4233637383940414243

الإحصائيات

سورة الأحزاب
ترتيب المصحف33ترتيب النزول90
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات10.00
عدد الآيات73عدد الأجزاء0.56
عدد الأحزاب1.12عدد الأرباع4.50
ترتيب الطول15تبدأ في الجزء21
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
النداء: 4/10 يا أيها النبي: 1/3

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (36) الى الآية رقم (38) عدد الآيات (3)

زواجُ النَّبي ﷺ بزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: جاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مشاورًا النَّبي ﷺ أن يُطَلِّقَها فنهاه، وأخْفَى في نفسِه ما أوحى اللهُ به إليه من طلاقِها، فلمَّا طلَّقَها زَيْدٌ تزوَّجَها ﷺ لبيانِ جوازِ الزَّواجِ بمطلّقةِ الابنِ بالتَّبنِّي.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (39) الى الآية رقم (44) عدد الآيات (6)

اللهُ يعاتبُ نبيَّه ﷺ أن خَشِيَ النَّاسَ ولم يُظهرْ ما أوحى اللهُ بهِ إليه، فمُحَمَّدٌ ﷺ ليس هو والدُ زيدٍ حتى يَحرُمَ عليه نكاحُ زوجتِه إذا طلَّقَها، ثُمَّ الأمرُ بذكرِ اللهِ وتسبيحِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الأحزاب

غزوة الأحزاب والجانب الاجتماعي من حياته ﷺ / الاستسلام لله/ فضل النبي ﷺ وحقوقه

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة الأحزاب تحدثت عن:: 1- غزوة الأحزاب (أو الخندق)، وما حدث فيها من نصر الله لرسوله والمؤمنين وهزيمة المشركين واليهود ومن عاونهم. 2- الجانب الاجتماعي من حياة النبي ﷺ.
  • • النبي ﷺ في سورة الأحزاب:: افتتحت السورة بنداء النبي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ ، وتكرر فيها 5 مرات، في الآيات: (1، 28، 45، 50، 59). • وهيا نتأمل عدد المرات التي ذُكِرَ فيها النبي ﷺ في هذه السورة: محمد: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (40). النبي: ذُكِرَ 15 مرة، في الآيات (1، 6، 13، 28، 30، 32، 38، 45، 50، 53، 56، 59). رسول: ذُكِرَ 13 مرة، في الآيات (12، 21، 22، 31، 33، 36، 40، 53، 58، 66، 71). خاتم النبيين: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (40). شاهد: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (45). مبشر: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (45). نذير: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (45). داعٍ إلى الله: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (46). سراج منير: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (46).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الأحزاب».
  • • معنى الاسم :: الأحزاب: جمع حزْب، وهم جماعة من الناس تشابهت قلوبهم وأعمالهم.
  • • سبب التسمية :: سُميت ‏‏سورة ‏الأحزاب ‏لأن ‏المشركين ‏تحزبوا ‏على ‏المسلمين ‏من ‏كل ‏جهة، ‏فاجتمع ‏كفار ‏مكة ‏مع ‏غطفان ‏ويهود بني ‏قريظة ‏وأوباش ‏العرب ‏على ‏حرب ‏المسلمين.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: الاستسلام لأمر الله وشرعه.
  • • علمتني السورة :: فضل النبي ﷺ وحقوقه.
  • • علمتني السورة :: لا أحد أكبر من أن يُؤمر بالمعروف ويُنْهى عن المنكر: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ﴾
  • • علمتني السورة :: تقوى الله تعالى، وعدم طاعة الكفار والمنافقين، واتباع الكتاب والسنة، والتوكل على الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ... وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ﴾

مدارسة الآية : [36] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ ..

التفسير :

[36] ولا ينبغي لمؤمن ولا مؤمنة إذا حكم الله ورسوله فيهم حُكماً أن يخالفوه، بأن يختاروا غير الذي قضى فيهم. ومن يعص الله ورسوله فقد بَعُدَ عن طريق الصواب بُعْداً ظاهراً.

أي:لا ينبغي ولا يليق، ممن اتصف بالإيمان، إلا الإسراع في مرضاة اللّه ورسوله، والهرب من سخط اللّه ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما، فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة{ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ْ} من الأمور، وحتَّما به وألزما به{ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ْ} أي:الخيار، هل يفعلونه أم لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة، أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه وبين أمر اللّه ورسوله.

{ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ْ} أي:بَيِّنًا، لأنه ترك الصراط المستقيم الموصلة إلى كرامة اللّه، إلى غيرها، من الطرق الموصلة للعذاب الأليم، فذكر أولاً السبب الموجب لعدم معارضته أمر اللّه ورسوله، وهو الإيمان، ثم ذكر المانع من ذلك، وهو التخويف بالضلال، الدال على العقوبة والنكال.

ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى-: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ روايات منها: أنها نزلت في زينب بنت جحش- رضى الله عنها- خطبها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لزيد ابن حارثة فاستنكفت، وقالت: أنا خير منه حسبا، فأنزل الله- تعالى- هذه الآية.

وفي رواية أنها قالت: يا رسول الله، لست بناكحته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «بل فانكحيه» فقالت: يا رسول الله، أؤامر في نفسي؟ فبينما هما يتحادثان، أنزل الله- تعالى- هذه الآية. فقالت: يا رسول الله، قد رضيته لي زوجا؟ قال: نعم. قالت: إذا لا أعصى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد زوجته نفسي.

وذكر بعضهم أنها نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، وكانت أول من هاجر من النساء.. يعنى بعد صلح الحديبية، فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فزوجها من مولاه زيد بن حارثة، بعد فراقه لزينب فسخطت هي وأخوها وقالا: إنما أردنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فزوجنا عبده، فنزلت الآية بسبب ذلك، فأجابا إلى تزويج زيد.

قال ابن كثير: هذه الآية عامة في جميع الأمور. وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته، ولا اختيار لأحد هاهنا ولا رأى ولا قول، كما قال- تعالى-: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً.

وفي الحديث الشريف: «والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» .

والمعنى: لا يصح ولا يحل لأى مؤمن ولا لأية مؤمنة إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أى: إذا أراد الله ورسوله أمرا، من الأمور.

وقال- سبحانه-: إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً للإشعار، بأن ما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلّم إنما يفعله بأمر الله- تعالى- لأنه صلّى الله عليه وسلّم لا ينطق عن الهوى.

وقوله: أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ أى: لا يصح لمؤمن أو مؤمنة إذا أراد الله ورسوله أمرا، أن يختاروا ما يخالف ذلك، بل يجب عليهم أن يذعنوا لأمره صلّى الله عليه وسلّم وأن يجعلوا رأيهم تابعا لرأيه في كل شيء.

وكلمة الخيرة: مصدر من تخيّر، كالطّيرة مصدر من تطيّر. وقوله: مِنْ أَمْرِهِمْ متعلق بها، أو بمحذوف وقع حالا منها.

وجاء الضمير في قوله لَهُمُ وفي قوله مِنْ أَمْرِهِمْ بصيغة الجمع: رعاية للمعنى إذ أن لفظي مؤمن ومؤمنة وقعا في سياق النفي، فيعمان كل مؤمن وكل مؤمنة.

وقوله- سبحانه-: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً بيان لسوء عاقبة من يخالف أمر الله ورسوله.

أى: ومن يعص الله ورسوله في أمر من الأمور، فقد ضل عن الحق والصواب ضلالا واضحا بينا.

قال العوفي ، عن ابن عباس : قوله : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ) الآية ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة ، فدخل على زينب بنت جحش الأسدية فخطبها ، فقالت : لست بناكحته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل فانكحيه " قالت : يا رسول الله ، أؤامر في نفسي فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسوله صلى الله عليه وسلم : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ) الآية ، قالت : قد رضيته لي منكحا يا رسول الله ؟ قال : " نعم " قالت : إذا لا أعصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد أنكحته نفسي

وقال ابن لهيعة ، عن ابن أبي عمرة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة ، فاستنكفت منه ، وقالت : أنا خير منه حسبا - وكانت امرأة فيها حدة - فأنزل الله ، عز وجل : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ) الآية كلها

وهكذا قال مجاهد ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان : أنها نزلت في زينب بنت جحش [ الأسدية ] حين خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه زيد بن حارثة ، فامتنعت ثم أجابت

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وكانت أول من هاجر من النساء - يعني : بعد صلح الحديبية - فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : قد قبلت فزوجها زيد بن حارثة - يعني والله أعلم بعد فراقه زينب - فسخطت هي وأخوها وقالا إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجنا عبده قال : فنزل القرآن : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ) إلى آخر الآية قال : وجاء أمر أجمع من هذا : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) قال : فذاك خاص وهذا جماع

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ثابت البناني ، عن أنس قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها ، فقال : حتى أستأمر أمها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فنعم إذا قال : فانطلق الرجل إلى امرأته ، [ فذكر ذلك لها ] ، فقالت : لاها الله ذا ، ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيبا ، وقد منعناها من فلان وفلان ؟ قال : والجارية في سترها تسمع قال : فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقالت الجارية : أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ؟ إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه قال : فكأنها جلت عن أبويها ، وقالا صدقت فذهب أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن كنت رضيته فقد رضيناه قال : " فإني قد رضيته " قال : فزوجها ، ثم فزع أهل المدينة ، فركب جليبيب فوجدوه قد قتل ، وحوله ناس من المشركين قد قتلهم ، قال أنس : فلقد رأيتها [ وإنها ] لمن أنفق بيت بالمدينة وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد - يعني ابن سلمة - عن ثابت ، عن كنانة بن نعيم العدوي ، عن أبي برزة الأسلمي أن جليبيبا كان امرأ يدخل على النساء يمر بهن ويلاعبهن ، فقلت لامرأتي : لا يدخلن اليوم عليكم جليبيب ، فإنه إن دخل عليكم لأفعلن ولأفعلن قال : وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيم لم يزوجها حتى يعلم : هل لنبي الله صلى الله عليه وسلم فيها حاجة أم لا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار : " زوجني ابنتك " قال : نعم ، وكرامة يا رسول الله ، ونعمة عين فقال : إني لست أريدها لنفسي قال : فلمن يا رسول الله ؟ قال : لجليبيب فقال : يا رسول الله ، أشاور أمها فأتى أمها فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ابنتك ؟ فقالت : نعم ونعمة عين فقال : إنه ليس يخطبها لنفسه ، إنما يخطبها لجليبيب فقالت : أجليبيب إنيه ؟ أجليبيب إنيه ؟ لا لعمر الله لا تزوجه فلما أراد أن يقوم ليأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره بما قالت أمها ، قالت الجارية : من خطبني إليكم ؟ فأخبرتها أمها قالت : أتردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ؟! ادفعوني إليه ، فإنه لن يضيعني فانطلق أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : شأنك بها فزوجها جليبيبا قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة له ، فلما أفاء الله عليه قال لأصحابه : " هل تفقدون من أحد " ؟ قالوا : نفقد فلانا ونفقد فلانا قال : " انظروا هل تفقدون من أحد ؟ " قالوا : لا قال : " لكني أفقد جليبيبا " قال : " فاطلبوه في القتلى " فطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه [ قالوا : يا رسول الله ، ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه ] فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عليه ، فقال : قتل سبعة [ وقتلوه ] ، هذا مني وأنا منه مرتين أو ثلاثا ، ثم وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ساعديه [ وحفر له ، ما له سرير إلا ساعد النبي صلى الله عليه وسلم ] ثم وضعه في قبره ، ولم يذكر أنه غسله ، رضي الله عنه قال ثابت : فما كان في الأنصار أيم أنفق منها وحدث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتا : هل تعلم ما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : " اللهم ، صب عليها [ الخير ] صبا ، ولا تجعل عيشها كدا " كذا قال ، فما كان في الأنصار أيم أنفق منها

هكذا أورده الإمام أحمد بطوله ، وأخرج منه مسلم والنسائي في الفضائل قصة قتله وذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر في " الاستيعاب " أن الجارية لما قالت في خدرها : أتردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ؟ تلت هذه الآية : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )

وقال ابن جريج [ أخبرني عامر بن مصعب ، عن طاوس قال : إنه سأل ابن عباس عن ركعتين بعد العصر ، فنهاه ، وقرأ ابن عباس ، رضي الله عنه : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) ]

فهذه الآية عامة في جميع الأمور ، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء ، فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هاهنا ، ولا رأي ولا قول ، كما قال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) [ النساء : 65 ] وفي الحديث : " والذي نفسي بيده ، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " ولهذا شدد في خلاف ذلك ، فقال : ( ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) ، كقوله تعالى : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) [ النور : 63 ]

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا (36)

يقول تعالى ذكره: لم يكن لمؤمن بالله ورسوله، ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله في أنفسهم قضاء أن يتخيروا من أمرهم غير الذي قضى فيهم، ويخالفوا أمر الله وأمر رسوله وقضاءهما فيعصوهما، ومن يعص الله ورسوله فيما أمرا أو نهيا(فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا) يقول: فقد جار عن قصد السبيل، وسلك غير سبيل الهدى والرشاد.

وذكر أن هذه الآية نـزلت في زينب بنت جحش حين خطبها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على فتاه زيد بن حارثة، فامتنعت من إنكاحه نفسها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمْرًا ....) إلى آخر الآية، وذلك أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم انطلق يخطب على فتاه زيد بن حارثة، فدخل على زينب بنت جحش الأسدية فخطبها، فقالت: لست بناكحته، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فانكحيه، فقالت: يا رسول الله أؤمر في نفسي، فبينما هما يتحدثان أنـزل الله هذه الآية على رسوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ ....) إلى قوله (ضَلالا مُبِينًا) قالت: قد رضيته لي يا رسول الله مَنكحًا؟ قال: " نعم " قالت: إذن لا أعصي رسول الله، قد أنكحته نفسي.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (أنْ تَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ) قال: زينب بنت جحش وكراهتها نكاح زيد بن حارثة حين أمرها به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ) قال: نـزلت هذه الآية في زينب بنت جحش، وكانت بنت عمة رسول الله &; 20-272 &; صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فخطبها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فرضيت ورأت أنه يخطبها على نفسه، فلما علمت أنه يخطبها على زيد بن حارثة أبت وأنكرت، فأنـزل الله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمْرًا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ) قال: فتابعته بعد ذلك ورضيت.

حدثني أَبو عبيد الوصافي، قال: ثنا محمد بن حمير، قال: ثنا ابن لهيعة، عن ابن أَبي عمرة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خطب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فاستنكفت منه وقالت: أنا خير منه حسبا وكانت امرأة فيها حدة؛ فأنـزل الله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمْرًا ....) الآية كلها.

وقيل: نـزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وذلك أنها وهبت نفسها لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فزوجها زيد بن حارثة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمْرًا ....) إلى آخر الآية، قال: نـزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت من أول من هاجر من النساء، فوهبت نفسها للنبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فزوجها زيد بن حارثة، فسخطت هي وأخوها، وقالا إنما أردنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فزوجنا عبده. قال: فنـزل القرآن (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمْرًا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ ....) إلى آخر الآية. قال: وجاء أمر أجمع من هذا النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ قال: فذاك خاص، وهذا إجماع.

المعاني :

وَمَا كَانَ :       لَا يَنْبَغِي السراج
قَضَى :       حَكَمَ السراج
الْخِيَرَةُ :       الاِخْتِيَارُ السراج
ضَلَّ :       بَعُدَ عَنِ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[36] ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ معناها: أنه ليس لمؤمن ولا مؤمنة اختيار مع الله ورسوله، بل يجب عليهم التسليم والانقياد لأمر الله ورسوله.
وقفة
[36] ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ حريتك تملكها في كل الأمور إلا هنا، يجب أن تكون عبدًا.
وقفة
[36] ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ وجوبُ التسليمِ والانقيادِ لأوامرِ الشَّرعِ، فإنَّه من لوازمِ الإيمانِ.
وقفة
[36] ما بالكم بمجتمع مؤمن يذعن لطاعة الله ورسوله بلا جدال ولا نقاش، ويُسلِّم بالأوامر والأحكام كلها ويتبعها بالسمع والطاعة ﴿وَما كانَ لِمُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمرًا أَن يَكونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم﴾.
وقفة
[36] ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ كلما زاد إيمانك زادت ثقتك بحسن اختيار الله ورسوله، ورأيت أنه الأفضل والأصلح لك دنيا وآخرة.
وقفة
[36] ﴿وَما كانَ لِمُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسولُهُ أَمرًا أَن يَكونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم﴾ فالمعنى الرئيس لكلمة الإسلام هو الاستسلام.
وقفة
[36] ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ الاعتراض على حكم الله وعدم الانقياد لأمره هو قرع لباب الشرك، فمن لم يتب منه في الحال وقع في ما هو أخطر.
وقفة
[36] ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ روی أبو نعيم في الحلية عن الشافعي أنه أتاه رجل، فسأله عن مسألة فقال: «قضى رسول الله بكذا وكذا»، فقال الرجل للشافعي: «ما تقول أنت؟»، فقال الشافعي: «سبحان الله! أتراني في كنيسة؟ تراني في بَيْعة؟ تراني على وسطی زنار؟ أقول: قضى رسول الله ﷺ كذا وكذا، وأنت تقول لي: ما تقول أنت؟!».
وقفة
[36] ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ أمام شرع الله توقف فأنت (عبد) لابد أن تطيع.
وقفة
[36] ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ فاختبر إيمانك، ليس لك الخيار في شيء قد قضاه الله.
وقفة
[36] من قدم عاطفته على عقله خسر، ومن قدم عقله على دينه انحرف ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾.
وقفة
[36] نهي النبي ﷺ وأمره الشرعي هو العلة بالنسبة للمؤمن، بدليل قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُوْنَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِم﴾.
وقفة
[36] الحذر من تأويل الأوامر الصريحة حسب ما تهواه النفس، ووجوب التسليم والانقياد لأوامر الشرع؛ فإنها من لوازم الإيمان بالله وبالرسول ﷺ ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾.
وقفة
[36] ﴿وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا مُبينًا﴾ خاتمة الآية تدل على عظم أمر المعصية لله ورسوله فهو ترهيب شديد.
تفاعل
[36] ﴿فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ استعذ بالله من الضلال.

الإعراب :

  • ﴿ وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح ويجوز ان يكون فعلا تاما. لمؤمن: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» المقدم. بمعنى وما صح لرجل ولا امرأة من المؤمنين.
  • ﴿ وَلا مُؤْمِنَةٍ:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. مؤمنة: معطوفة على «مؤمن» وتعرب اعرابها اي وما كان لمؤمنة.
  • ﴿ إِذا قَضَى اللهُ:
  • اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه. وحذف جوابه اي جواب الشرط‍ لان ما قبله يدل عليه. والظرف مع شرطه وجوابه لا محل له لانه اعتراض بين اسم «كان» وخبرها. قضى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وجملة قَضَى اللهُ» وما بعدها: في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف.
  • ﴿ وَرَسُولُهُ أَمْراً:
  • معطوف بالواو على لفظ‍ الجلالة مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة اي رسول الله. امرا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي امرا من الامور.
  • ﴿ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ:
  • ان: حرف مصدري ناصب. يكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. لهم: اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. والجار والمجرور متعلق بخبر «يكون» المقدم. الخيرة: اسم «يكون» مرفوع بالضمة. وقد ذكر الفعل لانه فصل عن اسمه او لان «الخيرة» بمعنى: الاختيار. وجملة يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ» صلة الحرف المصدري لا محل لها من الاعراب. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع اسم «كان» او فاعلها اذا عدت تامة.
  • ﴿ مِنْ أَمْرِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بالخيرة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. بمعنى: ما صح ان يختاروا من امرهم ما شاءوا. بل من حقهم ان يجعلوا رأيهم تبعا لرأيه واختيارهم تلوا لاختياره لهم. وقد جاء الضمير جمعا في «لهم» و «امرهم» لانه راجع على المعنى لا اللفظ‍ لانهما وقعا تحت النفي فعما كل مؤمن ومؤمنة.
  • ﴿ وَمَنْ يَعْصِ:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبر «من». يعص: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره -حرف العلة-والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يعص» وما بعدها صلة الموصول «من» لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ اللهُ وَرَسُولُهُ:
  • مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة نصبه الفتحة والواو عاطفة. ورسوله: منصوب بالفعل «يعص» وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَقَدْ ضَلَّ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم بمن. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.قد: حرف تحقيق. ضل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ ضَلالاً مُبِيناً:
  • مفعول مطلق-مصدر-منصوب بالفتحة. مبينا: صفة -نعت-لضلالا منصوبة بالفتحة.'

المتشابهات :

النساء: 14﴿ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ
الأحزاب: 36﴿مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا
الجن: 23﴿إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا أثنَى اللهُ على أهلِ الطاعات السابقة؛ بَيَّنَ هنا أنَّ طاعةَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُلحَقةٌ بطاعةِ اللهِ، أي واجبة، وأنَّ صِنفَيِ النَّاسِ الذُّكورَ والنِّساءَ في ذلك سواءٌ، كما كانا سواءً في الأحكامِ الماضيةِ، قال تعالى:
﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أن يكون:
1- بالياء، وهى قراءة الكوفيين، والحسن، والأعمش، والسلمى.
وقرئ:
2- بتاء التأنيث، وهى قراءة الحرميين، والعربيين، وأبى جعفر، وشيبة، والأعرج، وعيسى.
الخيرة:
وقرئ:
بسكون الياء، ذكرها عيسى بن سليمان.

مدارسة الآية : [37] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ ..

التفسير :

[37] وإذ تقول -أيها النبي- للذي أنعم الله عليه بالإسلام -وهو زيد بن حارثة الذي أعتقه وتبنَّاه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-- وأنعمت عليه بالعتق:أَبْقِ زوجك زينب بنت جحش ولا تطلقها، واتق الله يا زيد، وتخفي –أيها النبي- في نفسك ما أوحى الله به إليك من طلاق

وكان سبب نزول هذه الآيات، أن اللّه تعالى أراد أن يشرع شرعًا عامًا للمؤمنين، أن الأدعياء ليسوا في حكم الأبناء حقيقة، من جميع الوجوه وأن أزواجهم، لا جناح على من تبناهم، في نكاحهن.

وكان هذا من الأمور المعتادة، التي لا تكاد تزول إلا بحادث كبير، فأراد أن يكون هذا الشرع قولاً من رسوله، وفعلاً، وإذا أراد اللّه أمرًا، جعل له سببًا، وكان زيد بن حارثة يدعى "زيد بن محمد"قد تبناه النبي صلى اللّه عليه وسلم، فصار يدعى إليه حتى نزل{ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ْ} فقيل له:"زيد بن حارثة".

وكانت تحته، زينب بنت جحش، ابنة عمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان قد وقع في قلب الرسول، لو طلقها زيد، لتزوَّجها، فقدر اللّه أن يكون بينها وبين زيد، ما اقتضى أن جاء زيد بن حارثة يستأذن النبي صلى اللّه عليه وسلم في فراقها.

قال اللّه:{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ْ} أي:بالإسلام{ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ْ} بالعتقحين جاءك مشاورًا في فراقها:فقلت له ناصحًا له ومخبرًا بمصلحتهمع وقوعها في قلبك:{ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ْ} أي:لا تفارقها، واصبر على ما جاءك منها،{ وَاتَّقِ اللَّهَ ْ} تعالى في أمورك عامة، وفي أمر زوجك خاصة، فإن التقوى، تحث على الصبر، وتأمر به.

{ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ْ} والذي أخفاه، أنه لو طلقها زيد، لتزوجها صلى اللّه عليه وسلم.

{ وَتَخْشَى النَّاسَ ْ} في عدم إبداء ما في نفسك{ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ْ}وأن لا تباليهم شيئًا،{ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا ْ} أي:طابت نفسه، ورغب عنها، وفارقها.{ زَوَّجْنَاكَهَا ْ} وإنما فعلنا ذلك، لفائدة عظيمة، وهي:{ لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ْ} حيث رأوك تزوجت، زوج زيد بن حارثة، الذي كان من قبل، ينتسب إليك.

ولما كان قوله:{ لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ْ} عامًا في جميع الأحوال، وكان من الأحوال، ما لا يجوز ذلك، وهي قبل انقضاء وطره منها، قيد ذلك بقوله:{ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ْ} أي:لا بد من فعله، ولا عائق له ولا مانع.

وفي هذه الآيات المشتملات على هذه القصة، فوائد، منها:الثناء على زيد بن حارثة، وذلك من وجهين:

أحدهما:أن اللّه سماه في القرآن، ولم يسم من الصحابة باسمه غيره.

والثاني:أن اللّه أخبر أنه أنعم عليه، أي:بنعمة الإسلام والإيمان. وهذه شهادة من اللّه له أنه مسلم مؤمن، ظاهرًا وباطنًا، وإلا، فلا وجه لتخصيصه بالنعمة، لولا أن المراد بها، النعمة الخاصة.

ومنها:أن المُعْتَق في نعمة الْمُعْتِق.

ومنها:جواز تزوج زوجة الدَّعِيّ، كما صرح به.

ومنها:أن التعليم الفعلي، أبلغ من القولي، خصوصا، إذا اقترن بالقول، فإن ذلك، نور على نور.

ومنها:أن المحبة التي في قلب العبد، لغير زوجته ومملوكته، ومحارمه، إذا لم يقترن بها محذور، لا يأثم عليها العبد، ولو اقترن بذلك أمنيته، أن لو طلقها زوجها، لتزوجها من غير أن يسعى في فرقة بينهما، أو يتسبب بأي سبب كان، لأن اللّه أخبر أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم، أخفى ذلك في نفسه.

ومنها:أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم، قد بلغ البلاغ المبين، فلم يدع شيئًا مما أوحي إليه، إلا وبلغه، حتى هذا الأمر، الذي فيه عتابه.

وهذا يدل، على أنه رسول اللّه، ولا يقول إلا ما أوحي إليه، ولا يريد تعظيم نفسه.

ومنها:أن المستشار مؤتمن، يجب عليه -إذا استشير في أمر من الأمور- أن يشير بما يعلمه أصلح للمستشيرولو كان له حظ نفس، فتقدم مصلحة المستشير على هوى نفسه وغرضه.

ومنها:أن من الرأي:الحسن لمن استشار في فراق زوجته أن يؤمر بإمساكها مهما أمكن صلاح الحال، فهو أحسن من الفرقة.

ومنها:[أنه يتعين]أن يقدم العبد خشية اللّه، على خشية الناس، وأنها أحق منها وأولى.

ومنها:فضيلة زينب رضي اللّه عنها أم المؤمنين، حيث تولى اللّه تزويجها، من رسوله صلى اللّه عليه وسلم، من دون خطبة ولا شهود، ولهذا كانت تفتخر بذلك على أزواج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وتقول زوجكن أهاليكن، وزوجني اللّه من فوق سبع سماوات.

ومنها:أن المرأة، إذا كانت ذات زوج، لا يجوز نكاحها، ولا السعي فيه وفي أسبابه، حتى يقضي زوجها وطره منها، ولا يقضي وطره، حتى تنقضي عدتها، لأنها قبل انقضاء عدتها، هي في عصمته، أو في حقه الذي له وطر إليها، ولو من بعض الوجوه.

ثم ذكر- سبحانه- قصة زواج النبي صلّى الله عليه وسلّم من السيدة زينب بنت جحش، وما ترتب على هذا الزواج من هدم لعادات كانت متأصلة في الجاهلية فقال- تعالى-: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ.. أى: واذكر- أيها الرسول الكريم- وقت أن قلت للذي أنعم الله- تعالى- عليه بنعمة الإيمان، وهو زيد بن حارثة- رضى الله عنه-.

وأنعمت عليه، بنعمة العتق، والحرية، وحسن التربية، والمحبة، والإكرام..

أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ أى: اذكر وقت قولك له: أمسك عليك زوجك زينب بنت جحش، فلا تطلقها، واتق الله في أمرها، واصبر على ما بدر منها في حقك..

وكان زيد- رضى الله عنه- قد اشتكى للنبي صلّى الله عليه وسلّم من تطاولها عليه، وافتخارها بحسبها ونسبها، وتخشينها له القول، وقال: يا رسول الله، إنى أريد أن أطلقها.

وقوله- تعالى-: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ معطوف على تَقُولُ. أى:

تقول له ذلك وتخفى في نفسك الشيء الذي أظهره الله- تعالى- لك، وهو إلهامك بأن زيدا سيطلق زينب، وأنت ستتزوجها بأمر الله- عز وجل-.

قال الآلوسى: والمراد بالموصول مَا على ما أخرج الحكيم الترمذي وغيره عن على ابن الحسين ما أوحى الله- تعالى- به إليه من أن زينب سيطلقها زيد. ويتزوجها هو صلى الله عليه وسلم.

وإلى هذا ذهب أهل التحقيق من المفسرين، كالزهرى، وبكر بن العلاء، والقشيري، والقاضي أبى بكر بن العربي، وغيرهم.

وقال بعض العلماء ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ جملة: الله مبديه صلة الموصول الذي هو مَا. وما أبداه- سبحانه- هو زواجه صلى الله عليه وسلّم بزينب، وذلك في قوله- تعالى-: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها وهذا هو التحقيق في معنى الآية، الذي دل عليه القرآن، وهو اللائق بجنابه صلّى الله عليه وسلم.

وبه تعلم أن ما قاله بعض المفسرين، من أن ما أخفاه في نفسه صلّى الله عليه وسلّم وأبداه الله- تعالى-، هو وقوع زينب في قلبه صلّى الله عليه وسلّم ومحبته لها، وهي زوجة لزيد، وأنها سمعته يقول عند ما رآها: سبحان مقلب القلوب.. إلى آخر ما قالوا ... كله لا صحة له...

وقال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: ذكر ابن جرير وابن أبى حاتم- وغيرهما- هاهنا آثارا عن بعض السلف، أحببنا أن نضرب عنها صفحا، لعدم صحتها. فلا نوردها...

هذا، ولفضيلة شيخنا الجليل الدكتور أحمد السيد الكومى رأى في معنى هذه الجملة الكريمة، وهو أن ما أخفاه الرسول في نفسه: هو علمه بإصرار زيد على طلاقه لزينب، لكثرة تفاخرها عليه، وسماعه منها ما يكرهه. وما لا يستطيع معه الصبر على معاشرتها.

وما أبداه الله- تعالى-: هو علم الناس بحال زيد معها، ومعرفتهم بأن زينب تخشن له القول، وتسمعه ما يكره، وتفخر عليه بنسبها..

فيكون المعنى: تقول للذي أنعم الله عليه، وأنعمت عليه، أمسك عليك زوجك واتق الله، وتخفى في نفسك أن زيدا لن يستطيع الصبر على معاشرة زوجه زينب لوجود التنافر بينهما.. مع أن الله- تعالى- قد أظهر ذلك، عن طريق كثرة شكوى زيد منها، وإعلانه أنه حريص على طلاقها، ومعرفة كثير من الناس بهذه الحقيقة..

ومما يؤيد هذا الرأى أنه لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة ما يدل دلالة صريحة على أن الله قد أوحى إلى نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن زيدا سيطلق زينب، وأنه صلّى الله عليه وسلّم سيتزوجها، وكل ما ورد في ذلك هي تلك الرواية التي سبق أن ذكرناها عن على بن الحسين- رضى الله عنهما-.

قال صاحب الظلال: وهذا الذي أخفاه النبي صلّى الله عليه وسلّم في نفسه، وهو يعلم أن الله مبديه، هو ما ألهمه الله أن سيفعله. ولم يكن أمرا صريحا من الله. وإلا ما تردد فيه ولا أخره ولا حاول تأجيله. ولجهر به في حينه مهما كانت العواقب التي يتوقعها من إعلانه. ولكنه صلى الله عليه وسلّم كان أمام إلهام يجده في نفسه، ويتوجس في الوقت ذاته من مواجهته ومواجهة الناس به حتى أذن الله بكونه. فطلق زيد زوجه في النهاية. وهو لا يفكر لا هو ولا زينب فيما سيكون بعد.. .

وهذه الأقوال جميعها تهدم هدما تاما كل الروايات التي رويت عن هذا الحادث، والتي تشبث بها أعداء الإسلام في كل زمان ومكان، وصاغوا حولها الأساطير والمفتريات.

وقوله- سبحانه-: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ معطوف على ما قبله، ومؤكد لمضمونه.

أى: تقول له ما قلت، وتخفى في نفسك ما أظهره الله، وتخشى أن تواجه الناس بما ألهمك الله- تعالى- به من أمر زيد وزينب، مع أن الله- تعالى- أحق بالخشية من كل ما سواه.

فالجملة الكريمة عتاب رقيق من الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وإرشاد له إلى أفضل الطرق، وأحكم السبل، لمجابهة أمثال هذه الأمور، وحلها حلا سليما.

ثم بين- سبحانه- الحكمة من زواجه صلّى الله عليه وسلّم بزينب فقال: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها، لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً، وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا.

والوطر: الحاجة. وقضاء الوطر: بلوغ منتهى ما تريده النفس من الشيء، يقال: قضى فلان وطره من هذا الشيء: إذا أخذ أقصى حاجته منه.

والمراد هنا: أن زيدا قضى حاجته من زينب، ولم يبق عنده أدنى رغبة فيها، بل صارت رغبته العظمى في مفارقتها.

أى: فلما قضى زيد حاجته من زينب، وطلقها، وانقضت عدتها، زوجناكها، أى:

جعلناها زوجة لك، لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ أو ضيق أو مشقة فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ أى: في الزواج من أزواج أدعيائهم، الذين تبنوهم إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً أى: إذا طلق هؤلاء الأدعياء أزواجهم، وانقضت عدة هؤلاء الأزواج، فلا حرج على الذين سبق لهم تبنى هؤلاء الأدعياء أن يتزوجوا بنسائهم، ولهم في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسوة حسنة.

وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا أى: وكان ما يريده الله- تعالى- حاصلا لا محالة.

قال الإمام ابن كثير: قوله: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها.. أى: لما فرغ منها وفارقها زوجناكها، وكان الذي ولى تزويجها منه هو الله- عز وجل-. بمعنى: أنه أوحى إليه أن يدخل بها بلا ولىّ ولا مهر ولا عقد ولا شهود من البشر..

روى الإمام أحمد عن أنس قال: لما انقضت عدة زينب- رضى الله عنها- قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لزيد بن حارثة: «اذهب فاذكرها على» فانطلق حتى آتاها وهي تخمر عجينها.

قال: فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها. وجعلت أقول- وقد وليتها ظهري، ونكصت على عقبى- يا زينب. أبشرى. أرسلنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يذكرك قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي- أى: أستشيره في أمرى-، فقامت إلى مسجدها. ونزل القرآن. وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل عليها بغير إذن ...

وروى البخاري عن أنس بن مالك، أن زينب بنت جحش كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم فتقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات.. .

وقال الإمام الشوكانى: وقوله: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ ...

أى: في التزوج بأزواج من يجعلونه ابنا، كما كانت تفعله العرب، فإنهم كانوا يتبنون من يريدون.. وكانوا يعتقدون أنه يحرم عليهم نساء من تبنوه، كما تحرم نساء أبنائهم على الحقيقة. والأدعياء: جمع دعى، وهو الذي يدعى ابنا من غير أن يكون ابنا على الحقيقة.

فأخبرهم الله- تعالى- أن نساء الأدعياء حلال لهم- بعد انقضاء العدة- بخلاف الأبناء من الصلب، فإن نساءهم تحرم على الآباء بنفس العقد عليها.. .

يقول تعالى مخبرا عن نبيه ، صلوات الله وسلامه عليه ، إنه قال لمولاه زيد بن حارثة وهو الذي أنعم الله عليه ، أي : بالإسلام ، ومتابعة الرسول ، عليه أفضل الصلاة والسلام : ( وأنعمت عليه ) أي : بالعتق من الرق ، وكان سيدا كبير الشأن جليل القدر ، حبيبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، يقال له : الحب ، ويقال لابنه أسامة : الحب ابن الحب قالت عائشة ، رضي الله عنها : ما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية إلا أمره عليهم ، ولو عاش بعده لاستخلفه رواه أحمد عن سعيد بن محمد الوراق ومحمد بن عبيد ، عن وائل بن داود ، عن عبد الله البهي عنها

وقال البزار : حدثنا خالد بن يوسف ، حدثنا أبو عوانة ( ح ) ، وحدثنا محمد بن معمر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أبو عوانة ، أخبرني عمران بن أبي سلمة ، عن أبيه : حدثني أسامة بن زيد قال : كنت في المسجد ، فأتاني العباس وعلي بن أبي طالب ، رضي الله عنهما ، فقالا يا أسامة ، استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فأتيت رسول الله فأخبرته ، فقلت : علي والعباس يستأذنان ؟ فقال : " أتدري ما حاجتهما ؟ " قلت : لا يا رسول الله فقال : " لكني أدري " ، قال : فأذن لهما قالا يا رسول الله ، جئناك لتخبرنا : أي أهلك أحب إليك ؟ فقال : " أحب أهلي إلي فاطمة بنت محمد " قالا يا رسول الله ، ما نسألك عن فاطمة قال : " فأسامة بن زيد بن حارثة ، الذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه "

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوجه بابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية - وأمها أميمة بنت عبد المطلب - وأصدقها عشرة دنانير ، وستين درهما ، وخمارا ، وملحفة ، ودرعا ، وخمسين مدا من طعام ، وعشرة أمداد من تمر قاله مقاتل بن حيان ، فمكثت عنده قريبا من سنة أو فوقها ، ثم وقع بينهما ، فجاء زيد يشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل رسول الله يقول له : " أمسك عليك زوجك ، واتق الله " قال الله تعالى : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )

ذكر ابن جرير ، وابن أبي حاتم هاهنا آثارا عن بعض السلف ، رضي الله عنهم ، أحببنا أن نضرب عنها صفحا لعدم صحتها فلا نوردها

وقد روى الإمام أحمد هاهنا أيضا حديثا ، من رواية حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس فيه غرابة تركنا سياقه أيضا

وقد روى البخاري أيضا بعضه مختصرا فقال : حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا معلى بن منصور ، عن حماد بن زيد ، حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك قال : إن هذه الآية : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه ) نزلت في شأن زينب بنت جحش ، وزيد بن حارثة ، رضي الله عنهما

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن هاشم بن مرزوق ، حدثنا ابن عيينة ، عن علي بن زيد بن جدعان قال : سألني علي بن الحسين ما يقول الحسن في قوله : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه ) [ وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ] ) ؟ فذكرت له فقال : لا ولكن الله أعلم نبيه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها ، فلما أتاه زيد ليشكوها إليه قال : اتق الله ، وأمسك عليك زوجك فقال : قد أخبرتك أني مزوجكها ، وتخفي في نفسك ما الله مبديه

وهكذا روي عن السدي أنه قال نحو ذلك

وقال ابن جرير : حدثني إسحاق بن شاهين ، حدثني خالد ، عن داود عن عامر ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : لو كتم محمد صلى الله عليه وسلم شيئا مما أوحي إليه من كتاب الله ، لكتم : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )

وقوله : ( فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها ) : الوطر : هو الحاجة والأرب ، أي : لما فرغ منها ، وفارقها زوجناكها ، وكان الذي ولي تزويجها منه هو الله ، عز وجل ، بمعنى : أنه أوحى إليه أن يدخل عليها بلا ولي ولا مهر ولا عقد ولا شهود من البشر

قال الإمام أحمد : حدثنا هاشم - يعني : ابن القاسم أبو النضر - حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة : " اذهب فاذكرها علي " فانطلق حتى أتاها وهي تخمر عجينها ، قال : فلما رأيتها عظمت في صدري - حتى ما أستطيع أن أنظر إليها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها ، فوليتها ظهري ونكصت على عقبي ، وقلت : يا زينب ، أبشري ، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك قالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي ، عز وجل فقامت إلى مسجدها ، ونزل القرآن ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن ولقد رأيتنا حين دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا عليها الخبز واللحم ، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم [ واتبعته ] فجعل يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن ، ويقلن : يا رسول الله ، كيف وجدت أهلك ؟ فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبر قال : فانطلق حتى دخل البيت ، فذهبت أدخل معه ، فألقى الستر بيني وبينه ، ونزل الحجاب ، ووعظ القوم بما وعظوا به : ( لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ) الآية

ورواه مسلم والنسائي من طرق ، عن سليمان بن المغيرة ، به

وقد روى البخاري ، رحمه الله ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، أن زينب بنت جحش كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فتقول : زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات

وقد قدمنا في " سورة النور " عن محمد بن عبد الله بن جحش قال : تفاخرت زينب وعائشة ، فقالت زينب ، رضي الله عنها : أنا التي نزل تزويجي من السماء ، وقالت عائشة : أنا التي نزل عذري من السماء ، فاعترفت لها زينب ، رضي الله عنها

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن المغيرة ، عن الشعبي قال : كانت زينب تقول للنبي صلى الله عليه وسلم إني لأدل عليك بثلاث ، ما من نسائك امرأة تدل بهن : إن جدي وجدك واحد ، وإني أنكحنيك الله من السماء ، وإن السفير جبريل عليه السلام

وقوله : ( لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ) أي : إنما أبحنا لك تزويجها وفعلنا ذلك; لئلا يبقى حرج على المؤمنين في تزويج مطلقات الأدعياء ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قبل النبوة قد تبنى زيد بن حارثة ، فكان يقال له : " زيد بن محمد " ، فلما قطع الله هذه النسبة بقوله تعالى : ( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) ، ثم زاد ذلك بيانا وتأكيدا بوقوع تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش لما طلقها زيد بن حارثة ; ولهذا قال في آية التحريم : ( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) [ النساء : 23 ] ليحترز من الابن الدعي; فإن ذلك كان كثيرا فيهم

وقوله : ( وكان أمر الله مفعولا ) أي : وكان هذا الأمر الذي وقع قد قدره الله تعالى وحتمه ، وهو كائن لا محالة ، كانت زينب في علم الله ستصير من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا (37)

يقول تعالى ذكره لنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عتابا من الله له (و) اذكر يا محمد (إذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) بالهداية (وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ) بالعتق، يعني زيد بن حارثة مولى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ) وذلك أن زينب بنت جحش فيما ذكر رآها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأعجبته، وهي في حبال مولاه، فألقِي في نفس زيد كراهتها لما علم الله مما وقع في نفس نبيه ما وقع، فأراد فراقها، فذكر ذلك لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم زيد، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) وهو صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يحب أن تكون قد بانت منه لينكحها(وَاتَّقِ اللَّهَ) وخف الله في الواجب له عليك في زوجتك ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) يقول: وتخفي في نفسك محبة فراقه إياها لتتزوجها إن هو فارقها، والله مبد ما تخفي في نفسك من ذلك ( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) يقول تعالى ذكره: وتخاف أن يقول الناس: أمر رجلا بطلاق امرأته ونكحها حين طلقها، والله أحق أن تخشاه من الناس.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإذْ تَقُولُ لِلَّذِي أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ) وهو زيد أنعم الله عليه بالإسلام (وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ) أعتقه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (أمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) قال: وكان يخفي في نفسه ودَّ أنه طلقها. قال الحسن: ما أنـزلت عليه آية كانت أشد عليه منها؛ قوله (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) ولو كان نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كاتما شيئا من الوحي لكتمها( وَتَخْشَى &; 20-274 &; النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) قال: خشِي نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم مقالة الناس.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: كان النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد زوج زيد بن حارثة زينب بنت جحش، ابنة عمته، فخرج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومًا يريده وعلى الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر فانكشف، وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلما وقع ذلك كرِّهت إلى الآخر، فجاء فقال: يا رسول الله إني أريد أن أفارق صاحبتي، قال: ما ذاك، أرابك منها شيء؟ " قال: لا والله ما رابني منها شيء يا رسول الله، ولا رأيت إلا خيرًا، فقال له رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أمسك عليك زوجك واتق الله، فذلك قول الله تعالى ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) تخفي في نفسك إن فارقها تزوجتها.

حدثني محمد بن موسى الجرشي، قال: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أَبي حمزة قال: نـزلت هذه الآية ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) في زينب بنت جحش.

حدثنا خلاد بن أسلم، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن علي بن حسين قال: كان الله تبارك وتعالى أعلم نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن زينب ستكون من أزواجه، فلما أتاه زيد يشكوها، قال: اتق الله وأمسك عليك زوجك، قال الله: ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) .

حدثني إسحاق بن شاهين، قال: ثنا داود، عن عامر، عن عائشة، قالت: لو كتم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم شيئا مما أوحي إليه من كتاب الله لكتم ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) .

وقوله: ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ) يقول تعالى ذكره: فلما قضى زيد بن حارثة من زينب حاجته، وهي الوطر، ومنه قول الشاعر:

وَدَّعَنـــي قَبْـــلَ أن أُوَدِّعَـــهُ

لمَّــا قَضَــى مِـنْ شَـبابِنا وَطَـرَا (1)

(زَوَّجْنَاكَهَا) يقول: زوجناك زينب بعد ما طلقها زيد وبانت منه؛( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ) يعني: في نكاح نساء من تبنوا وليسوا ببنيهم ولا أولادهم على صحة إذا هم طلقوهن وبِنَّ منهم ( إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) يقول: إذا قضوا منهن حاجاتهم وآرابهم، وفارقوهن وحللن لغيرهم، ولم يكن ذلك نـزولا منهم لهم عنهن ( وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا ) يقول: وكان ما قضى الله من قضاء مفعولا أي: كائنا كان لا محالة. وإنما يعني بذلك أن قضاء الله في زينب أن يتزوجها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان ماضيا مفعولا كائنا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) يقول: إذا طلقوهن، وكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تبنى زيد بن حارثة.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا ....) إلى قوله (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا) إذا كان ذلك منه غير نازل لك، فذلك قول الله وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ .

حدثني محمد بن عثمان الواسطي، قال: ثنا جعفر بن عون، عن المعلى بن عرفان، عن محمد بن عبد الله بن جحش. قال: تفاخرت عائشة وزينب، قال: فقالت زينب: أنا الذي نـزل تزويجي .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: كانت زينب زوج النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تقول للنبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إني لأدل عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدل بهن؛ إن جدي وجدك واحد، وإني أنكحنيك الله من السماء، وإن السفير لجبرائيل عليه السلام.

------------------------

الهوامش:

(1) في (اللسان: وطر). قال الزجاج: الوطر والأرب: بمعنى واحد. ثم قال: قال الخليل: الوطر كل حاجة يكون لك فيها همة فإذا بلغها البالغ قيل: قضى وطره وأربه. ولا يبني منه فعل. ومحل الشاهد في البيت: لفظة الوطر بمعنى الحاجة.

المعاني :

أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ :       بِالإِسْلَامِ السراج
لِلَّذِيٓ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ :       أي: بالإسْلامِ، وهو زَيدُ بْنُ حارِثَة الَّذي تَبَنَّاهُ النَّبيُّ ﷺ قَبْلَ أن يُبْطِلَ القرآنُ هذا التَّبَنِّي الميسر في غريب القرآن
وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ :       بِالعِتْقِ، وَهُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ - رضي الله عنه - السراج
وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ :       بأن أَعتَقْتَه مِنَ الرِّقِّ الميسر في غريب القرآن
وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ :       هُوَ: مَا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيْكَ مِنْ طَلَاقِ زَيْدٍ لِامْرَأَتِهِ، وَزَوَاجِكَ مِنْهَا السراج
وَتُخۡفِي فِي نَفۡسِكَ :       وهو ما أوْحَىٰ اللهُ إلى نبِيِّه مِن طَلاقِ زَيدٍ لِزَوْجِهِ ثُمَّ زَواجِه ﷺ مِنْهَا الميسر في غريب القرآن
مُبْدِيهِ :       مُظْهِرُهُ السراج
وَتَخْشَى النَّاسَ :       تَخَافُ مِنَ المُنَافِقِينَ أَنْ يَقُولُوا: تَزَوَّجَ مُحَمَّدٌ امْرَأَةَ مُتَبَنَّاهُ السراج
قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا :       طَلَّقَهَا السراج
وَطَرࣰا :       حاجَةً مُهِمَّةً وهي نِكَاحُها الميسر في غريب القرآن
وطرا :       حاجته المهمّة ، كناية عن الطّلاق معاني القرآن
حَرَجٌ :       إِثْمٌ السراج
حرجٌ :       ضيق أو إثم معاني القرآن
أَدْعِيَائِهِمْ :       مَنْ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَهُمْ السراج
أَزۡوَٰجِ أَدۡعِيَآئِهِمۡ :       أي: في نِكاحِ زَوْجاتِ أولادِهِم المُتَبنَّينَ، الذي كان حَرَاماً على عَادَةِ أَهْلِ الجاهِليَّةِ، فأبْطَلَها الإِسْلامُ الميسر في غريب القرآن
أدعيائهم :       من تبنّوهم (قبل نسخ التّبنّي) معاني القرآن
وَطَرًا :       حَاجَةً السراج

التدبر :

وقفة
[37] ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّـهَ﴾ من الرأي الحسن لمن استشار في فراق زوجته: أن يؤمر بإمساكها مهما أمكن صلاح الحال، فهو أحسن من الفُرقة.
وقفة
[37] ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّـهُ مُبْدِيهِ﴾ تحرك النفس للزواج والحديث فيه لا حرج فيه؛ مادام في إطار ما أحله الله، إذ هو طبيعة بشرية.
وقفة
[37] ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّـهُ مُبْدِيهِ﴾ اطلاع الله على ما في النفوس.
وقفة
[37]﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّـهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّـهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ الرسول ﷺ قد بلغ البلاغ المبين، فلم يدع شيئًا مما أوحي إليه إلا وبلغه؛ حتى هذا الأمر الذي فيه عتابه.
وقفة
[37] ﴿وَتُخْفِي ... وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّـهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ لا أحد أعلى من النَّصيحةِ والموعظةِ والتَّذكير.
وقفة
[37]﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّـهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ كثيرًا ما نفعل أمورًا أو نتركها خشية كلام الناس، ولو جعلنا خشيتنا لله لأراحنا الله من الناس وكلامهم.
وقفة
[37] ﴿ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ﴾ إذا كان هذا الخطاب لنبينا ﷺ في قضية عين، فأي خطاب يناسب من يجعل الجمهور ميزانَ موافقته غضبًا ورضًا!
وقفة
[37] ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّـهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ نخاف الناس، ونحسب لهم حسابهم، وتهمنا الصورة الرائعة أمامهم؛ مع أن الذي يرفع ويعز هو رب الناس!
وقفة
[37] ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ العِباداتُ قبل العَادَات، والحَرامُ قبل العَيب، والشَّرعُ قبل الواقع، والسُّنةُ قبل المألوف، والله قبل النّاس.
وقفة
[37] عندما قال الله لرسوله: ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ هل نقول أنه عتاب من الله؟ الجواب: نعم هذا صحيح.
وقفة
[37] ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ نخاف من الناس أكثر من خوفنا من الله، قال ﷺ: «أوصِيكَ أن تَسْتَحِيَ مِنَ الله تَعالى كما تَستَحِيي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مِنْ قَوْمِكَ». [أحمد في الزهد ص 46، وصححه الألباني].
وقفة
[37] وما بالكم بمجتمع لا يخشى إلا الله فكيف يكون حاله؟ ﴿وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخشاهُ﴾.
وقفة
[37] إن الله عز وجل لما منع زيدًا من ذلك الشرف الذي شرفه الله به بكونه كان يدعى زيد بن محمد، فعوضه عن هذا بأن ذكر اسمه صراحة في القرآن، قال الله: ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا﴾، وكذلك ربك إذا سلب عبدًا نعمة فصبر، عوضه الله عز وجل بأحسن منها.
وقفة
[37] ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ المرأة الوحيدة التي زوجت في السماء كانت مطلقة!
وقفة
[37] ﴿فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ التعليم الفعلي أبلغ من القولي، خصوصًا إذا اقترن بالقول.
وقفة
[37] ﴿فَلَمّا قَضى زَيدٌ مِنها وَطَرًا زَوَّجناكَها لِكَي لا يَكونَ عَلَى المُؤمِنينَ حَرَجٌ في أَزواجِ أَدعِيائِهِم إِذا قَضَوا مِنهُنَّ وَطَرًا وَكانَ أَمرُ اللَّهِ مَفعولًا﴾ قضاء الله دائمًا له حكمة، قد لا نعلمها فى حينها أو قد لا نعلمها مطلقًا.
وقفة
[37] ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾ من مناقب أم المؤمنين زينب بنت جحش: أنْ زوّجها الله من فوق سبع سماوات.
وقفة
[37] ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ أي: السبب في ذلك لكي يزول هذا الحكم الباطل، وهذه البنوة الباطلة، وهذا الأثر الذي لا يكفي فيه القول، بل لا بد من التمثيل بمثال عملي.
وقفة
[37] نسبة الفضل إلى الله قبل المخلوق هديٌ قرآني، فتدبّر: ﴿وَإِذ تَقولُ للذي أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِ وَأَنعَمتَ عليه أمسك﴾.
وقفة
[37] ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ إحدى الوصايا التي يوصي بها أهل الإختصاص في الإستشارات الأسرية لحل الخلافات الزوجية.
وقفة
[37] لم يذكر من الصحابة بالاسم في القرآن إلا زيد، فما الحكمة من ذلك؟ الجواب: تطييبًا لخاطره عندما نهى الله عن تبني أولاد الآخرين، وكان الرسول ﷺ قد تبناه فأصبح الناس يسمونه زيد بن محمد، فأراد الله أن يطيب خاطره بذكر اسمه بعد حرمانه من ذلك الشرف، وهو الانتساب للنبي ﷺ.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذْ تَقُولُ:
  • الواو استئنافية. اذ: اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به لفعل مضمر تقديره. و «اذكر» تقول فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. والجملة الفعلية «تقول وما بعدها» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد اذ.
  • ﴿ لِلَّذِي:
  • اللام حرف جر. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بتقول.
  • ﴿ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. أنعم: فعل ماض مبني على الفتح. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. عليه: جار ومجرور متعلق بأنعم. بمعنى: انعم عليه بالاسلام الذي هو اجل النعم.
  • ﴿ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ:
  • الجملة معطوفة بالواو على صلة الموصول لا محل لها. انعمت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل -ضمير المخاطب -في محل رفع فاعل. عليه: جار ومجرور متعلق بأنعمت. بمعنى: انعمت عليه بما وفقك الله فيه. والمقصود: زيد بن حارثة اي انعمت عليه بالعتق.
  • ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به -مقول القول -. امسك: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. عليك: جار ومجرور متعلق بأمسك. زوجك: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطب -في محل جر بالاضافة بمعنى: احتفظ‍ بزوجك.
  • ﴿ وَاتَّقِ اللهَ:
  • الواو عاطفة. اتق: فعل امر مبني على حذف آخره -حرف العلة -والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
  • ﴿ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ:
  • الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال بمعنى:تقول لزيد امسك عليك زوجك مخفيا في نفسك ارادة ان لا يمسكها. او تكون عاطفة بمعنى واذ تجمع بين قولك امسك واخفاء خلافه. تخفي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. في نفسك: جار ومجرور متعلق بتخفي والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مَا اللهُ مُبْدِيهِ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. مبديه: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وكلمة «مبديه» اسم فاعل مضاف الى مفعوله. والجملة الاسمية اللهُ مُبْدِيهِ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: مظهره ومبينه.
  • ﴿ وَتَخْشَى النّاسَ:
  • تعرب اعراب وَتُخْفِي» وعلامة رفع الفعل الضمة المقدرة على الالف للتعذر. الناس: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى: وتخفي خاشيا قالة الناس.
  • ﴿ وَاللهُ أَحَقُّ:
  • الواو حالية او عاطفة بتقدير: وتخفي خاشيا قالة الناس وحقيقا في ذلك بأن تخشى الله. او عاطفة بمعنى: واذ تجمع بين قولك امسك واخفاء خلافه وخشية الناس والله احق ان تخشاه. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. احق: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينأون لا نه ممنوع من الصرف بوزن -أفعل -وبوزن الفعل.
  • ﴿ أَنْ تَخْشاهُ:
  • حرف مصدرية ونصب. تخشى: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. وجملة «تخشاه» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر. بمعنى: والله احق بأن تخشاه اي بالخشية.
  • ﴿ فَلَمّا قَضى زَيْدٌ:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. قضى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. زيد: فاعل مرفوع بالضمة. وجملة قَضى زَيْدٌ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْها وَطَراً:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «وطرا».وطرا: مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى: فحين قضى زيد حاجة في نفسه وآثر فراق زوجته.
  • ﴿ زَوَّجْناكَها:
  • الجملة الفعلية جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. زوج: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا»: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. والكاف: ضمير متصل -ضمير المخاطب -مبني على السكون في محل نصب مفعول به. و «ها» ضمير متصل -ضمير الغائبة -مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. بمعنى: زوجناك إياها فأوصل الضمير الثاني ضمير الغائبة.
  • ﴿ لِكَيْ لا يَكُونَ:
  • اللام حرف جر. كي: حرف مصدرية ونصب. لا: نافية لا عمل لها. يكون: فعل مضارع ناقص منصوب بكي وعلامة نصبه الفتحة. وجملة لا يَكُونَ وما بعدها» صلة «كي» لا محل لها. و «كي» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بزوجنا.
  • ﴿ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر مقدم ليكون وعلامة جر الاسم الياء لا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. حرج: اسم «يكون» مرفوع بالضمة. بمعنى: ضيق.
  • ﴿ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة لحرج. ادعياء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. بمعنى: حتى لا يتضايق المؤمنون في التزوج بمطلقات الملتحقين بهم في النسب.
  • ﴿ إِذا قَضَوْا:
  • ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه مضمن معنى الشرط‍.قضوا: فعل ماض مبني على الفتح او الضم المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «قضوا» في محل جر بالاضافة وحذف جواب الشرط‍ لتقدم معناه.
  • ﴿ مِنْهُنَّ وَطَراً:
  • حرف جر. و «هن» ضمير الغائبات في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بحال من «وطرا».و «وطرا» اي حاجة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً:
  • الواو استئنافية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. امر: اسم «كان» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالفتحة. مفعولا: خبر «كان» منصوب بالفتحة.'

المتشابهات :

الأحزاب: 38﴿سُنَّةَ اللَّـهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا
النساء: 47﴿فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ مَفْعُولًا
الأحزاب: 37﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ مَفْعُولًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     وبعد تصحيحِ بعض عادات الجاهلية في أول السورة، ومنها تحريمِ التَبنِّي؛ أبطلَ اللهُ هنا عادة أخرى، وهي: عادة تحريم الزواج بزوجة المتبنى بعد طلاقها، فجاء هنا الحديث عن زواج النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، بعدَ أن طلَّقَها زيدُ بنُ حارِثةَ، قال تعالى:
﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

زوجناكها:
1- بالنون، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- زوجتكها، بتاء ضمير المتكلم، وهى قراءة جعفر بن محمد، وابن الحنفية، وأخواه: الحسن، والحسين، وأبوهم: على.

مدارسة الآية : [38] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ ..

التفسير :

[38] ما كان على النبيِّ محمد -صلى الله عليه وسلم- مِن ذنب فيما أحلَّ الله له من زواج امرأة مَن تبنَّاه بعد طلاقها، كما أباحه للأنبياء قبله، سنة الله في الذين خَلَوا من قبل، وكان أمر الله قدراً مقدوراً لا بد من وقوعه.

هذا دفع لطعن من طعن في الرسول صلى اللّه عليه وسلم، في كثرة أزواجه، وأنه طعن، بما لا مطعن فيه، فقال:{ مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ ْ} أي:إثم وذنب.{ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ْ} أي:قدر له من الزوجات، فإن هذا، قد أباحه اللّه للأنبياء قبله، ولهذا قال:{ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ْ} أي:لا بد من وقوعه.

وبعد أن بين- سبحانه- الحكمة من زواج النبي صلّى الله عليه وسلّم بالسيدة زينب بنت جحش، التي كانت قبل ذلك زوجة لزيد بن حارثة- الذي كان الرسول قد تبناه وأعتقه- بعد كل ذلك أخذت السورة الكريمة في تقرير هذه الحكمة وتأكيدها، وإزالة كل ما علق بالأذهان بشأنها، فقال- تعالى-: ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ...

أى: ما كان على النبي صلّى الله عليه وسلّم من حرج أو لوم أو مؤاخذة، في فعل ما أحله الله له، وقدره عليه، وأمره به من زواجه بزينب بعد أن طلقها ابنه بالتبني زيد بن حارثة فقوله:

فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ أى: فيما قسمه له، وقدره عليه، مأخوذ من قولهم: فرض فلان لفلان كذا، أى: قدر له هذا الشيء، وجعله حلالا له.

وقوله- تعالى-: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً زيادة في تأكيد هذه الحكمة، وفي تقرير صحة ما فرضه الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلم.

أى: ما فعله الرسول صلّى الله عليه وسلّم من زواجه بزينب بعد طلاقها من زيد، قد جعله الله- تعالى- سنة من سننه في الأمم الماضية، وكان أمر الله- تعالى- قدرا مقدورا. أى:

واقعا لا محالة.

والقدر: إيجاد الله- تعالى- للأشياء على قدر مخصوص حسبما تقتضي حكمته.

ويقابله القضاء: وهو الإرادة الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه. وقد يستعمل كل منهما بمعنى الآخر. والأظهر أن قدر الله- تعالى- هنا بمعنى قضائه.

ولفظ مَقْدُوراً وصف جيء به للتأكيد، كما في قولهم: ظل ظليل، وليل أليل،

يقول تعالى : ( ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له ) أي : فيما أحل له وأمره به من تزويج زينب التي طلقها دعيه زيد بن حارثة

وقوله : ( سنة الله في الذين خلوا من قبل ) أي : هذا حكم الله في الأنبياء قبله ، لم يكن ليأمرهم بشيء وعليهم في ذلك حرج ، وهذا رد على من توهم من المنافقين نقصا في تزويجه امرأة زيد مولاه ودعيه ، الذي كان قد تبناه

( وكان أمر الله قدرا مقدورا ) أي : وكان أمره الذي يقدره كائنا لا محالة ، وواقعا لا محيد عنه ولا معدل ، فما شاء [ الله ] كان ، وما لم يشأ لم يكن

القول في تأويل قوله تعالى : مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38)

يقول تعالى ذكره: ( ما كان على النبي من حرج ) من إثم فيما أحل الله له من نكاح امرأة من تبناه بعد فراقه إياها.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ) : أي أحل الله له.

وقوله: ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ) يقول: لم يكن الله تعالى ليؤثم نبيه فيما أحل له مثال فعله بمن قبله من الرسل الذين مضوا قبله في أنه لم يؤثمهم بما أحل لهم، لم يكن لنبيه أن يخشى الناس فيما أمره به أو أحله له، ونصب قوله (سُنَّةَ اللَّهِ) على معنى: حقًّا من الله، كأنه قال: فعلنا ذلك سنة منا.

وقوله: (وَكَانَ أمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) يقول: وكان أمر الله قضاء مقضيًّا.

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَكَانَ أمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا): إن الله كان علمه معه قبل أن يخلق الأشياء كلها، فأتمه في علمه أن يخلق خلقا، ويأمرهم وينهاهم، ويجعل ثوابا لأهل طاعته، وعقابا لأهل معصيته، فلما ائتمر ذلك الأمر قدره، فلما قدره كتب وغاب عليه؛ فسماه الغيب وأم الكتاب، وخلق الخلق على ذلك الكتاب أرزاقهم وآجالهم وأعمالهم، وما يصيبهم من الأشياء من الرخاء والشدة من الكتاب الذي كتبه أنه يصيبهم، وقرأ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا نَفِدَ ذَلِكَ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ وأمر الله الذي ائتمر قدره حين قدره مقدرا، فلا يكون إلا ما في ذلك، وما في ذلك الكتاب، وفي ذلك التقدير، ائتمر أمرا ثم قدره، ثم خلق عليه فقال: كان أمر الله الذي مضى وفرغ منه، وخلق عليه الخلق (قَدَرًا مَقْدُورًا) شاء أمرا ليمضي به أمره وقدره، وشاء أمرا يرضاه من عباده في طاعته، فلما أن كان الذي شاء من طاعته لعباده رضيه لهم، ولما أن كان الذي شاء أراد أن ينفذ فيه أمره وتدبيره وقدره، وقرأ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فشاء أن يكون هؤلاء من أهل النار، وشاء أن تكون أعمالهم أعمال أهل النار، فقال كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ وقال وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ هذه أعمال أهل النار وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ قال وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ ... إلى قوله وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ وقرأ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ... إلى كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أن يؤمنوا بذلك، قال: فأخرجوه من اسمه الذي تسمى به، قال: هو الفعال لما يريد، فزعموا أنه ما أراد .

المعاني :

حَرَجٍ :       إِثْمٍ السراج
فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ :       أي: أَحَلَّ اللهُ له الميسر في غريب القرآن
فرض الله له :       قسَمَ له أو قدّر أو أحلّ له معاني القرآن
سُنَّةَ ٱللَّهِ :       عادَةَ اللهِ وطَرِيقَتَهُ الميسر في غريب القرآن
خَلَوۡاْ :       مضَوا الميسر في غريب القرآن
خلوْا من قبل :       مضوْا من قبلك من الأنبياء معاني القرآن
قَدَرࣰا مَّقۡدُورًا :       أي: قَضاءً مَقْضِيّاً لابُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ الميسر في غريب القرآن
قدَرا مقدورا :       مُرادا أزلاً أو قضاءً مقضيّا معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[38] ﴿مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّـهُ لَهُ﴾ هذه الآية تقتضي أن الرسول ﷺ يلحقه الحرج في ما لم يحله الله له، ويستفاد من هذا أن النبي -مع علو رتبته- عبد من عباد الله، لا يخرج عن طاعته وشريعته.
وقفة
[38] ﴿مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّـهُ لَهُ﴾ الأفعال أقوى أثرًا من الأقوال؛ لذا زوج الله نبيه ﷺ من زینب بنت جَحش؛ لأن ذلك أبلغ في ثبوت حكم بطلان التبني.
وقفة
[38] ﴿ماكان على النبي من حرج فيما فرض الله له﴾ على المسلم أن لا يشعر بحرج في أمر، وافق شرع الله، وصادم عادات الناس وتقاليدهم.
وقفة
[38] ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾ نقطة واحدة قد تريح أفكارنا المبعثرة؛ أن ما قدره الله ﻻ يمكن أحد أن يرده، وما لم يقدره الله لن نناله.
وقفة
[38] ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾ هذه الآية مفتاح الرضا وعنوان السعادة، وعدم التحسر على ما فات، فما قدره الله لا يمكن لأحد أن يرده، وما لم يقدره لا يمكن لأحد أن يحصله.
وقفة
[38] ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾ إن الله وضع لكل أمر سببًا، وبالنهايةكل الأسباب تؤدي للخير، هذا ما ينبغي أن نؤمن به.
وقفة
[38] فى الحياة لا يوجد فرص ضائعة، كل ما فاتك لم يكن لك ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾.
وقفة
[38] تكتمل حياتنا بأشياء وتنقص بأخرى، ليست مسألة حظ، إنما هى أقدار يعطى الله لكل ذى حق حقه ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾.
وقفة
[38] لا شيء يمر بعبث، حتى تعثراتك الصغيرة كانت لأجل أن تعرف شيئًا ما، لأجل أن تعى, لأجل أن يتسع أفقك، وتضيق توقعاتك ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾.
وقفة
[38] لما طعن عمر رضى الله عنه تلا قول الله: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ:
  • نافية لا عمل لها. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. على النبي: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» المقدم.
  • ﴿ مِنْ حَرَجٍ:
  • من حرف جر زائد لتوكيد النفي. حرج: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لا نه اسم «كان» بمعنى: ضيق.
  • ﴿ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ:
  • في حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي. والجار والمجرور متعلق بصفة لحرج. فرض: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. له: جار ومجرور متعلق بفرض. وجملة فَرَضَ اللهُ لَهُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع -الى الموصول ضمير محذوف او ساقط‍ من اللفظ‍ ثابت في المعنى منصوب المحل بفعل «فرض» لانه مفعول به. التقدير: فيما فرضه الله له. اي اوجبه.
  • ﴿ سُنَّةَ اللهِ:
  • مفعول مطلق -مصدر-مؤكد لقوله تعالى ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ» بتقدير: سن الله ذلك سنة منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ فِي الَّذِينَ:
  • حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بفي. والجار والمجرور متعلق بالفعل المقدر «سن».
  • ﴿ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. خلوا: فعل ماض مبني على الفتح او الضم المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والفتحة دالة على الالف المحذوفة. من: حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن. بمعنى: في الذين خلوا من الانبياء الذين مضوا او سبقوا من الانبياء. والجار والمجرور مِنْ قَبْلُ» متعلق بخلوا او بحال محذوفة من «الذين».
  • ﴿ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة. مقدورا: صفة -نعت -لقدرا منصوبة مثلها بالفتحة او تكون توكيدا لها. المعنى: قضاء مقضيا وحكما مبتوتا.'

المتشابهات :

الفتح: 23﴿ سُنَّةَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا
الأحزاب: 38﴿مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنۡ حَرَجٖ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ اللَّـهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا
الأحزاب: 62﴿ سُنَّةَ اللَّـهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     وبعد نفي الحَرَجَ عن المؤمِنينَ فيما ذُكِر، واندرج الرَّسولُ فيهم، إذ هو سَيِّدُ المؤمِنينَ؛ نفى اللهُ عنه الحَرَجَ هنا على وجه الخُصوصِ، قال تعالى:
﴿ مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ ..

التفسير :

[39]ثم ذكر سبحانه الأنبياء الماضين، وأثنى عليهم بأنهم:الذين يُبَلِّغون رسالاتِ الله إلى الناس، ويخافون الله وحده، ولا يخافون أحداً سواه. وكفى بالله محاسباً عباده على جميع أعمالهم ومراقباً لها.

ثم ذكر من هم الذين من قبل قد خلوا، وهذه سنتهم وعادتهم، وأنهم{ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ْ} فيتلون على العباد آيات اللّه، وحججه وبراهينه، ويدعونهم إلى اللّه{ وَيَخْشَوْنَهُ ْ} وحده لا شريك له{ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا ْ} إلا اللّه.

فإذا كان هذا، سنة في الأنبياء المعصومين، الذين وظيفتهم قد أدوها وقاموا بها، أتم القيام، وهو:دعوة الخلق إلى اللّه، والخشية منه وحده التي تقتضي فعل كل مأمور، وترك كل محظور، دل ذلك على أنه لا نقص فيه بوجه.

{ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ْ} محاسبًا عباده، مراقبًا أعمالهم. وعلم من هذا، أن النكاح، من سنن المرسلين.

ثم مدح- سبحانه- هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين يبلغون دعوته دون أن يخشوا أحدا سواه فقال:

الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ للذين يكلفهم- سبحانه- بتبليغها لهم. والموصول في محل جر صفة للذين خلوا. أو منصوب على المدح.

وَيَخْشَوْنَهُ أى: ويخافونه وحده وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ- عز وجل- في كل ما يأتون وما يذرون، وما يقولون وما يفعلون.

وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً أى: وكفى بالله- تعالى- محاسبا لعباده على نيات قلوبهم وأفعال جوارحهم، وأقوال ألسنتهم.

يمدح تعالى : ( الذين يبلغون رسالات الله ) أي : إلى خلقه ويؤدونها بأمانتها ) ويخشونه ) أي : يخافونه ولا يخافون أحدا سواه فلا تمنعهم سطوة أحد عن إبلاغ رسالات الله ، ( وكفى بالله حسيبا ) أي : وكفى بالله ناصرا ومعينا . وسيد الناس في هذا المقام - بل وفي كل مقام - محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم; فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب ، إلى جميع أنواع بني آدم ، وأظهر الله كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع ، فإنه قد كان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وأما هو - صلوات الله عليه - فإنه بعث إلى جميع الخلق عربهم وعجمهم ، ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) [ الأعراف : 158 ] ، ثم ورث مقام البلاغ عنه أمته من بعده ، فكان أعلى من قام بها بعده أصحابه ، رضي الله عنهم ، بلغوا عنه كما أمرهم به في جميع أقواله وأفعاله وأحواله ، في ليله ونهاره ، وحضره وسفره ، وسره وعلانيته ، فرضي الله عنهم وأرضاهم . ثم ورثه كل خلف عن سلفهم إلى زماننا هذا ، فبنورهم يقتدي المهتدون ، وعلى منهجهم يسلك الموفقون . فنسأل الله الكريم المنان أن يجعلنا من خلفهم .

قال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير ، أخبرنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمر الله فيه مقال ثم لا يقوله ، فيقول الله : ما يمنعك أن تقول فيه ؟ فيقول : رب ، خشيت الناس . فيقول : فأنا أحق أن يخشى " .

ورواه أيضا عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن زبيد ، عن عمرو بن مرة .

ورواه ابن ماجه ، عن أبي كريب ، عن عبد الله بن نمير وأبي معاوية ، كلاهما عن الأعمش ، به .

القول في تأويل قوله تعالى : الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)

يقول تعالى ذكره: سنة الله في الذين خلوا من قبل محمد من الرسل، الذي يبلغون رسالات الله إلى من أرسلوا إليه، ويخافون الله في تركهم تبليغ ذلك إياهم، ولا يخافون أحدا إلا الله، فإنهم إياه يرهبون إن هم قصروا عن تبليغهم رسالة الله إلى من أرسلوا إليه. يقول لنبيه محمد: فمن أولئك الرسل الذين هذه صفتهم فكن، ولا تخش أحدًا إلا الله، فإن الله يمنعك من جميع خلقه، ولا يمنعك أحد من خلقه منه، إن أراد بك سوءًا، والذين من قوله ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ ) خُفض ردًّا على الذين التي في قوله: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا . وقوله ( وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) يقول تعالى ذكره: وكفاك يا محمد بالله حافظا لأعمال خلقه، ومحاسبا لهم عليها .

المعاني :

حَسِيبࣰا :       عَلِيماً بالأعْمالِ ومُحاسِباً عَلَيها الميسر في غريب القرآن
حسيبا :       مُحاسبا على الأعمال معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[39] عقب الله قصة زواج النبي من زينب بقوله: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّـهِ﴾؛ ليدل على أن رغبة الأنبياء في النساء لا ينافي قيامهم بحق الرسالة وتبليغها.
وقفة
[39] فى مجتمع أمة محمد الخيرية حتى يوم الدين بالتبليغ والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ﴿الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللَّهِ﴾.
وقفة
[39] خشية الله تقودك إلى ما يرضيه؛ وإن غضب عليك البشر، وخشية البشر تقودك إلى ما يرضيهم؛ وإن غضب عليك ربك ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّـهِ وَيَخْشَوْنَهُ﴾.
وقفة
[39] ﴿الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخشَونَهُ وَلا يَخشَونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾ خشية الله تعينك على أن تكون من المبلغين لكلام الله.
وقفة
[39] ﴿الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخشَونَهُ وَلا يَخشَونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾ رحم الله من أعان على نصرة الدين بما يقدر ولو بشطرِ كلمة، وإنما الهلاك في ترك العبد ما يقدر عليه.
وقفة
[39] ﴿الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخشَونَهُ وَلا يَخشَونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾ حملك لرسالة الإسلام سيعرضك لمتاعب وتهدیدات، فقابل كل ما يعترضك بثقتك بالله، وعدم خشيتك إلا من الله.
وقفة
[39] ﴿الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخشَونَهُ وَلا يَخشَونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ خَطِيبًا، فَكَانَ فِيمَا قَالَ: «أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ»، فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ: «قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا» [ابن ماجه 4007، وصححه الألباني]، وفي الحديث: النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفًا من الناس.
وقفة
[39] ﴿الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخشَونَهُ وَلا يَخشَونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾ أخي الداعية عندما تدخل خشية المخلوق عليك من باب؛ تخرج الدعوة من الباب الآخر.
تفاعل
[39] ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّـهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّـهَ﴾ قل الآن: اللهم اجعلنا منهم.
وقفة
[39] حامل رسالة الإسلام لا يسلم من تهديدات القوى الدنيوية: ﴿الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخشَونَهُ وَلا يَخشَونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾.
وقفة
[39] قال أحدهم: «آية في كتاب الله تبكيني, فعندما أري منكرًا أضعف عن إنكاره أو أسكت؛ أتذكر قول الله عز وجل: ﴿الَّذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخشَونَهُ وَلا يَخشَونَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾, تأملتها أول مرة وأنا أبكي، كيف لا أخشي الله وحده وهو مراقب لي, وحاولت فعلًا تربية نفسي عند رؤية المنكر أن لا أخشي ولا أخاف إلا الله, فأصبحت عندما أنصح من حولي إذا انتابني شعور بالخوف أتذكر تلك الآية: (وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ)».
وقفة
[39] إذا كمل خوف العبد من ربه، لم يخف شيئًا سواه، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾، وإذا نقص خوفه، خاف من المخلوق، وعلى قدر نقص الخوف وزيادته يكون الخوف.
وقفة
[39] دفاع الله تعالى عن أوليائه والمبلّغين عنه ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّـهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّـهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ حَسِيبًا﴾.
وقفة
[39] تتشوّه الرسالة إذا خاف صاحبها من غير الله: ﴿الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا﴾.
وقفة
[39] ﴿وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّـهَ﴾ القلوب التي يرهبها كل شيء إﻻ الله؛ قلوب بحاجة إلى إعادة النظر بإيمانها، فالقلب المؤمن ﻻ يخشى إﻻ الله.
وقفة
[39] ﴿وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ حَسِيبًا﴾ قال الزجاجي: «الحسیب، يجوز أن يكون من حسبت الحساب، ويجوز أن يكون أحسبني الشيء إذا كفاني»، ومعناه في الآية: وكفاك يا محمد بالله حافظًا لأعمال خلقه، ومحاسبًا عليها.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل جر على الوصف للانبياء في قوله الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ» لان المعنى: الانبياء الماضين او تكون بدلا منها. او في محل رفع خبرا لمبتدإ محذوف تقديره «هم الذين» او في محل نصب على المدح بتقدير اعني الذين يبلغون.
  • ﴿ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. يبلغون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. رسالات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لا نه ملحق بجمع المؤنث السالم. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة وحذفت الصلة. اي يبلغونها الى العباد.
  • ﴿ وَيَخْشَوْنَهُ:
  • معطوفة بالواو على «يبلغون» وتعرب اعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. يخشون: اعربت. احدا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ إِلاَّ اللهَ:
  • الا: اداة استثناء. الله لفظ‍ الجلالة: مستثنى بالا منصوب للتعظيم وعلامة نصبه الفتحة او تكون «إلا» اداة حصر لا عمل لها ولفظ‍ الجلالة بدلا من «احدا» اي لا يخافون غيره.
  • ﴿ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً:
  • اعربت في الآية الكريمة الثالثة. بمعنى: وكفى الله محاسبا على الصغيرة والكبيرة او كافيا للمخاوف.'

المتشابهات :

النساء: 6﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ حَسِيبًا
الأحزاب: 39﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّـهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّـهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ حَسِيبًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     وبعد أن عاتبَ اللهُ نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن خَشِيَ النَّاسَ ولم يُظهرْ ما أوحى اللهُ بهِ إليه، مدحَ هنا هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين يبلغون دعوته دون أن يخشوا أحدًا سواه، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يبلغون:
وقرئ:
بلغوا، فعلا ماضيا، وهى قراءة عبيد الله.
رسالات:
1- على الجمع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- رسالة، على التوحيد، وهى قراءة أبى.

مدارسة الآية : [40] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ ..

التفسير :

[40] ما كان محمد أباً لأحد من رجالكم، ولكنه رسول الله وخاتم النبيين، فلا نبوة بعده إلى يوم القيامة. وكان الله بكل شيء من أعمالكم عليماً، لا يخفى عليه شيء.

أي:لم يكن الرسول{ مُحَمَّدٌ ْ} صلى اللّه عليه وسلم{ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ْ} أيها الأمة فقطع انتساب زيد بن حارثة منه، من هذا الباب.

ولما كان هذا النفي عامًّا في جميع الأحوال، إن حمل ظاهر اللفظ على ظاهره، أي:لا أبوة نسب، ولا أبوة ادعاء، وقد كان تقرر فيما تقدم أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم، أب للمؤمنين كلهم، وأزواجه أمهاتهم، فاحترز أن يدخل في هذا النوع، بعموم النهي المذكور، فقال:{ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ْ} أي:هذه مرتبته مرتبة المطاع المتبوع، المهتدى به، المؤمن له الذي يجب تقديم محبته، على محبة كل أحد، الناصح الذي لهم، أي:للمؤمنين، من بره [ونصحه]كأنه أب لهم.

{ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ْ} أي:قد أحاط علمه بجميع الأشياء، ويعلم حيث يجعل رسالاته، ومن يصلح لفضله، ومن لا يصلح.

ثم حدد- سبحانه- وظيفة رسوله صلّى الله عليه وسلّم وأثنى عليه بما هو أهله، فقال- تعالى-:

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ أى: لم يكن محمد صلّى الله عليه وسلّم أبا لأحد من رجالكم أبوة حقيقية، تترتب عليها آثارها وأحكامها من الإرث، والنفقة والزواج ... وزيد كذلك ليس ابنا له صلّى الله عليه وسلّم فزواجه صلّى الله عليه وسلّم بزينب التي طلقها زيد لا حرج فيه، ولا شبهة في صحته، وقوله: وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ استدراك لبيان وظيفته وفضله.

أى: لم يكن صلّى الله عليه وسلّم أبا لأحدكم على سبيل الحقيقة، ولكنه كان رسولا من عند الله- تعالى- ليخرجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان وكان- أيضا- خاتم النبيين، بمعنى أنهم ختموا به، فلا نبي بعده، فهو كالخاتم والطابع لهم. ختم الله- تعالى- به الرسل والأنبياء، فلا رسول ولا نبي بعده إلى قيام الساعة.

قال القرطبي: قرأ الجمهور وَخاتَمَ- بكسر التاء- بمعنى أنه ختمهم، أى: جاء آخرهم.

وقرأ عاصم وَخاتَمَ- بفتح التاء- بمعنى أنهم ختموا به، فهو كالخاتم والطابع لهم.

وقيل: الخاتم والخاتم- بالفتح والكسر- لغتان، مثل طابع وطابع..

وقد روى الإمام مسلم عن جابر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها وأكملها، إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون: ما أجمل هذه الدار، هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال صلّى الله عليه وسلّم فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء» .

وقد ذكر الإمام ابن كثير عددا من الأحاديث في هذا المعنى منها ما رواه الإمام مسلم عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون» .

ثم قال- رحمه الله- بعد أن ذكر هذا الحديث وغيره: والأحاديث في هذا كثيرة، فمن رحمة الله- تعالى- بالعباد إرسال محمد صلّى الله عليه وسلّم إليهم، ثم من تشريفه له ختم الأنبياء والمرسلين به، وإكمال الدين الحنيف له، وقد أخبر- تعالى- في كتابه، وأخبر رسوله في السنة المتواترة عنه، أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل، ولو تخرق وشعبذ، وأتى بأنواع السحر والطلاسم.. .

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله: وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً.

أى: وكان- عز وجل- وما زال، هو العليم علما تاما بأحوال خلقه، وبما ينفعهم ويصلحهم، ولذا فقد شرع لكم ما أنتم في حاجة إليه من تشريعات، واختار رسالة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلّم لتكون خاتمة الرسالات، فعليكم أن تقابلوا ذلك بالشكر والطاعة، ليزيدكم- سبحانه- من فضله وإحسانه.

ثم جاءت الآيات الكريمة بعد ذلك لتؤكد هذا المعنى وتقرره، فأمرت المؤمنين بالإكثار من ذكر الله- تعالى- ومن تسبيحه وتحميده وتكبيره، فقال- سبحانه-:

وقوله : ( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) ، نهى [ تعالى ] أن يقال بعد هذا : " زيد بن محمد " أي : لم يكن أباه وإن كان قد تبناه ، فإنه ، صلوات الله عليه وسلامه ، لم يعش له ولد ذكر حتى بلغ الحلم; فإنه ولد له القاسم ، والطيب ، والطاهر ، من خديجة فماتوا صغارا ، وولد له إبراهيم من مارية القبطية ، فمات أيضا رضيعا ، وكان له من خديجة أربع بنات : زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، رضي الله عنهم أجمعين ، فمات في حياته ثلاث وتأخرت فاطمة حتى أصيبت به ، صلوات الله وسلامه عليه ، ثم ماتت بعده لستة أشهر .

وقوله : ( ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما ) كقوله : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) [ الأنعام : 124 ] فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده ، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول [ بعده ] بطريق الأولى والأحرى; لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة ، فإن كل رسول نبي ، ولا ينعكس . وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة .

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر الأزدي ، حدثنا زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها وأكملها ، وترك فيها موضع لبنة لم يضعها ، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ، ويقولون : لو تم موضع هذه اللبنة ؟ فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة " .

ورواه الترمذي ، عن بندار ، عن أبي عامر العقدي ، به ، وقال : حسن صحيح .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا المختار بن فلفل ، حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرسالة والنبوة قد انقطعت ، فلا رسول بعدي ولا نبي . " قال : فشق ذلك على الناس قال : قال : ولكن المبشرات " . قالوا : يا رسول الله ، وما المبشرات ؟ قال : " رؤيا الرجل المسلم ، وهي جزء من أجزاء النبوة " .

وهكذا روى الترمذي عن الحسن بن محمد الزعفراني ، عن عفان بن مسلم ، به وقال : صحيح غريب من حديث المختار بن فلفل .

حديث آخر : قال أبو داود الطيالسي : حدثنا سليم بن حيان ، عن سعيد بن ميناء ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة ، فكان من دخلها فنظر إليها قال : ما أحسنها إلا موضع هذه اللبنة! فأنا موضع اللبنة ، ختم بي الأنبياء ، عليهم السلام " .

ورواه البخاري ، ومسلم ، والترمذي من طرق ، عن سليم بن حيان ، به . وقال الترمذي : صحيح غريب من هذا الوجه .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثلي ومثل النبيين [ من قبلي ] كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا لبنة واحدة ، فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة " . انفرد بإخراجه مسلم من رواية الأعمش ، به .

حديث آخر : قال [ الإمام ] أحمد : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا عثمان بن عبيد الراسبي قال : سمعت أبا الطفيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا نبوة بعدي إلا المبشرات " . قال : قيل : وما المبشرات يا رسول الله ؟ قال : " الرؤيا الحسنة - أو قال - الرؤيا الصالحة . "

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها وأكملها وأجملها ، إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها ، فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان ويقولون : ألا وضعت هاهنا لبنة فيتم بنيانك ؟! " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فكنت أنا اللبنة " .

أخرجاه من حديث عبد الرزاق .

حديث آخر : عن أبي هريرة أيضا : قال الإمام مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وعلي بن حجر قالوا : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون " .

ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث إسماعيل بن جعفر ، وقال الترمذي : حسن صحيح .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثلي ومثل الأنبياء من قبلي ، كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا موضع لبنة واحدة ، فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة " .

ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وأبي كريب ، كلاهما عن أبي معاوية ، به .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد الكلبي ، عن عبد الأعلى بن هلال السلمي ، عن العرباض بن سارية قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته . "

حديث آخر : قال الزهري : أخبرني محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن لي أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله تعالى بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي . " أخرجاه في الصحيحين .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عبد الله بن هبيرة ، عن عبد الرحمن بن جبير قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما كالمودع ، فقال : " أنا محمد النبي الأمي - ثلاثا - ولا نبي بعدي ، أوتيت فواتح الكلم وجوامعه وخواتمه ، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش ، وتجوز بي ، وعوفيت وعوفيت أمتي; فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله ، أحلوا حلاله ، وحرموا حرامه " . تفرد به الإمام أحمد .

ورواه [ الإمام ] أحمد أيضا عن يحيى بن إسحاق ، عن ابن لهيعة ، عن عبد الله بن هبيرة ، عن عبد الله بن مريج الخولاني ، عن أبي قيس - مولى عمرو بن العاص - عن عبد الله بن عمرو فذكر مثله سواء .

والأحاديث في هذا كثيرة ، فمن رحمة الله تعالى بالعباد إرسال محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، إليهم ، ثم من تشريفه لهم ختم الأنبياء والمرسلين به ، وإكمال الدين الحنيف له . وقد أخبر تعالى في كتابه ، ورسوله في السنة المتواترة عنه : أنه لا نبي بعده; ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك ، دجال ضال مضل ، ولو تخرق وشعبذ ، وأتى بأنواع السحر والطلاسم والنيرجيات ، فكلها محال وضلال عند أولي الألباب ، كما أجرى الله ، سبحانه وتعالى ، على يد الأسود العنسي باليمن ، ومسيلمة الكذاب باليمامة ، من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة ، ما علم كل ذي لب وفهم وحجى أنهما كاذبان ضالان ، لعنهما الله . وكذلك كل مدع لذلك إلى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال ، [ فكل واحد من هؤلاء الكذابين ] يخلق الله معه من الأمور ما يشهد العلماء والمؤمنون بكذب من جاء بها . وهذا من تمام لطف الله تعالى بخلقه ، فإنهم بضرورة الواقع لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر إلا على سبيل الاتفاق ، أو لما لهم فيه من المقاصد إلى غيره ، ويكون في غاية الإفك والفجور في أقوالهم وأفعالهم ، كما قال تعالى : ( هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) الآية [ الشعراء : 221 ، 222 ] . وهذا بخلاف الأنبياء ، عليهم السلام ، فإنهم في غاية البر والصدق والرشد والاستقامة [ والعدل ] فيما يقولونه ويفعلونه ويأمرون به وينهون عنه ، مع ما يؤيدون به من الخوارق للعادات ، والأدلة الواضحات ، والبراهين الباهرات ، فصلوات الله وسلامه عليهم دائما مستمرا ما دامت الأرض والسماوات .

القول في تأويل قوله تعالى : مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)

يقول تعالى ذكره: ما كان أيها الناس محمد أبا زيد بن حارثة، ولا أبا أحد من رجالكم (2) الذين لم يلده محمد؛ فيحرم عليه نكاح زوجته بعد فراقه إياها، ولكنه رسول الله وخاتم النبيين، الذي ختم النبوة فطبع عليها، فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة، وكان الله بكل شيء من أعمالكم ومقالكم وغير ذلك ذا علم لا يخفى عليه شيء.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ) قال: نـزلت في زيد، إنه لم يكن بابنه، ولعمري ولقد ولد له ذكور؛ إنه لأبو القاسم وإبراهيم والطيب والمطهر ( وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) أي: آخرهم ( وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ).

حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا علي بن قادم، قال: ثنا سفيان، عن &; 20-279 &; نسير بن ذعلوق، عن علي بن الحسين في قوله ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ) قال: نـزلت في زيد بن حارثة، والنصب في رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بمعنى تكرير كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، والرفع بمعنى الاستئناف؛ ولكن هو رسول الله، والقراءة النصب عندنا.

واختلفت القراء في قراءة قوله (وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) فقرأ ذلك قراء الأمصار سوى الحسن وعاصم بكسر التاء من خاتم النبيين، بمعنى: أنه ختم النبيين. ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (وَلَكِنَّ نَبِيًّا خَتَمَ النَّبيِّينَ) فذلك دليل على صحة قراءة من قرأه بكسر التاء، بمعنى: أنه الذي ختم الأنبياء صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعليهم، وقرأ ذلك فيما يذكر الحسن وعاصم ( خَاتَمَ النَّبِيِّينَ) بفتح التاء، بمعنى: أنه آخر النبيين، كما قرأ (مَخْتُومٌ خَاتَمَهُ مِسْكٌ) بمعنى: آخره مسك من قرأ ذلك كذلك .

------------------------

الهوامش:

(2) لعله: أي لم يلده ... إلخ.

المعاني :

وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّۧنَ :       أي: آخِرَهُم، فلا نُبُوَّةَ بَعْدَه إلى يومِ القيامةِ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[40] ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ﴾ واستدراك قوله: ﴿وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ﴾ لرفع ما قد يُتوهم مِن نفي أبوته من انفصال صلة التراحم والبّرِ بينه وبين الأمة، فذُكِّروا بأنه رسول الله ﷺ فهو كالأب لجميع أمته في شفقته ورحمته بهم، وفي برّهم وتوقيرهم إياه؛ شأن كل نبي مع أمته.
وقفة
[40] ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ﴾ ما كان أبا أحد منكم تبنيًا، بل ولا ولادة كذلك، لكن كيف؟ وقد كان أبًا لعبد الله والقاسم وإبراهيم؟! والجواب: أنهم ماتوا صغارًا قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال، وهذا من دقة التعبير القرآني: (مِّن رِّجَالِكُمْ).
وقفة
[40] ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ فيه أنه لا نبي بعده ﷺ، وأن من ادعي النبوة بعده قطع بكذبه.
وقفة
[40] ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ إشارة إلى أنه لن يعيش للرسول ﷺ من الذكور أحد.
وقفة
[40] ﴿ولكن رسول الله وخاتم النبيين﴾‏ ما أعظم هذا التعريف! ‏اللهم صل وسلم على رسول الله وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقفة
[40] ﴿وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ حتى لو غابت الحقيقة عن الناس، ونالك من الغبن الشيء الكثير، لكن تأكد بأن الله عليم، وعنده ﻻ يحيف الميزان.

الإعراب :

  • ﴿ ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ:
  • ما: نافية لا عمل لها. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. محمد: اسم «كان» مرفوع بالضمة. ابا: خبرها منصوب بالالف لا نه من الاسماء الخامسة وهو مضاف. احد: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ مِنْ رِجالِكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة -نعت -لأبا. التقدير: حالة كونه من رجالكم والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين -مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ:
  • الواو عاطفة. لكن: مخففة مهملة حرف استدراك لا عاطفة لوجود الواو العاطفة. رسول: يعرب اعراب «أبا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي ولكن كان رسول الله. وكل رسول ابو امته فيما يرجع الى وجوب التوقير والتعظيم له عليهم لا في سائر الاحكام الثابتة بين الآباء والابناء. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ:
  • معطوفة بالواو على رَسُولَ اللهِ» وتعرب اعرابها بمعنى، ولكن كان خاتم النبيين وعلامة جر «النبيين» الياء لا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً:
  • الواو استئنافية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: اسمها مرفوع للتعظيم بالضمة. بكل: جار ومجرور متعلق بخبر «كان».شيء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. عليما: خبر «كان» منصوب بالفتحة.'

المتشابهات :

الأحزاب: 40﴿وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا
الفتح: 26﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ ما في تَزَوُّجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بزينبَ مِن الفوائدِ؛ بَيَّنَ هنا أنَّه كان خالِيًا مِن وُجوهِ المفاسِدِ؛ فمُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليس هو والدَ زيدٍ حتى يَحرُمَ عليه نكاحُ زوجتِه إذا طلَّقَها، قال تعالى:
﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ولكن:
1- بالتخفيف، ونصب «رسول» ، على إضمار «كان» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتشديد، وهى قراءة عبد الوارث، عن أبى عمرو.
3- بالتخفيف، ورفع «رسول» ، و «خاتم» ، وهى قراءة زيد بن على، وابن أبى عبلة.
وخاتم:
1- بفتح التاء، وهى قراءة الحسن، والشعبي، وزيد بن على، والأعرج، بخلاف عنه، وعاصم.
وقرئ:
2- بكسر التاء، أي: إنه ختمهم، أي: جاء آخرهم، وهى قراءة الجمهور.

مدارسة الآية : [41] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا ..

التفسير :

[41] يا أيها الذين صَدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذِكْراً كثيراً،

يأمر تعالى المؤمنين، بذكره ذكرا كثيرًا، من تهليل، وتحميد، وتسبيح، وتكبير وغير ذلك، من كل قول فيه قربة إلى اللّه، وأقل ذلك، أن يلازم الإنسان، أوراد الصباح، والمساء، وأدبار الصلوات الخمس، وعند العوارض والأسباب.

وينبغي مداومة ذلك، في جميع الأوقات، على جميع الأحوال، فإن ذلك عبادة يسبق بها العامل، وهو مستريح، وداع إلى محبة اللّه ومعرفته، وعون على الخير، وكف اللسان عن الكلام القبيح.

والمقصود بذكر الله- تعالى- في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ما يشمل التهليل والتحميد والتكبير وغير ذلك من الأقوال والأفعال التي ترضيه- عز وجل-.

أى: يا من آمنتم بالله حق الإيمان، أكثروا من التقرب إلى الله- تعالى- بما يرضيه، في كل أوقاتكم وأحوالكم، فإن ذكر الله- تعالى- هو طب النفوس ودواؤها، وهو عافية الأبدان وشفاؤها، به تطمئن القلوب، وتنشرح الصدور..

والتعبير بقوله: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً يشعر بأن من شأن المؤمن الصادق في إيمانه، أن يواظب على هذه الطاعة مواظبة تامة.

ومن الأحاديث التي وردت في الحض على الإكثار من ذكر الله، ما رواه الإمام أحمد عن أبى الدرداء.. رضى الله عنه.. قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق- أى:

الفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم، قالوا:

وما هو يا رسول الله؟ قال: ذكر الله- عز وجل-» .

وعن عمرو بن قيس قال: سمعت عبد الله بن بسر يقول: جاء أعرابيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال أحدهما: يا رسول الله، أى الناس خير؟ قال: «من طال عمره وحسن عمله» .

وقال الآخر: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا، فمرني بأمر أتشبث به.

قال: «لا يزال لسانك رطبا بذكر الله» .

وقال ابن عباس: لم يفرض الله- تعالى- فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثم عذر أهلها في حال العذر، غير الذكر، فإن الله- تعالى- لم يجعل له حدا ينتهى إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله، وأمرهم به في الأحوال كلها. فقال- تعالى-: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ.. وقال- سبحانه-: فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ.. أى: بالليل وبالنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال...

يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بكثرة ذكرهم لربهم تعالى ، المنعم عليهم بأنواع النعم وأصناف المنن ، لما لهم في ذلك من جزيل الثواب ، وجميل المآب .

قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن سعيد ، حدثني مولى ابن عياش عن أبي بحرية ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ؟ " قالوا : وما هو يا رسول الله ؟ قال : " ذكر الله عز وجل " .

وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن زياد - مولى ابن عياش - عن أبي بحرية - واسمه عبد الله بن قيس التراغمي - عن أبي الدرداء ، به . قال الترمذي : ورواه بعضهم عنه فأرسله .

قلت : وقد تقدم هذا الحديث عند قوله تعالى : ( والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ) في مسند [ الإمام ] أحمد ، من حديث زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش : أنه بلغه عن معاذ بن جبل ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، فالله أعلم .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا فرج بن فضالة ، عن أبي سعد الحمصي قال : سمعت أبا هريرة يقول : دعاء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أدعه : " اللهم ، اجعلني أعظم شكرك ، وأتبع نصيحتك ، وأكثر ذكرك ، وأحفظ وصيتك " .

ورواه الترمذي عن يحيى بن موسى ، عن وكيع ، عن أبي فضالة الفرج بن فضالة ، عن أبي سعيد الحمصي ، عن أبي هريرة ، فذكر مثله وقال : غريب .

وهكذا رواه الإمام أحمد أيضا عن أبي النضر هاشم بن القاسم ، عن فرج بن فضالة ، عن أبي سعيد المدني عن أبي هريرة فذكره .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن معاوية بن صالح ، عن عمرو بن قيس قال : سمعت عبد الله بن بسر يقول : جاء أعرابيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أحدهما : يا رسول الله ، أي الناس خير ؟ قال : " من طال عمره وحسن عمله " . وقال الآخر : يا رسول الله ، إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا ، فمرني بأمر أتشبث به . قال : " لا يزال لسانك رطبا بذكر الله " .

وروى الترمذي وابن ماجه [ منه ] الفصل الثاني ، من حديث معاوية بن صالح ، به . وقال الترمذي : حسن غريب .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج ، حدثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث قال : إن دراجا أبا السمح حدثه ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أكثروا ذكر الله حتى يقولوا : مجنون . "

وقال الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا عقبة بن مكرم العمي ، حدثنا سعيد بن سفيان الجحدري ، حدثنا الحسن بن أبي جعفر ، عن عقبة بن أبي ثبيت الراسبي ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اذكروا الله ذكرا كثيرا [ حتى ] يقول المنافقون : تراءون . "

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي ، سمعت أبا الوازع جابر بن عمرو يحدث عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله فيه ، إلا رأوه حسرة يوم القيامة . "

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( اذكروا الله ذكرا كثيرا ) : إن الله لم يفرض [ على عباده ] فريضة إلا [ جعل لها حدا معلوما ، ثم ] عذر أهلها في حال عذر ، غير الذكر ، فإن الله لم يجعل له حدا ينتهي إليه ، ولم يعذر أحدا في تركه ، إلا مغلوبا على تركه ، فقال : ( فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ) [ النساء : 103 ] ، بالليل والنهار ، [ في البر والبحر ] ، وفي السفر والحضر ، والغنى والفقر ، والصحة والسقم ، والسر والعلانية ، وعلى كل حال

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41)

يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذكرًا كثيرًا، فلا تخلو أبدانكم من ذكره في حال من أحوال طاقتكم ذلك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ سماه كثيرًا لكرمه وشكره لعبده، وإلا فلو استغرق العبد عمره في ذكره ما كان بالنسبة لحقه كثيرًا.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ اشترط الله الكثرة في الذكر حيثما أمر به بخلاف سائر الأعمال، والذكر يكون بالقلب وباللسان، وهو على أنواع كثيرة من: التهليل، والتسبيح، والحمد، والتكبير.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ أمر الله تعالى عباده بأن يذكروه ويشكروه، ويكثروا من ذلك على ما أنعم به عليهم، وجعل تعالى ذلك دون حد لسهولته على العبد، ولعظم الأجر فيه، قال ابن عباس: لم يعذر أحد في ترك ذكر الله إلا من غلب على عقله.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ تأمل: (كثيرًا)! يا رب أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ كلّما زاد ذكرك لله كلّما زاد بُعدك عن صفات المنافقين، قال تعالى: ﴿يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 142].
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ ﻻ يكثر من ذكر الله إﻻ مؤمن وجد في اللهج باسم الله واحة خضراء، تروي عطش روحه القاحلة.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ من أراد الفرج من الهم، ومن أراد رضا الله، ومن أراد النجاة من النار، فليذكر الله.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ كلما زاد الإيمان، زاد ذكر الله، وكلما ضعف الإيمان قل الذكر، واقترب العبد من ساحة النفاق.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ قال مجاهد: «لا يكون الرجل من الذاكرين الله كثيرًا حتى يذكر الله قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا».
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ الذكر الكثير أن تقوم الليل مصليًا مع زوجتك تعينها وتعينك، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ قَالاَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ» [أبو داود 1451، وصححه الألباني].
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ قال أبو عثمان الحيري: «الذكر الكثير أن تذكر في ذكرك له أنك لا تصل إلى ذكره إلا به وبفضله».
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ ذكر الله يزيل الهم والغم عن القلب، ويجلب للقلب الفرح والسرور، ويقوي القلب والبدن، وينوّر الوجه.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ أمر الله عباده بأن يذكروه ويشكروه، ويكثروا من ذلك على ما أنعم به عليهم، وجعل ذلك دون حد لسهولته على العبد.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ الذكر يعطي الذاكر قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ فضل ذكر الله، خاصة وقت الصباح والمساء، اذكر الله هذا اليوم أكثر من ذكرك له بالأمس.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ إنَّ ﷲ لم يَفرِض على عباده فرِيضة إلا جعَل لها حدًّا معلُومًا، ثم عذَر أهلَها في حال العُذر؛ إلَّا الذِّكر.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ قيل: الذكر الكثير ما جرى على الإخلاص من القلب، والقليل ما يقع على حكم النفاق كالذكر باللسان.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ تأمل: (كَثِيرًا) يا رب أعنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ إن القلب ليظل فارغًا أو لاهيًا أو حائرًا حتى يتصل بالله، ويذكره، ويأنس به، فإذا هو مليءٌ، جادٌّ، قارٌّ، يعرفُ طريقه، ويعرفُ منهجهُ، ويعرفُ من أين وإلى أين ينقلُ خُطاه.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ ذكر الله عز وجل يُذهب عن القلب مخاوفه كلها، وله تأثير عجيب في حصول الأمن، فليس للخائف الذي قد اشتد خوفه أنفع من ذكر الله عز وجل، فإنه بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه.
وقفة
[41] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ إن في دوام الذكر في الطريق والبيت، والحضر والسفر، والبقاع؛ تكثيرًا لشهود العبد يوم القيامة، فإن البقعة والدار، والجبل والأرض، تشهد للذاكر يوم القيامة.
عمل
[41] المنافق يحتاج إلى قليل من الطاعة لستر نفاقه، قال تعالى فيهم: ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 142]، ﴿وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [18]، والمؤمن يكثر من العمل الصالح ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾، ذكر الله العلامة الفارقة بين الإيمان والكفر؛ كن ذاكرًا.
وقفة
[41] لو بحثت عن عبارة تدعوك للذكر فلن تجد أنفع من هذه الآية حين يناديك ربك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾.
وقفة
[41] ذكر الله يطهر القلب من النفاق، قال الله في المنافقين: ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 142]، وقال في المؤمنين: ﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا﴾.
وقفة
[41] ﴿اذكروا الله ذكرا كثيرا﴾ لم يجعل الله للذكر حدًا، ولم يعذر أحد في تركه، فقال: ﴿اذكروا الله قياما وقعودا﴾ [النساء: 103]، في السقم والصحة، وعلى كل حال.
وقفة
[41] تتضح أهمية الذِكر بأنه كلما ذُكر اقتُرن بـ(كثيرًا)؛ دليلًا على فضله ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [35]، ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾.
وقفة
[41، 42] ﴿يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً * وسبحوه بكرة وأصيلا﴾ أسأل الله لكم يومًا سعيدًا مباركًا بطاعة الله.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ:
  • اداة نداء. أي: منادى مبني على الضم في محل نصب. و «ها» زائدة للتنبيه. الذين: اسم موصول مبني على الفتح عطف بيان لا ي. والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ آمَنُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ اذْكُرُوا اللهَ:
  • فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخامسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
  • ﴿ ذِكْراً كَثِيراً:
  • مفعول مطلق -مصدر مؤكد-منصوب وعلامة نصبه الفتحة. كثيرا: صفة -نعت -لذكرا منصوبة مثلها. وعلامة نصبها: الفتحة المنونة أيضا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد الحديث عن زواج النَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ؛ أمرَ اللهُ المؤمنين بأنْ يَشغَلوا ألْسِنتَهم بذِكرِ اللهِ، ويتجنَّبوا ما عَسى أنْ يُوقِعَ في مَضرَّةٍ، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

التفسير :

[42]واشغلوا أوقاتكم بذكر الله تعالى عند الصباح والمساء، وأدبار الصلوات المفروضات، وعند العوارض والأسباب، فإن ذلك عبادة مشروعة، تدعو إلى محبة الله، وكف اللسان عن الآثام، وتعين على كل خير.

{ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} أي:أول النهار وآخره، لفضلها، وشرفها، وسهولة العمل فيها.

وقوله: وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا معطوف على اذْكُرُوا ... والتسبيح: التنزيه.

مأخوذ من السبح، وهو المر السريع في الماء أو في الهواء. فالمسبح مسرع في تنزيه الله وتبرئته من السوء. والبكرة: أول النهار. والأصيل: آخره.

أى: أكثروا- أيها المؤمنون- من ذكر الله- تعالى- في كل أحوالكم، ونزهوه- سبحانه- عن كل ما لا يليق به، في أول النهار وفي آخره.

وتخصيص الأمر بالتسبيح في هذين الوقتين، لبيان فضلهما، ولمزيد الثواب فيهما، وهذا لا يمنع أن التسبيح في غير هذين الوقتين له ثوابه العظيم عند الله- تعالى-.

- وأيضا- خص- سبحانه- التسبيح بالذكر مع دخوله في عموم الذكر، للتنبيه على مزيد فضله وشرفه..

قال صاحب الكشاف: والتسبيح من جملة الذكر. وإنما اختصه- تعالى- من بين أنواعه اختصاص جبريل وميكائيل من بين الملائكة، ليبين فضله على سائر الأذكار، لأن معناه تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من الصفات والأفعال.. .

وقال : ( وسبحوه بكرة وأصيلا ) فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو وملائكته .

والأحاديث والآيات والآثار في الحث على ذكر الله كثيرة جدا ، وفي هذه الآية الكريمة الحث على الإكثار من ذلك .

وقد صنف الناس في الأذكار المتعلقة بآناء الليل والنهار كالنسائي والمعمري وغيرهما ، ومن أحسن الكتب المؤلفة في ذلك كتاب الأذكار للشيخ محيي الدين النووي ، رحمه الله تعالى

وقوله : ( وسبحوه بكرة وأصيلا ) أي : عند الصباح والمساء ، كقوله : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ) [ الروم : 17 ، 18 ]

( وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا ) يقول: صلوا له غدوة صلاة الصبح، وعشيًّا صلاة العصر.

المعاني :

بُكْرَةً وَأَصِيلًا :       أَوَّلَ النَّهَارِ، وَآخِرَهُ السراج

التدبر :

تفاعل
[42] ﴿وَسَبِّحُوهُ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[42] ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ ﻻ شيء يبعث في النفس الراحة من أن نستقبل يومنا ونودعه بتسبيح الخالق المبدع، سبحان الله وبحمده، سبحان الله.
وقفة
[42] ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ ينبغي للذاكر أن يتواطأ في ذكره القلب واللسان؛ لأن من ذكر بلسانه فقط وقلبه لاه، كانت ثمرة الذكر على قلبه ضعيفة
وقفة
[42] ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ البكرة هي الصباح، والأصيل هو المساء، والمعنى: سبحوه على الدوام، وليكن بداية تدريبكم الأول على هذا في وقتي الصباح والمساء.
عمل
[42] ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ واظب على أذكار الصباح والمساء.
وقفة
[42] التسبيح: أي بمعنى التنزيه عن العيوب والنقائص والسوء، وإثبات صفات الكمال المُطلق لله سبحانه وتعالى ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.
وقفة
[42] افتتاح النهار بالتسبيح واختتامه بالتسبيح فيه تعظيم الخالق، وتنزيهه عن كل نقص، فهو وحده سبحانه الذي يقلب الليل والنهار ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.
عمل
[42، 43] ﴿وسبحوه بكرة وأصيلا * هو الذي يصلي عليكم﴾ يصلي عليك الله كلما سبحته؛ سبح.
عمل
[42] احرص على أن تكون من أهل هذه الآية: ﴿وسبحوه بكرة وأصيلا﴾، ولو بتسبيحة واحدة، فالتسبيح له شأن في النصوص الواردة في الأذكار.

الإعراب :

  • ﴿ وَسَبِّحُوهُ:
  • معطوفة بالواو على اُذْكُرُوا اللهَ» وتعرب اعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به بمعنى: اكثروا من ذكر الله ونزهواه.
  • ﴿ بُكْرَةً وَأَصِيلاً:
  • بمعنى: اذكروا الله وسبحوه في كل الأوقات لان التسبيح من جملة الذكر وبكرة واصيلا: هما الصلاة في جميع اوقاتها لفضل الصلاة على غيرها او هما صلاة الفجر والعشاءين. او هما اول النهار وآخره. بكرة: ظرف زمان متعلق بسبحوه منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. وأصيلا: معطوفة بالواو على «بكرة» وتعرب اعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد الأمر بالذكرِ؛ جاء الأمرُ بالتسبيحِ، قال تعالى:
﴿ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ ..

التفسير :

[43] هو الذي يرحمكم ويُثْني عليكم، وتدعو لكم ملائكته؛ ليخرجكم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الإسلام، وكان بالمؤمنين رحيماً في الدنيا والآخرة، لا يعذبهم ما داموا مطيعين مخلصين له.

أي:من رحمته بالمؤمنين ولطفه بهم، أن جعل من صلاته عليهم، وثنائه، وصلاة ملائكته ودعائهم، ما يخرجهم من ظلمات الذنوب والجهل، إلى نور الإيمان، والتوفيق، والعلم، والعمل، فهذه أعظم نعمة، أنعم بها على العباد الطائعين، تستدعي منهم شكرها، والإكثار من ذكر اللّه، الذي لطف بهم ورحمهم، وجعل حملة عرشه، أفضل الملائكة، ومن حوله، يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا فيقولون:{ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِي السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

فهذه رحمته ونعمته عليهم في الدنيا.

وقوله- سبحانه-: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ.. استئناف جار مجرى التعليل لما قبله، من الأمر بالإكثار من الذكر ومن التسبيح.

والصلاة من الله- تعالى- على عباده معناها: الرحمة بهم، والثناء عليهم، كما أن الصلاة من الملائكة على الناس معناها: الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة.

قال القرطبي: قوله- تعالى-: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ.. قال ابن عباس: لما نزل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ... قال المهاجرون والأنصار: هذا لك يا رسول الله خاصة، وليس لنا فيه شيء، فأنزل الله هذه الآية.

ثم قال القرطبي: قلت: وهذه نعمة من الله- تعالى- على هذه الأمة من أكبر النعم، ودليل على فضلها على سائر الأمم. وقد قال: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ.

والصلاة من الله على العبد هي رحمته له، وبركته لديه. وصلاة الملائكة: دعاؤهم للمؤمنين واستغفارهم لهم، كما قال- تعالى-: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا.

وقوله: لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ متعلق بقوله: يُصَلِّي أى: يرحمكم- سبحانه- برحمته الواسعة، ويسخر ملائكته للدعاء لكم، لكي يخرجكم بفضله ومنته، من ظلمات الضلال والكفر إلى النور والهداية والإيمان.

وَكانَ- سبحانه- وما زال بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً رحمة عظيمة واسعة، تشمل الدنيا والآخرة.

أما رحمته لهم في الدنيا فمن مظاهرها: هدايته إياهم إلى الصراط المستقيم.

وأما رحمته- سبحانه- لهم في الآخرة فمن مظاهرها: أنهم يأمنون من الفزع الأكبر.

وفي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى امرأة من السبي قد أخذت صبيا لها فألصقته إلى صدرها وأرضعته فقال: «أترون هذه تلقى ولدها في النار وهي تقدر على ذلك؟ قالوا: لا. قال: فو الله لله أرحم بعباده من هذه بولدها» .

وقوله : ( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ) : هذا تهييج إلى الذكر ، أي : إنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم ، كقوله تعالى : ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ) [ البقرة : 151 ، 152 ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يقول الله : من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم "

والصلاة من الله ثناؤه على العبد عند الملائكة ، حكاه البخاري عن أبي العالية . ورواه أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عنه .

وقال غيره : الصلاة من الله : الرحمة [ ورد بقوله : ( أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ) ]

وقد يقال : لا منافاة بين القولين والله أعلم .

وأما الصلاة من الملائكة ، فبمعنى الدعاء للناس والاستغفار ، كقوله : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ) الآية . [ غافر : 7 - 9 ] .

وقوله : ( ليخرجكم من الظلمات إلى النور ) أي : بسبب رحمته بكم وثنائه عليكم ، ودعاء ملائكته لكم ، يخرجكم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهدى واليقين . ( وكان بالمؤمنين رحيما ) أي : في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا : فإنه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم ، وبصرهم الطريق الذي ضل عنه وحاد عنه من سواهم من الدعاة إلى الكفر أو البدعة وأشياعهم من الطغام . وأما رحمته بهم في الآخرة : فآمنهم من الفزع الأكبر ، وأمر ملائكته يتلقونهم بالبشارة بالفوز بالجنة والنجاة من النار ، وما ذاك إلا لمحبته لهم ورأفته بهم .

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق ، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ ، فأقبلت تسعى وتقول : ابني ابني ، وسعت فأخذته ، فقال القوم : يا رسول الله ، ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار . قال : فخفضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " ولا الله ، لا يلقي حبيبه في النار " .

إسناده على شرط الصحيحين ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، ولكن في صحيح الإمام البخاري ، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة من السبي قد أخذت صبيا لها ، فألصقته إلى صدرها ، وأرضعته فقال : " أترون هذه تلقي ولدها في النار وهي تقدر على ذلك ؟ " قالوا : لا . قال : " فوالله ، لله أرحم بعباده من هذه بولدها " .

وقوله ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ) يقول تعالى ذكره: ربكم الذي تذكرونه الذكر الكثير وتسبحونه بكرة وأصيلا إذا أنتم فعلتم ذلك، الذي يرحمكم، ويثني عليكم هو ويدعو لكم ملائكته . وقيل: إن معنى قوله ( يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ): يشيع عنكم الذكر الجميل في عباد الله. وقوله ( لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) يقول: تدعو ملائكة الله &; 20-280 &; لكم؛ فيخرجكم الله من الضلالة إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني علي، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله ( اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ) يقول: لا يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدًّا معلوما، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله، قال فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ بالليل والنهار في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال. وقال: ( وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا ) فإذا فعلتم ذلك؛ صلى عليكم هو وملائكته، قال الله عز وجل: ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ) .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا ) صلاة الغداة، وصلاة العصر.

وقوله ( لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) أي: من الضلالات إلى الهدى.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) قال: من الضلالة إلى الهدى، قال: والضلالة الظلمات والنور: الهدى.

وقوله ( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) يقول تعالى ذكره: وكان بالمؤمنين به ورسوله ذا رحمة أن يعذبهم وهم له مطيعون، ولأمره متبعون.

المعاني :

يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ :       يُنَزِّلُ رَحْمَتَهُ عَلَيكُم الميسر في غريب القرآن
مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ :       مِن ظُلُماتِ الضَّلالةِ إلى نُورِ الهِدايةِ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

اسقاط
[43] ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ﴾ الله يصلي عليك ويذكرك، فكيف تنسى أنت ذكره، سبح.
عمل
[43] ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾ قال ابن كثير: «هذا تهييج إلى الذكر، أي إنه سبحانه يذكركم، فاذكروه أنتم».
وقفة
[43] يكفي أهلَ الذِّكرِ والتَّسبيحِ فضلاً وأجرًا هذه الآية: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾.
وقفة
[43] ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ صلاة الله عليك تخرجك من الظلمات إلى النور، الفوز بها سهل صل على نبيك، ليصلى عليك!
وقفة
[43] ﴿هُوَ الَّذي يُصَلّي عَلَيكُم وَمَلائِكَتُهُ لِيُخرِجَكُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ وَكانَ بِالمُؤمِنينَ رَحيمًا﴾ صدقًا، الآية تُشعر الإنسان بالخجل من نفسه بذنوبه ومعاصيه، وأيضًا تشعره بالحياء من الله الغفور لنا الرحيم بنا سبحانه.
عمل
[43] صل على النبي ﷺ في الصباح والمساء حتى يصلي الله عليك ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾.
عمل
[43] احضر درسًا علميًا أو محاضرة لتصلي عليك الملائكة ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾.
وقفة
[43] ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ مهما أتعبتك اﻷقدار وانهكت روحك، لكن عليك أن تتيقن أن من قدرها عليك أرحم عليك من والديك.
وقفة
[43] ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ الرحمة هنا رحمة خاصة بالمؤمنين، وهذا حث على الاستزادة من الإيمان، للفوز بمزيد رحمات الله للعبد في الدنيا والآخرة.
وقفة
[43] قال الله يصف نبيه: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾، الرحمة بالمؤمنين خصلة نبوة.
وقفة
[41-43] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ... هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ فمن أكثر ذكره صلى عليه وهداه إليه.

الإعراب :

  • ﴿ هُوَ الَّذِي:
  • ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».
  • ﴿ يُصَلِّي عَلَيْكُمْ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. يصلي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عليكم: جار ومجرور متعلق بيصلي والميم علامة جمع الذكور بمعنى: يترحم عليكم ويترأف حيث يدعو الى الخير ويأمركم بإكثار الذكر والتوفر على الصلاة والطاعة.
  • ﴿ وَمَلائِكَتُهُ:
  • الواو عاطفة. ملائكته: فاعل لفعل مضمر يفسره ما قبله بمعنى: وتدعو لكم ملائكته مرفوع وعلامة رفعه الضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وقد اختلف العلماء حول معنى صلاة الملائكة. قال الزمخشري: هي قولهم اللهم صل على المؤمنين جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة كأنهم فاعلون الرحمة والرأفة. وفي الوقت الذي جعل الصلاة من الله حقيقة ومن الملائكة مجازا لا نه حملها على الرحمة فان غيره حملها على الدعاء وجعلها من الملائكة حقيقة ومن الله سبحانه مجازا، والله اعلم.
  • ﴿ لِيُخْرِجَكُمْ:
  • اللام لائم التعليل وهي حرف جر. يخرجكم: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين -مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وجملة «يخرجكم» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «ان» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بيصلي.
  • ﴿ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ:
  • جاران ومجروران متعلقان بيخرجكم. الاول «من» لابتداء الغاية. والثاني «الى» لانتهاء الغاية بمعنى: من ظلمات المعصية الى نور الطاعة.
  • ﴿ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً:
  • الواو استئنافية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. بالمؤمنين: جار ومجرور متعلق بخبرها وعلامة جر الاسم الياء لا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. رحيما: خبر «كان» منصوب بالفتحة.'

المتشابهات :

البقرة: 257﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ
المائدة: 16﴿وَيُخۡرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ
ابراهيم: 1﴿الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ
ابراهيم: 5﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِ‍َٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ
الأحزاب: 43﴿لِيُخۡرِجَكُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا
الحديد: 9﴿هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ
الطلاق: 11﴿لِّيُخۡرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُدۡخِلۡهُ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكم ومَلائِكَتُهُ﴾ قالَ مُجاهِدٌ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٦] . قالَ أبُو بَكْرٍ: ما أعْطاكَ اللَّهُ تَعالى مِن خَيْرٍ إلّا أشْرَكَنا فِيهِ. فَنَزَلَتْ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكم ومَلائِكَتُهُ﴾ . الآيَةَ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَ اللهُ المؤمنين بالذِّكرِ والتَّسبيحِ؛ ذكَرَ إحسانَه تعالى بصَلاتِه عليهم هو وملائِكتِه، قال تعالى:
﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف