ترتيب المصحف | 43 | ترتيب النزول | 63 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 6.70 |
عدد الآيات | 89 | عدد الأجزاء | 0.33 |
عدد الأحزاب | 0.65 | عدد الأرباع | 2.60 |
ترتيب الطول | 30 | تبدأ في الجزء | 25 |
تنتهي في الجزء | 25 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 24/29 | الحواميم: 4/7 |
أرسلَ اللهُ موسى عليه السلام بالمُعجِزاتِ، فلمَّا نزلَ بهم العذابُ طلبُوا منه أن يدعوَ ربَّه ليكشفَ عنهُم العذابَ فيؤمنُوا، فكشفَهُ وما آمنُوا.
قريبًا إن شاء الله
ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ جانبًا من طُغيانِ فرعونَ واستخفافِه بعقولِ قومِه، فانتقمَ اللَّهُ منهُم وأغرقَهُم.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ ذكرِ قصَّةِ موسى عليه السلام ذكرَ اللهُ هنا قصَّةَ عيسى عليه السلام ، وبَيَّنَ أنَّهُ عبدٌ أنعمَ اللهُ عليه بالنُّبوةِ، =
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
{ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} أي:الآية المتأخرة أعظم من السابقة،{ وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ} كالجراد، والقمل، والضفادع، والدم، آيات مفصلات.{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} إلى الإسلام، ويذعنون له، ليزول شركهم وشرهم.
وقوله- سبحانه-: وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها ... بيان لقسوة قلوبهم، وعدم تأثرها بالآيات والمعجزات.
أى: وما نريهم من آية دالة على صدق نبينا موسى، إلا وتكون هذه الآية أكبر من أختها السابقة عليها، في الدلالة على ذلك، مع كون الآية السابقة عظيمة وكبيرة في ذاتها.
والمقصود بالجملة الكريمة، بيان أن هؤلاء القوم لم يأتهم موسى- عليه السلام- بآية واحدة تشهد بصدقه فيما جاءهم به من عند ربه، وإنما أتاهم بمعجزات متعددة، وكل معجزة أدل على صدقه مما قبلها.
ويصح أن يكون المراد وصف الجميع بالكبر، على معنى أن كل واحدة لكمالها في ذاتها، إذا نظر إليها الناظر، ظنها أكبر من البواقي لاستقلالها بإفادة الغرض الذي جاءت من أجله.
وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: والغرض بهذا الكلام، أنهن موصوفات بالكبر، لا يكدن يتفاوتن فيه، وكذلك العادة في الأشياء التي تتلاقى في الفضل. وتتفاوت منازلها فيه التفاوت اليسير، أن تختلف آراء الناس في تفضيلها، فيفضل بعضهم هذا، وبعضهم ذاك، فعلى ذلك بنى الناس كلامهم فقالوا: رأيت رجالا بعضهم أفضل من بعض، وربما اختلفت آراء الرجل الواحد فيها، فتارة يفضل هذا وتارة يفضل ذاك، ومنه بيت الحماسة:
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسرى بها السارى وقوله- تعالى-: وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ بيان للمصير السيئ الذي آلوا إليه.
أى: وأخذناهم بسبب إصرارهم على الكفر والمعاصي، بالعذاب الدنيوي الشديد لكي يرجعوا عما هم عليه من كفر وفسوق، ولكنهم لم يرجعوا.
فالمراد بالعذاب هنا العذاب الدنيوي، الذي أشار إليه- سبحانه- بقوله:فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ، آياتٍ مُفَصَّلاتٍ، فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ.. .
أي ومع هذا ما رجعوا عن غيهم وضلالهم وجهلهم وخبالهم.
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)
يقول تعالى ذكره: وما نري فرعون وملأه آية, يعني: حجته لنا عليه بحقيقة ما يدعوه إليه رسولنا موسى ( إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ) يقول: إلا التي نريه من ذلك أعظم في الحجة عليهم وأوكد من التي مضت قبلها من الآيات, وأدل على صحة ما يأمره به موسى من توحيد الله.
وقوله: ( وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ ) يقول: وأنـزلنا بهم العذاب, وذلك كأخذه تعالى ذكره إياهم بالسنين, ونقص من الثمرات, وبالجراد, والقمل, والضفادع, والدم.
وقوله: ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) يقول: ليرجعوا عن كفرهم بالله إلى توحيده وطاعته, والتوبة مما هم عليه مقيمون من معاصيهم.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) أي يتوبون, أو يذكرون.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَقَالُوا} عندما نزل عليهم العذاب:{ يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ} يعنون موسى عليه السلام، وهذا، إما من باب التهكم به، وإما أن يكون هذا الخطاب عندهم مدحا، فتضرعوا إليه بأن خاطبوه بما يخاطبون به من يزعمون أنهم علماؤهم، وهم السحرة، فقالوا:{ يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} أي:بما خصك اللّه به، وفضلك به، من الفضائل والمناقب، أن يكشف عنا العذاب{ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ} إن كشف اللّه عنا ذلك.
ثم حكى- سبحانه- ما قالوه بعد أن نزل بهم العذاب، فقال: وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ.
وجمهور المفسرين على أن قولهم هذا، كان على سبيل التعظيم لموسى- عليه السلام- لأنهم كانوا يوقرون السحرة، ويعتبرونهم العلماء.
قال ابن كثير: قوله يا أَيُّهَا السَّاحِرُ أى: العالم ... وكان علماء زمانهم هم السحرة، ولم يكن السحر عندهم في زمانهم مذموما، فليس هذا منهم على سبيل الانتقاص، لأن الحال حال ضرورة منهم إليه، فهي تقتضي تعظيمهم لموسى- عليه السلام- .. .
وما في قوله: بِما عَهِدَ عِنْدَكَ مصدرية: أى: بعهده عندك، والمراد بهذا العهد: النبوة. وسميت عهدا، لأن الله- تعالى- عاهد نبيه أن يكرمه بها، أو لأن لها حقوقا تحفظ كما يحفظ العهد.
وقوله: إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ مرتب على كلام محذوف.
أى: وحين أخذنا فرعون وقومه بالعذاب، قالوا لموسى- على سبيل التذلل والتعظيم من شأنه- يا أيها الساحر الذي غلبنا بسحره وعلمه، ادع لنا ربك بحق عهده إليك بالنبوة، لئن كشف عنا ربك هذا العذاب الذي نزل بنا إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ أى إننا لمؤمنون ثابتون على ذلك، متبعون لك في كل ما تأمرنا به أو تنهانا عنه.
وكلما جاءتهم آية من هذه الآيات يضرعون إلى موسى ، عليه السلام ، ويتلطفون له في العبارة بقولهم : ( يا أيها الساحر ) أي : العالم ، قاله ابن جرير . وكان علماء زمانهم هم السحرة . ولم يكن السحر عندهم في زمانهم مذموما ، فليس هذا منهم على سبيل الانتقاص منهم ; لأن الحال حال ضرورة منهم إليه لا تناسب ذلك ، وإنما هو تعظيم في زعمهم ، ففي كل مرة يعدونموسى [ عليه السلام ] إن كشف عنهم هذا أن يؤمنوا ويرسلوا معه بني إسرائيل .
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49)
يقول تعالى ذكره: وقال فرعون وملؤه لموسى: ( يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ) وعنوا بقولهم " بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ": بعهده الذي عهد إليك أنا إن آمنا بك واتبعناك, كُشف عنا الرِّجْز.
كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ( بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ ) قال لئن آمنا ليكشفن عنا العذاب.
إن قال لنا قائل: وما وجه قيلهم يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك, وكيف سموه ساحرا وهم يسألونه أن يدعو لهم ربه ليكشف عنهم العذاب؟ قيل: إن الساحر كان عندهم معناه: العالم, ولم يكن السحر عندهم ذما, وإنما دعوه بهذا الاسم, لأن معناه عندهم كان: يا أيها العالم.
وقوله: ( إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ) يقول: قالوا: إنا لمتبعوك فمصدّقوك فيما جئتنا به, وموحدو الله فمبصرو سبيل الرشاد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ) قال: قالوا يا موسى: ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمننّ لك.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} أي:لم يفوا بما قالوا، بل غدروا، واستمروا على كفرهم. وهذا كقوله تعالى:{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ}
فدعا موسى- عليه السلام- ربه أن يكشف عنهم العذاب، فأجاب الله دعوته بأن كشف عنهم، فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أنهم نقضوا عهودهم، واستمروا على كفرهم، كما قال- تعالى-: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ أى: فحين كشفنا عنهم العذاب الذي حل بهم إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ أى: إذا هم ينقضون عهدهم بالإيمان فلا يؤمنون. يقال: نكث فلان عهده ونقضه، إذا لم يف به.
ومن سوء أدبهم أنهم قالوا: ادع لنا ربك، فكأن الله- تعالى- رب موسى وحده، وليس ربا لهم.
وشبيه بهاتين الآيتين قوله- تعالى-: وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ، لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ، وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ. فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ
وفي كل مرة ينكثون ما عاهدوا عليه ، وهذا كقوله [ تعالى ] ( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين . ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل . فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ) [ الأعراف : 133 - 135 ] .
وقوله: ( فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ) يقول تعالى ذكره: فلما رفعنا عنهم العذاب الذي أنـزلنا بهم, الذي وعدوا أنهم إن كشف عنهم اهتدوا لسبيل الحق, إذا هم بعد كشفنا ذلك عنهم ينكثون العهد الذي عاهدونا: يقول: يغدرون ويصرّون على ضلالهم, ويتمادون في غيهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ) : أي يغدرون.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 135 | ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ |
---|
الزخرف: 50 | ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ينكثون:
وقرئ:
بكسر الكاف، وهى قراءة أبى حيوة.
التفسير :
{ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ} مستعليا بباطله، قد غره ملكه، وأطغاه ماله وجنوده:{ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} أي:ألست المالك لذلك، المتصرف فيه،{ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} أي:الأنهار المنسحبة من النيل، في وسط القصور والبساتين.{ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} هذا الملك الطويل العريض، وهذا من جهله البليغ، حيث افتخر بأمر خارج عن ذاته، ولم يفخر بأوصاف حميدة، ولا أفعال سديدة.
ثم حكى- سبحانه- جانبا من طغيان فرعون وفجوره، واستخفافه بعقول قومه فقال:
وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ... أى: أن فرعون جمع زعماء قومه، وأخبرهم بما يريد أن يقول لهم.
أو أنه أمر مناديا ينادى في قومه جميعا، ليعلمهم بما يريد إعلامهم به، وأسند- سبحانه- النداء إلى فرعون، لأنه هو الآمر به.
والتعبير بقوله: فِي قَوْمِهِ يشعر بأن النداء قد وصل إليهم جميعا ودخل في قلوبهم.
وقوله- تعالى-: قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ... حكاية لما قاله فرعون لقومه.
أى: أن فرعون جمع عظماء قومه، وقال لهم- بعد أن خشي إيمانهم بموسى: يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ بحيث لا ينازعني في ذلك منازع، ولا يخالفني في ذلك مخالف، فالاستفهام للتقرير.
وفضلا عن ذلك فإن هذه الأنهار التي ترونها متفرعة من النيل تجرى تحت قدمي، أو من تحت قصرى.
أَفَلا تُبْصِرُونَ ذلك، وتستدلون به على قوة أمرى، وسعة ملكي، وعظم شأنى فمفعول تُبْصِرُونَ محذوف، أى: أفلا تبصرون عظمتي.
يقول تعالى مخبرا عن فرعون وتمرده وعتوه وكفره وعناده : أنه جمع قومه ، فنادى فيهم متبجحا مفتخرا بملك مصر وتصرفه فيها : ( أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ) ، قال قتادة قد كانت لهم جنان وأنهار ماء ، ( أفلا تبصرون ) ؟ أي : أفلا ترون ما أنا فيه من العظمة والملك ، يعني : وموسى وأتباعه فقراء ضعفاء . وهذا كقوله تعالى : ( فحشر فنادى . فقال أنا ربكم الأعلى . فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) [ النازعات : 23 - 25 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51)
يقول تعالى ذكره: ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ ) من القبط, فـ( قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ) يعنى بقوله: ( مِنْ تَحْتِي ) : من بين يدي في الجنان.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ) قال: كانت لهم جنات وأنهار ماء.
وقوله: ( أَفَلا تُبْصِرُونَ ) يقول: أفلا تبصرون أيها القوم ما أنا فيه من النعيم والخير, وما فيه موسى من الفقر وعيّ اللسان, افتخر بملكه مصر عدوّ الله, وما قد مكَّن له من الدنيا استدراجا من الله له, وحسب أن الذي هو فيه من ذلك ناله بيده وحوله, وأن موسى إنما لم يصل إلى الذي يصفه, فنسبه من أجل ذلك إلى المهانة محتجًا على جهلة قومه بأن موسى عليه السلام لو كان محقًا فيما يأتي به من الآيات والعبر, ولم يكن ذلك سحرا, لأكسب نفسه من الملك والنعمة, مثل الذي هو فيه من ذلك جهلا بالله واغترارًا منه بإملائه إياه.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تبصرون:
وقرئ:
يبصرون، بياء الغيبة، وهى قراءة مهدى.
التفسير :
{ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} يعني -قبحه اللّه- بالمهين، موسى بن عمران، كليم الرحمن، الوجيه عند اللّه، أي:أنا العزيز، وهو الذليل المهان المحتقر، فأينا خير؟{ و} مع هذا فـ{ لا يَكَادُ يُبِينُ} عما في ضميره بالكلام، لأنه ليس بفصيح اللسان، وهذا ليس من العيوب في شيء، إذا كان يبين ما في قلبه، ولو كان ثقيلا عليه الكلام.
وأَمْ في قوله: أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ هي المنقطعة المقدرة بمعنى بل التي هي للاضراب، والإشارة بهذا تعود لموسى- عليه السلام-.
أى: بل أنا خير من هذا الذي هو فقير وليس صاحب ملك أو سطوة أو مال.. وفي الوقت نفسه لا يَكادُ يُبِينُ أى: لا يكاد يظهر كلامه لعقدة في لسانه.
وقوله : ( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ) قال السدي : يقول : بل أنا خير من هذا الذي هو مهين . وهكذا قال بعض نحاة البصرة : إن " أم " هاهنا بمعنى " بل " . ويؤيد هذا ما حكاه الفراء عن بعض القراء أنه قرأها : " أما أنا خير من هذا الذي هو مهين " . قال ابن جرير : ولو صحت هذه القراءة لكان معناها صحيحا واضحا ، ولكنها خلاف قراءة الأمصار ، فإنهم قرءوا : ( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ) ؟ على الاستفهام .
قلت : وعلى كل تقدير فإنما يعني فرعون - عليه اللعنة - أنه خير من موسى ، عليه السلام ، وقد كذب في قوله هذا كذبا بينا واضحا ، فعليه لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة .
ويعني بقوله : ( مهين ) كما قال سفيان : حقير . وقال قتادة والسدي : يعني : ضعيفا . وقال ابن جرير : يعني : لا ملك له ولا سلطان ولا مال .
( ولا يكاد يبين ) يعني : لا يكاد يفصح عن كلامه ، فهو عيي حصر .
قال السدي : ( ولا يكاد يبين ) أي : لا يكاد يفهم . وقال قتادة ، والسدي ، وابن جرير : يعني عيي اللسان . وقال سفيان : يعني في لسانه شيء من الجمرة حين وضعها في فيه وهو صغير .
وهذا الذي قاله فرعون - لعنه الله - كذب واختلاق ، وإنما حمله على هذا الكفر والعناد ، وهو ينظر إلى موسى ، عليه السلام ، بعين كافرة شقية ، وقد كان موسى ، عليه السلام ، من الجلالة والعظمة والبهاء في صورة يبهر أبصار ذوي [ الأبصار و ] الألباب . وقوله : ( مهين ) كذب ، بل هو المهين الحقير خلقة وخلقا ودينا . وموسى [ عليه السلام ] هو الشريف الرئيس الصادق البار الراشد . وقوله : ( ولا يكاد يبين ) افتراء أيضا ، فإنه وإن كان قد أصاب لسانه في حال صغره شيء من جهة تلك الجمرة ، فقد سأل الله ، عز وجل ، أن يحل عقدة من لسانه ؛ ليفقهوا قوله ، وقد استجاب الله له في [ ذلك في ] قوله : ( قال قد أوتيت سؤلك ياموسى ) [ طه : 26 ] ، وبتقدير أن يكون قد بقي شيء لم يسأل إزالته ، كما قاله الحسن البصري ، وإنما سأل زوال ما يحصل معه الإبلاغ والإفهام ، فالأشياء الخلقية التي ليست من فعل العبد لا يعاب بها ولا يذم عليها ، وفرعون وإن كان يفهم وله عقل فهو يدري هذا ، وإنما أراد الترويج على رعيته ، فإنهم كانوا جهلة أغبياء ،
القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52)
يقوله تعالى ذكره مخبرًا عن قيل فرعون لقومه بعد احتجاجه عليهم بملكه وسلطانه, وبيان لسانه وتمام خلقه, وفضل ما بينه وبين موسى بالصفات التي وصف بها نفسه وموسى: أنا خير أيها القوم, وصفتي هذه الصفة التي وصفت لكم ( أم هذا الذي هو مهين ) لا شيء له من الملك والأموال مع العلة التي في جسده, والآفة التي بلسانه, فلا يكاد من أجلها يبين كلامه؟.
وقد اختُلف في معنى قوله: ( أمْ ) في هذا الموضع, فقال بعضهم: معناها: بل أنا خير, وقالوا. ذلك خير, لا استفهام.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد: قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) قال: بل أنا خير من هذا. وبنحو ذلك كان يقول بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة.
وقال بعض نحويي الكوفة, هو من الاستفهام الذي جعل بأم لاتصاله بكلام قبله. قال: وإن شئت رددته على قوله: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ؟ وإذا وجه الكلام إلى أنه استفهام, وجب أن يكون في الكلام محذوف استغني بذكر ما ذكر مما ترك ذكره, ويكون معنى الكلام حينئذ: أنا خير أيها القوم من هذا الذي هو مهين, أم هو؟.
وذُكر عن بعض القرّاء أنه كان يقرأ ذلك " أما أنا خَيْرٌ".
حدثنا بذلك عن الفرّاء قال: أخبرني بعض المشيخة أنه بلغه أن بعض القرّاء قرأ كذلك, ولو كانت هذه القراءة قراءة مستفيضة في قَرَأة الأمصار لكانت صحيحة, وكان معناها حسنا, غير أنها خلاف ما عليه قرّاء الأمصار, فلا أستجيز القراءة بها, وعلى هذه القراءة لو صحت لا كلفة له في معناها ولا مؤنة.
والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار. وأولى التأويلات بالكلام إذ كان ذلك كذلك, تأويل من جعل: أم أنا( خَيْرٌ )؟ من الاستفهام الذي جعل بأم, لاتصاله بما قبله من الكلام, ووجهه إلى أنه بمعنى: أأنا خير من هذا الذي هو مهين؟ أم هو؟ ثم ترك ذكر أم هو, لما في الكلام من الدليل عليه.
وعني بقوله: ( مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) : من هذا الذي هو ضعيف لقلة ماله, وأنه ليس له من الملك والسلطان ماله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) قال: ضعيف.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ ) قال: المهين: الضعيف.
وقوله: ( وَلا يَكَادُ يُبِينُ ) يقول: ولا يكاد يبين الكلام من عِيّ لسانه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلا يَكَادُ يُبِينُ ) : أي عَييّ اللسان.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَلا يَكَادُ يُبِينُ ) الكلام.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يبين:
وقرئ:
بفتح الياء، من «بان» ، إذا ظهر، وهى قراءة الباقر.
التفسير :
ثم قال فرعون:{ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ} أي:فهلا كان موسى بهذه الحالة، أن يكون مزينا مجملا بالحلي والأساور؟{ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ} يعاونونه على دعوته، ويؤيدونه على قوله.
ثم أضاف إلى ذلك قوله- كما حكى القرآن عنه: فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ.
والأسورة: جمع سوار، وهو كناية عن تمليكه، وكانوا إذا ملكوا رجلا عليهم، جعلوا في يديه سوارين، وطوقوه بطوق من ذهب، علامة على أنه ملكهم.
أى: فهلا لو كان موسى ملكا أو رسولا، أن يحلى نفسه بأساور من ذهب، أو جاء إلينا ومعه الملائكة محيطين به، ومتقارنين معه، لكي يعينوه ويشهدوا له بالنبوة.
ولا شك أن هذه الأقوال التي تفوه بها فرعون، تدل على شدة طغيانه، وعلى عظم غروره، وعلى استغلاله الضخم لغفلة قومه وسفاهتهم وضعفهم.
ورحم الله الإمام ابن كثير فقد قال ما ملخصه: وهذا الذي قاله فرعون- لعنه الله- كذب واختلاق، وإنما حملة على هذا الكفر والعناد، وهو ينظر إلى موسى- عليه السلام- بعين كافرة شقية، وقد كان موسى من الجلالة والعظمة والبهاء في صورة يبهر أبصار ذوى الألباب.
وقوله: وَلا يَكادُ يُبِينُ افتراء- أيضا- فإنه وإن كان قد أصاب لسانه في حال صغره شيء من جهة تلك الجمرة، فقد سأل ربه أن يحل عقدة من لسانه، فاستجاب الله- تعالى- له وفرعون إنما أراد بهذا الكلام، أن يروج على رعيته، لأنهم كانوا جهلة أغبياء.. .
وهكذا كقوله : ( فلولا ألقي عليه أساورة من ذهب ) أي : وهي ما يجعل في الأيدي من الحلي ، قاله ابن عباس وقتادة وغير واحد ، ( أو جاء معه الملائكة مقترنين ) أي : يكتنفونه خدمة له ويشهدون بتصديقه ، نظر إلى الشكل الظاهر ، ولم يفهم السر المعنوي الذي هو أظهر مما نظر إليه ، لو كان يعلم ; ولهذا قال تعالى :
وقوله: ( فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ) يقول: فهلا ألقي على موسى إن كان صادقا أنه رسول رب العالمين أسورة من ذهب, وهو جمع سوار, وهو القُلْب الذي يجعل في اليد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ) يقول: أقلبة من ذهب.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ) : أي أقلبة من ذهب.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة والكوفة " فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ". وذُكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه ( أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ).
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي ما عليه قَرَأة الأمصار, وإن كانت الأخرى صحيحة المعنى.
واختلف أهل العربية في واحد الأساورة, والأسورة, فقال بعض نحوييّ البصرة: الأسورة جمع إسوار قال: والأساورة جمع الأسورة; وقال: ومن قرأ ذلك أساورة, فإنه أراد أساوير والله أعلم, فجعل الهاء عوضا من الياء, مثل الزنادقة صارت الهاء فيها عوضا من الياء التي في زناديق. وقال بعض نحوييّ الكوفة: من قرأ أساورة جعل واحدها إسوار; ومن قرأ أسورة جعل واحدها سوار; وقال: قد تكون الأساورة جمع أسورة كما يقال في جمع الأسقية الأساقي, وفي جمع الأكرع الأكارع. وقال آخر منهم قد قيل في سوار اليد: يجوز فيه أسوار وإسوار; قال: فيجوز على هذه اللغة أن يكون أساورة جمعه. وحُكي عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقول: واحد الأساورة إسوار; قال: وتصديقه في قراءة أبيّ بن كعب " فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ" فإن كان ما حكي من الرواية من أنه يجوز أن يقال في سوار اليد إسوار, فلا مؤنة في جمعه أساورة, ولست أعلم ذلك صحيحا عن العرب برواية عنها, وذلك أن المعروف في كلامهم من معنى الإسوار: الرجل الرامي, الحاذق بالرمي من رجال العجم. وأما الذي يُلبس في اليد, فإن المعروف من أسمائه عندهم سوارا. فإذا كان ذلك كذلك, فالذي هو أولى بالأساورة أن يكون جمع أسورة على ما قاله الذي ذكرنا قوله في ذلك.
وقوله: ( أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) يقول: أو هلا إن كان صادقا جاء معه الملائكة مقترنين قد اقترن بعضهم ببعض, فتتابَعُوا يشهدون له بأنه لله رسول إليهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة على تأويله, فقال بعضهم: يمشون معا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال أبو عاصم, قال ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) قال: يمشون معا.
وقال آخرون: متتابعين.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا زيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) : أي متتابعين.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, مثله.
وقال آخرون: يقارن بعضهم بعضا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد, قال ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ) قال: يقارن بعضهم بعضا.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ألقى:
مبنيا للفاعل، وهى قراءة الضحاك.
أسورة:
1- جمع «سوار» ، نحو: خمار وأخمرة، وهى قراءة الحسن، وقتادة، وأبى رجاء، والأعرج، ومجاهد، وأبى حيوة، وحفص.
وقرئ:
2- أساورة، وهى قراءة الجمهور.
3- أساوير، والمفرد: أسوار، وهى قراءة أبى، وعبد الله.
4- أساور، وهى قراءة الأعمش.
التفسير :
{ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} أي:استخف عقولهم بما أبدى لهم من هذه الشبه، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا حقيقة تحتها، وليست دليلا على حق ولا على باطل، ولا تروج إلا على ضعفاء العقول.
فأي دليل يدل على أن فرعون محق، لكون ملك مصر له، وأنهاره تجري من تحته؟
وأي دليل يدل على بطلان ما جاء به موسى لقلة أتباعه، وثقل لسانه، وعدم تحلية الله له، ولكنه لقي ملأ لا معقول عندهم، فمهما قال اتبعوه، من حق وباطل.{ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} فبسبب فسقهم، قيض لهم فرعون، يزين لهم الشرك والشر.
وقوله- تعالى-: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ، إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ بيان لما كان عليه فرعون من لؤم وخداع، ولما كان عليه قومه من جبن وخروج على طاعة الله- تعالى-.
أى: وبعد أن قال فرعون لقومه ما قال من تطاول على موسى- عليه السلام- طلب منهم الخفة والسرعة والمبادرة إلى الاستجابة لما قاله لهم، فأجابوه إلى طلبه منهم، لأنهم كانوا قوما خارجين على طاعتنا، مؤثرين الغي على الرشد، والضلالة على الهداية..
( فاستخف قومه فأطاعوه ) أي : استخف عقولهم ، فدعاهم إلى الضلالة فاستجابوا له ، ( إنهم كانوا قوما فاسقين ) .
القول في تأويل قوله تعالى : فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)
يقول تعالى ذكره: فاستخفّ فرعون خلقا من قومه من القبط, بقوله الذي أخبر الله تبارك وتعالى عنه أنه قال لهم, فقبلوا ذلك منه فأطاعوه, وكذّبوا موسى, قال الله: وإنما أطاعوا فاستجابوا لما دعاهم إليه عدوّ الله من تصديقه, وتكذيب موسى, لأنهم كانوا قوما عن طاعة الله خارجين بخذلانه إياهم, وطبعه على قلوبهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
النمل: 12 | ﴿فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ﴾ |
---|
القصص: 32 | ﴿فَذَٰنِكَ بُرۡهَٰنَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦٓۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ |
---|
الزخرف: 54 | ﴿فَٱسۡتَخَفَّ قَوۡمَهُۥ فَأَطَاعُوهُۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ |
---|
الذاريات: 46 | ﴿وَقَوۡمَ نُوحٖ مِّن قَبۡلُۖ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَلَمَّا آسَفُونَا} أي:أغضبونا بأفعالهم{ انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ}
ثم بين- سبحانه- سوء عاقبتهم فقال: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ. فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ.
وقوله: آسَفُونا أى: أغضبونا أشد الغضب، من أسف فلان أسفا، إذا اشتد غضبه وسَلَفاً أى: قدوة لمن بعدهم من الكفار في استحقاق مثل عقوبتهم. وهو مصدر وصف به على سبيل المبالغة، ولذا يطلق على القليل والكثير. يقال: سلفه الشيء سلفا، إذا تقدم ومضى. وفلان سلف له عمل صالح، أى: تقدم له عمل صالح ومنه: الأسلاف، أى:
المتقدمون على غيرهم.
أى: فلما أغضبنا فرعون وقومه أشد الغضب، بسبب إصرارهم على الكفر والفسوق والعصيان، انتقمنا منهم انتقاما شديدا، حيث أغرقناهم أجمعين في اليم.
قال الله تعالى : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ) ، قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( آسفونا ) أسخطونا .
وقال الضحاك ، عنه : أغضبونا . وهكذا قال ابن عباس أيضا ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومحمد بن كعب القرظي ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم من المفسرين .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثنا عمي ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عقبة بن مسلم التجيبي عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد ما شاء ، وهو مقيم على معاصيه ، فإنما ذلك استدراج منه له " ثم تلا ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) .
وحدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : كنت عند عبد الله فذكر عنده موت الفجأة ، فقال : تخفيف على المؤمن ، وحسرة على الكافر . ثم قرأ : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) .
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : وجدت النقمة مع الغفلة ، يعني قوله : ( فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ) .
يقول الله تبارك وتعالى: ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) يعني بقوله: آسفونا: أغضبونا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) يقول: أسخطونا.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس,( فَلَمَّا آسَفُونَا ) يقول: لما أغضبونا.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) : أغضبونا.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) قال: أغضبوا ربهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) قال: أغضبونا.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فَلَمَّا آسَفُونَا ) قال: أغضبونا, وهو على قول يعقوب: يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ قال: يا حَزني على يوسف.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ) قال: أغضبونا, وقوله: ( انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ) يقول: انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عجلناه لهم, فأغرقناهم جميعا في البحر.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 136 | ﴿فَـ انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ |
---|
الزخرف: 55 | ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} ليعتبر بهم المعتبرون، ويتعظ بأحوالهم المتعظون.
فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً أى قدوة لمن بعدهم في الكفر في استحقاق مثل عقوبتهم كما جعلناهم مَثَلًا أى: عبرة وموعظة لِلْآخِرِينَ الذين يعملون مثل أعمالهم..
وبذلك نرى في هذه الآيات الكريمة، جانبا من قصة موسى- عليه السلام- مع فرعون وملئه.
ويتجلى في هذا الجانب من القصة طغيان فرعون، واستخفافه بعقول قومه، ومجاهرته بالكذب والفجور.. فكانت عاقبتهم جميعا الدمار والبوار.
ثم انتقلت السورة الكريمة من الحديث عن جانب من قصة موسى، إلى الحديث عن جانب من قصة عيسى- عليه السلام- فقال- تعالى-:
وقوله : ( فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ) : قال أبو مجلز : ( سلفا ) لمثل من عمل بعملهم .
وقال هو ومجاهد : ( ومثلا ) أي عبرة لمن بعدهم .
القول في تأويل قوله تعالى : فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلآخِرِينَ (56)
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الكوفة غير عاصم " فَجَعَلْنَاهُمْ سُلُفًا " بضم السين واللام, توجيها ذلك منهم إلى جمع سليف من الناس, وهو المتقدّم أمام القوم. وحكى الفرّاء أنه سمع القاسم بن معن يذكر أنه سمع العرب تقول: مضى سليف من الناس. وقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وعاصم: ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا ) بفتح السين واللام.
وإذا قرئ كذلك احتمل أن يكون مرادا به الجماعة والواحد والذكر والأنثى, لأنه يقال للقوم: أنتم لنا سلف, وقد يجمع فيقال: هم أسلاف; ومنه الخبر الذي روي عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ أسْلافًا ".
وكان حُميد الأعرج يقرأ ذلك: " فَجَعَلْنَاهُمْ سُلَفًا " بضم السين وفتح اللام, توجيها منه ذلك إلى جمع سلفة من الناس, مثل أمة منهم وقطعة.
وأولى القراءات في ذلك بالصواب قراءة من قرأه بفتح السين واللام, لأنها اللغة الجوداء, والكلام المعروف عند العرب, وأحقّ اللغات أن يقرأ بها كتاب الله من لغات العرب أفصحها وأشهرها فيهم. فتأويل الكلام إذن: فجعلنا هؤلاء الذين أغرقناهم من قوم فرعون في البحر مقدّمة يتقدمون إلى النار, كفار قومك يا محمد من قريش, وكفار قومك لهم بالأثر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) قال: قوم فرعون كفارهم سلفا لكفار أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا ) في النار.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر: ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا ) قال: سلفا إلى النار.
وقوله: ( وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) يقول: وعبرة وعظة يتعظ بهم مَنْ بعدهم من الأمم, فينتهوا عن الكفر بالله. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, مجاهد ( وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) قال: عبرة لمن بعدهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا أبو ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) : أي عظة للآخرين.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَمَثَلا لِلآخِرِينَ ) : أي عظة لمن بعدهم.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا ) قال: عبرة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
سلفا:
1- بفتحتين، مصدر، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم السين واللام، «جمع سلف» ، وهو الفريق، وهى قراءة أبى عبد الله، وأصحابه، وسعيد بن عياض، والأعمش، وطلحة، والأعرج، وحمزة، والكسائي.
3- بضم السين واللام، جمع «سلفة» ، وهى القطيعة، وهى قراءة على، ومجاهد، والأعرج أيضا.
التفسير :
يقول تعالى:{ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} أي:نهي عن عبادته، وجعلت عبادته بمنزلة عبادة الأصنام والأنداد.{ إِذَا قَوْمُكَ} المكذبون لك{ مِنْهُ} أي:من أجل هذا المثل المضروب،{ يَصِدُّونَ} أي:يستلجون في خصومتهم لك، ويصيحون، ويزعمون أنهم قد غلبوا في حجتهم، وأفلجوا.
ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى-: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا ...
روايات منها: أنه لما نزل قوله- تعالى-: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ...
تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا: ما يريد محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا أن نتخذه إلها، كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم فأنزل الله- تعالى- وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا....
وقال الواحدي: أكثر المفسرين على أن هذه الآية، نزلت في مجادلة ابن الزبعرى- قبل أن يسلم- مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فإنه لما نزل قوله- تعالى-: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ....
قال ابن الزبعرى خصمتك- يا محمد- ورب الكعبة. أليست النصارى يعبدون المسيح، واليهود يعبدون عزيرا، وبنو مليح يعبدون الملائكة؟ فإن كان هؤلاء في النار، فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا في النار؟.
فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما أجهلك بلغة قومك؟ أما فهمت أن ما لما لا يعقل» ؟. وفي رواية أنه صلّى الله عليه وسلّم قال له: «إنهم يعبدون الشيطان» وأنزل الله- تعالى-: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ.. .
وكلمة يَصِدُّونَ قرأها الجمهور بكسر الصاد. وقرأها ابن عامر والكسائي بضم الصاد. وهما بمعنى واحد. ومعناهما: يضجون ويصيحون فرحا. يقال: صد يصد- بكسر الصاد وضمها- بمعنى ضج- كعكف- بضم الكاف وكسرها.
ويرى بعضهم أن يَصِدُّونَ- بكسر الصاد- بمعنى: يضجون ويصيحون ويضحكون ... وأن يَصِدُّونَ- بضم الصاد- بمعنى يعرضون. من الصد بمعنى الإعراض عن الحق.
والمعنى: وحين ضرب ابن الزبعرى، عيسى ابن مريم مثلا، وحاجك بعبادة النصارى له، فاجأك قومك- كفار قريش- بسبب هذه المحاجة، بالصياح والضجيج والضحك، فرحا منهم بما قاله ابن الزبعرى، وظنا منهم أنه قد انتصر عليك في الخصومة والمجادلة.
فمن في قوله مِنْهُ الظاهر أنها للسببية، كما في قوله- تعالى-: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً....
والمراد بالمثل هنا: الحجة والبرهان.
قال الآلوسى: والحجة لما كانت تسير مسير الأمثال شهرة، قيل لها مثل. أو المثل بمعنى المثال. أى: جعله مقياسا وشاهدا على إبطال قوله صلّى الله عليه وسلّم: إن آلهتهم من حصب جهنم، وجعل عيسى- عليه السلام- نفسه مثلا من باب: الحج عرفة .
يقول تعالى مخبرا عن تعنت قريش في كفرهم وتعمدهم العناد والجدل : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) قال غير واحد ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، والسدي : يضحكون ، أي : أعجبوا بذلك .
وقال قتادة : يجزعون ويضحكون . وقال إبراهيم النخعي : يعرضون .
وكان السبب في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة حيث قال : وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فيما بلغني - يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد ، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم ، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش ، فتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرض له النضر بن الحارث ، فكلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أفحمه ، ثم تلا عليه وعليهم : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) الآيات [ الأنبياء : 98 ] . ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقبل عبد الله بن الزبعرى التميمي حتى جلس ، فقال الوليد بن المغيرة له : والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد ، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم ، فقال عبد الله بن الزبعرى : أما والله لو وجدته لخصمته ، سلوا محمدا : أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ، فنحن نعبد الملائكة ، واليهود تعبد عزيرا ، والنصارى تعبد المسيح [ عيسى ] ابن مريم ؟ فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ، ورأوا أنه قد احتج وخاصم ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كل من أحب أن يعبد من دون الله ، فهو مع من عبده ، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته " فأنزل الله عز وجل : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) [ الأنبياء : 101 ] أي : عيسى وعزير ومن عبد معهما من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله ، عز وجل ، فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله . ونزل فيما يذكرون أنهم يعبدون الملائكة وأنهم بنات الله : ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون ) الآيات [ الأنبياء : 26 ] ، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى وأنه يعبد من دون الله . وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) أي : يصدون عن أمرك بذلك من قوله . ثم ذكر عيسى فقال : ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون وإنه لعلم للساعة ) أي : ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام ، فكفى به دليلا على علم الساعة ، يقول : ( فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ) .
وذكر ابن جرير من رواية العوفي ، عن ابن عباس قوله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) قال : يعني قريشا ، لما قيل لهم : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) [ الأنبياء : 98 ] إلى آخر الآيات ، فقالت له قريش : فما ابن مريم ؟ قال : " ذاك عبد الله ورسوله " . فقالوا : والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه ربا ، كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم ربا ، فقال الله تعالى ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ) .
وقال الإمام أحمد : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا شيبان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي رزين ، عن أبي يحيى - مولى ابن عقيل الأنصاري - قال : قال ابن عباس : لقد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل قط ، فما أدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها ، أم لم يفطنوا لها فيسألوا عنها . قال : ثم طفق يحدثنا ، فلما قام تلاومنا ألا نكون سألناه عنها . فقلت : أنا لها إذا راح غدا . فلما راح الغد قلت : يا ابن عباس ، ذكرت أمس أن آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط ، فلا تدري أعلمها الناس أم لم يفطنوا لها ؟ فقلت : أخبرني عنها وعن اللاتي قرأت قبلها . قال : نعم ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش : " يا معشر قريش ، إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير " ، وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى ابن مريم ، وما تقول في محمد ، فقالوا : يا محمد ، ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا ، فإن كنت صادقا ، كان آلهتهم كما تقولون ؟ ! قال : فأنزل الله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) . قلت : ما يصدون ؟ قال : يضحكون ، ( وإنه لعلم للساعة ) قال : هو خروج عيسى ابن مريم قبل القيامة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن يعقوب الدمشقي ، حدثنا آدم ، حدثنا شيبان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي أحمد مولى الأنصار ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا معشر قريش ، إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير " . فقالوا له : ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا ، فقد كان يعبد من دون الله ؟ فأنزل الله عز وجل : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) .
وقال مجاهد في قوله : ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ) : قالت قريش : إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى . ونحو هذا قال قتادة .
وقوله: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا ) يقول تعالى ذكره: ولما شبه الله عيسى في إحداثه وإنشائه إياه من غير فحل بآدم, فمثله به بأنه خلقه من تراب من غير فحل, إذا قومك يا محمد من ذلك يضجون ويقولون: ما يريد محمد منا إلا أن نتخذه إلها نعبده, كما عبدت النصارى المسيح.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم بنحو الذي قلنا فيه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال ثنا أبو عاصم, قال ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون; قال: قالت قريش: إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: لما ذُكر عيسى ابن مريم جزعت قريش من ذلك, وقالوا: يا محمد ما ذكرت عيسى ابن مريم (1) وقالوا: ما يريد محمد إلا أن نصنع به كما صنعت النصارى بعيسى ابن مريم, فقال الله عزّ وجلّ: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا .
حدثنا بشر, قال ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: لما ذكر عيسى في القرآن قال مشركو قريش: يا محمد ما أردت إلى ذكر عيسى؟ قال: وقالوا: إنما يريد أن نحبه كما أحبَّت النصارى عيسى.
وقال آخرون: بل عنى بذلك قول الله عزّ وجلّ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ قيل المشركين عند نـزولها: قد رضينا بأن تكون آلهتنا مع عيسى وعُزَير والملائكة, لأن كل هؤلاء مما يعبد من دون الله, قال الله عزّ وجلّ: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) وقالوا: أآلهتنا خير أم هو؟.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, ثنا أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يعني قريشا لما قيل لهم إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ فقالت له قريش: فما ابن مريم؟ قال: ذاك عبد الله ورسوله, فقالوا: والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم ربا, فقال الله عزّ وجلّ: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( يَصُدُّونَ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة, وجماعة من قرّاء الكوفة: " يصُدُّونَ" بضم الصاد. وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفة والبصرة ( يَصُدُّونَ ) بكسر الصاد.
واختلف أهل العلم بكلام العرب في فرق ما بين ذلك إذا قُرئ بضم الصاد, وإذا قُرئ بكسرها, فقال بعض نحوييّ البصرة, ووافقه عليه بعض الكوفيين: هما لغتان بمعنى واحد, مثل يشُدّ ويشِدّ, ويَنُمُّ ويَنِمّ من النميمة. وقال آخر: منهم من كسر الصاد فمجازها يضجون, ومن ضمها فمجازها يعدلون. وقال بعض من كسرها: فإنه أراد يضجون, ومن ضمها فإنه أراد الصدود عن الحقّ.
وحُدثت عن الفرّاء قال: ثني أبو بكر بن عياش, أن عاصما ترك يصدّون من قراءة أبي عبد الرحمن, وقرأ يصدّون, قال: قال أبو بكر. حدثني عاصم, عن أبي رزين, عن أبي يحيى, أن ابن عباس لقي ابن أخي عبيد بن عمير, فقال: إن عمك لعربيّ, فما له يُلحن في قوله: " إذَا قُومُكَ مِنْهُ يَصُدُّونَ", وإنما هي ( يَصُدُّونَ ).
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان, ولغتان مشهورتان بمعنى واحد, ولم نجد أهل التأويل فرقوا بين معنى ذلك إذا قرئ بالضم والكسر, ولو كان مختلفا معناه, لقد كان الاختلاف في تأويله بين أهله موجودا وجود اختلاف القراءة فيه باختلاف اللغتين, ولكن لما لم يكن مختلف المعنى لم يختلفوا في أن تأويله: يضجون ويجزعون, فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب.
* ذكر ما قلنا في تأويل ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) يقول: يضجون.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا أبو حمزة, عن المُغيرة الضبيّ, عن الصعب بن عثمان قال: كان ابن عباس يقرأ ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ), وكان يفسرها يقول: يضجون.
ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عدي, عن شعبة عن عاصم عن أبي رزين, عن ابن عباس بمثله.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح عن مجاهد, في قول الله عزّ وجلّ: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) : أي يجزعون ويضجون.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن عاصم بن أبي النجود, عن أبي صالح, عن ابن عباس أنه قرأها( يَصُدُّونَ ) : أي يضجون, وقرأ عليّ رضي الله عنه ( يَصُدُّونَ ).
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ) قال: يضجون.
------------------------
الهوامش:
(1) كذا في الأصل ، ولم يتم الكلام ؛ ولعله اكتفى بدلالة ما بعده عليه .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يصدون:
قرئ:
1- بضم الصاد، أي: يعرضون عن الحق، وهى قراءة أبى جعفر، والأعرج، والنخعي، وأبى رجاء، وابن وثاب، وعامر، ونافع، والكسائي.
2- بكسرها، أي: يصيحون وترتفع لهم حمية، وهى قراءة ابن عباس، وابن جبير، والحسن، وعكرمة، وباقى السبعة.
التفسير :
{ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} يعني:عيسى، حيث نهي عن عبادة الجميع، وشورك بينهم بالوعيد على من عبدهم، ونزل أيضا قوله تعالى:{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}
ووجه حجتهم الظالمة، أنهم قالوا:قد تقرر عندنا وعندك يا محمد، أن عيسى من عباد الله المقربين، الذين لهم العاقبة الحسنة، فلم سويت بينه وبينها في النهي عن عبادة الجميع؟ فلولا أن حجتك باطلة لم تتناقض.
ولم قلت:{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} وهذا اللفظ بزعمهم، يعم الأصنام، وعيسى، فهل هذا إلا تناقض؟ وتناقض الحجة دليل على بطلانها، هذا أنهى ما يقررون به هذه الشبهة [الذي] فرحوا بها واستبشروا، وجعلوا يصدون ويتباشرون.
وهي -وللّه الحمد- من أضعف الشبه وأبطلها، فإن تسوية الله بين النهي عن عبادة المسيح، وبين النهي عن عبادة الأصنام، لأن العبادة حق للّه تعالى، لا يستحقها أحد من الخلق، لا الملائكة المقربون، ولا الأنبياء المرسلون، ولا من سواهم من الخلق، فأي شبهة في تسوية النهي عن عبادة عيسى وغيره؟
ثم بين- سبحانه- أقوالهم التي بنوا عليها باطلهم فقال: وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ... ؟ والضمير هُوَ يعود إلى عيسى- عليه السلام-.
ومرادهم بالاستفهام تفضيل عيسى- عليه السلام- على آلهتهم، مجاراة للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
فكأنهم يقولون: لقد أخبرتنا بأن عيسى ابن مريم رسول من رسل الله- تعالى- وأنه خير من آلهتنا.. فإن كان في النار يوم القيامة لأن الله- تعالى- يقول: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا في النار.
وقد أبطل الله زعمهم هذا بقوله: ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا.
أى: لا تهتم- أيها الرسول الكريم- بما قالوه، فإنهم ما ضربوا لك هذا المثل بعيسى إلا من أجل مجادلتك بالباطل، وليس من أجل الوصول إلى الحق.
وقوله: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ مؤكد لما قبله من كونهم قالوا ذلك لأجل الجدل بالباطل، لا لطلب الحق، وإضراب عن مزاعمهم وعن مجاراتهم في خصومتهم.
أى: ذرهم- أيها الرسول الكريم- في باطلهم يعمهون، فإنهم قوم مجبولون على الخصومة، وعلى اللجاج في الباطل.
فقوله: خَصِمُونَ جمع خصم- بفتح فكسر- وهو الإنسان المبالغ في الجدل والخصومة، دون أن يكون هدفه الوصول إلى الحق.
وجاء التعبير في قوله: ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بصيغة الجمع، مع أن ضارب المثل واحد، وهو ابن الزبعرى، لأن إسناد فعل الواحد إلى الجماعة، من الأساليب المعروفة في اللغة العربية، ومنه قول الشاعر:
فسيف بنى عبس وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد
فإنه قد نسب الضرب إلى جميع بنى عبس، مع تصريحه بأن الضارب واحد، وهو ورقاء..
ولأنهم لما أيدوا ابن الزبعرى في قوله، فكأنهم جميعا قد قالوه..
وقوله : ( وقالوا أآلهتنا خير أم هو ) : قال قتادة : يقولون : آلهتنا خير منه . وقال قتادة : قرأ ابن مسعود : " وقالوا أآلهتنا خير أم هذا " ، يعنون محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
وقوله : ( ما ضربوه لك إلا جدلا ) أي : مراء ، وهم يعلمون أنه ليس بوارد على الآية ; لأنها لما لا يعقل ، وهي قوله : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) [ الأنبياء : 98 ] . ثم هي خطاب لقريش ، وهم إنما كانوا يعبدون الأصنام والأنداد ، ولم يكونوا يعبدون المسيح حتى يوردوه ، فتعين أن مقالتهم إنما كانت جدلا منهم ، ليسوا يعتقدون صحتها .
وقد قال الإمام أحمد ، رحمه الله تعالى : حدثنا ابن نمير ، حدثنا حجاج بن دينار ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه ، إلا أورثوا الجدل " ، ثم تلا هذه الآية : ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ) .
وقد رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، من حديث حجاج بن دينار ، به . ثم قال الترمذي : حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديثه كذا قال .
وقد روي من وجه آخر عن أبي أمامة بزيادة فقال ابن أبي حاتم : حدثنا حميد بن عياش الرملي ، حدثنا مؤمل ، حدثنا حماد ، أخبرنا ابن مخزوم ، عن القاسم أبي عبد الرحمن الشامي ، عن أبي أمامة - قال حماد : لا أدري رفعه أم لا ؟ - قال : ما ضلت أمة بعد نبيها إلا كان أول ضلالها التكذيب بالقدر ، وما ضلت أمة بعد نبيها إلا أعطوا الجدل ، ثم قرأ : ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون )
وقال ابن جرير أيضا : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، عن عباد بن عباد ، عن جعفر ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن ، فغضب غضبا شديدا حتى كأنما صب على وجهه الخل ، ثم قال : " لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، فإنه ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل " ، ثم تلا ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون )
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)
يقول تعالى ذكره: وقال مشركو قومك يا محمد: آلهتنا التي نعبدها خير؟ أم محمد فنعبد محمدا؟ ونترك آلهتنا؟.
وذُكر أن ذلك في قراءة أبيّ بن كعب: " أآلهتنا خير أم هذا " .
* ذكر الرواية بذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور عن معمر, عن قتادة أن في حرف أبي بن كعب " وقالوا أآلهتنا خير أم هذا " يعنون محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: آلهتنا خير أم عيسى؟.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) قال: خاصموه, فقالوا: يزعم أن كلّ من عبد من دون الله في النار, فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى وعُزير والملائكة هؤلاء قد عُبدوا من دون الله, قال: فأنـزل الله براءة عيسى.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فى قوله: ( أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ ) قال: عبد هؤلاء عيسى, ونحن نعبد الملائكة.
وقوله: ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ).... إلى ( فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ). وقوله تعالى ذكره: ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا ) يقول تعالى ذكره: ما مثلوا لك هذا المثل يا محمد ولا قالوا لك هذا القول إلا جدلا وخصومة يخاصمونك به ( بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: ما بقومك يا محمد هؤلاء المشركين في محاجتهم إياك بما يحاجونك به طلب الحق ( بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) يلتمسون الخصومة بالباطل.
وذُكر عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " ما ضل قوم عن الحق إلا أوتوا الجدل ".
* ذكر الرواية ذلك: حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا يعلى, قال: ثنا الحجاج بن دينار, عن أبي غالب عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل, وقرأ: ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا )... الآية.
حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي وأبو كُرَيب قالا ثنا محمد بن بشر, قال: ثنا حجاج بن دينار, عن أبي أُمامة " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن, فغضب غضبا شديدًا, حتى كأنما صبّ على وجهه الخلّ, ثم قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " لا تَضْرِبُوا كِتَابَ الله بَعْضَهُ بِبَعْضٍ, فإنَّهُ ما ضَلَّ قَوْمٌ قَطُّ إلا أُوتُوا الجَدَلَ", ثم تلا( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ).
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أآلهتنا:
قرئ:
1- بتخفيف الهمزتين، وهى قراءة الكوفيين.
2- بتسهيل الثانية بين بين، وهى قراءة باقى السبعة.
3- بهمزة واحدة، على مثال الخبر، وهى قراءة ورش، فى رواية أبى الأزهر.
جدلا:
وقرئ:
جدالا، بكسر الجيم وألف، وهى قراءة ابن مقسم.
التفسير :
وليس تفضيل عيسى عليه السلام، وكونه مقربا عند ربه ما يدل على الفرق بينه وبينها في هذا الموضع، وإنما هو كما قال تعالى:{ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}
بالنبوة والحكمة والعلم والعمل،{ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} يعرفون به قدرة الله تعالى على إيجاده من دون أب.
وأما قوله تعالى:{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} فالجواب عنها من ثلاثة أوجه:
أحدها:أن قوله:{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أن{ ما} اسم لما لا يعقل، لا يدخل فيه المسيح ونحوه.
الثاني:أن الخطاب للمشركين، الذين بمكة وما حولها، وهم إنما يعبدون أصناما وأوثانا ولا يعبدون المسيح.
الثالث:أن الله قال بعد هذه الآية:{ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} فلا شك أن عيسى وغيره من الأنبياء والأولياء، داخلون في هذه الآية.
ثم بين- سبحانه- حقيقة عيسى- عليه السلام- فقال: إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ، وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ.
أى: ليس هو أى: عيسى- عليه السلام- إلا عبد من عبادنا الذين أنعمنا عليهم بنعمة النبوة وَجَعَلْناهُ مَثَلًا أى: أمرا عجيبا، جديرا بأن يسير ذكره كالأمثال لِبَنِي إِسْرائِيلَ الذين أرسلناه إليهم، حيث خلقناه من غير أب، وأعطيناه المعجزات الباهرات التي منها: إبراء الأكمة والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله ... وهذا كله دليل على وحدانيتنا، وكمال قدرتنا ونفاذ إرادتنا.
فالآية الكريمة ترفع من شأن عيسى- عليه السلام-، وتحدد منزلته، وتنفى عنه غلو المغالين في شأنه، وإنقاص المنقصين من قدره.
وقوله : ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ) يعني : عيسى ، عليه السلام ، ما هو إلا عبد [ من عباد الله ] أنعم الله عليه بالنبوة والرسالة ، ( وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) أي : دلالة وحجة وبرهانا على قدرتنا على ما نشاء .
وقوله: ( إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ) يقول تعالى ذكره: فما عيسى إلا عبد من عبادنا, أنعمنا عليه بالتوفيق والإيمان, وجعلناه مثلا لبني إسرائيل, يقول: وجعلناه آية لبني إسرائيل, وحجة لنا عليهم بإرسالناه إليهم بالدعاء إلينا, وليس هو كما تقول النصارى من أنه ابن الله تعالى, تعالى الله عن ذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: ( إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ) يعني بذلك عيسى ابن مريم, ما عدا ذلك عيسى ابن مريم, إن كان إلا عبدا أنعم الله عليه.
وبنحو الذي قلنا أيضا في قوله: ( وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) قالوا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن قتادة ( مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) أحسبه قال: آية لبني إسرائيل.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) أي آية.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم قال تعالى:{ وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} أي:لجعلنا بدلكم ملائكة يخلفونكم في الأرض، ويكونون في الأرض حتى نرسل إليهم ملائكة من جنسهم، وأما أنتم يا معشر البشر، فلا تطيقون أن ترسل إليكم الملائكة، فمن رحمة الله بكم، أن أرسل إليكم رسلا من جنسكم، تتمكنون من الأخذ عنهم.
ثم أكد- سبحانه- كمال قدرته فقال: وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ.
و «من» في قوله- تعالى- مِنْكُمْ يصح أن تكون للبدلية، فيكون المعنى: ولو نشاء إهلاككم أيها الكافرون لفعلنا ولجعلنا بدلا منكم ملائكة يخلفونكم بعد موتكم، ولكنا لم نشأ ذلك لحكم نحن نعلمها.
ويصح أن تكون للتبعيض فيكون المعنى: ولو نشاء لجعلنا منكم يا رجال قريش ملائكة، بطريق التوليد منكم، من غير واسطة نساء، فهذا أمر سهل علينا، مع أنه أعجب من حال عيسى الذي تستغربونه، لأنه جاء من غير أب، مع أن الأم من طبيعتها الولادة.
فالمقصود بالآية الكريمة بيان أن قدرة الله- تعالى- لا يعجزها شيء، وأن ما تعجبوا منه، الله- تعالى- قادر على أن يأتى بما هو أعجب منه.
قال صاحب الكشاف: قوله وَلَوْ نَشاءُ لقدرتنا على خلق عجائب الأمور، وبدائع الفطر، لَجَعَلْنا مِنْكُمْ أى: لولدنا منكم يا رجال مَلائِكَةً يخلفونكم في الأرض، كما يخلفكم أولادكم، كما ولدنا عيسى من أنثى من غير فحل، لتعرفوا تميزنا بالقدرة الباهرة، ولتعلموا أن الملائكة أجسام.. وذات الله- تعالى- متعالية عن ذلك .
وقوله : ( ولو نشاء لجعلنا منكم ) أي : بدلكم ( ملائكة في الأرض يخلفون ) ، قال السدي : يخلفونك فيها . وقال ابن عباس ، وقتادة : يخلف بعضهم بعضا ، كما يخلف بعضكم بعضا . وهذا القول يستلزم الأول . وقال مجاهد : يعمرون الأرض بدلكم .
قوله: ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) يقول تعالى ذكره: ولو نشاء معشر بني آدم أهلكناكم, فأفنينا جميعكم, وجعلنا بدلا منكم في الأرض ملائكة يخلفونكم فيها يعبدونني وذلك نحو قوله تعالى ذكره: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا وكما قال: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, غير أن منهم من قال: معناه: يخلف بعضهم بعضا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) يقول: يخلف بعضهم بعضا.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) قال: يعمرون الأرض بدلا منكم.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) قال: يخلف بعضهم بعضا, مكان بني آدم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) لو شاء الله لجعل في الأرض ملائكة يخلف بعضهم بعضا.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ ) قال: خلفا منكم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء