ترتيب المصحف | 2 | ترتيب النزول | 87 |
---|---|---|---|
التصنيف | مدنيّة | عدد الصفحات | 48.00 |
عدد الآيات | 286 | عدد الأجزاء | 2.40 |
عدد الأحزاب | 4.80 | عدد الأرباع | 19.25 |
ترتيب الطول | 1 | تبدأ في الجزء | 1 |
تنتهي في الجزء | 3 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 1/29 | آلم: 1/6 |
بعدَ ذكرِ وجوبِ الجهادِ تأتي قصَّةُ طالوتَ وجالوتَ كَنُموذجٍ عَمليٍ (قصَّةُ قومٍ من بني إسرائيلَ لمَّا فُرِضَ عليهم القتالُ كما طلبُوا تخلَّفُوا عن الجهادِ وجَبُنوا وأعرضُوا إلا قليلًا منهم).
لمَّا طلبُوا من نبيِّهم أن يختارَ لهم ملِكًا يقاتلونَ معه في سبيلِ اللهِ عَيَّنَ لهم طالوتَ فأعترضُوا بأنَّهم أولى منه وأحقُّ، فردَّ عليهم، ثُمَّ ذكرَ لهم علامةً على أنَّ اللهَ اختارَهُ لهم.
التفسير :
يقص تعالى على نبيه قصة الملأ من بني إسرائيل وهم الأشراف والرؤساء، وخص الملأ بالذكر، لأنهم في العادة هم الذين يبحثون عن مصالحهم ليتفقوا فيتبعهم غيرهم على ما يرونه، وذلك أنهم أتوا إلى نبي لهم بعد موسى عليه السلام فقالوا له{ ابعث لنا ملكا} أي:عيِّن لنا ملكا{ نقاتل في سبيل الله} ليجتمع متفرقنا ويقاوم بنا عدونا، ولعلهم في ذلك الوقت ليس لهم رئيس يجمعهم، كما جرت عادة القبائل أصحاب البيوت، كل بيت لا يرضى أن يكون من البيت الآخر رئيس، فالتمسوا من نبيهم تعيين ملك يرضي الطرفين ويكون تعيينه خاصا لعوائدهم، وكانت أنبياء بني إسرائيل تسوسهم، كلما مات نبي خلفه نبي آخر، فلما قالوا لنبيهم تلك المقالة{ قال} لهم نبيهم{ هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا} أي:لعلكم تطلبون شيئا وهو إذا كتب عليكم لا تقومون به، فعرض عليهم العافية فلم يقبلوها، واعتمدوا على عزمهم ونيتهم، فقالوا:{ وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا} أي:أي شيء يمنعنا من القتال وقد ألجأنا إليه، بأن أخرجنا من أوطاننا وسبيت ذرارينا، فهذا موجب لكوننا نقاتل ولو لم يكتب علينا، فكيف مع أنه فرض علينا وقد حصل ما حصل، ولهذا لما لم تكن نياتهم حسنة ولم يقوَ توكلهم على ربهم{ فلما كتب عليهم القتال تولوا} فجبنوا عن قتال الأعداء وضعفوا عن المصادمة، وزال ما كانوا عزموا عليه، واستولى على أكثرهم الخور والجبن{ إلا قليلا منهم} فعصمهم الله وثبتهم وقوى قلوبهم فالتزموا أمر الله ووطنوا أنفسهم على مقارعة أعدائه، فحازوا شرف الدنيا والآخرة، وأما أكثرهم فظلموا أنفسهم وتركوا أمر الله، فلهذا قال:{ والله عليم بالظالمين}ـ
ثم ساق القرآن قصة من قصص بنى إسرائيل مع أنبيائهم، فيها العظات والعبر، وملخص هذه القصة: أن قوما من بنى إسرائيل كانوا قد انهزموا أمام أعدائهم هزيمة منكرة جعلتهم يولون الأدبار تاركين ديارهم وأبناءهم، فقالوا لنبي لهم بعد أن ذاقوا مرارة الهزيمة: أبعث لنا ملكا يقودنا للقتال في سبيل الله، فقال لهم نبيهم بعد أن حذرهم من عاقبة الجبن والكذب:
إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً فاعترضوا على هذا الاختيار، ونقصوا من شأن من اختاره الله قائدا لهم، ولكن نبيهم ساق لهم من الحجج التي تدل على صلاحية طالوت لهذا المنصب ما أخرس ألسنتهم.. ثم سار طالوت بجنوده لقتال أعدائه، وفي الطريق قال لمن معه إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ثم بعد هذه المخالفة جبن أكثرهم عن قتال أعدائهم وقالوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ولكن الفئة القليلة المؤمنة منهم استطاعت أن تنتصر على كل عقبة في طريقها، وأن تقاتل أعداءها بشجاعة وصبر واعتماد على الله، فكانت النتيجة أن انتصرت الفئة القليلة المؤمنة بقيادة طالوت على الفئة الكثيرة الكافرة بقيادة جالوت. هذا تلخيص لتلك القصة العامرة بالعظات، ولعل من الخير قبل أن نبدأ في تفسير آياتها أن نقرأها بتدبر وتأمل كما صورها القرآن بأسلوبه البليغ المؤثر.
وقوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إلخ استئناف ثان بعد قوله قبل ذلك: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وقد سيق هذا الاستئناف مساق الاستدلال لقوله- تعالى-: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حتى تتشجع النفوس على الجهاد، وتهون عليها المصاعب في سبيل حياة العزة والكرامة.
والْمَلَإِ الأشراف من الناس. وهو اسم للجماعة لا واحد له من لفظه. وإنما سمى الأشراف بذلك لأن هيبتهم تملأ الصدور، أو لأنهم يتمالؤون أى يتعاونون في شئونهم. وأصل الباب الاجتماع بما لا يحتمل المزيد.
والمعنى: كما سبق أن بينا في قوله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا. قد علمت أيها العاقل حال أولئك القوم من بنى إسرائيل الذين كانوا بعد وفاة موسى- عليه السلام- إذ قالوا لنبي لهم أقم لنا أميرا لكي نقاتل معه في سبيل الله. ومن لم يعلم فها نحن أولاء نعلمه بحالهم فعليه أن يعتبر ويتعظ.
فقوله: مِنْ بَعْدِ مُوسى بيان للزمن الذي كان يعيش فيه أولئك الملأ من بنى إسرائيل والمراد بالنبي الذي قالوا له ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ على الراجح- «شمويل بن حنة» وكان السبب في طلبهم هذا من نبيهم أن العمالقة أتباع جالوت كانوا قد أخرجوهم من ديارهم، وأنزلوا بهم هزائم شديدة، فطلبوا منه ذلك لكي يستردوا مجدهم الضائع، وعزهم المسلوب، على يد هذا القائد المختار من جهة نبيهم.
وفي الإتيان بلفظ هذا النبي بصيغة التنكير إشارة إلى أن محل العبرة ليس هو شخص النبي وإنما المقصود معرفة حال أولئك القوم، وما جرى لهم مع نبيهم من أحداث من شأنها أن تدعو إلى الاعتبار والاتعاظ. وهذه طريقة القرآن في سرد القصص لا يهتم بالأشخاص والأزمان إلا بالقدر الذي يستدعيه المقام. أما الاهتمام الأكبر فيجعله لما اشتملت عليه القصة من وجوه العظات والعبر.
ويبدو أنه كان يتوجس منهم خيفة لأنه أعرف بطبيعتهم، فنراه يقول لهم كما حكى القرآن عنه: قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا.
فالاستفهام للتقرير والتحذير. أى إنى أتوقع عدم قتالكم إذا فرض عليكم القتال، فراجعوا أنفسكم وقوتكم قبل أن تطلبوا هذا الطلب، لأنه إذا فرض عليكم ثم نكصتم على أعقابكم فإن عاقبتكم ستكون شرا لا شك في ذلك.
وعسى هنا بمعنى التوقع والمقاربة، والجملة استئناف بيانى.
قال صاحب الكشاف والمعنى: هل قاربتم ألا تقاتلوا؟ يعنى هل الأمر كما أتوقعه أنكم لا تقاتلون؟ أراد أن يقول: عسيتم ألا تقاتلوا بمعنى أتوقع جبنكم عن القتال فأدخل هَلْ مستفهما عما هو متوقع عنده ومظنون وأراد بالاستفهام التقرير وتثبيت أن المتوقع كائن وأنه صائب في توقعه. وخبر عَسَيْتُمْ: «ألا تقاتلوا» والشرط فاصل بينهما» .
ثم حكى القرآن ردهم على نبيهم فقال: قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا.
أى قال الملأ من بنى إسرائيل على سبيل الإنكار والتعجب مما قاله نبيهم: وأى صارف يصرفنا عن القتال وحالنا كما ترى؟ إننا قد أخرجنا من ديارنا وحيل بيننا وبين أبنائنا وفلذات قلوبنا فكيف لا نقاتل مع أن الدواعي موجودة، والبواعث متوفرة، والأسباب مهيئة؟ فأنت تراهم في إجابتهم هذه يستنكرون ما توقعه نبيهم منهم، ويجزمون بأن الطريق الوحيد لعزتهم إنما هو القتال وأن هذا الأمر لا مراجعة فيه ولا جدال. وهكذا شأن الجبناء والمغرورين في كل زمان ومكان يرحبون بالمعارك قبل قدومها فإذا ما جد الجد كذبت أعمالهم أقوالهم، وأعطوا أدبارهم لأعدائهم! ثم حكى القرآن أن نبيهم كان صادقا فيما توقعه منهم من جبن وكذب، وأنهم قوم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم فقال- تعالى-: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ.
أى: فحين فرض عليهم القتال بعد أن الحوا في طلبه، أعرضوا عنه، ونفروا منه إلا عددا قليلا منهم فإنه ثبت على الحق، ووفى بعهده.
قال الآلوسى: وقوله إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وهم الذين جاوزوا النهر وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر عدة أهل بدر على ما أخرجه البخاري عن البراء- رضي الله عنه- والقلة إضافية فلا يرد وصف هذا العدد أحيانا بأنه جم غفير.
ثم ختم الله- تعالى- الآية بقوله: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ لإفادة الوعيد الشديد لهؤلاء الذين نقضوا عهودهم، ونكصوا عن القتال عند ما فرض عليهم، ولكل من يفعل فعلهم، وسار على طريقهم.
أى: والله- تعالى- عليم بالظالمين الذين يظلمون أنفسهم وأمتهم بترك الجهاد، وبترك ما أمرهم الله به بعد أن عاهدوه على عدم الترك.
قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : هذا النبي هو يوشع بن نون . قال ابن جرير : يعني ابن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب . وهذا القول بعيد ; لأن هذا كان بعد موسى بدهر طويل ، وكان ذلك في زمان داود عليه السلام ، كما هو مصرح به في القصة وقد كان بين داود وموسى ما ينيف عن ألف سنة والله أعلم .
وقال السدي : هو شمعون وقال مجاهد : هو شمويل عليه السلام . وكذا قال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه وهو : شمويل بن بالي بن علقمة بن يرخام بن إليهو بن تهو بن صوف بن علقمة بن ماحث بن عموصا بن عزريا بن صفنيه بن علقمة بن أبي ياسف بن قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام .
وقال وهب بن منبه وغيره : كان بنو إسرائيل بعد موسى عليه السلام على طريق الاستقامة مدة الزمان ، ثم أحدثوا الأحداث وعبد بعضهم الأصنام ، ولم يزل بين أظهرهم من الأنبياء من يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويقيمهم على منهج التوراة إلى أن فعلوا ما فعلوا فسلط الله عليهم أعداءهم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وأسروا خلقا كثيرا وأخذوا منهم بلادا كثيرة ، ولم يكن أحد يقاتلهم إلا غلبوه وذلك أنهم كان عندهم التوراة والتابوت الذي كان في قديم الزمان وكان ذلك موروثا لخلفهم عن سلفهم إلى موسى الكليم عليه الصلاة والسلام فلم يزل بهم تماديهم على الضلال حتى استلبه منهم بعض الملوك في بعض الحروب وأخذ التوراة من أيديهم ولم يبق من يحفظها فيهم إلا القليل وانقطعت النبوة من أسباطهم ولم يبق من سبط لاوي الذي يكون فيه الأنبياء إلا امرأة حامل من بعلها وقد قتل فأخذوها فحبسوها في بيت واحتفظوا بها لعل الله يرزقها غلاما يكون نبيا لهم ولم تزل [ تلك ] المرأة تدعو الله عز وجل أن يرزقها غلاما فسمع الله لها ووهبها غلاما ، فسمته شمويل : أي : سمع الله . ومنهم من يقول : شمعون وهو بمعناه فشب ذلك الغلام ونشأ فيهم وأنبته الله نباتا حسنا فلما بلغ سن الأنبياء أوحى الله إليه وأمره بالدعوة إليه وتوحيده ، فدعا بني إسرائيل فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكا يقاتلون معه أعداءهم وكان الملك أيضا قد باد فيهم فقال لهم النبي : فهل عسيتم إن أقام الله لكم ملكا ألا تفوا بما التزمتم من القتال معه ( قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا ) أي : وقد أخذت منا البلاد وسبيت الأولاد ؟ قال الله تعالى : ( فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين ) أي : ما وفوا بما وعدوا بل نكل عن الجهاد أكثرهم والله عليم بهم .
القول في تأويل قوله : أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ألم تر "، ألم تر، يا محمد، بقلبك, (1) فتعلم بخبري إياك، يا محمد=" إلى الملأ "، يعني: إلى وجوه بني إسرائيل وأشرافهم ورؤسائهم=" من بعد موسى "، يقول: من بعد ما قبض موسى فمات=" إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ". فذكر لي أن النبي الذي قال لهم ذلك شمويل (2) بن بالى (3) بن علقمة (4) بن يرحام (5) بن إليهو (6) بن تهو بن &; 5-292 &; صوف (7) بن علقمة بن ماحث (8) بن عموصا (9) بن عزريا بن صفنية (10) بن علقمة بن أبي ياسف (11) بن قارون (12) بن يصهر (13) بن قاهث (14) بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
5626- حدثنا بذلك ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, (15) عن وهب بن منبه.
5627- وحدثني أيضا المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهب بن منبه يقول: هو شمويل، هو شمويل- ولم ينسبه كما نسبه ابن إسحاق. (16)
* * *
وقال السدي: بل اسمه شمعون. وقال: إنما سمي" شمعون "، لأن أمه دعت الله أن يرزقها غلاما, فاستجاب الله لها دعاءها، فرزقها, فولدت غلاما فسمته &; 5-293 &; " شمعون "، تقول: الله تعالى سمع دعائي.
5628- حدثني [بذلك] موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي. (17)
* * *
فكأن " شمعون "" فعلون " عند السدي, من قولها: إنَّه سمع الله دعاءها. (18)
* * *
5629- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله: " ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم "، قال: شمؤل. (19)
* * *
وقال آخرون : بل الذي سأله قومه من بني إسرائيل أن يبعث لهم ملكا يقاتلون في سبيل الله، يوشع (20) بن نون بن أفراثيم (21) بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
5630- حدثني بذلك الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ ، قال: كان نبيهم الذي بعد موسى يوشع بن نون، قال: وهو أحد الرجلين اللذين أنعم الله عليهما. (22)
* * *
وأما قوله: " ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" ، فاختلف أهل التأويل في &; 5-294 &; السبب الذي من أجله سأل الملأ من بني إسرائيل نبيهم ذلك.
فقال بعضهم: كان سبب مسألتهم إياه، ما: -
5631- حدثنا به محمد بن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثني محمد بن إسحاق, عن وهب بن منبه قال: خلف بعد موسى في بني إسرائيل يوشع بن نون، يقيم فيهم التوراة وأمر الله حتى قبضه الله. ثم خلف فيهم كالب بن يوفنا (23) يقيم فيهم التوراة وأمر الله حتى قبضه الله تعالى. ثم خلف فيهم حزقيل (24) بن بوزي، وهو ابن العجوز. ثم إن الله قبض حزقيل, وعظمت في بني إسرائيل الأحداث, ونسوا ما كان من عهد الله إليهم, حتى نصبوا الأوثان وعبدوها من دون الله. فبعث الله إليهم إلياس (25) بن نسى (26) بن فنحاص (27) بن العيزار (28) بن هارون بن عمران نبيا. وإنما كانت الأنبياء من بني إسرائيل بعد موسى، يبعثون إليهم بتجديد ما نسوا من التوراة. وكان إلياس مع ملك من ملوك بني إسرائيل يقال له أحاب, (29) وكان يسمع منه ويصدقه. فكان إلياس يقيم له أمره. وكان سائر بني إسرائيل قد اتخذوا صنما يعبدونه من دون الله, فجعل إلياس يدعوهم إلى الله, وجعلوا لا يسمعون منه شيئا, إلا ما كان من ذلك الملك. والملوك متفرقة بالشام, كل ملك &; 5-295 &; له ناحية منها يأكلها. (30) فقال ذلك الملك= الذي كان إلياس معه يقوم له أمره، ويراه على هدى من بين أصحابه = يوما: يا إلياس، والله ما أرى ما تدعو إليه الناس إلا باطلا! والله ما أرى فلانا وفلانا- وعدد ملوكا من ملوك بني إسرائيل (31) - قد عبدوا الأوثان من دون الله، إلا على مثل ما نحن عليه, يأكلون ويشربون ويتنعمون مملكين، (32) ما ينقص من دنياهم [أمرهم الذي تزعم أنه باطل]؟ (33) وما نرى لنا عليهم من فضل. ويزعمون - (34) والله أعلم - أن إلياس استرجع وقام شعر رأسه وجلده، ثم رفضه وخرج عنه. ففعل ذلك الملك فعل أصحابه, عبد الأوثان, وصنع ما يصنعون. (35) ثم خلف من بعده فيهم اليسع, (36) فكان فيهم ما شاء الله أن يكون, ثم قبضه الله إليه. وخلفت فيهم الخلوف, وعظمت فيهم الخطايا, وعندهم التابوت يتوارثونه كابرا عن كابر, فيه السكينة وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون. فكانوا لا يلقاهم عدو فيقدمون التابوت ويزحفون به معهم, (37) إلا هزم الله ذلك العدو. (38) ثم خلف فيهم ملك يقال له إيلاء , (39) وكان الله قد بارك لهم في جبلهم &; 5-296 &; من إيليا، لا يدخله عليهم عدو، ولا يحتاجون معه إلى غيره. وكان أحدهم -فيما يذكرون- يجمع التراب على الصخرة, ثم ينبذ فيه الحب , فيخرج الله له ما يأكل سنته هو وعياله. ويكون لأحدهم الزيتونة، فيعتصر منها ما يأكل هو وعياله سنته. فلما عظمت أحداثهم، وتركوا عهد الله إليهم, نـزل بهم عدو فخرجوا إليه, وأخرجوا معهم التابوت كما كانوا يخرجونه, ثم زحفوا به, فقوتلوا حتى استلب من بين أيديهم. فأتى ملكهم إيلاء فأخبر أن التابوت قد أخذ واستلب, فمالت عنقه, فمات كمدا عليه. فمرج أمرهم عليهم، (40) ووطئهم عدوهم, حتى أصيب من أبنائهم ونسائهم. (41) وفيهم نبي لهم قد كان الله بعثه إليهم، فكانوا لا يقبلون منه شيئا، يقال له " شمويل ", (42) وهو الذي ذكر الله لنبيه محمد: " ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله " إلى قوله: وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ، يقول الله: فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ ، إلى قوله: إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .
= قال ابن إسحاق: فكان من حديثهم فيما حدثني به بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه: أنه لما نـزل بهم البلاء ووطئت بلادهم, كلموا نبيهم شمويل بن بالي فقالوا: " ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ". وإنما كان قوام بني إسرائيل الاجتماع على الملوك, وطاعة الملوك أنبياءهم. وكان الملك هو يسير بالجموع، والنبي يقوم له أمره ويأتيه بالخبر من ربه. فإذا فعلوا ذلك صلح أمرهم, فإذا عتت ملوكهم وتركوا أمر أنبيائهم فسد أمرهم. فكانت الملوك إذا تابعتها الجماعة على الضلالة تركوا أمر &; 5-297 &; الرسل, ففريقا يكذبون فلا يقبلون منه شيئا, وفريقا يقتلون. فلم يزل ذلك البلاء بهم حتى قالوا له: " ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ". فقال لهم: إنه ليس عندكم وفاء ولا صدق ولا رغبة في الجهاد. فقالوا: إنما كنا نهاب الجهاد ونـزهد فيه، أنا كنا ممنوعين في بلادنا لا يطؤها أحد، فلا يظهر علينا فيها عدو, فأما إذ بلغ ذلك، فإنه لا بد من الجهاد, فنطيع ربنا في جهاد عدونا، ونمنع أبناءها ونساءنا وذرارينا.
5632- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: " ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل " إلى: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ، قال الربيع: ذكر لنا -والله أعلم- أن موسى لما حضرته الوفاة، استخلف فتاه يوشع بن نون على بني إسرائيل, وأن يوشع بن نون سار فيهم بكتاب الله التوراة وسنة نبيه موسى. ثم إن وشع بن نون توفي، واستخلف فيهم آخر, فسار فيهم بكتاب الله وسنة نبيه موسى صلى الله عليه وسلم. ثم استخلف آخر فسار فيهم بسيرة صاحبيه. ثم استخلف آخر فعرفوا وأنكروا. ثم استخلف آخر، فأنكروا عامة أمره. ثم استخلف آخر فأنكروا أمره كله. ثم إن بني إسرائيل أتوا نبيا من أنبيائهم حين أوذوا في أنفسهم وأموالهم, (43) فقالوا له: سل ربك أن يكتب علينا القتال! فقال لهم ذلك النبي: هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا ، إلى قوله: وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ .
5633- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج في قوله: " ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا "، قال قال ابن عباس: هذا حين رفعت التوراة واستخرج أهل الإيمان, وكانت الجبابرة قد أخرجتهم من ديارهم وأبنائهم. (44)
&; 5-298 &;
5634- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله : " إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا "، قال: هذا حين رفعت التوراة واستخرج أهل الإيمان.
* * *
وقال آخرون: كان سبب مسألتهم نبيهم ذلك, ما: -
5635- حدثني به موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله "، قال: كانت بنو إسرائيل يقاتلون العمالقة, وكان ملك العمالقة جالوت، (45) وأنهم ظهروا على بني إسرائيل فضربوا عليهم الجزية وأخذوا توراتهم. وكانت بنو إسرائيل يسألون الله أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه. وكان سبط النبوة قد هلكوا, فلم يبق منهم إلا امرأة حبلى, فأخذوها فحبسوها في بيت، رهبة أن تلد جارية فتبدلها بغلام, لما ترى من رغبة بني إسرائيل في ولدها. فجعلت المرأة تدعو الله أن يرزقها غلاما, فولدت غلاما فسمته شمعون. (46) فكبر الغلام، فأرسلته يتعلم التوراة في بيت المقدس, (47) وكفله شيخ من علمائهم وتبناه. فلما بلغ الغلام أن يبعثه الله نبيا، أتاه جبريل والغلام نائم إلى جنب الشيخ= وكان لا يتمن عليه أحدا غيره= (48) فدعاه بلحن الشيخ: " يا شماول!"، (49) فقام &; 5-299 &; الغلام فزعا إلى الشيخ, فقال: يا أبتاه، دعوتني؟ فكره الشيخ أن يقول: " لا " فيفزع الغلام, فقال: يا بني ارجع فنم! فرجع فنام. ثم دعاه الثانية, فأتاه الغلام أيضا فقال: دعوتني؟ فقال: ارجع فنم, فإن دعوتك الثالثة فلا تجبني! فلما كانت الثالثة، ظهر له جبريل فقال: اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك, فإن الله قد بعثك فيهم نبيا. فلما أتاهم كذبوه وقالوا: استعجلت بالنبوة ولم تئن لك! (50) وقالوا: إن كنت صادقا فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، آية من نبوتك! فقال لهم شمعون: عسى إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا. (51)
* * *
قال أبو جعفر: وغير جائز في قول الله تعالى ذكره: " نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" إذا قرئ " بالنون " غير الجزم، على معنى المجازاة وشرط الأمر. فإن ظن ظان أن الرفع فيه جائز وقد قرئ بالنون، بمعنى: الذي نقاتل به في سبيل الله, (52) فإن ذلك غير جائز. لأن العرب لا تضمر حرفين. (53) ولكن لو كان قرئ ذلك " بالياء " لجاز رفعه, لأنه يكون لو قرئ كذلك صلة ل " الملك ", فيصير تأويل الكلام حينئذ: ابعث لنا الذي يقاتل في سبيل الله, كما قال تعالى ذكره: وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ [سورة البقرة: 129]، لأن قوله يَتْلُو من صلة الرسول. (54)
&; 5-300 &;
القول في تأويل قوله : قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: قال النبي الذي سألوه أن يبعث لهم ملكا يقاتلوا في سبيل الله: " هل عسيتم "، هل، تعدون (55) " إن كتب ", يعني: إن فرض عليكم القتال (56) =" ألا تقاتلوا "، يعني: أن لا تفوا بما تعدون الله من أنفسكم، من الجهاد في سبيله، فإنكم أهل نكث وغدر وقلة وفاء بما تعدون؟=" قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله "، يعني: قال الملأ من بني إسرائيل لنبيهم ذلك: وأي شيء يمنعنا أن نقاتل في سبيل الله عدونا وعدو الله=" وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا "، بالقهر والغلبة؟
* * *
فإن قال لنا قائل: وما وجه دخول " أن " في قوله: " وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله "، وحذفه من قوله: وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ ؟ [سورة الحديد: 8]
قيل: هما لغتان فصيحتان للعرب: تحذف " أن " مرة مع قولها: (57) " ما لك ", فتقول: " ما لك لا تفعل كذا "، بمعنى: ما لك غير فاعله, كما قال الشاعر: (58)
* ما لك ترغين ولا ترغو الخلف *
&; 5-301 &;
وذلك هو الكلام الذي لا حاجة بالمتكلم به إلى الاستشهاد على صحته، لفشو ذلك على ألسن العرب.
= وتثبت " أن " فيه أخرى, توجيها لقولها: " ما لك " إلى معناه, إذ كان معناه: ما منعك؟ كما قال تعالى ذكره: مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ [سورة الأعراف: 12]، ثم قال في سورة أخرى في نظيره : مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ [سورة الحجر: 32]، فوضع " مَا مَنَعَكَ " موضع " ما لك "، و " ما لك " موضع " ما منعك "، لاتفاق معنييهما، وإن اختلفت ألفاظهما, كما تفعل العرب ذلك في نظائره مما تتفق معانيه وتختلف ألفاظه, كما قال الشاعر: (59)
يقـول إذا اقلـولى عليهـا وأقـردت:
ألا هــل أخــو عيش لذيـذ بـدائم? (60)
&; 5-302 &; فأدخل في" دائم "" الباء " مع " هل "، وهي استفهام. وإنما تدخل في خبر " ما " التي في معنى الجحد، لتقارب معنى الاستفهام والجحد. (61)
* * *
وكان بعض أهل العربية يقول: (62) أدخلت " أن " في: " ألا تقاتلوا "، لأنه بمعنى قول القائل: ما لك في ألا تقاتل. ولو كان ذلك جائزا، لجاز أن يقال: " ما لك أن قمت= وما لك أنك قائم "، وذلك غير جائز. لأن المنع إنما يكون للمستقبل من الأفعال, كما يقال: " منعتك أن تقوم "، ولا يقال: " منعتك أن قمت "، فلذلك قيل في" مالك ": " مالك ألا تقوم " ولم يقل: " ما لك أن قمت ".
* * *
وقال آخرون منهم: (63) " أن " ها هنا زائدة بعد " ما لنا "، كما تزاد بعد " لما " و " لو "، (64) وهي تزاد في هذا المعنى كثيرا. قال: ومعناه: وما لنا لا نقاتل في سبيل الله؟ فأعمل " أن " وهي زائدة، وقال الفرزدق:
لـو لـم تكـن غطفـان لا ذنوب لها
إذن لــلام ذوو أحســابها عمــرا (65)
&; 5-303 &;
والمعنى: لو لم تكن غطفان لها ذنوب=" ولا " زائدة فأعملها. (66)
= وأنكر ما قال هذا القائل من قوله الذي حكينا عنه، آخرون. وقالوا: غير جائز أن تجعل " أن " زائدة في الكلام وهو صحيح في المعنى وبالكلام إليه الحاجة قالوا: والمعنى: ما يمنعنا ألا نقاتل- فلا وجه لدعوى مدع أن " أن " زائدة, معنى مفهوم صحيح. قالوا: وأما قوله:
* لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها *
&; 5-304 &;
= فإن " لا " غير زائدة في هذا الموضع, لأنه جحد, والجحد إذا جحد صار إثباتا. قالوا: فقوله: " لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها "، إثبات الذنوب لها, كما يقال: " ما أخوك ليس يقوم "، بمعنى: هو يقوم.
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: " ما لنا ألا نقاتل ": ما لنا ولأن لا نقاتل, ثم حذفت " الواو " فتركت, كما يقال في الكلام: " ما لك ولأن تذهب إلى فلان "، فألقي منها " الواو ", لأن " أن " حرف غير متمكن في الأسماء. وقالوا: نجيز أن يقال: " ما لك أن تقوم "، ولا نجيز: " ما لك القيام "، لأن القيام اسم صحيح و " أن " اسم غير صحيح. وقالوا: قد تقول العرب: " إياك أن تتكلم "، بمعنى: إياك وأن تتكلم.
* * *
وأنكر ذلك من قولهم آخرون وقالوا: لو جاز أن يقال ذلك على التأويل الذي تأوله قائل من حكينا قوله, لوجب أن يكون جائزا: " ضربتك بالجارية وأنت كفيل ", بمعنى: وأنت كفيل بالجارية= وأن تقول: " رأيتك إيانا وتريد ", بمعنى : " رأيتك وإيانا تريد ". (67) لأن العرب تقول: " إياك بالباطل تنطق "، قالوا: فلو كانت " الواو " مضمرة في" أن "، لجاز جميع ما ذكرنا، ولكن ذلك غير جائز, لأن ما بعد " الواو " من الأفاعيل غير جائز له أن يقع على ما قبلها، (68) واستشهدوا على فساد قول من زعم أن " الواو " مضمرة مع " أن " بقول الشاعر:
فبـــح بالســرائر فــي أهلهــا
إيــاك فــي غــيرهم أن تبوحـا (69)
&; 5-305 &;
= وأنَّ " أن تبوحا "، لو كان فيها " واو " مضمرة، لم يجز تقديم " في غيرهم " عليها. (70)
* * *
وأما تأويل قوله تعالى: " وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا " ، فإنه يعني: وقد أخرج من غلب عليه من رجالنا ونسائنا من ديارهم وأولادهم، ومن سبي. وهذا الكلام ظاهره العموم وباطنه الخصوص، لأن الذين قالوا لنبيهم: " ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله "، كانوا في ديارهم وأوطانهم, وإنما كان أخرج من داره وولده من أسر وقهر منهم.
* * *
وأما قوله: " فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ" ، يقول: فلما فرض عليهم قتال عدوهم والجهاد في سبيله=" تولوا إلا قليلا منهم "، يقول: أدبروا مولين عن القتال, وضيعوا ما سألوه نبيهم من فرض الجهاد.
والقليل الذي استثناهم الله منهم, هم الذين عبروا النهر مع طالوت. وسنذكر سبب تولي من تولى منهم، وعبور من عبر منهم النهر بعد إن شاء الله، إذا أتينا عليه.
* * *
يقول الله تعالى ذكره: " وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ" ، يعني: والله ذو علم بمن ظلم منهم نفسه, فأخلف الله ما وعده من نفسه، وخالف أمر ربه فيما سأله ابتداء أن يوجبه عليه.
* * *
وهذا من الله تعالى ذكره تقريع لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تكذيبهم نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، ومخالفتهم أمر ربهم. يقول الله تعالى ذكره لهم: إنكم، يا معشر اليهود، عصيتم الله وخالفتم أمره فيما سألتموه أن يفرضه عليكم ابتداء، من غير أن يبتدئكم ربكم بفرض ما عصيتموه &; 5-306 &; فيه, فأنتم بمعصيته - فيما ابتدأكم به من إلزام فرضه- أحرى.
* * *
وفي هذا الكلام متروك قد استغني بذكر ما ذكر عما ترك منه. وذلك أن معنى الكلام: " قالوا: وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا "= فسأل نبيهم ربهم أن يبعث لهم ملكا يقاتلون معه في سبيل الله، فبعث لهم ملكا, وكتب عليهم القتال=" فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين ".
----------------
الهوامش :
(1) انظر معنى"ألم تر" ، و" الرؤية" فيما سلف : ص : 266 ، والمراجع في التعليق .
(2) ساذكر في التعليقات الآتية ما جاء في هذا النسب من الأسماء ، على رسمها في كتاب القوم الذي بين أيدينا ، من أخبار الأيام الأول . في الإصحاح السادس . و"شمويل" هناك هو"صموئيل" .
(3) "بالي" ، لم يرد له ذكر في نسب"شمويل" من كتاب القوم ، بل هو عندهم"صموئيل بن"القانة" .
(4) (ألقانة)
(5) ( يروحام) . وفي المطبوعة : "برحام" خطأ ، وهو في المخطوطة غير منقوط وأما في تاريخ الطبري 1 : 242 فهو بالحاء المعجمة .
(6) ( إيليئيل) . الظاهر أنه هو"إليهو" .
(7) (توح) ، وفي المطبوعة : "يهو صوق" ، وهو خطأ ، وفي المخطوطة"بهو صوف" غير منقوط ، وكلاهما أسقط"بن" بين الكلمتين . و الصواب من تاريخ الطبري . و" توح" مذكور في كتاب القوم ، في كتاب صموئيل الأول ، الإصحاح الأول برسم : "توحو" .
(8) ( محث) .
(9) (عما ساى) والنسب في كتاب القوم بعد ذلك : "عما ساى بن ألقانة بن يوثيل بن عز ريا بن صفنيا بن تحث بن أسير بن أبياساف" ، وبعضه لم يذكر في النسب الذي رواه الطبري ، وفيما رواه بعد ذلك تقديم و تاخير كما ترى .
(10) (صفنيا) ، وفي المطبوعة و المخطوطة : " صفية" .
(11) ( أبياساف) وفي المطبوعة : "أبى ياسق" ، وفي المخطوطة" أبي ياسف" .
(12) (قورح) .
(13) ( يصهار) .
(14) ( قهات) .
(15) في المطبوعة و المخطوطة : "عن أبي إسحق" ، وهو خطأ ، وهو إسناد دائر في الطبري عن"محمد بن إسحق" صاحب السيرة .
(16) في المخطوطة و المطبوعة : "كما نسبه إسحاق" ، وهو خطأ ظاهر ، وانظر التعليق السالف .
(17) ما بين القوسين زيادة يقتضيها السياق ، كما في إسناد الأثر السالف ،
(18) في المطبوعة : "من قولها سمع" أسقط" أنه" وأثبت ما في المخطوطة .
(19) في المطبوعة : " شمعون" ، وهو خطأ لا شك فيه ، و الصواب ما في المخطوطة والدر المنثور 1 : 315 .
(20) (يشوع) .
(21) (أفرايم) ، وفي المطبوعة( أفراثيم) ، و الصواب ما أثبت من التاريخ 1 : 225 ، وفي المخطوطة غير منقوطة .
(22) يعني المذكورين في قوله تعالى في [ سورة المائدة : 23] { قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا } ، الآية .
(23) ( يفنة) وفي المطبوعة : " يوقنا" ، و الصواب من المخطوطة و التاريخ 1 : 238 .
(24) ( حزقيال) في كتاب القوم .
(25) (إيليا) ، وهو"إيليا التشبى" مذكور في"الملوك الأول" إصحاح : 17 .
(26) لم أجد نسب"إيليا" ، وقوله : "نسى"لم أجده . وهو في المخطوطة"سى" غير منقوطة ولا واضحة ، وفي تاريخ الطبري 1 : 239"إلياس بن ياسين" .
(27) ( فينحاس) .
(28) (العازار) .
(29) (أخاب)"في الملوك الأول" الإصحاح : 16 ، 17 . وهو في المطبوعة والتاريخ والمخطوطة : "أحاب" ، مهمل الحاء .
(30) (يأكلها) أي يغلب عليها ، ويصير له ما لها وخراجها . وفي حديث عمرو بن عنبسة : ( ومأكول حمير من آكلها ، الماكول : الرعية -والآكلون : الملوك . وهم يسمون سادة الأحياء الذين يأخذون المرباع وغيره" الآكال" ، وفي الحديث : "أمرت بقرية تأكل القرى" ، هي المدنية ، أي يغلب أهلها بالإسلام على غيرها من القرى .
(31) في المطبوعة : "يعدد ملوكا . . " وأثبت ما في المخطوطة ، وفي تاريخ الطبري : "يعد" .
(32) في المطبوعة : "مالكين" ، وفي المخطوطة : "ملكين" ، وأثبت ما في تاريخ الطبري .
(33) الزيادة التي بين القوسين من تاريخ الطبري ، ولا يستقيم الكلام إلا بها .
(34) في المطبوعة : "ويزعمون" وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ .
(35) إلى هذا الموضع رواه الطبري بإسناده هذا في تاريخه1 : 239 / ثم الذي يليه في 1 / 240 فصلت بينهما روايات أخرى .
(36) (أليشع) في كتاب القوم .
(37) في المطبوعة والمخطوطة : "وكانوا . . . " ، وأثبت ما في التاريخ ، فهو أجود .
(38) بعد هذا في التاريخ ما نصه : "والسكنية - فيما ذكر ابن إسحق ، عن وهب بن منبه ، من بعض أهل إسرائيل -رأس هرة ميتة ، فإذا صرخت في التابوت بصراخ هرة ، أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح .
(39) ( عالي) في كتاب القوم وفي تاريخ الطبري"إيلاف" . والمرجح أن الذي في المطبوعة والمخطوطة هو الصواب ، لقربه من لفظ"عالي" وإن كان الطبري قد ذكر في تاريخه 1 : 243"عيلى" ، . وعالي ، من عظماء كهنة بني إسرائيل وقضى لهم أربعين سنة . وخبر موت عالي عند استلاب التابوت ، مذكور في كتاب القوم"صموئيل الأول" الإصحاح الرابع .
(40) في تاريخ الطبري : "فمرج أمرهم بينهم" . ومرج الأمر : اختلط والتبس واضطرب في الفتنة .
(41) إلى هذا الموضع ، انتهى ما رواه الطبري في التاريخ 1 : 240-241 .
(42) (صموئيل) في كتاب القوم .
(43) في المطبوعة : "في نفوسهم" ، وأثبت ما في المخطوطة .
(44) استخرج (بالبناء للمجهول) : حمل على الخروج من بلاده . وهذا لفظ لم يذكره أصحاب المعاجم ، وهو عربية معرقة .
(45) ( جليات) في كتاب القوم .
(46) في تاريخ الطبري بعد قوله شمعون : "تقول" : الله سمع دعائي" . وانظر الأثر السالف رقم : 5628 وما قبله وما بعده .
(47) في المطبوعة : "فأرسلته يتعلم" ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ .
(48) في المطبوعة : "لا يأتمن" ، وفي تاريخ الطبري مطبوعة مصر : "لايئتمن" في الأوربية والمخطوطة : "لا يتمن" . وأمنه وأمنه وائتمنه واتمنه (بتشديد التاء) سواء ، وانظر تعليق صاحب اللسان على قول من قال إن الأخيرة نادرة .
(49) اللحن : اللغة و اللهجة . وفي التاريخ : "شمويل" ، وظاهر هذا الخبر يدل على أن"شمعون" هو"شمويل" وأنهما لغتان بمعنى واحد . وانظر الآثار السالفة 5626 -5629 ، والتعليقات عليها .
(50) في المطبوعة"ولم تنل لك" وهو تصحيف . وفي تاريخ الطبري : "ولم تبالك" ، من المبالاة ، وهي ليست بشيء . وفي الدر المنثور : "ولم يأن لك" ، وفي المخطوطة : "ولم تنل لك" وظاهر أنها"تئن" . من"آن يئين أينا" : أي حان . مثل"أني لك يأني" ، بمعناه ، أي لم تبلغ بعد أوان أن تكون نبيا .
(51) الأثر : 5635- في تاريخ الطبري 1: 242 ، والدر المنثور 1: 315 ، وفي المطبوعة ختم الأثر بقوله : "والله أعلم" ، وهي زيادة من ناسخ لا معنى لها هنا ، وليست في المخطوطة .
(52) في المخطوطة والمطبوعة : " الذي نقاتل" بحذف"به" ، وهو خطأ يدل عليه السياق ، وما جاء في معاني القرآن للفراء 1 : 157 .
(53) يعني"الذي" و"به" .
(54) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 157- 162 ، فهو قد استوعب القول في هذه القراءة ، وفي هذا الباب من العربية . و"الصلة" : التابع ، كالنعت والحال ، ويعني به نعت النكرة ، هنا .
(55) انظر هذا التفسير في مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 77 .
(56) انظر معنى" كتب" فيما سلف 3 : 357 ، 364- 365 ، 409/ 4 : 297 .
(57) في المطبوعة والمخطوطة : "مع قولنا" ، والسياق الآتي يقتضي ما أثبت .
(58) لم أعرف قائله ، وإن كنت أذكر أنى قرأته مع أبيات أخر من الرجز . وهو في معاني القرآن للفراء 1 : 163 ، واللسان (خلف) . والخلفة (بفتح الخاء وكسر اللام) الناقة الحامل ، وجمعها خلف ، وهو نادر ، وهذا البيت شاهده ، وإنما الجمع السائر أن يقال للنوق الحوامل"مخاض" ، كقولهم : "امرأة ، ونسوه" ، وهذا الراجز يقول لناقته : ما زغاؤك ، والحوامل لا ترغو؟ يعني أنها إنما ترغو حنينا إلى بلاده وبلادها . حيث فارق من كان يحب ، كما قال الشماطيط الغطفاني لناقته :
أرار اللــه مخــك فـي السـلامى
إلــى مــن بــالحنين تشـوقينا!!
فــإني مثـل مـا تجـدين وجـدي,
ولكــــني أســـر وتعلنينـــا!
وبـي مثـل الـذي بـك, غـير أنـي
أجــل عــن العقــال, وتعقلينـا!
هذا ، وقد كان في المطبوعة"ملك ترعين ولا ترعوا الخلف" ، وهو في المخطوطة على الصواب ، ولكنه غير منقوط كعادة ناسخها في كثير من المواضع .
(59) هو الفرزدق .
(60) ديوانه : 863 ، والنقائض : 753 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 164 ، واللسان (قرد) (قلا) (هلل) يهجمو جريرا ، ويعرض بالبعث ، وقبله ، يعرض بأن قوم جرير ، وهم كليب بن يربوع ، كان يغشون الأتن :
وليس كـــليبي, إذا جــن ليلــه
إذا لــم يجـد ريـح الأتـان, بنـائم
يقــــــول- إذا اقلـــــولي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي المطبوعة : "تقول" . وقد شرحه ابن بري على هذه الرواية شرحا فاسدا جدا في"قرد" ، وشرحه ابن الأعرابي أيضًا في (قلا) على هذه الرواية ، فكان أيضًا شرحا شديد الفساد . ورغم أنه أراد امرأة يزنى بها . والصواب أنه أراد ما ذكرت من غشيان إناث الحمير ، لا إناث البشر!! وقوله : "اقلولي" أي علا على ظهرها مستوفزا قلقا لا يستقر ، واختيار الفرزدق لهذا الحرف عجب من العجب في تصوير ما أراد . وأقرد الرجل وغيره : سكن وتماوت . يريد أن الأتان قد رضيت فأسمحت فسكت له . فلما بلغ ذلك منه ومنها قال : "ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم" ، يكشف عن شدة حبه وشغفه بذلك ، وأنه يأسف ويتحسر علي أنه أمر ينقضي ولا يدوم . وقد زعموا أن"هل" هنا بمعنى الجحد أي ليس أخو عيش لذيذ بدائم . (اللسان : هلل) .
(61) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 163- 164 ، وقد استوفى الكلام فيما فتحه الطبري .
(62) هو الكسائي ، كما صرح به الفراء في معاني القرآن 1 : 165 .
(63) هو أبو الحسن الأخفش ، كما يتبين من تفسير أبي حيان والقرطبي والمغني .
(64) في المطبوعة : " زائدة بعد فلما ولما ولو" ، وهو تخليط . وفي المخطوطة "بعد مليما . . . " مضطربة الكتبة ، فالصواب عندي أن تكون : "مالنا" ، ولما أخطأ الناسخ الكتابة والقراءة ، حذف "كما تزاد" ، وهذا هو صواب المعنى والحمد لله
(65) ديوانه : 283 ، وسيأتي في التفسير 9 : 165 ، والخزانة 2 : 87 ، والعيى (الخزانة) 2 : 322 يهجو عمر بن هبيرة الفزاري وهو أحد الأمراء وعمال سليمان بن عبد الملك . وقومه . فزارة ابن ذبيان ، من ولد غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر . وهو شعر جيد في بابه ، وقبل البيت أبيات منها :
يـا قيس عيـلان, إنـي كنت قلت لكم
يا قيس عيلان : أن لا تسرعوا الضجرا
إنـي متـى أهـج قومـا لا أدع لهـم
سـمعا, إذ استمعوا صوتي, ولا بصرا
ثم قال بعد ذلك أبيات :
لـو لـم تكـن غطفان . . . . . . .
هذا مجمع من رأيت يذهب إلى إن"الذنوب"جمع"ذنب" ، وهو عندي ليس بشيء ، وإنما انحطوا في آثار الأخفش ، حين استشهد بالبيت على إعمال"لا" الزائدة . وصواب البيت عندي (لا ذنوب لها) وليس في البيت شاهد عندئذ . والظاهر أن الأخفش أخطأ في الاستشهاد به . والذنوب( بفتح الذال) : الخط والنصب ، وأصله الدلو الملأى . وهو بهذا المعنى في قوله تعالى : { فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ } ، أي حظا من العذاب . قال الفراء : " الذنوب الدلو العظيمة ، ولكن العرب تذهب به إلى الحظ والنصيب" . وقال الزمخشري : "ولهم ذنوب من كذا" أي نصيب ، قال عمرو ابن شأس :
وفـي كـل حـي قـد خـبطت بنعمة
فحــق لشـأس مـن نـداك ذنـوب
أقول : يقول الفرزدق : لو لم تكن غطفان خسيسة لاحظ لها من الشرف والحسب والمروءة -"إذن للام ذوو أحسابها عمرا" . وبذلك يبرأ البيت من السخف ومن تكلف النحاة . هذا وانظر هجاء الفرزدق لعمر بن هبيرة في طبقات فحول الشعراء : 287- 288وقوله :
فســد الزمــان وبــدلت أعلامـه
حــتى أميــة عـن فـزارة تـنزع
يقول : تبدلت الدنيا ، حتى صارت أمية تحتمي بفزارة وتصدر عن رأيها . يتعجب من ذلك لخسة فزارة عنده .
(66) استشهد بهذا على إعمال الزائدة وهو"لا" ، كما أعملت"أن" في الآية .
(67) في المطبوعة : "رأيتك أبانا ويزيد ، بمعنى : رأيتك وأبانا يزيد" ، وهو كلام ساقط هالك . والصواب من المخطوطة ، وإن كان غير منقوط الحروف ، ومن معاني القرآن للفراء 1 : 165 .
(68) "الأفاعيل" الأفعال . ووقوعها على ما قبلها ، إما بالعمل فيه أو بالتعليق به .
(69) لم أعرف قائله ، وهو في معاني القرآن للفراء 1 : 165 ، والسرائر جمع سريرة ، والسريرة : السر هنا .
(70) في المخطوطة والمطبوعة : " تقديم غيرهم" بإسقاط"في" ، والصواب من معاني القرآن للفراء 1 : 166 ، وقد استوفى الكلام في ذلك ، وكأن ما هنا منقول عنه بنصه .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 246 | ﴿وَمَا لَنَآ أَلَّا نُقَٰتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدۡ أُخۡرِجۡنَا مِن دِيَٰرِنَا وَأَبۡنَآئِنَاۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ |
---|
النساء: 77 | ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّـهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
نقاتل:
قرى:
1- بالنون والجزم، وهى قراءة الجمهور.
2- بالياء والرفع، على الصفة للملك، وهى قراءة الضحاك، وابن أبى عبلة.
3- بالنون والرفع، على الحال من المجرور.
4- بالياء والجزم، على جواب الأمر.
أخرجنا:
وقرئ:
أخرجنا، أي العدو، وهى قراءة عبيد بن عمير.
تولوا إلا قليلا منهم:
وقرئ:
تولوا إلا أن يكون قليل منهم، على الاستثناء المنقطع، وهى قراءة أبى.
التفسير :
{ وقال لهم نبيهم} مجيبا لطلبهم{ إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا} فكان هذا تعيينا من الله الواجب عليهم فيه القبول والانقياد وترك الاعتراض، ولكن أبوا إلا أن يعترضوا، فقالوا:{ أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال} أي:كيف يكون ملكا وهو دوننا في الشرف والنسب ونحن أحق بالملك منه. ومع هذا فهو فقير ليس عنده ما يقوم به الملك من الأموال، وهذا بناء منهم على ظن فاسد، وهو أن الملك ونحوه من الولايات مستلزم لشرف النسب وكثرة المال، ولم يعلموا أن الصفات الحقيقية التي توجب التقديم مقدمة عليها، فلهذا قال لهم نبيهم:{ إن الله اصطفاه عليكم} فلزمكم الانقياد لذلك{ وزاده بسطة في العلم والجسم} أي:فضله عليكم بالعلم والجسم، أي:بقوة الرأي والجسم اللذين بهما تتم أمور الملك، لأنه إذا تم رأيه وقوي على تنفيذ ما يقتضيه الرأي المصيب، حصل بذلك الكمال، ومتى فاته واحد من الأمرين اختل عليه الأمر، فلو كان قوي البدن مع ضعف الرأي، حصل في الملك خرق وقهر ومخالفة للمشروع، قوة على غير حكمة، ولو كان عالما بالأمور وليس له قوة على تنفيذها لم يفده الرأي الذي لا ينفذه شيئا{ والله واسع} الفضل كثير الكرم، لا يخص برحمته وبره العام أحدا عن أحد، ولا شريفا عن وضيع، ولكنه مع ذلك{ عليم} بمن يستحق الفضل فيضعه فيه، فأزال بهذا الكلام ما في قلوبهم من كل ريب وشك وشبهة لتبيينه أن أسباب الملك متوفرة فيه، وأن فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده، ليس له راد، ولا لإحسانه صاد.
ثم بين القرآن ما أخبرهم به نبيهم ليحملهم على الطاعة والامتثال فقال- تعالى-: وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً.
أى وقال لهم بعد أن أوحى إليه بما يوحى: إن الله- تعالى- وهو العليم الخبير بأحوال عباده قد بعث لكم ومن أجل مصلحتكم طالوت ليكون ملكا عليكم، وقائدا لكم في قتالكم لأعدائكم، فأطيعوه واتبعوا ما يأمركم به.
وطالُوتَ اسم أعجمى قيل هو المسمى في التوراة باسم «شاول» وقيل إن هذا الاسم لقب له من الطول كملكوت من الملك، لأن طالوت كان طويلا جسيما.
ولقد كان الذي يقتضيه العقل أن يطيعوا أمر نبيهم، ولكنهم لجوا في جدالهم وطغيانهم وقالوا لنبيهم معترضين على من اختاره الله قائدا لهم. أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ.
أَنَّى أداة استفهام بمعنى كيف، والاستفهام هنا للتعجب من جعل طالوت ملكا عليهم.
أى قالوا لنبيهم منكرين ومتعجبين من اختيار طالوت ملكا عليهم: كيف يكون له الملك علينا والحال أننا أحق بالملك منه لأننا أشرف منه نسبا، إذ منا من هو نسل الملوك أما طالوت فليس من نسلهم، وفضلا عن ذلك فهو لا يملك من المال ما يملكه بعضنا فكيف يكون هذا الشخص ملكا علينا؟
فأنت تراهم لانعدام المقاييس الصحيحة عندهم ظنوا أن المؤهلات الحقيقة لاستحقاق الملك والقيادة إنما تكون بالنسب وكثرة المال أما الكفاءة العقلية، والقوة البدنية، والقدرة الشخصية فلا قيمة لها عندهم لانطماس بصيرتهم، وسوء تفكيرهم.
قال بعضهم: «وسبب هذا الاستبعاد أن النبوة كانت مخصوصة بسبط معين من أسباط بنى إسرائيل وهو سبط لاوى بن يعقوب، وسبط المملكة بسبط يهوذا، ولم يكن طالوت من أحد هذين السبطين بل من ولد بنيامين. والواو في قوله: وَنَحْنُ أَحَقُّ للحال، والواو الثانية في قوله: وَلَمْ يُؤْتَ عاطفة جامعة للجملتين في الحكم.
ثم حكى القرآن ما رد به نبيهم عليهم فقال: قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ، وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ.
أى قال لهم نبيهم مدللا على أحقية طالوت بالقيادة: إن الله- تعالى- اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ أى اختاره وفضله عليكم واختياره يجب أن يقابل بالإذعان والتسليم. وثانيا: وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ
أى أن الله- تعالى- منحه سعة في العلم والمعرفة والعقل والإحكام في التفكير المستقيم لم يمنحها لكم، وثالثا: في الْجِسْمِ بأن أعطاه جسما قويا ضخما مهيبا. وهذه الصفات ما وجدت في شخص إلا وكان أهلا للقيادة والريادة وفضلا عن كل ذلك فمالك الملك هو الذي اختاره فكيف تعترضون يا من تدعون أنكم تريدون القتال في سبيل الله؟ لذا نراه- سبحانه- يضيف الملك الحقيقي إليه فيقول: وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ أى: يعطى ملكه لمن يشاء من عباده لحكمة يعلمها. فلا يجوز لأحد أن يعترض على اختياره، والله واسع الفضل والعطاء.
«عليم» .
ثم حكى القرآن أن نبيهم لم يكتف بهذه الدلائل الدالة على صلاحية طالوت للقيادة، وإنما ساق لهم بعد ذلك من العلامات التي تشهد بحقيقته بهذا المنصب ما يثبت قلوبهم، ويزيل شكهم ويشرح نفوسهم فقال- تعالى-:
ي : لما طلبوا من نبيهم أن يعين لهم ملكا منهم فعين لهم طالوت وكان رجلا من أجنادهم ولم يكن من بيت الملك فيهم ; لأن الملك فيهم كان في سبط يهوذا ، ولم يكن هذا من ذلك السبط فلهذا قالوا : ( أنى يكون له الملك علينا ) أي : كيف يكون ملكا علينا ( ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال ) أي : ثم هو مع هذا فقير لا مال له يقوم بالملك ، وقد ذكر بعضهم أنه كان سقاء وقيل : دباغا . وهذا اعتراض منهم على نبيهم وتعنت وكان الأولى بهم طاعة وقول معروف ثم قد أجابهم النبي قائلا ( إن الله اصطفاه عليكم ) أي : اختاره لكم من بينكم والله أعلم به منكم . يقول : لست أنا الذي عينته من تلقاء نفسي بل الله أمرني به لما طلبتم مني ذلك ( وزاده بسطة في العلم والجسم ) أي : وهو مع هذا أعلم منكم ، وأنبل وأشكل منكم وأشد قوة وصبرا في الحرب ومعرفة بها أي : أتم علما وقامة منكم . ومن هاهنا ينبغي أن يكون الملك ذا علم وشكل حسن وقوة شديدة في بدنه ونفسه ثم قال : ( والله يؤتي ملكه من يشاء ) أي : هو الحاكم الذي ما شاء فعل ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون لعلمه [ وحكمته ] ورأفته بخلقه ; ولهذا قال : ( والله واسع عليم ) أي : هو واسع الفضل يختص برحمته من يشاء عليم بمن يستحق الملك ممن لا يستحقه .
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: وقال للملأ من بني إسرائيل نبيهم شمويل: إن الله قد أعطاكم ما سألتم, وبعث لكم طالوت ملكا. فلما قال لهم نبيهم شمويل ذلك، قالوا: أنى يكون لطالوت الملك علينا, وهو من سبط بنيامين بن يعقوب= وسبط بنيامين سبط لا ملك فيهم ولا نبوة= ونحن أحق بالملك منه, لأنا من سبط يهوذا بن يعقوب=" ولم يؤت سعة من المال "، يعني: ولم يؤت طالوت كثيرا من المال, لأنه سقاء= وقيل: كان دباغا.
* * *
وكان سبب تمليك الله طالوت على بني إسرائيل، وقولهم ما قالوا لنبيهم شمويل: " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال "، ما: -
5636- حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثني محمد بن إسحاق قال، حدثني بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه قال: لما قال الملأ من بني إسرائيل لشمويل بن بالي ما قالوا له, سأل الله نبيهم شمويل أن يبعث &; 5-307 &; لهم ملكا, فقال الله له: انظر القرن الذي فيه الدهن في بيتك, (71) فإذا دخل عليك رجل فنش الدهن الذي في القرن, (72) فهو ملك بني إسرائيل, فادهن رأسه منه وملكه عليهم، وأخبره بالذي جاءه- (73) فأقام ينتظر متى ذلك الرجل داخلا عليه. (74) وكان طالوت رجلا دباغا يعمل الأدم, (75) وكان من سبط بنيامين بن يعقوب. وكان سبط بنيامين سبطا لم يكن فيه نبوة ولا ملك. فخرج طالوت في طلب دابة له أضلته، (76) ومعه غلام له. فمرا ببيت النبي عليه السلام, فقال غلام طالوت لطالوت: لو دخلت بنا على هذا النبي فسألناه عن أمر دابتنا، فيرشدنا ويدعو لنا فيها بخير! فقال طالوت. ما بما قلت من بأس! فدخلا عليه, فبينما هما عنده يذكران له شأن دابتهما ويسألانه أن يدعو لهما فيها, إذ نش الدهن الذي في القرن, فقام إليه النبي عليه السلام فأخذه, ثم قال لطالوت: قرب رأسك! فقربه, فدهنه منه، ثم قال: أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني الله أن أملكك عليهم!= وكان اسم " طالوت " بالسريانية: شاول (77) بن قيس بن &; 5-308 &; أبيال (78) بن ضرار (79) بن يحرب (80) بن أفيح بن آيس (81) بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم= فجلس عنده، وقال الناس: ملك طالوت!! فأتت عظماء بني إسرائيل نبيهم وقالوا له: ما شأن طالوت يملك علينا، وليس في بيت النبوة المملكة ؟ قد عرفت أن النبوة والملك في آل لاوي وآل يهوذا ! فقال لهم: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ .
5637- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل, عن عبد الكريم, عن عبد الصمد بن معقل, عن وهب بن منبه قال : قالت بنو إسرائيل لأشمويل: (82) ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ! قال: قد كفاكم الله القتال ! قالوا: إنا نتخوف من حولنا، فيكون لنا ملك نفزع إليه ! فأوحى الله إلى أشمويل: أن ابعث لهم طالوت ملكا, وادهنه بدهن القدس. فضلت حمر لأبي طالوت, (83)
فأرسله وغلاما له يطلبانها, فجاءا إلى أشمويل يسألانه عنها, (84) فقال: إن الله قد بعثك ملكا على بني إسرائيل. قال: أنا؟ قال: نعم! قال: أو ما علمت أن سبطي أدنى أسباط بني إسرائيل؟ (85) قال : بلى. قال: أفما علمت أن قبيلتي أدنى قبائل سبطي؟! قال: بلى! قال: أما علمت أن بيتي أدنى بيوت قبيلتي؟ قال: &; 5-309 &; بلى! قال: فبأية آية؟ قال: بآية أنك ترجع وقد وجد أبوك حمره, وإذا كنت بمكان كذا وكذا نـزل عليك الوحي! فدهنه بدهن القدس. فقال لبني إسرائيل: " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ".
5638- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط , عن السدي قال: لما كذبت بنو إسرائيل شمعون, (86) =وقالوا له: إن كنت صادقا، فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله آية من نبوتك. قال لهم شمعون: عسى إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا؟ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية= دعا الله، فأتي بعصا تكون مقدارا على طول الرجل الذي يبعث فيهم ملكا, فقال: إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا، فقاسوا أنفسهم بها فلم يكونوا مثلها. وكان طالوت رجلا سقاء يسقي على حمار له, فضل حماره, فانطلق يطلبه في الطريق. فلما رأوه دعوه فقاسوه بها, فكان مثلها , فقال لهم نبيهم: " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ". قال القوم: ما كنت قط أكذب منك الساعة! ونحن من سبط المملكة، وليس هو من سبط المملكة, ولم يؤت سعة من المال فنتبعه لذلك! فقال النبي: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ . (87)
5639- حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا شريك , عن عمرو بن دينار, عن عكرمة قال: كان طالوت سقاء يبيع الماء.
5640- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: بعث الله طالوت ملكا , وكان من سبط بنيامين، سبط لم يكن فيهم &; 5-310 &; مملكة ولا نبوة. وكان في بني إسرائيل سبطان: سبط نبوة, وسبط مملكة. وكان سبط النبوة سبط لاوي، إليه موسى = وسبط المملكة يهوذا، إليه داود وسليمان. فلما بعث من غير سبط النبوة والمملكة، أنكروا ذلك وعجبوا منه وقالوا: " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه "؟ قالوا: وكيف يكون له الملك علينا وليس من سبط النبوة ولا من سبط المملكة ! فقال الله تعالى ذكره: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ .
5641- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا ، قال لهم نبيهم: " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا " . قالوا: " أنى يكون له الملك علينا "؟ قال: وكان من سبط لم يكن فيهم ملك ولا نبوة, فقال: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ .
5642- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك في قوله: " وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا "، وكان في بني إسرائيل سبطان : سبط نبوة, وسبط خلافة، فلذلك قالوا: " أنى يكون له الملك علينا " ؟ يقولون: " ومن أين يكون له الملك علينا, وليس من سبط النبوة ولا سبط الخلافة "؟ قال: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ .
5643- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان, قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول في قوله: " أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا "، فذكر نحوه.
5644- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قال: لما قالت بنو إسرائيل لنبيهم: سل ربك أن يكتب علينا القتال! فقال لهم ذلك النبي: هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ؟ الآية، قال: فبعث الله طالوت ملكا. قال: وكان في بني إسرائيل سبطان: سبط نبوة وسبط مملكة, ولم يكن طالوت من سبط النبوة ولا من سبط المملكة. فلما بعث لهم &; 5-311 &; ملكا، أنكروا ذلك وعجبوا وقالوا: " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال "؟ قالوا: وكيف يكون له الملك علينا وليس من سبط النبوة ولا من سبط المملكة؟ فقال: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ الآية.
5645- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قال: أما ذكر طالوت إذ قالوا: " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال " ؟ فإنهم لم يقولوا ذلك إلا أنه كان في بني إسرائيل سبطان: كان في أحدهما النبوة, وكان في الآخر الملك، فلا يبعث إلا من كان من سبط النبوة, ولا يملك على الأرض أحد إلا من كان من سبط الملك. وأنه ابتعث طالوت حين ابتعثه وليس من أحد السبطين، واختاره عليهم، وزاده بسطة في العلم والجسم. ومن أجل ذلك قالوا: " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه "، وليس من واحد من السبطين؟ قال: ف إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ إلى: وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ .
5646- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال ابن عباس قوله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى الآية، هذا حين رفعت التوراة واستخرج أهل الإيمان, وكانت الجبابرة قد أخرجتهم من ديارهم وأبنائهم =" فلما كتب عليهم القتال "، وذلك حين أتاهم التابوت. قال: وكان من بني إسرائيل سبطان: سبط نبوة وسبط خلافة, فلا تكون الخلافة إلا في سبط الخلافة, ولا تكون النبوة إلا في سبط النبوة, = فقال لهم نبيهم: " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه "، وليس من أحد السبطين: لا من سبط النبوة، ولا سبط الخلافة؟ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ ، الآية. (88)
* * *
&; 5-312 &;
وقد قيل: إن معنى " الْمُلْكُ" في هذا الموضع: الإمرة على الجيش.
* ذكر من قال ذلك:
5647- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال مجاهد قوله: " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا "، قال: كان أمير الجيش.
5648- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بمثله= إلا أنه قال: كان أميرا على الجيش.
* * *
قال أبو جعفر: وقد بينا معنى " أنى ", ومعنى " الملك "، فيما مضى, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (89)
* * *
القول في تأويل قوله : قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " إن الله اصطفاه عليكم "، قال نبيهم شمويل لهم: " إن الله اصطفاه عليكم "، يعني: اختاره عليكم، كما: -
5649- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: " اصطفاه عليكم "، اختاره. (90)
5650- حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك : " إن الله اصطفاه عليكم "، قال: اختاره عليكم.
&; 5-313 &;
5651- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " إن الله اصطفاه عليكم "، اختاره.
* * *
وأما قوله: " وزاده بسطة في العلم والجسم "، فإنه يعني بذلك أن الله بسط له في العلم والجسم, وآتاه من العلم فضلا على ما أتى غيره من الذين خوطبوا بهذا الخطاب. وذلك أنه ذكر أنه أتاه وحي من الله، وأما " في الجسم ", فإنه أوتي من الزيادة في طوله عليهم ما لم يؤته غيره منهم. كما: -
5652- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل, عن وهب بن منبه قال: لما قالت بنو إسرائيل: " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم " . قال: واجتمع بنو إسرائيل فكان طالوت فوقهم من منكبيه فصاعدا.
* * *
وقال السدي: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعصا تكون مقدارا على طول الرجل الذي يبعث فيهم ملكا، فقال: إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا. فقاسوا أنفسهم بها، فلم يكونوا مثلها. فقاسوا طالوت بها فكان مثلها.
5653- حدثني بذلك موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي. (91)
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده " مع اصطفائه إياه " بسطة في العلم والجسم ". يعني بذلك: بسط له مع ذلك في العلم والجسم.
* ذكر من قال ذلك:
5654- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم "، بعد هذا.
* * *
&; 5-314 &;
القول في تأويل قوله : وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أن الملك لله وبيده دون غيره يؤتيه=" يؤتيه "، يقول: يؤتي ذلك من يشاء، فيضعه عنده ويخصه به, ويمنعه من أحب من خلقه. (92) يقول: فلا تستنكروا، يا معشر الملإ من بني إسرائيل، أن يبعث الله طالوت ملكا عليكم، وإن لم يكن من أهل بيت المملكة, فإن الملك ليس بميراث عن الآباء والأسلاف, ولكنه بيد الله يعطيه من يشاء من خلقه, فلا تتخيروا على الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
5655- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال، حدثني بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه: " والله يؤتي ملكه من يشاء "، الملك بيد الله يضعه حيث شاء, ليس لكم أن تختاروا فيه.
5656- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قال، مجاهد: ملكه سلطانه.
5657- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " والله يؤتي ملكه من يشاء "، سلطانه.
* * *
وأما قوله: " والله واسع عليم "، فإنه يعني بذلك " والله واسع " بفضله فينعم به على من أحب, ويريد به من يشاء= (93) " عليم " بمن هو أهل لملكه الذي &; 5-315 &; يؤتيه, وفضله الذي يعطيه, فيعطيه ذلك لعلمه به, وبأنه لما أعطاه أهل: إما للإصلاح به، وإما لأن ينتفع هو به. (94)
-----------
الهوامش :
(71) القرن : قرن الثور وغيره ، وكأنه أراد هنا : القنينة التي يكون فيها الدهن والطيب ، وكأنهم كانوا يتخذونها من قرون البقر وغيرها ، وقد سموا المحجمة التي يحتجم بها"قرنا" ولم أجد هذا الحرف بهذا المعنى في كتب اللغة ، ولكنه صحيح كما رأيت .
(72) نش الماء ينش نشا : ونشيشا : صوت عند الغليان .
(73) في المخطوطة"بالذي حاه" غير منقوطة ، ولولا أن في المطبوعة ، صواب أيضًا ، لقلت إنها : "بالذي حباه الله" ، يعني الملك .
(74) هكذا جاءت هذه الجملة في المطبوعة والمخطوطة والدر المنثور 1 : 351 . وأخشى أن تكون"متى" زائدة ، أو تكون"مأتى ذلك الرجل 00" .
(75) الأدم جمع أديم . وهو جمع عزيز ، وقال سيبوله : هو اسم للجمع . قال التوزي : "الجلد أول ما يدبغ فهو أديم ، فإذا رد في الدباغ مرة أخرى فهو اللديم" .
(76) يقال : أضله الأمر : إذا ذهب عنه وفارقه فلم يقدر عليه . وهذا من عجيب العربية . وفي المخطوطة : "أطلته" ، وهو خطأ ، والصواب ما في المطبوعة والدر المنثور .
(77) في المخطوطة والمطبوعة : "شادل" . والصواب من التاريخ 1 : 247 ، والدر المنثور 1 : 315 ، وهو كذلك في كتاب القوم .
(78) (أبيئيل) في كتاب القوم .
(79) (صرور) في كتاب القوم .
(80) (بكورة) في كتاب القوم ، وفي التاريخ"بحرت" ، وكأنها الصواب .
(81) لم أجد في كتاب القوم ، وفي التاريخ (أيش) .
(82) في تاريخ الطبري 1 : 244"لأشمويل" ، وفيما سيأتي بعد"أشمويل" في سائر المواضع .
وكذلك في المخطوطة ، أما المطبوعة ، فكان فيما"لشمويل" ، وفي سائر المواضع"شمويل" فأثبيت ما في المخطوطة والتاريخ .
(83) في المطبوعة : " وضلت" ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ .
(84) في المخطوطة والمطبوعة : "فجاؤوا . . . يسألونه عنها" ، والصواب ما في التاريخ كما أثبته .
(85) في المخطوطة والمطبوعة : " وما علمت" وأثبت ما في التاريخ ، وهو مقتضى السياق .
(86) انظر الأثر السالف : 5635 ، وما قبله في الاختلاف في اسم هذا النبي عليه السلام .
(87) الأثر : 5638- هو تتمة الأثر السالف : 5635 ، وهو في تاريخ الطبري بعلوله 1 : 242- 243 .
(88) الأثر : 5646- هو تتمة الأثر السالف : 5633 .
(89) انظر تفسير"أنى" فيما سلف 4 : 398- 416 ، وتفسير معنى"الملك" فيما سلف 1 : 148- 150 ، ثم 2 : 488 .
(90) انظر تفسير"الاصطفاء" فيما سلف 3 : 91 .
(91) الأثر : 5653- هو بعض الأثر السالف : 5638 .
(92) في المطبوعة : "ويمنحه من أحب..." ، وأثبت ما في المخطوطة .
(93) في المخطوطة : "فينعم له ، والصواب ما في المطبوعة : وفي المطبوعة : "ويريد به من يشاء" ، وفي المخطوطة : " ويريد فيه..." غير منقوطة وصواب قراءتها ما أثبت .
(94) في المخطوطة : "وإما لا نه" وبينهما بياض على قدر كلمة ، ولم أستطع أن أجد كلمة في البياض ، وتركت ما في المطبوعة على حاله ، وإن كنت لا أرضاه كل الرضى .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 247 | ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّـهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا﴾ |
---|
البقرة: 248 | ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم ذكر لهم نبيهم أيضا آية حسية يشاهدونها وهي إتيان التابوت الذي قد فقدوه زمانا طويلا وفي ذلك التابوت سكينة تسكن بها قلوبهم، وتطمئن لها خواطرهم، وفيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون، فأتت به الملائكة حاملة له وهم يرونه عيانا.
التابوت: بوزن فعلوت- من التوب وهو الرجوع، وتاؤه مزيدة لغير التأنيث كجبروت، والمراد به صندوق التوراة وكانوا إذا حاربوا حمله جماعة منهم ويتقدمون به أمام الجيش فيكون ذلك سبب نصرهم. وكان عهدهم به قد طال فذكرهم بمآثره ترغيبا فيه وحملا على الانقياد لطالوت».
والسكينة: من السكون وهو ثبوت الشيء بعد التحرك: أو من السكن- بالتحريك- وهو كل شيء سكنت إليه النفس وهدأت.
والمعنى: وقال لهم نبيهم ليقنعهم بأن طالوت جدير بالملك إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أى علامة ملكه وأنه من الله- تعالى- أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ أى أن يرد عليكم التابوت الذي سلب منكم فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ أى في إتيانه سكون لنفوسكم وطمأنينة لها أو مودع فيه ما تسكنون إليه وهو التوراة (وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) من آثار تعتزون بها، وترون فيها صلة بين ماضيكم وحاضركم وقوله تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ حال من التابوت.
قال صاحب الكشاف: قوله: وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ هي رضاض الألواح وعصا موسى وثيابه وشيء من التوراة. وكان رفعه الله- تعالى- بعد موسى- عليه السلام- فنزلت به الملائكة تحمله وهم ينظرون إليه، فكان ذلك آية لاصطفائه لطالوت. فإن قلت: من هم (آل موسى وآل هارون) . قلت: الأنبياء من بنى يعقوب بعدهما، ويجوز أن يراد مما تركه موسى وهارون والآل مقحم لتفخيم شأنهما.
وقال ابن كثير: قال ابن عباس: جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون .
ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أى: إن في ذلك الذي أتاكم به طالوت لآية عظيمة وعلامة ظاهرة لكم تدل على أحقية طالوت بالملك والقيادة إن كنتم مؤمنين بآيات الله وبالحق الذي جاء به أنبياؤه.
وبذلك نرى أن القرآن الكريم قد حكى لنا أن هؤلاء القوم من بنى إسرائيل قد جاءهم نبيهم بأنصع الحجج، وأوضح الأدلة، وأثبت البراهين التي تؤيده فيما يدعوهم إليه.
يقول نبيهم لهم : إن علامة بركة ملك طالوت عليكم أن يرد الله عليكم التابوت الذي كان أخذ منكم .
( فيه سكينة من ربكم ) قيل : معناه فيه وقار ، وجلالة .
قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ( فيه سكينة ) أي : وقار . وقال الربيع : رحمة . وكذا روي عن العوفي عن ابن عباس وقال ابن جريج : سألت عطاء عن قوله : ( فيه سكينة [ من ربكم ] ) قال : ما يعرفون من آيات الله فيسكنون إليه .
وقيل : السكينة طست من ذهب كانت تغسل فيه قلوب الأنبياء ، أعطاها الله موسى عليه السلام فوضع فيها الألواح . ورواه السدي عن أبي مالك عن ابن عباس .
وقال سفيان الثوري : عن سلمة بن كهيل عن أبي الأحوص عن علي قال : السكينة لها وجه كوجه الإنسان ثم هي روح هفافة .
وقال ابن جرير : حدثني [ ابن ] المثنى حدثنا أبو داود حدثنا شعبة وحماد بن سلمة ، وأبو الأحوص كلهم عن سماك عن خالد بن عرعرة عن علي قال : السكينة ريح خجوج ولها رأسان .
وقال مجاهد : لها جناحان وذنب . وقال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه : السكينة رأس هرة ميتة إذا صرخت في التابوت بصراخ هر ، أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا بكار بن عبد الله أنه سمع وهب بن منبه يقول : السكينة روح من الله تتكلم إذا اختلفوا في شيء تكلم فأخبرهم ببيان ما يريدون .
وقوله : ( وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ) قال ابن جرير : أخبرنا ابن المثنى حدثنا أبو الوليد حدثنا حماد عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية : ( وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ) قال : عصاه ورضاض الألواح . وكذا قال قتادة والسدي والربيع بن أنس وعكرمة وزاد : والتوراة .
وقال أبو صالح ( وبقية ) يعني : عصا موسى وعصا هارون ولوحين من التوراة والمن .
وقال عطية بن سعد : عصا موسى وعصا هارون وثياب موسى وثياب هارون ورضاض الألواح .
وقال عبد الرزاق : سألت الثوري عن قوله : ( وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ) فقال : منهم من يقول قفيز من من ، ورضاض الألواح . ومنهم من يقول : العصا والنعلان .
وقوله : ( تحمله الملائكة ) قال ابن جريج : قال ابن عباس : جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدي طالوت ، والناس ينظرون .
وقال السدي : أصبح التابوت في دار طالوت فآمنوا بنبوة شمعون وأطاعوا طالوت .
وقال عبد الرزاق عن الثوري عن بعض أشياخه : جاءت به الملائكة تسوقه على عجلة على بقرة وقيل : على بقرتين .
وذكر غيره أن التابوت كان بأريحا وكان المشركون لما أخذوه وضعوه في بيت آلهتهم تحت صنمهم الكبير ، فأصبح التابوت على رأس الصنم فأنزلوه فوضعوه تحته فأصبح كذلك فسمروه تحته فأصبح الصنم مكسور القوائم ملقى بعيدا ، فعلموا أن هذا أمر من الله لا قبل لهم به فأخرجوا التابوت من بلدهم ، فوضعوه في بعض القرى فأصاب أهلها داء في رقابهم فأمرتهم جارية من سبي بني إسرائيل أن يردوه إلى بني إسرائيل حتى يخلصوا من هذا الداء ، فحملوه على بقرتين فسارتا به لا يقربه أحد إلا مات ، حتى اقتربتا من بلد بني إسرائيل فكسرتا النيرين ورجعتا وجاء بنو إسرائيل فأخذوه فقيل : إنه تسلمه داود عليه السلام وأنه لما قام إليهما حجل من فرحه بذلك . وقيل : شابان منهم فالله أعلم . وقيل : كان التابوت بقرية من قرى فلسطين يقال لها : أزدرد .
وقوله : ( إن في ذلك لآية لكم ) أي : على صدقي فيما جئتكم به من النبوة ، وفيما أمرتكم به من
طاعة طالوت : ( إن كنتم مؤمنين ) أي : بالله واليوم الآخر .
القول في تأويل قوله : وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ
قال أبو جعفر: وهذا الخبر من الله تعالى ذكره عن نبيه الذي أخبر عنه به، دليل على أن الملأ من بني إسرائيل الذين قيل لهم هذا القول، لم يقروا ببعثة الله طالوت عليهم ملكا إذ أخبرهم نبيهم بذلك، وعرفهم فضيلته التي فضله الله بها، ولكنهم سألوه الدلالة على صدق ما قال لهم من ذلك وأخبرهم به. فتأويل الكلام، إذ كان الأمر على ما وصفنا : " والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم "، فقالوا له: ما آية ذلك إن كنت من الصادقين؟ (95) =" قال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت " . وهذه القصة = (96) وإن كانت خبرا من الله تعالى ذكره عن الملإ من بني إسرائيل ونبيهم، وما كان من ابتدائهم نبيهم بما ابتدءوا به من مسألته أن يسأل الله لهم أن يبعث لهم ملكا يقاتلون معه في سبيله, ونبأً عما كان منهم من تكذيبهم نبيهم بعد علمهم بنبوته، (97) ثم إخلافهم الموعد الذي وعدوا الله ووعدوا رسوله، من &; 5-316 &; الجهاد في سبيل الله، بالتخلف عنه حين استنهضوا لحرب من استنهضوا لحربه, وفتح الله على القليل من الفئة، مع تخذيل الكثير منهم عن ملكهم وقعودهم عن الجهاد معه= (98) فإنه تأديب لمن كان بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذراريهم وأبنائهم يهود قريظة والنضير, وأنهم لن يعدوا في تكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم فيما أمرهم به ونهاهم عنه= مع علمهم بصدقه، ومعرفتهم بحقيقة نبوته, بعد ما كانوا يستنصرون الله به على أعدائهم قبل رسالته, وقبل بعثة الله إياه إليهم وإلى غيرهم = (99) أن يكونوا كأسلافهم وأوائلهم الذين كذبوا نبيهم شمويل بن بالي, مع علمهم بصدقه، ومعرفتهم بحقية نبوته, وامتناعهم من الجهاد مع طالوت لما ابتعثه الله ملكا عليهم، بعد مسألتهم نبيهم ابتعاث ملك يقاتلون معه عدوهم ويجاهدون معه في سبيل ربهم، ابتداء منهم بذلك نبيهم, وبعد مراجعة نبيهم شمويل إياهم في ذلك= (100) وحض لأهل الإيمان بالله وبرسوله من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على الجهاد في سبيله, وتحذير منه لهم أن يكونوا في التخلف عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم عند لقائه العدو، ومناهضته أهل الكفر بالله وبه، على مثل الذي كان عليه الملأ من بني إسرائيل في تخلفهم عن ملكهم طالوت إذ زحف لحرب عدو الله جالوت, وإيثارهم الدعة والخفض على مباشرة حر الجهاد والقتال في سبيل الله= (101) وشحذ منه لهم على الإقدام على مناجزة أهل الكفر به الحرب, وترك تهيب قتالهم أن قل عددهم وكثر عدد أعدائهم واشتدت شوكتهم بقوله: قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [سورة البقرة: 249] ,= (102) وإعلام منه &; 5-317 &; تعالى ذكره عباده المؤمنين به أن بيده النصر والظفر والخير والشر.
* * *
وأما تأويل قوله: " قال لهم نبيهم "، فإنه يعني: للملأ من بني إسرائيل الذين قالوا لنبيهم: " ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله " .
* * *
وقوله: " إن آية ملكه "، : إن علامة ملك طالوت= (103) التي سألتمونيها دلالة على صدقي في قولي: إن الله بعثه عليكم ملكا, وإن كان من غير سبط المملكة=" أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم "، وهو التابوت الذي كانت بنو إسرائيل إذا لقوا عدوا لهم قدموه أمامهم، وزحفوا معه, فلا يقوم لهم معه عدو، ولا يظهر عليهم أحد ناوأهم, حتى ضيعوا أمر الله، (104) وكثر اختلافهم على أنبيائهم, فسلبهم الله إياه مرة بعد مرة، يرده إليهم في كل ذلك, حتى سلبهم آخرها مرة فلم يرده عليهم، (105) ولن يرد إليهم آخر الأبد. (106)
* * *
ثم اختلف أهل التأويل في سبب مجيء التابوت الذي جعل الله مجيئه إلى بني إسرائيل آية لصدق نبيهم شمويل على قوله: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ، وهل كانت بنو إسرائيل سلبوه قبل ذلك فرده الله عليهم حين جعل مجيئه آية لملك طالوت, أو لم يكونوا سلبوه قبل ذلك، ولكن الله ابتدأهم به ابتداء؟
فقال بعضهم: بل كان ذلك عندهم من عهد موسى وهارون يتوارثونه، (107) حتى سلبهم إياه ملوك من أهل الكفر به, ثم رده الله عليهم آية لملك طالوت. وقال في &; 5-318 &; سبب رده عليهم ما أنا ذاكره وهو ما: -
5658- حدثني به المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهب بن منبه قال: كان لعيلي الذي ربى شمويل، ابنان شابان أحدثا في القربان شيئا لم يكن فيه. كان مسوط القربان الذي كانوا يسوطونه به كلابين (108) فما أخرجا كان للكاهن الذي يسوطه، (109) فجعله ابناه كلاليب. (110) وكانا إذا جاء النساء يصلين في القدس يتشبثان بهن. فبينا شمويل نائم قبل البيت الذي كان ينام فيه عيلي, إذ سمع صوتا يقول: أشمويل!! (111) فوثب إلى عيلي فقال: لبيك! ما لك! دعوتني؟ فقال: لا! ارجع فنم! فرجع فنام، ثم سمع صوتا آخر يقول: أشمويل !! فوثب إلى عيلي أيضا, فقال: لبيك ! ما لك ! دعوتني؟ فقال: لم أفعل، ارجع فنم, فإن سمعت شيئا فقل: " لبيك " مكانك،" مرني فأفعل "! فرجع فنام, فسمع صوتا أيضا يقول: أشمويل !! فقال: لبيك أنا هذا! مرني أفعل! قال: انطلق إلى عيلي فقل له: " منعه حب الولد أن يزجر ابنيه أن يحدثا في قدسي وقرباني، وأن يعصياني, فلأنـزعن منه الكهانة ومن ولده, ولأهلكنه وإياهما "! فلما أصبح سأله عيلي فأخبره, ففزع لذلك فزعا شديدا. فسار إليهم عدو ممن &; 5-319 &; حولهم, فأمر ابنيه أن يخرجا بالناس فيقاتلا ذلك العدو. فخرجا وأخرجا معهما التابوت الذي كان فيه اللوحان وعصا موسى لينصروا به. (112) فلما تهيئوا للقتال هم وعدوهم, جعل عيلي يتوقع الخبر: ماذا صنعوا؟ فجاءه رجل يخبره وهو قاعد على كرسيه: إن ابنيك قد قتلا وإن الناس قد انهزموا! قال : فما فعل التابوت؟ قال: ذهب به العدو! قال: فشهق ووقع على قفاه من كرسيه فمات. وذهب الذين سبوا التابوت حتى وضعوه في بيت آلهتهم، ولهم صنم يعبدونه, فوضعوه تحت الصنم، والصنم من فوقه, فأصبح من الغد والصنم تحته وهو فوق الصنم. ثم أخذوه فوضعوه فوقه وسمروا قدميه في التابوت, فأصبح من الغد قد تقطعت يدا الصنم ورجلاه, وأصبح ملقى تحت التابوت. فقال بعضهم لبعض: قد علمتم أن إله بني إسرائيل لا يقوم له شيء, فأخرجوه من بيت آلهتكم! فأخرجوا التابوت فوضعوه في ناحية من قريتهم, فأخذ أهل تلك الناحية التي وضعوا فيها التابوت وجع في أعناقهم, فقالوا: ما هذا؟! فقالت لهم جارية كانت عندهم من سبي بني إسرائيل: لا تزالون ترون ما تكرهون ما كان هذا التابوت فيكم! فأخرجوه من قريتكم! قالوا: كذبت! قالت: إن آية ذلك أن تأتوا ببقرتين لهما أولاد لم يوضع عليهما نير قط , ثم تضعوا وراءهم العجل, (113) ثم تضعوا التابوت على العجل وتسيروهما وتحبسوا أولادهما، فإنهما تنطلقان به مذعنتين, (114) حتى إذا خرجتا من أرضكم ووقعتا في أرض بني إسرائيل كسرتا نيرهما, وأقبلتا إلى أولادهما. ففعلوا ذلك، فلما خرجتا من أرضهم ووقعتا في أدنى أرض بني إسرائيل كسرتا نيرهما, وأقبلتا إلى أولادهما. ووضعتاه في خربة فيها حصاد من بني إسرائيل، (115) ففزع إليه &; 5-320 &; بنو إسرائيل وأقبلوا إليه, فجعل لا يدنو منه أحد إلا مات. فقال لهم نبيهم شمويل: اعترضوا, (116) فمن آنس من نفسه قوة فليدن منه. فعرضوا عليه الناس , فلم يقدر أحد يدنو منه إلا رجلان من بني إسرائيل، (117) أذن لهما بأن يحملاه إلى بيت أمهما, وهي أرملة. فكان في بيت أمهما حتى ملك طالوت, فصلح أمر بني إسرائيل مع أشمويل. (118)
5659- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال، حدثني بعض أهل العلم , عن وهب بن منبه قال: قال شمويل لبني إسرائيل لما قالوا له: أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال؟ قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم، وإن آية ملكه= وإن تمليكه من قبل الله= أن يأتيكم التابوت, فيرد عليكم الذي فيه من السكينة وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون, وهو الذي كنتم تهزمون به من لقيكم من العدو, وتظهرون به عليه. قالوا: فإن جاءنا التابوت فقد رضينا وسلمنا! وكان العدو الذين أصابوا التابوت أسفل من الجبل جبل إيليا فيما بينهم وبين مصر, وكانوا أصحاب أوثان, وكان فيهم جالوت. وكان جالوت رجلا قد أعطي بسطة في الجسم، وقوة في البطش، وشدة في الحرب, مذكورا بذلك في الناس. وكان التابوت حين استبي قد جعل في قرية من قرى فلسطين يقال لها: " أزدود ", (119) فكانوا قد جعلوا التابوت في &; 5-321 &; كنيسة فيها أصنامهم. فلما كان من أمر النبي صلى الله عليه وسلم ما كان: من وعد بني إسرائيل أن التابوت سيأتيهم- جعلت أصنامهم تصبح في الكنيسة منكسة على رؤوسها, وبعث الله على أهل تلك القرية فأرا, تبيت الفأرة الرجل فيصبح ميتا، (120) قد أكلت ما في جوفه من دبره. قالوا: تعلمون والله، لقد أصابكم بلاء ما أصاب أمة من الأمم مثله, (121) وما نعلمه أصابنا إلا مذ كان هذا التابوت بين أظهرنا!! مع أنكم قد رأيتم أصنامكم تصبح كل غداة منكسة، شيء لم يكن يصنع بها حتى كان هذا التابوت معها! فأخرجوه من بين أظهركم. فدعوا بعجلة فحملوا عليها التابوت, ثم علقوها بثورين, ثم ضربوا على جنوبهما, وخرجت الملائكة بالثورين تسوقهما, فلم يمر التابوت بشيء من الأرض إلا كان قدسا. فلم يرعهم إلا التابوت على عجلة يجرها الثوران, حتى وقف على بني إسرائيل, فكبروا وحمدوا الله, وجدوا في حربهم، واستوسقوا على طالوت. (122)
5660- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: لما قال لهم نبيهم: إن الله اصطفى طالوت عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم- أبوا أن يسلموا له الرياسة، حتى قال لهم: " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم " . فقال لهم: أرأيتم إن جاءكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله للملائكة!! &; 5-322 &; = وكان موسى حين ألقى الألواح تكسرت ورفع منها. فنـزل فجمع ما بقي فجعله في ذلك التابوت= قال ابن جريج، أخبرني يعلى بن مسلم , عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: أنه لم يبق من الألواح إلا سدسها. قال: وكانت العمالقة قد سبت ذلك التابوت- والعمالقة فرقة من عاد كانوا بأريحا- فجاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون إلى التابوت، حتى وضعته عند طالوت. فلما رأوا ذلك قالوا: نعم ! فسلموا له وملكوه. قال: وكان الأنبياء إذا حضروا قتالا قدموا التابوت بين يديهم. ويقولون: إن آدم نـزل بذلك التابوت وبالركن. وبلغني أن التابوت وعصا موسى في بحيرة طبرية, وأنهما يخرجان قبل يوم القيامة.
5661- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهب بن منبه يقول: إن أرميا لما خرب بيت المقدس وحرقت الكتب, وقف في ناحية الجبل فقال: " أنى يحيى هذه الله بعد موتها، فأماته الله مئة عام " . ثم رد الله من رد من بني إسرائيل على رأس سبعين سنة من حين أماته, يعمرونها ثلاثين سنة تمام المئة. فلما ذهبت المئة، رد الله إليه روحه، وقد عمرت, فهي على حالتها الأولى. (123)
(124) ...................................................................................
...................................................................................
...................................................................................
فلما أراد أن يرد عليهم التابوت , أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم: إما دانيال وإما غيره: إن كنتم تريدون أن يرفع عنكم المرض, فأخرجوا عنكم هذا التابوت ! قالوا: بآية ماذا؟ قال: بآية أنكم تأتون ببقرتين صعبتين لم تعملا عملا قط, فإذا نطرتا &; 5-323 &; إليه وضعتا أعناقهم للنير حتى يشد عليهما, (125) ثم يشد التابوت على عجل, ثم يعلق على البقرتين, ثم يخليان فيسيران حيث يريد الله أن يبلغهما. ففعلوا ذلك، ووكل الله بهما أربعة من الملائكة يسوقونهما، فسارت البقرتان سيرا سريعا , حتى إذا بلغتا طرف القدس كسرتا نيرهما, وقطعتا حبالهما, وذهبتا. فنـزل إليهما داود ومن معه، فلما رأى داود التابوت حجل إليه فرحا به = فقلنا لوهب: ما حجل إليه، قال : شبيه بالرقص= فقالت له امرأته: لقد خففت حتى كاد الناس يمقتونك لما صنعت! قال: أتبطئيني عن طاعة ربي!! لا تكونين لي زوجة بعد هذا. ففارقها.
* * *
وقال آخرون: بل التابوت= الذي جعله الله آية لملك طالوت= كان في البرية, وكان موسى صلى الله عليه وسلم خلفه عند فتاه يوشع, فحملته الملائكة حتى وضعته في دار طالوت. (126)
&; 5-324 &;
* ذكر من قال ذلك:
5662- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد, قال، حدثنا سعيد, عن قتادة في قوله: " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم "، الآية: كان موسى تركه عند فتاه يوشع بن نون وهو بالبرية, وأقبلت به الملائكة تحمله حتى وضعته في دار طالوت فأصبح في داره.
5663- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قوله: " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت " الآية, قال: كان موسى - فيما ذكر لنا - ترك التابوت عند فتاه يوشع بن نون وهو في البرية. فذكر لنا أن الملائكة حملته من البرية حتى وضعته في دار طالوت, فأصبح التابوت في داره.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب ما قاله ابن عباس ووهب بن منبه: من أن التابوت كان عند عدو لبني إسرائيل كان سلبهموه. وذلك أن الله تعالى ذكره قال مخبرا عن نبيه في ذلك الزمان قوله لقومه من بني إسرائيل : " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت "، و " الألف واللام " لا تدخلان في مثل هذا من الأسماء إلا في معروف عند المتخاطبين به. وقد عرفه المخبر والمخبر. فقد علم بذلك أن معنى الكلام : إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت الذي قد عرفتموه، الذي كنتم تستنصرون به, فيه سكينة من ربكم. ولو كان ذلك تابوتا من التوابيت غير معلوم عندهم قدره &; 5-325 &; ومبلغ نفعه قبل ذلك، لقيل: إن آية ملكه أن يأتيكم تابوت فيه سكينة من ربكم.
* * *
فإن ظن ذو غفلة أنهم كانوا قد عرفوا ذلك التابوت وقدر نفعه وما فيه وهو عند موسى ويوشع, فإن ذلك ما لا يخفى خطؤه. وذلك أنه لم يبلغنا أن موسى لاقى عدوا قط بالتابوت ولا فتاه يوشع, بل الذي يعرف من أمر موسى وأمر فرعون ما قص الله من شأنهما, وكذلك أمره وأمر الجبارين. وأما فتاه يوشع, فإن الذين قالوا هذه المقالة، زعموا أن يوشع خلفه في التيه حتى رد عليهم حين ملك طالوت. فإن كان الأمر على ما وصفوه, فأي الأحوال للتابوت الحال التي عرفوه فيها, فجاز أن يقال: إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت الذي قد عرفتموه وعرفتم أمره؟ وفي فساد هذا القول بالذي ذكرنا، (127) أبين الدلالة على صحة القول الآخر, إذ لا قول في ذلك لأهل التأويل غيرهما.
* * *
وكانت صفة التابوت فيما بلغنا، كما: -
5664- حدثنا محمد بن عسكر والحسن بن يحيى قالا أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا بكار بن عبد الله قال: سألنا وهب بن منبه عن تابوت موسى: ما كان؟ قال: كان نحوا من ثلاثة أذرع في ذراعين. (128)
* * *
&; 5-326 &;
القول في تأويل قوله : فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " فيه "، في التابوت=" سكينة من ربكم ".
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى " السكينة ".
فقال بعضهم: هي ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان.
* ذكر من قال ذلك:
5665- حدثنا عمران بن موسى قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال، حدثنا محمد بن جحادة, عن سلمة بن كهيل, عن أبي وائل, عن علي بن أبي طالب قال: السكينة، ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان.
5666- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان= وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا سفيان= عن سلمة بن كهيل, عن أبي الأحوص, عن علي قال: السكينة لها وجه كوجه الإنسان, ثم هي ريح هفافة.
5667- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم, عن العوام بن حوشب, عن سلمة بن كهيل, عن علي بن أبي طالب في قوله: " فيه سكينة من ربكم "، قال: ريح هفافة لها صورة= وقال يعقوب في حديثه: لها وجه= (129) وقال ابن المثنى: كوجه الإنسان.
5668- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن سلمة بن كهيل قال، قال علي: السكينة لها وجه كوجه الإنسان, وهي ريح هفافة. (130)
&; 5-327 &;
5669- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا أبو الأحوص, عن سماك بن حرب, عن خالد بن عرعرة قال، قال علي: السكينة ريح خجوج, ولها رأسان. (131)
5670- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن سماك قال: سمعت خالد بن عرعرة، يحدث عن علي, نحوه.
5671- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة, وحماد بن سلمة, وأبو الأحوص, كلهم عن سماك, عن خالد بن عرعرة, عن علي, نحوه. (132)
* * *
وقال آخرون: لها رأس كرأس الهرة وجناحان.
* ذكر من قال ذلك:
5672- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله تعالى: " فيه سكينة من ربكم "، قال: أقبلت السكينة [ والصرد] وجبريل مع إبراهيم من الشأم= (133) قال ابن أبي نجيح، سمعت مجاهدا يقول: السكينة لها رأس كرأس الهرة وجناحان.
5673- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد نحوه.
5674- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي قال، حدثنا سفيان, عن ليث, عن مجاهد قال: السكينة لها جناحان وذنب.
&; 5-328 &;
5675-حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: لها جناحان وَذَنَب مثل ذنب الهرة.
* * *
وقال آخرون: بل هي رأس هرة ميتة.
* * *
* ذكر من قال ذلك:
5677- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن وهب بن منبه, عن بعض أهل العلم من بني إسرائيل قال: السكينة رأس هرة ميتة، كانت إذا صرخت في التابوت بصراخ هر، أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح.
* * *
وقال آخرون: إنما هي طست من ذهب من الجنة، كان يغسل فيه قلوب الأنبياء.
* ذكر من قال ذلك:
5678- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، حدثنا الحكم بن ظهير, عن السدي, عن أبي مالك, عن ابن عباس : " فيه سكينة من ربكم "، قال: طست من ذهب من الجنة, كان يغسل فيه قلوب الأنبياء.
5679- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " فيه سكينة من ربكم "، السكينة: طست من ذهب يغسل فيها قلوب الأنبياء, أعطاها الله موسى, وفيها وضع الألواح. وكانت الألواح، فيما بلغنا، من در وياقوت وزبرجد.
* * *
وقال آخرون: " السكينة "، روح من الله تتكلم.
* ذكر من قال ذلك:
5680- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا بكار &; 5-329 &; بن عبد الله، قال، سألنا وهب بن منبه فقلنا له: السكينة؟ قال: روح من الله يتكلم، إذا اختلفوا في شيء تكلم فأخبرهم ببيان ما يريدون.
5681- حدثنا محمد بن عسكر قال، حدثنا عبد الرزاق قال، حدثنا بكار بن عبد الله: أنه سمع وهب بن منبه، فذكر نحوه. (134)
وقال آخرون: " السكينة "، ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليه.
* ذكر من قال ذلك:
5682- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: سألت عطاء بن أبي رباح عن قوله: " فيه سكينة من ربكم "، الآية، قال: أما السكينة فما يعرفون من الآيات، يسكنون إليها.
* * *
وقال آخرون: " السكينة "، الرحمة.
* ذكر من قال ذلك:
5683- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " فيه سكينة من ربكم "، أي رحمة من ربكم.
* * *
وقال آخرون: " السكينة "، هي الوقار.
* ذكر من قال ذلك:
5684- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " فيه سكينة من ربكم "، أي وقار.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالحق في معنى " السكينة " , ما قاله عطاء بن أبي رباح: من الشيء تسكن إليه النفوس من الآيات التي تعرفونها. وذلك أن &; 5-330 &; " السكينة " في كلام العرب " الفعيلة "، من قول القائل: " سكن فلان إلى كذا وكذا "= إذا اطمأن إليه وهدأت عنده نفسه=" فهو يسكن سكونا وسكينة ", مثل قولك: " عزم فلان هذا الأمر عزما وعزيمة ", و " قضى الحاكم بين القوم قضاء وقضية ", ومنه قول الشاعر: (135)
للــه قــبر غالهـا! مـاذا يجـن?
لقـــد أجــن ســكينة ووقــارا
* * *
وإذا كان معنى " السكينة " ما وصفت, فجائز أن يكون ذلك على ما قاله علي بن أبي طالب على ما روينا عنه, وجائز أن يكون ذلك على ما قاله مجاهد على ما حكينا عنه, وجائز أن يكون ما قاله وهب بن منبه وما قاله السدي، لأن كل ذلك آيات كافيات تسكن إليهن النفوس، وتثلج بهن الصدور. وإذا كان معنى " السكينة " ما وصفنا, فقد اتضح أن الآية التي كانت في التابوت، التي كانت النفوس تسكن إليها لمعرفتها بصحة أمرها، إنما هي مسماة بالفعل وهي غيره، (136) لدلالة الكلام عليه.
* * *
القول في تأويل قوله : وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " وبقية "، الشيء الباقي، من قول القائل: " قد بقي من هذا الأمر بقية ", وهي" فعلية " منه, نظير " السكينة " من " سكن ".
* * *
&; 5-331 &;
وقوله: " مما ترك آل موسى وآل هارون "، يعني به: من تركة آل موسى , وآل هارون.
* * *
واختلف أهل التأويل في" البقية " التي كانت بقيت من تركتهم.
فقال بعضهم : كانت تلك " البقية " عصا موسى ورضاض الألواح. (137)
* ذكر من قال ذلك:
5685- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود, عن عكرمة قال: أحسبه عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: رضاض الألواح.
5686- حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا بشر قال، حدثنا داود، عن عكرمة= قال داود: وأحسبه عن ابن عباس= مثله.
5687- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا أبو الوليد قال، حدثنا حماد, عن داود بن أبي هند, عن عكرمة, عن ابن عباس في هذه الآية: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: عصا موسى ورضاض الألواح .
5688- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: فكان في التابوت عصا موسى ورضاض الألواح, فيما ذكر لنا .
5689- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: البقية عصا موسى ورضاض الألواح.
5690- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، أما البقية، فإنها عصا موسى &; 5-332 &; ورضاضة الألواح. (138)
5691- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع : " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، عصا موسى وأثور من التوراة. (139)
5692- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي, عن خالد الحذاء, عن عكرمة في هذه الآية: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: التوراة ورضاض الألواح والعصا= قال إسحاق، قال وكيع: ورضاضه كسره.
5693- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية, عن خالد, عن عكرمة في قوله: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: رضاض الألواح.
* * *
وقال آخرون: بل تلك " البقية " عصا موسى وعصا هارون, وشيء من الألواح. (140)
* ذكر من قال ذلك:
5694- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح, عن إسماعيل, عن ابن أبي خالد, عن أبي صالح: " أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: كان فيه عصا موسى وعصا هارون, ولوحان من التوراة, والمن. (141)
&; 5-333 &;
5695- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أبي, عن عطية بن سعد في قوله: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: عصا موسى، وعصا هارون, وثياب موسى, وثياب هارون, ورضاض الألواح.
* * *
وقال آخرون: بل هي العصا والنعلان.
* ذكر من قال ذلك:
5696- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، سألت الثوري عن قوله: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: منهم من يقول: البقية قفيز من من ورضاض الألواح- ومنهم من يقول: العصا والنعلان. (142)
* * *
وقال آخرون: بل كان ذلك العصا وحدها.
* ذكر من قال ذلك:
5697- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا بكار بن عبد الله قال، قلنا لوهب بن منبه: ما كان فيه؟ = يعني في التابوت= قال: كان فيه عصا موسى والسكينة. (143)
* * *
وقال آخرون: بل كان ذلك، رضاض الألواح وما تكسر منها.
* ذكر من قال ذلك:
5698- حدثنا القاسم قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس في قوله: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، قال: كان موسى حين ألقى الألواح تكسرت ورفع منها, فجعل الباقي في ذلك التابوت.
&; 5-334 &;
5699- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، سألت عطاء بن أبي رباح عن قوله: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، [قال] العلم والتوراة. (144)
* * *
وقال آخرون: بل ذلك الجهاد في سبيل الله.
* ذكر من قال ذلك:
5700- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد الله بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون "، يعني ب " البقية "، القتال في سبيل الله, وبذلك قاتلوا مع طالوت, وبذلك أمروا.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن التابوت الذي جعله آية لصدق قول نبيه صلى الله عليه = الذي قال لأمته: (145) " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا " = أن فيه سكينة منه, وبقية مما تركه آل موسى وآل هارون. (146) وجائز أن يكون تلك البقية: العصا, وكسر الألواح، والتوراة, أو بعضها، والنعلين, والثياب, والجهاد في سبيل الله = وجائز أن يكون بعض ذلك، وذلك أمر لا يدرك علمه من جهة الاستخراج ولا اللغة, ولا يدرك علم ذلك إلا بخبر يوجب عنه العلم. ولا خبر عند أهل الإسلام في ذلك للصفة التي وصفنا. وإذ كان كذلك, فغير جائز فيه تصويب قول وتضعيف آخر غيره, إذ كان جائزا فيه ما قلنا من القول.
* * *
&; 5-335 &;
القول في تأويل قوله : تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في صفة حمل الملائكة ذلك التابوت.
فقال بعضهم: معنى ذلك: تحمله بين السماء والأرض، حتى تضعه بين أظهرهم.
* ذكر من قال ذلك:
5701- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: جاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه, حتى وضعته عند طالوت.
5702- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: لما قال لهم= يعني النبي، لبني إسرائيل: =" والله يؤتي ملكه من يشاء ". قالوا: فمن لنا بأن الله هو آتاه هذا! ما هو إلا لهواك فيه! قال: إن كنتم قد كذبتموني واتهمتمون، فإن آية ملكه: أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ، الآية. قال: فنـزلت الملائكة بالتابوت نهارا ينظرون إليه عيانا, حتى وضعوه بين أظهرهم, فأقروا غير راضين, وخرجوا ساخطين، وقرأ حتى بلغ: وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ .
5703- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: لما قال لهم نبيهم: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم "، قالوا: فإن كنت صادقا فأتنا بآية أن هذا ملك ! قال: " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " . وأصبح التابوت وما فيه في دار طالوت, فآمنوا بنبوة شمعون, وسلموا ملك طالوت.
5704- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا &; 5-336 &; معمر, عن قتادة في قوله: " تحمله الملائكة "، قال : تحمله حتى تضعه في بيت طالوت.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: تسوق الملائكة الدواب التي تحمله.
* ذكر من قال ذلك:
5705- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري, عن بعض أشياخه قال: تحمله الملائكة على عجلة على بقرة.
5706- حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا عبد الصمد بن معقل: أنه سمع وهب بن منبه يقول: وكل بالبقرتين اللتين سارتا بالتابوت أربعة من الملائكة يسوقونهما, فسارت البقرتان بهما سيرا سريعا، حتى إذا بلغتا طرف القدس ذهبتا.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: " حملت التابوت الملائكة حتى وضعته لها في دار طالوت قائما بين أظهر بني إسرائيل ". (147) وذلك أن الله تعالى ذكره قال: " تحمله الملائكة "، ولم يقل: تأتي به الملائكة. وما جرته البقر على عجل. وإن كانت الملائكة هي سائقتها, فهي غير حاملته. لأن " الحمل " المعروف، هو مباشرة الحامل بنفسه حمل ما حمل, فأما ما حمله على غيره = وإن كان جائزا في اللغة أن يقال " حمله " بمعنى معونته الحامل, (148) وبأن حمله كان عن سببه= فليس سبيله سبيل ما باشر حمله بنفسه، في تعارف الناس إياه &; 5-337 &; بينهم. وتوجيه تأويل القرآن إلى الأشهر من اللغات، أولى من توجيهه إلى الأنكر، (149) ما وُجد إلى ذلك سبيل.
* * *
القول في تأويل قوله : إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أن نبيه أشمويل قال لبني إسرائيل: إن في مجيئكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون حاملته الملائكة=" لآية لكم "، يعني: لعلامة لكم ودلالة، (150) أيها الناس، على صدقي فيما أخبرتكم: أن الله بعث لكم طالوت ملكا، أن كنتم قد كذبتموني فيما أخبرتكم به من تمليك الله إياه عليكم، واتهمتموني في خبري إياكم بذلك=" إن كنتم مؤمنين "، يعني بذلك: (151) إن كنتم مصدقي عند مجيء الآية التي سألتمونيها على صدقي فيما أخبرتكم به من أمر طالوت وملكه.
* * *
وإنما قلنا ذلك معناه، لأن القوم قد كانوا كفروا بالله في تكذيبهم نبيهم وردهم عليه قوله: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ، بقولهم: " أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه "، = وفي مسألتهم إياه الآية على صدقه. فإذ كان ذلك منهم كفرا, (152)
فغير جائز أن يقال لهم وهم كفار: لكم في مجيء التابوت آية إن كنتم من أهل الإيمان بالله ورسوله: = وليسوا من أهل الإيمان بالله ولا برسوله. ولكن الأمر في ذلك على ما وصفنا من معناه, لأنهم سألوا الآية &; 5-338 &; على صدق خبره إياهم ليقروا بصدقه, فقال لهم: في مجيء التابوت- على ما وصفه لهم - آية لكم إن كنتم عند مجيئه كذلك مصدقي بما قلت لكم وأخبرتكم به.
* * *
---------------------------
(95) في المطبوعة : "فقالوا له : ائت بآية على ذلك ... " ، وفي المخطوطة : " مما أتى به ذلك" وقد ضرب على الباء من"أتى" . واستظهرت قراءتها كما أثبتها ، لقوله تعالى بعد : " إن آية ملكه" .
(96) في المطبوعة : " هذه القصة" بإسقاط الواو ، وإسقاطها مخل بالكلام .
(97) في المطبوعة : " بناء عما كان منهم من تكذيبهم" ، وهو غث من الكلام . وفي المخطوطة : "بنا عما كان . . . " غير منقوطة ، و الصواب ما أثبت مع زيادة"الواو" عطفا على قوله : "وإن كانت خبرا . . . " .
(98) سياق الجملة : وهذه القصة ، وإن كانت خبرا من الله00 0 ونبأ عما كان منهم... فإنه تأديب..." .
(99) سياق هذه الجملة : "وأنهم لن يعدوا في تكذيبهم محمدا... أن يكونوا كأسلافهم..." .
(100) قوله : "وحض..." معطوف على قوله آنفًا : "فإنه تأديب..." .
(101) قوله : "وشخذ..." معطوف ثان على قوله آنفًا : " فإنه تأديب..." .
(102) قوله : " وإعلام..." معطوف ثالث على قوله : "فإنه تأديب..." .
(103) انظر تفسير"آية" فيما سلف 1 : 106 / 2 : 397 ، 398 ، 553 / 3 : 184 / 4 : 271 .
(104) في المطبوعة والمخطوطة : "حتى منعوا أمر الله" . وهو تصحيف لا معنى له ، والصواب ما أثبت .
(105) في المطبوعة : "حتى سلبهم آخر مرة" ، والذي في المخطوطة هو الصواب الجيد ، وإن كانت الأخرى قريبة من الصواب على ضعف .
(106) في المخطوطة : "ولم يرده إليهم آخر الأبد" ، وهو خطأ بين .
(107) في المطبوعة : " كان ذلك عندهم" ، بحذف"بل" .
(108) في المطبوعة والمخطوطة : " كان مشرط القربان الذي يشرطونه به" ، وهو خطأ لا معنى له ، والصواب من تاريخ الطبري 1 : 243 . والمسوط (بكسر الميم) : المسواط خشبة أو ما يشبهها ، يحرك بها ما في القدر ليختلط . ساط الشيء في القدر يسوطه سوطا : إذا حركة وخاصه ، ليختلط ويمتزج . وقربان اليهود هذا هو"التقدمة" ، كانت من دقيق مع زيت ولبان ، يؤخذ قليل من الدقيق المقدم والزيت وكل اللبان ، ويوقد على المذبح ، أو يعمل منه قطائف علي صاج ، وأما البقية فكانت للكمهنة (قاموس الكتاب المقدس 2 : 208) . والكلاب (يضم الكاف وتشديد اللام) : سفود من حديد أو خشب ، في رأسه عقافة معطوفة كالخطاف ، وجمعه : "كلاليب" .
(109) في المطبوعة والمخطوطة : "للكاهن الذي يستوطنه" ، وهو خطأ ، صوابه من التاريخ .
(110) في المطبوعة والمخطوطة : "فجعل ابناه..." ، والصواب من التاريخ .
(111) في المخطوطة والتاريخ في هذا الموضع و ما بعده : "أشمويل" ، والذي قبله : "شمويل" ، وأثبت ما فيهما ، كما سلف قريبا ص : 308 ، تعليق : 5 .
(112) في التاريخ : "لينتصروا به" ، أي ليجلبوا النصر لأنفسهم به .
(113) في المطبوعة : "وراءهم" والصواب من التاريخ والمخطوطة . والنير : الخشبة التي تكون على عنق الثور بأداتها .
(114) في المطبوعة : " ينطلقان مذعنين" ، والصواب من المخطوطة والتاريخ .
(115) في المطبوعة : "حضار" ، وفي المخطوطة : "حصار" ، غير منقوطة ، والصواب ما في التاريخ .
(116) في التاريخ : "اعرضوا" ، وهما سواء .
(117) في التاريخ : "فلم يقدر أحد على أن يدنو منه" ، والذي في المخطوطة والمطبوعة حسن .
(118) الأثر : 5658- في التاريخ 1 : 243- 244 ، وهو صدر الأثر السالف رقم : 5637 ، وساقهما الطبري في التاريخ سياقا واحدا .
(119) في المطبوعة : "يقال لها : أردن" ، وهو خطأ لا شك فيه ، وأما ما في المخطوطة فهو ، "أردود" بالراء ، وأنا أظنه بالزاي وأثبته كذلك . فإنه الذي في كتاب القوم في"كتاب صموئيل الأول" الإصحاح الخامس : "أشدود" ، وقال صاحب قاموسهم : "أشدود" (حصن ، معقل) ، إحدى مدن فلسطين الخمس المحالفة... وموقعها على ثلاثة أميال من البحر المتوسط بين غزة ويافا . قال : وهي الآن قرية حقيرة تسمى : أسدود ، وفي جوارها خرائب كثيرة" . والذي يرجع ما ظننته أنها بالزاي أن ابن كثير قال في تفسيره 1 : 602 أنه يقال لها : " أزدوه" ، وقال مصحح التفسير بهامشه أنها في نسخة الأزهر : "أزدرد" . وفي البغوي بهامش ابن كثير 1 : 601"أزدود" كما أثبتها .
(120) في المطبوعة : "تثبت الفأرة" ، وليست صوابا ، والذي في المخطوطة" تبيت" غير منقوطة وصواب قراءتها ما أثبت . بيت القوم العدو : أتوهم في جوف الليل فأوقعوا بهم وهم في غفلة عنه . والاسم : "البيات" ، وفي البغوي 1 : 601 (بهامش ابن كثير) : "فكانت الفأرة تبيت مع الرجل" .
(121) في المطبوعة : "أمة من الأمم قبلكم" ، وفي المخطوطة : "أمة من الأمم قبله" ، والذي أثبت أقرب إلى رسم المخطوطة ، مع التصحيف فيها .
(122) في المطبوعة : "واستوثقوا" . وهو خطأ والصواب ما في المخطوطة . ومعناه : اجتمعوا على طاعته . وأصله من"الوسق"وهو ضم الشيء إلى الشيء ، وفي حديث أحد : "استوسقوا كما يستوسق جرب الغم . أي : استجمعوا وانضموا . وفي حديث النجاشي : "واستوسق عليه أمر الحبشة" ، أي اجتمعوا على طاعته . وهو المراد هنا . وانظر ما سيأتي في الأثر : 5707 .
(123) الأثر : 5661- سيأتي هذا الأثر نفسه برقم : 5912 وهو أثر"مبتور" بلا شك ولم أستطع أن أتمه ، وانظر التعليق على الأثر التالي المذكور آنفًا .
(124) أما موضع النقط هذا ، فإنه سقط بلا شك فيه ، فإن خبر أرميا السالف ، لا يمكن أن يكون هذا الكلام من صلته ، فإن فيه ذكر رد التابوت في عهد طالوت وداود ، وهما قبل أرميا بدهر طويل . وأخشى أن يكون الناسخ قد قدم ورقة على ورقة في النسخة العتيقة ، أو تخطى وجها من الكتاب الذي نسخ منه . وليس من الممكن إتمام هذا النقص ، فلذلك فصلت بين الكلامين بهذه النقط ، حتى يتيح الله نسخة أقدم من النسخ التي بين أيدينا تسد هذا الخرم أو تصحح مكان الكلام .
وهذا الذي بعد النقط ، خبر عن القرية التي وضع فيها التابوت حين سبي ، كما ذكر في الأثر رقم : 5658 ، وهو أثر ضاع صدره عن وهب بن منبه ، كما هو واضح في السياق الآتي . ولم أجد صدره في شيء من الكتب التي بين يدي . هذا ونسختنا في الموضع كثيرة الخطأ السهو ، كما يتبين ذلك من خط كاتبها ، ومن الأخطاء السالفة التي ذكرتها في التعليقات .
(125) في المخطوطة : "فإذا نظرتا إليها" ، والصواب ما في المطبوعة .
(126) عند هذا الموضع انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلت عنه نسختنا ، وفيها هنا ما نصه :
"يتلوه إن شاء الله تعالى : ذكر من قال ذلك :
وصلى الله على محمد النبي و على آله وسلم كثيرا .
على الأصل .
بلغت بالقراءة من أوله والسماع على القاضي أبي الحسن الخصيب ، عن عبدالله ، عن أبي محمد الفرغاني ، عن أبي جعفر الطبري ، والقاضي ينظر في كتابه . وسمع معي أخي على حرسه الله ، وأبو الفتح أحمد بن عمر الجهاري (؟ ؟) ونصر بن الحسين الطبري ، ومحمد بن علي ... وعبدالرحيم بن أحمد البخاري . وكتب محمد بن أحمد بن عيسى السعدي ، في شعبان سنة ثمان وأربعمئة بمصر"
"ثم يتلو في أول الجزء التالي :
"بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر" .
(127) في المطبوعة : "ففساد هذا القول" ، "والصواب ما في المخطوطة .
(128) الأثر : 5664-"محمد بن عسكر" ، هو محمد بن سهل بن عسكر ، سلف في رقم : 5598 . بكار بن عبدالله اليماني ، روي عن وهب منبه . روى عنه بن ابن المبارك ، وهشام بن يوسف وعبدالرزاق . قال أحمد : ثقة . مترجم في الكبير 1/2/120 ، وابن أبي حاتم 1/1 /408 .
(129) في المخطوطة : "كما وجه" ، وما بينهما بياض ، ولعل أقرب ذلك ما في المطبوعة .
(130) في المخطوطة : "هى ريح" بإسقاط الواو .
(131) الأثر : 5669- هو بعض الأثر السالف رقم : 2058 في ذكر بناء الكعبة .
(132) الأثران : 5670 ، 5671- انظر الأثران السالفان : 2059 ، 2060 .
(133) ما بين القوسين ، زيادة من الأثار التي رويت عن مجاهد في ذلك ، في تاريخ مكة للأزرقي 1 : 22-28 ، ونصه في لسان العرب (صرد) . والصرد(بضم الصاد وفتح الراء : طائر أبقع ضخم يكون في الشجر وشعب الجبال لا يقدر عليه أحد ، وهو من سباع الطير .
(134) الأثران : 5680 ، 5681-"محمد بن عسكر" ، و"بكار بن عبد الله" . انظر التعليق على الأثر رقم : 5664 .
(135) أنشد
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 248 | ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ |
---|
آل عمران: 49 | ﴿وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
التابوت:
هى قراءة الجمهور وقرأ أبو زيد: التابوه، بالهاء، وهى لغة الأنصار.