ترتيب المصحف | 22 | ترتيب النزول | 103 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 10.00 |
عدد الآيات | 78 | عدد الأجزاء | 0.50 |
عدد الأحزاب | 1.00 | عدد الأرباع | 4.00 |
ترتيب الطول | 20 | تبدأ في الجزء | 17 |
تنتهي في الجزء | 17 | عدد السجدات | 2 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
النداء: 3/10 | يا أيها الناس: 2/2 |
= وحضَّهُم هنا على الثباتِ على الدِّينِ الحقِّ، وصَوَّرَ حالَ من يشركُ باللهِ كمن سقطَ من السماءِ فاخْتَطَفَته جوارحُ الطَّيرِ فمزَّقَتْهُ، ثُمَّ أمرَ بتعظيمِ شعائرِه بعدَ أن أمرَ بتعظيمِ حرماتِه، وبَيَّنَ أن لكلِّ أمَّةٍ ذبائحَ يتقربُونَ بها.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ الحثِّ على التَّقربِ إلى اللهِ بالأنعامِ كلِّها خصَّ هنا الإبلَ، ثُمَّ ذَكَرَ اللهُ الهدفَ من ذبحِ الأنعامِ.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ ذكرِ صدِّ الكفارِ للمؤمنينَ عن =
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
أمرهم أن يكونوا{ حُنَفَاءَ لِلَّهِ} أي:مقبلين عليه وعلى عبادته، معرضين عما سواه.
{ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ} فمثله{ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} أي:سقط منها{ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ} بسرعة{ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} أي:بعيد، كذلك المشرك، فالإيمان بمنزلة السماء، محفوظة مرفوعة.
ومن ترك الإيمان، بمنزلة الساقط من السماء، عرضة للآفات والبليات، فإما أن تخطفه الطير فتقطعه أعضاء، كذلك المشرك إذا ترك الاعتصام بالإيمان تخطفته الشياطين من كل جانب، ومزقوه، وأذهبوا عليه دينه ودنياه.
وجملة حُنَفاءَ لِلَّهِ وجملة غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ حالان مؤكدتان لما قبلهما من وجوب اجتناب عبادة الأوثان، واجتناب قول الزور.
أى: اجتنبوا ما أمرناكم باجتنابه حال كونكم ثابتين على الدين الحق، مخلصين لله العبادة.
ثم صور- سبحانه- حال من يشرك بالله تصويرا تنخلع له القلوب، ويحمل كل عاقل على اجتناب هذا الرجس فقال: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ، أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ.
أى: ومن يشرك بالله- تعالى- في عبادته، ومات على ذلك، فكأنما سقط من السماء إلى الأرض، فاختطفته جوارح الطير بسرعة فمزقت أوصاله، أو تسقطه الريح في مكان بعيد أشد البعد بحيث لا يعثر له على أثر.
والمقصود من هذه الجملة تقبيح حال الشرك والمشركين، وبيان أن الوقوع في الشرك يؤدى إلى الهلاك الذي لا نجاة معه بحال، لأن من يسقط من السماء فتتمزق أوصاله، وتتخطفه الطير أو تلقى به الريح في مكان بعيد لا يطمع له في نجاة، بل هو هالك لا محالة.
فالجملة الكريمة مقررة لوجوب اجتناب الشرك بأبلغ صورة.
قال صاحب الكشاف: يجوز في هذا التشبيه أن يكون من المركب والمفرق، فإن كان تشبيها مركبا فكأنه قال: من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده نهاية، بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير فتفرق مزعا- أى قطعا- في حواصلها، أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المطاوح- أى المقاذف- البعيدة.
وإن كان مفرقا فقد شبه الإيمان في علوه بالسماء، والذي ترك الإيمان وأشرك بالله بالساقط من السماء، والأهواء التي تتوزع أفكاره بالطير المختطفة، والشيطان الذي يطوح به في وادي الضلالة، بالريح التي تهوى بما عصفت به في بعض المهاوى المتلفة .
وقال سفيان الثوري ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن وائل بن ربيعة ، عن ابن مسعود أنه قال : تعدل شهادة الزور بالشرك بالله ، ثم قرأ هذه الآية .
وقوله : ( حنفاء لله ) أي : مخلصين له الدين ، منحرفين عن الباطل قصدا إلى الحق; ولهذا قال ( غير مشركين به )
ثم ضرب للمشرك مثلا في ضلاله وهلاكه وبعده عن الهدى فقال : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء ) أي : سقط منها ، ( فتخطفه الطير ) ، أي : تقطعه الطيور في الهواء ، ( أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) أي : بعيد مهلك لمن هوى فيه; ولهذا جاء في حديث البراء : " إن الكافر إذا توفته ملائكة الموت ، وصعدوا بروحه إلى السماء ، فلا تفتح له أبواب السماء ، بل تطرح روحه طرحا من هناك " . ثم قرأ هذه الآية ، وقد تقدم الحديث في سورة " إبراهيم " بحروفه وألفاظه وطرقه .
وقد ضرب [ الله ] تعالى للمشرك مثلا آخر في سورة " الأنعام " ، وهو قوله : ( قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) [ الأنعام : 71 ] .
يقول تعالى ذكره: اجتنبوا أيها الناس عبادة الأوثان, وقول الشرك, مستقيمين لله على إخلاص التوحيد له, وإفراد الطاعة والعبادة له خالصا دون الأوثان والأصنام, غير مشركين به شيئا من دونه، فإنه من يُشرك بالله شيئا من دونه، فمثله في بعده من الهدى وإصابة الحقّ وهلاكه وذهابه عن ربه, مَثل من خرّ من السماء فتخطفه الطير فهلك, أو هوت به الريح في مكان سحيق, يعني من بعيد, من قولهم: أبعده الله وأسحقه, وفيه لغتان: أسحقته الريح وسحقته, ومنه قيل للنخلة الطويلة: نخلة سحوق; ومنه قول الشاعر:
كــانَتْ لنَــا جــارَةٌ فَأزْعَجَهــا
قــاذْورَةٌ تَسْــحَقُ النَّــوَى قُدُمَـا (1)
ويُروى: تسحق: يقول: فهكذا مثَل المشرك بالله في بُعده من ربه ومن إصابه الحقّ, كبُعد هذا الواقع من السماء إلى الأرض, أو كهلاك من اختطفته الطير منهم في الهواء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قَتادة: ( فَكأنَّما خَرَّ منَ السَّماءِ ) قال: هذا مثَل ضربه الله لمن أشرك بالله في بعده من الهُدى وهلاكه ( فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ الرّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيق ).
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, مثله.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( فِي مَكانٍ سَحِيق ) قال: بعيد.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
وقيل: ( فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ ) وقد قيل قبله: ( فكأنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّماءِ ) وخرّ فعل ماض, وتخطفه مستقبل, فعطف بالمستقبل على الماضي, كما فعل ذلك في قوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وقد بيَّنت ذلك هناك.
------------------------
الهوامش :
(1) البيت مما أنشده الأزهري في تهذيبه ، ونقله عن صاحبه ( اللسان : سحق ) قال : السحق في العدو فوق المشي ودون الحضر ، وأنشده الأزهري : " كانت لنا جارة . . . البيت " . والقاذورة من الإبل : التي تبرك ناحية منها وتستبعد وتنافرها عند الحلب . وتسحق : تجد في سيرها . والنوى : التحول من مكان إلى مكان ، أو الوجه الذي ينوبه المسافر من قرب أو من بعد . وقدما : لا تعرج ولا تنثني . يريد أن جارته نأت عنه بناقة تجد في سيرها ، ولا تعرج على شيء . والبيت شاهد على أن السحق معناه السير الجاد فوق المشي ودون العدو .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحج: 30 | ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّـهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾ |
---|
الحج: 32 | ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
فتخطفه:
وقرئ:
1- بفتح الخاء والطاء مشددة، وهى قراءة نافع.
2- بسكون الخاء وتخفيف الطاء، وهى قراءة باقى السبعة.
3- بكسر الخاء والطاء مشددة، وهى قراءة الحسن، وأبى رجاء، والأعمش.
4- بكسر الخاء وفتح الطاء مشددة، وهى قراءة الحسن.
5- بغير فاء، وإسكان الخاء وفتح الطاء مخففة، وهى قراءة الأعمش أيضا.
الريح:
وقرئ:
الرياح، وهى قراءة أبى جعفر، والحسن.
التفسير :
أي:ذلك الذي ذكرنا لكم من تعظيم حرماته وشعائره، والمراد بالشعائر:أعلام الدين الظاهرة، ومنها المناسك كلها، كما قال تعالى:إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ومنها الهدايا والقربان للبيت، وتقدم أن معنى تعظيمها، إجلالها، والقيام بها، وتكميلها على أكمل ما يقدر عليه العبد، ومنها الهدايا، فتعظيمها، باستحسانها واستسمانها، وأن تكون مكملة من كل وجه، فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله.
ثم أمر- سبحانه- بتعظيم شعائره بعد أن أمر بتعظيم حرماته فقال: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ.
قال القرطبي: والشعائر: جمع شعيرة، وهي كل شيء لله- تعالى- فيه أمر أشعر به وأعلم. ومنه شعار القوم في الحرب، أى: علامتهم التي يتعارفون بها. ومنه إشعار البدنة وهو الطعن في جانبها الأيمن حتى يسيل الدم فيكون علامة لها.. فشعائر الله: إعلان دينه لا سيما ما يتعلق بالمناسك. وقال قوم: المراد هنا تسمين البدن. والاهتمام بأمرها.. .
والمعنى: ذلك الذي أمرناكم به أو نهيناكم عنه عليكم امتثاله وطاعته، والحال أن من يعظم شعائر الله، التي من بينها الذبائح التي يتقرب بها إليه- تعالى- يكون تعظيمه إياها عن طريق تسمينها، وحسن اختيارها يكون دليلا على تقوى القلوب، وحسن صلتها بالله- سبحانه- وخشيتها منه، وحرصها على رضاه- عز وجل-.
قال الآلوسى: وتعظيمها أن تختار حسانا سمانا غالية الأثمان. روى أنه صلّى الله عليه وسلّم أهدى مائة بدنة فيها جمل لأبى جهل في أنفه برة- أى حلقة- من ذهب. وعن عمر أنه أهدى نجيبة طلبت منه بثلاثمائة دينار، فسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يبيعها ويشترى بثمنها بدنا فنهاه عن ذلك، وقال له: بل أهدها.. .
وفي إضافة هذه الشعائر إلى الله- تعالى-: حض على الاهتمام بها وفعل ما يرضى الله- تعالى- بالنسبة لها.
والضمير المؤنث في قوله فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ يعود على الفعلة التي يتضمنها الكلام، أو إلى الشعائر بحذف المضاف، أى: فإن تعظيمها أى الشعائر من تقوى القلوب، فحذف المضاف لدلالة الكلام عليه.
يقول تعالى : هذا ( ومن يعظم شعائر الله ) أي : أوامره ، ( فإنها من تقوى القلوب ) ومن ذلك تعظيم الهدايا والبدن ، كما قال الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : تعظيمها : استسمانها واستحسانها .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا حفص بن غياث ، عن ابن أبي ليلى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( ذلك ومن يعظم شعائر الله ) قال : الاستسمان والاستحسان والاستعظام .
وقال أبو أمامة بن سهل : كنا نسمن الأضحية بالمدينة ، وكان المسلمون يسمنون . رواه البخاري .
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين " . رواه أحمد ، وابن ماجه .
قالوا : والعفراء هي البيضاء بياضا ليس بناصع ، فالبيضاء أفضل من غيرها ، وغيرها يجزئ أيضا; لما ثبت في صحيح البخاري ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين .
وعن أبي سعيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبش أقرن فحيل يأكل في سواد ، وينظر في سواد ، ويمشي في سواد
رواه أهل السنن ، وصححه الترمذي ، أي : بكبش أسود في هذه الأماكن .
وفي سنن ابن ماجه ، عن أبي رافع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين . قيل : هما الخصيان . وقيل : اللذان رض خصياهما ، ولم يقطعهما ، والله أعلم .
وكذا روى أبو داود وابن ماجه عن جابر : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين أملحين موجوءين [ والموجوءين قيل : هما الخصيان ] .
وعن علي رضي الله عنه ، قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن ، وألا نضحي بمقابلة ، ولا مدابرة ، ولا شرقاء ، ولا خرقاء
رواه أحمد ، وأهل السنن ، وصححه الترمذي .
ولهم عنه ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نضحي بأعضب القرن والأذن .
وقال سعيد بن المسيب : العضب : النصف فأكثر .
وقال بعض أهل اللغة : إن كسر قرنها الأعلى فهي قصماء ، فأما العضب فهو كسر الأسفل ، وعضب الأذن قطع بعضها .
وعند الشافعي أن التضحية بذلك مجزئة ، لكن تكره .
وقال [ الإمام ] أحمد : لا تجزئ الأضحية بأعضب القرن والأذن; لهذا الحديث .
وقال مالك : إن كان الدم يسيل من القرن لم يجزئ ، وإلا أجزأ ، والله أعلم .
وأما المقابلة : فهي التي قطع مقدم أذنها ، والمدابرة : من مؤخر أذنها . والشرقاء : هي التي قطعت أذنها طولا قاله الشافعي . والخرقاء : هي التي خرقت السمة أذنها خرقا مدورا ، والله أعلم .
وعن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والكسيرة التي لا تنقى " .
رواه أحمد ، وأهل السنن ، وصححه الترمذي .
وهذه العيوب تنقص اللحم ، لضعفها وعجزها عن استكمال الرعي; لأن الشاء يسبقونها إلى المرعى ، فلهذا لا تجزئ التضحية بها عند الشافعي وغيره من الأئمة ، كما هو ظاهر الحديث .
واختلف قول الشافعي في المريضة مرضا يسيرا ، على قولين .
وروى أبو داود ، عن عتبة بن عبد السلمي; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المصفرة ، والمستأصلة ، والبخقاء ، والمشيعة ، والكسراء .
فالمصفرة قيل : الهزيلة . وقيل : المستأصلة الأذن . والمستأصلة : المكسورة القرن . والبخقاء : هي العوراء . والمشيعة : هي التي لا تزال تشيع خلف الغنم ، ولا تتبع لضعفها . والكسراء : العرجاء .
فهذه العيوب كلها مانعة [ من الإجزاء ، فإن طرأ العيب ] بعد تعيين الأضحية فإنه لا يضر عيبه عند الشافعي خلافا لأبي حنيفة .
وقد روى الإمام أحمد ، عن أبي سعيد قال : اشتريت كبشا أضحي به ، فعدا الذئب فأخذ الألية . فسألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ضح به " ولهذا [ جاء ] في الحديث : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن . أي : أن تكون الهدية أو الأضحية سمينة حسنة ثمينة ، كما رواه الإمام أحمد وأبو داود ، عن عبد الله بن عمر قال : أهدى عمر نجيبا ، فأعطي بها ثلاثمائة دينار ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني أهديت نجيبا ، فأعطيت بها ثلاثمائة دينار ، أفأبيعها وأشتري بثمنها بدنا ؟ قال : " لا انحرها إياها " .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس : البدن من شعائر الله .
وقال محمد بن أبي موسى : الوقوف ومزدلفة والجمار والرمي والبدن والحلق : من شعائر الله .
وقال ابن عمر : أعظم الشعائر البيت .
يقول تعالى ذكره: هذا الذي ذكرت لكم أيها الناس وأمرتكم به من اجتناب الرجس من الأوثان واجتناب قول الزور, حنفاء لله, وتعظيم شعائر الله, وهو استحسان البُدن واستسمانها وأداء مناسك الحجّ على ما أمر الله جلّ ثناؤه, من تقوى قلوبكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كريب, قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم, قال: ثنا محمد بن زياد, عن محمد بن أبي ليلى, عن الحكم, عن مِقْسم, عن ابن عباس, في قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فإنَّها مِنْ تَقْوَى القُلوبِ ) قال: استعظامها, واستحسانها, واستسمانها.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بَزَّة عن مجاهد, في قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) قال: الاستسمان والاستعظام.
وبه عن عنبسة, عن ليث, عن مجاهد, مثله, إلا أنه قال: والاستحسان.
حدثنا عبد الحميد بن بيان الواسطي, قال: أخبرنا إسحاق, عن أبي بشر, وحدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ ) قال: استعظام البدن, واستسمانها, واستحسانها.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا يزيد بن هارون, قال: أخبرنا داود بن أبي هند, عن محمد بن أبي موسى, قال: الوقوف بعرفة من شعائر الله, وبجمع (2) من شعائر الله, ورمي الجمار من شعائر الله, والبُدْن من شعائر الله, ومن يعظمها فإنها من شعائر الله في قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ ) فمن يعظمها فإنها من تقوى القلوب.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ ) قال: الشعائر: الجمار, والصفا والمروة من شعائر الله, والمَشْعَر الحرام والمزدلفة, قال: والشعائر تدخل في الحرم, هي شعائر, وهي حرم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن تعظيم شعائره, وهي ما حمله أعلاما لخلقه فيما تعبدهم به من مناسك حجهم, من الأماكن التي أمرهم بأداء ما افترض عليهم منها عندها والأعمال التي ألزمهم عملها في حجهم: من تقوى قلوبهم; لم يخصص من ذلك شيئا, فتعظيم كلّ ذلك من تقوى القلوب, كما قال جلّ ثناؤه; وحق على عباده المؤمنين به تعظيم جميع ذلك. وقال: ( فإِنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوب ) وأنَّث ولم يقل: فإنه, لأنه أريد بذلك: فإن تلك التعظيمة مع اجتناب الرجس من الأوثان من تقوى القلوب, كما قال جلّ ثناؤه: إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ . وعنى بقوله: ( فإِنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوب ) فإنها من وجل القلوب من خشية الله, وحقيقة معرفتها بعظمته وإخلاص توحيده.
------------------------
الهوامش :
(2) جمع : هي المزدلفة .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 158 | ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ﴾ |
---|
المائدة: 2 | ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرِ اللَّـهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾ |
---|
الحج: 32 | ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرِ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ |
---|
الحج: 36 | ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّـهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ لَكُمْ فِيهَا} أي:[في] الهدايا{ مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} هذا في الهدايا المسوقة، من البدن ونحوها، ينتفع بها أربابها، بالركوب، والحلب ونحو ذلك، مما لا يضرها{ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} مقدر، موقت وهو ذبحها إذا وصلت مَحِلُّهَا وهو الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، أي:الحرم كله "منى "وغيرها، فإذا ذبحت، أكلوا منها وأهدوا، وأطعموا البائس الفقير.
وقوله- سبحانه-: لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ بيان لبعض مظاهر نعم الله- تعالى- عليهم في هذه الأنعام.
أى: لكم- أيها المؤمنون- في تلك الأنعام التي تقدمونها قربة لله- تعالى- «منافع» تصل إليكم عن طريق ركوبها ولبنها ونسلها.. وهذه المنافع موقوتة إلى وقت معين، هو وقت ذبحها أو وقت تعيبنها وتسميتها هديا، أما بعد ذلك فاتركوا الانتفاع بها للفقراء والمحتاجين، فهذا أكثر ثوابا لكم عند الله- تعالى-.
وقوله- سبحانه- ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ بيان لمكان ذبحها.
والمحل مأخوذ من حل الشيء يحل- بالكسر- حلولا إذا وجب أو انتهى أجله. والمراد به في الآية مكان الحلول، أى: المكان الذي ينتهى فيه أجل تلك الأنعام، أو المكان الذي يجب ذبحها فيه.
والمعنى: لكم في تلك الانعام منافع إلى أجل مسمى ثم المكان الذي تذبح فيه منته إلى البيت العتيق. ومتصل به.
والمقصود بهذا المحل الحرم كله، لأن البيت ليس مكانا للذبح.
وبعضهم يرى أن المراد بالمحل في قوله: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ: تحلل الحجاج من إحرامهم بعد أداء شعائر الحج المعبر عنها بقوله- تعالى-: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ....
قال القرطبي: قوله- تعالى-: ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ يريد أنها تنتهي إلى البيت، وهو الطواف فقوله: مَحِلُّها مأخوذ من إحلال المحرم.
والمعنى: أن شعائر الحج كلها من الوقوف بعرفة ورمى الجمار والسعى ينتهى إلى طواف الإفاضة بالبيت العتيق. فالبيت على هذا التأويل مراد بنفسه.. .
ثم بين- سبحانه- أنه قد شرع لكل أمة الذبائح التي ينتفعون بها، لكي يذكروه- سبحانه- ويشكروه ويخلصوا له العبادة، ولكي يطعموا منها السائل والمحتاج، فقال- تعالى-:
قوله : ( لكم فيها منافع ) أي : لكم في البدن منافع ، من لبنها ، وصوفها وأوبارها وأشعارها ، وركوبها .
( إلى أجل مسمى ) : قال مقسم ، عن ابن عباس [ في قوله ] : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) قال : ما لم يسم بدنا .
وقال مجاهد في قوله : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) ، قال : الركوب واللبن والولد ، فإذا سميت بدنة أو هديا ، ذهب ذلك كله . وكذا قال عطاء ، والضحاك ، وقتادة ، [ ومقاتل ] وعطاء الخراساني ، وغيرهم .
وقال آخرون : بل له أن ينتفع بها وإن كانت هديا ، إذا احتاج إلى ذلك ، كما ثبت في الصحيحين عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة ، قال : " اركبها " . قال : إنها بدنة . قال : " اركبها ، ويحك " ، في الثانية أو الثالثة .
وفي رواية لمسلم ، عن جابر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها " .
وقال شعبة ، عن زهير بن أبي ثابت الأعمى ، عن المغيرة بن حذف ، عن علي; أنه رأى رجلا يسوق بدنة ومعها ولدها ، فقال : لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ، فإذا كان يوم النحر فاذبحها وولدها .
وقوله : ( ثم محلها إلى البيت العتيق ) أي : محل الهدي وانتهاؤه إلى البيت العتيق ، وهو الكعبة ، كما قال تعالى : ( هديا بالغ الكعبة ) [ المائدة : 95 ] ، وقال ( والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) [ الفتح : 25 ] .
وقد تقدم الكلام على معنى " البيت العتيق " قريبا ، ولله الحمد .
وقال ابن جريج ، عن عطاء : كان ابن عباس يقول : كل من طاف بالبيت ، فقد حل ، قال الله تعالى : ( ثم محلها إلى البيت العتيق )
اختلف أهل التأويل في معنى المنافع التي ذكر الله في هذه الآية وأخبر عباده أنها إلى أجل مسمى, على نحو اختلافهم في معنى الشعائر التي ذكرها جل ثناؤه في قوله: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ فقال الذين قالوا عنى بالشعائر البدن. معنى ذلك: لكم أيها الناس في البدن منافع. ثم اختلف أيضا الذين قالوا هذه المقالة في الحال التي لهم فيها منافع, وفي الأجل الذي قال عزّ ذكره: ( إلى أجَل مُسَمَّى ) فقال بعضهم: الحال التي أخبر الله جلّ ثناؤه أن لهم فيها منافع, هي الحال التي لم يوجبها صاحبها ولم يسمها بدنة ولم يقلدها. قالوا: ومنافعها فى هذه الحال: شرب ألبانها, وركوب طهورها, وما يرزقهم الله من نتاجها وأولادها. قالوا: والأجل المسمى الذي أخبر جلّ ثناؤه أن ذلك لعباده المؤمنين منها إليه, هو إلى إيجابهم إياها, فإذا أوجبوها بطل ذلك ولم يكن لهم من ذلك شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب, قال: ثنا يحيى بن عيسى, عن ابن أبي ليلى, عن الحكم, عن مقسم, عن ابن عباس في: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: ما لم يسمّ بدنا.
حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: الركوب واللبن والولد, فإذا سميت بدنة أو هديا ذهب كله.
حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن مجاهد, في هذه الآية: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: لكم في ظهورها وألبانها وأوبارها, حتى تصير بُدْنا.
قال: ثنا ابن عديّ, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن مجاهد, بمثله.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, وليث عن مجاهد: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: في أشعارها وأوبارها وألبانها قبل أن تسميها بدنة.
قال: ثنا هارون بن المغيرة, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: في البدن لحومها وألبانها وأشعارها وأوبارها وأصوافها قبل أن تسمى هديا.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله, وزاد فيه: وهي الأجل المسمى.
حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حجاج, عن عطاء أنه قال في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْت العَتِيق ) قال: منافع في ألبانها وظهورها وأوبارها(إلى أجَلٍ مُسَمَّى) إلى أن تقلد.
حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا جويبر, عن الضحاك, مثل ذلك.
حدثني يعقوب, قال: قال ابن علية: سمعت ابن أبي نجيح يقول في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: إلى أن تُوجِبها بَدنَة.
قال: ثنا ابن علية, عن ابن أبي نجيح, عن قتادة: ( لَكُمْ فِيها مَنافعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) يقول: في ظهورها وألبانها, فإذا قلدت فمحلها إلى البيت العتيق.
وقال آخرون ممن قال الشعائر البدن في قوله: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ والهاء في قوله: ( لَكْمْ فِيها ) من ذكر الشعائر, ومعنى قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافُع ) لكم في الشعائر التي تعظمونها لله منافع بعد اتخاذكموها لله بدنا أو هدايا, بأن تركبوا ظهورها إذا احتجتم إلى ذلك, وتشربوا ألبانها إن اضطررتم إليها.قالوا: والأجل المسمى الذي قال جلّ ثناؤه: ( إلى أجَل مُسَمَّى ) إلى أن تنحر.
*ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, عن عطاء: ( لَكُمْ فِيها مَنافعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: هو ركوب البدن, وشرب لبنها إن احتاج.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, قال: قال عطاء بن أبي رباح في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: إلى أن تنحر, قال: له أن يحملها عليها المعني والمنقطع به من الضرورة, كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالبدنة إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها ويركب عند منهوكه. قلت لعطاء: ما؟ قال: الرجل الراجل, والمنقطع به, والمتبع وأن نتجت, أن يحمل عليها ولدها, ولا يشرب من لبنها إلا فضلا عن ولدها, فإن كان في لبنها فضل فليشرب من أهداها ومن لم يهدها.وأما الذين قالوا: معنى الشعائر في قوله: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ . شعائر الحجّ, وهي الأماكن التي يُنْسك عندها لله, فإنهم اختلفوا أيضا في معنى المنافع التي قال الله: ( لكُمْ فِيها مَنافِعُ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: لكم في هذه الشعائر التي تعظمونها منافع بتجارتكم عندها وبيعكم وشرائكم بحضرتها وتسوقكم. والأجل المسمى: الخروج من الشعائر إلى غيرها ومن المواضع التي ينسك عندها إلى ما سواها في قول بعضهم.
حدثني الحسن بن عليّ الصُّدائِي, قال: ثنا أبو أسامة عن سليمان الضبي, عن عاصم بن أبي النَّجود, عن أبي رزين, عن ابن عباس, في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ ) قال: أسواقهم, فإنه لم يذكر منافع إلا للدنيا.
حدثني محمد بن المثنى, قال: ثنا يزيد بن هارون, قال: أخبرنا داود بن أبي هند, عن محمد بن أبي موسى, قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) قال: والأجل المسمى: الخروج منه إلى غيره.
وقال آخرون منهم: المنافع التي ذكرها الله في هذا الموضع: العمل لله بما أمر من مناسك الحجّ. قالوا: والأجل المسمَّى: هو انقضاء أيام الحجّ التي يُنْسَك لله فيهنّ.
*ذكر من قال ذلك:- حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْت العَتِيق ) فقرأ قول الله: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ لكم في تلك الشعائر منافع إلى أجل مسمى, إذا ذهبت تلك الأيام لم تر أحدا يأتي عرفة يقف فيها يبتغي الأجر, ولا المزدلفة, ولا رمي الجمار, وقد ضربوا من البلدان لهذه الأيام التي فيها المنافع, وإنما منافعها إلى تلك الأيام, وهي الأجل المسمى, ثم محلها حين تنقضي تلك الأيام إلى البيت العتيق.
قال أبو جعفر: وقد دللنا قبل على أن قول الله تعالى ذكره: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ معنيّ به: كلّ ما كان من عمل أو مكان جعله الله علما لمناسك حج خلقه, إذ لم يخصص من ذلك جلّ ثناؤه شيئا في خبر ولا عقل.وإذ كان ذلك كذلك فمعلوم أن معنى قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) في هذه الشعائر منافع إلى أجل مسمى, فما كان من هذه الشعائر بدنا وهديا, فمنافعها لكم من حين تملكون إلى أن أوجبتموها هدايا وبدنا, وما كان منها أماكن ينسك لله عندها, فمنافعها التجارة لله عندها والعمل بما أمر به إلى الشخوص عنها, وما كان منها أوقاتا بأن يُطاع الله فيها بعمل أعمال الحجّ وبطلب المعاش فيها بالتجارة, إلى أن يطاف بالبيت في بعض, أو يوافي الحرم في بعض ويخرج عن الحرم في بعض.
وقال اختلف الذين ذكرنا اختلافهم في تأويل قوله: ( لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمَّى ) في تأويل قوله: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) فقال الذين قالوا عني بالشعائر في هذا الموضع: البُدْن معنى ذلك ثم محل البدن إلى أن تبلغ مكة, وهي التي بها البيت العتيق.
*ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: أخبرنا هشيم, قال: أخبرنا حجاج, عن عطاء: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) إلى مكة.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) يعني محل البدن حين تسمى إلى البيت العتيق.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, قال: ( ثُمَّ مَحِلُّها ) حين تسمى هديا( إلى البيْتِ العتِيق ), قال: الكعبة أعتقها من الجبابرة.فوجه هؤلاء تأويل ذلك إلى سمي منحر البدن والهدايا التي أوجبتموها إلى أرض الحرم، وقالوا: عنى بالبيت العتيق أرض الحرم كلها. وقالوا: وذلك قوله: فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ والمراد: الحرم كله.
وقال آخرون: معنى ذلك: ثم محلكم أيها الناس من مناسك حجكم إلى البيت العتيق أن تطوفوا به يوم النحر بعد قضائكم ما أوجبه الله عليكم في حجكم.
*ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا يزيد بن هارون, قال: أخبرنا داود بن أبي هند, عن محمد بن أبي موسى: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) قال: محلّ هذه الشعائر كلها الطواف بالبيت.
وقال آخرون: معنى ذلك: ثم محلّ منافع أيام الحجّ إلى البيت العتيق بانقضائها.
*ذكر من قال ذلك:- حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيق ) حين تنقضي تلك الأيام, أيام الحجّ إلى البيت العتيق.
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ثم محلّ الشعائر التي لكم فيها منافع إلى أجل مسمى إلى البيت العتيق, فما كان من ذلك هديا أو بدنا فبموافاته الحرم في الحرم, وما كان من نسك فالطواف بالبيت.
وقد بيَّنا الصواب في ذلك من القول عندنا في معنى الشعائر.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:ولكل أمة من الأمم السالفة جعلنا منسكا، أي:فاستبقوا إلى الخيرات وتسارعوا إليها، ولننظر أيكم أحسن عملا، والحكمة في جعل الله لكل أمة منسكا، لإقامة ذكره، والالتفات لشكره، ولهذا قال:{ لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} وإن اختلفت أجناس الشرائع، فكلها متفقة على هذا الأصل، وهو ألوهية الله، وإفراده بالعبودية، وترك الشرك به ولهذا قال:{ فَلَهُ أَسْلِمُوا} أي:انقادوا واستسلموا له لا لغيره، فإن الإسلام له طريق إلى الوصول إلى دار السلام.{ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} بخير الدنيا والآخرة، والمخبت:الخاضع لربه، المستسلم لأمره، المتواضع لعباده .
والمنسك- بفتح السين وكسرها- مأخوذ من النسك بمعنى العبادة، فيجوز أن يراد به النسك نفسه، ويجوز أن يراد به مكانه أو زمانه.
ويبدو أن المراد به هنا عبادة خاصة وهي الذبح تقربا إلى الله- تعالى-.
قال الآلوسى: والمنسك موضع النسك إذا كان اسم مكان، أو النسك إذا كان مصدرا.
وفسره مجاهد هنا بالذبح وإراقة الدماء على وجه التقرب إليه- تعالى- فجعله مصدرا، وحمل النسك على عبادة خاصة، وهو أحد استعمالاته وإن كان في الأصل بمعنى العبادة مطلقا، وشاع في أعمال الحج.. .
وجملة وَلِكُلِّ أُمَّةٍ ... معطوفة على قوله- تعالى- قبل ذلك: لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى.
والمعنى: جعلنا لكم- أيها المؤمنون- منافع كثيرة في هذه الأنعام الى وقت معين، ثم تكون نهايتها وذبحها عند البيت الحرام، كما جعلنا وشرعنا لمن قبلكم من الأمم شعيرة الذبح ليتقربوا بها إلينا، وأرشدناهم إلى المكان الذي يذبحون فيه، وإلى أفضل الطرق التي تجعل، ذبائحهم مقبولة عندنا.
وفي هذه الجملة الكريمة وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً، تحريك لنفوسهم نحو الإقدام على إراقة الدم تقربا إلى الله، لأن هذه الذبائح ليست من شعائر هذه الأمة وحدها، وإنما هي من شعائرها ومن شعائر الأمم التي سبقتها.
وقوله- تعالى-: لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ بيان للعلة التي من أجلها شرعت تلك الذبائح.
أى: شرعناها لكم وللأمم السابقة عليكم للإكثار من ذكر الله عند ذبحها فهو- سبحانه- الذي رزقكم إياها بفضله وإحسانه، فعليكم أن تكثروا من ذكره وشكره، ليزيدكم من خيره ورزقه.
وفي هذه الجملة الكريمة تقريع وتوبيخ لمن يذكرون غير اسم الله- تعالى- عند الذبح، وتأكيد لوجوب ذكر اسمه- تعالى-، حتى لكأن المقصود الأعظم من وراء ذبح هذه الأنعام، هو المداومة على ذكر اسم الله- عز وجل- وعلى شكره- سبحانه- على نعمه، أما ما سوى ذلك كالأكل منها، والانتفاع بها.. فهي مقاصد فرعية.
ثم عقب- سبحانه- على ذلك بتقرير وحدانيته، وبوجوب إسلام الوجه إليه، فقال:
فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا.
أى: شرعنا لكم ذلك لأن إلهكم إله واحد لا شريك له لا في ذاته ولا في صفاته، فله وحده أسلموا وجوهكم، وأخلصوها لعبادته وطاعته.
فجملة فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ بمثابة العلة لما قبلها من تخصيص اسمه الكريم بالذكر عند الذبح، لأن تفرده- سبحانه- بالألوهية يستلزم هذا التخصيص.
وقوله- تعالى-: فَلَهُ أَسْلِمُوا مرتب على ما قبله، لأنه متى ثبت أن المستحق للعبادة والطاعة هو الله الواحد الأحد، فعليهم أن يسلموا وجوههم إليه.
ثم أمر الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يبشر المخبتين برضاه- سبحانه- وبمثوبته فقال: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ أى: المتواضعين لله- تعالى- المطمئنين إلى عدالة قضائه فيهم، ولفظ الْمُخْبِتِينَ من الإخبات. وهو في الأصل نزول الخبت- بفتح الخاء وسكون الباء.
أى: المكان المنخفض، ثم استعمل في اللين والتواضع. يقال: فلان مخبت، أى:
متواضع خاشع لله رب العالمين.
وحذف- سبحانه- المبشر به لتهويله وتعظيمه، أى: وبشر- أيها الرسول الكريم- هؤلاء المتواضعين لله- تعالى- بالثواب العظيم، والأجر الكبير الذي لا تحيط بوصفه عبارة.
يخبر تعالى أنه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعا في جميع الملل .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ولكل أمة جعلنا منسكا ) قال : عيدا .
وقال عكرمة : ذبحا . وقال زيد بن أسلم في قوله : ( ولكل أمة جعلنا منسكا ) ، إنها مكة ، لم يجعل الله لأمة قط منسكا غيرها .
[ وقوله ] : ( ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) ، كما ثبت في الصحيحين عن أنس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، فسمى وكبر ، ووضع رجله على صفاحهما .
وقال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا سلام بن مسكين ، عن عائذ الله المجاشعي ، عن أبي داود وهو نفيع بن الحارث عن زيد بن أرقم قال : قلت أو : قالوا : يا رسول الله ، ما هذه الأضاحي؟ قال : " سنة أبيكم إبراهيم " . قالوا : ما لنا منها؟ قال : " بكل شعرة حسنة " قالوا : فالصوف؟ قال : " بكل شعرة من الصوف حسنة " .
وأخرجه الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجه في سننه ، من حديث سلام بن مسكين ، به .
وقوله : ( فإلهكم إله واحد فله أسلموا ) أي : معبودكم واحد ، وإن تنوعت شرائع الأنبياء ونسخ بعضها بعضا ، فالجميع يدعون إلى عبادة الله وحده ، لا شريك له ، ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] . ولهذا قال : ( فله أسلموا ) أي : أخلصوا واستسلموا لحكمه وطاعته .
( وبشر المخبتين ) : قال مجاهد : المطمئنين ، وقال الضحاك ، وقتادة : المتواضعين . وقال السدي : الوجلين . وقال عمرو بن أوس : المخبتون : الذين لا يظلمون ، وإذا ظلموا لم ينتصروا .
وقال الثوري : ( وبشر المخبتين ) قال : المطمئنين الراضين بقضاء الله ، المستسلمين له .
وأحسن ما يفسر بما بعده وهو قوله :
يقول تعالى ذكره: ( وَلِكُلّ أُمَّةٍ ) ولكلّ جماعة سلف فيكم من أهل الإيمان بالله أيها الناس, جعلنا ذبحا يُهَرِيقون دمه ( لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعام ) بذلك لأن من البهائم ما ليس من الأنعام, كالخيل والبغال والحمير. وقيل: إنما قيل للبهائم بهائم لأنها لا تتكلم.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: ( جَعَلْنا مَنْسَكا ) قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال. حدثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكا ) قال: إهراق الدماء ( لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها ).
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال. ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
وقوله: ( فَإِلَهُكُمْ إلَهُ وَاحِدٌ ) يقول تعالى ذكره: فاجتنبوا الرجس من الأوثان, واجتنبوا قول الزور, فإلهكم إله واحد لا شريك له, فإياه فاعبدوا وله أخلصوا الألوهة.وقوله: ( فَلَهُ أسْلِمُوا ) يقول: فلإلهكم فاخضعوا بالطاعة, وله فذلوا بالإقرار بالعبودية.وقوله: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) يقول تعالى ذكره: وبشر يا محمد الخاضعين لله بالطاعة, المذعنين له بالعبودية, المنيبين إليه بالتوبة. وقد بيَّنا معنى الإخبات بشواهده فيما مضى من كتابنا هذا.
وقد اختلف أهل التأويل في المراد به في هذا الموضع, فقال بعضهم: أريد به: وبشِّر المطمئنين إلى الله.
*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) قال: المطمئنين.
حدثني أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) المطمئنين إلى الله.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى. وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) قال: المطمئنين.
حدثنا الحسن, قال: ثنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قَتادة, في قوله: ( وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ ) قال: المتواضعين.
وقال آخرون في ذلك بما:حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا محمد بن مسلم, عن عثمان بن عبد الله بن أوس, عن عمرو بن أوس, قال: المخبتون: الذين لا يظلمون, وإذا ظلموا لم ينتصروا.
حدثني محمد بن عثمان الواسطي, قال: ثنا حفص, بن عمر, قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي, قال: ثني عثمان بن عبد الله بن أوس, عن عمرو بن أوس مثله.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحج: 34 | ﴿وَ لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ |
---|
الحج: 67 | ﴿ لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
منسكا:
1- بفتح الميم، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة الأخوين، وابن سعدان، وأبى حاتم، عن أبى عمرو، ويونس، ومحبوب، وعبد الوارث.
التفسير :
{ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي:خوفا وتعظيما، فتركوا لذلك المحرمات، لخوفهم ووجلهم من الله وحده،{ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ} من البأساء والضراء، وأنواع الأذى، فلا يجري منهم التسخط لشيء من ذلك، بل صبروا ابتغاء وجه ربهم، محتسبين ثوابه، مرتقبين أجره،{ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ} أي:الذين جعلوها قائمة مستقيمة كاملة، بأن أدوا اللازم فيها والمستحب، وعبوديتها الظاهرة والباطنة،{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} وهذا يشمل جميع النفقات الواجبة، كالزكاة، والكفارة، والنفقة على الزوجات والمماليك، والأقارب، والنفقات المستحبة، كالصدقات بجميع وجوهها، وأتي بـ{ من} المفيدة للتبعيض، ليعلم سهولة ما أمر الله به ورغب فيه، وأنه جزء يسير مما رزق الله، ليس للعبد في تحصيله قدرة، لولا تيسير الله له ورزقه إياه. فيا أيها المرزوق من فضل الله، أنفق مما رزقك الله، ينفق الله عليك، ويزدك من فضله.
ثم مدحهم- سبحانه- بأربع صفات فقال: الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ...
أى: بشر هؤلاء المخبتين الذين من صفاتهم أنهم إذا سمعوا ذكر الله- تعالى- وصفاته، وحسابه لعباده يوم القيامة، خافت قلوبهم، وحذرت معصيته- تعالى-.
والذين من صفاتهم كذلك: الصبر على ما يصيبهم من مصائب ومحن في هذه الحياة، والمداومة على أداء الصلاة في مواقيتها بإخلاص وخشوع، والإنفاق مما رزقهم الله- تعالى- على الفقراء والمحتاجين.
فإن قيل: كيف نجمع بين هذه الآية التي وصفت المؤمنين الصادقين بأنهم إذا ذكر الله وجلت قلوبهم. وبين قوله- تعالى- في آية أخرى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.
فالجواب: أنه لا تنافى بين الآيتين، لأن من شأن المؤمن الصادق أنه إذا استحضر وعيد الله وحسابه لعباده يوم القيامة، امتلأ قلبه بالخشية والخوف والوجل.
فإذا ما استحضر بعد ذلك رحمته- سبحانه- وسعة عفوه، اطمأن قلبه وسكن روعه، وثبت يقينه، وانشرح صدره، واستسلم لقضاء الله وقدره بدون تردد أو تشكك أو جزع.
فالوجل والاطمئنان أمران يجدهما المؤمن في قلبه، في وقتين مختلفين. وفي حالتين متمايزتين.
ويؤخذ من هاتين الآيتين: أن التواضع لله- تعالى-، والمراقبة له- سبحانه- والصبر على بلائه، والمحافظة على فرائضه.. كل ذلك يؤدى إلى رضاه- عز وجل-، وإلى السعادة الدنيوية والأخروية.
( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) أي : خافت منه قلوبهم ، ( والصابرين على ما أصابهم ) أي : من المصائب .
قال الحسن البصري : والله لتصبرن أو لتهلكن .
( والمقيمي الصلاة ) : قرأ الجمهور بالإضافة . السبعة ، وبقية العشرة أيضا . وقرأ ابن السميقع : " والمقيمين الصلاة " بالنصب .
وقال الحسن البصري : ( والمقيمي الصلاة ) ، وإنما حذفت النون هاهنا تخفيفا ، ولو حذفت للإضافة لوجب خفض الصلاة ، ولكن على سبيل التخفيف فنصبت .
أي : المؤدين حق الله فيما أوجب عليهم من أداء فرائضه ، ( ومما رزقناهم ينفقون ) أي : وينفقون ما آتاهم الله من طيب الرزق على أهليهم وأرقائهم وقراباتهم ، وفقرائهم ومحاويجهم ، ويحسنون إلى خلق الله مع محافظتهم على حدود الله . وهذه بخلاف صفات المنافقين ، فإنهم بالعكس من هذا كله ، كما تقدم تفسيره في سورة " براءة " [ فلله الحمد والمنة ] .
فهذا من نعت المخبتين; يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وبشّر يا محمد المخبتين الذين تخشع قلوبهم لذكر الله وتخضع من خشيته وجلا من عقابه وخوفا من سخطه.
كما:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) قال: لا تقسو قلوبهم.( والصَّابِرينَ عَلى ما أصَابَهُمْ ) من شدّة في أمر الله, ونالهم من مكروه في جنبه ( والمُقِيمي الصَّلاةِ ) المفروضة ( وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ ) من الأموال (يُنْفِقُونَ) في الواجب عليهم إنفاقها فيه, في زكاة ونفقة عيال ومن وجبت عليه نفقته وفي سبيل الله.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنفال: 2 | ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ |
---|
الحج: 35 | ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
والمقيمي الصلاة:
1- بالخفض، على الإضافة، وحذف النون لأجلها، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- والمقيمين الصلاة، بالنون ونصب «الصلاة» ، وهى قراءة ابن مسعود، والأعمش.
3- والمقيم الصلاة، وهى قراءة الضحاك.
التفسير :
هذا دليل على أن الشعائر عام في جميع أعلام الدين الظاهرة. وتقدم أن الله أخبر أن من عظم شعائره، فإن ذلك من تقوى القلوب، وهنا أخبر أن من جملة شعائره، البدن، أي:الإبل، والبقر، على أحد القولين، فتعظم وتستسمن، وتستحسن،{ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} أي:المهدي وغيره، من الأكل، والصدقة، والانتفاع، والثواب، والأجر،{ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا} أي:عند ذبحها قولوا "بسم الله "واذبحوها،{ صَوَافَّ} أي:قائمات، بأن تقام على قوائمها الأربع، ثم تعقل يدها اليسرى، ثم تنحر.
{ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} أي:سقطت في الأرض جنوبها، حين تسلخ، ثم يسقط الجزار جنوبها على الأرض، فحينئذ قد استعدت لأن يؤكل منها،{ فَكُلُوا مِنْهَا} وهذا خطاب للمهدي، فيجوز له الأكل من هديه،{ وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} أي:الفقير الذي لا يسأل، تقنعا، وتعففا، والفقير الذي يسأل، فكل منهما له حق فيهما.
{ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ} أي:البدن{ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الله على تسخيرها، فإنه لولا تسخيره لها، لم يكن لكم بها طاقة، ولكنه ذللها لكم وسخرها، رحمة بكم وإحسانا إليكم، فاحمدوه.
ثم أكد سبحانه- ما سبق الحديث عنه من وجوب ذكر اسمه- تعالى- عند الذبح، ومن وجوب شكره على نعمه فقال: وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ.
والبدن: جمع بدنة. وهي الإبل خاصة التي تهدى إلى البيت الحرام للتقرب بها إلى الله- تعالى- وقيل: البدن تطلق على الإبل والبقر.
وسميت بهذا الاسم لبدانتها وضخامتها. يقال: بدن الرجل- بوزن كرم- إذا كثر لحمه، وضخم جسمه.
أى: وشرعنا لكم- أيها المؤمنون- التقرب إلينا بالإبل البدينة السمينة وجعلنا ذلك شعيرة من شعائر ديننا، وعلامة من العلامات الدالة على قوة إيمان من ينفذ هذه الشعيرة بتواضع وإخلاص.
وقوله- تعالى- لَكُمْ فِيها خَيْرٌ جملة مستأنفة مقررة لما قبلها. أى: لكم فيه خير في الدنيا عن طريق الانتفاع بألبانها ووبرها.. ولكم فيها خير في الآخرة عن طريق الثواب الجزيل الذي تنالونه من خالقكم بسبب استجابتكم لما أرشدكم إليه.
وقوله- تعالى-: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ إرشاد لما يقوله الذابح عند ذبحها.
وصواف: جمع صافة. أى: قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن استعدادا للذبح!.
أى: إذا ما هيأتم هذه الإبل للذبح، فاذكروا اسم الله عليها، بأن تقولوا عند نحرها:
بسم الله والله أكبر، اللهم منك وإليك.
وقوله- سبحانه-: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ بيان لما ينبغي عليهم فعله بعد ذبحها.
ووجبت بمعنى سقطت: وهو كناية عن موتها. يقال: وجب الجدار إذا سقط، ووجبت الشمس إذا غابت.
والقانع: هو الراضي بما قدره الله- تعالى- له، فلا يتعرض لسؤال الناس مأخوذ من قنع يقنع- كرضى يرضى- وزنا ومعنى.
والمعتر: هو الذي يسأل غيره ليعطيه. يقال: فلان يعترى الأغنياء، أى: يذهب إليهم طالبا عطاءهم.
وقيل: القانع هو الطامع الذي يسأل غيره، والمعتر: هو الذي يتعرض للعطاء من غير سؤال وطلب.
أى: فإذا ما سقطت جنوب هذه الإبل على الأرض، وأعددتموها للأكل فكلوا منها، وأطعموا الفقير القانع الذي لا يسألكم، والفقير المعتر الذي يتعرض لكم بالسؤال والطلب.
ثم بين- سبحانه- مظاهر فضله عليهم، حيث ذلل هذه الأنعام لهم فقال: كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
وقوله كَذلِكَ نعت لمصدر محذوف. أى: مثل ذلك التسخير البديع سخرنا لكم هذه الأنعام، وذللناها لكم، وجعلناها منقادة لأمركم، لعلكم بعد أن شاهدتم هذه النعم، وانتفعتم بها، تكونون من الشاكرين لنا، والمستجيبين لتوجيهاتنا وإرشادنا.
قال صاحب الكشاف: منّ الله على عباده واستحمد إليهم، بأن سخر لهم البدن مثل التسخير الذي رأوا وعلموا. يأخذونها منقادة للأخذ طيعة، فيعقلونها ويحبسونها صافة قوائمها، ثم يطعنون في لبانها. ولولا تسخير الله لم تطعن، ولم تكن بأعجز من بعض الوحوش التي هي أصغر منها جرما، وأقل قوة، وكفى بما يتأبد من الإبل شاهدا على ذلك
يقول تعالى ممتنا على عباده فيما خلق لهم من البدن ، وجعلها من شعائره ، وهو أنه جعلها تهدى إلى بيته الحرام ، بل هي أفضل ما يهدى [ إلى بيته الحرام ] ، كما قال تعالى : ( لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد [ ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا ] ) الآية : [ المائدة : 2 ] .
قال ابن جريج : قال عطاء في قوله : ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ) ، قال : البقرة ، والبعير . وكذا روي عن ابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، والحسن البصري . وقال مجاهد : إنما البدن من الإبل .
قلت : أما إطلاق البدنة على البعير فمتفق عليه ، واختلفوا في صحة إطلاق البدنة على البقرة ، على قولين ، أصحهما أنه يطلق عليها ذلك شرعا كما صح في الحديث .
ثم جمهور العلماء على أنه تجزئ البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة ، كما ثبت به الحديث عند مسلم ، من رواية جابر بن عبد الله [ وغيره ] ، قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الأضاحي ، البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة .
[ وقال إسحاق ابن راهويه وغيره : بل تجزئ البقرة عن سبعة ، والبعير عن عشرة ] . وقد ورد به حديث في مسند الإمام أحمد ، وسنن النسائي ، وغيرهما ، فالله أعلم .
وقوله : ( لكم فيها خير ) ، أي : ثواب في الدار الآخرة .
وعن سليمان بن يزيد الكعبي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من هراقة دم ، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها ، وإن الدم ليقع من الله بمكان ، قبل أن يقع على الأرض ، فطيبوا بها نفسا " . رواه ابن ماجه ، والترمذي وحسنه .
وقال سفيان الثوري : كان أبو حاتم يستدين ويسوق البدن ، فقيل له : تستدين وتسوق البدن؟ فقال : إني سمعت الله يقول : ( لكم فيها خير )
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم عيد " . رواه الدارقطني في سننه .
وقال مجاهد : ( لكم فيها خير ) قال : أجر ومنافع .
وقال إبراهيم النخعي : يركبها ويحلبها إذا احتاج إليها .
وقوله : ( فاذكروا اسم الله عليها صواف ) وعن [ المطلب بن عبد الله بن حنطب ، عن ] جابر بن عبد الله قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى ، فلما انصرف أتى بكبش فذبحه ، فقال : " بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي " .
رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي .
وقال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن عباس ، عن جابر قال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين في يوم عيد ، فقال حين وجههما : " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما ، وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . لا شريك له ، وبذلك أمرت ، وأنا أول المسلمين ، اللهم منك ولك ، وعن محمد وأمته " . ثم سمى الله وكبر وذبح .
وعن علي بن الحسين ، عن أبي رافع; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين ، فإذا صلى وخطب الناس أتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ، ثم يقول : " اللهم هذا عن أمتي جميعها ، من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ " . ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه ، ثم يقول : " هذا عن محمد وآل محمد " فيطعمها جميعا المساكين ، [ ويأكل ] هو وأهله منهما .
رواه أحمد ، وابن ماجه .
وقال الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس في قوله : ( فاذكروا اسم الله عليها صواف ) ، قال : قيام على ثلاث قوائم ، معقولة يدها اليسرى ، يقول : " بسم الله والله أكبر ، اللهم منك ولك " . وكذلك روى مجاهد ، وعلي بن أبي طلحة ، والعوفي ، عن ابن عباس ، نحو هذا .
وقال ليث . عن مجاهد : إذا عقلت رجلها اليسرى قامت على ثلاث . وروى ابن أبي نجيح ، عنه ، نحوه .
وقال الضحاك : تعقل رجل واحدة فتكون على ثلاث .
وفي الصحيحين عن ابن عمر : أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته وهو ينحرها ، فقال : ابعثها قياما مقيدة سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم .
وعن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ينحرون البدن معقولة اليسرى ، قائمة على ما بقي من قوائمها . رواه أبو داود .
وقال ابن لهيعة : حدثني عطاء بن دينار ، أن سالم بن عبد الله قال لسليمان بن عبد الملك : قف من شقها الأيمن ، وانحر من شقها الأيسر .
وفي صحيح مسلم ، عن جابر ، في صفة حجة الوداع ، قال فيه : فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثلاثا وستين بدنة ، جعل يطعنها بحربة في يده .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : في حرف ابن مسعود : " صوافن " ، أي : معقلة قياما .
وقال سفيان الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد : من قرأها " صوافن " قال : معقولة . ومن قرأها ( صواف ) قال : تصف بين يديها .
وقال طاوس ، والحسن ، وغيرهما : " فاذكروا اسم الله عليها صوافي " يعني : خالصة لله عز وجل . وكذا رواه مالك ، عن الزهري .
وقال عبد الرحمن بن زيد : " صوافي " : ليس فيها شرك كشرك الجاهلية لأصنامهم .
وقوله : ( فإذا وجبت جنوبها ) قال : ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : يعني : سقطت إلى الأرض .
وهو رواية عن ابن عباس ، وكذا قال مقاتل بن حيان .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( فإذا وجبت جنوبها ) يعني : نحرت .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( فإذا وجبت جنوبها ) يعني : ماتت .
وهذا القول هو مراد ابن عباس ومجاهد ، فإنه لا يجوز الأكل من البدنة إذا نحرت حتى تموت وتبرد حركتها . وقد جاء في حديث مرفوع : " ولا تعجلوا النفوس أن تزهق " . وقد رواه الثوري في جامعه ، عن أيوب ، عن يحيى ابن أبي كثير ، عن فرافصة الحنفي ، عن عمر بن الخطاب; أنه قال ذلك ويؤيده حديث شداد بن أوس في صحيح مسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته " .
وعن أبي واقد الليثي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما قطع من البهيمة وهي حية ، فهو ميتة " .
رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي وصححه .
وقوله : ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) قال بعض السلف : قوله : ( فكلوا منها ) أمر إباحة .
وقال مالك : يستحب ذلك . وقال غيره : يجب . وهو وجه لبعض الشافعية . واختلف في المراد بالقانع والمعتر ، فقال العوفي ، عن ابن عباس : القانع : المستغني بما أعطيته ، وهو في بيته . والمعتر : الذي يتعرض لك ، ويلم بك أن تعطيه من اللحم ، ولا يسأل . وكذا قال مجاهد ، ومحمد بن كعب القرظي .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : القانع : المتعفف . والمعتر : السائل . وهذا قول قتادة ، وإبراهيم النخعي ، ومجاهد في رواية عنه .
وقال ابن عباس ، وزيد بن أسلم وعكرمة ، والحسن البصري ، وابن الكلبي ، ومقاتل بن حيان ، ومالك بن أنس : القانع : هو الذي يقنع إليك ويسألك . والمعتر : الذي يعتريك ، يتضرع ولا يسألك . وهذا لفظ الحسن .
وقال سعيد بن جبير : القانع : هو السائل ، ثم قال : أما سمعت قول الشماخ .
لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره ، أعف من القنوع
قال : يعني من السؤال ، وبه قال ابن زيد .
وقال زيد بن أسلم : القانع : المسكين الذي يطوف . والمعتر : الصديق والضعيف الذي يزور . وهو رواية عن عبد الله بن زيد أيضا .
وعن مجاهد أيضا : القانع : جارك الغني [ الذي يبصر ما يدخل بيتك ] والمعتر : الذي يعتريك من الناس .
وعنه : أن القانع : هو الطامع . والمعتر : هو الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير .
وعن عكرمة نحوه ، وعنه القانع : أهل مكة .
واختار ابن جرير أن القانع : هو السائل; لأنه من أقنع بيده إذا رفعها للسؤال ، والمعتر من الاعترار ، وهو : الذي يتعرض لأكل اللحم .
وقد احتج بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الأضحية تجزأ ثلاثة أجزاء : فثلث لصاحبها يأكله [ منها ] ، وثلث يهديه لأصحابه ، وثلث يتصدق به على الفقراء; لأنه تعالى قال : ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) . وفي الحديث الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس : " إني كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث ، فكلوا وادخروا ما بدا لكم " وفي رواية : " فكلوا وادخروا وتصدقو ا " . وفي رواية : " فكلوا وأطعموا وتصدقو ا " .
والقول الثاني : إن المضحي يأكل النصف ويتصدق بالنصف ، لقوله في الآية المتقدمة : ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) [ الحج : 28 ] ، ولقوله في الحديث : " فكلوا وادخروا وتصدقوا " .
فإن أكل الكل فقيل : لا يضمن شيئا . وبه قال ابن سريج من الشافعية .
وقال بعضهم : يضمنها كلها بمثلها أو قيمتها . وقيل : يضمن نصفها . وقيل : ثلثها . وقيل : أدنى جزء منها . وهو المشهور من مذهب الشافعي .
وأما الجلود ، ففي مسند أحمد عن قتادة بن النعمان في حديث الأضاحي : " فكلوا وتصدقوا ، واستمتعوا بجلودها ، ولا تبيعوها " .
ومن العلماء من رخص [ في ذلك ] ، ومنهم من قال : يقاسم الفقراء ثمنها ، والله أعلم .
[ مسألة ] .
عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ، ثم نرجع فننحر . فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم [ عجله ] لأهله ، ليس من النسك في شيء " أخرجاه .
فلهذا قال الشافعي وجماعة من العلماء : إن أول وقت الأضحى إذا طلعت الشمس يوم النحر ، ومضى قدر صلاة العيد والخطبتين . زاد أحمد : وأن يذبح الإمام بعد ذلك ، لما جاء في صحيح مسلم : وألا تذبحوا حتى يذبح الإمام " .
وقال أبو حنيفة : أما أهل السواد من القرى ونحوهم ، فلهم أن يذبحوا بعد طلوع الفجر ، إذ لا صلاة عيد عنده لهم . وأما أهل الأمصار فلا يذبحوا حتى يصلي الإمام ، والله أعلم .
ثم قيل : لا يشرع الذبح إلا يوم النحر وحده . وقيل : يوم النحر لأهل الأمصار ، لتيسر الأضاحي عندهم ، وأما أهل القرى فيوم النحر وأيام التشريق بعده ، وبه قال سعيد بن جبير . وقيل : يوم النحر ، ويوم بعده للجميع . وقيل : ويومان بعده ، وبه قال أحمد . وقيل : يوم النحر وثلاثة أيام التشريق بعده ، وبه قال الشافعي; لحديث جبير بن مطعم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " وأيام التشريق كلها ذبح " . رواه أحمد وابن حبان .
وقيل : إن وقت الذبح يمتد إلى آخر ذي الحجة ، وبه قال إبراهيم النخعي ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن . وهو قول غريب .
وقوله : ( كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون ) : يقول تعالى : من أجل هذا ( سخرناها لكم ) أي : ذللناها لكم ، أي : جعلناها منقادة لكم خاضعة ، إن شئتم ركبتم ، وإن شئتم حلبتم ، وإن شئتم ذبحتم ، كما قال تعالى : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون . وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون . ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ) [ يس : 71 73 ] ، وقال في هذه الآية الكريمة : ( كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون )
يقول تعالى ذكره: والبُدن وهي جمع بدنة, وقد يقال لواحدها: بدن, وإذا قيل بدن احتمل أن يكون جمعا وواحدا, يدلّ على أنه قد يقال ذلك للواحد قول الراجز:
عَــليَّ حِــينَ نَمْلِــكُ الأمُــورَا
صَــوْمَ شُــهُورٍ وَجَــبَتْ نُـذُورا
وَحَــلْقَ راسِــي وَافِيـا مَضْفُـورَا
وَبَدَنــــا مُدَرَّعـــا مُوْفُـــورَا (3)
والبدن: هو الضخم من كلّ شيء, ولذلك قيل لامرئ القيس بن النعمان صاحب الخورنق، والسدير البَدَن: لضخمه واسترخاء لحمه, فإنه يقال: قد بَدَّن تبدينا. فمعنى الكلام. والإبل العظام الأجسام الضخام, جعلناها لكم أيها الناس من شعائر الله: يقول: من أعلام أمر الله الذي أمركم به في مناسك حجكم إذا قلدتموها وجللتموها وأشعرتموها, علم بذلك وشعر أنكم فعلتم ذلك من الإبل والبقر.
كما: حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, عن ابن جُرَيج, قال: قال عطاء: ( والبُدْنَ جَعَلنْاها لَكُمْ مِن شَعائِرِ اللهِ ) قال: البقرة والبعير.
وقوله: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) يقول: لكم في البدن خير، وذلك الخير هو الأجر في الآخرة بنحرها والصدقة بها, وفي الدنيا: الركوب إذا احتاج إلى ركوبها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى - وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) قال: أجر ومنافع في البدن.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال. حدثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) قال: اللبن والركوب إذا احتاج.
حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا إسحاق, عن شريك, عن منصور, عن إبراهيم: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) قال: إذا اضطررت إلى بدنتك ركبتها وشربت لبنها.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم: ( لَكُمْ فِيها خَيْرٌ ) من احتاج إلى ظهر البدنة ركب, ومن احتاج إلى لبنها شرب.
وقوله: ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) يقول تعالى ذكره: فاذكروا اسم الله على البدن عند نحركم إياها صوافّ.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) بمعنى مصطفة, واحدها: صافة, وقد صفت بين أيديها. ورُوي عن الحسن ومجاهد وزيد بن أسلم وجماعة أُخر معهم, أنهم قرءوا ذلك. " صَوَافِيَ" بالياء منصوبة, بمعنى: خالصة لله لا شريك له فيها صافية له.
وقرأ بعضهم ذلك: " صَوَاف " بإسقاط الياء وتنوين الحرف, على مثال: عوار وعواد. وروي عن ابن مسعود أنه قرأه: " صَوَافِنٌ" بمعنى: معقلة.
والصواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأه بتشديد الفاء ونصبها, لإجماع الحجة من القرّاء عليه بالمعنى الذي ذكرناه لمن قرأه كذلك.
*ذكر من تأوّله بتأويل من قرأه بتشديد الفاء ونصبها:- حدثنا أبو كريب, قال: ثنا جابر بن نوح, عن الأعمش, عن أبي ظبيان, عن ابن عباس, في قوله: ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) قال: الله أكبر الله أكبر, اللهمّ منك ولك. صوافّ: قياما على ثلاث أرجل. فقيل لابن عباس: ما نصنع بجلودها؟ قال: تصدّقوا بها, واستمتعوا بها.
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: ثنا أيوب بن سويد, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن أبي ظبيان, عن ابن عباس, في قوله: (صَوَافَّ) قال: قائمة, قال: يقول: الله أكبر, لا إله إلا الله, اللهمّ منك ولك.
حدثني محمد بن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن شعبة, عن سليمان, عن أبي ظبيان, عن ابن عباس: ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) قال: قياما على ثلاث قوائم معقولة باسم الله, اللهم أكبر, اللهمّ منك ولك.
حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن مجاهد, عن ابن عباس, في قوله: (صَوَافَّ) قال: معقولة إحدى يديها, قال: قائمة على ثلاث قوائم.
حدثني عليّ, قال: ثنا عبد الله, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: ( فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ ) يقول: قياما.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) والصواف: أن تعقل قائمة واحدة, وتصفها على ثلاث فتنحرها كذلك.
حدثنا يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا يعلى بن عطاء, قال: أخبرنا بجير بن سالم, قال: رأيت ابن عمر وهو ينحر بدنته, قال: فقال: (صَوَافَّ) كما قال الله, قال: فنحرها وهي قائمة معقولة إحدى يديها.
حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن إدريس, قال: أخبرنا ليث, عن مجاهد, قال: الصَّوافّ: إذا عقلت رجلها وقامت على ثلاث.
قال: ثنا ليث, عن مجاهد, في قوْله: ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) قال: صوافّ بين أوظافها.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى - وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (صَوَافّ) قال: قيام صواف على ثلاث قوائم.
- حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) قال: بين وظائفها قياما.
حدثنا ابن البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: أخبرنا يحيى بن أيوب, عن خالد بن يزيد, عن ابن أبي هلال, عن نافع, عن عبد الله: أنه كان ينحر البُدن وهي قائمة مستقبلة البيت تصفّ أيديها بالقيود, قال: هي التي ذكر الله: ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ).
حدثنا ابن حميد, قال: ثني جرير, عن منصور, عن رجل, عن أبي ظبيان, عن ابن عباس, قال: قلت له: قول الله ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) قال: إذا أردت أن تنحر البدنة فانحرها, وقل: الله أكبر, لا إله إلا الله, اللهم منك ولك, ثم سم ثم انحرها. قلت: فأقول ذلك للأضحية، قال: وللأضحية.
*ذكر من تأوّله بتأويل من قرأه: " صَوَافِيَ" بالياء: حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر, عن أبيه, عن الحسن أنه قال: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِيَ" قال: مخلصين.
قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, قال: قال الحسن: " صَوَافِيَ": خالصة.
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, قال: قال الحسن: " صَوَافِيَ": خالصة لله.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن قيس بن مسلم, عن شقيق الضبي: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِيَ" قال: خالصة.
قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا أيمن بن نابل, قال: سألت طاوسا عن قوله: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِيَ" قال: خالصا.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِيَ" قال: خالصة ليس فيها شريك كما كان المشركون يفعلون, يجعلون لله ولآلهتهم صوافي صافية لله تعالى.
*ذكر من تأوّله بتأويل من قرأه " صَوَافِنَ": حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قَتادة: في حرف ابن مسعود: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِنَ": أي معقلة قياما.
حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة: في حرف ابن مسعود: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافِنَ" قال: أي معقلة قياما.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, قال: من قرأها " صَوَافِنَ" قال: معقولة. قال: ومن قرأها: (صَوَافَّ) قال: تصفُّ بين يديها.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: " فاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوَافَّ" يعني صوافن, والبدنة إذا نحرت عقلت يد واحدة, فكانت على ثلاث, وكذلك تنحر.
قال أبو جعفر: وقد تقدم بيان أولى هذه الأقوال بتأويل قوله: (صَوَافَّ) وهي المصطفة بين أيديها المعقولة إحدى قوائمها.
وقوله: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) يقول: فإذا سقطت فوقعت جنوبها إلى الأرض بعد النحر,( فَكُلُوا مِنْهَا ) وهو من قولهم: قد وجبت الشمس: إذا غابت فسقطت للتغيب, ومنه قول أوس بن حجر:
ألَــمْ تُكْسَــفِ الشَّــمْسُ والبَـدْرُ
والْكَـــواكِبُ للْجَـــبَلِ الوِّاجِــبِ (4)
يعني بالواجب: الواقع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثني عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) سقطت إلى الأرض.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, في قوله: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) قال: إذا فرغت ونُحِرت.
حدثني محمد بن عمارة, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد: ( فَإِذَا وَجَبَتْ ) نحرت.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) قال: إذا نحرت.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا ) قال: فإذا ماتت.
وقوله: ( فَكُلُوا مِنْهَا ) وهذا مخرجه مخرج الأمر ومعناه الإباحة والإطلاق; يقول الله: فإذا نحرت فسقطت ميتة بعد النحر فقد حل لكم أكلها, وليس بأمر إيجاب.
وكان إبراهيم النخعي يقول في ذلك ما:- حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قالا ثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم, قال: المشركون كانوا لا يأكلون من ذبائحهم, فرخص للمسلمين, فأكلوا منها, فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن حصين, عن مجاهد, قال: إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل, فهي بمنـزلة: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا .
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) يقول: يأكل منها ويطعم.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا يونس, عن الحسن. وأخبرنا مغيرة, عن إبراهيم, وأخبرنا حجاج, عن عطاء. وأخبرنا حصين, عن مجاهد, في قوله: ( فَكُلُوا مِنْهَا ) قال: إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل, قال مجاهد: هي رخصة, هي كقوله: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ ومثل قوله: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ، وقوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) يقول: فأطعموا منها القانع.
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بالقانع والمعترّ, فقال بعضهم: القانع الذي يقنع بما أعطي أو بما عنده ولا يسأل, والمعترّ: الذي يتعرّض لك أن تطعمه من اللحم ولا يسأل.
ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: المستغني بما أعطيته وهو في بيته, والمعترّ: الذي يتعرّض لك ويلمّ بك أن تطعمه من اللحم ولا يسأل. وهؤلاء الذين أمر أن يطعموا من البُدن.
حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن ليث, عن مجاهد, قال: القانع: جارك الذي يقنع بما أعطيته, والمعترّ: الذي يتعرض لك ولا يسألك.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) القانع: الذي يقنع بالشيء اليسير يرضى به, والمعترّ: الذي يمرّ بجانبك لا يسأل شيئا; فذلك المعترّ.
وقال آخرون: القانع: الذي يقنع بما عنده ولا يسأل; والمعترّ: الذي يعتريك فيسألك.
ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قوله: ( الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) يقول: القانع المتعفف;(والمعترّ) يقول: السائل.
حدثنا ابن أبي الشوارب, قال: ثنا عبد الواحد, قال: ثنا خصيف, قال: سمعت مجاهدا يقول: القانع: أهل مكة; والمعترّ: الذي يعتريك فيسألك.
حدثني أبو السائب, قال: ثنا عطاء, عن خصيف, عن مجاهد مثله.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مسلم بن إبراهيم, قال: ثني كعب بن فروخ, قال: سمعت قَتادة يحدث, عن عكرمة, في قوله: ( الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: الذي يقعد في بيته, والمعترّ: الذي يسأل.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قال: القانع: المتعفف الجالس في بيته; والمعترّ: الذي يعتريك فيسألك.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: القانع: والمعترّ، قال: القانع: الطامع بما قِبلك ولا يسألك; والمعترّ: الذي يعتريك ويسألك.
حدثني نصر بن عبد الرحمن, قال: ثنا المحاربي, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد وإبراهيم قالا القانع: الجالس في بيته; والمعترّ: الذي يسألك.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة في القانع والمعترّ, قال: القانع: الذي يقنع بما في يديه; والمعترّ: الذي يعتريك, ولكليهما عليك حقّ يا ابن آدم.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد: ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع الذي يجلس في بيته. والمعترّ: الذي يعتريك.
وقال آخرون: القانع: هو السائل, والمعترّ: هو الذي يعتريك ولا يسأل.
*ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا يونس, عن الحسن, قال: القانع: الذي يقنع إليك ويسألك; والمعترّ: الذي يتعرّض لك ولا يسألك.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن منصور بن زاذان, عن الحسن, في هذه الآية: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: الذي يقنع, والمعترّ: الذي يعتريك. قال: وقال الكلبي: القانع: الذي يسألك; والمعترّ: الذي يعتريك, يتعرّض ولا يسألك.
حدثني نصر عبد الرحمن الأودي, قال: ثنا المحاربي, عن سفيان, عن يونس, عن الحسن, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: الذي يسألك, والمعترّ: الذي يتعرّض لك.
حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن إدريس, عن أبيه, قال: قال سعيد بن جُبير: القانع: السائل.
حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي, قال: ثني غالب, قال: ثني شريك, عن فرات القزاز, عن سعيد بن جُبير, في قوله: (القانِعَ) قال هو السائل, ثم قال. أما سمعت قول الشماخ.
لَمَــالُ المَــرْءِ يُصْلِحُــهُ فيُغْنـي
مَفــاقرَهُ أعَــفُّ مِــنَ القُنُــوع (5)
قال: من السؤال.
حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا يونس, عن الحسن, أنه قال في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: الذي يقنع إليك يسألك, والمعترّ: الذي يريك نفسه ويتعرّض لك ولا يسألك.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا هشام, قال: أخبرنا منصور ويونس, عن الحسن. قال: القانع: السائل, والمعترّ: الذي يتعرض ولا يسأل.
حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عبد الله بن عياش, قال: قال زيد بن أسلم: القانع: الذي يسأل الناس.
وقال آخرون: القانع: الجار, والمعترّ: الذي يعتريك من الناس.
*ذكر من قال ذلك:- حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن إدريس, قال: سمعت ليثا, عن مجاهد, قال: القانع: جارك وإن كان غنيا, والمعترّ: الذي يعتريك.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, قال: قال مجاهد, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: جارك الغنيّ, والمعترّ: من اعتراك من الناس.
حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا مغيرة, عن إبراهيم, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) أنه قال: أحدهما السائل, والآخر الجار.
وقال آخرون: القانع: الطوّاف, والمعترّ: الصديق الزائر.
*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: ثني أبي وشعيب بن الليث, عن الليث, عن خالد بن يزيد, عن ابن أبي هلال, قال: قال زيد بن أسلم, في قول الله تعالى: ( الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) فالقانع: المسكين الذي يطوف, والمعترّ: الصديق والضعيف الذي يزور.
وقال آخرون: القانع: الطامع, والمعترّ: الذي يعترّ بالبدن.
*ذكر من قال ذلك:- حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى- وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (القانِعَ) قال: الطامع; والمعترّ: من يعترّ بالبدن من غنيّ أو فقير.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: أخبرني عمر بن عطاء, عن عكرمة, قال: القانع: الطامع.
وقال آخرون: القانع: هو المسكين, والمعتر: الذي يتعرّض للحم.
*ذكر من قال ذلك:- حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) قال: القانع: المسكين, والمعترّ: الذي يعتر القوم للحمهم وليس بمسكين, ولا تكون له ذبيحة, يجيء إلى القوم من أجل لحمهم, والبائس الفقير: هو القانع.
وقال آخرون بما:- حدثنا به ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن فرات, عن سعيد بن جُبير, قال: القانع: الذي يقنع, والمعترّ: الذي يعتريك.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن يونس, عن الحسن بمثله.
قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن إبراهيم ومجاهد: ( الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) القانع: الجالس في بيته, والمعترّ: الذي يتعرّض لك.
وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: عني بالقانع: السائل; لأنه لو كان المعنيّ بالقانع في هذا الموضع ، المكتفي بما عنده والمستغني به لقيل: وأطعموا القانع والسائل, ولم يقل: وأطعموا القانع والمعترّ. وفي إتباع ذلك قوله: والمعترّ، الدليل الواضح على أن القانع معنيّ به السائل, من قولهم: قنع فلان إلى فلان, بمعنى سأله وخضع إليه, فهو يقنع قنوعا; ومنه قول لبيد:
وأعْطـانِي المَـوْلى عَـلى حِـينَ فَقْرِهِ
إذَا قــالَ أبْصِـرْ خَـلَّتِي وَقُنُـوعي (6)
وأما القانع الذي هو بمعنى المكتفي, فإنه من قنِعت بكسر النون أقنع قناعة وقنعا وقنعانا. وأما المعترّ: فإنه الذي يأتيك معترّا بك لتعطيه وتطعمه.
وقوله: ( كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ ) يقول هكذا سخرنا البدن لكم أيها الناس. يقول: لتشكروني على تسخيرها لكم.
---------------------------
الهوامش :
(3) هذه أربعة أبيات من مشطور الرجز رواها المؤلف عن الفراء في معاني القرآن في هذا الوضع من التفسير ، وأنشدها قبل ذلك ثلاثة منها في ( 7 : 120 ) عند تفسير قوله تعالى : ( فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان ) في سورة المائدة . مع اختلاف في بعض الألفاظ عن روايته لها هنا ، وهي :
عَــلَيَّ حــينَ تمْلِــكُ الأمُــورَا
صَــوْمَ شُــهُورٍ وَجَــبَتْ نُـدُورَا
وَبادِنــــا مُقَلَّـــدًا مَنْحُـــورا
ولفظة ( بادنا ) على هذه الرواية ، قد تكون صحيحة ، يريد جملا سمينا جسيما . كما في ( اللسان : بدن ) ، يقال : رجل بادن ، والأنثى بادن وبادنة والجمع : بدن ( بضم فسكون ) ، وبدن ( بالضم وتشديد الدال المفتوحة ) . وقد تكون ( بادنا ) محرفة عن بدن ( بالتحريك ) ، بدليل تخريج المؤلف له بقوله " والبدن " ( بضم فسكون ) جمع بدنة ( بالتحريك ) ، وقد يقال لواحدها : بدن ( بالتحريك ) ، يدل عليه قول الراجز . " وبدنا مدرعا موفورا " . أه .
ويؤيده أيضًا قول أبي البقاء العكبري في إعراب القرآن : البدن ( بضم فسكون ) : وجمع بدن ، ( بالتحريك ) وواحدته : بدنة مثل خشب ( بضم فسكون ) وخشب ( بالتحريك ) ويقال هو جمع بدنة ، مثل ثمرة وثمر ( الأخير بضم فسكون ) ، ويقرأ بضم الدال . والبدنة كما في ( اللسان : بدن ) بالهاء : لعظمها وسمنها . أه . يقول الراجز : أوجبت على نفسي إذا ملكت الأمور بتاء المخاطب أن أصوم شهورا ، وأن أحلق رأسي ، وأن أنحر بدنا أي جملا ضخما .
(4) البيت لأوس بن حجر كما قال المؤلف . والجبل هنا : يريد به رجلا عظيما ، والواجب الذي مات . قال في ( اللسان / وجب ) ووجب الرجل وجبا : مات ، قال قيس بن الخطيم يصف حربا وقعت بين الأوس والخزرج في يوم بعاث وأن مقدم بني عوف وأميرهم لج في المحاربة ، ونهى بني عوف عن السلم حتى كان أول قتيل :
أطـاعت بنـو عـوف أمـيرا نهـاهم
عـن السـلم حـتى كان أول واجب
وبيت أوس بن حجر شاهد على أن قوله تعالى : ( فإذا وجبت جنوبها ) معناه : فإذا سقطت فوقعت جنوبها على الأرض بعد النحر ، فكلوا منها . أه .
(5) البيت للشماخ بن ضرار ( لسان العرب : قنع ) قال : وفي التنزيل : وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ، فالقانع الذي يسأل والمعتر : الذي يتعرض ولا يسأل . قال الشماخ : " لمال المرء . . . . البيت " يعني من مسألة الناس . وقال ابن السكيت ومن العرب : من يجيز القنوع : بمعنى القناعة ، وكلام العرب الجيد : هو الأول . ويروى : " من الكنوع " والكنوع : التقبض والتصاغر . وقيل القانع : السائل ، وقيل : المتعفف وكل يصلح ، والرجل : قانع وقنيع . وقال الفراء : هو الذي يسألك فما أعطيته قبله . وقيل : القنوع : الطمع . والفعل : قنع بالفتح يقنع قنوعا : ذل السؤال . وقيل : سأل . ومفاقرة : وجوه فقره ، وقيل : جمع فقر على غير قياس كالمشابه والملامح . ويجوز أن تكون جمع مفقرة مصدر أفقره ، أو جمع مفقر ( اسم فاعل ) .
(6) البيت للبيد كما قال المؤلف ، ولم أجده في ديوانه طبعة ليدن سنة 1891 . والخلة بالفتح : الحاجة والفقر . وقال اللحياني : خلة به شديدة : أي خصاصة . والقنوع : السؤال ، وقد شرحناه وبيناه في الشاهد الذي قبله .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحج: 28 | ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ |
---|
الحج: 36 | ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
والبدن:
1- بإسكان الدال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى الأصل، وهى قراءة الحسن، وابن أبى إسحاق، وشيبة، وعيسى، ورويت عن أبى جعفر، ونافع.
3- بضم الباء والدال وتشديد النون، على أنه اسم مفرد، كعتل، أو كأن التشديد من التضعيف الجائز فى الوقف، وأجرى فى الأصل مجرى الوقف، وهى قراءة ابن أبى إسحاق أيضا.
صواف:
وقرئ:
1- صوافى، جمع «صافية» ، وهى قراءة أبى موسى الأشعري، والحسن، ومجاهد، وزيد بن أسلم، وشقيق، وسليمان التيمي، والأعرج.
2- صوافى، جمع «صافية» ، مع تنوين الياء، وهى قراءة عمرو بن عبيد.
قال الزمخشري: التنوين عوض من حرف عند الوقف.
وقد يكون على لغة من صرف مالا ينصرف.
3- صواف، مثل «عوار» ، وهى قراءة الحصن.
4- صوافن، بالنون، وهى قراءة عبد الله، وابن عمر، وابن عباس، والباقر، وقتادة، ومجاهد، وعطاء، والضحاك، والكلبي، والأعمش، بخلاف عنه.
القانع:
وقرئ:
القنع، كالحذر، وهى قراءة أبى رجاء.
والمعتر:
وقرئ:
1- والمعترى، اسم فاعل من «اعترى» ، وهى قراءة الحسن.
2- والمعتر، بكسر الراء، دون ياء، وهى قراءة عمرو، وإسماعيل.
التفسير :
وقوله:{ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا} أي:ليس المقصود منها ذبحها فقط. ولا ينال الله من لحومها ولا دمائها شيء، لكونه الغني الحميد، وإنما يناله الإخلاص فيها، والاحتساب، والنية الصالحة، ولهذا قال:{ وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} ففي هذا حث وترغيب على الإخلاص في النحر، وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخرا ولا رياء، ولا سمعة، ولا مجرد عادة، وهكذا سائر العبادات، إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي لا روح فيه.
{ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} أي:تعظموه وتجلوه،{ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} أي:مقابلة لهدايته إياكم، فإنه يستحق أكمل الثناء وأجل الحمد، وأعلى التعظيم،{ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} بعبادة الله بأن يعبدوا الله، كأنهم يرونه، فإن لم يصلوا إلى هذه الدرجة فليعبدوه، معتقدين وقت عبادتهم اطلاعه عليهم، ورؤيته إياهم، والمحسنين لعباد الله، بجميع وجوه الإحسان من نفع مال، أو علم، أو جاه، أو نصح، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو كلمة طيبة ونحو ذلك، فالمحسنون لهم البشارة من الله، بسعادة الدنيا والآخرة وسيحسن الله إليهم، كما أحسنوا في عبادته ولعباده{ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}
ثم ختم- سبحانه- الحديث عن شعائر الحج، بتوجيه عباده إلى وجوب الإخلاص له، والاستجابة لأمره، وشكره على نعمه، فقال- تعالى-: لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ....
أى: لن يصل إلى الله- تعالى- لحم هذه الأنعام ودماؤها، من حيث هي لحوم ودماء، ولكن الذي يصل إليه- سبحانه- ويثيبكم عليه، هو تقواكم ومراقبتكم له- سبحانه- وخوفكم منه، واستقامتكم على أمره وإخلاصكم العبادة له.
قالوا: وفي هذا إشارة إلى قبح ما كان يفعله المشركون، من تقطيعهم للحوم الأنعام، ونشرها حول الكعبة، وتلطيخها بالدماء، وتحذير للمسلمين من أن يفعلوا فعل هؤلاء الجهلاء، إذ رضا الله- تعالى- لا ينال بذلك، وإنما ينال بتقوى القلوب.
ثم كرر- سبحانه- تذكيره إياهم بنعمه، ليكون أدعى إلى شكره وطاعته فقال:
كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ، لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ.
أى: كهذا التسخير العجيب الذي ترونه سخرنا لكم هذه الأنعام لكي تكبروا الله وتعظموه وتقدسوه بسبب هدايته لكم إلى الإيمان.
وبشر- أيها الرسول الكريم- المحسنين لأقوالهم وأفعالهم، بثوابنا الجزيل وبعطائنا الواسع.
وبذلك ترى أن سورة الحج قد سبحت بنا سبحا طويلا في حديثها عن البيت الحرام، وعن آداب الحج ومناسكه وأحكامه، وعن الجزاء الحسن الذي أعده- تعالى- للمستجيبين لأمره.
وبعد هذا الحديث عن الشعائر والمناسك، أذن- سبحانه- للمؤمنين بالقتال في سبيله، للدفاع عن دينه وشعائره، ووعدهم- عز وجل- بالنصر متى نصروه وحافظوا على فرائضه ... فقال- تعالى-:.
يقول تعالى : إنما شرع لكم نحر هذه الهدايا والضحايا ، لتذكروه عند ذبحها ، فإنه الخالق الرازق لا أنه يناله شيء من لحومها ولا دمائها ، فإنه تعالى هو الغني عما سواه .
وقد كانوا في جاهليتهم إذا ذبحوها لآلهتهم وضعوا عليها من لحوم قرابينهم ، ونضحوا عليها من دمائها ، فقال تعالى : ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها )
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن أبي حماد ، حدثنا إبراهيم بن المختار ، عن ابن جريج قال : كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : فنحن أحق أن ننضح ، فأنزل الله : ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) أي : يتقبل ذلك ويجزي عليه .
كما جاء في الصحيح : " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " وما جاء في الحديث : " إن الصدقة تقع في يد الرحمن قبل أن تقع في يد السائل ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض " كما تقدم الحديث . رواه ابن ماجه ، والترمذي وحسنه عن عائشة مرفوعا . فمعناه : أنه سيق لتحقيق القبول من الله لمن أخلص في عمله ، وليس له معنى يتبادر عند العلماء المحققين سوى هذا ، والله أعلم .
وقال وكيع ، عن [ يحيى ] بن مسلم أبي الضحاك : سألت عامرا الشعبي عن جلود الأضاحي ، فقال : ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ) ، إن شئت فبع ، وإن شئت فأمسك ، وإن شئت فتصدق .
وقوله : ( كذلك سخرها لكم ) أي : من أجل ذلك سخر لكم البدن ، ( لتكبروا الله على ما هداكم ) أي : لتعظموه كما هداكم لدينه وشرعه وما يحبه ، وما يرضاه ، ونهاكم عن فعل ما يكرهه ويأباه .
وقوله : ( وبشر المحسنين ) أي : وبشر يا محمد المحسنين ، أي : في عملهم ، القائمين بحدود الله ، المتبعين ما شرع لهم ، المصدقين الرسول فيما أبلغهم وجاءهم به من عند ربه عز وجل .
[ مسألة ] .
وقد ذهب أبو حنيفة ومالك والثوري إلى القول بوجوب الأضحية على من ملك نصابا ، وزاد أبو حنيفة اشتراط الإقامة أيضا . واحتج لهم بما رواه أحمد وابن ماجه بإسناد رجاله كلهم ثقات ، عن أبي هريرة مرفوعا : " من وجد سعة فلم يضح ، فلا يقربن مصلانا " على أن فيه غرابة ، واستنكره أحمد بن حنبل .
وقال ابن عمر : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يضحي . رواه الترمذي .
وقال الشافعي ، وأحمد : لا تجب الأضحية ، بل هي مستحبة; لما جاء في الحديث : " ليس في المال حق سوى الزكاة " . وقد تقدم أنه ، عليه السلام ضحى عن أمته فأسقط ذلك وجوبها عنهم .
وقال أبو سريحة : كنت جارا لأبي بكر وعمر ، فكانا لا يضحيان خشية أن يقتدي الناس بهما .
وقال بعض الناس : الأضحية سنة كفاية ، إذا قام بها واحد من أهل دار أو محلة ، سقطت عن الباقين; لأن المقصود إظهار الشعار .
وقد روى الإمام أحمد ، وأهل السنن وحسنه الترمذي عن مخنف بن سليم; أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعرفات : " على كل أهل بيت في كل عام أضحاة وعتيرة ، هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تدعونها الرجبية " . وقد تكلم في إسناده .
وقال أبو أيوب : كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته ، يأكلون ويطعمون [ حتى تباهى ] الناس فصار كما ترى .
رواه الترمذي وصححه ، وابن ماجه .
وكان عبد الله بن هشام يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله . رواه البخاري .
وأما مقدار سن الأضحية ، فقد روى مسلم عن جابر; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن " .
ومن هاهنا ذهب الزهري إلى أن الجذع لا يجزئ . وقابله الأوزاعي فذهب إلى أن الجذع يجزئ من كل جنس ، وهما غريبان . وقال الجمهور : إنما يجزئ الثني من الإبل والبقر والمعز ، والجذع من الضأن ، فأما الثني من الإبل : فهو الذي له خمس سنين ، ودخل في السادسة . ومن البقر : ما له [ سنتان ] ودخل في [ الثالثة ] ، وقيل : [ ما له ] ثلاث [ ودخل في ] الرابعة . ومن المعز : ما له سنتان . وأما الجذع من الضأن فقيل : ما له سنة ، وقيل : عشرة أشهر ، وقيل : ثمانية أشهر ، وقيل : ستة أشهر ، وهو أقل ما قيل في سنه ، وما دونه فهو حمل ، والفرق بينهما : أن الحمل شعر ظهره قائم ، والجذع شعر ظهره نائم ، قد انعدل صدعين ، والله أعلم .
يقول تعالى ذكره: [لم يصل إلى الله لحوم بدنكم ولا دماؤها, ولكن يناله اتقاؤكم إياه أن اتقيتموه فيها فأردتم بها وجهه، وعملتم فيها بما ندبكم إليه وأمركم به في أمرها وعظمتم بها حرماته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, عن سفيان, عن منصور, عن إبراهيم, في قول الله: ( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) قال: ما أريد به وجه الله.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) قال: إن اتقيت الله في هذه البُدن, وعملت فيها لله, وطلبت ما قال الله تعظيما لشعائر الله ولحرمات الله, فإنه قال: وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ قال وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ قال: وجعلته طيبا, فذلك الذي يتقبل الله. فأما اللحوم والدماء, فمن أين تنال الله؟ وقوله: ( كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ ) يقول: هكذا سخر لكم البُدن.يقول: ( لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) يقول: كي تعظموا الله على ما هداكم، يعني على توفيقه إياكم لدينه وللنسك في حجكم.
كما:- حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: ( لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) قال: على ذبحها في تلك الأيام ( وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ): يقول: وبشِّر يا محمد الذين أطاعوا الله فأحسنوا في طاعتهم إياه في الدنيا بالجنة في الآخرة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 185 | ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ |
---|
الحج: 37 | ﴿كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
هذا إخبار ووعد وبشارة من الله، للذين آمنوا، أن الله يدافع عنهم كل مكروه، ويدفع عنهم كل شر -بسبب إيمانهم- من شر الكفار، وشر وسوسة الشيطان، وشرور أنفسهم، وسيئات أعمالهم، ويحمل عنهم عند نزول المكاره، ما لا يتحملون، فيخفف عنهم غاية التخفيف. كل مؤمن له من هذه المدافعة والفضيلة بحسب إيمانه، فمستقل ومستكثر.
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ} أي:خائن في أمانته التي حمله الله إياها، فيبخس حقوق الله عليه، ويخونها، ويخون الخلق.
{ كَفُورٌ} لنعم الله، يوالي عليه الإحسان، ويتوالى منه الكفر والعصيان، فهذا لا يحبه الله، بل يبغضه ويمقته، وسيجازيه على كفره وخيانته، ومفهوم الآية، أن الله يحب كل أمين قائم بأمانته، شكور لمولاه.
قال الفخر الرازي: اعلم أنه- تعالى- لما بين ما يلزم في الحج ومناسكه وما فيه من منافع الدنيا والآخرة، وما كان من صد الكفار عنه، أتبع ذلك ببيان ما يزيل الصد. ويؤمن معه التمكن من الحج فقال- تعالى- إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا.. .
ومفعول «يدافع» محذوف. وجاء التعبير بقوله- تعالى- يُدافِعُ بصيغة المفاعلة، للمبالغة في الدفاع والدفع، أو للدلالة على أن ذلك حاصل للمؤمنين كلما حصل من الكافرين عدوان عليهم.
أى: إن الله- تعالى- بفضله وكرمه يدافع عن المؤمنين أعداءهم وخصومهم، فيرد كيدهم في نحورهم.
ويصح أن يكون يُدافِعُ بمعنى يدفع، ويؤيده قراءة ابن كثير وأبى عمرو. أى: أن الله- تعالى- يدفع السوء عن عباده المؤمنين الصادقين، ويجعل العاقبة لهم على أعداءهم.
فالجملة الكريمة بشارة للمؤمنين، وتقوية لعزائمهم حتى يقبلوا على ما شرعه الله لهم من جهاد أعدائهم، بثبات لا تردد معه، وبأمل عظيم في نصر الله وتأييده.
وقوله- سبحانه-: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ تعليل لوعده- سبحانه- للمؤمنين بالدفاع عنهم، وبجعل العاقبة لهم.
والخوان: هو الشديد الخيانة، والكفور: هو المبالغ في كفره وجحوده، فاللفظان كلاهما صيغة مبالغة.
قال الآلوسى: وصيغة المبالغة فيهما لبيان أن المشركين كذلك، لا للتقييد المشعر بمحبة الخائن والكافر ... .
أى: إن الله- تعالى- يدافع عن المؤمنين لمحبته لهم، ويبغض هؤلاء الكافرين الذين بلغوا في الخيانة والكفر أقصى الدركات.
وأوثر التعبير بقوله- تعالى- لا يُحِبُّ على قوله: يبغض أو يكره، للإشعار بأن المؤمنين هم أحباء الله- تعالى-، وللتعريض بهؤلاء الكافرين الذين تجاوزوا كل حد في كراهيتهم لأهل الحق.
يخبر تعالى أنه يدفع عن عباده الذين توكلوا عليه وأنابوا إليه شر الأشرار وكيد الفجار ، ويحفظهم ويكلؤهم وينصرهم ، كما قال تعالى : ( أليس الله بكاف عبده ) [ الزمر : 36 ] وقال : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا ) [ الطلاق : 3 ] .
وقوله : ( إن الله لا يحب كل خوان كفور ) أي : لا يحب من عباده من اتصف بهذا ، وهو الخيانة في العهود والمواثيق ، لا يفي بما قال . والكفر : الجحد للنعم ، فلا يعترف بها .
يقول تعالى ذكره: إن الله يدفع غائلة المشركين عن الذين آمنوا بالله وبرسوله, إن الله لا يحبّ كل خوّان يخون الله فيخالف أمره ونهيه ويعصيه ويطيع الشيطان (كَفُورٍ) يقول: جَحود لنعمه عنده, لا يعرف لمنعمها حقه فيشكره عليها. وقيل: إنه عنى بذلك دفع الله كفار قريش عمن كان بين أظهرهم من المؤمنين قبل هجرتهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يدافع:
1- هذه قراءة الحسن، وأبى جعفر، ونافع، والكوفيين، وابن عامر.
وقرئ:
2- يدفع، وهى قراءة أبى عمرو، وابن كثير.