54710111213141516

الإحصائيات

سورة الحشر
ترتيب المصحف59ترتيب النزول101
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات3.50
عدد الآيات24عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.20
ترتيب الطول48تبدأ في الجزء28
تنتهي في الجزء28عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 9/14_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (10) الى الآية رقم (12) عدد الآيات (3)

بعدَ الثَّناءِ على المهاجرينَ والأنصارِ ذَكَرَ اللهُ هنا التَّابعينَ لهم بإحسانٍ، ثُمَّ بَيَّنَ ما قالَه المنافقونَ لليهودِ، وخذلانَ المنافقينَ من يحالفونَهم وقتَ الأزمةِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (13) الى الآية رقم (16) عدد الآيات (4)

جُبْنُ اليهودِ وخوفُهم من مواجهةِ المؤمنينَ، ثُمَّ تشبيهُ المنافقينَ الذينَ تحالفُوا معَ اليهودِ ضِدَّ المسلمينَ بالشَّيطانِ الذي يُغرِي الإنسانَ بالكفرِ ثُمَّ يتَخَلَّى عنه، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الحشر

غزوة بني النضير وبيان قدرة الله على إعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين/ مواقف مختلفة من الإنتماء لدين الله

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • تتحدث السورة عن:: غزوة بني النضير، وحادثة إجلائهم عن المدينة، وحكم الفيء، وبيان فضل المهاجرين والأنصار وفضح المنافقين، وبيان عظمة القرآن، وذكر بعض أسماء الله الحسنى.
  • • لماذا أجلاهم؟: لأن يهود الأمس هم يهود اليوم والغد، أجلاهم النبي ﷺ بعد إخلالهم بالعهد، وتآمرهم على قتل رسول الله ﷺ، لتقول لنا السورة: اليهود هم اليهود، لا عهد لهم، فاحذروا.
  • • مدح أصحاب رسول الله:: : نوّهت السورة بفضائل المهاجرين والأنصار: ﴿لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ...﴾ (8-10).
  • • ذم المنافقين:: ذمت السورة المنافقين الأشرار الذين تحالفوا مع اليهود ضد المسلمين، ووعدوهم بالمساعدة، لكنهم لم يعاونوهم حقيقية، لأنهم كعادتهم لا يوفون بالعهود ويقولون ما لا يفعلون، ومثلتهم بالشيطان الذي يغري الإنسان بالكفر: ﴿أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ ...﴾ (11-17).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الحشر».
  • • معنى الاسم :: ‏الحشر: الجمع مع السَّوْق، والحشر: جمع الناس يوم القيامة، وهنا: حشر ‏اليهود ‏وجمعهم ‏خارج ‏المدينة.
  • • سبب التسمية :: لِوُقُوعِ لفظ الْحَشْرِ في الآية (2).
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: «سُورَةُ بَنِي النَّضِيرِ»؛ لِأَنَّ قِصَّةَ بَنِي النَّضِيرِ ذُكِرَتْ فِيهَا.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: قدرة الله على إعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين.
  • • علمتني السورة :: كم من همومٍ وآلامٍ كنَّا نَظُنُّ أنَّها استوطَنت فينا، أزالَها اللهُ رغمَ ظُنونِنا: ﴿مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّـهِ فَأَتَاهُمُ اللَّـهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾
  • • علمتني السورة :: أن من سنن الله تعالى: وقوع العذاب الشديد على من حارب الله ورسوله: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ ۖ وَمَن يُشَاقِّ اللَّـهَ فَإِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾
  • • علمتني السورة :: أن فِعلَ ما يُظنُّ أنَّه مفسدة لتحقيق مصلحة عظمى لا يدخل في باب الفساد في الأرض: ﴿مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّـهِ﴾

مدارسة الآية : [10] :الحشر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ ..

التفسير :

[10] والذين جاؤوا من المؤمنين من بعد الأنصار والمهاجرين الأولين يقولون:ربنا اغفر لنا ذنوبنا، واغفر لإخواننا في الدين الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا حسداً وحقداً لأحد من أهل الإيمان، ربنا إنك ترحم عبادك رحمة واسعة في عاجلهم وآجلهم.وفي الآية دلا

وحسب من بعدهم من الفضل أن يسير خلفهم، ويأتم بهداهم، ولهذا ذكر الله من اللاحقين، من هو مؤتم بهم وسائر خلفهم فقال:{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} أي:من بعد المهاجرين والأنصار{ يَقُولُونَ} على وجه النصح لأنفسهم ولسائر المؤمنين:{ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}

وهذا دعاء شامل لجميع المؤمنين، السابقين من الصحابة، ومن قبلهم ومن بعدهم، وهذا من فضائل الإيمان أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو بعضهم لبعض، بسبب المشاركة في الإيمان المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنينالتي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض، وأن يحب بعضهم بعضا.

ولهذا ذكر الله في الدعاء نفي الغل عن القلب، الشامل لقليل الغل وكثيرهالذي إذا انتفى ثبت ضده، وهو المحبة بين المؤمنين والموالاة والنصح، ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين.

فوصف الله من بعد الصحابة بالإيمان، لأن قولهم:{ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} دليل على المشاركة في الإيمانوأنهم تابعون للصحابة في عقائد الإيمان وأصوله، وهم أهل السنة والجماعة، الذين لا يصدق هذا الوصف التام إلا عليهم، ووصفهم بالإقرار بالذنوب والاستغفار منها، واستغفار بعضهم لبعض، واجتهادهم في إزالة الغل والحقد عن قلوبهم لإخوانهم المؤمنين، لأن دعاءهم بذلك مستلزم لما ذكرنا، ومتضمن لمحبة بعضهم بعضا، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه وأن ينصح له حاضرا وغائبا، حيا وميتا، ودلت الآية الكريمة [على] أن هذا من جملة حقوق المؤمنين بعضهم لبعض، ثم ختموا دعاءهم باسمين كريمين، دالين على كمال رحمة الله وشدة رأفته وإحسانه بهم، الذي من جملته، بل من أجله، توفيقهم للقيام بحقوق الله وحقوق عباده.

فهؤلاء الأصناف الثلاثة هم أصناف هذه الأمة، وهم المستحقون للفيء الذي مصرفه راجع إلى مصالح الإسلام.

وهؤلاء أهله الذين هم أهله، جعلنا الله منهم، بمنه وكرمه.

ثم مدح- سبحانه- كل من سار على نهج المهاجرين والأنصار في قوة الإيمان، وفي طهارة القلب، وسماحة النفس فقال- تعالى-: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا....

قال الآلوسى: قوله: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ ... عطف عند الأكثرين أيضا على المهاجرين، والمراد بهؤلاء: قيل: الذين هاجروا حين قوى الإسلام، فالمجىء حسى، وهو مجيئهم إلى المدينة، وضمير من بعدهم، للمهاجرين الأولين.

وقيل هم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة، فالمجىء إما إلى الوجود أو إلى الإيمان وضمير مِنْ بَعْدِهِمْ للفريقين: المهاجرين والأنصار.

وهذا هو الذي يدل عليه كلام عمر- رضى الله عنه- وكلام كثير من السلف كالصريح فيه، فالآية قد استوعبت جميع المؤمنين.. .

ويبدو لنا أن هذا الرأى الثاني، وهو كون الذين جاءوا من بعدهم يشمل المؤمنين الصادقين جميعا، أقرب إلى الصواب، لأنهم هم التابعون بإحسان للمهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة، كما قال- تعالى-: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ... .

وعليه يكون المعنى: والذين جاءوا من بعد المهاجرين والأنصار، واتبعوهم بإحسان إلى يوم القيامة يَقُولُونَ على سبيل الدعاء لأنفسهم ولإخوانهم في العقيدة، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا

أى: يا ربنا اغفر لنا ذنوبنا، واغفر، لإخواننا في الدين الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ فهم أسبق منا إلى الخير والفضل.. وَلا تَجْعَلْ يا ربنا فِي قُلُوبِنا غِلًّا أى: حسدا وحقدا لِلَّذِينَ آمَنُوا أى: يا ربنا لا تجعل في قلوبنا أى غل أو حسد لإخواننا المؤمنين جميعا.

رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ أى: يا ربنا إنك شديد الرأفة بعبادك واسع الرحمة بهم.

وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة، أن من حق الصحابة- رضى الله عنهم- على من جاءوا بعدهم، أن يدعوا لهم، وأن ينزلوهم في قلوبهم منزلة الاحترام والتبجيل والتكريم..

ورحم الله الإمام القرطبي فقد أفاض في بيان هذا المعنى، فقال ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ ... يعنى التابعين، ومن دخل في الإسلام إلى يوم القيامة.

قال ابن أبى ليلى: الناس على ثلاثة منازل: المهاجرون، والذين تبوأوا الدار والإيمان، والذين جاءوا من بعدهم، فاجتهد ألا تخرج من هذه المنازل.

وهذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة..

وقال الإمام الرازي: واعلم أن هذه الآيات قد استوعبت جميع المؤمنين لأنهم إما المهاجرون، أو الأنصار، أو الذين جاءوا من بعدهم، وبين أن من شأن من جاء من بعد المهاجرين والأنصار، أن يذكر السابقين، وهم المهاجرون والأنصار بالدعاء والرحمة، فمن لم يكن كذلك، بل ذكرهم بسوء كان خارجا من جملة أقسام المؤمنين، بحسب نص هذه الآية.. .

وبعد أن رسمت السورة الكريمة، تلك الصورة الوضيئة للمهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.. بعد كل ذلك أخذت في رسم صورة أخرى، متباينة تمام المباينة مع صورة هؤلاء الصادقين، ألا وهي صورة المنافقين، الذين انضموا إلى كل مناوئ للدعوة الإسلامية، فقال- تعالى-:

وقوله : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ) هؤلاء هم القسم الثالث ممن يستحق فقراؤهم من مال الفيء ، وهم المهاجرون ثم الأنصار ، ثم التابعون بإحسان ، كما قال في آية " براءة " : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ) [ التوبة : 100 ] فالتابعون لهم بإحسان هم : المتبعون لآثارهم الحسنة وأوصافهم الجميلة ، الداعون لهم في السر والعلانية ; ولهذا قال في هذه الآية الكريمة : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ) أي : قائلين : ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا ) أي : بغضا وحسدا ( للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ) وما أحسن ما استنبط الإمام مالك من هذه الآية الكريمة : أن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له في مال الفيء نصيب لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء في قولهم : ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ) .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : أمروا أن يستغفروا لهم ، فسبوهم ! ثم قرأت هذه الآية : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) الآية .

وقال إسماعيل بن علية ، عن عبد الملك بن عمير ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : أمرتم بالاستغفار لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فسببتموهم . سمعت نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا تذهب هذه الأمة حتى يلعن آخرها أولها " . رواه البغوي . .

وقال أبو داود : حدثنا مسدد ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا أيوب ، عن الزهري قال : قال عمر رضي الله عنه : ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) قال الزهري : قال عمر : هذه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، قرى عربية : فدك وكذا وكذا ، فما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وللفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ، ( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ) ( والذين جاءوا من بعدهم ) فاستوعبت هذه الآية الناس ، فلم يبق أحد من المسلمين إلا له فيها حق - قال أيوب : أو قال : حظ - إلا بعض من تملكون من أرقائكم . كذا رواه أبو داود ، وفيه انقطاع .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن أيوب ، عن عكرمة بن خالد ، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : قرأ عمر بن الخطاب : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) حتى بلغ ( عليم حكيم ) [ التوبة : 60 ] ، ثم قال هذه لهؤلاء ، ثم قرأ : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين ) [ الأنفال : 41 ] ، ثم قال : هذه لهؤلاء ، ثم قرأ : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ) حتى بلغ للفقراء ( والذين تبوءوا الدار والإيمان ) ( والذين جاءوا من بعدهم ) ثم قال : استوعبت هذه الآية المسلمين عامة وليس أحد إلا له فيها حق ، ثم قال : لئن عشت ليأتين الراعي - وهو بسرو حمير - نصيبه فيها ، لم يعرق فيها جبينه .

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)

يقول تعالى ذكره: والذين جاءوا من بعد الذين تبوّءوا الدار والإيمان من قبل المهاجرين الأوّلين ( يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ ) من الأنصار. وعنى بالذين جاءا من بعدهم المهاجرون أنهم يستغفرون لإخوانهم من الأنصار.

وقوله: ( وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا ) يعني غمرا وضغنا.

وقيل: عني بالذين جاءوا من بعدهم: الذين أسلموا من بعد الذين تبوّءوا الدار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ) قال: الذين أسلموا نعتوا أيضًا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثم ذكر الله الطائفة الثالثة، فقال: ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا ) حتى بلغ ( إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) إنما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ولم يؤمروا بسبهم.

وذكر لنا أن غلامًا لحاطب بن أَبي بلتعة جاء نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: يا نبيّ الله ليدخلن حاطب في حيّ النار، قال: " كذبت إنه شهد بدرًا والحُديبية " وذُكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أغلظ لرجل من أهل بدر، فقال نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " وَمَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ لَعَلَّه قَدْ شَهِدَ مَشْهَدًا اطَّلَعَ اللهُ فِيهِ إلَى أَهْلِهِ، فأشْهَدَ مَلائِكَتَهُ إني قَدْ رَضِيتُ عَنْ عِبَادِي هَؤُلاءِ، فَلْيَعْمَلُوا ما شَاءُوا " فما زال بعضُنا منقبضا من أهل بدر، هائبًا لهم، وكان عمر رضي الله عنه يقول: وإلى أهل بدر تهالك المتهالكون، وهذا الحيّ من الأنصار، أحسن الله عليهم الثناء.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله: ( وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا ) قال: لا تورث قلوبنا غلا لأحد من أهل دينك.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، عن ابن أَبي ليلى، قال: كان الناس على ثلاث منازل: المهاجرون الأوَّلون: ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) وأحسن ما يكون أن يكون بهذه المنـزلة.

وقوله: ( لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) يقول جلّ ثناؤه مخبرًا عن قيل الذين جاءوا من بعد الذين تبوّءوا الدار والإيمان أنهم قالوا: لا تجعل في قلوبنا غلا لأحد من أهل الإيمان بك يا ربنا.

قوله: ( إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) يقول: إنك ذو رأفة بخلقك، وذو رحمة بمن تاب واستغفر من ذنوبه.

المعاني :

غِلًّا :       حَسَدًا، وَحِقْدًا السراج
غِلاّ :       حِقـدًا و بُـغـضـا و غِـشّـا معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[10] ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ﴾ قيل: يعني من جاء بعد الصحابة؛ وهم التابعون ومن تبعهم إلى يوم القيامة، وعلى هذا حملها مالك فقال: «إن من قال في أحد الصحابة قول سوء فلا حظ له في الغنيمة والفيء؛ لأن الله وصف الذين جاؤوا بعد الصحابة بأنهم: ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾، فمن قال ضدّ ذلك فقد خرج عن الذين وصفهم الله».
وقفة
[10] ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ وهذا من فضائل الإيمان: أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض، ويدعو بعضهم لبعض؛ بسبب المشاركة في الإيمان المقتضي لعقد الأخوة بين المؤمنين، التي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض.
وقفة
[10] ﴿والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان﴾ ما أجمل دعاء السابق للاحق، واللاحق للسابق!
وقفة
[10] ﴿والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان﴾ ما أوثقها من أواصر تربط أولَ هذه الأمة بآخرها، وآخرَها بأوَّلها، تتخطى الزمان والمكان والجنس والنسب، فيدعو المؤمنُ لأخيه المؤمن بعد قرون متطاولة!
وقفة
[10] ويلٌ لمن سب الصحابة، فليس له نصيب من قوله: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾.
وقفة
[10] ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا﴾ فيه الحث على الدعاء والترضي عن الصحابة، وتصفية القلوب من بغض أحد منهم.
عمل
[10] لئن فاتكَ أيها المسلمُ أن تكون من المهاجرين والأولين، أو من الأنصار المحسنين؛ لا تحرم نفسك من سؤال الله تعالى أن يشملكَ وإياهم بمغفرته ورضوانه.
وقفة
[10] سبحان الله! أخوة الإيمان تبقى حتى بعد الوفاة، فتذكر أموات المسلمين بالخير، فتترحم عليهم، وترجو لمحسنهم، وتدعو لمسيئهم أن يشمله الله بعفوه، ومن تدبر القرآن وجده يهدي إلى هذه المحبة.
وقفة
[10] من عظمة منهج أهل السنة في حبهم لجميع الصحابة رضي الله عنهم أنهم ليس في قلوبهم غِلٌ على أحد منهم؛ لأن الله أنزل في كتابه: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا﴾، مع ما سبق في علمه سبحانه أن يقع بينهم ما يقع، فسلِمت قلوب أهل السنة من ذلك، ومَرِضت قلوبُ آخرين.
عمل
[10] من الواجبات: الدعاء للمؤمنين الذين سبقوك بالإيمان؛ فهل تذكرت أن تدعو لوالديك اليوم؟
وقفة
[10] من أخلاق أهل الإيمان: سلامة صدورهم وتوقيرهم لأسلافهم من إخوانهم المؤمنين؛ استشعارًا منهم لوَحدة الدين والعقيدة.
وقفة
[10] ﴿يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا﴾ إن الوفاء لمن أقوى الدلائل وأوضح البراهين على طيب الأصل وشرف العنصر.
وقفة
[10] قال تعالى:‏ ﴿يَقولونَ رَبَّنَا اغفِر لَنا وَلِإِخوانِنَا﴾ إن مرَّ بك طيف اﻷحبَّة من الأموات أو الأحياء وشعرت بالتقصير في حقهم؛ فتذكَّر نعمة الدعاء لهم.
وقفة
[10] في قوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ إشارة إلى أنه يحسن بالداعي إذا أراد أن يدعو لنفسه ولغيره أن يبدأ بنفسه، ثم يثني بغيره، ولهذا الدعاء نظائر كثيرة في الكتاب والسنَّة.
وقفة
[10] ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا﴾ قال سعيد بن بريد النِّباجي: «ينبغي أن تكون بدعاء إخواننا أوثق منا بأعمالنا، نخاف في أعمالنا التقصير، ونرجو أن نكون في دعائهم لنا مخلصين».
وقفة
[10] ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا﴾ سئل الإمام أبو حنيفة: «من أي الأصناف أنت؟»، فقال: «من لا يسب السلف، ويؤمن بالقدر، ولا يكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب».
وقفة
[10] ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا﴾ قال رجل لأويس القرني صلنا يا أوبس بالزيارة، فقال له: «قد وصلتك بما هو خير من الزيارة واللقاء، وهو الدعاء بظهر الغيب: إن الزيارة واللقاء يقطعان، والدعاء يبقى ثوابه».
وقفة
[10] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا﴾ رابطة الإيمان لا تتأثر بتطاول الزمان وتغير المكان.
وقفة
[10] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ وحينما تدعو الله فلا تنسَ إخوانك، فالدعاء في الغيب أسرع إجابةً.
وقفة
[10] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ المؤمن قلبه يحتوي كل مؤمن وإن لم يرَه، الدعاء لغة القلوب الطاهرة.
وقفة
[10] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ يمر بي طيف الأحبة والأصدقاء والتقصير في حقهم أشعر بالندم، أتذكر نعمة الله بتيسير الدعاء لهم، رب اغفر لهم.
وقفة
[10] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ لا يعرِفون وجوهَهم، ولا أسماءَهم، ولا متى وأين وفي أيّ زمنٍ وُلِدُوا، ويدعُون لهم، ويسمُّونَهم إخواننَا.
وقفة
[10] ليس لأحد أن يتبع زلات العلماء، كما ليس له أن يتكلم في أهل العلم والإيمان إلا بما هم له أهل؛ فإن الله تعالى عفا للمؤمنين عما أخطؤوا كما قال تعالى: ﴿ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾ [البقرة: 286]، وأمرنا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا، ولا نتبع من دونه أولياء، وأمرنا أن لا نطيع مخلوقًا في معصية الخالق، ونستغفر لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، فنقول: ﴿ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان﴾.
عمل
[10] حينما تدعو لا تنسَ إخوانك المؤمنين ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾؛ المؤمن قلبه يحتوي كل مؤمن، وإن لم يرَه، غفر الله لي ولكم.
تفاعل
[10] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ ادع الآن بهذا الدعاء.
تفاعل
[10] ﴿وَلإِخْوَانِنَا﴾ لا تنسَ إخوانَك، ادعُ لهم بِظَهْرِ الْغَيْبِ.
وقفة
[10] حين قرأت ﴿الذين سبقونا بالإيمان﴾ تذكرت مؤمن آل ياسين وماشطة ابنة فرعون وأصحاب الأخدود وسحرة فرعون ومؤمن آل فرعون، ما أجمل الإيمان الذي يجمع القلوب وإن بعدت الأزمان!
وقفة
[10] ﴿سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ من توفيق الله لهم أنهم جعلوا مجرد سبقهم زمنًا بالإيمان موجبًا لحق الدعاء لهم.
وقفة
[10] ﴿ولا تجعل في قلوبنا غلا﴾ نفوس تعطي وتمنح، قلوبها تعلقت بالآخرة؛ فطهرت وزكت نفوسها، فأحبت بصدق، فذاقت النعيم وراحة البال.
وقفة
[10] ﴿ولا تجعل في قلوبنا غلا﴾ هنيئًا لقلوب تصبح وتمسي لا تحمل حقدًا على أحد، ما أسعدها! فهي تعيش بصفة من صفات أهل الجنة.
وقفة
[10] من صفات المؤمنين: سلامة قلوبهم وحبهم لإخوانهم المؤمنين، وسؤالهم الله الإعانة على هذه الخَصلة الشريفة ﴿ولا تجعل في قلوبنا غلاً﴾.
وقفة
[10] ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا﴾ ذكر الله في هذا الدعاء نفي الغل عن القلب الشامل لقليل الغل وكثيره، الذي إذا انتفى ثبت ضده، وهو المحبة بين المؤمنين والموالاة والنصح، ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين.
وقفة
[10] إن الخصومات إذا غارت جذورها، وتفرعت أشواكها، شَلَّت زهرات الإيمان الغض، وأذوت ما يوحي به من حنان وسلام: ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا﴾.
عمل
[10] ﴿وَلا تَجعَل في قُلوبِنا غِلًّا لِلَّذينَ آمَنوا﴾ اجتهد فى الدعاء يستجِب الله لك ﴿وَنَزَعنا ما في صُدورِهِم مِن غِلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣]
وقفة
[10] ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ مدَحَهم لمجرَّدِ دُعائِهم، فكيف بمَن ليس في قلبِه غلٌّ من الأساس! بل كيف بمن يحبُّ المؤمنين!
وقفة
[10] لاحظ كلمة القبول وكلمة القلوب ستجدها نفس اﻷحرف، ألا يشعرك ذلك بأن القبول عند الناس مرهون بصفاء القلوب ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
عمل
[10] احرص على تنقية قلبك من الغل والحقد على أهل الإيمان ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
وقفة
[8-10] عن ابن عمر أنه بلغه أن رجلًا نال من عثمان، فدعاه فأقعده بين يديه، فقرأ عليه: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾، قال: مِن هؤلاء أنت؟ قال: لا؟ ثم قرأ: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾، قال: مِن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو أن أكون منهم، قال: لا والله ما يكون منهم من يتناولهم، وكان في قلبه الغل عليهم.
وقفة
[8-10] الناس على ثلاث منازل؛ فمضت منزلتان، وبقيت واحدة: أ- ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا﴾ هؤلاء المهاجرون، وهذه منزلة قد مضت. ب- ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ وهؤلاء الأنصار، وهذه منزلة قد مضت. جـ- ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا﴾ فأحسن ما أنتم عليه كائنون، أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت.

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ:
  • تعرب اعراب «والذين تبووا من قبلهم يحبون» الواردة في الآية السابقة.
  • ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا:
  • الجملة في محل نصب مفعول به -مقول القول -.رب: منادى بأداة نداء محذوفة اكتفاء بالمنادى اي يا ربنا. وهو مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل -ضمير المتكلمين -مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اغفر: فعل توسل ودعاء بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. لنا: جار ومجرور متعلق باغفر
  • ﴿ وَلِإِخْوانِنَا:
  • الواو عاطفة. لاخوان: جار ومجرور متعلق باغفر و «نا» اعربت في «ربنا».
  • ﴿ الَّذِينَ سَبَقُونا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة -نعت - للاخوان. سبقوا: تعرب اعراب «جاءوا» و «نا» ضمير متصل -ضمير المخاطبين -في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ:
  • جار ومجرور متعلق بسبقوا والواو عاطفة. لا:ناهية جازمة. تجعل: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ:
  • تعرب اعراب «لاخواننا» والجار والمجرور متعلق بتجعل.غلا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي حقدا.
  • ﴿ لِلَّذِينَ:
  • اللام حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من غلا والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ:
  • تعرب اعراب «جاءوا».ربنا: اعربت. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».
  • ﴿ رَؤُفٌ رَحِيمٌ:
  • خبران لان مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ويجوز ان يكون «رحيم» صفة لرؤف.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     وبعدَ الثَّناءِ على المهاجرينَ والأنصارِ؛ أثنى اللهُ هنا على كلِّ من سارَ على نهج المهاجرين والأنصار في قوة الإيمان، وفى طهارة القلب، وسماحة النفس، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [11] :الحشر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا ..

التفسير :

[11] ألم تنظر إلى المنافقين، يقولون لإخوانهم في الكفر من يهود بني النضير:لئن أخرجكم محمد ومَن معه مِن منازلكم لنخرجن معكم، ولا نطيع فيكم أحداً أبداً سألَنا خِذْلانكم أو ترك الخروج معكم، ولئن قاتلوكم لنعاوننكم عليهم؟ والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما و

ثم تعجب تعالى من حال المنافقين، الذين طمعوا إخوانهم من أهل الكتاب، في نصرتهم، وموالاتهم على المؤمنين، وأنهم يقولون لهم:{ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا} أي:لا نطيع في عدم نصرتكم أحدا يعذلنا أو يخوفنا،{ وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} في هذا الوعد الذي غروا به إخوانهم.

قال الآلوسى: قوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا ... حكاية لما جرى بين الكفرة والمنافقين من الأقوال الكاذبة والأحوال الفاسدة وتعجب منها بعد حكاية محاسن أحوال المؤمنين على اختلف طبقاتهم، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب.

والآية- كما روى عن ابن عباس- نزلت في رهط من بنى عوف منهم عبد الله بن أبى بن سلول ... بعثوا إلى بنى النضير بما تضمنته الجمل المحكية، بقوله- تعالى-: يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ... .

والمراد بالأخوة في قوله- سبحانه-: يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ: أخوة في الكفر والفسوق والعصيان ...

والمعنى: ألم يصل إلى علمك- أيها الرسول الكريم- حال أولئك المنافقين الذين أظهروا الإسلام، وأبطنوا الكفر، وهم يقولون لإخوانهم في الكفر من أهل الكتاب، وهم: يهود بنى النضير، أثناء محاصرتكم- أيها المؤمنون- لهم.

يقولون لهم: «والله لئن أخرجتم» من دياركم لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ أى: لنخرجن من ديارنا معكم، لنكون مصاحبين لكم حيثما سرتم.

ويقولون لهم: - أيضا- وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً ... أى: ولا نطيع في شأنكم أحدا أبدا، يريد العدوان عليكم، أو يريد منعنا من الخروج معكم ومؤازرتكم..

ويقولون لهم- كذلك-: وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ أى: وإن قاتلكم المسلمون، لنقفن إلى جواركم، ولنقدمن العون الذي يؤدى إلى نصركم.

وقوله- سبحانه-: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ رد عليهم، وإبطال لمزاعمهم.

أى: والله- تعالى- يشهد بأن هؤلاء المنافقين لكاذبون في أقوالهم، وفي عهودهم..

يخبر تعالى عن المنافقين كعبد الله بن أبي وأضرابه ، حين بعثوا إلى يهود بني النضير يعدونهم النصر من أنفسهم ، فقال تعالى : ( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم ) قال الله تعالى : ( والله يشهد إنهم لكاذبون ) أي : لكاذبون فيما وعدوهم به إما أنهم قالوا لهم قولا من نيتهم ألا يفوا لهم به ، وإما أنهم لا يقع منهم الذي قالوه ;

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ألم تنظر بعين قلبك يا محمد، فترى إلى الذين نافقوا وهم فيما ذُكر عبد الله بن أَُبي ابن سلول، ووديعة ومالك، ابنا نوفل، وسُوَيد وداعس، بَعَثوا إلى بني النضير حين نـزل بهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم للحرب أن اثبتُوا وتمنَّعوا، فإنا لن نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم، خرجنا معكم، فتربصوا لذلك من نصرهم، فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فسألوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يجليهم، ويكفّ عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة.

حدثنا بذلك ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رُومان.

وقال مجاهد في ذلك ما حدثني به محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا ) قال: عبد الله بن أُبيّ بن سلول، ورفاعة أو رافعة بن تابوت. وقال الحارث: رفاعة بن تابوت، ولم يشكّ فيه، وعبد الله بن نَبْتل، وأوس بن قَيْظِيّ.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرِمة، أو عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قوله: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا ) يعني عبد الله بن أُبيّ بن سلول وأصحابه، ومن كان منهم على مثل أمرهم.

وقوله: ( يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) يعني بني النضير.

كما حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أَبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس ( يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) يعني: بني النضير.

وقوله: ( لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ ) يقول: لئن أخرجتم من دياركم ومنازلكم، وأُجليتم عنها لنخرجن معكم، فنُجلى عن منازلنا وديارنا معكم.

وقوله: ( وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا ) يقول: ولا نطيع أحدًا سألنا خذلانكم، وترك نصرتكم، ولكنا نكون معكم، ( وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ ) يقول: وإن قاتلكم محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ومن معه لننصرنَّكم معشرَ النضير عليهم.

وقوله: ( وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) يقول: والله يشهد إن هؤلاء المنافقين الذين وعدوا بني النضير النصرة على محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( لَكَاذِبُونَ ) في وعدهم إياهم مَا وَعَدُوهم من ذلك.

المعاني :

لِإِخْوَانِهِمُ :       يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ السراج
ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ :       هم بَنُو النَّضِيرِ الميسر في غريب القرآن
وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ :       أي في ضُرِّكُم الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[11] العقيدة صحيحة كانت أو باطلة هي التي تجمع الناس أو تفرقهم ﴿ألم تَر إِلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا﴾.
وقفة
[11] ﴿أَلَم تَرَ إِلَى الَّذينَ نافَقوا يَقولونَ لِإِخوانِهِمُ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ﴾ المنافقون والكافرون إخوة.
وقفة
[11] من علامات المنافقين اتفاق أهدافهم مع أهداف اليهود والنصارى.
وقفة
[11] قد يكون الكافر أرحم لسانًا بالمسلمين من المنافق.
وقفة
[11] أحلافُ الباطل أحلافٌ هشة، لا تكاد تُعقَد حتى تمزقها المصالح وتودي بها الأهواء.
وقفة
[11] ﴿يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ جعل المنافقين إخوانهم في الدين؛ لأنهم كفار مثلهم.
وقفة
[11] ﴿يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ هذا قول المنافقين ليهود قريظة والنضير ﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ﴾، ولا نطيع محمدًا في قتالكم، ولاحظ علاقة الأخوة بين المنافقين والكافرين، علاقة نسب شيطاني.
وقفة
[11] من علامة المنافق: سلاطة اللسان على المسلم ﴿سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ [الأحزاب: 19]، ولين الخطاب مع الكافر ﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾.
وقفة
[11] أشد الناس عونًا لليهود من وجوده يرتبط بوجودهم، قال المنافقون الأولون لليهود: ﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾.
وقفة
[11] ﴿وَاللَّهُ يَشهَدُ إِنَّهُم لَكاذِبونَ﴾ وجاء فى سورة التوبة قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعلَمُ إِنَّهُم لَكاذِبونَ﴾ [التوبة: 42] مهما اجتهدت فى إخفاء دخيلة نفسك؛ فالله يعلمها؛ والله شاهد عليها؛ والله مُطلع عليك.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا:
  • اعربت في سورة «المجادلة» الآية الرابعة عشرة.
  • ﴿ يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. لاخوان: جار ومجرور متعلق بيقولون و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ:
  • اعربت في الآية الكريمة الثانية ومحل الاسم الموصول «الذين» هنا الجر لا نه صفة للاخوان.
  • ﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ:
  • اللام موطئة للقسم -اللام المؤذنة -.إن: حرف شرط‍ جازم. أخرج: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بان والتاء ضمير متصل - ضمير المخاطبين -مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور اي اخرجتم من دياركم. وجملة «ان اخرجتم» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها من الاعراب. وجملة القسم المحذوف ابتدائية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ لَنَخْرُجَنَّ:
  • الجملة جواب القسم المقدر لا محل لها من الاعراب وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه جواب القسم او جواب القسم سد مسد الجوابين واللام واقعة في جواب القسم المقدر. نخرجن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن ونون التوكيد الثقيلة لا محل لها من الاعراب
  • ﴿ مَعَكُمْ:
  • ظرف مكان منصوب متعلق بنخرجن يدل على الاجتماع والمصاحبة وهو مضاف والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَلا نُطِيعُ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. نطيع: فعل مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن وعلامة رفع الفاعل الضمة اي لنخرجن معكم من ديارنا.
  • ﴿ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً:
  • جار ومجرور متعلق بنطيع والميم علامة جمع الذكور.احدا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ابدا: ظرف زمان للمستقبل منصوب يدل على الاستمرار والتأكيد.
  • ﴿ وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ:
  • معطوفة بالواو على «ان اخرجتم لنخرجن» وتعرب اعرابها والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور
  • ﴿ وَاللهُ يَشْهَدُ:
  • الواو استئنافية. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يشهد: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يشهد» في محل رفع خبر لفظ‍ الجلالة.
  • ﴿ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان» واللام لام التوكيد. كاذبون: خبر «إنّ» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد اي كاذبون في مواعيدهم.'

المتشابهات :

التوبة: 42﴿وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّـهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
التوبة: 107﴿وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
الحشر: 11﴿لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
المنافقون: 1﴿وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ حالَ المُؤمِنينَ؛ أتْبَعَه بذِكرِ حالِ المنافِقينَ، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [12] :الحشر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ ..

التفسير :

[12] لئن أُخرج اليهود من «المدينة» لا يخرج المنافقون معهم، ولئن قوتلوا لا يقاتلون معهم كما وَعَدوا، ولئن قاتلوا معهم ليولُنَّ الأدبار فراراً منهزمين، ثم لا ينصرهم الله، بل يخذلهم، ويُذِلُّهم.

ولا يستكثر هذا عليهم، فإن الكذب وصفهم، والغرور والخداع، مقارنهم، والنفاق والجبن يصحبهم، ولهذا كذبهم [الله] بقوله، الذي وجد مخبره كما أخبر الله به، ووقع طبق ما قال، فقال:{ لَئِنْ أُخْرِجُوا} من ديارهم جلاء ونفيا{ لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} لمحبتهم للأوطان، وعدم صبرهم على القتال، وعدم وفائهم بوعدهم

{ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ} بل يستولي عليهم الجبن، ويملكهم الفشل، ويخذلون إخوانهم، أحوج ما كانوا إليهم.

{ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ} على الفرض والتقدير{ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} أي:ليحصل منهم الإدبار عن القتال والنصرة، ولا يحصل لهم نصر من الله.

ثم أبطل- سبحانه- أقوالهم بصورة أكثر تفصيلا فقال: لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ، وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ، وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ.

أى: والله لئن أخرج المؤمنون اليهود من ديارهم، فإن هؤلاء المنافقين لا يخرجون معهم، ولئن قاتل المؤمنون اليهود، فإن المنافقين لن ينصروا اليهود، ولئن نصروهم- على سبيل الفرض والتقدير- ليولين المنافقون الأدبار فرارا منكم- أيها المؤمنون-، ثم لا ينصرون بعد ذلك، لا هم ولا من قاموا بنصرهم، لأن الفريقين اجتمعوا على الباطل واتحدت قلوبهم في الجبن والخور والحرص على الحياة..

فأنت ترى أن هاتين الآيتين الكريمتين، قد وصفتا المنافقين، بالكفر والعصيان. وبالتحالف مع كل محارب للدعوة الإسلامية، وبنقض العهود، وخلف الوعود، وبالجبن الخالع، والكذب الواضح ...

وقد تحقق ما أخبرت عنه الآيتان عن هؤلاء المنافقين. فإن يهود بنى النضير عند ما جد الجد، وحالت ساعة رحيلهم.. أرسلوا إلى المنافقين يطلبون عونهم، فما كان من المنافقين إلا أن خذلوهم، وتحللوا من وعودهم لهم..

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف قيل: وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ.. يعد الإخبار بأنهم لا ينصرونهم؟ قلت: معناه، ولئن نصروهم على سبيل الفرض والتقدير.. كقوله لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وكما يعلم- سبحانه- ما يكون فهو يعلم ما لا يكون.

والمعنى: ولئن نصر المنافقون اليهود لينهزمن المنافقون ثم لا ينصرون بعد ذلك. أى يهلكهم الله- تعالى- ولا ينفعهم نفاقهم، لظهور كفرهم، أو لينهزمن اليهود ثم لا ينفعهم نصر المنافقين لهم.

وفيه دليل على صحة النبوة لأنه إخبار بالغيب.. .

ولهذا قال : ( ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ) أي : لا يقاتلون معهم ، ( ولئن نصروهم ) أي : قاتلوا معهم ( ليولن الأدبار ثم لا ينصرون ) وهذه بشارة مستقلة بنفسها .

القول في تأويل قوله تعالى : لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (12)

يقول تعالى ذكره: لئن أُخرج بنو النضير من ديارهم، فأَجْلوا عنها لا &; 23-291 &; يخرج معهم المنافقون الذين وعدوهم الخروج من ديارهم، ولئن قاتلهم محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لا ينصرهم المنافقون الذين وعدوهم النصر، ولئن نصر المنافقون بني النضير ليولُّنّ الأدبار منهزمين عن محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه هاربين منهم، قد خذلوهم ( ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ) يقول: ثم لا ينصر الله بني النضير على محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وأصحابه، بل يخذلهم.

المعاني :

وَلَئِن نَّصَرُوهُمۡ :       وَلئِنْ أَرادُوا نُصْرَتَهُم الميسر في غريب القرآن
ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ :       أي لا يَغْلِبُونَ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[12] علاقة الود بين المنافقين واليهود علاقة وهمية سرعان ما تتبدد عند الشدائد ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ﴾.
وقفة
[12] هذه الآية دليل على صحة نبوة النبي ﷺ من جهة علم الغيب؛ لأن اليهود أخرجوا فلم يخرجوا معهم، وقوتلوا فلم ينصروهم.
وقفة
[12] وهذا دليل إعجاز القرآن، فقد نفذوا ما جاء بالآية حرفيًّا.
وقفة
[12] ﴿وَلِئنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلِئَنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ﴾ فإن قلتَ: (إنّ) الشرطية إنما تدخل على ما يحتمل وجوده وعدمه، فكيف قال تعالى ذلك، مع إخباره بأنهم لا ينصرون؟ قلتُ: معناه: ولئن نصروهم فَرْضًا وتقديرًا، كقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿لَئِنْ أَشرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: 65].

الإعراب :

  • ﴿ لَئِنْ أُخْرِجُوا:
  • اللام موطئة للقسم-اللام المؤذنة-إن: حرف شرط‍ جازم.اخرجوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والالف فارقة. والفعل فعل الشرط‍ في محل جزم بان. وجملة «ان اخرجوا» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها من الاعراب
  • ﴿ لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ:
  • بمعنى: ولئن اخرج اليهود من ديارهم لا يخرج معهم المنافقون كما يدعون لهم. لا: نافية للتوكيد. يخرجون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. مع:ظرف مكان منصوب يدل على المصاحبة والاجتماع متعلق بيخرجون وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة والجملة الفعلية لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ» جواب قسم مقدر محذوف لا محل لها من الاعراب التقدير:والله لا يخرجون معهم ان اخرجوا من ديارهم. ودخلت لام القسم في «اخرجوا» لانه شرط‍ للجملة بعده وحذف الشرط‍ لانه دل عليه القسم المقدر او جواب القسم سد مسد الجوابين.
  • ﴿ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ:
  • معطوفة بالواو على لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ» وتعرب اعرابها. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به
  • ﴿ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ:
  • اعربت. نصروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة في محل جزم بإن لانه فعل الشرط‍ والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به وجملة «ان نصروهم» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها من الاعراب.وجملة القسم المحذوف ابتدائية لا محل لها من الاعراب بمعنى «وان نصروهم على الفرض» لان قبلها لا يَنْصُرُونَهُمْ».
  • ﴿ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ:
  • الجملة جواب القسم المقدر لا محل لها من الاعراب وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه جواب القسم او جواب القسم سد مسد الجوابين.واللام واقعة في جواب القسم المقدر. يولن: فعل مضارع مبني على حذف النون لانه من الافعال الخمسة. وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل ونون التوكيد الثقيلة لا محل لها من الاعراب. الادبار: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة كناية عن الهزيمة اي لينهزمن
  • ﴿ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ:
  • حرف عطف. لا: نافية لا عمل لها. ينصرون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل اي ثم لا ينصرون بعد ذلك.'

المتشابهات :

آل عمران: 111﴿لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ
الحشر: 12﴿وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ولَمَّا شَهِدَ اللهُ على كَذِبِ المنافِقينَ على سَبيلِ الإجمالِ؛ أتْبَعَه بالتَّفصيلِ، قال تعالى:
﴿ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :الحشر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم ..

التفسير :

[13] لَخوفُ اليهودِ والمنافقين وخشيتهم إياكم -أيها المؤمنون- أعظم وأشد في صدورهم من خوفهم وخشيتهم من الله؛ وذلك بسبب أنهم قوم لا يفقهون عظمة الله والإيمان به، ولا يرهبون عقابه.

والسبب الذي أوجب لهم ذلكأنكم - أيها المؤمنون -{ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ} فخافوا منكم أعظم مما يخافون الله، وقدموا مخافة المخلوق الذي لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا، على مخافة الخالق، الذي بيده الضر والنفع، والعطاء والمنع.

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} مراتب الأمور، ولا يعرفون حقائق الأشياء، ولا يتصورون العواقب، وإنما الفقه كل الفقه، أن يكون خوف الخالق ورجاؤه ومحبته مقدمة على غيرها، وغيرها تبعا لها.

وبعد أن بشر الله- تعالى- المؤمنين بهزيمة أعدائهم أمامهم، أتبع ذلك ببشارة أخرى، وهي أن هؤلاء المنافقين وإخوانهم في الكفر، يخشون المؤمنين خشية شديدة، فقال- سبحانه-: لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ....

والرهبة: مصدر رهب، بمعنى خاف، يقال: رهب فلان فلانا، إذا خافه خوفا شديدا من داخل نفسه..

أى: لأنتم- أيها المؤمنون- أشد خوفا في نفوس هؤلاء المنافقين واليهود، من ربهم الذي خلقهم وأوجدهم.

وقوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ تعليل لسبب جبنهم وخوفهم، واسم الإشارة يعود إلى كون المؤمنين أشد رهبة في صدور المنافقين واليهود من الله- تعالى-.

أى: أنتم أشد رهبة في قلوبهم من الله- تعالى-: بسبب أنهم قوم لا يفقهون الحق، ولا يعلمون شيئا عن عظمة الله- سبحانه- وجلاله وقدرته..

والمقصود من هذه الآية الكريمة، تهوين أمر هؤلاء الأعداء في نفوس المؤمنين وبيان أن هؤلاء الأعداء قد بلغ الجبن والخور فيهم مبلغا كبيرا، لدرجة أن خشيتهم لكم، أشد من خشيتهم لله- تعالى-.

والتعبير بالرهبة للإشعار بأنها رهبة خفية لا يعلمها إلا الله- تعالى- وأن هؤلاء المنافقين واليهود، مهما تظاهروا أمام المؤمنين بالبأس والقوة. فهم في قرارة نفوسهم يخافون المؤمنين خوفا شديدا ...

قال صاحب الكشاف: رهبة مصدر رهب المبنى للمفعول، كأنه قيل أشد مرهوبية.

وقوله: فِي صُدُورِهِمْ دلالة على نفاقهم. يعنى: أنهم يظهرون لكم في العلانية خوف الله، وأنتم أهيب في صدورهم من الله- تعالى-.

فإن قلت: كأنهم كانوا يرهبون من الله حتى تكون رهبتهم منهم أشد؟.

قلت: معناه أن رهبتهم في السر منكم، أشد من رهبتهم من الله التي يظهرونها لكم.

وكانوا يظهرون لهم رهبة شديدة من الله ... .

فأنت ترى أن الآية الكريمة قد قررت حقيقة راسخة في نفوس المنافقين وأشباههم، وإن كانوا يحاولون إخفاءها وسترها، وهي أن خشيتهم من الناس أشد من خشيتهم من الله- تعالى-.

ثم قال تعالى : ( لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ) أي : يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله ، كقوله : ( إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ) [ النساء : 77 ] ; ولهذا قال : ( ذلك بأنهم قوم لا يفقهون )

القول في تأويل قوله تعالى : لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (13)

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: لأنتم أيها المؤمنون أشدّ رهبة في صدور اليهود من بني النضير من الله، يقول: هم يرهبونهم أشدّ من رهبتهم من الله ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ) يقول تعالى ذكره: هذه الرهبة التي لكم في صدور هؤلاء اليهود التي هي أشدّ من رهبتهم من الله من أجل أنهم قوم لا يفقهون، قدر عظمة الله، فهم لذلك يستخفُّون بمعاصيه، ولا يرهبون عقابه قدر رهبته منكم.

المعاني :

رَهۡبَةࣰ :       خَوْفاً الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[13] ﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾ المنافق يخشى الناس ويخافهم أكثر من الله سبحانه.
وقفة
[13] ﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾ وإنما الفقه كل الفقه: أن يكون خوف الخالق ورجاؤه ومحبته مقدمة على غيرها، وغيرها تبعًا لها.
وقفة
[13] ﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾ وجه وصف الرهبة بأنها في صدورهم: الإشارة إلى أنها رهبة جدُّ خفية، أي: أنهم يتظاهرون بالاستعداد لحرب المسلمين، ويتطاولون بالشجاعة؛ ليرهبهم المسلمون، وما هم بتلك المثابة، فأطلع اللهُ رسوله ﷺ على دخيلتهم.
وقفة
[13] ﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾ الخوفُ من الخَلْقِ أكثرُ من الخالقِ علامةُ عدمِ الفهمِ.
وقفة
[13] ﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾ من خصال اليهود والمنافقين: أن خشيتهم من الناس أشد من خشيتهم من الله، فلا تقلّدهم.
وقفة
[13] ﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾ معنى الفقه: فهم المعاني الخفية، لما تأثروا بدواعي الخوف الظاهر، وغفلوا عن الخوف المغيَّب عن أبصارهم، وهو خوف الله، كان هذا من علامات عدم فقههم.
وقفة
[13] ﴿لَأَنتُم أَشَدُّ رَهبَةً في صُدورِهِم مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَفقَهونَ﴾ الخوف إنما يكون بسبب الجهل.
وقفة
[13] ﴿لَأَنتُم أَشَدُّ رَهبَةً في صُدورِهِم مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَفقَهونَ﴾ وهذا سوء تقدير، ودليل جهل شديد.
وقفة
[13] ﴿لَأَنتُم أَشَدُّ رَهبَةً في صُدورِهِم مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَفقَهونَ﴾ وصموا بعدم الفهم حتى يوم القيامة.
وقفة
[13] ﴿لَأَنتُم أَشَدُّ رَهبَةً في صُدورِهِم مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَفقَهونَ﴾ أخبرنى من تخشى؟ أقل لك كيف قلبك؟
وقفة
[13] ﴿لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون﴾ عندما يخلو القلب من تعظيم الله؛ فإنه يخلو من خوف الله.
وقفة
‌[13] ﴿لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون﴾ ‏تدل على أن من خاف غير الله عز وجل فليس بفقيه، بل هو جاهل.
وقفة
[13] المنافق يخوف بالناس، والمؤمن يخوف بالله، تأمل: ﴿أَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ﴾.
وقفة
[13] ﴿أَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ﴾ إظهار العدو الكافر والمنافق لك قوته هو مجرد تصنع؛ فخبيئتهم الرهبة من المؤمنين.
وقفة
[13] ﴿أَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ﴾ الرهبة أشدُّ من الخوف، فهي طول واستمرار الخوف، ومن ثَمَّ قيل للراهب: راهب؛ لأنَّه يُديم خوفه.

الإعراب :

  • ﴿ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ:
  • اللام لام الابتداء والتوكيد. أنتم: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. اشد: خبر «انتم» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ:
  • تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة. في صدور:جار ومجرور متعلق برهبة او بصفة محذوفة لها و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة
  • ﴿ مِنَ اللهِ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق برهبة. بمعنى ان رهبتهم في السر منكم أشد من رهبتهم من الله التي يظهرونها لكم دلالة على نفاقهم.
  • ﴿ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب والباء حرف جر. أن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «أن» و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر «ذلك» اي ذلك بسبب انهم. التقدير: ذلك حاصل بسبب جهلهم.
  • ﴿ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ:
  • خبر «أن» مرفوع بالضمة. لا: نافية لا عمل لها.يفقهون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة لا يَفْقَهُونَ» في محل رفع صفة-نعت-لقوم وحذف مفعولها اختصارا بمعنى لا يعلمون الله وعظمته حتى يخشوه حق خشيته.'

المتشابهات :

الأنفال: 65﴿وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ
التوبة: 124﴿ثُمَّ انصَرَفُوا ۚ صَرَفَ اللَّـهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ
الحشر: 13﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ولَمَّا كان المقصودُ مِن ذِكرِ وَهْنِ المنافِقينَ في القِتالِ تشديدَ نَفْسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنفُسِ المؤمِنينَ؛ حتَّى لا يَرهَبوهم؛ أعقَبَ ذلك بإعلامِ المؤمِنينَ بأنَّهم يَخشَونَ المُسلِمينَ خَشيةً شَديدةً، وُصِفت شِدَّتُها بأنَّها أشَدُّ مِن خَشيتِهم اللهَ تعالَى، قال تعالى:
﴿ لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :الحشر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي ..

التفسير :

[14] لا يواجهكم اليهود بقتال مجتمعين إلا في قرى محصنة بالأسوار والخنادق، أو من خلف الحيطان التي يتستَّرون بها؛ لجُبْنهم وللرعب الذي تمكَّن من قلوبهم، عداوتهم فيما بينهم شديدة، تظن أنهم مجتمعون على كلمة واحدة، ولكن قلوبهم متفرقة؛ وذلك بسبب أنهم قوم لا يعقل

{ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا} أي:في حال الاجتماع{ إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} أي:لا يثبتون لقتالكمولا يعزمون عليه، إلا إذا كانوا متحصنين في القرى، أو من وراء الجدر والأسوار.

فإنهم إذ ذاك ربما يحصل منهم امتناع، اعتمادا [على] حصونهم وجدرهم، لا شجاعة بأنفسهم، وهذا من أعظم الذم،{ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} أي:بأسهم فيما بينهم شديد، لا آفة في أبدانهم ولا في قوتهم، وإنما الآفة في ضعف إيمانهم وعدم اجتماع كلمتهم، ولهذا قال:{ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا} حين تراهم مجتمعين ومتظاهرين.

{ و} لكن{ قلوبهم شَتَّى} أي:متباغضة متفرقة متشتتة.

{ ذَلِكَ} الذي أوجب لهم اتصافهم بما ذكر{ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} أي:لا عقل عندهم، ولا لب، فإنهم لو كانت لهم عقول، لآثروا الفاضل على المفضول، ولما رضوا لأنفسهم بأبخس الخطتين، ولكانت كلمتهم مجتمعة، وقلوبهم مؤتلفة، فبذلك يتناصرون ويتعاضدون، ويتعاونون على مصالحهم ومنافعهم الدينية والدنيوية.

مثل هؤلاء المخذولين من أهل الكتاب، الذين انتصر الله لرسوله منهم، وأذاقهم الخزي في الحياة الدنيا.

ثم يقرر- سبحانه- حقيقة أخرى، أيدتها التجارب والمشاهد الواقعية، فقال- تعالى-: لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ، بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ، تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى....

والآية الكريمة بدل اشتمال من التي قبلها، لأن شدة الخوف من المؤمنين جعلت اليهود وحلفاءهم، لا يقاتلون المسلمين، إلا من وراء الخنادق والحصون..

والجدر: جمع جدار، وهو بناء مرتفع يحتمي به من يقاتل من خلفه. وجَمِيعاً بمعنى مجتمعين كلهم..

أى: أن هؤلاء اليهود وحلفاءهم من المنافقين، لا يقاتلونكم مجتمعين كلهم في موطن من المواطن إلا في قرى محصنة بالخنادق وغيرها، أو يقاتلونكم من وراء الجدران التي يتسترون بها، لأنهم يعجزون عن مبارزتكم، وعن مواجهتكم وجها لوجه، لفرط رهبتهم منكم..

قال ابن كثير: يعنى أنهم في جبنهم وهلعهم، لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام، بالمبارزة والمقاتلة، بل إما في حصون، أو من وراء جدر محاصرين، فيقاتلونكم للدفع عنهم ضرورة ... .

وقوله- تعالى-: بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ جملة مستأنفة، كأن قائلا قال: ولماذا لا يقاتلون المؤمنين إلا على هذه الصورة؟ فكان الجواب: بأسهم بينهم شديد. أى: عداوتهم فيما بينهم عداوة شديدة، بحيث لا يتفقون على رأى، وقوتهم يستعملونها فيما بينهم استعمالا واسعا، فإذا ما التقوا بكم تحولت هذه القوة إلى جبن وهلع..

قال صاحب الكشاف: يعنى أن البأس الشديد الذي يوصفون به، إنما هو فيما بينهم إذا اقتتلوا، ولو قاتلوكم لم يبق لهم ذلك البأس والشدة، لأن الشجاع يجبن والعزيز يذل، عند محاربة الله ورسوله.. .

وقوله- تعالى-: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى استئناف آخر للإجابة عما يقال: من أنه كيف تكون عداوتهم فيما بينهم شديدة، ونحن نراهم متفقين؟.

فكان الجواب: ليس الأمر كما يظهر من حالهم من أن بينهم تضامنا وترابطا.. بل الحق أنهم متدابرون مختلفون متباغضون.. وإن كانت ظواهرهم تدل على خلاف ذلك..

أى: تحسبهم أيها الناظر إليهم مؤتلفين.. والحال أن قلوبهم متفرقة، ومنازعهم مختلفة وبواطنهم تباين ظواهرهم.. وما دام الأمر كذلك فلا تبالوا بهم- أيها المؤمنون-، بل أغلظوا عليهم، وجاهدوهم بكل قوة وجسارة..

واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ يعود إلى ما سبق ذكره، من شدة عداوتهم فيما بينهم، ومن مخالفة بواطنهم لظواهرهم.

أى: ذلك الذي ذكرناه لكم من شدة بأسهم فيما بينهم، ومن مخالفة بواطنهم لظواهرهم، سببه أنهم قوم لا يعقلون الحق والهدى والرشاد.. وإنما هم ينساقون وراء أهوائهم بدافع من الأحقاد والمطامع والشهوات، بدون إدراك لعواقب الأمور، أو للفهم الصحيح..

ثم قال ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ) يعني : أنهم من جبنهم وهلعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقابلة بل إما في حصون أو من وراء جدر محاصرين ، فيقاتلون للدفع عنهم ضرورة .

ثم قال ( بأسهم بينهم شديد ) أي : عداوتهم فيما بينهم شديدة ، كما قال : ( ويذيق بعضكم بأس بعض ) [ الأنعام : 65 ] ; ولهذا قال : ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) أي : تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين ، وهم مختلفون غاية الاختلاف .

قال : إبراهيم النخعي : يعني : أهل الكتاب والمنافقين ( ذلك بأنهم قوم لا يعقلون )

وقوله: (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ) يقول جلّ ثناؤه: يقاتلكم هؤلاء اليهود بني النضير مجتمعين إلا في قرى محصنة بالحصون، لا يبرزون لكم بالبراز، (أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) يقول: أو من خلف حيطان.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة والمدينة (أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) على الجِمَاع بمعنى الحيطان. وقرأه بعض قرّاء مكة والبصرة: (مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) على التوحيد بمعنى الحائط.

* والصواب من القول عندي في ذلك أنهما قرءاتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وقوله: (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) يقول جلّ ثناؤه: عداوة بعض هؤلاء الكفار من اليهود بعضًا شديدة ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا ) يعني المنافقين وأهل الكتاب، يقول: تظنهم مؤتلفين مجتمعة كلمتهم، ( وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) يقول: وقلوبهم مختلفة لمعاداة بعضهم بعضًا.

وقوله: ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: هذا الذي وصفت لكم من أمر هؤلاء اليهود والمنافقين، وذلك تشتيت أهوائهم، ومعاداة بعضهم بعضًا من أجل أنهم قوم لا يعقلون ما فيه الحظّ لهم مما فيه عليهم البخس والنقص.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ) قال: تجد أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحقّ.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) قال: المنافقون يخالف دينهم دين النضير.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) قال: هم المنافقون وأهل الكتاب.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، مثل ذلك.

حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) قال: المشركون وأهل الكتاب.

وذُكر أنها في قراءة عبد الله ( وقلوبهم أشتُّ ) بمعنى: أشدّ تشتتًا: أي أشدّ اختلافًا.

المعاني :

مُّحَصَّنَةٍ :       ممنُوعَةٍ بأسْوَارٍ أو خَنادِقَ مِمَّن يُرِيدُ أَخْذَها الميسر في غريب القرآن
جُدُرٍ :       حِيطَانٍ السراج
بَاسُهُمْ بَيْنَهُمْ :       عَدَاوَتُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ السراج
بَأۡسُهُم :       قوَّتُهُم الميسر في غريب القرآن
بَأسهم بينهم :       قتالهم فيما بينهم معاني القرآن
شَتَّى :       مُتَفَرِّقَةٌ السراج
قلوبهم شتـّـى :       متفرقة لتـَـعَاديهمْ معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[14] ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ﴾ هذه الآية تقرر حقيقة عن اليهود، أيدتها التجارب والمشاهد الواقعية، واذكروا بالأمس: خط بارليف، واليوم: الجدار العازل في فلسطين المحتلة.
وقفة
[14] لا تنتصر الأمة وهي تخاف اليهود، لأن الله وصفهم بالجبن، ومن خافهم فهو من غيرهم أخوف ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ﴾.
وقفة
[14] اليهود جبناء لا يواجهون في القتال، ولو قاتلوا فإنهم يتحصنون بِقُرَاهم وأسلحتهم ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ﴾.
وقفة
[14] الخوف والجبن صفة ملازمة لليهود ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ﴾.
وقفة
[14] ﴿لا يُقاتِلونَكُم جَميعًا إِلّا في قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَو مِن وَراءِ جُدُرٍ بَأسُهُم بَينَهُم شَديدٌ تَحسَبُهُم جَميعًا وَقُلوبُهُم شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعقِلونَ﴾ وها نحن نعاين فى زماننا هذا جدارًا يمتد طوله لكيلو مترات مرتفعًا لأمتار، سبحانه جل شأنه
وقفة
[14] ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ﴾ فلماذا يهزموننا؟! لأن تفرقنا عجيب، وحبنا للدنيا شديد.
وقفة
[14] من صفات أهل الكتاب: ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ﴾، نقطة ضعف خفية لديهم تستحق أن يطعنوا من خلالها بالتفريق بينهم والإغراء فيما بينهم وإثارة النعرات.
وقفة
[14] من صفات أهل الكتاب: ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ﴾ أي: عداوتهم لبعضهم شديدة, ومن لطائف الآية: نقطة ضعف خفية لديهم تستحق أن يطعنوا من خلالها، وهي العداوة التي لا يضبطها رادع ديني.
وقفة
[14] ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾ قال القشيري: «اجتماع النفوس مع تنافر القلوب واختلافها أصل كل فساد، وموجب كل تخاذل، ومقتض لتجاسر العدو، واتفاق القلوب والاشتراك في الهمة والتساوي في القصد يوجب كل ظفر وكل سعادة».
وقفة
[14] وحدة الحق على قِلّتها ستكون أعلى وأعز من وحدة الباطل على كثرتها؛ ذلك أن وحدة المحقين تستند إلى مبادئ باقية خالدة، وأن وحدة المبطلين قد أسست على جرف هار من المنافع الوقتية الزائلة: ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾.
وقفة
[14] ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾ لا دين لهم يجمعهم لعلمهم أنهم على الباطل؛ فهم أسرى الأهوية، والأهوية في غاية الاختلاف، فالعقل مدار الاجتماع كما أن الهوى مدار الاختلاف.
وقفة
[14] ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾ وفي الآية تربية للمسلمين ليحذروا من التخالف والتدابر، ويعلموا أن الأمة لا تكون ذات بأس على أعدائها إلا إذا كانت متفقة الضمائر.
وقفة
[14] ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾ كذلك أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق.
وقفة
[14] ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾ فأهل الباطل مختلفة آراؤهم مختلفة شهادتهم مختلفة أهواؤهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق.
وقفة
[14] ﴿تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى﴾ أهل الباطل مهما اجتمعوا فإنهم ضعفاء، قلوبهم متفرقة، يحملون أسباب الهزيمة في داخلهم.
وقفة
[14] ﴿تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى﴾ اجتماع الأبدان مع تنافر القلوب أصل كل تخاذل، وسببٌ لتجاسُر العدو وتطاوله، واتفاق القلوب واشتراكها في الهدف والهمة سببُ كل ظفر وسعادة.
وقفة
[14] ﴿تَحسَبُهُم جَميعًا وَقُلوبُهُم شَتّى ذلِكَ﴾ هى رسالة طمأنة لنا، فهم متفرقون متشرذمون.
وقفة
[14] ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾ التفرق من قلة العقل، لا عقل عندهم، فلو كانت لهم عقول، لكانت كلمتهم مجتمعة، وقلوبهم مؤتلفة، والمسلمون اليوم أولى بهذا الدرس من اليهود.
وقفة
[14] ﴿بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾ وحدتهم الظَّاهرية المزعومة عند بعض العرب هي مرآة عاكِسة لِحقيقة اخْتِلافهم فيما بينهُم عندما وصفهُم الله بـ (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ)، ‏عندما تتفرق القلوب فلا داعي لاجتماع الأجساد، ولكنَّ اليهود جُبلوا على هذهِ المهانة والدناءة.
وقفة
[14] تفرق القلوب واختلافها من ضعف العقل، قال تعالى: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾، وعلَّل ذلك بقوله: ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعقِلونَ﴾، ولا دواء لذلك إلا بإنارة العقل بنور الوحي، فنور الوحي يحي من كان ميتًا، ويضيء الطريق للمتمسِّك به.
وقفة
[12-14] تأملوا صفاتهم وقلوبهم: ﴿إِنَّهُم لَكاذِبونَ﴾، ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَفقَهونَ﴾؛ ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعقِلونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لقوم الواردة في الآية السابقة. لا: نافية لا عمل لها. يقاتلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. جميعا: حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي لا يقدرون على مقاتلتكم مجتمعين متساندين. أو يكون في محل نصب توكيدا لضمير المخاطبين بمعنى «كلكم».
  • ﴿ إِلاّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ:
  • اداة حصر او حرف تحقيق بعد النفي لا عمل لها. في قرى: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة. التقدير: إلا كائنين وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة للتعذر على الالف قبل تنوينها لانها اسم مقصور نكرة. محصنة: صفة-نعت-لقرى مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة الظاهرة اي منيعة بالخنادق.
  • ﴿ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ:
  • حرف عطف للتخيير. من وراء: معطوفة على فِي قُرىً» وتعرب اعرابها وعلامة جر الاسم الكسرة الظاهرة. جدر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة اي اسوار.
  • ﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالبأس وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر الاضافة. شديد: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اول اي تظنهم. جميعا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي مجتمعين على كلمة واحدة ذوي الفة واتحاد
  • ﴿ وَقُلُوبُهُمْ شَتّى:
  • الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال.قلوب: مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.شتى: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر اي متفرقة وهي جمع «شتيت» بمعنى وحالهم ان قلوبهم متفرقة.
  • ﴿ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة اي لا يفهمون ان التفرق يوهن قواهم.'

المتشابهات :

المائدة: 58﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ
التوبة: 6﴿فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ
الحشر: 13﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ
الحشر: 14﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا أخبَر اللهُ برَهْبَتِهم؛ دلَّ عليها بقولِه تعالى:
﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جدر:
1- بضمتين، جمع «جدار» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإسكان الدال، تخفيفا، وهى قراءة أبى رجاء، والحسن، وابن وثاب.
3- بفتح الجيم وسكون الدال، وهى قراءة أبى عمرو، وابن كثير، وكثير من المكيين.
شتى:
1- بألف التأنيث، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- منونا، على أنها ألف إلحاق، وهى قراءة مبشر بن عبيد.

مدارسة الآية : [15] :الحشر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ..

التفسير :

[15] مثل هؤلاء اليهود فيما حلَّ بهم مِن عقوبة الله كمثل كفار قريش يوم «بدر»، ويهود بني قينقاع، حيث ذاقوا سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع.

وعدم نصر من وعدهم بالمعاونة{ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا} وهم كفار قريش الذين زين لهم الشيطان أعمالهم، وقال:{ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ [وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ]} الآية.

فغرتهم أنفسهم، وغرهم من غرهم، الذين لم ينفعوهم، ولم يدفعوا عنهم العذاب، حتى أتوا "بدرا"بفخرهم وخيلائهم، ظانين أنهم مدركون برسول الله والمؤمنين أمانيهم.

فنصر الله رسوله والمؤمنين عليهم، فقتلوا كبارهم وصناديدهم، وأسروا من أسروا منهم، وفر من فر، وذاقوا بذلك وبال أمرهم وعاقبة شركهم وبغيهم، هذا في الدنيا،{ وَلَهُمْ} في الآخرة عذاب النار.

ثم ساق- سبحانه- مثلين زيادة في تثبيت المؤمنين، وفي التهوين من شأن أعدائهم فقال- تعالى-: كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.

وقوله: كَمَثَلِ ... خبر لمبتدأ محذوف. والمراد بالذين من قبلهم: يهود بنى قينقاع، وكفار قريش الذين حل بهم ما حل من هزائم في غزوة بدر.

والوبال: المرعى الضار الذي ترعاه الماشية، دون أن تدرك سوء عاقبته.

أى: مثل هؤلاء اليهود والمنافقين، وحالهم العجيبة.. كمثل الذين من قبلهم، وهم يهود بنى قينقاع، الذين أخرجوا من المدينة بسبب غدرهم، وكان خروجهم قبل خروج بنى النضير بزمن ليس بالطويل، وكمثل مشركي قريش الذين حلت بهم الهزيمة في غزوة بدر، فإن هؤلاء وهؤلاء قد ذاقوا في الدنيا سوء عاقبة كفرهم بدون إمهال..

أما في الآخرة فلهم عذاب شديد الألم والإهانة.

ووجه الشبه بين السابقين واللاحقين، أن الجميع قد اغتروا بمالهم وقوتهم، فتطاولوا على المؤمنين، ونقضوا عهودهم معهم.. فكانت عاقبتهم جميعا أن أذلهم الله- تعالى- في الدنيا، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى..

ثم قال : ( كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ) قال مجاهد ، والسدي ، ومقاتل بن حيان : يعني كمثل ما أصاب كفار قريش يوم بدر .

وقال ابن عباس : ( كمثل الذين من قبلهم ) يعني : يهود بني قينقاع . وكذا قال قتادة ، ومحمد بن إسحاق .

وهذا القول أشبه بالصواب ، فإن يهود بني قينقاع كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أجلاهم قبل هذا .

القول في تأويل قوله تعالى : كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15)

يقول تعالى ذكره: مثل هؤلاء اليهود من بني النضير والمنافقين فيما الله صانع بهم من إحلال عقوبته بهم ( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يقول: كشبههم.

واختلف أهل التأويل في الذين عنوا الذين من قبلهم، فقال بعضهم: عنى بذلك بنو قَيْنُقَاع.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُمَيْد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أَبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قوله: ( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يعني: بني قينُقاع.

وقال آخرون: عني بذلك مشركو قريش ببدر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قوله: ( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ ) قال: كفار قريش.

وأولى الأقوال بالصواب إن يقال: إن الله عزّ وجلّ مثل هؤلاء الكفار من أهل الكتاب مما هو مذيقهم من نكاله بالذين من قبلهم من مكذّبي رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، الذين أهلكهم بسخطه، وأمر بني قينقاع ووقعة بدر، كانا قبل، جلاء بني النضير، وكلّ أولئك قد ذاقوا وبال أمرهم، ولم يخصص الله عز وجلّ منهم بعضًا في تمثيل هؤلاء بهم دون بعض، وكلّ ذائق وبال أمره، فمن قربت مدته منهم قبلهم، فهم ممثلون بهم فيما عُنُوا به من المثل.

وقوله: ( ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ ) يقول: نالهم عقاب الله على كفرهم به.

وقوله: ( وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يقول: ولهم في الآخرة مع ما نالهم في الدنيا من الخزي عذاب أليم، يعني: موجع.

المعاني :

وَبَالَ أَمْرِهِمْ :       سُوءَ عَاقِبَةِ كُفْرِهِمْ السراج
وَبَالَ أَمۡرِهِمۡ :       سُوءَ عاقِبَةِ كُفْرِهِم وَعَداوَتِهِم لِلرَّسُولِ ﷺ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[15] ﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ التذكير بما جرى للهالكين السابقين أفضل إنذار للمعاصرين.
وقفة
[15] ﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ قال ابن عباس: «يعني به بني قينقاع، أمكن الله منهم قبل بني النضير».
تفاعل
[15] ﴿ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ كَمَثَلِ الَّذِينَ:
  • الكاف اسم للتشبيه مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره مثل اليهود كمثل وهو مضاف. مثل: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. والجملة بعده صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره: كانوا او وجدوا.هم: ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة
  • ﴿ قَرِيباً:
  • منصوب بمثل اي كوجود مثل الذين من قبلهم قريبا. او يكون صفة -نعتا-لظرف زمان محذوف اي زمانا قريبا بمعنى في زمان قريب.
  • ﴿ ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال اي لم يلبثوا ان ذاقوا وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وبال: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. امر: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة اي سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم للرسول الكريم. اي ذاقوا عذاب القتل في الدنيا.
  • ﴿ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
  • الواو استئنافية واللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. عذاب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. أليم: صفة-نعت-لعذاب مرفوعة مثلها بالضمة اي ولهم في الآخرة عذاب النار.'

المتشابهات :

الحشر: 15﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ۖ ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
التغابن: 5﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ فَـ ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     ولَمَّا كان الإخبارُ بعَدَمِ عَقْلِهم دَعوى؛ دَلَّ عليها بأمرٍ مُشاهَدٍ، فقال تعالى:
﴿ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :الحشر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ ..

التفسير :

[16] ومثل هؤلاء المنافقين في إغراء اليهود على القتال ووَعْدهم بالنصر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كمثل الشيطان حين زيَّن للإنسان الكفر ودعاه إليه، فلما كفر قال:إني بريء منك، إني أخاف الله رب الخلق أجمعين.

ومثل هؤلاء المنافقين الذين غروا إخوانهم من أهل الكتاب{ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ} أي:زين له الكفر وحسنه ودعاه إليه، فلما اغتر به وكفر، وحصل له الشقاء، لم ينفعه الشيطان، الذي تولاه ودعاه إلى ما دعاه إليه، بل تبرأ منه و{ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} أي:ليس لي قدرة على دفع العذاب عنك، ولست بمغن عنك مثقال ذرة من الخير.

وأما المثل الثاني فيتجلى في قوله- تعالى-: كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ، فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ...

أى: مثل المنافقين في تزيينهم الشر والفساد ليهود بنى النضير.. كمثل الشيطان إذ قال للإنسان في الدنيا اكفر بالله- تعالى- فلما كفر ذلك الإنسان ومات على الكفر، وبعث يوم القيامة، ووجد مصيره السيئ.. ندم وألقى التبعة على الشيطان الذي قال له: إنى برىء منك ومن كفرك، إنى أخاف الله رب العالمين، ووجه الشبه: أن المنافقين تبرأوا من معاونتهم ومن مناصرتهم.. عند ما حانت ساعة الجد ... كما يتبرأ الشيطان من كفر الكافر يوم القيامة.

ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ، وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ، وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي، فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ.. .

وقوله : ( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك ) يعني : مثل هؤلاء اليهود في اغترارهم بالذين وعدوهم النصر من المنافقين ، وقول المنافقين لهم : ( وإن قوتلتم لننصرنكم ) ثم لما حقت الحقائق وجد بهم الحصار والقتال ، تخلوا عنهم وأسلموهم للهلكة ، مثالهم في هذا كمثل الشيطان إذ سول للإنسان - والعياذ بالله - الكفر ، فإذا دخل فيما سوله تبرأ منه وتنصل ، وقال : ( إني أخاف الله رب العالمين )

وقد ذكر بعضهم ها هنا قصة لبعض عباد بني إسرائيل هي كالمثال لهذا المثل ، لا أنها المرادة وحدها بالمثل ، بل هي منه مع غيرها من الوقائع المشاكلة لها ، فقال ابن جرير :

حدثنا خلاد بن أسلم ، أخبرنا النضر بن شميل ، أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، سمعت عبد الله بن نهيك قال : سمعت عليا رضي الله عنه ، يقول : إن راهبا تعبد ستين سنة ، وإن الشيطان أراده فأعياه ، فعمد إلى امرأة فأجنها ولها إخوة ، فقال لإخوتها : عليكم بهذا القس فيداويها . قال : فجاءوا بها إليه فداواها ، وكانت عنده ، فبينما هو يوما عندها إذ أعجبته ، فأتاها فحملت ، فعمد إليها فقتلها ، فجاء إخوتها ، فقال الشيطان للراهب : أنا صاحبك ، إنك أعييتني ، أنا صنعت هذا بك فأطعني أنجك مما صنعت بك ، فاسجد لي سجدة . فسجد له ، فلما سجد له قال : إني بريء منك ، إني أخاف الله رب العالمين ، فذلك قوله : ( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ) .

وقال ابن جرير : حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن عمارة ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية : ( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ) قال : كانت امرأة ترعى الغنم ، وكان لها أربعة إخوة ، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب . قال : فنزل الراهب ففجر بها ، فحملت ، فأتاه الشيطان فقال له : اقتلها ثم ادفنها ، فإنك رجل مصدق يسمع قولك . فقتلها ثم دفنها . قال : فأتى الشيطان إخوتها في المنام فقال لهم : إن الراهب صاحب الصومعة فجر بأختكم ، فلما أحبلها قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا . فلما أصبحوا قال رجل منهم : والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أترك ؟ قالوا : لا بل قصها علينا . قال : فقصها ، فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك ، فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك . فقالوا : فوالله ما هذا إلا لشيء . قال : فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب ، فأتوه فأنزلوه ثم انطلقوا به فلقيه الشيطان فقال : إني أنا الذي أوقعتك في هذا ، ولن ينجيك منه غيري ، فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه . قال : فسجد له ، فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه ، وأخذ فقتل .

وكذا روي عن ابن عباس ، وطاوس ، ومقاتل بن حيان ، نحو ذلك . واشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو برصيصا ، والله أعلم . وهذه القصة مخالفة لقصة جريج العابد ، فإن جريجا اتهمته امرأة بغي بنفسها ، وادعت أن حملها منه ، ورفعت أمره إلى ولي الأمر ، فأمر به فأنزل من صومعته وخر‍بت صومعته وهو يقول : ما لكم ؟ ما لكم ؟ فقالوا : يا عدو الله ، فعلت بهذه المرأة كذا وكذا . فقال : جريج : اصبروا . ثم أخذ ابنها وهو صغير جدا ، ثم قال : يا غلام ، من أبوك ؟ قال أبي الراعي - وكانت قد أمكنته من نفسها فحملت منه - فلما رأى بنو إسرائيل ذلك عظموه كلهم تعظيما بليغا ، وقالوا : نعيد صومعتك من ذهب . قال : لا بل أعيدوها من طين ، كما كانت .

وقوله: ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )

يقول تعالى ذكره: مثل هؤلاء المنافقين الذين وعدوا اليهود من النضير، النصرة إن قوتلوا، أو الخروج معهم إن أُخرجوا، ومثل النضير في غرورهم إياهم بإخلافهم الوعد، وإسلامهم إياهم عند شدّة حاجتهم إليهم، وإلى نُصرتهم إياهم، كمثل الشيطان الذي غرّ إنْسانًا، ووعده على اتباعه وكفره بالله، النصرة عند الحاجة إليه، فكفر بالله واتبعه وأطاعه، فلما احتاج إلى نُصرته أسلمه وتبرأ منه، وقال له: ( إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) في نُصرتك.

وقد اختلف أهل التأويل في الإنسان الذي قال الله جلّ ثناؤه ( إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ ) هو إنسان بعينه، أم أريد به المثل لمن فعل الشيطان ذلك به، فقال بعضهم: عُنِي بذلك إنسان بعينه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا خلاد بن أسلم، قال: ثنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا شعبة، عن أَبي إسحاق، قال: سمعت عبد الله بن نهيك، قال: سمعت عليًا رضي الله عنه يقول: إن راهبًا تعبَّد ستين سنة، وأن الشيطان أراده فأعياه، فعمد إلى امرأة فأجنها، ولها إخوة، فقال لإخوتها: عليكم بهذا القسّ فيداويها، فجاءوا بها، قال: فداواها، وكانت عنده؛ فبينما هو يوما عندها إذا أعجبته، فأتاها فحملت، فعمد إليها فقتلها، فجاء إخوتها، فقال الشيطان للراهب: أنا صاحبك، إن أعييتني، أنا صنعت بك هذا فأطعني أنجك مما صنعتُ بك، اسجد لي سجدة، فسجد له؛ فلما سجد له قال: إني بريء منك، ( إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) فذلك قوله: ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) .

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: ثنا أَبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن زيد، عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) قال: كانت امرأة ترعى الغنم، وكان لها أربعة إخوة، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب، قال: فنـزل الراهب ففجر بها، فحملت، فأتاه الشيطان، فقال له: اقتلها ثم ادفنها، فإنك رجل مصدّق يسمع كلامك، فقتلها ثم دفنها؛ قال: فأتى الشيطان إخوتها في المنام، فقال لهم: إن الراهب صاحب الصومعة فجر بأختكم؛ فلما أحبلها قتلها، ثم دفنها في مكان كذا وكذا؛ فلما أصبحوا قال رجل منهم: والله لقد رأيت البارحة رؤيا وما أدري أقصها عليكم أم أترك؟ قالوا: لا بل قُصَّها علينا؛ قال: فقصها، فقال الآخر: وأنا والله لقد رأيت ذلك؛ قالوا: فما هذا إلا لشيء، فانطلقوا فاستعدوْا مَلِكَهُم على ذلك الراهب، فأتَوه فأنـزلوه، ثم انطلقوا به، فلقيه الشيطان فقال: إني أنا الذي أوقعتك في هذا ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنا أنجيك مما أوقعتك فيه؛ قال: فسجد له؛ فلما أتَوا به ملكَهم تبرأ منه، وأُخِذ فقتل.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أَبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أَبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ ) ... إلى وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ قال عبد الله بن عباس: كان راهب من بني إسرائيل يعبد الله فيحسن عبادته، وكان يُؤتى من كلّ أرض فيُسأل عن الفقه، وكان عالمًا، وإن ثلاثة إخوة كانت لهم أخت حسنة من أحسن الناس، وإنهم أرادوا أن يسافروا، فكبر عليهم أن يخلفوها ضائعة، فجعلوا يأتمرون ما يفعلون بها؛ فقال أحدهم: أدلكم على من تتركونها عنده؟ قالوا: من هو؟ قال: راهب بني إسرائيل، إن ماتت قام عليها، وإن عاشت حفظها حتى ترجعوا إليه؛ فعمدوا إليه فقالوا: إنا نريد السفر، ولا نجد أحدًا أوثق فى أنفسنا، ولا أحفظ لما وُلِّيً منك لما جعل عندك، فإن رأيت أن نجعل أختنا عندك فإنها ضائعة شديدة الوجع، فإن ماتت فقم عليها، وإن عاشت فأصلح إليها حتى نرجع، فقال: أفيكم إن شاء الله؛ فانطلقوا فقام عليها فداواها حتى بَرَأَت، وعاد إليها حسنها، فاطلع إليها فوجدها متصنعة، فلم يزل به الشيطان حتى يزين له أن يقع عليها حتى وقع عليها، فحملت، ثم ندمه الشيطان فزين له قتلها؛ قال: إن لم تقتلها افتضحت وعرف شبهك في الولد، فلم يكن لك معذرة، فلم يزل به حتى قتلها؛ فلما قدم إخوتها سألوه ما فعلت؟ قال: ماتت فدفنتها، قالوا: قد أحسنت، ثم جعلوا يرون في المنام، ويخبرون أن الراهب هو قتلها، وأنها تحت شجرة كذا وكذا، فعمدوا إلى الشجرة فوجدوها تحتها قد قتلت، فعمدوا إليه فأخذوه، فقال له الشيطان: أنا زيَّنت لك الزنا وقتلها بعد الزنا، فهل لك أن أنجيك؟ قال: نعم، قال: أفتطيعني؟ قال: نعم قال: فاسجد لي سجدة واحدة، فسجد له ثم قتل، فذلك قوله: ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ) الآية

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: " كان رجل من بني إسرائيل عابدًا، وكان ربما داوى المجانين، فكانت امرأة جميلة، فأخذها الجنون، فجيء بها إليه، فتركت عنده، فأعجبته فوقع عليها فحملت، فجاءه الشيطان فقال: إن عُلم بهذا افتضحت، فاقتلها وادفنها في بيتك، فقتلها ودفنها، فجاء أهلها بعد ذلك بزمان يسألونه، فقال: ماتت، فلم يتهموه لصلاحه فيهم، فجاءهم الشيطان فقال: إنها لم تمت، ولكنه وقع عليها فقتلها ودفنها في بيته في مكان كذا وكذا، فجاء أهلها، فقالوا: ما نتهمك، فأخبرنا أين دفنتها، ومن كان معك، فوجدوها حيث دفنها، فأُخذ وسُجن، فجاءه الشيطان فقال: إن كنت تريد أن أخرجك مما أنت فيه فتخرج منه، فاكفر بالله، فأطاع الشيطان، وكفر بالله، فأُخذ وقُتل، فتبرأ الشيطان منه حينئذ. قال: فما أعلم هذه الآية إلا نـزلت فيه ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) .

وقال آخرون: بل عُنِي بذلك الناس كلهم، وقالوا: إنما هذا مثل ضُرِب للنضير فى غرور المنافقين إياهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ ) عامة الناس.

المعاني :

كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ :       مَثَلُ المُنَافِقِينَ فِي وَعْدِهِمُ اليَهُودَ بِالنَّصْرِ وَخِذْلَانِهِمْ لَهُمْ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ السراج

التدبر :

وقفة
[16] مثل المنافقين في تزيينهم الشر والفساد ليهود بني النضير، كمثل الشيطان إذ قال للإنسان في الدنيا: اكفر بالله، فلما كفر ومات على كفره، وبعثه الله يوم القيامة، ندم وألقي التبعة على الشيطان الذي تبرأ منه، ووجه الشَبَه: أن المنافقين تبرأوا من معاونتهم عند ساعة الجد، كما يتبرأ الشيطان من الكافر يوم القيامة.
وقفة
[16] وهكذا حال كل شياطين الأنس يدعون البراءة والخوف من الله.
وقفة
[16] ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ﴾ صنف من الخلق لا يستطيع الشيطان أن يوقعه في المعصية إلا بحبائل وخطوات، وصنف آخر لا يكلف سوى أوامر تخرج.
تفاعل
[16] ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان ووساوسه.
وقفة
[16] ﴿إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ﴾ هذا أقصى ما يملك الشيطان؛ الوسوسة، وفي نهاية المطاف: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ﴾ [إبراهيم: 22]، ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ﴾.
وقفة
[16] ﴿إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ ليس كل من قال: «إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ» يصدق؛ حتى إبليس قالها.

الإعراب :

  • ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطانِ:
  • تعرب اعراب كَمَثَلِ الَّذِينَ» الواردة في الآية الكريمة السابقة. الشيطان: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ:
  • ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب وقال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. للانسان: جار ومجرور متعلق بقال. وجملة قالَ لِلْإِنْسانِ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف «إذ».
  • ﴿ اكْفُرْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-وهي فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ فَلَمّا كَفَرَ:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب. كفر:فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «كفر» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «لما».
  • ﴿ قالَ:
  • تعرب اعراب «كفر» وجملة «قال» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-ان:حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «ان».بريء: خبرها مرفوع بالضمة. منك: جار ومجرور متعلق ببريء
  • ﴿ إِنِّي أَخافُ اللهَ:
  • اعربت و «ان» هنا تفيد التعليل. أخاف: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة والجملة الفعلية أَخافُ اللهَ» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ رَبَّ الْعالَمِينَ:
  • بدل من لفظ‍ الجلالة او صفة له مرفوع بالضمة وهو مضاف.العالمين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لانه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.'

المتشابهات :

الأنفال: 48﴿إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ ۚ وَاللَّـهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ
المائدة: 28﴿مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
الحشر: 16﴿فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا مثَّلهم بمَن قبلَهم؛ ذكرَ هنا مثلَهم مع المنافقين، فالمنافقون كالشَّيطانِ، وبنو النَّضيرِ كالإنسانِ، قال تعالى:
﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف