42016171819202122

الإحصائيات

سورة الأحزاب
ترتيب المصحف33ترتيب النزول90
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات10.00
عدد الآيات73عدد الأجزاء0.56
عدد الأحزاب1.12عدد الأرباع4.50
ترتيب الطول15تبدأ في الجزء21
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
النداء: 4/10 يا أيها النبي: 1/3

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (16) الى الآية رقم (17) عدد الآيات (2)

= ثُمَّ أمَرَ نبيَّه ﷺ بوَعْظِهم بأن من حضرَ أجلُه ماتَ أو قُتِلَ، ولا ينفعُه الفرارُ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (18) الى الآية رقم (20) عدد الآيات (3)

بعدَ أن أَمَرَ نبيَّه ﷺ بوَعْظِهم، حذَّرَهم اللهُ هنا بأنَّه يعلمُ المُثَبِّطِينَ الذينَ يَقْعدُونَ عن الجهادِ ويَدْعُونَ غيرَهم إلى القُعودِ، البخلاءَ بأنفسِهم وأموالِهم، وبَيَّنَ حالَهم عندَ الخوفِ وبعده، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (21) الى الآية رقم (22) عدد الآيات (2)

= ثُمَّ لفتَ نظرَهم ونظرَ غيرِهم إلى التَّأسِّي بالنَّبي ﷺ ، فهو يُقاتلُ معَهم، وبعدَ بيانِ حالِ المُنافقينَ بَيَّنَ حالَ المؤمنينَ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الأحزاب

غزوة الأحزاب والجانب الاجتماعي من حياته ﷺ / الاستسلام لله/ فضل النبي ﷺ وحقوقه

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة الأحزاب تحدثت عن:: 1- غزوة الأحزاب (أو الخندق)، وما حدث فيها من نصر الله لرسوله والمؤمنين وهزيمة المشركين واليهود ومن عاونهم. 2- الجانب الاجتماعي من حياة النبي ﷺ.
  • • النبي ﷺ في سورة الأحزاب:: افتتحت السورة بنداء النبي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ ، وتكرر فيها 5 مرات، في الآيات: (1، 28، 45، 50، 59). • وهيا نتأمل عدد المرات التي ذُكِرَ فيها النبي ﷺ في هذه السورة: محمد: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (40). النبي: ذُكِرَ 15 مرة، في الآيات (1، 6، 13، 28، 30، 32، 38، 45، 50، 53، 56، 59). رسول: ذُكِرَ 13 مرة، في الآيات (12، 21، 22، 31، 33، 36، 40، 53، 58، 66، 71). خاتم النبيين: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (40). شاهد: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (45). مبشر: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (45). نذير: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (45). داعٍ إلى الله: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (46). سراج منير: ذُكِرَ مرة واحدة في الآية (46).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الأحزاب».
  • • معنى الاسم :: الأحزاب: جمع حزْب، وهم جماعة من الناس تشابهت قلوبهم وأعمالهم.
  • • سبب التسمية :: سُميت ‏‏سورة ‏الأحزاب ‏لأن ‏المشركين ‏تحزبوا ‏على ‏المسلمين ‏من ‏كل ‏جهة، ‏فاجتمع ‏كفار ‏مكة ‏مع ‏غطفان ‏ويهود بني ‏قريظة ‏وأوباش ‏العرب ‏على ‏حرب ‏المسلمين.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: الاستسلام لأمر الله وشرعه.
  • • علمتني السورة :: فضل النبي ﷺ وحقوقه.
  • • علمتني السورة :: لا أحد أكبر من أن يُؤمر بالمعروف ويُنْهى عن المنكر: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ﴾
  • • علمتني السورة :: تقوى الله تعالى، وعدم طاعة الكفار والمنافقين، واتباع الكتاب والسنة، والتوكل على الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ... وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ﴾

مدارسة الآية : [16] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن ..

التفسير :

[16] قل -أيها النبي- لهؤلاء المنافقين:لن ينفعكم الفرار من المعركة خوفاً من الموت أو القتل؛ فإن ذلك لا يؤخر آجالكم، وإن فررتم فلن تتمتعوا في هذه الدنيا إلا بقدر أعماركم المحدودة، وهو زمن يسير جدّاً بالنسبة إلى الآخرة.

{ قُلْ} لهم، لائمًا على فرارهم، ومخبرًا أنهم لا يفيدهم ذلك شيئًا{ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} فلو كنتم في بيوتكم، لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعكم.

والأسباب تنفع، إذا لم يعارضها القضاء والقدر، فإذا جاء القضاء والقدر، تلاشى كل سبب، وبطلتكل وسيلة، ظنها الإنسان تنجيه.

{ وَإِذَا} حين فررتم لتسلموا من الموت والقتل، ولتنعموا في الدنيا فإنكم{ لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} متاعًا، لا يسوى فراركم، وترككم أمر اللّه، وتفويتكم على أنفسكم، التمتع الأبدي، في النعيم السرمدي.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المنافقين: لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ، لأن كل إنسان لا بد له من نهاية تنتهي عندها حياته، سواء أكانت تلك النهاية عن طريق القتل بالسيف، أم عن طريق الموت على الفراش.

وما دام الأمر كذلك، فعلى هؤلاء المنافقين أن يعلموا: أن الجبن لا يؤخر الحياة، وأن الشجاعة لا تقدمها عن موعدها. وصدق الله إذ يقول: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ.

وقوله: إِنْ فَرَرْتُمْ.. جوابه محذوف لدلالة ما سبق عليه. أى: إن فررتم لن ينفعكم فراركم.

وقوله: وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا تذييل قصد به زجرهم عن الجبن الذي استولى عليهم.

أى: إن فراركم من الموت أو القتل، إن نفعكم- على سبيل الفرض- لفترة من الوقت، فلن ينفعكم طويلا، لأنكم لن تتمتعوا بالحياة بعد هذا الفرار إلا وقتا قليلا، ثم ينزل بكم قضاء الله- تعالى- الذي لا مرد لكم منه، فما تفرون منه هو نازل بكم قطعا.

ثم أخبرهم أن فرارهم ذلك لا يؤخر آجالهم ، ولا يطول أعمارهم ، بل ربما كان ذلك سببا في تعجيل أخذهم غرة; ولهذا قال : ( وإذا لا تمتعون إلا قليلا ) أي : بعد هربكم وفراركم ، ( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ) [ النساء : 77 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا (16)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قُلْ) يا محمد، لهؤلاء الذين يستأذنوك في الانصراف عنك ويقولون: إن بيوتنا عورة ( لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ ) يقول: لأن ذلك، أو ما كتب الله منهما واصل إليكم بكل حال، كرهتم أو أحببتم (وإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) يقول: وإذا فررتم من الموت أو القتل لم يزد فراركم ذلك في أعماركم وآجالكم، بل إنما تمتعون في هذه الدنيا إلى الوقت الذي كتب لكم، ثم يأتيكم ما كتب لكم وعليكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا ) وإنما الدنيا كلها قليل.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، عن ربيع بن خيثم (وَإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) قال: إلى آجالهم.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، عن ربيع بن خيثم (وَإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) قال: ما بينهم وبين الأجل.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن قالا ثنا سفيان، عن منصور، عن الأعمش، عن أبي رزين، عن الربيع بن خيثم، مثله إلا أنه قال: ما بينهم وبين آجالهم.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن منصور، عن أبي رزين، أنه قال في هذه الآية: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا قال: ليضحكوا في الدنيا قليلا وليبكوا في النار كثيرا. وقال في هذه الآية: (وَإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) قال: إلى آجالهم. أحد هذين الحديثين رفعه إلى ربيع بن خيثم.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن الأعمش، عن أبي رزين، عن الربيع بن خيثم (وَإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) قال: الأجل. ورفع قوله: (تُمَتَّعُونَ) ولم ينصب بـ" إذًا " للواو التي معها؛ وذلك أنه إذا كان قبلها واو، كان معنى " إذًا " التأخير بعد الفعل، كأنه قيل: ولو فرّوا لا يمتَّعون إلا قليلا إذًا، وقد يُنصب بها أحيانا، وإن كان معها واو؛ لأن الفعل متروك، فكأنها لأوّل الكلام.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[16] ﴿قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ﴾ الأسباب تنفع إذا لم يعارضها القضاء والقدر، فإذا جاء القضاء والقدر تلاشى كل سبب، وبطلت كل وسيلة ظنها الإنسان تنجيه.
وقفة
[16] ﴿قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ المقصود من الآية: تخليق المسلمين بخُلق استضعاف الحياة الدنيا، وصرف هممهم إلى السعي نحو الكمال؛ الذي به السعادة الأبدية، سيرًا وراء تعاليم الدين.
وقفة
[16] ﴿قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ الآجال محددة؛ لا يُقَرِّبُها قتال، ولا يُبْعِدُها هروب منه.
وقفة
[16] ﴿قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ لن يدفع عنكم الفرار ما أبرم عليكم في الأزل من انقضاء أجل، فإن المقدر كائن لا محالة، وإن نفعكم الفرار -مع أن ذلك محال - فدفع عنكم ما قدر عليكم، فمتعتم بالتأخير، لم يكن هذا التمتيع إلا تمتيعًا قليلًا وزمانًا يسيرًا.
وقفة
[16] الفرار من مواطن المحن والشدائد لا يزيد الأعمار، ولا يؤخر الآجال، بل ربما كان ذلك سببًا في تعجيل أخذه على غرة ﴿قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾.
وقفة
[16] ما الفرق بين الموت والقتل في الآية: ﴿قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾؟ الجواب: الموت نقيض الحياة، لما نقول قتله يعني أماته بضرب أو حجر أو سُمّ، يعني يفعل فيه فعل يضر به بأي آلة تؤدي إلى أن يموت، والموت أن يموت وحده، وتخرج روحه هكذا، أما القتل فبفعل فاعل، قال تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ [البقرة: 28]، هذا فعل الله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء.
وقفة
[16] الموت لا يُفر منه، بل يُستعد له، يذهب الإنسان إليه ويحسب أنه يهرب منه ﴿لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت﴾، ﴿إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم﴾ [الجمعة: 8].

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت
  • ﴿ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.لن: حرف نصب ونفي واستقبال. ينفعكم: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور.الفرار: فاعل مرفوع بالضمة
  • ﴿ إِنْ فَرَرْتُمْ:
  • حرف شرط‍ جازم. فررتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ:
  • جار ومجرور متعلق بفررتم. او القتل: معطوفة بأو على «الموت» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة وكسرت الواو لالتقاء الساكنين. وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه بمعنى: ان فررتم من الموت او القتل فلن ينجيكم الفرار.
  • ﴿ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ:
  • الواو عاطفة بمعنى: وان نفعكم الفرار مثلا اي نجاكم مثلا فمتعتم بالتأخير ظاهرا. اذا: حرف جواب مهمل لا عمل له او هو دال على الجزاء بمعنى فلا تمتعون بتأخير يومكم او فلم يكن ذلك التمتيع الا زمانا قليلا او تمتعا قليلا. لا: نافية لا عمل لها. تمتعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
  • ﴿ إِلاّ قَلِيلاً:
  • إلا: أداة حصر لا عمل لها. قليلا: صفة نائبة عن المصدر منصوبة وعلامة نصبها الفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا عاهدوا الله على الثبات وعدم الفرار، ثم فروا؛ أمَرَ اللهُ نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بوَعْظِهم بأن من حضرَ أجلُه ماتَ أو قُتِلَ، ولا ينفعُه الفرارُ، قال تعالى:
﴿ قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لا تمتعون:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بياء الغيبة.

مدارسة الآية : [17] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم ..

التفسير :

[17] قل -أيها النبي- لهم:مَن ذا الذي يمنعكم من الله، أو يجيركم مِن عذابه، إن أراد بكم سوءاً، أو أراد بكم رحمة، فإنه المعطي المانع الضارُّ النافع؟ ولا يجد هؤلاء المنافقون لهم من دون الله وليّاً يواليهم، ولا نصيراً ينصرهم.

ثم بين أن الأسباب كلها لا تغني عن العبد شيئًا إذا أراده اللّه بسوء، فقال:{ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ} أي:يمنعكم{ من اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا} أي:شرًا،{ أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} فإنه هو المعطي المانع، الضار النافع، الذي لا يأتي بالخير إلا هو، ولا يدفع السوء إلا هو.

{ وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا} يتولاهم، فيجلب لهم النفع{ وَلَا نَصِيرًا} أي ينصرهم، فيدفع عنهم المضار.

فَلْيَمْتَثِلُوا طاعة المنفرد بالأمور كلها، الذي نفذت مشيئته، ومضى قدره، ولم ينفع مع ترك ولايته ونصرته، وَلِيٌّ ولا ناصر.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يقرعهم بحجة أخرى لا يستطيعون الرد عليها، فقال: قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ، إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً.

أى: قل- أيها الرسول- لهؤلاء الجاهلين: من هذا الذي يملك أن يدفع ما يريده الله-تعالى- بكم من خير أو شر، ومن نعمة أو نقمة، ومن موت أو حياة.

إن أحدا لا يستطيع أن يمنع قضاء الله عنكم. فالاستفهام للإنكار والنفي.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف جعلت الرحمة قرينة السوء في العصمة، ولا عصمة إلا من السوء؟

قلت: معناه، أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة، فاختصر الكلام وأجرى مجرى قول:

«متقلدا سيفا ورمحا» - أى: «متقلدا سيفا وحاملا رمحا» .

وقوله- تعالى-: وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً معطوف على ما قبله. أى: لا يجدون من يعصمهم مما يريده الله- تعالى- بهم، ولا يجدون من دونه- سبحانه- وليا ينفعهم، أو نصيرا ينصرهم، إذ هو وحده- سبحانه- الناصر والمغيث والمجير.

قال- تعالى-: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

ثم قال : ( قل من ذا الذي يعصمكم من الله ) أي : يمنعكم ، ( إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ) أي : ليس لهم ولا لغيرهم من دون الله مجير ولا مغيث .

قوله: ( قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ). يقول تعالى ذكره: قل يا محمد، لهؤلاء الذين يستأذنونك ويقولون: إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ هربا من القتل: من ذا الذي يمنعكم من الله إن هو أراد بكم سوءا في أنفسكم، من قتل أو بلاء أو غير ذلك، أو عافية وسلامة؟ وهل ما يكون بكم في أنفسكم من سوء أو رحمة إلا من قِبَله؟.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان ( قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ) أي أنه ليس الأمر &; 20-230 &; إلا ما قضيت.

وقوله: ( وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ) يقول تعالى ذكره: ولا يجد هؤلاء المنافقون إن أراد الله بهم سوءًا في أنفسهم وأموالهم (مِن دُونِ الله وليًّا) يليهم بالكفاية (وَلا نَصِيرًا) ينصرهم من الله فيدفع عنهم ما أراد الله بهم من سوء ذلك.

المعاني :

يَعْصِمُكُم :       يَمْنَعُكُمْ السراج
يعصِمكم من الله :       يمنعكم من قَدَره تعالى معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[17] ﴿قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم﴾ الحقيقة التي يجب أن تعلمها أن بعدك عن مواطن الزلل ليس مرده لنفسك، بل يد الله هي التي نشلتك وحفظتك.
وقفة
[17] ﴿قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّـهِ﴾ لما تتذكر أن الله من تولى حرب المنافقين بذاته العلية تطمئن؛ إذن كل خططهم مفضوحة، وكل حصونهم آيلة للسقوط.
تفاعل
[17] ﴿قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[17] ﴿قُل مَن ذَا الَّذي يَعصِمُكُم مِنَ اللَّهِ إِن أَرادَ بِكُم سوءًا أَو أَرادَ بِكُم رَحمَةً﴾ لا أحد غيره سبحانه، وعندما يكون هذا فى داخل يقين المؤمن لن يلجأ إلا إليه عز وجل.
لمسة
[17] ﴿قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّـهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ استفهام بمعنى النفي، أي من الذي يحقق لكم من دون الله مرجوًا؟! ومن الذي يصرف عنكم من دون الله عدوًا؟!
عمل
[17] ادع الله تعالى أن يعصِمك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ﴿قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّـهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ مَنْ:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة. من: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أي قل لهم.
  • ﴿ ذَا الَّذِي:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع خبر «من».الذي:اسم موصول مبني على السكون في محل رفع بدل من اسم الاشارة او عطف بيان منه. ويجوز ان يكون صفة-نعتا-لاسم الاشارة. والجملة الاسمية مَنْ ذَا الَّذِي» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.يعصمكم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. من الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بيعصمكم. اي ينقذكم منه.
  • ﴿ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً:
  • إن: حرف شرط‍ جازم. اراد: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بكم: جار ومجرور متعلق بأراد والميم علامة جمع الذكور.سوءا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه. المعنى: ان اراد الله بكم شرا فمن هذا الذي يحميكم منه.
  • ﴿ أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً:
  • معطوفة بأو على إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً» وتعرب اعرابها. وفي الكلام اختصار بمعنى: او يصيبكم بسوء ان اراد بكم رحمة.او الكلام يبقى كما هو. اي حمل القول الثاني على القول الاول اي عطف عليه لما في العصمة من معنى المنع.
  • ﴿ وَلا يَجِدُونَ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية. يجدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية معطوفة على جملة محذوفة واقعة في جواب الاستفهام بمعنى او بتقدير: لا يقدر احد ان يعصمهم ولا يجدون اي وانهم لا يجدون. ويجوز ان تكون الواو حالية بمعنى وحال هؤلاء انهم لا يجدون
  • ﴿ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ:
  • اللام حرف جر. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيجدون. من دون: جار ومجرور متعلق بيجدون او بحال من «وليا» لانه متعلق بنعت له مقدم عليه. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والواو عاطفة.لا: زائدة لتأكيد النفي. نصيرا: معطوفة على «وليا» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. بمعنى لا يجدون من دونه سبحانه وليا يحميهم ولا ناصرا يكف الأذى عنهم.'

المتشابهات :

النساء: 123﴿مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا
النساء: 173﴿وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّـهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا
الأحزاب: 17﴿قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ۚ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّـهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     وبعد وَعْظِهم بأن من حضرَ أجلُه لا ينفعُه الفرارُ؛ بَيَّنَ هنا أن الأسباب كلها لا تغني عن العبد شيئًا إذا أراده اللّهُ بسوء، قال تعالى:
﴿ قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ ..

التفسير :

[18] إن الله يعلم المثبطين عن الجهاد في سبيل الله، والقائلين لإخوانهم:تعالوا وانضموا إلينا، واتركوا محمداً، فلا تشهدوا معه قتالاً؛ فإنا نخاف عليكم الهلاك بهلاكه، وهم مع تخذيلهم هذا لا يأتون القتال إلا نادراً؛ رياء وسمعة وخوف الفضيحة.

ثم توَّعد تعالى المخذلين المعوقين، وتهددهم فقال:{ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} عن الخروج، لمن [لم]يخرجوا{ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ} الذين خرجوا:{ هَلُمَّ إِلَيْنَا} أي:ارجعوا، كما تقدم من قولهم:{ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا}

وهم مع تعويقهم وتخذيلهم{ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ} أي:القتال والجهاد بأنفسهم{ إِلَّا قَلِيلًا} فهم أشد الناس حرصًا على التخلف، لعدم الداعي لذلك، من الإيمان والصبر، ووجود المقتضى للجبن، من النفاق، وعدم الإيمان.

ثم بين- سبحانه- أن علمه محيط بهؤلاء المنافقين، وأنهم لن يفلتوا من عقابه، فقال:

قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ، وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا.

قال الآلوسى ما ملخصه: قال ابن السائب: الآية في عبد الله بن أبى وأمثاله ممن رجع من المنافقين من الخندق إلى المدينة. كانوا إذا جاءهم المنافق قالوا له: ويحك اجلس ولا تخرج، ويكتبون إلى إخوانهم في العسكر، أن ائتونا فإنا ننتظركم.

وكان بعضهم يقول لبعض: ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، ولو كانوا لحما لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه، فخلوهم .

و «قد» للتحقيق، لأن الله- تعالى- لا يخفى عليه شيء. و «المعوقين» من العوق وهو المنع والصرف، يقال: عاق فلان فلانا، إذا صرفه عن الجهة التي يريدها.

و «من» في قوله مِنْكُمْ للبيان. والمراد بالأخوة: التطابق والتشابه في الصفات الذميمة، والاتجاهات القبيحة. التي على رأسها كراهيتهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولأصحابه.

و «هلم» اسم فعل أمر بمعنى أقبل.

والمعنى: إن الله- تعالى- لا يخفى عليه حال أولئك المنافقين. الذين يخذلون ويثبطون ويصرفون إخوانهم في النفاق والشقاق، عن الاشتراك مع المؤمنين، في حرب جيوش الأحزاب، ويقولون لهم: هَلُمَّ إِلَيْنا أى: أقبلوا نحونا، وتعالوا إلى جوارنا، ولا تنضموا إلى صفوف المسلمين.

وقوله- سبحانه-: وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا ذم لهم على جبنهم وخورهم.

أى: أن من صفاتهم الأصيلة أنهم جبناء، ولا يقبلون على الحرب والقتال، إلا إقبالا قليلا. فهم تارة يخرجون مع المؤمنين، لإيهامهم أنهم معهم، أو يخرجون معهم على سبيل الرياء والطمع في غنيمة.

يخبر تعالى عن إحاطة علمه بالمعوقين لغيرهم عن شهود الحرب ، والقائلين لإخوانهم ، أي : أصحابهم وعشرائهم وخلطائهم ( هلم إلينا ) أي : إلى ما نحن فيه من الإقامة في الظلال والثمار ، وهم مع ذلك ( لا يأتون البأس إلا قليلا)

القول في تأويل قوله تعالى : قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا (18)

يقول تعالى ذكره: قد يعلم الله الذين يعوّقون الناس منكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصدّونهم عنه، وعن شهود الحرب معه، نفاقا منهم، وتخذيلا عن الإسلام وأهله (والقائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إلَيْنا) : أي تعالوا إلينا، ودعوا محمدا، فلا تشهدوا معه مشهده، فإنا نخاف عليكم الهلاك بهلاكه (وَلا يَأْتُونَ البأْسَ إلا قَلِيلا) يقول: ولا يشهدون الحرب والقتال إن شهدوا إلا تعذيرا، ودفعا عن أنفسهم المؤمنين.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ ) قال: هؤلاء ناس من المنافقين كانوا يقولون لإخوانهم: ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، ولو كانوا لحما لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه، دعوا هذا الرجل فإنه هالك.

وقوله: (وَلا يأْتُونَ البأْسَ إلا قَلِيلا) : أي لا يشهدون القتال، يغيبون عنه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثنا يزيد بن رومان ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ ) : أي أهل النفاق ( وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا ) : أي إلا دفعا وتعذيرا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ ...) إلى آخر الآية، قال: هذا يوم الأحزاب، انصرف رجل من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد أخاه بين يديه شواء ورغيف ونبيذ، فقال له: أنت هاهنا في الشواء والرغيف والنبيذ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرماح والسيوف؟ فقال: هلمّ إلى هذا، فقد بلغ بك وبصاحبك، والذي يحلف به لا يستقبلها (1) محمد أبدا، فقال: كذبت والذي يحلف به؛ قال -وكان أخاه من أبيه وأمِّه-: أما والله لأخبرنّ النّبي صلى الله عليه وسلم أمرك؛ قال: وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره؛ قال: فوجده قد نـزل جبرائيل عليه السلام بخبره ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلا قَلِيلا ) .

------------------------

الهوامش:

(1) كذا في الأصل، وفي الدر المنثور للسيوطي: لا يستقى لها.

المعاني :

الْمُعَوِّقِينَ :       المُثَبِّطِينَ عَنِ الجِهَادِ السراج
المعوّقين منكم :       المُثَبّطين منكم عن الرّسول صلى الله عليه و سلم معاني القرآن
هَلُمَّ إِلَيْنَا :       تَعَالَوْا إِلَيْنَا السراج
هلمّ إلينا :       أقبـِـلوا أو قرّبوا أنفسكم إلينا معاني القرآن
الْبَاسَ :       القِتَالَ السراج
البأس :       الحرب و القتال معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[18] ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ﴾ في كل مناسبة يصطرع فيها الحق والباطل يقوم الذين في قلوبهم مرض بالتخذيل والإرجاف، هم العدو فاحذرهم.
عمل
[18] ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ﴾ أعداء النجاح كثير، وكذلك المحبِطين، فإن وجدتهم في طريقك؛ فلا تلتفت لهم، وامضي لتحقيق هدفك.
وقفة
[18] ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ﴾ أي: الذين يعوِّقون الناس عن الجهاد، ويمنعونهم منه بأقوالهم وأفعالهم، ﴿وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾: هم المنافقون الذين قعدوا بالمدينة عن الجهاد، وكانوا يقولون لقرابتهم أو للمنافقين مثلهم: هلم إلى الجلوس معنا بالمدينة، وترك القتال.
وقفة
[18] ﴿قَد يَعلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقينَ مِنكُم وَالقائِلينَ لِإِخوانِهِم هَلُمَّ إِلَينا﴾ وما أكثرهم! فلابد من الحذر منهم والإنتباه إليهم.
وقفة
[18] ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ قال الآلوسی: «الآية في عبد الله بن أُبي وأمثاله ممن رجع من المنافقين من الخندق إلى المدينة، كانوا إذا جاءهم المنافق قالوا له: ويحك! اجلس ولا تخرج، ويكتبون إلى إخوانهم في العسكر، أن ائتونا فإنا ننتظركم».
عمل
[18] ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾ من صفاتِ المُنافقين: التَّخذِيلُ وتعطيلُ أعمالِ الخَيرِ, فاحذر أن تكون مِغلاقًا للخَيرِ مِفتاحًا للشَرِّ.
وقفة
[18] التثبيط عن الجهاد في سبيل الله شأن المنافقين دائمًا ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾.
وقفة
[18] الواثق بربه لا يصده المخذلون ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّـهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾.
وقفة
[18] ﴿ولا يأتون البأس إلا قليلا﴾ هذا القليل رياء وسمعة من غير احتساب، ولو كان ذلك القليل لله لكان كثيرًا.
اسقاط
[18] ﴿ولا يأتون البأس إلا قليلا﴾ لا تكاد تجد موضع للجهاد في القرآن إلا ووجدت معه (تبعًا) المنافقين والمال (إما تصريحًا أو تلميحًا) فالمال عصب الجهاد وبه تُرفع الراية، والنفاق ضد الصدق، ومن علامات الصدق الجهاد في سبيل الله، ﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون﴾ [الحجرات: 15]، يا من لست من أهل الأعذار أما تقض مضاجعك هذه الآية!
عمل
[18] المنافق يحتاج إلى قليل من الطاعة لستر نفاقه، قال تعالى فيهم: ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 142]، ﴿وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا﴾، والمؤمن يكثر من العمل الصالح ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ [41]، ذكر الله العلامة الفارقة بين الإيمان والكفر؛ كن ذاكرًا.

الإعراب :

  • ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللهُ:
  • قد: حرف تحقيق لان المضارع بعده بمعنى الماضي مثل قوله تعالى في سورة النور في الآية الكريمة الثالثة والستين قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِااذاً» بمعنى قد علم الله. يعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. منكم: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «المعوقين» والميم علامة جمع الذكور بمعنى المثبطين عن المنازلة. والكلمة اسم فاعل مفعوله محذوف لانه معلوم اي المانعين الناس.
  • ﴿ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ:
  • معطوفة بالواو على «المعوقين» وتعرب اعرابها. لاخوان: جار ومجرور متعلق بالقائلين و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. و «اخوانهم» هم ساكنو المدينة.
  • ﴿ هَلُمَّ إِلَيْنا:
  • الجملة في محل نصب مفعول به لاسم الفاعل «القائلين».اي «مقول القول».هلم: اسم فعل امر لا فعل امر ويستعمل لازما نحو هلم الينا بمعنى أقبل ومتعديا نحو: هلم شهداءكم: بمعنى احضروهم. وهي في لغة اهل الحجاز التي جاء بها التنزيل الكريم تلزم طريقة واحدة ولا يختلف لفظها بحسب من هي مسندة اليه لانها وان كانت دالة على الطلب لكنها لا تقبل ياء المخاطبة وهي هنا للدعاء الى الشيء بمعنى «ائتوا الينا» وهي فعل امر بمعنى: احضروا او ائتوا او تعالوا لدلالتها على الطلب وقبولها ياء المخاطبة وهذا هو قول بني تميم وهم يقولون: هلم يا رجل وهلمي يا امرأة وهلما يا رجلان وهلموا يا رجال وهلممن يا نساء. اي يجعلونها فعلا فيلحقونها الضمائر. اما اهل الحجاز فهم يسوون فيه بين الواحد والجماعة والمذكر والمؤنث. وقيل: هو صوت سمي به فعل متعد مثل: احضر .. نحو قوله تعالى: هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ. الينا: جار ومجرور متعلق بهلم.
  • ﴿ وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ:
  • الواو استئنافية ويجوز ان تكون حالية او عاطفة بمعنى ولا الآتين. لا: نافية لا عمل لها. يأتون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. البأس: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى ولا يأتون المنازلة او القتال وهو شدة الحرب.
  • ﴿ إِلاّ قَلِيلاً:
  • الا: اداة حصر لا عمل لها. قليلا: صفة لمصدر محذوف- مفعول مطلق-اي إلا إتيانا قليلا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد أن أَمَرَ اللهُ نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بوَعْظِهم؛ حذَّرَهم هنا بأنَّه يعلمُ المُثَبِّطِينَ الذينَ يَقْعدُونَ عن الجهادِ، ويَدْعُونَ غيرَهم إلى القُعودِ، قال تعالى:
﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ ..

التفسير :

[19] بُخَلاء عليكم -أيها المؤمنون- بالمال والنفس والجهد والمودة لما في نفوسهم من العداوة والحقد؛ حبّاً في الحياة وكراهة للموت، فإذا حضر القتال خافوا الهلاك ورأيتهم ينظرون إليك، تدور أعينهم لذهاب عقولهم؛ خوفاً من القتل وفراراً منه، كدوران عين مَن حضره المو

{ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} بأبدانهم عند القتال، وبأموالهم عند النفقة فيه، فلا يجاهدون بأموالهم وأنفسهم.{ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} نظر المغشى عليه{ مِنَ الْمَوْتِ} من شدة الجبن، الذي خلع قلوبهم، والقلق الذي أذهلهم، وخوفًا من إجبارهم على ما يكرهون، من القتال.

{ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ} وصاروا في حال الأمن والطمأنينة،{ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَة} أي:خاطبوكم، وتكلموا معكم، بكلام حديد، ودعاوى غير صحيحة.

وحين تسمعهم، تظنهم أهل الشجاعة والإقدام،{ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} الذي يراد منهم، وهذا شر ما في الإنسان، أن يكون شحيحًا بما أمر به، شحيحًا بماله أن ينفقه في وجهه، شحيحًا في بدنه أن يجاهد أعداء اللّه، أو يدعو إلى سبيل اللّه، شحيحًا بجاهه، شحيحًا بعلمه، ونصيحته ورأيه.

{ أُولَئِكَ} الذين بتلك الحالة{ لَمْ يُؤْمِنُوا} بسبب عدم إيمانهم، أحبط الله أعمالهم،{ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}

وأما المؤمنون، فقد وقاهم اللّه، شح أنفسهم، ووفقهم لبذل ما أمروا به، من بذل لأبدانهم في القتال في سبيله، وإعلاء كلمته، وأموالهم، للنفقة في طرق الخير، وجاههم وعلمهم.

ثم أخذت السورة الكريمة في تصوير ما جبلوا عليه من سوء تصويرا معجزا، فقال- تعالى- أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ، جمع شحيح من الشح وهو البخل في أقبح صوره. ولفظ أَشِحَّةً منصوب على الحال من الضمير في قوله: وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا.

أى: أن من صفات هؤلاء المنافقين الجبن والخور، حالة كونهم بخلاء بكل خير يصل إليكم- أيها المؤمنون- فهم لا يعاونونكم في حفر الخندق، ولا في الدفاع عن الحق والعرض والشرف ولا في أى شيء فيه منفعة لكم.

فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ، أى فإذا اقترب الوقت الذي يتوقع فيه اللقاء بينكم وبين أعدائكم. رَأَيْتَهُمْ أيها الرسول الكريم- يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ بجبن وهلع تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ في مآقيهم يمينا وشمالا.

وحالهم كحال الذي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ أى: كحال الذي أحاط به الموت من كل جانب، فصار في أقصى دركات الوهن والخوف والفزع.

هذه هي حالهم عند ما يتوقعون الشدائد والمخاوف، أما حالهم عند الأمان وذهاب الخوف، فهي كما قال- تعالى- فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ.

وقوله سَلَقُوكُمْ من السّلق. وأصله بسط العضو ومده للأذى، سواء أكان هذا العضو يدا أو لسانا. والمراد به الإيذاء بالكلام السيئ القبيح.

أى: أنهم عند الشدائد جبناء بخلاء، فإذا ما ذهب الخوف وحل الأمان، سلطوا عليكم ألسنتهم البذيئة بالأذى والسوء، ورموكم بألسنة ماضية حادة، تؤثر تأثير الحديد في الشيء، وارتفعت أصواتهم بعد أن كانوا إذا ما ذكر القتال أمامهم، صار حالهم كحال المغشى عليه من الموت.

ثم هم بعد كل ذلك أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أى بخلاء بكل خير، فهم يحرصون على جمع الغنائم، وعلى الأموال بكل وسيلة، ولكنهم لا ينفقون شيئا منها في وجه من وجوه الخير والبر.

قال ابن كثير قوله أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أى: ليس فيهم خير، قد جمعوا الجبن والكذب وقلة الخير، فهم كما قال في أمثالهم الشاعر:

أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة ... وفي الحرب أمثال النساء العوارك

أى: هم في حال المسالمة كأنهم الحمير الأعيار. والأعيار جمع عير وهو الحمار. وفي الحرب كأنهم النساء الحيض .

ثم بين- سبحانه- سوء مصيرهم فقال: أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً.

أى: أولئك المنافقون الموصوفون بما سبق من الصفات السيئة لَمْ يُؤْمِنُوا بما يجب الإيمان به إيمانا صادقا، بل قالوا بألسنتهم قولا تكذبه قلوبهم وأفعالهم فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ بأن أبطلها وجعلها هباء منثورا، وكان ذلك الإحباط على الله- سبحانه- هينا يسيرا.

وخص- سبحانه- يسر إحباط عملهم بالذكر مع أن كل شيء يسير عليه- تعالى- لبيان أن أعمالهم جديرة بالإحباط والإفساد، لصدورها عن قلوب مريضة، ونفوس خبيثة.

قال صاحب الكشاف: وهل يثبت للمنافقين عمل حتى يرد عليه الإحباط؟

قلت: لا، لكنه تعليم لمن عسى يظن أن الإيمان باللسان إيمان، وإن لم يوطئه القلب، وان ما يعمل المنافق من الأعمال يجدي عليه، فبين أن إيمانه ليس بإيمان، وأن كل عمل يوجد منه باطل، وفيه بعث على إتقان المكلف أساس أمره وهو الإيمان الصحيح، وتنبيه على أن الأعمال الكثيرة من غير تصحيح المعرفة كالبناء من غير أساس، وأنها مما يذهب عند الله هباء منثورا .

أي : بخلاء بالمودة ، والشفقة عليكم .

وقال السدي : ( أشحة عليكم ) أي : في الغنائم .

( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت ) أي : من شدة خوفه وجزعه ، وهكذا خوف هؤلاء الجبناء من القتال ( فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد ) أي : فإذا كان الأمن ، تكلموا كلاما بليغا فصيحا عاليا ، وادعوا لأنفسهم المقامات العالية في الشجاعة والنجدة ، وهم يكذبون في ذلك .

وقال ابن عباس : ( سلقوكم ) أي : استقبلوكم .

وقال قتادة : أما عند الغنيمة فأشح قوم ، وأسوأه مقاسمة : أعطونا ، أعطونا ، قد شهدنا معكم . وأما عند البأس فأجبن قوم ، وأخذله للحق .

وهم مع ذلك أشحة على الخير ، أي : ليس فيهم خير ، قد جمعوا الجبن والكذب وقلة الخير ، فهم كما قال في أمثالهم الشاعر :

أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة وفي الحرب أمثال النساء العوارك

أي : في حال المسالمة كأنهم الحمير . والأعيار : جمع عير ، وهو الحمار ، وفي الحرب كأنهم النساء الحيض; ولهذا قال تعالى : ( أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا ) أي : سهلا هينا عنده .

وقوله: (أشحَّةً عَلَيْكُمْ) اختلف أهل التأويل في المعنى الذي وصف الله به هؤلاء المنافقين في هذا الموضع من الشح، فقال بعضهم: وصفهم بالشحّ عليهم في الغنيمة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أشِحَّةً عَلَيْكُمْ) في الغنيمة.

وقال آخرون: بل وصفهم بالشحّ عليهم بالخير.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثني عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (أشِحَّةً عَلَيْكُمْ) قال: بالخير المنافقون، وقال غيره: معناه: أشحة عليكم بالنفقة على ضعفاء المؤمنين منكم.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله وصف هؤلاء المنافقين بالجبن والشحّ، ولم يخصص وصفهم من معاني الشحّ، بمعنى دون معنى، فهم كما وصفهم الله به: أشحة على المؤمنين بالغنيمة والخير والنفقة في سبيل الله، على أهل مسكنة المسلمين. ونصب قوله: (أشِحَّةً عَلَيْكُمْ) على الحال من ذكر الاسم الذي في قوله: (وَلا يَأْتُونَ البأْسَ) كأنه قيل: هم جبناء عند البأس، أشحاء عند قسم الغنيمة بالغنيمة. وقد يحتمل أن يكون قطعا من قوله: (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ المُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) فيكون تأويله: قد يعلم الله الذين يعوّقون الناس على القتال، ويشحون عند الفتح بالغنيمة، ويجوز أن يكون أيضا قطعا من قوله: هلم إلينا أشحة، وهم هكذا أشحة. ووصفهم جلّ ثناؤه بما وصفهم من الشحّ على المؤمنين لما في أنفسهم لهم من العداوة والضغن.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان (أشِحَّةً عَلَيْكُمْ) أي للضغن الذي في أنفسهم.

وقوله: (فإذَا جاءَ الخَوْفُ ...) إلى قوله: (مِنَ المَوْتِ) يقول تعالى ذكره: فإذا حضر البأس، وجاء القتال خافوا الهلاك والقتل، رأيتهم يا محمد ينظرون إليك لواذا بك، تدور أعينهم خوفا من القتل، وفرارا منه (كالَّذي يُغْشَى علَيْهِ مِنَ المَوْتِ) يقول: كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت النازل به (فإذَا ذَهَبَ الخَوْفُ) يقول: فإذا انقطعت الحرب واطمأنوا(سَلَقُوكُمْ بألْسِنَةٍ حِدادٍ) .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ ) مِنَ الخَوْفِ.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان ( فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ) أي إعظامًا وفَرقا منه وأما قوله: (سَلَقُوكُمْ بألْسِنَةٍ حِدادٍ) فإنه يقول: عضوكم بألسنة ذربة. ويقال للرجل الخطيب الذرب اللسان: خطيب مسلق ومصلق، وخطيب سَلاق وصَلاق.

وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي وصف تعالى ذكره هؤلاء المنافقين أنهم يسلقون المؤمنين به، فقال بعضهم: ذلك سلقهم إياهم عند الغنيمة بمسألتهم القسم لهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ) أما عند الغنيمة، فأشحّ قوم وأسوأ مقاسمة، أعطونا أعطونا فإنا قد شهدنا معكم. وأما عند البأس فأجبن قوم، وأخذله للحقّ.

وقال آخرون: بل ذلك سلقهم إياهم بالأذَى.

* ذكر ذلك عن ابن عباس:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (سَلَقُوكُمْ بألْسِنَةٍ حِدادٍ) قال: استقبلوكم.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد (سَلَقُوكُمْ بألْسِنَةٍ حِدادٍ) قال: كلموكم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهم يسلقونهم من القول بما تحبون نفاقا منهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان ( فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ) في القول بما تحبون لأنهم لا يرجون آخرة، ولا تحملهم حسبة، فهم يهابون الموت هيبة من لا يرجو ما بعده.

وأشبه هذه الأقوال بما دلّ عليه ظاهر التنـزيل قول من قال: ( سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ) فأخبر أن سلقهم المسلمين شحا منهم على الغنيمة والخير، فمعلوم إذ كان ذلك كذلك، أن ذلك لطلب الغنيمة. وإذا كان ذلك منهم لطلب الغنيمة دخل في ذلك قول من قال: معنى ذلك: سلقوكم بالأذى، لأن فعلهم ذلك كذلك لا شكّ أنه للمؤمنين أذى.

وقوله: (أشِحَّةً عَلى الخَيْرِ) يقول: أشحة على الغنيمة إذا ظفر المؤمنون.

وقوله: (لَمْ يُؤْمِنُوا فأحْبَطَ اللهُ أعمالَهُمْ) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصفت لك صفتهم في هذه الآيات لم يصدّقوا الله ورسوله. ولكنهم أهل كفر ونفاق، (فَأَحْبَطَ اللهُ أعمالَهُمْ) يقول: فأذهب الله أجور أعمالهم وأبطلها. وذُكر أن الذي وصف بهذه الصفة كان بدريا، فأحبط الله عمله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) قال: فحدثني أبي أنه كان بدريا، وأن قوله: (فأَحْبَطَ اللهُ أعمالَهُمْ) أحبط الله عمله يوم بدر.

وقوله: (وكانَ ذلكَ على اللهِ يَسِيرًا) يقول تعالى ذكره: وكان إحباط عملهم الذي كانوا عملوا قبل ارتدادهم ونفاقهم على الله يسيرا.

المعاني :

أَشِحَّةً :       بُخَلَاءَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَجُهُودِهِمْ السراج
أشحّةً عليكم :       بُخلاء عليكم بكلّ ما ينفعكم معاني القرآن
جَاءَ الْخَوْفُ :       حَضَرَ القِتَالُ السراج
تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ :       خَوْفًا، وَهَلَعًا السراج
يُغشى عليه من الموت :       تُصيبه الغشية من سكراته معاني القرآن
سَلَقُوكُم :       رَمَوْكُمْ السراج
سلقوكم :       آذوكم و رموكم معاني القرآن
حِدَادٍ :       ذَرِبَةٍ، سَلِيطَةٍ، مُؤْذِيَةٍ السراج
بألسنة حدادٍ :       ذربة سليطة قاطعة كالحديد معاني القرآن
أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ :       بُخَلَاءَ، وَحَسَدَةً عِنْدَ قِسْمَةِ الغَنَائِمِ السراج
أشحّة على الخير :       بُخلاء حريصين على المال و الغنيمة معاني القرآن
فأحبط الله :       كأبطل الله معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[19] ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾: بأبدانهم عند القتال، وأموالهم عند النفقة فيه؛ فلا يجاهدون بأموالهم وأنفسهم، ﴿أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ﴾: الذي يراد منهم؛ وهذا شر ما في الإنسان: أن يكون شحيحًا بما أُمر به، شحيحًا بماله أن ينفقه في وجهه، شحيحًا في بدنه أن يجاهد أعداء الله أو يدعو إلى سبيل الله، شحيحًا بجاهه، شحيحًا بعلمه ونصيحته ورأيه.
وقفة
[19] ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ البخل سمة بارزة في أغلب المنافقين.
وقفة
[19] ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ البخل مع المؤمنين بالنفس والمال والجهد، والحرص على المصالح الشخصية دون نفع الناس من صفات المنافقين.
وقفة
[19] ﴿أَشِحَّةً عَلَيكُم فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم﴾ الخوف يُرى ولا يمكن إخفائه.
وقفة
[19] ﴿أَشِحَّةً عَلَيكُم فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم يَنظُرونَ إِلَيكَ تَدورُ أَعيُنُهُم كَالَّذي يُغشى عَلَيهِ مِنَ المَوتِ﴾ يُعرف المرء فى أوقات الابتلاء الشديد.
وقفة
[19] ﴿فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ لتصوير هيئة نظرهم نظر الخائف المذعور؛ الذي يحدّق بعينيه إلى جهات يحذر أن تأتيه المصائب من إحداها.
وقفة
[19] من أمراض القلوب: الخوف والجبن ﴿فَإِذا جاءَ الخَوفُ رَأَيتَهُم يَنظُرونَ إِلَيكَ تَدورُ أَعيُنُهُم كَالَّذي يُغشى عَلَيهِ مِنَ المَوتِ﴾.
وقفة
[19] ﴿فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنةٍ حدادٍ أشحَّةً على الخير﴾ المنافق متى ما أمِن عمل، ويشترك معه في الإثم من مكَّنه ليأمن.
وقفة
[19] ﴿سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ للمنافق تاريخ موغل في السب والشتم، وعنده كم من المفردات السيئة، وله قاموسه الخاص المكتظ بالعبارات الساخرة.
وقفة
[19] ﴿سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ لن تجد أبلغ من عبارة (السلْق) في وصف ألسنة المنافقين على المؤمنين.
وقفة
[19] ﴿سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ هنالك ألسنة عذبة كالبلسم على النفوس، وهنالك ألسنة "قواطع" إن قطعت، فما أصعب أن يلتئم ما أعطبت!
وقفة
[19] من علامة المنافق سلاطة اللسان على المسلم: ﴿سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾، ولين الخطاب مع الكافر: ﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا﴾ [الحشر: 11].
وقفة
[19] ﴿أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم﴾ [محمد: 29] هذه سنته الجارية، فهو تعالى يظهر ما في قلوبهم على المؤمنين من الضغائن، بخلاف هرولتهم إلى خصوم الدين، ﴿فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم﴾ [المائدة: 52]، وديدنهم: طول اللسان على المؤمنين ﴿سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾، بخلاف حميم محبتهم للمنافقين.
وقفة
[19] دعاة الشر هم أبعد الناس عن الهداية؛ لأنهم ما دعوا إلى شرهم إلا لمعرفتهم أنه خلاف الخير! ﴿أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ﴾.
وقفة
[19] ﴿أُولَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ﴾ ﻻ قيمة ﻷعمالنا إن لم يخالطها إيمان حقيقي وتوجه صادق لمن نوينا بأعمالنا مرضاته وحده سبحانه.
وقفة
[19] ﴿أُولَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ﴾ قال صاحب الكشاف: «وهل يثبت للمنافقين عمل حتى يرد على الإحباط؟ قلت: لا، لكنه تعليم لمن عسى يظن أن الإيمان باللسان إيمان، وإن لم يواطئه القلب، وأن ما يعمل المنافق من الأعمال يجدي، فبين أن إيمانه ليس بإيمان، وأن كل عمل يوجد منه باطل، وفيه حث على إتقان المكلف أساس أمره وهو الإيمان الصحيح، وتنبيه على أن الأعمال الكثيرة من غير تصحيح المعرفة کالبناء من غير أساس، وأنها مما يذهب عند الله هباء منثورًا».
تفاعل
[19] ﴿فَأَحْبَطَ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[19] ﴿فَأَحْبَطَ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا﴾ المخيف أن إحباط العمل لايكلف شيئا، ولا يستغرق لحظة، عياذًا بالله من تلك اللحظة.
وقفة
[19] من تدبر سورة الأحزاب وجد طائفة من صفات مرضى القلوب، والتي تبرز عند ضعف المسلمين وقدوم الأحزاب عليهم، فمنها: التكذيب: ﴿مَّا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [12]، التخذيل: ﴿يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ﴾ [13]، الخوف: ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ﴾ ، البخل: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ ، اتهام المسلمين بأنهم سبب المشكلة: ﴿سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾.
عمل
[19] عندما يصعب عليك أي أمر؛ حدث نفسك بقول الله ﷻ: ﴿وكَان ذلك عَلَى الله يسِيرًا﴾، فإن حسـن ظنك بالله الرحيم؛ سوف يمنحك الرضا والتسليم.
وقفة
[19] ﴿وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسيرًا﴾ وهل من مستحيل بعد هذه الآية؟!

الإعراب :

  • ﴿ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ:
  • حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة وعامل نصبه بتقدير يأتون البأس أشحة اي أضناء بكم في وقت الحرب. والكلمة: جمع: شحيح اي بخيل او ضنين. عليكم: جار ومجرور متعلق بأشحة. والميم علامة جمع الذكور بمعنى اضناء عليكم بالمعونة او بالانفاق.
  • ﴿ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ:
  • الفاء استئنافية. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. الخوف: فاعل مرفوع بالضمة وجملة جاءَ الْخَوْفُ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف بمعنى: فإذا جاء الخوف في وقت الحرب.
  • ﴿ رَأَيْتَهُمْ:
  • الجملة الفعلية جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.رأيت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الفتح-ضمير المخاطب-في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من «هم».ينظرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. إليك: جار ومجرور متعلق بينظرون.
  • ﴿ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب بدل من الجملة الحالية يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ». تدور: فعل مضارع مرفوع بالضمة. اعين: فاعل مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. بمعنى: ينظرون اليك فزعين خائفين واعينهم تدور في محاجرها هلعا وفرقا.
  • ﴿ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ:
  • الكاف حرف جر للتشبيه. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلق بمصدر- مفعول مطلق-محذوف او بصفة له بتقدير: تدور اعينهم دورانا كدور عين الذي يغشى. فحذف المضاف والمضاف اليه الاول وبقي المضاف اليه الثاني معربا باعراب المضاف اليه. يغشى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عليه: جار ومجرور متعلق بيغشى بمعنى مثل الذي ألم به ما غشى فهمه وافقده الحس والحركة فوقع مغشيا عليه. والجملة صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ مِنَ الْمَوْتِ:
  • جار ومجرور في محل نصب تمييز و «من» حرف جر بياني مفسر اي لتفسير الحالة او يكون بتقدير: للموت او «من» ابتدائية.
  • ﴿ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ:
  • معطوفة بالفاء على «اذا جاء الخوف» وتعرب اعرابها. سلقوكم: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وجملة «سلقوكم» اي طعنوكم جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ:
  • جار ومجرور متعلق بسلقوكم. حداد: اي حادة قاطعة: صفة-نعت-لألسنة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. بمعنى يؤذوكم بأشد القول بألسنتهم وهو يريدون ان تنالهم حصة من الغنائم.
  • ﴿ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ:
  • اعربت. على الخير: جار ومجرور متعلق بأشحة. اي اضناء عن كل خير.
  • ﴿ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا:
  • اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يؤمنوا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة لَمْ يُؤْمِنُوا» في محل رفع خبر «اولئك».
  • ﴿ فَأَحْبَطَ‍ اللهُ أَعْمالَهُمْ:
  • الفاء سببية. أحبط‍: فعل ماض مبني على الفتح بمعنى «أبطل».الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. أعمال: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَكانَ ذلِكَ:
  • الواو عاطفة. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» واللام للبعد والكاف للخطاب. والاشارة الى الاحباط‍ اي الابطال.
  • ﴿ عَلَى اللهِ يَسِيراً:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كان».يسيرا: خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.'

المتشابهات :

النساء: 30﴿وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا
النساء: 169﴿إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا
الأحزاب: 19﴿أُولَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا
الأحزاب: 30﴿يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد أن وصفَهم اللهُ بالجُبن؛ وصفَهم هنا بالبُخل والخَوف، قال تعالى:
﴿ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أشحة:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور.
قرئ:
2- بالرفع، وهى قراءة ابن أبى عبلة.

مدارسة الآية : [20] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن ..

التفسير :

[20] يظن المنافقون أن الأحزاب الذين هزمهم الله تعالى شر هزيمة لم يذهبوا؛ ذلك من شدة الخوف والجبن، ولو عاد الأحزاب إلى «المدينة» لتمنَّى أولئك المنافقون أنهم كانوا غائبين عن «المدينة» بين أعراب البادية، يستخبرون عن أخباركم ويسألون عن أنبائكم من بعيد، ولو ك

{ يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا} أي:يظنون أن هؤلاء الأحزاب، الذين تحزبوا على حرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأصحابه، لم يذهبوا حتى يستأصلوهم، فخاب ظنهم، وبطل حسبانهم.

{ وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ} مرة أخرى{ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} أي:لو أتى الأحزاب مرة ثانية مثل هذه المرة، ودَّ هؤلاء المنافقون، أنهم ليسوا في المدينة، ولا في القرب منها، وأنهم مع الأعراب في البادية، يستخبرون عن أخباركم، ويسألون عن أنبائكم، ماذا حصل عليكم؟

فتبًا لهم، وبعدًا، فليسوا ممن يبالىبحضورهم{ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا} فلا تبالوهم، ولا تأسوا عليهم.

ثم ختم- سبحانه- هذا الحديث الجامع عن صفات المنافقين عند الشدائد والمحن فقال:

يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا.

أى: أن هؤلاء المنافقين بلغ بهم الجبن والخور، أنهم حتى بعد رحيل الأحزاب عن المدينة، ما زالوا يحسبون ويظنون أنهم لم يذهبوا عنها، فهم يأبون أن يصدقوا أن الله- تعالى- قد رد الذين كفروا بغيظهم دون أن ينالوا خيرا.

وفي هذه الجملة ما فيها من التهكم بالمنافقين، حيث وصفتهم بأنهم حتى بعد ذهاب أسباب الخوف، ما زالوا في جبنهم يعيشون.

ثم بين- سبحانه- حالهم فيما لو عاد الأحزاب على سبيل الفرض والتقدير فقال:

وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ.

أى: إلى المدينة مرة ثانية.

يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ أى: وإن تعد جيوش الأحزاب إلى مهاجمة المدينة مرة ثانية، يتمنى هؤلاء المنافقون، أن يكونوا غائبين عنها، نازلين خارجها مع أهل البوادي من الأعراب، حتى لا يعرضوا أنفسهم للقتال.

فقوله: بادُونَ جمع باد وهو ساكن البادية. يقال: بدا القوم بدا، إذا نزحوا من المدن إلى البوادي.

والأعراب: جمع أعرابى وهو من يسكن البادية.

ثم بين- سبحانه- تلهفهم على سماع الأخبار السيئة عن المؤمنين فقال: يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا.

أى: هؤلاء المنافقون يسألون القادمين من المدينة، والذاهبين إليها عن أخباركم- أيها المؤمنون- حتى لكأنهم غير ساكنين فيها.

ولو كانوا فيكم عند ما يعود الكافرون إلى المدينة- على سبيل الفرض- ما قاتلوا معكم إلا قتالا قليلا حتى لا ينكشف أمرهم انكشافا تاما. فهم لا يقاتلون عن رغبة، وإنما يقاتلون رياء ومخادعة.

وهكذا نجد الآيات الكريمة قد أفاضت في شرح الأحوال القبيحة التي كان عليها المنافقون عند ما هاجمت جيوش الأحزاب المدينة، ووصفتهم بأبشع الصفات وأبغضها إلى كل نفس كريمة، حتى يحذرهم المؤمنون.

وكعادة القرآن الكريم في المقارنة بين الأخيار والأشرار، ساقت السورة بعد ذلك صورة مشرقة مضيئة للمؤمنين الصادقين، الذين عند ما رأوا جيوش الأحزاب قالوا: هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ والذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه دون أن يبدلوا تبديلا.

لنستمع إلى القرآن الكريم وهو يصور لنا موقف المؤمنين في غزوة الأحزاب، كما يحكى جانبا من فضل الله عليهم، ومن لطفه بهم فيقول- سبحانه-:

وهذا أيضا من صفاتهم القبيحة في الجبن والخوف والخور ، ( يحسبون الأحزاب لم يذهبوا ) بل هم قريب منهم ، وإن لهم عودة إليهم ( وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ) أي : ويودون إذا جاءت الأحزاب أنهم لا يكونون حاضرين معكم في المدينة بل في البادية ، يسألون عن أخباركم ، وما كان من أمركم مع عدوكم ، ( ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ) أي : ولو كانوا بين أظهركم ، لما قاتلوا معكم إلا قليلا; لكثرة جبنهم وذلتهم وضعف يقينهم .

القول في تأويل قوله تعالى : يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلا قَلِيلا (20)

يقول تعالى ذكره: يحسب هؤلاء المنافقون الأحزاب، وهم قريش وغطفان.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان (يَحْسَبُونَ الأحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا): قريش وغطفان.

وقوله: (لَمْ يَذْهَبُوا) يقول: لم ينصرفوا، وإن كانوا قد انصرفوا جبنا وهَلعا منهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (يَحْسَبُونَ الأحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا) قال: يحسبونهم قريبا.

وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله (يَحْسَبُونَ الأحْزَابَ قَدْ ذَهَبُوا فإذَا وَجَدُوهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا وَدُّوا لَوْ أنَّهُمْ بادُونَ فِي الأعْرَابِ).

وقوله: ( وَإِنْ يَأْتِ الأحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأعْرَابِ ) يقول تعالى ذكره: وإن يأت المؤمنين الأحزاب وهم الجماعة: واحدهم حزب (يَوَدُّوا) يقول: يتمنوا من الخوف والجبن أنهم غيب عنكم في البادية مع الأعراب خوفا من القتل. وذلك أن قوله: (لَوْ أنَّهُمْ بادُونَ فِي الأعْرَابِ) تقول: قد بدا فلان إذا صار في البدو فهو يبدو، وهو باد؛ وأما الأعراب: فإنهم جمع أعرابيّ، وواحد العرب عربيّ، وإنما قيل: أعرابيّ لأهل البدو، فرقا بين أهل البوادي والأمصار، فجعل الأعراب لأهل البادية، والعرب لأهل المصر.

وقوله: (يَسألُونَ عَنْ أنْبائِكُمْ) يقول: يستخبر هؤلاء المنافقون أيها المؤمنون الناس عن أنبائكم، يعني: عن أخباركم بالبادية، هل هلك محمد وأصحابه؟ نقول: يتمنون أن يسمعوا أخباركم بهلاككم، ألا يشهدوا معكم مشاهدكم (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إلا قَلِيلا) يقول تعالى ذكره للمؤمنين: ولو كانوا أيضا فيكم ما نفعوكم، وما قاتلوا المشركين إلا قليلا يقول: إلا تعذيرا، لأنهم لا يقاتلونهم حسبة ولا رجاء ثواب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (يَسألونَ عَنْ أنْبائِكُمْ) قال: أخباركم، وقرأت قرّاء الأمصار جميعا سوى عاصم الجحدري (يَسألونَ عَنْ أنْبائِكُمْ) بمعنى: يسألون من قدم عليهم من الناس عن أنباء عسكركم وأخباركم، وذكر عن عاصم الجحدري أنه كان يقرأ ذلك (يَسّاءَلونَ) بتشديد السين، بمعنى: يتساءلون: أي يسأل بعضهم بعضا عن ذلك.

والصواب من القول في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليه.

المعاني :

بَادُونَ :       فِي البَادِيَةِ السراج
بادون في الأعراب :       كانوا معهم في البادية معاني القرآن
أَنبَائِكُمْ :       أَخْبَارِكُمْ السراج

التدبر :

وقفة
[20] ﴿يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا﴾ هذه حال الجبان الذي في قلبه مرض؛ فإن قلبه يبادر إلى تصديق الخبر المخوف وتكذيب خبر الأمن.
وقفة
[20] ﴿يَحسَبونَ الأَحزابَ لَم يَذهَبوا﴾ البعض من فرط الخور والضعف يلازمهم الخوف حتى بعد زوال المسبب له.
وقفة
[20] ﴿يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا ۖ وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ ۖ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا﴾ ما أجبن المنافقين! ذهب الأحزاب ويحسبونهم لم يذهبوا، ويخافون من عودهم، ويفزعون من ظلهم، وإذا جاءت الأحزاب، ودوا لو كانوا خارج المدينة في البادية، يسألون عن أخباركم وحالكم مع عدوكم، كأنهم أغراب.
وقفة
[20] ﴿وَإِن يَأتِ الأَحزابُ يَوَدّوا لَو أَنَّهُم بادونَ فِي الأَعرابِ﴾ المنافق دائمًا سمته: الهروب والتولى والتوارى والتخفى حال الشدائد، وتعرفه من هذا.
وقفة
[20] ﴿يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ﴾ لا يكفي أن تسأل عن الأحداث فقط دون عمل، إنما الواجب أن تحمل هم إخوانك وتسعى لمصالحهم.
عمل
[20] ﴿وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا﴾ إذن: لا تأس عليهم إن تأخروا عنك، ولا تحزن لتخلفهم عن اللحاق بك، فما لهم نفع، بل ضررهم أكبر من نفعهم.

الإعراب :

  • ﴿ يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الاحزاب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والجملة في محل نصب بدل من تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ» في الآية السابقة.
  • ﴿ لَمْ يَذْهَبُوا:
  • حرف نفي وجزم وقلب. يذهبوا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة في محل نصب حال او تكون مفعولا ثانيا على تقدير غير ذاهبين. والمعنى: يظنون ان الاحزاب لم يغادروا المدينة اي ما زالوا يحاصرونها.
  • ﴿ وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. يأت: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره-حرف العلة-.الأحزاب: فاعل مرفوع بالضمة. بمعنى: وان يأتوا مرة أخرى اي كرة ثانية. وذكر الفعل «يأت» على المعنى لا اللفظ‍ بالنسبة للاحزاب.
  • ﴿ يَوَدُّوا:
  • فعل مضارع جواب الشرط‍ -جزاؤه-مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «يودوا» جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ:
  • لو: حرف للتمني لا عمل له. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «أن».بادون: خبرها مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: تمنوا لخوفهم مما أصابهم من مجيء الأحزاب ثانية انهم خارجون الى البدو.
  • ﴿ فِي الْأَعْرابِ:
  • جار ومجرور متعلق ببادون. ويجوز ان يتعلق بحال محذوفة من ضمير «بادون» بتقدير كائنين او حاصلين بين اعراب البادية.
  • ﴿ يَسْئَلُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «بادون» بمعنى: يسألون الاعراب او يسألون كل آت منهم من المدينة. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعولها اختصارا للعلم به اي لانه معلوم.
  • ﴿ عَنْ أَنْبائِكُمْ:
  • متعلق بيسألون او بمفعولها المحذوف وهي جار ومجرور والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور اي عن اخباركم.
  • ﴿ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ:
  • الواو استئنافية. لو: حرف شرط‍ غير جازم. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والالف فارقة. فيكم: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» والميم علامة جمع الذكور بمعنى كانوا معكم في اثناء القتال ولم يرجعوا.
  • ﴿ ما قاتَلُوا:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. ما: نافية لا عمل لها. قاتلوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ إِلاّ قَلِيلاً:
  • إلا: اداة حصر لا عمل لها. قليلا: صفة-نعت-لمصدر محذوف بمعنى إلا قتالا قليلا او صفة-نعت-لظرف زمان محذوف. أي إلا وقتا او زمنا قليلا. بمعنى لم يقاتلوا الا تعلة أي تلهية من باب الرياء والسمعة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ حالَ المنافِقينَ حينَ مَجيءِ جُنودِ الأحزابِ؛ بَيَّنَ هنا حالَهم حينَ أنعَمَ اللهُ على المُسلِمينَ بانكِشافِ جُنودِ الأحزابِ عنهم، قال تعالى:
﴿ يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بادون:
1- جمع سلامة ل «باد» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بدى، على وزن «فعل» مثل: غاز وغزى، وهى قراءة عبد الله، وابن عباس، وابن يعمر، وطلحة.
يسألون:
1- مضارع «سأل» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يسالون، بغير همز، حكاها ابن عطية، وعزاهما إلى أبى عمرو، وعاصم، والأعمش.

مدارسة الآية : [21] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ..

التفسير :

[21] لقد كان لكم -أيها المؤمنون- في أقوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وأحواله قدوة حسنة تتأسَّون بها، فالزموا سنته، فإنما يسلكها ويتأسى بها مَن كان يرجو الله واليوم الآخر، وأكثرَ مِن ذكر الله واستغفاره، وشكره في كل حال.

{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} حيث حضر الهيجاء بنفسه الكريمة، وباشر موقف الحرب، وهو الشريف الكامل، والبطل الباسل، فكيف تشحون بأنفسكم، عن أمر جاد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، بنفسه فيه؟"

فَتأَسَّوْا به في هذا الأمر وغيره.

واستدل الأصوليون في هذه الآية، على الاحتجاج بأفعال الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وأن الأصل، أن أمته أسوته في الأحكام، إلا ما دل الدليل الشرعي على الاختصاص به.

فالأسوة نوعان:أسوة حسنة، وأسوة سيئة.

فالأسوة الحسنة، في الرسول صلى اللّه عليه وسلم، فإن المتأسِّي به، سالك الطريق الموصل إلى كرامة اللّه، وهو الصراط المستقيم.

وأما الأسوة بغيره، إذا خالفه، فهو الأسوة السيئة، كقول الكفارحين دعتهم الرسل للتأسِّي]بهم[{ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}

وهذه الأسوة الحسنة، إنما يسلكها ويوفق لها، من كان يرجو اللّه، واليوم الآخر، فإن ما معهمن الإيمان، وخوف اللّه، ورجاء ثوابه، وخوف عقابه، يحثه على التأسي بالرسول صلى اللّه عليه وسلم.

قال القرطبي: قوله- تعالى-: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أى: كان لكم قدوة في النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث بذل نفسه لنصرة دين الله، في خروجه إلى الخندق.

والأسوة: القدوة. وقرأ عاصم أُسْوَةٌ بضم الهمزة. والباقون بكسرها. والجمع أسى وإسى- بضم الهمزة وكسرها .

يقال: فلان ائتسى بفلان، إذا اقتدى به، وسار على نهجه وطريقته.

وقال الإمام ابن كثير: هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسى برسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أقواله وأفعاله وأحواله ولهذا أمر الناس بالتأسى بالنبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الأحزاب، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه- تعالى-.. .

والذي يقرأ السيرة النبوية الشريفة. يرى أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان في هذه الغزوة بصفة خاصة، وفي غيرها بصفة عامة القدوة الحسنة الطيبة في كل أقواله وأفعاله وأحواله صلّى الله عليه وسلّم.

لقد شارك أصحابه في حفر الخندق، وفي الضرب بالفأس. وفي حمل التراب بل وشاركهم في أراجيزهم وأناشيدهم، وهم يقومون بهذا العمل الشاق المتعب.

وشاركهم في تحمل آلام الجوع، وآلام السهر.. بل كان صلّى الله عليه وسلّم هو القائد الحازم الرحيم، الذي يلجأ إليه أصحابه عند ما يعجزون عن إزالة عقبة صادفتهم خلال حفرهم للخندق.

قال ابن إسحاق ما ملخصه: وعمل المسلمون فيه- أى في الخندق- حتى أحكموه، وارتجزوا فيه برجل من المسلمين يقال له «جعيل» سماه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عمرا، فقالوا:

سماه من بعد جعيل عمرا ... وكان للبائس يوما ظهرا

فإذا مروا بعمرو، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «عمرا» وإذا مروا بظهر قال: «ظهرا» .

ثم قال ابن إسحاق: وكان في حفر الخندق أحاديث بلغتني فيها تحقيق نبوته صلّى الله عليه وسلّم فكان فيما بلغني أن جابر بن عبد الله كان يحدث، أنهم اشتدت عليهم في بعض الخندق كدية- أى صخرة عظيمة-، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدعا بإناء من ماء فتفل فيه، ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به، ثم نضح ذلك الماء على تلك الكدية، فيقول من حضرها: فو الذي بعثه بالحق نبيا لانهالت- أى: لتفتت- حتى عادت كالكثيب- أى كالرمل المتجمع- لا ترد فأسا ولا مسحاة .

وهذه الآية الكريمة وإن كان نزولها في غزوة الأحزاب، إلا أن المقصود بها وجوب الاقتداء بالرسول صلّى الله عليه وسلّم في جميع أقواله وأفعاله، كما قال- تعالى-: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.

والجار والمجرور في قوله- سبحانه-: لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ متعلق بمحذوف صفة لقوله حَسَنَةٌ، أو بهذا اللفظ نفسه وهو حَسَنَةٌ.

والمراد بمن كان يرجو الله واليوم الآخر: المؤمنون الصادقون الذين وفوا بعهودهم.

أى: لقد كان لكم- أيها الناس- قدوة حسنة في نبيكم صلّى الله عليه وسلّم، وهذه القدوة الحسنة كائنة وثابتة للمؤمنين حق الإيمان. الذين يرجون ثواب الله- تعالى-، ويؤملون رحمته يوم القيامة، إذ هم المنتفعون بالتأسى برسولهم صلّى الله عليه وسلّم وقوله: وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً معطوف على كانَ، أى: هذه الأسوة الحسنة بالرسول صلّى الله عليه وسلّم ثابتة لمن كان يرجو الله واليوم والآخر، ولمن ذكر الله- تعالى- ذكرا كثيرا، لأن الملازمة لذكر الله- تعالى- توصل إلى طاعته والخوف منه- سبحانه-.

وجمع- سبحانه- بين الرجاء والإكثار من ذكره، لأن التأسى التام بالرسول صلّى الله عليه وسلّم لا يتحقق إلا بهما.

هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ; ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه ، عز وجل ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين; ولهذا قال تعالى للذين تقلقوا وتضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) أي : هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله ؟ ولهذا قال : ( لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) .

القول في تأويل قوله تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: (أُسْوَةٌ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: (إِسْوَةٌ) بكسر الألف، خلا عاصم بن أبي النجود، فإنه قرأه بالضمّ(أُسوة)، وكان يحيى بن وثاب يقرأ هذه بالكسر، ويقرأ قوله: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ بالضم وهما لغتان.

وذُكر أن الكسر في أهل الحجاز، والضمّ في قيس، يقولون: أُسوة، وأُخوة، وهذا عتاب من الله للمتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعسكره بالمدينة، من المؤمنين به، يقول لهم جلّ ثناؤه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة): أن تتأسوا به وتكونوا معه حيث كان، ولا تتخلَّفوا عنه (لِمَنْ كانَ يَرْجُو اللَّهَ) يقول: فإن من يرجو ثواب الله ورحمته في الآخرة لا يرغب بنفسه، ولكنه تكون له به أُسوة في أن يكون معه حيث يكون هو.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان، قال: ثم أقبل على المؤمنين، فقال: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ) ألا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، ولا عن مكان هو به (وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) يقول: وأكثر ذكر الله في الخوف والشدّة والرخاء.

المعاني :

أُسْوَةٌ :       قُدْوَةٌ السراج
أُسوة حسنة :       قُدْوة صالحة في كلّ الأمور معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ جاءت (أسوة) نكرة لتفيد الاقتداء به في عموم أفعاله وأحواله وأخلاقه وعباداته ومعاملاته! من هو مثلك الأعلى؟!
وقفة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ من هدي هذه الآية أن وارث مقام التعليم يجب أن يكون قدوةً في سمته وأخلاقه وسيرته، تقيًّا ورعًا، مجتنبًا للمحرمات بعيدًا عن الشبهات، فإذا كان كذلك نفعهم بسيرته وأخلاقه أكثر مما ينفعهم بعلمه.
وقفة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ جاءت هذه الآية بعد عرض مشهد الأحزاب، وما أصاب المؤمنين من شدَّةٍ، وما داخَلَ بعض النفوس، فأمر سبحانه بالاقتداء به في حسن ظنه بربه، وإيمانه وتفاؤله.
وقفة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ هذا القرآن لن يكون له أثره في البشرية من النذارة والإنارة؛ إلا من خلال نماذج بشرية حية، تشتعل قلوبها بحقائقه الإيمانية؛ حتى تستنير وتتوهج، ثم تنير.
وقفة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ معلوم أن الرسول ﷺ أسوة حسنة، وإنما جيء بكلمة (حسنة) لتأكيد الأمر، وزيادة في الإيضاح، ودفعًا لأهل الهمم؛ حتى يقتدوا برسولهم ﷺ فقد كان يحمل التراب، ويرابط ويقاتل، ويبدأ بنفسه قبل أن يبدأ بغيره صلوات الله وسلامه عليه.
وقفة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ عندما يكون قدوتك من شهد الله له بالخلق العظيم؛ فإن أخلاقك أيضًا ستحاكي ذاك الجمال وتقتبسه.
وقفة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ من لا قدوة سابقة له، ولا قدوة حاضرة له؛ فإنه لا تأثير منه، ولا تأثير فيه.
وقفة
[21] كان معاوية يستلم جميع أركان الكعبة، فقال له ابن عباس: إن النبي ﷺ لم يكن يستلم إلا الركنين! فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجور! فقال ابن عباس: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، فسكت معاوية ووافق ابن عباس رضوان الله عليهم أجمعين، ويستفاد من هذا الموقف: أن فهم السنة من أعظم ما يعين على التدبر الصحيح.
وقفة
[21] تأس في كل حال: إذا ضممت قوله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ إلى ندائه ﷺ في حجة الوداع: «خُذُوا عَني مَناسِكَكُمْ» [النسائى 5/270، وصححه الألباني]؛ هان عليك ما تجده من مشقة ونصب -غير مقصود- في سبيل تتبع سنة نبيك ﷺ، بل ستجد في ذلك لذة يعجز الوصف عنها.
وقفة
[21] كل الناس لهم طبيعة خاصة تمنع جعلهم في مقام القدوة المطلقة إلا رسول الله ﷺ: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾.
وقفة
[21] يتخذ البعض من ليس بقدوة مثلا وقدوة، والحل فى اتباع خير البشر أجمعين ﷺ ﴿لَقَد كانَ لَكُم في رَسولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ﴾.
اسقاط
[21] إذا كنت ترجو الله واليوم الآخر ينبغي أن تكون شخصيته ﷺ هي القدوة والمثل ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾.
وقفة
[21] لن نتقدم مرة أخرى إلا إذا استعدنا ثقتنا بأنفسنا، ولن نصل إلى هذا الهدف بتدمير نظمنا الاجتماعية، وتقليد حضارة أجنبية، أجنبية عن ديننا، وليس عن محيطنا التاريخي والجغرافي فحسب، وقد بيَّن الله لنا الطريق في كتابه المبين: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾.
وقفة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾ استدل الأصوليون في هذه الآية على الاحتجاج بأفعال الرسول ﷺ، وأن الأصل أن أمته أسوته في الأحكام، إلا ما دل الدليل الشرعي على الاختصاص به.
وقفة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾ الرسول ﷺ قدوة المؤمنين في أقواله وأفعاله.
وقفة
[21] لا تدعِ الاتباع للمصطفى ﷺ ما لم تكن مؤمنًا بالله، وموقنًا باليوم الآخر، وفى حالة ذكر دائم ﴿لَقَد كانَ لَكُم في رَسولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثيرًا﴾.
وقفة
[21] ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾ أُسْوَةٌ: أي قدوة، وكلما اشتقت لِلقاء الله، وتأملت رحمته، ولازمت ذكره كلما تحقق التأسي التام بالنبي ﷺ، فهو أكثر من يرجو الله واليوم الآخر، وأكثر الناس ذكرًا لربك صلوات الله وسلامه عليه.
وقفة
[21] أكثر ما يعين على الاقتداء بالنبي ﷺ: تذكر الآخرة، وذكر الله عز وجل ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾.
وقفة
[21] من أعظم ما يسهل الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام: خوف الله، وتذكر الآخرة، وكثرة الذكر ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾.
وقفة
[21] طبق سنة من السنن المهجورة ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾.
وقفة
[21] يوفق لمقام الأسوة الرفيع من عمر قلبه إيمانًا وذكرًا وحبًا: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾.
وقفة
[21] وسائل تعين على أن تكون مقتديًا بالنبي ﷺ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾.
وقفة
[21] ﴿أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ أكثرُ ما يُعينُ على الاقتداءِ بالنَّبيِّ  تذكُّرُ الآخرةِ.
عمل
[21] ﴿وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾ سبّح الله تعالى اليوم وكبره، واحمده قدر ما تستطيع.
عمل
[21] ﴿وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا﴾ عوِّد نفسك حضور القلب عند الأذكار.

الإعراب :

  • ﴿ لَقَدْ كانَ لَكُمْ:
  • اللام للابتداء والتوكيد وقيل هي لام القسم. قد حرف تحقيق. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لكم: جار ومجرور متعلق بخبر كان المقدم والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ فِي رَسُولِ اللهِ:
  • جار ومجرور في محل نصب بدل من «لكم».الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. والمخاطبون هم المؤمنون او يكون فِي رَسُولِ» متعلقا بالخبر المقدم ايضا.
  • ﴿ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ:
  • اسم «كان» مرفوع بالضمة. حسنة: صفة-نعت-لاسوة مرفوعة مثلها بالضمة بمعنى قدوة لكم في محمد (صلّى الله عليه وسلّم) وهو ثابت الجنان في القتال او في تحليه بالصبر.
  • ﴿ لِمَنْ كانَ:
  • اللام حرف جر. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. والجار والمجرور «لمن» في محل نصب بدل من «لكم».كان: اعربت. واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
  • ﴿ يَرْجُوا اللهَ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. بمعنى يرجو مغفرة الله او ثوابه واحسانه فحذف المضاف المنصوب واقيم المضاف اليه مقامه. والجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان».
  • ﴿ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ:
  • الواو عاطفة. اليوم: مفعول به منصوب بيرجو وعلامة نصبه الفتحة. الآخر: صفة-نعت-لليوم منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. اي أيام الله او الفوز في ذلك اليوم. والجملة الفعلية كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً:
  • الواو عاطفة. ذكر: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الله لفظ‍ الجلالة: أعرب. كثيرا: صفة-نعت-لمفعول مطلق-مصدر-محذوف بتقدير: ذكرا كثيرا.'

المتشابهات :

الأحزاب: 21﴿لّـ قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا
الممتحنة: 4﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
الممتحنة: 6﴿لَـ قَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     وبعد توبيخ الذين لم يتأسوا برسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من المنافقين؛ أثنى اللهُ هنا على المؤمنين، فهم الذين يتأسون برسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال تعالى:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أسوة:
1- بكسر الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى قراءة عاصم.

مدارسة الآية : [22] :الأحزاب     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا ..

التفسير :

[22] ولمَّا شاهد المؤمنون الأحزاب الذين تحزَّبوا حول «المدينة» وأحاطوا بها، تذكروا أن موعد النصر قد قرب، فقالوا:هذا ما وعدنا الله ورسوله، من الابتلاء والمحنة والنصر، فأنجز الله وعده، وصدق رسولُه فيما بشَّر به، وما زادهم النظر إلى الأحزاب إلا إيماناً بالل

لما ذكر حالة المنافقين عند الخوف، ذكر حال المؤمنين فقال:{ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} الذين تحزبوا، ونزلوا منازلهم، وانتهى الخوف،{ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} في قوله:{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}

{ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} فإنا رأينا، ما أخبرنا به{ وَمَا زَادَهُمْ} ذلك الأمر{ إِلَّا إِيمَانًا} في قلوبهم{ وَتَسْلِيمًا} في جوارحهم، وانقيادًا لأمر اللّه.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك- على سبيل التشريف والتكريم- ما قاله المؤمنون الصادقون عند ما شاهدوا جيوش الأحزاب، فقال- تعالى-: وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً.

واسم الإشارة هذا يعود إلى ما رأوه من الجيوش التي جاء بها المشركون، أو إلى ما حدث لهم من ضيق وكرب بسبب ذلك.

أى: وحين رأى المؤمنون الصادقون جيوش الأحزاب وقد أقبلت نحو المدينة، لم يهنوا ولم يجزعوا، بل ثبتوا على إيمانهم وقالوا هذا الذي نراه من خطر داهم، هو ما وعدنا به الله ورسوله، وأن هذا الخطر سيعقبه النصر، وهذا الضيق سيعقبه الفرج، وهذا العسر سيأتى بعده اليسر.

قال الآلوسى ما ملخصه: وأرادوا بقولهم ذلك، ما تضمنه قوله- تعالى- في سورة البقرة: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ، مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ، أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ.

وكان نزول هذه الآية قبل غزوة الخندق بحول- كما جاء عن ابن عباس.

وفي رواية عن ابن عباس- أيضا- أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال لأصحابه: إن الأحزاب سائرون إليكم تسعا أو عشرا، أى: في آخر تسع ليال أو عشر، أى: من وقت الاخبار، أو من غرة الشهر فلما رأوهم قد أقبلوا في الموعد الذي حدده صلّى الله عليه وسلّم قالوا ذلك .

وقوله- تعالى-: وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ داخل في حيز ما قالوه.

أى: قالوا عند ما شاهدوا جيوش الأحزاب: هذا ما وعدنا الله ورسوله، وقالوا- أيضا- على سبيل التأكيد وقوة اليقين والتعظيم لذات الله، ولشخصية رسوله: وصدق الله ورسوله، أى: وثبت صدق الله- تعالى- في أخباره، وصدق رسوله صلّى الله عليه وسلّم في أقواله.

والضمير في قوله: وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً يعود إلى ما رأوه من جيوش الأحزاب، ومن شدائد نزلت بهم بسبب ذلك.

أى- وما زادهم ما شاهدوه من جيوش الأحزاب، ومن بلاء أحاط بهم بسبب ذلك، إلا إيمانا بقدرة الله- تعالى- وتسليما لقضائه وقدره، وأملا في نصره وتأييده.

ثم قال تعالى مخبرا عن عباده المؤمنين المصدقين بموعود الله لهم ، وجعله العاقبة حاصلة لهم في الدنيا والآخرة ، فقال : ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ) .

قال ابن عباس وقتادة : يعنون قوله تعالى في " سورة البقرة " ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) [ البقرة : 214 ] .

أي هذا ما وعدنا الله ورسوله من الابتلاء والاختبار والامتحان الذي يعقبه النصر القريب; ولهذا قال : ( وصدق الله ورسوله ) .

وقوله : ( وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ) : دليل على زيادة الإيمان وقوته بالنسبة إلى الناس وأحوالهم ، كما قاله جمهور الأئمة : إنه يزيد وينقص . وقد قررنا ذلك في أول " شرح البخاري " ولله الحمد والمنة .

ومعنى قوله : ( وما زادهم ) أي : ذلك الحال والضيق والشدة [ ما زادهم ] ) إلا إيمانا ) بالله ، ( وتسليما ) أي : انقيادا لأوامره ، وطاعة لرسوله .

وقوله: ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ ) يقول: ولمَّا عاين المؤمنون بالله ورسوله جماعات الكفار قالوا -تسليما منهم لأمر الله، وإيقانا منهم بأن ذلك إنجاز وعده لهم، الذي وعدهم بقوله: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ... إلى قوله: قَرِيبٌ -(هذا ما وعدنا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) فأحسن الله عليهم بذلك من يقينهم، وتسليمهم لأمره الثناء، فقال: وما زادهم اجتماع الأحزاب عليهم إلا إيمانا بالله وتسليما لقضائه وأمره، ورزقهم به النصر والظفر على الأعداء.

وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وَلمَّا رأى المُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ ...) الآية قال: ذلك أن الله قال لهم في سورة البقرة: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ... إلى قوله: إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ قال: فلما مسهم البلاء حيث رابطوا الأحزاب في الخندق، تأوّل المؤمنون ذلك، ولم يزدهم ذلك إلا إيمانًا وتسليما.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان، قال: ثم ذكر المؤمنين وصدقهم وتصديقهم بما وعدهم الله من البلاء يختبرهم به ( قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) : أي صبرا على البلاء، وتسليما للقضاء، وتصديقا بتحقيق ما كان الله وعدهم ورسوله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ) وكان الله قد وعدهم في سورة البقرة فقال: ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ) خيرهم وأصبرهم وأعلمهم بالله مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ هذا والله البلاء والنقص الشديد، وإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأوا ما أصابهم من الشدّة والبلاء ( قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) وتصديقا بما وعدهم الله، وتسليما لقضاء الله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ﴾ الجيوش تحدق بالمدينة، وقلوب المتفائلين تحتفل.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ﴾ المؤمن الحق ﻻ تزيده الشدائد إﻻ ثباتًا وتعلقًا بالله ﻻ بغيره، فهو حسبه.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ﴾لم تكن دعاوى زائفة ولا شجاعة مصطنعة، قالوا ذلك وقد رأوا جيوش الأحزاب بأعينهم.
وقفة
[22] من براهين حسن الظن بالله: اعتبار أدلة المتشائمين عند الأزمات أعظم أدلة التفاؤل ﴿ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ماوعدنا الله ورسوله﴾.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ الثقة بالله والانقياد له من صفات المؤمنين.
وقفة
[22] ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ المؤمن يرى المحنة التي يلقاها في سبيل الله أثرًا من آثار استقامته على منهج الله ودليلًا على صوابه، فيزداد إيمانًا وتسليمًا.
عمل
[22] أبشروا وأملوا، ولنزدد إيمانًا وتفاؤلًا: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾.
وقفة
[22] المؤمن لا تزيده الأحداث إلا إيمانًا وتفاؤلًا وثقة بنصر الله مهما كانت مؤلمة، وهكذا كان منهج رسول الله ﷺ وصحابته الكرام: ﴿ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما﴾.
وقفة
[22] اقترب الأحزاب من المدينة واشتد الخطر عليهم ﴿ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليما﴾، هذا الذي نراه من خطر داهم هو ما وعدنا به الله ورسوله، وأن هذا الخطر سيعقبه النصر، وهذا الضيق سيعقبه الفرج، وهذا العسر سيأتى بعده اليسر.
وقفة
[22] كلما قوي إيمان العبد بربه، جعل الله في قلبه نورًا يرى به النجاة والفلاح في النوازل والأحداث، لا يراه ضعاف الإيمان: ﴿ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً﴾.
وقفة
[22] خلق الله الشدائد لتستنطق ألسنة الخلق، فالمؤمنون ينجحون في الامتحان فيقولون: ﴿هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ﴾، والمنافقون يسقطون فيقولون: ﴿مَّا وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [12].
وقفة
[22] المسلم مستسلم لأمر الله واثق بوعده: ﴿هذا ما وعدنا الله ورسوله﴾، أما المنافق فيقول: ﴿ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا﴾ [12].
وقفة
[22] رأى الصحابة الأحزاب فتفاءلوا, وقالوا: ﴿هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾, وبعضنا يرى ملامح النصر وأعلامه؛ ولم تصدق ظنونه بعد.
وقفة
[22] المحنة والشدة تكشف خبيئة القلب: المنافق: ﴿ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا﴾ [12]، والمؤمن: ﴿صدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما﴾.
وقفة
[22] ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ استدل به على زيادة الإيمان ونقصه.
وقفة
[22] ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ دليل على زيادة الإيمان وقوته بالنسبة إلى الناس وأحوالهم، كما قال جمهور الأئمة: إنه يزيد وينقص.
وقفة
[22] إن الظروف لا تصنع الإنسان، إنما تكشفه لنفسه ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾.
وقفة
[22] رضا وتسليم، ‏مات للحافظ ابن حجر ٣ من بناته بالطاعون، زين، وغالية، وفاطمة، ومع ذلك ألَّف كتابه: (بذل الماعون في فضل الطاعون) ﴿وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَمّا:
  • الواو استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب وهي مضافة والجملة الفعلية بعدها في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ رءا الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. المؤمنون: فاعل مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. الاحزاب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وفي القول الكريم حذف. بمعنى: ولما رأى المؤمنون الاحزاب قادمين لمقاتلتهم. والمحذوف هو مفعول «رأى» الثاني على معنى «علموا» اي هي «رأى» القلبية بمعنى «علموا بقدومهم» اما اذا كانت «رأى» بمعنى البصرية فالجملة المحذوفة او المقدرة في محل نصب حال بمعنى: ولما ابصروهم يتقدمون.
  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.والجملة الفعلية «قالوا» مع مفعولها جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ هذا ما وَعَدَنَا:
  • الهاء للتنبيه. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ أي الذي. وعد: فعل ماض مبني على الفتح و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ اللهُ وَرَسُولُهُ:
  • لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة والواو عاطفة.ورسوله: معطوف على لفظ‍ الجلالة مرفوع بالضمة بمعنى ووعدنا رسوله والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. والجملة الفعلية وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول وهو الهاء ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به ثان. او تكون «ما» مصدرية. فتكون جملة وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ» صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل رفع خبر «هذا» وحذفت الصلة «الجار» المقدرة بعد ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ» وبعد قوله تعالى وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ» بمعنى في ان الفوز في النهاية للعباد الصابرين على حكم الله تعالى.
  • ﴿ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ:
  • الواو عاطفة. صدق الله ورسوله: تعرب اعراب «وعد الله ورسوله».
  • ﴿ وَما زادَهُمْ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. زاد: فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. والفاعل محذوف لانه معلوم من السياق او لان ما قبله يدل عليه وهو رؤية المؤمنين الاحزاب. بمعنى: وما زادهم هول الرؤية او يكون «الرؤية» نفسها. وقد ذكر الفعل «زاد» مع الفاعل المقدر «الرؤية» لانه فصل عنه بفاصل وهو «هم» في «زادهم».
  • ﴿ إِلاّ إِيماناً وَتَسْلِيماً:
  • إلا: اداة حصر لا محل لها ولا عمل. ايمانا: مفعول به ثان للفعل «زاد» منصوب بالفتحة. وتسليما: معطوفة بالواو على «ايمانا» منصوبة مثلها بالفتحة وقد حذفت صلتا المعطوف والمعطوف عليه وهي «الجار» بمعنى الا ايمانا بالله وتسليما لاقداره.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ حالَ المنافقين؛ ذكرَ هنا حالَ المؤمنين حين لقاء الأحزاب، قال تعالى:
﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف