380363738394041424344

الإحصائيات

سورة النمل
ترتيب المصحف27ترتيب النزول48
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.50
عدد الآيات93عدد الأجزاء0.45
عدد الأحزاب0.90عدد الأرباع3.50
ترتيب الطول24تبدأ في الجزء19
تنتهي في الجزء20عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 13/29طس: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (36) الى الآية رقم (41) عدد الآيات (6)

سُليمانُ عليه السلام يرفضُ الهديةَ، ويعلنُ الحربَ، ثُمَّ يُخاطبُ جنودَه: من يستطيعُ الإتيانَ بعرشِ بلقيسَ قبلَ وصولِها وقومِها مسلمينَ، فتكلَّمَ عفريتٌ من الجنِّ، ثُمَّ رجلٌ عندَه علمٌ من الكتابِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (42) الى الآية رقم (44) عدد الآيات (3)

لمَّا جاءتْ بلقيسُ وقومُها، عرضَ عليها عرشَها وقد غيّرُوا فيه، فسئلتْ عنه: أهكذا عَرشُك؟ ثُمَّ تعترفُ بظلمِها وتُسلِمُ معَ سليمانَ لربِّ العالمينَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة النمل

الدعوة إلى الإيمان بآيات الله/ العلم والإيمان/ التفوق الحضاري/ الامتنان على النبي ﷺ بمعجزة القرآن

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • ماذا تقدم لنا سورة النمل؟: سورة النمل تصحح مفاهيم وتنادي الأمة: سورة النمل تعاتب الذين يفهمون الإسلام على أنه صلاة ركعتين وبكاء العينين وقراءة آيتين فقط. تقول لهم: هذه الأشياء -على أهميتها بلا شك- ليست كل الإسلام. تقول لهم: الإسلام ليس مجرد إقامة شعائر تعبدية فقط، ليس دين عبادة فقط؛ وإنما هو دين علم وعبادة. تقول لهم: يجب أن تكون الأمة المسلمة متفوقة في العلم، متفوقة حضاريًا. ليس هذا فحسب، بل تؤكد لهم: إن تفوق المسلمين الحضاري وتقدمهم العلمي والتكنولوجي يفيد في الدعوة ويؤثر في الآخرين أضعاف أضعاف ما يؤثر فيهم كلام شخص عادي أو فاشل في حياته العملية أو راسب في امتحاناته. سورة النمل تنادي أمة محمد ﷺ: - يا أمة محمد ﷺ: كونوا متفوقين، كونوا أقوياء، اجمعوا بين العلم والإيمان للنجاح في الحياة. - يا أمة محمد ﷺ: لابد أن تتفوقوا في العلم والتكنولوجيا، في القوة المادية والعسكرية، لتستخدموها في نصرة دين الله - يا أمة محمد ﷺ: اهتموا بالتفوق الحضاري. وتقول لهم: النَّمل أمَّة منظمة وهي نموذج من نماذج التفوق الحضاري، فتعلموا منها، وإذا كانت الحشرة قد نجحت فكيف تفشلون أنتم يا أمة محمد ﷺ؟! وهكذا نرى أن كل سورة توجّه رسالة واضحة للمسلمين لتكمل سور القرآن في عرضها للمنهج الرباني، مما يشعرنا بترابط القرآن وتماسك سوره، فبعد أن كانت رسالة سورة الشعراء: «اهتموا بالإعلام»، أتت سورة النمل لتوجه رسالة مماثلة: «اهتموا بالتفوق الحضاري»، وكلاهما يخدم نفس الهدف: أهمية التفوق والأخذ بالأسباب الدنيوية في تميز المسلمين وتأثيرهم على الآخرين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «النمل».
  • • معنى الاسم :: جمع نملة، وهي حشرة صغيرة الجسم، تتخذ سكنها تحت الأرض، وتعيش في جماعات.
  • • سبب التسمية :: لاشتمالها على قصة النملة التي وعظت بقية النمل، ثم اعتذرت عن سليمان وجنوده, ففهم نبي الله كلامها وتبسم من قولها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: «سورة سليمان»؛ لأن ما ذكر فيها من ملك سليمان مفصلًا لم يذكر مثله في غيرها، و«سورة الهدهد»؛ لأن لفظ الهدهد لم يذكر في غيرها من السور، و«سورة طس»؛ لافتتاحها بهذين الحرفين دون غيرها من السور.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن الإسلام ليس مجرد إقامة شعائر تعبدية فقط، ليس دين عبادة فقط؛ وإنما هو دين علم وعبادة.
  • • علمتني السورة :: أنه يجب أن تكون الأمة المسلمة متفوقة في العلم، متفوقة حضاريًا.
  • • علمتني السورة :: إن تفوق المسلمين الحضاري وتقدمهم العلمي والتكنولوجي يفيد في الدعوة ويؤثر في الآخرين أضعاف أضعاف ما يؤثر فيهم كلام شخص عادي أو فاشل في حياته العملية أو راسب في امتحاناته.
  • • علمتني السورة :: النمل أن القرآن فيه هدى وبشارة للمؤمنين: ﴿طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾

مدارسة الآية : [36] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ ..

التفسير :

[36] فلمَّا جاء رسول الملكة بالهديَّة إلى سليمان، قال مستنكراً ذلك متحدِّثاً بأَنْعُمِ الله عليه:أتمدونني بمالٍ تَرْضيةً لي؟ فما أعطاني الله من النبوة والملك والأموال الكثيرة خير وأفضل مما أعطاكم، بل أنتم الذين تفرحون بالهدية التي تُهدى إليكم؛ لأنكم أهل

فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَأي:جاءه الرسل بالهديةقَالَمنكرا عليهم ومتغيظا على عدم إجابتهم: أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْفليست تقع عندي موقعا ولا أفرح بها قد أغناني الله عنها وأكثر علي النعم،بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَلحبكم للدنيا وقلة ما بأيديكم بالنسبة لما أعطاني الله.

وفي الكلام حذف يفهم من السياق، وتقتضيه بلاغة القرآن الكريم والتقدير: وهيأت ملكة سبأ الهدية الثمينة لسليمان- عليه السلام-. وأرسلتها مع من اختارتهم من قومها لهذه المهمة، فلما جاء سليمان، أى: فلما وصل الرسل إلى سليمان ومعهم هدية ملكتهم إليه.

فلما رآها قال- على سبيل الإنكار والاستخفاف بتلك الهدية-: أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ أى:

أتقدمون إلى هذا المال الزائل والمتمثل في تلك الهدية لأكف عن دعوتكم إلى إتيانى وأنتم مخلصون العبادة لله- تعالى- وحده. وتاركون لعبادة غيره؟

كلا لن ألتفت إلى هديتكم فَما آتانِيَ اللَّهُ من النبوة والملك الواسع خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ من أموال من جملتها تلك الهدية.

فالجملة الكريمة تعليل لإنكاره لهديتهم، ولاستخفافه بها، وسخريته منها.

وقوله- سبحانه-: بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ إضراب عما ذكره من إنكاره لتلك الهدية وتعليله لهذا الإنكار، إلى بيان ما هم عليه من ضيق في التفكير، حيث أوهموا أن هذه الهدية، قد تفيد في صرف سليمان عن دعوتهم إلى وحدانية الله- تعالى-، وقد تحمله على تركهم وشأنهم.

أى: افهموا- أيها الرسل- وقولوا لمن أرسلكم بتلك الهدية: إن سليمان ما آتاه الله من خير، أفضل مما آتاكم، وإنه يقول لكم جميعا: انتفعوا أنتم بهديتكم وافرحوا بها، لأنكم لا تفكرون إلا في متع الحياة الدنيا، أما أنا ففي غنى عن هداياكم ولا يهمني إلا إيمانكم.

ذكر غير واحد من المفسرين ، من السلف وغيرهم : أنها بعثت إليه بهدية عظيمة من ذهب وجواهر ولآلئ وغير ذلك . وقال بعضهم : أرسلت بلبنة من ذهب . والصحيح أنها أرسلت [ إليه ] بآنية من ذهب .

قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وغيرهما : وأرسلت جواري في زي الغلمان ، وغلمانا في زي الجواري ، وقالت : إن عرف هؤلاء من هؤلاء فهو نبي . قالوا : فأمرهم [ سليمان ] عليه السلام ، أن يتوضئوا ، فجعلت الجارية تفرغ على يدها من الماء ، وجعل الغلام يغترف ، فميزهم بذلك .

وقيل : بل جعلت الجارية تغسل باطن يدها قبل ظاهرها ، والغلام بالعكس .

وقيل : بل جعلت الجواري يغتسلن من أكفهن إلى مرافقهن ، والغلمان من مرافقهم إلى أكفهم . ولا منافاة بين ذلك كله ، والله أعلم .

وذكر بعضهم : أنها أرسلت إليه بقدح ليملأه ماء رواء ، لا من السماء ولا من الأرض ، فأجرى الخيل حتى عرقت ، ثم ملأه من ذلك ، وبخرزة وسلك ليجعله فيها ، ففعل ذلك . والله أعلم أكان ذلك أم لا ، وأكثره مأخوذ من الإسرائيليات . والظاهر أن سليمان ، عليه السلام ، لم ينظر إلى ما جاءوا به بالكلية ، ولا اعتنى به ، بل أعرض عنه ، وقال منكرا عليهم : ( أتمدونن بمال ) أي : أتصانعونني بمال لأترككم على شرككم وملككم ؟ ! ( فما آتاني الله خير مما آتاكم ) أي : الذي أعطاني الله من الملك والمال والجنود خير مما أنتم فيه ، ( بل أنتم بهديتكم تفرحون ) أي : أنتم الذين تنقادون للهدايا والتحف ، وأما أنا فلا أقبل منكم إلا الإسلام أو السيف .

قال الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنه : أمر سليمان الشياطين فموهوا له ألف قصر من ذهب وفضة ، فلما رأت رسلها ذلك قالوا : ما يصنع هذا بهديتنا . وفي هذا دلالة على جواز تهيؤ الملوك وإظهارهم الزينة للرسل والقصاد .

وقوله: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ).

إن قال قائل: وكيف قيل: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ ) فجعل الخبر في مجيء سليمان عن واحد, وقد قال قبل ذلك: (فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ) فإن كان الرسول كان واحدا, فكيف قيل (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ) وإن كانوا جماعة فكيف قيل: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ ) قيل: هذا نظير ما قد بيَّنا قبل من إظهار العرب الخبر في أمر كان من واحد على وجه الخبر, عن جماعة إذا لم يقصد قصد الخبر عن شخص واحد بعينه, يُشار إليه بعينه, فسمي في الخبر. وقد قيل: إن الرسول الذي وجَّهته ملكة سبأ إلى سليمان كان امرأ واحدا, فلذلك قال: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ ) يُراد به: فلما جاء الرسول سليمان; واستدلّ قائلو ذلك على صحة ما قالوا من ذلك بقول سليمان للرسول: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ ) وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله, فلما جاءوا سليمان على الجمع, وذلك للفظ قوله: (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ) فصلح الجمع للفظ والتوحيد للمعنى.

وقوله: (أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ) يقول: قال سليمان لما جاء الرسول من قبل المرأة بهداياها: أتمدونن بمال.

واختلف القرّاء في قراءة ذلك, فقرأه بعض قرّاء أهل المدينة " أتُمِدونَنِي" بنونين, وإثبات الياء. وقرأه بعض الكوفيين مثل ذلك, غير أنه حذف الياء من آخر ذلك وكسر النون الأخيرة. وقرأه بعض قرّاء البصرة بنونين, وإثبات الياء في الوصل وحذفها في الوقف. وقرأه بعض قرّاء الكوفة بتشديد النون وإثبات الياء. وكلّ هذه القراءات متقاربات وجميعها صواب, لأنها معروفة في لغات العرب, مشهورة في منطقها.

وقوله: (فَمَا آتَانِ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ ) يقول: فما آتاني الله من المال والدنيا أكثر مما أعطاكم منها وأفضل (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ) يقول: ما أفرح بهديتكم التي &; 19-459 &; أهديتم إليّ, بل أنتم تفرحون بالهدية التي تُهدى إليكم, لأنكم أهل مفاخرة بالدنيا, ومكاثرة بها, وليست الدنيا وأموالها من حاجتي, لأن لله تعالى ذكره قد مكَّنني منها وملَّكني فيها ما لم يُمَلِّك أحدا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[36] ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم﴾ إنما جعلت بلقيس قبول الهدية أو ردها علامة على ما في نفسها، على ما ذكرناه من كون سليمان ملكًا أو نبيًّا؛ لأنه قال لها في كتابه: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾، وهذا لا تقبل فيه فدية، ولا يؤخذ عنه هدية، وليس هذا من الباب الذي تقرر في الشريعة عن قبول الهدية بسبيل، وإنما هي رشوة وبيع الحق بالباطل، وهى الرشوة التي لا تحل. وأما الهدية المطلقة للتحبب والتواصل فإنها جائزة من كل أحد وعلى كل حال.
وقفة
[36] مقاييس أهل الآخرة تختلف عن مقاييس أهل الدنيا؛ ولذلك لا يفرحون بالدنيا كما يفرح بها أهلها ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾.
وقفة
[36] ﴿فَلَمّا جاءَ سُلَيمانَ قالَ أَتُمِدّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيرٌ مِمّا آتاكُم بَل أَنتُم بِهَدِيَّتِكُم تَفرَحونَ﴾ القانع الراضى بما أتاه الله من رزق لا يشغله عطاء الغير له.
وقفة
[36] اعلم أن أجل النعم هي نعمة الدين، وأما الدنيا فهي إلى زوال، لا يركن المؤمن إليها ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾.
عمل
[36] اكتب رسالة تبيِّن فيها خطر تقديم الدنيا على الدين ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾.
عمل
[36] ألقِ كلمة، أو اكتب رسالة عبر الهاتف الجوال، تحذر فيها من الرشوة ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾.
عمل
[36] إياك أن تقبل الهدية التي توحي بإغرائك من أجل تنازلك عن مبادئك ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾.
وقفة
[36] لا يشهد بالحق ويثبت عليه قلب عشق ماﻻً أو منصبًا، فقد قال سليمان ﷺ لرسول بلقيس: ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾.
وقفة
[36] من أراد أن يحكِّم شرع الله في الأرض وأن يكون من ورثة الأنبياء عليه أن يتعالى على حطام الدنيا ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾.
وقفة
[36] ﴿قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم﴾ نموذج نبوي في النزاهة يؤكد أن المسؤول الأمين هو الذي لا يقبل الأعطيات من أجل التنازلات.
وقفة
[36] لو كانت مواقف بعض العلماء مع الهدايا التي تقدم لهم كموقف سليمان عليه السلام لقويت هيبتهم وتحقق على أيديهم صلاح البلاد والعباد، كما صلحت مملكة سبأ، تدبر: ﴿أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾.
وقفة
[36] ﴿فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم﴾ عندما تمتلك روحًا جميلة؛ فسوف ترى كل شئ جميلًا، وعندما تمتلك نفسًا راضية؛ سترضى ولو بالقليل.
وقفة
[36] ﴿فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم﴾ عزة المؤمن بالإيمان تحصنه من الاغترار بالدنيا.
وقفة
[36] رؤيةُ نعمِ الله، والرضا بقَسْمِهِ، واستكثارُ عطائِهِ من أخلاق الأنبياء ﴿فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم﴾.
وقفة
[36] الموظف المؤمن بالغيب هو الذي يرى زملاءه يمدون أيديهم إلى المال الحرام فيكونون به من أولي السعة والغنى، وهو يقنع بمرتبه القليل ويصبر على الضيق أملاً بالغنى والسعة في الآخرة، ولسان حاله: ﴿فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم﴾.
وقفة
[36] ﴿بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ متى ترد الهدية إذا كانت لقصد غير مشروع.
وقفة
[36] ﴿بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ عزة الإيمان تحصِّن المؤمن من التأثر بحطام الدنيا.
وقفة
[36] ﴿بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ إظهار عزة المؤمن أمام أهل الباطل أمر مطلوب.
وقفة
[36] ﴿بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ الفرح بالماديات والركون إليها صفة من صفات الكفار.
وقفة
[36] ﴿بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ أكثر من يفرح بالهدية الذي اشتراها، يسابق اللحظات بخطواته ليرقب أثرها، فلا تخـذله مهما كان ثمنها ومقدارها.
وقفة
[36] ﴿بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ فالمعنى: أنتم تفرحون بما يهدى إليكم لقصور همتكم على الدنيا، وحبكم الزيادة فيها، ففي ذلك من الحط عليهم ما لا يخفى.
وقفة
[36] ﴿بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ أي: أنتم تفرحون إن جاءتكم هدية من أحد، أو تفرحون لأنني سأرد إليكم هديتكم، أو تفرحون إن قبلت هديتكم، فهذه ثلاثة معان للآية!

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية.
  • ﴿ جاءَ سُلَيْمانَ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «لما». جاء: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي الرسول بمعنى الرسل لان صيغة «فعول» يستوي فيه الواحد اي المفرد والجمع والمذكر والمؤنث. سليمان: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لانه ممنوع من الصرف-التنوين-للعجمة ولان في آخره ألفا ونونا زائدتين.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي سليمان. والجملة الفعلية قالَ» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. والجملة الفعلية بعدها في محل نصب مفعول به لقال.
  • ﴿ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ:
  • الالف ألف انكار وتوبيخ بلفظ‍ استفهام. تمدونن: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والنون نون الوقاية لا محل لها. والكسرة دالة على ضمير المتكلم الياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة في محل نصب مفعول به. بمال: جار ومجرور متعلق بتمدونن.
  • ﴿ فَما آتانِيَ اللهُ:
  • الفاء استئنافية للتعليل. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. آتاني: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والنون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به اول. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. والجملة الفعلية آتانِيَ اللهُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد ضمير منصوب المحل لانه مفعول به ثان. التقدير: فما آتانيه الله.
  • ﴿ خَيْرٌ:
  • خبر المبتدأ «ما» مرفوع بالضمة. واصلها أخير. وحذف الالف افصح بمعنى: أكثر.
  • ﴿ مِمّا آتاكُمْ:
  • اصلها: من: حرف جر. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخير. آتى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل نصب مفعول به اول والميم علامة جمع الذكور. وجملة آتاكُمْ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد ضمير منصوب المحل لانه مفعول به ثان. التقدير:مما آتاكموه.
  • ﴿ بَلْ أَنْتُمْ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. انتم: ضمير منفصل-ضمير المخاطبين-في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ بِهَدِيَّتِكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.والهدية اسم المهدي تضاف اليه والمهدى اليه.
  • ﴿ تَفْرَحُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر أَنْتُمْ» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا أرسلت الملكة هدية إلى سليمان عليه السلام؛ ذكرَ اللهُ هنا ما كان من سليمان عندما رأى هذه الهدية، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جاء:
وقرئ:
جاءوا، عائد، على «مرسلون» ، وهى قراءة عبد الله.
أتمدونن:
قرئ:
1- بنونين، وهى قراءة جمهور السبعة، وأثبت بعض «الياء» .
2- بإدغام نون الرفع فى نون الوقاية، وإثبات ياء المتكلم، وهى قراءة حمزة.
3- بنون واحدة، خفيفة، وهى قراءة، عن نافع.

مدارسة الآية : [37] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا ..

التفسير :

[37] وقال سليمان عليه السلام لرسول أهل «سبأ»:ارجع إليهم، فوالله لنأتينَّهم بجنود لا طاقة لهم بمقاومتها ومقابلتها، ولنخرجنَّهم مِن أرضهم أذلة وهم صاغرون مهانون، إن لم ينقادوا لدين الله وحده، ويتركوا عبادة من سواه.

ثم أوصى الرسول من غير كتاب لما رأى من عقله وأنه سينقل كلامه على وجهه فقال: ارْجِعْ إِلَيْهِمْأي:بهديتكفَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْأي:لا طاقة لهمبِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَفرجع إليهم وأبلغهم ما قال سليمان وتجهزوا للمسير إلى سليمان، وعلم سليمان أنهم لا بد أن يسيروا إليه.

ثم أتبع سليمان- عليه السلام- هذا الاستنكار بالتهديد فقال: - كما حكى القرآن عنه-: ارْجِعْ إِلَيْهِمْ.

أى: قال سليمان لمن أرسلته بلقيس بالهدية: عد من حيث أتيت ومعك هديتك.

فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها أى: فو الله لنأتينهم بجنود لا قدرة لهم على مقاومتهم، ولا طاقة لهم على قتالهم.

وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ أى: وو اللَّه لنخرجن هذه الملكة وقومها من بلاد سبأ، حالة كونهم أذلة، وحالة كونهم مهزومين مقهورين، بعد أن كانوا في عزة وقوة.

وعاد الرسل بهديتهم إلى الملكة، دون أن يهتم القرآن بما جرى لهم بعد ذلك، لأن القرآن لا يهتم إلا بالجوهر واللباب فيما يقصه من أحداث.

ثم يحكى القرآن بعد ذلك ما طلبه سليمان- عليه السلام- من جنوده فيقول:

( ارجع إليهم ) أي : بهديتهم ، ( فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ) أي : لا طاقة لهم بقتالهم ، ( ولنخرجنهم منها ) أي : من بلدهم ، ( أذلة وهم صاغرون ) أي : مهانون مدحورون .

فلما رجعت إليها رسلها بهديتها ، وبما قال سليمان ، سمعت وأطاعت هي وقومها ، وأقبلت تسير إليه في جنودها خاضعة ذليلة ، معظمة لسليمان ، ناوية متابعته في الإسلام . ولما تحقق سليمان ، عليه السلام ، قدومهم عليه ووفودهم إليه ، فرح بذلك وسره .

(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ ) وهذا قول سليمان لرسول المرأة (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ) لا طاقة لهم بها ولا قدرة لهم على دفعهم عما أرادوا منهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه, قال: لما أتت الهدايا سليمان فيها الوصائف والوُصفاء, والخيل العراب, وأصناف من أصناف الدنيا, قال للرسل الذين جاءوا به: (أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ) لأنه لا حاجة لي بهديتكم, وليس رأيي فيه كرأيكم, فارجعوا إليها بما جئتم به من عندها,(فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ).

حدثنا عمرو بن عبد الحميد, قال: ثنا مروان بن معاوية, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي صالح في قوله: (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ) قال: لا طاقة لهم بها. وقوله: (وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ) يقول: ولنخرجنّ من أرسلكم من أرضهم أذلة وهم صاغرون إن لم يأتوني مسلمين.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه: (وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ) , أو لتأتيني مسلمة هي وقومها.

المعاني :

لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا :       لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِمُقَاوَمَةِ الجُنُودِ السراج
لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا :       لا طَاقَةَ لَهُم بِمُقَاوَمَتِها الميسر في غريب القرآن
صَاغِرُونَ :       مُهَانُونَ السراج
صَٰغِرُونَ :       ذَلِيلُونَ مُهَانُونَ الميسر في غريب القرآن
هم صاغرون :       ذليلون بالأسر و الإستعباد معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[37] ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ قاعدة في السياسة والتربية نقلها الشيخ علي الطنطاوي: «لا أستخدم سوطي ما دام يجدي صوتي، ولا أستخدم صوتي ما دام يجدي صمتي».
وقفة
[37] من معادن البشر ما لا يلين إلا تحت وهج السيوف وسنابك الخيل ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾.
وقفة
[37] ﴿ارجِع إِلَيهِم فَلَنَأتِيَنَّهُم بِجُنودٍ لا قِبَلَ لَهُم بِها وَلَنُخرِجَنَّهُم مِنها أَذِلَّةً وَهُم صاغِرونَ﴾ فعل الأمر لمن جاء بالرسالة (ارجِع إِلَيهِم)، وكذلك صيغة التهديد القوية مرعبة ومخيفة، وهذا قد يكون ضروريًّا فى بعض الأحيان؛ لبث الخوف والقلق فى نفوس البعض ليراجعوا ما كانوا ينتون فعله.
وقفة
[37] ﴿وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ القضية ليست قابلة للتفاوض بل توحيد وإفراد لله بالعبادة، فلا مجال فيها للتنازلات.

الإعراب :

  • ﴿ ارْجِعْ:
  • فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت اي ارجع اليهم والمخاطب هو الرسول المرسل من قبل قوم بلقيس والمخاطب هو سليمان.
  • ﴿ إِلَيْهِمْ:
  • الى حرف جر و إِلَيْهِمْ» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بارجع.
  • ﴿ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ:
  • الفاء استئنافية. اللام لام التوكيد او واقعة في جواب قسم مقدر. نأتي: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ونون التوكيد لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. وإِلَيْهِمْ» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «لنأتينهم» جواب القسم المقدر لا محل لها من الاعراب بمعنى: فلنزحفن عليهم.
  • ﴿ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ:
  • بجنود: جار ومجرور متعلق بلنأتينهم. لا: نافية للجنس تعمل عمل ان. قبل: اسم لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا بمعنى لا قدرة او طاقة.
  • ﴿ لَهُمْ بِها:
  • تعرب اعراب إِلَيْهِمْ».والجار والمجرور متعلق بخبر لا».بها: جار ومجرور متعلق بخبر لا» ايضا. بمعنى: لا طاقة لهم على صدها او دفعها اي على ايقاف الجنود وانثت الكلمة على اللفظ‍.والجلمة من «لا» وما عملت فيه في محل جر صفة-نعت-لجنود.
  • ﴿ وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً:
  • معطوفة بالواو على «لنأتينهم بجنود» وتعرب اعرابها. اذلة: حال من ضمير الغائبين منصوب بالفتحة. بمعنى: ولنخرجنهم من مدينتهم «سبأ» اذلاء.
  • ﴿ وَهُمْ صاغِرُونَ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية في محل نصب حال.هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. صاغرون: خبر «هم» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم. اي وهم مهانون. والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     ولَمَّا كانت هذه الهدية بمثابة الرشوة، وفهم سليمانُ عليه السلام أن القصد منها أن يصرفوه عما تضمنه الكتاب من الدعوة إلى توحيد الله؛ توَعَّدَهم وهَدَّدَهم بِأنَّهُ مُرْسِلٌ إلَيْهِمْ جَيْشًا لا قِبَلَ لَهم بِحَرْبِهِ، قال تعالى:
﴿ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ارجع:
وقرئ:
ارجعوا، وهى قراءة عبد الله، وقد قرأ: «جاءوا» الآية: 36.

مدارسة الآية : [38] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ ..

التفسير :

[38] قال سليمان مخاطباً مَن سَخَّرهم الله له من الجن والإنس:أيُّكم يأتيني بسرير ملكها العظيم قبل أن يأتوني منقادين طائعين؟

فقال لمن حضره من الجن والإنس: أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَأي:لأجل أن نتصرف فيه قبل أن يسلموا فتكون أموالهم محترمة.

قال ابن كثير ما ملخصه: فلما رجعت الرسل إلى ملكة سبأ بما قاله سليمان، قالت: قد- والله- عرفت ما هذا بملك، وما لنا به من طاقة.. وبعثت اليه: إنى قادمة إليك بملوك قومي، لأنظر في أمرك وما تدعونا إليه من دينك.. ثم شخصت إليه في اثنى عشر ألف رجل من أشراف قومها- بعد أن أقفلت الأبواب على عرشها- فجعل سليمان يبعث الجن يأتونه بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة، حتى إذا دنت جمع من عنده من الإنس والجن ممن تحت يده فقال: يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ.

أى: قال سليمان لجنوده: أى واحد منكم يستطيع أن يحضر لي عرش هذه الملكة قبل أن تحضر إلى هي وقومها مسلمين، أى: منقادين طائعين مستسلمين لما أمرتهم به.

ولعل سليمان- عليه السلام- قد طلب إحضار عرشها- من بلاد اليمن إلى بيت المقدس حيث مقر مملكته، ليطلعها على عظيم قدرة الله- تعالى-، وعلى ما أعطاه- سبحانه- له من ملك عريض، ومن نعم جليلة، ومن قوة خارقة، حيث سخر له من يحضر له عرشها من مكان بعيد في زمن يسير.

ولعل كل ذلك يقودها هي وقومها إلى الإيمان بالله رب العالمين..

قال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان قال : فلما رجعت إليها الرسل بما قال سليمان قالت : قد - والله - عرفت ، ما هذا بملك ، وما لنا به من طاقة ، وما نصنع بمكاثرته شيئا ، وبعثت إليه : إني قادمة عليك بملوك قومي ، لأنظر ما أمرك وما تدعونا إليه من دينك . ثم أمرت بسرير ملكها الذي كانت تجلس عليه - وكان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ - فجعل في سبعة أبيات ، بعضها في بعض ، ثم أقفلت عليه الأبواب ، ثم قالت لمن خلفت على سلطانها : احتفظ بما قبلك ، وسرير ملكي ، فلا يخلص إليه أحد من عباد الله ، ولا يرينه أحد حتى آتيك . ثم شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن ، تحت يدي كل قيل منهم ألوف كثيرة . فجعل سليمان يبعث الجن يأتونه بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة ، حتى إذا دنت جمع من عنده من الجن والإنس ، ممن تحت يديه ، فقال : ( يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ) .

وقال قتادة : لما بلغ سليمان أنها جائية ، وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه ، وكان من ذهب ، وقوائمه لؤلؤ وجوهر ، وكان مسترا بالديباج والحرير ، وكانت عليه تسعة مغاليق ، فكره أن يأخذه بعد إسلامهم . وقد علم نبي الله أنهم متى أسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم فقال : ( يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ) .

وهكذا قال عطاء الخراساني ، والسدي ، وزهير بن محمد : ( قبل أن يأتوني مسلمين ) فتحرم علي أموالهم بإسلامهم .

اختلف أهل العلم في الحين الذي قال فيه سليمان (يَاأَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا ) فقال بعضهم: قال ذلك حين أتاه الهدهد بنبأ صاحبة سبأ, وقال له: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ وأخبره أن لها عرشا عظيما, فقال له سليمان صلى الله عليه وسلم: سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فكان اختباره صدقه من كذبه بأن قال لهؤلاء: أيكم يأتيني بعرش هذه المرأة قبل أن يأتوني مسلمين. وقالوا إنما كتب سليمان الكتاب مع الهدهد إلى المرأة بعد ما صحّ عنده صدق الهدهد بمجيء العالم بعرشها إليه على ما وصفه به الهدهد, قالوا: ولولا ذلك كان محالا أن يكتب معه كتابا إلى من لا يدري, هل هو في الدنيا أم لا؟ قالوا: وأخرى أنه لو كان كتب مع الهدهد كتابا إلى المرأة قبل مجيء عرشها إليه, وقبل علمه صدق الهدهد بذلك, لم يكن لقوله له سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ معنى؛ لأنه لا يُلِم بخبره الثاني من إبلاغه إياها الكتاب, أو ترك إبلاغه إياها ذلك, إلا نحو الذي علم بخبره الأوّل حين قال له: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ قالوا: وإن لم يكن في الكتاب معهم امتحان صدقه من كذبه, وكان محالا أن يقول نبي الله قولا لا معنى له وقد قال: سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ علم أن الذي امتحن به صدق الهدهد من كذبه هو مصير عرش المرأة إليه, على ما أخبره به الهدهد الشاهد على صدقه, ثم كان الكتاب معه بعد ذلك إليها.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قال: إن سليمان أوتي ملكا, وكان لا يعلم أن أحدا أوتي ملكا غيره; فلما فقد الهدهد سأله: من أين جئت؟ ووعده وعيدا شديدا بالقتل والعذاب, قال: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ قال له سليمان: ما هذا النبأ؟ قال الهدهد: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً بسبأ تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ فلما أخبر الهدهد سليمان أنه وجد سلطانا, أنكر أن يكون لأحد في الأرض سلطان غيره, فقال لمن عنده من الجنّ والإنس: ( يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) قال سليمان: أريد أعجل من ذلك (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ ) وهو رجل من الإنس عنده علم من الكتاب فيه اسم الله الأكبر, الذي إذا دعي به أجاب: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) فدعا بالاسم وهو عنده قائم, فاحتمل العرش احتمالا حتى وُضع بين يدي سليمان, والله صنع ذلك; فلما أتى سليمان بالعرش وهم مشركون, يسجدون للشمس والقمر, أخبره الهدهد بذلك, فكتب معه كتابًا ثم بعثه إليهم, حتى إذا جاء الهدهد الملكة ألقى إليها الكتاب قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ... إلى وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ فقالت لقومها ما قالت وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ قال: وبعثت إليه بوصائف ووصفاء, وألبستهم لباسا واحدا, حتى لا يعرف ذكر من أنثى, فقالت: إن زيل بينهم حتى يعرف الذكر من الأنثى, ثم رد الهدية, فإنه نبي, وينبغي لنا أن نترك ملكنا ونتبع دينه ونلحق به, فردّ سليمان الهدية وزيل بينهم, فقال: هؤلاء غلمان وهؤلاء جوار وقال: أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ... إلى آخر الآية.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ... الآية; قال: وأنكر سليمان أن يكون لأحد على الأرض سلطان غيره, قال لمن حوله من الجنّ والإنس: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا )... الآية.

وقال آخرون: بل إنما اختبر صدق الهدهد سليمان بالكتاب, وإنما سأل من عنده إحضاره عرش المرأة بعد ما خرجت رسلها من عنده, وبعد أن أقبلت المرأة إليه.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه, قال: لما رجعت إليها الرسل بما قال سليمان: قالت: والله عرفت ما هذا بملك, وما لنا به طاقة, وما نصنع بمكاثرته شيئا, وبعثت: إني قادمة عليك بملوك قومي, حتى أنظر ما أمرك, وما تدعو إليه من دينك؟ ثم أمرت بسرير ملكها, الذي كانت تجلس عليه, وكان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ, فجعل في سبعة أبيات بعضها &; 19-462 &; في بعض, ثم أقفلت عليه الأبواب. وكانت إنما يخدمها النساء, معها ستّمائة امرأة يخدمنها; ثم قالت لمن خلفت على سلطانها, احتفظ بما قِبَلك, وبسرير ملكي, فلا يخلص إليه أحد من عباد الله, ولا يرينه أحد حتى آتيك; ثم شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قَيْلِ معها من ملوك اليمن, تحت يد كلّ قَيْلِ منهم ألوف كثيرة, فجعل سليمان يبعث الجنّ, فيأتونه بمسيرها ومنتهاها كلّ يوم وليلة, حتى إذا دنت جمع من عنده من الجنّ والإنس ممن تحت يده, فقال: (يَاأَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ).

وتأويل الكلام: قال سليمان لأشراف من حضره من جنده من الجن والإنس: (يَاأَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا ) يعني سريرها.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا ) قال: سرير في أريكة.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قال: عرشها سرير في أريكة. قال ابن جُرَيج: سرير من ذهب, قوائمه من جوهر ولؤلؤ.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا ) بسريرها.

وقال ابن زيد في ذلك ما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا ) قال: مجلسها.

واختلف أهل العلم في السبب الذي من أجله خصّ سليمان مسألة الملأ من جنده إحضار عرش هذه المرأة من بين أملاكها قبل إسلامها, فقال بعضهم: إنما فعل ذلك لأنه أعجبه حين وصف له الهدهد صفته, وخشي أن تسلم فيحرُم عليه مالها, فأراد أن يأخذ سريرها ذلك قبل أن يحرُم عليه أخذه بإسلامها.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة, قال: أخبر سليمانَ الهدهدُ أنها قد خرجت لتأتيه, وأخبر بعرشها فأعجبه. كان من ذهب وقوائمه من جوهر مكلَّل باللؤلؤ, فعرف أنهم إن جاءوه مسلمين لم تحلّ لهم أموالهم, فقال للجنّ: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ).

وقال آخرون: بل فعل ذلك سليمان ليعاتبها به, ويختبر به عقلها, هل تثبته إذا رأته, أم تنكره؟

*ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: أعلم الله سليمان أنها ستأتيه, فقال: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) حتى يعاتبها, وكانت الملوك يتعاتبون بالعلم.

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ )فقال بعضهم: معناه: قبل أن يأتوني مستسلمين طوعا.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) يقول: طائعين.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: قبل أن يأتوني مسلمين الإسلام الذي هو دين الله.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, قال: قال ابن جُرَيج: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) بحرمة الإسلام فيمنعهم وأموالهم, يعني الإسلام يمنعهم.

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في السبب الذي من أجله خصّ سليمان بسؤاله الملأ من جنده بإحضاره عرش هذه المرأة دون سائر ملكها عندنا, ليجعل ذلك حجة عليها في نبوته, ويعرفها بذلك قدرة الله وعظيم شأنه, أنها خلَّفته في بيت في جوف أبيات, بعضها في جوف بعض, مغلق مقفل عليها, فأخرجه الله من ذلك كله, بغير فتح أغلاق وأقفال, حتى أوصله إلى ولية من خلقه, وسلمه إليه, فكان لها في ذلك أعظم حجة, على حقيقة ما دعاها إليه سليمان, وعلى صدق سليمان فيما أعلمها من نبوّته.

فأما الذي هو أولى التأويلين في قوله (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) بتأويله, فقول ابن عباس الذي ذكرناه قبل, من أن معناه طائعين, لأن المرأة لم تأت سليمان إذ أتته مسلمة, وإنما أسلمت بعد مقدمها عليه وبعد محاورة جرت بينهما ومساءلة.

وقوله: (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ ) يقول تعالى ذكره: قال رئيس من الجنّ مارد قويّ. وللعرب فيه لغتان: عفريت, وعفرية; فمن قال: عفرية, جمعه: عفاري; ومن قال: عفريت, جمعه: عفاريت.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

المعاني :

المَلَأُ :       مَنْ سَخَّرَهُمُ اللهُ لَهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ السراج

التدبر :

وقفة
[38] ﴿قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا﴾ وأولى الأقوال بالصواب في السبب الذي من أجله خص سليمان بسؤاله الملأ من جنده بإحضاره عرش هذه المرأة دون سائر ملكها عندنا -ليجعل ذلك حجة عليها في نبوته، ويعرفها بذلك قدرة الله، وعظيم شأنه- أنها خلفته في بيت في جوف أبيات؛ بعضها في جوف بعض، مغلق، مقفل عليها، فأخرجه الله من ذلك كله بغير فتح أغلاق وأقفال، حتى أوصله إلى وليه من خلقه وسلمه إليه، فكان لها في ذلك أعظم حجة على حقيقة ما دعاها إليه سليمان، وعلى صدق سليمان فيما أعلمها من نبوته.
وقفة
[38] ﴿قالَ يا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُم يَأتيني بِعَرشِها﴾ إنما هو إظهارًا لقوة أمده الله بها دون غيره، واستكمالًا لبث الخوف والقلق فى نفوسهم.
وقفة
[38] ﴿أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا﴾ لماذا خص العرش؟ الجواب: لأنه في بيت في جوف أبيات مغلق عليها فيه، فأخرجه الله من ذلك كله، فكان أعظم حجة عليها.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا:
  • اعربت في الآية الكريمة التاسعة والعشرين. وفاعل قالَ» ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
  • ﴿ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.اي: مبتدأ مرفوع بالضمة وهو اسم استفهام والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور. يأتيني: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على أَيُّكُمْ».والنون نون الوقاية لا محل لها من الاعراب والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به. بعرشها: جار ومجرور متعلق بيأتيني. والجملة الفعلية يَأْتِينِي بِعَرْشِها» في محل رفع خبر أَيُّكُمْ» و «ها» ضمير متصل -ضمير الغائبة-مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي:
  • قبل: ظرف زمان متعلق بيأتيني منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. ان: حرف مصدرية ونصب. يأتوني:فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والنون نون الوقاية لا محل لها. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به.والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة يَأْتُونِي» صلة أَنْ» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و أَنْ» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ مُسْلِمِينَ:
  • بمعنى: منقادين مستسلمين: حال من ضمير الغائبين في يَأْتُونِي» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     وبعد أن هَدَّدَهم بِأنَّه مُرسِلٌ إليهم جَيشًا لا قبلَ لهم بِه؛ طلب إحضار عرشها من بلاد اليمن إلى بيت المقدس حيث مقر مملكته؛ ليطلعها على ما أعطاه اللهُ له من نعم، حيث سخر له من يحضر له عرشها من مكان بعيد في زمن يسير، لعل هذا يقودها هى وقومها إلى الإيمان بالله، قال تعالى:
﴿ قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا ..

التفسير :

[39] قال مارد قويٌّ شديد من الجن:أنا آتيك به قبل أن تقوم مِن مجلسك هذا الذي تجلس فيه للحكم بين الناس، وإني لَقويٌّ على حَمْله، أمين على ما فيه، آتي به كما هو لا أُنقِص منه شيئاً ولا أبدله.

قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّوالعفريت:هو القوي النشيط جدا: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌوالظاهر أن سليمان إذ ذاك في الشام فيكون بينه وبين سبأ نحو مسيرة أربعة أشهر شهران ذهابا وشهران إيابا، ومع ذلك يقول هذا العفريت:أنا التزم بالمجيء به على كبره وثقله، وبعده قبل أن تقوم من مجلسك الذي أنت فيه. والمعتاد من المجالس الطويلة أن تكون معظم الضحى نحو ثلث يوم هذا نهاية المعتاد، وقد يكون دون ذلك أو أكثر.

وبعد أن قال سليمان لجنده أيكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين، رد عليه عفريت من الجن بقوله: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ.

والعفريت: هو المارد القوى من الشياطين، الذين سخرهم الله- تعالى- لخدمة سليمان،وللقيام بأداء ما يكلفهم به. ويقال له: عفريت، وعفريتة- بكسر العين وسكون الفاء-.

أى: قال عفريت من الجن لسليمان: أنا آتيك بعرش هذه الملكة، قبل أن تقوم من مقامك، أى: قبل أن تقوم من مجلسك هذا الذي تجلس فيه للقضاء بين الناس. أو قبل أن تقف من جلوسك.

وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ أى: وإنى على حمله وإحضاره من تلك الأماكن البعيدة إليك، لقوى على ذلك، بحيث لا يثقل على حمله، ولأمين على إحضاره دون أن يضيع منه شيء.

( قال عفريت من الجن ) قال مجاهد : أي مارد من الجن .

قال شعيب الجبائي : وكان اسمه كوزن . وكذا قال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان . وكذا قال أيضا وهب بن منبه .

قال أبو صالح : وكان كأنه جبل .

( أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ) قال ابن عباس : يعني : قبل أن تقوم من مجلسك . وقال مجاهد : مقعدك ، وقال السدي ، وغيره : كان يجلس للناس للقضاء والحكومات وللطعام من أول النهار إلى أن تزول الشمس .

( وإني عليه لقوي أمين ) : قال ابن عباس : أي قوي على حمله ، أمين على ما فيه من الجوهر .

فقال سليمان ، عليه السلام : أريد أعجل من ذلك . ومن هاهنا يظهر أن النبي سليمان أراد بإحضار هذا السرير إظهار عظمة ما وهبه الله له من الملك ، وسخر له من الجنود ، الذي لم يعطه أحد قبله ، ولا يكون لأحد من بعده . وليتخذ ذلك حجة على نبوته عند بلقيس وقومها ; لأن هذا خارق عظيم أن يأتي بعرشها كما هو من بلادها قبل أن يقدموا عليه . هذا وقد حجبته بالأغلاق والأقفال والحفظة .

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, قال: قال ابن جُرَيج, قال مجاهد: (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ ) قال: مارد من الجنّ(أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ).

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قتادة وغيره, مثله.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن بعض أصحابه: (قَالَ عِفْريتٌ ) قال: داهية.

قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: أخبرني وهب بن سليمان, عن شعيب الجبائي قال: العفريت الذي ذكره الله: اسمه كوزن.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم: (قَالَ عِفْريتٌ ) اسمه: كوزن.

وقوله: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ) يقول: أنا آتيك بعرشها قبل أن تقوم من مقعدك هذا.

وكان فيما ذُكر قاعدا للقضاء بين الناس, فقال: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مجلسك هذا الذي جلست فيه للحكم بين الناس. وذكر أنه كان يقعد إلى انتصاف النهار.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.

قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة وغيره, مثله, قال: وكان يقضي قال: قبل أن تقوم من مجلسك الذي تقضي فيه.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ) يعني مجلسه.

وقوله (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) على ما فيه من الجواهر, ولا أخون فيه.

وقد قيل: أمين على فرج المرأة.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) يقول: قويّ على حمله, أمين على فرج هذه.

المعاني :

عِفْريتٌ :       مَارِدٌ قَوِيٌّ شَدِيدٌ السراج
مَّقَامِكَ :       مَجْلِسِكَ السراج

التدبر :

وقفة
[39] ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ﴾ القوة والأمانة ضرورة في كل المهام على مدى الأزمان.
وقفة
[39] ﴿وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ﴾ لقادر على الإتيان به، وأمين لا أمسه بسوء، ولا اقتطع منه شيئًا لنفسي.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ:
  • فعل ماض مبني على الفتح. عفريت: اي مارد: فاعل مرفوع بالضمة. من الجن: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من عِفْرِيتٌ» و مِنَ» حرف جر بياني. وحركت نون مِنَ» بالفتحة لان الحركة للهمزة.
  • ﴿ أَنَا آتِيكَ بِهِ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.انا: ضمير منفصل-ضمير المتكلم-مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.آتيك: الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا.والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. به: جار ومجرور متعلق بآتيك. ويجوز ان تكون آتِيكَ» اسم فاعل مرفوعا بالضمة المقدرة على الياء للثقل خبر المبتدأ. وهو مضاف والكاف ضميرا متصلا في محل جر بالاضافة لفظا وفي محل نصب مفعولا به لاسم الفاعل «آت».
  • ﴿ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ:
  • قبل: ظرف زمان متعلق بآتيك منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. ان: حرف مصدرية ونصب. تقوم:فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. وجملة تَقُومَ» صلة أَنْ» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و أَنْ» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْ مَقامِكَ:
  • جار ومجرور متعلق بتقوم والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة اي من مجلسك.
  • ﴿ وَإِنِّي عَلَيْهِ:
  • الواو عاطفة. اني: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم أَنْ».عليه: جار ومجرور متعلق بخبر أَنْ» بمعنى: على حمله اي العرش
  • ﴿ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-.قوي أمين: خبران على التتابع للحرف أَنْ» مرفوعان بالضمة ويجوز ان تكون أَمِينٌ» صفة-نعتا- للموصوف-المنعوت-قوي.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     وبعد أن قال سليمان عليه السلام لجنده أيكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين؟؛ رد عليه هنا عفريت من الجن، قال تعالى:
﴿ قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

عفريت:
وقرئ:
1- بكسر العين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح العين، وهى قراءة أبى حيوة.
3- عفرية، بكسر العين وسكون الفاء وكسر الراء، بعدها ياء مفتوحة، بعدها تاء للتأنيث، وهى قراءة أبى رجاء، وأبى السمال، وعيسى.
4- عفر، بلا ياء ولا تاء، وهى قراءة فرقة.
5- عفراة، بالألف وتاء التأنيث، وهى لغة طيئ، وتميم.

مدارسة الآية : [40] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ..

التفسير :

[40] قال الذي عنده علم من الكتاب:أنا آتيك بهذا العرش قبل ارتداد أجفانك إذا تحرَّكَتْ للنظر في شيء. فأذن له سليمان فدعا الله، فأتى بالعرش. فلما رآه سليمان حاضراً لديه ثابتاً عنده قال:هذا مِن فضل ربي الذي خلقني وخلق الكون كله؛ ليختبرني:أأشكر بذلك اعترافا

وهذا الملك العظيم الذي عند آحاد رعيته هذه القوة والقدرة وأبلغ من ذلك أنقَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِقال المفسرون:هو رجل عالم صالح عند سليمان يقال له:"آصف بن برخيا "كان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعا الله به أجاب وإذا سأل به أعطى.

أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَبأن يدعو الله بذلك الاسم فيحضر حالا وأنه دعا الله فحضر. فالله أعلم [هل هذا المراد أم أن عنده علما من الكتاب يقتدر به على جلب البعيد وتحصيل الشديد]

فَلَمَّا رَآهُسليمانمُسْتَقِرًّا عِنْدَهُحمد الله تعالى على إقداره وملكه وتيسير الأمور له وقَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُأي:ليختبرني بذلك. فلم يغتر عليه السلام بملكه وسلطانه وقدرته كما هو دأب الملوك الجاهلين، بل علم أن ذلك اختبار من ربه فخاف أن لا يقوم بشكر هذه النعمة، ثم بين أن هذا الشكر لا ينتفع الله به وإنما يرجع نفعه إلى صاحبه فقال: وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌغني عن أعماله كريم كثير الخير يعم به الشاكر والكافر، إلا أن شكر نعمه داع للمزيد منها وكفرها داع لزوالها.

وكأن سليمان قد استبطأ إحضاره عرش تلك المملكة في هذه الفترة التي حددها ذلك العفريت القوى، فنهض جندي آخر من جنوده، ذكره القرآن بقوله: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ، أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ. قالوا: والمراد بهذا الذي عنده علم من الكتاب: آصف بن برخيا، وهو رجل من صلحاء بنى إسرائيل، آتاه الله- تعالى- من لدنه علما، وكان وزيرا لسليمان.

قالوا: وكان يعلم اسم الله الأعظم، الذي إذا دعى به- سبحانه- أجاب الداعي، وإذا سئل به- تعالى- أجاب السائل.

قيل: المراد به سليمان نفسه، ويكون الخطاب على هذا العفريت، فكأنه استبطأ ما قاله العفريت فقال له: - على سبيل التحقير- أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك.

وقيل: المراد به جبريل. والأول هو المشهور عند المفسرين.

أى: قال الرجل الذي عنده علم من كتاب الله- تعالى- يا سليمان أنا آتيك بعرش بلقيس، قبل أن تغمض عينك وتفتحها، وهو كناية عن السرعة الفائقة في إحضاره.

وفي ذلك ما فيه من الدلالة على شرف العلم وفضله وشرف حامليه وفضلهم وأن هذه الكرامة التي وهبها الله- تعالى- لهذا الرجل، كانت بسبب ما آتاه- سبحانه- من علم.

وجاء عرش الملكة لسليمان من بلاد اليمن إلى بلاد الشام، بتلك السرعة الفائقة فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ أى: فلما رأى سليمان العرش المذكور حاضرا لديه، وكائنا بين يديه ... لم يغتر ولم يتكبر، ولم يأخذه الزهو والعجب. بل قال- كما حكى القرآن عنه-: هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ.

أى: قال سليمان: هذا الذي أراه من إحضار العرش بتلك السرعة من فضل ربي وعطائه، لكي يمتحننى أأشكره على نعمه أم أجحد هذه النعم.

وَمَنْ شَكَرَ الله- تعالى- على نعمه فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ حيث يزيده- سبحانه- منها.

وَمَنْ كَفَرَ نعم الله- تعالى- وجحدها فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ عن خلقه كَرِيمٌ في معاملته لهم، حيث لم يعاجلهم بالعقوبة، بل يعفو ويصفح عن كثير من ذنوبهم.

ثم ختم- سبحانه- هذه القصة البديعة، ببيان ما فعله سليمان بالعرش، وبما قاله لملكة سبأ بعد أن قدمت إليه، وبما انتهى إليه أمرها، فقال- تعالى-:

وَمَنْ شَكَرَ الله- تعالى- على نعمه فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ حيث يزيده- سبحانه- منها.

فلما قال سليمان : أريد أعجل من ذلك ، ( قال الذي عنده علم من الكتاب ) قال ابن عباس : وهو آصف كاتب سليمان . وكذا روى محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان : أنه آصف بن برخياء ، وكان صديقا يعلم الاسم الأعظم .

وقال قتادة : كان مؤمنا من الإنس ، واسمه آصف . وكذا قال أبو صالح ، والضحاك ، وقتادة : إنه كان من الإنس - زاد قتادة : من بني إسرائيل .

وقال مجاهد : كان اسمه أسطوم .

وقال قتادة - في رواية عنه - : كان اسمه بليخا .

وقال زهير بن محمد : هو رجل من الأندلس يقال له : ذو النور .

وزعم عبد الله بن لهيعة : أنه الخضر . وهو غريب جدا .

وقوله : ( أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) أي : ارفع بصرك وانظر مد بصرك مما تقدر عليه ، فإنك لا يكل بصرك إلا وهو حاضر عندك .

وقال وهب بن منبه : امدد بصرك ، فلا يبلغ مداه حتى آتيك به .

فذكروا أنه أمره أن ينظر نحو اليمن التي فيها هذا العرش المطلوب ، ثم قام فتوضأ ، ودعا الله عز وجل .

قال مجاهد : قال : يا ذا الجلال والإكرام . وقال الزهري : قال : يا إلهنا وإله كل شيء ، إلها واحدا ، لا إله إلا أنت ، ائتني بعرشها . قال : فتمثل له بين يديه .

قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، ومحمد بن إسحاق ، وزهير بن محمد ، وغيرهم : لما دعا الله ، عز وجل ، وسأله أن يأتيه بعرش بلقيس - وكان في اليمن ، وسليمان عليه السلام ببيت المقدس - غاب السرير ، وغاص في الأرض ، ثم نبع من بين يدي سليمان ، عليه السلام .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، لم يشعر سليمان إلا وعرشها يحمل بين يديه . قال : وكان هذا الذي جاء به من عباد البحر ، فلما عاين سليمان وملؤه ذلك ، ورآه مستقرا عنده ( قال هذا من فضل ربي ) أي : هذا من نعم الله علي ( ليبلوني ) أي : ليختبرني ، ( أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ) ، كقوله ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ) [ فصلت : 46 ] ، وكقوله ( ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ) [ الروم : 44 ] .

وقوله : ( ومن كفر فإن ربي غني كريم ) أي : هو غني عن العباد وعبادتهم ، ( كريم ) أي : كريم في نفسه ، وإن لم يعبده أحد ، فإن عظمته ليست مفتقرة إلى أحد ، وهذا كما قال موسى : ( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) [ إبراهيم : 8 ] .

وفي صحيح مسلم : " يقول الله تعالى : يا عبادي لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل منكم ، ما نقص ذلك من ملكي شيئا . يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم [ ثم أوفيكم إياها ] فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " .

قوله: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ ) يقول جلّ ثناؤه: قال الذي عنده علم من كتاب الله, وكان رجلا فيما ذكر من بني آدم, فقال بعضهم: اسمه بليخا.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن بشار, قال: ثنا أبو عثمة, قال: ثنا شعبة, عن بشر, عن قتادة, في قوله: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ ) قال: كان اسمه بليخا.

حدثني يحيى بن داود الواسطي, قال: ثنا أبو أسامة, عن إسماعيل, عن أبي صالح, في قوله: (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ ) رجل من الإنس.

حدثنا ابن عرفة, قال: ثنا مروان بن معاوية الفزاريّ, عن العلاء بن عبد الكريم, عن مجاهد, في قول الله: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ ) قال: أنا أنظر في كتاب ربي, ثم آتيك به (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) قال: فتكلم ذلك العالم بكلام دخل العرش تحت الأرض حتى خرج إليهم.

حدثنا ابن عرفة, قال: ثني حماد بن محمد, عن عثمان بن مطر, عن الزهري, قال: دعا الذي عنده علم من الكتاب: يا إلهنا وإله كلّ شيء إلها واحدا, لا إله إلا أنت, ائتني بعرشها, قال: فمثل بين يديه.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ ) قال: رجل من بني آدم، أحسبه قال: من بني إسرائيل, كان يعلم اسم الله الذي إذا دعي به أجاب.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ ) قال: الاسم الذي إذا دعي به أجاب, وهو: يا ذا الجلال والإكرام.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول: قال سليمان لمن حوله: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) فقال عفريت (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ) قال سليمان: أريد أعجل من ذلك, فقال رجل من الإنس عنده علم من الكتاب, يعني اسم الله إذا دعي به أجاب.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) لا آتيك بغيره, أقول غيره أمثله لك. قال: وخرج يومئذ رجل عابد في جزيرة من البحر, فلما سمع العفريت ، (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) قال: ثم دعا باسم من أسماء الله, فإذا هو يحمل بين عينيه, وقرأ: (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي )... حتى بلغ (فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ).

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال رجل من الإنس.

قال: وقال مجاهد: الذي عنده علم من الكتاب: علم اسم الله.

وقال آخرون: الذي عنده علم من الكتاب, كان آصف.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق: (قَالَ عِفْريتٌ ) لسليمان (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) فزعموا أن سليمان بن داود قال: أبتغي أعجل من هذا, فقال آصف بن برخيا, وكان صدّيقا يعلم الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب, وإذا سئل به أعطى: أَنَا يا نبيّ الله (آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ).

وقوله: (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معناه: أنا آتيك به قبل أن يصل إليك من كان منك على مدّ البصر.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني إبراهيم, قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد, عن سعيد بن جُبَير: (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) قال: من قبل أن يرجع إليك أقصى من ترى, فذلك قوله (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ).

قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, قال: قال غير قتادة: (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) قبل أن يأتيك الشخص من مدّ البصر.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: من قبل أن يبلغ طرفك مداه وغايته.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه: (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) تمدّ عينيك فلا ينتهي طرفك إلى مداه حتى أمثله بين يديك. قال: ذلك أريد.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عثام, عن إسماعيل, عن سعيد بن جبير, قال: أخبرت أنه قال: ارفع طرفك من حيث يجيء, فلم يرجع إليه طرفه حتى وضع العرش بين يديه.

حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا يحيى, قال: ثنا سفيان, عن عطاء, عن مجاهد, في قوله: (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) قال: مدّ بصره.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) قال: إذا مدّ البصر حتى يردّ الطرف خاسئا.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) قال: إذا مدّ البصر حتى يحسر الطرف.

قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: قبل أن يرجع إليك طرفك من أقصى أثره, وذلك أن معنى قوله (يَرْتَدَّ إِلَيْكَ ) يرجع إليك البصر, إذا فتحت العين غير راجع, بل إنما يمتدّ ماضيا إلى أن يتناهى ما امتدّ نوره. فإذا كان ذلك كذلك, وكان الله إنما أخبرنا عن قائل ذلك (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ ) لم يكن لنا أن نقول: أنا آتيك به قبل أن يرتدّ راجعا(إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) من عند منتهاه.

وقوله: (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ ) يقول: فلما رأى سليمان عرش ملكة سبأ مستقرا عنده. وفي الكلام متروك استغنى بدلالة ما ظهر عما ترك, وهو: فدعا الله, فأتى به; فلما رآه سليمان مستقرا عنده. وذُكر أن العالم دعا الله, فغار العرش في المكان الذي كان به, ثم نبع من تحت الأرض بين يدي سليمان.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه, قال: ذكروا أن آصِف بن برخيا توضأ, ثم ركع ركعتين, ثم قال: يا نبيّ الله, امدد عينك حتى ينتهي طرفك, فمدّ سليمان عينه ينظر إليه نحو اليمن, ودعا آصف فانخرق بالعرش مكانه الذي هو فيه, ثم نبع بين يدي سليمان (فَلَمَّا رَآهُ ) سليمان (مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي )... الآية.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: نبع عرشها من تحت الأرض.

وقوله: (قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ) يقول: هذا البصر والتمكن والملك والسلطان الذي أنا فيه حتى حمل إليّ عرش هذه في قدر ارتداد الطرف من مأرب إلى الشام, من فضل ربي الذي أفضله عليّ وعطائه الذي جاد به علي, ليبلوني, يقول: ليختبرني ويمتحنني, أأشكر ذلك من فعله عليّ, أم أكفر نعمته عليّ بترك الشكر له.

وقد قيل: إن معناه: أأشكر على عرش هذه المرأة إذ أتيت به, أم كفر إذ رأيت من هو دوني في الدنيا أعلم مني.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: أخبرني عطاء الخراساني, عن ابن عباس, في قوله: (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ ) على السرير إذ أتيت به (أَمْ أَكْفُرُ ) إذ رأيت من هو دوني في الدنيا أعلم مني؟ .

وقوله: (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ) يقول: ومن شكر نعمة الله عليه, وفضله عليه, فإنما يشكر طلب نفع نفسه, لأنه ليس ينفع بذلك غير نفسه؛ لأنه لا حاجة &; 19-469 &; لله إلى أحد من خلقه, وإنما دعاهم إلى شكره تعريضا منه لهم للنفع, لا لاجتلاب منه بشكرهم إياه نفعا إلى نفسه, ولا دفع ضرّ عنها(وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) يقول: ومن كفر نعمه وإحسانه إليه, وفضله عليه, لنفسه ظلم, وحظَّها بخَس, والله غنيّ عن شكره, لا حاجة به إليه, لا يضرّه كفر من كفر به من خلقه, كريم, ومن كرمه إفضاله على من يكفر نعمه, ويجعلها وصلة يتوصل بها إلى معاصيه.

المعاني :

الذي عنده علم :       آصَـفُ أو جبريل أو ملك آخر معاني القرآن
يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ :       قَبْلَ ارْتِدَادِ أَجْفَانِكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى شَيْءٍ السراج
أَن يَرۡتَدَّ :       أن يَرْجِعَ الميسر في غريب القرآن
طَرۡفُكَۚ :       نَظَرُكَ الميسر في غريب القرآن
طرْفك :       نظرك أو جفن عينك بعد فتحه معاني القرآن
مُسْتَقِرًّا عِندَهُ :       حَاضِرًا لَدَيْهِ ثَابِتًا عِنْدَهُ السراج
لِيَبۡلُوَنِيٓ :       لِيَخْتَبِرَنِي الميسر في غريب القرآن
ليبلُوَني :       لِيخْـتبرني و يمتحنني معاني القرآن
أَمۡ أَكۡفُرُۖ :       أي: بِتَرْكِ شُكْرِ النِّعْمةِ الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[40] ﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ﴾ هذه المناظرة بين العفريت من الجن والذي عنده علم من الكتاب ترمز إلى أنه يتأتى بالحكمة والعلم ما لا يتأتى بالقوة.
وقفة
[40] ﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ﴾ من رسخ علمه في كتاب الله أورثه الله فهمًا وتأويلًا لحقائق لا يعلمها غيره وعلمه التأويل.
وقفة
[40] يتأتى بالعلم ما لا يتأتى بالقوة ﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾، فكان أسرع من العفريت.
وقفة
[40] تأمل قوله تعالى لما جيء بعرش بلقيس لسليمان عليه السلام: ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ﴾، فمع تلك السرعة العظيمة التي حمل بها العرش، إلا أن الله قال: ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ﴾ وكأنه قد أتي به منذ زمن، والمشاهد أن الإنسان إذا أحضر الشيء الكبير بسرعة، فلا بد أن تظهر آثار السرعة عليه وعلى الشيء المحضر، وهذا ما لم يظهر على عرش بلقيس، فتبارك الله القوي العظيم.
تفاعل
[40] ﴿فَلَمّا رَآهُ مُستَقِرًّا عِندَهُ قالَ هذا مِن فَضلِ رَبّي﴾ الكثيرون تغرهم النعم وينسون شكرها وخالقها، فاللهم اجعلنا من عبادك القليل الذين لا تكف ألسنتهم عن الشكر لك والثناء عليك.
وقفة
[40] ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ أي: ليختبرني بذلك؛ فلم يغتر عليه السلام بملكه وسلطانه وقدرته كما هو دأب الملوك الجاهلين، بل علم أن ذلك اختبار من ربه فخاف أن لا يقوم بشكر هذه النعمة، ثم بين أن هذا الشكر لا ينتفع الله به، وإنما يرجع نفعه إلى صاحبه، فقال: ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾.
عمل
[40] تذكر ثلاثًا من النعم التي أنعم الله بها عليك، ثم اشكره عليها؛ حتى يبارك لك فيها ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾.
وقفة
[40] ﴿قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي﴾ النِّعمُ تزيدُ المؤمنَ تواضعًا لا تكبُّرًا وغرورًا.
وقفة
[40] ﴿قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي﴾ أعظم الشكر أن يعترف القلب بأن الفضل لله وحده.
وقفة
[40] النعم تزيد المؤمن تواضعًا ﴿قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي﴾، بخلاف أهل التكبر والعلو في الأرض فإن النعم تزيدهم أشرًا وبطرًا.
وقفة
[40] سورة النمل سورة العلم والشكر؛ تأمل حال داوود وسليمان: ﴿وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي فَضَّلَنَا﴾ [15]، ﴿وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾ [19]، ﴿قَالَ هَٰذَا مِن فَضلِ رَبِّي﴾.
وقفة
[40] ﴿قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ الفارق بين الملوك الجاهلين والملوك الشاكرين، قال السعدي: «أي ليختبرني بذلك، فلم يغتر عليه السلام بملكه وسلطانه وقدرته کما هو دأب الملوك الجاهلين، بل علم أن ذلك اختبار من ربه، فخاف أن لا يقوم بشكر هذه النعمة».
وقفة
[40] من النعم ما هو ابتلاء واختبار ﴿قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه﴾.
وقفة
[40] كان سليمان عليه السلام عالمًا بطبيعة الدنيا عندما رزق التمكين الهائل فيها، فقال: ﴿هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾.
وقفة
[40] ﴿هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي﴾ نحن بالعادة ننظر من جانب واحد إن تم التضييق بالرزق، اعتقدنا البلاء ونسينا أن التوسعة بلاء بعينه.
وقفة
[40] ﴿هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي﴾ يقظة شعور المؤمن تجاه نعم الله.
وقفة
[40] ﴿مِن فَضْلِ رَبِّي﴾ أي: تفضله جل شأنه عليَّ من غير استحقاق ذاتي لي له، ولا عمل مني يوجبه عليه سبحانه وتعالى.
وقفة
[40] العطايا من اللهِ بلاءٌ وامتحانٌ للعبدِ، هل يشكرُ هذه النِّعمةَ أم لا: ﴿لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾.
وقفة
[40] ﴿ومن شكر فإنما يشكر لنفسه﴾ ما كان منا من الشكر فهو لنا، وما كان منه من النعمة فهو إلينا، وله المنة والفضل علينا.
وقفة
[40] ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ الشكر قيد للنعمة الموجودة، وصيد للنعمة المفقودة.
وقفة
[40] ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ لأنه يحط به عنها عبء الواجب، ويصونها عن سمة الكفران، ويستجلب به المزيد، وترتبط به النعمة.
وقفة
[40] ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ الشكر يولد الشكر.
وقفة
[40] ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ الفعل الأول ماض والثاني مضارع؛ فمن الفوائد: شكرك في اللحظة الفائتة خيره لك في اللحظات الآتية.
وقفة
[40] ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ أي: يعود نفع شكره إليه؛ وهو أن يستوجب به تمام النعمة ودوامها؛ لأن الشكر قيد النعمة الموجودة وصيد النعمة المفقودة، ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ عن شكره، كريم بالإفضال على من يكفر نعمه.
وقفة
[40] ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ تأمل في اجتماع الوصفين: الغنى والكرم لله عز وجل.
وقفة
[40] ﴿فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ غني كل حاجاتك عنده، كريم لا يبخل بها إن سألته يا رب.
وقفة
[40] أحضر عرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس فى طرفة عين ثم قال: ﴿هذا من فضل ربي﴾ ،وذو القرنين جاء بزبر الحديد؛ وجعله نارًا؛ وأفرغه قطر وصنع ردمًا عظيمًا سجن خلفه يأجوج ومأجوج ثم قال: ﴿هذا رحمة من ربي﴾ [الكهف: 98] أدب الانجاز رده إلى الله توفيق الله.
وقفة
[40] ﴿هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر﴾ دنياك اختبار لك وحدك؛ فاعمل لنفسك واجتهد لنجاتها، ولو استطاب كل الناس التقصير والقعود، لذا سمي يوم القيامة يوم الحسرة والندامة.
وقفة
[40] من أخطر المفاهيم ظن الإنسان أن الله يعطيه الدنيا كرامة له، والحق أنها ابتلاء واختبار، قال سليمان عن ملكه: ﴿هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر﴾.
وقفة
[40] عن اللَه أحدثك: انظر للعارفين بربهم كيف يتحدثون عنه: قال صالح: ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ [هود: 61]، وقال شعيب: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود: 90]، وقال نوح: ﴿إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [هود: 41]، وقال يوسف: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ [يوسف: 100]، وقال إبراهيم: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: 39]، وقال سليمان: ﴿فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ الَّذِي:
  • فعل ماض مبني على الفتح. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل
  • ﴿ عِنْدَهُ عِلْمٌ:
  • عند: ظرف مكان غير متمكن منصوب على الظرفية وهو مضاف متعلق بفعل مضمر تقديره استقر او «كان» والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. علم: فاعل بالمقدر في الظرف لانه واقع صلة فيعمل عمل الفعل. والفاعل مرفوع بالضمة بتقدير: قال الذي كان او استقر عنده علم. وجملة «استقر عنده علم» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مِنَ الْكِتابِ:
  • جار ومجرور متعلق بعلم او بصفة له. بمعنى: الذي بين يديه علم الاسرار الروحية او الكتاب المنزل وهو علم الوحي والشرائع او اللوح والذي عنده علم منه جبريل عليه السلام
  • ﴿ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة. اليك: جار ومجرور متعلق بيرتد. طرفك: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. اي قبل ان ترجع اليك عينك او نظرك لان «الطرف» هو تحريك الاجفان اذا نظرت فوضع موضع النظر. والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَلَمّا:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية.
  • ﴿ رَآهُ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. رآه: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ:
  • حال من ضمير الغائب في رَآهُ» منصوب بالفتحة. عنده:اعربت وهي متعلقة بمستقرا.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.وجملة قالَ» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي:
  • بمعنى: فلما رأى سليمان عرش ملكة سبأ موجودا بين يديه قال هذا من فضل ربي. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. من فضل: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. ربي:مضاف اليه مجرور بالاضافة والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِيَبْلُوَنِي:
  • اللام حرف جر للتعليل. يبلوني: اي يختبرني: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والنون نون الوقاية لا محل لها. والياء ضمير متصل -ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به وجملة «يبلوني» صلة ان المضمرة لا محل لها. و أَنْ» المصدرية المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بفضل أو بفعله.
  • ﴿ أَأَشْكُرُ:
  • الهمزة همزة استفهام لا عمل لها. أشكر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا وحذف المفعول لانه معلوم بمعنى: أأشكره على نعمته هذه.
  • ﴿ أَمْ أَكْفُرُ:
  • الجملة معطوفة بأم المتصلة على أَشْكُرُ» وتعرب اعرابها. وسميت متصلة لانها سبقت بهمزة استفهام. وحذف الجار والمجرور بمعنى: أم أكفر بها.
  • ﴿ وَمَنْ شَكَرَ:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبر مِنَ».شكر: فعل ماض فعل الشرط‍ مبني على الفتح في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وحذف المفعول بمعنى ومن شكر النعمة. وجملة أَشْكُرُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمن. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.انما: كافة ومكفوفة. يشكر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والفعل يَشْكُرُ» في محل جزم جواب الشرط‍ وجاء الجواب مرفوعا لان فعل الشرط‍ فعل ماض. ويجوز ان تكون جملة يَشْكُرُ» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. والجملة الاسمية فهو يشكر في محل جزم جواب الشرط‍.لنفسه: جار ومجرور متعلق بيشكر والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ:
  • معطوفة بالواو على مَنْ شَكَرَ» وتعرب اعرابها. فإن:الفاء واقعة في جواب الشرط‍.ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.وأَنْ» مع اسمها وخبرها في محل جزم جواب الشرط‍.
  • ﴿ رَبِّي:
  • اسم أَنْ» منصوب بإن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ غَنِيٌّ كَرِيمٌ:
  • خبران لان مرفوعان بالضمة بمعنى: غني عن الشكر كريم على خلقه وعباده.'

المتشابهات :

النمل: 40﴿قَالَ هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي لِيَبۡلُوَنِيٓ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
لقمان: 12﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     وبعد ما قاله عفريت من الجن؛ كأن سليمان عليه السلام قد استبطأ إحضاره عرش تلك المملكة في هذه الفترة التى حددها ذلك العفريت القوي؛ فنهض جندي آخر من جنوده، قال تعالى:
﴿ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ ..

التفسير :

[41] قال سليمان لمن عنده:غيِّروا سرير ملكها الذي تجلس عليه إلى حال تنكره إذا رأته؛ لنرى أتهتدي إلى معرفته أم تكون من الذين لا يهتدون؟

ثم قال لمن عنده: نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَاأي:غيروه بزيادة ونقص، ونحو ذلكنَنْظُرْمختبرين لعقلهاأَتَهْتَدِيللصواب ويكون عندها ذكاء وفطنة تليق بملكهاأَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ.

وقوله: نَكِّرُوا لَها عَرْشَها من التنكير الذي هو ضد التعريف، وهو جعل الشيء على هيئة تخالف هيئته السابقة حتى لا يعرف.

أى: قال سليمان لجنوده، بعد أن استقر عنده عرش بلقيس: غيروا لهذه الملكة عرشها، كأن تجعلوا مؤخرته في مقدمته، وأعلاه أسفله..

وافعلوا ذلك لكي نَنْظُرْ ونعرف أَتَهْتَدِي إليه بعد هذا التغيير، أو إلى الجواب اللائق بالمقام عند ما تسأل أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ إلى معرفة الشيء بعد تغيير معالمه المميزة له. أو إلى الجواب الصحيح عند ما تسأل عنه.

فالمقصود بتغيير هيئة عرشها: اختبار ذكائها وفطنتها، وحسن تصرفها، عند مفاجأتها باطلاعها على عرشها الذي خلفته وراءها في بلادها. وإيقافها على مظاهر قدرة الله- تعالى- وعلى ما وهبه لسليمان- عليه السلام- من معجزات.

لما جيء سليمان ، عليه السلام ، بعرش بلقيس قبل قدومها ، أمر به أن يغير بعض صفاته ، ليختبر معرفتها وثباتها عند رؤيته ، هل تقدم على أنه عرشها أو أنه ليس به ، فقال : ( نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون ) .

قال ابن عباس : نزع عنه فصوصه ومرافقه .

وقال مجاهد : أمر به فغير ما كان أحمر جعل أصفر ، وما كان أصفر جعل أحمر : وما كان أخضر جعل أحمر ، غير كل شيء عن حاله .

وقال عكرمة : زادوا فيه ونقصوا .

[ وقال قتادة : جعل أسفله أعلاه ومقدمه مؤخره ، وزادوا فيه ونقصوا ] .

يقول تعالى ذكره: قال سليمان -لما أتى عرش بلقيس صاحبة سبإٍ, وقدمت هي عليه, لجنده: غيِّروا لهذه المرأة سريرها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قتادة, قوله: (نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا ) قال: غيروا.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: فلما أتته (قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا ) قال: وتنكير العرش, أنه زيد فيه ونقص.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا ) قال: غيِّروه.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, نحوه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا ) قال: مجلسها الذي تجلس فيه.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول, أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا ) أمرهم أن يزيدوا فيه, وينقصوا منه.

وقوله: (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي ) يقول: ننظر أتعقل فتثبت عرشها أنه هو الذي لها(أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ) يقول: من الذين لا يعقلون فلا تثبت عرشها.

وقيل: إن سليمان إنما نكَّر لها عرشها, وأمر بالصرح يعمل لها, من أجل أن الشياطين كانوا أخبروه أنه لا عقل لها, وأن رجلها كحافر حمار, فأراد أن يعرف صحة ما قيل له من ذلك.

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله (أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ) قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ) قال: زيد في عرشها ونقص منه؛ لينظر إلى عقلها, فُوجدت ثابتة العقل.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي ) أتعرفه؟.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثني ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي ) قال: تَعرفه.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه: (أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ) أي أتعقل, أم تكون من الذين لا يعقلون؟ ففعل ذلك لينظر أتعرفه, أم لا تعرفه؟

المعاني :

نَكِّرُوا :       غَيِّرُوا السراج

التدبر :

وقفة
[41] ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي﴾ اختبار ذكاء الخصم لمعرفة التعامل معه بما يناسب.
وقفة
[41] ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي﴾ الداعية هدفه أن ينشر الهدي بأي وسيلة، وبحكمته يختار لكل إنسان ما يؤثر فيه.
وقفة
[41] ﴿قالَ نَكِّروا لَها عَرشَها نَنظُر أَتَهتَدي أَم تَكونُ مِنَ الَّذينَ لا يَهتَدونَ﴾ سيرقبون رد فعلها عن كسب ليحكموا على رجاحه عقلها، هى وسيلة تعليمية تربوية لقياس رد الفعل والحكم على الأمور حال المفاجأة.
وقفة
[41] ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ﴾ سليمان رغم ملکه العظيم وتسخيره الجن، لا يعلم الغيب، ولا يستطيع هداية أحد من الخلق.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على سليمان. اي قال لهم.
  • ﴿ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-نكروا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. لها: جار ومجرور متعلق بنكروا. عرش: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل-ضمير الغائبة-مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اي اجعلوه متنكرا متغيرا عن هيئته.
  • ﴿ نَنْظُرْ:
  • فعل مضارع مجزوم لانه جواب الطلب-الامر-وعلامة جزمه السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والجملة الفعلية بعدها: في محل نصب مفعول به للفعل نَنْظُرْ».
  • ﴿ أَتَهْتَدِي:
  • الهمزة حرف استفهام لا محل له. تهتدي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.اي لمعرفته او للدين والايمان بنبوة سليمان.
  • ﴿ أَمْ تَكُونُ:
  • أم: المتصلة عاطفة سميت متصلة لانها مسبوقة بهمزة استفهام.تكون: فعل مضارع ناقص معطوف على تَهْتَدِي» مرفوع بالضمة واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.
  • ﴿ مِنَ الَّذِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر تَكُونُ» والاسم الموصول الَّذِينَ» مبني على الفتح في محل جر بمن.
  • ﴿ لا يَهْتَدُونَ:
  • صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. لا: نافية لا عمل لها. يهتدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد أن أمر سليمان عليه السلام بإحضار العرش، وجيء به؛ أمرَ سليمان عليه السلام أن يُغيَّرَ بعضُ صفاته؛ ليختبرَ ذكاءها، وحسن تصرفها، وثباتَها عند رؤية عرشها الذي خلفته وراءها في بلادها، قال تعالى:
﴿ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ننظر:
1- بالجزم، على جواب الأمر، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع على الاستثناء، وهى قراءة أبى حيوة.

مدارسة الآية : [42] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ ..

التفسير :

[42] فلما جاءت ملكة «سبأ» إلى سليمان في مجلسه قيل لها:أهكذا عرشك؟ قالت:إنه يشبهه. فظهر لسليمان أنها أصابت في جوابها، وقد علمت قدرة الله وصحة نبوة سليمان عليه السلام، فقال:وأوتينا العلم بالله وبقدرته مِن قبلها، وكنا منقادين لأمر الله متبعين لدين الإسلام

فَلَمَّا جَاءَتْقادمة على سليمان عرض عليها عرشها وكان عهدها به قد خلفته في بلدها، وقِيلَلهاأَهَكَذَا عَرْشُكِأي:أنه استقر عندنا أن لك عرشا عظيما فهل هو كهذا العرش الذي أحضرناه لك؟قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَوهذا من ذكائها وفطنتها لم تقل "هو "لوجود التغيير فيه والتنكير ولم تنف أنه هو، لأنها عرفته، فأتت بلفظ محتمل للأمرين صادق على الحالين، فقال سليمان متعجبا من هدايتها وعقلها وشاكرا لله أن أعطاه أعظم منها: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَاأي:الهداية والعقل والحزم من قبل هذه الملكة،وَكُنَّا مُسْلِمِينَوهي الهداية النافعة الأصلية.

ويحتمل أن هذا من قول ملكة سبأ:"وأوتينا العلم عن ملك سليمان وسلطانه وزيادة اقتداره من قبل هذه الحالة التي رأينا فيها قدرته على إحضار العرش من المسافة البعيدة فأذعنا له وجئنا مسلمين له خاضعين لسلطانه "

وقوله- تعالى-: فَلَمَّا جاءَتْ ... شروع في بيان ما قالته عند ما عرض عليها سليمان عرشها.

أى: فلما وصلت بلقيس إلى سليمان- عليه السلام- عرض عليها عرشها بعد تغيير معالمه. ثم قيل لها من جهته- عليه السلام-: أَهكَذا عَرْشُكِ أى: أمثل هذا العرش الذي ترينه الآن، عرشك الذي خلفته وراءك في بلادك.

فالهمزة للاستفهام والهاء للتنبيه- والكاف حرف جر، وذا اسم إشارة مجرور بها، والجار والمجرور خبر مقدم، وعرشك مبتدأ مؤخر.

ولم يقل لها: أهذا عرشك، لئلا يكون إرشادا لها إلى الجواب، فيفوت المقصود من اختبار ذكائها وحسن تصرفها.

ولا شك أن هذا القول يدعوها للدهشة والمفاجأة بما لم يكن في حسبانها، وإلا فأين هي من عرشها الذي تركته خلفها على مسافة بعيدة، بينها وبين مملكة سليمان عشرات الآلاف من الأميال.

ولكن الملكة الأريبة العاقلة، هداها تفكيرها إلى جواب ذكى، فقالت- كما حكى القرآن عنها-: كَأَنَّهُ هُوَ أى: هذا العرش- الذي غيرت هيئته- كأنه عرشي الذي تركته في بلادي، فهي لم تثبت أنه هو، ولم تنف أنه غيره، وإنما تركت الأمر مبنيا على الظن والتشبيه، لكي يناسب الجواب السؤال.

وقوله- سبحانه-: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ يرى بعض المفسرين أنه من تتمة كلام بلقيس، وكأنها عند ما استشعرت مما شاهدته اختبار عقلها قالت: وأوتينا العلم من قبلها، أى: من قبل تلك الحالة التي شاهدناها، بصحة نبوة سليمان وكنا مسلمين، طائعين لأمره.

ومنهم من يرى أنه من سليمان، وتكون الجملة معطوفة على كلام مقدر وجيء بها من قبيل التحدث بنعمة الله- تعالى-.

والمعنى: قال سليمان: لقد أصابت بلقيس في الجواب، وعرفت الحق، ولكننا نحن الذين أوتينا العلم من قبلها- أى من قبل حضور ملكة سبأ- وكنا مسلمين لله- تعالى- وجوهنا.

ويبدو لنا أن كون هذه الجملة، حكاها القرآن على أنها من تتمة كلامها أقرب إلى الصواب، لأنه هو الظاهر من سياق الكلام.

قال الآلوسي ما ملخصه: قوله: وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ من تتمة كلامها على ما اختاره جمع من المفسرين. كأنها استشعرت مما شاهدته اختبارها، وإظهار معجزة لها. ولما كان الظاهر من السؤال هو الأول، سارعت إلى الجواب بما أنبأ عن كمال عقلها، ولما كان إظهار المعجزة دون ذلك في الظهور، ذكرت ما يتعلق به آخرا وهو قولها:

وَأُوتِينَا الْعِلْمَ وفيه دلالة على كمال عقلها- أيضا-.

والمعنى: وأوتينا العلم بكمال قدرة الله، وصحة نبوتك من قبل هذه المعجزة أو من قبل هذه الحالة، بما شاهدناه من أمر الهدهد. وما سمعناه من رسلنا إليك، وكنا مؤمنين من ذلك الوقت، فلا حاجة إلى إظهار هذه المعجزة .

( فلما جاءت قيل أهكذا عرشك ) أي : عرض عليها عرشها ، وقد غير ونكر ، وزيد فيه ونقص منه ، فكان فيها ثبات وعقل ، ولها لب ودهاء وحزم ، فلم تقدم على أنه هو لبعد مسافته عنها ، ولا أنه غيره ، لما رأت من آثاره وصفاته ، وإن غير وبدل ونكر ، فقالت : ( كأنه هو ) أي : يشبهه ويقاربه . وهذا غاية في الذكاء والحزم .

وقوله : ( وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين ) : قال مجاهد : سليمان يقوله .

يقول تعالى ذكره: لما جاءت صاحبة سبإٍ سليمان, أخرج لها عرشها, فقال لها: ( أَهَكَذَا عَرْشُكِ )؟ قالت وشبهته به: (كَأَنَّهُ هُوَ ).

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه, قال: لما انتهت إلى سليمان وكلمته أخرج لها عرشها, ثم قال: (أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ).

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة: (فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ) قال: شبهته, وكانت قد تركته خلفها.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: كان أبي يحدّثنا هذا الحديث كله, يعني حديث سليمان, وهذه المرأة (فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ) شكت.

وقوله: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل سليمان, وقال سليمان: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا ) أي: هذه المرأة, بالله وبقدرته على ما يشاء,(وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ) لله من قبلها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا ) قال: سليمان يقوله.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

المعاني :

وَأُوتِينَا ٱلۡعِلۡمَ :       وأُعْطِينا العِلْمَ بِاللهِ وبِقُدْرَتِه الميسر في غريب القرآن

التدبر :

وقفة
[42] ﴿فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَـٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ﴾ دقة جوابها دليل على جودة عقلها، قال أبو حيان: «لم تجزم بأنه هو، ولا نفته النفي البالغ، بل أبرزت ذلك في صورة تشبيهية فقالت: كأنه هو، وذلك من جودة ذهنها».
وقفة
[42] ﴿قِيلَ أَهَـٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ﴾ أحيانًا كثيرة، من الحكمة أن ﻻ تعطي إجابة حاسمة واضحة، ﻷن الوقوف في منتصف الطريق بين وبين أفضل.
وقفة
[42] ﴿أَهَـٰكَذَا عَرْشُكِ﴾ اختبار ذكاء الخصم بغية التعامل معه بما يناسبه.
وقفة
[42] ﴿قالَت كَأَنَّهُ هُوَ﴾ رد ينم عن عقل لماح ذكى، فلم تنف ولم تثبت، وذلك لتعطى نفسها مهلة للتأمل والتفكير.
وقفة
[42، 43] أنعم بحكم وملك قام على أساس العلم والإيمان: ﴿وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا جاءَتْ:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية. جاءت: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. وجملة جاءَتْ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قِيلَ:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والجملة الاستفهامية الاسمية بعدها في محل رفع نائب فاعل.
  • ﴿ أَهكَذا:
  • الهمزة: همزة استفهام لا محل لها. الهاء حرف تنبيه. الكاف اسم تشبيه مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. و «ذا» اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة
  • ﴿ عَرْشُكِ:
  • خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبة- مبني على الكسر في محل جر بالاضافة بمعنى: أمثل هذا عرشك اي سرير ملكك؟ وجملة «قيل وما بعدها» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها.
  • ﴿ قالَتْ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها.
  • ﴿ كَأَنَّهُ هُوَ:
  • كأن: حرف مشبه بالفعل للتشبيه من اخوات «إن» والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «كأن».هو: ضمير منفصل-كناية عن العرش- في محل رفع خبر «كأن» وفي هذا الجواب عدول عن القول هكذا هو اي عدول عن مطابقة الجواب للسؤال وفي هذا العدول حكمة وهي ان كَأَنَّهُ هُوَ» عبارة من قرب الشبه عنده حتى شكك نفسه في التغاير بين الامرين وتلك حال ملكة سبأ. اما عبارة «هكذا هو» فهي عبارة من هو جازم بتغاير الامرين حاكم بوقوع الشبه بينهما لا غير فلهذا عدلت الى العبارة المذكورة في التلاوة لمطابقتها لحالها-اي حال بلقيس-هذا ما ذكرته بعض كتب التفاسير ذكرته ابتغاء الفائدة.
  • ﴿ وَأُوتِينَا:
  • الواو عاطفة. اوتي: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
  • ﴿ الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. من قبل: جار ومجرور متعلق بأوتينا. و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَكُنّا مُسْلِمِينَ:
  • الواو عاطفة. كنا: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».مسلمين: خبرها منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     ولَمَّا وصلت بلقيسُ وقومُها؛ عرضوا عليها عرشَها بعد أن غيَّرُوا فيه، وقيل لها: أهكذا عَرشُك؟ فهداها تفكيرها إلى جواب ذكي، فقالت: كأنه عرشي، فلم تثبت أنه هو، ولم تنف، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [43] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن ..

التفسير :

[43] ومَنَعَها عن عبادة الله وحده ما كانت تعبده مِن دون الله تعالى، إنها كانت كافرة ونشأت بين قوم كافرين، واستمرت على دينهم، وإلا فلها من الذكاء والفطنة ما تعرف به الحق من الباطل، ولكن العقائد الباطلة تُذهب بصيرة القلب.

قال الله تعالى: وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِأي:عن الإسلام، وإلا فلها من الذكاء والفطنة ما به تعرف الحق من الباطل ولكن العقائد الباطلة تذهب بصيرة القلبإِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَفاستمرت على دينهم، وانفراد الواحد عن أهل الدين والعادة المستمرة بأمر يراه بعقله من ضلالهم وخطئهم من أندر ما يكون فلهذا لا يستغرب بقاؤها على الكفر، ثم إن سليمان أراد أن ترى من سلطانه ما يبهر العقول فأمرها أن تدخل الصرح وهي المجلس المرتفع المتسع وكان مجلسا من قوارير تجري تحته الأنهار.

وقوله- سبحانه- وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... بيان للأسباب التي منعتها من الدخول في الإسلام قبل ذلك. وما موصولة على أنها فاعل «صد» .

أى: وصدها ومنعها الذي كانت تعبده من دون الله- تعالى- وهو الشمس- عن عبادة الله- تعالى- وحده، وعن المسارعة إلى الدخول في الإسلام.

ويصح أن تكون ما مصدرية، والمصدر هو الفاعل. أى. وصدها عبادة الشمس، عن المسارعة إلى الدخول في الإسلام.

وجملة إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ تعليل لسببية عبادتها لغير الله- تعالى-.

أى: إن هذه المرأة كانت من قوم كافرين بالله- تعالى-، جاحدين لنعمه، عابدين لغيره، منذ أزمان متطاولة، فلم يكن في مقدورها إظهار إسلامها بسرعة وهي بينهم.

فالجملة الكريمة كأنها اعتذار لها عن سبب تأخرها في الدخول في الإسلام.

وقوله : ( وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين ) : هذا من تمام كلام سليمان ، عليه السلام - في قول مجاهد ، وسعيد بن جبير ، رحمهما الله - أي : قال سليمان : ( وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين ) ، وهي كانت قد صدها ، أي : منعها من عبادة الله وحده . ( ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين ) . وهذا الذي قاله مجاهد وسعيد حسن ، وقاله ابن جرير أيضا .

ثم قال ابن جرير : ويحتمل أن يكون في قوله : ( وصدها ) ضمير يعود إلى سليمان ، أو إلى الله ، عز وجل ، تقديره : ومنعها ( ما كانت تعبد من دون الله ) أي : صدها عن عبادة غير الله ( إنها كانت من قوم كافرين ) .

قلت : ويؤيد قول مجاهد : أنها إنما أظهرت الإسلام بعد دخولها إلى الصرح ، كما سيأتي .

يقول تعالى ذكره: ومنع هذه المرأة صاحبة سبإ (مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) , وذلك عبادتها الشمس أن تعبد الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قال: كفرها بقضاء الله، وعبادة الوثن (1) صدها أن تهتدي للحق.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قال: كفرها بقضاء الله, صدها أن تهتدي للحق. ولو قيل: معنى ذلك: وصدّها سليمان ما كانت تعبد من دون الله, بمعنى: منعها وحال بينها وبينه, كان وجها حسنا. ولو قيل أيضا: وصدّها الله ذلك بتوفيقها للإسلام, كان أيضا وجها صحيحا.

وقوله: (إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ) يقول: إن هذه المرأة كانت كافرة من قوم كافرين. وكسرت الألف من قوله " إنها " على الابتداء. ومن تأول قوله: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) التأويل الذي تأولنا, كانت " ما " من قوله (مَا كَانَتْ تَعْبُدُ ) في موضع رفع بالصد, لأن المعنى فيه لم يصدها عن عبادة الله جهلها, وأنها لا تعقل, إنما صدها عن عبادة الله عبادتها الشمس والقمر, وكان ذلك من دين قومها وآبائها, فاتبعت فيه آثارهم. ومن تأوله على الوجهين الآخرين كانت " ما " في موضع نصب.

------------------------

الهوامش:

(1) لعل العبارة سقط منها كلمة، وهي "صدها" كما تدل الرواية الآتية بعد.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[43] ﴿وَصَدَّها ما كانَت تَعبُدُ مِن دونِ اللَّهِ﴾ لا تضع حواجز بينك وبين الله تبعدك عنه.
وقفة
[43] ﴿وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ في ذكر فعل الكون (كانت) مرتين إشارة إلى أن الكفر قد أحاط بها مرتين، مرة بتغلغله في نفسها، ومرة ثانية بنشأتها عليه بين قوم كافرين، فمن أين يتسلل إليها الأيمان؟!
وقفة
[43] ﴿وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ البيئة تؤثر على أصحاب القرار؛ فكيف بمن دونهم؟!
عمل
[43] أصلح بيئتك يصلح حالك، انظر إلى بلقيس على ما كانت عليه من العقل والذكاء، إلا أن الله تعالى قال عنها: ﴿وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَصَدَّها:
  • الواو استئنافية. صد: فعل ماض مبني على الفتح و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ ما كانَتْ تَعْبُدُ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل «صد».كانت: فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها واسم «كان» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. تعبد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.والجملة الفعلية تَعْبُدُ» في محل نصب خبر «كان» وحذف مفعول تَعْبُدُ» لانه معلوم. التقدير: تعبده. والجملة الفعلية كانَتْ تَعْبُدُ» صلة الموصول لا محل او تكون ما» مصدرية فيكون المعنى وصدها عن التقدم الى الاسلام عبادة الشمس ونشؤها بني ظهراني الكفرة وعلى هذا المعنى والتقدير تكون «ما».وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل صَدَّها».وجملة كانَتْ تَعْبُدُ» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب. ويجوز ان يكون فاعل صَدَّها» ضميرا مستترا تقديره هو اي ضلالها بمعنى صدها ضلالها قبل ذلك. وقيل: صدها الله او سليمان عما كانت تعبد بتقدير حذف حرف الجر «عن» وايصال الفعل فتكون «ما» في محل نصب مفعولا به بعد نزع الخافض.
  • ﴿ مِنْ دُونِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بتعبد او بحال محذوفة من الضمير مفعول تَعْبُدُ».الله: مضاف اليه مجرور بالتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ إِنَّها كانَتْ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل في محل نصب اسمها. كانت: اعربت. وجملة «كانت مع خبرها» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كان».كافرين: صفة -نعت-لقوم مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لانها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     وبعد أن ظهرَ ما لها من الذكاء والفطنة ما تعرف به الحق من الباطل؛ بَيَّنَ اللهُ هنا سببَ تأخرها عن الدخول في الإسلام، قال تعالى:
﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إنها:
1- بكسر الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى على تقدير حرف الجر، أو على البدل من الفاعل، الذي هو: «ما كانت تعبد» ، وهى قراءة سعيد بن جبير، وابن أبى عبلة.

مدارسة الآية : [44] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا ..

التفسير :

[44] قيل لها:ادخلي القصر، وكان صحنه مِن زجاج تحته ماء، فلما رأت صحن القصر ظنته ماء تتردد أمواجه، وكشفت عن ساقيها لتخوض الماء، فقال لها سليمان:إنه صحن أملس من زجاج صاف والماء تحته. فأدركت عظمة ملك سليمان، وقالت:رب إني ظلمت نفسي بما كنت عليه من الشرك، وا

فـقِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةًماء لأن القوارير شفافة،يرى الماء الذي تحتها كأنه بذاته يجري ليس دونه شيء،وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَاللخياضة وهذا أيضا من عقلها وأدبها، فإنها لم تمتنع من الدخول للمحل الذي أمرت بدخوله لعلمها أنها لم تستدع إلا للإكرام وأن ملك سليمان وتنظيمه قد بناه على الحكمة ولم يكن في قلبها أدنى شك من حالة السوء بعد ما رأت ما رأت.

فلما استعدت للخوض قيل لها: إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌأي:مملسمِنْ قَوَارِيرَفلا حاجة منك لكشف الساقين. فحينئذ لما وصلت إلى سليمان وشاهدت ما شاهدت وعلمت نبوته ورسالته تابت ورجعت عن كفرها وقَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

فهذا ما قصه الله علينا من قصة ملكة سبأ وما جرى لها مع سليمان، وما عدا ذلك من الفروع المولدة والقصص الإسرائيلية فإنه لا يتعلق بالتفسير لكلام الله وهو من الأمور التي يقف الجزم بها، على الدليل المعلوم عن المعصوم، والمنقولات في هذا الباب كلها أو أكثرها ليس كذلك، فالحزم كل الحزم، الإعراض عنها وعدم إدخالها في التفاسير. والله أعلم.

ثم ختم- سبحانه- هذه القصة ببيان ما فاجأها به سليمان، لتزداد يقينا بوحدانية الله- تعالى-، وبعظم النعم التي أعطاها- سبحانه- له فقال: يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها.

والصرح: القصر ويطلق على كل بناء مرتفع. ومنه قوله- تعالى-: وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ ويطلق- أيضا- على صحن الدار وساحته. يقال: هذه صرحة الدار. أى: ساحتها وعرصتها.

وكان سليمان- عليه السلام- قد بنى هذا الصرح، وجعل بلاطه من زجاج نقى صاف كالبلور. بحيث يرى الناظر ما يجرى تحته من ماء.

أى: قال سليمان لملكة سبأ بعد أن سألها: أهكذا عرشك، وبعد أن أجابته بما سبق بيانه.

قال لها: ادخلى هذا القصر، فلما رأت هذا الصرح وما عليه من جمال وفخامة، حسبته لجة.

أى: ظنته ماء غزيرا كالبحر.

كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها

لئلا تبتل بالماء أذيال ثيابها.

وهنا قال سليمان مزيلا لما اعتراها من دهشة: نَّهُ

أى: ما حسبته لجةرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ

أى: قصر مملس من زجاج لا يحجب ما وراءه.

فقوله مَرَّدٌ

بمعنى مملس، مأخوذ من قولهم: شجرة مرداء إذا كانت عارية من الورق، وغلام أمرد، إذا لم يكن في وجهه شعر والتمريد في البناء، معناه: التمليس والتسوية والنعومة.

والقوارير: جمع قارورة، وهي إناء من زجاج، وتطلق القارورة على المرأة، لأن الولد يقر في رحمها، أو تشبيها لها بآنية الزجاج من حيث ضعفها، ومنه الحديث الشريف: «رفقا بالقوارير» . والمراد بالقوارير هنا. المعنى الأول.

ثم حكى- سبحانه- ما قالته بلقيس بعد أن رأت جانبا من عجائب صنع الله فقال:

قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي

أى: بسبب عبادتي لغيرك قبل هذا الوقت.. أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ

طائعة مختارة، وإسلامى إنما هولَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

وليس لأحد سواه.

وبعد، فهذا تفسير محرر لتلك القصة، وقد أعرضنا عن كثير من الإسرائيليات التي حشا بها بعض المفسرين تفاسيرهم، عند حديثهم عن الآيات التي وردت في هذه القصة، ومن ذلك ما يتعلق بسليمان- عليه السلام- وبجنوده من الطير. وبمحاورة النملة له، وبالهدية التي أرسلتها ملكة سبأ إليه، وبما قالته الشياطين لسليمان عن هذه المرأة.. إلخ وقد اشتملت هذه القصة على عبر وعظات وأحكام وآداب، من أهمها ما يأتى:

1- أن الله- تعالى- قد أعطى- بفضله وإحسانه- داود وسليمان عليهما السلام- نعما عظيمة، على رأسها نعمة النبوة، والملك، والعلم النافع.

وأنهما قد قابلا هذه النعم بالشكر لله- تعالى- واستعمالها فيما خلقت له.

ونرى ذلك في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً، وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ.

وفي قوله- تعالى-: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ، وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ.

وفي قوله- سبحانه-: هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ، وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ.

2- أن سليمان- عليه السلام- قد أقام دولته على الإيمان بالله- تعالى- وعلى العلم النافع، وعلى القوة العادلة.

أما الإيمان بالله- تعالى- وإخلاص العبادة له- سبحانه-، فهو كائن له- عليه السلام- بمقتضى نبوته التي اختاره الله لها، وبمقتضى دعوته غيره إلى وحدانية الله- عز وجل- فقد حكى القرآن عنه أنه قال في رسالته إلى ملكة سبأ: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ.

وأما العلم النافع، فيكفى أن القصة الكريمة قد افتتحت بقوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً ...

واشتملت على قوله- سبحانه-: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ....

وعلى قوله- عز وجل-: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ.

وأما القوة، فنراها في قوله- تعالى-: وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ.

وفي قوله- سبحانه- ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها، وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ.

3- أن سليمان عليه السلام كانت رسالته الأولى نشر الإيمان بالله- تعالى- في الأرض، وتطهيرها من كل معبود سواه.

والدليل على ذلك أن الهدهد عند ما أخبره بحال الملكة التي كانت هي وقومها يعبدون الشمس من دون الله..

ما كان من سليمان- عليه السلام- إلا أن حمله كتابا قويا بليغا يأمرهم فيه بترك التكبر والغرور، وبإسلام وجوههم لله وحده: أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ.

4- أن سليمان- عليه السلام- كان يمثل الحاكم اليقظ المتنبه لأحوال رعيته، حيث يعرف شئونها الصغيرة والكبيرة، ويعرف الحاضر من أفرادها والغائب، حتى ولو كان الغائب طيرا صغيرا، من بين آلاف الخلائق الذين هم تحت قيادته.

ولقد صور القرآن ما كان عليه سليمان- عليه السلام- من يقظة ودراية بأفراد رعيته أبدع تصوير فقال: وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين.

قال الإمام القرطبي- رحمه الله-: في هذه الآية دليل على تفقد الإمام أحوال رعيته، والمحافظة عليهم، فانظر إلى الهدهد مع صغره، كيف لم يخف على سليمان حاله، فكيف بعظام الملك..

ثم يقول- رحمه الله- على سبيل التفجع والشكوى عن حال الولاة في عهده: فما ظنك بوال تذهب على يديه البلدان، وتضيع الرعية ويضيع الرعيان.. ورحم الله القائل:

وهل أفسد الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها

5- أن سليمان- عليه السلام- كان بجانب تعهده لشئون رعيته، يمثل الحاكم الحازم العادل، الذي يحاسب المهمل، ويتوعد المقصر، ويعاقب من يستحق العقاب، وفي الوقت نفسه يقبل عذر المعتذر متى اعتذر عذرا مشروعا ومقنعا.

انظر إليه وهو يقول- كما حكى القرآن عنه- عند ما تفقد الهدهد فلم يجده: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ.

إن الجيوش الجرارة التي تحت قيادة سليمان- عليه السلام- لا تؤثر فيها غياب هدهد منها.. ولكن سليمان القائد الحازم، كأنه يريد أن يعلم جنوده، أن لكل جندي رسالته التي يجب عليه أن يؤديها على الوجه الأكمل سواء أكان هذا الجندي صغيرا أم كبيرا، وأن من فرط في الأمور الصغيرة، لا يستبعد منه أن يفرط في الأمور الكبيرة.

6- أن الجندي الصغير في الأمة التي يظلها العدل والحرية والأمان.. لا يمنعه صغره من أن يرد على الحاكم الكبير، بشجاعة وقوة..

انظر إلى الهدهد- مع صغره- يحكى عنه القرآن، أنه رد على نبي الله سليمان الذي آتاه الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده بقوله: أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ...

ونجد سليمان- عليه السلام- لا يؤاخذه على هذا القول، بل يضع قوله موضع التحقيق والاختبار فيقول له: سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ.

وهكذا الأمم العاقلة الرشيدة، لا يهان فيها الصغير، ولا يظلم فيها الكبير.

7- أن حكمة الله- تعالى- قد اقتضت أن تتألف الأمم من حاكمين ومحكومين، وأن كل فريق له حقوق وعليه واجبات، وأن الأمم لا تصلح بدون حاكم يحكمها ويرعى شئونها، ويحق الحق ويبطل الباطل.

قال القرطبي عند تفسيره لقوله- تعالى-: وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ: في الآية دليل على اتخاذ الإمام والحكام وزعة- أى ولاة، أو قضاة- يكفون الناس ويمنعونهم من تطاول بعضهم على بعض ...

قال ابن عون: سمعت الحسن يقول وهو في مجلس قضائه: والله ما يصلح هؤلاء الناس إلا وزعة .

ومن الأقوال الحكيمة لأمير المؤمنين عثمان بن عفان- رضى الله عنه- «إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن» .

8- أن الحاكم العاقل هو الذي يستشير من هو أهل للاستشارة في الأمور التي تهم الأمة.

فها هي ذي ملكة سبأ عند ما جاءها كتاب سليمان- عليه السلام- جمعت وجوه قومها، وقالت لهم- كما حكى القرآن عنها: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي، ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ....

قال القرطبي: وفي هذه الآية دليل على صحة المشاورة.. وقد قال الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلم وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ وقد مدح الله الفضلاء بقوله: وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ والمشاورة من الأمر القديم وخاصة في الحرب، فهذه بلقيس امرأة جاهلية كانت تعبد الشمس من دون الله قالت: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ... لتختبر عزمهم على مقاومة عدوهم.

وربما كان في استبدادها برأيها وهن في طاعتها، وكان في مشاورتهم وأخذ رأيهم عون على ما تريده من شوكتهم، وشدة مدافعتهم، ألا ترى إلى قولهم في جوابهم: نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ماذا تَأْمُرِينَ.. .

9- أن الهدية إذا لمس المهدى إليه من ورائها، عدم الإخلاص في إهدائها. وأن المقصد منها صرفه عن حق يقيمه، أو عن باطل يزيله.. فإن الواجب عليه أن يرد هذه الهدية لصاحبها. وأن يمتنع عن قبولها..

ألا ترى إلى سليمان- عليه السلام- قد رد الهدية الثمينة التي أهدتها بلقيس إليه، حين أحس أن من وراء هذه الهدية شيئا. يتنافى مع تبليغ وتنفيذ رسالة الله- تعالى- التي أمره بتبليغها وتنفيذها، ألا وهي: الأمر بإخلاص العبادة لله- تعالى- والنهى عن الإشراك به، وبلقيس إنما كانت تقصد بهديتها، اختبار سليمان، أنبى هو أم ملك، كما سبق أن أشرنا..

لذا وجدنا القرآن يحكى عن سليمان- عليه السلام- أنه رد هذه الهدية مع من جاءوا بها، وقال: أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ، فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ.

10- أن ملكة سبأ دل تصرفها على أنها كانت ملكة عاقلة رشيدة، حكيمة، فقد استشارت خاصتها في كتاب سليمان- عليه السلام-، ولوحت لهم بقوته وبما سيترتب على حربه، وآثرت أن تقدم له هدية على سبيل الامتحان، واستحبت المسالمة على المحاربة.. وكان عندها الاستعداد لقبول الحق والدخول فيه، وما أخرها عن المسارعة إليه إلا لكونها كانت من قوم كافرين..

وعند ما التقت بسليمان، وانكشفت لها الحقائق سارعت إلى الدخول في الدين الحق، وقالت: بِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.

هذه بعض العبر والعظات التي تؤخذ من هذه القصة.. ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك جانبا من قصة صالح- عليه السلام- مع قومه، فقال- تعالى-:

وقوله : ( قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها ) وذلك أن سليمان ، عليه السلام أمر الشياطين فبنوا لها قصرا عظيما من قوارير ، أي : من زجاج ، وأجرى تحته الماء ، فالذي لا يعرف أمره يحسب أنه ماء ، ولكن الزجاج يحول بين الماشي وبينه . واختلفوا في السبب الذي دعا سليمان ، عليه السلام ، إلى اتخاذه ، فقيل : إنه لما عزم على تزويجها واصطفائها لنفسه ; ذكر له جمالها وحسنها ، ولكن في ساقيها هلب عظيم ، ومؤخر أقدامها كمؤخر الدابة . فساءه ذلك ، فاتخذ هذا ليعلم صحته أم لا ؟ - هذا قول محمد بن كعب القرظي ، وغيره - فلما دخلت وكشفت عن ساقيها ، رأى أحسن الناس وأحسنه قدما ، ولكن رأى على رجليها شعرا ; لأنها ملكة ليس لها بعل فأحب أن يذهب ذلك عنها فقيل لها : الموسى ؟ فقالت : لا أستطيع ذلك . وكره سليمان ذلك ، وقال للجن : اصنعوا شيئا غير الموسى يذهب به هذا الشعر ، فصنعوا له النورة . وكان أول من اتخذت له النورة ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، ومحمد بن كعب القرظي ، والسدي ، وابن جريج ، وغيرهم .

وقال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان : ثم قال لها : ادخلي الصرح ، ليريها ملكا هو أعز من ملكها ، وسلطانا هو أعظم من سلطانها . فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها ، لا تشك أنه ماء تخوضه ، فقيل لها : إنه صرح ممرد من قوارير . فلما وقفت على سليمان ، دعاها إلى عبادة الله وعاتبها في عبادتها الشمس من دون الله .

وقال الحسن البصري : لما رأت العلجة الصرح عرفت - والله - أن قد رأت ملكا أعظم من ملكها .

وقال محمد بن إسحاق ، عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن منبه قال : أمر سليمان بالصرح ، وقد عملته له الشياطين من زجاج ، كأنه الماء بياضا . ثم أرسل الماء تحته ، ثم وضع له فيه سريره ، فجلس عليه ، وعكفت عليه الطير والجن والإنس ، ثم قال : ادخلي الصرح ، ليريها ملكا هو أعز من ملكها ، وسلطانا هو أعظم من سلطانها ( فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها ) ، لا تشك أنه ماء تخوضه ، قيل لها : ( إنه صرح ممرد من قوارير ) ، فلما وقفت على سليمان ، دعاها إلى عبادة الله ، عز وجل ، وعاتبها في عبادتها الشمس من دون الله . فقالت بقول الزنادقة ، فوقع سليمان ساجدا إعظاما لما قالت ، وسجد معه الناس ، فسقط في يديها حين رأت سليمان صنع ما صنع ، فلما رفع سليمان رأسه قال : ويحك ! ماذا قلت ؟ - قال : وأنسيت ما قالت فقالت : ( رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) ، فأسلمت وحسن إسلامها .

وقد روى الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في هذا أثرا غريبا عن ابن عباس ، قال : حدثنا الحسين بن علي ، عن زائدة ، حدثني عطاء بن السائب ، حدثنا مجاهد ، ونحن في الأزد - قال : حدثنا ابن عباس قال : كان سليمان ، عليه السلام ، يجلس على سريره ، ثم توضع كراسي حوله ، فيجلس عليها الإنس ، ثم يجلس الجن ، ثم الشياطين ، ثم تأتي الريح فترفعهم ، ثم تظلهم الطير ، ثم يغدون قدر ما يشتهي الراكب أن ينزل شهرا ورواحها شهرا ، قال : فبينما هو ذات يوم في مسير له ، إذ تفقد الطير ففقد الهدهد فقال : ( ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ) ، قال : فكان عذابه إياه أن ينتفه ، ثم يلقيه في الأرض ، فلا يمتنع من نملة ولا من شيء من هوام الأرض .

قال عطاء : وذكر سعيد بن جبير عن ابن عباس مثل حديث مجاهد ( فمكث غير بعيد ) - فقرأ حتى انتهى إلى قوله - ( قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا ) وكتب ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، إلى بلقيس : ( ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ) ، فلما ألقى الهدهد بالكتاب إليها ، ألقي في روعها : إنه كتاب كريم ، وإنه من سليمان ، وأن لا تعلوا علي وأتوني مسلمين . قالوا : نحن أولو قوة . قالت : إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ، وإني مرسلة إليهم بهدية . فلما جاءت الهدية سليمان قال : أتمدونني بمال ، ارجع إليهم . فلما نظر إلى الغبار - أخبرنا ابن عباس قال : وكان بين سليمان وبين ملكة سبأ ومن معها حين نظر إلى الغبار كما بيننا وبين الحيرة ، قال عطاء : ومجاهد حينئذ في الأزد - قال سليمان : أيكم يأتيني بعرشها ؟ قال : وبين عرشها وبين سليمان حين نظر إلى الغبار مسيرة شهرين ، ( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ) . قال : وكان لسليمان مجلس يجلس فيه للناس ، كما يجلس الأمراء ثم يقوم - قال : ( أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ) . قال سليمان : أريد أعجل من ذلك . فقال الذي عنده علم من الكتاب : أنا أنظر في كتاب ربي ، ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك . قال : [ فنظر إليه سليمان فلما قطع كلامه رد سليمان بصره ] ، فنبع عرشها من تحت قدم سليمان ، من تحت كرسي كان سليمان يضع عليه رجله ، ثم يصعد إلى السرير . قال : فلما رأى سليمان عرشها [ مستقرا عنده ] قال : ( هذا من فضل ربي ) ، ( قال نكروا لها عرشها ) ، فلما جاءت قيل لها : أهكذا عرشك ؟ قالت : كأنه هو . قال : فسألته عن أمرين ، قالت لسليمان : أريد ماء [ من زبد رواء ] ليس من أرض ولا من سماء - وكان سليمان إذا سئل عن شيء ، سأل الإنس ثم الجن ثم الشياطين . [ قال ] فقالت الشياطين : هذا هين ، أجر الخيل ثم خذ عرقها ، ثم املأ منه الآنية . قال : فأمر بالخيل فأجريت ، ثم أخذ عرقها فملأ منه الآنية . قال : وسألت عن لون الله عز وجل . قال : فوثب سليمان عن سريره ، فخر ساجدا ، فقال : يا رب ، لقد سألتني عن أمر إنه يتكايد ، أي : يتعاظم في قلبي أن أذكره لك . قال : ارجع فقد كفيتكهم ، قال : فرجع إلى سريره فقال : ما سألت عنه ؟ قالت : ما سألتك إلا عن الماء . فقال لجنوده : ما سألت عنه ؟ فقالوا : ما سألتك إلا عن الماء . قال : ونسوه كلهم . قال : وقالت الشياطين لسليمان : تريد أن تتخذها لنفسك ، فإن اتخذها لنفسه ثم ولد بينهما ولد ، لم ننفك من عبوديته . قال : فجعلوا صرحا ممردا من قوارير ، فيه السمك . قال : فقيل لها : ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة ، وكشفت عن ساقيها ، فإذا هي شعراء . فقال سليمان : هذا قبيح ، ما يذهبه ؟ فقالوا : تذهبه المواسي . فقال : أثر الموسى قبيح ! قال : فجعلت الشياطين النورة . قال : فهو أول من جعلت له النورة .

ثم قال أبو بكر بن أبي شيبة : ما أحسنه من حديث .

قلت : بل هو منكر غريب جدا ، ولعله من أوهام عطاء بن السائب على ابن عباس ، والله أعلم . والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب ، مما يوجد في صحفهم ، كروايات كعب ووهب - سامحهما الله تعالى - فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل ، من الأوابد والغرائب والعجائب ، مما كان وما لم يكن ، ومما حرف وبدل ونسخ . وقد أغنانا الله ، سبحانه ، عن ذلك بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ ، ولله الحمد والمنة .

أصل الصرح في كلام العرب : هو القصر ، وكل بناء مرتفع ، قال الله ، سبحانه وتعالى ، إخبارا عن فرعون - لعنه الله - أنه قال لوزيره هامان ( ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى ) الآية [ غافر : 36 ، 37 ] . والصرح : قصر في اليمن عالي البناء ، والممرد أي : المبني بناء محكما أملس ( من قوارير ) أي : زجاج . وتمريد البناء تمليسه . ومارد : حصن بدومة الجندل .

والغرض أن سليمان ، عليه السلام ، اتخذ قصرا عظيما منيفا من زجاج لهذه الملكة ; ليريها عظمة سلطانه وتمكنه ، فلما رأت ما آتاه الله ، تعالى ، وجلالة ما هو فيه ، وتبصرت في أمره انقادت لأمر الله وعرفت أنه نبي كريم ، وملك عظيم ، فأسلمت لله ، عز وجل ، وقالت : ( رب إني ظلمت نفسي ) أي : بما سلف من كفرها وشركها وعبادتها وقومها الشمس من دون الله ، ( وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) أي : متابعة لدين سليمان في عبادته لله وحده ، لا شريك له ، الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا .

ذُكر أن سليمان لما أقبلت صاحبة سبإ تريده, أمر الشياطين فبنوا له صرحا, وهو كهيئة السطح من قوارير, وأجرى من تحته الماء ليختبر عقلها بذلك, وفهمها على نحو الذي كانت تفعل هي من توجيهها إليه الوصائف والوصفاء ليميز بين الذكور منهم والإناث معاتبة بذلك كذلك.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه, قال: أمر سليمان بالصرح, وقد عملته له الشياطين من زجاج كأنه الماء بياضا, ثم أرسل الماء تحته, ثم وضع له فيه سريره, فجلس عليه, وعكفت عليه الطير والجنّ والإنس, ثم قال: (ادْخُلِي الصَّرْحَ ) ليريها مُلكا هو أعزُ من ملكها, وسلطانا هو أعظم من سلطانها(فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا ) لا تشكُّ أنه ماء تخوضه, قيل لها: ادخلي إنه صرح ممرّد من قوارير; فلما وقفت على سليمان دعاها إلى عبادة الله ونعى عليها في عبادتها الشمس دون الله, فقالت بقول الزنادقة, فوقع سليمان ساجدا إعظاما لما قالت, وسجد معه الناس; وسقط في يديها حين رأت سليمان صنع ما صنع; فلما رفع سليمان رأسه قال: ويحك ماذا قلت؟ قال: وأُنْسِيت ما قالت: , فقالت: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وأسلمت, فحسن إسلامها.

وقيل: إن سليمان إنما أمر ببناء الصرح على ما وصفه الله, لأن الجنّ خافت من سليمان أن يتزوّجها, فأرادوا أن يزهدوه فيها, فقالوا: إن رجلها رجل حمار, وإن أمها كانت من الجنّ, فأراد سليمان أن يعلم حقيقة ما أخبرته الجنّ من ذلك.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن أبي معشر, عن محمد بن كعب القرظيّ, قال: قالت الجنّ لسليمان تزهِّده في بلقيس: إن رجلها رجل حمار, وإن أمها كانت من الجنّ. فأمر سليمان بالصرح, فعُمِل, فسجن فيه دواب البحر: الحيتان, والضفادع; فلما بصرت بالصرح قالت: ما وجد ابن داود عذابا يقتلني به إلا الغرق؟(حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا ) قال: فإذا أحسن الناس ساقا وقدما. قال: فضنّ سليمان بساقها عن الموسى, قال: فاتخذت النورة بذلك السبب.

وجائز عندي أن يكون سليمان أمر باتخاذ الصرح للأمرين الذي قاله وهب, والذي قاله محمد بن كعب القرظيّ, ليختبر عقلها, وينظر إلى ساقها وقدمها, ليعرف صحة ما قيل له فيها.

وكان مجاهد يقول -فيما ذكر عنه في معنى الصرح- ما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: &; 19-474 &; ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( الصرْحَ ) قال: بركة من ماء ضرب عليها سليمان قوارير ألبسها. قال: وكانت بلقيس هلباء شعراء, قدمها كحافر الحمار, وكانت أمها جنية.

حدثني أحمد بن الوليد الرملي, قال: ثنا هشام بن عمار, قال: ثنا الوليد بن مسلم, عن سعيد بن بشير, عن قَتادة, عن النضر بن أنس, عن بشير بن نهيك, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان أحد أبوي صاحبة سبإ جنبا ".

قال: ثنا صفوان بن صالح, قال: ثني الوليد, عن سعيد بن بشير, عن قَتادة, عن بشير بن نهيك, عن أبي هريرة, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم, ولم يذكر النضر بن أنس.

وقوله: (فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً ) يقول: فلما رأت المرأة الصرح حسبته لبياضه واضطراب دواب الماء تحته لجة بحر كشفت من ساقيها؛ لتخوضه إلى سليمان.

ونحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة: (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً ) قال: وكان من قوارير, وكان الماء من خلفه فحسبته لجة.

قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: (حَسِبَتْهُ لُجَّةً ) قال: بحرا.

حدثنا عمرو بن عليّ, قال: ثنا ابن سوار, قال: ثنا روح بن القاسم, عن عطاء بن السائب, عن مجاهد, في قوله: (وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا ) فإذا هما شعراوان, فقال: ألا شيء يذهب هذا؟ قالوا: الموسى, قال: لا الموسى له أثر, فأمر بالنورة فصنعت.

حدثني أبو السائب, قال: ثنا حفص, عن عمران بن سليمان, عن عكرمة وأبي صالح قالا لما تزوّج سليمان بلقيس قالت له: لم تمسني حديدة قطّ، قال سليمان للشياطين: انظروا ما يُذهب الشعر؟ قالوا: النورة, فكان أوّل من صنع النورة.

وقوله: (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ ) يقول جلّ ثناؤه: قال سليمان لها: إن هذا ليس ببحر, إنه صرح ممرّد من قوارير, يقول: إنما هو بناء مبني مشيد من قوارير.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج: ( مُمَرَّدٌ ) قال: مشيد.

وقوله: (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ )... الآية, يقول تعالى ذكره: قالت المرأة صاحبة سبإ: رب إني ظلمت نفسي في عبادتي الشمس, وسجودي لما دونك (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ ) تقول: وانقدت مع سليمان مذعنة لله بالتوحيد, مفردة له بالألوهة والربوبية دون كل من سواه.

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في: (حَسِبَتْهُ لُجَّةً ) قال: (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ ) فَعرفت أنها قد غلبت (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ).

المعاني :

الصَّرْحَ :       القَصْرَ، وَكَانَ صَحْنُهُ مِنْ زُجَاجٍ تَحْتَهُ مَاءٌ السراج
ٱلصَّرۡحَۖ :       القَصْرَ الميسر في غريب القرآن
ادخلي الصّرح :       القصر أو ساحته أو بركته معاني القرآن
حَسِبَتْهُ لُجَّةً :       ظَنَّتْهُ مَاءً غَزِيرًا السراج
حَسِبَتۡهُ لُجَّةࣰ :       ظنَّتْهُ ماءً تتردَّدُ أَمْوَاجُه الميسر في غريب القرآن
مُّمَرَّدٌ :       مُمَلَّسٌ مُسَوًّى السراج
مُّمَرَّدࣱ :       أمْلَسُ الميسر في غريب القرآن
مِّن قَوَارِيرَ :       مِنْ زُجَاجٍ صَافٍ السراج
مِّن قَوَارِيرَۗ :       مِن زُجَاجٍ صافٍ شَفَّافٍ الميسر في غريب القرآن
من قوارير :       زجاج شفّاف معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[44] ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا﴾ عرض التقدم والحضارة المسلمة على الكافر دعوة له، إذ إن زخارف الدنيا تبهره.
وقفة
[44] ﴿فَلَمّا رَأَتهُ حَسِبَتهُ لُجَّةً وَكَشَفَت عَن ساقَيها﴾ فى أحلك الظروف لا تنسى المرأة اهتمامها بمظهرها ومحافظتها على هندامها.
وقفة
[44] ﴿حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا﴾ وذاك قبل أن تتعرى البشرية بدون لجة.
وقفة
[44] ﴿وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا﴾ اللباسُ الطويلُ الساترُ هو الأصلُ من قديمِ الزمانِ.
وقفة
[44] ﴿وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا﴾ دليل على أن الملكة مع كفرها إلا أنها كانت مستترة.
وقفة
[44] ﴿وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا﴾ كانا مستورَين! ملكة كافرة تحب الستر!
وقفة
[44] ﴿وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا﴾ دليل أن لباسها طويل؛ فالفطرة السليمة تأبى التعري، والأناقة الحقيقية في الستر.
وقفة
[44] ﴿وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا﴾ الحشمة والحياء خلق الأميرات، والعفة تاجٌ يزينُ رؤوس الملكات.
وقفة
[44] قال تعالى -في شأن بلقيس قبل أن تعلن إسلامها- ﴿وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا﴾، ففيه دلالة على أن ثوبها كان طويلًا ساترًا لساقيها، وهي من؟! امرأة كافرة! في حين أن بعض المسلمات -وللأسف الشديد- يتنافسن في خلع جلباب الحشمة والحياء فيما يرتدينه من ملابس، بلا حياء ولا، خوف من الله! أليس من المدمي أن تكون امرأة كافرة أكثر حشمة وتسترًا من بعض نساء المسلمين؟
وقفة
[44] ﴿صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ﴾ عَرَضَ عليها منظرًا حضاريًا، الإسلامُ لا يعارضُ الحضارةَ.
وقفة
[44] ﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أعظم الظلم ظلم النفس، وأعظم ظلم للنفس: أن تشرك بالله.
وقفة
[44] ﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لم ينقص بلقيس ملك ولا مال ولا جاه، لكنها آمنت أن الإسلام هو الثراء كله، والنعيم كله.
وقفة
[44] ﴿قالَت رَبِّ إِنّي ظَلَمتُ نَفسي وَأَسلَمتُ مَعَ سُلَيمانَ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ﴾ يضع الله أمامك ما يعينك على التفرقة بين الحق والباطل، فهل تلفت نظرك تلك الأمور؟ هل تتأمل فى كل ما يدور حولك؟ لتستخلص الهدايات وتعرف المنجيات من المهلكات.
وقفة
[44] ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ هنالك لحظات صدق مع النفس تهب فترات تنجلي بها كل غشاوة وتصبح الرؤيا غاية بالوضوح يعقبها ندم صادق.
وقفة
[44] قال موسى: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ أولى خطوات التغيير الإعتراف بالتقصير؛ لم يمنعه مقام النبوّة من أن يعترف بتقصيره؛ الله كريم يعفو عنك حينما تأتيه.
وقفة
[44] بلقيس لما رأت عظمة ملك سليمان وأنه ليس من عطايا البشر خضعت للحق وأسلمت لله رب العالمين ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
لمسة
[44] قالت: ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ﴾ ولم تقل: (أسلمت لسليمان)، فعبوديتها هي وسليمان لله رب العالمين، وهكذا يحرر الإسلام أهله من عبودية البشر مهما كانت مكانتهم، بل ومهما كان قربهم من الله.
وقفة
[44] ﴿وَأَسلَمتُ مَعَ سُلَيمانَ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ﴾ الزم صحبة الصالحين؛ تفُز.
وقفة
[44] ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ من عظيم النعم أن تجمعك الأقدار بأشخاص يشع منهم الخير وجبلوا عليه، ﻻ محالة سيؤثرون عليك.
اسقاط
[44] ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هدهد كان سببًا فى إسلام أمة (مملكة سبأ)؛ فلا تستقل من نفسك، قد يهدى الله بك أمة.
عمل
[44] لا تواجه الكبار، بل توافق معهم بما يحقق نجاحكما في مرضاة الله، تأمل حال بلقيس مع سليمان ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قِيلَ لَهَا:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. لها: جار ومجرور متعلق بقيل.
  • ﴿ ادْخُلِي الصَّرْحَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل للفعل قِيلَ».ادخلي: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والياء ضمير متصل-ضمير المخاطبة-في محل رفع فاعل. الصرح: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي ادخلي القصر.
  • ﴿ فَلَمّا رَأَتْهُ:
  • الفاء استئنافية ويجوز ان تكون عاطفة على فعل مضمر بمعنى فدخلت وحين رأته. و «لما» اسم شرط‍ غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية. رأته: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف المحذوفة لاتصاله بتاء التأنيث الساكنة والتاء لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به بمعنى فحين رأت القصر او ارض القصر. والجملة الفعلية رَأَتْهُ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ حَسِبَتْهُ لُجَّةً:
  • من افعال القلوب بمعنى «ظنته» ينصب مفعولين. حسبته: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به اول. لجة: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى ظنته ماء. والجملة الفعلية حَسِبَتْهُ لُجَّةً» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها:
  • معطوفة بالواو على حَسِبْتَ» وتعرب اعرابها.عن ساقيها: جار ومجرور متعلق بكشفت وعلامة جر الاسم الياء لانه مثنى وحذفت النون للاضافة. و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى ورفعت ثيابها كي لا تبتل.
  • ﴿ قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «ان».صرح: خبرها مرفوع بالضمة. و «ان» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ:
  • بمعنى مصقول مملس: صفة-نعت-لصرح مرفوعة بالضمة. من حرف جر. قوارير: اسم مجرور بمن وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لانه ممنوع من الصرف-التنوين-على وزن-مفاعيل- بمعنى من زجاج مفردها قارورة اي زجاجة. والجار والمجرور في مقام صفة ثانية لصرح.
  • ﴿ قالَتْ رَبِّ:
  • تعرب اعراب كَشَفَتْ».رب: منادى باداة نداء محذوفة.التقدير: يا رب: منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلمة المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة. والياء المحذوفة خطا واختصارا اكتفاء بالكسرة ضمير متصل في محل جر بالاضافة.والجملة بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلمة-في محل نصب اسم «ان».ظلمت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلمة-مبني على الضم في محل رفع فاعل. نفسي: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلمة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة. والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.والجملة الفعلية ظَلَمْتُ نَفْسِي» في محل رفع خبر «ان» بمعنى ظلمت نفسي بعبادتي الشمس اي بكفرها فيما تقدم.
  • ﴿ وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ:
  • معطوفة بالواو على ظَلَمْتُ» وتعرب مثلها.مع: اسم للمصاحبة والاجتماع ظرف مكان متعلق بأسلمت منصوب على الظرفية. سليمان: مضاف اليه مجرور وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لانه ممنوع من الصرف-التنوين-للعجمة ولان في آخره ألفا ونونا زائدتين.ويجوز ان يكون «مع» حرف جر مبنيا على الفتح. و سُلَيْمانَ» اسما مجرورا بحرف الجر على معنى: ظلمت نفسي بسوء ظني بسليمان واسلمت معه.لانها حسبت ان سليمان يغرقها في اللجة التي رأتها في الصرح.
  • ﴿ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بأسلمت. رب: صفة -نعت-للفظ‍ الجلالة او بدل منه وهو مضاف. العالمين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لانه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     وبعد بيان سبب تأخرها عن الدخول في الإسلام؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن سليمان عليه السلام أظهر ما صار داعيًا لها إلى الإسلام، قال تعالى :
﴿ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ساقيها:
وقرئ:
سأقيها، بالهمزة، رواها أبو الإخريط وهب بن واضح.

البحث بالسورة

البحث في المصحف