53912131415161718

الإحصائيات

سورة الحديد
ترتيب المصحف57ترتيب النزول94
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات4.20
عدد الآيات29عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.70
ترتيب الطول42تبدأ في الجزء27
تنتهي في الجزء27عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 8/14_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (12) الى الآية رقم (15) عدد الآيات (4)

ثُمَّ بَيَّنَ هنا حَالَ هؤلاءِ المُنفقينَ يومَ القِيامةِ، ثُمَّ بَيَّنَ حالَ المنافقينَ وأنهم يَطلبُونَ النُّورَ من المؤمنينَ فيجابُونَ: ارجِعُوا إلى الدُّنيا فالتمسُوا النُّورَ من الأعمالِ الصالحةِ، فلا أمَلَ لهم في النَّجاةِ، وأنَّ النَّارَ هي مَأوَاهُم

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (16) الى الآية رقم (17) عدد الآيات (2)

ثُمَّ دعا اللهُ المؤمنينَ لخُشوعِ القلبِ، فكما أنَّ اللهَ قادرٌ على أن يُحْيِ الأرضَ بعدَ موتِها بالمطرِ، قادرٌ على أن يُحْيِ قلبَ الإنسانِ بعدَ موتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الحديد

التوازن بين المادية والروحانية/ الدعوة إلى الإيمان والإنفاق في سبيل الجهاد لنصرة الدين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • التوازن:: قبل أن نبدأ مع آيات السورة: لا بد أن نذكر حقيقة محزنة، أن أمتنا التي تقرأ في كتابها سورة الحديد لا تعرف كيف تصنع الحديد، أن هناك آية محورية في السورة لكنها غائبة عن حياتنا وعن أمتنا: ﴿وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ﴾ (25). فالحديد هو -بلغة اليوم- رمز للصناعات الثقيلة، واستخدام هذه الصناعات كما بينت الآية هو: ﴿بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ أي الصناعات الحربية، ﴿وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ﴾ أي الصناعات التكنولوجية والمتطورة، فهو محور أساسي في صناعات الأمم في حالتي الحرب والسلم، أين نحن من سورة الحديد، وأين نحن من التطور العلمي والصناعي والتكنولوجي؟ بعد هذه الحقيقة الصعبة، تعالوا نفهم مراد ربنا من هذه السورة، حتى نفهم توازن الإسلام وشموله ونمضي في ركب التطور والحضارة.
  • • أمة وسط:: هناك ناس تفرغوا تمامًا للعمل المادي فقست قلوبهم، وهناك ناس تفرغوا تمامًا للعبادة الروحانية فترهبنوا، وكلاهما فشل، فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنتم أمة متوازنة بين العبادة وبين النجاح في الحياة، فالسورة تقول مخاطبة أمة محمد: أنتم لا ماديين كبني إسرائيل ولا متفرغين للروحانية كالنصارى، إنما أنتم متوازنون بين الاثنين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الحديد».
  • • معنى الاسم :: الحديد: هو المعدن المعروف.
  • • سبب التسمية :: لِوُقُوعِ لَفْظِ «الْحَدِيدِ» فِيهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ (25)، ولفظ الحديد ورد في سور أخرى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: الموازنة بين المادية والروحانية.
  • • علمتني السورة :: التسابيحُ تملأُ كلَّ شئٍ حَولَنا، شاركْ الكَونَ: سَبِّح: ﴿سَبَّحَ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
  • • علمتني السورة :: أسباب إطفاء نور المنافقين والمنافقات يوم القيامة: فتنوا أنفسهم بالملذات والمعاصي، يسوفون التوبة، يتوعدون الذين آمنوا، يشككون في يوم البعث، غرتهم الأماني في الحياة الدنيا، استمروا على ذلك حتى ماتوا، وكان وراء ذلك الشيطان: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ...﴾
  • • علمتني السورة :: أن حقيقة الحياة الدنيا: لعب، ولهو، وزينة، وتفاخر، وتكاثر في الأموال والأولاد، متاع، فلزم الحذر منها ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ ...﴾

مدارسة الآية : [12] :الحديد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى ..

التفسير :

[12] يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم على الصراط بين أيديهم وعن أيمانهم، بقدر أعمالهم، ويقال لهم:بشراكم اليوم دخول جنات واسعة تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار، لا تُخرجون منها أبداً، ذلك الجزاء هو الفوز العظيم لكم في الآخرة.

يقول تعالى -مبينا لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة-:{ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} أي:إذا كان يوم القيامة، وكورت الشمس، وخسف القمر، وصار الناس في الظلمة، ونصب الصراط على متن جهنم، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، فيمشون بأيمانهم ونورهم في ذلك الموقف الهائل الصعب، كل على قدر إيمانه، ويبشرون عند ذلك بأعظم بشارة، فيقال:{ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم، وألذها لنفوسهم، حيث حصل لهم كل مطلوب [محبوب]، ونجوا من كل شر ومرهوب

وقوله- تعالى- يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ منصوب بفعل مقدر، والرؤية بصرية، والخطاب لكل من يصلح له.

والمعنى: واذكر- أيها العاقل- لتتعظ ولتعتبر، يوم تبصر المؤمنين والمؤمنات يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ. والأيمان: جمع يمين. والمراد جهة اليمين.

أى: يتحرك نورهم معهم من أمامهم، ومن جهة يمينهم، على سبيل التشريف والتكريم لهم.

قال ابن كثير: يقول- تعالى- مخبرا عن المؤمنين المتصدقين، أنهم يوم القيامة، يسعى نورهم بين أيديهم في عرصات القيامة بحسب أعمالهم، كما قال عبد الله بن مسعود: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، ويمرون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، ومنهم من نوره مثل الرجل القائم .

وعطف- سبحانه- الْمُؤْمِناتِ على الْمُؤْمِنِينَ للتنبيه على أن كلا من الذكر والأنثى. له أجره على عمله الصالح، بدون إجحاف أو محاباة لجنس على جنس، كما قال- تعالى-: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «2» .

والباء في قوله: وَبِأَيْمانِهِمْ بمعنى عن. واقتصر على ذكر الأيمان على سبيل التشريف لتلك الجهة، والمراد أن نورهم يحيط بهم من جميع جوانبهم.

وقوله: بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ مقول لقول محذوف.

وقوله: بُشْراكُمُ اسم مصدر من بشر. أى: أخبر بما يسر.

والمعنى: تقول لهم الملائكة على سبيل التكريم والتحية: نبشركم اليوم بجنات عظيمة.

تجرى من تحت ثمارها وأشجارها الأنهار العذبة، حالة كونكم خالدين فيها خلودا أبديا، وذلك الذي أنتم فيه من نور يسعى بين أيديكم، ومن جنات أنتم خالدون فيها.. هو الفوز العظيم، الذي لا يعادله فوز أو فلاح.

يقول تعالى مخبرا عن المؤمنين المتصدقين : أنهم يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم في عرصات القيامة ، بحسب أعمالهم ، كما قال عبد الله بن مسعود في قوله : ( يسعى نورهم بين أيديهم ) قال : على قدر أعمالهم يمرون على الصراط ، منهم من نوره مثل الجبل ، ومنهم من نوره مثل النخلة ، ومنهم من نوره مثل الرجل القائم ، وأدناهم نورا من نوره في إبهامه يتقد مرة ويطفأ مرة ورواه بن أبي حاتم ، وابن جرير .

وقال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء فدون ذلك ، حتى إن من المؤمنين من يضيء نوره موضع قدميه "

وقال سفيان الثوري ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن جنادة بن أمية قال : إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم ، وسيماكم ، وحلاكم ، ونجواكم ، ومجالسكم ، فإذا كان يوم القيامة قيل : يا فلان ، هذا نورك . يا فلان ، لا نور لك . وقرأ : ( يسعى نورهم بين أيديهم )

وقال الضحاك : ليس لأحد إلا يعطى نورا يوم القيامة ، فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين ، فلما رأي ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفئ نور المنافقين ، فقالوا : ربنا ، أتمم لنا نورنا .

وقال الحسن [ في قوله ] ( يسعى نورهم بين أيديهم ) يعني : على الصراط .

وقد قال ابن أبي حاتم ، رحمه الله : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، أخبرنا عمي ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سعيد بن مسعود : أنه سمع عبد الرحمن بن جبير يحدث : أنه سمع أبا الدرداء ، وأبا ذر يخبران عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أنا أول من يؤذن له يوم القيامة بالسجود ، وأول من يؤذن له برفع رأسه ، فأنظر من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، فأعرف أمتي من بين الأمم " . فقال له رجل : يا نبي الله ، كيف تعرف أمتك من بين الأمم ، ما بين نوح إلى أمتك ؟ قال : " أعرفهم ، محجلون من أثر الوضوء ، ولا يكون لأحد من الأمم غيرهم ، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم ، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم وذريتهم

وقوله ) وبأيمانهم ) قال الضحاك : أي وبأيمانهم كتبهم ، كما قال : ( فمن أوتي كتابه بيمينه ) [ الإسراء : 71 ] .

وقوله : ( بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار ) أي : يقال لهم : بشراكم اليوم جنات ، أي : لكم البشارة بجنات تجري من تحتها الأنهار ، ( خالدين فيها ) أي : ماكثين فيها أبدا ( ذلك هو الفوز العظيم ) .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يضيء نورهم بين أيديهم وبأيمانهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) ... الآية، ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " مِنَ المُؤْمِنِينَ مَنْ يُضِيءُ نُورُهُ مِنَ المَدينَةِ إلى عَدَنَ أبْينَ فَصَنْعاءَ، فَدُونَ ذلكَ، حتى إنَّ مِنَ المُؤْمِنينَ مَنْ لا يُضِيء نُورُهُ إلا مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ".

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، بنحوه.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي يذكر عن المنهال، عن عمرو، عن قيس بن سكن، عن عبد الله، قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نورًا على إبهامه يطفأ مرة ويقدُ مرة.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى إيمانهم وهداهم بين أيديهم، وبأيمانهم: كتبهم.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ) : كتبهم، يقول الله: فأما من أوتي كتابه بيمينه، وأما نورهم فهداهم.

وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن الضحاك، وذلك أنه لو عنى بذلك النور الضوء المعروف، لم يخص عنه الخبر بالسعي بين الأيدي والأيمان دون الشمائل، لأن ضياء المؤمنين الذي يؤتونه في الآخرة يضيء لهم جميع ما حولهم، وفي خصوص الله جلّ ثناؤه الخبر عن سعيه بين أيديهم وبأيمانهم دون الشمائل، ما يدلّ على أنه معنّى به غير الضياء، وإن كانوا لا يخلون من الضياء.

فتأويل الكلام إذ كان الأمر على ما وصفنا: وكلا وعد الله الحسنى، يوم ترون المؤمنين والمؤمنات يسعى ثواب إيمانهم وعملهم الصالح بين أيديهم، وفي أيمانهم كتب أعمالهم تتطاير.

ويعني بقوله: (يَسْعَى ): يمضي، والباء في قوله: (وَبِأَيْمَانِهِمْ ) بمعنى في. وكان بعض نحويي البصرة يقول: الباء في قوله: (وَبِأَيْمَانِهِمْ ) بمعنى على أيمانهم.

وقوله: (يَوْمَ تَرَى ): من صلة وعد.

وقوله: (بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول تعالى ذكره: يقال لهم: بشارتكم اليوم أيها المؤمنون التي تبشرون بها، جنات تجري من تحتها الأنهار، فأبشروا بها.

وقوله: (خَالِدِينَ فِيهَا ) يقول: ماكثين في الجنات، لا ينتقلون عنها ولا يتحولون.

وقوله: (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) يقول: خلودهم في الجنات التي وصفها، هو النجح العظيم الذي كانوا يطلبونه بعد النجاة من عقاب الله، ودخول الجنة خالدين فيها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[12] ﴿يوم ترى المؤمنين والمؤمنات﴾ أي احتفاء بالمرأة فوق هذا! وقد كان صالحًا أن يقول: (المؤمنين) وحسب.
وقفة
[12] ﴿يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِم﴾ سعوا وراء النور في الدنيا، فسعى بين أيديهم في الآخرة.
وقفة
[12] ﴿يسعى نورهم بين أيديهم﴾ ألا ما أكرم الله وأجله! تأمل نسبة النور إليهم! هداهم للإيمان ثم جزاهم عليه نورًا مدحهم به.
وقفة
[12] ﴿يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم﴾ قال عبد الله بن مسعود t: «يؤتون نورهم على قدر أعمالهم؛ فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نورًا من نوره من أعلى إبهامه؛ فيطفأ مرة ويَقِدُ مرة».
وقفة
[12] ﴿يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم﴾ امتنان الله على المؤمنين بإعطائهم نورًا يسعى أمامهم وعن أيمانهم.
تفاعل
[12] ﴿يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم﴾ قال أحدهم: «ما مررت بهذه الآية إلا أدعو أن أكون منهم»، اللهم اجعلنا ممن يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم.
وقفة
[12] ﴿يَسعى نورُهُم بَينَ أَيديهِم وَبِأَيمانِهِم﴾ سنراهم ونجلس معهم ونأنس بحديثهم وننبهر بنورهم، اللهم اجعلنا منهم ومعهم.
وقفة
[12] ﴿يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم﴾ تدل: 1- ظلمة يوم القيامة؛ فما عدا نور المؤمن ظلام. ٢- ذوات المؤمنين يخرج منها نور ﴿نُورُهُم﴾. ٣- يركضون ليتجاوزوا الأهوال بسرعة؛ لقوله: ﴿يَسْعَىٰ﴾ فما أخف مراحل القيامة عليهم!
عمل
[12] ﴿يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم﴾ تعبك اليوم وكدحك وعملك هو نورك غدًا يسعى بين يديك كرامة لك، قريب منك، خاص بك، وعلى قدر عملك يزيد نورك، فاليوم عمل، وغدًا نور يقودك إلى منازل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ فبادر بالعمل في وقت المهلة.
وقفة
[12] ﴿يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم﴾ يُعطَى العبدُ من النُّورِ يومَ القيامةِ بحسبِ عملِه.
وقفة
[12] الإيمان القوي مثل المصباح يضيء لك طريق الخير في الدنيا والأخرى ﴿يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم﴾.
وقفة
[12] بقدر حظ العبد من العمل الصالح في الدنيا بقدر حظه من النور على الصراط، وفي كتاب الله ﴿يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾.
وقفة
[12] ﴿بشراكم اليوم جنات﴾ فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم وألذها لنفوسهم! حيث حصل لهم كل مطلوب محبوب.
عمل
[12] القرآن يملأ حياتنا بالأمل والبشرى، ﴿بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ﴾، ﴿جَاءَ الْبَشِيرُ﴾ [يوسف: 96]، ﴿يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم﴾ [التوبة: 21]، ﴿وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [97]، ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: 25]؛ ثق بربك.
تفاعل
[12] ﴿بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[12] ﴿بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار﴾ من صبر وجاهد وكافح في سيره إلى الله كان له نصيب من هذه البشرى.
وقفة
[12] ﴿ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ﴾ لا فوز إلا هذا، ولا نجاح إلا بالوصول هناك.
وقفة
[12] يومًا ما سيَموت الموت، ونحيا في الجنة مُخَلَّدِين، عش على هذا الأمل إن شئت أن تعيش ﴿ذلك هو الفوز العظيم﴾.
وقفة
[12] الفوز بجنات النعيم ﴿ذلك هو الفوز العظيم﴾ منهج قرآني عليه يتربى الجيل، وبه يتطلع لرضى ربه، وبه يتسابق للخيرات، وبه يتسامى عن الملهيات.

الإعراب :

  • ﴿ يَوْمَ:
  • ظرف زمان متعلق بقوله لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ» منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة او يكون اسما مفعولا به لفعل محذوف تقديره «اذكر» تعظيما لذلك اليوم.
  • ﴿ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. ترى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. المؤمنين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. والمؤمنات: معطوفة بالواو على «المؤمنين» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الكسرة عوضا عن الفتحة لا نها جمع مؤنث سالم.
  • ﴿ يَسْعى نُورُهُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال. يسعى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر. نور: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ:
  • ظرف مكان متعلق بيسعى منصوب على الظرفية وهو مضاف. ايدي: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء للثقل وهو مضاف و «هم» اعربت.
  • ﴿ وَبِأَيْمانِهِمْ:
  • معطوفة بالواو على بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» وهي مثلها شبه جملة متعلق بيسعى اي وفي ايمانهم او عن ايمانهم و «هم» اعربت في «نورهم».
  • ﴿ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنّاتٌ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به -مقول القول -اي يقول لهم الملائكة الذين يتلقونهم: بشراكم. بشرى: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين -مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. اليوم: ظرف زمان متعلق بالبشرى منصوب وعلامة نصبه الفتحة. جنات: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة -نعت - لجنات. تجري: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت: جار ومجرور متعلق بتجري او بحال من الانهار بتقدير كائنة تحتها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. الانهار: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ خالِدِينَ فِيها:
  • حال منصوب وعلامة نصبه الياء لا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين الاسم المفرد. فيها: جار ومجرور متعلق بخالدين.
  • ﴿ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ واللام -زائدة -او للبعد والكاف للخطاب. هو: ضمير فصل -عماد-لا محل له من الإعراب. الفوز: خبر «ذلك» مرفوع بالضمة. العظيم: صفة -نعت -للفوز مرفوعة مثلها بالضمة او يكون «هو» ضميرا منفصلا مبنيا على الفتح في محل رفع مبتدأ ثانيا و «الفوز» خبره. والجملة الاسمية هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» في محل رفع خبر «ذلك».وهذا الوجه من الاعراب أفصح.'

المتشابهات :

الحديد: 12﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ
التحريم: 8﴿يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ ما لهذا المُقرِضِ، بَيَّنَ هنا بعضَ وصفِه بالكرمِ ببيانِ وقتِه، فقال تعالى: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ولَمَّا ذكَرَ تعالى نُفوذَهم فيما يُحِبُّونَ مِنَ الجِهاتِ، وتَيسيرَه لهم؛ أتْبَعَه ما يُقالُ لهم مِنَ المحبوبِ في سُلوكِهم لذلك المحبوبِ، فقال تعالى:
﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وبأيمانهم:
1- بفتح الهمزة، جمع «يمين» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر الهمزة، وهى قراءة سهل بن شعيب السهمي، وأبى حيوة.

مدارسة الآية : [13] :الحديد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ ..

التفسير :

[13] يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا، وهم على الصراط:انتظرونا نستضئْ من نوركم، فتقول لهم الملائكة -على وجه السخرية منهم-:ارجعوا وراءكم فاطلبوا نوراً، فَفُصِل بينهم بسور له باب، باطنه مما يلي المؤمنين فيه الرحمة، وظاهره مما يلي المنافقين من جهت

فإذا رأى المنافقون نور المؤمنين يمشون بهوهم قد طفئ نورهم وبقوا في الظلمات حائرين، قالوا للمؤمنين:{ انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} أي:أمهلونا لننال من نوركم ما نمشي به، لننجو من العذاب، فـ{ قِيلَ} لهم:{ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} أي:إن كان ذلك ممكنا، والحال أن ذلك غير ممكن، بل هو من المحالات،{ فَضُرِبَ} بين المؤمنين والمنافقين{ بِسُورٍ} أي:حائط منيع، وحصن حصين،{ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} وهو الذي يلي المؤمنين{ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} وهو الذي يلي المنافقين، فينادي المنافقون المؤمنين،

وقوله- عز وجل-: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بدل من قوله- تعالى- يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ.

أى: واذكر- أيها العاقل- أيضا- يوم يقول المنافقون والمنافقات، الذين أظهروا الإسلام، وأبطنوا الكفر، يقولون للذين آمنوا، على سبيل التذلل والتحسر.

انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ أى انتظرونا وتريثوا في سيركم لكي نلحق بكم، فنستنير بنوركم الذي حرمنا منه، وننتفع بالاقتباس من نوركم الذي أكرمكم الله- تعالى- به.

قال الآلوسى: انْظُرُونا أى: انتظرونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ نصب منه، وذلك بأن يلحقوا بهم، فيستنيروا به.. وأصل الاقتباس طلب القبس، أى الجذوة من النار.

وقولهم للمؤمنين ذلك، لأنهم في ظلمة لا يدرون كيف يمشون فيها. وروى أن ذلك يكون على الصراط.

وقوله- سبحانه- قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً حكاية لما يرد به عليهم المؤمنون، أو الملائكة.

أى: قال المؤمنون في ردهم على هؤلاء المنافقين: ارجعوا وراءكم حيث الموقف الذي كنا واقفين فيه فالتمسوا منه النور، أو ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا نورا، عن طريق تحصيل سببه وهو الإيمان، أو ارجعوا خائبين فلا نور لكم عندنا.

وهذا القول من المؤمنين لهم، على سبيل التهكم بهم، إذ لا نور وراء المنافقين.

وقوله: وَراءَكُمْ تأكيد لمعنى ارْجِعُوا إذ الرجوع يستلزم الوراء.

ثم بين- سبحانه- ما حدث للمنافقين بعد ذلك فقال: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ.

أى: فضرب بين المؤمنين وبين المنافقين يحاجز عظيم، هذا الحاجز العظيم، والسور الكبير لَهُ بابٌ باطن هذا الباب مما يلي المؤمنين فِيهِ الرَّحْمَةُ أى: فيه الجنة، وظاهر هذا الباب مما يلي المنافقين مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ.

أى: يأتى من جهته العذاب. قالوا: وهذا السور، هو الحجاب المذكور في سورة الأعراف في قوله- تعالى-: وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.

والمقصود بهذه الآية الكريمة، بيان أن المؤمنين في مكان آمن تحيط به الجنة، أما المنافقون ففي مكان مظلم يؤدى بهم إلى النار وبئس القرار.

وقوله : ( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ) وهذا إخبار منه تعالى عما يقع يوم القيامة في العرصات من الأهوال المزعجة ، والزلازل العظيمة ، والأمور الفظيعة وإنه لا ينجو يومئذ إلا من آمن بالله ورسوله ، وعمل بما أمر الله به ، وترك ما عنه زجر .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا صفوان بن عمرو ، حدثني سليم بن عامر قال : خرجنا على جنازة في باب دمشق ، ومعنا أبو أمامة الباهلي ، فلما صلى على الجنازة ، وأخذوا في دفنها ، قال أبو أمامة : أيها الناس ، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر ، وهو هذا - يشير إلى القبر - بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق ، إلا ما وسع الله ، تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم في بعض تلك المواطن [ حتى ] يغشى الناس أمر من الله ، فتبيض وجوه وتسود وجوه ، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر فتغشى الناس ظلمة شديدة ، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئا ، وهو المثل الذي ضربه الله في كتابه ، قال ( أو كظلمات في بحر لجي ) إلى قوله : ( فما له من نور ) [ النور : 40 ] ، فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى بنور البصير ، ويقول المنافقون للذين آمنوا : ( انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا ) وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال : ( يخادعون الله وهو خادعهم ) [ النساء : 142 ] . فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور ، فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسور له باب ، ( باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) الآية . يقول سليم بن عامر : فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ، ويميز الله بين المؤمن والمنافق .

ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا ابن حيوة ، حدثنا أرطأة بن المنذر ، حدثنا يوسف بن الحجاج ، عن أبي أمامة قال : تبعث ظلمة يوم القيامة ، فما من مؤمن ، ولا كافر يرى كفه ، حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم ، فيتبعهم المنافقون فيقولون : ( انظرونا نقتبس من نوركم ) .

وقال العوفي ، والضحاك ، وغيرهما ، عن ابن عباس : بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا فلما رأي المؤمنون النور توجهوا نحوه ، وكان النور دليلا من الله إلى الجنة ، فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم ، فأظلم الله على المنافقين ، فقالوا حينئذ : ( انظرونا نقتبس من نوركم ) فإنا كنا معكم في الدنيا . قال المؤمنون : ( ارجعوا ) من حيث جئتم من الظلمة ، فالتمسوا هنالك النور .

وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا الحسن بن علويه القطان ، حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار ، حدثنا إسحاق بن بشر أبو حذيفة ، حدثنا ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم سترا منه على عباده ، وأما عند الصراط فإن الله يعطي كل مؤمن نورا ، وكل منافق نورا ، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات ، فقال المنافقون : ( انظرونا نقتبس من نوركم ) وقال المؤمنون : ( ربنا أتمم لنا نورنا ) [ التحريم : 8 ] . فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا " وقوله : ( فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) قال الحسن ، وقتادة : هو حائط بين الجنة النار .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هو الذي قال الله تعالى : ( وبينهما حجاب ) [ الأعراف : 46 ] . وهكذا روي عن مجاهد ، رحمه الله ، وغير واحد ، وهو الصحيح .

( باطنه فيه الرحمة ) أي : الجنة وما فيها ( وظاهره من قبله العذاب ) أي : النار . قاله قتادة ، وابن زيد ، وغيرهما .

قال ابن جرير : وقد قيل : إن ذلك السور سور بيت المقدس عند وادي جهنم . ثم قال : حدثنا ابن البرقي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد بن عطية بن قيس ، عن أبي العوام - مؤذن بيت المقدس - قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : إن السور الذي ذكر الله في القرآن : ( فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه ، وظاهره وادي جهنم .

ثم روي عن عبادة بن الصامت ، وكعب الأحبار ، وعلي بن الحسين زين العابدين ، نحو ذلك . وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالا لذلك ، لا أن هذا هو الذي أريد من القرآن هذا الجدار المعين ، ونفس المسجد وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم ; فإن الجنة في السماوات في أعلى عليين ، والنار في الدركات أسفل سافلين . وقول كعب الأحبار : إن الباب المذكور في القرآن هو باب الرحمة الذي هو أحد أبواب المسجد ، فهذا من إسرائيلياته وترهاته . وإنما المراد بذلك : سور يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين ، فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه ، فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظلمة والعذاب ، كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وجهل وشك وحيرة

يقول تعالى ذكره: هو الفوز العظيم في يوم يقول المنافقون والمنافقات، واليوم من صلة الفوز للذين آمنوا بالله ورسله: انظرونا.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( انْظُرُونَا )، فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: ( انْظُرُونَا )، موصولة بمعنى انتظرونا، وقرأته عامة قرّاء الكوفة: ( أنْظِرُونا ) مقطوعة الألف من أنظرت بمعنى: أخرونا، وذكر الفرّاء أن العرب تقول: أنظرني وهم يريدون. انتظرني قليلا؛ وأنشد في ذلك بيت عمرو بن كلثوم:

أبــا هِنْــدٍ فَــلا تَعْجَـلْ عَلَيْنـا

وأنْظِرْنـــا نُخَـــبّرْكَ اليَقِينَـــا (1)

قال: فمعنى هذا: انتظرنا قليلا نخبرك، لأنه ليس ها هنا تأخير، إنما هو استماع كقولك للرجل: اسمع مني حتى أخبرك.

والصواب من القراءة في ذلك عندي الوصل، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب إذا أريد به انتظرنا، وليس للتأخير في هذا الموضع معنى، فيقال: أنظرونا، بفتح الألف وهمزها.

وقوله: ( نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ) يقول: نستصبح من نوركم، والقبس: الشعلة.

وقوله: ( قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا ) يقول جلّ ثناؤه: فيجابون بأن يقال لهم: ارجعوا من حيث جئتم، واطلبوا لأنفسكم هنالك نورًا، فإنه لا سبيل لكم إلى الاقتباس من نورنا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ ) ... إلى قوله: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ قال ابن عباس: بينما الناس في ظلمة، إذ بعث الله نورا، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور دليلا من الله إلى الجنة؛ فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا، تبعوهم، فأظلم الله على المنافقين، فقالوا حينئذ: انظرونا نقتبس من نوركم، فإنا كنا معكم في الدنيا؛ قال المؤمنون: ارجعوا من حيث جئتم من الظلمة، فالتمسوا هنالك النور.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) ... الآية، كان ابن عباس يقول: بينما الناس في ظلمة، ثم ذكر نحوه.

وقوله: ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) يقول تعالى ذكره: فضرب الله بين المؤمنين والمنافقين بسُور، وهو حاجز بين أهل الجنة وأهل النار.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( بِسُورٍ لَهُ بَابٌ ) قال: كالحجاب في الأعراف.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ ) السور: حائط بين الجنة والنار.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ ) قال: هذا السور الذي قال الله وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ .

وقد قيل: إن ذلك السور ببيت المقدس عند وادي جهنم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا الحسن بن بلال، قال: ثنا حماد، قال: أخبرنا أبو سنان، قال: كنت مع عليّ بن عبد الله بن عباس، عند وادي جهنم، فحدث عن أبيه قال ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) فقال: هذا موضع السور عند وادي جهنم.

حدثني إبراهيم بن عطية بن رُدَيح بن عطية، قال: ثني عمي محمد بن رُدَيح بن عطية، عن سعيد بن عبد العزيز، عن أبي العوّام، عن عُبادة بن الصامت، أنه كان يقول: ( بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) , قال: هذا باب الرحمة.

حدثنا ابن البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عطية بن قيس، عن أبي العوّام مؤذّنِ بيت المقدس، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إن السور الذي ذكره الله في القرآن: ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) هو السور الشرقيّ، باطنه المسجد، وظاهره وادي جهنم.

حدثني محمد بن عوف، قال: ثنا أبو المُغيرة، قال: ثنا صفوان، قال: ثنا شريح أن كعبا كان يقول في الباب الذي في بيت المقدس: إنه الباب الذي قال الله ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) .

وقوله: ( لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ) يقول تعالى ذكره: لذلك السور باب، باطنه فيه الرحمة، وظاهره من قبل ذلك الظاهر العذاب: يعني النار.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ) : أي النار.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ) قال: الجنة وما فيها.

------------------------

الهوامش:

(1) ‌هذا البيت من معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي (انظره في شرحي الزوزني والتبريزي)، يخاطب عمرو بن هند مالك الحيرة. وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن. قال عند قوله تعالى "للذين آمنوا انظرونا" : وقرأها يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة: "أنظرونا" من أنظرت. وسائر القراء على (انظرونا) بتخفيف الألف. ومعنى (انظرونا): انتظرونا. ومعنى "أنظرونا": أخرونا، كما قال: "أنظرني إلى يوم يبعثون" . وقد تقول العرب "أنظرني"، وهم يريدون انتظروني، تقوية لقراءة يحيى. قال الشاعر: "أبا هند ... البيت"، فمعنى هذه: انتظرنا قليلا نخبرك، لأنه ليس هاهنا تأخير، إنما هو استماع، كقولك للرجل: اسمع مني حتى أخبرك. ا هـ. وفي (اللسان: نظر) والنظر: الانتظار. يقال: نظرت فلانا وانتظرته: بمعنى واحد فإذا قلت: انتظرت، فلم يجاوزك فعلك، فمعناه: وقفت وتمهلت. ومنه قوله تعالى "انظرونا نقتبس من نوركم" قرئ انظرونا وأنظرونا بقطع الألف. فمن قرأ "انظرونا" بضم الألف، فمعناه: انتظرونا. ومن قرأ "أنظرونا" فمعناه: أخرونا. وقال الزجاج" قيل معنى "أنظرونا" انتظرونا أيضا. ومنه قول عمرو بن كلثوم: "أبا هند ... البيت". ا هـ .

المعاني :

انظُرُونَا :       انْتَظِرُونَا السراج
نَقْتَبِسْ :       نَاخُذْ، وَنُصِبْ السراج
نقتبس :       نـُـصِـبْ و نأخذ و نستضيء معاني القرآن
بسور :       حاجز بين الجنة و النار (الأعراف) معاني القرآن
بَاطِنُهُ :       مِمَّا يَلِي المُؤْمِنِينَ السراج
وَظَاهِرُهُ :       مِمَّا يَلِي المُنَافِقِينَ السراج

التدبر :

وقفة
[13] ﴿يَومَ يَقولُ المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ لِلَّذينَ آمَنُوا انظُرونا نَقتَبِس مِن نورِكُم﴾ على الصراط سيكون للبعض نورًا كنور الشمس فى رابعة النهار، وللبعض نورًا كالقمر فى ليلة تمامه، والبعض شعاع من نور يهديه بالكاد على الصراط، وآخرين يترجون من الآخرين ولو بصيصًا به يعبرون، ولكن هيهات هيهات، اللهم اجعل لنا نورًا.
وقفة
[13] ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ وهذا أشد ما يكون من الحسرة والبلاء؛ أن يفتح للعبد طريق النجاة والفلاح، حتى إذا ظنَّ أنه ناجٍ، ورأى منازل السعداء، اقتطع عنهم، وضربت عليه الشقوة، ونعوذ بالله من غضبه وعقابه.
وقفة
[13] قال الإمام الرازي: «الاحتمالات في هذا الباب ثلاثة: أحدها: أن يكون الناس كلهم في الظلمات، ثم إنه تعالى يعطي المؤمنين هذه الأنوار، والمنافقون يطلبونها منهم. وثانيها: أن تكون الناس كلهم في الأنوار، ثم إن المؤمنين يكونون في الجنات فيمرون سريعًا، والمنافقون يبقون وراءهم، فيطلبون منهم الانتظار. وثالثها: أن يكون المؤمنون في النور والمنافقون في الظلمات، ثم المنافقون يطلبون النور مع المؤمنين».
وقفة
[13] لما لم يقتبسوا من علمهم وتقواهم في الدنيا حُرموا نورهم في الأخرى, فما يفعله الإنسان في دنياه يراه في أخراه.
وقفة
[13] ﴿انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ﴾ الأنوار التي استخفوا بها هنا، يتلمسونها هناك.
وقفة
[13] قال ابن كثير: «فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى بنور البصير، ويقول المنافقون للذين آمنوا: ﴿انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾، وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: 142]، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئا، فينصرفون إليهم، وقد ضُرب بينهم بسور له باب: ﴿بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾».
وقفة
[13] استخدم المنافق الخداع في الدنيا فعوقب بمثله في الآخرة.
وقفة
[13] ﴿قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ بَيَّنَ الله للناس في الدنيا طريق النور والظلمة، فأخذ المنافقون بطريق الظلام؛ فحرموا النور يوم القيامة.
وقفة
[13] ﴿قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ لقد ملأتم الحياة ضجيجًا عن أنوار الضالين المزعومة، عودوا فالتمسوها لديهم.
وقفة
[13] ﴿قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ المعاصي والنفاق سبب للظلمة والهلاك يوم القيامة.
وقفة
[13] ﴿قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً﴾ يالخيبة المرائي! خسر كثير عمله لسوء نيته، أعرض عن نور الهداية في الدنيا فأظلمت آخرته.
وقفة
[13] نكصوا على أعقابهم ورجعوا القهقرى بعد أن هُدوا للإيمان فلما تلمسوا النور يوم القيامة ﴿قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا﴾.
وقفة
[13] كان منهج المنافقين الخداع للمؤمنين في الدنيا، فكان الجزاء من جنس العمل، إذ لن يجدوا نورًا، وإنما سيجدون نارًا، وتأمل دقة اللفظ ممن خاطبهم، حيث قال: ﴿فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾، ولم يقل: (فستجدون نورًا).
وقفة
[13] قال المؤمنون في الرد على المنافقين: 1- ارجعوا وراءكم حيث الموقف الذي كنا واقفين فيه سويًّا، فالتمسوا منه النور. 2- أو ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا نورًا، عن طريق تحصيل سبب النور وهو الإيمان والعمل الصالح. 3- أو ارجعوا خائبين، فلا نور لكم عندنا. وقول المؤمنين هنا على سبيل التهكم؛ إذ لا نور وراء المنافقين.
وقفة
[13] الأعمال الصالحة سبب أنوار الآخرة، قال الرازي: «تلك الأنوار نتائج الأعمال الصالحة في الدنيا، فلما لم توجد تلك الأعمال في الدنيا امتنع حصول تلك الأنوار في الآخرة».
وقفة
[13] الشهيد والسجين الحر لا يُبكى عليهم؛ فهم في جنة لا نراها، لما أُغلق باب السجن قرأ ابن تيمية: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾.
تفاعل
[13] ﴿وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ يَوْمَ يَقُولُ:
  • بدل من «يوم» الواردة في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها.يقول: فعل مضارع مرفوع بالضمة.
  • ﴿ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ:
  • فاعل مرفوع بالوا ولا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. والمنافقات: معطوفة بالواو على «المنافقون» مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة. والجملة الفعلية يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ» في محل جر بالاضافة.لِلَّذِينَ آمَنُوا: اللام حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيقول. آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ انْظُرُونا:
  • الجملة في محل نصب مفعول به -مقول القول -وهي فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخامسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل -ضمير المتكلمين -مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ:
  • فعل مضارع مجزوم لا نه جواب الطلب وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. من نور: جار ومجرور متعلق بنقتبس والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين -مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ قِيلَ ارْجِعُوا:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. ارجعوا: تعرب إعراب «انظروا» وجملة «ارجعوا» في محل رفع نائب فاعل وهو قول المؤمنين للمنافقين طردا لهم وتهكما بهم
  • ﴿ وَراءَكُمْ:
  • ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بارجعوا. و «كم» تعربت في نوركم».
  • ﴿ فَالْتَمِسُوا نُوراً:
  • معطوفة بالفاء على «ارجعوا» وتعرب إعرابها. نورا:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ:
  • الفاء سببية او عاطفة على فعل محذوف بمعنى فرجعوا الى موقف المؤمنين فحيل بينهم فضرب .... ضرب: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بضرب وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.بسور: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل اي بين المؤمنين والمنافقين بحائط‍ حائل بين شق الجنة وشق النار.
  • ﴿ لَهُ بابٌ:
  • الجملة الاسمية في محل جر صفة لسور على اللفظ‍.له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. باب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة اي لذلك السور باب لاهل الجنة يدخلون منه.
  • ﴿ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ:
  • الجملة الاسمية في محل جر صفة ثانية لسور او في محل رفع صفة لباب اي باطن السور او الباب وهو الشق الذي يلي الجنة.باطنه: مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. فيه: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم و «الرحمة» مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية فِيهِ الرَّحْمَةُ» في محل رفع خبر «باطنه
  • ﴿ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ:
  • معطوفة بالواو على باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ» وتعرب إعرابها والهاء في «قبله» في محل جر بالاضافة اي وظاهر الباب من جهته النار او ما ظهر لاهل النار من عند الباب ومن جهته الظلمة والنار.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ولَمَّا شَرَحَ اللهُ حالَ المُؤمِنينَ في مَوقِفِ القيامةِ؛ أتْبَعَ ذلك بشَرحِ حالِ المُنافِقينَ، فقال تعالى:
﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

انظرونا:
وقرئ:
أنظرونا، من «أنظر» رباعيا، أي: أخرونا، وهى قراءة زيد بن على، وابن وثاب، والأعمش، وطلحة، وحمزة.
فضرب:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للفاعل، وهى قراءة زيد بن على، وعبيد بن عمير.

مدارسة الآية : [14] :الحديد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا ..

التفسير :

[14] ينادي المنافقون المؤمنين قائلين:ألم نكن معكم في الدنيا، نؤدي شعائر الدين مثلكم؟ قال المؤمنون لهم:بلى قد كنتم معنا في الظاهر، ولكنكم أهلكتم أنفسكم بالنفاق والمعاصي، وتربصتم بالنبي الموت وبالمؤمنين الدوائر، وشككتم في البعث بعد الموت، وخدعتكم أمانيكم

فيقولون لهم تضرعا وترحما:{ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} في الدنيا نقول:{ لا إله إلا الله} ونصلي ونصوم ونجاهد، ونعمل مثل عملكم؟{ قَالُوا بَلَى} كنتم معنا في الدنيا، وعملتم [في الظاهر] مثل عملنا، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين، من غير إيمان ولا نية [صادقة] صالحة، بل{ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ} أي:شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكا،{ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ} الباطلة، حيثتمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين، وأنتم غير موقنين،{ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} أي:حتى جاءكم الموت وأنتم بتلك الحال الذميمة.

{ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} وهو الشيطان، الذي زين لكم الكفر والريب، فاطمأننتم به، ووثقتم بوعده، وصدقتم خبره.

ثم حكى- سبحانه- أن المنافقين لم يكتفوا بهذا الرجاء للمؤمنين، بل أخذوا ينادونهم في تحسر وتذلل فيقولون لهم- كما حكى القرآن عنهم-: يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ.

أى: ينادى المنافقون المؤمنين نداء كله حسرة وندامة، فيقولون لهم: ألم نكن معكم في الدنيا، نصلى كما تصلون، وننطق بالشهادتين كما تنطقون؟

قالُوا بَلى أى: قال المؤمنون للمنافقين: بل كنتم معنا في الدنيا تنطقون بالشهادتين.

وَلكِنَّكُمْ في الدنيا فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أى: أظللتم أنفسكم بالنفاق الذي هو كفر باطن، وإسلام ظاهر.

وَتَرَبَّصْتُمْ والتربص: الانتظار والترقب، أى: وانتظرتم وقوع المصائب بالمؤمنين.

وَارْتَبْتُمْ أى: وشككتم في الحق الذي جاءكم به الرسول صلى الله عليه وسلم وأعرضتم عنه.

وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ والأمانى: جمع أمنية، وهي ما يمنون به أنفسهم من الباطل.

كزعمهم أنهم مصلحون، وأنهم على الحق، وأن المسلمين على الباطل.

حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ أى: بقيتم على الفتنة، والارتياب، والتربص، والاغترار بالباطل، حتى جاءكم أمر الله، وهو قضاؤه فيكم بالموت.

وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ أى: وخدعكم في سعة رحمة الله الشيطان. فأطمعكم بأنكم ستنجون من عقابه- تعالى- مهما فتنتم أنفسكم وتربصتم بالمؤمنين وارتبتم في كون الإسلام حق.

وها أنتم الآن ترون سوء عاقبة نفاقكم، وإصراركم على كفركم.

( ينادونهم ألم نكن معكم ) أي : ينادي المنافقون المؤمنين : أما كنا معكم في الدار الدنيا ، نشهد معكم الجمعات ، ونصلي معكم الجماعات ، ونقف معكم بعرفات ، ونحضر معكم الغزوات ، ونؤدي معكم سائر الواجبات ؟ ( قالوا بلى ) أي : فأجاب المؤمنون المنافقين قائلين : بلى ، قد كنتم معنا ، ( ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني ) قال بعض السلف : أي فتنتم أنفسكم باللذات والمعاصي والشهوات ( وتربصتم ) أي : أخرتم التوبة من وقت إلى وقت .

وقال قتادة : ( وتربصتم ) بالحق وأهله ( وارتبتم ) أي : بالبعث بعد الموت ( وغرتكم الأماني ) أي : قلتم : سيغفر لنا . وقيل : غرتكم الدنيا ( حتى جاء أمر الله ) أي : ما زلتم في هذا حتى جاء الموت ( وغركم بالله الغرور ) أي : الشيطان .

قال قتادة : كانوا على خدعة من الشيطان ، والله ما زالوا عليها حتى قذفهم الله في النار .

ومعنى هذا الكلام من المؤمنين للمنافقين : إنكم كنتم معنا [ أي ] بأبدان لا نية لها ولا قلوب معها ، وإنما كنتم في حيرة وشك فكنتم تراءون الناس ولا تذكرون الله إلا قليلا .

قال مجاهد : كان المنافقون مع المؤمنين أحياء يناكحونهم ، ويغشونهم ، ويعاشرونهم ، وكانوا معهم أمواتا ، ويعطون النور جميعا يوم القيامة ، ويطفأ النور من المنافقين إذا بلغوا السور ، ويماز بينهم حينئذ .

وهذا القول من المؤمنين لا ينافي قولهم الذي أخبر الله به عنهم ، حيث يقول - وهو أصدق القائلين - : ( كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين ) [ المدثر : 38 - 47 ] ، فهذا إنما خرج منهم على وجه التقريع لهم والتوبيخ . ثم قال تعالى : ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) [ المدثر : 48 ] ،

وقوله: ( يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى ) يقول تعالى ذكره: ينادي المنافقون المؤمنين حين حُجز بينهم بالسور، فبقوا في الظلمة والعذاب، وصار المؤمنون في الجنة، ألم نكن معكم في الدنيا نصلي ونصوم، ونناكحكم ونوارثكم؟ قالوا: بلى، يقول: قال المؤمنون: بلى، بل كنتم كذلك، ولكنكم فَتَنْتمْ أنفسكم، فنافقتم، وفِتْنَتهم أنفسَهم في هذا الموضع كانت النفاق.

وكذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ ) قال: النفاق، وكان المنافقون مع المؤمنين أحياء يناكحونهم، ويغشَوْنهم، ويعاشرونهم، وكانوا معهم أمواتًا، ويعطون النور جميعا يوم القيامة، فيطفأ النور من المنافقين إذا بلغوا السور، ويماز بينهم حينئذ.

وقوله: ( وَتَرَبَّصْتُمْ ) يقول: وتلبثتم بالإيمان، ودافعتم بالإقرار بالله ورسوله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَتَرَبَّصْتُمْ ) قال: بالإيمان برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقرأ: ( فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ )

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتَرَبَّصْتُمْ ) يقول: تربصوا بالحق وأهله، وقوله: ( وَارْتَبْتُمْ ) يقول: وشككتم في توحيد الله، وفي نبوّة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَارْتَبْتُمْ ) : شكوا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَارْتَبْتُمْ ): كانوا في شكّ من الله.

وقوله: ( وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ ) يقول: وخدعتكم أمانيّ نفوسكم، فصدتكم عن سبيل الله، وأضلتكم.( حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ ) يقول: حتى جاء قضاء الله بمناياكم، فاجتاحتكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ ): كانوا على خدعة من الشيطان، والله ما زالوا عليها حتى قذفهم الله في النار.

وقوله: ( وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) يقول: وخدعكم بالله الشيطان، فأطمعكم بالنجاة من عقوبته، والسلامة من عذابه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: ( الْغُرُورُ ) : أي الشيطان.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) : أي الشيطان.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) : الشيطان.

المعاني :

ينادونهم :       ينادي المنافقون المؤمنين معاني القرآن
فَتَنتُمْ :       أَهْلَكْتُمْ السراج
فتنـْـتم أنفسكم :       محنتموها و أهلكتموها بالنفاق معاني القرآن
وَتَرَبَّصْتُمْ :       تَرَقَّبْتُمْ حُصُولَ النَّوَائِبِ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَالمُؤْمِنِينَ مَعَهُ السراج
تربّـصتم :       انتظرتم بالمؤمنين النوائب معاني القرآن
وَارْتَبْتُمْ :       شَكَكْتُمْ فيِ البَعْثِ السراج
وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ :       خَدَعَتْكُمُ الأَبَاطِيلُ السراج
أَمْرُ اللَّهِ :       المَوْتُ السراج
الْغَرُورُ :       الشَّيْطَانُ السراج
الغرور :       الشيطان و كل خادع معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[14] ﴿يُنَادُونهم أَلَم نَكُن مّعَكُم﴾ كم في كلامهم من الحسرة والندم؟! بل والضياع الكامل كانوا مع المؤمنين جسداً لا روحًا.
وقفة
[14] ﴿يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ﴾ وجودُنا مع الصَّالحين أو ظهورُنا في الصُّورةِ معهم لا يجعلنا منهم حتَّى نكونَ في حقيقتِنا صَالحين.
وقفة
[14] ﴿يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ تساوت الأعمال، لكن اختلفت النيات والقلوب، فثبتت أجور، وتراجعت أخرى.
وقفة
[14] ﴿يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ فتنة النفس تعني حرمان النور على الصراط يوم القيامة.
وقفة
[14] مرارة الانتكاس: ﴿يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ أشدُّ ما يكون من الحسرة والبلاء أن يُفتح للعبد طريقُ النجاة والفلاح حتى إذا ظن أنه ناجٍ ورأى منازل السعداء؛ اقتُطِع عنهم وضُربت عليه الشقوة.
وقفة
[14] ﴿يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ وذكروا لهم أربعة أصول هي أسباب الخسران؛ وهي: فتنة أنفسهم، والتربص بالمؤمنين، والارتياب في صدق الرسول ﷺ، والاغترار بما تُموِّه إليهم أنفسهم.
وقفة
[14] ﴿وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ قد يحذر الإنسان من الفتن حوله وينسى واحدة خفية دقيقة، وهي: فتنة الإنسان نفسه بنفسه، وهذا من أعظم فقه النفس.
وقفة
[14] ﴿وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ نسب فتنة النفس لهم, فمن أمن شرها وقع في أسرها.
وقفة
[14] ﴿وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ﴾ قد يحذر الإنسان من الفتن حوله وينسى واحدة خفية دقيقة وهي: فتنة الإنسان نفسه بنفسه.
وقفة
[14] ﴿ولكنكم فتنتم أنفسكم﴾ قد يحذر الإنسان من الفتن حوله وينسى واحدة خفية دقيقة، وهي: فتنة الإنسان نفسه بنفسه.
عمل
[14] ﴿وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ احذر من الريب والشك في الدين؛ فهو من علامات النفاق.
تفاعل
[14] ﴿وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ قل: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».
وقفة
[14] ﴿وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ التربُّص بالمؤمنين والشك في البعث، والانخداع بالأماني، والاغترار بالشيطان: من صفات المنافقين.
وقفة
[14] أسباب تغيير المنهج وعدم الثبات: ١- ﴿فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ﴾. ٢- ﴿وَتَرَبَّصْتُمْ﴾. ٣- ﴿وَارْتَبْتُمْ﴾. ٤- ﴿وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ﴾. ٥- ﴿وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾.
وقفة
[14] ﴿وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ كم مَنْ شارف مركبُه ساحلَ النجاة، فلما همَّ أن يرقى لعِبَ به موج الهوى فغرق!
عمل
[14] ﴿وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّـهِ وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ ابتعد عن الأماني؛ فهي رأس مال المفاليس.
وقفة
[14] ﴿وَغَرَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ الغَـرور هــو الشـيطان باتفاق المفسرين، فالغَرور بفتح الغين هو الشيطان، وبضمه هو الباطل.

الإعراب :

  • ﴿ يُنادُونَهُمْ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-اي ينادي المنافقون المؤمنين قائلين لهم ... الهمزة همزة استفهام انكار دخلت على المنفي فرجع الى معنى التقرير اي هي همزة انكار للنفي مبالغة في لاثبات. لم:حرف نفي وجزم وقلب. نكن: فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الواو لالتقاء الساكنين واسمها ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن. مع: ظرف مكان منصوب يدل على الاجتماع والمصاحبة متعلق بخبر «نكن» وهو مضاف والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور اي يريدون موافقتهم في الظاهر.
  • ﴿ قالُوا بَلى:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. بلى: حرف جواب لا عمل له للتحقيق. اي نعم كنتم معنا.
  • ﴿ وَلكِنَّكُمْ:
  • الواو استدراكية. لكن: حرف مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسمها والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية بعدها في محل رفع خبرها.
  • ﴿ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. أنفس: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «كم» اعربت في «معكم» اي فتنتموها بالنفاق.
  • ﴿ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ:
  • معطوفتان بواوي العطف على «فتنتم» وتعربان إعرابها اي وانتظرتم وشككتم.
  • ﴿ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ:
  • الواو عاطفة. غرت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور. الاماني: فاعل مرفوع بالضمة اي وخدعتكم طوال الاماني والطمع في امتداد الاعمار.
  • ﴿ حَتّى جاءَ أَمْرُ اللهِ:
  • حرف غاية وابتداء. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. أمر: فاعل مرفوع بالضمة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة اي حتى جاءكم الموت. والجملة الفعلية جاءَ أَمْرُ اللهِ» ابتدائية لا محل لها من الإعراب
  • ﴿ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ:
  • معطوفة بالواو على غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ» وتعرب إعرابها. بالله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بغركم اي خدعكم عن الله والايمان به الشيطان بأن الله عفو كريم لا يعذبكم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا ضُرِبَ بيْنَ المنافِقِين وبيْنَ المُؤمِنينَ حاجِزٌ يَفصِلُ بيْنَهم؛ نادى المُنافِقونَ المُؤمِنينَ مِن وَراءِ السُّورِ الحاجِزِ بَيْنَهم، قال تعالى:
﴿ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الغرور:
وقرئ:
الغرور، بالضم، وهى قراءة سماك بن حرب.
(وانظر: لقمان، الآية: 33، وفاطر، الآية: 5) .

مدارسة الآية : [15] :الحديد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ ..

التفسير :

[15] فاليوم لا يُقبل من أحد منكم -أيها المنافقون- عوض؛ ليفتدي به من عذاب الله، ولا من الذين كفروا بالله ورسوله، مصيركم جميعاً النار، هي أولى بكم من كل منزل، وبئس المصير هي.

{ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} فلو افتديتم بمثل الأرض ذهبا ومثله معه، لما تقبل منكم،{ مَأْوَاكُمُ النَّارُ} أي:مستقركم،{ هِيَ مَوْلَاكُمْ} التي تتولاكم وتضمكم إليها،{ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} النار.

[قال تعالى:]{ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ}

فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ أيها المنافقون فِدْيَةٌ وهي ما يبذل من أجل افتداء النفس من العذاب.

وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أى: ولا يؤخذ- أيضا- من الذين كفروا ظاهرا وباطنا فداء.

مَأْواكُمُ جميعا النَّارُ. أى: المكان الذي تستقرون فيه، هو النار.

هِيَ مَوْلاكُمْ أى: هذه النار هي أولى بكم من غيرها. والأصل هي مكانكم الذي يقال فيه أولى بكم.

ويجوز أن يكون المعنى: هذه النار: هي ناصركم، من باب التهكم بهم، على حد قول الشاعر: تحية بينهم ضرب وجيع ... أى: لا ناصر لكم إلا النار.

والمراد نفى الناصر لهم على سبيل القطع، بعد نفى أخذ الفدية منهم.

قال صاحب الكشاف: قوله: هِيَ مَوْلاكُمْ قيل: هي أولى بكم ... وحقيقة مولاكم، أى: مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم كما قيل هو مئنة للكرم، أى مكان لقول القائل إنه لكريم.

ويجوز أن يراد: هي ناصركم. أى: لا ناصر لكم غيرها. والمراد: نفى الناصر على البتات، ونحوه قولهم أصيب فلان بكذا فاستنصر بالجزع. ومنه قوله- تعالى- وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ.

وقيل: هي مولاكم، أى تتولاكم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار.

وعطف- سبحانه- الذين كفروا على المنافقين في عدم قبول الفدية، لاتحادهم في التكذيب بيوم الدين، وفي الاستهزاء بالحق الذي جاءهم من عند الله- تعالى-.

والمخصوص بالذم في قوله- تعالى-: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ محذوف والتقدير: وبئس المصير جهنم التي هي المكان الذي تصيرون إليه.

فأنت ترى أن المؤمنين قد بينوا للمنافقين، أنهم يوافقونهم على أنهم كانوا معهم في الدنيا.

ولكن الذي أدى بهؤلاء المنافقين إلى هذا المصير الأليم هو: فتنة أنفسهم، والتربص بالمؤمنين، والارتياب في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم والاغترار بخداع الشيطان.. فما نزل بهم من عذاب إنما هو بسبب أفعالهم القبيحة.

وبعد هذا الحديث المؤثر عن المؤمنين ونورهم، وعن المنافقين وظلماتهم وعن تلك المحاورات التي تدور بينهم.. بعد كل ذلك حرض- سبحانه- المؤمنين، على أن يروضوا أنفسهم على خشية الله- تعالى- وحذرهم من أن ينهجوا نهج أهل الكتاب في قسوة القلب، ووعد- سبحانه- المؤمنين الصادقين بالأجر الجزيل، وبالنور العظيم، فقال- تعالى-:

كما قال تعالى ها هنا : ( فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ) أي : لو جاء أحدكم اليوم بملء الأرض ذهبا ومثله معه ليفتدي به من عذاب الله ، ما قبل منه .

وقوله : ( مأواكم النار ) أي : هي مصيركم وإليها منقلبكم .

وقوله : ( هي مولاكم ) أي : هي أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم ، وبئس المصير .

يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل المؤمنين لأهل النفاق، بعد أن ميز بينهم في القيامة: (فَالْيَوْمَ ) أيها المنافقون (لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ ) يعني: عوضا وبدلا؛ يقول: لا يؤخذ ذلك منكم بدلا من عقابكم وعذابكم، فيخلصكم من عذاب الله.(وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) يقول: ولا تؤخذ الفدية أيضا من الذين كفروا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) يعني المنافقين، ولا من الذين كفروا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ ): من المنافقين، (وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ): معكم.(مَأْوَاكُمُ النَّارُ ) .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ )، فقرأت ذلك عامة القرّاء بالياء (يُؤْخَذُ ) ، وقرأه أبو جعفر القارئ بالتاء.

وأولى القراءتين بالصواب الياء، وإن كانت الأخرى جائزة.

وقوله: (مَأْوَاكُمُ النَّارُ ) يقول: مثواكم ومسكنكم الذي تسكنونه يوم القيامة النار.

وقوله: (هِيَ مَوْلاكُمْ ) يقول: النار أولى بكم.

وقوله: (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) يقول: وبئس مصير من صار إلى النار.

المعاني :

فِدْيَةٌ :       عِوَضٌ لِيُفْتَدَى بِهِ مِنْ عَذَابِ اللهِ السراج
مَاوَاكُمُ :       مَصِيرُكُمْ السراج
مَوْلَاكُمْ :       أَوْلَى بِكُمْ السراج
هي مولاكم :       النار أولى بكم أو ناصركم معاني القرآن
الْمَصِيرُ :       المَرْجِعُ السراج

التدبر :

وقفة
[15] ﴿فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ كل شيء يمكن تعويضه إذا فات إلا الإيمان، وصدق من قال: «اليوم يُقبَل منك مثقال ذَرة، وغدًا لن يقبل منك ملء الأرض ذَهبًا».
وقفة
[15] ﴿فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الأموال التي كانت تزوَّر بها الحقائق وتـشترى بها الذمم ستكون على أصحابها وبالًا، ولن تغني عنهم كثيرًا ولا قليلًا.
تفاعل
[15] ﴿مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.

الإعراب :

  • ﴿ فَالْيَوْمَ:
  • الفاء استئنافية. اليوم: ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيؤخذ
  • ﴿ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ:
  • نافية لا عمل لها. يؤخذ: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. منكم: جار ومجرور متعلق بيؤخذ والميم علامة جمع الذكور. فدية: نائب فاعل مرفوع بالضمة وقد ذكر الفعل لانه مفصول عن نائب الفاعل او لان «فدية» بمعنى «فداء» وهو ما يفتدى به من التعويض والبدل.
  • ﴿ وَلا مِنَ الَّذِينَ:
  • الواو عاطفة. لا: معطوفة على لا يُؤْخَذُ». من: حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بيؤخذ.
  • ﴿ كَفَرُوا:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وحذف الفعل «يؤخذ» قبل مِنَ الَّذِينَ» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه.
  • ﴿ مَأْواكُمُ النّارُ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور ومنع من ظهور الضمة المقدرة على الالف التعذر. النار: خبر مرفوع بالضمة.
  • ﴿ هِيَ مَوْلاكُمْ:
  • ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مولى:خبر «هي» مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر و «كم» اعربت في «مأواكم» اي النار تتولى امركم. والجملة تفسيرية لا محل لها.
  • ﴿ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ:
  • الواو عاطفة. بئس: فعل ماض جامد مبني على الفتح لانشاء الذم. المصير: فاعل «بئس» مرفوع بالضمة وحذف المخصوص بالذم اختصارا لان ما قبله يدل عليه اي وبئس المصير النار.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ المؤمنون للمنافقين أن هناك أربعة أسباب باعدت بينهم؛ أيأسوهم هنا من عاقبةِ أمرِهم، وأنهم هالكون لا محالة، ولا سبيل إلى الخَلاص من النَّار، قال تعالى:
﴿ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لا يؤخذ:
1- بالياء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتاء، لتأنيث «الفدية» ، وهى قراءة أبى جعفر، والحسن، وابن أبى إسحاق، والأعرج، وابن عامر، وهارون، عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [16] :الحديد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن ..

التفسير :

[16] ألم يحن الوقت للذين صدَّقوا الله ورسوله واتَّبَعوا هديه، أن تلين قلوبهم عند ذكر الله وسماع القرآن، ولا يكونوا في قسوة القلوب كالذين أوتوا الكتاب من قبلهم -من اليهود والنصارى- الذين طال عليهم الزمان فبدَّلوا كلام الله، فقست قلوبهم، وكثير منهم خارجون ع

لما ذكر حال المؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات في الدار الآخرة، كان ذلك مما يدعو القلوب إلى الخشوع لربها، والاستكانة لعظمته، فعاتب الله المؤمنين [على عدم ذلك]، فقال:{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}

أي:ألم يجئالوقت الذي تلين به قلوبهموتخشع لذكر الله، الذي هو القرآن، وتنقاد لأوامره وزواجره، وما نزل من الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؟ وهذا فيه الحث على الاجتهاد على خشوع القلب لله تعالى، ولما أنزله من الكتاب والحكمة، وأن يتذكر المؤمنون المواعظ الإلهية والأحكام الشرعية كل وقت، ويحاسبوا أنفسهم على ذلك،{ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} أي:ولا يكونوا كالذين أنزل الله عليهم الكتاب الموجب لخشوع القلب والانقياد التام، ثم لم يدوموا عليه، ولا ثبتوا، بل طال عليهم الزمان واستمرت بهم الغفلة، فاضمحل إيمانهم وزال إيقانهم،{ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} فالقلوب تحتاج في كل وقت إلى أن تذكر بما أنزل له الله، وتناطق بالحكمة، ولا ينبغي الغفلة عن ذلك، فإن ذلكسبب لقسوة القلب وجمود العين.

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَلَمْ يَأْنِ للتقرير، و «يأن» فعل مضارع، يقال:

أنى الشيء- كرمى- أنيا وأناء- بالفتح- وإنى- بالكسر- إذا حان أناه، أى: وقته، فهو فعل معتل حذفت منه الياء لسبقه بلم الجازمة، ومنه قوله- تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ أى غير ناظرين حلول وقته.

والخطاب في الآية يحتمل أن يكون من باب العتاب لطائفة من المؤمنين، أصابهم بعض الفتور أو التكاسل، فيما أمروا به من الاجتهاد في طاعة الله- تعالى- بعد أن فتح الله- تعالى- لهم أقطار الأرض ورزقهم بالكثير من لين العيش، وخيرات الدنيا.

ويؤيد هذا ما أخرجه ابن المبارك، وعبد الرازق، وابن المنذر عن الأعمش قال: لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأصابوا من لين العيش ما أصابوا. بعد أن كان لهم من الجهد- وشظف العيش فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه، فعوتبوا على ذلك فنزلت هذه الآية.

ويحتمل أن يكون الخطاب في الآية لجميع المؤمنين، على سبيل الحض على المداومة على طاعة الله- تعالى-، والتحذير من التقصير.

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله- تعالى-: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ.

استئناف لعتاب المؤمنين على الفتور والتكاسل فيما ندبوا إليه، والمعاتب- على ما قاله الزجاج- طائفة منهم، وإلا فإن من المؤمنين من لم يزل خاشعا منذ أن أسلم إلى أن لقى ربه .

والخشوع: التذلل والخضوع، واللام في قوله لِذِكْرِ اللَّهِ للتعليل، والمراد بذكر الله- تعالى-: ما يشمل كل قول أو فعل يؤدى إلى الخوف من الله- تعالى- بحيث يظهر أثر ذلك على الجوارح.

وقيل: المراد به: القرآن الكريم، فيكون قوله- تعالى- بعد ذلك وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ من باب عطف الشيء على نفسه، لاختلاف اللفظين، كما في قوله- تعالى-:

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى.

والمعنى: لقد آن الأوان أن تخشع قلوب المؤمنين لذكر الله- تعالى- وأن تلين قلوبهم لما أنزله- سبحانه- على نبيه صلى الله عليه وسلم من قرآن، تقشعر منه جلود الذين يخافون ربهم، وترق له مشاعرهم ونفوسهم.

وبعد هذا التحريض للمؤمنين على المسارعة في طاعة الله- تعالى- وخشيته والإكثار من ذكره: نهاهم- سبحانه- عن التشبه بأهل الكتاب، الذين طال عليهم الأمد في الانغماس في شهوات الدنيا فقست قلوبهم فقال- تعالى- وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ، فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ.

والمراد بالذين أوتوا الكتاب: اليهود والنصارى، وبالكتاب: التوراة والإنجيل.

والجملة الكريمة معطوفة على قوله- تعالى-: تَخْشَعَ والأمد: الغاية من زمان أو مكان. والمراد به هنا: الزمان الطويل.

أى: لقد آن الأوان أن تخشع قلوب الذين آمنوا لذكر الله وما نزل من الحق، وآن الأوان- أيضا- أن لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبلهم، حيث طال عليهم الوقت وهم منغمسون في الشهوات والملذات، فقست قلوبهم، وصارت لا تتأثر لا بالترغيب ولا بالترهيب، ولا تفرق بين الحرام والحلال. وأصبح كثير منهم خارجين عن الصراط المستقيم.

فأنت ترى الآية الكريمة قد حضت المؤمنين على الركون إلى ذكر الله- تعالى- بشدة ومداومة.. ونهتهم عن التشبه بأهل الكتاب في عدم الخشوع وفي قسوة القلوب، بسبب استيلاء المطامع والشهوات على قلوبهم.

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: قوله- تعالى-: أَلَمْ يَأْنِ من أنى الأمر إذا جاء أناه أى: وقته.. والآية نهى للمؤمنين عن مماثلة أهل الكتاب في قسوة القلوب، وذلك ان بنى إسرائيل، كان الحق يحول بينهم وبين شهواتهم، وإذا سمعوا التوراة والإنجيل خشعوا ورقت قلوبهم، فلما طال عليهم الزمان، غلبهم الجفاء والقسوة، واختلفوا وأحدثوا ما أحدثوا من التحريف وغيره.

فإن قلت: ما معنى لذكر الله وما نزل من الحق؟ قلت: يجوز أن يراد بالذكر وبما نزل من الحق القرآن، لأنه جامع للأمرين: الذكر والموعظة وأنه حق نازل من السماء.

وأن يراد خشوعها إذا ذكر الله. وإذا تلى القرآن، كقوله- تعالى-: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً .

والآية الكريمة تشير إلى أن الإهمال لذكر الله، والاسترسال في الشهوات كل ذلك يؤدى إلى فسوة القلوب، وإلى الفسوق عن أمر الله- تعالى-.

ولذا وجدنا كثيرا من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، تحض على الإكثار من ذكر الله- تعالى- قال- سبحانه-: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً.

وفي الحديث الشريف: يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يقعد قوم يذكرون الله- تعالى- إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم فيمن عنده» .

ولقد كان سماع الآية الكريمة، بتدبر وتفكر وخشوع، على رأس الأسباب التي أدت إلى توبة بعض العصاة توبة صادقة نصوحا.

فهذا هو الفضل بن عياض يذهب ليلا لارتكاب ما نهى الله عنه، فيسمع قارئا يقرأ هذه الآية، فيرتجف ويعود أدراجه وهو يقول: بلى والله قد آن أوان الخشوع لذكر الله.. اللهم إنى تبت إليك، وجعلت توبتي إليك جوار بيتك الحرام .

يقول الله تعالى : أما آن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله ، أي : تلين عند الذكر ، والموعظة ، وسماع القرآن ، فتفهمه ، وتنقاد له ، وتسمع له ، وتطيعه .

قال عبد الله بن المبارك : حدثنا صالح المري ، عن قتادة ، عن ابن عباس أنه قال : إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن ، فقال : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) الآية ، رواه ابن أبي حاتم ، عن الحسن بن محمد بن الصباح ، عن حسين المروزي ، عن ابن المبارك به .

ثم قال هو ومسلم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال - يعني الليث - عن عون بن عبد الله ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) [ الآية ] إلا أربع سنين

كذا رواه مسلم في آخر الكتاب . وأخرجه النسائي عند تفسير هذه الآية ، عن هارون بن سعيد الأيلي ، عن ابن وهب ، به ، وقد رواه ابن ماجه من حديث موسى بن يعقوب الزمعي ، عن أبي حزم ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، مثله ، فجعله من مسند بن الزبير . لكن رواه البزار في مسنده من طريق موسى بن يعقوب ، عن أبي حازم ، عن عامر ، عن ابن الزبير ، عن ابن مسعود ، فذكره

وقال سفيان الثوري ، عن المسعودي ، عن القاسم قال : مل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملة ، فقالوا : حدثنا يا رسول الله . فأنزل الله تعالى : ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) [ يوسف : 3 ] قال : ثم ملوا ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله ، فأنزل الله تعالى : ( الله نزل أحسن الحديث ) [ الزمر : 23 ] . ثم ملوا ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله . فأنزل الله : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )

وقال قتادة : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) ذكر لنا أن شداد بن أوس كان يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أول ما يرفع من الناس الخشوع "

وقوله : ( ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم ) نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب قبلهم من اليهود والنصارى ، لما تطاول عليهم الأمد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم واشتروا به ثمنا قليلا ونبذوه وراء ظهورهم ، وأقبلوا على الآراء المختلفة والأقوال المؤتفكة ، وقلدوا الرجال في دين الله ، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، فعند ذلك قست قلوبهم ، فلا يقبلون موعظة ، ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد .

( وكثير منهم فاسقون ) أي : في الأعمال ، فقلوبهم فاسدة ، وأعمالهم باطلة . كما قال : ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ) [ المائدة : 13 ] ، أي : فسدت قلوبهم فقست وصار من سجيتهم تحريف الكلم عن مواضعه ، وتركوا الأعمال التي أمروا بها ، وارتكبوا ما نهوا عنه ; ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية .

وقد قال بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا شهاب بن خراش ، حدثنا حجاج بن دينار ، عن منصور بن المعتمر ، عن الربيع بن أبي عميلة الفزاري قال : حدثنا عبد الله بن مسعود حديثا ما سمعت أعجب إلي منه ، إلا شيئا من كتاب الله ، أو شيئا قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد فقست قلوبهم اخترعوا كتابا من عند أنفسهم ، استهوته قلوبهم ، واستحلته ألسنتهم ، واستلذته ، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم فقالوا : تعالوا ندع بني إسرائيل إلى كتابنا هذا ، فمن تابعنا عليه تركناه ، ومن كره أن يتابعنا قتلناه . ففعلوا ذلك ، وكان فيهم رجل فقيه ، فلما رأى ما يصنعون عمد إلى ما يعرف من كتاب الله فكتبه في شيء لطيف ، ثم أدرجه ، فجعله في قرن ، ثم علق ذلك القرن في عنقه ، فلما أكثروا القتل قال بعضهم لبعض : يا هؤلاء ، إنكم قد أفشيتم القتل في بني إسرائيل ، فادعوا فلانا فاعرضوا عليه كتابكم ، فإنه إن تابعكم فسيتابعكم بقية الناس ، وإن أبى فاقتلوه . فدعوا فلانا ذلك الفقيه فقالوا : تؤمن بما في كتابنا ؟ قال : وما فيه ؟ اعرضوه علي . فعرضوه عليه إلى آخره ، ثم قالوا : أتؤمن بهذا ؟ قال : نعم ، آمنت بما في هذا وأشار بيده إلى القرن - فتركوه ، فلما مات نبشوه فوجدوه متعلقا ذلك القرن ، فوجدوا فيه ما يعرف من كتاب الله ، فقال بعضهم لبعض : يا هؤلاء ، ما كنا نسمع هذا أصابه فتنة . فافترقت بنو إسرائيل على ثنتين وسبعين ملة ، وخير مللهم ملة أصحاب ذي القرن " .

قال ابن مسعود : [ وإنكم ] أوشك بكم إن بقيتم - أو : بقي من بقي منكم - أن تروا أمورا تنكرونها ، لا تستطيعون لها غيرا ، فبحسب المرء منكم أن يعلم الله من قلبه أنه لها كاره .

وقال أبو جعفر الطبري : حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم قال : جاء عتريس بن عرقوب إلى ابن مسعود فقال : يا أبا عبد الله هلك من لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر . فقال عبد الله : هلك من لم يعرف قلبه معروفا ولم ينكر قلبه منكرا ; إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد وقست قلوبهم ، اخترعوا كتابا من بين أيديهم وأرجلهم ، استهوته قلوبهم ، واستحلته ألسنتهم ، وقالوا : نعرض على بني إسرائيل هذا الكتاب فمن آمن به تركناه ، ومن كفر به قتلناه . قال : فجعل رجل منهم كتاب الله في قرن ، ثم جعل القرن بين ثندوتيه فلما قيل له : أتؤمن بهذا ؟ قال آمنت به - ويومئ إلى القرن بين ثندوتيه - ومالي لا أؤمن بهذا الكتاب ؟ فمن خير مللهم اليوم ملة صاحب القرن

يقول تعالى ذكره (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) : ألم يحن للذين صدقوا الله ورسوله أن تلين قلوبهم لذكر الله، فتخضع قلوبهم له، ولما نـزل من الحقّ، وهو هذا القرآن الذي نـزله على رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ) قال: تطيع قلوبهم.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ (2) ) .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ... ) الآية. ذُكر لنا أن شدّاد بن أوس كان يروي عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: " إن أوَّل مَا يُرْفعُ مِنَ النَّاس الخُشُوعُ".

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: كان شدّاد بن أوس يقول: أوّل ما يرفع من الناس الخشوع.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَمَا نـزلَ مِنَ الْحَقِّ )، فقرأته عامة القرّاء غير شيبة ونافع بالتشديد: نـزل، وقرأه شيبة ونافع: وما نـزل بالتخفيف، وبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيب، لتقارب معنييهما.

وقوله: (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ ) يقول تعالى ذكره: ألم يأن لهم أن ولا يكونوا، يعني الذين آمنوا من أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ ) يعني من بني إسرائيل، ويعني بالكتاب: الذي أوتوه من قبلهم التوراة والإنجيل.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا جرير، عن مُغيرة، عن أبى معشر، عن إبراهيم، قال: جاء عتريس بن عرقوب إلى ابن مسعود، فقال: يا عبد الله هلك من لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر، فقال عبد الله: هلك من لم يعرف قلبه معروفا، ولم ينكر قلبه منكرا، إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد، وقست قلوبهم اخترعوا كتابا من بين أيديهم وأرجلهم، استهوته قلوبهم، واستحلته ألسنتهم، وقالوا: نعرض بني إسرائيل على هذا الكتاب، فمن آمن به تركناه، ومن كفر به قتلناه، قال: فجعل رجل منهم كتاب الله في قرن، ثم جعل القرن بين ثندوتيه؛ فلما قيل له: أتؤمن بهذا؟ قال: آمنت به، ويوميء إلى القرن الذي بين ثندوتيه، ومالي لا أومن بهذا الكتاب، فمن خير مللهم اليوم ملة صاحب القرن.

ويعني بقوله: (فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ ): ما بينهم وبين موسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وذلك الأمد الزمان.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد قوله: (الأمَدُ ) قال: الدهر.

وقوله: (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ) عن الخيرات، واشتدّت على السكون إلى معاصي الله.(وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ )، يقول جلّ ثناؤه: وكثير من هؤلاء الذين أوتوا الكتاب، من قبل أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فاسقون.

------------------------

الهوامش:

(2) ‌سقط التفسير من قلم الناسخ، وفي الدر عن عكرمة: ألم يحن للذين آمنوا.

المعاني :

أَلَمْ يَانِ :       أَلَمْ يَحِنْ وَيَجِئِ الوَقْتُ؟! السراج
ألمْ يأن :       ألمْ يجيء معاني القرآن
تَخْشَعَ :       تَخْضَعَ، وَتَرِقَّ، وَتَلِينَ السراج
أن تخشع :       وقت أن تخضع و ترق و تلين معاني القرآن
الْأَمَدُ :       الزَّمَانُ السراج
الأمد :       الأجل أو الزمان معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[16] ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ حري بالمؤمن أن يجتهد ويداوم على رقة قلبه وخشوعه، وينقاد لأوامره ولن يجد مثل القرآن.
وقفة
[16] ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ تدبر القرآن والنظر إلى معانية سبب للين القلب وخشوعه.
عمل
[16] ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ إذا خشع القلب استقامت الجوارح؛ تفقد قلبك دائمًا واسقه بالقرآن والمواعظ.
عمل
[16] ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ احذر من قسوة القلب.
عمل
[16] ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ إن رمت أيها المسلم خشوع القلب ورقة الحاشية، فاعلم أن ليس كتدبر القرآن سبيل لذلك، فاحرص عليه.
اسقاط
[16] ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ تعهَّد أيها المؤمن دومًا نيتك، وجدد العهد باستحضار أهدافك، فإن بعد الطريق وتطاول الزمن كفيلان بحرفك عن مسارك.
عمل
[16] ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ عندما تتمادى الآمال تقسو القلوب, فاقطع الأمل بتذكر الموت هاذم اللذات, حتي يرق قلبك للحق ويلين له.
وقفة
[16] ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ قسوة القلب داء عياء تبدأ منه كل الشرور, وهي تنشأ من طول الغفلة باتباع الشهوات, ولا دواء لها إلا دوام ذكر فاطر البريات.
وقفة
[16] ﴿ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ قال رجل للحسن البصري: «يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي، قال أذبه بالذكر».
اسقاط
[16] قال ابن مسعود t: «مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللهُ بِهَذِهِ الآيَةِ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ﴾ إِلاَّ أَرْبَعُ سِنِينَ» [مسلم 3027]، فكم سنة لنا في الإسلام، وربما في الاستقامة؟!
وقفة
[16] كان ابن عمر إذا تلا هذه الآية: ﴿ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾ قال: «بلي يا رب, بلي يا رب».
عمل
[16] ذكر الله في كتابه أن ذكره علاج لقسوة القلب ﴿الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم﴾ [الأنفال: 2]، ﴿ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله﴾؛ فتدارك قلبك قبل قسوته وموته بالذكر.
عمل
[16] احضر قلبك؛ فالقرآن أول ما نزل على القلب، فإن أنصت القلب وانفتح لخطاب الله؛ أنصت تبعًا له بقية الجوارح، وإن أعرض كانت كالرعية بلا راعي، ويوضح هذا لك أن الله عاتب الؤممنين بعدم خشوع قلوبهم عند سماع القرآن: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ﴾.
وقفة
[16] ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾ أن تخشع أي: أن يكون لهم رتبة عالية في الإيمان؛ بأن تلين وتسكن وتخضع وتذل وتطمئن، فتخبت، فتعرض عن الفاني وتقبل على الباقي، قلوبهم لذكر الله أي: الملك الأعظم الذي لا خير إلا منه، فيصدق في إيمانه من كان كاذبًا، ويقوى في الدين من كان ضعيفًا، فلا يطلب لذلك دينه دواء، ولا لمرض قلبه شفاء في غير القرآن؛ فإن ذكر الله يجلو أصداء القلوب ويصقل مرائيها.
وقفة
[16] هذه الآية تتضمن توبيخًا وعتابًا لمن سمع هذا السماع، ولم يُحدِث له في قلبه صلاحًا ورقَّةً وخشوعًا، فإن هذا الكتاب المسموع يشتمل على نهاية المطلوب، وغاية ما تصلح به القلوب!
عمل
[16] اقرأ وجهًا من القرآن الكريم بتدبر، واستخرج فائدتين.
وقفة
[16] إنه عتاب مؤثر من المولى الكريم الرحيم للقلوب التي أفاض عليها من فضله.
تفاعل
[16] ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾ قل: بلى يا ربِّ قد آنَ.
وقفة
[16] كلما قست قلوبنا وغشاها الران عاتبنا ونبهنا.
وقفة
[16] حديث تنبأ بالمستقبل: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْخُشُوعُ حَتَّى لَا يُرَى فِيهِ خَاشِعًا» [الطبراني 1579، وصححه الألباني].
وقفة
[16] كم قرأنا القرآن وكم ذكرنا الله، لكن كم مرة خشعت قلوبنا حقًّا؟!
وقفة
[16] اللهم بلَى! كان جعفر بن حرب يتقلد كبار الأعمال للسلطان، وكانت وظيفته تقارب وظيفة الوزارة، فاجتاز يوما راكبًا في موكبٍ له عظيم فسمع رجلا يقرأ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾؛ فصاح: اللهم بلى، يكررها، ثم بكى وتاب ورد المظالم التي كانت عليه، وانقطع للعلم والعبادة حتى مات .
وقفة
[16] عتابٌ قرآني: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾ القرآن العزيز وبَّخ قومًا على بُطء خشوع قلوبهم بعد نزول القرآن!
وقفة
[16] من أعظم المصائب على العبد أن يُبتلى بقسوة القلب.
وقفة
[16] قلبت صفحات سير الصالحين وتراجم الزاهدين ووجدت ثلة كان هدايتهم سبب سماع هذه الآية.
وقفة
[16] كان سبب توبة أحدهم أنه عشق جارية؛ فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تاليًا يتلو: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾، فلما سمعها قال: «بلى يا رب، قد آن».
وقفة
[16] ﴿فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم﴾ طال عليهم الزمان واستمرت بهم الغفلة فاضمحل إيمانهم، فالقلوب تحتاج في كل وقت إلى أن تُذكر بما أنزل له الله، وتنطق بالحكمة، ولا ينبغي الغفلة عن ذلك، فإن ذلك سبب لقسوة القلب وجمود العين.
وقفة
[16] ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ لما طال عليهم الأمد قست قلوبهم، ولو جددوا العهد مع القرآن لحيَت قلوبهم.
وقفة
[16] ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ فكلما طال هجرك للقرآن قسا قلبك، وكلما أقبلت إليه نال الحياة وازهر، فلأجل قلبك لا تهجره.
وقفة
[16] ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ خطر الغفلة المؤدية لقسوة القلوب.
وقفة
[16] ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ القلب القاسي يحيا بالصدقة كما تحيا الأرض بالماء.
عمل
[16] ﴿فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم﴾ طول الأمد مظنة قسوة القلب؛ فاعتن به ولا تهمل سقيه.
وقفة
[16] يتجذَّر الشر في بعض النفوس كتجذُّر الشجر في الأرض، وإذا طال زمن القناعة بالشر صعُب الإقلاع عنه، وقويت مشقة إصلاحه ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.
وقفة
[16] ﴿فَطالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَت قُلوبُهُم﴾ كلما ابتعدت عن جادة الطريق المستقيم ازدادت قساوة قلبك.
وقفة
[16] أصعب الناس رجوعًا إلى الصواب أطولهم مكثًا على الخطأ ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.
وقفة
[16] كثيرون يبدأون الدعاء برغبة ونشاط، فإذا تأخرت الاستجابة فتروا، وذلك قد يكون من ضعف اليقين، فليبادر بعلاج قلبه ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.
وقفة
[16] ﴿فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ القسوة مبدأ الشرور، وتنشأ من طول الغفلة عن الله تعالى.
وقفة
[16] ﴿فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي: بسبب الطول قلوبهم أي: صلبت واعوجت حتى كانت بحيث لا تنفعل للطاعات والخير؛ قال القشيري: وقسوة القلب إنما تحصل من اتباع الشهوة، وإن الشهوة والصفوة لا تجتمعان.
وقفة
[16] ﴿وكثير منهم فاسقون﴾ تكررت في سورة الحديد ٣ مرات، وفي القرآن مثلها كثير؛ حتى لا يغتر أحد بالكثرة، أو يستدل بها على الحق، أهل الحق قليل.
وقفة
[16، 17] قال ﷻ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾، ثم قال بعدها: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ كما أن الأرض الميتة تحيا بالمطر فالقلب الميت يحيا بالذكر.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ يَأْنِ:
  • الهمزة همزة استفهام لفظا وهمزة تقرير معنى. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يأن: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره -حرف العلة-وبقيت الكسرة دالة عليه بمعنى ألم يحن من أنى الامر يأني كرمى يرمي: اذا جاء إناه: اي وقته او حان.
  • ﴿ لِلَّذِينَ آمَنُوا:
  • اللام حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بيأني. آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ:
  • حرف مصدري ناصب. تخشع: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. قلوب: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وجملة تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الإعراب. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «يأني».
  • ﴿ لِذِكْرِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بتخشع. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر لانه معطوف على مجرور اي لذكر الله ولما نزل من الحق وهو القرآن. نزل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «نزل» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. من الحق: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة للاسم الموصول «ما» التقدير: حال كونه من الحق.
  • ﴿ وَلا يَكُونُوا:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. يكونوا: فعل مضارع ناقص معطوف على «تخشع» منصوب مثله بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع اسمه والالف فارقة.
  • ﴿ كَالَّذِينَ:
  • الكاف حرف جر للتشبيه. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلق بخبر «يكونوا» او تكون الكاف اسما بمعنى «مثل» مبنيا على الفتح في محل نصب خبر «يكونوا» وهو مضاف والاسم الموصول «الذين» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أُوتُوا الْكِتابَ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.اوتوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والالف فارقة. الكتاب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ:
  • حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأوتوا اي من قبلهم.
  • ﴿ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ:
  • الفاء استئنافية. طال: فعل ماض مبني على الفتح.على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بالفعل «طال».الامد: فاعل مرفوع بالضمة
  • ﴿ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ:
  • الفاء سببية. قست: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بتاء التأنيث الساكنة وتاء التأنيث لا محل لها من الإعراب. قلوبهم: اعربت. بمعنى طال عليهم الدهر او الزمان بينهم وبين انبيائهم.
  • ﴿ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ:
  • الواو استئنافية. كثير: مبتدأ مرفوع بالضمة.من: حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من كل. فاسقون: خبر المبتدأ مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ألَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أن تَخْشَعَ قُلُوبُهم لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ قالَ الكَلْبِيُّ ومُقاتِلٌ: نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ بَعْدَ الهِجْرَةِ بِسَنَةٍ، وذَلِكَ أنَّهم سَألُوا سَلْمانَ الفارِسِيَّ ذاتَ يَوْمٍ فَقالُوا: حَدِّثْنا عَمّا في التَّوْراةِ فَإنَّ فِيها العَجائِبَ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.وقالَ غَيْرُهُما: نَزَلَتْ في المُؤْمِنِينَ.أخْبَرَنا عَبْدُ القاهِرِ بْنُ طاهِرٍ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، قالَ: أخْبَرَنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيابِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا إسْحاقُ بْنُ راهَوَيْهِ، قالَ: حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا خَلّادُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ المُلائِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ قالَ: أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَتَلاهُ عَلَيْهِمْ زَمانًا. فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ قَصَصْتَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أحْسَنَ القَصَصِ﴾ [يوسف: ٣] . فَتَلاهُ عَلَيْهِمْ زَمانًا. فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ حَدَّثْتَنا. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ﴾ [الزمر: ٢٣] . قالَ: كُلَّ ذَلِكَ يُؤْمَرُونَ بِالقُرْآنِ. قالَ خَلّادٌ: وزادَ فِيهِ آخَرُ: قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ ذَكَّرْتَنا. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ألَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أن تَخْشَعَ قُلُوبُهم لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ حالَ المُؤمِنينَ والمُؤمِناتِ والمُنافِقينَ والمُنافِقاتِ في الدَّارِ الآخِرةِ، كان ذلك مِمَّا يدعو القُلوبَ إلى الخُشوعِ لِرَبِّها، والاستِكانةِ لعَظَمتِه؛ فعاتَبَ اللهُ المُؤمِنينَ على عَدَمِ ذلك، فقال تعالى:
﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ألم:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ألما، وهى قراءة الحسن، وأبى السمال.
يأن:
1- مضارع «أنى» : حان، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يئن، مضارع «أن» : حان، أيضا، وهى قراءة الحسن.
نزل:
1- مخففا، مبنيا للفاعل، وهى قراءة نافع، وحفص.
وقرئ:
2- مشددا، مبنيا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
3- مشددا، مبنيا للمفعول، وهى قراءة أبى جعفر، والأعمش، وأبى عمرو، فى رواية يونس وعباس عنه.
4- أنزل، مبنيا للفاعل، وهى قراءة عبد الله.
ولا يكونوا:
1- بياء الغيبة، عطفا على «أن تخشع» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ولا تكونوا، بالتاء، على سبيل الالتفات، وهى قراءة أبى حيوة، وابن أبى عبلة، وإسماعيل، عن أبى جعفر وعن شيبة، ويعقوب، وحمزة، فى رواية، عن سليم عنه.
الأمد:
1- مخفف الدال، وهو الغاية، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بشدها، وهى الزمان بعينه، وهى قراءة ابن كثير.

مدارسة الآية : [17] :الحديد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ ..

التفسير :

[17] اعلموا أن الله سبحانه وتعالى يحيي الأرض بالمطر بعد موتها، فتُخرِج النبات، فكذلك الله قادر على إحياء الموتى يوم القيامة، وهو القادر على تليين القلوب بعد قسوتها. قد بينَّا لكم دلائل قدرتنا؛ لعلكم تعقلونها فتتعظوا.

{ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} فإن الآيات تدل العقول على العلم بالمطالب الإلهية، والذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على أن يحيي الأموات بعد موتهم، فيجازيهم بأعمالهم، والذي أحيا الأرض بعد موتها بماء المطر قادر على أن يحيي القلوب الميتة بما أنزله من الحق على رسوله، وهذه الآية تدل على أنه لا عقل لمن لم يهتد بآيات الله و[لم] ينقد لشرائع الله.

ثم وجه- سبحانه- خطابه إلى المؤمنين فقال: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.

وافتتاح الآية بقوله- تعالى-: اعْلَمُوا. يؤذن بأن ما سيلقى على مسامعهم من توجيهات، جدير بالانتباه إلى مضمونه، وإلى الامتثال لما اشتمل عليه من أمر أو نهى.

وليس المقصود من الآية إخبار المؤمنين بأن الله- تعالى- قادر على إحياء الأرض بعد موتها، فذلك أمر يعتقدونه، ولا يتم إيمانهم إلا به.

وإنما المقصود من هذه الآية الكريمة، بيان أن المواظبة على ذكر الله- تعالى- وعلى تلاوة كتابه، كل ذلك يكون له أثره في خشوع النفوس، وفي طهارة القلوب ... كأثر المطر عند ما ينزل على الأرض الجدباء المقفرة ... فما تلبث إلا أن تهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج.

قال الإمام الرازي: قوله- تعالى-: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها. فيه وجهان:

الأول: أنه تمثيل. والمعنى: أن القلوب التي ماتت بسبب القساوة، المواظبة على الذكر سبب لعودة حياة الخشوع إليها، كما يحيى الله- تعالى- الأرض بالغيث.

والثاني: أن المراد من قوله: يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، بعث الأموات فذكر ذلك ترغيبا في الخشوع والخضوع، وزجرا عن القساوة .

والمراد بالآيات في قوله- تعالى-: قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ الدلائل الدالة على وحدانيته وقدرته، وعلمه- سبحانه-.

أى: قد بينا لكم الدلائل والبراهين الناطقة بقدرتنا وحكمتنا.. لعلكم بهذا البيان تعقلون ما أرشدناكم إليه، وتعملون بموجب ما عقلتموه، وبذلك تنالون الفلاح والسعادة، وتخشع قلوبكم لذكرنا ولآياتنا.

وقوله : ( اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون ) فيه إشارة إلى أنه ، تعالى ، يلين القلوب بعد قسوتها ، ويهدي الحيارى بعد ضلتها ، ويفرج الكروب بعد شدتها ، فكما يحيي الأرض الميتة المجدبة الهامدة بالغيث الهتان [ الوابل ] كذلك يهدي القلوب القاسية ببراهين القرآن والدلائل ، ويولج إليها النور بعد ما كانت مقفلة لا يصل إليها الواصل ، فسبحان الهادي لمن يشاء بعد الإضلال ، والمضل لمن أراد بعد الكمال ، الذي هو لما يشاء فعال ، وهو الحكم العدل في جميع الفعال ، اللطيف الخبير الكبير المتعال .

يقول تعالى ذكره ( اعْلَمُوا ) أيها الناس ( أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأرْضَ ) الميتة التي لا تنبت شيئا، ( بَعْدَ مَوْتِهَا ) يعني: بعد دثورها ودروسها، يقول: وكما نحيي هذه الأرض الميتة بعد دروسها، كذلك نهدي الإنسان الضَّالَّ عن الحقّ إلى الحق، فنوفِّقه ونسدِّده للإيمان حتى يصير مؤمنا من بعد كفره، ومهتديا من بعد ضلاله.

وقوله: ( قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) يقول: قد بيَّنا لكم الأدلة والحجج لتعقلوا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[17] ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ لو رأيت الفرق في مدينتنا قبل المطر وبعده لعلمت أي جمال يمنحك إياه طهر التوبة.
وقفة
[17] ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ في هذا القرآن ما يحيي القلوب كما تحيا الأرض؛ وما يمدها بالغذاء والري والدفء.
لمسة
[17] ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ هذا تمثيل رائع، فالقلوب التي ماتت بسبب القساوة، ممكن إحياؤها بالمواظبة على الذكر، كما يحيي الله تعالى الأرض بالمطر.
وقفة
[17] ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ المعنى: أن المواظبة على الذكر سبب لعودة الحياة إلى القلوب التي ماتت بسبب الغفلة والذنوب، كما أن الغيث سبب حياة الأرض.
وقفة
[17] ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ كما يحيي الله الأرض المجدبة الهامدة بالغيث الوابل الهتَّان، يحيي القلوب القاسية ببراهين الأدلة والقرآن، ويشع فيها الهدى بعد أن كانت خواء من نور الإيمان.
عمل
[17] ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ لا تيأس مهما مضيت بعيدًا في طريق الغواية والضلال، فإن الذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على إحياء قلبك، وتنوير جنانك، فتلمس مواطن الغيث تُفلح.
وقفة
[17] ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ إن في القرآن من المواعظ والعبر ما تلين القلوب القاسية, ويروي النفوس الظمأي, كما يحي ماء السماء الأرض العطشى.
وقفة
[17] ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ فكيف بمضغة فى الجسد هى عليه هينة؟!
وقفة
[17] أريد به تمثيل حال احتياج القلوب المؤمنة إلى ذكر الله بحال الأرض الميتة في الحاجة إلى المطر، وحال الذكر في تزكية النفوس واستنارتها بحال الغَيث في إحياء الأرض الجدبة.
وقفة
[17] كلما كان الإنسان أعقل كانت الآيات له أبين وأظهر ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ اعْلَمُوا:
  • فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة
  • ﴿ أَنَّ اللهَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة. اسم «أن» منصوب للتعظيم بالفتحة. و «ان» وما بعدها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «اعلموا».
  • ﴿ يُحْيِ الْأَرْضَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ان».يحيي: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الارض: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ بَعْدَ مَوْتِها:
  • ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بيحيي وهو مضاف. موت: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قَدْ بَيَّنّا:
  • حرف تحقيق. بين: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لَكُمُ الْآياتِ:
  • جار ومجرور متعلق ببينا والميم علامة جمع الذكور. الآيات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ لَعَلَّكُمْ:
  • حرف مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ تَعْقِلُونَ:
  • الجملة في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

آل عمران: 118﴿وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ
الحديد: 17﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     وبعد أن عَاتَبَ اللهُ المُؤمِنينَ، وحَذَّرَهم مِن مُشابهةِ أهلِ الكِتابِ؛ بَيَّنَ هنا أنه يحيي القلوب القاسية بذكر الله تعالى، وأهمها تلاوة القرآن، كما يحيي الأرض بعد موتها بالمطر، قال تعالى:
﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :الحديد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ ..

التفسير :

[18] إن المتصدقين من أموالهم والمتصدقات، وأنفقوا في سبيل الله نفقاتٍ طيبةً بها نفوسهم؛ ابتغاء وجه الله تعالى، يضاعف لهم ثواب ذلك، ولهم فوق ذلك ثواب جزيل، وهو الجنة.

{ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} بالتشديد أي:الذين أكثروا من الصدقات الشرعية، والنفقات المرضية،{ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} بأن قدموا من أموالهم في طرق الخيرات ما يكون مدخرا لهمعند ربهم،{ يُضَاعَفُ لَهُمُ} الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة،{ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} وهو ما أعده الله لهم في الجنة، مما لا تعلمه النفوس.

ثم بين- سبحانه- ما أعده للمؤمنين الذين يبذلون أموالهم في سبيله. والذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. فقال: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً، يُضاعَفُ لَهُمْ، وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ.

وقراءة: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ بتشديد الصاد- من التصدق، فأدغمت التاء في الصاد بعد قلبها صادا لقرب مخرجيهما ... وأصل الكلام: المتصدقين والمتصدقات.

وقرأ ابن كثير وغيره إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ- بتخفيف الصاد- على أنه من التصديق لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: علام عطف قوله: وَأَقْرَضُوا؟

قلت: على معنى الفعل في المصدقين، لأن «أل» بمعنى الذين، واسم الفاعل بمعنى:

اصّدقوا، فكأنه قيل: «إن الذين أصدقوا وأقرضوا» .

والمعنى: إن المؤمنين والمؤمنات الذين تصدقوا بأموالهم في وجوه الخير والدين وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً بأن أنفقوا أموالهم الحلال في سبيل الله بدون من أو أذى.

هؤلاء الذين فعلوا ذلك يُضاعَفُ لَهُمْ أجرهم عند الله- تعالى- أضعافا كثيرة.

وَلَهُمْ فضلا عن كل ذلك، أجر كريم، لا يعلم مقداره إلا هو- سبحانه-.

يخبر تعالى عما يثيب به المصدقين والمصدقات بأموالهم على أهل الحاجة والفقر والمسكنة ، ( وأقرضوا الله قرضا حسنا ) أي : دفعوه بنية خالصة ابتغاء وجه الله ، لا يريدون جزاء ممن أعطوه ولا شكورا ; ولهذا قال : ( يضاعف لهم ) أي : يقابل لهم الحسنة بعشر أمثالها ، ويزداد على ذلك إلى سبعمائة ضعف وفوق ذلك ( ولهم أجر كريم ) أي : ثواب جزيل حسن ، ومرجع صالح ومآب ) كريم )

وقوله: ( إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ )، اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامه قرّاء الأمصار، خلا ابن كثير وعاصم بتشديد الصاد والدال، بمعنى أن المتصدِّقين والمتصدِّقات، ثم تُدغم التاء في الصاد، فتجعلها صادا مشدّدة، كما قيل: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ يعني المتزمل. وقرأ ابن كثير وعاصم: ( إنَّ المُتَصَدّقِينَ والمُتَصدّقاتِ ) بتخفيف الصاد وتشديد الدال، بمعنى: إن الذين صدقوا الله ورسوله.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان، صحيح معنى كلّ واحدة منهما، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

فتأويل الكلام إذن على قراءة من قرأ ذلك بالتشديد في الحرفين، أعني في الصاد والدال: أن المتصدّقين من أموالهم والمتصدّقات، ( وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) يعني: بالنفقة في سبيله، وفيما أمر بالنفقة فيه، أو فيما ندب إليه، ( يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ) يقول: يضاعف الله لهم قروضهم التي أقرضوها إياه، فيوفيهم ثوابها يوم القيامة، ( وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ) يقول: ولهم ثواب من الله على صدقهم، وقروضهم إياه كريم، وذلك الجنة.

المعاني :

الْمُصَّدِّقِينَ :       المُتَصَدِّقِينَ السراج
قَرْضًا حَسَنًا :       مُحْتَسِبِينَ فِي نَفَقَاتِهِمْ بِلَا مَنٍّ، وَلَا أَذًى السراج

التدبر :

وقفة
[18] ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ﴾ سمَّى الله النفقة في سبيله قرضًا، ومعلوم أن القرض سبيله الرد، والمعنى: أنك مجازى على إنفاقك في سبيل الله ولا بد خير الجزاء.
وقفة
[18] ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ﴾ أضاف القرض إلى الله، والله أهل الوفاء وأهل الثناء والمجد، فهنيئًا لك يا باذلًا ماله في سبيل الله!
وقفة
[18] ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ وصف الله القرض بأنه حسنٌ، وليكون كذلك فلا بد أن يجمع شرطين: 1-الإخلاص لله عز وجل. 2- المتابعة لرسول الله ﷺ. فالمرائي الذي ينفق ماله رياء، لم يقرض الله قرضًا حسنًا.
وقفة
[18] ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ ألا تخشى على أموالِكَ أن تضيعَ حينما تُزلزَلُ الأرضُ زلزالَها وتُبدَّلُ الأرضُ غيرَ الأرضِ؛ أقرضها ربَّك؛ يوفّيها لك بعد الأزمةِ.
وقفة
[18] ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ من علامات صدق الإيمان، سخاء النفس بالبذل والإحسان.
عمل
[18] ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ إذا رغبت في سبيلٍ آمنة ومضمونة لتنمية مالك، وزيادة ثروتك، ومضاعفة حسناتك؛ فعليك بالإنفاق في سبيل الله، ولا شيء يعدل هذا السبيل.
وقفة
[18] ﴿قَرْضًا﴾ نكَر القرض؛ ليدل على إطلاقه، فيشمل كل أنواع النفقات من زكاة أو صدقات.
اسقاط
[18] ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ نبحث في جيوبنا عن أقل فئات النقود كي نتصدق بها، ثم نسأل الله أن يرزقنا الفردوس، ما أقل عطايانا، وما أعظم مطلوبنا.
وقفة
[18] ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ عبر بالقرض وهو الغني، والحكمة في أن يقول هذا ليبين أن أجرهم مضمون كما أن القرض مضمون وسيرد عليه الحسنة بعشر أمثلها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
عمل
[18] تصدق بصدقة ترجو مضاعفتها يوم القيامة ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾.
تفاعل
[18] ﴿يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المصدقين: اسم «ان» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. والمصدقات: معطوفة بالواو على «المصدقين» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الكسرة بدلا من الفتحة لانها جمع مؤنث سالم اي المتصدقين والمتصدقات ادغمت التاء في الصاد فشدد الصاد.
  • ﴿ وَأَقْرَضُوا:
  • الواو عاطفة. اقرضوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة وجملة «اقرضوا» معطوفة على معنى الفعل في المصدقين لان اللام بمعنى «الذين» واسم الفاعل «مصدقين» بمعنى اصدقوا بتقدير: ان الذين اصدقوا واقرضوا الله. وعطف الفعل هنا على الاسم لشبهه بالفعل اي عطف الفعل الماضي على اسم الفاعل المصاحب لأل وذلك يدل على ان المقترن بأل يعمل بمعنى الماضي فقط‍.
  • ﴿ اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ:
  • اعربت في الآية الكريمة الحادية عشرة. يضاعف: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو واللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيضاعف. وجملة يُضاعَفُ لَهُمْ» في محل رفع خبر «ان» بمعنى: يضاعف الله لهم ما دفعوه في الدنيا اضعافا مضاعفة.
  • ﴿ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ:
  • اعربت في الآية الكريمة الحادية عشرة والميم في «لهم» علامة جمع الذكور.'

المتشابهات :

يس: 11﴿إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ
الحديد: 11﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ
الحديد: 18﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد أن دعا اللهُ للإنفاقِ في سبيلِه؛ بَيَّنَ هنا ما أعدَّه للمؤمنين الذين ينفقون أموالهم في سبيله، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

المصدقين والمصدقات:
1- بشد صاديهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بخفهما، وهى قراءة ابن كثير، وأبى بكر، والمفضل، وأبان، وأبى عمرو، من رواية هارون.
3- بتاء قبل الصاد، فيهما، وهى قراءة أبى.

البحث بالسورة

البحث في المصحف