5131617181920212223

الإحصائيات

سورة الفتح
ترتيب المصحف48ترتيب النزول111
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات4.50
عدد الآيات29عدد الأجزاء0.22
عدد الأحزاب0.45عدد الأرباع1.80
ترتيب الطول43تبدأ في الجزء26
تنتهي في الجزء26عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 9/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (16) الى الآية رقم (17) عدد الآيات (2)

اللَّهُ يبينُ للمتخلِّفينَ أنَّ ميدانَ القتالِ ما يزالُ مفتوحًا إن أرادُوا إثباتَ إخلاصِهم، ثُمَّ استثنى اللَّهُ أصحابَ الأعذارِ من فرضيةِ الجهادِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (18) الى الآية رقم (23) عدد الآيات (6)

رضا اللهِ عن المؤمنينَ الذينَ بايعُوا النَّبي ﷺ بيعةَ الرضوانِ تحتَ شجرةِ سَمُرَة بالحديبيةِ، ووعدَهُم مغانمَ كثيرةً، عَجَّلَ منها خيبرَ، ثُمَّ امتنانُ اللَّهِ على المؤمنينَ =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الفتح

الفتوحات الربانية

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة الفتوحات الربانية والكرم الرباني:: نزلت بعد صلح الحديبية في ظروف إحباط شديد للصحابة، نزلت والنفوس جريحة.في السنة السابعة -وبعد غزوة الأحزاب- كان الصراع على أشده بين المسلمين والمشركين، ورأى النبي ﷺ في الرؤيا أنه يدخل المسجد الحرام، فتجهّز مع الصحابة للذهاب إلى مكة معتمرين غير مقاتلين، لكنهم لما وصلوا إلى الحديبية رفض المشركون السماح لهم بالدخول إلى مكة، فقرر النبي ﷺ عقد صلح مع مشركي مكة، والذي عرف فيما بعد بـ (صلح الحديبية). لكن بنود هذا الصلح كانت مجحفة بحق المسلمين، فحزن الصحابة حزنًا شديدًا لقبول النبي ﷺ بها، وزاد من حزنهم أنهم منعوا من دخول البيت الحرام لأداء العمرة، ومنعوا من قتال المشركين، وشعروا أنهم يعطون الدنية في دينهم. تخيّل نفسك الآن مكان الصحابة! في هذا الوقت العصيب نزلت سورة الفتح، وسمت هذا الصلح «فَتْحًا مُّبِينًا»، نعم كان فتحًا مبينًا، ألم تكن هذه الفترة من أهم الفترات التي انتشر فيها الإسلام؟! بلا شك، فبعد إبرام هذا الصلح بعامين فقط كان فتح مكة. فالسورة تقول لنا: افهموا عن الله، افهموا سنن الله، عليكم طاعة النبي ﷺ والامتثال له، وانتظروا الفتح من الله.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الفتح».
  • • معنى الاسم :: أصل الفتح: إزالة الإغلاق، وفتح البلد: دخله عنوة أو صلحًا.
  • • سبب التسمية :: لأنها بدأت ببشرى الفتح، وتكرر فيها لفظ (فتحًا) 3 مرات.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: طاعة النبي ﷺ والامتثال له مهما كانت الظروف، ففيها الخير العظيم.
  • • علمتني السورة :: أن صلح الحديبية كان بداية فتح عظيم على الإسلام والمسلمين.
  • • علمتني السورة :: وجوب تعظيم وتوقير رسول الله ﷺ: ﴿وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾
  • • علمتني السورة :: أن مكانة بيعة الرضوان عند الله عظيمة، وأن أهلها من خير الناس على وجه الأرض: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّـهَ﴾

مدارسة الآية : [16] :الفتح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ ..

التفسير :

[16] قل للذين تخلَّفوا من الأعراب -وهم البدو- عن القتال:ستُدْعون إلى قتال قوم أصحاب بأس شديد في القتال، تقاتلونهم أو يسلمون من غير قتال، فإن تطيعوا الله فيما دعاكم إليه مِن قتال هؤلاء القوم يؤتكم الجنة، وإن تعصوه كما فعلتم حين تخلفتم عن السير مع رسول الل

لما ذكر تعالى أن المخلفين من الأعراب يتخلفون عن الجهاد في سبيله، ويعتذرون بغير عذر، وأنهم يطلبون الخروج معهم إذا لم يكن شوكة ولا قتال، بل لمجرد الغنيمة، قال تعالى ممتحنا لهم:{ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} أي:سيدعوكم الرسول ومن ناب منابه من الخلفاء الراشدين والأئمة، وهؤلاء القوم فارس والروم ومن نحا نحوهم وأشبههم.{ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} أي:إما هذا وإما هذا، وهذا هو الأمر الواقع، فإنهم في حال قتالهم ومقاتلتهم لأولئك الأقوام، إذ كانت شدتهم وبأسهم معهم، فإنهم في تلك الحال لا يقبلون أن يبذلوا الجزية، بل إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يقاتلوا على ما هم عليه، فلما أثخنهم المسلمون، وضعفوا وذلوا، ذهب بأسهم، فصاروا إما أن يسلموا، وإما أن يبذلوا الجزية،{ فَإِنْ تُطِيعُوا} الداعي لكم إلى قتال هؤلاء{ يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا} وهو الأجر الذي رتبه الله ورسوله على الجهاد في سبيل الله،{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ} عن قتال من دعاكم الرسول إلى قتاله،{ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} ودلت هذه الآية على فضيلة الخلفاء الراشدين، الداعين لجهاد أهل البأس من الناس، وأنه تجب طاعتهم في ذلك.

ثم فتح- سبحانه- أمام هؤلاء المخلفين من الأعراب باب التوبة، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يدعوهم إلى الجهاد معه، فإن صدقوا أفلحوا، وإن أعرضوا خسروا فقال: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ، تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المخلفين من الأعراب عن الخروج معك، ستدعون في المستقبل إلى القتال معى لقوم أصحاب قوة وشدة في الحرب، فيكون بينكم وبينهم أمران لا ثالث لهما: إما قتالكم لهم، وإما الإسلام منهم.

«فـ"أو"» في قوله أَوْ يُسْلِمُونَ للتنويع والحصر. وجملة «تقاتلونهم أو يسلمون»

مستأنفة للتعليل، كما في قوله: سيدعوك الأمير للقائه يكرمك أو يخزى عدوك.

وقد اختلف المفسرون في المراد بهؤلاء القوم أولى البأس الشديد، فمنهم من قال: فارس والروم، ومنهم من قال: بنو حنيفة أتباع مسيلمة الكذاب.

والذي عليه المحققون من العلماء أن المقصود بهم: هوازن وثقيف الذين التقى بهم المسلمون في غزوة حنين بعد فتح مكة.

وذلك لأن عددا كبيرا من تلك القبائل المتخلفة قد اشتركت في تلك الغزوة، حتى لقد بلغ عدد المسلمين فيها ما يقرب من اثنى عشر ألفا، ولأن أهل هوازن وثقيف قد كانوا يجيدون الرماية والكر والفر، فاستطاعوا في أول المعركة- بعد أن اغتر المسلمون بقوتهم- أن يفرقوا بعض صفوف المسلمين، ثم تجمع المسلمون بعد ذلك وانتصروا عليهم، ثم كانت النتيجة أن انتهت تلك الغزوة بإسلام هوازن وثقيف. كما هو معروف في كتب السيرة.

ولقد أشار القرآن الكريم إلى ما كان بين المسلمين وبين هوازن وثقيف من قتال في قوله- تعالى-: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً، وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ، ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ. ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها، وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ. ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .

وقد رجح فضيلة شيخنا الدكتور أحمد السيد الكومى أن يكون المقصود بالقوم أولى البأس الشديد هوازن وثقيف، فقال ما ملخصه: وتكاد تنفق كتب السيرة على أن الجيش الذي ذهب لفتح مكة، ثم ذهب بعد ذلك إلى غزو هوازن وثقيف يوم حنين، كان يضم بين جوانحه العدد الكثير من قبائل أسلم وأشجع وجهينة وغفار ومزينة.

وإذن فالأمر المحقق أن القبائل المتخلفة يوم الحديبية، ساهمت في الجهاد بقسط وافر يوم فتح مكة، ويوم حنين..

وقد أقام المسلمون بمكة بعد أن فتحوها- بدون قتال يذكر- خمسة عشر يوما.. ثم ذهبوا لقتال هوازن وثقيف.. وكانوا رماة مهرة ذوى مهارة حربية، ودراية بفنون القتال فهزموا المسلمين في أول الأمر، ثم هزمهم المسلمون.

ومن كل ذلك يترجح الحكم بأن هؤلاء القوم هم هوازن، وأن كثيرا من المخلفين أسلم إسلاما خالصا، وحسنت توبته.. .

وقوله- سبحانه-: فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً، وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً بيان للثواب العظيم الذي أعده- سبحانه- للطائفين، وللعذاب الأليم الذي توعد به الفاسقين.

أى: فإن تطيعوا- أيها المخالفون- رسولكم صلّى الله عليه وسلّم يؤتكم الله من فضله أجرا حسنا، وإن تتولوا وتعرضوا عن الطاعة، كما أعرضتم من قبل في صلح الحديبية عن طاعته، يعذبكم- سبحانه- عذابا أليما.

اختلف المفسرون في هؤلاء القوم الذين يدعون إليهم ، الذين هم أولو بأس شديد ، على أقوال :

أحدها : أنهم هوازن . رواه شعبة عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير - أو عكرمة ، أو جميعا - ورواه هشيم عن أبي بشر ، عنهما . وبه يقول قتادة في رواية عنه .

الثاني : ثقيف ، قاله الضحاك .

الثالث : بنو حنيفة ، قاله جويبر . ورواه محمد بن إسحاق ، عن الزهري . وروي مثله عن سعيد وعكرمة .

الرابع : هم أهل فارس . رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وبه يقول عطاء ، ومجاهد ، وعكرمة - في إحدى الروايات عنه .

وقال كعب الأحبار : هم الروم . وعن ابن أبي ليلى ، وعطاء ، والحسن ، وقتادة : هم فارس والروم . وعن مجاهد : هم أهل الأوثان . وعنه أيضا : هم رجال أولو بأس شديد ، ولم يعين فرقة . وبه يقول ابن جريج ، وهو اختيار ابن جرير .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الأشج ، حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القواريري ، عن معمر ، عن الزهري ، في قوله : ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) قال : لم يأت أولئك بعد .

وحدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي خالد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة في قوله : ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ) قال : هم البارزون .

قال : وحدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الأعين ، ذلف الآنف ، كأن وجوههم المجان المطرقة " . قال سفيان : هم الترك .

قال ابن أبي عمر : وجدت في مكان آخر : ابن أبي خالد عن أبيه قال : نزل علينا أبو هريرة ففسر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تقاتلون قوما نعالهم الشعر " قال : هم البارزون ، يعني الأكراد .

وقوله : ( تقاتلونهم أو يسلمون ) يعني : يشرع لكم جهادهم وقتالهم ، فلا يزال ذلك مستمرا عليهم ، ولكم النصرة عليهم ، أو يسلمون فيدخلون في دينكم بلا قتال بل باختيار .

ثم قال : ( فإن تطيعوا ) أي : تستجيبوا وتنفروا في الجهاد وتؤدوا الذي عليكم فيه ، ( يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل ) يعني : زمن الحديبية ، حيث دعيتم فتخلفتم ، ( يعذبكم عذابا أليما )

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( قُلْ ) يا محمد ( لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأعْرَابِ ) عن المسير معك,( سَتُدْعَوْنَ إِلَى ) قتال ( قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ ) في القتال ( شَدِيدٍ ).

واختلف أهل التأويل في هؤلاء الذين أخبر الله عزّ وجلّ عنهم أن هؤلاء المخلفين من الأعراب يُدْعَوْن إلى قتالهم, فقال بعضهم: هم أهل فارس.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, عن عبد الله بن أبي نجيح, عن عطاء بن أبي رباح, عن ابن عباس ( أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) أهل فارس.

حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاريّ, قال: أخبرنا داود بن الزبرقان, عن ثابت البُنَانيّ, عن عبد الرحمن بن أبي ليلى, في قوله ( سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال: فارس والروم.

قال: أخبرنا داود, عن سعيد, عن الحسن, مثله.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: قال الحسن, في قوله ( سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال: هم فارس والروم.

حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال: هم فارس.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال: قال الحسن: دُعُوا إلى فارس والروم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال: فارس والروم.

وقال آخرون: هم هَوازن بحُنين.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا أبو بشر, عن سعيد بن جبير وعكرمة, في قوله ( سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال: هوازن.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جُبير وعكرمة في هذه الآية ( سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال: هوازن وثقيف.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ) قال: هي هَوازن وغَطَفان يوم حُنين.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) فدعوا يوم حُنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإجابة ورغب في الجهاد.

وقال آخرون: بل هم بنو حنيفة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن الزهري ( أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال بنو حنيفة مع مُسَيلمة الكذّاب.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن هشيم, عن أبي بشر, عن سعيد بن جُبير وعكرِمة أنهما كانا يزيدان فيه هوازن وبني حنيفة.

وقال آخرون: لم تأت هذه الآية بعد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الزهري, عن أبي هريرة ( سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) لم تأت هذه الآية.

وقال آخرون: هم الروم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عوف, قال: ثنا أبو المغيرة, قال: ثنا صفوان بن عمرو, قال: ثنا الفرج بن محمد الكلاعي, عن كعب, قال ( أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) قال: الروم.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المخلَّفين من الأعراب أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس في القتال, ونجدة في الحروب, ولم يوضع لنا الدليل من خبر ولا عقل على أن المعنيَّ بذلك هوازن, ولا بنو حنيفة ولا فارس ولا الروم, ولا أعيان بأعيانهم, وجائز أن يكون عني بذلك بعض هذه الأجناس, وجائز أن يكون عُنِي بهم غيرهم, ولا قول فيه أصحّ من أن يُقال كما قال الله جلّ ثناؤه: إنهم سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد.

وقوله ( تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ) يقول تعالى ذكره للمخلَّفين من الأعراب تقاتلون هؤلاء الذين تُدعون إلى قتالهم, أو يسلمون من غير حرب ولا قتال.

وقد ذُكر أن ذلك في بعض القراءات ( تُقَاتِلُونَهُمْ أوْ يَسْلِمُوا ), وعلى هذه القراءة وإن كانت على خلاف مصاحف أهل الأمصار, وخلافا لما عليه الحجة من القرّاء, وغير جائز عندي القراءة بها لذلك تأويل ذلك: تقاتلونهم أبدا إلا أن يسلموا, أو حتى يسلموا.

وقوله ( فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا ) يقول تعالى ذكره فإن تطيعوا الله في إجابتكم إياه إذا دعاكم إلى قتال هؤلاء القوم الأولي البأس الشديد, فتجيبوا إلى قتالهم والجهاد مع المؤمنين ( يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا ) يقول: يعطكم الله على إجابتكم إياه إلى حربهم الجنة, وهي الأجر الحسن ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ ) يقول: وإن تعصوا ربكم فتدبروا عن طاعته وتخالفوا أمره, فتتركوا قتال الأولي البأس الشديد إذا دُعيتم إلى قتالهم ( كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ ) يقول: كما عصيتموه في أمره إياكم بالمسير مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى مكة, من قبل أن تُدعَوا إلى قتال أولي البأس الشديد ( يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) يعني: وجيعا, وذلك عذاب النار على عصيانكم إياه, وترككم جهادهم وقتالهم مع المؤمنين.

المعاني :

أُوْلِي بَاسٍ :       أَصْحَابِ شِدَّةٍ وَقُوَّةٍ فِي الحَرْبِ السراج
أولي بأس شديد :       أصحاب شدّة و قوّة في الحَرْب معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[16] إخبار القرآن بمغيبات تحققت فيما بعد -مثل الفتوح الإسلامية- دليل قاطع على أن القرآن الكريم من عند الله.
وقفة
[16] القوم هم قبائل هوازن وثقيف الذين التقى بهم المسلمون في حُنين بعد فتح مكة، وهذه الآية طمأنة للمخلفين بأنهم سينالون مغانم في غزوات آتية ليعلموا أن حرمانهم من الخروج إلى خيبر حرمان خاص بواقعة معينة، ووعدهم الله بالعوض ليزيل عنهم آلام الانكسار من جراء الحرمان، وقد تحقق ذلك العوض حين خرجوا إلى حُنين، وحسن إسلام كثير منهم.
وقفة
[16] ﴿قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ ليس مقياس القوة بكثرة العدد أو بالعضلات المفتولة أو حتى بقوة السلاح، لا، أبدًا، القوة هو أن يكون الله معك.
تفاعل
[16] ﴿فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّـهُ أَجْرًا حَسَنًا﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[16] من امتثل أمر الله يسر له أمور معاشه ودنياه ﴿فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّـهُ أَجْرًا حَسَنًا ۖ وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.
تفاعل
[16] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ قل: «اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ».

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ:
  • قل: أعربت في الآية السابقة. للمخلفين: جار ومجرور متعلق بقل وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. من الاعراب: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «المخلفين» و «من» حرف جر بياني وهم سكان البادية
  • ﴿ سَتُدْعَوْنَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به-مقول القول-السين:حرف استقبال-تسويف-و «تدعون» فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
  • ﴿ إِلى قَوْمٍ:
  • جار ومجرور متعلق بتدعون. أي الى منزلة قوم فحذف المجرور المضاف اختصارا وأقيم المضاف اليه مقامه.
  • ﴿ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ:
  • صفة-نعت-لقوم مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم والواو تكتب ولا تلفظ‍ والكلمة لا مفرد لها من لفظها. وقيل مفردها ذو وهي اسم جمع بمعنى «ذوو» أي أصحاب. بأس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أي أصحاب شدة في الحرب. شديد: صفة-نعت-لبأس مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة.
  • ﴿ تُقاتِلُونَهُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به
  • ﴿ أَوْ يُسْلِمُونَ:
  • الجملة معطوفة بأو للتخيير على «تقاتلونهم» وتعرب إعراب «تقاتلون» أي يكون أحد الأمرين إما المقاتلة أو الاسلام لا ثالث لهما.
  • ﴿ فَإِنْ تُطِيعُوا:
  • الفاء: استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. تطيعوا: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه: حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ يُؤْتِكُمُ اللهُ:
  • فعل مضارع جواب الشرط‍ -جزاؤه-مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره حرف العلة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول مقدم والميم علامة جمع الذكور. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ أَجْراً حَسَناً:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. حسنا: صفة -نعت-لأجرا منصوبة مثلها. وعلامة نصبها: الفتحة المنونة أيضا.
  • ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا:
  • معطوفة بالواو على «ان تطيعوا» وتعرب إعرابها. بمعنى وان تعرضوا او تبتعدوا
  • ﴿ كَما تَوَلَّيْتُمْ:
  • الكاف: حرف جر. ما: مصدرية. توليتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. وجملة «توليتم» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب و «ما» المصدرية. وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق-مصدر-محذوف التقدير: وان تتولوا تولية كتوليتكم.
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ:
  • حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بتوليتم. أي من قبل هذه التولية.بمعنى عن غزوة الحديبية.
  • ﴿ يُعَذِّبْكُمْ:
  • الجملة الفعلية: جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب وهي فعل مضارع جواب الشرط‍ -جزاؤه-مجزوم بإن وعلامة جزمه: سكون آخره والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو و «كم» أعربت في «يؤتكم».
  • ﴿ عَذاباً أَلِيماً:
  • مفعول مطلق-مصدر-منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أليما: صفة-نعت-لعذابا منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة'

المتشابهات :

الإسراء: 5﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ
الفتح: 16﴿قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ
النمل: 33﴿قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَ أُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنَّ المُخَلَّفينَ مِنَ الأعرابِ يَتخلَّفونَ عن الجهادِ في سبيلِه، ويَعتذِرونَ بغَيرِ عُذرٍ، وأنَّهم يَطلُبونَ الخروجَ معهم إذا لم يكنْ شَوكةٌ ولا قِتالٌ، بل لِمُجَرَّدِ الغَنيمةِ؛ قال تعالى مُمتحِنًا لهم:
﴿ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أو يسلمون:
1- مرفوعا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- أو يسلموا، بحذف النون، منصوبا بإضمار «أن» ، وهى قراءة أبى، وزيد بن على.

مدارسة الآية : [17] :الفتح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا ..

التفسير :

[17] ليس على الأعمى منكم -أيها الناس- إثم، ولا على الأعرج إثم، ولا على المريض إثم في أن يتخلَّفوا عن الجهاد مع المؤمنين؛ لعدم استطاعتهم. ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري مِن تحت قصورها وأشجارها الأنهار، ومن يعص الله ورسوله، فيتخلَّف عن الجهاد مع المؤمن

ثم ذكر الأعذار التي يعذر بها العبد عن الخروج إلى الجهاد، فقال:{ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} أي:في التخلف عن الجهاد لعذرهم المانع.

{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في امتثال أمرهما، واجتناب نهيهما{ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين،{ وَمَنْ يَتَوَلَّ} عن طاعة الله ورسوله{ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} فالسعادة كلها في طاعة الله، والشقاوة في معصيته ومخالفته.

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات برفع الحرج عن الذين تخلفوا لأعذار حقيقة فقال:

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ...

أى: ليس على هؤلاء إثم في التخلف عن الجهاد، لما بهم من الأعذار والعاهات المرخصة لهم في التخلف عنه.

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فيما أمرا به أو نهيا عنه، يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، وَمَنْ يَتَوَلَّ عن طاعتهما يُعَذِّبْهُ الله- تعالى- عَذاباً أَلِيماً لا يقادر قدره.

ثم بشر الله- تعالى- المؤمنين الصادقين ببشارات متنوعة، ومدحهم مدحا عظيما، وبين- سبحانه- أن سنته في خلقه لن تتخلف، فقال- تعالى-:

ثم ذكر الأعذار في ترك الجهاد ، فمنها لازم كالعمى والعرج المستمر ، وعارض كالمرض الذي يطرأ أياما ثم يزول ، فهو في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ .

ثم قال تعالى مرغبا في الجهاد وطاعة الله ورسوله : ( ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول ) أي : ينكل عن الجهاد ، ويقبل على المعاش ( يعذبه عذابا أليما ) في الدنيا بالمذلة ، وفي الآخرة بالنار .

القول في تأويل قوله تعالى : لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا (17)

يقول تعالى ذكره: ليس على الأعمى منكم أيها الناس ضيق, ولا على الأعرج ضيق, ولا على المريض ضيق أن يتخلفوا عن الجهاد مع المؤمنين, وشهود الحرب معهم إذا هم لقوا عدوّهم, للعلل التي بهم, والأسباب التي تمنعهم من شهودها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) .

قال: هذا كله في الجهاد.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: ثُمَّ عذر الله أهل العذر من الناس, فقال: ( لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ).

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) قال: في الجهاد في سبيل الله.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ )... الآية, يعني في القتال.

وقوله ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول تعالى ذكره: ومن يُطع الله ورسوله فيجيب إلى حرب أعداء الله من أهل الشرك, وإلى القتال مع المؤمنين ابتغاء وجه الله إذا دعي إلى ذلك, يُدخله الله يوم القيامة جنَّات تجري من تحتها الأنهار ( وَمَنْ يَتَوَلَّ ) يقول: ومن يعص الله ورسوله, فيتخلَّف عن قتال أهل الشرك بالله إذا دعي إليه, ولم يستجب لدعاء الله ورسوله يعذّبه عذابا موجعا, وذلك عذاب جهنم يوم القيامة.

المعاني :

حَرَجٌ :       إِثْمٌ فيِ تَرْكِ الجِهَادِ السراج
حَرَجٌ :       إثم في التخلّـف عن الجهاد معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[17] ﴿لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ﴾ فيه عدم وجوب الجهاد علي من له عذر؛ كالأعمي والأعرج والمريض.
وقفة
[17] ﴿لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ﴾ النفوس السامية وإن كبلتها الأقدار لكن لها همة تفوق الظروف التي وضعت بها، وتخاف أن تقصر بحق ربها، فطوبى لها.
وقفة
[17] ﴿لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ﴾ تقوم أحكام الشريعة على الرفق واليسر.
وقفة
[17] اهتمام ورعاية لذوي الاحتياجات الخاصة منذ أيام الاسلام الأولى.
وقفة
[17] ﴿وَلا عَلَى المَريضِ حَرَجٌ﴾ يعلم الله المريض من الذى يتمارض.
وقفة
[17] ﴿لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾ ذكر تعالى الأعذار في ترك الجهاد: فمنها لازم كالعمى والعرج المستمر، وعارض كالمرض الذي يطرأ أيامًا ثم يزول، فهو في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ.
وقفة
[17] هذه الأعذار مقبولة للتخلف عن الجهاد في سبيل الله، يبسطها الله رحمة بعباده وتخفيفًا عنهم.
وقفة
[17] تدبر في تيسير الله ورحمته بعباده.
تفاعل
[17] ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[17] ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ السعادة كل السعادة في الدنيا والآخرة في طاعة الله، والشقاء كل الشقاء في عصيانه ومخالفة أمره.
وقفة
[17] ﴿وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ في الدنيا بالمذلة، وفي الآخرة بالنار.
تفاعل
[17] ﴿وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ:
  • فعل ماض ناقص. على الأعمى: جار ومجرور متعلق بخبر «ليس» المقدم. حرج: اسمها مرفوع بالضمة.وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر والجملتان بعدها معطوفتان بواوي العطف عليها وتعربان اعرابها. و «لا» زائدة لتاكيد معنى النفي. بمعنى «ليس عليهم اثم في التخلف عن الجهاد وما بعدها أعرب في الآية الكريمة الثالثة عشرة من سورة «النساء» والأصل: يدخله في جنات فحذف حرف الجر وأوصل الفعل فتعدى الى جنات. والجار والمجرور مِنْ تَحْتِهَا» متعلق بتجري أو بحال محذوفة من الأنهار، التقدير: تجري الأنهار كائنة من تحتها.
  • ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ:
  • الواو عاطفة. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة من فعل الشرط‍ وجوابه-جزائه-في محل رفع خبر «من» يتول: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه: حذف آخره حرف العلة وبقيت الفتحة دالة عليه والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة والهاء ضمير متصل- ضمير الغائب في محل نصب مفعول به'

المتشابهات :

النور: 61﴿ لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ
الفتح: 17﴿ لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا تَوعَّدَ اللهُ المُتخلِّفينَ؛ بَيَّنَ هنا مَن يَجوزُ له التَّخلُّفُ وتَركُ الجِهادِ، قال تعالى:
﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يدخله ... يعذبه:
1- بالياء، فيهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنون، فيهما، وهى قراءة الحسن، وقتادة، وأبى جعفر، والأعرج، وشيبة، وابن عامر، ونافع.

مدارسة الآية : [18] :الفتح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ..

التفسير :

[18] لقد رضي الله عن المؤمنين حين بايعوك -أيها النبي- تحت الشجرة -وهذه هي بيعة الرضوان في «الحديبيَة»- فعلم الله ما في قلوب هؤلاء المؤمنين من الإيمان والصدق والوفاء، فأنزل الله الطمأنينة عليهم وثبَّت قلوبهم، وعوَّضهم عمَّا فاتهم بصلح «الحديبيَة» فتحاً قري

يخبر تعالى بفضله ورحمته، برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المبايعة التي بيضت وجوههم، واكتسبوا بها سعادة الدنيا والآخرة، وكان سبب هذه البيعة -التي يقال لها "بيعة الرضوان"لرضا الله عن المؤمنين فيها، ويقال لها "بيعة أهل الشجرة"- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه، وأنه لم يجئ لقتال أحد، وإنما جاء زائرا هذا البيت، معظما له، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان لمكة في ذلك، فجاء خبر غير صادق، أن عثمان قتله المشركون، فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه من المؤمنين، وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة، فبايعوه تحت شجرة على قتال المشركين، وأن لا يفروا حتى يموتوا، فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في تلك الحال، التي هي من أكبر الطاعات وأجل القربات،{ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} من الإيمان،{ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} شكرا لهم على ما في قلوبهم، زادهم هدى، وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله، فأنزل عليهم السكينة تثبتهم، وتطمئن بها قلوبهم،{ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} وهو:فتح خيبر، لم يحضره سوى أهل الحديبية، فاختصوا بخيبر وغنائمها، جزاءا لهم، وشكرا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته.

واللام في قوله- تعالى-: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ...

هي الموطئة للقسم، وتسمى هذه البيعة بيعة الرضوان.

والشجرة: كانت بالحديبية، وقد جلس صلّى الله عليه وسلّم تحتها ليبايع أصحابه على الموت أو على عدم الفرار، فبايعوه على ذلك- ما عدا بعض المنافقين-، وقد كان الناس بعد ذلك يترددون على تلك الشجرة ويصلون تحتها، ويدعون الله- تعالى-.. فأمر عمر- رضى الله عنه- قطعها خشية الافتتان بها. أى: والله لقد رضى الله- تعالى- عن المؤمنين الذين بايعوك- أيها الرسول الكريم- تحت الشجرة، على الموت من أجل إعلاء كلمة ربهم.

وفي هذه الجملة أسمى وأعلى ما يتمناه إنسان، وهو رضا الله- تعالى- عنه ودخوله في زمرة العباد الذين ظفروا بمغفرته- سبحانه- ورحمته.

قال الآلوسى- رحمه الله-: والتعبير بالمضارع لاستحضار صورة هذه المبايعة. وقوله- سبحانه-: تَحْتَ الشَّجَرَةِ متعلق بيبايعونك ... وفي التقييد بذلك إشارة إلى مزيد وقع تلك المبايعة في النفوس. ولذا استوجبت رضا الله- تعالى- الذي لا يعادله شيء، ويستتبع مالا يكاد يخطر على البال.

ويكفى فيما ترتب على ذلك ما أخرجه أحمد عن جابر، ومسلم عن أم بشر، عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة» ..

وصح برواية الشيخين وغيرهما في أولئك المؤمنين من حديث جابر، أنه صلّى الله عليه وسلّم قال لهم «أنتم خير أهل الأرض..» .

وقوله- تعالى-: فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً بشارة أخرى لهؤلاء المؤمنين الصادقين.

أى: لقد رضى- سبحانه- عن الذين بايعوك تحت الشجرة- أيها الرسول الكريم- حيث علم ما في قلوبهم من الصدق والإخلاص وإيثار الآخرة على الأولى، فأنزل السكينة والطمأنينة والأمان عليهم، وَأَثابَهُمْ أى: وأعطاهم ومنحهم فتحا قريبا، وهو فتح خيبر، الذي كان بعد صلح الحديبية بأقل من شهرين.

وقيل المراد به: فتح مكة، والأول أرجح، لأن فتح خيبر لم يكن فتح أقرب منه، ولأن المسلمين قد أصابوا من فتح خيبر غنائم كثيرة.

يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة ، وقد تقدم ذكر عدتهم ، وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة ، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية .

قال البخاري : حدثنا محمود ، حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن طارق بن عبد الرحمن قال : انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون ، فقلت ما هذا المسجد ؟ قالوا : هذه الشجرة ، حيث بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة الرضوان ، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته ، فقال سعيد : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة . قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها ، فقال سعيد : إن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يعلموها وعلمتموها أنتم ، فأنتم أعلم .

وقوله : ( فعلم ما في قلوبهم ) أي : من الصدق والوفاء ، والسمع والطاعة ، ( فأنزل السكينة ) : وهي الطمأنينة ، ( عليهم وأثابهم فتحا قريبا ) : وهو ما أجرى الله على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم ، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر وفتح مكة ، ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم ، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة ; ولهذا قال :

القول في تأويل قوله تعالى : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)

يقول تعالى ذكره: لقد رضي الله يا محمد عن المؤمنين ( إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) يعني بيعة أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وسول الله بالحديبية حين بايعوه على مناجزة قريش الحرب, وعلى أن لا يفرّوا, ولا يولوهم الدبر تحت الشجرة, وكانت بيعتهم إياه هنالك فيما ذكر تحت شجرة.

وكان سبب هذه البيعة ما قيل: إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه برسالته إلى الملإ من قريش, فأبطأ عثمان عليه بعض الإبطاء, فظنّ أنه قد قتل, فدعا أصحابه إلى تجديد البيعة على حربهم على ما وصفت, فبايعوه على ذلك, وهذه البيعة التي تسمى بيعة الرضوان, وكان الذين بايعوه هذه البيعة فيما ذُكر في قول بعضهم: ألفا وأربع مئة, وفي قول بعضهم: ألفا وخمس مئة, وفي قول بعضهم: ألفا وثلاث مئة.

ذكر الرواية بما وصفنا من سبب هذه البيعة:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, قال: ثني بعض أهل العلم أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دعا خراش بن أمية الخزاعي, فبعثه إلى قريش بمكة, وحمله على جمل له يقال له الثعلب, ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له, وذلك حين نـزل الحديبية, فعقروا به جمل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وأرادوا قتله, فمنعه الأحابيش فخلوا سبيله, حتى أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم .

قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: فحدثني من لا أتهم, عن عكرِمة مولى ابن عباس: " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة, فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له, فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي, وليس بمكة من بني عديّ بن كعب أحد يمنعني, وقد عرفت قريش عداوتي إياها, وغلظتي عليهم, ولكني أدلك على رجل هو أعزّ بها مني عثمان بن عفان, فدعا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم عثمان, فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب, وإنما جاء زائرا لهذا البيت, معظما لحرمته, فخرج عثمان إلى مكة, فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها, فنـزل عن دابته, فحمله بين يديه, ثم ردفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش, فبلغهم عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما أرسله به, فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به, قال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فاحتبسته قريش عندها, فبلغ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمسلمين أن عثمان قد قُتل " .

قال: ثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق, قال: فحدثني عبد الله بن أبي بكر " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حين بلغه أن عثمان قد قتل, قال: لا نَبْرَحُ حتى نُناجِزَ القَوْمَ, ودعا الناس إلى البيعة, فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة, فكان الناس يقولون: بايعهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الموت فكان جابر بن عبد الله يقول: إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يبايعنا على الموت, ولكنه بايعنا على أن لا نفر, فبايع رسول الله الناسُ, ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة, كان جابر بن عبد الله يقول: لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته, قد اختبأ إليها, يستتر بها من الناس, ثم أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن الذي ذُكر من أمر عثمان باطل ".

حدثنا محمد بن عمارة الأسديّ, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا موسى بن عبيدة, عن إياس بن سلمة, قال: قال سلمة: " بينما نحن قائلون زمن الحديبية, نادى منادي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أيها الناس البيعة البيعة, نـزل روح القدس صلوات الله عليه, قال: فثرنا إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وهو تحت شجرة سمرة, قال: فبايعناه, وذلك قول الله ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ).

جدثنا عبد الحميد بن بيان اليشكري, قال: ثنا محمد بن يزيد, عن إسماعيل, عن عامر, قال: كان أوّل من بايع بيعة الرضوان رجل من بني أسد يقال له أبو سنان بن وهب.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا يحيى بن حماد, قال: ثنا همام, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب, قال: كان جدّي يقال له حَزْن, وكان ممن بايع تحت الشجرة, فأتيناها من قابل, فعُمِّيت علينا.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا يحيى بن حماد, قال: ثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عمرو بن الحارث, عن بُكير بن الأشجّ " أنه بلغه أن الناس بايعوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على الموت, فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: عَلَى ما اسْتَطَعْتُمْ . والشجرة التي بُويع تحتها بفج نحو مكة, وزعموا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة, فقال: أين كانت, فجعل بعضهم يقول هنا, وبعضهم يقول: ههنا, فلما كثر اختلافهم قال: سيروا هذا التكلف فذهبت الشجرة وكانت سمرة إما ذهب بها سيل, وإما شيء سوى ذلك ".

* ذكر عدد الذين بايعوا هذه البيعة:

وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في عددهم, ونذكر الروايات عن قائلي المقالات التي ذكرناها إن شاء الله تعالى.

* ذكر من قال: عددهم ألف وأربع مئة:

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي, قال: ثنا أبي, عن أبيه, عن جده, عن الأعمش, عن أبي سفيان عن جابر, قال: " كنا يوم الحُديبية ألفا وأربع مئة, فبايعنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على أن لا نفرّ, ولم نبايعه على الموت, قال: فبايعناه كلنا إلا الجدَّ بن قيس اختبأ تحت إبط ناقته ".

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, أخبرني القاسم بن عبد الله بن عمرو, عن محمد بن المنكدر, عن جابر بن عبد الله " أنهم كانوا يوم الحُديبية أربع عشرة مئة, فبايعنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعمر آخذ بيده تحت الشجرة, وهي سمرة, فبايعنا غير الجدّ بن قيس الأنصاريّ, اختبأ تحت إبط بعيره, قال جابر: بايعنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على أن لا نفرّ ولم نبايعه على الموت ".

حدثنا يوسف بن موسى القطان, قال: ثنا هشام بن عبد الملك وسعيد بن شرحبيل المصري, قالا ثنا ليث بن سعد المصري قال: ثنا أبو الزبير, عن جابر, قال: " كنا يوم الحديبية ألفا وأربع مئة, فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة, فبايعناه على أن لا نفرّ, ولم نبايعه على الموت, يعني النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

حدثنا ابن بشار وابن المثنى, قالا ثنا ابن أبي عديّ, عن سعيد, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب, أنه قيل له: " إن جابر بن عبد الله يقول: إن أصحاب الشجرة كانوا ألفا وخمس مئة, قال سعيد: نسي جابر هو قال لي كانوا ألفا وأربع مئة ".

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني محمد بن إسحاق, عن الأعمش, عن أبي سفيان, عن جابر قال: كنا أصحاب الحُديبية أربع عشرة مئة.

* ذكر من قال: كان عدتهم ألفا وخمس مئة وخمسة وعشرين:

حدثنا محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) قال: كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفا وخمس مئة وخمسة وعشرين.

حدثني بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: " الذين بايعوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تحت الشجرة, فجعلت لهم مغانم خيبر كانوا يومئذ خمس عشرة مئة, وبايعوا على أن لا يفرّوا عنه ".

* ذكر من قال: كانوا ألفا وثلاث مئة:

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا شعبة, عن عمرو بن مرّة, قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: " كانوا يوم الشجرة ألفا وثلاث مئة, وكانت أسلم يومئذ من المهاجرين ".

وقوله ( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: فعلم ربك يا محمد ما في قلوب المؤمنين من أصحابك إذ يبايعونك تحت الشجرة, من صدق النية, والوفاء بما يبايعونك عليه, والصبر معك ( فَأَنـزلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ) يقول: فأنـزل الطمأنينة, والثبات على ما هم عليه من دينهم وحُسن بصيرتهم بالحقّ الذي هداهم الله له.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنـزلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ) : أي الصبر والوقار.

وقوله ( وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) يقول: وعوّضهم في العاجل مما رجوا الظفر به من غنائم أهل مكة بقتالهم أهلها فتحا قريبا, وذلك فيما قيل: فتح خيبر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن ابن أبي ليلى ( وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) قال: خيبر.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) وهي خيبر.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله ( وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) قال: بلغني أنها خيبر.

المعاني :

يُبَايِعُونَكَ :       بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ بِالحُدَيْبِيَةِ السراج
السَّكِينَةَ :       الطُّمَانِينَةَ، وَالثَّبَاتَ السراج
فَتْحًا قَرِيبًا :       فَتْحَ خَيْبَرَ السراج
فتحا قريبا :       فتح خيبر عام سبع ٍ معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[18] ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ إذا استشعرت وتيقنت أن الله راضٍ عنك فلا يهمك بعدها من سخط عليك أو بارزك بالعداوة، فربك معك وهذا يكفي.
تفاعل
[18] ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ادعُ الله الآن أن يرضى عنك.
وقفة
[18] ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ فضلُ الصَّحابةِ وأهلِ بيعةِ الرِّضوانِ؛ فقد رضِي اللهُ عنهم وطَهَّرَ قلوبَهم، فمن سبَّهم أو لعنَهم فهو مكذِّبٌ للقرآنِ.
وقفة
[18] ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ تصبح الأماكن التي تجلَّى فيها الإيمان عظيمة، تستحق أن تُذكر، فكيف بالمؤمن ذاته.
وقفة
[18] ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ جزاء أهل بيعة الرضوان منه ما هو معجل، ومنه ما هو مدَّخر لهم في الآخرة.
عمل
[18] اكتب سيرة صحابي وأرسلها برسالة لتبين فضلهم ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾.
وقفة
[18] فضل الصحابة وأهل بيعة الرضوان؛ فقد رضي الله عنهم وطهر قلوبهم، فمن سبهم أو لعنهم فهو مكذب للقرآن.
وقفة
[18] ﴿إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ لا بركة في الآثار، وإلا فلم يجتمع لأثر ما اجتمع لهذه الشجرة: بيعة تحتها, وسكينة عليها, وثواب لأهلها, ونزول النبي، ومع هذا لا يعرف مكانها, فهذا من الآثار لا يعتني بها شرعًا.
وقفة
[18] ﴿إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ اجتماع تقرير المصير تحت شجرة! لا مكان للمظاهر في نفوس الكبار.
عمل
[18] ﴿إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ لا تهتم بالمظاهر، إن أعظم البيعات كانت مراسمها تُعقد تحت شجرة.
عمل
[18] ﴿إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ لا تشغَلُك الأماكنُ، أعظمُ مؤتمراتِ التَّاريخِ كانت تحت شجرةٍ.
وقفة
[18] ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ محبوك يهتمون بك، ينشغلون بهمك، لكنهم لا يراقبون قلبك على الدوام، وحده الله لا تغيب عنه ومضة حزن فيه.
وقفة
[18] ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ﴾ (مَا فِي) القلوب هو إناء الفضائل الربانية؛ فعلى قدر اﻹناء تنزل المواهب.
وقفة
[18] سلامة القلب مفتاحٌ لكثير من الهموم ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ﴾.
وقفة
[18] ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ﴾ لو علم الله في قلبك رضا وتسليمًا ويقينًا؛ لأفاض عليك من وابل سكينته ما يكفيك، ويفيض على من حولك.
وقفة
[18] ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ﴾ إذا رضي الله عما في قلبك، فكل عسير إلى يسر، وكل عدو سيهزم، وما ظاهره الشر سينقلب حتمًا -عاجلًا أو آجلًا- إلى خير.
وقفة
[18] السكينة سلعة نفيسة لا تُحَصِّلُها كنوز الدنيا؛ لأن ثمَنَها قَلْبِيٌّ لا يعلمه إلا مالكُ السكينة سبحانه، فمن حصَّلَ هذا الثمن فقد استحقَّها ﴿فعلِمَ ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم﴾.
وقفة
[18] إذا انتابك الخوف والقلق فطهر قلبك، واسأل الله أن ينزل عليه السكينة كما أنزلها على محمد ﷺ وأصحابه: ﴿فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم﴾.
وقفة
[18] ﴿فَعَلِمَ ما في قُلوبِهِم فَأَنزَلَ السَّكينَةَ عَلَيهِم وَأَثابَهُم فَتحًا قَريبًا﴾ على قدر ما فى قلبك تنل سكينة وفتحًا.
وقفة
[18] سلامة القلوب أعظم مفاتيح النصر، ورأس ذلك تحقيق التوحيد، وهذا مما يغفل عنه كثير من المقاتلين، فيُعنون بالقوة المادية دون الالتفات للقوة الإيمانية.
وقفة
[18] بقدر ما في قلوبنا من التوحيد وصدق التوكل تتفتح لنا أبواب الحياة.
وقفة
[18] أكثرُ النَّاسِ توفيقًا أصدقُهم نيَّةً.
وقفة
[18] فتحًا دون فتح، دعوة لتأمل الفتوحات التي تسبق الفتح اﻷعظم.
وقفة
[18] جاؤوا مجاهدين بالأنفس والأموال فوالله ما نفعهم ذلك حتى علم الله ما في قلوبهم.
وقفة
[18] تتشابه الأفعال، لكن الرحمات تتنزل على ما في القلوب.
وقفة
[18] سلامة القلب تفتح لك كنوز الدنيا والآخرة.
وقفة
[18] هنيئًا لجيل شهد الله على ما في قلوبهم -كفى بهذا تزكية-، ويكافئهم بإنزال السكينة والفتح القريب.
وقفة
[18] لن تنال الطمأنينة في أوقات الفتن حتى يعلم الله من قلبك الإيمان والصدق.
عمل
[18] تَفَقَّد قلبك قبل المضي في أعمالك، فلقد كان النصر والتوفيق جزاء للقلوب الصادقة.
وقفة
[18] تقترب منا الخيرات والبركات والفتوحات بقدر ما نغيب في قلوبنا من طيب النوايا.
تفاعل
[18] ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ قل: «اللهم أصلح لي قلبي».
عمل
[18] ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ اعتنِ بقلبك والله سيعتني بباقي جوارحك.
عمل
[18] ﴿فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريبا﴾ أصلح ما في قلبك يصلح الله لك أمورك.
عمل
[18] ﴿فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا﴾ أخلص ما في قلبك لله وسيأتيك الخير والنصر والتمكين منه سبحانه.
وقفة
[18] ﴿فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا﴾ مما يحقق الأمن والأمان وينصر علي الأعداء: صفاء القلوب وإزالة ما يسبب تنافرها.
وقفة
[18] سلامة القلب تفتح لك كنوز الدنيا والآخرة ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ وتاج ذلك رضى الله.
وقفة
[18] صدق النيَّة سبب لطمأنينة القلب وتفريج الكروب وتحقيق الغايات ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾.
وقفة
[18] الكثير يجلس تحت الشجرة، لكن العبرة بـ ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾.
وقفة
[18] إذا عَلِمَ الله ما في قلبك من الصدق والإيمان أنزل على قلبك السكينة وفتح لك أبواب الخير ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾.
وقفة
[18] صاحب القلب المخموم أكثر الناس سكينة وطمأنينة ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾.
وقفة
[18] يُجازي الله على النيَّة أكثر من العمل ﴿فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريباً﴾.
وقفة
[18] ما أعظم الصدق مع الله! تأمل: ﴿إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ [الأنفال: 70]، ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾، ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ [محمد: ٢١].
وقفة
[18] ﴿فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ﴾ الهدوء النفسي والإطمئنان الداخلي يهبه الله لمن التجأ إليه بصدق وتوكل عليه ورضي بقدره؛ فهذه هي الراحة.
وقفة
[18] ﴿وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ قال ابن جزي: «يعني: فتح خيبر، وقيل: فتح مكة، والأول أشهر، أي جعل الله ذلك ثوابا لهم على بيعة الرضوان، زيادة على ثواب الآخرة».
وقفة
[18] ﴿فَتْحًا قَرِيبًا﴾ إلى كل من أُغلقت بوجهه الأبواب، وحاصره القلق والشؤم، لا تيأس، ستُفرج قريبًا، والدروب المغلقة فتحها من الله قريب.
وقفة
[18، 19] صلاح القلب من أعظم أسباب التوفيق والنصر.
وقفة
[18، 19] عبادة القلب أعظم العبادات، وتجلب الطمأنينة والانتصار والغنى.
وقفة
[18، 19] إذا أردت أن تعرف قيمة عمل القلب ومنزلته عند الله، فتأمل هذه الآية: ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾، فماذا ترتب على صدقهم وإخلاصهم؟ ﴿فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا﴾، فما أحوجنا لتفقد قلوبنا!

الإعراب :

  • ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللهُ:
  • اللام للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. رضي: فعل ماض مبني على الفتح. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ:
  • جار ومجرور متعلق برضي وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ إِذْ يُبايِعُونَكَ:
  • حرف تعليل لا محل له من الاعراب أو ظرف لما مضى من الزمن مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» متعلق برضي.يبايعونك: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية فعلها ماض محلا لا لفظا في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ تَحْتَ الشَّجَرَةِ:
  • ظرف مكان متعلق بيبايعونك منصوب على الظرفية.الشجرة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أو متعلق بحال محذوفة التقدير: كائنين تحت الشجرة.
  • ﴿ فَعَلِمَ:
  • معطوفة بالفاء على رضي وتعرب اعرابها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو.
  • ﴿ ما فِي قُلُوبِهِمْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.في قلوب: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. أي ما فيها من الايمان والصدق.
  • ﴿ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ:
  • تعرب اعراب «فعلم».السكينة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة، على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بأنزل.
  • ﴿ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً:
  • تعرب اعراب «فعلم» و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. فتحا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.بمعنى وفعل لهم الله فتحا أي جزاهم أو وجعل ثوابهم فتحا. قريبا: صفة -نعت-لفتحا منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة.'

المتشابهات :

الفتح: 18﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا
الفتح: 27﴿فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد أن ذَمَّ اللهُ مَن تخَلَّف عن السَّفَرِ مع رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ مَدَحَ هنا المُؤمِنينَ الخُلَّصِ الَّذين سافَروا معَه، وبايعُوه بيعةَ الرضوانِ تحتَ شجرةِ سَمُرَة بالحديبيةِ، قال تعالى:
﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :الفتح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ ..

التفسير :

[19]ومغانم كثيرة يأخذونها من أموال يهود «خيبر». وكان الله عزيزاً في انتقامه من أعدائه، حكيماً في تدبير أمور خلقه.

{ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي:له العزة والقدرة، التي قهر بها الأشياء، فلو شاء لانتصر من الكفار في كل وقعة تكون بينهم وبين المؤمنين، ولكنه حكيم، يبتلي بعضهم ببعض، ويمتحن المؤمن بالكافر.

وقد أشار- سبحانه- بعد ذلك إلى تلك الغنائم فقال: وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها....

أى: وأثابكم مغانم كثيرة تأخذونها من خيبر. وَكانَ اللَّهُ- تعالى- وما زال عَزِيزاً أى: غالبا حَكِيماً في كل أفعاله وأحكامه.

( ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما )

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا موسى ، أخبرنا موسى - يعني ابن عبيدة - حدثني إياس بن سلمة ، عن أبيه ، قال : بينما نحن قائلون . إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيها الناس ، البيعة البيعة ، نزل روح القدس . قال : فثرنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه ، فذلك قول الله تعالى : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) [ قال ] : فبايع لعثمان بإحدى يديه على الأخرى ، فقال الناس : هنيئا لابن عفان ، طوف بالبيت ونحن هاهنا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو مكث كذا كذا سنة ما طاف حتى أطوف " .

وقوله ( وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ) يقول تعالى ذكره: وأثاب الله هؤلاء الذين بايعوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تحت الشجرة, مع ما أكرمهم به من رضاه عنهم, وإنـزاله السكينة عليهم, وإثابته إياهم فتحا قريبا, معه مغانم كثيرة يأخذونها من أموال يهود خيبر, فإن الله جعل ذلك خاصة لأهل بيعة الرضوان دون غيرهم.

وقوله ( وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) يقول: وكان الله ذا عزّة في انتقامه ممن انتقم من أعدائه, حكيما في تدبيره خلقه وتصريفه إياهم فيما شاء من قضائه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[19] ﴿وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا﴾ متى يفتح الله عليك أبواب رزقه وبركته عندما تغلق من نفسك أبواب معصيته فما عند الله لا ينال إلا بطاعته.

الإعراب :

  • ﴿ وَمَغانِمَ كَثِيرَةً:
  • معطوفة بالواو على فَتْحاً قَرِيباً» الواردة في الآية الكريمة السابقة بمعنى وغنائم كثيرة ولم تنون «مغانم» لأنها ممنوعة من الصرف على وزن-مفاعل-
  • ﴿ يَأْخُذُونَها:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب صفة ثانية لمغانم وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً:
  • أعربت في الآية الكريمة الرابعة.'

المتشابهات :

النساء: 56﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا
النساء: 158﴿بَل رَّفَعَهُ اللَّـهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
النساء: 165﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّـهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
الفتح: 7﴿وَلِلَّـهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا
الفتح: 19﴿وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ الفَتحَ -فتح خيبر-؛ ذكَرَ هنا بَعضَ ثَمَرتِه - مغانم كثيرة من أموال يهود خيبر-، قال تعالى:
﴿ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يأخذونها:
1- بالياء، على الغيبة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتاء، على الخطاب، وهى قراءة الأعمش، وطلحة، ورويض، عن يعقوب، ودلبة، عن يونس، عن ورش، وأبى دحية وسقلاب، عن نافع، والأنطاكى، عن أبى جعفر.

مدارسة الآية : [20] :الفتح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ..

التفسير :

[20] وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها في أوقاتها التي قدَّرها الله لكم فعجَّل لكم غنائم «خيبر»، وكفَّ أيدي الناس عنكم، فلم ينلكم سوء مما كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال، ومن أن ينالوا ممن تركتموهم وراءكم في «المدينة»، ولتكون هزيمتهم وسلامتكم وغن

{ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} وهذا يشمل كل غنيمة غنمها المسلمين إلى يوم القيامة،{ فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} أي:غنيمة خيبر أي:فلا تحسبوها وحدها، بل ثم شيء كثير من الغنائم سيتبعها،{ و} احمدوا الله إذ{ كف أَيْدِي النَّاسِ} القادرين على قتالكم، الحريصين عليه{ عَنْكُمْ} فهي نعمة، وتخفيف عنكم.

{ وَلِتَكُونَ} هذه الغنيمة{ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} يستدلون بها على خبر الله الصادق، ووعده الحق، وثوابه للمؤمنين، وأن الذي قدرها سيقدر غيرها،{ وَيَهْدِيَكُمْ} بما يقيض لكم من الأسباب{ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} من العلم والإيمان والعمل.

وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها ... أيها المؤمنون من أعدائكم في مستقبل أيامكم.

وقد صدق الله- تعالى- وعده معهم، فلقد غنموا بعد ذلك من بلاد فارس والروم وغيرهما.

والإشارة في قوله فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ تعود إلى مغانم خيبر، كما روى عن مجاهد- وعليه يكون المراد بالناس في قوله: وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ أهل خيبر وحلفاءهم من بنى أسد وغطفان حين جاءوا لنصرة يهود خيبر، فألقى الله الخوف في قلوبهم جميعا.

ويرى بعض المفسرين أن الإشارة في قوله: فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ إلى صلح الحديبية وقد روى ذلك عن ابن عباس.

وعليه يكون المراد بالناس في قوله: وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ مشركي قريش، أى: منعهم من حربكم، بأن قذف في قلوبهم الرعب منكم.

ويبدو لنا أن هذا الرأى الذي قاله ابن عباس- رضى الله عنهما- هو الأقرب إلى الصواب، لأنه يتسق مع سياق الآيات، ولأنه يؤكد أن صلح الحديبية كان فتحا ومغنما، كان فتحا بدليل قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم لمن شك في ذلك: «أى والذي نفسي بيده إنه لفتح»

وكان مغنما لأن المسلمين غنموا من ورائه انتشار الدعوة الإسلامية في آفاق الأرض.

واللام في قوله: وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ متعلقة بمحذوف، أى فعل ما فعل من التعجيل والكف لتكون تلك النعم والبشارات علامات للمؤمنين على رعاية الله- تعالى- لهم، ورضاه عنهم.

وَيَهْدِيَكُمْ أيها المؤمنون صِراطاً مُسْتَقِيماً أى: طريقا واضحا قويما، به تصلون إلى ما تبغونه من عزة وأمان.

قال مجاهد في قوله : ( وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها ) : هي جميع المغانم إلى اليوم ، ( فعجل لكم هذه ) يعني : فتح خيبر .

وروى العوفي عن ابن عباس : ( فعجل لكم هذه ) يعني : صلح الحديبية .

( وكف أيدي الناس عنكم ) أي : لم ينلكم سوء مما كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال . وكذلك كف أيدي الناس [ عنكم ] الذين خلفتموهم وراء أظهركم عن عيالكم وحريمكم ، ( ولتكون آية للمؤمنين ) أي : يعتبرون بذلك ، فإن الله حافظهم وناصرهم على سائر الأعداء ، مع قلة عددهم ، وليعلموا بصنيع الله هذا بهم أنه العليم بعواقب الأمور ، وأن الخيرة فيما يختاره لعباده المؤمنين وإن كرهوه في الظاهر ، كما قال : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) [ البقرة : 216 ] .

( ويهديكم صراطا مستقيما ) أي : بسبب انقيادكم لأمره واتباعكم طاعته ، وموافقتكم رسوله .

القول في تأويل قوله تعالى : وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20)

يقول تعالى ذكره لأهل بيعة الرضوان : ( وَعَدَكُمُ اللَّهُ ) أيها القوم ( مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ).

اختلف أهل التأويل في هذه المغانم التي ذكر الله أنه وعدها هؤلاء القوم أيّ المغانم هي؟, فقال بعضهم: هي كل مغنم غنمها الله المؤمنين به من أموال أهل الشرك من لدن أنـزل هذه الآية على لسان نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى ; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ) قال: المغانم الكثيرة التي وعدوا: ما يأخذونها إلى اليوم.

وعلى هذا التأويل يحتمل الكلام أن يكون مرادا بالمغانم الثانية المغانم الأولى, ويكون معناه عند ذلك, فأثابهم فتحا قريبا, ومغانم كثيرة يأخذونها, وعدكم الله أيها القوم هذه المغانم التي تأخذونها, وأنتم إليها واصلون عدة, فجعل لكم الفتح القريب من فتح خيبر. ويُحتمل أن تكون الثانية غير الأولى, وتكون الأولى من غنائم خيبر, والغنائم الثانية التي وعدهموها من غنائم سائر أهل الشرك سواهم.

وقال آخرون: هذه المغانم التي وعد الله هؤلاء القوم هي مغانم خيبر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا ) قال: يوم خيبر, قال: كان أبي يقول ذلك.

وقوله ( فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ) اختلف أهل التأويل في التي عجلت لهم, فقال جماعة: غنائم خيبر والمؤخرة سائر فتوح المسلمين بعد ذلك الوقت إلى قيام الساعة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثناء عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ) قال: عجل لكم خيبر.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ) وهي خيبر.

وقال آخرون: بل عنى بذلك الصلح الذي كان بين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبين قريش.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ) قال: الصلح.

وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب ما قاله مجاهد, وهو أن الذي أثابهم الله من مسيرهم ذلك مع الفتح القريب المغانم الكثيرة من مغانم خيبر, وذلك أن المسلمين لم يغنموا بعد الحديبية غنيمة, ولم يفتحوا فتحا أقرب من بيعتهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بالحديبية إليها من فتح خيبر وغنائمها.

وأما قوله ( وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً ) فهي سائر المغانم التي غنمهموها الله بعد خيبر, كغنائم هوازن, وغطفان, وفارس, والروم.

وإنما قلنا ذلك كذلك دون غنائم خيبر, لأن الله أخبر أنه عجل لهم هذه التي أثابهم من مسيرهم الذي ساروه مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى مكة, ولما علم من صحة نيتهم في قتال أهلها, إذ بايعوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, على أن لا يفرّوا عنه, ولا شكّ أن التي عجلت لهم غير التي لم تُعجَّل لهم.

وقوله ( وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ ) يقول تعالى ذكره لأهل بيعة الرضوان: وكفّ الله أيدي المشركين عنكم.

ثم اختلف أهل التأويل في الذين كفَّت أيديهم عنهم من هم؟ فقال بعضهم: هم اليهود كفّ الله أيديهم عن عيال الذين ساروا من المدينة مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى مكة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ ) : عن بيوتهم, وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا إلى الحديبية وإلى خيبر, وكانت خيبر في ذلك الوجه.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ ) قال: كف أيدي الناس عن عيالهم بالمدينة.

وقال آخرون: بل عني بذلك أيدي قريش إذ حبسهم الله عنهم, فلم يقدروا له على مكروه.

والذي قاله قتادة في ذلك عندي أشبه بتأويل الآية, وذلك أن كفّ الله أيدي المشركين من أهل مكة عن أهل الحُديبية قد ذكره الله بعد هذه الآية في قوله وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ فعلم بذلك أن الكفّ الذي ذكره الله تعالى في قوله ( وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ ) غير الكفّ الذي ذكر الله بعد هذه الآية في قوله وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ .

وقوله ( وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) يقول: وليكون كفه تعالى ذكره أيديهم عن عيالهم آية وعبرة للمؤمنين به فيعلموا أن الله هو المتولي حياطَتهم وكلاءتهم في مشهدهم ومغيبهم, ويتقوا الله في أنفسهم وأموالهم وأهليهم بالحفظ وحُسن الولاية ما كانوا مقيمين على طاعته, منتهين إلى أمره ونهيه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) يقول: وذلك آية للمؤمنين, كفّ أيدي الناس عن عيالهم (وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) يقول: ويسدّدكم أيها المؤمنون طريقا واضحا لا اعوجاج فيه, فيبينه لكم, وهو أن تثقوا في أموركم كلها بربكم, فتتوكلوا عليه في جميعها, ليحوطكم حياطته إياكم في مسيركم إلى مكة مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في أنفسكم وأهليكم وأموالكم, فقد رأيتم أثر فعل الله بكم, إذ وثقتم في مسيركم هذا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَعَدَكُمُ اللَّـهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا﴾ في هذا التدبير الذي دبره لكم من أنه لطيف يوصل إلى الأشياء العظيمة بأضداد أسبابها فيما يرى الناس؛ فلا يرتاع مؤمن لكثرة المخالفين وقوة المنابذين أبدًا؛ فإن سبب كون الله مع العبد هو الاتباع بالإحسان الذي عماده الرسوخ في الإيمان الذي علق الحكم به، فحيث ما وجد الـمُعَلَّق عليه وجد الـمُعَلَّق؛ وهو النصر بأسباب جلية أو خفية.
وقفة
[20] ﴿وَعَدَكُمُ اللَّـهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ﴾ في هذا وعد منه سبحانه لعباده المؤمنين بما سيفتحه عليهم من الغنائم إلى يوم القيامة؛ يأخذونها في أوقاتها التي قدر وقوعها فيها.
وقفة
[20] ﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ﴾ هنالك رزق قد يصلك من الله بسرعة لا تتخيلها، وما ذلك إلا رحمة منه ليطمئن نفسك بأن مفاتيح الخير بيده فاطلبها منه.
وقفة
[20] ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ﴾ وذلك أن النبي ﷺ لما قصد خيبر، وحاصر أهلها، همت قبائل من بني أسد وغطفان أن يغيروا على عيال المسلمين وذراريهم بالمدينة، فكف الله أيديهم بإلقاء الرعب في قلوبهم.
وقفة
[20] ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ﴾ القوي من كان بكنف الله وتحت حمايته، عندها لن يصل إليه أحد، ولن تنال منه أعظم قوة، فالعزيز يعز أهل طاعته.
وقفة
[20] ﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾ دروب الفضائل إن اخترتها ومشيت بها؛ فهذا ليس لفضل منك، بل هو بفضل الله عليك أن حماك من الطرق المنحرفة.
تفاعل
[20] ﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾ ادعُ الله الآن أن يهديك إلى الصراط المستقيم.
وقفة
[18-20] ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ إلى قوله: ﴿وَعَدَكُمُ اللَّـهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا﴾ دليل على أن الله قد يثيب المؤمن رزقًا في الدنيا على العمل الصالح، ولا يحط ذلك من درجة فضله، ويجعل ذلك من أطيب وجوهه، ألا ترى أن الغنائم أطيب وجوه الكسب، وأمطر الله على نبيه أيوب حين عافاه من بلائه جرادًا من ذهب لم تبتذله الأيدي.

الإعراب :

  • ﴿ وَعَدَكُمُ اللهُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. فعجل: معطوفة بالفاء على «وعد» وتعرب إعرابها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لكم: جار ومجرور متعلق بعجل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ هذِهِ وَكَفَّ:
  • اسم اشارة مبني على الكسر في محل نصب مفعول به أي مغانم خيبر. وكف: معطوفة بالواو على «عجل» وتعرب اعرابها بمعنى: ومنع.
  • ﴿ أَيْدِيَ النّاسِ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الناس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ عَنْكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بكف والميم علامة جمع الذكور. أي ومنع أيدي أهل خيبر أن تصيبكم بسوء.
  • ﴿ وَلِتَكُونَ آيَةً:
  • الواو اعتراضية والجملة بعدها: اعتراضية لا محل لها من الاعراب. اللام حرف جر للتعليل. تكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي. آية: خبر «تكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجملة «تكون آية» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب، «ان» المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بمضمر بمعنى ولتكون مغانم خيبر أو ولتكون الكفة آية أي دلالة على صدق الرسول الكريم فعل ذلك ويجوز أن يكون متعلقا بفعل مضمر معطوفا عليه بالواو بمعنى: وعدكم المغانم فعجل هذه الغنيمة وكف الأعداء عنكم لينفعكم بها ولتكون آية للمؤمنين فتكون الواو في وَلِتَكُونَ» على هذا التقدير عاطفة وليست اعتراضية.
  • ﴿ لِلْمُؤْمِنِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بتكون أو بصفة محذوفة من آية وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ وَيَهْدِيَكُمْ:
  • معطوفة بالواو على الفعل المضمر «ينفعكم» أو على «لتكون» والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة الجمع.
  • ﴿ صِراطاً مُسْتَقِيماً:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة والأصل الى صراط‍ فحذف حرف الجر وأوصل الفعل فتعدى اليه. مستقيما: صفة -نعت-لصراطا منصوبة مثلها بالفتحة.'

المتشابهات :

النساء: 68﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا
النساء: 175﴿فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا
الفتح: 2﴿وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا
الفتح: 20﴿وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     وبعدَ أنْ وعَدهم فيما سلَف بمغانمِ خَيْبَرَ؛ أردَف ذلك بِبَيانِ أنَّ ما آتاهم مِن الفتحِ والمَغانمِ ليس هو الثَّوابَ وحْدَه، قال تعالى:
﴿ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :الفتح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ ..

التفسير :

[21]وقد وعدكم الله غنيمة أخرى لم تقدروا عليها، الله سبحانه وتعالى قادر عليها، وهي تحت تدبيره وملكه، وقد وعدكموها، ولا بد مِن وقوع ما وعد به. وكان الله على كل شيء قديراً لا يُعجزه شيء.

{ وَأُخْرَى} أي:وعدكم أيضا غنيمة أخرى{ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} وقت هذا الخطاب،{ قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا} أي:هو قادر عليها، وتحت تدبيره وملكه، وقد وعدكموها، فلا بد من وقوع ما وعد به، لكمال اقتدار الله تعالى، ولهذا قال:{ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}

وقوله: وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها ... معطوف على هذِهِ.

أى: فعجل لكم هذه المغانم، وعجل لكم مغانم أخرى، لم تقدروا على الحصول عليها قبل ذلك لبعدها عن أن تنالها أيديكم. وقد أحاط الله بها لأنه- سبحانه- لا يعجزه شيء وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً.

وتختلف الأقوال في هذه المغانم الأخرى فمنهم من يرى أنها فتح مكة، ومنهم من يرى أنها فتح خيبر. ومنهم من يرى أنها مغانم هوازن وثقيف، ومنهم من يرى أنها مغانم المسلمين من الفرس والروم.

ويبدو لنا أن أرجح هذه الأقوال أولها، لأنه ترتب على هذا الصلح في الحديبية أن فتحت مكة بعد سنتين منه، بسبب نقض المشركين له، وقد تم فتحا بدون قتال يذكر، بعد أن حدث ما حدث بين المسلمين وبين مشركي مكة من قتال انتصر فيه المسلمون تارة كغزوة بدر، وانتصر فيه المشركون أخرى كغزوة أحد ...

فالمسلمون لم يقدروا على دخول مكة إلا في عام الفتح، وبعد أن أحاط الله- تعالى- بها بقدرته التي لا يغلبها شيء، وبعد أن استعصت على المسلمين زمنا طويلا، وقد سلمها- سبحانه- لهم بأقل أنواع القتال وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً.

والذي يتأمل في هذه الآيات الكريمة يرى الله- تعالى-، قد بشر المسلمين الذين شهدوا صلح الحديبية ببشارات متعددة.

بشرهم- أولا- برضاه عنهم- وهذه أسمى بشارة وأعلاها..

وبشرهم- ثانيا- بتفضله عليهم بمنحهم السكينة والطمأنينة التي تجعلهم في ثبات وأمان..

وبشرهم- ثالثا- بفتوحات وغنائم منها القريب العاجل، ومنها الآجل المتحقق، الذي يكاد لتحققه أن يشاهدوه بأعينهم لأن الله- تعالى- وعد به ووعده لا يتخلف.

وقوله : ( وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا ) أي : وغنيمة أخرى وفتحا آخر معينا لم تكونوا تقدرون عليها ، قد يسرها الله عليكم ، وأحاط بها لكم ، فإنه تعالى يرزق عباده المتقين له من حيث لا يحتسبون .

وقد اختلف المفسرون في هذه الغنيمة ، ما المراد بها ؟ فقال العوفي عن ابن عباس : هي خيبر . وهذا على قوله في قوله تعالى : ( فعجل لكم هذه ) إنها صلح الحديبية . وقاله الضحاك ، وابن إسحاق ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .

وقال قتادة : هي مكة . واختاره ابن جرير .

وقال ابن أبي ليلى ، والحسن البصري : هي فارس والروم .

وقال مجاهد : هي كل فتح وغنيمة إلى يوم القيامة .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة ، عن سماك الحنفي ، عن ابن عباس : ( وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها ) قال : هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم .

وقوله ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ) يقول تعالى ذكره ووعدكم أيها القوم ربكم فتح بلدة أخرى لم تقدروا على فتحها, قد أحاط الله بها لكم حتى يفتحها لكم.

واختلف أهل التأويل في هذه البلدة الأخرى, والقرية الأخرى التي وعدهم فتحها, التي أخبرهم أنه محيط بها, فقال بعضهم: هي أرض فارس والروم, وما يفتحه المسلمون من البلاد إلى قيام الساعة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الرحمن بن مهديّ, قال: ثنا شعبة, عن سِماك الحنفيّ, قال: سمعت ابن عباس يقول ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا ) فارس والروم.

قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن ابن أبي ليلى أنه قال في هذه الآية ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا ) قال: فارس والروم.

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي, قال: ثنا زيد بن حباب, قال: ثنا شعبة بن الحَجاج, عن الحكم, عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مثله.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ) قال: حدّث عن الحسن, قال: هي فارس والروم.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن. قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا ) ما فتحوا حتى اليوم.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن الحكم, عن عبد الرحمن بن أبي ليلى, في قوله ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا ) قال: فارس والروم.

وقال آخرون: بل هي خيبر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثنى أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا )... الآية, قال: هي خيبر.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان, قال: سمعت الضحاك, يقول في قوله ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ) يعني خيبر, بعثهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يومئذ, فقال: ولا تُمَثِّلُوا وَلا تَغُلُّوا, ولا تَقْتُلُوا وَلِيدًا.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ) قال: خيبر, قال: لم يكونوا يذكرونها ولا يرجونها حتى أخبرهم الله بها.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا ) يعني أهل خيبر. وقال آخرون: بل هي مكة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ) كنا نحدّث أنها مكة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا ) قال: بلغنا أنها مكة.

وهذا القول الذي قاله قتادة أشبه بما دلّ عليه ظاهر التنـزيل, وذلك أن الله أخبر هؤلاء الذين بايعوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تحت الشجرة, أنه محيط بقرية لم يقدروا عليها, ومعقولٌ أنه لا يقال لقوم لم يقدروا على هذه المدينة, إلا أن يكونوا قد راموها فتعذّرت عليهم, فأما وهم لم يروموها فتتعذّر عليهم فلا يقال: إنهم لم يقدروا عليها.

فإذ كان ذلك كذلك, وكان معلوما أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لم يقصد قبل نـزول هذه الآية عليه خيبر لحرب, ولا وجه إليها لقتال أهلها جيشا ولا سرية, علم أن المعنيَّ بقوله ( وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا ) غيرها, وأنها هي التي قد عالجها ورامها, فتعذّرت فكانت مكة وأهلها كذلك, وأخبر الله تعالى ذكره نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم والمؤمنين أنه أحاط بها وبأهلها, وأنه فاتحها عليهم, وكان الله على كلّ ما يشاء من الأشياء ذا قُدرة, لا يتعذّر عليه شيء شاءه.

المعاني :

أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا :       قَادِرٌ عَلَيْهَا قَدْ وَعَدَكُمْ بِهَا، وَسَيُنْجِزُ وَعْدَهُ السراج
أحاط الله بها :       أعدّها لكم أو حَفظها لكم معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[21] ﴿وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّـهُ بِهَا﴾ السواعد الصادقة إن قصرت قوتها عن ادراك الخير؛ فإن يد الله تعينهم وتساعدهم وتضع بيدهم.
وقفة
[21] ﴿وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّـهُ بِهَا﴾ أرجح الأقوال أنه فتح مكة؛ لأنه ترتب على نقض المشركين لصلح الحديبية، وتمَّ دون قتال يُذكر، وسلَّم الله مكة للمسلمين بأقل أنواع القتال، وهذا دليل قدرته سبحانه.
عمل
[21] ﴿وأُخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللهُ بها﴾‏ عطاءُ ربك ليس على قدر طاقتك وقدرتك، ‏إنَّهُ يعطيك شيئًا لم تكن لتقدر عليه ولا تتوقعه،‏ ثِق بالله.
عمل
[21] ﴿وأخرى لم تقدروا عليها﴾ لا تيأس عند عدم القدرة، يكفيك هذا الوعد: ﴿قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَأُخْرى:
  • الواو عاطفة. اخرى: معطوفة على «هذه» أي فجعل أو فعجل لكم هذه المغانم ومغانم أخرى أو على «وعدكم» أي ووعدكم غنيمة أو مغانم أخرى. ويجوز أن تكون منصوبة بفعل مضمر يفسره قد أحاط‍ الله بها تقديره: وقضى الله أخرى قد أحاط‍ بها وعلامة نصب الكلمة الفتحة المقدرة على الألف للتعذر أو تكون صفة للمفعول الموصوف فحذف الموصوف لدلالته وأقيمت الصفة مقامه
  • ﴿ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب صفة لأخرى وعلى هذا يجوز أن تكون «أخرى» مبتدأ مرفوعا بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.والجملة الفعلية قَدْ أَحاطَ‍ اللهُ بِها» في محل رفع خبره والواو استئنافية. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تقدروا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه:حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عليها:جار ومجرور متعلق بتقدروا. أي على أخذها فحذف المضاف وحل المضاف اليه محله.
  • ﴿ قَدْ أَحاطَ‍ اللهُ بِها:
  • حرف تحقيق. أحاط‍: فعل ماض مبني على الفتح.الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. بها: جار ومجرور متعلق بأحاط‍
  • ﴿ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ:
  • الواو عاطفة. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله: اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة. والجار والمجرور عَلى كُلِّ» متعلق بخبر «كان».
  • ﴿ شَيْءٍ قَدِيراً:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. قديرا:خبر «كان» منصوب بالفتحة.'

المتشابهات :

النساء: 85﴿وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا
الكهف: 45﴿فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا
الأحزاب: 27﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا
الأحزاب: 52﴿وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا
الفتح: 21﴿وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّـهُ بِهَا ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا بَشَّرَ اللهُ أهلَ الحديبية بأنه عجَّلَ لهم غنائم خيبر، وبَشَّرَ سائر المسلمين بمغانم كثيرة يأخذونها في أوقاتها التي قدَّرها الله؛ وعدَ هنا بغنيمة أخرى ليست لهم قدرة على تحصيلها لولا قدرة الله، قال تعالى:
﴿ وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :الفتح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا ..

التفسير :

[22]ولو قاتلكم كفار قريشﺑ«مكة» لانهزموا عنكم وولَّوكم ظهورهم، كما يفعل المنهزم في القتال، ثم لا يجدون لهم مِن دون الله وليّاً يواليهم على حربكم، ولا نصيراً يعينهم على قتالكم.

هذه بشارة من الله لعباده المؤمنين، بنصرهم على أعدائهم الكافرين، وأنهم لو قابلوهم وقاتلوهم{ لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا} يتولى أمرهم،{ وَلَا نَصِيرًا} ينصرهم ويعينهم على قتالكم، بل هم مخذولون مغلوبون.

ثم بشرهم- رابعا- بأنهم هم المنصورون لأن سنته قد اقتضت ذلك، فقال: وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ... وتولية الأدبار كناية عن الهزيمة، لأن المنهزم يعطى ظهره لمن انتصر عليه. أى: ولو قاتلكم الذين كفروا وأنتم على تلك الحالة من قوة الإيمان، وصدق العهد، وإخلاص النية، وحسن الاستعداد، ومباشرة الأسباب.. لولوا الأدبار أمامكم ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا يعينهم وَلا نَصِيراً لنصرهم.

وقوله : ( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ) يقول تعالى مبشرا لعباده المؤمنين : بأنه لو ناجزهم المشركون لنصر الله رسوله وعباده المؤمنين عليهم ، ولانهزم جيش الكفار فارا مدبرا لا يجدون وليا ولا نصيرا ; لأنهم محاربون لله ولرسوله ولحزبه المؤمنين .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (22)

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أهل بيعة الرضوان: ( وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) بالله أيها المؤمنون بمكة ( لَوَلَّوُا الأدْبَارَ ) يقول: لانهزموا عنكم, فولوكم أعجازهم, وكذلك يفعل المنهزم من قرنه في الحرب ( ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ) يقول: ثم لا يجد هؤلاء الكفار المنهزمون عنكم, المولوكم الأدبار, وليا يواليهم على حربكم, ولا نصيرا ينصرهم عليكم, لأن الله تعالى ذكره معكم, ولن يغلب حزب الله ناصره.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة قوله ( وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأدْبَارَ ) يعني كفار قريش, قال الله ( ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا ) ينصرهم من الله.

المعاني :

لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ :       لَانْهَزَمُوا، وَوَلَّوْكُمْ ظُهُورَهُمْ السراج

التدبر :

وقفة
[22] ﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ لن تتخلَّف سنته عنَّا أو تتبدل، لكن نحن الذي بدَّلنا!
وقفة
[22] دفع الضرر عن الشخص إما أن يكون بولي ينفع باللطف، أو بنصير يدفع بالعنف، وليس للذين كفروا شيء من هذا ولا ذاك.
وقفة
[22] ويكأن الله يخبرنا أن الولاية والنصر إنما هى للمؤمنين فقط
وقفة
[22] ﴿ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ كن قريبًا من الله، فالضعيف هو من لم يتولاه الله، والمخذول هو الذي لم ينصره الله لبعده وصده عنه.
وقفة
[22، 23] غلبة الحق وأهله على الباطل وأهله سُنَّة إلهية.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ قاتَلَكُمُ:
  • الواو: استئنافية. لو: حرف شرط‍ غير جازم. قاتل:فعل ماض مبني على الفتح. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. كفروا:فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة: صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.اللام واقعة في جواب «لو» ولوا: تعبر اعراب «كفروا» الأدبار: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي لا نهزموا.
  • ﴿ ثُمَّ لا يَجِدُونَ:
  • حرف عطف للتراخي. لا: نافية لا عمل لها. يجدون:فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الواو عاطفة.لا: زائدة لتأكيد النفي. نصيرا: معطوفة على «وليا» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. بمعنى معينا ولا نصيرا.'

المتشابهات :

الأحزاب: 65﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا
الفتح: 22﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا قَدَّمَ اللهُ أنَّه كَفَّ أيديَ النَّاسِ عنهم؛ ذَكَرَ هنا حُكْمَهم لو وقَعَ قِتالٌ، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :الفتح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ ..

التفسير :

[23] سنة الله التي سنَّها في خلقه من قبل بنصر جنده وهزيمة أعدائه، ولن تجد -أيها النبي- لسنة الله تغييراً.

وهذه سنة الله في الأمم السابقة، أن جند الله هم الغالبون،{ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}

وقوله سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ.. زيادة في تثبيتهم وفي إدخال السرور على قلوبهم.. ولفظ سُنَّةَ منصوب على المصدرية بفعل محذوف. أى: سن الله انتصار أهل الحق على أهل الباطل سنة قديمة وممتدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وَلَنْ تَجِدَ أيها العاقل- لِسُنَّةِ اللَّهِ- تعالى- تَبْدِيلًا أو تغييرا أو تحويلا.

وفي هذا المعنى وردت آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ .

ثم قال : ( سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) أي : هذه سنة الله وعادته في خلقه ، ما تقابل الكفر والإيمان في موطن فيصل إلى نصر الله الإيمان على الكفر ، فرفع الحق ووضع الباطل ، كما فعل تعالى يوم بدر بأوليائه المؤمنين نصرهم على أعدائه من المشركين ، مع قلة عدد المسلمين وعددهم ، وكثرة المشركين وعددهم .

وقوله ( سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ ) يقول تعالى ذكره: لو قاتلكم هؤلاء الكفار من قريش, لخذلهم الله حتى يهزمهم عنكم خذلانه أمثالهم من أهل الكفر به, الذين قاتلوا أولياءه من الأمم الذين مضوا قبلهم. وأخرج قوله ( سُنَّةَ اللَّهِ ) نصبا من غير لفظه, وذلك أن في قوله ( لَوَلَّوُا الأدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ) معنى سننت فيهم الهزيمة والخذلان, فلذلك قيل: ( سُنَّةَ اللَّهِ ) مصدرا من معنى الكلام لا من لفظه, وقد يجوز أن تكون تفسيرا لما قبلها من الكلام.

وقوله ( وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ولن تجد يا محمد لسنة الله التي سنها في خلقه تغييرا, بل ذلك دائم للإحسان جزاءه من الإحسان, وللإساءة والكفر العقاب والنكال.

المعاني :

سُنَّةَ اللَّهِ :       طَرِيقَتَهُ بِنَصْرِ جُنْدِهِ، وَهَزِيمَةِ أَعْدَائِهِ السراج

التدبر :

وقفة
[23] ﴿سُنَّةَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ﴾ ولما وصف تلك السنة بأنها راسخة فيما مضى، أعقب ذلك بوصفها بالتحقق في المستقبل تعميمًا للأزمنة بقوله: ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا﴾؛ لأن اطراد ذلك النصر في مختلف الأمم والعصور، وإخبارَ الله تعالى به على لسان رسله وأنبيائه، يدل على أن الله أراد تأييد أحزابه، فيعلم أنه لا يستطيع كائن أن يحول دون إرادة الله تعالى.
وقفة
[23] ﴿سُنَّةَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا﴾ كمال النصر بحسب الأخذ بالأسباب المادية، والأسباب الإيمانية؛ ولذلك كان هذا الوعد غالبًا لرسول الله ومن معه، فكان النصر تامًّا كما كان يوم بدر، ويكون سجالًا كما في غزوة أحد، ويكون لمن بعد رسول الله ﷺ من جيوش المسلمين على حسب تمسكهم بوصايا الرسول.
وقفة
[23] ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا﴾ مهما طال الزمان أو قصر فإن سنة الله ماضية في أن العز والرفعة والتمكين والنصر لمن اتبع منهج الله.
وقفة
[23] ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا﴾ التبديل: تغيير الشيء عما كان عليه من قبل، وسنة الله لن تتبدل في المجرمين الذين انتهكوا حرمات الله في الأرض، ﴿ولن تجد لسنة الله تحويلا﴾ [فاطر: 43]، التحويل: نقل الشيء من مكان لآخر وتغيير موضعه، وعذاب الله لن يتحول عن الظالمين المجرمين.

الإعراب :

  • ﴿ سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً
  • هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثانية والستين من سورة «الأحزاب» التي: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة-نعت-لسنة.قد: حرف تحقيق. خلت: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بتاء التأنيث الساكنة. والتاء لا محل لها من الاعراب والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي. و سُنَّةَ اللهِ» في موضع المصدر المؤكد أي سن الله غلبة أنبيائه سنة بمعنى عادة الله التي قد مضت من قبل في كل الأمم وجملة قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

الفتح: 23﴿ سُنَّةَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا
الأحزاب: 38﴿مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنۡ حَرَجٖ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ اللَّـهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا
الأحزاب: 62﴿ سُنَّةَ اللَّـهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد ما بَشَّرَ اللهُ به المؤمنين؛ زاد هنا في تثبيتهم وفي إدخال السرور على قلوبهم، فذكرَ هنا أن سنته في خلقه، هي: نصر جنده وهزيمة أعدائه، قال تعالى:
﴿ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف