ترتيب المصحف | 68 | ترتيب النزول | 2 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 2.20 |
عدد الآيات | 52 | عدد الأجزاء | 0.00 |
عدد الأحزاب | 0.00 | عدد الأرباع | 1.00 |
ترتيب الطول | 61 | تبدأ في الجزء | 29 |
تنتهي في الجزء | 29 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 29/29 | ن: 1/1 |
بعدَ ذكرِ الذي آتاهُ اللهُ المالَ والبنينَ فجَحَدَ وكفرَ، ذكرَ اللهُ هنا قصَّةَ أصحابِ الجَنَّةِ، وبَيَّنَ نتيجةَ الكفرِ بنِعَمِ اللهِ وجحدِ حقوقِ الفقراءِ والمساكينِ: أحرقَ اللهُ حديقتَهم وجعلَهم عبرةً للمعتبرينَ.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ تخويفِ الكُفَّارِ بعذابِ الآخرةِ، بَيَّنَ اللهُ هنا نعيمَ المؤمنينَ في الآخرةِ، ثُمَّ بَيَّنَ عدمَ المساواةِ في الآخرةِ بين الكافرينَ والمؤمنينَ.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
يقول تعالى:إنا بلونا هؤلاء المكذبين بالخير وأمهلناهم، وأمددناهم بما شئنا من مال وولد، وطول عمر، ونحو ذلك، مما يوافق أهواءهم، لا لكرامتهم علينا، بل ربما يكون استدراجًا لهم من حيث لا يشعرونفاغترارهم بذلك نظير اغترار أصحاب الجنة، الذين هم فيها شركاء، حين زهت ثمارها أينعت أشجارها، وآن وقت صرامها، وجزموا أنها في أيديهم، وطوع أمرهم، [وأنه] ليس ثم مانع يمنعهم منها، ولهذا أقسموا وحلفوا من غير استثناء، أنهم سيصرمونها أي:يجذونها مصبحين، ولم يدروا أن الله بالمرصاد، وأن العذاب سيخلفهم عليها، ويبادرهم إليها.
وبمناسبة الحديث السابق الذى فيه إشارة إلى المال والبنين ، اللذين كانا من أسباب بطر هؤلاء الكافرين وطغيانهم . . ساق القرآن بعد ذلك قصة أصحاب الجنة ، لتكون موعظة وعبرة كل عاقل ، فقال - تعالى - :
( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ الجنة . . . ) .
قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه : هذا مثل ضربة الله - تعالى - لكفار قريش ، فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة ، وأعطاهم من النعم الجسيمة ، وهو بعثه محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم فقابلوه بالتكذيب والمحاربة . .
وقد ذكر بعض السلف : أن أصحاب الجنة هؤلاء كانوا من أهل اليمن كانوا من قرية يقال لها : " ضَرَوان " على ستة أميال من صنعاء . . وكان أبوهم قد ترك لهم هذه الجنة ، وكانوا من أهل أهل الكتاب ، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة ، فكان ما استغله منها يرد فيها ما يحتاج إليه ، ويدخر لعياله قوت سنتهم ، ويتصدق بالفاضل .
فلما مات وورثه أولاده ، قالوا : لقد كان أبونا أحمق ، إذ كان يصرف من هذه الجنة شيئا للفقراء ، ولو أنا منعناهم لتوفر ذلك لنا ، فلما عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم ، فقد أذهب الله ما بأيديهم بالكلية : أذهب رأس المال ، والربح . . فلم يبق لهم شئ . .
وقوله - سبحانه - : ( بَلَوْنَاهُمْ ) أى : اختبرناهم وامتحناهم ، مأخوذ من البلوى ، التى تطلق على الاختبار ، والابتلاء قد يكون بالخير وقد يكون بالشر ، كما قال - تعالى - : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الموت وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) والمراد بالابتلاء هنا : الابتلاء بالشر بعد جحودهم لنعمة الخير .
أى : إنا امتحنا مشركى قريش بالقحط والجوع . حتى أكلوا الجيف ، بسبب كفرهم بنعمنا ، وتكذيبهم لرسولنا صلى الله عليه وسلم كما ابتلينا من قبلهم أصحاب الجنة ، بأن دمرناها تدميرا ، بسبب بخلهم وامتناعهم عن أداء حقوق الله منها . .
ويبدو أن قصة أصحاب الجنة ، كانت معروفة لأهل مكة ، ولذا ضرب الله - تعالى - المثل بها . حتى يعتبروا ويتعظوا . .
ووجه المشابهة بين حال أهل مكة ، وحال أصحاب الجنة . . يتمثل فى أن كلا الطرفين قد منحه الله - تعالى - نعمة عظيمة ، ولكنه قابلها بالجحود وعدم الشكر .
و ( إذ ) فى قوله : ( إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِين . . ) تعليلية .
والضمير فى ( أَقْسَمُواْ ) يعود لمعظمهم ، لأن الآيات الآتية بعد ذلك ، تدل على أن أوسطهم قد نهاهم عما اعتزموه من حرمان المساكين ، ومن مخالفة ما يأمرهم شرع الله - تعالى - به . .
قال - تعالى - : ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ . . ) .
وقوله : ( لَيَصْرِمُنَّهَا ) من الصرم وهو القطع . يقال : صرم فلان زرعه - من باب ضرب - إذا جَزّه وقطعه ، ومنه قولهم : انصرم حبل المودة بين فلان وفلان ، إذا انقطع .
وقوله : ( مُصْبِحِينَ ) أى : داخلين فى وقت الصباح المبكر .
أى : إنا امتحنا أهل مكة بالبأساء والضراء ، كما امتحنا أصحاب البستان الذين كانوا قبلهم ، لأنهم أقسموا بالأيمان المغلظة ، ليقطعن ثمار هذا البستان فى وقت الصباح المبكر .
هذا مثل ضربه الله تعالى لكفار قريش فيما أهدى إليهم من الرحمة العظيمة ، وأعطاهم من النعم الجسيمة ، وهو بعثه محمدا - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، فقابلوه بالتكذيب والرد والمحاربة ; ولهذا قال : ( إنا بلوناهم ) أي : اختبرناهم ، ( كما بلونا أصحاب الجنة ) وهي البستان المشتمل على أنواع الثمار والفواكه ( إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ) أي : حلفوا فيما بينهم ليجذن ثمرها ليلا لئلا يعلم بهم فقير ولا سائل ، ليتوفر ثمرها عليهم ولا يتصدقوا منه بشيء
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)
يعني تعالى ذكره بقوله: ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ ) : أي بلونا مشركي قريش، يقول: امتحناهم فاختبرناهم، ( كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ) يقول: كما امتحنا أصحاب البستان ( إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ) يقول: إذ حلفوا ليصرمُنّ ثمرها إذا أصبحوا.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أقسموا وحلفوا من غير استثناء، أنهم سيصرمونها أي:يجذونها مصبحين، ولم يدروا أن الله بالمرصاد، وأن العذاب سيخلفهم عليها، ويبادرهم إليها.
( وَلاَ يَسْتَثْنُونَ ) أى : دون أن يجعلوا شيئا - ولو قليلا - من ثمار هذا البستان للمتحاجين ، الذين أوجب الله - تعالى - لهم حقوقا فى تلك الثمار .
وقيل معنى ( وَلاَ يَسْتَثْنُونَ ) ولم يقولوا إن شاء الله ، كما قال - تعالى - : ( فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ . فَأَصْبَحَتْ كالصريم ) .
أي فيما حلفوا به.
( وَلا يَسْتَثْنُونَ ) : ولا يقولون إن شاء الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، في قوله: لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ قال: هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة كان يطعم المساكين منها، فلما مات أبوهم، قال بنوه: والله إن كان أبونا لأحمق حين يُطعم المساكين، فاقسموا ليصرمنها مصبحين، ولا يستثنون، ولا يطعمون مسكينا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ) قال: كانت الجنة لشيخ، وكان يتصدَّق، فكان بنوه ينهونه عن الصدقة، وكان يمسك قوت سنته، وينفق ويتصدَّق بالفضل؛ فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا: لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ .
وذُكر أن أصحاب الجنة كانوا أهل كتاب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا )... الآية، قال: كانوا من أهل الكتاب ، والصرم: القطع، وإنما عنى بقوله: ( لَيَصْرِمُنَّهَا ) لَيَجُدُّنّ ثمرتها؛ ومنه قول امرئ القيس:
صَـرَمَتْكَ بَعْـدَ مـا تَـوَاصُلٍ دَعْـدُ
وَبَــدا لِدَعْــدٍ بعــضُ مـا يَبْـدُو (2)
---------------------
الهوامش :
(2) نسب المؤلف البيت إلى امرئ القيس، ولم أجده في مختار الشعر الجاهلي، ولا في العقد السمين، ولعله لغير امرئ القيس بن حجر الكندي من المراقسة. أنشده المؤلف شاهدا على أن الصرم في قوله تعالى: ( ليصرمنها ) بمعنى: القطع. وفي (اللسان : صرم) الصرم : القطع البائن. وعم به بعضهم القطع أي نوع كان . ا هـ
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ} أي:عذاب نزل عليها ليلًا{ وَهُمْ نَائِمُونَ} فأبادها وأتلفها
( فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ . فَأَصْبَحَتْ كالصريم )
والطائف : مأخوذ من الطواف ، وهو المشى حول الشئ من كل نواحيه ومنه الطواف حول الكعبة . وأكثر ما يستعمل لفظ الطائف فى الشر كما هنا ، ومنه قوله - تعالى - : ( إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشيطان تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) وعدى لفظ " طائف " بحرف " على " لتضمينه معنى : تسلط أو نزل .
والصريم - كما يقول القرطبى - : الليل المظلم . . أى : احترقت فصارت كالليل الأسود .
وعن ابن عباس : كالرماد الأسود . أو : كالزرع المحصود . فالصريم بمعنى المصروم ، أى : المقطوع ما فيه . .
أى : أقسم هؤلاء الجاحدون على أن لا يعطو شيئا من جنتهم للمحتاجين ، فكانت نتيجة نيتهم السيئة ، وعزمهم على الشر . . أن نزل بهذه الحديقة بلاء أحاط بها فأهلكها ، فصارت كالشئ المحترق الذى قطعت ثماره ، ولم يبق منه شئ ينفع .
ولم يعين - سبحانه - نوع هذا الطائف ، أو كيفية نزوله ، لأنه لا يتعلق بذكره غرض ، وإنما المقصود ما ترتب عليه من آثاتر توجب الاعتبار .
وتنكير لفظ ( طَآئِفٌ ) للتهويل . و ( من ) فى قوله ( مِّن رَّبِّكَ ) للابتداء والتقييد بكونه من الرب - عز وجل - لإِفادة أنه بلاء لا قبل لأحد من الخلق بدفعه .
قال القرطبى : فى هذه الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإِنسان ، لأنهم عزموا على أن يفعلوا ، فعوقبوا قبل فعلهم . ومثله قوله - تعالى - : ( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) وفى الحديث الصحيح : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول فى النار . قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه " .
ولهذا حنثهم الله في أيمانهم فقال تعالى "فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون" أي أصابتها آفة سماوية.
القول في تأويل قوله تعالى : فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19)
يقول تعالى ذكر.: فطرق جنة هؤلاء القوم ليلا طارق من أمر الله وهم نائمون، ولا يكون الطائف في كلام العرب إلا ليلا ولا يكون نهارا، وقد يقولون: أطفت بها نهارا.
وذكر الفرّاء أن أبا الجرّاح أنشده:
أطَفْــتُ بِهــا نَهـارًا غَـيْرَ لَيْـلٍ
وألْهَــي رَبَّهــا طَلَــبُ الرِّخـالِ (3)
والرِّخال: هي أولاد الضأن الإناث.
وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصلت، قال: ثنا أبو كريب، عن قابوس، عن أبيه، قال: سألت ابن عباس، عن الطوَفان (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ ) قال: هو أمر من أمر الله.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمى، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ) قال: طاف عليها أمر من أمر الله وهم نائمون.
------------------
الهوامش :
(3) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 393) عند قوله تعالى: ( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ) قال: لا يكون الطائف إلا ليلا، ولا يكون نهارا، وقد تكلم به العرب، فيقولون: أطفت به نهارا، وليس موضعه بالتهار ولكنه بمنزلة قولك: "لو ترك القطا ليلا لنام" لأن القطا لا يسري ليلا، قال: أنشدني أبو الجراح العقيلي: "أطفت بها نهارا.." البيت ا هـ . والرخال: جمع رخل (بكسر الراء وفتحها): الأنثى من أولاد الضأن. والذكر: حمل، والجمع: أرخل ورخال (بكسر الراء وضمها) ورخلان أيضا. ا هـ
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
طائف:
قرئ:
طيف، وهى قراءة النخعي.
التفسير :
{ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} أي:كالليل المظلم، ذهبت الأشجار والثمار، هذا وهم لا يشعرون بهذا الواقع الملم.
( فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ . فَأَصْبَحَتْ كالصريم )
والطائف : مأخوذ من الطواف ، وهو المشى حول الشئ من كل نواحيه ومنه الطواف حول الكعبة . وأكثر ما يستعمل لفظ الطائف فى الشر كما هنا ، ومنه قوله - تعالى - : ( إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشيطان تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) وعدى لفظ " طائف " بحرف " على " لتضمينه معنى : تسلط أو نزل .
والصريم - كما يقول القرطبى - : الليل المظلم . . أى : احترقت فصارت كالليل الأسود .
وعن ابن عباس : كالرماد الأسود . أو : كالزرع المحصود . فالصريم بمعنى المصروم ، أى : المقطوع ما فيه . .
أى : أقسم هؤلاء الجاحدون على أن لا يعطو شيئا من جنتهم للمحتاجين ، فكانت نتيجة نيتهم السيئة ، وعزمهم على الشر . . أن نزل بهذه الحديقة بلاء أحاط بها فأهلكها ، فصارت كالشئ المحترق الذى قطعت ثماره ، ولم يبق منه شئ ينفع .
ولم يعين - سبحانه - نوع هذا الطائف ، أو كيفية نزوله ، لأنه لا يتعلق بذكره غرض ، وإنما المقصود ما ترتب عليه من آثاتر توجب الاعتبار .
وتنكير لفظ ( طَآئِفٌ ) للتهويل . و ( من ) فى قوله ( مِّن رَّبِّكَ ) للابتداء والتقييد بكونه من الرب - عز وجل - لإِفادة أنه بلاء لا قبل لأحد من الخلق بدفعه .
قال القرطبى : فى هذه الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإِنسان ، لأنهم عزموا على أن يفعلوا ، فعوقبوا قبل فعلهم . ومثله قوله - تعالى - : ( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) وفى الحديث الصحيح : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول فى النار . قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه " .
( فأصبحت كالصريم ) قال ابن عباس : أي كالليل الأسود . وقال الثوري ، والسدي : مثل الزرع إذا حصد ، أي هشيما يبسا .
وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن أحمد بن الصباح : أنبأنا بشر بن زاذان ، عن عمر بن صبح ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إياكم والمعاصي ، إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا قد كان هيئ له " ، ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ) قد حرموا خير جنتهم بذنبهم .
وقوله: (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) اختلف أهل التأويل في الذي عُني بالصريم، فقال بعضهم: عني به الليل الأسود، وقال بعضهم: معنى ذلك: فأصبحت جنّتهم محترقة سوداء كسواد الليل المظلم البهيم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا شيخ لنا عن شيخ من كلب يقال له: سليمان عن ابن عباس، في قوله: (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ) قال: الصَّرِيم: الليل.
قال: وقال في ذلك أبو عمرو بن العلاء رحمه الله.
ألا بَكَـــرَتْ وَعـــاذِلَتِني تَلُــومُ
تُهَجِّــدُنِي وَمــا انْكَشَـفَ الصَّـرِيمُ (4)
وقال أيضا:
تَطــاوَلَ لَيْلُــكَ الجَــوْنُ البهِيـمُ
فَمَــا يَنْجـاب عَـنْ صُبْـحٍ صـريم
إذَا مــا قُلْــتَ أقْشَــعَ أوْ تَنَـاهَى
جَــرَتْ مِــنْ كُـلِّ ناحِيَـةٍ غُيُـومُ (5)
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأصبحت كأرض تدعى الصريم معروفة بهذا الاسم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: أخبرني نعيم بن عبد الرحمن أنه سمع سعيد بن جُبير يقول: هي أرض باليمن يقال لها ضَرْوان من صنعاء على ستة أميال.
--------------------
الهوامش :
(4) نسب المؤلف البيت إلى أبي عمرو بن العلاء. ولعله يريد أنه مما أنشده أبو عمرو يقول: استيقظت هذه المرأة قبل أن ينكشف الليل عن الصبح، توقظني حين هبت عاذلتي تلومني. قال في اللسان: هجد. قال ابن بزرج: أهجدت الرجل: أنمته، وهجدته بالتشديد: أيقظته. والصريم: الليل. وقال الفراء في معاني القرآن (339) فأصبحت كالصريم: أي احترقت، فصارت سوداء مثل الليل المسود. ا هـ وفي اللسان (صرم) عن ثعلب، فأصبحت كالصريم: أي احترقت فصارت سوداء مثل الليل. ا هـ . ويقال: كالشيء المصروم، الذي ذهب ما فيه،. وقيل : الصريم: أرض سوداء لا تنبت شيئا. وقال الجوهري : أي احترقت واسودت.
(5) أنشد اللسان: (صرم) البيت الأول من هذا الشاهد، وقال : قال ابن بري: وأنشد أبو عمرو: "تطاول ليلك.." البيت، فالبيتان إذن ليسا لأبي عمرو، وإنما هو أنشدهما، وكذلك بيت الشاهد الذي قبلهما. والجون: الأسود، والبهيم: الخالص السواد، لا بياض فيه. وينجاب: ينكشف ويزول. وصريم: أي ليل. وأقشع: زال. وتناهى: انتهى. وهذا الشاهد في معنى الشاهد الذي قبله، وهو أن الصريم بمعنى: الليل الشديد السواد.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ولهذا تنادوا فيما بينهم، لما أصبحوا يقول بعضهم لبعض:{ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ}
ثم يصور - سبحانه - أحاسيسهم وحركاتهم ، وقد خرجوا لينفذوا ما عزموا عليه من سوء . . فيقول : ( فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ ) أى : فنادى بعضهم بعضا فى وقت الصباح المبكر ، حتى لا يراهم أحد .
أي لما كان وقت الصبح نادى بعضهم بعضا ليذهبوا إلى الجذاذ أي القطع.
القول في تأويل قوله تعالى : فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)
يقول تعالى ذكره: فتنادى هؤلاء القوم وهم أصحاب الجنة. يقول: نادى بعضهم بعضا مصبحين يقول: بعد أن أصبحوا
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ولهذا تنادوا فيما بينهم، لما أصبحوا يقول بعضهم لبعض:{ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ}
فقالوا لا يناديهم : ( أَنِ اغدوا على حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ ) أى : قا بعضهم لبعض : هيا بنا لنذهب إلى بستاننا لكى نقطع ما فيه من ثمار فى هذا الوقت المبكر ، حتى لا يرانا أحد ، إذ الغدو هو الخروج إلى المكان فى غدوة النهار . أى : فى أوله .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : هلا قيل : اغدوا إلى حرثكم ، وما معنى " على "؟
قلت : لما كان الغدو إليه ليصرموه ويقطعوه : كان غدوا عليه ، كما تقول : غدا عليهم العدو . ويجوز أن يضمن الغدو معى الإِقبال ، كقولهم : يغدى علهي بالجفنة ويراح .
أى : فأقبلوا على حرثكم باكرين . .
وجواب الشرط فى قوله : ( إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ ) محذوف لدلالة ما قبله عليه . أى : إن كنتم صارمين فاغدوا.
أي تريدون الصرام.
(أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ ) وذلك الزرع (إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ) يقول: إن كنتم حاصدي زرعكم
المعاني :
التدبر :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
[فَانْطَلَقُوا} قاصدين له{ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} فيما بينهم، ولكن بمنع حق الله،
( فانطلقوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ) أى : فانطلقوا مسرعين نحو جنتهم وهم يتسارُّون فيما بينهم ، إذا لتخافت : تفاعل من خفت فلان فى كلامه ، إذا نطق به بصوت منخفض لا يكاد يسمع .
قال مجاهد: كان حرثهم عنبا "فانطلقوا وهم يتخافتون" أي يتناجون فيما بينهم بحيث لا يسمعون أحدا كلامهم.
ثم فسر الله سبحانه وتعالى عالم السر والنجوى ما كانوا يتخافتون به.
(فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ) يقول: فمضَوا إلى حرثهم وهم يتسارّون بينهم (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ )يقول: وهم يتسارّون يقول بعضهم لبعض: لا يدخلنّ جنتكم اليوم عليكم مسكين.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ) يقول: يُسرون
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} أي:بكروا قبل انتشار الناس، وتواصوا مع ذلك، بمنع الفقراء والمساكين، ومن شدة حرصهم وبخلهم، أنهم يتخافتون بهذا الكلام مخافتة، خوفًا أن يسمعهم أحد، فيخبر الفقراء.
وجملة : ( أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا اليوم عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ ) مفسرة لما قبلها لأن التخافت فيه معنى القول دون حروفه أى : انطلقوا يتخافتون وهم يقولون فيما بينهم : احذروا أن يدخل جنتكم اليوم وأنتم تقطعون ثمارها أحد من المساكين .
فقال تعالى "فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين" أي يقول بعضهم لبعض لا تمكنوا اليوم فقيرا يدخلها عليكم.
(أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ).
كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: لما مات أبوهم غدوا عليها، فقالوا: (لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ).
واختلف أهل التأويل في معنى الحرْد في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: على قُدْرة في أنفسهم وجدّ.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ عن ابن عباس،
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَغَدَوْا} في هذه الحالة الشنيعة، والقسوة، وعدم الرحمة{ عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} أي:على إمساك ومنع لحق الله، جازمين بقدرتهم عليها.
وجملة : ( وَغَدَوْاْ على حَرْدٍ قَادِرِينَ ) حالية . والحرد : القصد . يقال : فلان حرد فلان - من باب ضرب - أى : قَصَد قَصْدَه .
قال الإِمام الشوكانى : الحرد يكون بمعنى المنع والقصد . . لأن القاصد إلى الشئ حارد . يقال : حرد يحرد إذا قصد . . وقال أبو عبيدة : ( على حَرْدٍ ) أى : على منع ، من قولهم : حردت الإبل حردا ، إذا قلت ألبانها . والحرود من الإِبل : القليلة اللبن . . وقال السدى : ( على حَرْدٍ ) : أى : على غضب . . وقال الحسن : على حرد ، أى : على حاجة وفاقة . وقيل : ( على حَرْدٍ ) أى : على انفراد . يقال : حرد يحرد حردا ، إذا تنحى عن قومه ، ونزل منفردا عنهم دون أن يخالطهم .
أى : أن أصحاب الجنة ساروا إليها غدوة ، على أمر قد قصدوه وبيتوه . . موقنين أنهم قادرون على تنفيذه ، لأنهم قد اتخذوا له جميع وسائله ، من الكتمان والتبكير والبعد عن أعين المساكين .
أو : ساروا إليها فى الصباح المبكر ، وهم ليس معهم أحد من المساكين أو من غيرهم ، وهم فى الوقت نفسه يعتبرون أنفسهم قادرين على قطع ثمارها ، دون أن يشاركهم أحد فى تلك الثمار .
أي على قصد وقدرة فى أنفسهم ويظنون أنهم تمكنوا من مرادهم.
قال معناه ابن عباس وغيره.
والحرد القصد.
حرد يحرد (بالكسر) حردا قصد.
تقول: حردت حردك; أي قصدت قصدك.
ومنه قول الراجز: أقبل سيل جاء من عند الله يحرد حرد الجنة المغلة أنشده النحاس: قد جاء سيل جاء من أمر الله يحرد حرد الجنة المغلة قال البرد: المغلة ذات الغلة.
وقال غيره: المغلة التي يجري الماء في غللها أي في أصولها.
ومنه تغللت بالغالية.
ومنه تغليت, أبدل من اللام ياء.
ومن قال تغلفت فمعناه عنده جعلتها غلافا.
وقال قتادة ومجاهد: "على حرد" أي على جد.
الحسن: على حاجة وفاقة.
وقال أبو عبيدة والقتيبي: على حرد على منع; من قولهم حاردت الإبل حرادا أي قلت ألبانها.
والحرود من النوق القليلة الدر.
وحاردت السنة قل مطرها وخيرها.
وقال السدي وسفيان: "على حرد" على غضب.
والحرد الغضب.
قال أبو نصر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي: وهو مخفف; وأنشد شعرا: إذا جياد الخيل جاءت تردي مملوءة من غضب وحرد وقال ابن السكيت: وقد يحرك; تقول منه: حرد (بالكسر) حردا, فهو حارد وحردان.
ومنه قيل: أسد حارد, وليوث حوارد.
وقيل: "على حرد" على انفراد.
يقال: حرد يحرد حرودا; أي تنحى عن قومه ونزل منفردا ولم يخالطهم.
وقال أبو زيد: رجل حريد من قوم حرداء.
وقد حرد يحرد حرودا; إذا ترك قومه وتحول عنهم.
وكوكب حريد; أي معتزل عن الكواكب.
قال الأصمعي: رجل حريد; أي فريد وحيد.
قال والمنحرد المنفرد في لغة هذيل.
وأنشد لأبي ذؤيب: كأنه كوكب في الجو منحرد ورواه أبو عمرو بالجيم, وفسره: منفرد.
قال: وهو سهيل.
وقال الأزهري: حرد اسم قريتهم.
السدي: اسم جنتهم; وفيه لغتان: حرد وحرد.
وقرأ العامة بالإسكان.
وقرأ أبو العالية وابن السميقع بالفتح; وهما لغتان.
ومعنى "قادرين" قد قدروا أموهم وبنوا عليه; قاله الفراء.
وقال قتادة: قادرين على جنتهم عند أنفسهم.
وقال الشعبي: "قادرين" يعني على المساكين.
وقيل: معناه من الوجود; أي منعوا وهم واجدون.
قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: ذوي قدرة.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج عمن حدثه، عن مجاهد في قول الله: (عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على جدّ قادرين في أنفسهم.
قال ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على جهد، أو قال على جِدّ.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) غدا القوم وهم محردون إلى جنتهم، قادرون عليها في أنفسهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على جِدّ من أمرهم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) على جِدّ قادرين في أنفسهم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على أمرهم قد أجمعوا عليه بينهم، واستسرّوه، وأسرّوه في أنفسهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: كان حرث لأبيهم، وكانوا إخوة، فقالوا: لا نطعم مسكينا منه حتى نعلم ما يخرج منه (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) على أمر قد أسسوه بينهم.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ووقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (عَلَى حَرْدٍ ) قال: على أمر مجمع.
حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على أمر مُجْمَع.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على فاقة وحاجة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن، في قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على فاقة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: على حنق.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) قال: على حنق، وكأن سفيان ذهب في تأويله هذا إلى مثل قول الأشهب بن رُميلة:
أُسُـودُ شَـرًى لاقَـتْ أُسُـودَ خِفيَّـةٍ
تَسـاقَوْا عـلى حَـرْدٍ دِمـاءَ الأساوِدِ (6)
يعني: على غضب. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يتأوَّل ذلك: وغدوا على منع.
ويوجهه إلى أنه من قولهم: حاردت السنة إذا لم يكن فيها مطر، وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن، كما قال الشاعر:
فــإذَا مــا حــارَدَتْ أوْ بَكــأَتْ
فَـتَّ عَـنْ حـاجِب أُخْـرَى طِينْهـا (7)
وهذا قول لا نعلم له قائلا من متقدمي العلم قاله وإن كان له وجه، فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز عندنا أن يتعدّى ما أجمعت عليه الحجة، فما صحّ من الأقوال في ذلك إلا أحد الأقوال التي ذكرناها عن أهل العلم. وإذا كان ذلك كذلك، وكان المعروف من معنى الحرد في كلام العرب القصد من قولهم: قد حرد فلان حرد فلان: إذا قصد قصده؛ ومنه قول الراجز:
وجـاءَ سَـيْلٌ كـانَ مٍـنْ أمْـرِ اللـهْ
يَحْــرُدُ حَــرْدَ الجَنَّــةِ المُغِلَّــةْ (8)
يعني: يقصد قصدها، صح أن الذي هو أولى بتأويل الآية قول من قال: معنى قوله: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ) وغدوا على أمر قد قصدوه واعتمدوه، واستسرّوه بينهم، قادرين عليه في أنفسهم.
-------------------
الهوامش :
(6) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 179) عند قوله تعالى: ( وغدوا على حرد قادرين) قال: مجازه على منع من حاردت الناقة لم يكن لها لبن. و" على حرد " أيضا على قصد، قال الأول:
قَـدْ جـاءَ سَـيْلٌ كـانَ مِـنْ أمْرِ الله
يَحْــرُدُ حَــرْدَ الجَنَّــةِ المُغِلــة
وقال آخر: "على حرد" على غضب. قال الأشهب بن زميلة الذي كان يهاجي الفرزدق: "أسود شرى.." البيت . ا هـ والشرى وخفية: مأسدتان معروفتان. والأساود. جمع أسود، وهو اسم للحية، ولذلك جمع كما تجمع الأسماء على فاعل، مثل أرانب، ولو كان صفة لجمع على سود. قلت: ورواية البيت في (اللسان : حرد):
أُسـودُ شـرًى لاقَـتْ أُسـودَ خَفِيَّـةٍ
تَســاقَينَ سُــمًا كُــلُّهُنَّ حَـوَارِدُ
وقال بعد البيت: قال أبو العباس: وقال أبو زيد والأصمعي وأبو عبيدة: (الذي سمعناه من العرب الفصحاء: حرد يحرد حردا كغضب يغضب غضبًا) بتحريك الراء. قال أبو العباس (ثعلب) : وسألت عنها ابن الأعرابي فقال: صحيحة، إلا أن المفضل أخبر أن من العرب من يقول حرد حردا (كغضب عضبا) وحردا (أي بسكون الراء) والتسكين أكثر. والأخرى: فصيحة.
(7) في (اللسان: حرد ) حاردت الإبل حرادا: أي انقطعت ألبانها أو قلت. وفي (اللسان: بكأ) بكأت الناقة والشاة بكاء وبكؤت تبكؤ بكوءًا، وهي بكئ وبكيئة: قل لبنها. وقيل: انقطع. والفت: الدق. فت الشيء يفته فتا وفتته (بالتشديد): دقه: ، وقيل : فته: كسره. وأنشد البيت صاحب اللسان في حرد مع بيت آخر قبله. وقال: الحارد: القليلة اللبن من النوق، والحرود من النوق: القليلة الدر. وحاردت السنة: قل ماؤها ومطرها، وقد استعير في الآنية إذا نفد شربها قال:
ولَنــــا باطِيَــــةٌ مَمْلُـــوءَةٌ
جَوْنَــــةٌ يَتْبَعُهـــا بِرْزِينُهـــا
فــإذَا مــا حــارَدَتْ أوْ بَكــأتْ
فُـتَّ عَـنْ حـاجِبِ أُخْـرَى طِينهــا
والبرزين: إناء يتخذ من قشر طلع الفحال، يشرب به ا هـ . والبيت شاهد على أن معنى حاردت السنة، وحاردت الناقة، وحاردت الباطية، قل مطرها، وقل لبنها، ونفذ خمرها. ا هـ. ورواية البيت الأول في (اللسان: برزن) إنما لقحتنا باطية.. إلخ
(8) هذان بيتان من مشطور الرجز، لم ينسبا لقائل معروف. وكرواية الفراء في معاني القرآن ورواية البيت الأول في (اللسان: حرد) وجاء سيل، كرواية المؤلف هنا. وفي مجاز القرآن: "قد جاء" وفي الكامل للمبرد 1 : 50 طبعة مصطفى الباني الحلبي وأولاده : "قد جاء في سبيل جاء". قال المبرد في الكامل فأما قول الله عز وجل : ( وغدوا على حرد قادرين ) فإن فيه قولين : أحدهما ما ذكرنا من معنى القصد - قال الشاعر: قد جاء سيل جاء .. البيتين. وقالوا: على حرد: على منع، من قولهم حاردت السنة: إذا منعت قطرها، وحاردت الناقة: إذا منعت درها. ا هـ وقال الفراء في معاني القرآن: "على حرد" على جِدٍ وقدرة في أنفسهم. والحرد أيضا : القصد، كما يقول الرجل: قد أقبلت قبلك، وقصدت قصدك، وحردت حردك. وأنشدني بعضهم " وجاء سيل كان.." البيتين. ويريد : قصدها . ا هـ .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَلَمَّا رَأَوْهَا} على الوصف الذي ذكر الله كالصريم{ قَالُوا} من الحيرة والانزعاج.{ إِنَّا لَضَالُّونَ} [أي:تائهون] عنها، لعلها غيرها
ثم صور - سبحانه - حالهم تصويرا بديعا عندما شاهدوا جنتهم ، وقد صارت كالصريم ، فقال : ( فَلَمَّا رَأَوْهَا قالوا إِنَّا لَضَآلُّونَ )
أى : فحين شاهدوا جنتهم - وهلى على تلك الحال العجيبة - قال بعضهم لبعض : إنا الضالون عن طريق جنتنا ، تائهون عن الوصول إليها . . لأن هذه الجنة الخاوية على عروشها ليست هى جنتنا التى عهدناها بالأمس القريب ، زاخرة بالثمار .
( فلما رأوها قالوا إنا لضالون ) أي : فلما وصلوا إليها وأشرفوا عليها ، وهي على الحالة التي قال الله ، عز وجل ، قد استحالت عن تلك النضارة ، والزهرة ، وكثرة الثمار إلى أن صارت سوداء مدلهمة ، لا ينتفع بشيء منها ، فاعتقدوا أنهم قد أخطئوا الطريق ; ولهذا قالوا : ( إنا لضالون ) أي : قد سلكنا إليها غير الطريق فتهنا عنها . قاله ابن عباس وغيره .
القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)
يقول تعالى ذكره: فلما صار هؤلاء القوم إلى جنتهم، ورأوها محترقا حرثها، أنكروها وشكوا فيها، هل هي جنتهم أم لا؟ فقال بعضهم لأصحابه ظنا منه أنهم قد أغفلوا طريق جنتهم، وأن التي رأوا غيرها: إنا أيها القوم لضالون طريق جنتنا، فقال من علم أنها جنتهم، وأنهم لم يخطئوا الطريق: بل نحن أيها القوم محرومون، حُرِمنا منفعة جنتنا بذهاب حرثها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ) : أي أضللنا الطريق، بل نحن محرومون، بل جُوزينا فحُرمنا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ). يقول قتادة: يقولون أخطأنا الطريق ما هذه بجنتنا،
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فلما تحققوها، ورجعت إليهم عقولهم قالوا:{ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} منها، فعرفوا حينئذ أنه عقوبة.
ثم اعترفوا بالحقيقة المرة ، بعد أن تأكدوا أن ما أمامهم هى حديقتهم فقالوا : ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) أى : لسنا بضالين عن الطريق إليها ، بل الحقيقة أن الله - تعالى - قد حرمنا من ثمارها . . بسبب إصرارنا على حرماننا المساكين من حقوقهم منها .
ثم رجعوا عما كانوا فيه ، وتيقنوا أنها هي فقالوا : ( بل نحن محرومون ) أي : بل هذه هي ، ولكن نحن لا حظ لنا ولا نصيب .
فقال بعضهم: بل نحن محرومون حرمنا جنتنا.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الواقعة: 67 | ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾ |
---|
القلم: 27 | ﴿فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فـ{ قَالَ أَوْسَطُهُمْ} أي:أعدلهم، وأحسنهم طريقة{ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} أي:تنزهون الله عما لا يليق به، ومن ذلك، ظنكم أن قدرتكم مستقلة، فلولا استثنيتم، فقلتم:{ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} وجعلتم مشيئتكم تابعة لمشيئتة الله، لما جرى عليكم ما جرى.
وهنا تقدم إليهم أوسطهم رأيا ، وأعدلهم وأمثلهم تفكيرا . . فقال لهم : ( أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ) والاستفهام للتقرير . و ( لَوْلاَ ) حرف تحضيض بمعنى هلا . والتسبيح هنا بمعنى : الاستغفار والتوبة ، وإعطاء كل ذى حق حقه .
أى : قال لهم - أعقلهم وأصلحهم - بعد أن شاهد ما شاهد من أمر الحديقة . قال لهم : لقد قلت لكم عندما عزمتم على حرمان المساكين حقوقهم منها .
. اتقوا الله ولا تفعلوا ذلك ، وسيروا على الطريقة التى كان يسير عليها أبوكم ، وأعطوا المساكين حقوقهم منها ، ولكنكم خالفتمونى ولم تطيعوا أمرى ، فكانت نتيجة مخالفتكم لنصحى ، ما ترون من خراب الجنة التى أصابنى من خرابها ما أصابكم .
( قال أوسطهم ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومحمد بن كعب ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، وقتادة : أي : أعدلهم وخيرهم : ( ألم أقل لكم لولا تسبحون ) ! قال مجاهد ، والسدي ، وابن جريج : ( لولا تسبحون ) أي : لولا تستثنون . قال السدي : وكان استثناؤهم في ذلك الزمان تسبيحا .
وقال ابن جريج : هو قول القائل : إن شاء الله . وقيل : معناه : ( قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون ) أي : هلا تسبحون الله وتشكرونه على ما أعطاكم وأنعم به عليكم ،
وقوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) يعني: أعدلهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال؛ ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) قال: أعدلهم، ويقال: قال خيرهم، وقال في البقرة: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا قال: الوسط: العدل.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) يقول: أعدلهم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الفرات بن خلاد، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) : أعدلهم.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) قال: أعدلهم.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) قال: أعدلهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) أي أعدلهم قولا وكان أسرع القوم فزعا، وأحسنهم رَجْعة ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ).
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) قال: أعدلهم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ ) يقول: أعدلهم
وقوله: ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ) يقول: هلا تستثنون إذ قلتم لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ فتقولوا إن شاء الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد ( لَوْلا تُسَبِّحُونَ ) قال: بلغني أنه الاستثناء.
قال ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد ( أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ) قال: يقول: تستثنون، فكان التسبيح فيهم الاستثناء.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فقالوا{ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} أي:استدركوا بعد ذلك، ولكن بعد ما وقع العذاب على جنتهم، الذي لا يرفع، ولكن لعل تسبيحهم هذا، وإقرارهم على أنفسهم بالظلم، ينفعهم في تخفيف الإثم ويكون توبة، ولهذا ندموا ندامة عظيمة.
وكعادة كثير من الناس الذين : لا يقدرون النعمة إلا بعد فوات الأوان . . قالوا لأعقلهم وأصلحهم : ( سُبْحَانَ رَبِّنَآ ) أى : تنزه ربنا ونستغفره عما حدث منا ، فإننا كنا ظالمين لأنفسنا حين منعنا حق الله - تعالى - عن عباده .
( قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين ) أتوا بالطاعة حيث لا تنفع ، وندموا واعترفوا حيث لا ينجع ; ولهذا قالوا : ( إنا كنا ظالمين)
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)
يقول تعالى ذكره: قال أصحاب الجنة: (سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) في تركنا الاستثناء في قسمنا وعزمنا على ترك إطعام المساكين من ثمر جنتنا.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 5 | ﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ |
---|
الأنبياء: 14 | ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ |
---|
الأنبياء: 46 | ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ |
---|
القلم: 29 | ﴿قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ} فيما أجروه وفعلوه،
ثم حكى - سبحانه - ما دار بينهم بعد أن أيقنوا أن حديقتهم قد دمرت فقال : ( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ ) أى : يلوم بعضهم بعضا ، وكل واحد منهم يلقى التبعة على غيره ، ويقول له : أنت الذى كنت السبب فيما أصابنا من حرمان . .
أي : يلوم بعضهم بعضا على ما كانوا أصروا عليه من منع المساكين من حق الجذاذ ، فما كان جواب بعضهم لبعض إلا الاعتراف بالخطيئة والذنب
وقوله: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: فأقبل بعضهم على بعض يلوم بعضهم بعضا على تفريطهم فيما فرّطوا فيه من الاستثناء، وعزمهم على ما كانوا عليه من ترك إطعام المساكين من جنتهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
القلم: 30 | ﴿فَـ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ ﴾ |
---|
الصافات: 27 | ﴿وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴾ |
---|
الصافات: 50 | ﴿فَـ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴾ |
---|
الطور: 25 | ﴿وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} أي:متجاوزين للحد في حق الله، وحق عباده.
( قَالُواْ ياويلنا ) أى : يا هلاكنا ويا حسرتنا . . ( إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ) أى : إنا كنا متجاوزين لحدودنا ، وفاسقين عن أمر ربنا ، عندما صممنا على البخل بما أعطانا - سبحانه - من فضله .
( قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين ) أي : اعتدينا وبغينا وطغينا وجاوزنا الحد حتى أصابنا ما أصابنا
وقوله: (يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ) يقول: قال أصحاب الجنة: يا ويلنا إنا كنا مُبْعَدين: مخالفين أمر الله في تركنا الاستثناء والتسبيح.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنبياء: 14 | ﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ |
---|
القلم: 31 | ﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} فهم رجوا الله أن يبدلهم خيرًا منها، ووعدوا أنهم سيرغبون إلى الله، ويلحون عليه في الدنيا، فإن كانوا كما قالوا، فالظاهر أن الله أبدلهم في الدنيا خيرًا منها لأن من دعا الله صادقًا، ورغب إليه ورجاه، أعطاه سؤله.
( عسى رَبُّنَآ ) بفضله وإحسانه ( أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ ) أى : أن يعطينا ما هو خير منها ( إِنَّآ إلى رَبِّنَا ) لا إلى غيره ( رَاغِبُونَ ) أى : راغبون فى عطائه ، راجعون إليه بالتوبة والندم . .
قال الآلوسى : قال مجاهد : إنهم تابوا فأبدلهم الله - تعالى - خيرا منها . وحكى عن الحسن : التوقف وسئل قتادة عنهم : أهم من أهل الجنة أم من أهل النار؟ فقال للسائل : لقد كلفتنى تعبا . .
( عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون ) قيل : رغبوا في بذلها لهم في الدنيا . وقيل : احتسبوا ثوابها في الدار الآخرة ، والله أعلم .
ثم قد ذكر بعض السلف أن هؤلاء قد كانوا من أهل اليمن - قال سعيد بن جبير : كانوا من قرية يقال لها ضروان على ستة أميال من صنعاء . وقيل : كانوا من أهل الحبشة - وكان أبوهم قد خلف لهم هذه الجنة ، وكانوا من أهل الكتاب ، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة ، فكان ما استغله منها يرد فيها ما يحتاج إليها ، ويدخر لعياله قوت سنتهم ، ويتصدق بالفاضل . فلما مات ورثه بنوه ، قالوا : لقد كان أبونا أحمق إذ كان يصرف من هذه شيئا للفقراء ، ولو أنا منعناهم لتوفر ذلك علينا . فلما عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم ، فأذهب الله ما بأيديهم بالكلية ، ورأس المال ، والربح ، والصدقة ، فلم يبق لهم شيء .
القول في تأويل قوله تعالى : عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل أصحاب الجنة: (عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا ) بتوبتنا من خطأ فعلنا الذي سبق منا خيرا من جنتنا(إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ) يقول: إنا إلى ربنا راغبون في أن يبدلنا من جنتنا إذ هلَكت خيرا منها.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
التوبة: 59 | ﴿وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ سَيُؤْتِينَا اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّـهِ رَاغِبُونَ ﴾ |
---|
القلم: 32 | ﴿عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِّنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
قال تعالى مبيناما وقع:{ كَذَلِكَ الْعَذَابُ} [أي:] الدنيوي لمن أتى بأسباب العذاب أن يسلب الله العبد الشيء الذي طغى به وبغى، وآثر الحياة الدنيا، وأن يزيله عنه، أحوج ما يكون إليه.
{ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ} من عذاب الدنيا{ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} فإن من علم ذلك، أوجب له الانزجار عن كل سبب يوجب العذاب ويحل العقاب
ثم ختم - سبحانه - قصتهم بقوله : ( كَذَلِكَ العذاب ) أى : مثل الذى بلونا به أصحاب الجنة ، من إهلاك جنتهم بسبب جحودهم لنعمنا . . يكون عذابنا لمن خالف أمرنا من كبار مكة وغيرهم .
فقوله : ( كَذَلِكَ ) خبر مقدم ( العذاب ) مبتدأ مؤخر . والمشار إليه هو ما تضمنته القصة من إتلاف تلك الجنة ، وإذهاب ثمارها .
وقدم المسند وهو الخبر ، على المسند إليه وهو المبتدأ ، للاهتمام بإحضار تلك الصورة العجيبة فى ذهن السامع .
وقوله : ( وَلَعَذَابُ الآخرة أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ) يدل على أن المراد بالعذاب السابق عذاب الدنيا .
أى : مثل ذلك العذاب الذى أنزلناه بأصحاب الجنة فى الدنيا ، يكون عذابنا لمشركى قريش ، أما عذاب الآخرة فهو أشد وأبقى وأعظم . . ولو كانوا من أهل العلم والفهم ، لعلموا ذلك ، ولأخذوا منه حذرهم عن طريق الإِيمن والعمل الصالح . هذا ، والمتأمل فى هذه القصة ، يراها زاخرة بالمفاجآت ، وبتصوير النفس الإِنسانية فى حال غناها وفى حال فقرها ، فى حال حصولها على النعمة وفى حال ذهاب هذه النعمة من بين يديها .
كما يراها تحكى لنا سوء عاقبة الجاحدين لنعم الله ، إذ أن هذا الجحود يؤدى إلى زوال النعم ، ورحم الله القائل : من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها ، ومن شكرها فقد قيدها بعقالها .
قال الله تعالى : ( كذلك العذاب ) أي : هكذا عذاب من خالف أمر الله ، وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه ، ومنع حق المسكين والفقراء وذوي الحاجات ، وبدل نعمة الله كفرا ( ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) أي : هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم ، وعذاب الآخرة أشق . وقد ورد في حديث رواه الحافظ البيهقي من طريق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الجداد بالليل ، والحصاد بالليل .
قوله تعالى ذكره (كَذَلِكَ الْعَذَابُ ) يقول جلّ ثناؤه: كفعلنا بجنة أصحاب الجنة، إذ أصبحت كالصريم بالذي أرسلنا عليها من البلاء والآفة المفسدة، فعلنا بمن خالف أمرنا وكفر برسلنا في عاجل الدنيا، (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ ) يعني عقوبة الآخرة بمن عصى ربه وكفر به، أكبر يوم القيامة من عقوبة الدنيا وعذابها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) يعني بذلك عذاب الدنيا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ ) : أي عقوبة الدنيا(وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ).
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ ) قال: عذاب الدنيا، هلاك أموالهم: أي عقوبة الدنيا.
وقوله: (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) يقول: لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أن عقوبة الله لأهل الشرك به أكبر من عقوبته لهم في الدنيا، لارتدعوا وتابوا وأنابوا، ولكنهم بذلك جهال لا يعلمون.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الزمر: 26 | ﴿فَأَذَاقَهُمُ اللَّـهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ |
---|
القلم: 33 | ﴿كَذَٰلِكَ الْعَذَابُ ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى بما أعده للمتقين للكفر والمعاصي، من أنواع النعيم والعيش السليم في جوار أكرم الأكرمين،
ثم تبدأ السورة بعد ذلك بيان حسن عاقبة المؤمنين ، وفى محاجة المجرمين ، وفى تحديثهم بالسؤال تلو السؤال : إلزاما لهم بالحجة ، وتقريعا لهم على غفلتهم ، وتذكيرا لهم بيوم القيامة الذى سيندمون عنده ، ولن ينفعهم الندم .
قال - تعالى - :
( إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ . . . ) .
قوله - سبحانه - : ( إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ . . ) بيان لما وعد به - سبحانه - المؤمنين الصادقين ، بعد بيان وعيده للجاحدين المكذبين .
أى : إن للذين اتقوا ربهم ، وصانوا أنفسهم عما حرمه . . جنات ليس لهم فيها إلا النعيم الخالص ، والسرور التام . والخير الذى لا ينقطع ولا يمتنع .
واللام فى قوله : ( لِّلْمُتَّقِينَ ) للاستحقاق ، وقال - سبحانه - ( عِنْدَ رَبِّهِمْ ) للتشريف والتكريم .
أى : هذه الجنات اختص الرب - عز وجل - بها الذين اتقوه فى كل أحوالهم .
وإضافة الجنات إلى النعيم ، للإِشارة إلى أن النعيم ملازم لها لا يفارقها فلا يكون فيها ما يكون فى جنات الدنيا من تغير فى الأحوال ، فهى تارة مثمرة ، وتارة ليست كذلك .
لما ذكر الله تعالى حال أهل الجنة الدنيوية ، وما أصابهم فيها من النقمة حين عصوا الله ، عز وجل ، وخالفوا أمره ، بين أن لمن اتقاه وأطاعه في الدار الآخرة جنات النعيم التي لا تبيد ولا تفرغ ولا ينقضي نعيمها .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34)
يقول تعالى ذكره: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ ) الذين اتقوا عقوبة الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه (عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) يعني: بساتين النعيم الدائم.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
ص: 49 | ﴿هَـٰذَا ذِكْرٌ ۚ وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ﴾ |
---|
القلم: 34 | ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ |
---|
النبإ: 31 | ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وأن حكمته تعالى لا تقتضي أن يجعل المسلمينالقانتين لربهم، المنقادين لأوامره، المتبعين لمراضيه كالمجرمين الذين أوضعوا في معاصيه، والكفر بآياته، ومعاندة رسله، ومحاربة أوليائه،
والاستفهام فى قوله : ( أَفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين ) للنفى والإِنكار . والفاء للعطف على مقدر يقتضيه الكلام .
أى : أنحيف فى أحكامنا فنجعل الذين أخلصوا لنا العبادة . كالذين أشركوا معنا آلهة أخرى؟ أو نجعل الذين أسلموا وجوههم لنا ، كالذين فسقوا عن أمرنا؟
كلا ، لن نجعل هؤلاء كهؤلاء ، فإن عدالتنا تقتضى التفريق بينهم .
قال الجمل : لما نزلت هذه الآية وهى قوله : ( إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ . . . ) قال كفار مكة للمسلمين إن الله فضلنا عليكم فى الدنيا ، فلابد وأن يفضلنا عليكم فى الآخرة ، فإذا لم يحصل التفضيل ، فلا أقل من المساواة فأجابهم الله - تعالى - بقوله : ( أَفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين ) .
ثم قال : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ) ؟ أي : أفنساوي بين هؤلاء وهؤلاء في الجزاء ؟ كلا ورب الأرض والسماء ; ولهذا قال
وقوله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: أفنجعل أيها الناس في كرامتي ونعمتي في الآخرة الذين خضعوا لي بالطاعة، وذلوا لي بالعبودية، وخشعوا لأمري ونهيي، كالمجرمين الذي اكتسبوا المآثم، وركبوا المعاصي، وخالفوا أمري ونهيي؟ كَلا ما الله بفاعل ذلك.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وأن من ظن أنه يسويهم في الثواب، فإنه قد أساء الحكم، وأن حكمه حكم باطل، ورأيهفاسد،
ثم أضاف - سبحانه - إلى توبيخهم توبيخا آخر فقال : ( مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) .
وقوله ( مَا لَكُمْ ) جملة من مبتدأ وخبر ، وهى بمثابة تأنيب آخر لهم وقوله : ( كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) تجهيل لهم ، وتسفيه لعقولهم .
أى : ما الذى حدث لعقولكم ، حتى ساويتم بين الأخيار والأشرار والأطهار والفجار ، ومن أخلصوا لله عبادتهم ، ومن كفروا به؟
( ما لكم كيف تحكمون ) ! أي : كيف تظنون ذلك ؟ .
وقوله: (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) أتجعلون المطيع لله من عبيده، والعاصي له منهم في كرامته سواء. يقول جلّ ثناؤه: لا تسوّوا بينهما فأنهما لا يستويان عند الله، بل المطيع له الكرامة الدائمة، والعاصي له الهوان الباقي.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يونس: 35 | ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ۖ فـ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ |
---|
الصافات: 154 | ﴿أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ |
---|
القلم: 36 | ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وأن المجرمين إذا ادعوا ذلك، فليس لهم مستند، لا كتاب فيه يدرسون [ويتلون] أنهم من أهل الجنة، وأن لهم ما طلبوا وتخيروا.
ثم انتقل - سبحانه - من توبيخهم على جهلهم ، إلى توبيخهم على كذبهم فقال : ( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ . إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُون ) .
و ( أم ) هنا وما بعدها للإضراب الانتقالى ، وهى بمعنى بل ، والضمير فى قوله ( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ( فِيهِ ) يعود على الكتاب .
وقوله : ( تَدْرُسُونَ ) أى : تقرأون بعناية وتفكير .
وقوله : ( تَخَيَّرُون ) أصله : تتخيرون . والتخير : تطلب ما هو خير . يقال : فلان تخير الشئ واختاره ، إذا أخذ خيره وجيده .
أى : بل ألكم - أيها المشركون - كتاب قرأتم فيه بفهم وتدبر المساواة بين المتقين والمجرمين ، وأخذتم منه ما اخترتموه من أحكام؟ إنه لا يوجد كتاب سماوى ، أو غير سماوى ، يوافقكم على التسوية بين المتقين والمجرمين . وأنتم إنما تصدرون أحكاما كاذبة . ما أنزل الله بها من سلطان .
ثم قال : ( أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون ) يقول : أفبأيديكم كتاب منزل من السماء تدرسونه ، وتحفظونه ، وتتداولونه بنقل الخلف عن السلف ، متضمن حكما مؤكدا كما تدعونه ؟
القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37)
يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريش: ألكم أيها القوم بتسويتكم بين المسلمين والمجرمين في كرامة الله كتاب نـزل من عند الله أتاكم به رسول من رسله بأن لكم ما تَخَيَّرون، فأنتم تدرسون فيه ما تقولون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ) قال: فيه الذي تقولون تقرءونه: تدرسونه، وقرأ: أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ ... إلى آخر الآية.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وأن المجرمين إذا ادعوا ذلك، فليس لهم مستند، لا كتاب فيه يدرسون [ويتلون] أنهم من أهل الجنة، وأن لهم ما طلبوا وتخيروا.
ثم انتقل - سبحانه - من توبيخهم على جهلهم ، إلى توبيخهم على كذبهم فقال : ( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ . إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُون ) .
و ( أم ) هنا وما بعدها للإضراب الانتقالى ، وهى بمعنى بل ، والضمير فى قوله ( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ( فِيهِ ) يعود على الكتاب .
وقوله : ( تَدْرُسُونَ ) أى : تقرأون بعناية وتفكير .
وقوله : ( تَخَيَّرُون ) أصله : تتخيرون . والتخير : تطلب ما هو خير . يقال : فلان تخير الشئ واختاره ، إذا أخذ خيره وجيده .
أى : بل ألكم - أيها المشركون - كتاب قرأتم فيه بفهم وتدبر المساواة بين المتقين والمجرمين ، وأخذتم منه ما اخترتموه من أحكام؟ إنه لا يوجد كتاب سماوى ، أو غير سماوى ، يوافقكم على التسوية بين المتقين والمجرمين . وأنتم إنما تصدرون أحكاما كاذبة . ما أنزل الله بها من سلطان .
ثم قال : ( أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون ) يقول : أفبأيديكم كتاب منزل من السماء تدرسونه ، وتحفظونه ، وتتداولونه بنقل الخلف عن السلف ، متضمن حكما مؤكدا كما تدعونه ؟
وقوله: ( إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: إن لكم في ذلك الذي تخيرون من الأمور لأنفسكم، وهذا أمر من الله، توبيخ لهؤلاء القوم وتقريع لهم فيما كانوا يقولون من الباطل، ويتمنون من الأمانيّ الكاذبة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
إن:
بكسر الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، واللام فى «لما» زائدة، وهى قراءة طلحة، والضحاك.
3- أإن، على الاستفهام، وهى قراءة الأعرج.
التفسير :
وليس لهم عند الله عهد ويمين بالغة إلى يوم القيامة أن لهم ما يحكمون، وليس لهم شركاء وأعوان على إدراك ما طلبوا، فإن كان لهم شركاء وأعوان فليأتوا بهم إن كانوا صادقين، ومن المعلوم أن جميع ذلك منتف، فليس لهم كتاب، ولا لهم عهد عند الله في النجاة، ولا لهم شركاء يعينونهم، فعلم أن دعواهم باطلة فاسدة.
ثم انتقل - سبحانه - إلى توبيخهم على لون آخر من مزاعمهم فقال : ( أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إلى يَوْمِ القيامة إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ .
أى : وقل لهم - يا محمد - على سبيل إلزامم الحجة : بل ألكم ( أَيْمَانٌ ) أى : عهود ومواثيق مؤكدة ( عَلَيْنَا ) وهذه العهود ( بَالِغَة ) أقصى مداها فى التوكيد ، وثابتة لكم علينا ( إلى يَوْمِ القيامة ) بأنا قد سوينا بين المسلمين والمجرمين فى أحكامنا ، كما زعمتم أنتم؟ إن كانت لكم علينا هذه الإيمان والعهود ، فأظهروها للناس ، وفى هذه الحالة يكون من حقكم أن تحكموا بما حكمتم به .
ومما لا شك فيه ، أنهم ليست لهم عهود عند الله بما زعموه من أحكام ، وإنما المقصود من الآية الكريمة ، بيان كذبهم فى أقوالهم ، وبيان أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بجواب يثبتون به مدعاهم .
وقوله : ( إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ) جواب القسم ، لأن قوله : ( أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا ) بمعنى : أم أقسمنا لكم إيمانا موثقة بأننا رضينا بأحكامكم التى تسوون فيها بين المسلمين والمجرمين .
( أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون ) أي : أمعكم عهود منا ومواثيق مؤكدة ، ( إن لكم لما تحكمون ) أي : إنه سيحصل لكم ما تريدون وتشتهون
وقوله: ( أَمْ لَكُمْ ) فيه ( أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) يقول: هل لكم أيمان علينا تنتهي بكم إلى يوم القيامة، بأن لكم ما تحكمون أي: بأن لكم حكمكم، ولكن الألف كسرت من " إن " لما دخل في الخبر اللام: أي هل لكم أيمان علينا بأن لكم حكمكم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
بالغة:
1- بالرفع، على الصفة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنصب، على الحال من الضمير المستكن فى «علينا» ، وهى قراءة الحسن، وزيد بن على.
أن:
وقرئ:
أإن، على الاستفهام، وهى قراءة الأعرج.
التفسير :
{ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} أي:أيهم الكفيل بهذه الدعوى الفاسدة، فإنه لا يمكن التصدر بها، ولا الزعامة فيها.
ثم أمر - سبحانه - رسوله صلى الله عليه وسلم - أن يسألهم سؤال بتكيت وتأنيب فقال : ( سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ ) .
والزعيم : هو الضامن ، والمتكلم عن القوم ، والناطق بلسانهم . .
واسم الإِشارة يعود على الحكم الباطل الذى حكموه ، وهو التسوية بين المسلمين والمجرمين .
أى : سل - أيها الرسول الكريم - هؤلاء المشركين ، سؤال تقريع وتوبيخ ، أى واحد منهم سيكون يوم القيامة ، كفيلا بتحمل مسئولية هذا الحكم ، وضامنا بأن المسلمين سيكونون متساوين مع المجرمين فى الأحكام عند الله - تعالى - .
( سلهم أيهم بذلك زعيم ) ؟ أي : قل لهم : من هو المتضمن المتكفل بهذا ؟
القول في تأويل قوله تعالى : سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : سل يا محمد هؤلاء المشركين أيهم بأن لهم علينا أيمانا بالغة بحكمهم إلى يوم القيامة (زَعِيمٌ ) يعني: كفيل به، والزعيم عند العرب: الضامن والمتكلم عن القوم.
كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ ) يقول: أيهم بذلك كفيل.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في قوله: (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ ) يقول: أيهم بذلك كفيل.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم انتقل - سبحانه - إلى إلزامهم الحجة عن طريق آخر فقال : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ ) .
أى : بل ألهم شركاء يوافقونهم على هذا الحكم الباطل ، إن كان عندهم ذلك ، فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين فى زعمهم التسوية بين المتقين والمجرمين .
والمراد بالشركاء هنا : الأصنام التى يشركونها فى العبادة مع الله - عز وجل - .
وحذف متعلق الشركاء لشهرته . أى : أم لهم شركاء لنا فى الألولهية يشهدون لهم بصحة أحكامهم .
والأمر فى قوله : ( فَلْيَأتُواْ . . . ) للتعجيز .
والمتدبر فى هذه الآيات الكريمة ، يرى أن الله - تعالى - قد وبخهم باستفهامات سبعة :
أولها قوله - تعالى - : ( أَفَنَجْعَلُ . . . ) الثانى : ( مَا لَكُمْ . . . ) الثالث : ( كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) الرابع : ( أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ ) الخامس : ( أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ ) السادس : ( أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ ) السابع : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ ) .
قال الآلوسى : وقد نبه - سبحانه - فى هذه الآيات ، على نفى جميع ما يمكن أن يتعلقوا به فى تحقيق دعواهم ، حيث نبه - سبحانه - على نفى الدليل وعلى نفى أن يكون الله وعدهم بذلك بقوله ( أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ . . . ) وعلى نفى التقليد الذى هو أوهن من حبال القمر بقولهم : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ . . . ) .
( أم لهم شركاء ) أي : من الأصنام والأنداد ( فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين )
وقوله: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ) يقول تعالى ذكره: ألهؤلاء القوم شركاء فيما يقولون ويصفون من الأمور التي يزعمون أنها لهم، فليأتوا بشركائهم في ذلك إن كانوا فيما يدّعون من الشركاء صادقين.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الشورى: 21 | ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّـهُ﴾ |
---|
القلم: 41 | ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:إذا كان يوم القيامة، وانكشف فيه من القلاقل [والزلازل] والأهوال ما لا يدخل تحت الوهم، وأتى الباري لفصل القضاء بين عباده ومجازاتهم فكشف عن ساقه الكريمة التي لا يشبهها شيء، ورأى الخلائق من جلال الله وعظمته ما لا يمكن التعبير عنه، فحينئذ يدعون إلى السجود لله، فيسجد المؤمنون الذين كانوا يسجدون لله، طوعًا واختيارًا، ويذهب الفجار المنافقون ليسجدوا فلا يقدرون على السجود، وتكون ظهورهم كصياصي البقر.
ثم بين - سبحانه - جابنا من أهوال يوم القيامة ، ومن حال الكافرين فيه ، فقال : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ .
خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى السجود وَهُمْ سَالِمُونَ ) .
والظرف " يوم " يجوز أن يكون متعلقا بقوله - تعالى - قبل ذلك ( فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ . . . ) ويصح أن يكون متعلقا بمحذوف تقديره ، اذكر ، والمراد باليوم ، يوم القيامة .
والكشف عن الساق معناه التشمير عنها وإظهارها ، وهو مثل لشدة الحال ، وصعوبة الخطب والهول ، وأصله أن الإنسان إذا اشتد خوفه ، أسرع فى المشى ، وشمر عن ثيابه ، فينكشف ساقه .
قال صاحب الكشاف : الكشف عن الساق ، والإبداء عن الخدام - أى : الخلخال الذى تلبسه المرأة فى رجلها - وهو جمع خَدَمة كرقاب جمع رقبة - مثل فى شدة الأمر ، وصعوبة الخطب ، وأصله فى الروع والهزيمة وتشمير المخدرات عن سوقهن فى الهرب ، وإبداء خِدَامهن عند ذلك . .
كما قال الشاعر :
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها ... وإن شمرت عن سوقها الحرب شمرا
فمعنى يوم يكشف عن ساق : يوم يشتد الأمر يتفاقم ، ولا كشف ولا ساق ، كما تقول للأقطع الشحيح : يده مغلولة ، ولا يد ثَمَّ ولا غل ، وإنما هو مثل فى البخل . .
فإن قلت : فلم جاءت منكرة فى التمثيل؟ قلت : للدلالة على أنه أمر مبهم فى الشدة فظيع خارج عن المألوف . .
والمعنى : اذكر لهم - أيها الرسول الكريم - لكى يعتبروا ويتعظوا أهوال يوم القيامة ، يوم يشتد الأمر ، ويعظم الهول .
( وَيُدْعَوْنَ ) هؤلاء الذين فسقوا عن أمر ربهم فى هذا اليوم ( إِلَى السجود ) لله - تعالى - على سبيل التوبيخ لهم ، لأنهم كانوا ممتنعين عنه فى الدنيا . .
( فَلاَ يَسْتَطِيعُون ) أى : فلا يستطيعون ذلك ، لأنه الله - تعالى - سلب منهم القدرة على السجود له فى هذا اليوم العظيم ، لأنه يوم جزاء وليس يوم تكليف والذين يدعونهم إلى السجود ، هم الملائكة بأمره - تعالى - .
لما ذكر تعالى أن للمتقين عنده جنات النعيم ، بين متى ذلك كائن وواقع ، فقال : ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ) يعني : يوم القيامة وما يكون فيه من الأهوال والزلازل والبلاء والامتحان والأمور العظام . وقد قال البخاري ها هنا :
حدثنا آدم ، حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة ، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا " .
وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وفي غيرهما من طرق وله ألفاظ ، وهو حديث طويل مشهور .
وقد قال عبد الله بن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : هو يوم كرب وشدة . رواه ابن جرير ثم قال :
حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود ، - أو ابن عباس الشك من ابن جرير - : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : عن أمر عظيم ، كقول الشاعر :
وقامت الحرب بنا عن ساق
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : شدة الأمر
وقال ابن عباس : هي أول ساعة تكون في يوم القيامة .
وقال ابن جريج ، عن مجاهد : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : شدة الأمر وجده .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة .
وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله : ( يوم يكشف عن ساق ) يقول : حين يكشف الأمر وتبدو الأعمال . وكشفه دخول الآخرة ، وكشف الأمر عنه . وكذا روى الضحاك ، وغيره ، عن ابن عباس . أورد ذلك كله أبو جعفر بن جرير ثم قال :
حدثني أبو زيد عمر بن شبة ، حدثنا هارون بن عمر المخزومي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا أبو سعيد روح بن جناح ، عن مولى لعمر بن عبد العزيز ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يوم يكشف عن ساق ) قال : " عن نور عظيم ، يخرون له سجدا " .
ورواه أبو يعلى ، عن القاسم بن يحيى ، عن الوليد بن مسلم به ، وفيه رجل مبهم ، والله أعلم .
القول في تأويل قوله تعالى : يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (42)
يقول تعالى ذكره ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد.
حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن أُسامة بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: هو يوم حرب وشدّة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عباس ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: عن أمر عظيم كقول الشاعر:
وقامَتِ الحَرْبُ بنا على ساقٍ (9)
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) ولا يبقى مؤمن إلا سجد، ويقسو ظهر الكافر فيكون عظما واحدا.
وكان ابن عباس يقول: يكشف عن أمر عظيم، ألا تسمع العرب تقول:
وقامَتِ الحَرْبُ بنا على ساق
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) يقول: حين يكشف الأمر، وتبدو الأعمال، وكشفه: دخول الآخرة وكشف الأمر عنه.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن ابن عباس، قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة.
حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ وابن حميد، قالا ثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: شدة الأمر وجدّه؛ قال ابن عباس: هي أشد ساعة في يوم القيامة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: شدّة الأمر، قال ابن عباس: هي أوّل ساعة تكون في يوم القيامة غير أن في حديث الحارث قال: وقال ابن عباس: هي أشد ساعة تكون في يوم القيامة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن سعيد بن جبير، قال: عن شدّة الأمر.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: عن أمر فظيع جليل.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: يوم يكشف عن شدة الأمر.
حدثنا عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) وكان ابن عباس يقول: كان أهل الجاهلية يقولون: شمّرت الحرب عن ساق يعني إقبال الآخرة وذهاب الدنيا
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: ثنا أبو الزهراء، عن عبد الله، قال: " يتمثل الله للخلق يوم القيامة حتى يمرّ المسلمون، قال: فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله لا نشرك به شيئا، فينتهرهم مرّتين أو ثلاثا، فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف إلينا عرفناه، قال: فعند ذلك يكشف عن ساق، فلا يبقى مؤمن إلا خرّ لله ساجدا، ويبقى المنافقون ظهورهم طَبَقٌ واحد، كأنما فيها السفافيد، فيقولون: ربنا، فيقول: قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون."
حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: ثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن مسعود، قال: " ينادي مناد يوم القيامة: أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم، ثم صورّكم، ثم رزقكم، ثم توليتم غيره أن يولى كُل عبد منكم ما تولى، فيقولون: بلى، قال: فيمثل لكلّ قوم آلهتهم التي كانوا يعبدونها، فيتبعونها حتى توردهم النار، ويبقى أهل الدعوة، فيقول بعضهم لبعض: ماذا تنتظرون، ذهب الناس؟ فيقولون: ننتظر أن يُنادى بنا، فيجيئ إليهم في صورة، قال: فذكر منها ما شاء الله، فيكشف عما شاء الله أن يكشف قال: فيخرّون سجدا إلا المنافقين، فإنه يصير فقار أصلابهم عظما واحدا مثل صياصي البقر، فيقال لهم: ارفعوا رءوسكم إلى نوركم " ثم ذكر قصة فيها طول.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا الأعمش، عن المنهال عن قيس بن سكن، قال: حدّث عبد الله وهو عند عمر يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ قال: " إذا كان يوم القيامة قال: يقوم الناس بين يدي ربّ العالمين أربعين عاما، شاخصة أبصارهم إلى السماء، حُفاة عُراة، يلجمهم العرق، ولا يكلمهم بشر أربعين عاما، ثم ينادي مناد.: يا أيها الناس أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم وصوّركم ورزقكم، ثم عبدتم غيره، أن يولِّىَ كلّ قوم ما تولوا؟ قالوا: نعم؟ قال: فيرفع لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله؛ قال: ويمثل لكل قوم، يعني آلهتهم، فيتبعونها حتى تقذفهم في النار، فيبقى المسلمون والمنافقون، فيقال: ألا تذهبون فقد ذهب الناس؟ فيقولون: حتى يأتينا ربنا، قال: وتعرفونه؟ فقالوا: إن اعترف لنا، قال: فيتجلى فيخرّ من كان يعبده ساجدا، قال: ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأن في ظهورهم السفافيد. قال: فيذهب بهم فيساقون إلى النار، فيقذف بهم، ويدخل هؤلاء الجنة، قال: فيستقبلون في الجنة بما يستقبلون به من الثواب والأزواج والحور العين، لكلّ رجل منهم في الجنة كذا وكذا، بين كل جنة كذا وكذا، بين أدناها وأقصاها ألف سنة هو يرى أقصاها كما يرى أدناها؛ قال: ويستقبله رجل حسن الهيئة إذا نظر إليه مُقبلا حسب أنه ربه، فيقول له: لا تفعل إنما إنا عبدك وقَهْرَمَانك على ألف قرية قال: يقول عمر: يا كعب ألا تسمع ما يحدّث به عبد الله؟.
حدثنا ابن جَبَلة، قال: ثنا يحيى بن حماد، قال: ثنا أبو عوانة، قال: ثنا سليمان الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة وقيس بن سكن، قالا قال عبد الله وهو يحدّث عمر، قال: وجعل عمر يقول: ويحك يا كعب، ألا تسمع ما يقول عبد الله؟ " إذا حسر الناس على أرجلهم أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء، لا يكلمهم بشر، والشمس على رءوسهم حتى يلجمهم العرق، كلّ برّ منهم وفاجر، ثم ينادي منادٍ من السماء: يا أيها الناس أليس عدلا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وصوّركم، ثم توليتم غيره، أن يولي كلّ رجل منكم ما تولى؟ فيقولون: بلى؛ ثم ينادي مناد من السماء: يا أيها الناس، فلتنطلق كلّ أمة إلى ما كانت تعبد، قال: ويبسط لهم السراب، قال: فيمثل لهم ما كانوا يعبدون، قال: فينطلقون حتى يلجوا النار، فيقال للمسلمين: ما يحبسكم؟ فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فيقال لهم: هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون: إن اعترف لنا عرفناه.
قال وثني أبو صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "...حتى إن أحدهم ليلتفّ فيكشف عن ساق، فيقعون سجودا، قال: وتُدْمَج أصلاب المنافقين حتى تكون عظما واحدا، كأنها صياصي البقر، قال: فيقال لهم: أرفعوا رءوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم؛ قال: فترفع طائفة منهم رءوسهم إلى مثل الجبال من النور، فيمرون على الصراط كطرف العين، ثم ترفع أخرى رءوسهم إلى أمثال القصور، فيمرون على الصراط كمرّ الريح، ثم يرفع آخرون بين أيديهم أمثال البيوت، فيمرّون كمرّ الخيل؛ ثم يرفع آخرون إلى نور دون ذلك، فيشدّون شدّا؛ وآخرون دون ذلك يمشون مشيا حتى يبقى آخر الناس رجل على أنملة رجله مثل السراج، فيخرّ مرة، ويستقيم أخرى، وتصيبه النار فتشعث منه حتى يخرج، فيقول: ما أعطي أحد ما أعطيت، ولا يدري مما نجا، غير أني وجدت مسها، وإني وجدت حرّها " وذكر حديثا فيه طول اختصرت هذا منه.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا جعفر بن عون، قال: ثنا هشام بن سعد، قال: ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخُدْريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ألا لتلحق كلّ أمة بما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد صنما ولا وثنا ولا صورة إلا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار، ويبقى من كان يعبد الله وحده من برّ وفاجر، وغبرات أهل الكتاب ثم تعرض جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، ثم تدعى اليهود، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: عزَير ابن الله، فيقول: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظمئنا فيقول: أفلا تردون فيذهبون حتى يتساقطوا في النار، ثم تدعى النصارى، فيقال: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: المسيح ابن الله، فيقول: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظمئنا اسقنا، فيقول: أفلا تردون، فيذهبون فيتساقطون في النار، فيبقى من كان يعبد الله من برّ وفاجر قال: ثم يتبدّى الله لنا في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أوّل مرّة، فيقول: أيها الناس لحقت كلّ أمة بما كانت تعبد، وبقيتم أنتم فلا يكلمه يومئذ إلا الأنبياء، فيقولون: فارقنا الناس في الدنيا، ونحن كنا إلى صحبتهم فيها أحوج لحقت كلّ أمة بما كانت تعبد، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، فيقول: هل بينكم وبين الله آية تعرفونه بها؟ فيقولون نعم، فيكشف عن ساق، فيخرّون سجدًا أجمعون، ولا يبقى أحد كان سجد في الدنيا سمعة ولا رياء ولا نفاقا، إلا صار ظهره طبقا واحدا، كلما أراد أن يسجد خرّ على قفاه؛ قال: ثم يرجع يرفع برّنا ومسيئنا، وقد عاد لنا في صورته التي رأيناه فيها أوّل مرّة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعم أنت ربنا ثلاث مرات ".
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثني أبي وسعيد بن الليث، عن الليث، قال: ثنا خالد بن يزيد، عن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يُنادِي مُنادِيهِ فَيَقُول: لِيَلْحَقْ كل قَوْمٍ بِمَا كانُوا يَعْبُدُونَ فَيَذْهَبُ أصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وأصْحَاب الأوْثَانِ مَعَ أوْثانِهِم، وأصحَابُ كُلّ آلهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ، حتى يَبْقَى مَنْ كانَ يَعْبُدُ اللهَ مِنْ بَرّ وَفاجِرٍ وَغبَّرَاتِ (10) أهْل الكِتابِ، ثُمَّ يُؤْتي بِجَهنم تَعْرِضُ كأنَّها سَرَابٌ" ثم ذكر نحوه، غير أنه قال " فإنَّا نَنْتَظِرُ رَبَّنا فقال: إن كان قاله فيأتيهم الجبار "، ثم حدثنا الحديث نحو حديث المسروقي.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الرحمن المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافع المدنيّ، عن يزيد بن أبي زياد عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يأْخُذُ اللهُ للْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ حتى إذَا لَمْ يَبْقَ تبعه لأحَدٍ عِنْدَ أحَدٍ جَعَلَ اللهُ مَلَكا مِنَ المَلائِكَةِ على صُورَةِ عُزَيْرٍ، فَتَتْبَعُهُ اليهُودُ، وَجَعَلَ اللهُ مَلَكا مِنَ المَلائِكَةِ على صُورَةِ عيسَى فَتَتْبَعُهُ النَّصَارَى، ثم نادى مُنَادٍ أسمَعَ الخَلائِقَ كُلَّهُمْ، فَقالَ: ألا لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بآلِهَتِهِمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله، فَلا يَبْقَى أحَدٌ كانَ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ شَيْئا إلا مُثِّلَ لَهُ آلِهَتُهُ بَينَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قادَتْهُمْ إلى النَّارِ حتى إذَا لَمْ يَبْقَ إلا المُؤْمِنُون فِيهِمُ المُنافِقُون قالَ اللهُ جَل ثَناؤُهُ أيُّها النَّاسُ ذَهَبَ النَّاسُ، ذَهَبَ النَّاسُ، الْحَقُوا بآلِهَتِكُمْ وَما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فَيَقُولُونَ وَاللهِ مالَنا إلَهٌ إلا الله وَما كُنَّا نَعْبُدُ إلَها غَيْرَه، وَهُوَ اللهُ ثَبَّتَهُمْ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُمُ الثَّانِيَةَ مِثْلَ ذلكَ: الْحَقُوا بآلِهَتِكُم وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ مِثْلَ ذلكَ، فَيُقَالُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَينَ رَبِّكُم ْ مِنْ آيةٍ تَعْرِفُونَها؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ مِنْ عَظَمَتِهِ ما يَعْرِفُونَهُ أنَّه رَبُّهُمْ فَيَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا على وُجُوهِهمْ وَيَقَعُ كُلُّ مُنافِقٍ على قَفاهُ، وَيَجْعَلُ اللهُ أصْلابَهُمْ كَصَيَاصِي البَقَر ".
وحدثني أبو زيد عمر بن شبة، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو سعيد روح بن جناح، عن مولى لعمر بن عبد العزيز، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: " عن نور عظيم، يخرّون له سجدًا ".
حدثني جعفر بن محمد البزورِيُّ، قال: ثنا عبيد الله، عن أبي جعفر، عن الربيع في قوله الله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: يكشف عن الغطاء، قال: ويُدْعَوْنَ إلى السجود وهم سالمون.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا ابن المبارك، عن أُسامة بن زيد، عن عكرمة، في قوله: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) قال: هو يومُ كربٍ وشدّة. وذُكر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ) بمعنى: يوم تكشف القيامة عن شدّة شديدة، والعرب تقول: كشف هذا الأمرُ عن ساق: إذا صار إلى شدّة؛ ومنه قول الشاعر:
كَشَـــفَتْ لَهُــمْ عَــن ســاقِها
وَبَـــدَا مِــنَ الشَّــرِّ الصَّــرَاحُ (11)
وقوله: ( وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ) يقول: ويدعوهم الكشف عن الساق إلى السجود لله تعالى فلا يطيقون ذلك.
------------------------
الهوامش:
(9) هذا بيت من الرجز المشطور. أنشده المؤلف عند قوله تعالى: ( يوم يكشف عن ساق ) أي: أمر عظيم. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 179) ( يوم يكشف عن ساق ) إذا اشتد الحرب والأمر، قيل: قد كشف الأمر عن ساقه.
(10) في النهاية لابن الأثير: للغبرات جمع غبر، وهو من الغابر الباقي . وفي السان: وغبر كل شيء " بقيته.
(11) البيت لجد طرفة كما قال الفراء في معاني القرآن (الورقة 340) قال عند قوله تعالى: ( يوم يكشف عن ساق ) القراء مجتمعون على رفع الياء. وبسنده إلى ابن عباس: أنه قرأ: (يوم تكشف) "بالتاء مفتوحة"، يريد القيامة والساعة لشدتها. قال: وأنشدني بعض العرب لجد طرفة: وهو سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة جد طرفة بن العبد:
كشـــفت لهــم عــن ســاقها
وبـــدا مـــن الشــر الــبراح
وروايته في (اللسان: سوق) عن ديوان الحماسة: "الصراح" في موضع "البراح".
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يكشف:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الياء، مبنيا للفاعل، وهى قراءة عبد الله بن أبى عبلة.
3- بالنون، مبنيا للفاعل، وهى قراءة ابن عباس، وابن مسعود، وابن هرمز.
4- بالياء المضمومة، وكسر الشين، من «أكشف» .