ترتيب المصحف | 15 | ترتيب النزول | 54 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 5.50 |
عدد الآيات | 99 | عدد الأجزاء | 0.25 |
عدد الأحزاب | 0.50 | عدد الأرباع | 2.00 |
ترتيب الطول | 40 | تبدأ في الجزء | 14 |
تنتهي في الجزء | 14 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 9/29 | آلر: 5/5 |
كِبْرُ إبليسَ سببُ طردِه من رحمةِ اللهِ، وتعهدُه بإضلالِ النَّاسِ إلا عبادَ اللهِ المخلَصينَ، فإنَّه لا سلطانَ له عليهم، ثُمَّ تتوعَّدُه الآياتُ وأتباعَه بالعذابِ الأليمِ في الآخرةِ.
قريبًا إن شاء الله
لمَّا ذكرَ اللهُ جهنَّمَ وأهلَها ومن دَعَاهم إلى قبائحِ الأعمالِ، ذكرَ هنا أهلَ الجَنَّةِ وما لهم فيها من النَّعيمِ الحسِّي والمعنوي.
قريبًا إن شاء الله
القصَّةُ الثانيةُ: قصَّةُ ضُيوفِ إبراهيمَ عليه السلام.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
تفسير ألايتين 32 و 33:ـ
قال الله:{ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} فاستكبر على أمر الله وأبدى العداوة لآدم وذريته وأعجب بعنصره، وقال:أنا خير من آدم.
وقوله- سبحانه-: قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ بيان لما وبخ الله- تعالى- به إبليس، ولرد إبليس- لعنه الله- على خالقه- عز وجل-.
أى: قال الله- تعالى- لإبليس على سبيل التوبيخ والزجر: أى سبب حملك على مخالفة أمرى، وجعلك تمتنع عن السجود لمن أمرتك بالسجود له؟
وقد روى ابن جرير هاهنا أثرا غريبا عجيبا من حديث شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما خلق الله الملائكة قال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا سويته فاسجدوا له ، قالوا : لا نفعل ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم ، ثم خلق ملائكة فقال لهم مثل ذلك [ فقالوا : لا نفعل ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة أخرى فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبوا ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له ] قالوا سمعنا وأطعنا ، إلا إبليس كان من الكافرين الأولين
وفي ثبوت هذا عنه بعد ، والظاهر أنه إسرائيلي ، والله أعلم .
فقال الله تعالى ذكره ( يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ) يقول: ما منعك من أن تكون مع الساجدين ، فأن في قول بعض نحويي الكوفة خفض، وفي قول بعض أهل البصرة نصب بفقد الخافض.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 32 | ﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ |
---|
ص: 75 | ﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تفسير ألايتين 32 و 33:ـ
قال الله:{ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} فاستكبر على أمر الله وأبدى العداوة لآدم وذريته وأعجب بعنصره، وقال:أنا خير من آدم.
فكان رد إبليس: ما كان ليليق بشأنى ومنزلتي أن أسجد مع الساجدين لبشر خلقته- أيها الخالق العظيم- من صلصال من حمأ مسنون.
ومقصود إبليس بهذا الرد إثبات أنه خير من آدم، كما حكى عنه- سبحانه- ذلك في قوله- تعالى- قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ .
وهذا الرد منه يدل على عصيانه لأمر ربه، وعدم الرضا بحكمه، وسوء أدبه مع خالقه- سبحانه-.
قال الآلوسى: وقد أخطأ اللعين حيث ظن أن الفضل كله باعتبار المادة، وما درى أنه يكون باعتبار الفاعل، وباعتبار الصورة، وباعتبار الغاية، بل إن ملاك الفضل والكمال هو التخلي عن الملكات الردية، والتحلي بالمعارف الربانية.
فشمال والكأس فيها يمين ... ويمين لا كأس فيها شمال
وقد روى ابن جرير هاهنا أثرا غريبا عجيبا من حديث شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما خلق الله الملائكة قال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا سويته فاسجدوا له ، قالوا : لا نفعل ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم ، ثم خلق ملائكة فقال لهم مثل ذلك [ فقالوا : لا نفعل ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة أخرى فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فأبوا ، فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . ثم خلق ملائكة فقال : إني خالق بشرا من طين ، فإذا أنا خلقته فاسجدوا له ] قالوا سمعنا وأطعنا ، إلا إبليس كان من الكافرين الأولين
وفي ثبوت هذا عنه بعد ، والظاهر أنه إسرائيلي ، والله أعلم .
يقول تعالى ذكره ( قَالَ ) إبليس: ( لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ) وهو من طين وأنا من نار، والنار تأكل الطين.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 26 | ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴾ |
---|
الحجر: 28 | ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴾ |
---|
الحجر: 33 | ﴿قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ قَالَ} الله معاقبا له على كفره واستكباره{ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} أي:مطرود مبعد من كل خير
وقوله- سبحانه-: قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ بيان للحكم العادل الذي أصدره الله- تعالى- على إبليس.
والضمير في قوله: «منها» يعود إلى السماء لأنها مسكن الطائعين الأخيار، أو إلى الجنة لأنها لا يسكنها إلا من أطاع الله- تعالى-، أو إلى المنزلة التي كان فيها قبل طرده من رحمة الله.. أى: قال الله- تعالى- لإبليس على سبيل الزجر والتحقير: فاخرج من جنتي ومن سمائي فإنك رَجِيمٌ مطرود من كل خير وكرامة،
يذكر تعالى أنه أمر إبليس أمرا كونيا لا يخالف ولا يمانع بالخروج من المنزلة التي كان فيها من الملإ الأعلى وأنه رجيم أي مرجوم وأنه قد اتبعته لعنة لا تزال متصلة به لاحقة له متواترة عليه إلى يوم القيامة.
وقوله ( فَاخْرُجْ مِنْهَا ) يقول الله تعالى ذكره لإبليس: ( فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) .
والرجيم المرجوم، صرف من مفعول إلى فعيل وهو المشتوم، كذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) والرجيم: الملعون.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) قال: ملعون. والرجم في القرآن: الشتم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 13 | ﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا﴾ |
---|
الحجر: 34 | ﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ |
---|
ص: 77 | ﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ} أي:الذم والعيب، والبعد عن رحمة الله،{ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} ففيها وما أشبهها دليل على أنه سيستمر على كفره وبعده من الخير.
وإن عليك اللعنة والإبعاد من رحمتي إلى يوم الدين، وهو يوم الحساب والجزاء.
وليس المراد أن تنقطع عنه اللعنة يوم الدين، بل المراد أن هذه اللعنة مستمرة عليه إلى يوم الدين، فإذا ما جاء هذا اليوم استمرت هذه اللعنة، وأضيف إليها العذاب الدائم المستمر الباقي، بسبب عصيانه لأمر ربه، فذكر يوم الدين، إنما هو للمبالغة في طول مدة هذه اللعنة ودوامها ما دامت الحياة الدنيا.
وعبر- سبحانه- بعلى في قوله وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ للإشعار بتمكنها منه، واستعلائها عليه، حتى لكأن اللعنة فوقه يحملها دون أن تفارقه في لحظة من اللحظات.
يذكر تعالى أنه أمر إبليس أمرا كونيا لا يخالف ولا يمانع بالخروج من المنزلة التي كان فيها من الملأ الأعلى وأنه رجيم أي مرجوم وأنه قد اتبعته لعنة لا تزال متصلة به لاحقة له متواترة عليه إلى يوم القيامة.
وقوله ( وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ) يقول: وإن غضب الله عليك بإخراجه إياك من السموات وطردك عنها إلى يوم المجازاة، وذلك يوم القيامة ، وقد بيَّنا معنى اللعنة في غير موضع بما أغنى عن إعادته هاهنا.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 35 | ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ |
---|
ص: 78 | ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تفسير الآيات من 36 الى 38:ـ
{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} أي:أمهلني{ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وليس إجابة الله لدعائه كرامة في حقه وإنما ذلك امتحان وابتلاء من الله له وللعباد ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه ممن ليس كذلك، ولذلك حذرنا منه غاية التحذير، وشرح لنا ما يريده منا.
ثم حكى- سبحانه- ما طلبه إبليس من ربه، ومارد الله به عليه، فقال- تعالى-:
قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ.
والفاء في قوله فَأَنْظِرْنِي للتفريع وهي متعلقة بمحذوف يدل عليه سياق الكلام.
والإنظار: التأخير والإمهال ومنه قوله- تعالى- وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ..
أى: قال إبليس لربه. عز وجل: ما دمت قد أخرجتنى من جنتك ومن سمائك، وجعلتني مرجوما ملعونا إلى يوم الدين، فأخر موتى إلى يوم يبعث آدم وذريته للحساب وخاطب الله- تعالى- بصفة الربوبية تخضعا وتذللا لكي يجاب طلبه.
وعن سعيد بن جبير أنه قال: لما لعن الله إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة ورن رنة فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة منها.
رواه ابن أبي حاتم وأنه لما تحقق الغضب الذي لا مرد له سأل من تمام حسده لآدم وذريته النظِرة إلى يوم القيامة وهو يوم البعث.
يقول تعالى ذكره: قال إبليس: ربّ فإذ أخرجتني من السموات ولعنتني، فأخِّرني إلى يوم تبعث خلقك من قبورهم فتحشرهم لموقف القيامة .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 14 | ﴿ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ |
---|
الحجر: 36 | ﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ |
---|
ص: 79 | ﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تفسير الآيات من 36 الى 38:ـ
{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} أي:أمهلني{ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وليس إجابة الله لدعائه كرامة في حقه وإنما ذلك امتحان وابتلاء من الله له وللعباد ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه ممن ليس كذلك، ولذلك حذرنا منه غاية التحذير، وشرح لنا ما يريده منا.
وقد أجاب الله- تعالى- له طلبه فقال: فَإِنَّكَ يا إبليس من جملة الْمُنْظَرِينَ أى الذين أخرت موتهم إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وهو يوم القيامة الذي استأثرت بعلم وقته، والذي وصفت أحواله للناس. كي يستعدوا له بالإيمان والعمل الصالح.
ويصح أن يكون المراد بالوقت المعلوم: وقت النفخة الأولى حين يموت كل الخلائق ويموت هو معهم.
قال ابن كثير: أجابه الله- تعالى- إلى ما سأل، لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف. ولا تمانع ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.
وقال بعض العلماء: وهذا الإنظار رمز إلهى على أن ناموس الشر لا ينقضي من عالم الحياة الدنيا، وأن نظامها قائم على التصارع بين الخير والشر، وبين الأخيار والأشرار.
قال- تعالى-: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ .. .
ولذلك لم يستغن نظام العالم عن إقامة قوانين العدل والصلاح، وإيداعها إلى الكفاة لتنفيذها والذود عنها» .
وأنه أجيب إلى ذلك استدراجا له وإمهالا.
قال الله له: فإنك ممن أُخِّر هلاكه.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 15 | ﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴾ |
---|
الحجر: 37 | ﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴾ |
---|
ص: 80 | ﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تفسير الآيات من 36 الى 38:ـ
{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} أي:أمهلني{ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وليس إجابة الله لدعائه كرامة في حقه وإنما ذلك امتحان وابتلاء من الله له وللعباد ليتبين الصادق الذي يطيع مولاه دون عدوه ممن ليس كذلك، ولذلك حذرنا منه غاية التحذير، وشرح لنا ما يريده منا.
وقد أجاب الله- تعالى- له طلبه فقال: فَإِنَّكَ يا إبليس من جملة الْمُنْظَرِينَ أى الذين أخرت موتهم إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وهو يوم القيامة الذي استأثرت بعلم وقته، والذي وصفت أحواله للناس. كي يستعدوا له بالإيمان والعمل الصالح.
ويصح أن يكون المراد بالوقت المعلوم: وقت النفخة الأولى حين يموت كل الخلائق ويموت هو معهم.
قال ابن كثير: أجابه الله- تعالى- إلى ما سأل، لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف. ولا تمانع ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.
وقال بعض العلماء: وهذا الإنظار رمز إلهى على أن ناموس الشر لا ينقضي من عالم الحياة الدنيا، وأن نظامها قائم على التصارع بين الخير والشر، وبين الأخيار والأشرار.
قال- تعالى-: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ .. .
ولذلك لم يستغن نظام العالم عن إقامة قوانين العدل والصلاح، وإيداعها إلى الكفاة لتنفيذها والذود عنها» .
فلما تحقق النظرة قبحه الله.
إلى يوم الوقت المعلوم لهلاك جميع خلقي، وذلك حين لا يبقى على الأرض من بني آدم دَيَّار.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 38 | ﴿ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ |
---|
ص: 81 | ﴿ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} أي:أزين لهم الدنيا وأدعوهم إلى إيثارها على الأخرى، حتى يكونوا منقادين لكل معصية.{ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} أي:أصدهم كلهم عن الصراط المستقيم،
ثم بين- سبحانه- الأسياب التي حملت إبليس على طلب تأخير موته إلى يوم القيامة، والتي من أهمها الانتقام من آدم وذريته فقال- تعالى-: قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.
والباء في قوله بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ.. للسببية أو للقسم.
قال الإمام الرازي ما ملخصه: الباء هاهنا بمعنى السبب، أى: بسبب كوني غاويا لأزينن لهم كقول القائل: أقسم فلان بمعصيته ليدخلن النار، وبطاعته ليدخلن الجنة.
أو للقسم وما مصدرية وجواب القسم لأزينن لهم. والمعنى أقسم بإغوائك لي لأزينن لهم.
ونظيره قوله- تعالى- قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ .
وقوله أَغْوَيْتَنِي من الإغواء، وهو خلق الغي في القلوب. وأصل الغي الفساد، ومنه غوى الفصيل- كرضى- إذا بشم من اللبن ففسدت معدته. أو منع من الرضاع فهزل وكاد يهلك، ثم استعمل في الضلال. يقال: غوى فلان يغوى غيا وغواية فهو غاو إذا ضل عن الطريق المستقيم. وأغواه غيره وغواه: أضله.
وقوله لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ من التزيين بمعنى التحسين والتجميل، وهو تصيير الشيء زينا، أى: حسنا حتى ترغب النفوس فيه وتقبل عليه.
والضمير في لَهُمْ يعود على ذرية آدم، وهو مفهوم من السياق وإن لم يجر لهم ذكر، وقد جاء ذلك صريحا في قوله- تعالى- في آية أخرى: قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا .
وحذف مفعول لَأُزَيِّنَنَّ لدلالة المقام عليه.
أى: لأزينن لهم المعاصي والسيئات، بأن أحسن لهم القبيح. وأزين لهم المنكر. وأحبب الشهوات إلى نفوسهم حتى يتبعوها، وأبذل نهاية جهدي في صرفهم عن طاعتك ... وقال- سبحانه- فِي الْأَرْضِ لتحديد مكان إغوائه، إذ هي المكان الذي صار مستقرا له ولآدم وذريته، كما قال- تعالى- في آية أخرى: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها- أى الجنة- فأخرجهما- أى آدم وحواء- مما كانا فيه، وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ، وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ .
وقوله وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ مؤكدا لما قبله.
أى: والله لأغوينهم جميعا مادمت قادرا على ذلك، ولأعملن على إضلالهم بدون فتور أو يأس، كما قال- تعالى- في آية أخرى: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ .
قال القرطبي: وروى ابن لهيعة عبد الله عن دراج أبى السمح، عن أبى الهيثم، عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبليس قال يا رب وعزتك وجلالك لا أزال أغوى بنى آدم ما دامت أرواحهم في أجسامهم، فقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفرونى» .
يقول تعالى مخبرا عن إبليس وتمرده وعتوه أنه قال للرب : ( بما أغويتني ) قال بعضهم : أقسم بإغواء الله له .
قلت : ويحتمل أنه بسبب ما أغويتني وأضللتني ( لأزينن لهم ) أي : لذرية آدم - عليه السلام - ( في الأرض ) أي : أحبب إليهم المعاصي وأرغبهم فيها ، وأؤزهم إليها ، وأزعجهم إزعاجا ، ( ولأغوينهم ) أي : كما أغويتني وندرت على ذلك
يقول تعالى ذكره: قال إبليس: ( رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) بإغوائك ( لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ ) وكأن قوله ( بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) خرّج مخرج القسم، كما يقال: بالله، أو بعزّة الله لأغوينهم. وعنى بقوله ( لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ ) لأحسننّ لهم معاصيك، ولأحببنها إليهم في الأرض ( وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) يقول: ولأضلَّنهم عن سبيل الرشاد.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 16 | ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ |
---|
الحجر: 39 | ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} أي:الذين أخلصتهم واجتبيتهم لإخلاصهم، وإيمانهم وتوكلهم.
وقوله- سبحانه- إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ اعتراف من إبليس بأن من عباد الله- تعالى- قوما لا يستطيع أن يغويهم، ولا يقدر على إضلالهم.
وكلمة «المخلصين» قرأها نافع وحمزة وعاصم والكسائي- بفتح اللام-، فيكون المعنى: لأغوينهم أجمعين إلا عبادك الذين استخلصتهم لطاعتك، وصنتهم عن اقتراف ما نهيتهم عنه.
وقرأها ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو- بكسر اللام-، فيكون المعنى: لأضلنهم جميعا، إلا عبادك الذين أخلصوا لك العمل، وابتعدوا عن الرياء في أقوالهم وأفعالهم.
وهذا الاستثناء الذي اعترف به إبليس بعد أن أدرك أنه لا محيص له عنه- هو سنة الله- تعالى- في خلقه، فقد جرت سنته التي لا تغيير ولا تبديل لها، بأن يستخلص لذاته من يخلص له قلبه، وأن يرعى من يرعى حدوده، ويحفظ من يحفظ تكاليفه، ولذا كان جوابه - سبحانه- على إبليس، هو قوله- تعالى- قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ. إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ.
واسم الإشارة هذا يعود إلى الاستثناء السابق وهو قوله إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.
وقد اختار هذا الرأى الإمام الآلوسى فقال: قال الله- تعالى- هذا صِراطٌ عَلَيَّ أى: حق لا بد أن أراعيه مُسْتَقِيمٌ لا انحراف فيه فلا يعدل عنه إلى غيره.
والإشارة إلى ما تضمنه الاستثناء وهو تخليص المخلصين من إغوائه وكلمة على تستعمل في الوجوب. والمعتزلة يقولون به حقيقة لقولهم بوجوب الأصلح عليه- تعالى-.
وقال أهل السنة، إن ذلك وإن كان تفضلا منه- سبحانه- إلا أنه شبه بالحق الواجب لتأكد ثبوته وتحقق وقوعه، بمقتضى وعده- عز وجل-، فجيء بعلىّ لذلك» .
ثم قال: وقرأ الضحاك ومجاهد ويعقوب.. هذا صِراطٌ عَلَيَّ- بكسر اللام وضم الياء المشددة وتنوينها- أى: عال لارتفاع شأنه» .
وقد اختار صاحب الكشاف عودة اسم الإشارة إلى ما بعده فقال: قال الله- تعالى- هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ أى هذا طريق حق على أن أراعيه، وهو أن لا يكون لك سلطان على عبادي، إلا من اختار اتباعك منهم لغوايته .
ويرى ابن جرير أن على هنا بمعنى إلى، فقد قال- رحمه الله- قوله- تعالى- هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ بمعنى هذا طريق إلى مستقيم.
فكان معنى الكلام: هذا طريق مرجعه إلى، فأجازى كلا بأعمالهم، كما قال- تعالى- إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ وذلك نظير قول القائل لمن يتوعده ويتهدده: طريقك على وأنا على طريقك، فكذلك قوله هذا صِراطٌ معناه: هذا طريق علىّ وهذا طريق إلى ... .
ويبدو لنا أن الآية الكريمة مسوقة لبيان المنهاج القويم الذي كتبه الله- تعالى- على نفسه فضلا منه وكرما، والميزان العادل الذي وضعه- سبحانه- لتمييز الخبيث من الطيب.
فكأنه- سبحانه- يقول في الرد على إبليس الذي اعترف بعجزه عن إغواء المخلصين من عباد الله: يا إبليس، إن عدم قدرتك على إغواء عبادي المخلصين منهج قويم من مناهجى التي اقتضتها حكمتى وعدالتى ورحمتي، وسنة من سنني التي آليت على نفسي أن ألتزم بها مع خلقي. إن عبادي المخلصين لا قوة ولا قدرة لك على إغوائهم، لأنهم حتى إذا مسهم طائف منك. أسرعوا بالتوبة الصادقة إلى، فقبلتها منهم. وغفرت لهم زلتهم ... ولكنك تستطيع إغواء أتباعك الذين استحوذت عليهم فانقادوا لك ...
وفي هاتين الآيتين ما فيهما من التنويه بشأن عباد الله المخلصين، ومن المديح لهم بقوة الإيمان، وعلو المنزلة، وصدق العزيمة وضبط النفس ...
إلا عبادك منهم المخلصين " كقوله " أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا " " قال "الله تعالى له متهددا ومتوعدا.
( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) يقول: إلا من أخلصته بتوفيقك فهديته، فإن ذلك ممن لا سلطان لي عليه ولا طاقة لي به. وقد قرئ: ( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) فمن قرأ ذلك كذلك، فإنه يعني به: إلا من أخلص طاعتك، فإنه لا سبيل لي عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك ( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) يعني: المؤمنين.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، قال: ثنا عمرو، عن سعيد، عن قتادة ( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) قال قتادة: هذه ثَنِيَّة الله تعالى ذكره.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 40 | ﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ |
---|
ص: 83 | ﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
المخلصين:
قرئ:
1- بفتح اللام، وهى قراءة الكوفيين، ونافع، والحسن، والأعرج أي: من أخلصته للطاعة أنت فلا يؤثر فيه تزيينى.
2- بكسر اللام، وهى قراءة باقى السبعة أي: إلا من أخلص العمل لله ولم يشرك فيه غيره.
التفسير :
قال الله تعالى:{ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} أي:معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي.
ولذا كان جوابه - سبحانه - على إبليس ، هو قوله - تعالى - ( قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين ) .
واسم الإشارة ( هذا ) يعود إلى الاستثناء السابق وهو قوله ( إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين ) .
وقد اختار هذا الرأى الإِمام الآلوسى فقال : قال الله - تعالى - ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ ) أى : حق لابد أن أراعيه ( مستقيم ) لا انحراف فيه فلا يعدل عنه إلى غيره .
والإِشارة إلى ما تضمنه الاستثناء وهو تخليص المخلصين من إغوائه وكلمة على تستعمل فى الوجوب . والمعتزلة يقولون به حقيقة لقولهم بوجوب الأصلح عليه - تعالى - .
وقال أهل السنة ، إن ذلك وإن كان تفضلاً منه - سبحانه - إلا أنه شبه بالحق الواجب لتأكد ثبوته وتحقق وقوعه ، بمقتضى وعده - عز وجل - ، فجئ بعلىَّ لذلك .
ثم قال : وقرأ الضحاك ومجاهد ويعقوب . . ( هذا صراط عَلِيٌّ ) - بكسر اللام وضم الياء المشددة وتنوينها - أى : عال لارتفاع شأنه .
وقد اختار صاحب الكشاف عودة اسم الإِشارة إلى ما بعده فقال : قال الله - تعالى - ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) أى هذا طريق حق على أن أراعيه ، وهو أن لا يكون لك سلطان على عبادى ، إلا من اختار اتباعك منهم لغوايته .
ويرى ابن جرير أن على هنا بمعنى إلى ، فقد قال - رحمه الله - قوله - تعالى - ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) بمعنى هذا طريق إلى مستقيم .
فكان معنى الكلام : هذا طريق مرجعه إلى ، فأجازى كلا بأعمالهم ، كما قال - تعالى - ( إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد ) وذلك نظير قول القائل لمن يتوعده ويتهدده : طريقك على وأنا على طريقك ، فكذلك قوله ( هذا صراط ) معناه : هذا طريق علىّ وهذا طريق إلى . . . .
ويبدوا لنا أن الآية الكريمة مسوقة لبيان المنهاج القويم الذى كتبه الله - تعالى - على نفسه فضلاً منه وكرمًا ، والميزان العادل الذى وضعه - سبحانه - لتمييز الخبيث من الطيب .
فكأنه - سبحانه - يقول فى الرد على إبليس الذى اعترف بعجزه عن إغواء المخلصين من عباد الله : يا إبليس ، إن عدم قدرتك على إغواء عبادى المخلصين منهج قويم من مناهجى التى اقتضتها حكمتى وعدالتى ورحمتى ، وسنة من سننى التى آليت على نفسى أن ألتزم بها مع خلقى .
قال الله تعالى له متهددا ومتوعدا ( هذا صراط علي مستقيم ) أي : مرجعكم كلكم إلي ، فأجازيكم بأعمالكم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، كما قال تعالى : ( إن ربك لبالمرصاد ) [ الفجر : 14 ]
وقيل : طريق الحق مرجعها إلى الله تعالى ، وإليه تنتهي . قاله مجاهد ، والحسن ، وقتادة كما قال : ( وعلى الله قصد السبيل ) [ النحل : 9 ]
وقرأ قيس بن عباد ، ومحمد بن سيرين ، وقتادة : " هذا صراط علي مستقيم " كقوله : ( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) [ الزخرف : 4 ] أي : رفيع . والمشهور القراءة الأولى .
اختلفت القرّاء في قراءة قوله ( قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) فقرأه عامَّة قراء الحجاز والمدينة والكوفة والبصرة ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) بمعنى: هذا طريق إليّ مستقيم.
فكان معنى الكلام: هذا طريق مرجعه إليّ فأجازي كلا بأعمالهم، كما قال الله تعالى ذكره إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ،وذلك نظير قول القائل لمن يتوعده ويتهدده: طريقك عليّ، وأنا على طريقك، فكذلك قوله : ( هَذَا صِرَاطٌ ) معناه: هذا طريق عليّ وهذا طريق إليّ. وكذلك تأول من قرأ ذلك كذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثني الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، وحدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) قال: الحقّ يرجع إلى الله ، وعليه طريقه، لا يعرِّج على شيء.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.
حدثنا أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا مَرْوان بن شجاع، عن خَصِيف، عن زياد بن أبي مريم، وعبد الله بن كثير أنهما قرآها( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) وقالا عليّ هي إليّ وبمنـزلتها.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وسعيد عن قتادة، عن الحسن ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) يقول: إليّ مستقيم. وقرأ ذلك قيس بن عباد وابن سيرين وقتادة فيما ذُكر عنهم ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) برفع عليّ على أنه نعت للصراط، بمعنى: رفيع.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي حماد، قال: ثني جعفر البصري، عن ابن سيرين أنه كان يقرأ ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) يعني: رفيع.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) أي رفيع مستقيم ، قال بشر، قال يزيد، قال سعيد: هكذا نقرؤها نحن وقتادة.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن أبي العوّام، عن قتادة، عن قيس بن عباد ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) يقول: رفيع.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأ ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) على التأويل الذي ذكرناه عن مجاهد والحسن البصري ، ومن وافقهما عليه، لإجماع الحجة من القرّاء عليها ، وشذوذ ما خالفها.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
على:
قرئ:
علىّ، أي عال، وهى قراءة الضحاك، وإبراهيم، وأبى رجاء، وابن سيرين، ومجاهد، وقتادة، وقيس بن عباد، وحميد، وعمرو بن ميمون، وعمارة بن أبى حفصة، ويعقوب.
التفسير :
{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} تميلهم به إلى ما تشاء من أنواع الضلالات، بسبب عبوديتهم لربهم وانقيادهم لأوامره أعانهم الله وعصمهم من الشيطان.
{ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ} فرضي بولايتك وطاعتك بدلا من طاعة الرحمن،{ مِنَ الْغَاوِينَ} والغاوي:ضد الراشد فهو الذي عرف الحق وتركه، والضال:الذي تركه من غير علم منه به.
قال- تعالى-: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا .
قال الآلوسى وقوله: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ... أى تصرف وتسلط، والمراد بالعباد المشار إليهم بالمخلصين، فالإضافة للعهد والاستثناء على هذا في قوله إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ منقطع.
واختار هذا غير واحد ... وجوز أن يكون بالعباد العموم والاستثناء متصل، والكلام كالتقرير لقوله إلا عبادك منهم المخلصين، ولذا لم يعطف على ما قبله، وتغيير الوضع لتعظيم المخلصين، بجعلهم هم الباقين بعد الاستثناء ... » .
وقوله : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) أي : الذين قدرت لهم الهداية ، فلا سبيل لك عليهم ، ولا وصول لك إليهم ، ( إلا من اتبعك من الغاوين ) استثناء منقطع .
وقد أورد ابن جرير هاهنا من حديث عبد الله بن المبارك ، عن عبد الله بن موهب حدثنا يزيد بن قسيط قال : كانت الأنبياء يكون لهم مساجد خارجة من قراهم ، فإذا أراد النبي أن يستنبئ ربه عن شيء ، خرج إلى مسجده فصلى ما كتب الله له ، ثم سأل ما بدا له ، فبينا نبي في مسجده إذ جاء عدو الله - يعني - : إبليس حتى جلس بينه وبين القبلة ، فقال النبي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . [ فقال عدو الله : أرأيت الذي تعوذ منه ؟ فهو هو . فقال النبي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ] قال : فردد ذلك ثلاث مرات ، فقال عدو الله : أخبرني بأي شيء تنجو مني ؟ فقال النبي : بل أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم مرتين ؟ فأخذ كل [ واحد ] منهما على صاحبه ، فقال النبي : إن الله تعالى يقول : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) قال عدو الله : قد سمعت هذا قبل أن تولد . قال النبي : ويقول الله : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 200 ] وإني والله ما أحسست بك قط إلا استعذت بالله منك . قال عدو الله : صدقت ، بهذا تنجو مني . فقال النبي : " أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم " ؟ قال : آخذه عند الغضب والهوى
وقوله ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) يقول تعالى ذكره: إن عبادي ليس لك عليهم حجة، إلا من اتبعك على ما دعوته إليه من الضلالة ممن غوى وهلك.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عبيد الله بن موهب، قال ثنا يزيد بن قسيط، قال: كانت الأنبياء لهم مساجد خارجة من قُراهم، فإذا أراد النبيّ أن يستنبئ ربه عن شيء ، خرج إلى مسجده، فصلى ما كتب الله له ، ثم سأل ما بدا له ، فبينما نبيّ في مسجده، إذا جاء عدوّ الله حتى جلس بينه وبين القبلة، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أعُوذُ بالله مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، فقال عدوّ الله: أرأيت الذي تعوَّذ منه فهو هو ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أعُوذُ باللَّهِ مِن الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ فردّد ذلك ثلاث مرّات ، فقال عدوّ اللَّه: أخبرني بأيّ شيء تنجو مني ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَخْبِرْني بأيّ شيْءٍ تَغْلِبُ ابْنَ آدَمَ ، مرّتين ، فأخذ كلّ واحد منهما على صاحبه، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ تعالى ذِكْرُهُ يقُولُ: ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) قال عدوّ اللَّه: قد سمعت هذا قبل أن تولد ، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ويقول اللَّهُ تَعالى ذِكْرُهُ: وَإِمَّا يَنْـزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَـزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وإنّي والله ما أحْسَسْتُ بِكَ قَطُّ إلا اسْتَعذْتُ بالله مِنْكَ ، فقال عدوّ الله: صدقت بهذا تنجو مني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأخْبِرْنِي بأيّ شَيْءٍ تَغْلِبُ ابْنَ آدَمَ؟ قال: آخذه عند الغضب، وعند الهوى.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 42 | ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ |
---|
الإسراء: 65 | ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} أي:إبليس وجنوده
ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة المتبعين لإبليس فقال: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ. لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ.
والضمير في قوله لَمَوْعِدُهُمْ يعود إلى الغاوين، أو إلى مَنِ اتَّبَعَكَ والموعد:
مكان الوعد.
والمراد به هنا المكان الذي سينتهون إليه حتما بعد أن كانوا غافلين عنها في الدنيا، وهو جهنم أى وإن جهنم لمكان محتوم لهؤلاء الذين أغواهم إبليس دون أن يفلت أحد من سعيرها.
وقوله " وإن جهنم لموعدهم أجمعين أي جهنم موعد جميع من اتبع إبليس كما قال عن القرآن " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده.
يقول تعالى ذكره لإبليس: وإن جهنم لموعد من تبعك أجمعين .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
هود: 81 | ﴿وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٌ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَۖ إِنَّهُۥ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمۡۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبۡحُۚ أَلَيۡسَ ٱلصُّبۡحُ بِقَرِيبٖ﴾ |
---|
الحجر: 43 | ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَـ مَوْعِدُهُمْ أَجۡمَعِينَ﴾ |
---|
القمر: 46 | ﴿بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدۡهَىٰ وَأَمَرُّ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ} كل باب أسفل من الآخر،{ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ} أي:من أتباع إبليس{ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} بحسب أعمالهم. قال الله تعالى:{ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}
وجملة «لها سبعة أبواب» مستأنفة لوصف حال جهنم وأبوابها.
وجملة «لكل باب منهم جزء مقسوم» صفة لأبواب، وضمير «منهم» يعود إلى الغاوين أتباع إبليس.
والمقسوم: من القسم وهو إفراز النصيب عن غيره تقول: قسمت كذا قسما وقسمة إذا ميزت كل قسم عن سواه.
والمعنى: إن لجهنم سبعة أبواب، لكل باب منها، فريق معين من الغاوين يدخلون منه، على حسب تفاوتهم في الغواية وفي متابعة إبليس ويرى كثير من المفسرين أن المراد بالأبواب هنا الأطباق والدركات.
أى لجهنم سبعة أطباق أو دركات بعضها فوق بعض، ينزلها الغاوون، بحسب أصنافهم وتفاوت مراتبهم في الغي والضلال.
قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى- لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ أى: قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس، يدخلونه لا محيد لهم عنه- أجارنا الله منها- وكل يدخل من باب بحسب عمله، ويستقر في درك بقدر فعله.... ثم قال: وعن عمرة بن جندب- رضى الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ قال: «إن من أهل النار من تأخذه النار إلى كعبيه، وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه النار إلى تراقيه ... » .
وبعد: فهذه قصة خلق الإنسان، وقصة خلق الجان- كما بينتها هذه السورة الكريمة- ومن الدروس والعظات التي نأخذها منها:
1- دلالتها على كمال قدرة الله- تعالى-، وبديع خلقه، وبليغ حكمته، حيث خلق- سبحانه- الإنسان من مادة تختلف عن المادة التي خلق منها الجان، وحيث كرم الإنسان بخاصية أخرى أشار إليها القرآن في قوله- تعالى- فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ...
وهذه الخاصية هي التي تجعل من هذا الإنسان، إنسانا ينفرد بخصائصه عن كل الأحياء الأخرى التي تشاركه في هذه الحياة..
2- أن خلق الجان سابق على خلق الإنسان، بدليل قوله- تعالى- وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ.
3- أن الملائكة عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فهم بمجرد أن أمرهم الله- تعالى- بالسجود لآدم، سجدوا جميعا دون أن يشذ منهم أحد.
4- أن الإصرار على معصية الله- تعالى- يؤدى إلى الطرد من رحمته- سبحانه- ومن الخروج من رضوانه ومغفرته.
5- أن التكبر والغرور والحسد، من أبرز الصفات الذميمة التي حملت إبليس على الامتناع عن السجود لآدم، وعلى مخالفة أمر ربه- عز وجل-.
6- أن إجابته- سبحانه- لطلب إبليس في تأخير موته، لم يكن لكرامة له عنده- عز وجل-، وإنما كان استدراجا له وإمهالا، وابتلاء لبنى آدم ليتميز قوى الإيمان من ضعيفه.
7- أن العداوة بين إبليس وقبيله، وبين آدم وذريته، باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأن إبليس وجنوده لم ولن يتركوا بابا من أبواب الشر إلا وزينوه وجملوه لبنى آدم، وحرضوهم على الدخول فيه، ليكتسبوا السيئات التي نهاهم الله- تعالى- عنها.
قال- تعالى- إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا. إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ .
8- أن عدالة الله- تعالى- ورحمته قد اقتضت أن يحمى عباده المخلصين من تسلط الشيطان عليهم، لأنهم منه في حمى، ولأن مداخله إلى نفوسهم مغلقة، إذ أنهم خافوا مقام ربهم ونهوا أنفسهم عن الهوى..
أما الذين يستطيع الشيطان التسلط عليهم، والتأثير فيهم، فهم أولئك الذين انقادوا لوساوسه، واستجابوا لنزعاته، وصاروا مطية له يسخرها كما يشاء ...
وهؤلاء هم الذين تنتظرهم جهنم بأبوابها السبعة..
قال- تعالى-: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ. لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ.
هذه هي عاقبة الغاوين أتباع إبليس، أما عاقبة المخلصين الذين أخلصوا نفوسهم لله- تعالى- وأطاعوه في السر والعلن، فقد بينها- سبحانه- بعد ذلك في قوله:
ثم أخبر أن لجهنم سبعة أبواب : ( لكل باب منهم جزء مقسوم ) أي : قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس يدخلونه ، لا محيد لهم عنه - أجارنا الله منها - وكل يدخل من باب بحسب عمله ، ويستقر في درك بقدر فعله .
قال إسماعيل ابن علية وشعبة كلاهما ، عن أبي هارون الغنوي ، عن حطان بن عبد الله أنه قال : سمعت علي بن أبي طالب وهو يخطب قال : إن أبواب جهنم هكذا - قال أبو هارون : أطباقا بعضها فوق بعض
وقال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم عن علي - رضي الله عنه - قال : أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض ، فيمتلئ الأول ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، حتى تملأ كلها
وقال عكرمة : ( سبعة أبواب ) سبعة أطباق .
وقال ابن جريج : ( سبعة أبواب ) أولها جهنم ، ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم سعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية .
وروى الضحاك عن ابن عباس نحوه . وكذا [ روي ] عن الأعمش بنحوه أيضا .
وقال قتادة : ( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ) وهي والله منازل بأعمالهم ، رواهن ابن جرير .
وقال جويبر ، عن الضحاك : ( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ) قال : باب لليهود ، وباب للنصارى ، وباب للصابئين ، وباب للمجوس ، وباب للذين أشركوا - وهم كفار العرب - وباب للمنافقين ، وباب لأهل التوحيد ، فأهل التوحيد يرجى لهم ولا يرجى لأولئك أبدا .
وقال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد ، حدثنا عثمان بن عمر ، عن مالك بن مغول ، عن جنيد عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لجهنم سبعة أبواب : باب منها لمن سل السيف على أمتي - أو قال : على أمة محمد .
ثم قال : لا نعرفه إلا من حديث مالك بن مغول
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ، عباس بن الوليد الخلال ، حدثنا زيد - يعني - ابن يحيى - حدثنا سعيد بن بشير ، ، عن أبي نضرة ، عن قتادة 55 عن سمرة بن جندب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( لكل باب منهم جزء مقسوم ) قال : " إن من أهل النار من تأخذه النار إلى كعبيه ، وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه النار إلى تراقيه ، منازل بأعمالهم ، فذلك قوله : ( لكل باب منهم جزء مقسوم )
( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) يقول: لجهنم سبعة أطباق، لكلِّ طَبَق منهم: يعني من أتباع إبليس جزء، يعني: قسما ونصيبا مقسوما.
وذُكر أن أبواب جهنم طبقات بعضها فوق بعض.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت أبا هارون الغنوي، قال: سمعت حِطان، قال: سمعت عليا وهو يخطب، قال: إن أبواب جهنم هكذا ، ووضع شُعبة إحدى يديه على الأخرى.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي هارون الغنوي، عن حطان بن عبد الله، قال: قال عليّ: تدرون كيف أبواب النار؟ قلنا: نعم كنحو هذه الأبواب ، فقال: لا ولكنها هكذا ، فوصف أبو هارون أطباقا بعضها فوق بعض، وفعل ذلك أبو بشر.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي هارون الغنوي، عن حطان بن عبد الله عن عليّ، قال: هل تدرون كيف أبواب النار؟ قالوا: كنحو هذه الأبواب، قال: لا ولكن هكذا ، فوصف بعضها فوق بعض.
حدثنا هارون بن إسحاق، قال: ثنا مصعب بن المقدام، قال: أخبرنا إسرائيل، قال: ثنا أبو إسحاق، عن هبيرة، عن عليّ، قال: أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض، فيمتلئ الأوّل، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم تمتلئ كلها.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، عن علي قال: أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض ، وأشار بأصابعه على الأوّل، ثم الثاني، ثم الثالث حتى تملأ كلها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن هبيرة بن مريم، قال: سمعت عليا يقول: إن أبواب جهنم بعضها فوق بعض، فيملأ الأوّل ثم الذي يليه، إلى آخرها.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عليّ، قال: أخبرنا محمد بن يزيد الواسطيّ، عن جَهْضَم، قال: سمعت عكرمة يقول في قوله ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) قال: لها سبعة أطباق.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) قال: أولها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية ، والجحيم فيها أبو جهل.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) وهي والله منازل بأعمالهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
جزء:
وقرئ:
جزء، بتشديد الزاى من غير همز، ووجهه: أنه حذف الهمزة وألقى حركتها على الزاى ووقف بالتشديد، وهى قراءة ابن القعقاع.
التفسير :
ولما ذكر تعالى ما أعد لأعدائه أتباع إبليس من النكال والعذاب الشديد ذكر ما أعد لأوليائه من الفضل العظيم والنعيم المقيم فقال تعالى:{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ} الذين اتقوا طاعة الشيطان وما يدعوهم إليه من جميع الذنوب والعصيان{ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} قد احتوت على جميع الأشجار وأينعت فيها جميع الثمار اللذيذة في جميع الأوقات.
وقوله- سبحانه- إِنَّ الْمُتَّقِينَ ... كلام مستأنف لإظهار حسن عاقبة المتقين، بعد بيان سوء عاقبة الغاوين.
والمتقون: جمع متق اسم فاعل من اتقى. وأصله اوتقى- بزنة افتعل- من وقى الشيء وقاية، أى: صانه وحفظه مما يضره ويؤذيه.
والجنات: جمع جنة، وهي كل بستان ذي شجر متكاثف، ملتف الأغصان، يظلل ما تحته ويستره. من الجن وهو ستر الشيء عن الحاسة..
والمراد بها هنا الدار التي أعدها الله- تعالى- لتكريم عباده المؤمنين في الآخرة.
والعيون جمع عين. والمقصود بها هنا المياه المنتشرة في الجنات.
والمعنى: «إن المتقين» الذين صانوا أنفسهم عن الشرك. وقالوا ربنا الله ثم استقاموا «في جنات» عالية، فيها ما تشتهيه الأنفس، وفيها منابع للماء تلذ لها الأعين.
لما ذكر تعالى حال أهل النار عطف على ذكر أصل الجنة وأنهم في جنات وعيون.
يقول تعالى ذكره: إن الذين اتقوا الله بطاعته وخافوه، فتجنبوا معاصيه في جنات وعيون .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 45 | ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ |
---|
الذاريات: 15 | ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ |
---|
الدخان: 51 | ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ﴾ |
---|
الطور: 17 | ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ﴾ |
---|
القمر: 54 | ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ |
---|
المرسلات: 41 | ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وعيون:
قرئ:
1- بضم العين، وهى قراءة نافع، وأبى عمرو، وحفص، وهشام.
2- بكسرها، وهى قراءة باقى السبعة.
التفسير :
ويقال لهم حال دخولها:{ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} من الموت والنوم والنصب، واللغوب وانقطاع شيء من النعيم الذي هم فيه أو نقصانه ومن المرض، والحزن والهم وسائر المكدرات
وجملة «ادخلوها بسلام آمنين» معمولة لقول محذوف. والباء في قوله «بسلام» للمصاحبة.
أى: وتقول لهم الملائكة- على سبيل التكريم- والتحية- لهؤلاء المتقين عند دخولهم الجنات واستقرارهم فيها: ادخلوها- أيها المتقون- تصاحبكم السلامة من الآفات، والنجاة من المخافات.
وقوله " ادخلوها بسلام " أي سالمين من الآفات مسلم عليكم " آمنين " أي من كل خوف وفزع ولا تخشوا من إخراج ولا انقطاع ولا فناء.
يقال لهم: ( ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ) من عقاب الله، أو أن تُسلبوا نعمة أنعمها الله عليكم ، وكرامة أكرمكم بها.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 46 | ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ﴾ |
---|
ق: 34 | ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ادخلوها:
وقرئ:
1- أدخلوها، ماضيا مبنيا للمفعول، من «الإدخال» ، وهى قراءة الحسن.
2- ادخلوها، أمر من «الدخول» ، وهى قراءة الجمهور.
التفسير :
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} فتبقى قلوبهم سالمة من كل دغلوحسد متصافية متحابة{ إخوانا على سرر متقابلين}
دل ذلك على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم في كون كل منهم مقابلا للآخر لا مستدبرا له متكئين على تلك السرر المزينة بالفرش واللؤلؤ وأنواع الجواهر.
ثم بين - سبحانه - ما هم عليه فى الجنة من صفاء نفسى ، ونقاء قلبى فقال : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) .
والنزع : القلع يقال : نزع فلان هذا الشىء من مكانه إذا قلعه منه ، وفعله من باب ضرب والغل : الحقد والضغينة ، وأصله من الغلالة ، وهى ما يلبس بين الثوبين : الشعار والدثار .
أو من الغلل وهو الماء المتخلل بين الأشجار . ويقال : غل صدر فلان يغل - بالكسر - غلا إذا كان ذا غش ، أو ضغن ، أو حقد .
والسرر : جمع سرير وهو المكان المهيأ لراحة الجالس عليه وإدخال السرور على قلبه .
أى : وقلعنا ما فى صدور هؤلاء المتقين من ضغائن وعداوات كانت موجودة فيها فى الدنيا ، وجعلناهم يدخلون الجنة إخوانًا متحابين متصافين ، ويجلسون متقابلين ، على سرر مهيأة لراحتهم ورفاهيتهم وإدخال السرور على نفوسهم .
وقوله : ( إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) حال عن فاعل ( ادخلوها ) .
وعبر بقوله ( متقابلين ) لأن مقابلة الوجه للوجه أدخل فى الإِيناس ، وأجمع للقلوب .
والآية الكريمة تشعر بأنهم فى الجنة ينشئهم الله - تعالى - نشأة أخرى جديدة وتكون قلوبهم فيها خالية من كل ما كان يخالطهم فى الدنيا من ضغائن وعداوات وأحقاد وأطماع وغير ذلك من الصفات الذميمة ، ويصلون بسبب هذه النشأة الجديدة إلى منتهى الرقى البشرى . . .
وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية عددا من الأحاديث والآثار منها ما رواه القاسم عن أبى أمامة قال : يدخل أهل الجنة على ما فى صدورهم فى الدنيا من الشحناء والضغائن ، حتى إذا توافوا وتقابلوا نزع الله ما فى صدورهم فى الدنيا من غل ، ثم قرأ : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ .
ومنها: ما رواه أبو مالك الأشجعى عن أبى حبيبة- مولى لطلحة- قال: دخل عمران ابن طلحة على الإمام على بن أبى طالب بعد ما فرغ من أصحاب الجمل، فرحب على- رضى الله عنه- به، وقال: إنى لأرجو أن يجعلني الله وإياك من الذين قال الله فيهم: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ...
وقوله : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) روى القاسم ، عن أبي أمامة قال : يدخل أهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء والضغائن ، حتى إذا توافوا وتقابلوا نزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غل ، ثم قرأ : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل )
هكذا في هذه الرواية ، والقاسم بن عبد الرحمن - في روايته عن أبي أمامة - ضعيف .
وقد روى سنيد في تفسيره : حدثنا ابن فضالة ، عن لقمان ، عن أبي أمامة قال : لا يدخل مؤمن الجنة حتى ينزع الله ما في صدرهم من غل ، حتى ينزع منه مثل السبع الضاري
وهذا موافق لما في الصحيح من رواية قتادة ، حدثنا أبو المتوكل الناجي : أن أبا سعيد الخدري حدثهم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعضهم مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا ونقوا ، أذن لهم في دخول الجنة "
وقال ابن جرير : حدثنا الحسن ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا هشام ، عن محمد - هو ابن سيرين - قال : استأذن الأشتر على علي - رضي الله عنه - وعنده ابن لطلحة ، فحبسه ثم أذن له . فلما دخل قال : إني لأراك إنما احتبستني لهذا ؟ قال : أجل . قال : إني لأراه لو كان عندك ابن لعثمان لحبستني ؟ قال : أجل إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل [ إخوانا ] على سرر متقابلين )
وحدثنا الحسن : حدثنا أبو معاوية الضرير ، حدثنا أبو مالك الأشجعي ، عن أبي حبيبة - مولى لطلحة - قال : دخل عمران بن طلحة على علي - رضي الله عنه - بعدما فرغ من أصحاب الجمل ، فرحب به وقال : إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) - قال : ورجلان جالسان على ناحية البساط ، فقالا : الله أعدل من ذلك ، تقتلهم بالأمس ، وتكونون إخوانا ؟ ! فقال علي - رضي الله عنه - : قوما أبعد أرض وأسحقها ، فمن هو إذا إن لم أكن أنا وطلحة ، وذكر أبو معاوية الحديث بطوله
وروى وكيع ، عن أبان بن عبد الله البجلي ، عن نعيم بن أبي هند ، عن ربعي بن حراش ، عن علي نحوه . وقال فيه : فقام رجل من همدان فقال : الله أعدل من ذاك يا أمير المؤمنين ، قال : فصاح به علي صيحة ، فظننت أن القصر تدهده لها ، ثم قال : إذا لم نكن نحن فمن هو ؟
وقال سعيد بن مسروق ، عن أبي طلحة - وذكره - فيه : فقال الحارث الأعور ذلك ، فقام إليه علي - رضي الله عنه - فضربه بشيء كان في يده في رأسه ، وقال : فمن هم يا أعور إذا لم نكن نحن ؟
وقال سفيان الثوري : عن منصور ، عن إبراهيم قال : جاء ابن جرموز قاتل الزبير يستأذن على علي - رضي الله عنه - فحجبه طويلا ثم أذن له ، فقال له : أما أهل البلاء فتجفوهم ، فقال علي : بفيك التراب ، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين )
وكذا روى الثوري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بنحوه .
وقال سفيان بن عيينة ، عن إسرائيل ، عن أبي موسى ، سمع الحسن البصري يقول : قال علي : فينا والله - أهل بدر - نزلت هذه الآية : ( ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين )
وقال كثير النواء : دخلت على أبي جعفر محمد بن علي فقلت : وليي وليكم ، وسلمي سلمكم ، وعدوي عدوكم ، وحربي حربكم ، إني أسألك بالله : أتبرأ من أبي بكر وعمر ؟ فقال : ( قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ) [ الأنعام : 56 ] تولهما يا كثير ، فما أدركك فهو في رقبتي هذه ، ثم تلا هذه الآية : ( إخوانا على سرر متقابلين ) قال : أبو بكر ، وعمر ، وعلي رضي الله عنهم أجمعين .
وقال الثوري ، عن رجل ، عن أبي صالح في قوله : ( إخوانا على سرر متقابلين ) قال : هم عشرة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، وعبد الله بن مسعود ، رضي الله عنهم أجمعين .
وقوله : ( متقابلين ) قال مجاهد : لا ينظر بعضهم في قفا بعض .
وفيه حديث مرفوع ، قال ابن أبي حاتم : حدثنا يحيى بن عبدك القزويني ، حدثنا حسان بن حسان ، حدثنا إبراهيم بن بشر حدثنا يحيى بن معين ، عن إبراهيم القرشي ، عن سعيد بن شرحبيل ، عن زيد بن أبي أوفى قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلا هذه الآية : ( إخوانا على سرر متقابلين ) في الله ، ينظر بعضهم إلى بعض
قوله ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) يقول: وأخرجنا ما في صدور هؤلاء المتقين الذين وصف صفتهم من حقد وضغينة بعضهم لبعض.
واختلف أهل التأويل في الحال التي ينـزع الله ذلك من صدورهم، فقال بعضهم: ينـزل ذلك بعد دخولهم الجنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا إسرائيل، عن بشر البصري، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أُمامة، قال: يدخل أهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء والضغائن، حتى إذا توافوا وتقابلوا نـزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غلّ ، ثم قرأ ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ )
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو فضالة، عن لقمان، عن أبي أمامة، قال: لا يدخل مؤمن الجنة حتى ينـزع الله ما في صدورهم من غلّ، ثم ينـزع منه السبع الضاري.
حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن إسرائيل، عن أبي موسى سمع الحسن البصري يقول: قال عليّ: فينا والله أهل بدر نـزلت الآية ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ )
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة: ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) قال: من عداوة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن جويبر، عن الضحاك ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) قال: العداوة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن رجل، عن عليّ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ) قال: العداوة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: جاء ابن جرموز قاتل الزبير يستأذن على عليّ، فحجبه طويلا ثم أذن له فقال له: أما أهل البلاء فتجفوهم ، قال عليّ: بفيك التراب، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ )
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن جعفر، عن عليّ نحوه.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبان بن عبد الله البجلي، عن نعيم بن أبي هند، عن رَبْعِيَ بن حِرَاش، بنحوه، وزاد فيه: قال: فقام إلى علي رجل من هَمَدان، فقال: الله أعدل من ذلك يا أمير المؤمنين ، قال: فصاح عليٌّ صيحة ظننت أن القصر تدهده لها، ثم قال: إذا لم نكن نحن ، فمن هم؟
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، قال: ثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي حبيبة مولى لطلحة، قال: دخل عمران بن طلحة على عليّ بعد ما فرغ من أصحاب الجمل، فرحَّب به وقال: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله ( إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) ، ورجلان جالسان على ناحية البساط، فقالا الله أعدل من ذلك، تقتلهم بالأمس وتكونون إخوانا؟ فقال عليّ: قوما أبعد أرض وأسحقها . فمن هم إذن إن لم أكن أنا وطلحة ؟ وذكر لنا أبو معاوية الحديث بطوله.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عفان، قال: ثنا عبد الواحد، قال: ثنا أبو مالك، قال: ثنا أبو حبيبة، قال: قال علي لابن طلحة: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين نـزعَ الله ما في صدورهم من غلٍّ ويجعلنا إخوانا على سرر متقابلين.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا حماد بن خالد الخياط، عن أبي الجويرية، قال: ثنا معاوية بن إسحاق، عن عمران بن طلحة، قال: لما نظرني عليّ قال: مرحبا بابن أخي ، فذكر نحوه.
حدثنا الحسن، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا هشام، عن محمد، قال: استأذن الأشتر على عليّ وعنده ابن لطلحة، فحبسه ، ثم أذن له، فلما دخل قال: إني لأراك إنما حبستني لهذا ، قال: أجل ، قال: إني لأراه لو كان عندك ابن لعثمان لحبستني ، قال: أجل إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ).
حدثنا الحسن، قال: ثنا إسحاق الأزرق، قال: أخبرنا عوف، عن سيرين، بنحوه.
حدثنا الحسن، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، قال: ثنا السكن بن المغيرة، قال: ثنا معاوية بن راشد، قال: قال علي إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثنا ابن المتوكل الناجي، أن أبا سعيد الخدري حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنـزلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنـزلِهِ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا ". وقال بعضهم: ما يشبَّه بهم إلا أهل جمعة انصرفوا من جمعتهم.
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عفان بن مسلم، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة في هذه الآية ( وَنـزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) قال: ثنا قتادة أن أبا المتوكل الناجي حدثهم أن أبا سعيد الخدريّ حدثهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه، إلى قوله " وأُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ" ثم جعل سائر الكلام عن قتادة ، قال: وقال قتادة: فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى بمنـزله ، ثم ذكر باقي الحديث نحو حديث بشر، غير أن الكلام إلى آخره عن قتادة، سوى أنه قال في حديثه: قال قتادة وقال بعضهم: ما يشبَّه بهم إلا أهل الجمعة إذا انصرفوا من الجمعة.
حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي، قال: ثنا عمر بن زرعة، عن محمد بن إسماعيل الزبيدي، عن كثير النواء، قال سمعته يقول: دخلت على أبي جعفر محمد بن عليّ، فقلت: وليي وليكم، وسلمي سِلْمكم، وعدوّي عدوّكم، وحربي حربكم ، إني أسألك بالله، أتبرأ من أبي بكر وعمر ، فقال: قد ضَلَلْتُ إذا وما أنا من المهتدين، تولَّهما يا كثير، فما أدركك فهو في رقبتي ، ثم تلا هذه الآية ( إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) يقول: إخوانا يقابل بعضهم وجه بعض، لا يستدبره فينظر في قفاه ، وكذلك تأوله أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا حصين، عن مجاهد، في قوله ( عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ) قال: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن ومؤمل، قالوا: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. والسرر: جمع سرير، كما الجدد: جمع جديد، وجمع سررا ، وأظهر التضعيف فيها ، والراءان متحرّكتان لخفة الأسماء، ولا تفعل ذلك في الأفعال لثقل الأفعال، ولكنهم يُدْغمون في الفعل ليسكن أحد الحرفين فيخفف، فإذا دخل على الفعل ما يسكن الثاني أظهروا حينئذ التضعيف.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 47 | ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ |
---|
الصافات: 44 | ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} لا ظاهر ولا باطن، وذلك لأن الله ينشئهم نشأة وحياة كاملة لا تقبل شيئا من الآفات،{ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} على سائر الأوقات.
ثم ختم- سبحانه- بيان جزائهم بقوله: لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ.
والنصب: التعب والإعياء. يقال: نصب الرجل نصبا- من باب طرب- إذا نزل به التعب والهم. ويقال فلان في عيش ناصب، أى فيه كد وجهد.
قال ابن كثير قوله- تعالى-: لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ يعنى مشقة وأذى كما جاء في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله أمرنى أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب» .
وقوله وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ- بل هم باقون في الجنات بقاء سرمديا دائما لا ينقطع- كما جاء في الحديث: «يقال- لأهل الجنة- يا أهل الجنة: إن لكم أن تصحوا فلا تمرضوا أبدا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تقيموا فلا تظعنوا أبدا» .
فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة قد اشتملت على بشارات للمؤمنين الصادقين، هذه البشارات مقرونة بالتعظيم، خالية من الشوائب والاضرار، باقية لا انقطاع لها.
أما البشارات فتراها في قوله- تعالى- إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ.
وأما اقترانها بالتعظيم والتكريم، فتراه في قوله- تعالى-: ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ.
وأما خلوها من الشوائب والاضرار، فتراه في قوله- تعالى-: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً....
وأما بقاؤها واستمرارها، فتراه في قوله- تعالى-: وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ.
هذا، وشبيه بهذه الآيات قوله- تعالى-: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ ... «2» .
وقوله- تعالى- وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ، وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا، وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ ... .
وقوله- تعالى-: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ .
وقوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا. خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا .
ثم بين- سبحانه- نماذج لمن شملتهم رحمته لإيمانهم وعملهم الصالح، ولمن شملتهم نقمته لكفرهم وعملهم الطالح، ومن هذه النماذج تبشيره لإبراهيم- وهو شيخ كبير- بغلام عليم، وإنجاؤه لوطا ومن آمن معه من العذاب المهين، وإهلاكه المجرمين من قومه.. قال- تعالى-:
وقوله : ( لا يمسهم فيها نصب ) يعني : المشقة والأذى ، كما جاء في الصحيحين : " إن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب "
وقوله : ( وما هم منها بمخرجين ) كما جاء في الحديث : " يقال يا أهل الجنة ، إن لكم أن تصحوا فلا تمرضوا أبدا ، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تقيموا فلا تظعنوا أبدا " ، وقال الله تعالى : ( خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ) [ الكهف : 108 ]
يقول تعالى ذكره: لا يَمسّ هؤلاء المتقين الذين وصف صِفتهم في الجنات نَصَب، يعني تَعَب ( وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ) يقول: وما هم من الجنة ونعيمها وما أعطاهم الله فيها بمخرجين، بل ذلك دائم أبدا.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ولما ذكر ما يوجب الرغبة والرهبة من مفعولات الله من الجنة والنار، ذكر ما يوجب ذلك من أوصافه تعالى فقال:{ نَبِّئْ عِبَادِي} أي:أخبرهم خبرا جازما مؤيدا بالأدلة،{ أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته، ومغفرته سَعَوا في الأسبابالموصلة لهم إلى رحمته وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها، لينالوا مغفرته.
والخطاب في قوله- تعالى-: نَبِّئْ عِبادِي.. للرسول صلى الله عليه وسلم والنبأ: الخبر العظيم. والمراد «بعبادي» : المؤمنون منهم، والإضافة للتشريف.
أى: أخبر- أيها الرسول الكريم- عبادي المؤمنين أنى أنا الله- تعالى- الكثير المغفرة لذنوبهم، الواسع الرحمة لمسيئهم،
وقوله : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) أي : أخبر يا محمد عبادي أني ذو رحمة وذو عقاب أليم .
وقد تقدم ذكر نظير هذه الآية الكريمة ، وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف ، وذكر في سبب نزولها ما رواه موسى بن عبيدة عن مصعب بن ثابت قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناس من أصحابه يضحكون ، فقال : " اذكروا الجنة ، واذكروا النار " . فنزلت : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) رواه ابن أبي حاتم ، وهو مرسل
وقال ابن جرير ، حدثني المثنى ، حدثنا إسحاق ، أخبرنا ابن المكي ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا مصعب بن ثابت ، حدثنا عاصم بن عبيد الله ، عن ابن أبي رباح ، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : طلع علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ، فقال : " ألا أراكم تضحكون ؟ " ثم أدبر ، حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى ، فقال : " إني لما خرجت جاء جبريل - عليه السلام - فقال : يا محمد ، إن الله يقول لم تقنط عبادي ؟ ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم )
وقال سعيد ، عن قتادة في قوله تعالى : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) قال : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام ، ولو يعلم قدر عقابه لبخع نفسه "
وقوله ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أخبر عبادي يا محمد، أني أنا الذي أستر على ذنوبهم إذا تابوا منها وأنابوا، بترك فضيحتهم بها وعقوبتهم عليها، الرحيم بهم أن أعذّبهم بعد توبتهم منها عليها.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ومع هذا فلا ينبغي أن يتمادى بهم الرجاء إلى حال الأمن والإدلال، فنبئهم{ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} أي:لا عذاب في الحقيقة إلا عذاب الله الذي لا يقادر قدره ولا يبلغ كنهه نعوذ به من عذابه، فإنهم إذا عرفوا أنه{ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد} حذروا وأبعدوا عن كل سبب يوجب لهم العقاب، فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائما بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة، فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه، أحدث له ذلك الرجاء والرغبة، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه، أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها.
وأخبرهم- أيضا- أن عذابي هو العذاب الشديد الإيلام، فعليهم أن يقدموا القول الطيب، والعمل الصالح، لكي يظفروا بمغفرتى ورحمتي، وينجو من عذابي ونقمتي.
فأنت ترى أن الله- تعالى- قد جمع في هاتين الآيتين بين المغفرة والعذاب، وبين الرحمة والانتقام، وبين الوعد والوعيد، لبيان سنته- سبحانه- في خلقه، ولكي يعيش المؤمن حياته بين الخوف والرجاء، فلا يقنط من رحمة الله، ولا يقصر في أداء ما كلفه- سبحانه- به.
وقدم- سبحانه- نبأ الغفران والرحمة، على نبأ العذاب والانتقام، جريا على الأصل الذي ارتضته مشيئته، وهو أن رحمته سبقت غضبه، ومغفرته سبقت انتقامه.
والضمير «أنا» و «هو» في الآيتين الكريمتين، للفصل: لإفادة تأكيد الخبر.
قال الإمام الرازي ما ملخصه: وفي الآيتين لطائف:
إحداها: أنه أضاف- سبحانه- العباد إلى نفسه بقوله عِبادِي وهذا تشريف عظيم لهم ...
وثانيها. أنه لما ذكر الرحمة والمغفرة بالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة: أولها: قوله أَنِّي وثانيها قوله أَنَا، وثالثها. إدخال حرف الألف واللام على قوله الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، ولما ذكر العذاب لم يقل: إنى أنا المعذب، بل قال وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ.
وثالثها: أنه أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ إليهم هذا المعنى، فكأنه أشهده على نفسه في التزام المغفرة والرحمة.
ورابعها: أنه لما قال نَبِّئْ عِبادِي كان معناه نبىء كل من كان معترفا بعبوديتى، وهذا كما يدخل فيه المؤمن المطيع. فكذلك يدخل فيه المؤمن العاصي، وكل ذلك يدل على تغليب جانب الرحمة من الله- تعالى-» .
وقال الآلوسى: وأخرج الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إن الله- تعالى- خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة فلو يعلم الكافر كل الذي عنده من رحمة لم ييأس من الرحمة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله- تعالى- من العذاب، لم يأمن من النار» .
وأخرج عبد بن حميد وجماعة عن قتادة أنه قال في الآية: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم العبد قدر عفو الله- تعالى- لما تورع من حرام، ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه» .
أي أخبر يا محمد عبادي أنى ذو رحمة وذو عذاب أليم وقد تقدم ذكر نظير هذه الآية الكريمة وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف.
( وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ ) يقول: وأخبرهم أيضا أن عذابي لمن أصرّ على معاصيّ وأقام عليها ولم يتب منها، هو العذاب الموجع الذي لا يشبهه عذاب. هذا من الله تحذير لخلقه التقدم على معاصيه، وأمر منه لهم بالإنابة والتوبة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ ) قال: بلغنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: " لَوْ يَعلمُ العبدُ قَدْر عَفْوِ اللَّهِ لما تورّعَ من حرام، وَلَو يَعلم قَدْر عَذَابهِ لَبخَع نفسَه ".
حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا ابن المكيّ، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا مصعب بن ثابت، قال: ثنا عاصم بن عبد الله، عن ابن أبي رباح، عن رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " طَلَع عَلَيْنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة، فقال: ألا أرَاكُمْ تَضْحَكُونَ؟ ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى، فقال: إنّي لمَّا خَرَجْتُ جاءَ جَبْرَئِيل صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يا مُحَمَّد إنَّ الله يَقُولُ: لِمَ تُقَنِّطُ عبادِي؟ نبِّئ عبادِي أنّي أنا الغَفُورُ الرَّحيمُ وأنَّ عَذَابِي هُوَ العَذَابُ الألِيمُ".
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{ وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} أي:عن تلك القصة العجيبة فإن في قصك عليهم أنباء الرسل وما جرى لهم ما يوجب لهم العبرة والاقتداء بهم، خصوصا إبراهيم الخليل، الذي أمرنا الله أن نتبع ملته، وضيفه هم الملائكة الكرام أكرمه الله بأن جعلهم أضيافه.
وقوله- سبحانه- وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ ... معطوف على قوله قبل ذلك نَبِّئْ عِبادِي....
قال الجمل: وأصل الضيف: الميل، يقال أضفت إلى كذا إذا ملت إليه. والضيف من مال إليك نزولا بك، وصارت الضيافة متعارفة في القرى وأصل الضيف مصدر، ولذلك استوى فيه الواحد والجمع في غالب كلامهم. وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف .. .
والمراد بضيف إبراهيم هنا: الملائكة الذين نزلوا عنده ضيوفا في صورة بشرية، وبشروه بغلام عليم، ثم أخبروه بأنهم أرسلوا إلى قوم لوط لإهلاكهم ...
يقول تعالى وأخبرهم يا محمد عن قصة ضيف إبراهيم والضيف يطلق على الواحد والجمع كالزور والسفر.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وأخبر عبادي يا محمد عن ضيف إبراهيم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 51 | ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ﴾ |
---|
الذاريات: 24 | ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء