579678910111213141516171819202122232425

الإحصائيات

سورة الانسان
ترتيب المصحف76ترتيب النزول98
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات2.00
عدد الآيات31عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.80
ترتيب الطول65تبدأ في الجزء29
تنتهي في الجزء29عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الاستفهام: 1/6_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (7) الى الآية رقم (18) عدد الآيات (12)

بيانُ أعمالِ الشاكرينَ: الوفاءِ بالنَّذرِ، وإطعامِ الطَّعامِ، والخوفِ من عذابِ اللهِ، ثُمَّ وصفُ نعيمِ أهلِ الجَنَّةِ في المسكنِ والمأكلِ والمشربِ وغيرِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (19) الى الآية رقم (26) عدد الآيات (8)

بعدَ ذكرِ المسكنِ والمأكلِ والمشربِ ذكرَ اللهُ هنا الخدمَ والملبسَ، ثُمَّ بَيَّنَ مصدرَ تنزيلِ القرآنِ، وأَمَرَ نَبيَّه ﷺ بالصَّبرِ، وذِكرِ اللهِ، وكَثرةِ السُّجودِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الانسان

الإنسان (الشاكر والكافر) من النشأة إلى المصير

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • والختام بوصايا للنبي ﷺ والمؤمنين:: رسورة الإنسان تقول لنا: • الإنسان يختار مصيره، ويتحمل نتيجة اختياره.خلق الله الإنسان: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ (1، 2). وبَيَّنَ له طريقي الخير والشر؛ فانقسم الناس إلى قسمين: شاكرٍ وكفورٍ: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ (3).فذكر الله جزاء الكافرين في آية واحدة فقط: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا﴾ (4). وفي 18 آية بَيَّنَ جزاء الشاكرين وأعمالهم: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ...﴾ (5-22). • وذلك: للمقارنة بين مآل أهل الشكر ومآل أهل الكفر، وشحذ همة أسمى المخلوقات (الإنسان) للوصول إلى أسمى الغايات «الجنة».
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الإنسان».
  • • معنى الاسم :: --
  • • سبب التسمية :: لافتتاحها بذكر الإنسان.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: «سُورَةُ هَلْ أَتَى»، و«سُورَةُ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ»، و«الدَّهْرِ» و«الأمشاج»‏ و«الأبرار»؛ لذكر هذه الألفاظ بها.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: رحلة الإنسان من العدم إلى دار الخلود، مع ما يتخلل ذلك من ترغيب وترهيب.
  • • علمتني السورة :: مهما علا نسبك فأصلك: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾
  • • علمتني السورة :: أن الله خلقنا في هذه الدنيا ليبتلينا: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾
  • • علمتني السورة :: بَيَّنَ اللهُ لك طريق الخير والشر؛ فاختر لنفسك طريق النجاة: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾

مدارسة الآية : [6] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ..

التفسير :

[6] هذا الشراب الذي مزج من الكافور هو عين يشرب منها عباد الله، يتصرفون فيها، ويُجْرونها حيث شاؤوا إجراءً سهلاً

{ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي:ذلك الكأس اللذيذ الذي يشربون به، لا يخافون نفاده، بل له مادة لا تنقطع، وهي عين دائمة الفيضان والجريان، يفجرها عباد الله تفجيرا، أنى شاءوا، وكيف أرادوا، فإن شاءوا صرفوها إلى البساتين الزاهرات، أو إلى الرياض الناضرات، أو بين جوانب القصور والمساكن المزخرفات، أو إلى أي:جهة يرونها من الجهات المونقات.

وقوله- سبحانه- عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ.. بدل من قوله: كانَ مِزاجُها كافُوراً لأن ماءها في بياض الكافور وفي رائحته وبرودته.

أى: أن الأبرار يشربون من كأس، ماؤها ينبع من عين في الجنة، هذا الماء له بياض الكافور ورائحته وبرودته.

وعدى فعل «يشرب» بالباء، التي هي باء الإلصاق، لأن الكافور يمزج به شرابهم.

أى عينا يشرب عباد الله ماءهم وخمرهم بها. أى: مصحوبا بمائها وخمرها.

ومنهم من جعل الباء هنا بمعنى من التبعيضية. أى: عينا يشرب من بعض مائها وخمرها عباد الله، وهم الأبرار.

وعبر عنهم بذلك لتشريفهم وتكريمهم، حيث أضافهم- سبحانه- إلى ذاته.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: لم وصل فعل الشرب بحرف الابتداء أولا، وبحرف الإلصاق آخرا؟ قلت: لأن الكأس مبدأ شربهم وأول غايته، وأما العين فبها يمزجون شرابهم، فكأن المعنى: يشرب عباد الله بها الخمر، كما تقول: شربت الماء بالعسل.. .

وقوله- سبحانه-: يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً صفة أخرى للعين، أى: يسيرونها ويجرونها إلى حيث يريدون، وينتفعون بها كما يشاءون، ويتبعهم ماؤها إلى كل مكان يتجهون إليه.

فالتعبير بقوله: يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً إشارة إلى كثرتها وسعتها وسهولة حصولهم عليها.

يقال: فجّر فلان الماء، إذا أخرجه من الأرض بغزارة ومنه قوله- تعالى- وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً.

( عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ) أي : هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور هو عين يشرب بها المقربون من عباد الله صرفا بلا مزج ويروون بها ; ولهذا ضمن يشرب " يروى " حتى عداه بالباء ، ونصب ) عينا ) على التمييز .

قال بعضهم : هذا الشراب في طيبه كالكافور . وقال بعضهم : هو من عين كافور . وقال بعضهم : يجوز أن يكون منصوبا ب ) يشرب ) حكى هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير .

وقوله : ( يفجرونها تفجيرا ) أي : يتصرفون فيها حيث شاؤوا وأين شاؤوا ، من قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم .

والتفجير هو الإنباع ، كما قال تعالى : ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) [ الإسراء : 90 ] . وقال : ( وفجرنا خلالهما نهرا ) [ الكهف : 33 ] .

وقال مجاهد : ( يفجرونها تفجيرا ) يقودونها حيث شاؤوا ، وكذا قال عكرمة وقتادة . وقال الثوري : يصرفونها حيث شاؤوا .

القول في تأويل قوله تعالى : عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) .

وقوله: ( عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: كان مزاج الكأس التي يشرب بها هؤلاء الأبرار كالكافور في طيب رائحته من عين يشرب بها عباد الله الذين يدخلهم الجنة، والعين على هذا التأويل نصب على الحال من الهاء التي في ( مزاجها ) &; 24-94 &; ويعني بقوله: ( يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ) يُرْوَى بها ويُنتقع. وقيل: يشرب بها ويشربها بمعنى واحد. وذكر الفرّاء أن بعضهم أنشده:

شَــرِبْنَ بِمَـاءِ الْبَحْـرِ ثُـمَّ تَـرَقَّعَتْ

مَتــى لُجَــج خُـضْرٍ لَهُـنَّ نَئِـيجُ (1)

وعني بقوله: " متى لجج " من، ومثله: إنه يتكلم بكلام حسن، ويتكلم كلاما حسنا.

وقوله: ( يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) يقول تعالى ذكره: يفجرون تلك العين التي يشربون بها كيف شاءوا وحيث شاءوا من منازلهم وقصورهم تفجيرا، ويعني بالتفجير: الإسالة والإجراء.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) قال: يعدّلونها حيث شاءوا.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) قال: يقودونها حيث شاءوا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) &; 24-95 &; قال: مستقيد ماؤها لهم يفجرونها حيث شاءوا.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ) قال: يصرفونها حيث شاءوا.

المعاني :

عيْنا :       ماءَ عَـيْن أو خَمْر عيْن معاني القرآن
يَشرب بها :       يَشرب منها . أو يَرتوي بها معاني القرآن
يُـفجّرونها :       يُجْرونها حيث شاءوا من منازلهم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[6] ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّـهِ﴾ قال القرطبي: «إن الرجل منهم ليمشي في بيوتاته، ويصعد إلى قصوره، وبيده قضيب يشير به إلى الماء، فيجري معه حيثما دار في منازله على مستوى الأرض في غير أخدود، ويتبعه حيثما صعد إلى أعلى قصوره».
لمسة
[6] ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّـهِ﴾ يشرب تتعدى بـ (من)، فلما عداها بـ (الباء) ضمنها معنى يرتوي؛ فأهل الجنة يشربون ويرتوون بها.

الإعراب :

  • ﴿ عَيْناً:
  • بدل من «كافورا» أو يكون مفعولا به منصوبا على الاختصاص أي أعني أو هي مفعول يشربون.
  • ﴿ يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة- نعت- لعنيا.يشرب: فعل مضارع مرفوع بالضمة. بها: جار ومجرور متعلق بيشرب.والباء هنا للالصاق وبمعنى «من» أي منها. لموافقتها «من» التبعيضية. عباد: فاعل مرفوع بالضمة. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ يُفَجِّرُونَها:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب حال أي بشرب منها في حال تفجيرها. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل صب مفعول به.
  • ﴿ تَفْجِيراً:
  • مفعول مطلق- مصدر- منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى:سهلا لا يمتنع عليهم'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     وبعد بيان أن الشاكرين يشربون يوم القيامة مِن كأس خمر مملوءة ممزوجة بالكافور لطيب رائحته؛ بَيَّنَ هنا أن هذا الشراب المُعَدَّ لأهل الطاعة هو من عين سهلة التناول غزيرة لا تَنْضَب، قال تعالى:
﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يشرب بها:
وقرئ:
يشربها، وهى قراءة ابن أبى عبلة.

مدارسة الآية : [7] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ ..

التفسير :

[7] هؤلاء كانوا في الدنيا يوفون بما أوجبوا على أنفسهم من طاعة الله، ويخافون عقاب الله في يوم القيامة الذي يكون ضرره خطيراً، وشره فاشياً منتشراً على الناس، إلا مَن رحم الله

وقدذكر جملة من أعمالهم في أول هذه السورة، فقال:{ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} أي:بما ألزموا به أنفسهم لله من النذور والمعاهدات، وإذا كانوا يوفون بالنذر، وهو لم يجبعليهم، إلا بإيجابهم على أنفسهم، كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية، من باب أولى وأحرى،{ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} أي:منتشرا فاشيا، فخافوا أن ينالهم شره، فتركوا كل سبب موجب لذلك،

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك في آيات متعددة، الأسباب التي من أجلها وصلوا إلى النعيم الدائم. فقال- تعالى-: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً.

والنذر: ما يوجبه الإنسان على نفسه من طاعة لله- تعالى-، والوفاء به: أداؤه أداء كاملا. أى: أن من الأسباب التي جعلت الأبرار يحصلون على تلك النعم، أنهم من أخلاقهم الوفاء بالنذر، ومن صفاتهم- أيضا- أنهم يخافون يوما عظيما هو يوم القيامة، الذي كان عذابه فاشيا منتشرا غاية الانتشار.

فقوله: مُسْتَطِيراً اسم فاعل من استطار الشيء إذا انتشر وامتد أمره. والسين والتاء فيه للمبالغة، وأصله طار. ومنه قولهم: استطار الغبار، إذا انتشر في الهواء وتفرق، وجيء بصيغة المضارع في قوله: يُوفُونَ للدلالة على تجدد وفائهم في كل وقت وحين.

والتعريف في «النذر» للجنس، لأنه يعم كل نذر.

وجاء لفظ اليوم منكرا، ووصف بأن له شرا مستطيرا.. لتهويل أمره، وتعظيم شأنه، حتى يستعد الناس لاستقباله بالإيمان والعمل الصالح.

وقوله : ( يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ) أي : يتعبدون لله فيما أوجبه عليهم من [ فعل ] الطاعات الواجبة بأصل الشرع ، وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر .

قال الإمام مالك ، عن طلحة بن عبد الملك الأيلي ، عن القاسم بن مالك ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " ، رواه البخاري من حديث مالك .

ويتركون المحرمات التي نهاهم عنها خيفة من سوء الحساب يوم المعاد ، وهو اليوم الذي شره مستطير ، أي : منتشر عام على الناس إلا من رحم الله .

قال ابن عباس : فاشيا . وقال قتادة : استطار - والله - شر ذلك اليوم حتى ملأ السماوات والأرض .

قال ابن جرير : ومنه قولهم : استطار الصدع في الزجاجة واستطال . ومنه قول الأعشى :

فبانت وقد أسأرت في الفؤا د صدعا على نأيها مستطيرا

يعني : ممتدا فاشيا .

يقول تعالى ذكره: إن الأبرار الذين يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، برّوا بوفائهم لله بالنذور التي كانوا ينذرونها في طاعة الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) قال: إذا نذروا في حق الله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) قال: كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والزكاة، والحجّ والعمرة، وما افترض عليهم، فسماهم الله بذلك الأبرار، فقال: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ).

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) قال: بطاعة الله، وبالصلاة، وبالحجّ، وبالعمرة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قوله: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) قال: في غير معصية، وفي الكلام محذوف اجتزئ بدلالة الكلام عليه منه، وهو كان ذلك. وذلك أن معنى الكلام: إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، كانوا يوفون بالنذر، فترك ذكر كانوا لدلالة الكلام عليها، والنذر: هو كلّ ما أوجبه الإنسان على نفسه من فعل؛ ومنه قول عنترة: &; 24-96 &;

الشَّــاتِمَيْ عـرْضِي وَلَـمْ أشْـتُمْهُما

والنَّــاذِرَيْن إذا لَــمْ ألْقَهُمـا دَمـي (2)

وقوله: ( وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) يقول تعالى ذكره: ويخافون عقاب الله بتركهم الوفاء بما نذروا لله من برّ في يوم كان شرّه مستطيرا، ممتدّا طويلا فاشيا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) استطار والله شرّ ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض، وأما رجل يقول عليه نذر أن لا يصل رحما، ولا يتصدّق، ولا يصنع خيرا، فإنه لا ينبغي أن يكفر عنه، ويأتي ذلك، ومنه قولهم: استطار الصدع في الزجاجة واستطال: إذا امتدّ، ولا يقال ذلك في الحائط؛ ومنه قول الأعشى:

فَبــانَتْ وَقــد أثـأرَتْ فِـي الفُـؤَا

دِ صَدْعــا عَـلى نَأْيِهـا مُسْـتَطيرا (3)

يعني: ممتدّا فاشيا.

المعاني :

مستطِرا :       فاشِيًـا مُنتشِرًا غاية الإنتشار معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[7] ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ يدخل في هذا الثناء من أوفى بما أوجبه على نفسه اختيارًا، فحريّ أن يكون الثناء لما أوجبه الله عليه أعظم وأكمل وفاء.
وقفة
[7] ﴿يوفونَ بِالنَّذرِ وَيَخافونَ يَومًا كانَ شَرُّهُ مُستَطيرًا﴾ هل وفيتم ما عليكم اتقاء ليوم عظيم؟
وقفة
[7] ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ أي: بما ألزموا به أنفسهم لله من النذور والمعاهدات، وإذا كانوا يوفون بالنذر وهو لم يجب عليهم إلا بإيجابهم على أنفسهم، كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية من باب أولى وأحرى.
عمل
[7] ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ أوف بنذرك إذا نذرت.
وقفة
[7] ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ هذه مبالغة في وصفهم بالحرص على أداء الواجبات؛ لأن من وفي بما أوجبه على نفسه، كان أوفي بما أوجبه الله عليه.
وقفة
[7] ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ قال ابن تيمية: «فإذا قصد الإنسان أن ينذر لله طاعة ، فعليه الوفاء بنذره؛ لكن إذا لم يوف بالنذر لله فعليه كفارة يمين عند أكثر السلف».
وقفة
[7] ﴿وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا﴾ تكرر لفظ (يوم) في السورة ثلاث مرات: فمن خاف يومًا كان شره مستطيرًا؛ وقاه الله تعالى شر ذلك اليوم العبوس القمطرير، وأما من استخف به؛ فسيلقى يومًا ثقيلا.
وقفة
[7، 8] ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ﴾ مجامع الطاعات محصورة في أمرين: 1- التعظيم لأمر الله تعالى، وإليه الإشارة بقوله: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾. 2- والشفقة على خلق الله، وإليه الإشارة بقوله: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ﴾.
وقفة
[7، 8] ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ﴾ الوفاء بالنذر وإطعام المحتاج، والإخلاص في العمل، والخوف من الله: أسباب للنجاة من النار، ولدخول الجنّة.

الإعراب :

  • ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
  • الجملة استئنافية لا محل لها من الاعراب كأنها جواب عن سؤال: ما لهم يرزقون ذلك؟ وتعرب اعراب «يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ» في الآية الكريمة الخامسة.
  • ﴿ وَيَخافُونَ يَوْماً:
  • معطوفة بالواو على «يوفون» وتعرب اعرابها. يوما: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة- نعت- ليوما.كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح و «شره» اسم «كان» مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. و «مستطيرا» خبر «كان» منصوب بالفتحة. أي فاشيا منتشرا'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     وبعد أن ذَكَرَ اللهُ جزاءَ الشاكرين؛ ذكرَ هنا ثلاثًا من أعمالهم: ١- الوفاء بالنذر. ٢- الخوف من عقاب الله يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [8] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ..

التفسير :

[8]ويُطْعِمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه، فقيراً عاجزاً عن الكسب لا يملك ما يكفيه ويسدُّ حاجته، وطفلاً مات أبوه وهو دون سن البلوغ ولا مال له، وأسيراً أُسر في الحرب من المشركين وغيرهم

{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} أي:وهم في حال يحبون فيها المال والطعام، لكنهم قدموا محبة الله على محبة نفوسهم، ويتحرون في إطعامهم أولى الناس وأحوجهم{ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} .

ثم وصفهم- سبحانه- بصفات أخرى فقال: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً.

أى: أن هؤلاء الأبرار من صفاتهم- أيضا أنهم يطعمون الطعام مع حب هذا الطعام لديهم، ومع حاجتهم إليه واشتهائهم له.

ومع كل ذلك فهم يقدمونه للمسكين، وهو المحتاج إلى غيره لفقره وسكونه عن الحركة..

ولليتيم: وهو من فقد أباه وهو صغير، وللأسير: وهو من أصبح أمره بيد غيره. وخص الإطعام بالذكر: لما في تقديمه من كرم وسخاء وإيثار، لا سيما مع الحاجة إليه، كما يشعر به قوله- تعالى- عَلى حُبِّهِ أى: على حبهم لذلك الطعام، وقيل الضمير في قوله عَلى حُبِّهِ يعود إلى الله- عز وجل- أى: يطعمون الطعام على حبهم له- تعالى-.

والأول أولى. ويؤيده قوله- تعالى- لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ.

و «على» هنا بمعنى مع، والجملة في محل نصب على الحال. أى: حالة كونهم كائنين على حب هذا الطعام.

وخص هؤلاء الثلاثة بالذكر، لأنهم أولى الناس بالرعاية والمساعدة.

وقد ذكروا في سبيل نزول هذه الآية، والآيتين اللتين يعدها، روايات منها، أنها نزلت في الإمام على وزوجه فاطمة- رضى الله عنهما-.

قال القرطبي- بعد أن ذكر هذه الروايات-: والصحيح أنها نزلت في جميع الأبرار، وفي كل من فعل فعلا حسنا، فهي عامة...

وقوله : ( ويطعمون الطعام على حبه ) قيل : على حب الله تعالى . وجعلوا الضمير عائدا إلى الله عز وجل لدلالة السياق عليه . والأظهر أن الضمير عائد على الطعام ، أي : ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له ، قاله مجاهد ومقاتل ، واختاره ابن جرير ، كقوله تعالى : ( وآتى المال على حبه ) [ البقرة : 177 ] ، وكقوله تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) [ آل عمران : 92 ] .

وروى البيهقي ، من طريق الأعمش ، عن نافع قال : مرض ابن عمر فاشتهى عنبا - أول ما جاء العنب - فأرسلت صفية - يعني امرأته - فاشترت عنقودا بدرهم ، فاتبع الرسول السائل ، فلما دخل به قال السائل : السائل . فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعطوه إياه . ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقودا فاتبع الرسول السائل ، فلما دخل قال السائل : السائل ، فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعطوه إياه ، فأرسلت صفية إلى السائل ، فقالت : والله إن عدت لا تصيب منه خيرا أبدا . ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به .

وفي الصحيح : " أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح ، شحيح ، تأمل الغنى ، وتخشى الفقر " أي : في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه ; ولهذا قال تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) أما المسكين واليتيم ، فقد تقدم بيانهما وصفتهما . وأما الأسير : فقال سعيد بن جبير والحسن والضحاك : الأسير : من أهل القبلة . وقال ابن عباس : كان أسراؤهم يومئذ مشركين . ويشهد لهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى ، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء ، وهكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والحسن وقتادة .

وقد وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الأرقاء في غيرما حديث ، حتى إنه كان آخر ما أوصى أن جعل يقول : " الصلاة وما ملكت أيمانكم " .

وقال عكرمة : هم العبيد - واختاره ابن جرير - لعموم الآية للمسلم والمشرك .

قال مجاهد : هو المحبوس ، أي : يطعمون لهؤلاء الطعام وهم يشتهونه ويحبونه

وقوله: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ) يقول تعالى ذكره: كان هؤلاء الأبرار يطعمون الطعام على حبهم إياه، وشهوتهم له.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: ثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ) قال: وهم يشتهونه.

&; 24-97 &;

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو العريان، قال: سألت سليمان بن قيس أبا مقاتل بن سليمان، عن قوله: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ) قال: على حبهم للطعام.

وقوله: ( مِسْكينًا ) يعني جلّ ثناؤه بقوله مسكينا: ذوي الحاجة الذين قد أذلتهم الحاجة، ( ويَتِيمًا ) وهو الطفل الذي قد مات أبوه ولا شيء له ( وأسِيرًا ) : وهو الحربيّ من أهل دار الحرب يُؤخذ قهرا بالغلبة، أو من أهل القبلة يُؤخذ فيُحبس بحقّ، فأثنى الله على هؤلاء الأبرار بإطعامهم هؤلاء تقرّبا بذلك إلى الله وطلب رضاه، ورحمة منهم لهم.

واختلف أهل العلم في الأسير الذي ذكره الله في هذا الموضع، فقال بعضهم: بما حدثنا به بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) قال: لقد أمر الله بالأسراء أن يحسن إليهم، وإن أسراهم يومئذ لأهل الشرك.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وأسِيرًا ) قال: كان أسراهم يومئذ المشرك، وأخوك المسلم أحقّ أن تطعمه.

قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن أبي عمرو أن عكرِمة قال في قوله: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) زعم أنه قال: كان الأسرى في ذلك الزمان المشرك.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا حماد بن مسعدة، قال: ثنا أشعث، عن الحسن ( وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) قال: ما كان أسراهم إلا المشركين.

وقال آخرون: عني بذلك: المسجون من أهل القبلة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الأسير: المسجون.

حدثني أبو شيبة بن أبي شيبة، قال: ثنا عمر بن حفص، قال: ثني أبي عن حجاج، قال: ثني عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جُبير في قوله الله: ( مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) من أهل القبلة وغيرهم، فسألت عطاء، فقال مثل ذلك.

حدثني علي بن سهل الرملي، قال: ثنا يحيى - يعني: ابن عيسى - عن سفيان، &; 24-98 &; عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وأسِيرًا ) قال: الأسير،: هو المحبوس.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله وصف هؤلاء الأبرار بأنهم كانوا في الدنيا يطعمون الأسير، والأسير الذي قد وصفت صفته؛ واسم الأسير قد يشتمل على الفريقين، وقد عمّ الخبر عنهم أنهم يطعمونهم فالخبر على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له. وأما قول من قال: لم يكن لهم أسير يومئذ إلا أهل الشرك، فإن ذلك وإن كان كذلك، فلم يخصص بالخبر الموفون بالنذر يومئذ، وإنما هو خبر من الله عن كلّ من كانت هذه صفته يومئذ وبعده إلى يوم القيامة، وكذلك الأسير معنيّ به أسير المشركين والمسلمين يومئذ، وبعد ذلك إلى قيام الساعة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[8] ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ ينفق مما يحب لا مما يكره أو استغني عنه، ويبذل ما يحب طمعًا في الفوز بما هو أحب: الجنة.
وقفة
[8] ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ يحثك القرآن على الإحسان إلى الأسير ولو كان كافرًا، فكيف بمن يؤذي الأسير المسلم ويعذبه؟!
وقفة
[8] ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ ما أروع قول الإمام الشافعي: وَلَو أَنَّني أَسعى لِنَفعي وَجَدتَني ... كَثيرَ التَواني لِلَّذي أَنا طالِبُه وَلَكِنَّني أَسعى لِأَنفَعَ صاحِبي ... وَعارٌ عَلى الشَبعانِ إِن جاعَ صاحِبُه
وقفة
[8] ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ كلمَّا تصدَّقتَ بطعامٍ تحبُّه أكثرَ؛ كان أعظمَ لأجرِك.
وقفة
[8] ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ﴾ فرصتك السانحة لتنتظم في مسمى الأبرار.
وقفة
[8] ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ﴾ ماذا لو عزمت أسرة فقيرة في مطعم فاخر؟!
وقفة
[8] نعم القدوة هم: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ﴾، كان حماد بن أبي سليمان يفطر في كل ليلة في شهر رمضان خمسين إنسانًا، فإذا كانت ليلة الفطر كساهم ثوبًا ثوبًا، وأعطاهم مائة مائة.
وقفة
[8] ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ من فوائد الآية: - ذكر الطعام دون المال لتوفره وبه قوام الحياة. - قدَّم (عَلَىٰ حُبِّهِ) على ذكر الأصناف لإظهار ما في قلوبهم من حب فطري. - تتميز هذه الفئات بضعفها وعدم مقابلة مطعمها بمقابل، فمن يعطيهم إنما يريد الله. - الله أحب إليهم من الطعام وأنفسهم وأهلهم، فلهذا سهَّل عليهم بذله مع نفاسته. - قدم المساكين على غيرهم تبعًا لوجودهم في الحياة، فالمساكين أكثر. - إطعام الأسير دلالة على تحريم التعذيب. - الإحسان حسب الشرع حتى لمن حارب الإسلام، فكيف بالموافق والمخالف غير المحارب. - إطعام الأسير لا يتعارض مع البراءة منهم. - إطعام الأسير تتضمن رقي ورحمة الإسلام وأهله. - تربية على مخالفة الهوى تبعًا لشرع الله (عَلَىٰ حُبِّهِ) تهوى النفس إمساكه، لأن الأسير تتمنى النفس قتله لكن يمنعها الإيمان. - (عَلَىٰ حُبِّهِ): الأبرار لديهم من دواعي الفطرة في الإمساك ما يجعلهم يجاهدون أنفسهم على البذل فليسوا ملائكة (لذة المجاهدة والانتصار على النفس). - فيها الالتفات لضعفة المجتمعات (دون تمييز) وهي قضية (يكثر مدعوها اليوم) والمحك الميدان، الأصناف الثلاثة هم (حطب الأزمات) فجعلتهم الآية (من أهل الصالحات).
وقفة
[8] ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ سبحان الله مُدحوا على إطعام الكافر المحارب الأسير! وبعضنا يمنع صدقة ماله للمسلم مع أدنى خصومه!
وقفة
[8] ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ قال قتادة: «لقد أمر الله بالأساري أن يحسن إليهم, وإنهم يومئذ لمشركون, فوالله لأخوك المسلم أعظم عليك حرمة وحقًّا».
وقفة
[8] ﴿وَيُطعِمونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسكينًا وَيَتيمًا وَأَسيرًا﴾ ومثلها قوله عز وجل: ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقوا مِمّا تُحِبّونَ وَما تُنفِقوا مِن شَيءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَليمٌ﴾.
وقفة
[8] ﴿ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا﴾ محبة المساكين والإحسان إليهم توجب إخلاص العمل لله؛ لأن نفعهم في الدنيا لا يرجى غالبًا.
عمل
[8] أعط مسلمًا طعامًا تحبه من باب الإيثار على نفسك ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾.
وقفة
[8] يقول الله ﷻ: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾، صفة أهل الإيمان الإحسان إلى الأسير ولو كان كافرًا، فكيف بمن يذل الأسير المسلم؟!
عمل
[8] التابعي زبيد بن الحارث في الليلة المطيرة يطوف على عجائز الحي، ويقول: ألكم في السوق حاجة؟! اختبر شخصيتك وأخلاقك مع الضعفة والفقراء ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾.
وقفة
[8، 9] من طلب من الفقراء الدعاء أو الثناء، خرج من هذه الآية، ولهذا كانت عائشة إذا أرسلت إلى قوم بهدية تقول للمرسول: «اسمع ما دعوا به لنا؛ حتى ندعو لهم بمثل ما دعوا، ويبقى أجرنا على الله».

الإعراب :

  • ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ:
  • تعرب اعراب «وَيَخافُونَ يَوْماً» في الآية الكريمة السابقة. على حبه: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الضمير في «يطعمون» بمعنى مع اشتهاء الطعام والحاجة اليه. أي تكون «على» بمعنى «مع» أو متعلق بمفعول من أجله أي على حب الله. أو لأجل الطعام أو لأجل حب الله.
  • ﴿ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.ويتيما وأسيرا: معطوفتان بواوي العطف على «مسكينا» وتعربان اعرابها'

المتشابهات :

الشورى: 8﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ويُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِينًا﴾ قالَ عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: وذَلِكَ أنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَوْبَةً أجَّرَ نَفْسَهُ يَسْقِي نَخْلًا بِشَيْءٍ مِن شَعِيرٍ لَيْلَةً، حَتّى أصْبَحَ وقَبَضَ الشَّعِيرَ، وطَحَنَ ثُلُثَهُ، فَجَعَلُوا مِنهُ شَيْئًا لِيَأْكُلُوهُ يُقالُ لَهُ: الخَزِيرَةُ، فَلَمّا تَمَّ إنْضاجُهُ أتى مِسْكِينٌ، فَأخْرَجُوا إلَيْهِ الطَّعامَ، ثُمَّ عَمِلَ الثُّلُثَ الثّانِيَ، فَلَمّا تَمَّ إنْضاجُهُ أتى يَتِيمٌ فَسَألَ فَأطْعَمُوهُ، ثُمَّ عَمِلَ الثُّلُثَ الباقِيَ، فَلَمّا تَمَّ إنْضاجُهُ أتى أسِيرٌ مِنَ المُشْرِكِينَ فَسَألَ فَأطْعَمُوهُ، وطَوُوا يَوْمَهم ذَلِكَ، فَأُنْزِلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الآياتُ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     ٣- إطعام الطعام مع الحاجة الماسَّة إليه، قال تعالى:
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [9] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا ..

التفسير :

[9]ويقولون في أنفسهم:إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله، وطلب ثوابه، لا نبتغي عوضاً ولا نقصد حمداً ولا ثناء منكم

ويقصدون بإنفاقهم وإطعامهم وجه الله تعالى، ويقولون بلسان الحال:{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} أي:لا جزاء ماليا ولا ثناء قوليا.

وقوله- سبحانه- إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ بيان لشدة إخلاصهم، ولطهارة نفوسهم. وهو مقول لقول محذوف أى: يقدمون الطعام لهؤلاء المحتاجين مع حبهم لهذا الطعام، ومع حاجتهم إليه.. ثم يقولون لهم بلسان الحال أو المقال: إنما نطعمكم ابتغاء وجه الله- تعالى- وطلبا لمثوبته ورحمته.

لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً أى: لا نريد منكم جزاء على ما قدمناه لكم، ولا نريد منكم شكرا على ما فعلناه، فإننا لا نلتمس ذلك إلا من الله- تعالى- خالقنا وخالقكم.

قائلين بلسان الحال : ( إنما نطعمكم لوجه الله ) أي : رجاء ثواب الله ورضاه ( لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) أي : لا نطلب منكم مجازاة تكافئونا بها ولا أن تشكرونا عند الناس .

قال مجاهد وسعيد بن جبير : أما والله ما قالوه بألسنتهم ، ولكن علم الله به من قلوبهم ، فأثنى عليهم به ليرغب في ذلك راغب .

وقوله: ( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: يقولون: إنما نطعمكم إذا هم أطعموهم لوجه الله، يعنون طلب رضا الله، والقُربة إليه ( لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا ) يقولون للذين يطعمونهم ذلك الطعام: لا نريد منكم أيها الناس على إطعامناكم ثوابا ولا شكورا.

وفي قوله: ( وَلا شُكُورًا ) وجهان من المعنى: أحدهما أن يكون جمع الشكر كما الفُلوس جمع فَلس، والكفور جمع كُفْر. والآخر: أن يكون مصدرًا واحدًا في معنى جمع، كما يقال: قعد قعودا، وخرج خروجا.

وقد حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن سالم، عن مجاهد ( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا ) قال: أما إنهم ما تكلموا به، ولكن علمه الله من قلوبهم، فأثنى به عليهم ليرغب في ذلك راغب.

حدثنا محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا محمد بن مسلم بن أبي الوضاح، عن سالم، عن سعيد بن جُبير ( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا ) قال: أما والله ما قالوه بألسنتهم، ولكن علمه الله من قلوبهم، فأثنى عليهم ليرغب في ذلك راغب.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[9] ﴿إِنَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ﴾ قال طائفة من السلف: «لم يقولوه بألسنتهم؛ وإنما علمه الله من قلوبهم، فأخبر عنهم».
وقفة
[9] ﴿إِنَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ﴾ تحرى نيتك قبل العمل.
عمل
[9] امرأة سقت كلبًا فدخلت الجنة، وأخرى أجاعت قطة فدخلت النار، لقمة واحدة قد تنجيك، ومنعها قد يشقيك، والأمر إليك؛ فاعمل ما تشاء ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾.
عمل
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ الإرادة عمل قلبي؛ فاحذر أن تقول بلسانك: «لا أريد شكرًا»، وقلبك يتلظى على من أحسنت عليه؛ لأنه لم يشكرك.
وقفة
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ قال ابن عباس: «كذلك كانت نياتهم في الدنيا حين أطعموا»، وقال مجاهد: «أما إنهم ما تكلموا به، ولكن علمه الله منهم، فأثنى به عليهم، ليرغب في ذلك راغب».
وقفة
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ لأنهم علموا أن حاجتهم للأجر أشد من حاجة الفقير للصدقة.
وقفة
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ ما أصعب الإخلاص! فطلب الشكر على ما يستحق الشكر ينافي الإخلاص.
وقفة
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ الشكر داخل في عموم الجزاء، لكن أعيد ذكره والله أعلم لأن النفوس تتطلع للشكر والثناء وتحبه كثيرًا.
وقفة
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ مدح الله للمخلصين يقتضي ذمه للمرائين، الذين لا يعملون العمل إلا وهم يريدون الثناء من الناس.
عمل
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ جاهد نفسك أن يكون قولك وفعلك وشأنك كله لله فقط، وهذا مقام عظيم لا يوفَّق له إلا من وفقه الله.
وقفة
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ تربية ربانية لصاحب المعروف على الإخلاص؛ ومن علاماته: عدم طلب المقابل على العطاء ولو بكلمة ثناء.
وقفة
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ قال ابن تيمية: «كان المحققون للإخلاص لا يطلبون من المحسن إليه لا دعاء ولا ثناء ولا غير ذلك، فإنه إرادة جزاء منه؛ فإن الدعاء نوع من الجزاء على الإحسان والإساءة».
وقفة
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ كانت عائشة رضي الله عنها إذا أرسلت إلى قوم بهدية تقول للمرسَل: «اسمع ما يدعون به لنا، حتى ندعو لهم بمثل ما دعوا لنا، ويبقى أجرنا على الله تعالى».
وقفة
[9] ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ قيل: إنهم لا يذكرون هذا بألسنتهم، وإنما هو حديث مع النفس؛ نفوسٌ كبيرة لا تعرف المَنَّ.
وقفة
[9] ﴿إِنَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ لا نُريدُ مِنكُم جَزاءً وَلا شُكورًا﴾ طلب الجزاء أو الشكر على المعروف لا يكون إلا على حساب الإخلاص.
وقفة
[9] ﴿إِنَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ لا نُريدُ مِنكُم جَزاءً وَلا شُكورًا﴾ جبلت النفوس علي حب الجزاء والثناء، فمن جاهد نفسه علي العطاء بلا ترقب شكر ولا اطراء؛ بلغ رتبة الأنقياء الأتقياء.
وقفة
[9] ﴿إِنَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ لا نُريدُ مِنكُم جَزاءً وَلا شُكورًا﴾ لما استحضروا في أنفسهم الآخرة والخوف من أهوائها؛ تعالوا في مطالبهم علي حظوظ الدنيا, راغبين فيما عند الله، فهو خير وأبقي.
عمل
[9] ﴿إِنَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ لا نُريدُ مِنكُم جَزاءً وَلا شُكورًا﴾ تعامل مع الناس وفق هذه القاعدة، قدِّم المعروف ولا تلتفت.
وقفة
[9] ولا يزال في أمة محمد ﷺ أناس يؤثرون على أنفسهم، ويعرفون للسائل والمحروم حقه في أموالهم، ويعطون لا يريدون جزاء ولا ثناء، ما انقطعوا ولا ينقطعون إلى يوم القيامة، لسان حالهم: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾.
وقفة
[9] إخلاص الأعمال لله تعالى ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾.
وقفة
[9] لا يقع الإخلاص لله تعالى في قلب امرئ أحب شهرة أو مدحًا أو ثناء من الناس؛ لمزاحمة أحدهما اﻵخر ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾.
وقفة
[9] ما أعظم صدق النية! ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾، قال مجاهد: «أما والله ما قالوه بألسنتهم، ولكن علم الله به من قلوبهم، فأثنى عليهم به».
عمل
[9] إذا أحسنتَ لأحد فلا تنتظر منه شكرًا، فإن كنتَ كذلك لم تكن مريدًا بإحسانك وجه الله تعالى ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾.
عمل
[9] فى الحياة إذا أردْتَ أن لا تندمَ على شيءٍ؛ فافعلْ كل شيءٍ لوجهِ الله ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾.
عمل
[9] تفقّد خطواتك، طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها إلا الله تعالى ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾.
عمل
[9] ﴿لا نُريدُ مِنكُم جَزاءً وَلا شُكورًا﴾ كانوا حقًّا صادقين، يحبون ألا يقابل عملهم بشكر الناس أو ثنائهم، احتفل بعملك الجميل الذي لم تخالطه كلمة شكر.
وقفة
[9] ﴿لا نُريدُ مِنكُم جَزاءً وَلا شُكورًا﴾ مما تعلمته من الآية الكريمة: عدم انتظار ولو الشكر والثناء على العمل من كائنٍ أيا كان.
وقفة
[9] ﴿لا نُريدُ مِنكُم جَزاءً وَلا شُكورًا﴾ ليسوا فقط لا ينتظرون الشكر والمكافأة، بل هم لا يرغبون فيها أصلًا، ولا يحبونها، ولا يريدونها.
عمل
[9] ﴿لا نُريدُ مِنكُم جَزاءً وَلا شُكورًا﴾ أعلنها بوضوح، دعهم يشعرون برفضك لكل تفكير في الثمن.
وقفة
[9] ﴿لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ لنْ تَذُوقَ طعم الرَّاحةِ فِي يومِك مع النَّاس، وأنتَ تَنتَظرْ منهم رد الجميلِ وشُكرِك على ما قدَّمْتَه، لِذلكَ إذا فعَلت خيرًا لأحدِهِم؛ فَانْتظرِ الجزاءَ يَأتيكَ من ربِّ السَّماوات والأَرض.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّما نُطْعِمُكُمْ:
  • كافة ومكفوفة. نطعمكم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. الكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. والجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به- مقول القول- المقدر أي يقولون لهم ذلك
  • ﴿ لِوَجْهِ اللَّهِ:
  • جار ومجرور يعرب اعراب «عَلى حُبِّهِ» في الآية الكريمة السابقة.الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالضمة وعلامة الجر الكسرة. أي من أجل وجه الله واللام للتعليل.
  • ﴿ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال وهي فعل مضارع مسبوق بلا النافية مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن.منكم: جار ومجرور متعلق بلا نريد والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ جَزاءً وَلا شُكُوراً:
  • معطوفة على «جزاء» وتعرب اعرابها وهي مصدر أي شكرا. جزاء: مفعول به منصوب بلا نريد وعلامة نصبه الفتحة المنونة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنَّ الشاكرين يُحسِنونَ إلى هؤلاء المحتاجِينَ؛ بَيَّنَ هنا أنَّ لهم فيه غرَضَينِ: الأول: تحصيلُ رِضا اللهِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [10] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا ..

التفسير :

[10]إنا نخاف من ربنا يوماً شديداً تَعْبِس فيه الوجوه، وتتقطَّبُ الجباه مِن فظاعة أمره وشدة هوله.

{ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا} أي:شديد الجهمة والشر{ قَمْطَرِيرًا} أي:ضنكا ضيقا،

ثم أضافوا إلى ذلك قولهم: إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً.

والعبوس: صفة مشبهة لمن هو شديد العبس، أى كلوح الوجه وانقباضه.

والقمطرير: الشديد الصعب من كل شيء يقال: اقمطرّ يومنا، إذا اشتدت مصائبه.

ووصف اليوم بهذين الوصفين على سبيل المجاز في الإسناد، والمقصود وصف أهله بذلك، فهو من باب: فلان نهاره صائم.

أى: ويقولون لهم- أيضا- عند تقديم الطعام لهم: إنا نخاف من ربنا يوما، تعبس فيه الوجوه، من شدة هوله، وعظم أمره، وطول بلائه.

أى: أنهم لم يقدموا الطعام- مع حبهم له- رياء ومفاخرة، وإنما قدموه ابتغاء وجه الله، وخوفا من عذابه.

( إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) أي : إنما نفعل هذا لعل الله أن يرحمنا ويتلقانا بلطفه في اليوم العبوس القمطرير .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ( عبوسا ) ضيقا ، ( قمطريرا ) طويلا .

وقال عكرمة وغيره ، عنه ، في قوله : ( يوما عبوسا قمطريرا ) أي : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران .

وقال مجاهد : ( عبوسا ) العابس الشفتين ، ( قمطريرا ) قال : تقبيض الوجه بالبسور .

وقال سعيد بن جبير وقتادة : تعبس فيه الوجوه من الهول ، ( قمطريرا ) تقليص الجبين وما بين العينين ، من الهول .

وقال ابن زيد : العبوس : الشر . والقمطرير : الشديد .

وأوضح العبارات وأجلاها وأحلاها ، وأعلاها وأولاها - قول ابن عباس ، رضي الله عنه .

قال ابن جرير : والقمطرير هو : الشديد ; يقال : هو يوم قمطرير ويوم قماطر ، ويوم عصيب وعصبصب ، وقد اقمطر اليوم يقمطر اقمطرارا ، وذلك أشد الأيام وأطولها في البلاء والشدة ، ومنه قول بعضهم :

بني عمنا ، هل تذكرون بلاءنا ؟ عليكم إذا ما كان يوم قماطر

يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم أنهم يقولون لمن أطعموه من أهل الفاقة والحاجة: ما نطعمكم طعاما نطلب منكم عوضا على إطعامناكم جزاء ولا شكورا، ولكنا نطعمكم رجاء منا أن يؤمننا ربنا من عقوبته في يوم شديد هوله، عظيم أمره، تعبِس فيه الوجوه من شدّة مكارهه، ويطول بلاء أهله، ويشتدّ. والقمطرير: هو الشديد، يقال: هو يوم قمطرير، أو يوم قماطر، ويوم عصيب. وعصبصب، وقد اقمطرّ اليوم يقمطرّ اقمطرارا، وذلك أشدّ الأيام وأطوله في البلاء والشدّة؛ ومنه قول بعضهم:

بنـي عَمّنـا هَـلْ تَذْكُـرُونَ بَلاءَنـا

عليكُـمْ إذا مـا كـانَ يَـوْمٌ قُمـاطِيرُ (4)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة عن معناه، فقال بعضهم: هو أن يعبِس أحدهم، فيقبض بين عينيه حتى يسيل من بين عينيه مثل القطران.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا مصعب بن سلام التميمي، عن سعيد، عن عكرِمة، عن ابن عباس، في قوله: ( عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) قال: يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران.

حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس ( يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) قال: القمطرير: المُقَبِّض بين عينيه.

&; 24-100 &;

حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصلت، قال: ثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، قال: سألت ابن عباس، عن قوله: ( قَمْطَرِيرًا ) قال: يُقَبِّض ما بين العينين.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس ( يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) قال: يقبِّض ما بين العينين.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) قال: يوم يقبِّض فيه الرجل ما بين عينيه ووجهه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) عبست فيه الوجوه، وقبضت ما بين أعينها كراهية ذلك اليوم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( قَمْطَرِيرًا ) قال: تُقبِّض فيه الجباه، وقوم يقولون: القمطرير: الشديد.

حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: المقبِّض ما بين العينين.

قال: وثنا وكيع، عن عمر بن ذرّ، عن مجاهد، قال: هو المقبض ما بين عينيه.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن أبي عمرو، عن عكرِمة، قال: القمطرير: ما يخرج من جباههم مثل القطران، فيسيل على وجوهم.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( قَمْطَرِيرًا ) قال: يُقبِّض الوجه بالبسور.

وقال آخرون: العبوس: الضيق، والقمطرير: الطويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( عَبُوسًا ) يقول: ضيقا. وقوله: ( قَمْطَرِيرًا ) يقول: طويلا.

وقال آخرون: القمطرير: الشديد.

&; 24-101 &;

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في: ( إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) قال: العَبوس: الشرّ، والقَمْطَرير: الشديد.

المعاني :

يوما عبوسا :       تـَـكْـلـَحُ فيه الوُجُوه لِهَوْله معاني القرآن
قمطريرا :       شديد العُبوس معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[10] ﴿إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا﴾ أي يومًا تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته، قال الأخفش: «القمطرير: أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء».
وقفة
[10] ﴿إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا﴾ عبست فيه الوجوه، وقبضت ما بين أعينها كراهية ذلك اليوم.
وقفة
[10] ﴿إِنّا نَخافُ مِن رَبِّنا يَومًا عَبوسًا قَمطَريرًا﴾ هذا فى الحقيقة ما يجب أن تخشاه وتعمل له ألف حساب.
وقفة
[10] ﴿إِنّا نَخافُ مِن رَبِّنا يَومًا عَبوسًا قَمطَريرًا﴾ لا تخاف مديرًا ولا رئيسًا ولا كبيرًا، إنما هذا هو ما يجب أن تخافه.
وقفة
[10،11] تعظيم الله جلَّ جلاله عند المؤمن واستعداده للقاء ربه يثمر صلاحًا في النفس، وثباتًا على الحق، فيكرمه الله تعالى بحفظه، ويرزقه الطمأنينة، مع ما أعده الله تعالى له في الجنة.
وقفة
[10،11] ﴿إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّـهُ﴾ ببساطة: خوفهم من الله هو الذي نجاهم.
وقفة
[10،11] خوفـك وقاية.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّا:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» المدغمة ضمير متصل- ضمير المتكلمين- مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» والجملة الفعلية بعده:في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ نَخافُ مِنْ رَبِّنا:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. من رب: جار ومجرور متعلق بنخاف. و «نا» ضمير متصل- ضمير المتكلمين- مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ يَوْماً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة رغم كونه ظرف زمان لأنه ليس على معنى «في» في هذه الآية. وانما المراد أنهم يخافون نفس اليوم.
  • ﴿ عَبُوساً قَمْطَرِيراً:
  • صفتان- نعتان- ليوما منصوبان مثله. أي مكفهر الوجه شديد العبوس وقد وصف اليوم بالعبوس مجازا أي يوصف بصفة أهله من الاشقياء.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     الثَّاني: الاحترازُ مِن خَوفِ يومِ القيامةِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [11] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ ..

التفسير :

[11] فوقاهم الله من شدائد ذلك اليوم، وأعطاهم حسناً ونوراً في وجوههم، وبهجة وفرحاً في قلوبهم

{ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} فلا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة [هذا يومكم الذي كنتم توعدون].

{ وَلَقَّاهُمْ} أي:أكرمهم وأعطاهم{ نَضْرَةً} في وجوههم{ وَسُرُورًا} في قلوبهم، فجمع لهم بين نعيم الظاهر والباطن

والفاء في قوله: فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ.. للتفريع على ما تقدم ولبيان ما ترتب على إخلاصهم وسخائهم من ثواب. أى: فترتب على وفائهم بالنذور، وعلى خوفهم من عذاب الله- تعالى- وعلى سخائهم وإخلاصهم، ترتب على كل ذلك أن دفع الله- تعالى- عنهم شر ذلك اليوم، وهو يوم القيامة.

وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً أى: وجعلهم يلقون فيها حسنا وبهجة في الوجوه، وسرورا وانشراحا في الصدور، بدل العبوس والكلوح الذي حل بوجوه الكفار.

قال الله تعالى : ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ) وهذا من باب التجانس البليغ ، ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ) أي : آمنهم مما خافوا منه ، ( ولقاهم نضرة ) أي : في وجوههم ، ( وسرورا ) أي : في قلوبهم . قاله الحسن البصري وقتادة وأبو العالية والربيع بن أنس . وهذه كقوله تعالى : ( وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ) [ عبس : 38 ، 39 ] . وذلك أن القلب إذا سر استنار الوجه ، قال كعب بن مالك في حديثه الطويل : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وقالت عائشة : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا تبرق أسارير وجهه . الحديث .

وقوله: ( فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا )

يقول جل ثناؤه: فدفع الله عنهم ما كانوا في الدنيا يحذرون من شر اليوم العبوس القمطرير بما كانوا في الدنيا يعملون مما يرضي عنهم ربهم، لقَّاهم نضرة في وجوههم، وسرورا في قلوبهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل،

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: ( وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ) قال: نَضْرة في الوجوه، وسرورا في القلوب.

حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ) نضرة في وجوههم، وسرورا في قلوبهم.

حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ) قال: نعمة وسرورا.

المعاني :

لقـّـاهم نضرة :       أعطاهُم حُسْـنـًا و بَهْجَة في الوُجوه معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[11] كان الأحنف بن قيس يريد الصوم، فقيل له في ذلك، فقال: «إني أُعِدُّه ليومٍ شره طويل»، ثم تلا: ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّـهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ﴾.
وقفة
[11] من خاف الله في الدنيا، وأخذ أُهبتَه من طاعة ربه، أمَّنَه من أهوال يوم القيامة، ووقاه الفزع الأكبر، تأمل قوله سبحانه عن طائفة من عباده المحسنين في سورة الإنسان: ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّـهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ﴾.
وقفة
[11] قال ابن القيم: «جمع لهم بين النضرة والسرور، وهذا جمال ظواهرهم، وهذا حال بواطنهم، كما جمّلوا في الدنيا ظواهرهم بشرائع الإسلام، وبواطنهم بحقائق الإيمان».
وقفة
[11] ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ سُرور القلب مِن نَعيم الجنَّة العاجل! وأوفر الناس حظًّا به في الدنيا الرّاضون عن ربهم في كل حال وأهلُ البرّ وصنائع المعروف والكاشفون للكُـرَب المتودِّدُون بأخلاقهم.
وقفة
[11] ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ إذا سر القلب استنار الوجه, وقد جمع الله لأوليائه بين نعيم الظاهر ونعيم الباطن؛ بأن نضر وجوههم, وأسعد قلوبهم.
وقفة
[11] تأمل قوله تعالى: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ فالنضرة تعلو صفحة الوجه، والسرور لذة قلبية لا ترى، فجمع الله أكمل النعيم وأتمه، ظاهرًا وباطنًا، وإذا كان الرائي لأهل الدنيا المترفين -ممن تنعموا واختلطوا بأسيادهم وكبرائهم- يرى أثر ذلك عليهم، فكيف بحال من تنعم بصحبة النبيين، وتلذذ برؤية وجه رب العالمين؟

الإعراب :

  • ﴿ فَوَقاهُمُ اللَّهُ:
  • الفاء سببية. وقى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر، و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول مقدم.الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب. اليوم: بدل من اسم الاشارة مجرور مثله وعلامة جره الكسرة ويجوز أن يكون صفة لاسم الاشارة.
  • ﴿ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً
  • الواو عاطفة وما بعدها: بعرب اعراب «وقاهم شر» والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. وسرورا: معطوفة بالواو على «نضرة» وتعرب اعرابها. أي وأعطاهم بدل عبوس الفجار وحزنهم نضرة في الوجوه وسرورا في القلوب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     ولَمَّا كان فِعلُ الشاكرين هذا خالصًا لله تعالى؛ ذكرَ اللهُ هنا خمسة عشر صنفًا من أصناف النعيم، وهي: ١- وقاهم اللهُ بفضلِه شرَّ يوم القيامة. ٢- أعطاهم بهاءً ونورًا في وجوههم، قال تعالى:
﴿ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فوقاهم:
1- بخفة القاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بشدها، وهى قراءة أبى جعفر.

مدارسة الآية : [12] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا

التفسير :

[12] ، وأثابهم بصبرهم في الدنيا على الطاعة جنة عظيمة يأكلون منها ما شاؤوا، ويَلْبَسون فيها الحرير الناعم

{ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا} على طاعة الله، فعملوا ما أمكنهم منها، وعن معاصي الله، فتركوها، وعلى أقدار الله المؤلمة، فلم يتسخطوها،{ جَنَّةً} جامعة لكل نعيم، سالمة من كل مكدر ومنغص،{ وَحَرِيرًا} كما قال [تعالى:]{ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ولعل الله إنما خص الحرير، لأنه لباسهم الظاهر، الدال على حال صاحبه.

( وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ ) أى : بسبب صبرهم ( جَنَّةً ) عظيمة . . و ( وَحَرِيراً ) جميلا يلبسونه .

وقوله : ( وجزاهم بما صبروا ) أي : بسبب صبرهم أعطاهم ونولهم وبوأهم ( جنة وحريرا ) أي : منزلا رحبا ، وعيشا رغدا ولباسا حسنا .

وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن سليمان الداراني ، قال : قرئ على أبي سليمان الداراني سورة : ( هل أتى على الإنسان ) فلما بلغ القارئ إلى قوله : ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) قال بما صبروا على ترك الشهوات في الدنيا ، ثم أنشد :

كم قتيل بشهوة وأسير أف من مشتهي خلاف الجميل

شهوات الإنسان تورثه الذل وتلقيه في البلاء الطويل

يقول تعالى ذكره: وأثابهم الله بما صبروا في الدنيا على طاعته، والعمل بما يرضيه عنهم جنة وحريرا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) يقول: وجزاهم بما صبروا على طاعة الله، وصبروا عن معصيته ومحارمه، جنة وحريرا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا﴾ صبروا على الطاعة، صبروا عن المعصية، صبروا عن المصيبة؛ فاستحقوا بذلك الجنة.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ لما كان في الصبر -الذي هو حبس النفس عن الهوى- خشونة وتضييق، جازاهم على ذلك نعومة الحرير وسعة الجنة.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ دخل في ذلك: الصبر على كل مصيبة ورزيَّةٍ، بفقد مال، وموت حميم وقريب، ومضض الفقر، والأوجاع والأماض، وأشباه ذلك إذا جرع غصصه، وصبر على آلامه، وسلم فيها لحكم ربه.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ هـذا الجـزاء؛ إذن فما أصغـرَ الـوجـع!
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ اعلم أن رحلة صبرك لها نهاية سعيدة محملة بجوائز ربانية ﻻ تخطر على بال.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ لقد عانوا من خشونة حياتهم وقسوة ظروفهم وتجعد مآسيهم فعوضهم باللين والنعومة والحرير.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ ما أثقل الصبر على النفس! الصبر أشبه بمن يكتم صرخة فيبتلعها بأعماقه فتفتت ضلوعه ألمًا، يا رب ننتظر جزاءك.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ لما كان في الصبر خشونة وتضييق؛ جازاهم على ذلك نعومة الحرير وسعة الجنة.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ تفي وتكفي، تشدُّ عزائم القلب وتريحُ الصدر أنسًا بالله ورضًا بما عنده من أجورٍ للصابرين.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ وربي إنها كافية للصبر عن المعصية.
وقفة
[12] ‏﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ المطالب العالية -ومنها الجنة- لا تنال إلا على جسر من التعب، وصبر على الطاعات والأقدار، وعن المحارم.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ أي بصبرهم على الجوع وإيثار غيرهم على أنفسهم.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ النهاية السعيدة الأكيدة لرحلة الصبر الشاقة الطويلة المثيرة.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ ثمن الجنَّة صبرٌ يتدثر به المؤمن، وما هي إلا أن يضع قدمه على عتبة الجنة فينسى كلَّ المتاعب.
عمل
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ لا تفقد صبرك؛ فالأشياء الجميلة تأتي بعد صبر جميل.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ لما كان في الصبر الذي هو حبس النفس عن الهوى خشونة وتضييق؛ جازاهم بذلك نعومة الحرير وسعة الجنة.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ نفحة باردة فى أرواح القابضين على الجمر.
عمل
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ لا تيأسْ إنْ طالَ صبرك، فجميع الأشياء الجميلةِ ستأتي، لكنَّك تحتاجُ إلى صبر.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا﴾ اصبر على طاعة الله، ومارسها، اصبر عن معصية الله، واجتنبها، اصبر على أقدار الله المؤلمة، وتحملها، وانتظر الجزاء العظيم من الله عز وجل ﴿جنة وحريرا﴾.
وقفة
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ إلى الذين كانت أحزانهم أكبر من أفراحهم؛ إلى الذين لم يستطيعوا كبت آلامهم الموجعة وإخفائها عن أعين المارِّين: تقبل الله أحزانكم في موازين صبركم.
تفاعل
[12] ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[12] قرأ رجل على أبي سليمان الداراني سورة الإنسان، فلما بلغ: ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ قال أبو سليمان: «بما صبروا على ترك الشهوات في الدنيا».
وقفة
[12] من فسح لنفسه في اتباع الهوى؛ ضيق عليها في قبره ويوم معاده، ومن ضيق عليها بمخالفة الهوى؛ وسع عليها في قبره ومعاده، وقد أشار الله تعالى إلى هذا في قوله: ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ فلما كان في الصبر -الذي هو حبس النفس عن الهوى- خشونة وتضييق؛ جازاهم على ذلك نعومة الحرير وسعة الجنة.
وقفة
[12] كلَّما دعاك الشيطانُ لشيءٍ ووجدت من نفسك جنوحًا عن الدرب ورغبةً في الذنب؛ تذكَّر: ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾، صبرًا يا نفس.
وقفة
[12] بعض المحن منح ﴿وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً
  • الواو عاطفة. وما بعدها: يعرب اعراب «لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً» الواردة في الآية الكريمة السابقة الباء حرف جر. ما: مصدرية. صبروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصالة بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «صبروا» صلة «ما» لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بجزاهم. أي بصبرهم على الايثار لأنهم آثروا المساكين واليتامى على أنفسهم بستانا فيه مأكل هني وحرير فيه ملبس بهي.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ٣- أثابهم بصبرهم في الدنيا على الطاعة جنة عظيمة يأكلون منها ما شاؤوا، ويَلْبَسون فيها الحرير الناعم، قال تعالى:
﴿ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا ..

التفسير :

[13] متكئين فيها على الأسرَّة المزينة بفاخر الثياب والستور، لا يرون فيها حر شمس ولا شدة برد

{ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} الاتكاء:التمكن من الجلوس، في حال الرفاهية والطمأنينة [الراحة]، والأرائك هي السرر التي عليها اللباس المزين،{ لَا يَرَوْنَ فِيهَا} أي:في الجنة{ شَمْسًا} يضرهم حرها{ وَلَا زَمْهَرِيرًا} أي:بردا شديدا، بل جميع أوقاتهم في ظل ظليل، لا حر ولا برد، بحيث تلتذ به الأجساد، ولا تتألم من حر ولا برد.

مُتَّكِئِينَ فِيها أى: في الجنة عَلَى الْأَرائِكِ أى: على السرر، أو على ما يتكأ عليه من سرير أو فراش ونحوه.

لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً أى: لا يرون فيها شمسا شديدة الحرارة بحيث تؤذيهم أو تضرهم، ولا يرون فيها كذلك زَمْهَرِيراً أى: بردا مفرطا، يقال: زمهر اليوم، إذا اشتد برده.

والمقصود من الآية الكريمة أنهم لا يرون في الجنة إلا جوا معتدلا، لا هو بالحار ولا هو بالبارد.

يخبر تعالى عن أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم ، وما أسبغ عليهم من الفضل العميم ، فقال : ( متكئين فيها على الأرائك ) وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة " الصافات " ، وذكر الخلاف في الاتكاء : هل هو الاضطجاع ، أو التمرفق ، أو التربع أو التمكن في الجلوس ؟ وأن الأرائك هي السرر تحت الحجال .

وقوله : ( لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ) أي : ليس عندهم حر مزعج ، ولا برد مؤلم ، بل هي مزاج واحد دائم سرمدي ، ( لا يبغون عنها حولا ) [ الكهف : 108 ] .

وقوله: ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ ) يقول: متكئين في الجنة على السُّرر في &; 24-102 &; الحجال، وهي الأرائك واحدتها أريكة. وقد بيَّنا ذلك بشواهده، وما فيه من أقوال أهل التأويل فيما مضى بما أغنى عن إعادته، غير أنا نذكر في هذا الموضع من الرواية بعض ما لم نذكره إن شاء الله تعالى قبل.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ ) يعني: الحِجال.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ ) كنا نُحدَّث أنها الحجال فيها الأسرّة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الحصين، عن مجاهد ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ ) قال: السُّرُر في الحجال. ونصب ( مُتَّكِئِينَ ) فيها على الحال من الهاء والميم.

وقوله ( لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا ) يقول تعالى ذكره: لا يرَوْن فيها شمسا فيؤذيهم حرّها، ولا زمهريرا، وهو البرد الشديد، فيؤذيهم بردها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا زياد بن عبد الله الحساني، قال: ثنا مالك بن سعير، قال: ثنا الأعمش، عن مجاهد، قال: الزمهرير: البرد المفظع.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله: ( لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا ) يعلم أن شدّة الحرّ تؤذي، وشدّة القرّ تؤذي، فوقاهم الله أذاهما.

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن السُّدِّيّ، عن مرّة بن عبد الله قال في الزمهرير: إنه لون من العذاب، قال الله: لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّها، فَقالَتْ: رَبّ، أكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَنَفِّسْنِي، فأذِنَ لَهَا فِي كُلِّ عامٍ بِنَفَسَيْنِ؛ فأشَدَّ ما تَجِدُونَ مِنَ البَرْدِ مِنْ زَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ وأشَدَّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ".

المعاني :

الأرائك :       السّرُر في الحِجال(جمع حِجلة مُحرّكة- بيت يُزيّن بالقـِباب و الأسِرّة و السّـتور) معاني القرآن
زمهريرا :       بَرْدًا شديدا . أو قَمَرًا معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[12،13] ولما كان في الصبر من حبس النفس، والخشونة التي تلحق الظاهر والباطن من: التعب، والنصب، والحرارة ما فيه؛ كان الجزاء عليه بالجنة التي فيها السعة، والحرير الذي فيه اللين والنعومة، والاتكاء الذي يتضمن الراحة، والظلال المنافية للحر.
وقفة
[13] فجر الجمعة يقرأ الإمام: ﴿متكئين فيها﴾، وفي جمعتها: ﴿في جنة عالية﴾ [الغاشية: 10]، وفي الكهف ﴿أولئك لهم جنات عدن﴾ [الكهف: 31]، أوصاف الجنة مشوقة تسعد القلب فيلهج بالدعاء.
وقفة
[13] ﴿مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ الاتكاء هو جلسة الملوك وأهل البذخ والترف، وهي جلسة بين الجلوس والاضطجاع، وهي جلسة ارتياح، تليق بمن تكبد المشاق في سبيل الله، فنالته الجراح.
عمل
[13] ﴿مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ جزاء كثرة القيام بأمر الله في الدنيا؛ كثرة الإتكاء على الأرائك في الآخرة، فقم هنا؛ لتتكئ هناك.
وقفة
[13] ﴿مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ ما أجمل الاتكاء بعد التعب! رزقنا الله وإياكم الجنة.
وقفة
[13] ﴿مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ﴾، ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا﴾ [ص: 51]، ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾ [الرحمن: 54]، ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ [الرحمن: 76]؛ أيها الظهور المنتصبة بين يدي الله فى الليالى، سيطول اتكاؤك وراحتك فى الجنة.
وقفة
[13] ﴿مُتَّكِئينَ فيها عَلَى الأَرائِكِ﴾ حدثنى عن أفخر الأرائك فى الحياة الدنيا، إنما أرائك الجنة لها شأن آخر.
وقفة
[13] ﴿مُتَّكِئينَ فيها عَلَى الأَرائِكِ لا يَرَونَ فيها شَمسًا وَلا زَمهَريرًا﴾ اتكائًا على أرائك مريحة، وجو صحو لطيف لا حار ولا بارد.
عمل
[13] إذا اشتدَّ البرد فتذكروا: ﴿مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۖ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾، واسألوا الله الفردوس الأعلى من الجنة.
تفاعل
[13] شدة البرد من زمهرير جهنم، ولكمال نعيم أهل الجنة؛ فإن الله تعالى نفى عنهم الحر المزعج والبرد المؤلم، فقال سبحانه: ﴿مُتَّكِئينَ فيها عَلَى الأَرائِكِ لا يَرَونَ فيها شَمسًا وَلا زَمهَريرًا﴾، فهل يتذكر صاحب القرآن هذا حينما يقرصه البرد؟! قل: اللهم اجعلني من أهل ذلك النعيم.
وقفة
[13] ﴿الْأَرَائِكِ﴾ وردت خمس مرات في القرآن, وأقوال السلف تأبي أن تفسر بالأسرة إلا بشروط: أن تكون مرتفعة, ولها قبة, ومزينة, وعليها ياقوت أو ذهب، فنسأل الله من فضله, فإن انتقص من هذه الأمور شئ فيسمي سريرًا أو قبة ولا يسمي أريكة.
وقفة
[13] ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ قَالَ قَتَادَةُ: «عَلِمَ اللهُ تَعَالَى أَنَّ شِدَّةَ الحَرِّ تُؤْذِي، وَشِدَّةَ البَرْدِ تُؤْذِي، فَوَقَاهُمْ أَذَاهُمَا جَمِيعًا».
وقفة
[13] ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ ليس في الجنة ضوء شمس ولا ضوء قمر، أي ضوء النهار وضوء الليل، فضياء الجنة من نوع خاص، لن نعرف طبيعته إلا بعد أن ندخلها.
وقفة
[13] ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ من كمال نعيم أهل الجنة: أنهم لا يجدون فيها حرًّا ولا بردًا، قال قتادة: «علم الله أن شدة الحر والبرد تؤذي؛ فوقاهم أذاهما».
وقفة
[13] ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ الجنة ليس فيها شمس ولا قمر، ولا ليل ولا نهار، ولكن تعرف البكرة والعشية بنور يظهر من قبل العرش.
وقفة
[13] ذكر الله تعالى أنه: ﴿لا يَرَونَ فيها شَمسًا وَلا زَمهَريرًا﴾، وذكر: ﴿إِنَّ المُتَّقينَ في ظِلالٍ وَعُيونٍ﴾ [المرسلات: ٤١] فكيف نجمع بين الآيتين؟ الجواب: ليس بين الآيات تعارض، فحرارة الشمس لا تصيبهم، ولكن يصيبهم الضوء والنور، ويحجب عنهم الحر، المقصود بالرؤية الشعور بحرها والذوق له.
وقفة
[13] البرد يمرضنا، الحر يؤذينا، الشمس تحرقنا، فما أجمل الجنة! ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾.
وقفة
[13] في الجنة لا حرٌّ ولا برْدَ يؤذي، فاكتمل نعيمهم من هذه الجهة: ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾، جعلنا الله جميعاً من أهلها.
وقفة
[13] اعتدال الجو من نعيم الجنة؛ لا شمس تحرق ولا برد يمرض ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾، يا رب جنتك.

الإعراب :

  • ﴿ مُتَّكِئِينَ:
  • حال من «هم» في «جزاهم» منصوب بجزى وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
  • ﴿ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة. على الأرائك: جار ومجرور متعلق بمتكئين.
  • ﴿ لا يَرَوْنَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب حال من الضمير في فعل اسم الفاعل «متكئين» لا: نافية لا عمل لها. يرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً:
  • تعرب اعراب «مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً» الواردة في الآية التاسعة.'

المتشابهات :

الكهف: 31﴿وَيَلۡبَسُونَ ثِيَابًا خُضۡرٗا مِّن سُندُسٖ وَإِسۡتَبۡرَقٖ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا
الانسان: 13﴿ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۖ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا
ص: 51﴿ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ٤- متكئون فيها على الأسرَّة المُزَيَّنة. ٥- هم في ظلٍّ دائم لا حرَّ معه ولا برد، قال تعالى:
﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا ..

التفسير :

[14]وقريبة منهم أشجار الجنة مظللة عليهم، وسُهِّل لهم أَخْذُ ثمارها تسهيلاً.

{ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} أي:قربت ثمراتها من مريدها تقريبا ينالها، وهو قائم، أو قاعد، أو مضطجع.

وقوله- سبحانه- وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها.. معطوف على قوله قبل ذلك:

مُتَّكِئِينَ.

و «ظلالها» فاعل «دانية» والضمير في «ظلالها» يعود إلى الجنة.

أى: أن الأبرار جالسون في الجنة جلسة الناعم البال، المنشرح الصدر. وظلال أشجار الجنة قريبة منهم، ومحيطة بهم، زيادة في إكرامهم.

وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا أى: أنهم- فضلا عن ذلك- قد سخرت لهم ثمار الجنة تسخيرا، وسهل الله- تعالى- لهم تناولها تسهيلا عظيما، بحيث إن القاعد منهم والقائم والمضطجع، يستطيع أن يتناول هذه الثمار اللذيذة بدون جهد أو تعب.

فقوله- تعالى-: وَذُلِّلَتْ من التذليل بمعنى الانقياد والتسخير، يقال: ذلّل الكرم- بضم الذال- إذا تدلت عناقيده وصارت في متناول اليد. والقطوف: جمع قطف- بكسر القاف- وهو العنقود حين يقطف أو الثمار المقطوفة.

وبعد أن وصف- سبحانه- جانبا من طعامهم ولباسهم ومسكنهم أخذت السورة الكريمة في وصف شرابهم. فقال- تعالى-: وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا. قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً.

( ودانية عليهم ظلالها ) أي : قريبة إليهم أغصانها ، ( وذللت قطوفها تذليلا ) أي : متى تعاطاه دنا القطف إليه وتدلى من أعلى غصنه ، كأنه سامع طائع ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : ( وجنى الجنتين دان ) [ الرحمن : 54 ] وقال تعالى ( قطوفها دانية ) [ الحاقة : 23 ]

قال مجاهد : ( وذللت قطوفها تذليلا ) إن قام ارتفعت بقدره ، وإن قعد تدلت له حتى ينالها ، وإن اضطجع تدلت له حتى ينالها ، فذلك قوله : ( تذليلا )

وقال قتادة : لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد .

وقال مجاهد : أرض الجنة من ورق ، وترابها المسك ، وأصول شجرها من ذهب وفضة ، وأفنانها من اللؤلؤ الرطب والزبرجد والياقوت ، والورق والثمر بين ذلك ، فمن أكل منها قائما لم يؤذه ، ومن أكل منها قاعدا لم يؤذه ، ومن أكل منها مضطجعا لم يؤذه .

يعني تعالى ذكره بقوله: ( وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا ) وقَرُبت منهم ظلال أشجارها.

ولنصب دانية أوجه: أحدها: العطف به على قوله: مُتَّكِئِينَ فِيهَا . والثاني: العطف به على موضع قوله: لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا لأن موضعه نصب، وذلك أن معناه: متكئين فيها على الأرائك، غير رائين فيها شمسًا. والثالث: نصبه على المدح، كأنه قيل: متكئين فيها على الأرائك، ودانية بعد عليهم ظلالها، كما يقال: عند فلان جارية جميلة، وشابة بعد طرية، تضمر مع هذه الواو فعلا ناصبا للشابة، إذا أريد به المدح، ولم يُرَد به النَّسَق؛ وأُنِّثَتْ دانيةً لأن الظلال جمع. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله بالتذكير: ( وَدَانِيا عَلَيْهِمْ ظِلالُها ) وإنما ذكر لأنه فعل متقدّم، وهي في قراءة فيما بلغني: ( وَدَانٍ ) رفع على الاستئناف.

وقوله: ( وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا ) يقول: وذُلِّل لهم اجتناء ثمر شجرها، كيف شاءوا قعودا وقياما ومتكئين.

وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا ) قال: إذا قام ارتفعت بقدره، وإن قعد تدلَّت حتى ينالها، وإن اضطجع تدلَّت حتى ينالها، فذلك تذليلها.

حدثنا بشر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا ) قال: لا يردُّ أيديَهم عنها بُعد ولا شوك.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ قال: الدانية: التي قد دنت عليهم ثمارها.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا ) قال: يتناوله كيف شاء جالسا ومتكئا.

المعاني :

دانِية عليهم ظلالها :       قريبة منهم ظلال أشجارها معاني القرآن
ذلـّلتْ قطوفها :       قُرّبت ثِمارُها لمتناولِها معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[14] ﴿وَدانِيَةً عَلَيهِم ظِلالُها وَذُلِّلَت قُطوفُها تَذليلًا﴾ لن تبذل أى مجهود يذكر فى قطافها.
وقفة
[14] ﴿وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا﴾ من ذلَّت نفسه للطاعة؛ ذلَّت له القطوف يوم القيامة.
وقفة
[14] ﴿وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا﴾ قال مجاهد: «إن قام ارتفعت معه بقدره، وإن قعد تذلَّلت له حتى ينالها، وإن اضطجع تذللت له حتى ينالها، فذلك قوله تعالى: (تَذْلِيلًا).
وقفة
[14] قال تعالي عن ثمار الجنة: ﴿وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا﴾، من عظيم كرم الله أنه لا يريد أي عناء للمؤمن، ولو بفتح غلاف الثمرة وإخراج الحب من داخلها، فذلل الثمرة لهم تذليلًا.

الإعراب :

  • ﴿ وَدانِيَةً:
  • معطوفة بالواو على جملة «لا يَرَوْنَ» الحالية و «دانية» حال مثلها لأنها في حكم مفرد تقديره: غير رائين. وذلك لرجوع الضمير منها إليهم في «عليهم» ودخلت الواو على تقديره وجزاهم جنة جامعين فيها بين البعد عن الحر والقر ودنو الظلال عليهم. ويجوز أن تكون «متكئين» وجملة «لا يَرَوْنَ» و «دانية» كلها صفات لجنة، ويجوز أن تكون «ودانية» معطوفة على «جنة» أي وجنة أخرى دانية عليهم ظلالها. و «دانية» بمعنى قريبة
  • ﴿ عَلَيْهِمْ ظِلالُها:
  • على حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بدانية. أو بفعلها و «ظلال» فاعل لاسم الفاعل «دانية» مرفوع بالضمة. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة أي وتدنو عليهم ظلالها.
  • ﴿ وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها:
  • الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال لأنها معطوفة على حال «دانية» أي وتدنو ظلالها عليهم وتذلل قطوفها لهم. أو معطوفة عليها على تقدير: ودانية عليهم ظلالها ومذللة قطوفها. وتكون الجملة حالا لجنة في حالة جعل «دانية» صفة لها. أي بتقدير: جنة ذللت قطوفها. ذللت: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. قطوف: نائب فاعل مرفوع بالضمة. و «ها» أعربت في «ظلالها» وهي جمع «قطف» أي ما يقطف من الثمر.
  • ﴿ تَذْلِيلًا:
  • مفعول مطلق- مصدر- منصوب وعلامة نصبه الفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ٦- قريبة منهم أشجار الجنة مظللة عليهم. ٧- قرب ثمار الجنة لأهلها، قال تعالى:
﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ودانية:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، وهى قراءة أبى حيوة.
3- ودانيا، وهى قراءة الأعمش.
4- ودان، مرفوع، وهى قراءة أبى.

مدارسة الآية : [15] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ ..

التفسير :

[15] ويدور عليهم الخدم بأواني الطعام الفضيَّة، وأكواب الشراب من الزجاج

ويطاف على أهل الجنة أي:يدور [عليهم] الخدم والولدان{ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا}

وقوله: وَيُطافُ من الطواف، وهو السعى المكرر حول الشيء، ومنه الطواف بالكعبة. والآنية: جمع إناء، وهو اسم لكل وعاء يوضع فيه الطعام والشراب والمراد بها هنا:

الأوانى: التي يستعملونها في مجالس شرابهم.

والأكواب: جمع كوب، وهو القدح الذي لا عروة له، وعطفه على الآنية من باب عطف الخاص على العام.

والقوارير: جمع قارورة وهي في الأصل إناء رقيق من الزجاج النقي الشفاف، توضع فيه الأشربة وما يشبهها، فتستقر فيه.

وقوله : ( ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب ) أي : يطوف عليهم الخدم بأواني الطعام ، وهي من فضة ، وأكواب الشراب وهي الكيزان التي لا عرى لها ولا خراطيم .

وقوله : ( قوارير )

وقوله: ( وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ) يقول تعالى ذكره: ويُطاف على هؤلاء الأبرار بآنية من الأواني التي يشربون فيها شرابهم، هي من فضة كانت قواريرًا، فجعلها فضة، وهي في صفاء القوارير، فلها بياض الفضة وصفاء الزجاج.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ) يقول: آنية من فضة، وصفاؤها وتهيؤها كصفاء القوارير.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد ( من فضة ) ، قال: فيها رقة القوارير في صفاء الفضة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ ) قال: صفاء القوارير وهي من فضة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ ) أي صفاء القوارير في بياض الفضة.

وقوله: ( وأكْوَابٍ ) يقول: ويُطاف مع الأواني بجرار ضِخام فيها الشراب، وكلّ جرّة ضخمة لا عروة لها فهي كوب.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( وأكْوَابٍ ) قال: ليس لها آذان.

وقد حدثنا ابن حميد: قال: ثنا مهران، عن سفيان بهذا الحديث بهذا الإسناد عن مجاهد، فقال: الأكواب: الأقداح.

وقوله: ( كَانَتْ قَوَارِيرَا ) يقول: كانت هذه الأواني والأكواب قواريرًا، فحوّلها الله فضة. وقيل: إنما قيل: ويطاف عليهم بآنية من فضة، ليدلّ بذلك على أن أرض الجنة فضة، لأن كل آنية تُتَّخذ، فإنما تُتَّخذ من تُرْبة الأرض التي فيها، فدلّ جلّ ثناؤه بوصفه الآنية متى يطاف بها على أهل الجنة أنها من فضة، ليعلم عباده أن تربة أرض الجنة فضة.

&; 24-105 &;

واختلفت القرّاء في قراءة قوله " قوارير، وسلاسل "، فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة غير حمزة: سَلاسِلا وقواريرا( قَوَارِيرًا ) بإثبات الألف والتنوين وكذلك هي في مصاحفهم، وكان حمزة يُسْقط الألِفات من ذلك كله، ولا يجري شيئا منه، وكان أبو عمرو يُثبت الألف في الأولى من قوارير، ولا يثبتها في الثانية، وكلّ ذلك عندنا صواب، غير أن الذي ذَكَرت عن أبي عمرو أعجبهما إليّ، وذلك أن الأوّل من القوارير رأس آية، والتوفيق بين ذلك وبين سائر رءوس آيات السورة أعجب إليّ إذ كان ذلك بإثبات الألفات في أكثرها.

**

يقول تعالى ذكره: ( قَوَارِيرَا ) في صفاء الصفاء من فضة الفضة من البياض (5) .

كما حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: قال الحسن، في قوله: كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قال: صفاء القوارير في بياض الفضة.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن كثير، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله الله ( قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ ) قال: بياض الفضة في صفاء القوارير.

حدثني يعقوب، قال: ثنا مروان بن معاوية، قال: أخبرنا ابن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قال: كان ترابها من فضة.

وقوله: ( قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ ) قال: صفاء الزجاج في بياض الفضة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال، عن قتادة، في قوله: قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قال: لو احتاج أهل الباطل (6) أن يعملوا إناء من فضة يرى ما فيه من خلفه، كما يرى ما في القوارير ما قدروا عليه.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ ) قال: هي من فضة، وصفاؤها: صفاء القوارير في بياض الفضة.

&; 24-106 &;

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ ) قال: على صفاء القوارير، وبياض الفضة.

وقوله: ( قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) يقول: قدّروا تلك الآنية التي يُطاف عليهم بها تقديرا على قَدْر رِيِّهم لا تزيد ولا تنقص عن ذلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: ( قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) قال: قُدّرت لريّ القوم.

حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) قال: قدر ريِّهم.

حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا عمر بن عبيد، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) قال: لا تنقص ولا تفيض.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) قال: لا تَترع فتُهراق، ولا ينقصون من مائها فتنقص فهي ملأى.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) لريِّهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) قدرت على ريّ القوم.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) قال: قدّروها لريهم على قدر شربهم أهل الجنة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) قال: ممتلئة لا تُهَراق، وليست بناقصة.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: قدّروها على قدر الكفّ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، &; 24-107 &; عن ابن عباس: ( قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) قال: قدرت للكفّ.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: ( قَدَّرُوها ) بفتح القاف، بمعنى: قدّرها لهم السُّقاة الذين يطوفون بها عليهم. ورُوي عن الشعبيّ وغيره من المتقدمين أنهم قرءوا ذلك بضم القاف، بمعنى: قُدّرت عليهم، فلا زيادة فيها ولا نقصان.

والقراءة التي لا أستجير القراءة بغيرها فتح القاف، لإجماع الحجة من القرّاء عليه.

المعاني :

أكواب :       أقداح بلا عرى و خراطيم معاني القرآن
قوارير :       كالزّجاجات في الصّـفاء معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[15] ﴿ويطاف عليهم﴾، ﴿ويسقون فيها كأسا﴾ [17] لِمَ لم يسم فاعله، ثم قال تعالى: ﴿ويطوف عليهم ولدان مخلدون﴾ [19] بصيغة الفاعل؟ الجواب: أن القصد بالأول: وصف الآنية والمشروب، والمقصود بالثاني: وصف الطائف.
وقفة
[15] ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا﴾ الألفاظ هي الألفاظ، لكن الحقائق شيء آخر، فلا الآنية هي الآنية، ولا الأكواب هي الأكواب، وكل ما خطر ببالك، فالجنة أعظم من ذلك.
وقفة
[15] ﴿وَيُطافُ عَلَيهِم بِآنِيَةٍ مِن فِضَّةٍ وَأَكوابٍ كانَت قَواريرا﴾ ما حرم عليك فى الدنيا صار حلالًا فى الجنة.
وقفة
[15] ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا﴾ امتثل المؤمنون في الدنيا اجتناب البطر وآنية الذهب والفضة؛ فكوفئوا بصحاف وأكواب من فاخر الذهب والفضة.
وقفة
[15، 16] لا يلقي المؤمنون في منازل التكريم إلا ما تشتهيه الانفس وتلذ الأعين, حتي ما يسقون فيه من أكواب لها صفاء الزجاج وبريق الفضة.

الإعراب :

  • ﴿ وَيُطافُ عَلَيْهِمْ:
  • الواو عاطفة. يطاف: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل. أي ويطوف السقاة عليهم.
  • ﴿ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ:
  • جار ومجرور متعلق بيطاف وهي جمع «اناء» من فضة:جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لآنية. و «من» حرف جر بياني.
  • ﴿ وَأَكْوابٍ:
  • معطوفة بالواو على «آنية» وتعرب اعرابها أي وبأكواب والجملة بعدها في محل جر صفة لها بحذف الجار اكتفاء بما قبله.
  • ﴿ كانَتْ قَوارِيرَا:
  • فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي. قواريرا:خبر «كان» منصوب بالفتحة الظاهرة والكلمة ممنوعة من الصرف على وزن «مفاعيل» وجاء الألف زائدا لأن فوقه صفرا مستديرا ولأنه رأس آية.ومفردها قارورة.'

المتشابهات :

الصافات: 45﴿ يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ
الزخرف: 71﴿ يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ
الانسان: 15﴿ يُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     ٨- يدور عليهم الخدم بآنية الفضة، قال تعالى:
﴿ وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قواريرا:
قرئ:
1- بالتنوين وصلا، وإبداله ألفا وقفا، وهى قراءة نافع، والكسائي.
2- بمنعه من الصرف، وهى قراءة أبى عمرو، وحفص.

مدارسة الآية : [16] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا

التفسير :

[16]زجاج من فضة، قدَّرها السقاة على مقدار ما يشتهي الشاربون لا تزيد ولا تنقص

{ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} أي:مادتها من فضة، [وهي] على صفاء القوارير، وهذا من أعجب الأشياء، أن تكون الفضة الكثيفة من صفاء جوهرها وطيب معدنها على صفاء القوارير.

{ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} أي:قدروا الأواني المذكورة على قدر ريهم، لا تزيد ولا تنقص، لأنها لو زادت نقصت لذتها، ولو نقصت لم تف بريهم. ويحتمل أن المراد:قدرها أهل الجنة بنفوسهم بمقدار يوافق لذاتهم، فأتتهم على ما قدروا في خواطرهم.

أى: ويطاف على هؤلاء الأبرار بآنية كائنة من فضة، وبأكواب وأقداح من فضة- أيضا- وجعلت هذه الأكواب في مثل القوارير في صفائها ونقائها، وفي مثل الفضة في جمالها وحسنها، بحيث يرى ما بداخلها من خارجها.

وقوله- سبحانه- قَدَّرُوها تَقْدِيراً أى: إن الطائفين بهذه الأكواب عليهم، قد وضعوا فيها من الشراب على مقدار ما يشبع هؤلاء الأبرار ويرويهم بدون زيادة أو نقصان والطائفون عليهم بذلك هم الخدم الذين جعلهم الله- تعالى- لخدمة هؤلاء الأبرار. وبنى الفعل للمجهول للعلم بهم.

وقال- سبحانه- هنا بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وفي سورة الزخرف يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ.. زيادة في تكريمهم وفي سمو منزلتهم، إذ تارة يطاف عليهم بأكواب من فضة، وتارة يطاف عليهم بصحاف من ذهب، ومن المعروف أنه كلما تعددت المناظر الحسنة، والمشارب اللذيذة، كان ذلك أبهج للنفس.

والمراد بالكينونة في قوله- تعالى- كانَتْ قَوارِيرَا.. أنها تكونت ووجدت على هذه الصفة.

قال الآلوسى: قوله- تعالى- كانَتْ قَوارِيرَا أى: كانت تلك الأكواب قوارير، جمع قارورة، وهي إناء رقيق من الزجاج توضع فيه الأشربة، ونصبه على الحال، فإن «كان» تامة، وهو كما تقول: خلقت قوارير. وقوله- تعالى-: قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ بدل. والكلام على التشبيه البليغ.

والمراد تكونت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها، ولون الفضة وبياضها.

وقرأ نافع والكسائي وأبو بكر بتنوين قَوارِيرَا في الموضعين وصلا، وإبداله ألفا وقفا. وابن كثير يمنع صرف الثاني ويصرف الأول.. والقراءة بمنع صرفهما للباقين .

وقال الشوكانى: وجملة «قدروها تقديرا» صفة لقوارير.. أى: قدرها السقاة من الخدم، الذين يطوفون عليهم على قدر ما يحتاج إليه الشاربون من أهل الجنة، من دون زيادة ولا نقصان..، وقيل: قدرها الملائكة. وقيل: قدرها الشاربون لها من أهل الجنة على مقدار حاجتهم، فجاءت كما يريدون في الشكل لا تزيد ولا تنقص.. .

وقوله : ( قوارير قوارير من فضة ) فالأول منصوب بخبر " كان " أي : كانت قوارير . والثاني منصوب إما على البدلية أو تمييز ; لأنه بينه بقوله : ( قوارير من فضة )

قال ابن عباس ومجاهد والحسن البصري ، وغير واحد : بياض الفضة في صفاء الزجاج ، والقوارير لا تكون إلا من زجاج ، فهذه الأكواب هي من فضة ، وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها ، وهذا مما لا نظير له في الدنيا .

قال ابن المبارك ، عن إسماعيل ، عن رجل ، عن ابن عباس : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة . رواه ابن أبي حاتم .

وقوله : ( قدروها تقديرا ) أي : على قدر ريهم ، لا تزيد عنه ولا تنقص ، بل هي معدة لذلك ، مقدرة بحسب ري صاحبها . هذا معنى قول ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبي صالح ، وقتادة ، وابن أبزى ، وعبد الله بن عبيد الله بن عمير ، وقتادة ، والشعبي ، وابن زيد . وقاله ابن جرير وغير واحد . وهذا أبلغ في الاعتناء والشرف والكرامة .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( قدروها تقديرا ) قدرت للكف . وهكذا قال الربيع بن أنس . وقال الضحاك : على قدر أكف الخدام . وهذا لا ينافي القول الأول ، فإنها مقدرة في القدر والري .

وقوله: ( وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا ) يقول تعالى ذكره: ويُسْقَى هؤلاء القوم الأبرار في الجنة كأسا، وهي كلّ إناء كان فيه شراب، فإذا كان فارغا من الخمر لم يقل له: كأس، وإنما يقال له: إناء، كما يقال للطبق الذي تهدى فيه الهدية: المِهْدَى مقصورا ما دامت عليه الهدية فإذا فرغ مما عليه كان طبقا أو خِوَانا، ولم يكن مِهْدًى ( كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا ) يقول: كان مزاج شراب الكأس التي يُسقون منها زنجبيلا.

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: يمزج لهم شرابهم بالزنجبيل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا ) قال: تمزج بالزنجبيل.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا ) قال: يأثُرُ لهم ما كانوا يشربون في الدنيا. زاد الحارث في حديثه: فَيُحَبِّبُهُ إليهم.

وقال بعضهم: الزنجبيل: اسم للعين التي منها مزاج شراب الأبرار.

المعاني :

قدّروها :       جَعَلوا شرابَها على قدْر الرِّيّ معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[16] ﴿قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ قال القرطبي: «هذا التقدير هو أن الأقداح تطير، فتغترف بمقدار شهوة الشارب، وذلك قوله تعالى: (قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا) أي لا يفضل عن الري لا ينقص منه، فقد ألهمت الأقداح معرفة مقدار ري المشتهي، حتى تغترف بذلك المقدار».
وقفة
[16] ﴿قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ قدروها تقديرًا: جاءت على مقدار حاجتهم، فلا يزيد عليها ولا ينقص عنها، فلا تقول: ليته لم يفضل أو ليته كان أكثر.
وقفة
[16] آنية أهل الجنة: ﴿قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾، فجمع الله لأهل الجنة ما لا يكون في الدنيا، بياض الفضة في صفاء الزجاج.

الإعراب :

  • ﴿ قَوارِيرَا:
  • بدل من «قوارير» الأولى وتعرب اعرابها. ولم تنون لأنها ممنوعة من الصرف.
  • ﴿ مِنْ فِضَّةٍ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. أي أنها مخلوقة من فضة.
  • ﴿ قَدَّرُوها:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب صفة- نعت- لقوارير من فضة وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أي قدروها في أنفسهم وتمنوها
  • ﴿ تَقْدِيراً:
  • مفعول مطلق- مصدر- منصوب وعلامة نصبه الفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ التَّعْبِيرُ بِالقارُورَةِ رُبَّما أفْهَمَ أوْ أوْهَمَ أنَّها مِنَ الزُّجاجِ، وكانَ في الزُّجاجِ مِنَ النَّقْصِ سُرْعَةُ الِانْكِسارِ لِإفْراطِ الصَّلابَةِ؛ بَيَّنَ هنا أنها جَمَعَتْ صِفَتَيِ الجَوْهَرَيْنِ المُتَبايِنَيْنِ: صَفاءُ الزُّجاجِ وبَرِيقُهُ، وبَياضُ الفِضَّةِ وشَرَفُها ولِينُها، قال تعالى:
﴿ قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قواريرا:
قرئ:
1- بالتنوين وصلا، وإبداله ألفا وقفا، وهى قراءة نافع، والكسائي.
2- بمنعه من الصرف، وهى قراءة أبى عمرو، وحفص.
3- بالرفع، أي: هو قوارير، وهى قراءة الأعمش.
قدروها:
1- مبنيا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة على، وابن عباس، والسلمى، والشعبي، وابن أبزى، وقتادة، وزيد بن على، والجحدري، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وأبى حيوة، وعباس، عن أبان، والأصمعى، عن أبى عمرو، وابن عبد الخالق، عن يعقوب.

مدارسة الآية : [17] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا ..

التفسير :

[17] ويُسْقَى هؤلاء الأبرار في الجنة كأساً مملوءة خمراً مزجت بالزنجبيل

{ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا} أي:في الجنة من كأس، وهو الإناء المملوء من خمر ورحيق،{ كَانَ مِزَاجُهَا} أي:خلطها{ زَنْجَبِيلًا} ليطيب طعمه وريحه.

ثم بين- سبحانه- محاسن شراب أهل الجنة فقال: وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا.

والمراد بالكأس هنا: كأس الخمر. والضمير في قوله فِيها يعود إلى الجنة.

والزنجبيل: نبات ذو رائحة عطرية طيبة، والعرب كانوا يستلذون الشراب الممزوج به.

وقوله : ( ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ) أي : ويسقون - يعني الأبرار أيضا - في هذه الأكواب ) كأسا ) أي : خمرا ، ( كان مزاجها زنجبيلا ) فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور وهو بارد ، وتارة بالزنجبيل وهو حار ، ليعتدل الأمر ، وهؤلاء يمزج لهم من هذا تارة ومن هذا تارة . وأما المقربون فإنهم يشربون من كل منهما صرفا ، كما قاله قتادة وغير واحد . وقد تقدم قوله : ( عينا يشرب بها عباد الله ) وقال هاهنا

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا ) رقيقة يشربها المقرّبون صِرْفا، وتمزج لسائل أهل الجنة. وقوله: ( عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا ) يقول تعالى ذكره: عينا في الجنة تسمى سلسبيلا. قيل: عُنِي بقوله سلسبيلا سلسة مُنقادا ماؤها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا ) عينا سلسة مستقيدا ماؤها.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( تُسَمَّى سَلْسَبِيلا ) قال: سلسة يصرفونها حيث شاءوا.

وقال آخرون: عُني بذلك أنها شديدة الجِرْيَةِ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا ) قال: حديدة الجِرْية.

حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا الأشجعي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

قال: ثنا أبو أسامة، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: سلسة الجرية.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا ) حديدة الجِرْية.

حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

واختلف أهل العربية في معنى السلسبيل وفي إعرابه، فقال بعض نحويِّي البصرة، قال بعضهم: إن سلسبيل صفة للعين بالتسلسل. وقال بعضهم: إنما أراد عينا تسمى سلسبيلا أي: تسمى من طيبها السلسبيل أي: توصف للناس كما تقول: الأعوجّي والأرحبيّ والمهريّ من الإبل، وكما تنسب الخيل إذا وصفت إلى الخيل المعروفة المنسوبة كذلك تنسب العين إلى أنها تسمى، لأن القرآن نـزل على كلام العرب، قال: وأنشدني يونس:

صَفْـرَاءُ مِـنْ نَبْـعٍ يُسَـمَّى سَـهْمُها

مِـنْ طُـولِ ما صَرَعَ الصُّيُودَ الصَّيِّبُ (7)

&; 24-109 &;

فرفع الصَّيِّبُ لأنه لم يرد أن يسمى بالصَّيب، إنما الصَّيب من صفة الاسم والسهم، وقوله: " يسمى سهمها " أي يذكر سهمها. قال: وقال بعضهم: لا بل هو اسم العين، وهو معرفة، ولكنه لما كان رأس آية، وكان مفتوحا، زيدت فيه الألف، كما قال: ( كَانت قَوارِيرا ) . وقال بعض نحويِّي الكوفة: السلسبيل: نعت أراد به سلس في الحلق، فلذلك حَرِيّ أن تسمى بسلاستها.

وقال آخر منهم: ذكروا أن السلسبيل اسم للعين، وذكروا أنه صفة للماء لسلسه وعذوبته؛ قال: ونرى أنه لو كان اسما للعين لكان ترك الإجراء فيه أكثر، ولم نر أحدا ترك إجراءها وهو جائز في العربية، لأن العرب تجري ما لا يجرى في الشعر، كما قال متمم بن نويرة:

فَمَــا وَجْـدُ أظْـآرٍ ثَـلاثٍ رَوَائـمٍ

رأيْـنَ مخَـرًّا مِـنْ حُـوَارٍ ومَصْرَعا (8)

فأجرى روائم، وهي مما لا يُجرَى.

والصواب من القول في ذلك عندي أن قوله: ( تُسَمَّى سَلْسَبِيلا ) صفة للعين، وصفت بالسلاسة في الحلق، وفي حال الجري، وانقيادها لأهل الجنة يصرّفونها حيث شاءوا، كما قال مجاهد وقتادة؛ وإنما عني بقوله ( تُسَمَّى ) : توصف.

وإنما قلت ذلك أولى بالصواب لإجماع أهل التأويل على أن قوله: ( سَلْسَبِيلا ) صفة لا اسم.

المعاني :

كأسًا :       خَمْرًا أو زجاجة فيها خَمْر معاني القرآن
مزاجُها :       ما تـُـمزَج به و تـُخْـلط معاني القرآن
زنجبيلا :       ماءً كالزنجبيل في أحْسَن أوصافه معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[17] ﴿وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا﴾ قال ابن القيم: «وهذا لأن الجزاءَ وفاق العمل، فكما خلصت أعمال المقرَّبين كلها لله خلُص شرابهم، وكما مزج الأبرار الطاعات بالمباحات مُزِجَ لهم شرابهم، فمن أخلص أُخلِص شرابه، ومن مزج مُزِج شرابه»، جزاءً وفاقًا.
وقفة
[17] ﴿وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا﴾ قال قتادة: «الزنجبيل اسم العين التي يشرب بها المقرَّبون صرفًا، ومُزج لسائر أهل الجنة».

الإعراب :

  • ﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً:
  • الواو عاطفة. يسقون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل نائب فاعل.فيها: جار ومجرور متعلق بيسقون. كأسا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة بعده: في محل نصب صفة له.
  • ﴿ كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا:
  • أعربت في الآية الكريمة الخامسة'

المتشابهات :

الانسان: 5﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا
الانسان: 17﴿وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ٩- يُسْقون كأسًا من خمر ممزوجة بالزنجبيل، قال تعالى:
﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا

التفسير :

[18]يشربون مِن عينٍ في الجنة تسمى سلسبيلاً؛ لسلامة شرابها وسهولة مساغه وطيبه.

{ عَيْنًا فِيهَا} أي:في الجنة،{ تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} سميت بذلك لسلاستها ولذتها وحسنها.

والسلسبيل وصف قيل مشتق من السلاسة بمعنى السهولة واللين، يقال: ماء سلسل، أى:

عذب سائغ للشاربين، ومعنى تُسَمَّى على هذا الرأى. أى: توصف بالسلاسة والعذوبة.

وقيل: السلسبيل: اسم لهذه العين، لقوله- تعالى- تُسَمَّى.

أى: أن هؤلاء الأبرار- بجانب كل ما تقدم من نعم- يسقون في الجنة من كأس مليئة بالخمر، وهذه الخمر التي يشربونها ممزوجة بالزنجبيل، فتزداد لذة على لذتها.

ويسقون- أيضا- من عين فيها- أى: في الجنة- تسمى سلسبيلا، وذلك لسلاسة مائها ولذته وعذوبته، وسهولة نزوله إلى الحلق.

قال صاحب الكشاف: سَلْسَبِيلًا سميت بذلك- لسلاسة انحدارها في الحلق، وسهولة مساغها. يعنى: أنها في طعم الزنجبيل، وليس فيها لذعة، ولكن فيها نقيض اللذع وهو السلاسة، فقال: شراب سلسل وسلسال وسلسبيل، وقد زيدت الباء في التركيب حتى صارت الكلمة خماسية. ودلت على غاية السلاسة...

( عينا فيها تسمى سلسبيلا ) أي : الزنجبيل عين في الجنة تسمى سلسبيلا .

قال عكرمة : اسم عين في الجنة . وقال مجاهد : سميت بذلك لسلاسة سيلها وحدة جريها .

وقال قتادة : ( عينا فيها تسمى سلسبيلا ) عين سلسة مستقيد ماؤها .

وحكى ابن جرير عن بعضهم أنها سميت بذلك لسلاستها في الحلق . واختار هو أنها تعم ذلك كله ، وهو كما قال .

يقول تعالى ذكره: ويطوف على هؤلاء الأبرار ولدان، وهم الوصفاء، مخلَّدون.

اختلف أهل التأويل في معنى: ( مُخَلَّدُونَ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: أنهم لا يموتون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ) أي: لا يموتون.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.

وقال آخرون: عني بذلك ( وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ) مُسَوّرون.

وقال آخرون: بل عني به أنهم مقرّطون. وقيل: عني به أنهم دائم شبابهم، لا يتغيرون عن تلك السنّ.

وذُكر عن العرب أنها تقول للرجل إذا كبر وثبت سواد شعره: إنه لمخلَّد؛ كذلك إذا كبر وثبت أضراسه وأسنانه قيل: إنه لمخلد، يراد به أنه ثابت الحال، وهذا تصحيح لما قال قتادة من أن معناه: لا يموتون، لأنهم إذا ثبتوا على حال واحدة فلم يتغيروا بهرم ولا شيب ولا موت، فهم مخلَّدون. وقيل: إن معنى قوله: ( مُخَلَّدُوَن ) مُسَوّرون بلغة حِمْير؛ وينشد لبعض شعرائهم:

وَمُخَـــلَّدَاتٌ بـــاللُّجَيْنِ كأنَّمَــا

أعْجـــازُهُنَّ أقـــاوِزُ الْكُثْبــانِ (9)

&; 24-111 &;

وقوله: ( إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ) يقول تعالى ذكره: إذا رأيت يا محمد هؤلاء الولدان مجتمعين أو مفترقين، تحسبهم في حُسنهم، ونقاء بياض وجوههم، وكثرتهم، لؤلؤًا مبدّدا، أو مجتَمِعا مصبوبا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ) قال: من كثرتهم وحُسْنِهِم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ ) من حسنهم وكثرتهم ( لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ) وقال قتادة: عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو، قال: ما من أهل الجنة من أحد إلا ويسعى عليه ألف غلام، كلّ غلام على عملٍ ما عليه صاحبه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: ( حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ) قال: في كثرة اللؤلؤ وبياض اللؤلؤ.

المعاني :

تُسَمّى سلسبيلا :       يُوصَف شرابُها بالسّلاسة في الإنسياغ معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[18] ﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا﴾ سُمِّيَت بذلك لسلاسة انحدارها في الحلق، وسهولة شربها، وقيل: هي في طعم الزنجبيل، لكن ليس فيها لذعته.
وقفة
[18] ﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلًا﴾ لفظ (سَلْسَبِيلًا) مركب من وصفين: سَلَسَ وسَبَلَ فجمع القرآن بينهما بكلمة واحده (سَلْسَبِيلًا) وهذا من مبتكرات القرآن, وكذلك عيون الجنة سُبْلَي أي: كثيرةُ الماء وسلسة الانحدار في الحَلْقِ.

الإعراب :

  • ﴿ عَيْناً فِيها:
  • بدل من «زنجبيلا» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. أو بدل من «كأسا» على معنى تمزج كأسهم بالزنجبيل بعينه أو يخلق الله طعمه فيها بتقدير ويسقون فيها كأسا كأس عين أو تكون منصوبة على الاختصاص.فيها: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة للموصوف «عينا».
  • ﴿ تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة للموصوف «عينا» تسمى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي: سلسبيلا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي لسهولة مساغها وسلاسة انحدارها في الحلق. قال الأخفش هي معرفة ولكن لما كانت رأس آية وكانت مفتوحة زيدت فيها الألف أي هي اسم عين في الجنة ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ١٠- يشربون من عين في الجنة تسمى سَلْسبيلًا، قال تعالى
﴿ عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا ..

التفسير :

[19] ويدور على هؤلاء الأبرار لخدمتهم غلمان دائمون على حالهم، إذا أبصرتهم ظننتهم -لحسنهم وصفاء ألوانهم وإشراق وجوههم- اللؤلؤ المفرَّق المضيء.

{ وَيَطُوفُ} على أهل الجنة، في طعامهم وشرابهم وخدمتهم.

{ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} أي:خلقوا من الجنة للبقاء، لا يتغيرون ولا يكبرون، وهم في غاية الحسن،{ إِذَا رَأَيْتَهُمْ} منتشرين في خدمتهم{ حَسِبْتَهُمْ} من حسنهم{ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} وهذا من تمام لذة أهل الجنة، أن يكون خدامهم الولدان المخلدون، الذين تسر رؤيتهم، ويدخلون على مساكنهم، آمنين من تبعتهم، ويأتونهم بما يدعون وتطلبه نفوسهم،

ثم أخبر- سبحانه- عن نوع آخر من الخدم، يطوفون على هؤلاء الأبرار لخدمتهم، فقال: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ، إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً.

أى: ويطوف على هؤلاء الأبرار وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ أى: دائمون على ما هم عليه من النضارة والشباب.. إذا رأيتهم- أيها المخاطب حَسِبْتَهُمْ وظننتهم لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً أى: حسبتهم من حسنهم، وصفاء ألوانهم، ونضارة وجوههم.. لؤلؤا ودرا مفرقا في جنبات المجالس وأوسطها.

فقوله- تعالى- مُخَلَّدُونَ احتراس المقصود منه دفع توهم أنهم سيصيرون في يوم من الأيام كهولا، قالوا: وشبهوا باللؤلؤ المنثور، لأن اللؤلؤ إذا نثر على البساط، كان أكثر جمالا منه فيما لو كان منظوما.

وقوله تعالى : ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) أي : يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة ( مخلدون ) أي : على حالة واحدة مخلدون عليها ، لا يتغيرون عنها ، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن . ومن فسرهم بأنهم مخرصون في آذانهم الأقرطة ، فإنما عبر عن المعنى بذلك ; لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير .

وقوله : ( إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) أي : إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة ، وكثرتهم ، وصباحة وجوههم ، وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم ، حسبتهم لؤلؤا منثورا . ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن .

قال قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو : ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف خادم ، كل خادم على عمل ما عليه صاحبه .

وقوله: ( وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإذا نظرت ببصرك يا محمد، ورميت بطرفك فيما أعطيتُ هؤلاء الأبرار في الجنة من الكرامة. وعُني بقوله: ( ثَمَّ ) الجنة ( رَأَيْتَ نَعِيمًا )، وذلك أن أدناهم منـزلة من ينظر في مُلكه فيما قيل في مسيرة ألفي عام، يُرى أقصاه، كما يرى أدناه.

وقد اختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله لم يذكر مفعول رأيت الأول، فقال بعض نحويِّي البصرة: إنما فعل ذلك لأنه يريد رؤية لا تتعدى، كما تقول: ظننت في الدار، أخبر بمكان ظنه، فأخبر بمكان رؤيته. وقال بعض نحويِّي الكوفة: إنما فعل ذلك لأن معناه: وإذا رأيت ما ثم رأيت نعيما، قال: وصلح إضمار ما كما قيل: لقد تقطع بينكم، يريد: ما بينكم، قال: ويقال: إذا رأيت ثم يريد: إذا نظرت ثم، &; 24-112 &; أي إذا رميت ببصرك هناك رأيت نعيما.

وقوله: ( وَمُلْكًا كَبِيرًا ) يقول: ورأيت مع النعيم الذي ترى لهم ثَمَّ مُلْكا كبيرا. وقيل: إن ذلك الملك الكبير: تسليم الملائكة عليهم، واستئذانهم عليهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: ثني من سمع مجاهدا يقول: ( وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ) قال: تسليم الملائكة.

قال: ثنا عبد الرحمن، قال: سمعت سفيان يقول في قوله: ( مُلْكًا كَبِيرًا ) قال: بلغنا أنه تسليم الملائكة.

حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا الأشجعيّ، في قوله: ( وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ) قال: فسَّرها سفيان قال: تستأذن الملائكة عليهم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ) قال استئذان الملائكة عليهم.

المعاني :

ولدان مُخَلـّدون :       مُـبَقـَّـوْن على هيْئة الولدان في البَهاء معاني القرآن
لؤلؤا منثورا :       اللؤلؤ المُـفـرّق في الحُـسْن و الصّـفاء معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[19] قال: ﴿ويطاف عليهم﴾ [15]، وبعده: ﴿ويطوف عليهم﴾، إنما ذكر الأول بلفظ المجهول لأن المقصود ما يطاف به، لا الطائفون، ولهذا قال: ﴿بآنية من فضة﴾ [15]، ثم ذكر الطائفين فقال: ﴿ويطوف عليهم ولدان مخلدون﴾.
وقفة
[19] ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ وأحسن من يتخذ للخدمة الولدان؛ لأنهم أخف حركة وأسرع مشيًا، ولأن المخدوم لا يتحرج إذا أمرهم أو نهاهم.
وقفة
[19]﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ هذا وصف الخدم، فما ظنك بالمخدومين؟! لا شك أن حالهم ونعيمهم أعظم وأعلى! جعلنا الله وإياك من أهل ذلك النعيم.
وقفة
[19] ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ إذا كان حال الغلمان الذين يخدمونهم في الجنَّة بهذا الجمال، فكيف بأهل الجنَّة أنفسهم!
وقفة
[19] ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ شبَّههم في جمالهم وانتشارهم في مجالسهم عند اشتغالهم بالخدمة باللؤلؤ المنثور، ولا شك أن طوافهم بأسيادهم جعلهم يبدون متناثرين.
وقفة
[19] ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ خدم أهل الجنة وصفهم الله بـــ (لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا)، واللؤلؤ المنثور أفضل من المنظوم في هذه الحال؛ لأن المنتثور يفيد الكثرة ولتناثره فإنه يعكس النور على بعضه البعض، وذلك أفضل من اللؤلؤ المنظوم.
وقفة
[19] ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ هذا الخادم! فكيف المخدوم؟
وقفة
[19] ﴿إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ شبههم بالمنثور لأنهم سراع في الخدمة، بخلاف الحور شبههن باللؤلؤ المكنون المخزون لأنهن لا يُمتهنَّ بالخدمة.
وقفة
[19] ﴿إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا﴾ هذا من التشبيه العجيب؛ لأن اللؤلؤ إذا كان متفرقًا كان أحسن في المنظر؛ لوقوع شعاع بعضه على بعض.
تفاعل
[19] ﴿إِذا رَأَيتَهُم حَسِبتَهُم لُؤلُؤًا مَنثورًا﴾ قل: «اللهم ارزقنا رؤيتهم».

الإعراب :

  • ﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ:
  • الواو عاطفة. يطوف: فعل مضارع مرفوع بالضمة.على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بيطوف.
  • ﴿ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. مخلدون: صفة- نعت- لولدان مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الواو لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
  • ﴿ إِذا:
  • ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه.
  • ﴿ رَأَيْتَهُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالاضافة وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ حَسِبْتَهُمْ:
  • الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها من الاعراب وتعرب اعراب «رأيتهم».
  • ﴿ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً:
  • مفعول به ثان منصوب بالفتحة. منثورا: صفة- نعت- للولؤا منصوبة مثلها بالفتحة.'

المتشابهات :

الطور: 24﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ
الواقعة: 17﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ
الانسان: 19﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ١١- يدور عليهم في الجنة لخدمتهم وِلْدان باقون على شبابهم، قال تعالى:
﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا ..

التفسير :

[20] وإذا أبصرت أيَّ مكان في الجنة رأيت فيه نعيماً لا يُدْركه الوصف، ومُلْكاً عظيماً واسعاً لا غاية له.

{ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ} أي:هناك في الجنة، ورمقت ما هم فيه من النعيم{ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} فتجد الواحد منهم، عنده من القصور والمساكن والغرف المزينة المزخرفة، ما لا يدركه الوصف، ولديه من البساتين الزاهرة، والثمار الدانية، والفواكه اللذيذة، والأنهار الجارية، والرياض المعجبة، والطيور المطربة [المشجية] ما يأخذ بالقلوب، ويفرح النفوس.

وعنده من الزوجات. اللاتي هن في غاية الحسن والإحسان، الجامعات لجمال الظاهر والباطن، الخيرات الحسان، ما يملأ القلب سرورا، ولذة وحبورا، وحوله من الولدان المخلدين، والخدم المؤبدين، ما به تحصل الراحة والطمأنينة، وتتم لذة العيش، وتكمل الغبطة.

ثم علاوة ذلك وأعظمه الفوز برؤيةالرب الرحيم، وسماع خطابه، ولذة قربه، والابتهاج برضاه، والخلود الدائم، وتزايد ما هم فيه من النعيم كل وقت وحين، فسبحان الملك المالك، الحق المبين، الذي لا تنفد خزائنه، ولا يقل خيره، فكما لا نهاية لأوصافه فلا نهاية لبره وإحسانه.

وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ وثم هنا ظرف مكان مختص بالبعيد، وهو منصوب على الظرفية، ومفعول الرؤية غير مذكور، لأن القصد: وإذا صدرت منك- أيها المخاطب رؤية إلى هناك، أى: إلى الجنة ونعيمها.. رَأَيْتَ نَعِيماً لا يقادر قدره وَمُلْكاً كَبِيراً أى: واسعا لا غاية له.

فقوله- سبحانه- رَأَيْتَ الثانية، جواب إذا. والشمار إليه «بثمّ» التي هي بمعنى هناك معلوم من المقام، لأن المقصود به الجنة التي سبق الحديث عنها في مثل قوله:

وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً أى: وإذا سرحت ببصرك إلى هناك رأيت نعيما وملكا كبيرا.

وقوله : ( وإذا رأيت ) أي : وإذا رأيت يا محمد ، ( ثم ) أي : هناك ، يعني في الجنة ونعيمها وسعتها وارتفاعها وما فيها من الحبرة والسرور ، ( رأيت نعيما وملكا كبيرا ) أي : مملكة لله هناك عظيمة وسلطانا باهرا .

وثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لآخر أهل النار خروجا منها ، وآخر أهل الجنة دخولا إليها : إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها .

وقد قدمنا في الحديث المروي من طريق ثوير بن أبي فاختة ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه " ، فإذا كان هذا عطاؤه تعالى لأدنى من يكون في الجنة ، فما ظنك بما هو أعلى منزلة ، وأحظى عنده تعالى .

وقد روى الطبراني هاهنا حديثا غريبا جدا فقال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا محمد بن عمار الموصلي ، حدثنا عفيف بن سالم ، عن أيوب بن عتبة ، عن عطاء ، عن ابن عمر قال : جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال له رسول الله : " سل واستفهم " ، فقال : يا رسول الله ، فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة ، أفرأيت إن آمنت بما آمنت به وعملت بمثل ما عملت به ، إني لكائن معك في الجنة ؟ قال : " نعم ، والذي نفسي بيده ، إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال : لا إله إلا الله ، كان له بها عهد عند الله ، ومن قال : سبحان الله وبحمده ، كتب له مائة ألف حسنة ، وأربعة وعشرون ألف حسنة " ، فقال رجل : كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله ، فتقوم النعمة - أو : نعم الله - فتكاد تستنفذ ذلك كله ، إلا أن يتغمده الله برحمته " . ونزلت هذه السورة : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر ) إلى قوله : ( وملكا كبيرا ) فقال الحبشي : وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة ؟ قال : " نعم " ، فاستبكى حتى فاضت نفسه . قال ابن عمر : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيده .

يقول تعالى ذكره: فوقهم، يعني فوق هؤلاء الأبرار ثياب سُنْدُسٍ. وكان بعض أهل التأويل يتأوّل قوله: ( عالِيَهُمْ ) فوق حِجَالهم المثبتة عليهم ( ثِيَابُ سُنْدُسٍ ) وليس ذلك بالقول المدفوع، لأن ذلك إذا كان فوق حجالٍ هم فيها، فقد علاهم فهو عاليهم.

وقد اختلف أهل القراءة في قراءة ذلك فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة وبعض قرّاء مكة ( عَالِيهُمْ ) بتسكين الياء. وكان عاصم وأبو عمرو وابن كثير يقرءونه بفتح الياء، فمن فتحها جعل قوله ( عالِيَهُمْ ) اسما مرافعا للثياب، مثل قول القائل: ظاهرهم ثياب سندس.

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وقوله: ( ثِيَابُ سُنْدُسٍ ) يعني: ثياب ديباج رقيق حسن، والسندس: هو ما رقّ من الديباج.

&; 24-113 &;

وقوله: ( خُضرٌ ) اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه أبو جعفر القارئ وأبو عمرو برفع: ( خُضْرٌ ) على أنها نعت للثياب، وخفض ( إستَبْرَقٍ ) عطفا به على السندس، بمعنى: وثياب إستبرق. وقرأ ذلك عاصم وابن كثير ( خُضْرٍ ) خفضا( وإسْتَبْرَقٌ ) رفعا، عطفا بالإستبرق على الثياب، بمعنى: عاليهم إستبرق، وتصييرا للخضر نعتا للسندس. وقرأ نافع ذلك: ( خُضْرٌ ) رفعا على أنها نعت للثياب ( وإسْتَبْرَقٌ ) رفعا عطفا به على الثياب. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: ( خُضْرٍ وإسْتَبْرَقٍ ) خفضا كلاهما. وقرأ ذلك ابن محيصن بترك إجراء الإستبرق: ( وإسْتَبْرَقَ ) بالفتح بمعنى: وثياب إستبرق، وفَتَحَ ذلك أنه وجَّهه إلى أنه اسم أعجميّ. ولكلّ هذه القراءات التي ذكرناها وجه ومذهب غير الذي سبق ذكرنا عن ابن محيصن، فإنها بعيدة من معروف كلام العرب، وذلك أن الإستبرق نكرة، والعرب تجري الأسماء النكرة وإن كانت أعجمية، والإستبرق: هو ما غَلُظ من الديباج. وقد ذكرنا أقوال أهل التأويل في ذلك فيما مضى قبل فأغنى ذلك عن إعادته هاهنا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: الإستبرق: الديباج الغليظ.

وقوله: ( وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ ) يقول: وحلاهم ربهم أساور، وهي جمع أسورة من فضة.

وقوله: ( وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ) يقول تعالى ذكره: وسقى هؤلاء الأبرار ربُّهُم شرابا طهورا، ومن طهره أنه لا يصير بولا نجسا، ولكنه يصير رشحا من أبدانهم كرشح المسك.

كالذي حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم التيمي ( وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ) قال: عرق يفيض من أعراضهم مثل ريح المسك.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن منصور، عن إبراهيم التيمي، مثله.

قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم التيمي، قال: إن الرجل من أهل الجنة يقسَمُ له شهوة مئة رجل من أهل الدنيا، وأكلهم وهمتهم، فإذا أكل سقي شرابا طهورا، فيصير رشحا يخرج من جلده أطيب ريحًا من المسك الأذفر، ثم تعود شهوته.

&; 24-114 &;

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( شَرَابًا طَهُورًا ) قال: ما ذكر الله من الأشربة.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن أبان، عن أبي قِلابة: إن أهل الجنة إذا أكلوا وشربوا ما شاءوا دَعَوا بالشراب الطهور فيشربونه، فتطهر بذلك بطونهم ويكون ما أكلوا وشربوا رَشْحا وريحَ مسك، فتضمر لذلك بطونهم.

حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هريرة أو غيره " شكّ أبو جعفر الرازي" قال: صعد جبرائيل بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أُسري به إلى السماء السابعة، فاستفتَح، فقيل له: من هذا؟ فقال: جبرائيل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قالوا: أو قد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجيءُ جاء، قال: فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس على كرسيّ عند باب الجنة، وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس، وقوم في ألوانهم شيء، فقام الذين في ألوانهم شيء، فدخلوا نهرًا فاغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خَلَص من ألوانهم شيء ثم دخلوا نهرًا آخر فاغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خَلَصت ألوانهم، فصارت مثل ألوان أصحابهم، فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم، فقال: يا جبريل من هذا الأشمط، ومن هؤلاء البيض الوجوه، ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شيء، وما هذه الأنهار التي اغتسلوا فيها، فجاءوا وقد صفت ألوانهم؟ قال: هذا أبوك إبراهيم، أوّل من شَمِط على الأرض، وأما هؤلاء البيض الوجوه، فقوم لم يَلْبِسوا إيمانهم بظلم: وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتابوا، فتاب الله عليهم. وأما الأنهار، فأوّلها رحمة الله، والثاني نعمة الله، والثالث سقاهم ربهم شرابا طهورا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ في نفوسنا شوق للعظمة والكرامة والشعور بالتقدير ﻻ تتعجله هنا، كل العظمة والمجد أمامك.
وقفة
[20] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ هذا والله الملك.
وقفة
[20] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ ثـَمَّ (بفتح الثاء): اسم إشارة بمعنى: هناك، أما ثُمَّ (بالضم): حرف عطف.
وقفة
[20] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ كلما سمعتها فجر الجمعة تيقنت أننا مهما عشنا في هذه الدنيا في ترف ونعيم؛ فليس بشيء.
وقفة
[20] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ نعيم لا يعقبه فناء، ولا يكدره شقاء، وأعلاه نظرك لرب الأرض والسماء.
وقفة
[20] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ إذا سمَّى رب العالمين ما أعد في الجنة مُلكًا كبيرًا؛ فأي نعيم -لا يخطر ببال- ينتظرك؟!
وقفة
[20] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ ثمَّة نعيمٌ في الجنة مَهْما وصِف فلن تُدركه العقول.
وقفة
[20] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ أنَّي تلفت في الجنان أبصرت من صنوف النعيم, ومن ألوان التكريم, مالا عين رأت ولا أذن سمعت, فهلا شمرت عن ساعد الجد لذلك الفوز العظيم؟
وقفة
[20] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ هل (ثَمَّ) تفيد الترتيب ولماذا جاءت بالفتح؟ الجواب: (ثَمَّ) معناها في هذه الآية: هناك، وليست حرف عطف.
وقفة
[20] من أساليب القرآن البديعة: الإيجاز، تأمل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾، أي: عظيمًا لا غاية بعده في السعة والجمال والدوام، ففي الآية إيجاز بليغ تذهب فيه النفس كل مذهب!
وقفة
[20] ما من ملك إلا ومعه تعب ووصب وهم وانشغال إلا أهل الجنة؛ فقد حمع الله لهم النعيم والملك: ﴿نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا رَأَيْتَ:
  • معطوفة بالواو على مثيلتها في الآية الكريمة السابقة وتعرب اعرابها، وحذف مفعولها هنا. أو ليس هناك مفعول ظاهر ولا مقدر ليشيع ويعم كأنه قيل: واذا أوجدت الرؤية. ومعناه: ان بصر الرائي أينما وقع لم يتعلق ادراكه الا بنعيم كثير وملك كبير.
  • ﴿ ثَمَّ رَأَيْتَ:
  • ظرف للمكان مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية متعلق برأيت الأولى. أي بمعنى هناك أي في الجنة. رأيت: أعربت و «رأيت» جملة واقعة في جواب شروط غير جازم فلا محل لها.
  • ﴿ نَعِيماً وَمُلْكاً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وملكا: معطوفة بالواو على «نعيما» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ كَبِيراً:
  • صفة- نعت- لملكا منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ١٢- وفرة النَّعيم واتِّساع الجِنان، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ثم:
1- بفتح الثاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، حرف عطف، وهى قراءة حميد الأعرج.

مدارسة الآية : [21] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ..

التفسير :

[21] يعلوهم ويجمل أبدانهم ثياب بطائنها من الحرير الرقيق الأخضر، وظاهرها من الحرير الغليظ، ويُزَيَّنون من الحليِّ بأساور من الفضة، وسقاهم ربهم فوق ذلك النعيم شراباً لا رجس فيه ولا دنس.

{ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ} أي:قد جللتهم ثياب السندس والإستبرق الأخضران، اللذان هما أجل أنواع الحرير، فالسندس:ما غلظ من الديباجوالإستبرق:ما رق منه.{ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ} أي:حلوا في أيديهم أساور الفضة، ذكورهم وإناثهم، وهذا وعد وعدهم الله، وكان وعده مفعولا، لأنه لا أصدق منه قيلا ولا حديثا.

وقوله:{ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} أي:لا كدر فيه بوجه من الوجوه، مطهرا لما في بطونهم من كل أذى وقذى.

ثم فصل- سبحانه- جانبا من مظاهر هذا النعيم العظيم فقال عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ، وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ، وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً.

وقوله عالِيَهُمْ بفتح الياء وضم الهاء- بمعنى فوقهم، فهو ظرف خبر مقدم، وثياب مبتدأ مؤخر، كأنه قيل: فوقهم ثياب ويصح أن يكون حالا للأبرار. أى: تلك حال أهل النعيم والملك الكبير وهم الأبرار.

وقرأ نافع وحمزة عالِيَهُمْ- بسكون الياء وكسر الهاء- على أن الكلام جملة مستأنفة استئنافا بيانيا، لقوله- تعالى- رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً، ويكون لفظ عالِيَهُمْ أسم فاعل مبتدأ.

وقوله: ثِيابُ سُندُسٍ فاعله ساد مسد الخبر، ويصح أن يكون خبرا مقدما، وما بعده مبتدأ مؤخر.

وإضافة الثياب إلى السندس بيانية، مثل: خاتم ذهب والسندس: الديباج الرقيق.

والإستبرق: الديباج الغليظ.

والمعنى: أن هؤلاء الأبرار، أصحاب النعيم المقيم، والملك الكبير، فوق أجسادهم ثياب من أفخر الثياب، لأنهم يجمعون في لباسهم بين الديباج الرقيق، والديباج الغليظ، على سبيل التنعيم والجمع بين محاسن الثياب.

وكانت تلك الملابس من اللون الأخضر، لأنها أبهج للنفس، وشعار لباس الملوك.

وكلمة: «خضر» قرأها بعضهم بالرفع على أنها صفة لثياب، وقرأها البعض الآخر بالجر، على أنها صفة لسندس. وكذلك كلمة «وإستبرق» قرئت بالرفع عطفا على ثياب، وقرئت بالجر عطفا على سندس.

وقوله: وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ بيان لما يتزينون به في أيديهم، أى أن هؤلاء الأبرار يلبسون في أيديهم أساور من فضة، كما هو الشأن بالنسبة للملوك في الدنيا، ومنه ما ورد في الحديث من ذكر سوارى كسرى.

وقوله- تعالى-: وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً أى: وفضلا عن كل تلك الملابس الفاخرة سقاهم ربهم- بفضله وإحسانه- شرابا بالغا نهاية الطهر، فهو ليس كخمر الدنيا، فيه الكثير من المساوئ التي تؤدى إلى ذهاب العقول.. وإنما خمر الآخرة: شراب لذيذ طاهر من كل خبث وقذر وسوء.

وجاء لفظ «طهورا» بصيغة المبالغة، للإشعار بأن هذا الشراب قد بلغ النهاية في الطهارة.

وقوله : ( عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ) أي : لباس أهل الجنة فيها الحرير ، ومنه سندس ، وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم ، والإستبرق منه ما فيه بريق ولمعان ، وهو مما يلي الظاهر ، كما هو المعهود في اللباس ( وحلوا أساور من فضة ) وهذه صفة الأبرار ، وأما المقربون فكما قال : ( يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ) [ الحج : 23 ]

ولما ذكر تعالى زينة الظاهر بالحرير والحلي قال بعده : ( وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) أي : طهر بواطنهم من الحسد والحقد والغل والأذى وسائر الأخلاق الردية ، كما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال : إذا انتهى أهل الجنة إلى باب الجنة وجدوا هنالك عينين فكأنما ألهموا ذلك فشربوا من إحداهما [ فأذهب الله ] ما في بطونهم من أذى ، ثم اغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم .

يقول تعالى ذكره: يقال لهؤلاء الأبرار حينئذ: إن هذا الذي أعطيناكم من الكرامة كان لكم ثوابا على ما كنتم في الدنيا تعملون من الصالحات ( وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا ) يقول: كان عملكم فيها مشكورا، حمدكم عليه ربكم، ورضيه لكم، فأثابكم بما أثابكم به من الكرامة عليه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا ) غفر لهم الذنب، وشكر لهم الحسن.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: تلا قتادة: ( وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا ) قال: لقد شَكر الله سعيا قليلا.

المعاني :

ثياب سندس :       ثِـيَاب من ديباج رقيق معاني القرآن
إستبرق :       ديباج غليظ معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[21] ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ﴾ لم ولن يكون العريُّ نعمة أبدًا.
وقفة
[21] ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ۖ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ﴾ لما ذكر تعالى زينة الظاهر بالحرير والحلي، قال بعده: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾، أي: طهَّر بواطنهم من الحسد والحقد والغل والأذى وسائر الأخلاق الرديئة، فحلَّى الظاهر والباطن.
وقفة
[21] فرق بين: ﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ۖ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ وبين: ﴿قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾ [الحج: 19]، البس ما يرضيه ليُلبسك ما يرضيك.
وقفة
[21] ﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ﴾ مرة أساور من ذهب، ومرة من فضة، إما على التعاقب أو على الجمع بينهما، أو كما يشتهون.
عمل
[21] ﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ﴾ حدِّد مقدار جواهرك في الجنة؛ قال ﷺ: «تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ» [مسلم 250].
وقفة
[21] ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ طهرهم به عن كل ما سواه، أو شديد الطهارة؛ لأنه لا يؤول إلى النجاسة والبول؛ لأنه يرشح عرقًا من أبدانهم، له ريح كريح المسك.
وقفة
[21] ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ إن قلتَ: أيُّ شرفٍ لتلك الدَّار، معِ أنه سقاهم ذلك في الدنيا، قال تعالى: ﴿وَأَسْقيناكُمْ ماءً فُرَاتاَ﴾ [المرسلات: 27] أي عذبًا؟ قلتُ: المراد سقاهم في تلك الدار بغير واسطة، وأيضًا فشتَّان ما بين الشرابين، والآنيتيْنِ، والمنزليْنِ.
وقفة
[21، 22] لم يُكتَف في إكرام أهل الجنة وثوابهم بالإكرام بالفعل، والثواب المحسوس، بل إنهم يكرمون بالقول؛ ولذلك لما قال سبحانه: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾، قال لهم على سبيل الحفاوة والإكرام: ﴿إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾، وهذا له نظائر في القرآن كقوله تعالى: ﴿وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 43].

الإعراب :

  • ﴿ عالِيَهُمْ:
  • حال من الضمير في يطوف عليهم أي يطوف عليهم ولدان عاليا للمطوف عليهم ثياب. منصوبة وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ ثِيابُ سُندُسٍ:
  • فاعل لاسم الفاعل «عالي» مرفوع بالضمة. سندس:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. وهو ما رقّ من ثياب الحرير
  • ﴿ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ:
  • صفة- نعت- لثياب مرفوعة مثلها بالضمة واستبرق:معطوفة بالواو على «ثياب» مرفوعة مثلها بالضمة وهو ما غلظ من الحرير.
  • ﴿ وَحُلُّوا:
  • الواو عاطفة. حلوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والفعل مبني للمجهول. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة والفعل معطوف على «وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ».
  • ﴿ أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكلمة ممنوعة من الصرف لأنها على وزن مفاعل» من فضة: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لأساور لأن «من» حرف جر بياني. أي وحليت معاصمهم بأساور أي سورت بأساور فضية.
  • ﴿ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ:
  • الواو عاطفة. سقى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. ربهم:فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ شَراباً طَهُوراً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. طهورا:صفة- نعت- لشرابا منصوبة مثلها بالفتحة. أي شرابا طاهرا من شراب الجنة ليس رجسا كخمر الدنيا والكلمة فعول بمعنى «فاعل» وهي من صيغ المبالغة. بمعنى كثير الطهر.'

المتشابهات :

الانسان: 21﴿عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا
الكهف: 31﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا
الحج: 23﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ
فاطر: 33﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ١٣- يعلوهم ويجمل أبدانهم ثياب بطائنها من الحرير الرقيق الأخضر، وظاهرها من الحرير الغليظ. ١٤- يُزَيَّنون من الحليِّ بأساور من الفضة. ١٥- سقاهم ربهم فوق ذلك النعيم شرابًا لا رجس فيه ولا دنس، قال تعالى:
﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

عاليهم:
1- بفتح الياء، وهى قراءة عمرو، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، والجحدري، وأهل مكة، وجمهور السبعة.
وقرئ:
2- بسكونها، وهى قراءة ابن عباس، بخلاف عنه، والأعرج، وأبى جعفر، وشيبة، وابن محيصن، ونافع، وحمزة.
3- بضمها، وهى قراءة ابن مسعود، والأعمش، وطلحة، وزيد بن على.
4- عليهم، جار ومجرور، وهى قراءة ابن سيرين، ومجاهد أيضا، وقتادة، وأبى حيوة، وابن أبى عبلة، والزعفراني، وأبان.
5- علتهم، بتاء التأنيث-، فعلا ماضيا، وهى قراءة عائشة.
ثياب ... خضر وإستبرق:
1- برفع الثلاثة، وهى قراءة ابن أبى عبلة، وأبى حيوة.
وقرئ:
2- خضر، بالرفع صفة لثياب، و «إستبرق» جر، عطف على «سندس» ، وهى قراءة العربيين، ونافع، فى رواية.
3- بجر «خضر» ، صفة ل «سندس» ، ورفع «إستبرق» عطفا على «ثياب» ، وهى قراءة ابن كثير، وأبى بكر.

مدارسة الآية : [22] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء ..

التفسير :

[22] ويقال لهم:إن هذا أُعِدَّ لكم مقابل أعمالكم الصالحة، وكان عملكم في الدنيا عند الله مرضياً مقبولاً.

{ إِنَّ هَذَا} الجزاء الجزيل والعطاء الجميل{ كَانَ لَكُمْ جَزَاءً} على ما أسلفتموه من الأعمال،{ وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} أي:القليل منه، يجعل الله لكم به من النعيم المقيم ما لا يمكن حصره.

ثم ختم- سبحانه- هذا العطاء الواسع العظيم، ببيان ما ستقوله الملائكة لهؤلاء الأبرار على سبيل التكريم والتشريف، فقال: إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً.

وهذه الآية الكريمة مقول لقول محذوف، والقائل هو الله- تعالى- أو ملائكته بأمره- سبحانه- وإذنه، أى: سقاهم ربهم شرابا طهورا في الآخرة، ويقال لهم عند تمتعهم بكل هذا النعيم، إِنَّ هذا النعيم الذي تعيشون فيه كانَ لَكُمْ جَزاءً على إيمانكم وعملكم الصالح في الدنيا.

وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً أى: مرضيا ومقبولا عند خالقكم، فازدادوا- أيها الأبرار- سرورا على سروركم، وبهجة على بهجتكم.

وبعد هذا التفصيل لما أعده الله- تعالى- لعباده الأخيار من أصناف النعيم، المتعلق بمأكلهم، ومشربهم.. أخذت السورة الكريمة. في أواخرها- في تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وفي دعوته صلى الله عليه وسلم إلى المداومة على التحلي بفضيلة الصبر، وإلى الإكثار من ذكره- تعالى- وأنذرت الكافرين والفاسقين إذا ما استمروا في ضلالهم. فقال- تعالى-:

وقوله : ( إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ) أي : يقال لهم ذلك تكريما لهم وإحسانا إليهم كقوله : ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) [ الحاقة : 24 ] وكقوله : ( ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) [ الأعراف : 43 ]

وقوله : ( وكان سعيكم مشكورا ) أي : جزاكم الله على القليل بالكثير .

وقوله: ( إِنَّا نَحْنُ نـزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنـزيلا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إنا نحن نـزلنا عليك يا محمد هذا القرآن تنـزيلا ابتلاء منا واختبارا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[22] ﴿إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾ بعد أن جزاهم وأرضاهم؛ شكر سعيهم، كم أنت كريم يا ألله!
وقفة
[22] ﴿إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾ أفــلا تستحق هذه اللحظات أن يتنافس لها العباد في الطاعة.
وقفة
[22] ﴿إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾ في هذا الدرس لنا جميعًا، متي شاهدنا إحسانًا من أحد أن نشكره ونكافئه بما هو أهله, فإن ذلك ادعي لدوام الإحسان, وإن لم ينتظر شكرًا أو ثناء.
وقفة
[22] ﴿إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾ من تمام فضل الله علي عباده أنه يجمع لهم بين الشكر والثواب, فهو يشكر لهم إحسانهم, ويكافئهم عنه أضعافًا كثيرة, مع أنه هو الذي وفقهم لذلك, فما أكرمه وأجوده تعالي!
وقفة
[22] بعــد دخول المؤمنين الجنـــــة وتنعمهم بنعيمها، يقال لهم: ﴿إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾ اللهم اجعلنا من أهل الجنة.
وقفة
[22] مكافأة المحسن رائعة، وإضافة الشكر إليها أروع، تأمَّل: ﴿إنَّ هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكورًا﴾، لم يكتف سبحانه بالجزاء حتى شكرهم على سعيهم.
وقفة
[22] ﴿إِنَّ هذا كانَ لَكُم جَزاءً وَكانَ سَعيُكُم مَشكورًا﴾ الجزاء من جنس العمل.
عمل
[22] تفكر في نعيم أهل الجنة ﴿إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾.
لمسة
[22] ﴿وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾ لم يقل: (عملكم)؛ ليبين أن شكر الرب مرتبط بسعي العبد؛ فعلى قدر السعي يكون الشكر، والله أكرم.
وقفة
[22] ﴿وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾ شكر الله سعيًا قليلًا، ومع قلته كان معيبًا، وهذا من معاني وتجليات اسم الله الشكور.
وقفة
[22] ﴿وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا﴾ إذا كان هذا قول الله في سعي العباد القاصر، وبذلهم القليل، فكيف ينبغي أن يكون شكر العباد لله على إنعامه التام، وإفضاله الكامل.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ هذا:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «ان».
  • ﴿ كانَ لَكُمْ جَزاءً:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «ان» كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على اسم الاشارة الدال على ما تقدم من عطاء الله لهم. لكم: جار ومجرور متعلق بخبر «كان». والميم علامة جمع الذكور. جزاء: خبر «كان» منصوب بالفتحة. و «إنّ» وما بعدها من اسمها وخبرها في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره: يقال لهم.
  • ﴿ وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً:
  • لواو عاطفة. كان: أعربت. سعيكم: اسم «كان» مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور والشكر هنا كلمة مجازية. مشكورا: خبر «كان» منصوب بالفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ جزاء الشاكرين وما يلقونه من وافر النعيم الذي يتجلى في مشربهم وملبسهم ومسكنهم؛ بَيَّنَ هنا أن هذا جزاء لهم على ما قدموا من صالح الأعمال، وما زكُّوا به أنفسهم من صفات الكمال، قال تعالى:
﴿ إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ..

التفسير :

[23] إنا نحن نَزَّلْنا عليك -أيها الرسول- القرآن تنزيلاً من عندنا؛ لتذكر الناس بما فيه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب.

وقوله تعالى لما ذكر نعيم الجنة{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا} فيه الوعد والوعيد وبيان كل ما يحتاجه العباد، وفيه الأمر بالقيام بأوامره وشرائعه أتم القيام، والسعي في تنفيذها، والصبر على ذلك.

وجاء قوله- تعالى-: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا مؤكدا بجملة من المؤكدات. منها: إن، ونحن، وتنزيلا.. للرد على أولئك الجاحدين الذين أنكروا أن يكون القرآن من عند الله- تعالى- وقالوا في شأنه: لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا، إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ.

أى: إنا نحن- وحدنا- أيها الرسول الكريم-، الذين نزلنا عليك القرآن تنزيلا محكما، وفصلناه تفصيلا متقنا، بأن أنزلناه على قلبك مفرقا على حسب مشيئتنا وحكمتنا.

يمتن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بما أنزله عليه من القرآن العظيم تنزيلا.

( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ) يقول: اصبر لما امتحنك به ربك من فرائضه، وتبليغ رسالاته، والقيام بما ألزمك القيام به في تنـزيله الذي أوحاه إليك ( وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ) يقول: ولا تطع في معصية الله من مشركي قومك آثما يريد بركوبه معاصيه، أو كفورا: يعنى جحودا لنعمه عنده، وآلائه قِبَلَه، فهو يكفر به، ويعبد غيره.

وقيل: إن الذي عني بهذا القول أبو جهل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ) قال: نـزلت في عدوّ الله أبي جهل.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة أنه بلغه أن أبا جهل قال: لئن رأيت محمدًا يصلي لأطأنّ عنقه، فأنـزل الله: ( وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ).

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ) قال: الآثِم: المذنب الظالم والكفور، هذا كله واحد. وقيل: ( أوْ كَفُورًا ) والمعنى: ولا كفورًا. قال الفراء: " أو " هاهنا بمنـزلة الواو، وفى الجحد والاستفهام والجزاء تكون بمعنى " لا " . فهذا من ذلك مع الجحد، ومنه قول الشاعر

لا وَجْــدُ ثَكْــلَى كمـا وَجِـدَت وَلا

وَجْــدُ عَجُــولٍ أضَلَّهــا رُبَــعُ

&; 24-116 &; أوْ وَجْــدُ شَــيْخٍ أضَــلَّ ناقَتَــهُ

يَــوْمَ تَــوَافَى الْحَجِـيجُ فـانْدَفَعُوا (10)

أراد: ولا وجدُ شيخ، قال: وقد يكون في العربية: لا تطيعنّ منهم من أثم أو كفر، فيكون المعنى في أو قريبا من معنى الواو، كقولك للرجل: لأعطينك سألت أو سكتّ، معناه: لأعطينك على كلّ حال.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[23، 24] ‏﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ من أعظم ما يعيننا على الصبر قراءة القرآن.
وقفة
[23، 24] ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ أيها المحزون هل تريد جرعة من الصبر؟ اقرأ كتاب ربك.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّا نَحْنُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان». نحن: ضمير منفصل مبني على الضم في محل نصب توكيد للضمير «نا» وهو بتكريره تأكيد على تأكيد لمعنى اختصاص الله بالتنزيل ويجوز أن تكون «نحن» في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية بعدها في محل رفع خبرها والجملة الاسمية «نَحْنُ نَزَّلْنا» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ نَزَّلْنا:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «ان» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. أي نزلنا عليك يا محمد.
  • ﴿ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ
  • جار ومجرور متعلق بنزلنا. القرآن: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة
  • ﴿ تَنْزِيلًا:
  • مفعول مطلق- مصدر- يفيد التوكيد منصوب وعلامة نصبه الفتحة.أي تنزيلا مفرقا منجما.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أوَّلًا حالَ الإنسانِ وقسَّمَه إلى العاصي والطَّائعِ؛ ذَكَرَ هنا ما شرَّفَ به نَبيَّه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال تعالى:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ ..

التفسير :

[24] فاصبر لحكم ربك القدري واقبله، ولحكمه الديني فامض عليه، ولا تطع من المشركين مَن كان منغمساً في الشهوات أو مبالغاً في الكفر والضلال

{ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} أي:اصبر لحكمه القدري، فلا تسخطه، ولحكمه الديني، فامض عليه، ولا يعوقك عنه عائق.{ وَلَا تُطِعْ} من المعاندين، الذين يريدون أن يصدوك{ آثِمًا} أي:فاعلا إثما ومعصية ولا{ كَفُورًا} فإن طاعة الكفار والفجار والفساق، لا بد أن تكون في المعاصي، فلا يأمرونإلا بما تهواه أنفسهم. ولما كان الصبر يساعده القيام بعبادة الله،

والفاء في قوله: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ للإفصاح. وعدى فعل الصبر باللام، لتضمنه معنى الخضوع والاستسلام لقضائه- سبحانه-.

أى: ما دام الأمر كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- فاصبر لحكم ربك، واخضع لقضائه ومشيئته، فهو- سبحانه- الكفيل بنصرك عليهم.

وقوله: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً أى: ولا تطع- أيها الرسول الكريم- من هؤلاء المشركين، من كان داعيا إلى الإثم والفجور، أو من كان داعيا إلى الكفر والجحود.

ولم يقل- سبحانه- ولا تطع منهم آثما وكفورا بالواو، لأن الواو تجعل الكلام محتملا للنهى عن المجموع، وأن طاعة أحدهما دون الآخر تكفى في الامتثال.

ولذا قال الزجاج: إن «أو» هنا أوكد من الواو، لأنك إذا قلت: لا تطع زيدا وعمرا، فأطاع أحدهما كان غير عاص، فإن أبدلتها بأو، فقد دللت على أن كل واحد منهما، أهل لأن يعصى، ويعلم منه النهى عن إطاعتهما معا .

والآثم: هو الفاجر بأقواله وأفعاله. والكفور: هو الجاحد بقلبه ولسانه.

ورحم الله صاحب الكشاف، فقد قال عند تفسيره لهاتين الآيتين ما ملخصه: تكرير الضمير بعد إيقاعه اسما لإنّ: تأكيد على تأكيد، لمعنى اختصاص الله- تعالى- بالتنزيل، ليتقرر في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان هو المنزل للقرآن، لم يكن تنزيله على أى وجه نزل، إلا حكمة وصوابا، كأنه قيل: ما نزل عليك القرآن تنزيلا مفرقا منجما، إلا أنا لا غيرى، وقد عرفتني حكيما فاعلا لكل ما أفعله.

فإن قلت: كلهم كانوا كفرة، فما معنى القسمة في قوله: آثِماً أَوْ كَفُوراً؟ قلت:

معناه لا تطع منهم راكبا لما هو إثم، داعيا لك إليه، أو فاعلا لما هو كفر، داعيا لك إليه.

لأنهم إما أن يدعوه إلى مساعدتهم على فعل إثم أو كفر، أو غير إثم ولا كفر: فنهى عن أن يساعدهم على الاثنين دون الثالث. فإن قلت: معنى أو: ولا تطع أحدهما، فهلا جيء بالواو وليكون نهيا عن طاعتهما جميعا؟

قلت: لو قيل: ولا تطعهما، جاز أن يطيع أحدهما، وإذا قيل: لا تطع أحدهما، علم أن الناهي عن طاعة أحدهما: عن طاعتهما جميعا أنهى، كما إذا نهى عن أن يقول لأبويه أف، علم أنه منهى عن ضربهما بالطريق الأولى...

والمقصود من هاتين الآيتين تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وتيئيس المشركين من استجابته صلى الله عليه وسلم لأى مطلب من مطالبهم الفاسدة.

( فاصبر لحكم ربك ) أي : كما أكرمتك بما أنزلت عليك ، فاصبر على قضائه وقدره ، واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره ، ( ولا تطع منهم آثما أو كفورا ) أي : لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك بل بلغ ما أنزل إليك من ربك ، وتوكل على الله ; فإن الله يعصمك من الناس ، فالآثم هو الفاجر في أفعاله ، والكفور هو الكافر بقلبه .

يقول تعالى ذكره: ( وَاذْكُرْ ) يا محمد ( اسْمَ رَبِّكَ ) فادعه به بكرة في صلاة الصبح، وعشيا في صلاة الظهر والعصر.

--------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

(1) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( 351 ) ، قال : وقوله : { يشرب بها } ويشربها سواء في المعنى . وكأنه يشرب بها : يروي بها وينقع . وأما يشربونها فبين . وقد أنشدني بعضهم : " شربن بماء " ومثله : إنه ليتكلم بكلام حسن ، ويتكلم كلاما حسنا . ا هـ . وفي خزانة الأدب للبغدادي ( 3 : 193 - 195 ) استشهد به على أن ( متى ) عند هذيل حرف جر ؛ بمعنى " من " أو " في " . أو اسم بمعنى : " وسط " . والباء في قوله : " بماء البحر " قيل : على بابها ، وشربن : مضمن معنى " روين " . وقيل : هي للتبعيض . وقيل : زائدة ، كقول الفراء ، قال ابن جني في سر الصناعة : الباء فيه زائدة ، إنما معناه : شربن ماء البحر . هذا هو الظاهر من الحال . والعدول عنه تعسف . ا هـ . قلت : هذه هي الرواية المشهورة في كتب اللغويين والنحاة . وفي شعر أبي ذؤيب ( ديوان الهذليين 1 : 51 ) :

سَــقَى أُمَّ عَمْـرٍو كُـلَّ آخِـرِ لَيْلَـةٍ

حَنــاتِمُ سُــودٌ مــاؤُهُنَّ ثَجــيجُ

تَــرَوَّتْ بِمَـاءِ البَحْـرِ ثُـمَّ تَـرَفَّعَتْ

عَــلى حَبَشِــيَّاتٍ لَهُــنَّ نَئــيجُ

شبه السحاب الأسود بالحناتم ، ويقال للسحاب إذا كان ريان : " أسود كأنه الحنتم . يقول : إن تلك الحناتم " وهي الجرار ، قد تروت من ماء البحر ، ثم ارتفعت على سحائب سود لهن نئيج : أي : مر سريع مع صوت .

(2) البيت لعنترة في معلقته المشهورة يهجو حصينا وهرما ابني ضمضم وقد ذكرهما في البيت قبله ، وهو :

ولقَـدْ خَشِـيتُ بـأنْ أمُـوتَ ولم تَدُرْ

للْحَـرْبِ دائِـرَةٌ عَـلى ابْنَـيْ ضَمْضَم

يقول : اللذان يشتمان عرضي ولم أشتمهما أنا ، والموجبان على أنفسهما سفك دمي إذا لم أرهما . يريد أنهما يتوعدانه حال غيبته، فأما في الحضور فلا يتجاسران عليه .

(3) البيت للأعشى ( ديوانه 93 ) والرواية فيه : " أورثت " في موضع " أثأرت " ويظهر أن رواية المؤلف محرفة عن " أسأرت " بالسين ، لا بالثاء ؛ لأنه لا معنى للإثآر هنا . والصدع : الشق . والمستطير كما في اللسان : المنتثر . وفي مجاز القرآن عند قوله تعالى : { كان شره مستطيرا } أي : فاشيا . وفي معاني القرآن للفراء ( 351 ) { ويخافون يوما كان شره مستطيرا } ممتد البلاء ، والعرب تقول : استطار الصدع في القارورة وشبهها ، واستطال . ا هـ .

(4) البيت في ( اللسان : قمطر ) ولم ينسبه . قال : ويوم مقمطر ، وقماطر ، وقمطرير : مقبض ما بين العينين لشدته . وقيل : إذا كان شديدا غليظا ، قال الشاعر : وقماطر بضم القاف ، واقمطر يومنا : اشتد . وفي التنزيل العزيز { إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا } جاء في التفسير : أنه يعبس الوجه ، فيجمع ما بين العينين وهذا شائع في اللغة . ا هـ . وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( 183 ) : العبوس ، والمقطمر ، والقماطر ، والعصيب : أشد ما يكون من الأيام ، وأطولها في البلاء . ا هـ . وقال الفراء في معاني القرآن ( 351 ) وقوله : { عبوسًا قمطريرا } والقمطرير : الشديد . ويقال : يوم قمطرير ، ويوم قماطر ، أنشدني بعضهم : " بني عمنا ... " البيت . ا هـ .

(5) لعله قوارير في الصفاء من فضة ، كالفضة في البياض .

(6) في الدر المنثور : أهل الدنيا .

(7) هذا بيت رواه يونس النحوي ولم يذكر قائله يصف قوسا من شجر النبع . والشاهد عند المؤلف في البيت أن " الصيب مرفوع ؛ لأنه صفة للسهم ، وأنه ليس كقوله تعالى : { يسمى سلسبيلا } " . يريد أن هذه القوس بنعت سهمها الصيب ويوصف ، لكثرة ما أصاب به الصيود وهي جمع صيد . هذا معنى كلامه . وقال الفراء في معاني القرآن ( 352 ) وقوله : { تسمى سلسبيلا } ذكروا أن السلسبيل اسم العين ، وذكر أنه صفة للماء لسلسلته وعذوبته . ونرى أنه لو كان اسما للعين لكان ترك الإجراء ( الصرف ) فيه أكثر ، ولم نر أحدًا من القراء ترك إجراءها وهو جائز في العربية ، كما كان في قراءة عبد الله ابن مسعود : ( ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوثا ويعوقا ) بالألف . وكما قال : سلاسلا وقواريرا ، بالألف ، فأجروا ما لا يجري ، وليس بخطأ ؛ لأن العرب تجري ما لا يجري في الشعر ، فلو كان خطأ ما أدخلوه في أشعارهم . قال متمم بن نويرة :

فَمَــا وَجْـدُ أظْـآرٍ ثَـلاَثٍ رَوَائـمٍ

رأيْـنَ مخـرًّا مِـنْ حُـوَارٍ وَمَصْرَعَا

فأجرى روائم ، وهي مما لا يجري ، فيما لا أحصيه من أشعارهم . ا هـ .

(8) البيت لمتمم بن نويرة كما قال الفراء ( تقدم في الشاهد قبله ) ، وهو في ( اللسان : ظأر ) قال : تقول ( ظئرت ) الناقة مبينا للمجهول ، على ولد غيرها أو على بَوٍّ ( فأظأرت ) بالظاء ، فهي ظئور ومظئورة وجمع " الظئور " أظآر وظؤار ، قال متمم : " فما وجد أظآر ... " البيت . والروائم : جمع رائم ، يقال : رئمت الناقة ولدها ترأمه رأما ورأمانا : عطفت عليه ولزمته ، وفي التهذيب : رئمانا : أحبته . ومخرا : مصدر ميمي بمعنى : الخرور ، أي : السقوط على الأرض ، وقد يكون معناه الموت ، من خر يخر : إذا مات . ومصرعا : أي مهلكا ، وهو مصدر ميمي بمعنى : الصرع . وأما موضع الشاهد في البيت فهو صرف " روائم " لضرورة الشعر ، وهو مما لا يصرف كما قال الفراء في الشاهد قبله .

(9) هذا البيت لا أعرف قائله ، أنشده المؤلف عند قوله تعالى: { ولدان مخلدون } قال في ( اللسان : خلد ) ، وقوله تعالى : { يطوف عليهم ولدان مخلدون } قال الزجاجي : محلون . وقال أبو عبيدة مسورون يمانية وأنشد : " ومخلدات باللجين " . ولم أجد قول أبي عبيدة هذا في المخطوطة التي بين يدي منه ، ولعل العبارة والشاهد أسقطا من بعض أصول الكتاب . ا هـ . وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة 352 ) وقوله : { مخلدون } يقول : محلون مسورون ( بأساور ) . ويقال : مقرطون . ويقال : مخلدون : دائم شبابهم لا يتغيرون عن تلك السن ، وهو أشبهها بالصواب ، والله أعلم . وذلك أن العرب إذا كبر الرجل ، وثبت سواد شعره ، قيل : إنه لمخلد . وكذلك يقال إذا كبر وثبتت له أسنانه وأضراسه قيل : أنه لمخلد : ثابت الحال ، كذلك الولدان ثابتة أسنانهم . ا هـ .

(10) البيتان من شواهد الفراء في معاني القرآن قال ( 352 - 353 ) عند قوله تعالى : { ولا تطع منهم آثما أو كفورا } أو هاهنا : بمنزلة " لا " . وأو في الجحد والاستفهام والجزاء تكون في معنى " لا " ، فهذا من ذلك وقال الشاعر : " لا وجد ثكلى " البيتين . قال : وقد يكون في العربية لا تطيعن منهم من أثم أو كفر ، فيكون المعنى في " أو " قريبا من معنى الواو ، كقولك للرجل : لأعطينك سكت أو سألت ؛ معناه لأعطيناك على كل حال . ا هـ . والثكلى : التي فقدت ولدها أو أخاها أو زوجها . والوجد : الحزن . والعجول من النساء والإبل : الواله التي فقدت ولدها ، الثكلى لعجلتها في جيئتها وذهابها جزعا . والجمع عجل وعجائل ومعاجيل . ( اللسان : عجل ) . ا هـ . والربع : الفصيل ينتج في الربيع ، وهو أول النتاج ، والجمع : رباع وأرباع ، مثل رطب ورطاب وأرطاب . وأضلها : فقدته وذهب عنها ، لا تدري أين أخذ . وأضل ناقته يقال : أضل البعير والفرس : ذهبا عنه . ا هـ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[24] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ لما كان لا سبيل إلى الصبر إلا بتعويض القلب بشيء هو أحب إليه؛ أمره بأن يذكر ربه، فإن ذكره أعظم العون على تحمل المشاق.
عمل
[24] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ أكثرُ ما يُعينك على الصبر: تَذَكُّرُ أنَّ ما تمُرُّ به هو اختيار ربِّكَ لك، فلَا تجزعْ لمصيبة تأتِي إليك، واصبْر إنَّ الله مع الصَّابرين.
عمل
[24] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ أي: كما أكرمك بما أنزل عليك؛ فاصبر على قضائه وقدره، واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره.
وقفة
[24] العمل بحكم الله يحتاج إلى صبر للثبات عليه، لأن هناك منفِّرين منه بين مخذِّل قريب وعدوٍّ بعيد ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾.
وقفة
[24] الصبر من علامات الرضا بالقضاء والقدر ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾.
وقفة
[24] قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً﴾ أفادَ بالتعبير بـ (أو) النهيِ عن طاعتهما معًا بالأوْلى، ولو عطَفَ بالواو لأفهم جواز طاعة أحدهما، وليس مرادًا.
وقفة
[24، 25] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ أمر الله نبيه بألا يشغله مكرهم عن ذكره صباحًا ومساءً، ونحن نغفل عن الذكر مع خصوماتنا التافهة.
وقفة
[24، 25] ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ أي اصبر لحكمه القدري فلا تسخطه، ولحكمه الديني فامض عليه، ولا يعوقك عنه عائق، ولما كان الصبر يساعده القيام بعبادة الله والإكثار من ذكره أمره الله بذلك فقال: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَاصْبِرْ:
  • الفاء استئنافية. اصبر: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ لِحُكْمِ رَبِّكَ:
  • جار ومجرور متعلق باصبر. ربك: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلا تُطِعْ:
  • الواو عاطفة. لا: ناهية جازمة. تطع: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.وحذفت الياء لالتقاء الساكنين. لأن أصله «تطيع».
  • ﴿ مِنْهُمْ:
  • حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بلا تطع أو متعلق بصفة لمفعول به محذوف أي ولا تطع أحدا منهم.
  • ﴿ آثِماً أَوْ كَفُوراً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أو: حرف عطف بمعنى ولا كفورا: معطوفة على «آثما» وتعرب اعرابها. ويجوز أن تكون الكلمتان حالين من الضمير «هم» في «منهم» لأن «من» حرف جر بياني. بتقدير: أحدا حال كونه منهم أو بمعنى ولا تطع منهم راكبا لما هو إثم داعيا لك اليه. أو فاعلا لما هو كفر داعيا لك اليه. و «كفورا» فعولا بمعنى «فاعلا» وهو من صيغ المبالغة أي كثير الكفران.'

المتشابهات :

الطور: 48﴿وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا
القلم: 48﴿فَـ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ
الانسان: 24﴿فَـ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     ولَمَّا قدم هذه المقدمة؛ ذكرَ النهي، قال تعالى:
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :الانسان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

التفسير :

[25]وداوم على ذكر اسم ربك ودعائه في أول النهار وآخره.

{ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} أي:أول النهار وآخره، فدخل في ذلك، الصلوات المكتوبات وما يتبعها من النوافل، والذكر، والتسبيح، والتهليل، والتكبير في هذه الأوقات.

ثم أرشده- سبحانه- إلى ما يعينه على الصبر والثبات. فقال: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا.

والبكرة: أول النهار. والأصيل: آخره. والمراد: المداومة على ذكر الله- تعالى- في كل وقت. أى: داوم- أيها الرسول الكريم- على ذكر الله- تعالى- في أول النهار وفي آخره، وعلى صلاة الفجر، والظهر والعصر.

" بكرة وأصيلا" أي أول النهار وآخره.

( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ ) يقول: ومن الليل فاسجد له في صلاتك، فسبحه ليلا طويلا يعني: أكثر الليل، كما قال جلّ ثناؤه: قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا ) يعني: الصلاة والتسبيح.

&; 24-117 &;

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلا ) قال: بكرة: صلاة الصبح، وأصيلا صلاة الظهر الأصيل.

وقوله: ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا ) قال: كان هذا أوّل شيء فريضة. وقرأ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ ، ثم قال: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ... إلى قوله: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ... إلى آخر الآية، ثم قال: مُحِي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الناس، وجعله نافلة فقال: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ قال: فجعلها نافلة.

المعاني :

بكرة و أصيلا :       أوّل النّهار و آخِره . أو دائِما معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[25] ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ الآية أمرت بذكر الله ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾، لأن الذكر غذاء الروح, ولابد لها من أخذ كفايتها منه أول النهار وآخره.
عمل
[25] قل أذكار الصباح قبل الذهاب للمدرسة أو العمل، وقل أذكار المساء قبل المغرب ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَاذْكُرِ:
  • الواو عاطفة، اذكر: فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ اسْمَ رَبِّكَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ربك: أعربت في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ بُكْرَةً وَأَصِيلًا:
  • ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة متعلق باذكر.و«بكرة» أول ساعات النهار. وأصيلا: معطوفة بالواو على «بكرة» وتعرب اعرابها وهي أي كلمة «أصيلا» الوقت الذي قبل غروب الشمس بمعنى:ودم على صلاة الفجر والعصر.'

المتشابهات :

المزمل: 8﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا
الانسان: 25﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
الفتح: 25﴿ لِّيُدْخِلَ اللَّـهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا نهَى عن طاعَةِ الآثمِ والكفورِ القاطِعةِ عن اللهِ؛ أمَرَ بمُلازَمةِ الموصِلِ إلى اللهِ، وهو الذِّكرُ، قال تعالى:
﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف