23072737475767778798081

الإحصائيات

سورة هود
ترتيب المصحف11ترتيب النزول52
التصنيفمكيّةعدد الصفحات14.00
عدد الآيات123عدد الأجزاء0.65
عدد الأحزاب1.30عدد الأرباع5.90
ترتيب الطول8تبدأ في الجزء11
تنتهي في الجزء12عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 5/29آلر: 2/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (72) الى الآية رقم (76) عدد الآيات (5)

تعَجُّبُ سارَّة من البشارةِ، فهي عجوزٌ عقيمٌ وزوجُها شيخٌ كبيرٌ، وردُّ الملائكةِ عليها، ثُمَّ جدالُ إبراهيمَ عليه السلام في شأنِ إهلاكِ قومِ لوطٍ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (77) الى الآية رقم (81) عدد الآيات (5)

االقصَّةُ الخامسةُ: قِصَّةُ لوطٍ عليه السلام لمَّا جَاءَتْه الملائكةُ في صورةِ شبابٍ حسانِ الوجوهِ، وجاءَ قومُه مسرعينَ لفعلِ الفاحشةِ بهم، فحاولَ ردَّهم فَأَبَوْا، فأخبرَته الملائكةُ بأمرِهم، وطلبُوا منه الخروجَ من القريةِ، وأنَّ موعدَ هلاكِهم الصُّبْحُ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة هود

الثبات والاستمرار في الدعوة والإصلاح رغم كل الظروف/ التوازن (أو: الثبات على الحق دون تهور أو ركون)

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • السورة تقدم 7 نماذج من الأنبياء الكرام:: في ظل هذه الأجواء تنزل سورة "هود" لتقول: اثبتوا واستمروا في الدعوة. نزلت بهدف : تثبيت النبي ﷺ والذين معه على الحق. نزلت تنادي: الثبات والاستمرار في الدعوة والإصلاح رغم كل الظروف.
  • • سورة هود شيبت النبي ﷺ:: ذكرت السورة 7 نماذج من الأنبياء الكرام، وصبرهم على ما لاقوه من أقوامهم، كل منهم يواجه الجاهلية الضالة ويتلقى الإعراض والتكذيب والسخرية والاستهزاء والتهديد والإيذاء، وهم: نوح، هود، صالح، إبراهيم، لوط، شعيب، موسى. وهم الأنبياء أنفسهم الذين ذُكروا في سورة الشعراء والعنكبوت (لكن ليس بنفس هذا الترتيب). وأيضًا نفس الأنبياء الذين ذكروا في سورة الأعراف إلا إبراهيم (وبنفس ترتيب هود). وكأنها تقول للنبي ﷺ وأصحابه: هذا ما حدث للأنبياء قبلكم، أصابتهم المحن ولاقوا من المصاعب ما لاقوا خلال دعوتهم، ومع هذا ثبتوا وصبروا واستمروا؛ فاثبتوا واصبروا واستمروا مثلهم.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «هود».
  • • معنى الاسم :: هو نبي الله هود عليه السلام، أرسله الله إلى عاد في الأحقاف التي تقع جنوب الجزيزة العربية بين عُمان وحضر موت.
  • • سبب التسمية :: لتكرار اسمه فيها خمس مرات، ولأنه ما حكي عنه فيها أطول مما حكي عنه في غيرها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: : لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: رعاية الله عز وجل لأوليائه ولطفه بهم في أوقات الشدائد والمحن.
  • • علمتني السورة :: أن التوحيد أول الواجبات: ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ...﴾
  • • علمتني السورة :: أن العبرة بالأحسن، لا بالأكثر! فالله لم يقل: (أكثر عملًا)، بل قال: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾
  • • علمتني السورة :: أن أقارن بين خاتمة المجرمين والمؤمنين، فقد وجدت الكافرين في النار، ليس لهم أولياء يدفعون عنهم العذاب الأليم، أما المؤمنون فـ ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (23)، فالفريق الأول (الكفار) مثلهم كمثل الأعمى الأصم، والفريق الثاني (المؤمنون) كالبصير السميع، وشتان شتان بين هؤلاء وهؤلاء: ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ (24).

مدارسة الآية : [72] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ ..

التفسير :

[72] قالت سارة لما بُشِّرت بإسحاق متعجبة:يا و يلتا كيف يكون لي ولد وأنا عجوز، وهذا زوجي في حال الشيخوخة والكبر؟ إن إنجاب الولد مِن مثلي ومثل زوجي مع كبر السن لَشيء عجيب.

{ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} فهذان مانعان من وجود الولد{ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ}

وكلمة يا وَيْلَتى تستعمل في التحسر والتألم والتفجع عند نزول مكروه.

والمراد بها هنا: التعجب لا الدعاء على نفسها بالويل والهلاك، وهي كلمة كثيرة الدوران على أفواه النساء إذا طرأ عليهن ما يدهشن له، ويتعجبن منه.

أى: قالت بدهشة وعجب عند ما سمعت بشارة الملائكة لها بالولد وبولد الولد: يا للعجب أألد وأنا امرأة عجوز، قد بلغت سن اليأس من الحمل منذ زمن طويل، وَهذا بَعْلِي أى: زوجي إبراهيم «شيخا» كبيرا متقدما في السن.

قال الجمل: وهاتان الجملتان- وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً- في محل النصب على الحال من الضمير المستتر في أَأَلِدُ، وشيخا حال من بعلى، والعامل فيه اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل» .

وقوله- كما حكى القرآن عنها- إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ أى: إن هذا الذي بشرتموني به من حصول الولد لي في تلك السن المتقدمة لَشَيْءٌ عَجِيبٌ في مجرى العادة عند النساء وقد رد عليها الملائكة بقولهم: قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ؟!!

( قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا [ إن هذا لشيء عجيب ] ) حكى قولها في هذه الآية ، كما حكى فعلها في الآية الأخرى ، فإنها : ( قالت ياويلتى أألد وأنا عجوز ) وفي الذاريات : ( فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ) [ الذاريات : 29 ] ، كما جرت به عادة النساء في أقوالهن وأفعالهن عند التعجب .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قالت سَارة لما بُشِّرت بإسحاق أنَّها تلد تعجبًا مما قيل لها من ذلك، إذ كانت قد بلغت السن التي لا يلد من كان قد بلغها من الرجال والنساء ،

* * *

وقيل: إنها كانت يومئذ ابنة تسع وتسعين سنة، وإبراهيم ابن مائة سنة. وقد ذكرت الرواية فيما روي في ذلك عن مجاهد قبلُ. (1)

وأما ابن إسحاق، فإنه قال في ذلك ما:-

18330- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: كانت سارَة يوم بُشِّرت بإسحاق ، فيما ذكر لي بعض أهل العلم ، ابنة تسعين سنة، وإبراهيم ابن عشرين ومائة سنة.

* * *

، (يَا وَيْلَتَا) وهي كلمة تقولها العرب عند التعجب من الشيء والاستنكار للشيء، فيقولون عند التعجب: " ويلُ أمِّه رجلا ما أرْجَله " ! (2)

* * *

وقد اختلف أهل العربية في هذه الألف التي في: (يا ويلتا) .

فقال بعض نحويي البصرة: هذه ألف حقيقة، إذا وقفت قلت: " يا ويلتاه "، وهي مثل ألف الندبة، فلطفت من أن تكون في السكت، وجعلت بعدها الهاء لتكون أبين لها ، وأبعد في الصوت . ذلك لأن الألف إذا كانت بين حرفين كان لها صدًى كنحو الصوت يكون في جوف الشيء فيتردد فيه، فتكون أكثر وأبين.

* * *

وقال غيره: هذه ألف الندبة، فإذا وقفت عليها فجائز، وإن وقفت على الهاء فجائز ، وقال: ألا ترى أنهم قد وقفوا على قوله: وَيَدْعُ الإِنْسَانُ ، [ سورة الإسراء: 11] ، فحذفوا الواو وأثبتوها، وكذلك: مَا كُنَّا نَبْغِ ، [ سورة الكهف: 64] ، بالياء، وغير الياء؟ قال: وهذا أقوى من ألف الندبة وهائها.

* * *

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه الألف ألف الندبة، والوقف عليها بالهاء وغير الهاء جائز في الكلام لاستعمال العرب ذلك في كلامهم.

* * *

وقوله: (أألد وأنا عجوز) ، تقول: أنى يكون لي ولد ، (وأنا عجوز وهذا بعلي شيْخًا) ، والبعل في هذا الموضع: الزوج ، وسمي بذلك لأنه قيم أمرها، كما سموا مالك الشيء " بعله "، وكما قالوا للنخل التي تستغني بماء السماء عن سقي ماء الأنهار والعيون " البعل "، لأن مالك الشيء القيم به، والنخل البعل ، بماء السمَاء حياتُه. (3)

* * *

وقوله ، (إن هذا لشيء عجيب) ، يقول: إن كون الولد من مثلي ومثل بعلي على السن التي بها نحن لشيء عجيب .

---------------------------

الهوامش :

(1) انظر ما سلف رقم : 18320 .

(2) انظر تفسير " الويل " فيما سلف 2 : 267 - 269 ، 273 .

(3) انظر تفسير " البعل " فيما سلف 4 : 526 ، 527 / 9 : 267 ، ولم يذكر فيهما مثل هذا التفصيل في معناه . وهذا من فعله ، دال على طريقته في التأليف .

المعاني :

يَا وَيْلَتَى :       كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ السراج
بَعْلِي :       زَوْجِي السراج

التدبر :

وقفة
[72] ما الفرق بين (يا ويلنا) و(يا ويلتنا)؟ الجواب: الويل معناه الهلاك والعذاب, قال تعالي: ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: 1]، وقال: ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الانبياء : 14]، وقال: ﴿يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾ [يس: 52]، أما الويلة فهي الفضيحة والخزي, قال تعالي: ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾ أي: يا للفضيحة، وقال: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ [الكهف : 49]، وذلك أنه لما رأوا فيه أعمالًا مخزية, وفضائح لا يحبون أن يطلع عليها أحد, وقد رأوها مدونة في الكتاب؛ قالوا: (يا ويلتنا) أي: يا للفضيحة والخزي.
وقفة
[72] ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ الويلة هي الفضيحة، يا ويلتى يا للفضحية فيها خزي، امرأة كبيرة وحملت أمر فيه خجل، أما الويل يا ويلي للهلاك.
وقفة
[72] ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ فرح العقيم (بالبنين) هو الذي أنسى امرأة النبي إبراهيم (اليقين).
وقفة
[72] ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ امرأة إبراهيم عليه السلام تعجبت من حملها مع يقينها بأن الله على كل شيء قدير؛ ففرح العقيم بالبنين هو الذي أنسى امرأة النبي إبراهيم عليه السلام اليقين.
وقفة
[72] ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ حين يأتي أمر ربك بالفرج من حيث لا تحتسب؛ ستتهلل ذرات كيانك عجبًا وسعادة.
وقفة
[72] لا يأس من الذرية الصالحة ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾.
عمل
[72] ﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا﴾ [مريم: 8]، ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ﴾، زكريا وإبراهيم لم تتكرر عبثًا، نفس الفكرة؛ لعلها إشارة لكل من تأخر مطلبه، وانقطعت أسبابه؛ لا تيأس.
وقفة
[72] ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾ عندما تتحدث عن قدرة الله عز وجل لك أن تتجاوز حدود الممكن وتتطرق للمعجزات لأن هذه مستحيلات في نظرك فقط!
وقفة
[72] ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾ حتى مع وجود العيب (العقم) دامت عشرتهما حتى بلغا من الكبر عتيًّا! إنه وفاء الزوجية!
وقفة
[72] من كرم الله سبحانه، أنه إذا تفضَّل على عبده بالعطاء، أتى بالعجائب ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾.
وقفة
[72] ﴿وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾ شاخَ زوجُها وصارتْ عجوزًا بدونِ ذريَّةٍ ولمْ يتفَرَّقَا، الزواجُ ليسَ من أجلِ الذُّريةِ فحَسْب.
وقفة
[72] ﴿وَهَٰذَا بَعْلِي﴾ قد يكون من فوائد الإشارة بـ(هذا) أن نعلم أنها لم تخل بهم، وإنما كان الحوار بمعية زوجها، هذا وهم ملائكة.
وقفة
[72، 73] قد يحقق لك الله أعظم مما تمنيت حتى إنك لتعجب، فلا تعجب إنما هو أمر الله ورحمته ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالت:
  • فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هي.
  • ﴿ يا ويلتا:
  • يا: أداة نداء. ويلتا: منادى منصوب مضاف والألف منقلبة عن ياء المتكلم في محل جر بالإضافة. كقولنا: لهفا ويا عجبا. والويل في الأصل: مصدر لافعل له معناه: تحسر وهلك. وقيل هو وادٍ في جهنم.
  • ﴿ أألد:
  • الهمزة همزة تعجيب بلفظ استفهام. ألد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا.
  • ﴿ وأنا عجوز:
  • الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال. أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عجوز: خبر مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وهذا بعلي شيخًا:
  • الواو عاطفة. هذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بعلي: خبر \"هذا\" مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. شيخًا: حال منصوب بالفتحة بما دل عليه اسم الإشارة وهي حال مؤكدة أي لا تستدعي أن يكون في الجملة عامل.
  • ﴿ إنّ هذا لشيء عجيب:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم إنّ. اللام للتوكيد -مزحلقة-. شيء: خبر \"إن\" مرفوع بالضمة. عجيب: صفة -نعت- لشيء مرفوعة مثلها بالضمة. '

المتشابهات :

هود: 72﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ
ص: 5﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَـٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [72] لما قبلها :     ولمَّا أخبرت الملائكةُ سارَّة بالبشرى؛ تعجبت من هذه البشرى، فهي عجوزٌ عقيمٌ وزوجُها شيخٌ كبيرٌ، قال تعالى:
﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [73] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ..

التفسير :

[73] قالت الرسل لها:أتعجبين من أمر الله وقضائه؟ رحمة الله وبركاته عليكم معشر أهل بيت النبوة. إنه سبحانه وتعالى حميد الصفات والأفعال، ذو مَجْد وعظمة فيها.

{ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} فإن أمره لا عجب فيه، لنفوذ مشيئته التامة في كل شيء، فلا يستغرب على قدرته شيء، وخصوصا فيما يدبره ويمضيه، لأهل هذا البيت المبارك.

{ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} أي:لا تزال رحمته وإحسانه وبركاته، وهي:الزيادة من خيره وإحسانه، وحلول الخير الإلهي على العبد{ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} أي:حميد الصفات، لأن صفاته صفات كمال، حميد الأفعال لأن أفعاله إحسان، وجود، وبر، وحكمة، وعدل، وقسط.

مجيد، والمجد:هو عظمة الصفات وسعتها، فله صفات الكمال، وله من كل صفة كمال أكملها وأتمها وأعمها.

أى: أتستبعدين على قدرة الله- تعالى- أن يرزقك الولد وأنت وزوجك في هذه السن المتقدمة؟ لا إنه لا ينبغي لك أن تستبعدى ذلك، لأن قدرة الله لا يعجزها شيء. فالاستفهام هنا المراد به إنكار تعجبها واستبعادها البشارة، وإزالة أثر ذلك من نفسها إزالة تامة.

وقوله: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ حكاية لما قالته الملائكة لها، زيادة في سرورها وفي إدخال الطمأنينة على قلبها.

أى رحمة الله الواسعة، وبركاته وخيراته النامية عليكم أهل البيت الكريم وهو بيت إبراهيم- عليه السلام-.

قال صاحب الكشاف: وإنما أنكرت عليها الملائكة تعجبها، لأنها كانت في بيت الآيات، ومهبط المعجزات، والأمور الخارقة للعادات، فكان عليها أن تتوقر، ولا يزدهيها ما يزدهى سائر النساء الناشئات في غير بيت النبوة وأن تسبح الله وتمجده، مكان التعجب.

وإلى ذلك أشارت الملائكة في قولهم رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ.

أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة، ويخصكم بالإنعام به يا أهل بيت النبوة، فليس بمكان عجب. والكلام مستأنف علل به إنكار التعجب. كأنه قيل: «إياك والتعجب، فإن أمثال هذه الرحمة والبركة متكاثرة من الله عليكم» .

وقوله- سبحانه- إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ تذييل بديع قصد به وجوب مداومتها على حمد الله وتمجيده على أن وهبها الولد بعد أن بلغت سن اليأس من الحمل.

أى إنه- سبحانه- حَمِيدٌ أى: مستحق للحمد لكثرة نعمه على عباده مَجِيدٌ أى: كريم واسع الإحسان، فليس بعيدا منه أن يعطى الولد للآباء بعد الكبر.

قال صاحب المنار ما ملخصه: وأصل المجد في اللغة أن تقع الإبل في أرض واسعة المرعى، كثيرة الخصب، يقال: مجدت الإبل تمجد من باب نصر- مجدا ومجادة، وأمجدها الراعي.

والمجد في البيوت والأنساب ما يعده الرجل من سعة كرم آبائه وكثرة نوالهم.

ووصف الله كتابه بالمجيد، كما وصف نفسه بذلك، لسعة هداية كتابه، وسعة كرمه وفضله على عباده ... » .

( قالوا أتعجبين من أمر الله ) أي : قالت الملائكة لها ، لا تعجبي من أمر الله ، فإنه إذا أراد شيئا أن يقول له : " كن " فيكون ، فلا تعجبي من هذا ، وإن كنت عجوزا [ كبيرة ] عقيما ، وبعلك [ وهو زوجها الخليل عليه السلام ، وإن كان ] شيخا كبيرا ، فإن الله على ما يشاء قدير .

( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ) أي : هو الحميد في جميع أفعاله وأقواله محمود ، ممجد في صفاته وذاته; ولهذا ثبت في الصحيحين أنهم قالوا : قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله ؟ قال : قولوا : " اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على [ إبراهيم و ] آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد " .

(قالوا أتعجبين من أمر الله) ، يقول الله تعالى ذكره: قالت الرسل لها: أتعجبين من أمرٍ أمر الله به أن يكون ، وقضاء قضاه الله فيك وفي بعلك.

* * *

، وقوله: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت)، يقول: رحمة الله وسعادته لكم أهل بيت إبراهيم (4) ، وجعلت الألف واللام خلفًا من الإضافة ، وقوله: (إنه حَميدٌ مجيد)، يقول: إن الله محمود في تفضله عليكم بما تفضل به من النعم عليكم وعلى سائر خلقه (5) ، (مجيد) ، يقول: ذو مجد ومَدْح وَثَناء كريم.

* * *

يقال في " فعل " منه: " مجد الرجل يمجد مجادة " إذا صار كذلك، وإذا أردت أنك مدحته قلت: " مجّدته تمجيدًا ".

-----------------------------

الهوامش :

(4) انظر تفسير " البركات " فيما سلف من فهارس اللغة ( برك ) .

(5) انظر تفسير " الحميد " فيما سلف 5 : 570 / 9 : 296 .

المعاني :

حَمِيدٌ :       مَحْمُودُ الصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ السراج
مَّجِيدٌ :       ذُو عَظَمَةٍ السراج
مجيد :       كثير الخير و الإحسان معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[73] ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ﴾ تعجبت من كونها عجوزًا وتحمل بولد! مهما رأيت وسمعت فأمر الله (أعجب).
وقفة
[73] ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ﴾ فإن أمره لا عجب فيه؛ لنفوذ مشيئته التامة في كل شيء، فلا يستغرب على قدرته أحد.
وقفة
[73] ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ﴾ من أخرج من الصخرة ناقة، وخلق من التراب بشرًا، كيف لا يقدر على أن يُخرج من المرأة العقيم ولدًا؟!
وقفة
[73] ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ رحمة الله إذا تداركت الإنسان أدهشته.
وقفة
[73] أهل البيت وآله يشمل الزوجات كما يشمل البنين والبنات ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ﴾، الخطاب موجه لزوجة إبراهيم عليه السلام.
لمسة
[73] ﴿أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ أسلوب استفهام من باب الإنكار اللطيف، أنكروا عليها عجبها لكن بلطف، المؤمن قد يعجب من أمر الله إذا رأى أمرًا يستعظمه مع أنه يعلم أن الله لا حدود لقدرته.
وقفة
[73] ﴿أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ﴾ استغربت الملائكة من تعجبها، كل الأمور في الإمكان واليسر عند الله سواء: ولادة الشابة، وولادة العجوز.
وقفة
[73] ﴿أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ﴾؟! لا عجب من أمر الله؛ فعطاءه يفوق الظنون.
وقفة
[73] ﴿رَحْمَتُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ الرحمة والبركة أعظم ما يتنزل على ساكني البيوت؛ فلتكن دعاءنا لمن نحب .
وقفة
[73] ﴿رَحْمَتُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ بيان فضل ومنزلة خليل الله إبراهيم عليه السلام، وأهل بيته.
وقفة
[73] ﴿رَحْمَتُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ ما الفرق بين الرحمة والبركة؟ الرحمة تشمل كل خير في الدنيا والآخرة، أما البركة هي الخيرات المتكاثرة، فالبركة تعني الخير الكثير، الزيادة، فالرحمة عامة تشمل البركة وغيرها.
وقفة
[73] ﴿رَحْمَتُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ بدأ بالرحمة بما هو أعمُّ؛ ليشمل الكافر والمؤمن، الرحمة تشمل كل الجميع، أما البركة خاصة، ولا تشمل الجميع.
وقفة
[73] ﴿إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ﴾ أفعاله سبحانه يُحمدُ عليها في النِّهاية، ما من حدث يقعُ على وجه الأرض، منذ أن خلق الله الأرض، وحتى قيام الساعة، إذا كشف الله للبشر عن أسبابه، لا يمْلِكُ البشَرُ إلا أنْ يقولوا: الحمد لله رب العالمين.
وقفة
[73] ﴿إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ﴾ ما الفرق بين (حَمِيدٌ) و (مَجِيدٌ)؟ الحميد هو الذي يستحق الحمد على جهة الثبوت والدوام، وهذا لله سبحانه وتعالى، المجيد صاحب العظمة، الكثير الخير والإحسان من المجد أي الرفعة والعظمة، هو عظيم ومحمود في آن واحد، محمود على وجه الدوام على ما سيوليك وما أولاك من النعم، المجيد العظيم بمنِّه وكرمه وفضله الكثير الخير والإحسان والبركة والعظمة والرفعة.

الإعراب :

  • ﴿ قالوا:
  • أي فقالوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ أتعجبين:
  • الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. تعجبين: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ من أمر الله:
  • جار ومجرور متعلق بتعجبين ولفظ الجلالة: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر: الكسرة.
  • ﴿ رحمة الله وبركاته:
  • الجملة استئنافية لا محل لها علل بها إنكار التعجب بمعنى: إياك والتعجب. رحمة: مبتدأ مرفوع بالضمة. الله: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة. وبركاته: معطوفة بالواو على \"رحمة\" مرفوعة مثلها والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ عليكم:
  • جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ أهل البيت:
  • أهل: منادى بأداة نداء محذوفة تقديرها: يا: منصوب بالفتحة ويجوز أن تكون مفعولًا به لفعل محذوف على الاختصاص. البيت: مضاف إليه مجرور بالكسرة بمعنى: أهل بيت النبوة ومهبط المعجزات.
  • ﴿ إنّه حميد مجيد:
  • إن: حرت نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب للتعظيم اسم \"إنّ\" أي إنّ الله. و\"حميد\": فعيل بصيغة مفعول. و \"حميد\" خبر \"إنّ\" مرفوع بالضمة. مجيد: صفة -نعت- لحميد أو خبر ثانٍ لإنّ مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

هود: 73﴿رَحْمَتُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ
الأحزاب: 33﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [73] لما قبلها :     ولمَّا تعجبت سارَّة من هذه البشرى؛ جاء هنا ردُّ الملائكةِ عليها، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [74] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ ..

التفسير :

[74] فلما ذهب عن إبراهيم الخوف الذي انتابه لعدم أكل الضيوف الطعام، وجاءته البشرى بإسحاق ويعقوب، ظلَّ يجادل رسلنا فيما أرسلناهم به من عقاب قوم لوط وإهلاكهم.

{ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ} الذي أصابه من خيفة أضيافه{ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى} بالولد، التفت حينئذ، إلى مجادلة الرسل في إهلاك قوم لوط، وقال لهم:{ إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته}

ثم حكى- سبحانه- ما كان من إبراهيم بعد أن سكن خوفه، واطمأن إلى ضيوفه فقال: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ أى: الخوف والفزع، بسبب اطمئنانه إلى ضيوفه، وعلمه أنهم ليسوا من البشر.

وَجاءَتْهُ الْبُشْرى منهم بالولد، واتصال النسل، فازداد سرورا بهم.

بعد كل ذلك، أخذ إبراهيم يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ أى: يجادل رسلنا ويحاورهم في شأن قوم لوط، وفي كيفية عقابهم، بعد أن أخبروه بأنهم ذاهبون لإهلاكهم.

وأضاف- سبحانه- المجادلة إلى نفسه مع أنها كانت مع الملائكة، لأن نزولهم لإهلاك قوم لوط إنما كان بأمره- تعالى-، فمجادلة إبراهيم لهم هي مجادلة في تنفيذ أمره- تعالى-.

وقال- سبحانه- يُجادِلُنا مع أنها كانت في الماضي، لتصوير هذه الحالة في الذهن تصويرا حاضرا، حتى تزداد منه العبرة والعظة.

وهذه المجادلة التي كانت بين إبراهيم وبين الملائكة الذين أرسلوا لإهلاك قوم لوط، قد حكاها- سبحانه- في سورة العنكبوت في قوله: وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ أى القرية التي يسكنها قوم لوط إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ. قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً، قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ الآيتان 31- 32.

وهذا التفسير للمجادلة التي دارت بين إبراهيم والملائكة في عقاب قوم لوط هو الصحيح لأن خير تفسير للقرآن هو ما كان بالقرآن.

وما ورد من أقوال تخالف ذلك فلا يلتفت إليها، لعدم استنادها إلى النقل الصحيح.

يخبر تعالى عن [ خليله ] إبراهيم ، عليه السلام ، أنه لما ذهب عنه الروع ، وهو ما أوجس من الملائكة خيفة ، حين لم يأكلوا ، وبشروه بعد ذلك بالولد [ وطابت نفسه ] وأخبروه بهلاك قوم لوط ، أخذ يقول كما قال [ عنه ] سعيد بن جبير في الآية قال : لما جاءه جبريل ومن معه ، قالوا له ( إنا مهلكو أهل هذه القرية ) [ إن أهلها كانوا ظالمين ] ) [ العنكبوت : 31 ] ، قال لهم [ إبراهيم ] أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن ؟ قالوا : لا . قال : أفتهلكون قرية فيها مائتا مؤمن ؟ قالوا : لا . قال : أفتهلكون قرية فيها أربعون مؤمنا ؟ قالوا : لا . قال : ثلاثون ؟ قالوا لا حتى بلغ خمسة قالوا : لا . قال : أرأيتكم إن كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها ؟ قالوا : لا . فقال إبراهيم عليه السلام عند ذلك : ( إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته ) الآية [ العنكبوت : 32 ] ، فسكت عنهم واطمأنت نفسه .

وقال قتادة وغيره قريبا من هذا ، زاد ابن إسحاق : أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد ؟ قالوا : لا . قال : فإن كان فيها لوط يدفع به عنهم العذاب ، قالوا : ( نحن أعلم بمن فيها [ لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ] ) [ العنكبوت : 32 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: فلما ذهب عن إبراهيم الخوفُ الذي أوجسه في نفسه من رسلنا، حين رأى أيديهم لا تصل إلى طعامه، وأمن أن يكون قُصِد في نفسه وأهله بسوء ، (وجاءته البشرى ) ، بإسحاق، ظلّ ، ( يجادلنا في قوم لوط) .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

18331- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع) يقول: ذهب عنه الخوف، (وجاءته البشرى)، بإسحاق.

18332- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى) ، بإسحاق، ويعقوب ولد من صلب إسحاق، وأمن مما كان يخاف ، قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ، [سورة إبراهيم: 39].

* * *

وقد قيل معنى ذلك: وجاءته البشرى أنهم ليسوا إياه يريدون.

*ذكر من قال ذلك:

18333- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وجاءته البشرى) ، قال: حين أخبروه أنهم أرسلوا إلى قوم لوط، وأنهم ليسوا إياه يريدون. (6)

* * *

وقال آخرون: بشّر بإسحاق.

* * *

وأما " الروع ": فهو الخوف، يقال منه: " راعني كذا يَرُوعني روعًا " إذا خافه. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: " كيف لَكَ بَرَوْعَة المؤمن "؟ ومنه قول عنترة:

مَــا رَاعَنــي إلا حَمُوَلُــة أَهْلِهَـا

وَسْـطَ الدِّيـارِ تَسَـفُّ حَـبَّ الخِمْخِمِ (7)

بمعمى: ما أفزعني.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

18334- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " الروع "، الفَرَق.

18335- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ،

18336-. . . . قال وحدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع) ، قال: الفَرَق.

18337- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع) ، قال: الفَرَق.

18338- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع) ، قال: ذهب عنه الخوف.

* * *

وقوله: (يجادلنا في قوم لوط) ، يقول: يخاصمنا. كما:-

18339- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (يجادلنا) ، يخاصمنا. (8)

18340- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

* * *

وزعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أن معنى قوله: (يجادلنا) يكلمنا. وقال: لأن إبراهيم لا يجادل الله ، إنما يسأله ويطلب إليه. (9)

* * *

قال أبو جعفر: وهذا من الكلام جهلٌ، لأن الله تعالى ذكره أخبرنا في كتابه أنه يجادل في قوم لوط ، فقول القائل: " إبراهيم لا يجادل "، موهمًا بذلك أن قول من قال في تأويل قوله: (يجادلنا) ، يخاصمنا، أن إبراهيم كان يخاصم ربَّه ، جهلٌ من الكلام، وإنما كان جدالُه الرسلَ على وجه المحاجَّة لهم. ومعنى ذلك: " وجاءته البشرى يجادل رسلنا "، ولكنه لما عرف المراد من الكلام حذف " الرسل ".

* * *

وكان جدالُه إيَّاهُم ، كما:-

18341- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يعقوب القمي قال ، حدثنا جعفر، عن سعيد: (يجادلنا في قوم لوط) ، قال: لما جاء جبريل ومن معه قالوا لإبراهيم: إنَّا مهلكو أهل هذه القرية إنَّ أهلها كانوا ظالمين: قال لهم إبراهيم: أتهلكون قريةً فيها أربع مائة مؤمن؟ قالوا: لا! قال: أفتهلكون قرية فيها ثلاث مائة مؤمن؟ قالوا: لا! قال: أفتهلكون قرية فيها مائتا مؤمن؟ قالوا: لا! قال: أفتهلكون قرية فيها أربعون مؤمنًا؟ قالوا: لا! قال: أفتهلكون قرية فيها أربعة عشر مؤمنًا؟ قالوا: لا! وكان إبراهيم يعدهم أربعة عشر بامرأة لوط، فسكتَ عنهم واطمأنت نفسه .

18342- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا الحماني، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال، قال الملك لإبراهيم: إن كان فيها خمسة يصلون رُفع عنهم العذاب.

18343- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يجادلنا في قوم لوط)، ذكر لنا أن مجادلته إياهم أنه قال لهم: أرأيتم إن كان فيها خمسون من المؤمنين أمعذبوها أنتم؟ قالوا: لا! حتى صار ذلك إلى عشرة قال، أرأيتم إن كان فيها عشرة أمعذبوهم أنتم؟ قالوا: لا! وهي ثلاث قرى فيها ما شاء الله من الكثرة والعدد.

18344- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يجادلنا في قوم لوط)، قال: بلغنا أنه قال لهم يومئذ: أرأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين؟ قالوا: إن كان فيها خمسون لم نعذبهم. قال: أربعون؟ قالوا: وأربعون! قال: ثلاثون؟ قالوا: ثلاثون! حتى بلغ عشرة. قالوا: وإن كان فيهم عشرة! قال: ما قومٌ لا يكون فيهم عشرة فيهم خير ، قال ابن عبد الأعلى، قال محمد بن ثور، قال معمر: بلغنا أنه كان في قرية لوط أربعة آلاف ألف إنسان، أو ما شاء الله من ذلك.

18345- حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط، عن السدي، (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى) ، قال : ما خطبُكم أيها المرسلون ؟ قالوا: إنا أرسلنا إلى قوم لوط ، فجادلهم في قوم لوط قال، أرأيتم إن كان فيها مائة من المسلمين أتهلكونهم؟ قالوا: لا! فلم يزل يحُطَّ حتى بلغ عشرة من المسلمين، فقالوا: لا نعذبهم ، إن كان فيهم عشرة من المسلمين، ثم قالوا: " يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه ليس فيها إلا أهل بيت من المؤمنين " هو لوط وأهل بيته، وهو قول الله تعالى ذكره: (يجادلنا في قوم لوط) . فقالت الملائكة: يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ .

18346- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى) ، يعني: إبراهيم جادل عن قوم لوط ليردّ عنهم العذاب قال: فيزعم أهل التوراة أن مجادلة إبراهيم إياهم حين جادلهم في قوم لوط ليردّ عنهم العذاب، إنما قال للرسل فيما يكلمهم به: أرأيتم إن كان فيهم مائة مؤمن أتهلكونهم؟ قالوا:، لا! قال: أفرأيتم إن كانوا تسعين؟ قالوا: لا! قال: أفرأيتم إن كانوا ثمانين؟ قالوا: لا! قال: أفرأيتم إن كانوا سبعين؟ قالوا: لا! قال: أفرأيتم إن كانوا ستين؟ قالوا لا! قال: أفرأيتم إن كانوا خمسين؟ قالوا لا! قال: أفرأيتم إن كان رجلا واحدًا مسلمًا؟ قالوا: لا! قال: فلما لم يذكروا لإبراهيم أن فيها مؤمنًا واحدًا ، قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا ، يدفع به عنهم العذاب ، قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ [ سورة العنكبوت: 32] ، قالوا يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ .

18347- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال إبراهيم: أتهلكونهم إن وجدتم فيها مائة مؤمن ثم تسعين؟ حتى هبَط إلى خمسة. قال: وكان في قرية لوط أربعة آلاف ألف.

18348- حدثنا محمد بن عوف قال ، حدثنا أبو المغيرة قال ، حدثنا صفوان قال ، حدثنا أبو المثني ومسلم أبو الحبيل الأشجعي قالا(لما ذهب عن إبراهيم الروع)، إلى آخر الآية قال إبراهيم: أتعذب عالمًا من عالمك كثيرًا، فيهم مائة رجل؟ قال: لا وعزتي ، ولا خمسين ! قال: فأربعين؟ فثلاثين؟ حتى انتهى إلى خمسة. قال: لا ! وعزتي لا أعذبهم ولو كان فيهم خمسة يعبدونني ! قال الله عز وجل: فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [سورة الذاريات:36] ، أي لوطًا وابنتيه ، قال: فحلّ بهم من العذاب، قال الله عز وجل: وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ [سورة الذاريات:37] ، وقال: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط). (10)

* * *

والعرب لا تكاد تَتَلقَّى " لمَّا " إذا وليها فعل ماض إلا بماض، يقولون: " لما قام قمت "، ولا يكادون يقولون: " لما قام أقوم ". وقد يجوز فيما كان من الفعل له تَطَاول مثل " الجدال " " والخصومة " والقتال، فيقولون في ذلك: " لما لقيته أقاتله "، بمعنى: جعلت أقاتله.

---------------------------

الهوامش :

(6) بعد هذا الأثر ما نصه : " قال حدثنا محمد بن ثور ، قال حدثنا معمر ، وقال آخرون . . . " فحذفت هذه الزيادة ، لأنها سبق نظر من الناسخ ، لأنه نقل من أول السطر الذي فوقه ، ثم عاد إلى السياق ولم يتم النقل .

(7) ديوانه : 123 ، من معلقته المشهورة ، وقبله :

إنْ كُــنْتِ أَزْمْعـتِ الفِـرَاقَ , فإنَّمـا

زُمَّــتْ رِكــابُكُمْ بِيَــوْمٍ مُظْلِــمِ

"الخمخم" ، بقلة لها حب أسود . وذلك أنهم كانوا مجتمعين في الربيع، فلما يبس البقل ، سفت حب الخمخم ، فكان ذلك نذيرًا بوشك فراقهم .

(8) انظر تفسير " المجادلة " فيما سلف ص : 303 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك

(9) في المطبوعة : " ويطلب منه " ، لم يحسن قراءة المخطوطة لدقة كتابة الكلمة في تجويف باء " يطلب " ، إذ كانت في آخر السطر .

(10) الأثر : 18348 - "محمد بن عوف بن سفيان الطائي" ، شيخ الطبري ، مضى مرارًا ، منها : 13108 .

و" أبو المغيرة " ، هو : "عبد القدوس بن الحجاج الخولاني " ، مضى مرارا ، منها : 13108 .

و" صفوان " هو : " صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي " ، مضى مرارًا ، منها : 13108 .

" وأبو المثني " كأنه يعني : مسلم بن المثني الكوفي المؤذن " ، روى عن ابن عمر ، مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 256 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 195 . وأما " أبو الحبيل الأشجعي " ، فلست أجد من يسمى هكذا ، وظني أنه قد وقع في هذا الإسناد خطأ ، فصوابه عندي : " قال حدثنا أبو المثني مسلم ، والحسيل الأشجعي" .

" والحسيل الأشجعي " ، فيما أرجح : " الحسيل بن عبد الرحمن الأشجعي " ، ويقال أيضًا : " حسين " ، روى عن سعد بن أبي وقاص ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 58 . هذا ، وفي النفس شيء من حقيقة هذا الإسناد ، والله أعلم .

المعاني :

الرَّوْعُ :       الخَوْفُ السراج
الرّوع :       الخوف و الفزع معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[74] ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ﴾ قدّم (ذهاب الروع) على (البشرى)، لأن ذهاب الروع أهم بالنسبة للخائف على نفسه، هو خائف وتقول له ستأتيك أموال! ربما لن يستمع للبشرى، فينبغي أن يؤمن أولًا على حياته لكي يستمتع بالبشرى.
لمسة
[74] ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ المجادلة مع الملائكة، وعدِّيت إلى ضمير الجلالة لأنَّ المقصود من جدال الملائكة التعرُّض إلى أمر الله بصرف العذاب عن قوم لوط.
وقفة
[74] ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ أين القانطون؟! في مجلس واحد أوله روع, وآخره بشري.
وقفة
[74] ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ صفتا الرحمة والرأفة لا تنفك أبدًا عن الدعاة.
عمل
[74] ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ لا تشغلك همومك الدنيوية عن همومك الدعوية.
لمسة
[74] ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ الحوار دار بين إبراهيم عليه السلام والملائكة، لكنه سبحانه لم يقل: (يجادل رسلنا)؛ هم جاءوا بالأمر من الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ﴾ [70] من أرسلهم؟ الله، فالجدال مع الرسل؛ لكن الأمر كأنه مجاز، أي يجادل في أمر الله، كأنما يجادل صاحب الأمر.
عمل
[74] اسأل الله سبحانه الرحمة والهداية للعاصين ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾.
عمل
[74] ابحث عن بعض الأخبارٍ السارة، وبشِّر بها من حولك، لتدخل السرور عليهم ﴿وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ﴾.
وقفة
[74] أي قلب يحمله الخليل ﷺ يجعله يذهل عن بشرى طال انتظاره لها إلى الرحمة بغير قومه؟! ﴿وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾.
وقفة
[74] ﴿يُجَادِلُنَا﴾ إبراهيم كان رحيمًا يجادل الملائكة في تأخير العذاب لعلهم يتوبون, هذه أخلاق الرحماء.
وقفة
[74] ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ مشروعية الجدال عمن يُرجى له الإيمان قبل الرفع إلى الحاكم.
اسقاط
[74] ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ كُفارٌ فجَّارٌ، ولم يكتفِ إبراهيمُ u بعدمِ الفَرَحِ بعُقوبَتِهم، بل يجْتَهدُ في دفعِها، يُجَادلُ لعلَّ اللهَ يمْهِلُهُم، أينَ أوصَلتنَا سفينَةُ خِلافاتِنا؟
اسقاط
[74] ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ قومٌ فُحشٌ يقطرون قذارةً ومع هذا (إبراهيم) يجادل عنهم لعل الله (يمهلهم)، وهذا لا يكون إلا مع قلب سليم رحيم، فالداعية الحق رحيم بحق.
وقفة
[74] قال الله عن إبراهيم: ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ أي: يتكلم ويحتج ويحاول لئلا ينزل بهم عذاب؛ (يبرر للرحمة ولا يؤلب للعذاب).
وقفة
[74] شدة شفقة الأنبياء على الأقوام؛ رغم البشرى الذي ينتظرها عمرًا ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾، وأصابه الروع! بينما عندما أراد قومه قذفه في النار قال: «حسبي الله ونعم الوكيل».

الإعراب :

  • ﴿ فلمّا ذهب عن إبراهيم الروع:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. ذهب: فعل ماضٍ مبني على الفتح. عن: حرف جر. إبراهيم: اسم مجرور بعن وعلامة جره الفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف لعجمته وعلميته والجار والمجرور متعلق بذهب. الروع: فاعل مرفوع بالضمة وجملة \"ذهب عن إبراهيم الروع\" في محل جر بالإضافة. والروع: أي الذعر.
  • ﴿ وجاءته البشرى:
  • الواو: عاطفة. جاءته: فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. البشرى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ يجادلنا:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجملة \"يجادلنا\" استئنافية لا محل لها دالة على جواب الشرط بتقدير: أبدل الروع بجدال رسلنا أو فطن لمجادلتنا. وقيل في \"يجادلنا\" هي جواب \"لما\" وإنما جيء بها مضارعة لحكاية الحال وقيل إن \"لما\" ترد المضارع إلى معنى الماضي. ويجوز أن يكون التقدير: أخذ يجادلنا. وأقبل يجادلنا.
  • ﴿ في قوم لوط:
  • جار ومجرور متعلق بيجادلنا. أي في أمر قوم لوط فحذف المضاف وحل المضاف إليه محله. لوط: مضاف إليه مجرور بالكسرة ولم يمنع من الصرف -التنوين- رغم عجمته وعلميته لأنه اسم ثلاثي أوسطه ساكن. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     ولَمَّا عَلِمَ إبراهيمُ عليه السلام أن ضيوفه ليسوا من البشر، وأنهم ملائكة جاءوا لإهلاكِ قومِ لوطٍ؛ أخذ هنا يجادلهم في قوم لوط يحاول تأجيل نزول العذاب بهم، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [75] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ

التفسير :

[75] إن إبراهيم كثير الحلم لا يحب المعاجلة بالعقاب، كثير التضرع إلى الله والدعاء له، تائب يرجع إلى الله في أموره كلها.

{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ} أي:ذو خلق حسن وسعة صدر، وعدم غضب، عند جهل الجاهلين.

{ أَوَّاهٌ} أي:متضرع إلى الله في جميع الأوقات،{ مُنِيبٌ} أي:رجَّاع إلى الله بمعرفته ومحبته، والإقبال عليه, والإعراض عمن سواه، فلذلك كان يجادل عمن حتَّم الله بهلاكهم.

وقوله- سبحانه- إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ بيان للدواعي التي حملت إبراهيم- عليه السلام- على مجادلة الملائكة في شأن إهلاك قوم لوط.

والحليم: هو الصبور على الأذى، الصفوح عن الجناية، المقابل لها بالإحسان.

والأواه: هو الذي يكثر التأوه من خشية الله.

قال الآلوسى: وأصل التأوه قوله: آه ونحوه مما يقوله المتوجع الحزين. وهو عند جماعة كناية عن كمال الرأفة ورقة القلب. وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم وغيرهما عن عبد الله بن شداد قال رجل: يا رسول الله ما الأواه؟ قال: «الخاشع المتضرع الكثير الدعاء» .

والمنيب: السريع الرجوع إلى الله- تعالى- بالتوبة والاستغفار.

أى أن إبراهيم لصبور على الأذى، صفوح عن الجناية، كثير التضرع إلى الله، سريع الرجوع إليه في كل ما يحبه ويرضاه.

وقوله : ( إن إبراهيم لحليم أواه منيب ) مدح إبراهيم بهذه الصفات الجميلة ، وقد تقدم تفسيرها [ في سورة براءة ] .

وقوله: (إن إبراهيم لحليم أوّاه منيب)، يقول تعالى ذكره: إن إبراهيم لبطيء الغضب ، (11) متذلل لربه خاشع له، منقاد لأمره ، (منيب)، رَجَّاع إلى طاعته، كما:-

18349- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد: (أوّاه منيب)، قال: القانت: الرَّجاع.

* * *

وقد بينا معنى " الأوّاه " فيما مضى ، باختلاف المختلفين ، والشواهد على الصحيح منه عندنا من القول ، بما أغنى عن إعادته. (12)

------------------------

الهوامش :

(11) انظر تفسير " حليم " فيما سلف 11 : 114 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

(12) انظر تفسير " الأواه " فيما سلف 14: 523 - 536 .

المعاني :

لحليم :       مُتأنّ غير عجول معاني القرآن
أَوَّاهٌ :       كَثِيرُ التَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ السراج
أوّاه :       كثير التّأوّه من خوف الله معاني القرآن
مُّنِيبٌ :       تَائِبٌ يَرْجِعُ إِلَى اللهِ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا السراج
منيب :       راجع إلى الله سبحانه معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[75] ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ﴾ أي: ذو خلق حسن، وسعة صدر، وعدم غضب عند جهل الجاهلين، ﴿أَوَّاهٌ﴾ أي: متضرع إلى الله في جميع الأوقات، ﴿مُّنِيبٌ﴾ أي: رجَّاع إلى الله بمعرفته ومحبته، والإقبال عليه، والإعراض عمن سواه؛ فلذلك كان يجادل عمن حتَّم الله بهلاكهم.
وقفة
[75] ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾ المنيب: الراجع، وإبراهيم كان راجعًا إلى الله تعالى في أموره كلها، وقيل: الأواه: المتأوه أسفًا على ما قد فات قوم لوط من الإيمان.
وقفة
[75] ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾، ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: 103]، كان يتأوه لكل ألم؛ وينفذ ذبح ابنه، (كان تأوهه وتألمه عبودية لله ليس ضعفًا؛ وذبحه استسلامًا وليس قسوة).
وقفة
[75] ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾ إمام الموحدين حليم (كمال التوحيد يورث اكتمال الحلم).
وقفة
[75] ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾ قال القرطبي في تفسيره: الأوّاه : «الذي يقول: (آهٍ من كذا)، وكان إبراهيم عليه السلام إذا ذُكر العذاب قال: (آهٍ من النار)».
وقفة
[75] ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾، ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: 114]: (الأواه): كثير التأوه والحزن، والأصل أُه، و(الحليم): من يتأنى ويضبط نفسه عند العجلة، لما علم إبراهيم عليه السلام بعداوة أبيه لله تأوه وحزن، ولما علم بنزول العذاب على قوم لوط حاول رده وعدم العجلة في إيقاعه.
وقفة
[75] ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾ دلالة هذه الأوصاف الثلاثة تحديدًا وترتيبها على هذا النسق: الحليم الذي لا يعجل في الانتقام إذا غضب ممن أساء إليه، الأوّاه الكثير الحزن وقيل الرحيم يتأوه على نفسه أو على الآخرين كثير الحزن والتأسف على الناس وعلى نفسه إذا أصابتهم سيئة، المنيب تعني العائد إلى الله سبحانه وتعالى. المقام هنا مقام غضب وانتقام وعقوبة بالنسبة لقوم لوط ﴿يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ﴾ [74] ظل يجادل أعطهم فترة قد يرجعون ويتوبون لا تستعجل هكذا حليم هو متعلق بالآخرين. الأوَّاه يتعلق بالنفس وبالآخرين إذا هو حصل منه شيء مخالف لأمر الله يتأوه على ما حصل وإذا حصل للآخرين شيء يتأسف عليهم ويتأوه عليهم من كثرة رحمته بهم ، إذن هي مشترك. الأول خاص بالآخر وقدَّم الحلم لأن المقام مقام عقوبة، الآن الصفات رتبها حليم بالنسبة للآخر أواه له وللآخر منيب لنفسه هو يعود إلى الله سبحانه وتعالى، وهذه الصفات لم تُذكر مجموعة إلا مع إبراهيم عليه السلام ولا مع أي نبي آخر في القرآن.
اسقاط
[75] إذا كان خليل الرحمن كثير التوبة والإنابة إلى الله سبحانه؛ فما بالنا نقصر في التوبة والإنابة؟! ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾.
وقفة
[75] الحلم من الخلال التي ترضي الله، وهو يجمع لصاحبه شرف الدنيا والآخرة، ألم تسمعوا الله تعالى وصف خليله بالحلم فقال: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾.
وقفة
[75] لا يهمك قول الناس إن كنت على الصراط المستقيم، قالوا عن الخليل: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾ [الأنبياء: 60]، وربنا وصفه: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾[النحل: 120]، ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾.
عمل
[75] سل الله تعالى أن يرزقك الحلم والإنابة إليه سبحانه ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾.
وقفة
[75] ﴿أَوَّاهٌ﴾ الأواه: كثير قول (أوه)، وهذا يدل على اهتمامه بشؤون الناس، فإن رأى مسكينًا تأوه, أو منكرًا تأوه، أو سمع شكوى مظلوم تأوه, أو علم بمرض أحد تأوه, فلا تجد المسلم إلا نظيف القلب تجاه إخوانه, ذا غيرة على دينه، لا تجده إلا متأوهًا.

الإعراب :

  • ﴿ إنّ إبراهيم:
  • ان: حرف نصب وتوكيد. إبراهيم: اسم انّ\" منصوب بالفتحة ولم ينون لعجمته وعلميته.
  • ﴿ لحليم أواه منيب:
  • اللام لام التوكيد -المزحلقة- وما بعدها أسماء مرفوعة بالضمة لأنها أخبار \"إن\". '

المتشابهات :

التوبة: 114﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّـهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إبراهيم لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ
هود: 75﴿ إِنَّ إبراهيم لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     ولَمَّا حاول إبراهيمُ عليه السلام تأجيل نزول العذاب بقومِ لوطٍ؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا السبب الذي حمل إبراهيم عليه السلام على ذلك، قال تعالى:
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [76] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ..

التفسير :

[76] قالت رسل الله:يا إبراهيم أعرض عن هذا الجدال في أمر قوم لوط والتماس الرحمة لهم؛ فإنه قد حق عليهم العذاب، وجاء أمر ربك الذي قدَّره عليهم بهلاكهم، وإنهم نازل بهم عذاب من الله غير مصروف عنهم ولا مدفوع.

فقيل له:{ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} الجدال{ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} بهلاكهم{ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ} فلا فائدة في جدالك.

ولكن حلم إبراهيم وإنابته ... لم يرد قضاء الله العادل في شأن قوم لوط ولذا قالت الملائكة

له- كما حكى القرآن عنهم-: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا، إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ، وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ.

أى: قالت الملائكة لإبراهيم: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا الجدال في أمر قوم لوط، وفي طلب إمهال عقوبتهم إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ بإهلاكهم وَإِنَّهُمْ بسبب إصرارهم على ارتكاب الفواحش آتِيهِمْ من ربهم عَذابٌ شديد غَيْرُ مَرْدُودٍ عنهم لا بسبب الجدال ولا بأى سبب سواه، فإن قضاء الله لا يرد عن القوم المجرمين. هذا، وقد ذكر الشيخ القاسمى بعض الفوائد والأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآيات فقال: قال بعض المفسرين: لهذه الآيات ثمرات وفوائد.

منها: أن حصول الولد المخصص بالفضل نعمة، وأن هلاك العاصي نعمة- أيضا- لأن البشرى قد فسرت بولادة إسحاق لقوله فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وفسرت بهلاك قوم لوط، لقوله: قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ.

ومنها: استحباب نزول المبشر- بالكسر- على المبشر- بالفتح- لأن الملائكة أرسلهم الله- تعالى- لذلك.

ومنها: أنه يستحب للمبشر أن يتلقى البشارة بالشكر لله- تعالى- على ما بشر به. فقد حكى عن الأصم أنه قال: جاءوه في أرض يعمل فيها، فلما فرغ غرز مسحاته، وصلى ركعتين.

ومنها: أن السلام مشروع، وأنه ينبغي أن يكون الرد أفضل لقول إبراهيم سَلامٌ بالرفع وهو أدل على الثبات والدوام.

ومنها: مشروعية الضيافة، والمبادرة إليها، واستحباب مبادرة الضيف بالأكل منها.

ومنها: استحباب خدمة الضيف ولو للمرأة، لقول مجاهد: وامرأته قائمة أى في خدمة أضياف إبراهيم ... وخدمة الضيفان من مكارم الأخلاق.

ومنها: جواز مراجعة الأجانب في القول، وأن صوتها ليس بعورة.

ومنها: أن امرأة الرجل من أهل بيته، فيكون أزواجه صلى الله عليه وسلم من أهل بيته :

ومنها: - كما يقول الإمام ابن كثير- استدل على أن الذبيح هو إسماعيل لا إسحاق، وأنه يمتنع أن يكون هو إسحاق، لأنه وقعت البشارة به، وأنه سيولد له يعقوب، فكيف يؤمر إبراهيم بذبحه وهو طفل صغير، ولم يولد له بعد يعقوب الموعود بوجوده، ووعد الله حق لا خلف فيه، فيمتنع أن يؤمر بذبح إسحاق والحالة هذه، فتعين أن يكون الذبيح إسماعيل، وهذا من أحسن الاستدلال وأصحه: ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عما دار بين لوط وبين الملائكة وبينه وبين قومه من حوار وجدال فقال- تعالى-:

وقوله : ( يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك [ وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ] ) أي : إنه قد نفذ فيهم القضاء ، وحقت عليهم الكلمة بالهلاك ، وحلول البأس الذي لا يرد عن القوم المجرمين .

القول في تأويل قوله تعالى : يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قول رسله لإبراهيم: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) ، وذلك قيلهم له حين جَادلهم في قوم لوط، فقالوا: دع عنك الجدالَ في أمرهم والخصومة فيه (13) ، فإنه (قد جاء أمر ربكَ) يقول : قد جاء أمر ربك بعذابهم. وحقَّ عليهم كلمة العذاب، ومضى فيهم بهلاكهم القضاء ، (وإنهم آتيهم عذاب غير مردود)، يقول: وإن قوم لوط ، نازلٌ بهم عذابٌ من الله غير مدفُوع.

* * *

وقد [مضى] ذكر الرواية بما ذكرنا فيه عمن ذكر ذلك عنه. (14)

-----------------------------

الهوامش :

(13) انظر تفسير " الإعراض " فيما سلف 14 : 425 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .

(14) الزيادة بين القوسين يقتضيها السياق .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[76] ﴿يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾، ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ [81]، إذا فارقت شيئًا فغادره بروحك وبصرك وذكرياتك! الالتفات يُجدد مواجعك، ولا يعيد فائتًا، قضاء الله إذا جاء لا يرده أحد.
وقفة
[76] ﴿يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ فلتنتظر دول الكفر التي تسمح بالشذوذ وتقره عذاب الله.
لمسة
[76] ﴿يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ حذف القائل هنا كأننا نسمع القول هكذا نداء، ما قال قلنا أو قيل أو قالوا، لا شك أنه الله سبحانه وتعالى، لكن محتمل أن يكون ربنا هو الذي قال هذا (يَا إِبْرَاهِيمُ) بدليل ﴿يُجَادِلُنَا﴾ [74]، ومحتمل أن تكون الملائكة ﴿إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ﴾ [70]، فهو حدث يحتمل الأمرين، المهم ليس مَنْ القائل، ولكن ماذا قيل له.
لمسة
[76] ﴿إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ وليس مثلاً: (إن أمر ربك قد جاء)، (إِنَّهُ) الهاء هنا ضمير الشأن، ويقال للتفخيم والتعظيم في الأمور المهمة، وقيل هنا دلالة على أن الأمر عظيم، لأنه لو قال: (إن أمر ربك قد جاء) فليس فيه ما يدل على التعظيم.
لمسة
[76] ﴿إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ (قَدْ) التي تدخل على الفعل الماضي تفيد التحقيق والتوقع والتقريب في الغالب، يعني تتوقع الشيء ويحصل، يعني قد تحقق وقوعه.
عمل
[76] ﴿إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ إلى كل غافل: أدرك نفسك قبل فوات الأوان! إذا جاء أمر الله فلا مرد له بدعاء ولا جدال.
لمسة
[76] ﴿آتِيهِمْ عَذَابٌ﴾ مع أن العذاب لم يأتِ بعد! هم ما عذَّبوهم ولم يذهبوا إلى قوم لوط بعد! لكن جاء الأمر ﴿إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ والأمر غير العذاب، فالأمر بذلك حصل، بقي تنفيذه، واستخدم صيغة (آَتِيهِمْ) دلالة على ثبوت العذاب، وأنه سيقع لأن اسم الفاعل قد يستعمل للاستقبال: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 9]، لكن يدل على ثبوت هذا الأمر وأنه هو حاصل.
وقفة
[76] ﴿غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ للتأكيد، فقد يرفع بعض العذاب ويقع بعضه، لكن (غَيْرُ مَرْدُودٍ) العذاب واقع لا محالة.

الإعراب :

  • ﴿ يا إبراهيم:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به على إرادة القول أي قالت له الملائكة أو نادته. يا: أداة نداء. إبراهيم: منادى مبني على الضم في محل نصب
  • ﴿ أعرض عن هذا:
  • أعرض: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. عن هذا: جار ومجرور متعلق بأعرض. هذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بعن والإشارة إلما الجدال -أي أعرض عن هذا الجدال.
  • ﴿ إنه قد جاء أمر ربك:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير الشأن مبني على الضم في محل نصب اسم إن. قد: حرف تحقيق. جاء: فعل ماضٍ مبني على الفتح. اْمر: فاعل مرفوع بالضمة. ربك: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة. والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. وجملة \"قد جاء أمر ربك، في محل رفع خبر \"إن\".
  • ﴿ وإنهم آتيهم عذاب:
  • الواو عاطفة. إن: حرف نصب وتوكيد و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم \"إن\" و \"آتي\" خبر \"إن\" مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. عذاب: فاعل لاسم الفاعل \"آتي\" مرفوع بالضمة.
  • ﴿ غير مردود:
  • غير: صفة -نعت- لعذاب مرفوعة مثلها بالضمة. مردود: مضاف إليه مجرور بالكسرة. '

المتشابهات :

هود: 76﴿يَا إبراهيم أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ
يوسف: 29﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     ولَمَّا ألحَّ إبراهيمُ عليه السلام على الملائكة لتأجيل نزول العذاب بقومِ لوطٍ، لِما عِندَه من الشَّفَقةِ على عبادِ اللهِ؛ أخبروه هنا أنَّ الأمرَ قد حُسِم، قال تعالى:
﴿ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

آتيهم:
وقرئ:
آتاهم، بلفظ الماضي، وهى قراءة عمرو بن هرم.

مدارسة الآية : [77] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ ..

التفسير :

[77] ولما جاءت ملائكتنا لوطاً ساءه مجيئهم واغتمَّ لذلك؛ وذلك لأنه لم يكن يعلم أنهم رسل الله، فخاف عليهم من قومه، وقال:هذا يوم بلاء وشدة.

{ وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا} أي:الملائكة الذين صدروا من إبراهيم لما أتوا{ لُوطًا سِيءَ بِهِمْ} أي:شق عليه مجيئهم،{ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} أي:شديد حرج، لأنه علم أن قومه لا يتركونهم، لأنهم في صور شباب، جرد، مرد, في غاية الكمال والجمال، ولهذا وقع ما خطر بباله.

- تلك هي قصة لوط مع الرسل الذين جاءوا لإهلاك قومه ومع قومه المجرمين، كما حكتها سورة هود.

- وقد وردت هذه القصة في سور أخرى وبأساليب متنوعة، ومنها سورة الأعراف، والحجر، والشعراء، والنمل، والعنكبوت، والصافات، والذاريات، والقمر..

قال الإمام ابن كثير: ولوط هو ابن هاران بن آزر، فهو ابن أخى إبراهيم، وكان قد آمن مع عمه إبراهيم وهاجر معه إلى أرض الشام، فبعثه الله إلى أهل بلدة سدوم وما حولها يدعوهم إلى وحدانية الله- تعالى-، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها دون أن يسبقهم بها أحد من بنى آدم ولا من غيرهم، وهو إتيان الذكور دون الإناث، وهذا شيء لم يكن أحد من بنى آدم يعهده ولا يألفه ولا يخطر بباله، حتى صنع ذلك أهل سدوم- وهم قرية بوادي الأردن عليهم لعائن الله» .

- وقد بدأ- سبحانه- القصة هنا بتصوير ما اعترى لوطا- عليه السلام- من ضيق وغم عند ما جاءته الرسل فقال: وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ....

- أى: وحين جاء الملائكة إلى لوط- عليه السلام- بعد مفارقتهم لإبراهيم، ساءه وأحزنه مجيئهم، لأنه كان لا يعرفهم، ويعرف أن قومه قوم سوء، فخشي أن يعتدى قومه عليهم، بعادتهم الشنيعة، وهو عاجز عن الدفاع عنهم ...

قال ابن كثير ما ملخصه: «يخبر الله- تعالى- عن قدوم رسله من الملائكة إلى لوط- عليه السلام- بعد مفارقتهم لإبراهيم ... فأتوا لوطا- عليه السلام- وهو على ما قيل في أرض له. وقيل في منزله، ووردوا عليه وهم في أجمل صورة تكون، على هيئة شبان حسان الوجوه، ابتلاء من الله، وله الحكمة والحجة البالغة، فساءه شأنهم ... » .

- وقوله: وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً تصوير بديع لنفاد حيلته، واغتمام نفسه وعجزه عن وجود حيلة للخروج من المكروه الذي حل بهم.

قال القرطبي: والذرع مصدر ذرع. وأصله: أن يذرع البعير بيديه في سيره ذرعا على قدر سعة خطوه فإذا حمل عليه أكثر من طاقته ضاق عن ذلك وضعف ومد عنقه. فضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع. وقيل هو من ذرعه القيء أى غلبه.

أى: ضاق عن حبسه المكروه في نفسه.

وإنما ضاق ذرعه بهم لما رأى من جمالهم، وما يعلمه من فسوق قومه ... » .

- وذَرْعاً تمييز محول عن الفاعل. أى: ضاق بأمرهم ذرعه.

وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ: أى وقال لوط- عليه السلام- في ضجر وألم: هذا اليوم الذي جاءني فيه هؤلاء الضيوف، يوم «عصيب» أى: شديد هوله وكربه.

وأصل العصب: الشد والضغط، فكأن هذا اليوم لشدة وقعه على نفسه قد عصب به الشر والبلاء، أى: شد به.

قال صاحب تفسير التحرير والتنوير: ومن بديع ترتيب هذه الجمل أنها جاءت على ترتيب حصولها في الوجود، فإن أول ما يسبق إلى نفس الكاره للأمر أن يساء به ويتطلب المخلص منه، فإذا علم أنه لا مخلص له منه ضاق به ذرعا. ثم يصدر تعبيرا عن المعاني يريح به نفسه» .

يخبر تعالى عن قدوم رسله من الملائكة بعد ما أعلموا إبراهيم بهلاكهم ، وفارقوه وأخبروه بإهلاك الله قوم لوط هذه الليلة . فانطلقوا من عنده ، فأتوا لوطا عليه السلام ، وهو - على ما قيل - في أرض له [ يعمرها ] ، وقيل : [ بل كان ] في منزله ، ووردوا عليه وهم في أجمل صورة تكون ، على هيئة شبان حسان الوجوه ، ابتلاء من الله [ واختبارا ] وله الحكمة والحجة البالغة ، [ فنزلوا عليه ] فساءه شأنهم وضاقت نفسه بسببهم ، وخشي إن لم يضفهم أن يضيفهم أحد من قومه ، فينالهم بسوء ، ( وقال هذا يوم عصيب ) .

قال ابن عباس [ ومجاهد وقتادة ومحمد بن إسحاق ] وغير واحد [ من الأئمة ] شديد بلاؤه وذلك أنه علم أنه سيدافع [ قومه ] عنهم ، ويشق عليه ذلك .

وذكر قتادة أنهم أتوه وهو في أرض له [ يعمل فيها ] فتضيفوه فاستحيا منهم ، فانطلق أمامهم وقال لهم في أثناء الطريق ، كالمعرض لهم بأن ينصرفوا عنه : إنه والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء . ثم مشى قليلا ثم أعاد ذلك عليهم ، حتى كرره أربع مرات ، قال قتادة : وقد كانوا أمروا ألا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك .

وقال السدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط فبلغوا نهر سدوم نصف النهار ، ولقوا بنت لوط تستقي [ من الماء لأهلها وكانت له ابنتان اسم الكبرى رثيا والصغرى زغرتا ] فقالوا [ لها ] يا جارية ، هل من منزل ؟ فقالت [ لهم ] مكانكم حتى آتيكم ، وفرقت عليهم من قومها ، فأتت أباها فقالت : يا أبتاه ، أدرك فتيانا على باب المدينة ، ما رأيت وجوه قوم [ هي ] أحسن منهم ، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم ، و [ قد ] كان قومه نهوه أن يضيف رجلا فقالوا : خل عنا فلنضف الرجال . فجاء بهم ، فلم يعلم بهم أحد إلا أهل بيته فخرجت امرأته فأخبرت قومها [ فقالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط ] ، فجاءوا يهرعون إليه .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: ولما جاءت ملائكتنا لوطًا، ساءَه مَجيئهم ، وهو " فعل " من " السوء " ، (وضاق بهم ) ، بمجيئهم (ذَرْعًا)، يقول: وضاقت نفسه غما بمجيئهم . وذلك أنه لم يكن يعلم أنهم رسلُ الله في حال ما ساءه مجيئهم، وعلم من قومه ما هم عليه من إتيانهم الفاحشة، وخاف عليهم، فضاق من أجل ذلك بمجيئهم ذرعًا، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عن أضيافه، ولذلك قال: (هذا يوم عصيب).

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل

ذكر من قال ذلك :

18350- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (ولما جاءت رسلنا لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا)، يقول: ساء ظنًا بقومه وضاق ذرعًا بأضيافه.

* * *

18351- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن حذيفة أنه قال: لما جاءت الرسل لوطًا أتوه وهو في أرض له يعمل فيها، وقد قيل لهم ، والله أعلم: لا تهلكوهم حتى يشهدَ لوط . قال: فأتوه فقالوا: إنا مُتَضيِّفوك الليلة، فانطلق بهم، فلما مضى ساعةً التفت فقال: أما تعلمون ما يعمَل أهل هذه القرية؟ والله ما أعلم على ظهر الأرض أناسًا أخبث منهم ! قال: فمضى معهم. ثم قال الثانية مثل ما قال، فانطلق بهم. فلما بصرت بهم عجوزُ السَّوْء امرأته، انطلقَت فأنذرتهم. (15)

18352- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال، قال حذيفة، فذكر نحوه.

18353- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا الحكم بن بشير قال ، حدثنا عمرو بن قيس الملائي، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، قال: أتت الملائكة لوطًا وهو في مزرعة له، وقال الله للملائكة: إن شهد لوط عليهم أربعَ شهادات فقد أذنت لكم في هَلكتهم. فقالوا: يا لوط ، إنا نريد أن نُضيِّفك الليلة. فقال: وما بلغكم من أمرهم؟ قالوا: وما أمرهم؟ قال: أشهد بالله إنها لشرُّ قرية في الأرض عملا ! يقول ذلك أربع مرات، فشهد عليهم لوط أربع شهادات، فدخلوا معه منـزله. (16)

18354- حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط، عن السدي قال، خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط، فأتوها نصف النهار، فلما بلغوا نهر سَدُوم لقوا ابنة لوط تستقي من الماء لأهلها، وكانت له ابنتان، اسم الكبرى " ريثا "، والصغرى " زغرتا "، (17) فقالوا لها: يا جارية، هل من منـزل؟ قالت: نعم، فَمكانَكم لا تدخُلوا حتى آتيكم ! فَرِقَتْ عليهم من قَوْمها . (18) فأتت أباها فقالت: يا أبتاه أرادك فتيان على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم أحسنَ منهم، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم ! وقد كان قومه نهوه أن يُضيف رجلا فقالوا: خَلّ عنَّا فلنضِف الرجال ! فجاء بهم، فلم يعلم أحدٌ إلا أهل بيت لوط، فخرجت امرأته فأخبرت قومها، قالت: إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قَطّ ! فجاءه قومه يُهْرَعون إليه. (19)

18355- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: خرجت الرسل فيما يزعم أهل التوراة من عند إبراهيم إلى لوط بالمؤتفكة، فلما جاءت الرسل لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا، وذلك من تخوف قومه عليهم أن يفضحُوه في ضيفه، فقال: (هذا يوم عصيبٌ).

* * *

وأما قوله: (وقال هذا يوم عصيب) ، فإنه يقول: وقال لوط: هذا اليوم يوم شديد شره، عظيم بلاؤه،

* * *

يقال منه: عصب يومنا هذا يعصب عصبًا، ومنه قول عدي بن زيد:

وَكُـنْتُ لِـزَازَ خَـصْمِكَ لـمْ أُعَـرِّدْ

وَقَــدْ سَـلَكُوكَ فِـي يَـوْمٍ عَصِيـب (20)

وقول الراجز:

يَــوْمٌ عَصِيــبٌ يَعْصِـبُ الأَبْطَـالا

عَصْــبَ القَــوِيِّ السَّـلَمَ الطِّـوَالا (21)

وقول الآخر:

وَإنَّـكَ إنْ لا تُـرْضِ بَكْـرَ بـنَ وَائِلٍ

يَكُـنْ لَـكَ يَـوْمٌ بـالعِرَاقِ عَصِيـبِ (22)

وقال كعب بن جعيل:

ومُلَبُّـــونَ بِـــالحَضِيضِ فِئــامٌ

عَارِفــاتٌ مِنْــهُ بِيَــوْمٍ عَصِيـبِ (23)

* * *

ونحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك :

18356- حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (عصيب)، : شديد

18357- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: (هذا يوم عصيب) ، يقول شديد.

18358- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: (هذا يوم عصيب) ، أي يوم بلاء وشدة.

18359- حدثنا ابن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يوم عصيب) ، شديد.

18360- حدثني علي قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (وقال هذا يوم عصيب) ، أي : يوم شديد.

---------------------------

الهوامش :

(15) الأثر : 18351 - رواه الطبري في تاريخه 1 : 154 .

(16) الأثر : 18353 - رواه الطبري في تاريخه 1 : 154 .

(17) هكذا في المخطوطة منقوطة نقطًا واضحًا ، على قلة النقط في مواضع منها . وفي التاريخ : " رعزيا " ، وتحقيق ذلك يحتاج إلى وقت غير هذا .

(18) أي : خافت عليهم .

(19) الأثر : 18354 - رواه الطبري في تاريخه 1 : 154 ، تام الإسناد ، مطولا .

(20) الأغاني 2 : 111 ، مجاز القرآن 1 : 294 ، اللسان ( سلك ) ، وسيأتي في التفسير 14 : 8 / 18 : 13 ( بولاق ) . من قصيدة له طويلة ، قالها وهو في حبس النعمان بن المنذر ، يقول للنعمان قبله :

سَــعَى الأَعْــدَاءُ لاَ يَـأْلُونَ شَـرًّا

عَـــلَيَّ وَربِّ مَكَّــةَ والصَّلِيــبِ

أَرَادُوا كــي تُمَهَّــلَ عَــنْ عَـدِيٍّ

لِيُسْــجَنَ أَو يُدَهُــدَهَ فِـي القَلِيـبِ

وَكُـــنْتُ لِــزازَ خَــصْمِكَ . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أُعَـــالِنُهُم وأُبْطِــنُ كُــلَّ سِــرٍّ

كَمَــا بَيْـنَ اللِّحَـاءِ إِلَـى العَسِـيبِ

فَفُـــزْتُ عَلَيْهِــمْ لَمّــا الْتَقَيْنَــا

بِتَــاجِكَ فَــوْزَةَ القِــدْحِ الأرِيـبِ

" دهدهه " ، دحرجه من علو إلى سفل ، و " القليب " ، البئر ، إنما عنى القبر هنا . و " لزاز الخصم " ، الشديد المعاند ذو البأس في الملمات . و"عرد عن خصمه" ، أحجم ونكص . وكان في المطبوعة هنا " أعدد " ، وفي المخطوطة : " أعود " ، والصواب ما أثبت . و" اللحاء " قشر العود ، و " العسيب " جريد النخل ، يقول : سرك كما بين هذين ، يعني خفي لا يرى . و" القدح الأريب " من قداح الميسر ، هو القدح ذو الآراب الكثيرة ، و"الآراب" أعضاء الجذور .

(21) لم أعرف قائله ، وهو في مجاز القرآن 1 : 294 .

(22) لم أعرف قائله ، وهو في مجاز القرآن 1 : 294 .

(23) لم أجد البيت في مكان آخر ، وفي المطبوعة : " ويلبون " ، وفي المخطوطة مثله ، إلا أن فيه خطأ في النقط وأظن الصواب ما أثبت ، من قولهم : " ألب بالمكان " ، إذا لزمه ولم يفارقه . " والحضيض " ، منخفض من الأرض عند منقطع الجبل. و" فئام" ، جماعات . وكأن هذا البيت من شعره الذي رثى به عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وروى أبياتا منه المصعب الزبيري في نسب قريش ص : 325 ، وكان كعب بن جعيل مداحًا له .

المعاني :

سِيءَ بِهِمْ :       سَاءَهُ مَجِيئُهُمْ السراج
سيء بهم :       نالته المساءة يمجيئهم خوفا عليهم معاني القرآن
وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا :       ضَاقَ صَدْرُهْ، وَاغْتَمَّ لِمَجِيئِهِمْ؛ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهِ السراج
ضاق بهم ذرعا :       ضعُفت طاقته عن تدبير خلاصهم معاني القرآن
عَصِيبٌ :       شَدِيدٌ السراج
يوم عصيب :       شديد شرّه و بلاؤه معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[77] ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ حزِن بسبب خوفه عليهم أن يتعدى عليهم قومه ويعجزوا عن مقاومتهم، فكان حزنه لله لا لنفسه؛ ولذا حمده الله عليه.
عمل
[77] ﴿وَضاقَ بِهِم ذَرعًا وَقالَ هذا يَومٌ عَصيبٌ﴾ ملائكة الفرج ونهاية الآلام في بيته وهو لا يشعر؛ لا تضق ذرعًا ربما يسدل الستار عن حزنك الآن.
وقفة
[77] ﴿وضاق بهم ذرعًا وقال هذا يوم عصيب﴾ قد تأتي أيام تخشى ما فيها، وتضيق من أحداثها العصيبة، فتفاجأ بإنها بداية الفرج.
وقفة
[77] ﴿وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ من الأيام العصيبة عند الصالحين تلك التي يُعصى فيها الله.

الإعراب :

  • ﴿ ولما جاءت رسلنا لوطًا:
  • لواو عاطفة. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. جاءت: فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. رسل: فاعل مرفوع بالضمة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. لوطًا: مفعول به منصوب بالفتحة المنونة ولم يمنع من الصرف رغم عجمته وعلميته لأنه اسم ثلاثي أوسطه ساكن. وجملة \"جاءت رسلنا\" في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ سيء بهم:
  • الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها بمعنى ساءه مجيؤهم. سيء: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح. بهم: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل.
  • ﴿ وضاق بهم ذرعًا:
  • بمعنى: ضاقت به طاقته أو ضاف بهم صدرًا، ضاق: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. بهم: جار ومجرور متعلق بضاق و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالباء. ذرعًا: تمييز منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وقال هذا يوم عصيب:
  • وقال: معطوفة بالواو على \"ضاق\" وتعرب مثلها. هذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يوم: خبر \"هذا\" مرفوع بالضمة. عصيب: صفة -نعت- ليوم مرفوعة مثله بالضمة. والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به لقال. '

المتشابهات :

هود: 77﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ
العنكبوت: 33﴿وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     القصَّةُ الخامسةُ: قِصَّةُ لوطٍ عليه السلام لمَّا جَاءَتْه الملائكةُ في صورةِ شبابٍ حسانِ الوجوهِ، قال تعالى:
﴿ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [78] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن ..

التفسير :

[78] وجاء قومُ لوط يسرعون المشي إليه لطلب الفاحشة، وكانوا مِن قبل مجيئهم يأتون الرجال شهوة دون النساء، فقال لوط لقومه:هؤلاء بناتي تَزَوَّجوهن فهنَّ أطهر لكم مما تريدون، وسماهن بناته؛ لأن نبي الأمة بمنزلة الأب لهم، فاخشوا الله واحذروا عقابه، ولا تفضحوني ب

فـ{ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} أي:يسرعون ويبادرون، يريدون أضيافه بالفاحشة، التي كانوا يعملونها، ولهذا قال:{ ومن قبل كانوا يعملون السيئات} أي:الفاحشة التي ما سبقهم عليها أحد من العالمين.

{ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} من أضيافي، [ وهذا كما عرض لسليمان صلى الله عليه وسلم، على المرأتين أن يشق الولد المختصم فيه, لاستخراج الحق ولعلمه أن بناته ممتنع منالهن، ولا حق لهم فيهن. والمقصود الأعظم، دفع هذه الفاحشة الكبرى]

{ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} أي:إما أن تراعوا تقوى الله, وإما أن تراعوني في ضيفي، ولا تخزون عندهم.

{ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} فينهاكم، ويزجركم، وهذا دليل على مروجهم وانحلالهم، من الخير والمروءة.

- ثم بين- سبحانه- ما كان من قوم لوط- عليه السلام- عند ما علموا بوجود هؤلاء الضيوف عنده فقال: وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ. وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ....

- ويهرعون- بضم الياء وفتح الراء على صيغة المبنى للمفعول- أى: يدفع بعضهم بعضا بشدة، كأن سائقا يسوقهم إلى المكان الذي فيه لوط وضيوفه.

يقال: هرع الرجل وأهرع- بالبناء للمفعول فيهما- إذا أعجل وأسرع لدافع يدفعه إلى ذلك.

قال الآلوسى: والعامة على قراءته مبنيا للمفعول، وقرأ جماعة يهرعون- بفتح الياء مع البناء للفاعل- من هرع- بفتح الهاء والراء- وأصله من الهرع وهو الدم الشديد السيلان، كأن بعضه يدفع بعضا .

أى: وبعد أن علم قوم لوط بوجود هؤلاء الضيوف عند نبيهم، جاءوا إليه مسرعين يسوق بعضهم بعضا إلى بيته من شدة الفرح، ومن قبل هذا المجيء، كان هؤلاء القوم الفجرة، يرتكبون السيئات الكثيرة، التي من أقبحها إتيانهم الرجال شهوة من دون النساء.

وقد طوى القرآن الكريم ذكر الغرض الذي جاءوا من أجله، وأشار إليه بقوله:

وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ للإشعار بأن تلك الفاحشة صارت عادة من العادات المتأصلة في نفوسهم الشاذة، فلا يسعون إلا من أجل قضائها.

ثم حكى القرآن بعد ذلك ما بادرهم به نبيهم بعد أن رأى هياجهم وتدافعهم نحو داره فقال: قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ...

والمراد ببناته هنا: زوجاتهم ونساؤهم اللائي يصلحن للزواج، وأضافهن إلى نفسه لأن كل نبي أب لأمته من حيث الشفقة وحسن التربية والتوجيه.

قال ابن كثير: قوله- تعالى- قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ... يرشدهم إلى نسائهم، فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم، كما قال لهم في آية أخرى: أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ. وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ ...

قال مجاهد: لم يكن بناته، ولكن كن من أمته، وكل نبي أبو أمته ...

وقال سعيد بن جبير: يعنى نساؤهم، هن بناته وهو أب لهم ... .

ومنهم من يرى أن المراد ببناته هنا: بناته من صلبه، وأنه عرض عليهم الزواج بهن ...

ويضعف هذا الرأى أن لوطا- عليه السلام- كان له بنتان أو ثلاثة- كما جاء في بعض الروايات- وعدد المتدافعين من قومه إلى بيته كان كثيرا، فكيف تكفيهم بنتان أو ثلاثة للزواج ... ؟

ويبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الصواب، وقد رجحه الإمام الرازي بأن قال ما ملخصه: «وهذا القول عندي هو المختار، ويدل عليه وجوه. منها: أنه قال هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ وبناته اللاتي من صلبه لا تكفى للجمع العظيم، أما نساء أمته ففيهن كفاية للكل..

ومنها: أنه صحت الرواية أنه كان له بنتان وهما: زنتا وزعورا، وإطلاق لفظ البنات على البنتين لا يجوز، لما ثبت أن أقل الجمع ثلاثة ... » .

والمعنى: أن لوطا- عليه السلام- عند ما رأى تدافعهم نحو بيته لارتكاب الفاحشة التي ما سبقهم بها من أحد من العالمين، قال لهم: برجاء ورفق يا قَوْمِ هؤلاء نساؤكم اللائي بمنزلة بناتي ارجعوا إليهن فاقضوا شهوتكم معهن فهن أطهر لكم نفسيا وحسيا من التلوث برجس اللواط، وأفعل التفضيل هنا وهو أَطْهَرُ ليس على بابه، بل هو للمبالغة في الطهر.

قال القرطبي: وليس ألف أطهر للتفضيل، حتى يتوهم أن في نكاح الرجال طهارة، بل هو كقولك الله أكبر- أى كبير- ... ولم يكابر الله- تعالى- أحد حتى يكون الله- تعالى- أكبر منه ... » .

ثم أضاف إلى هذا الإرشاد لهم إرشادا آخر فقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي....

قال الجمل: ولفظ الضيف في الأصل مصدر، ثم أطلق على الطارق ليلا إلى المضيف، ولذا يقع على المفرد والمذكر وضديهما بلفظ واحد، وقد يثنى فيقال: ضيفان، ويجمع فيقال:

«أضياف وضيوف ... » .

وتخزون: من الخزي وهو الإهانة والمذلة. يقال: خزي الرجل يخزى خزيا ... إذا وقع في بلية فذل بذلك.

أى: بعد أن أرشدهم إلى نسائهم، أمرهم بتقوى الله ومراقبته، فقال لهم: فاتقوا الله.

ولا تجعلوني مخزيا مفضوحا أمام ضيوفى بسبب اعتدائكم عليهم، فإن الاعتداء على الضيف كأنه اعتداء على المضيف.

ويبدو أن لوطا- عليه السلام- قد قال هذه الجملة ليلمس بها نخوتهم إن كان قد بقي فيهم بقية من نخوة، ولكنه لما رأى إصرارهم على فجورهم وبخهم بقوله:

أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يهدى إلى الرشد والفضيلة. وينهى عن الباطل والرذيلة.

فيقف إلى جانبي، ويصرفكم عن ضيوفى؟

ولكن هذا النصح الحكيم من لوط لهم لم يحرك قلوبهم الميتة الآسنة. ولا فطرتهم الشاذة المنكوسة. بل ردوا عليه بقولهم:

قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ.

وقوله : ( يهرعون إليه ) أي : يسرعون ويهرولون [ في مشيتهم ويجمرون ] من فرحهم بذلك [ وروي في هذا عن ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي وقتادة وشمر بن عطية وسفيان بن عيينة ] .

وقوله : ( ومن قبل كانوا يعملون السيئات ) أي : لم يزل هذا من سجيتهم [ إلى وقت آخر ] حتى أخذوا وهم على ذلك الحال .

وقوله : ( قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ) يرشدهم إلى نسائهم ، فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد [ للرجال والنساء ] ، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة ، كما قال لهم في الآية الأخرى : ( أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ) [ الشعراء : 165 ، 166 ] وقوله في الآية الأخرى : ( قالوا أولم ننهك عن العالمين ) [ الحجر : 70 ] أي : ألم ننهك عن ضيافة الرجال ( قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين . لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) [ الحجر : 71 ، 72 ] ، وقال في هذه الآية الكريمة : ( هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ) قال مجاهد : لم يكن بناته ، ولكن كن من أمته ، وكل نبي أبو أمته .

وكذا روي عن قتادة ، وغير واحد .

وقال ابن جريج : أمرهم أن يتزوجوا النساء ، ولم يعرض عليهم سفاحا .

وقال سعيد بن جبير : يعني نساءهم ، هن بناته ، وهو أب لهم ويقال في بعض القراءات النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم .

وكذا روي عن الربيع بن أنس ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق ، وغيرهم .

وقوله : ( فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي ) أي : اقبلوا ما آمركم به من الاقتصار على نسائكم ، ( أليس منكم رجل رشيد ) أي : [ ليس منكم رجل ] فيه خير ، يقبل ما آمره به ، ويترك ما أنهاه عنه ؟

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وجاء لوطًا قومه يستحثون إليه ، يُرْعَدون مع سرعة المشي ، مما بهم من طلب الفاحشة.

* * *

يقال: " أهْرِعَ الرجل " ، من برد أو غضب أو حمَّى، إذا أرعد، " وهو مُهْرَع " ، إذا كان مُعْجلا حريصًا، كما قال الراجز: (24)

* بِمُعْجَلاتٍ نَحْوَهُ مَهَارِع * (25)

ومنه قول مهلهل:

فجــاؤوا يُهْرَعُـونَ وهـمْ أُسـارَى

تَقُــودُهُمُ عــلى رَغــمِ الأُنُـوفِ (26)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك :

18361- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (يُهْرَعون إليه) ، قال: يهرولون، وهو الإسراع في المشي.

18362- حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

18363- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.

18364- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو خالد والمحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: (وجاءه قومه يهرعون إليه) ، قال: يسعون إليه.

18365- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة : قال : فأتوه يهرعون إليه، يقول: سراعًا إليه.

18366- حدثنا ابن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يهرعون إليه) ، قال: يسرعون إليه.

18367- حدثنا موسى قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط، عن السدي: (وجاءه قومه يهرعون إليه) ، يقول: يسرعون المشي إليه.

18368- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا يحيى بن زكريا، عن ابن جريج، عن مجاهد: (وجاءه قومه يهرعون إليه) ، قال: يهرولون في المشي ، قال سفيان: (يهرعون إليه) ، يسرعون إليه.

18369- حدثنا سوار بن عبد الله قال، قال سفيان بن عيينة في قوله: (يهرعون إليه) ، قال: كأنهم يدفعون.

18370- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يعقوب قال ، حدثنا حفص بن حميد، عن شمر بن عطية قال، أقبلوا يسرعون مشيًا بين الهرولة والجمز.

18371- حدثني علي بن داود قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي عن ابن عباس، قوله: (وجاءه قومه يهرعون إليه) ، يقول: مسرعين.

* * *

وقوله: (ومن قبل كانوا يعملون السيئات)، يقول: من قبل مجيئهم إلى لوط ، كانوا يأتون الرجال في أدبارهم، كما:-

18372- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (ومن قبل كانوا يعملون السيئات) ، قال: يأتون الرجال.

* * *

وقوله: (قال يا قوم هؤلاء بناتي)، يقول تعالى ذكره: قال لوط لقومه لما جاؤوه يراودونه عن ضيفه: هؤلاء يا قوم بناتي ، يعني نساء أمته ، فانكحوهن فهنّ أطهر لكم، كما:-

18373- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) ، قال: أمرهم لوط بتزويج النساء وقال: (هن أطهر لكم).

18374- حدثنا محمد قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال: وبلغني هذا أيضًا عن مجاهد.

18375- حدثنا ابن وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) ، قال: لم تكن بناته، ولكن كنَّ من أمّته، وكل نبي أبُو أمَّته.

18376- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن علية، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) ، قال: أمرهم أن يتزوجوا النساء، لم يعرضْ عليهم سفاحًا.

18377- حدثني يعقوب قال ، حدثنا أبو بشر، سمعت ابن أبي نجيح يقول في قوله: (هن أطهر لكم) ، قال: ما عرض عليهم نكاحًا ولا سفاحًا. (27)

18378- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) قال: أمرهم أن يتزوجوا النساء، وأراد نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يَقي أضيافه ببناته.

18379- حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر عن الربيع، في قوله: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم)، يعني التزويج ، حدثني أبو جعفر، عن الربيع في قوله: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) ، يعني التزويج. (28)

18380- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو النعمان عارم قال ، حدثنا حماد بن زيد قال ، حدثنا محمد بن شبيب الزهراني ، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في قول لوط: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) ، يعني: نساءهم ، هنّ بَنَاته ، هو نبيّهم ، وقال في بعض القراءة: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ ) [سورة الأحزاب: 6] . (29)

18381- حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط، عن السدي: (وجاءه قومه يهرعون إليه)، قالوا: أو لم ننهك أن تضيف العالمين؟ قال: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم )، إن كنتم فاعلين ، أليس منكم رجل رشيد؟

18382- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما جاءت الرسل لوطًا أقبل قومه إليهم حين أخبروا بهم يهرَعون إليه. فيزعمون ، والله أعلم ، أن امرأة لوط هي التي أخبرتهم بمكانهم، وقالت: إن عند لوط لضيفانًا ما رأيت أحسنَ ولا أجمل قطُّ منهم ! وكانوا يأتون الرجالَ شهوة من دون النساء، فاحشةٌ ، لم يسبقهم بها أحد من العالمين. فلما جاؤوه قالوا: أو لم ننهك عن العالمين؟ أي : ألم نقل لك: لا يقربنَّك أحدٌ، فإنا لن نجد عندك أحدًا إلا فعلنا به الفاحشة؟ قال : " يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم "، فأنا أفدي ضيفي منكم بهنّ، ولم يدعهم إلا إلى الحلال من النكاح.

18383- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (هؤلاء بناتي ، قال: النساء.

* * *

واختلفت القراء في قراءة قوله: (هن أطهر لكم).

فقرأته عامة القراء برفع : (أَطْهَرُ)، على أن جعلوا " هن " اسمًا، " وأطهر " خبره، كأنه قيل: بناتي أطهرُ لكم مما تريدون من الفاحشة من الرجال.

* * *

وذكر عن عيسى بن عمر البصري أنه كان يقرأ ذلك: (هُنَّ أَطْهَرَ لَكُمْ ) ، بنصب " أطهر ". (30)

* * *

وكان بعض نحويي البصرة يقول: هذا لا يكون، إنما ينصب خبر الفعل الذي لا يستغني عن الخبر إذا كان بين الاسم والخبر هذه الأسماء المضمرة.

وكان بعض نحويي الكوفة يقول: من نصبه جعله نكرةً خارجة من المعرفة، ويكون قوله: " هن " عمادًا للفعل فلا يُعْمِله.

* * *

وقال آخر منهم: مسموع من العرب: " هذا زيد إيَّاه بعينه " ، قال: فقد جعله خبرًا لـ " هذا " مثل قولك: " كان عبد الله إياه بعينه ". قال: وإنما لم يجز أن يقع الفعل ههنا ، لأن التقريب ردُّ كلام ، (31) فلم يجتمعا ، لأنه يتناقض، لأنَّ ذلك إخبار عن معهود، وهذا إخبار عن ابتداء ما هو فيه: " ها أنا ذا حاضر "، أو : " زيد هو العالم "، فتناقض أن يدخل المعهودُ على الحاضر، فلذلك لم يجُزْ.

* * *

قال أبو جعفر : والقراءة التي لا أستجيز خلافها في ذلك، الرفع : ( هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ )، لإجماع الحجة من قراء الأمصار عليه ، مع صحته في العربية، وبعد النصب فيه من الصحة.

* * *

وقوله: (فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي)، يقول: فاخشوا الله ، أيها الناس، واحذروا عقابه ، في إتيانكم الفاحشة التي تأتونها وتطلبونها ، (ولا تخزون في ضيفي) ، يقول: ولا تذلوني بأن تركبوا مني في ضيفي ما يكرهون أن تركبُوه منهم. (32)

* * *

و " الضيف " ، في لفظ واحدٍ في هذا الموضع بمعنى جمع. والعرب تسمي الواحد والجمع " ضيفًا " بلفظ واحدٍ. كما قالوا: " رجل عَدْل، وقوم عَدْل ".

* * *

وقوله: (أليس منكم رجل رشيد)، يقول: أليس منكم رجل ذو رُشد ، ينهى من أراد ركوبَ الفاحشة من ضيفي، فيحول بينهم وبين ذلك؟ (33) كما:-

18384- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد) ، أي رجل يعرف الحقَّ وينهى عن المنكر؟

------------------------

الهوامش :

(24) لم أعرف قائله .

(25) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 294 .

(26) اللسان ( هرع ) ، ولم أعرف سائر الشعر .

(27) لا يظهر لهذه العبارة معنى ، وأخشى أن يكون سقط من الكلام شيء ويكون : " ما عرض عليهم بناته نكاحا ولا سفاحا " ، ويكون ابن أبي نجيح أراد أنه أمرهم بأن يتزوجوا النساء من قومهم .

(28) هكذا جاء التكرار في المخطوطة والمطبوعة ، وأخشى أن يكون سقط من الإسناد شيء .

(29) الأثر : 18380 - " محمد بن شبيب الزهراني " ، ثقة . مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 1 / 114 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 285 .

(30) انظر قراءة عيسى بن عمر ، وما قاله له أبو عمرو بن العلاء ، في طبقات فحول الشعراء ص : 18 .

(31) انظر تفسير " التقريب " فيما سلف 7 : 149 ، تعليق : 4 ، وص : 150 ، تعليق : 3 ، وهو من اصطلاح الكوفيين . وهو أن تكون " هذا " و " هذه " ، من أخوات " كان " في احتياجهما إلى اسم مرفوع ، وخبر منصوب .

(32) انظر تفسير " الخزي " فيما سلف من فهارس اللغة ( خزي ) .

(33) انظر تفسير " الرشد " فيما سلف 13 : 114 ، تعليق : 5 ، والمراجع هناك .

المعاني :

يُهْرَعُونَ :       يُسْرِعُونَ السراج
يُهرعون إليه :       يُسرعون إليه كأنّهم يُدفعون معاني القرآن
وَلَا تُخْزُونِ :       لَا تَفْضَحُونِي السراج
لا تُخزون :       لا تفضحوني و لا تُهينوني معاني القرآن
رَّشِيدٌ :       يَامُرُ بِالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ السراج

التدبر :

وقفة
[78] ﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ﴾، ﴿وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [الحجر: 67]، يهرعون يعني يسرعون إليه ويحثّ بعضهم بعضًا، فيه إسراع وحثٌّ، لكن الاستبشار فيه فقط الفرحة، تستبشر بأحد ولا تذهب ولا تأتي، ليس بالضرورة.
وقفة
[78] أول ما يبدأ الإنسان بالمعصية يقدم عليها -غالبًا- مترددًا خائفًا وجلًا، حتى يستمرئها؛ ثم يهرول إليها هرولة، تدبر: ﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾.
عمل
[78] ﴿وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ تطهر من ذنوبك، وابتهل إلى ربك أن ينجيك منها؛ فكم سهلت من خطيئة وأوقعت في بلاء!
وقفة
[78] ﴿يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولاتخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد﴾ استثار فطرتهم، ثم ديانتهم، ثم مروءتهم، ثم عقولهم.
وقفة
[78] ﴿هَـٰؤُلَاءِ بَنَاتِي﴾ شعور الداعية المؤمن نحو كل النساء.
وقفة
[78] ﴿هَـٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ الأمة التي تعرقل سبل الزواج عليها أن تستعد لطوفان الشذوذ.
وقفة
[78] ﴿هَـٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ العلاج الأمثل لمشكلة الشباب مع الشهوة ومغرياتها هو بالزواج.
وقفة
[78] ﴿هَـٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ )هؤلاء بناتي :(شعور الداعية المؤمن نحو كل النساء.
لمسة
[78] ﴿أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ ليست ألف (أطهر) للتفضيل حتى يتوهم أن نكاح الرجال طهارة، بل هو كقولك: الله أكبر وأعلى وأجل، وإن لم يكن تفضيل، وهذا جائز شائع في كلام العرب.
وقفة
[78] الكثرة ليست معيارًا للحق، فكم من أقوام في غيهم يعمهون لا تجد فيهم رشيدًا! كما قال لوط لقومه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾.
وقفة
[78] ﴿وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي﴾ الضيافة جوار عند رب المنزل، فإذا لحقت الضيف إهانة كانت عارًا على رب المنزل.
اسقاط
[78] ﴿فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ [69]، ﴿وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي﴾، ليس إكرام الضيف من العادات والتقاليد؛ وإنما هي سجايا الأنبياء.
وقفة
[78] ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ أي: شديد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والرشد والرشاد: الهدى والاستقامة.
وقفة
[78] ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ للإشارة إلى أن إدمان الفواحش كما أنه يضعف الدين فهو أيضًا يذهب المروءة ويضعف العقل ورشده.
تفاعل
[78] ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ إذا أُدمِنت الفواحش والمنكرات؛ فُقِد الرشد وغاب العقل والدين والأخلاق، سل الله السلامة.
عمل
[78] ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ بين الجموع المعتمة؛ فتش عن بارق ضوء.
وقفة
[78] ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ ليست القضية في ندرة الرجال؛ بل في الرجال النوادر.
لمسة
[78] الاستفهام في: ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ إنكار وتوبيخ؛ لأنَّ إهانة الضيف سُبَّة لا يفعلها إلَّا أهل السفاهة.
وقفة
[78] من تأمل قوله تعالى في خطاب لوط لقومه: ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾؛ أدرك إن إدمان الفواحش كما أنه يضعف الدين فهو في أحيان كثيرة يذهب مروءة الإنسان، ويقضي على ما بقي فيه من أخلاق ورشد.
لمسة
[78] لماذا قال: ﴿أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾، وليس (فيكم)؟ الجواب: (مِنكُمْ) يعني بعضكم، من القوم، أما (فيكم) ظرفية فقد يدخل فيهم من ليس منهم، قد يكون من خارج القوم، والكلام عن القوم تحديدًا، أليس منكم أيها القوم؟

الإعراب :

  • ﴿ وجاءه قومه:
  • الواو استئنافية. جاءه: فعل ماضٍ مبني على الفتح والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. قومه: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ يهرعون إليه:
  • الجملة: في محل نصب حال. يهرعون: فعل مضارع لازم مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى \"يسرعون\" وقد أعرب الفعل لازماً لأنه من الأفعال التي سمعت عن العرب ببنائها للمجهول نحو: هُرع زكم .. دُهش .. الخ. أما إذا كان المعنى \"يُساقون إليه كأنهم يدفعون دفعًا ففي هذا المعنى يكون مبنيًا للمجهول والواو في محل رفع نائب فاعل. بمعنى يستحثون إليه كأنهم يحث بعضهم بعضًا. إليه: جار ومجرور متعلق بيهرعون.
  • ﴿ ومن قبل:
  • الواو اعتراضية وما بعدها: جملة اعتراضية لا محل لها ويجوز أن تكون الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حالًا. من: حرف جر. قبل اسم مبني على الضم في محل جر بمن. التقدير: ومن قبل ذلك الوقت وبحدف المضاف إليه بني الاسم على الضم لانقطاعه عن الإضافة والجار والمجرور متعلق بكانوا.
  • ﴿ كانوا يعملون السيئات:
  • كانوا: فعل ماضٍ ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم \"كان\" والألف فارقة. يعملون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. السيئات: مفعول: به منصوب بالكسرة بدلًا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. وجملة \"يعملون السيئات\" في محل نصب خبر\"كان\".
  • ﴿ قال يا قوم:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. يا: أداة نداء. قوم: منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة. الياء: ضمير متصل في محل جر بالإضافة والكسرة دالة عليه.
  • ﴿ هؤلاء بناتي:
  • الجملة وما تلاها: في محل نصب مفعول به -مقول القول- هؤلاء: اسم إشارة مبني عاى الكسر في محل رفع مبتدأ. بناتي: بدل من \"هؤلاء\" مرفوع مثلها وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وقد حذفت ياء \"يا قوم\" اختصارًا.
  • ﴿ هنَّ أطهر لم:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر \"هؤلاء\". هنَّ: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ و \"أطهر\" خبر \"هنَّ\" مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف -التنوين- على وزن \"أفعل\" أي صيغة تفضيل. لكم: جار ومجرور متعلق بأطهر والميم علامة جمع الذكور. والأصوب إعراب \"هؤلاء بناتي\" مبتدأ وخبرًا وكذلك \"هن أطهر لكم\".
  • ﴿ فاتقوا الله:
  • الفاء: استئنافية. اتقوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ ولا تخزونِ في ضيفي:
  • الواو استئنافية. لا: ناهية جازمة. تخزون: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه: حذف النون. النون نون الوقاية والكسرة دالة على الياء المحذوفة اختصارًا وهي ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في ضيفي: جار ومجرور متعلق بتخزونِ. أي في ضيوفي في والكلمة يستوي فيها المفرد والجمع والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ أليس منكم:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. ليس: فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح. منكم: جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر \"ليس\" مقدم. والميم علامة الذكور.
  • ﴿ رجل رشيد:
  • رجل: اسم \"ليس\" مؤخر مرفوع بالضمة. رشيد: صفة -نعت- لرجل مرفوعة بالضمة أيضًا. '

المتشابهات :

هود: 78﴿قَالَ يَا قَوْمِ هَـٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ
الحجر: 71﴿قَالَ هَـٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     ر
﴿ وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يهرعون:
1- يهرعون، مبنيا للمفعول، من «أهرع» أي: يهرعهم الطمع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يهرعون، بفتح الياء، من «هرع» ، وهى قراءة فرقة.
أطهر:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنصب، وهى قراءة الحسن، وزيد بن على، وعيسى بن عمر، وسعيد بن جبير، ومحمد بن مروان السعدي وقال سيبويه: هو لحن.

مدارسة الآية : [79] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا ..

التفسير :

[79] قال قوم لوط له:لقد علمتَ من قبلُ أنه ليس لنا في النساء من حاجة أو رغبة، وإنك لتعلم ما نريد، أي لا نريد إلا الرجال ولا رغبة لنا في نكاح النساء.

فـ{ قَالُوا} له:{ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} أي:لا نريد إلا الرجال، ولا لنا رغبة في النساء.

أى: قال قوم لوط له بسفاهة ووقاحة: لقد علمت يا لوط علما لا شك معه، أننا لا رغبة لنا في النساء، لا عن طريق الزواج ولا عن أى طريق آخر، فالمراد بالحق هنا: الرغبة والشهوة.

قال الشوكانى: قوله ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ أى: ما لنا فيهن من شهوة ولا حاجة، لأن من احتاج إلى شيء فكأنه حصل له فيه نوع حق، ومعنى ما نسبوه إليه من العلم أنه قد علم منهم المكالبة على إتيان الذكور وشدة الشهوة إليهم، فهم من هذه الحيثية كأنهم لا حاجة لهم إلى النساء. ويمكن أن يريدوا: أنه لا حق لنا في نكاحهن ... » .

وقولهم: وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ إشارة خبيثة منهم إلى العمل الخبيث الذي ألفوه، وهو إتيان الذكور دون النساء أى: وإنك لتعلم علما يقينيا الشيء الذي نريده فلماذا ترجعنا؟! وقولهم هذا الذي حكته الآية الكريمة عنهم، يدل دلالة واضحة على أنهم قد بلغوا النهاية في الخبث والوقاحة وتبلد الشعور..

لذا رد عليهم لوط- عليه السلام- رد اليائس من ارعوائهم عن غيهم، المتمنى لوجود قوة إلى جانبه تردعهم وتكف فجورهم ... قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ.

( قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق ) أي : إنك تعلم أن نساءنا لا أرب لنا فيهن ولا نشتهيهن ، ( وإنك لتعلم ما نريد ) أي : ليس لنا غرض إلا في الذكور ، وأنت تعلم ذلك ، فأي حاجة في تكرار القول علينا في ذلك ؟

قال السدي : ( وإنك لتعلم ما نريد ) إنما نريد الرجال .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قال قوم لوط للوط: (لقد علمت) ، يا لوط (ما لنا في بناتك من حق) ، لأنهن لَسْنَ لنا أزواجًا، (34) كما:-

18385- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق) ، أي من أزواج ، (وإنك لتعلم ما نريد).

* * *

وقوله: (وإنك لتعلم ما نريد) ، يقول: قالوا: وإنك يا لوط لتعلم أنَّ حاجتنا في غير بناتك، وأن الذي نُريد هو ما تنهانَا عنه.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* * *

*ذكر من قال ذلك :

18386- حدثني موسى قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط، عن السدي : (وإنك لتعلم ما نريد) ، إنا نريد الرجال.

18387- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وإنك لتعلم ما نريد) ، أي : إن بغيتنا لغير ذلك. فلما لم يتناهوا، ولم يردَّهم قوله، ولم يقبلوا منه شيئًا مما عرض عليهم من أمور بناته، قال : لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ .

--------------------

(34) في المطبوعة والمخطوطة : " ليس لنا أزواجا " ، والصواب ما أثبت .

المعاني :

مِنْ حَقٍّ :       مِنْ حَاجَةٍ، أَوْ رَغْبَةٍ السراج
من حقّ :       من حاجة و أَرَب معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[79] ﴿قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ بيان فظاعة وقبح عمل قوم لوط.
وقفة
[79] ﴿قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ سمَّوا إتيان الرجال حقًا! ألا ما أقبح انتكاس الفطرة وتبجح المنتكسين!

الإعراب :

  • ﴿ قالوا لقد:
  • قالوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لقد: اللام للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. والجملة \"لقد وما بعدها\" في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ علمت ما لنا:
  • علمت: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. ما: نافية لا عمل لها. لنا: جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم.
  • ﴿ في بناتك من حق:
  • جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من \"حق\" والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. من: حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. حق: اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًا لأنه مبتدأ مؤخر. والجملة الاسمية في محل نصب سدّت مسدّ مفعولي علمت.
  • ﴿ وإنّك لتعلم:
  • الواو: استئنافية. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب اسم \"إن\" اللام لام التوكيد -المزحلقة-. تعلم. فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. وجملة \"لتعلم وما بعدها\" في محل رفع خبر \"إن\".
  • ﴿ ما نريد:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به لتعليم أو لنريد لأن الاسم تنازعه عاملان وإنْ كان الأصح أن يكون العامل والسابق له وهو \"تعلم\". نريد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. وجملة \"نريد\" صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير ما نريده. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     ولمَّا حاولَ لوطٌ عليه السلام نصح قومَه؛ رفضوا النصيحة وردوا في وقاحة: لا رغبة لنا في النساء، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [80] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ ..

التفسير :

[80] قال لهم حين أبَوْا إلا فعل الفاحشة:لو أن لي بكم قوة وأنصاراً معي، أو أركَن إلى عشيرة تمنعني منكم، لَحُلْتُ بينكم وبين ما تريدون.

فاشتد قلق لوط عليه الصلاة والسلام، و{ قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} كقبيلة مانعة، لمنعتكم.

وهذا بحسب الأسباب المحسوسة، وإلا فإنه يأوي إلى أقوى الأركان وهو الله، الذي لا يقوم لقوته أحد، ولهذا لما بلغ الأمر منتهاه واشتد الكرب.

والقوة: ما يتقوى به الإنسان على غيره.

وآوى: أى ألجأ وأنضوى تقول: أويت إلى فلان فأنا آوى إليه أويّا أى: انضممت إليه.

والركن في الأصل: القطعة من البيت أو الجبل، والمراد به هنا الشخص القوى الذي يلجأ إليه غيره لينتصر به ...

ولو شرطية وجوابها محذوف، والتقدير: قال لوط- عليه السلام- بعد أن رأى من قومه الاستمرار في غيهم، ولم يقدر على دفعهم- على سبيل التفجع والتحسر: لو أن معى قوة أدفعكم بها لبطشت بكم.

ويجوز أن تكون لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب أى: ليت معى قوة أستطيع بمناصرتها لي دفع شركم.

وقوله أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ معطوف على ما قبله، أو ليتني أستطيع أن أجد شخصا قويا من ذوى المنعة والسلطان أحتمى به منكم ومن تهديدكم لي ...

قالوا: وإنما قال لوط- عليه السلام- ذلك لأنه كان غريبا عنهم، ولم يكن له نسب أو عشيرة فيهم.

يقول تعالى مخبرا عن نبيه لوط ، عليه السلام : إن لوطا توعدهم بقوله : ( لو أن لي بكم قوة [ أو آوي إلى ركن شديد ] ) أي : لكنت نكلت بكم وفعلت بكم الأفاعيل [ من العذاب والنقمة وإحلال البأس بكم ] بنفسي وعشيرتي ، ولهذا ورد في الحديث ، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " رحمة الله على لوط ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد - يعني : الله عز وجل - فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه " .

[ وروي من حديث الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا ومن حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به ، ومن حديث ابن لهيعة عن أبي يونس سمع أبا هريرة به وأرسله الحسن وقتادة ] .

فعند ذلك أخبرته الملائكة أنهم رسل الله إليه ، و [ وبشروه ] أنهم لا وصول لهم إليه [ ولا خلوص ]

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قال لوط لقومه حين أبوا إلا المضي لما قد جاؤوا له من طلب الفاحشة ، وأيس من أن يستجيبوا له إلى شيء مما عرض عليهم: (لو أن لي بكم قوة) ، بأنصار تنصرني عليكم وأعوان تعينني ، (أو آوي إلى ركن شديد) ، يقول: أو أنضم إلى عشيرة مانعة تمنعني منكم، (35) لحلت بينكم وبين ما جئتم تريدونه منِّي في أضيافي ، وحذف جواب " لو " لدلالة الكلام عليه، وأن معناه مفهوم.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك :

18388- حدثني موسى قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط، عن السدي: قال لوط: (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) ، يقول: إلى جُنْد شديد ، لقاتلتكم.

18389- حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: (أو آوي إلى ركن شديد) ، قال: العشيرة.

18390- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: (إلى ركن شديد)، قال: العشيرة.

18391- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن: (أو آوي إلى ركن شديد) ، قال: إلى ركن من الناس.

18392- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال قوله: (أو آوي إلى ركن شديد) ، قال: بلغنا أنه لم يبعث نبيٌّ بعد لوط إلا في ثَرْوَة من قومه ، حتى النبي صلى الله عليه وسلم.

18393- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) ، أي : عشيرة تمنعني أو شيعة تنصرني، لحلت بينكم وبين هذا.

18394- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) قال: يعني به العشيرة.

18395- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي، عن عوف، عن الحسن: أن هذه الآية لما نـزلت: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) ، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحم الله لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد‍ !

18396- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا جابر بن نوح، عن مبارك، عن الحسن قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله أخي لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، فلأيّ شيء استكان !

18397- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا عبدة وعبد الرحيم، عن محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحمة الله على لوط ، إن كان ليأوي إلى ركن شديد، إذ قال لقومه: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد)، ما بعث الله بعدَه من نبيّ إلا في ثَرْوة من قومه ، قال محمد: و " الثروة "، الكثرة والمنعة. (36)

18398- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا محمد بن كثير قال ، حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله.

18399- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني سليمان بن بلال، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله.

18400- حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري قال ، حدثنا سعيد بن تليد قال ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال، حدثني بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب الزهري قال، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد. (37)

18401- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال، فذكر مثله.

18402- حدثني المثني قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله: (أو آوي إلى ركن شديد) ، قد كان يأوي إلى ركن شديد ، يعني الله تبارك وتعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما بَعثَ الله بعده من نبيّ إلا في ثَرْوة من قومه. (38)

18403- حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا محمد بن حرب قال ، حدثنا بن لهيعة، عن أبي يونس، سمع أبا هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد . (39)

18404-. . . . قال، حدثنا ابن أبي مريم سعيد بن عبد الحكم قال ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (40)

18405- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، ذكر لنا أنَّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية ، أو : أتى على هذه الآية ، قال: رحم الله لوطًا، إن كان ليأوي إلى ركن شديد! ، وذكر لنا أن الله تعالى لم يبعث نبيًّا بعد لوط عليه السلام إلا في ثَرْوة من قومه، حتى بعث الله نبيكم في ثروة من قومه.

* * *

يقال: من (آوي إلى ركن شديد)، " أويت إليك "، فأنا آوي إليك أوْيًا " ، بمعنى : صرت إليك وانضممت، (41) كما قال الراجز: (42)

يَــأْوِي إِلَـى رُكْـنٍ مِـنَ الأَرْكَـانِ

فِــي عَــدَدَ طَيْسٍ وَمجْــدٍ بَـانِ (43)

* * *

وقيل: إن لوطًا لما قال هذه المقالة ، وَجَدَت الرسلُ عليه لذلك.

18406- حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد، أنه سمع وهب بن منبه يقول: قال لوط: (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) ، فوجد عليه الرسلُ وقالوا: إنَّ ركنَك لشديد! (44)

---------------------

الهوامش :

(35) انظر تفسير " أوى " فيما سلف ص : 331 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك ، ثم انظر ما سيأتي ص : 422 .

(36) الأثر : 18397 - حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، رواه من أربع طرق ، من رقم : 18397 - 18399 ، ثم رقم : 18402 ." ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي " ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا ." وأبو سلمة بن عبد الرحمن " ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا . وهذا حديث صحيح ، وخرجه الحاكم في المستدرك 2 : 561 ، وقال : " هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه بهذه الزيادة ، وإنما اتفق على حديث الزهري عن سعيد ، وأبي عبيدة ، عن أبي هريرة مختصرًا " .

(37) الأثر : 18400 - حديث ابن شهاب الزهري ، عن أبي سلمة ، وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، رواه من طريقين ، هذا ورقم : 18401 .

"زكريا بن يحيى بن أبان المصري " ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 5973 ، 12807 ، وانظر التعليق عليه في الموضوعين ." وسعيد بن تليد " ، هو :" سعيد بن عيسى بن تليد المصري " ثقة ، مضى برقم : 5973 . " وعبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقي " ، ثقة ، مضى برقم : 5973 ." وبكر بن مضر المصري " ، ثقة ، مضى برقم " : 2031 ، 4633 ، 5897 ، 5973 . " وعمرو بن الحارث بن يعقوب المصري " ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا كثيرة . " ويونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي " ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا كثيرة . وهذا إسناد صحيح أيضًا .

(38) الأثر : 18402 - انظر تخريج الأثر رقم : 18397 .

(39) الأثر : 18403 - " أبو يونس " ، هو " سليم بن جبير الدوسي المصري " ، مولى أبي هريرة ، ثقة ، سلف برقم : 6889 . و " ابن لهيعة " ، مضى مرارًا ، ذكر من يضعفه ، ومن يوثقه .

(40) الأثر : 18404 - هذا إسناد صحيح ، ومن هذه الطريق ، رواه البخاري في صحيحه ( الفتح 6 : 297 ) .

(41) انظر تفسير " أوى " فيما سلف ص : 418 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك ، وهذه زيادة في البيان لم يسبق مثلها .

(42) لم أعرف قائله .

(43) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 294 ، و " عدد طيس " ، كثير .

(44) الأثر : 18406 - جزء من خبر طويل رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 156 ، 157 ، وسيأتي برقم : 18415 .

المعاني :

آوي إلى ركن :       أنضمّ إلى قويّ أنتصر به عليكم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[80] ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ الحق الأعزل بلا قوة لا تأثير له ولو كان صاحبه نبيًّا، فلا بد للحق من قوة تحميه.
وقفة
[80] ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ هذا حال المؤمن إذا رأى منكرًا لا يقدر على إزالته أن يتحسر على فقدان القوة أو المعين على دفعه.
وقفة
[80] ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً﴾ قرار التغيير قائم على القدرة والقوة وليس الأغلبية، لو كان للوط قوة لأرغمهم على ترك الفاحشة.
وقفة
[80] قد يصبح الحق أعزل من القوة، ولذا قال لوط: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾، وقالوا لشعيب: ﴿وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا﴾ [91]، والتكليف بقدر الوسع والطاقة.

الإعراب :

  • ﴿ قال لو انّ لي:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. لو: حرف شرط غير جازم. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. لي: جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر \"أنّ\" مقدم. وجواب \"لو\" محذوف تقديره: لدفعتكم عني. أو لفعلت بكم وصنعت. والجواب المقدر جواب يشرط غير جازم لا محل له.
  • ﴿ بكم قوة:
  • جار ومجرور متعلق بقوة والميم علامة جمع الذكور. قوة: اسم \"أنّ\" مؤخر منصوب بالفتحة.
  • ﴿ أو آوي:
  • أو: حرف عطف للتخيير. آوى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. بمعنى: لو قويت بنفسي على دفعكم أو التجيء إلى رجل قوي أتمنع به منكم شبهه بركن الجبل في شدته.
  • ﴿ إلى ركن شديد:
  • جار ومجرور متعلق بآوي. شديد: صفة -نعت- لركن مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     ولمَّا رأى لوطٌ عليه السلام تصميمهم على الفاحشة؛ تمنى لو وجدَ قوة وأنصارًا أو عشيرة تُعينه على ردهم، قال تعالى:
﴿ قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أو آوى:
وقرئ:
بنصب الياء على إضمار «أن» بعد «أو» ، وهى قراءة شيبة، وأبى جعفر.

مدارسة الآية : [81] :هود     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ ..

التفسير :

[81] قالت الملائكة:يا لوط إنَّا رسل ربك أرْسَلَنا لإهلاك قومك، وإنهم لن يصلوا إليك، فاخرج من هذه القرية أنت وأهلك ببقية من الليل، ولا يلتفت منكم أحد وراءه؛ لئلا يرى العذاب فيصيبه، لكنَّ امرأتك التي خانتك بالكفر والنفاق سيصيبها ما أصاب قومك من الهلاك، إن

{ قَالُوا} له:{ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ} أي:أخبروه بحالهم ليطمئن قلبه،{ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} بسوء.

ثم قال جبريل بجناحه، فطمس أعينهم، فانطلقوا يتوعدون لوطا بمجيء الصبح، وأمر الملائكة لوطا، أن يسري بأهله{ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} أي:بجانب منه قبل الفجر بكثير، ليتمكنوا من البعد عن قريتهم.

{ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} أي:بادروا بالخروج، وليكن همكم النجاة ولا تلتفتوا إلى ما وراءكم.

{ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا} من العذاب{ مَا أَصَابَهُمُ} لأنها تشارك قومها في الإثم، فتدلهم على أضياف لوط، إذا نزل به أضياف.

{ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} فكأن لوطا، استعجل ذلك، فقيل له:{ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}

وهنا- وبعد أن بلغ الضيق بلوط ما بلغ- كشف له الملائكة عن حقيقتهم، وبشروه بما يدخل الطمأنينة على قلبه قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ أى: إنا رسل ربك أرسلنا إليك لنخبرك بهلاكهم، فاطمئن فإنهم لن يصلوا إليك بسوء في نفسك أو فينا.

روى أن الملائكة لما رأوا ما لقيه لوط- عليه السلام- من الهم والكرب بسببهم قالوا له: يا لوط إن ركنك لشديد ... ثم ضربهم جبريل بجناحه فطمس أعينهم، فارتدوا على أدبارهم يقولون النجاء، وإليه الإشارة بقوله- تعالى- في سورة القمر: وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ، فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ.

وقوله: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ أى: فاخرج من هذه القرية مصحوبا بالمؤمنين من أهلك في جزء من الليل يكفى لابتعادك عن هؤلاء المجرمين.

قال القرطبي: قرئ «فاسر وفأسر بوصل الهمزة وقطعها لغتان فصيحتان. قال- تعالى- وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ وقال سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ ... وقيل «فأسر» بالقطع تقال لمن سار من أول الليل.. وسرى لمن سار في آخره، ولا يقال في النهار إلا سار ... » .

وقوله: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ ... معطوف على ما قبله وهو قوله: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ....

أى: فأسر بأهلك في جزء من الليل، ولا يلتفت منكم أحد إلى ما وراءه، اتقاء لرؤية العذاب، إِلَّا امْرَأَتَكَ يا لوط فاتركها ولا تأخذها معك لأنها كافرة خائنة، ولأنها سيصيبها العذاب الذي سينزل بهؤلاء المجرمين. فيهلكها معهم.

قال الإمام الرازي ما ملخصه: قوله إِلَّا امْرَأَتَكَ قرأ ابن كثير وأبو عمرو إِلَّا امْرَأَتَكَ بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب.

قال الواحدي: من نصب فقد جعلها مستثناة من الأهل، على معنى: فأسر بأهلك إلا امرأتك أى فلا تأخذها معك ...

وأما الذين رفعوا فالتقدير: ولا يلتفت منكم أحد لكن امرأتك تلتفت فيصيبها ما أصابهم.

روى عن قتادة أنه قال: إنها كانت مع لوط حين خرج من القرية، فلما سمعت العذاب التفتت وقالت وا قوماه فأصابها حجر فأهلكها» .

وقوله- سبحانه- إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ بشارة أخرى للوط- عليه السلام- الذي تمنى النصرة على قومه.

أى: إن موعد هلاك هؤلاء المجرمين يبتدئ من طلوع الفجر وينتهى مع طلوع الشمس، أليس الصبح بقريب من هذا الوقت الذي نحدثك فيه؟

قال- تعالى- في سورة الحجر: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ أى: وهم داخلون في وقت الشروق. فكان ابتداء العذاب عند طلوع الصبح وانتهاؤه وقت الشروق.

والجملة الكريمة إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ... كالتعليل للأمر بالإسراء بأهله بسرعة، أو جواب عما جاش بصدره من استعجاله العذاب لهؤلاء المجرمين.

والاستفهام في قوله- سبحانه- أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ للتقرير أى: بلى إنه لقريب.

قال الآلوسى: روى أنه- عليه السلام- سأل الملائكة عن موعد هلاك قومه فقالوا له موعدهم الصبح. فقال: أريد أسرع من ذلك. فقالوا له أليس الصبح بقريب. ولعله إنما جعل ميقات هلاكهم الصبح لأنه وقت الدعة والراحة فيكون حلول العذاب حينئذ أفظع، ولأنه أنسب بكون ذلك عبرة للناظرين .

( قالوا يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ) وأمروه أن يسري بأهله من آخر الليل ، وأن يتبع أدبارهم ، أي : يكون ساقة لأهله ، ( ولا يلتفت منكم أحد ) أي : إذا سمعت ما نزل بهم ، ولا تهولنكم تلك الأصوات المزعجة ، ولكن استمروا ذاهبين [ كما أنتم ] .

( إلا امرأتك ) قال الأكثرون : هو استثناء من المثبت وهو قوله : ( فأسر بأهلك ) تقديره ( إلا امرأتك ) وكذلك قرأها ابن مسعود ونصب هؤلاء امرأتك; لأنه من مثبت ، فوجب نصبه عندهم .

وقال آخرون من القراء والنحاة : هو استثناء من قوله : ( ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك ) فجوزوا الرفع والنصب ، وذكر هؤلاء [ وغيرهم من الإسرائيليات ] أنها خرجت معهم ، وأنها لما سمعت الوجبة التفتت وقالت واقوماه . فجاءها حجر من السماء فقتلها .

ثم قربوا له هلاك قومه تبشيرا له; لأنه قال لهم : " أهلكوهم الساعة " ، فقالوا : ( إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ) هذا وقوم لوط وقوف على الباب وعكوف قد جاءوا يهرعون إليه من كل جانب ، ولوط واقف على الباب يدافعهم ويردعهم وينهاهم عما هم فيه ، وهم لا يقبلون منه ، بل يتوعدونه ، فعند ذلك خرج عليهم جبريل ، عليه السلام ، فضرب وجوههم بجناحه ، فطمس أعينهم ، فرجعوا وهم لا يهتدون الطريق ، كما قال تعالى : ( ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر [ ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر ] ) [ القمر : 37 - 39 ] .

وقال معمر ، عن قتادة ، عن حذيفة بن اليمان قال : كان إبراهيم - عليه السلام - يأتي قوم لوط ، فيقول : أنهاكم الله أن تعرضوا لعقوبته ؟ فلم يطيعوه ، حتى إذا بلغ الكتاب أجله [ لمحل عذابهم وسطوات الرب بهم قال ] انتهت الملائكة إلى لوط وهو يعمل في أرض له ، فدعاهم إلى الضيافة فقالوا : إنا ضيوفك الليلة ، وكان الله قد عهد إلى جبريل ألا يعذبهم حتى يشهد عليهم لوط ثلاث شهادات فلما توجه بهم لوط إلى الضيافة ، ذكر ما يعمل قومه من الشر [ والدواهي العظام ] ، فمشى معهم ساعة ، ثم التفت إليهم فقال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ ما أعلم على وجه الأرض شرا منهم . أين أذهب بكم ؟ إلى قومي وهم [ من ] أشر خلق الله ، فالتفت جبريل إلى الملائكة فقال : احفظوها هذه واحدة . ثم مشى معهم ساعة ، فلما توسط القرية وأشفق عليهم واستحيا منهم قال : أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ ما أعلم على وجه الأرض أشر منهم ، إن قومي أشر خلق الله . فالتفت جبريل إلى الملائكة فقال : احفظوا ، هاتان اثنتان ، فلما انتهى إلى باب الدار بكى حياء منهم وشفقة عليهم فقال إن قومي أشر من خلق الله ؟ أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية ؟ ما أعلم على وجه الأرض أهل قرية شرا منهم . فقال جبريل للملائكة : احفظوا ، هذه ثلاث ، قد حق العذاب . فلما دخلوا ذهبت عجوز السوء فصعدت فلوحت بثوبها ، فأتاها الفساق يهرعون سراعا ، قالوا : ما عندك ؟ قالت : ضيف لوط قوما ما رأيت قط أحسن وجوها منهم ، ولا أطيب ريحا منهم . فهرعوا يسارعون إلى الباب ، فعالجهم لوط على الباب ، فدافعوه طويلا هو داخل وهم خارج ، يناشدهم الله ويقول : ( هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ) فقام الملك فلز بالباب - يقول فسده - واستأذن جبريل في عقوبتهم ، فأذن الله له ، فقام في الصورة التي يكون فيها في السماء ، فنشر جناحه . ولجبريل جناحان ، وعليه وشاح من در منظوم ، وهو براق الثنايا ، أجلى الجبين ، ورأسه حبك حبك مثل المرجان وهو اللؤلؤ ، كأنه الثلج ، ورجلاه إلى الخضرة . فقال يا لوط : ( إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ) امض يا لوط عن الباب ودعني وإياهم ، فتنحى لوط عن الباب ، فخرج إليهم ، فنشر جناحه ، فضرب به وجوههم ضربة شدخ أعينهم ، فصاروا عميا لا يعرفون الطريق [ ولا يهتدون بيوتهم ] ثم أمر لوط فاحتمل بأهله في ليلته قال : ( فأسر بأهلك بقطع من الليل ) .

وروي عن محمد بن كعب [ القرظي ] وقتادة ، والسدي نحو هذا .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت الملائكة للوط، لما قال لوط لقومه لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، ورأوا ما لقي من الكرب بسببهم منهم: (يا لوط إنا رسل ربك) ، أرسلنا لإهلاكهم، وإنهم لن يصلوا إليك وإلى ضيفك بمكروه، فهوّن عليك الأمر ، (فأسر بأهلك بقطع من الليل) ، يقول: فاخرج من بين أظهرهم أنت وأهلك ببقية من الليل. (45)

* * *

يقال منه: " أسرى " و " سرى "، وذلك إذا سار بليل ، (ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك).

* * *

واختلفت القراءة في قراءة قوله: (فأسر) .

فقرأ ذلك عامة قراء المكيين والمدنيين: " فَاسْرِ"، وصلٌ بغير همز الألف ، من " سرى ".

* * *

وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة والبصرة: (فَأَسْرِ) بهمز الألف ، من " أسرى " .

* * *

قال أبو جعفر: والقول عندي في ذلك أنهما قراءتان، قد قرأ بكل واحدة منهما أهل قدوة في القراءة، وهما لغتان مشهورتان في العرب ، معناهما واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصوابَ في ذلك.

* * *

وأما قوله: (إلا امرأتك) ، فإن عامَّة القراء من الحجاز والكوفة، وبعض أهل البصرة، قرأوا بالنصب (إلا امْرَأَتَكَ) ، بتأويل: فأسر بأهلك إلا امرأتك، وعلى أن لوطًا أمر أن يسري بأهله سوى زوجته، فإنه نهي أن يسري بها، وأمر بتخليفها مع قومها.

* * *

وقرأ ذلك بعض البصريين: (إلا امْرَأَتُكَ) ، رفعًا ، بمعنى: ولا يلتفت منكم أحد ، إلا امرأتك ، فإن لوطًا قد أخرجها معه، وإنه نهي لوط ومن معه ممن أسرى معه أن يلتفت سوى زوجته، وأنها التفتت فهلكت لذلك.

* * *

وقوله: (إنه مصيبها ما أصابهم) ، يقول: إنه مصيب امرأتك ما أصاب قومك من العذاب ، (إن موعدهم الصبح) ، يقول: إن موعد قومك الهلاك الصبح. فاستبطأ ذلك منهم لوط وقال لهم: بلى عجِّلوا لهم الهلاك ! فقالوا: (أليس الصبح بقريب) أي عند الصبح نـزولُ العذاب بهم، كما:-

18407- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (أليس الصبح بقريب) ، أي : إنما ينـزل بهم من صبح ليلتك هذه، فامض لما تؤمر.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك :-

18408- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: فمضت الرُّسُل من عند إبراهيم إلى لوط، فلما أتوا لوطًا، وكان من أمرهم ما ذكر الله، قال جبريل للوط: يا لوط ، إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين ، فقال لهم لوط: أهلكوهم الساعة ! فقال له جبريل عليه السلام: (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) ؟ فأنـزلت على لوط: (أليس الصبح بقريب) ، قال: فأمره أن يسري بأهله بقطع من الليل، ولا يلتفت منهم أحد إلا امرأته، قال: فسار، فلما كانت الساعة التي أهلكوا فيها ، أدخل جبريل جناحَه فرفعها ، حتى سمع أهلُ السماء صياح الديكة ونباحَ الكلاب، فجعل عاليها سافلَها، وأمطر عليها حجارة من سجِّيل. قال: وسمعت امرأة لوط الهَدَّة، فقالت: واقوماه ! فأدركها حَجَرٌ فقتَلها. (46)

18409- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يعقوب، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية قال: كان لوط أخذ على امرأته أن لا تذيع شيئًا من سرّ أضيافه. قال: فلما دخل عليه جبريل ومن معه، رأتهم في صورة لم تر مثلها قطُّ ، فانطلقت تسعى إلى قومها، فأتت النادي فقالتْ بيدها هكذا، وأقبلوا يهرعون مشيا بين الهرولة والجمز، فلما انتهوا إلى لوط ، قال لهم لوطٌ ما قال الله في كتابه. قال جبريل: (يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك) ، قال: فقال بيده، (47) فطمس أعينهم، فجعلوا يطلبونهم، يلمسون الحيطان وهم لا يبصرون. (48)

18410- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن حذيفة قال: لما بَصُرت بهم ، يعني بالرسل ، عجوزُ السَّوء امرأتُه، انطلقت فأنذرتهم، فقالت: قد تضيَّف لوطًا قوم، (49) ما رأيت قومًا أحسن وجوهًا ! ، قال: ولا أعلمه إلا قالت: ولا أشد بياضًا وأطيبَ ريحًا ! قال: فأتوه يُهْرعون إليه، كما قال الله، فأصْفق لوط البابَ. قال: فجعلوا يعالجونه. قال: فاستأذن جبريل ربَّه في عقوبتهم، فأذن له، فصفقهم بجناحه، فتركهم عميانًا يتردَّدون في أخبث ليلة أتت عليهم قطُّ . (50)

فأخبروه : (إنا رسل ربك فأسر بأهلك بقطع من الليل) ، قال: ولقد ذكر لنا أنه كانت مع لوط حين خرج من القرية امرأته، ثم سمعت الصوت، فالتفتت، وأرسل الله عليها حجرًا فأهلكها. وقوله: (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) ، فأراد نبيُّ الله ما هو أعجل من ذلك، فقالوا : (أليس الصبح بقريب )؟ (51)

18411- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا الحكم بن بشير قال ، حدثنا عمرو بن قيس الملائي، عن سعيد بن بشير، عن قتادة قال: انطلقت امرأته ، يعني امرأة لوط ، حين رأتهم ، يعني حين رأت الرسل ، إلى قومها فقالت: إنه قد ضافه الليلة قوم ما رأيت مثلَهم قط، أحسنَ وجوهًا ولا أطيبَ ريحًا ! فجاؤوا يُهرعون إليه، فبادرهم لوط إلى أن يزحمهم على الباب، (52) فقال: هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ، فقالوا: أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ، (53) فدخلوا على الملائكة، فتناولتهم الملائكة وطمست أعينهم، فقالوا: يا لوط جئتنا بقوم سحرة سحرونا، كما أنت حتى تصبح ! قال: واحتمل جبريل قَرْيات لوط الأربع، في كل قرية مائة ألف، فرفعهم على جناحه بين السماء والأرض، حتى سمع أهل السماء الدنيا أصواتَ ديكتهم، ثم قلبَهم، فجعل الله عاليها سافَلها. (54)

18412- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: قال حذيفة: لما دخلوا عليه، ذهبت عَجُوزه عجوزُ السوء، فأتت قومها فقالت: لقد تضيَّف لوطًا الليلة قومٌ ما رأيت قومًا قطُّ أحسنَ وجوهًا منهم ! قال: فجاؤوا يسرعون، (55) فعاجلَهم إلى لوط، (56) فقام ملك فلزَّ الباب ، يقول: فسدّه ، واستأذن جبريل في عقوبتهم، فأذن له، فضربهم جبريل بجناحه، فتركهم عميانًا، فباتوا بشرّ ليلة، ثم قالوا (إنا رسل ربك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك) ، قال: فبلغنا أنها سمعت صوتًا، فالتفتت فأصابها حجر، وهى شاذَّة من القوم معلومٌ مكانها. (57)

18413- حدثني الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، عن حذيفة بنحوه، إلا أنه قال: فعاجلهم لوط. (58)

18414- حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط، عن السدي قال، لما قال لوط: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، بسط حينئذ جبريل عليه السلام جناحيه، ففقأ أعينهم، وخرجوا يدوس بعضُهم في أدبار بعض عميانًا يقولون: " النَّجَاءَ النجاء! فإن في بيت لوط أسحرَ قوم في الأرض " ! فذلك قوله: وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ، [سورة القمر: 37] . وقالوا للوط: (إنا رسل ربِّك لن يصلوا إليك فأسرْ بأهْلكَ بقطع منَ اللَّيْل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها)، وَاتبع أدبارَ أهلك (59) ، يقول: سرْ بهم ، وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ، فأخرجهم الله إلى الشام. وقال لوط: أهلكوهم الساعة! فقالوا: إنا لم نؤمر إلا بالصُّبح، أليس الصبح بقريب؟ فلما أن كان السَّحَر ، خرج لوط وأهله معه امرأته، (60) فذلك قوله: إِلا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ، [سورة القمر: 34]. (61)

18415- حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصمد : أنه سمع وهب بن منبه يقول: كانَ أهل سدوم الذين فيهم لوط ، قومًا قد استغنوا عن النساء بالرجال ، فلما رأى الله ذلك [منهم]، (62) بعث الملائكة ليعذبوهم، فأتوا إبراهيم، وكان من أمره وأمرهم ما ذكر الله في كتابه. فلما بشروا سارَة بالولد، قاموا وقام معهم إبراهيم يمشي، قال: أخبروني لم بعثتم ؟ وما خطبكم؟ قالوا: إنا أرسلنا إلى أهل سدوم لندمرها، وإنهم قوم سَوء قد استغنوا بالرجال عن النساء. قال إبراهيم: [أرأيتم] إن كان فيهم خمسون رجلا صالحًا؟ (63) قالوا: إذًا لا نعذبهم! فجعل ينقص حتى قال أهل بَيْت ؟ (64) قالوا: فإن كان فيها بيت صالح! قال: فلوط وأهل بيته؟ قالوا: إن امرأته هَوَاها معهم! فلما يَئس إبراهيم انصرف . ومضوا إلى أهل سدوم، فدخلوا على لوط ، فلما رأتهم امرأته أعجبها حسنهم وجمالهم، فأرسلت إلى أهل القرية إنه قد نـزل بنا قومٌ لم يُرَ قومٌ قطُّ أحسن منهم ولا أجمل ! (65) فتسامعوا بذلك، فغشُوا دار لُوط من كل ناحية وتسوَّروا عليهم الجدران. (66) فلقيهم لوط فقال: يا قوم لا تفضحون في ضيفي، وأنا أزوّجكم بناتي ، فهن أطهر لكم ! فقالوا: لو كنَّا نُريد بناتك ، لقد عرفنا مكانهن! فقال: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ! فوجد عليه الرسل وقالوا: إن ركنك لشديد، وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ! فمسح أحدهم أعينهم بجناحيه، فطمس أبصارَهم فقالوا: سُحِرْنا، انصرفوا بنا حتى نرجع إليه ! فكان من أمرهم ما قد قصَّ الله تعالى في القرآن. (67) فأدخل ميكائيل ، وهو صاحبُ العذاب ، جناحه حتى بلغ أسفل الأرض، فقلبها، ونـزلت حجارة من السماء، فتتبعت من لم يكن منهم في القرية حيث كانُوا، فأهلكهم الله، ونجّى لوطًا وأهله، إلا امرأته. (68)

18416- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، وعن أبي بكر بن عبد الله ، وأبو سفيان، عن معمر ، عن قتادة، عن حذيفة، دخل حديث بعضهم في بعض قال: كان إبراهيم عليه السلام يأتيهم فيقول: ويحكم أنهاكم عن الله أن تعرَّضوا لعقوبته! فلم يطيعوا ، حتى إذا بلغ الكتاب أجلَه ، لمحل عذابهم وسطوات الرّبّ بهم. قال: فانتهت الملائكة إلى لوط وهو يعمل في أرض له، فدعاهم إلى الضيافة، فقالوا: إنَّا مُضيِّفوك الليلة ! وكان الله تعالى عهد إلى جبريل عليه السلام أن لا يُعذبهم حتى يشهد عليهم لوط ثلاث شهادات . فلما توجه بهم لوط إلى الضيافة، ذكر ما يعمل قومه من الشَّرّ والدواهي العظام، فمشى معهم ساعةً، ثم التفت إليهم، فقال: أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرضِ شرًّا منهم! أين أذهب بكم ؟ إلى قومي وهم شرُّ من خَلَقَ الله ! (69) فالتفت جبريل إلى الملائكة فقال: احفظوا هذه واحدة ! ثم مشى ساعةً ، فلما توسَّط القرية وأشفق عليهم واستحيا منهم، قال: أما تعلمون ما يعملُ أهل هذه القرية؟ وما أعلم على وجه الأرض شرًّا منهم، إن قومي شر خلق الله ! فالتفت جبريل إلى الملائكة، فقال: احفظوا ، هاتان ثنتان ! فلما انتهى إلى باب الدار بكَى حياءً منهم وشفقة عليهم ، وقال: إن قومي شرُّ خلق الله، أما تعلمون ما يعمل أهل هذه القرية؟ ما أعلم على وجه الأرض أهل قرية شرا منهم ! فقال جبريل للملائكة: احفظوا هذه ثلاثٌ، قد حُقَّ العذاب! فلما دخلوا ذهبت عجوزُه، عجُوز السَّوء، فصعدت فلوحت بثوبها، فأتاها الفساق يهرعون سراعًا، قالوا: ما عندك؟ قالت: ضيَّف لوطًا الليلة قومٌ ما رأيت أحسنَ وجوهًا منهم ولا أطيب ريحًا منهم ! فهُرِعوا يسارعون إلى الباب، (70) فعاجلهم لوط على الباب، فدافعوه طويلا هو داخل وهم خارج، يناشدهم الله ويقول: هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ، فقام الملك فلزَّ الباب ، يقول: فسَدّه ، واستأذن جبريل في عقوبتهم، فأذن الله له، فقام في الصورة التي يكون فيها في السماء، فنشر جناحه، ولجبريل جناحان، وعليه وشاح من درّ منظوم، وهو براق الثنايا أجلَى الجبين، ورأسه حُبُك، مثل المرجان ، (71) وهو اللؤلؤ، كأنه الثلج، وقدماه إلى الخضرة ، فقال: يا لوط ، (إنَّا رسل ربك لن يصلوا إليك) ، أمِطْ ، يا لوط ، من الباب ودعني وإياهم . (72) فتنحى لوط عن الباب، فخرج عليهم ، فنشر جناحه، فضرب به وجوههم ضربةً شَدَخ أعينهم ، (73) فصاروا عميًا لا يعرفون الطريق ولا يهتدون إلى بيوتهم. ثم أمر لوطًا فاحتمل بأهله من ليلته، قال: (فأسر بأهلك بقطع من الليل).

18417- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما قال لوط لقومه: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، والرسل تسمع ما يقول وما يُقال له ، ويرون ما هو فيه من كرْب ذلك. فلما رأوا ما بلغه قالوا : (يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك) ، أي : بشيء تكرهه ، (فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إنّ موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) ، أي إنما ينـزل بهم العذاب من صبح ليلتك هذه، فامض لما تؤمر.

18418-. . . . قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي أنه حدَّث. أن الرسل عند ذلك سَفَعُوا في وجوه الذين جاؤوا لوطًا من قومه يراودونه عن ضيفه، (74) فرجعوا عميانًا. قال: يقول الله: وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ [سورة القمر: 37].

18419- حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (بقطع من الليل)، قال: بطائفة من الليل.

18420- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (بقطع من الليل)، بطائفة من الليل.

18421- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس قوله: ( بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ) ، قال: جوف الليل ، وقوله: وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ ، يقول: واتبع أدبار أهلك ، ( وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ ) (75) [سورة الحجر: 65] .

وكان مجاهد يقول في ذلك ما:-

18422- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (ولا يلتفت منكم أحد) ، قال: لا ينظر وراءَه أحد ، (إلا امرأتك).

* * *

وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ: ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلَ إلا امْرَأَتَكَ).

* * *

18423- حدثني بذلك أحمد بن يوسف قال ، حدثنا القاسم بن سلام قال ، حدثنا حجاج، عن هارون، قال في حرف ابن مسعود: ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلَ إلا امْرَأَتَكَ).

* * *

قال أبو جعفر: وهذا يدل على صحة القراءة بالنصب.

------------------------

الهوامش:

(45) انظر تفسير " القطع " فيما سلف ص : 76 .

(46) الأثر : 18408 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 155 .

(47) " قال بيده " ، أشار بيده وأومأ .

(48) الأثر : 18409 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 155 .

(49) في المطبوعة فقال " إنه تضيف لوطا " ، وفي المخطوطة : " رب تضيف لوط قوم " ، وهو خطأ من الناسخ لا شك فيه وأثبت ما في التاريخ .

(50) في المطبوعة : " في أخبث ليلة ما أتت عليهم . . . " ، كأنه أراد تصويبها ، فأفسدها . والصواب ما في المخطوطة والتاريخ .

(51) الأثر : 18410 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 155 ، ولم ترد فيه الجملة الأخيرة من الخبر .

(52) في المطبوعة : " يزجهم على الباب " والصواب ما في المخطوطة والتاريخ .

(53) تضمين آيات سورة الحجر : 70 ، 71 .

(54) الأثر : 18411 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 155 ، 156 .

(55) في التاريخ " فجاؤوا يهرعون إليه " .

(56) في المطبوعة : " فعاجلهم لوط " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وأنا في ريب منه ، لأن أبا جعفر لم يرو هذه الجملة في تاريخه ، ولا أدري لم ؟ ولم أشأ أن أغيره ، للخبر الذي يليه ، وهو في التاريخ جمع الإسنادين جميعًا ، وساق هذه الجملة كلها غير هذا السياق .

(57) الأثر : 18412 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 156 ، جمع هذا الإسناد والذي يليه فقال : " . . . حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال حدثنا محمد بن ثور ، وحدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرازق ، جميعًا ، عن معمر . . . ".

(58) الأثر : 18413 - انظر التعليق السالف ، وإن كانت هذه الجملة ، لم ترد في نص روايته في التاريخ .

(59) هذا تضمين للآيات من هذه السورة ، والتي في سورة الحجر : 65 .

(60) في التاريخ : " وأهله معه إلا امرأته " .

(61) الأثر : 18414 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 157 ، مع اختلاف ذكرته آنفا . وذكر إسناده تامًا غير مختصر ، إلى ابن عباس ، وابن مسعود ، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . وهو إسناد دائر في التفسير ، في أوله ، ثم اختصره أبو جعفر بعد .

(62) الزيادة بين القوسين ، من التاريخ .

(63) الزيادة بين القوسين ، من التاريخ .

(64) في المطبوعة والمخطوطة : " أهل البيت " ، والصواب من التاريخ .

(65) في التاريخ : " لم ذر قومًا " .

(66) في التاريخ : " الجدارات " ، وفي المخطوطة : " الجدرات " ، والذي في التاريخ صالح .

(67) في المطبوعة وحدها : " في كتابة " .

(68) الأثر : 18415 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1 : 156 ، 157 ، وانظر التعليق على رقم : 18406 .

(69) في المطبوعة : " شر خلق الله " ، وأثبت ما في المخطوطة .

(70) في المطبوعة : " مسارعين إلى الباب " ، وأثبت ما في المخطوطة .

(71) هكذا في المطبوعة ، بأنه يعني " حبك الشعر " ، وهو الجعد المتكسر منه ، وفي المخطوطة " حبل حبل " غير منقوطة ، كأنها " حبل ، حبل " ، يعني الذي ينظم في اللؤلؤ كالتاج . أو تقرأ " جثل ، جثل " ، وهو من الشعر الكثير الملتف . والله أعلم .

(72) في المطبوعة : " امض يا لوط " ، غير ما في المخطوطة ، وهو الصواب المحض . يقال : "ماط عن المكان ، وأماط عنه " ، إذا تنحى . وفي حديث خيبر أنه أخذ الراية فهزها ، فقال : من يأخذها بحقها ؟ فجاء فلان ، فقال : أنا ! فقال : أمط ! ثم جاء آخر ، فقال : أمط ، أي : تنح أنت واذهب .

(73) هكذا في المطبوعة والمخطوطة : " شدخ أعينهم " ، كأنه من " شدخت الغرة "، إذا غشيت الوجه من أصل الناصية إلى الأنف ، في الفرس . هذا ، وإلا فإني لا أدري ما هو ؟ .

(74) " سفع وجهه بيده سفعا " لطمه بكفه مبسوطة .

(75) الأثر : 18421 - هذا من تفسير آية سورة الحجر : 65 ، ولم يذكره هناك .

المعاني :

فَأَسْرِ :       فَاخْرُجْ السراج
بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ :       بِبَقِيَّةٍ مِنَ اللَّيْلِ السراج
بقطعٍ من الليل :       بطائفة منه أو من آخره معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[81] ﴿قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ﴾ فيه جواز رؤية البشر للملائكة، كما رأتهم سارة امرأة الخليل عليه السلام، وكما رأى الصحابة جبريل على هيئة أعرابي، وكما نزل جبريل في صورة دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ.
وقفة
[81] ﴿قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ نُهوا عن الالتفات لئلا تتفطر أكبادهم على قريتهم.
وقفة
[81] ﴿لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾ عاجلوه بالبشرى؛ ليطمئن.
عمل
[81] ﴿أَسْرِ بِأَهْلِك﴾ (وسار بأهله) أهلك هم كنز حياتك، لا تتخلَّ عنهم.
وقفة
[81] ﴿فأَسْرِ بِأَهْلِكَ﴾ يصحب المرء معه وقت الفزع أغلى ما يملك، أعرفت أغلى ما عندك؟
عمل
[81] لا تكثر الالتفات: قد يشغلك الكارهون للحق بسفهاء من ورائك ؛ حتى يكثر التفاتك إليهم فيتأخر وصولك ، قال الله لنبيه لوط عليه السلام: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ﴾.
وقفة
[81] ﴿فأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ منذ مدة وأنا أتأمل في لوط عليه السلام لماذا لم يفارق زوجته الخائنة حتى في الليلة العصيبة؟ الطلاق حتى في الأزمات الكبرى قد لا يكون حلًا.
وقفة
[81] ﴿فأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ والحكمة من نهيهم عن الالتفات ليجدوا في السير، فإن الملتفت للوراء لا يخلو من أدنى وقفة، أو لأجل ألا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فترق قلوبهم لهم. وفي ذلك إشارة للمؤمن ألا يلتفت في عمله للوراء إلا على سبيل تقويم الأخطاء؛ لأن كثرة الالتفات تضيع الوقت، وربما أورثت وهنًا.
وقفة
[81] ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾، ﴿يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ [76]، إذا فارقت شيئًا فغادره بروحك وبصرك وذكرياتك! الالتفات يُجدد مواجعك، ولا يعيد فائتًا، قضاء الله إذا جاء لا يرده أحد.
عمل
[81] ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ الحكمة من نهيهم عن الالتفات ليجِّدوا في السير؛ فإن الملتفت للوراء لا يخلو من أدنى وقفة، أو لأجل ألا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فترق قلوبهم لهم، وفي ذلك إشارة للمؤمن ألا يلتفت في عمله للوراء إلا على سبيل تقويم الأخطاء؛ لأن كثرة الالتفات تضيع الوقت، وربما أورثت وهنًا.
عمل
[81] ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ منهج قرآني للتعامل مع المرجفين، فالالتفات الحسي لا يخلو من التفات معنوي؛ فالزم طريقك على منهاج النبوة، ولا تلتفت، ودع الشانئين يلهثون وراءك، فهذا أسلم لقلبك، وأثبت لإيمانك، وأحفظ لوقتك.
عمل
[81] ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ أمرهم الله بهجر وطنهم له حتى بمجرد الالتفات، إذا تركت معصية فاقطع كل العلائق بها تحقيقًا للتوبة والهجرة لله.
عمل
[81] ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ لا تستهلك عمرك في الالتفات إلي الصراعات الجانبية التي تهدر الوقت وتضعف العزيمة وتعيق المسير.
وقفة
[81] ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾ أقسى ويلات المعصية الخذلان، يظن الإنسان سلامته ولكن ذنوبه تخذله وتقعد به.
وقفة
[81] ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ﴾ قال قتادة: «كانت مع لوط حين خرج من القرية فلما سمعت العذاب التفتت، وقالت: وا قوماه، فأصابها حجر فأهلكها».
وقفة
[81] لوط قيل له: ﴿إِلَّا امْرَأَتَكَ﴾، ونوح بمعنى: (إلا ابنك)، وإبراهيم بمعنى: (إلا أباك)، ما أشدها على أنفسهم لولا الرضا بالقضاء والاستسلام للإسلام!
وقفة
[81] ﴿إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ﴾ لم تنفعها قرابة النبي؛ لأن من بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه.
وقفة
[81] ما الفرق بين: ﴿وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ﴾ [76]، و﴿إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ﴾، الأول ضمير الجمع والثاني مفرد؟ الجواب: في الأول إخبار عنهم، وفي الثاني إشارة إلى العذاب لا إلى المعذبين.
عمل
[81] ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ لا تعجل؛ قد يكون بينك وبين الفرج (هم) ليلة.
وقفة
[81] ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ صبح المهمومين لاح، فانظر إلى الصباح، وارتقب الفتح من الفتّاح، تقول العرب: «إذا اشتد الحبل انقطع».
وقفة
[81] ﴿أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾، ﴿فأخذتهم الصيحة مشرقين﴾ [الحجر: 73] كيف؟ الجواب: أن ابتداء عذابهم الصبح، وآخره لشروق الشمس، فعبر هنا عن ابتداء العذاب، وفى الحجر عن انتهائه بالشروق والإشراق.

الإعراب :

  • ﴿ قالوا:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل يعود إلى رسل الله والألف فارقة.
  • ﴿ يا لوط إنّا رسل ربّك:
  • يا: أداة نداء. لوط: منادى مبني على الضم في محل نصب. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و\"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم \"إنّ\". رسل: خبر \"إنّ\" مرفوع بالضمة. ربك: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. والكاف: ضمير متصل -ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جر بالإضافة وجملة \"إنّا رسل ربّك\" في محل نصب مفعول به مقول القول.
  • ﴿ لن يصلوا إليك:
  • القول جواب لقول محذوف تقديره: لا تحزن. لن: حرف نصب وتوكيد ونفي واستقبال. يصلوا: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إليك: جار ومجرور متعلق بيصلوا. أي اطمئن لن يصلوا إليك بسوء.
  • ﴿ فأسر بأهلك:
  • لفاء استئنافية. أسر: فعل أمر مبني على حذف آخره -حرف العلة- والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. بأهلك: جار ومجرور متعلق بأسر. والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. ومعنى \"أسر\" سر ليلًا.
  • ﴿ بقطع من الليل:
  • جار ومجرور متعلق بأسر. بمعنى بقطعة من الليل أي في بعض ساعاته أو بسواد من الليل. من الليل: جار ومجرور متعلق بقطع أو بصفة محذوفة من \"قطع\" ومن: حرف جر بياني.
  • ﴿ ولا يلتفت:
  • الواو: استئنافية، لا: ناهية جازمة. يلتفت: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه السكون. أي لا ينظر خلفه
  • ﴿ منكم أحد إلاّ:
  • جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من \"أحد\" والميم علامة جمع الذكور. أحد: فاعل مرفوع بالضمة. إلّا: أداة استثناء.
  • ﴿ امرأتك:
  • مستثنى منصوب بإلّا وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والاستثناء من قوله: فأسر بأهلك أو من لا يلتفت. والمعنى: فإنَّكُمْ ناجون إلّا امرأتك.
  • ﴿ إنه مصيبها ما أصابهمْ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير الشأن مبني على الضم في محل نصب اسم \"إنّ\" و \"مصيب\" خبرها مرفوع بالضمة و \"ها\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى واقع بها. مثل ما سيقع بهم. أصاب: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. \"ما\": اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل لاسم الفاعل -مصيب- وجملة أصابهم: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ إنّ موعدهم الصبح:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. موعد: اسم \"إنّ\" منصوب بالفتحة. و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون حرك بالضم لإشباع الميم في محل جر بالإضافة. الصبح: خبر \"إنّ\" مرفوع بالضمة.
  • ﴿ أليس الصبح بقريب:
  • الهمزة همزة إنكار دخلت على المنفي فرجع إلى معنى التقرير أو استفهام للنفي مبالغة في الإثبات. ليس: فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح. الصبح: اسمها رفوع بالضمة الباء حرف جر زائد لتأكيد الاثبات. قريب: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا لأنه خبر \"ليس\". '

المتشابهات :

هود: 81﴿قَالُواْ يَٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوٓاْ إِلَيۡكَۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ
الحجر: 65﴿ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     ولمَّا بلغ الضيق بلوط عليه السلام ما بلغ؛ كشف له الملائكة عن حقيقتهم، وبشروه بما يدخل الطمأنينة على قلبه، ثم طلبُوا منه الخروجَ من القريةِ، وأنَّ موعدَ هلاكِ قومه الصُّبْحُ، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فأسر:
وقرئ:
1- بوصل الألف، من سرى، وهى قراءة الحرميين.
2- بقطعها، وهى قراءة باقى السبعة.
إلا امرأتك:
قرئ:
1- بالرفع، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو.
2- بالنصب، وهى قراءة باقى السبعة.
الصبح:
وقرئ:
بضم الباء، وهى لغة، وبها قرأ عيسى بن عمر.

البحث بالسورة

البحث في المصحف