرخاء.

والتنكير في قوله- سبحانه- «ضر، ورحمة» للإشارة إلى أن هذا النوع من الناس، يجزعون عند أقل ضر، ويبطرون ويطغون لأدنى رحمة ونعمة.

يقول تعالى مخبرا عن الناس إنهم في حال الاضطرار يدعون الله وحده لا شريك له ، وأنه إذا أسبغ عليهم النعم ، إذا فريق منهم [ أي ] في حالة الاختبار يشركون بالله ، ويعبدون معه غيره .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33)

يقول تعالى ذكره: وإذا مسّ هؤلاء المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ضرّ، فأصابتهم شدة وجدوب وقحوط (دَعَوْا رَبَّهُمْ) يقول: أخلصوا لربهم التوحيد، وأفردوه بالدعاء والتضرّع إليه، واستغاثوا به (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ)، تائبين إليه من شركهم وكفرهم (ثُمَّ إِذَا أذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً) يقول: ثم إذا كشف ربهم تعالى ذكره عنهم ذلك الضرّ، وفرّجه عنهم، وأصابهم برخاء وخصب وسعة، (إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ) يقول: إذا جماعة منهم (بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) يقول: يعبدون معه الآلهة والأوثان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[33] ﴿وَإِذا مَسَّ النّاسَ ضُرٌّ دَعَوا رَبَّهُم مُنيبينَ إِلَيهِ﴾ بمجرد المس من الضر يجعل الإنسان فى حال من السوء والهلع ويهرع إلى خالقه.
عمل
[33] ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ ارحل إلى الله طوعًا بسلاسل الإنعام، قبل أن تساق إليه قهرًا بسلاسل الامتحان، وهذا لمن كان کریمًا على ربه، وإلا ترکه الله في مجاهل العصيان والنسيان.
وقفة
[33] ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ أي: إذا مس هؤلاء الكفار ضر من مرض وشدة دعوا ربهم؛ أي: استغاثوا به في كشف ما نزل بهم، مقبلين عليه وحده دون الأصنام؛ لعلمهم بأنه لا فرج عندها، ﴿ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً﴾ أي: عافية ونعمة، ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ أي: يشركون به في العبادة.
وقفة
[33] الناس ينسون الله إذا اغتنوا ويلوذون به إذا افتقروا ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾.
وقفة
[33] ﴿إِذا فَريقٌ مِنهُم بِرَبِّهِم يُشرِكونَ﴾ رغم كل تلك النعم إلا أن البعض ما زال يرفع شعار الشرك والعياذ بالله.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا مَسَّ:
  • الواو استئنافية. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه، مس: فعل ماض مبني على الفتح.وجملة مَسَّ النّاسَ ضُرٌّ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ النّاسَ ضُرٌّ:
  • مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ضر: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ دَعَوْا رَبَّهُمْ:
  • لجملة الفعلية جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب بمعنى تضرعوا الى ربهم. دعوا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ربّ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ:
  • حال من الضمير في «دعوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. إليه: جار ومجرور متعلق بمنيبين. أي تائبين اليه
  • ﴿ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ:
  • ثم حرف عطف. اذا: أعربت. اذاق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول.
  • ﴿ مِنْهُ رَحْمَةً:
  • جار ومجرور متعلق بحال من «رحمة» لأنه متعلق بصفة قدمت عليها. رحمة: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة وجملة أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف.
  • ﴿ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ:
  • اذا: حرف فجاءة سادة مسد الفاء في جواب الشرط‍.فريق: مبتدأ مرفوع بالضمة. منهم: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من فريق و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن. بربهم: جار ومجرور متعلق بيشركون. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ يُشْرِكُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر المبتدأ. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الاسمية «فريق بربهم يشركون» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ بعضَ صفات المشركين؛ ذكرَ هنا صفة أخرى لهم، وهي أنهم يتضرعُونَ إلى اللهِ وقت الشِّدَّةِ، ويُشركُونَ وقتَ الرخاءِ، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ ..

التفسير :

[34] ليكفروا بما آتيناهم ومننَّا به عليهم من كشف الضر، وزوال الشدة عنهم، فتمتعوا -أيها المشركون- بالرخاء والسَّعَة في هذه الدنيا، فسوف تعلمون ما تلقونه من العذاب والعقاب.

كل هذا كفر بما آتاهم اللّه ومَنَّ به عليهم حيث أنجاهم، وأنقذهم من الشدة وأزال عنهم المشقة، فهلا قابلوا هذه النعمة الجليلة بالشكر والدوام على الإخلاص له في جميع الأحوال؟.

واللام في قوله- تعالى-: لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ هي العاقبة. أى: فعلوا ما فعلوا من الجزع عند الضر، ومن البطر عند النعم، ليكون مآل حالهم إلى الكفر والجحود لنعم الله، وإلى سوء العاقبة والمصير.

ثم التفت إليهم- سبحانه- بالخطاب مهددا ومتوعدا فقال: فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ أى: فتمتعوا- أيها الجاحدون لنعم الله- بهذا المتاع الزائل من متع الحياة الدنيا، فسوف تعلمون ما يترتب على ذلك من عذاب مهين.

وقوله : ( ليكفروا بما آتيناهم ) ، هي لام العاقبة عند بعضهم ، ولام التعليل عند آخرين ، ولكنها تعليل لتقييض الله لهم ذلك .

ثم توعدهم بقوله : ( فسوف تعلمون ) ، قال بعضهم : والله لو توعدني حارس درب لخفت منه ، فكيف والمتوعد هاهنا [ هو ] الذي يقول للشيء : كن ، فيكون .

ثم قال منكرا على المشركين فيما اختلقوه من عبادة الأوثان بلا دليل ولا حجة ولا برهان .

القول في تأويل قوله تعالى : لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34)

يقول تعالى ذكره متوعدا لهؤلاء المشركين الذين أخبر عنهم أنه إذا كشف الضرّ عنهم كفروا به: ليكفروا بما أعطيناهم، يقول: إذا هم بربهم يشركون، كي يكفروا: أي يجحدوا النعمة التي أنعمتها عليهم، بكشفي عنهم الضرّ الذي كانوا فيه، وإبدالي ذلك لهم بالرخاء والخصب والعافية، وذلك الرخاء والسعة هو الذي آتاهم تعالى ذكره: الذي قال: (بِمَا آتَيْنَاهُمْ) وقوله: (فَتَمَتَّعُوا) يقول: فتمتعوا أيها القوم، بالذي آتيناكم من الرخاء والسعة في هذه الدنيا(فَسَوْف تَعْلَمُونَ) إذا وردتم على ربكم ما تلقون من عذابه، وعظيم عقابه على كفركم به في الدنيا.

وقد قرأ بعضهم: (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) بالياء، بمعنى: ليكفروا بما آتيناهم، فقد تمتعوا، على وجه الخبر، فسوف يعلمون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[34] ﴿لِيَكفُروا بِما آتَيناهُم فَتَمَتَّعوا فَسَوفَ تَعلَمونَ﴾ لا يغرنك تنعم البعض فى الحياة الدنيا؛ فأنت لا تدري ما وراء ذلك.
لمسة
[34] ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ الآية فيها ما يسمى في البلاغة بـ(الالتفات)، فلم يقل: (وليتمتعوا)، بل قال بصيغة الأمر: ﴿فَتَمَتَّعُوا﴾، والأمر للتهديد، وفائدة الالتفات: التنبيه؛ ليتساءل القارئ والسامع: لم اختلف السياق؟ ولم كان الكلام للغائب: ﴿لِيَكْفُرُوا﴾، ثم صار للمخاطب: ﴿فَتَمَتَّعُوا﴾.
وقفة
[34] ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ المستمتع بالحرام لا يعلم عاقبة المتعة المحرمة، أو يعلمها ويتغافل عنها، ولو علمها حقًّا لزهد فيها.

الإعراب :

  • ﴿ لِيَكْفُرُوا:
  • اللام حرف جر للتعليل. يكفروا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «يكفروا» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيشركون ويجوز أن تكون لام الأمر بمعنى التهديد فيكون الفعل مجزوما بلام الأمر بمعنى ليجحدوا
  • ﴿ بِما آتَيْناهُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بيكفروا. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. آتى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به بمعنى بما منحناهم. وجملة «آتيناهم» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ فَتَمَتَّعُوا:
  • بمعنى: اعملوا ما شئتم. الفاء استئنافية. تمتعوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ:
  • الفاء استئنافية. أو واقعة في جواب شرط‍ مقدر بمعنى ان تتمتعوا فسوف تعلمون. سوف: حرف استقبال-تسويف-تعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعولها اختصارا لأنه معلوم بمعنى فسوف تعلمون وبال تمتعكم هذا.'

المتشابهات :

العنكبوت: 66﴿ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
النحل: 55﴿ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ ۚ فَتَمَتَّعُوا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
الروم: 34﴿ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ ۚ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ حال المشركين؛ هددهم هنا أشد التهديد، قال تعالى:
﴿ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فتمتعوا ... تعلمون:
قرئا:
1- بالتاء، فيهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فيمتعوا، بالياء مبنيا للمفعول، يعملون، بالياء، وهى قراءة أبى العالية.

مدارسة الآية : [35] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ ..

التفسير :

[35] أم أنزلنا على هؤلاء المشركين برهاناً ساطعاً وكتاباً قاطعاً، ينطق بصحة شركهم وكفرهم بالله وآياته.

{ أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا} أي:حجة ظاهرة{ فَهُوَ} أي:ذلك السلطان،{ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} ويقول لهم:اثبتوا على شرككم واستمروا على شككم فإن ما أنتم عليه هو الحق وما دعتكم الرسل إليه باطل.

فهل ذلك السلطان موجود عندهم حتى يوجب لهم شدة التمسك بالشرك؟ أم البراهين العقلية والسمعية والكتب السماوية والرسل الكرام وسادات الأنام، قد نهوا أشد النهي عن ذلك وحذروا من سلوك طرقه الموصلة إليه وحكموا بفساد عقل ودين من ارتكبه؟.

فشرك هؤلاء بغير حجة ولا برهان وإنما هو أهواء النفوس، ونزغات الشيطان.

وقوله- تعالى-: أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ التفات من الخطاب إلى الغيبة، على سبيل التحقير لهم، والتهوين من شانهم. والاستفهام للنفي والتوبيخ.

والسلطان: الحجة والبرهان.

أى: هؤلاء الذين أشركوا معنا غيرنا في العبادة، هل نحن أنزلنا عليهم حجة ذات قوة وسلطان تشهد لهم بأن شركهم لا يخالف الحق، وتنطق بأن كفرهم لا غبار عليه؟

كلا، إننا ما أنزلنا عليهم شيئا من ذلك، وإنما هم الذين وقعوا في الشرك، بغير علم، ولا هدى ولا كتاب منير.

فالآية الكريمة تتهكم بهم لسفههم وجهلهم، وتنفى أن يكون شركهم مبنيا على دليل أو ما يشبه الدليل، أو أن يكون هناك من أمرهم به سوى تقاليدهم الباطلة، وأهوائهم الفاسدة وأفكارهم الزائفة.

( أم أنزلنا عليهم سلطانا ) أي : حجة ( فهو يتكلم ) أي : ينطق ( بما كانوا به يشركون ) ؟ وهذا استفهام إنكار ، أي : لم يكن [ لهم ] شيء من ذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)

يقول تعالى ذكره: أم أنـزلنا على هؤلاء الذين يشركون في عبادتنا الآلهة والأوثان كتابا بتصديق ما يقولون، وبحقيقة ما يفعلون (فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) يقول: فذلك الكتاب ينطق بصحة شركهم، وإنما يعني جلّ ثناؤه بذلك: أنه لم ينـزل بما يقولون ويفعلون كتابا، ولا أرسل به رسولا وإنما هو شيء افتعلوه واختلقوه؛ اتباعا منهم لأهوائهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: ( أَمْ أَنـزلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ ) يقول: أم أنـزلنا عليهم كتابا فهو ينطق بشركهم.

المعاني :

سُلْطَانًا :       بُرْهَانًا سَاطِعًا وَكِتَابًا قَاطِعًا السراج
سُلطانا :       كتابا أو حُجّة معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[35] ﴿أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ﴾ الاستفهام للإنكار والتوبيخ.
وقفة
[35] ﴿أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ﴾ في الآية فائدة: من فعل شيئًا مجتهدًا ومستندًا إلى دليل، فلا إثم عليه، بل وكل من تأول دليلًا ظانًا أنه على صواب فلا شيء عليه.
لمسة
[35] ﴿أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ﴾ أي أأنزلنا عليهم في عبادة الأوثان حجة وكتابًا فيه تقرير ما يفعلون، وينطق أو يدل ويشهد بشركهم؟! وهذا استفهام إنكاري معناه أنه لم يكن شيء من ذلك، فلم ينزل الله عليهم كتابًا بما يقولون، ولا أرسل رسولًا، وإنما هو شيء اخترعوه، وفي ضلالتهم يترددون.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ أَنْزَلْنا:
  • أم: حرف عطف للاضراب بمعني «بل» لأنها غير مسبوقة بهمزة تسوية أو استفهام فسميت لذلك منقطعة. أنزل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً:
  • على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بأنزلنا. سلطانا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي حجة
  • ﴿ فَهُوَ يَتَكَلَّمُ:
  • الفاء استئنافية أو واقعة في جواب شرط‍ معطوف على الآية الكريمة إِذا مَسَّ» بمعنى واذا أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية بعده: في محل رفع خبره.يتكلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بمعنى فهو يقول وقوله مؤيد بالبرهان أو فهو ينطق. والتعبير مجاز كما يقال: كتابه ناطق بكذا وهذا مما نطق به القرآن ومعناه الدلالة والشهادة بتقدير: فهو يشهد بشرككم وبصحته.
  • ﴿ بِما كانُوا بِهِ:
  • الباء حرف جر. ما: مصدرية. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. به: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وجملة كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب.و«ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلق بيتكلم. التقدير: فهو ينطق بكونهم بالله يشركون. أو تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل جر بالباء والجملة بعده: صلته لا محل لها من الاعراب. بمعنى فهو ينطق بالذي كانوا أي بالأمر الذي بسببه يشركون.
  • ﴿ يُشْرِكُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     وبعد بيان حال المشركين، وتهديدهم؛ جاء هنا التهكم بهم لسفههم وجهلهم، وإنكار ما اختلقوه من عبادة غير الله بلا دليل، قال تعالى:
﴿ أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا ..

التفسير :

[36] وإذا أذقنا الناس منا نعمة مِن صحة وعافية ورخاء، فرحوا بذلك فرح بطرٍ وأَشَرٍ، لا فرح شكر، وإن يصبهم مرض وفقر وخوف وضيق بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، إذا هم يَيْئَسون من زوال ذلك، وهذا طبيعة أكثر الناس في الرخاء والشدة.

يخبر تعالى عن طبيعة أكثر الناس في حالي الرخاء والشدة أنهم إذا أذاقهم اللّه منه رحمة من صحة وغنى ونصر ونحو ذلك فرحوا بذلك فرح بطر، لا فرح شكر وتبجح بنعمة اللّه.

{ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي::حال تسوؤهم وذلك{ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من المعاصي.{ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} ييأسون من زوال ذلك الفقر والمرض ونحوه. وهذا جهل منهم وعدم معرفة.

ثم عادت الصورة الكريمة إلى الحديث عن أحوال بعض النفوس البشرية في حالتي العسر واليسر، فقال- تعالى-: وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً من صحة أو غنى أو أمان فَرِحُوا بِها أى: فرحوا بها فرح البطر الأشر، الذي لا يقابل نعم الله- تعالى- بالشكر، ولا يستعملها فيما خلقت له.

فالمراد بالفرح هنا: الجحود والكفران للنعم، وليس مجرد السرور بالحصول على النعم.

وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ شدة أو مصيبة بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ أى: بسبب شؤم معاصيهم، وإهمالهم لشكر الله- تعالى- على نعمه إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ أى: أسرعوا باليأس من رحمة الله، وقنطوا من فرجه، واسودت الدنيا في وجوههم، شأن الذين لا يعرفون سنن الله- تعالى- في خلقه، والذين يعبدون الله على حرف، فهم عند السراء جاحدون مغرورون..

وعند الضراء قانطون يائسون.

وعبر- سبحانه- في جانب الرحمة بإذا، وفي جانب المصيبة بإن، للإشعار بأن رحمته- تعالى- بعباده متحققة في كل الأحوال. وأن ما ينزل بالناس من مصائب، هو بسبب ما اجترحوه من ذنوب.

ونسب- سبحانه- الرحمة إلى ذاته فقال: وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً دون السيئة فقد قال: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ لتعليم العباد الأدب مع خالقهم- عز وجل-، وإن كان الكل بيده- سبحانه- وبمشيئته، وشبيه بهذا قوله- تعالى-: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ، أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً.

والتعبير بإذا الفجائية في قوله إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ، للإشارة إلى سرعة يأسهم من رحمة الله- تعالى- حتى ولو كانت المصيبة هينة بسيرة، وذلك لضعف يقينهم وإيمانهم. إذ القنوط من رحمة الله، يتنافى مع الإيمان الحق.

ثم قال : ( وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ) ، هذا إنكار على الإنسان من حيث هو ، إلا من عصمه الله ووفقه; فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر وقال : ( ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور ) [ هود : 10 ] ، أي : يفرح في نفسه ويفخر على غيره ، وإذا أصابته شدة قنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير بالكلية; قال الله : ( إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات ) [ هود : 11 ] ، أي : صبروا في الضراء ، وعملوا الصالحات في الرخاء ، كما ثبت في الصحيح : " عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36)

يقول تعالى ذكره: إذا أصاب الناس منا خصب ورخاء وعافية في الأبدان والأموال، فرحوا بذلك، وإن تصبهم منا شدّة من جدب وقحط وبلاء في الأموال والأبدان (بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيهمْ) يقول: بما أسلفوا من سيئ الأعمال بينهم وبين الله، وركبوا من المعاصي (إذَا هُمْ يَقْنطُونَ) يقول: إذا هم ييأسون من الفرج، والقنوط: هو الإياس، ومنه قول حميد الأرقط.

قَدْ وَجَدُوا الحَجَّاجَ غَيرَ قَانِطِ (1)

وقوله: (إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ) هو جواب الجزاء؛ لأن " إذا " نابت عن الفعل بدلالتها عليه، فكأنه قيل: وإن تصبهم سيئة بما قدّمت أيديهم وجدتهم يقنطون، أو تجدهم، أو رأيتهم، أو تراهم. وقد كان بعض نحويي البصرة يقول: إذا كانت " إذا " جوابا لأنها متعلقة بالكلام الأوّل بمنـزلة الفاء.

------------------------

الهوامش:

(1) البيت لحميد الأرقط (مجاز القرآن لأبي عبيدة، الورقة 188 - ب) قال: (إذا هو يقنطون): أي ييئسون، قال حميد الأرقط: "قد وجدوا ..." البيت. وفي (اللسان: قنط): القنوط: اليأس. وفي التهذيب: اليأس من الخير. وقيل: أشد اليأس من الشيء. وقنط يقنط ويقنط (كضرب ونصر) وقنط قنطًا كتعب فهو قنط، وقرئ: (ولا تكن من القانطين). وأما قنط يقنط (بالفتح فيهما) وقنط يقنط (بالكسر فيهما) فإنما هو على الجمع بين اللغتين. كما قاله الأخفش.

المعاني :

رَحْمَةً :       نِعْمَةً؛ مِنْ صِحَّةٍ، وَرَخَاءٍ السراج
فَرِحُوا بِهَا :       فَرَحَ بَطَرٍ، وَأَشَرٍ، لَا فَرَحَ شُكْرٍ السراج
فرحوا بها :       بَطِروا و أشِروا معاني القرآن
سَيِّئَةٌ :       فَقْرٌ، وَمَرَضٌ السراج
يَقْنَطُونَ :       يَيْئَسُونَ مِنْ زَوَالِ البَلَاءِ السراج
هم يقنطون :       ييْأسون من رحمة الله تعالى معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[36] في الرحمة جاء بـ ﴿إِذَا﴾ التي تفيد التحقيق والكثرة، وفي المصيبة جاء بـ ﴿إِن﴾ التي تفيد الشك والقلة، وهذا ما يشاهده الإنسان في حياته، فالنعم كثيرة، والمصائب قليلة.
لمسة
[36] ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ انظر كيف قال هنا: (وَإِذَا)، وقال في الشر: (وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ)؛ لأن (وَإِذَا) للقطع بوقوع الشرط، بخلاف (وَإِن)؛ فإنها للشك في وقوعه، ففي ذلك إشارة إلى أن الخير الذي يصيب به عباده أكثر من الشرّ.
وقفة
[36] ﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ فرح البطر عند النعمة، والقنوط من الرحمة عند النقمة؛ صفتان من صفات الكفار.
وقفة
[36] ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ تنبيه مهم إلى أن ما يصيبنا من مصائب سببه أفعالنا، فما علينا إلا محاسبة أنفسنا على السيئات، واستدراك ما فات، لكي يرفع الله عنا ما نزل من بلاء، وينجينا من القنوط والإحباط.
وقفة
[36] ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ ولما كانت المصائب مسببة عن الذنوب، قال منبهًا لهم على ذلك، منكرًا قنوطهم وهم لا يرجعون عن المعاصي التي عوقبوا بسببها: (بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ).
وقفة
[36] ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ في الرحمة لم يذكر السبب، وفي المصيبة ذكر السبب، وهو الذنوب؛ لأن الرحمة فضل منه، والمصيبة منكم وبسبب أعمالكم.
لمسة
[36] قَوْلُهُ: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ لتنبيهِهِم إِلَى أَنَّ ما يصيبهم من حالَة سيئة في الدنيا إِنمَا سببها أَفْعالُهم الَّتي جعلَها اللَّه أَسبابا لمُسببات مؤثرة، لا يحيطُ بِأَسرارِها ودقَائقها إِلا اللَّه تعالَى، فَما علَى الناسِ إِلا أَن يحَاسبوا أَنْفُسهم ويجْروا أَسباب إِصابةِ السيئات، ويتداركُوا ما فَات، فَذلكَ أَنجَى لَهم من السيئات وأَجدر من الْقُنوط. وهذا أَدب جليل من آداب التنزِيلِ؛ قَال تعالَى: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء: 79].

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا:
  • الواو عاطفة. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط‍ مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه.
  • ﴿ أَذَقْنَا النّاسَ رَحْمَةً:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف. أذقنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الناس: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة. رحمة: مفعول به ثان منصوب بالفتحة أيضا
  • ﴿ فَرِحُوا بِها:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.فرحوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بها: جار ومجرور متعلق بفرحوا.
  • ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ:
  • الواو عاطفة. ان: حرف شرط‍ جازم. تصب:فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت ياؤه تخفيفا ولالتقاء الساكنين و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. سيئة: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بتصبهم. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. قدمت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. أيدي: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وجملة قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بما قدمته أيديهم. بمعنى بسبب ما ارتكبته أيديهم من الذنوب.
  • ﴿ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ:
  • اذا: حرف فجاءة-فجائية-سادة مسدّ الفاء في المجازاة. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. يقنطون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يقنطون» أي ييأسون في محل رفع خبر «هم» والجملة الاسمية هُمْ يَقْنَطُونَ» جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

يونس: 21﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا
الروم: 36﴿وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ
هود: 9﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ
الشورى: 48﴿وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ
فصلت: 50﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ حالَ من أتته النعمة بعد الشدة، فقَلَّ شكرُه، وانغمسَ في شهواته وملذاته؛ ذكرَ هنا الحالة المقابلة، وهي حال من نزلت به الشدة بعد أن كان في نعمة، فقنط ويأس من رحمة الله، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ ..

التفسير :

[37] أولم يعلموا أن الله يوسع الرزق لمن يشاء امتحاناً، هل يشكر أو يكفر؟ ويضيِّقه على من يشاء اختباراً، هل يصبر أو يجزع؟ إن في ذلك التوسيع والتضييق لآيات لقوم يؤمنون بالله ويعرفون حكمة الله ورحمته.

{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} فالقنوط بعد ما علم أن الخير والشر من اللّه والرزق سعته وضيقه من تقديره ضائع ليس له محل. فلا تنظر أيها العاقل لمجرد الأسباب بل اجعل نظرك لمسببها ولهذا قال:{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} فهم الذين يعتبرون بسط اللّه لمن يشاء وقبضه، ويعرفون بذلك حكمة اللّه ورحمته وجوده وجذب القلوب لسؤاله في جميع مطالب الرزق.

ثم عقب- سبحانه- على أحوالهم هذه، بالتعجيب من شأنهم، وبالتقريع لهم على جهلهم، فقال: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ.

أى: أجهل هؤلاء الناس الذين لم يخالط الإيمان قلوبهم، ولم يشاهدوا بأعينهم أن الله- تعالى- بمقتضى حكمته، يوسع الرزق لمن يشاء من عباده. ويضيقه على من يشاء منهم، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل.

إن واقع الناس يشهد ويعلن: أن الله- تعالى- يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، فما لهؤلاء القوم ينكرون هذا الواقع بأفعالهم القبيحة، حيث إنهم يبطرون عند السراء، ويقنطون عند الضراء؟ فالمقصود بالآية الكريمة توبيخهم على عدم فهمهم لسنن الله في خلقه.

ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أى: إن في ذلك الذي ذكرناه لكم من أحوال الناس، ومن قدرتنا على كل شيء لَآياتٍ واضحات، وعبر بينات، لقوم يؤمنون بما أرشدناهم إليه، ويعملون بما يقتضيه إيمانهم.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما يجب على المسلم بالنسبة للمال الذي وهبه الله إياه، فقال- تعالى-:

وقوله تعالى : ( أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) أي : هو المتصرف الفاعل لذلك بحكمته وعدله ، فيوسع على قوم ويضيق على آخرين ، ( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) .

القول في تأويل قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37)

يقول تعالى ذكره: أولم ير هؤلاء الذين يفرحون عند الرخاء يصيبهم والخصب، وييأسون من الفرج عند شدّة تنالهم، بعيون قلوبهم، فيعلموا أن الشدّة والرخاء بيد الله، وأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده فيوسعه عليه، ويقدر على من أراد فيضيقه عليه (إنَّ فِي ذلكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤمِنُونَ) يقول: إن في بسطه ذلك على من بسطه عليه، وقدره على من قدره عليه، ومخالفته بين من خالف بينه من عباده في الغنى والفقر، لدلالة واضحة لمن صدّق حجج الله وأقرّ بها إذا عاينها ورآها.

المعاني :

يَبْسُطُ :       يُوسِعُ السراج
وَيَقْدِرُ :       يُضَيَّقُ السراج
يقدِر :       يُضيّقه على من يشاء لحكمة معاني القرآن

التدبر :

تفاعل
[37] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ﴾ سَل الله من فضله الآن.
وقفة
[37] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾ قال الحسن: «ينظر له، فإن كان الغني خيرًا له أغناه، وإن كان الفقر خيرًا له أفقره».
وقفة
[37] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ حكمة الله، وتدبيره في الرزق؛ توسعة وتقليلًا، وإدراك ذلك خاص بالمؤمنين.
وقفة
[37] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ كلما زاد الإيمان، زاد التسليم لله في تقسيم الأرزاق.
لمسة
[37] ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾ في البسط قال: (لمن يشاء)، حتى يطمع الجميع في البسط، وفي التقدير لم يقل: (لمن يشاء)؛ ليفرق بينهما، وتبعد الظن عن أن يصيبك القدر في الرزق.

الإعراب :

  • ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا:
  • الهمزة همزة تقرير بلفظ‍ استفهام. الواو عاطفة على معطوف عليه منوي من جنس المعطوف. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يروا:فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ‍:
  • أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة:اسم «أنّ» منصوب للتعظيم وعلامة نصبه الفتحة. يبسط‍: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة يَبْسُطُ‍ الرِّزْقَ» في محل رفع خبر «أنّ» و «أنّ» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «يرى» بمعنى: ألم يعلموا أن الله يوسع الرزق.
  • ﴿ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. لمن: جار ومجرور متعلق بيبسط‍.من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. يشاء: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يشاء» صلة الموصول لا محل لها بمعنى على من يشاء وحذف مفعول «يشاء» اختصارا التقدير: من يشاؤه أو من يشاء رزقه.
  • ﴿ وَيَقْدِرُ:
  • معطوفة بالواو على «يبسط‍» وتعرب إعرابها. وحذف المفعول اختصارا لأن ما قبله يدل عليه بتقدير: ويقدر الرزق لمن يشاؤه بمعنى ويضيق الرزق على من يشاؤه.
  • ﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة الحادية والعشرين.'

المتشابهات :

الرعد: 26﴿ اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا
الروم: 37﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ
الزمر: 52﴿أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     ولَمَّا أنكرَ اللهُ على من قنط ويأس من رحمة الله عندما نزلت به الشدة بعد أن كان في نعمة؛ ذكرَ هنا الأمرَ الذي من اعتبره لم يقنط ولم ييأس، وهو أنه تعالى هو الباسط القابض، فينبغي أن يُتلقى ما يرد من قِبَلِه بالصبر في البلاء، والشكر في النعماء، قال تعالى:
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [38] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ ..

التفسير :

[38] فأعط -أيها المؤمن- قريبك حقه من الصلة والصدقة وسائر أعمال البر، وأعط الفقير الذي لا يملك ما يكفيه ويسدُّ حاجته، والمحتاجَ الذي انقطع به السبيل من الزكاة والصدقة، ذلك الإعطاء خير للذين يريدون بعملهم وجه الله، والذين يعملون هذه الأعمال وغيرها من أعمال

أي:فأعط القريب منك -على حسب قربه وحاجته- حقه الذي أوجبه الشارع أو حض عليه من النفقة الواجبة والصدقة والهدية والبر والسلام والإكرام والعفو عن زلته والمسامحة عن هفوته. وكذلك [آت] المسكين الذي أسكنه الفقر والحاجة ما تزيل به حاجته وتدفع به ضرورته من إطعامه وسقيه وكسوته.

{ وَابْنَ السَّبِيلِ} الغريب المنقطع به في غير بلده الذي في مظنة شدة الحاجة، لأنه لا مال معه ولا كسب قد دبر نفسه به [في] سفره، بخلاف الذي في بلده، فإنه وإن لم يكن له مال ولكن لا بد -في الغالب- أن يكون في حرفة أو صناعة ونحوها تسد حاجته، ولهذا جعل اللّه في الزكاة حصة للمسكين وابن السبيل.{ ذَلِكَ} أي:إيتاء ذي القربى والمسكين وابن السبيل{ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ} بذلك العمل{ وَجْه اللَّهِ} أي:خير غزير وثواب كثير لأنه من أفضل الأعمال الصالحة والنفع المتعدي الذي وافق محله المقرون به الإخلاص.

فإن لم يرد به وجه اللّه لم يكن خيرا لِلْمُعْطِي وإن كان خيرا ونفعا لِلْمُعْطي كما قال تعالى:{ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} مفهومها أن هذه المثبتات خير لنفعها المتعدي ولكن من يفعل ذلك ابتغاء مرضاة اللّه فسوف نؤتيه أجرا عظيما.

وقوله:{ وَأُولَئِكَ} الذين عملوا هذه الأعمال وغيرها لوجه اللّه{ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الفائزون بثواب اللّه الناجون من عقابه.

والخطاب في قوله- تعالى-: فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ.. للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولكل من يصلح له من أمته. والفاء: لترتيب ما بعدها على ما قبلها.

والمعنى: إذا كان الأمر كما ذكرت لكم، من أن بسط الأرزاق وقبضها بيدي وحدي، فأعط- أيها الرسول الكريم- ذا القربى حقه من المودة والصلة والإحسان، وليقتد بك في ذلك أصحابك وأتباعك.

وأعط- أيضا- الْمِسْكِينَ الذي لا يملك شيئا ذا قيمة، حقه من الصدقة والبر، وكذلك ابْنَ السَّبِيلِ وهو المسافر المنقطع عن ماله في سفره، ولو كان غنيا في بلده.

وقدم- سبحانه- الأقارب، لأن دفع حاجتهم واجب من الواجبات التي جعلها- سبحانه- للقريب على قريبه.

قال القرطبي: واختلف في هذه الآية، فقيل: إنها منسوخة بآية المواريث. وقيل:

لا نسخ، بل للقريب حق لازم في البر على كل حال، وهو الصحيح، قال مجاهد وقتادة:

صلة الرحم فرض من الله- عز وجل-، حتى قال مجاهد: لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة .

وقال الجمل في حاشيته: وعدم ذكر بقية الأصناف المستحقين للزكاة، يدل على أن ذلك في صدقة التطوع، وقد احتج أبو حنيفة- رحمه الله- بهذه الآية على وجوب نفقة المحارم، والشافعى- رحمه الله- قاس سائر الأقارب- ما عدا الفروع والأصول- على ابن العم، لأنه لا ولادة بينهم.

ثم قال: وهؤلاء الثلاثة يجب الإحسان إليهم وإن لم يكن للإنسان مال زائد، لأن المقصود هنا: الشفقة العامة، والفقير داخل في المسكين..» .

ثم بين- سبحانه- الآثار الطيبة المترتبة على هذا البر والعطاء فقال: ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

يقول تعالى آمرا بإعطاء ذي ( القربى حقه ) أي : من البر والصلة ، ( والمسكين ) وهو : الذي لا شيء له ينفق عليه ، أو له شيء لا يقوم بكفايته ، ( وابن السبيل ) وهو المسافر المحتاج إلى نفقة وما يحتاج إليه في سفره ، ( ذلك خير للذين يريدون وجه الله ) أي : النظر إليه يوم القيامة ، وهو الغاية القصوى ، ( وأولئك هم المفلحون ) أي : في الدنيا وفي الآخرة .

القول في تأويل قوله تعالى : فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فأعط يا محمد ذا القرابة منك حقه عليك من الصلة والبرّ، والمسكين وابن السبيل، ما فرض الله لهما في ذلك.

كما حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا غندر، عن عوف، عن الحسن (فآت ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالمِسكينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) قال: هو أن توفيهم حقهم إن كان عند يسر، وإن لم يكن عندك؛ فقل لهم قولا ميسورا، قل لهم الخير.

وقوله: ( ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: إيتاء هؤلاء حقوقهم التي ألزمها الله عباده، خير للذين يريدون الله بإتيانهم ذلك (وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) يقول: ومن يفعل ذلك مبتغيا وجه الله به، فأولئك هم المنجحون، المدركون طلباتهم عند الله، الفائزون بما ابتغوا والتمسوا بإيتائهم إياهم ما آتوا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[38] ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ﴾ قال مجاهد وقتادة: «صلة الرحم فرض من الله عز وجل»، حتى قال مجاهد: «لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة».
وقفة
[38] ﴿فآت ذا القربى حقه﴾ خير الصدقة ما كان على القريب، صدقة وصلة.
وقفة
[38] ﴿فَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ﴾ حقه عليك، وليس تفضلًا منك.
وقفة
[38] ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾ هؤلاء عطاؤهم من غير الزكاة, ورتبهم حسب الأهمية.
وقفة
[38] ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ﴾ لا ترى شخصًا قد أدى حقوق الله وحقوق عباده إلا تجده ناجحًا في حياته وعلاقاته.
وقفة
[38] ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ﴾ لو لم ينزل الله في حقوق الفقراء والمحتاجين إلا هذه الآية لكفى.
عمل
[38] زُر أحد أقاربك، أو اتصل به، واطمئن على حاله ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
عمل
[38] تصدق على مسكين، أو ادعه إلى منزلك، وأحسن ضيافته ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
وقفة
[38] ﴿فَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ وَالمِسكينَ وَابنَ السَّبيلِ ذلِكَ خَيرٌ لِلَّذينَ يُريدونَ وَجهَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾ وهذا الترتيب يسمى فقه الأولويات، فالبعض يتسابق للتبرع للجمعيات والمؤسسات وغيرها، بينما قريبه الفقير لا يمتلك ما يسد رمقه.
وقفة
[38] خيـر القربات النفع المتعدي إذا كساه الإخلاص ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
وقفة
[38] إعطاء الحقوق لأهلها سبب للفلاح ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
وقفة
[38] ﴿ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ﴾ بشرى لكل مخلص: كلما كنت أكثر إخلاصًا كان أكثر خيرًا لك.
تفاعل
[38] ﴿وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من المفلحين.

الإعراب :

  • ﴿ فَآتِ ذَا:
  • الفاء سببية. آت: فعل أمر مبني على حذف آخره-حرف العلة- والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بمعنى: فأعط‍.ذا: مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة.
  • ﴿ الْقُرْبى حَقَّهُ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى: ذا القرابة أي قريبك. حقه: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة. أي أعط‍ حق ذي صلة الرحم من مالك
  • ﴿ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ:
  • الاسمان معطوفان على ذَا الْقُرْبى» بواوي العطف منصوبان مثلها وعلامة نصبهما الفتحة. و «السبيل» مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى وأعط‍ المسكين والمسافر نصيبهما من الصدقة المسماة لهما.
  • ﴿ ذلِكَ خَيْرٌ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب أي ذلك العطاء. خير: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.بمعنى: ذلك الإعطاء أفضل من خزن المال.
  • ﴿ لِلَّذِينَ:
  • اللام حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخير.
  • ﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. يريدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى: يبتغون بأعمالهم هذه ذات الله.
  • ﴿ وَأُولئِكَ:
  • الواو عاطفة. أولاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. الكاف حرف خطاب.
  • ﴿ هُمُ الْمُفْلِحُونَ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر «أولئك» هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ ثان. المفلحون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. بمعنى: وأولئك المتصدقون هم الفائزون ويجوز أن تكون «هم» ضمير فصل أو عماد لا محل لها من الاعراب. وتكون «المفلحون» خبر «أولئك» ولكن الوجه الأول أصح وذلك دفعا للالتباس من أن تكون «المفلحون» بدلا من اسم الاشارة أو صفة لها. لأن الاسماء المعرفة بالألف واللام عند ورودها بعد اسماء الاشارة تكون بدلا منها أو نعتا لها.'

المتشابهات :

الإسراء: 26﴿وَ آتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا
الروم: 38﴿فَـ آتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أنَّه هو الباسِطُ القابِضُ، بَيَّنَ هنا ما يجب على المسلم بالنسبة للمال الذي رزقه إياه، قال تعالى:
﴿ فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ ..

التفسير :

[39] وما أعطيتم قرضاً من المال بقصد الربا، وطلب زيادة ذلك القرض؛ ليزيد وينمو في أموال الناس، فلا يزيد عند الله، بل يمحقه ويبطله. وما أعطيتم من زكاة وصدقة للمستحقين ابتغاء مرضاة الله وطلباً لثوابه، فهذا هو الذي يقبله الله ويضاعفه لكم أضعافاً كثيرة.

ولما ذكر العمل الذي يقصد به وجهه [من النفقات] ذكر العمل الذي يقصد به مقصد دنيوي فقال:{ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُو فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} أي:ما أعطيتم من أموالكم الزائدة عن حوائجكم وقصدكم بذلك أن يربو أي:يزيد في أموالكم بأن تعطوها لمن تطمعون أن يعاوضكم عنها بأكثر منها، فهذا العمل لا يربو أجره عند اللّه لكونه معدوم الشرط الذي هو الإخلاص. ومثل ذلك العمل الذي يراد به الزيادة في الجاه والرياء عند الناس فهذا كله لا يربو عند اللّه.

{ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} أي:مال يطهركم من الأخلاق الرذيلة ويطهر أموالكم من البخل بها ويزيد في دفع حاجة الْمُعْطَى.{ تُرِيدُونَ} بذلك{ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} أي:المضاعف لهم الأجر الذين تربو نفقاتهم عند اللّه ويربيها اللّه لهم حتى تكون شيئا كثيرا.

ودل قوله:{ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} أن الصدقة مع اضطرار من يتعلق بالمنفق أو مع دَيْنٍ عليه لم يقضه ويقدم عليه الصدقة أن ذلك ليس بزكاة يؤجر عليه العبد ويرد تصرفه شرعا كما قال تعالى في الذي يمدح:{ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} فليس مجرد إيتاء المال خيرا حتى يكون بهذه الصفة وهو:أن يكون على وجه يتزكى به المؤتي.

أى: ذلك الإيتاء لهؤلاء الثلاثة، خير وأبقى عند الله- تعالى- للذين يريدون بصدقتهم وإحسانهم وجه الله، وأولئك المتصفون بتلك الصفات الحميدة، هم الكاملون في الفلاح، والظفر بالخير في الدنيا والآخرة.

وبعد أن حضهم على صلة الأقارب والمساكين وابن السبيل، نفرهم من تعاطى الربا فقال:

وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ.

والربا: الزيادة مطلقا. يقال: ربا الشيء يربو إذا زاد ونما، ومنه قوله- تعالى-:

وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً، فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ. أى: زادت.

قال الآلوسى ما ملخصه: والظاهر أن المراد بالربا هنا، الزيادة المعروفة في المعاملة التي حرمها الشارع. ويشهد لذلك ما روى عن السدى، من أن الآية نزلت في ربا ثقيف، كانوا يرابون، وكذلك كانت قريش تتعاطى الربا.

وعن ابن عباس وغيره: أن المراد به هنا العطية التي يتوقع بها مزيد مكافأة، وعليه فتسميتها ربا مجاز، لأنها سبب للزيادة .

ويبدو لنا أن المراد بالربا هنا، الربا الذي حرمه الله- تعالى- بعد ذلك تحريما قاطعا، وأن المقصود من الآية التنفير منه على سبيل التدرج، حتى إذا جاء التحريم النهائى له، تقبلته نفوس الناس بدون مفاجأة لهذا التحريم.

قال صاحب الكشاف: هذه الآية في معنى قوله- تعالى- يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ. سواء بسواء. يريد: وما أعطيتم أكلة الربا مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أموالهم، أى: ليزيد ويزكو في أموالهم، فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه .

ثم حض- سبحانه- على التصدق في سبيله فقال: وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ أى من صدقة تتقربون بها إلى الله، وتُرِيدُونَ بأدائها وَجْهَ اللَّهِ أى: رضاه وثوابه.

فَأُولئِكَ الذين يفعلون ذلك هُمُ الْمُضْعِفُونَ أى: ذوو الأضعاف المضاعفة من الثواب والعطاء الكريم، فالمضعفون جمع مضعف- بكسر العين- على أنه اسم فاعل من أضعف، إذا صار ذا ضعف- بكسر فسكون- كأقوى وأيسر، إذا صار ذا قوة ويسار.

وقال- سبحانه-: فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ولم يقل: فأنتم المضعفون، لأنه رجع من المخاطبة إلى الغيبة، كأنه قال لملائكته: فأولئك الذين يريدون وجهى بصدقاتهم، هم المضعفون، فهو أمدح لهم من أن يقول: فأنتم المضعفون.

ثم قال : ( وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله ) أي : من أعطى عطية يريد أن يرد الناس عليه أكثر مما أهدى لهم ، فهذا لا ثواب له عند الله - بهذا فسره ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وعكرمة ، ومحمد بن كعب ، والشعبي - وهذا الصنيع مباح وإن كان لا ثواب فيه إلا أنه قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، قاله الضحاك ، واستدل بقوله : ( ولا تمنن تستكثر ) [ المدثر : 6 ] أي : لا تعط العطاء تريد أكثر منه .

وقال ابن عباس : الربا رباءان ، فربا لا يصح يعني : ربا البيع ؟ وربا لا بأس به ، وهو هدية الرجل يريد فضلها وأضعافها . ثم تلا هذه الآية : ( وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله ) .

وإنما الثواب عند الله في الزكاة ; ولهذا قال : ( وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) أي : الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء ، كما [ جاء ] في الصحيح : " وما تصدق أحد بعدل تمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمن بيمينه ، فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله ، حتى تصير التمرة أعظم من أحد " .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)

يقول تعالى ذكره: وما أعطيتم أيها الناس، بعضكم بعضا من عطية؛ لتزداد في أموال الناس برجوع ثوابها إليه، ممن أعطاه ذلك، (فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ)، يقول: فلا يزداد ذلك عند الله، لأن صاحبه لم يعطه من أعطاه مبتغيا به وجهه (وَما آتَيْتمْ مِنْ زَكاةٍ) يقول: وما أعطيتم من صدقة تريدون بها وجه الله، (فَأُوْلَئِكَ) يعني الذين يتصدّقون بأموالهم، ملتمسين بذلك وجه الله (هُمُ المُضْعِفُونَ) يقول: هم الذين لهم الضعف من الأجر والثواب. من قول العرب: أصبح القوم مسمِنين معطِشين، إذا سمنت إبلهم وعطشت.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُوَ فِي أمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ) قال: هو ما يعطي الناس بينهم بعضهم بعضا، يعطي الرجل الرجل العطية، يريد أن يعطى أكثر منها.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور بن صفية، عن سعيد بن جُبَير (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُوَ فِي أمْوالِ النَّاسِ) قال: هو الرجل يعطي الرجل العطية ليثيبه.

قال: ثنا يحيى، قال ثنا سفيان، عن منصور بن صفية، عن سعيد بن جُبَير، مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن سفيان، عن منصور بن صفية، عن سعيد بن جُبَير (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُوَ فِي أموَال النَّاس فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ) قال: الرجل يعطي ليثاب عليه.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُو فِي أمْوَال النَّاسِ) قال: الهدايا.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: هي الهدايا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُو فِي أمْوَالِ النَّاسِ) قال: يعطي ماله يبتغي أفضل منه.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن ابن أبي خالد، عن إبراهيم، قال: هو الرجل يهدي إلى الرجل الهدية؛ ليثيبه أفضل منها.

قال: ثنا محمد بن حميد المعمري، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه: هو الرجل يعطي العطية، ويهدي الهدية، ليثاب أفضل من ذلك، ليس فيه أجر ولا وزر.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيرْبُوَ فِي أمْوَالِ النَّاس فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ) قال: ما أعطيت من شيء تريد مثابة الدنيا، ومجازاة الناس ذاك الربا الذي لا يقبله الله، ولا يجزي به.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُوَ فِي أمْوَالِ النَّاسِ) فهو ما يتعاطى الناس بينهم ويتهادون، يعطي الرجل العطية؛ ليصيب منه أفضل منها، وهذا للناس عامة.

وأما قوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ فَهذَا للنبيّ خاصة، لم يكن له أن يعطي إلا لله، ولم يكن يعطي ليعطى أكثر منه.

وقال آخرون: إنما عنى بهذا الرجل: يعطي ماله الرجل ليعينه بنفسه، ويخدمه، ويعود عليه نفعه، لا لطلب أجر من الله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي ومحمد بن فضيل، عن زكريا، عن عامر (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُوَ فِي أمْوَال النَّاسِ) قال: هو الرجل يلزق بالرجل، فيخفّ له ويخدمه، ويسافر معه، فيجعل له ربح بعض ماله ليجزيه، وإنما أعطاه التماس عونه، ولم يرد وجه الله.

وقال آخرون: هو إعطاء الرجل ماله ليكثر به مال من أعطاه ذلك، لا طلب ثواب الله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي حصين، عن ابن عباس (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أمْوَال النَّاسِ) قال: ألم تر إلى الرجل يقول للرجل: لأموّلنك، فيعطيه، فهذا لا يربو عند الله؛ لأنه يعطيه لغير الله ليثري ماله.

قال ثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: سمعت إبراهيم النخعي يقول في قوله: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أمْوَال النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللهِ) قال: كان هذا في الجاهلية، يعطي أحدهم ذا القرابة المال يكثر به ماله.

وقال آخرون: ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة، وأما لغيره فحلال.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي روّاد، عن الضحاك (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُوَ فِي أمْوَال النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ) هذا للنبيّ صلى الله عليه وسلم، هذا الربا الحلال.

وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك؛ لأنه أظهر معانيه.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة وبعض أهل مكة، (لِيَرْبُو) بفتح الياء من يربو، بمعنى: وما آتيتم من ربا ليربو ذلك الربا في أموال الناس، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة: (لِتَرْبُوا) بالتاء من تربوا وضمها، بمعنى: وما آتيتم من ربا لتربوا أنتم في أموال الناس.

والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار مع تقارب معنييهما؛ لأن أرباب المال إذا أربوا ربا المال، وإذا ربا المال فبإرباء أربابه إياه ربا، فإذا كان ذلك كذلك، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيب.

وأما قوله: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُضعِفُونَ) فإن أهل التأويل قالوا في تأويله نحو الذي قلنا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدون وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ) قال: هذا الذي يقبله الله ويضعفه لهم عشر أمثالها، وأكثر من ذلك.

حدثنا عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة، قال: قال ابن عباس قوله: (وَما آتيتُمْ مِنْ رِبا ليَرْبُوَ فِي أمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ) قال: هي الهبة، يهب الشيء يريد أن يُثاب عليه أفضل منه، فذلك الذي لا يربو عند الله، لا يؤجر فيه صاحبه، ولا إثم عليه (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ) قال: هي الصدقة تريدون وجه الله (فَأُولَئِكَ هُمُ المُضْعِفونَ) قال معمر: قال ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثل ذلك.

المعاني :

آتَيْتُم :       أَعْطَيْتُمْ السراج
رِّبًا :       قَرْضًا مِنَ المَالِ بِقَصْدِ الرِّبَا المُحَرَّمِ السراج
ربًا :       هو الرّبا المُحرّم المعروف معاني القرآن
لِّيَرْبُوَ :       لِيَزِيدَ السراج
لِيرْبوَ :       لِيزيد ذلك الرّبا معاني القرآن
فلا يربوَ :       فلا يزكو و لا يُبارك فيه معاني القرآن
الْمُضْعِفُونَ :       الَّذِين يُضَاعِفُ اللهُ لَهُمُ الحَسَنَاتِ السراج
المضعفون :       ذوو الأضعاف من الحسنات معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[39] ﴿وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ﴾ ليس الربا المعروف، وإنما الربا بالمعنى اللغوي، فكأنه حذر سبحانه من أن يهدي العبد ذوي القربي واليتامى وابن السبيل طمعًا في أن يهدى إليه أكثر، وأخبر أن هذا لا ثواب له عند الله.
وقفة
[39] ﴿وَما آتَيتُم مِن رِبًا لِيَربُوَ في أَموالِ النّاسِ فَلا يَربو عِندَ اللَّهِ﴾ إما أن يكون هدفك الناس ورضاهم والتعامل معهم ولهم، أو يكون هدفك الله وحده لا شريك له، فلا يمكن الجمع بينهما.
وقفة
[39] لم ترد آية في الربا إلا جاء قبلها أو بعدها ذكر الصدقة أو الزكاة، وفي هذا إشارة لطيفة بأن الربح الحقيقي في الصدقة والزكاة، لا بالربا، كما يتوهم المرابون، وآية الروم كشفت المكنون: ﴿وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ ۖ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾.
وقفة
[39] مَحْقُ الربا، ومضاعفة أجر الإنفاق في سبيل الله ﴿وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ ۖ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾.
وقفة
[39] ﴿وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ» [البخاري 7430].
وقفة
[39] ﴿وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون﴾ من دفع مالًا فهو يرجو زيادته، فكيف به مضاعفًا أضعافًا كثيرة.
عمل
[39] عليك بالإخلاص في نفقاتك؛ فليس كل صدقة مقبولة ﴿وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾.
وقفة
[39] ﴿تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ﴾ لم تتشعب إرادتهم في كل وادٍ، هي نفوس صافية إرادتها واحدة.

الإعراب :

  • ﴿ وَما آتَيْتُمْ:
  • الواو استئنافية. ما: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم لفعل «آتى» آتيتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ مِنْ رِباً:
  • من: حرف جر وهي «من» البيانية. ربا: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها وقد نونت لأنها نكرة. والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة لاسم الموصول «ما» التقدير:أي شيء آتيتموه حالة كونه من الربا أي أعطيتموه من مال. والفعل «آتى» فعل الشرط‍ في محل جزم بما وجملة «آتيتم» صلة «ما» لأنها بمعنى «الذي» لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ لِيَرْبُوَا:
  • اللام حرف جر للتعليل. يربو: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.وجملة «يربو» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بآتيتم. بمعنى ليزيد. أي وما أعطيتم من مال ليزيد.
  • ﴿ فِي أَمْوالِ النّاسِ:
  • جار ومجرور متعلق بيربو. الناس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة
  • ﴿ فَلا يَرْبُوا:
  • الجملة الفعلية جواب شرط‍ جازم مسبوق بنفي مقترن بالفاء في محل جزم بما. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.لا: نافية لا عمل لها. يربو:فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ عِنْدَ اللهِ:
  • ظرف مكان متعلق بلا يربو منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى ليزيد في أموالهم فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه لأن السبب في زيادته وتكاثره هو التسليف بفائدة.
  • ﴿ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ:
  • معطوفة بالواو على ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً» وتعرب إعرابها. وعلامة جر زكاة الكسرة الظاهرة.
  • ﴿ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. الفاء واقعة في جواب الشرط‍ والجملة الاسمية بعدها: جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بما. و «المضعفون» بمعنى ذوي الاضعاف من الحسنات والكلمة اسم فاعل أي الراغبون في تضعيف أموالهم من الثواب. وقد انتقل من المخاطبة الى الغيبة. لأنه أمدح لهم من القول:فأنتم المضعفون به أو يكون التقدير: فمؤتوه أولئك هم المضعفون. وقد حذف لأن في الكلام ما يدل عليه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَر اللهُ العملَ الَّذي يُقصَدُ به وجْهُه مِن النَّفَقاتِ، ذكَرَ هنا العملَ الَّذي يُقصَدُ به عَرَضُ الدنيا، قال تعالى: ( وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ ) ولَمَّا ذكَرَ اللهُ ما زيادتُه نَقصٌ؛ أتْبَعَه هنا ما نَقصُه زيادةٌ، قال تعالى:
﴿ وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وما آتيتم:
1- بمد الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بقصرها، وهى قراءة ابن كثير.
ليربوا:
1- بالياء، وإسناد الفعل إلى «الربا» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتاء، مضمومة، وإسناد الفعل إليهم، وهى قراءة نافع، وأبى حيوة.
3- ليربوها، بضمير المؤنث، وهى قراءة أبى مالك.

مدارسة الآية : [40] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ..

التفسير :

[40] الله وحده هو الذي خلقكم -أيها الناس- ثم رزقكم في هذه الحياة، ثم يميتكم بانتهاء آجالكم، ثم يبعثكم من القبور أحياء للحساب والجزاء، هل من شركائكم مَن يفعل من ذلكم من شيء؟ تنزَّه الله وتقدَّس عن شرك هؤلاء المشركين به.

يخبر تعالى أنه وحده المنفرد بخلقكم ورزقكم وإماتتكم وإحيائكم، وأنه ليس أحد من الشركاء التي يدعوهم المشركون من يشارك اللّه في شيء من هذه الأشياء.

فكيف يشركون بمن انفرد بهذه الأمور من ليس له تصرف فيها بوجه من الوجوه؟!

فسبحانه وتعالى وتقدس وتنزه وعلا عن شركهم، فلا يضره ذلك وإنما وبالهم عليهم.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك مظاهر فضله على الناس فقال: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ على غير مثال سابق ثُمَّ رَزَقَكُمْ من فضله بأنواع من الرزق الذي لا غنى لكم عنه في معاشكم ثُمَّ يُمِيتُكُمْ بعد انقضاء أعماركم في هذه الحياة ثُمَّ يُحْيِيكُمْ يوم القيامة للحساب والجزاء.

والاستفهام في قوله- سبحانه-: هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ للإنكار والنفي. أى: ليس من شركائكم الذين عبدتموهم من يستطيع أن يفعل شيئا من ذلك، فكيف اتخذتموهم آلهة وأشركتموهم معى في العبادة؟ إن الله- تعالى- وحده هو الخالق وهو الرازق وهو المحيي وهو المميت.

سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ تنزه وتقدس عن شرك هؤلاء المشركين وعن جهل أولئك الجاهلين.

وبعد هذا التوجيه الحكيم، يسوق- سبحانه- الآثار السيئة التي تترتب على الكفر والمعاصي، ويأمر بالاعتبار بالسابقين، ويبين عاقبة الأشرار وعاقبة الأخيار فيقول:

وقوله : ( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ) أي : هو الخالق الرازق يخرج الإنسان من بطن أمه عريانا لا علم له ولا سمع ولا بصر ولا قوى ، ثم يرزقه جميع ذلك بعد ذلك ، والرياش واللباس والمال والأملاك والمكاسب ، كما قال الإمام أحمد :

حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن سلام أبي شرحبيل ، عن حبة وسواء ابني خالد قالا دخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلح شيئا فأعناه ، فقال : " لا تيأسا من الرزق ما تهززت رءوسكما; فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة ، ثم يرزقه الله عز وجل " .

وقوله : ( ثم يميتكم ) ، أي : بعد هذه الحياة ( ثم يحييكم ) أي : يوم القيامة .

وقوله : ( هل من شركائكم ) أي : الذين تعبدونهم من دون الله . ( من يفعل من ذلكم من شيء ) أي : لا يقدر أحد منهم على فعل شيء من ذلك ، بل الله سبحانه وتعالى هو المستقل بالخلق والرزق ، والإحياء والإماتة ، ثم يبعث الخلائق يوم القيامة; ولهذا قال بعد هذا كله : ( سبحانه وتعالى عما يشركون ) أي : تعالى وتقدس وتنزه وتعاظم وجل وعز عن أن يكون له شريك أو نظير أو مساو ، أو ولد أو والد ، بل هو الأحد الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .

القول في تأويل قوله تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)

يقول تعالى ذكره للمشركين به، معرّفهم قبح فعلهم، وخبث صنيعهم: الله أيها القوم الذي لا تصلح العبادة إلا له، ولا ينبغي أن تكون لغيره، هو الذي خلقكم ولم تكونوا شيئا، ثم رزقكم وخوّلكم، ولم تكونوا تملكون قبل ذلك، ثم هو يميتكم من بعد أن خلقكم أحياء، ثم يحييكم من بعد مماتكم لبعث القيامة.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) للبعث بعد الموت.

وقوله: (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) يقول تعالى ذكره: هل من آلهتكم وأوثانكم التي تجعلونهم لله في عبادتكم إياه شركاء من يفعل من ذلكم من شيء، فيخلق، أو يرزق، أو يميت، أو ينشر، وهذا من الله تقريع لهؤلاء المشركين. وإنما معنى الكلام أن شركاءهم لا تفعل شيئا من ذلك، فكيف يعبد من دون الله من لا يفعل شيئا من ذلك، ثم برأ نفسه تعالى ذكره عن الفرية التي افتراها هؤلاء المشركون عليه بزعمهم أن آلهتهم له شركاء، فقال جلّ ثناؤه (سبحانه) أي تنـزيها لله وتبرئة (وَتَعالى) يقول: وعلوّا له (عَمَّا يُشْرِكُونَ) يقول: عن شرك هؤلاء المشركين به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) لا والله (سُبْحانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) يسبح نفسه إذ قيل عليه البهتان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[40] ﴿اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ ببساطة: هذه دورة حياتك.
وقفة
[40] ﴿اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۖ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيْءٍ﴾ ثلاثة أمور لا يجادل فيها أحد: الخلق والإماتة والإحياء، ويبقى أمر الرزق يجادل فيه البعض، فيقول أحدهم: «رزقت بذكائي واجتهادي، ولو سلبه الله ذكاءه واجتهاده، لما رزق».
وقفة
[40] ﴿خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ﴾ مِثْلَ يقينِكَ بخلقِك، مثلمَا تَرى خلقَ يديكَ ورجليكَ؛ كن على يقينٍ برزقِكَ.
وقفة
[40] ﴿خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ هذه حقيقة الحياة، فهل تدبرتها؟
وقفة
[40] قال أحدهم: «كنت أُعاني من طلب ثناء الناس كثيرًا في عبادتي؛ حتى قرأت هذه الآية، فكرَّرت: ﴿هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾؟ لا والله! فيا له من حرمان أن يترك المرءُ طلبَ ثناء مولاه الذي خلقه، ثم رزقه، ثم يميته، ثم يحييه، إلى طلب ثناء مخلوق مثله».
تفاعل
[40] ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.

الإعراب :

  • ﴿ اللهُ الَّذِي:
  • لفظ‍ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ. ويجوز أن يكون صفة-نعتا- للفظ‍ الجلالة وخبره الجملة الاسمية هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ» والذي ربط‍ الجملة بالمبتدإ قوله مِنْ ذلِكُمْ» لأن المعنى من أفعاله.
  • ﴿ خَلَقَكُمْ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ:
  • الجملتان معطوفتان بحرفي العطف «ثم» التي تفيد التراخي على «خلقكم» وتعربان اعرابها و «يميت» فعل مضارع مرفوع بالضمة.
  • ﴿ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ:
  • تعرب اعراب ثُمَّ يُمِيتُكُمْ» لأنها معطوفة عليها. هل:أداة استفهام لا محل لها.
  • ﴿ مِنْ شُرَكائِكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. الكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور أي الذين اتخذتموهم أندادا له.
  • ﴿ مَنْ يَفْعَلُ:
  • من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر.يفعل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يفعل» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مِنْ ذلِكُمْ:
  • من حرف جر للتاكيد أي تأكيد عجز الشركاء. ذا: اسم اشارة مبني علي السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال من شيء اللام للبعد والكاف حرف خطاب والميم علامة الجمع بمعنى من أفعاله تلك.
  • ﴿ مِنْ شَيْءٍ:
  • من: حرف جر زائد للتاكيد. شيء: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «يفعل» بمعنى: فهل من شركائكم من يفعل شيئا من ذلك أي من تلك الأفعال.
  • ﴿ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة الأولى من سورة النحل. وفي الآية الكريمة الثامنة عشرة من سورة «يونس».'

المتشابهات :

يونس: 34﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ قُلِ اللَّـهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
يونس: 35﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّـهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ
الروم: 40﴿اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ۖ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيْءٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أنَّه لا زيادةَ إلَّا فيما يَزيدُه اللهُ، ولا خيرَ إلَّا فيما يختارُه اللهُ؛ وَبَّخَ هنا هؤلاء المشركين الذين يعبدون الآلهة والأصنام التي لا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت، قال تعالى:
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :الروم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ..

التفسير :

[41] ظهر الفساد في البر والبحر، كالجدب وقلة الأمطار وكثرة الأمراض والأوبئة؛ وذلك بسبب المعاصي التي يقترفها البشر؛ ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها في الدنيا؛ كي يتوبوا إلى الله -سبحانه- ويرجعوا عن المعاصي، فتصلح أحوالهم، وتستقيم أمورهم.

أي:استعلن الفساد في البر والبحر أي:فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها.

هذه المذكورة{ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} أي:ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا من جزاء أعمالهم في الدنيا{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت، فتصلح أحوالهم ويستقيم أمرهم. فسبحان من أنعم ببلائه وتفضل بعقوبته وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.

قال ابن كثير ما ملخصه: قال ابن عباس وغيره: المراد بالبر هاهنا، الفيافي. وبالبحر:

الأمصار والقرى، ما كان منها على جانب نهر.

وقال آخرون: بل المراد بالبر هو البر المعروف. وبالبحر: البحر المعروف.

والقول الأول أظهر، وعليه الأكثر، ويؤيده ما ذكره ابن إسحاق في السيرة: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صالح ملك أيلة، وكتب له ببحره- يعنى ببلده- .

والمعنى: ظهر الفساد في البر والبحر، ومن مظاهر ذلك انتشار الشرك والظلم، والقتل وسفك الدماء، والأحقاد والعدوان، ونقص البركة في الزروع والثمار والمطاعم والمشارب، وغير ذلك مما هو مفسدة وليس بمنفعة..

قال ابن كثير- رحمه الله-: وقال أبو العالية: من عصى الله في الأرض فقد أفسد فيها، لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة، ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود: «الحد يقام في الأرض، أحب إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحا» .

والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت، انكف الناس، أو أكثرهم، أو كثير منهم، عن تعاطى المحرمات. وإذا ارتكبت المعاصي كان سببا في محق البركات.. وكلما أقيم العدل كثرت البركات والخيرات. وقد ثبت في الحديث الصحيح: «إن الفاجر إذا مات تستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب» .

وقوله- تعالى-: بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ.. بيان لسبب ظهور الفساد. أى: عم الفساد وطم في البر والبحر، بسبب اقتراف الناس للمعاصي. وانهماكهم في الشهوات، وتفلتهم من كل ما أمرهم الله- تعالى- به، أو نهاهم عنه. كما قال- تعالى-:

وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ.

فظهور الفساد وانتشاره، لا يتم عبثا أو اعتباطا، وإنما يتم بسبب إعراض الناس عن طاعة الله- تعالى-، وارتكابهم للمعاصي ...

قال ابن عباس ، وعكرمة ، والضحاك ، والسدي ، وغيرهم : المراد بالبر هاهنا : الفيافي ، وبالبحر : الأمصار والقرى ، وفي رواية عن ابن عباس وعكرمة : البحر : الأمصار والقرى ، ما كان منها على جانب نهر .

وقال آخرون : بل المراد بالبر هو البر المعروف ، وبالبحر : البحر المعروف .

وقال زيد بن رفيع : ( ظهر الفساد ) يعني انقطاع المطر عن البر يعقبه القحط ، وعن البحر تعمى دوابه . رواه ابن أبي حاتم .

وقال : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، عن سفيان ، عن حميد بن قيس الأعرج ، عن مجاهد : ( ظهر الفساد في البر والبحر ) ، قال : فساد البر : قتل ابن آدم ، وفساد البحر : أخذ السفينة غصبا .

وقال عطاء الخراساني : المراد بالبر : ما فيه من المدائن والقرى ، وبالبحر : جزائره .

والقول الأول أظهر ، وعليه الأكثر ، ويؤيده ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم صالح ملك أيلة ، وكتب إليه ببحره ، يعني : ببلده .

ومعنى قوله تعالى : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) أي : بان النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي .

وقال أبو العالية : من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض; لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة; ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود : " لحد يقام في الأرض أحب إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحا " . والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت ، انكف الناس - أو أكثرهم ، أو كثير منهم - عن تعاطي المحرمات ، وإذا ارتكبت المعاصي كان سببا في محاق البركات من السماء والأرض; ولهذا إذا نزل عيسى [ ابن مريم ] عليه السلام ، في آخر الزمان فحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت ، من قتل الخنزير وكسر الصليب ووضع الجزية ، وهو تركها - فلا يقبل إلا الإسلام أو السيف ، فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه ويأجوج ومأجوج ، قيل للأرض : أخرجي بركاتك . فيأكل من الرمانة الفئام من الناس ، ويستظلون بقحفها ، ويكفي لبن اللقحة الجماعة من الناس . وما ذاك إلا ببركة تنفيذ شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلما أقيم العدل كثرت البركات والخير; [ ولهذا ] ثبت في الصحيح : " إن الفاجر إذا مات تستريح منه العباد والبلاد ، والشجر والدواب " .

ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا محمد والحسين قالا حدثنا عوف ، عن أبي قحذم قال : وجد رجل في زمان زياد - أو ابن زياد - صرة فيها حب ، يعني من بر أمثال النوى ، عليه مكتوب : هذا نبت في زمان كان يعمل فيه بالعدل .

وروى مالك ، عن زيد بن أسلم : أن المراد بالفساد هاهنا الشرك . وفيه نظر .

وقوله : ( ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) أي : يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات ، اختبارا منه ، ومجازاة على صنيعهم ، ( لعلهم يرجعون ) أي : عن المعاصي ، كما قال تعالى : ( وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ) [ الأعراف : 168 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)

يقول تعالى ذكره: ظهرت المعاصي في برّ الأرض وبحرها بكسب أيدي الناس ما نهاهم الله عنه.

واختلف أهل التأويل في المراد من قوله: (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ) فقال بعضهم: عنى بالبرّ، الفلوات، وبالبحر: الأمصار والقُرى التي على المياه والأنهار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب قال: ثنا عثام، قال: ثنا النضر بن عربي، عن مجاهد وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ... الآية، قال: إذا وَلي سعى بالتعدّي والظلم، فيحبس الله القطر، فَـ(يُهْلِكَ الحَرْثَ والنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ) قال: ثم قرأ مجاهد: (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ ...) الآية، قال: ثم قال: أما والله ما هو بحركم هذا، ولكن كل قرية على ماء جار فهو بحر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن النضر بن عربي، عن عكرمة (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ) قال: أما إني لا أقول بحركم هذا، ولكن كلّ قرية على ماء جار.

قال: ثنا يزيد بن هارون، عن عمرو بن فروخ، عن حبيب بن الزبير، عن عكرِمة (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ) قال: إن العرب تسمي الأمصار بحرا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ) قال: هذا قبل أن يَبعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، امتلأت ضلالة وظلما، فلما بعث الله نبيه رجع راجعون من الناس.

قوله: (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ) أما البرّ فأهل العمود، وأما البحر فأهل القرى والريف.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ) قال: الذنوب، وقرأ (لِيُذيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا قرة، عن الحسن في قوله: (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ) قال: أفسدهم الله بذنوبهم، في بحر الأرض وبرها بأعمالهم الخبيثة.

وقال آخرون: بل عنى بالبرّ: ظهر الأرض، الأمصار وغيرها، والبحر: البحر المعروف.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ) قال: في البرّ: ابن آدم الذي قتل أخاه، وفي البحر: الذي كان يأخذ كلّ سفينة غصبا.

حدثني يعقوب، قال: قال أبو بشر -يعني: ابن علية-: قال: سمعت ابن أبي نجيح، يقول في قوله: (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ) قال: بقتل ابن آدم، والذي كان يأخذ كل سفينة غصبا.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ) قال: قلت: هذا البرّ، والبحر أيّ فساد فيه؟ قال: فقال: إذا قلّ المطر، قل الغوص.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البرّ) قال: قتل ابن آدم أخاه، (وَالْبَحْر) قال: أخذ الملك السفن غصبا.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن الله تعالى ذكره، أخبر أن الفساد قد ظهر في البرّ والبحر عند العرب في الأرض القفار، والبحر بحران: بحر ملح، وبحر عذب، فهما جميعا عندهم بحر، ولم يخصص جلّ ثناؤه الخبر عن ظهور ذلك في بحر دون بحر، فذلك على ما وقع عليه اسم بحر عذبا كان أو ملحا. إذا كان ذلك كذلك، دخل القرى التي على الأنهار والبحار.

فتأويل الكلام إذن إذ كان الأمر كما وصفت، ظهرت معاصي الله في كل مكان من برّ وبحر (بِمَا كَسَبَتْ أيْدِي النَّاسِ) : أي بذنوب الناس، وانتشر الظلم فيهما.

وقوله: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) يقول جل ثناؤه: ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوا، ومعصيتهم التي عصوا(لَعَلَّهُمْ يَرجِعُونَ) يقول: كي ينيبوا إلى الحقّ، ويرجعوا إلى التوبة، ويتركوا معاصي الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن الحسن (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال: يتوبون.

قال: ثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن السدي، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) يوم بدر لعلهم يتوبون.

قال: ثنا أبو أُسامة، عن زائدة، عن منصور، عن إبراهيم (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال: إلى الحقّ.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) : لعلّ راجعا أن يرجع، لعل تائبا أن يتوب، لعلّ مستعتبا أن يستعتب.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا قرة، عن الحسن (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال: يرجع من بعدهم.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (لِيُذِيقَهُمْ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار (لِيُذِيقَهُمْ) بالياء، بمعنى: ليذيقهم الله بعض الذي عملوا، وذُكر أن أبا عبد الرحمن السلمي قرأ ذلك بالنون على وجه الخبر من الله عن نفسه بذلك.

المعاني :

الْفَسَادُ :       كَالجَدْبِ، وَالأَمْرَاضِ، وَالأَوْبِئَةِ السراج

التدبر :

وقفة
[41] ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ﴾ الظهور: رؤية ما لم يكن مرئيًا، فهو كان موجودًا، لكن أهل الفساد أظهروه، كانوا يخفونه حتى ظهر رغمًا عنهم، وتأتي (ظهر) بمعنى غلب، كما قال تعالى: ﴿فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: 14]، وتأتي بمعنى العلو، كما قال تعالى: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ﴾ [الكهف: 97] أي يعلوه.
وقفة
[41] ﴿ظهر الفساد في البر والبحر﴾ اللهم رُدَّنا إليك ردًّا جميلًا، وردَّنا إليك وأنت راضٍ عنا.
وقفة
[41] ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ ظهور الفساد في البر بالقحط، والفتن، وشبه ذلك، وظهور الفساد في البحر بالغرق، وقلة الصيد، وكساد التجارات، وشبه ذلك، وكل ذلك بسبب ما يفعله الناس من الكفر والعصيان.
وقفة
[41] ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس﴾ الأرض كلها تحتاج (الإسلام)؛ لتسلم من الفساد أشد من حاجتها لهيئة حماية البيئة العالمية.
وقفة
[41] ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس﴾ المحن يجب أن تحيي فينا التوبة واللجوء إلى الله، لا القنوط، لا ملجأ من الله إلا إليه.
وقفة
[41] ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ فسبحان مَنْ أنعم ببلائه، وتفضل بعقوبته، وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.
وقفة
[41] ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (بعض الذي عملوا)؛ لو أذاقهم الله (جميع ما عملوا) ما ترك على ظهرها من دابة.
وقفة
[41] ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أثر الذنوب في انتشار الأوبئة وخراب البيئة مشاهد.
وقفة
[41] ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾، والسبب: ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾، والحكمة: ﴿لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا﴾، والغاية: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
وقفة
[41] أفعال الله كلها خير وحكمة، وتقدير الله لهذه الشرور له حكمة عظيمة، وتأمل قوله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، تجد أن هذا الفساد الذي ظهر في البر والبحر كان لما يُرجى من العاقبة الحميدة، وهي الرجوع إلى الله عز وجل.
عمل
[41] إذا رأيت مصيبة وقعت، أو كوارث قد حلت، فتذكر ذنبًا وقع قبلها ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
عمل
[41] أرسل رسالة تبيّن فيها أضرار الربا، أو المعاصي الاجتماعية، وغيرها ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
وقفة
[41] ﴿لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ وإنما أذاقنا الشيء اليسير من أعمالنا، ولو أذاقنا كل أعمالنا لما ترك على ظهرها من دابة.
وقفة
[41] ﴿لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ فسبحان مَنْ أنعم ببلائه، وتفضل بعقوبته، وإلا فلو أذاقهم جميع ما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.
وقفة
[41] ﴿لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ كلُّ هذه المصائبَ التي تمرَّ بنا وبِالخلقِ بسببِ سوءِ أعمالِنا، وبعض ما نستحقُّ.
وقفة
[41] ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ هدف الابتلاءات رد الشاردين إلى رحاب الله، وجذب الغافلين إلى روضة الطاعة.
وقفة
[41] ﴿لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ المصائب إشارة تحذير للمؤمن؛ لعلَّه يتوب ويقلع عن الذنوب، فتصلح أحواله وتستقيم شؤون حياته.

الإعراب :

  • ﴿ ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ:
  • فعل ماض مبني على الفتح. الفساد:فاعل مرفوع بالضمة. في البر: جار ومجرور متعلق بظهر. والبحر: معطوف بالواو على «البر» ويعرب إعرابه بمعنى ظهرت في البر والبحر الشدائد والكوارث. أي ان الله أفسد أسباب دنياهم ومحقها.
  • ﴿ بِما كَسَبَتْ:
  • جار ومجرور متعلق بظهر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كسبت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. وجملة كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بما كسبته أيدي الناس بمعنى بسبب معاصيهم وذنوبهم. أي بسبب ما كسبته أيديهم من الذنوب فحذف المجرور «سبب» وحل محله المضاف اليه اسم الموصول «ما».
  • ﴿ أَيْدِي النّاسِ:
  • فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. الناس:مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ لِيُذِيقَهُمْ:
  • اللام حرف جر للتعليل. يذيق: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول. وجملة «يذيقهم» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بظهر.
  • ﴿ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. عملوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «عملوا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بعض الذي عملوه. بمعنى ليذيقهم وبال أو عقوبة بعض أعمالهم السيئة في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة لعلهم يرجعون الى الهدى أو عماهم عليه. ويجوز ان يكون المعنى أن ظهور الشرور بسببهم مما استوجبوا به أن يذيقهم الله وبال اعمالهم ارادة الرجوع.
  • ﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ:
  • حرف مشبه بالفعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسمها. يرجعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يرجعون» في محل رفع خبر «لعل».'

المتشابهات :

الأنعام: 59﴿وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَۚ وَيَعۡلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا
الأنعام: 63﴿قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ
الأنعام: 97﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهۡتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ
يونس: 22﴿هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمۡ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّىٰٓ إِذَا كُنتُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَيۡنَ بِهِم بِرِيحٖ طَيِّبَةٖ
الإسراء: 70﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا
النمل: 63﴿أَمَّن يَهۡدِيكُمۡ فِي ظُلُمَٰتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦٓۗ
الروم: 41﴿ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد توبيخ المشركين؛ ذكرَ اللهُ هنا الآثار السيئة التى تترتب على الشرك والمعاصى، قال تعالى:
﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف