3177778798081828384858687

الإحصائيات

سورة طه
ترتيب المصحف20ترتيب النزول45
التصنيفمكيّةعدد الصفحات9.70
عدد الآيات135عدد الأجزاء0.50
عدد الأحزاب1.00عدد الأرباع4.00
ترتيب الطول19تبدأ في الجزء16
تنتهي في الجزء16عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 11/29طه: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (77) الى الآية رقم (82) عدد الآيات (6)

نجاةُ موسى عليه السلام ومن معَه، وغَرَقُ فرعونَ وجنودِه، ثُمَّ نِعَمُ اللهِ على بني إسرائيلَ، ومغفرتُه لمن تابَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (83) الى الآية رقم (87) عدد الآيات (5)

تَعجُّلُ موسى عليه السلام سابقًا قومَه النقباءَ السبعينَ شوقًا للقاءِ ربِّه، وحدثتْ فتنةُ السامري وعبادةُ العجلِ، فرجعَ موسى عليه السلام إلى قومِه غضبانَ يعِظُهم ويعاتبُهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة طه

رالإسلام سعادة لا شقاء/ تقوية النبي ﷺ لحمل الرسالة والصبر عليها/ طغيان من أعرض عن هدي الله عز وجل

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • الإسلام هو منهج السعادة:: وقال عنه أيضًا: «وَاللَّهِ مَا رَأَيْت أَحَدًا أَطْيَبُ عَيْشًا مِنْهُ قَطُّ، مَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ وخلاف الرَّفَاهِيَةِ وَالنَّعِيمِ بَلْ ضِدِّهَا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَطْيَبُ النَّاسِ عَيْشًا وأشرحهم صَدْرًا, وَأَقْوَاهُمْ قَلْبًا وَأَسَرُّهُمْ نَفْسًا، تَلُوحُ نَضرَةُ النَّعِيمِ عَلَى وَجْهِهِ، وَكُنَّا إذَا اشْتَدَّ بِنَا الْخَوْفُ، وَسَاءَتْ مِنَّا الظُّنُونُ، وَضَاقَتْ بِنَا الأَرْضُ أَتَيْنَاهُ، فَمَا هُوَ إلا أَنْ نَرَاهُ وَنَسْمَعَ كَلامَهُ فَيَذْهَبَ ذَلِكَ كُلُّهُ, وَيَنْقَلِبَ انْشِرَاحًا وَقُوَّةً وَيَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً». هل تعلم ما السر الذي جعل كدر الدنيا عند شيخ الإسلام ابن تيمية سعادة؟ هذا ما سنعرفه من خلال سورة طه.
  • • كيف تشقى مع الرحمن؟: رسالة السورة تظهر من البداية: ﴿طه * مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لِتَشْقَى﴾ (1-2). ومعنى ذلك أن هذا الدين وهذا المنهج ليسا لشقاء الناس، بل إن الإسلام هو منهج السعادة، فلا شقاء مع الإسلام، رغم كل الظروف والصعوبات التي تواجهنا، لكن الشقاء يكون في ترك طريق الله. إن أردت أن تنهي الشقاء من حياتك؛ فعليك بالقرآن: ﴿طه * مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لِتَشْقَى﴾ (1-2). إنّ أكثر من يستفيد برسالة هذه السورة هم الشباب البعيدون عن التدين، أو الذين يريدون الالتزام، لكنهم يخافون من أن التزامهم بمنهج الله تعالى سوف يمنعهم من السعادة، ويجلب عليهم الحزن والكآبة ويحرمهم من متع الحياة وأسباب اللهو والترفيه، هذا المفهوم خاطئ جدًا، لذلك تأتي السورة لتؤكد لنا أن الإسلام هو منهج السعادة. كيف ترينا سورة طه هذا المعنى؟ تعال معنا لنعيش مع آيات السورة من أولها.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «طه».
  • • معنى الاسم :: حرفان من حروف الهجاء، وتنطق: (طاها).
  • • سبب التسمية :: لافتتاح السورة بهما.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: «سورة موسى»، و«سورة الكليم»؛ لاشتمالها على قصة موسى مفصلة، وسمى الكليم؛ لأن الله تعالى كلَّمه.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن الإسلام سعادة لا شقاء.
  • • علمتني السورة :: دع المخلوق وتوجه دائمًا وأبدًا بحاجاتك للخالق، الناس لا تملك شيئًا، لكن الله بحوزته السماوات والأرض: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾
  • • علمتني السورة :: أن على الزوج واجب الإنفاق على الأهل (المرأة) من غذاء، وكساء، ومسكن، ووسائل تدفئة وقت البرد: ﴿فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾
  • • علمتني السورة :: أن العمل على كسب العيش وفعل الأسباب من سنة الأنبياء عليهم السلام: ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾

مدارسة الآية : [77] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ ..

التفسير :

[77] ولقد أوحينا إلى موسى:أن اخرُج ليلاً بعبادي من بني إسرائيل من «مصر»، فاتَّخِذْ لهم في البحر طريقاً يابساً، لا تخاف من فرعون وجنوده أن يلحقوكم فيدركوكم، ولا تخشى في البحر غرقاً.

تفسير الآيات من 77 الى 79:ـ

لما ظهر موسى بالبراهين على فرعون وقومه، مكث في مصر يدعوهم إلى الإسلام، ويسعى في تخليص بني إسرائيل من فرعون وعذابه، وفرعون في عتو ونفور، وأمره شديد على بني إسرائيل ويريه الله من الآيات والعبر، ما قصه الله علينا في القرآن، وبنو إسرائيل لا يقدرون أن يظهروا إيمانهم ويعلنوه، قد اتخذوا بيوتهم مساجد، وصبروا على فرعون وأذاه، فأراد الله تعالى أن ينجيهم من عدوهم، ويمكن لهم في الأرض ليعبدوه جهرا، ويقيموا أمره، فأوحى إلى نبيه موسىأن سر أو سيروا أول الليل، ليتمادوافي الأرض، وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونه، فخرجوا أول الليل، جميع بني إسرائيل هم ونساؤهم وذريتهم، فلما أصبح أهل مصر إذا ليس فيها منهم داع ولا مجيب، فحنق عليهم عدوهم فرعون، وأرسل في المدائن، من يجمع له الناس ويحضهم على الخروج في أثر بني إسرائيل ليوقع بهم وينفذ غيظه، والله غالب على أمره، فتكاملت جنود فرعون فسار بهم يتبع بني إسرائيل، فأتبعوهم مشرقين،{ فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون} وقلقوا وخافوا، البحر أمامهم، وفرعون من ورائهم، قد امتلأ عليهم غيظا وحنقا، وموسى مطمئن القلب، ساكن البال، قد وثق بوعد ربه، فقال:{ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} فأوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه، فضربه، فانفرق اثني عشر طريقا، وصار الماء كالجبال العالية، عن يمين الطرق ويسارها، وأيبس الله طرقهم التي انفرق عنها الماء، وأمرهم الله أن لا يخافوا من إدراك فرعون، ولا يخشوا من الغرق في البحر، فسلكوا في تلك الطرق.

فجاء فرعون وجنوده، فسلكوا وراءهم، حتى إذا تكامل قوم موسى خارجين وقوم فرعون داخلين، أمر الله البحر فالتطم عليهم، وغشيهم من اليم ما غشيهم، وغرقوا كلهم، ولم ينجح منهم أحد، وبنو إسرائيل ينظرون إلى عدوهم، قد أقر الله أعينهم بهلاكه

وهذا عاقبة الكفر والضلال، وعدم الاهتداء بهدي الله، ولهذا قال تعالى:{ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ} بما زين لهم من الكفر، وتهجين ما أتى به موسى، واستخفافه إياهم، وما هداهم في وقت من الأوقات، فأوردهم موارد الغي والضلال، ثم أوردهم مورد العذاب والنكال.

قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي ... حكاية إجمالية لما انتهى اليه أمر فرعون وقومه، وقد طوى- سبحانه- ذكر ما جرى عليهم بعد أن تغلب موسى على السحرة.. وبعد أن مكث موسى يبلغهم دعوة الله- تعالى- مدة طويلة ويطلب منهم إرسال بنى إسرائيل معه» .

وصدرت الآية الكريمة باللام الموطئة للقسم وبقد تأكيدا لهذا الإيحاء، وتقريرا له ...

أى: والله لقد أوحينا إلى عبدنا موسى- عليه السلام- وقلنا له: سر بعبادي من بنى إسرائيل في أول الليل متجها بهم من مصر إلى البحر الأحمر فإذا ما وصلت إليه، فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً.

أى: فاجعل لهم طريقا في البحر يابسا، فالضرب هنا بمعنى الجعل كما في قولهم: ضرب له في ماله سهما. إذا جعل له سهما.

والمراد بالطريق جنسه فإن الطرق التي حدثت بعد أن ضرب موسى بعصاه البحر. كانت اثنى عشر طريقا بعدد أسباط بنى إسرائيل.

وعبر- سبحانه- عن بنى إسرائيل الذين خرجوا مع موسى بعنوان العبودية لله- تعالى- للإشعار بعطفه- عز وجل- عليهم ورحمته بهم، وللتنبيه على طغيان فرعون حيث استعبد واستذل عبادا للخالق- سبحانه- وجعلهم عبيدا له..

قال الجمل: «وقوله يَبَساً صفة لقوله طَرِيقاً وصف به لما يؤول إليه، لأنه لم يكن يبسا بعد. وإنما مرت عليه الصبا فجففته. وقيل: هو في الأصل مصدر وصف به للمبالغة، أو على حذف مضاف، أو جمع يابس كخادم وخدم وصف به الواحد مبالغة» .

وقوله- سبحانه-: لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى تذييل قصد به تثبيت فؤاد موسى- عليه السلام- وإدخال الطمأنينة على قلبه.

والدرك: اسم مصدر بمعنى الإدراك. والجملة في محل نصب على الحال من فاعل «اضرب» .

أى: اضرب لهم طريقا في البحر يابسا، حالة كونك غير خائف من أن يدركك فرعون وجنوده من الخلف، وغير وجل من أن يغرقكم البحر من أمامكم.

فالآية الكريمة قد اشتملت على كل ما من شأنه أن يغرس الأمان والاطمئنان في قلب موسى ومن معه.

يقول تعالى مخبرا أنه أمر موسى ، عليه السلام ، حين أبى فرعون أن يرسل معه بني إسرائيل ، أن يسري بهم في الليل ، ويذهب بهم من قبضة فرعون . وقد بسط الله هذا المقام في غير هذه السورة الكريمة . وذلك أن موسى لما خرج ببني إسرائيل أصبحوا وليس منهم بمصر لا داع ولا مجيب ، فغضب فرعون غضبا شديدا وأرسل في المدائن حاشرين ، أي من يجمعون له الجند من بلدانه ورساتيقه ، يقول : ( إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون ) [ الشعراء : 54 ، 55 ] ثم لما جمع جنده واستوثق له جيشه ، ساق في طلبهم ( فأتبعوهم مشرقين ) [ الشعراء : 60 ] أي : عند طلوع الشمس ( فلما تراءى الجمعان ) أي : نظر كل من الفريقين إلى الآخر ( قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين ) [ الشعراء : 61 ، 62 ] ، ووقف موسى ببني إسرائيل ، البحر أمامهم ، وفرعون وراءهم ، فعند ذلك أوحى الله إليه أن ( اضرب لهم طريقا في البحر يبسا ) فضرب البحر بعصاه ، وقال : " انفلق بإذن الله " ( فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ) [ الشعراء : 63 ] أي : الجبل العظيم . فأرسل الله الريح على أرض البحر فلفحته حتى صار يابسا كوجه الأرض; فلهذا قال : ( فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ) أي : من فرعون ، ( ولا تخشى ) يعني : من البحر أن يغرق قومك .

القول في تأويل قوله تعالى : جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)

يقول تعالى ذكره: ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات، فأولئك لهم الدرجات العلى. ثم بين تلك الدرجات العلى ما هي، فقال: هن ( جَنَّاتُ عَدْنٍ ) يعني: جنات إقامة لا ظعن عنها ولا نفاد لها ولا فناء ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ) يقول: تجري من تحت أشجارها الأنهار ( خَالِدِينَ فِيهَا ) يقول: ماكثين فيها إلى غير غاية محدودة; فالجنات من قوله ( جَنَّاتُ عَدْنٍ ) مرفوعة بالردّ على الدرجات.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى قال: عدن.

وقوله ( وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ) يقول: وهذه الدرجات العُلى التي هي جنات عدن على ما وصف جلّ جلاله ثواب من تزكى، يعني: من تطهر من الذنوب، فأطاع الله فيما أمره، ولم يدنس نفسه بمعصيته فيما نهاه عنه.

المعاني :

أَسْرِ :       اُخْرُجْ لَيْلًا السراج
أسر بعبادي :       سِرْ ليلا بهم من مصر معاني القرآن
فَاضْرِبْ :       فَاتَّخِذْ السراج
يَبَسًا :       يَابِسًا السراج
يَــبَـسا :       يابسا لا ماء فيه و لا طين معاني القرآن
دَرَكًا :       إِدْرَاكًا السراج
لا تخاف دَرَكا :       لا تخشى إدراكا و لحاقا أو تبعة معاني القرآن
لا تخشى :       الغرق من الأمام معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[77] ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ منذ القِدم وأهل الحق مطاردون منكل بهم، لا يعرف لهم وطن، فهم غرباء حتى بين أهلهم.
وقفة
[77] ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ﴾ اقتصر على وعده دون بقية قومه؛ لأنه قدوتهم، فإذا لم يخف هو تشجعوا وقوي يقينهم.
عمل
[77] كن على يقين بوعد الله تعالى، ولا تخف من الباطل وأهله ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ﴾.
وقفة
[77] في قصة أصحاب موسى: ﴿أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ سماهم بالاسم الشريف (عبادي)، فلما ضعف توكلهم سلبهم إياه، فقال بعدها: ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء: 61].
وقفة
[77] ﴿أَن أَسرِ بِعِبادي﴾ السير ليلًا أمر إلهى لموسى وبنى إسرائيل للتخفى عن أعين فرعون وجنوده، ورغم أنهم اتبعوهم إلا أن الأخذ بالأسباب واجب، وكانت النتيجة الفلاح.
وقفة
[77] ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا﴾ كان من الممكن أن يعبروا ولو في بقايا الوحل والطين، لكن الكريم حين أعطى لم يرض حتى أن تتبتل ثيابهم.
وقفة
[77] ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا﴾ العصا التي تحولت أفعى، هي نفسها التي فتحت طريقًا في البحر يبسًا، قدرة الله فوق إدراك العقول.
وقفة
[77] ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً في البَحْرِ يَبَساً لَا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى﴾ أي لا تخاف إدراك فرعون، ولا تخشى غَرَقًا في البحر، وإلَّا فالخوفُ والخشيةُ مترادفان، وغَايَر بينهما لفظًا، رعايةً للبلاغة.
وقفة
[77] ﴿فَاضرِب لَهُم طَريقًا فِي البَحرِ يَبَسًا﴾ بمجرد أن ضرب موسى البحر؛ فانشق طريقًا جافًا يابسًا يصلح للسير، هى فقط (كن فيكون)؛ فكن على يقين دائمًا بقدرة الله على تسيير أمورك بما فيه الخير لك.
وقفة
[77] إذا تفرعنت الظروف فاضرب بحر اليأس بعصا التفاؤل ينفلق لك فرقين من الأمل؛ فاسلك بينهما طريقًا يبسًا ﴿لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ﴾.
عمل
[77] ﴿لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ﴾ دع كل ما بهذا الكون يكيد لك، ويدبر ويخطط وينفذ، فما دمت مع الله فلن ينالوا منك شيئًا، فكن مطمئنًا وتوكل على الله.
وقفة
[77] ﴿لا تَخافُ دَرَكًا وَلا تَخشى﴾ ذكر سبحانه الخوف والخشية معًا فى سياق واحد؛ لبث الطمأنينة فى قلب موسى وتثبيته.
وقفة
[77] ﴿لا تَخافُ دَرَكًا وَلا تَخشى﴾ ذكر بها كل من يخونه ثباته ويقينه.
وقفة
[77] ﴿لا تَخافُ دَرَكًا وَلا تَخشى﴾ لا تخشى إلا خالقك.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. أوحى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الى موسى: جار ومجرور متعلق بأوحينا. موسى: اسم مجرور بإلى وعلامة الجر الفتحة المقدرة على الألف للتعذر لأنه ممنوع من الصرف.
  • ﴿ أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي:
  • أن: حرف تفسير لا عمل له. والجملة الفعلية بعده:تفسيرية لا محل لها من الاعراب. أسر: فعل أمر مبني على حذف آخره حرف العلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بعبادي: جار ومجرور متعلق بأسر والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: سر بعبادي ليلا.
  • ﴿ فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً:
  • الفاء عاطفة. اضرب: أي بمعنى «اجعل» وهي فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت.لهم: جار ومجرور متعلق باضرب «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. طريقا مفعول به منصوب بالفتحة. ويجوز أن تكون «أن» مصدرية اذا قدر حرف جر قبلها فيكون التقدير: ولقد أوحينا إلى موسى بأن اسر بعبادي.أي أوحينا اليه بالإسراء.
  • ﴿ فِي الْبَحْرِ يَبَساً:
  • جار ومجرور متعلق بأضرب. يبسا: صفة لطريقا. أي يابسا والكلمة مصدر وصف بها. بمعنى: فاجعل لهم طريقا يابسا في البحر وذلك بضربه بعصاك فترتفع مياهه على الجانبين ويتركك وقومك تمرون على أرضه.
  • ﴿ لا تَخافُ دَرَكاً:
  • نافية لا عمل لها بمعنى «ليس» تخاف: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. دركا: مفعول به منصوب بالفتحة والجملة الفعلية لا تَخافُ دَرَكاً» في محل نصب حال من ضمير المخاطب في «فاضرب» ويجوز أن تكون في محل نصب صفة «نعتا» لطريقا. بمعنى لا تخاف أن يدرككم عدوكم.
  • ﴿ وَلا تَخْشى:
  • معطوفة بالواو على لا تَخافُ» وتعرب إعرابها. وعلامة رفع الفعل الضمة المقدرة على الألف للتعذر.'

المتشابهات :

طه: 77﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا
الشعراء: 52﴿وَ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     وبعد ذكرِ ما حدث بين موسى وسحرة فرعون، والذي انتهي بإيمان السحرة؛ أكثر فرعون من إيذاء بني إسرائيل؛ فأذن اللهُ عز و جل لموسى عليه السلام في الخروج مع بني إسرائيل من مصر، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يبسا:
وقرئ:
يابسا، اسم فاعل، وهى قراءة أبى حيوة.
لا تخاف:
1- جملة فى موضع الحال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- لا تخف، بالجزم على جواب الأمر، أو على نهى مستأنف، وهى قراءة الأعمش، وحمزة، وابن أبى ليلى.
دركا:
1- بفتح الراء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بسكونها، وهى قراءة أبى حيوة، وطلحة، والأعمش.

مدارسة الآية : [78] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ ..

التفسير :

[78] فأسرى موسى ببني إسرائيل، وعبر بهم طريقاً في البحر، فأتبعهم فرعون بجنوده، فغمرهم من الماء ما لا يعلم كنهه إلا الله، فغرقوا جميعاً ونجا موسى وقومه.

تفسير الآيات من 77 الى 79:ـ

لما ظهر موسى بالبراهين على فرعون وقومه، مكث في مصر يدعوهم إلى الإسلام، ويسعى في تخليص بني إسرائيل من فرعون وعذابه، وفرعون في عتو ونفور، وأمره شديد على بني إسرائيل ويريه الله من الآيات والعبر، ما قصه الله علينا في القرآن، وبنو إسرائيل لا يقدرون أن يظهروا إيمانهم ويعلنوه، قد اتخذوا بيوتهم مساجد، وصبروا على فرعون وأذاه، فأراد الله تعالى أن ينجيهم من عدوهم، ويمكن لهم في الأرض ليعبدوه جهرا، ويقيموا أمره، فأوحى إلى نبيه موسىأن سر أو سيروا أول الليل، ليتمادوافي الأرض، وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونه، فخرجوا أول الليل، جميع بني إسرائيل هم ونساؤهم وذريتهم، فلما أصبح أهل مصر إذا ليس فيها منهم داع ولا مجيب، فحنق عليهم عدوهم فرعون، وأرسل في المدائن، من يجمع له الناس ويحضهم على الخروج في أثر بني إسرائيل ليوقع بهم وينفذ غيظه، والله غالب على أمره، فتكاملت جنود فرعون فسار بهم يتبع بني إسرائيل، فأتبعوهم مشرقين،{ فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون} وقلقوا وخافوا، البحر أمامهم، وفرعون من ورائهم، قد امتلأ عليهم غيظا وحنقا، وموسى مطمئن القلب، ساكن البال، قد وثق بوعد ربه، فقال:{ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} فأوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه، فضربه، فانفرق اثني عشر طريقا، وصار الماء كالجبال العالية، عن يمين الطرق ويسارها، وأيبس الله طرقهم التي انفرق عنها الماء، وأمرهم الله أن لا يخافوا من إدراك فرعون، ولا يخشوا من الغرق في البحر، فسلكوا في تلك الطرق.

فجاء فرعون وجنوده، فسلكوا وراءهم، حتى إذا تكامل قوم موسى خارجين وقوم فرعون داخلين، أمر الله البحر فالتطم عليهم، وغشيهم من اليم ما غشيهم، وغرقوا كلهم، ولم ينجح منهم أحد، وبنو إسرائيل ينظرون إلى عدوهم، قد أقر الله أعينهم بهلاكه

وهذا عاقبة الكفر والضلال، وعدم الاهتداء بهدي الله، ولهذا قال تعالى:{ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ} بما زين لهم من الكفر، وتهجين ما أتى به موسى، واستخفافه إياهم، وما هداهم في وقت من الأوقات، فأوردهم موارد الغي والضلال، ثم أوردهم مورد العذاب والنكال.

ثم بين- سبحانه- موقف فرعون بعد أن علم بأن موسى قد خرج بقومه من مصر فقال- تعالى-: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ.

أى: وبعد أن علم فرعون بخروج موسى وبنى إسرائيل من مصر، جمع جنوده وأسرع في طلب موسى ومن معه، فكانت نتيجة ذلك، أن أغرق الله- تعالى- فرعون وجنوده في البحر. وأهلكهم عن آخرهم ...

والتعبير بالاسم المبهم الذي هو الموصول في قوله فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ يدل على تعظيم ما غشيهم وتهويله، أى: فعلاهم وغمرهم من ماء البحر ما لا يعلم كنهه إلا الله- تعالى- بحيث صاروا جميعا في طيات أمواجه.

ونظيره قوله- تعالى-: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى وقوله: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى.

قال صاحب الكشاف: قوله- تعالى-: ما غَشِيَهُمْ من باب الاختصار ومن جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة. أى: غشيهم مالا يعلم كنهه إلا الله- تعالى- وقرئ فغشاهم من اليم ما غشاهم، والتغشية: التغطية ... .

ثم قال تعالى : ( فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ) أي : البحر ) ما غشيهم ) أي : الذي هو معروف ومشهور . وهذا يقال عند الأمر المعروف المشهور ، كما قال تعالى : ( والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى ) [ النجم : 53 ، 54 ] ، وكما قال الشاعر :

أنا أبو النجم وشعري شعري

أي : الذي يعرف ، وهو مشهور . وكما تقدمهم فرعون فسلك بهم في اليم فأضلهم وما هداهم إلى سبيل الرشاد ، كذلك ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود ) [ هود : 98 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى (77)

يقول تعالى ذكره ( وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى ) نبينا(مُوسَى) إذ تابعنا له الحجج على فرعون، فأبى أن يستجيب لأمر ربه، وطغى وتمادى في طغيانه (أنْ أسْرِ) ليلا(بِعِبادِي) يعني بعبادي من بني إسرائيل،

( فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا ) يقول: فاتخذ لهم في البحر طريقا يابسا، واليَبَس واليَبْس: يجمع أيباس، تقول: وقفوا في أيباس من الأرض، واليَبْس المخفف: يجمع يبوس.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (يَبسا) قال: يابسا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيْج، عن مجاهد، مثله.

وأما قوله ( لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى ) فإنه يعني: لا تخاف من فرعون وجنوده أن يدركوك من ورائك، ولا تخشى غرقا من بين يديك ووَحَلا.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله ( لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى ) يقول : (لا تخافُ) من آل فرعون ( دَرَكًا وَلا تَخْشَى ) من البَحْرِ غرقا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى ) يقول: لا تخاف أن يدركك فرعون من بعدك ولا تخشى الغرق أمامك.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جُرَيْج: قال أصحاب موسى: هذا فرعون قد أدركنا، وهذا البحر قد غشينا، فأنـزل الله ( لا تَخَافُ دَرَكًا ) أصحاب فرعون (ولا تَخْشَى) من البحر وحلا.

حدثني أحمد بن الوليد الرملي، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم، عن بعض أصحابه، في قوله ( لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى ) قال: الوَحَل.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( لا تَخَافُ دَرَكًا ) فقرأته عامَّة قرّاء الأمصار غير الأعمش وحمزة: ( لا تَخَافُ دَرَكًا ) على الاستئناف بلا كما قال: وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا فرفع، وأكثر ما جاء في هذا الأمر الجواب مع " لا ". وقرأ ذلك الأعمش وحمزة ( لا تَخَفْ دَرَكا) فجزما لا تخاف على الجزاء، ورفعا( وَلا تَخْشَى ) على الاستئناف، كما قال جلّ ثناؤه يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ فاستأنف بثم، ولو نوى بقوله: ( وَلا تَخْشَى ) الجزم، وفيه الياء، كان جائزا، كما قال الراجز:

هُزّي إلَيْكِ الجِذْعَ يجْنِيكِ الجَنى

وأعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها(لا تخافُ) على وجه الرفع، لأن ذلك أفصح اللغتين، وإن كانت الأخرى جائزة، وكان بعض نحويي البصرة يقول: معنى قوله ( لا تَخَافُ دَرَكًا ) اضرب لهم طريقا لا تخاف فيه دركا، قال: وحذف فيه، كما تقول: زيد أكرمت، وأنت تريد أكرمته، وكما تقول وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا أي لا تجزى فيه، وأما نحويو الكوفة فإنهم &; 18-345 &; ينكرون حذف فيه إلا في المواقيت، لأنه يصلح فيها أن يقال: قمت اليوم وفي اليوم، ولا يجيزون ذلك في الأسماء.

المعاني :

فَغَشِيَهُمْ :       فَغَمَرَهُمْ، وَغَطَّاهُمْ السراج
فغشِــيهم :       علاهم و غمرهم معاني القرآن
الْيَمِّ :       البَحْرِ السراج

التدبر :

وقفة
[78] ما دلالة الباء البيانية في قوله تعالى ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ﴾؟ الجواب: صرّح سيبويه أن أكثر ورود الباء في القرآن الكريم جاء على معنى المصاحبة، وهذا مثال له: (فاتبعهم فرعون بجنوده) أي مصاحبين له.
وقفة
[78] ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ مَن شَقَّ البحرَ لموسى هل يسمحُ بعبورِ الفرعونَ بجنودِه، إنَّه غباءُ الطُّغَاةِ.
وقفة
[78] ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ أولياء الله حتى لو لم يمتلكوا قوة أو سلاح؛ فإن الله سيسخر لهم كل ما في الكون ليدافع عنهم.
وقفة
[78] ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ (موسي) عليه السلام كان رضيعًا ضعيفًا ولم يضرَّه اليمّ، و(فرعون) كان في قمة جبروته وغمره اليمّ، فمن كان مع الله فلن يضرَّه ضعفُه، ومن لم يكنْ مع الله فلن تنفعَه قوتُه.
وقفة
[78] ﴿فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ بِجُنودِهِ فَغَشِيَهُم مِنَ اليَمِّ ما غَشِيَهُم﴾ لم نعرف تحديدًا ماذا غشيهم، ولكن لتذهب النفس كل مذهبٍ فى تخيل كيف كان هذا، وفى أى هولٍ كانوا.
عمل
[78] لا تقل: «أنا عبد مأمور»؛ فأنت مؤاخذ بعملك، جنود فرعون أطاعوه ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾.
وقفة
[78] ﴿فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ أي غشيهم من الأمور الهائلة، والخطوب الفادحة ما لا يعلم كنهه إلا الله، ولا يحيط به غيره، قال الزمخشري: «هو من جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة».
لمسة
[78] ﴿فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ (مَا غَشِيَهُمْ) دون تحديد؛ لتذهب النفس كل مذهب من الهول والخوف والخشية، فهو غرقٌ بلغ من هوله أنه لا يمكن وصفه.
تفاعل
[78] ﴿فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.
وقفة
[78] من تكبر على الله بشيء عاقبه به، تكبر فرعون بجريان الأنهار من تحته ﴿وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي﴾ [الزخرف: 51]، فأجراها الله من فوقه ﴿فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَتْبَعَهُمْ:
  • الفاء: استئنافية. أتبع: فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ:
  • فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف -التنوين-للعجمة والعلمية. بجنوده: جار ومجرور متعلق بأتبعهم والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى: فخرج فرعون لتعقب أثرهم بجنوده أي مع جنوده.
  • ﴿ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ:
  • الفاء عاطفة. غشي: فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. من اليم: جار ومجرور متعلق بغشي بمعنى: فغطاهم من البحر أي انطبق عليهم البحر فغرقوا.
  • ﴿ ما غَشِيَهُمْ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.غشيهم: أعربت. وجملة «غشيهم» صلة الموصول لا محل لها. أو بمعنى:فغشيهم ما لا يعلم كنهه-سره-إلاّ الله.'

المتشابهات :

يونس: 90﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا
طه: 78﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     لما خرج موسى عليه السلام مع بني إسرائيل من مصر؛ جمع فرعونُ جنوده، وأسرع في طلبهم، فكانت نتيجة ذلك أن أغرق الله فرعون وجنوده في البحر، قال تعالى:
﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فأتبعهم:
1- بسكون التاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
بتشديد التاء، وهى قراءة أبى عمرو.
فغشيهم من اليم ما غشيهم:
1- على وزن «فعل» ، مجرد من الزيادة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فغشاهم من اليم ما غشاهم، بتضعيف الغين، وهى قراءة فرقة، منهم: الأعمش.
بجنوده:
وقرئ:
وجنوده، عطفا على «فرعون» ، رواها الزجاج.

مدارسة الآية : [79] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى

التفسير :

[79] وأضلَّ فرعون قومه بما زيَّنه لهم من الكفر والتكذيب، وما سلك بهم طريق الهداية.

تفسير الآيات من 77 الى 79:ـ

لما ظهر موسى بالبراهين على فرعون وقومه، مكث في مصر يدعوهم إلى الإسلام، ويسعى في تخليص بني إسرائيل من فرعون وعذابه، وفرعون في عتو ونفور، وأمره شديد على بني إسرائيل ويريه الله من الآيات والعبر، ما قصه الله علينا في القرآن، وبنو إسرائيل لا يقدرون أن يظهروا إيمانهم ويعلنوه، قد اتخذوا بيوتهم مساجد، وصبروا على فرعون وأذاه، فأراد الله تعالى أن ينجيهم من عدوهم، ويمكن لهم في الأرض ليعبدوه جهرا، ويقيموا أمره، فأوحى إلى نبيه موسىأن سر أو سيروا أول الليل، ليتمادوافي الأرض، وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونه، فخرجوا أول الليل، جميع بني إسرائيل هم ونساؤهم وذريتهم، فلما أصبح أهل مصر إذا ليس فيها منهم داع ولا مجيب، فحنق عليهم عدوهم فرعون، وأرسل في المدائن، من يجمع له الناس ويحضهم على الخروج في أثر بني إسرائيل ليوقع بهم وينفذ غيظه، والله غالب على أمره، فتكاملت جنود فرعون فسار بهم يتبع بني إسرائيل، فأتبعوهم مشرقين،{ فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون} وقلقوا وخافوا، البحر أمامهم، وفرعون من ورائهم، قد امتلأ عليهم غيظا وحنقا، وموسى مطمئن القلب، ساكن البال، قد وثق بوعد ربه، فقال:{ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} فأوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه، فضربه، فانفرق اثني عشر طريقا، وصار الماء كالجبال العالية، عن يمين الطرق ويسارها، وأيبس الله طرقهم التي انفرق عنها الماء، وأمرهم الله أن لا يخافوا من إدراك فرعون، ولا يخشوا من الغرق في البحر، فسلكوا في تلك الطرق.

فجاء فرعون وجنوده، فسلكوا وراءهم، حتى إذا تكامل قوم موسى خارجين وقوم فرعون داخلين، أمر الله البحر فالتطم عليهم، وغشيهم من اليم ما غشيهم، وغرقوا كلهم، ولم ينجح منهم أحد، وبنو إسرائيل ينظرون إلى عدوهم، قد أقر الله أعينهم بهلاكه

وهذا عاقبة الكفر والضلال، وعدم الاهتداء بهدي الله، ولهذا قال تعالى:{ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ} بما زين لهم من الكفر، وتهجين ما أتى به موسى، واستخفافه إياهم، وما هداهم في وقت من الأوقات، فأوردهم موارد الغي والضلال، ثم أوردهم مورد العذاب والنكال.

وقوله- سبحانه-: وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى بيان لحال فرعون قبل أن يهلكه الله- تعالى- بالغرق.

أى: وأضل فرعون في حياته قومه عن طريق الحق، وما هداهم إليها وإنما هداهم إلى طريق الغي والباطل، فكانت عاقبتهم جميعا الاستئصال والدمار.

وما اشتملت عليه الآيتان من إجمال بالنسبة لتلك الأحداث، قد جاء مفصلا في آيات أخرى ومن ذلك قوله- تعالى- في سورة الشعراء: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ. فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ. إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ. وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ. وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ. فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ. فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ. فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ. فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ. فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ. وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ. وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ. ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ .

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78)

يقول تعالى ذكره: فسرى موسى ببني إسرائيل إذ أوحينا إليه أن أسر بهم، فأتبعهم فرعون بجنوده حين قطعوا البحر، فغشي فرعون وجنده في اليم ما غشيهم، فغرقوا جميعا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[79] ﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ﴾ الطاغية شؤم على نفسه وعلى قومه؛ لأنه يضلهم عن الرشد، وما يهديهم إلى خير ولا إلى نجاة.
وقفة
[79] ﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ﴾ في الحياة بكفرهم، وآخر الحياة بإغراقهم، وبعد الحياة بالنار، ضلالات يلعن بعضها بعضًا.
وقفة
[79] ﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ﴾ لا شيء يورد المهالك ويعظم فداحة الخذلان والخسارة كتسليمك القيادة لمتبع هوى نفسه والمغرور بها.
وقفة
[79] ﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ﴾ إن قلتَ: صدرُهُ يُغني عن عَجُزه، فكيف ذكر العَجُز؟ قلتُ: المعنى وما هداهم بعد ما أضلَّهم، فإِن المضلَّ قد يهدي بعد إضلاله، أو ما هدى نفسه، أو أضلهم عن الدِّينِ، وما هداهم طريقًا في البحر.
وقفة
[79] ﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ﴾ ما فائدة قوله: (وما هدى) بعد: (وأضل فرعون قومه)؟ الجواب: التصريح بكذبه في قوله ﴿وما أهديكم إلا سبيل الرشاد﴾ [غافر: 29]، والتهكم به.
وقفة
[79] ﴿وَأَضَلَّ فِرعَونُ قَومَهُ وَما هَدى﴾ ذُكِر السبب بعد خاتمة فرعون وجنده تلك؛ ليوضح لنا سبحانه وبمنتهى الوضوح عاقبة الكفر والضلال، وللفت الانتباه بقوة لعظِم فعلهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ:
  • الواو عاطفة. أضل: فعل ماض مبني على الفتح. فرعون: فاعل مرفوع بالضمة. قومه: مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى فأضاع فرعون قومه ولم يرشدهم.
  • ﴿ وَما هَدى:
  • الواو عاطفة. هدى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ما» نافية لا عمل لها. ومفعول «هدى» محذوف لتقدم ما يدل عليه أي و «ما هداهم» أي وما هدى قومه الى طريق النجاة والسلامة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     ولَمَّا أغرقَ اللهُ عز و جل فرعونَ وجنوده في البحر؛ بَيَّنَ هنا أن الأمر لم يتوقف عند حدود هلاك الجنود معه، وإنما تعداه إلى إضلال القوم وراءه، فقد تركهم ضلالًا، قال تعالى:
﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [80] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم ..

التفسير :

[80] يا بني إسرائيل اذكروا حين أنجيناكم مِن عدوكم فرعون، وجَعَلْنا موعدكم الجانبَ الأيمنَ من جبل الطور لإنزال التوراة عليكم، ونزلنا عليكم في التيه ما تأكلونه، مما يشبه الصَّمْغ طعمه كالعسل والطير الذي يشبه السُّمَانَى.

يذكر تعالى بني إسرائيل منته العظيمة عليهم بإهلاك عدوهم، ومواعدته لموسى عليه السلام بجانب الطور الأيمن، لينزل عليه الكتاب، الذي فيه الأحكام الجليلة، والأخبار الجميلة، فتتم عليهم النعمة الدينية، بعد النعمة الدنيوية، ويذكر منته أيضا عليهم في التيه، بإنزال المن والسلوى، والرزق الرغد الهني الذي يحصل لهم بلا مشقة

ثم ذكر- سبحانه- بنى إسرائيل بنعمه عليهم فقال: يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فرعون وجنده، بأن أغرقناهم أمام أعينكم وأنتم تنظرون إليهم، بعد أن كانوا يسومونكم سوء العذاب.

وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ أى: وواعدنا نبيكم موسى في هذا المكان لإعطائه التوراة لهدايتكم وإصلاح شأنكم، وهذا الوعد هو المشار إليه بقوله- تعالى-:

وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.

قال صاحب الكشاف: ذكرهم النعمة في نجاتهم وهلاك عدوهم، وفيما واعد موسى من المناجاة بجانب الطور، وكتب التوراة في الألواح. وإنما عدى المواعدة إليهم لأنها لا بستهم واتصلت بهم حيث كانت لنبيهم ونقبائهم، وإليهم رجعت منافعها التي قام بها دينهم وشرعهم

وفيما أفاض عليهم من سائر نعمه وأرزاقه.. .

وقال القرطبي ما ملخصه: وقوله: جانِبَ نصب على المفعول الثاني لقوله واعدنا..

والْأَيْمَنَ نصب لأنه نعت للجانب، إذ ليس للجبل يمين ولا شمال.

وتقدير الآية: وواعدناكم إتيان جانب الطور ثم حذف المضاف. أى: أمرنا موسى أن يأمركم بالخروج معه ليكلمه بحضرتكم فتسمعوا الكلام وقيل: وعد موسى بعد إغراق فرعون أن يأتى جانب الطور الأيمن فيؤتيه التوراة، فالوعد كان لموسى، ولكن خوطبوا به لأن الوعد كان لأجلهم.. .

وقوله: وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى نعمة ثالثة من نعمه- سبحانه- عليهم.

والمن: مادة حلوة لزجة تشبه العسل كانت تسقط على الشجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

والسلوى: طائر لذيذ الطعم، يشبه الطائر الذي يسمى السمانى، كانوا يأخذونه ويتلذذون بأكله.

وقيل: هما كناية عما أنعم الله به عليهم، وهما شيء واحد، سمى أحدهما «منا» لامتنان الله- تعالى- عليهم، وسمى الثاني «سلوى» لتسليتهم به.

أى: ونزلنا عليكم بفضلنا ورحمتنا وأنتم في التيه تلك المنافع والخيرات التي تأخذونها من غير كد أو تعب.

يذكر تعالى نعمه على بني إسرائيل العظام ، ومننه الجسام ، حيث نجاهم من عدوهم فرعون ، وأقر أعينهم منه ، وهم ينظرون إليه وإلى جنده قد غرقوا في صبيحة واحدة ، لم ينج منهم أحد ، كما قال [ تعالى ] : ( وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ) [ البقرة : 50 ] .

وقال البخاري : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا شعبة ، حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تصوم عاشوراء ، فسألهم فقالوا : هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى على فرعون ، فقال : " نحن أولى بموسى فصوموه " رواه مسلم أيضا في صحيحه .

ثم إنه تعالى واعد موسى وبني إسرائيل بعد هلاك فرعون إلى جانب الطور الأيمن ، وهو الذي كلمه تعالى عليه ، وسأل فيه الرؤية ، وأعطاه التوراة هناك . وفي غضون ذلك عبد بنو إسرائيل العجل ، كما يقصه تعالى قريبا .

وأما المن والسلوى ، فقد تقدم الكلام على ذلك في سورة " البقرة " وغيرها . فالمن : حلوى كانت تنزل عليه من السماء . والسلوى : طائر يسقط عليهم ، فيأخذون من كل قدر الحاجة إلى الغد ، لطفا من الله ورحمة بهم ، وإحسانا إليهم;

( وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ) يقول جلّ ثناؤه: وجاوز فرعون بقومه عن سواء السبيل، وأخذ بهم على غير استقامة، وذلك أنه سلك بهم طريق أهل النار، بأمرهم بالكفر بالله، وتكذيب رسله ( وَمَا هَدَى ) يقول: وما سلك بهم الطريق المستقيم، وذلك أنه نهاهم عن اتباع رسول الله موسى، والتصديق به، فأطاعوه، فلم يهدهم بأمره إياهم بذلك، ولم يهتدوا باتباعهم إياه.

المعاني :

جَانِبَ الطُّورِ :       جَانِبِ جَبَلِ الطُّورِ السراج
الْمَنَّ :       طَعَامًا؛ كَالعَسَلِ السراج
المنّ :       مادّة صمغية حلوة كالعسل معاني القرآن
وَالسَّلْوَى :       طَيْرًا؛ كَالسُّمَانَى السراج
السّلوى :       الطائر المعروف بالسّماني معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[80] ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ﴾ إن قلتَ: المواعدةُ كانت لموسى عليه السلام لا لهم، فكيف أضيفت إليهم؟ قلتُ: لمَّا كانت لِإنزالِ كتابٍ لهم، فيه صلاح دنياهم وأُخراهم، أضيفت إليهم لهذه الملابسة.
وقفة
[80] ﴿يا بَني إِسرائيلَ قَد أَنجَيناكُم مِن عَدُوِّكُم وَواعَدناكُم جانِبَ الطّورِ الأَيمَنَ﴾ هل هو نفس المكان الذى كلم موسى فيه ربه، الله أعلم فلا تشغل بالك بما لا يعود عليك بنفع.
وقفة
[80] ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ﴾ ما أكرمه من رب! يذكرهم آلاءه، ويعدد عليهم نعماءه، ويرغبهم في طاعته والقيام بشكره لما أسبغ عليهم من فنون النعم، ثم يذكرهم بما مَنَّ به على أجدادهم من إنزال المن والسلوى.
وقفة
[80] ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ﴾ الحكمة من قوله (يا بني إسرائيل) تذكيرهم بأبيهم الرجل الصالح، فلا ينبغي لكم وهذا أبوكم، أن تكونوا عصاةً أو مخالفين.
تفاعل
[80] قل: «يا رب لك الحمد، أنجيتني من بلاء كذا، حفظتني من فتنة كذا، فرجت عني كربة كذا وكذا»، ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ﴾.
وقفة
[80] ﴿وناديناه من جانبِ الطور الأيمنِ﴾ [مريم: 52]، ﴿وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ﴾ (الأيمن) نعت في كلتا الآيتين في الأولى نعت للمجرور (جانبِ)، وفي الثانية نعت للظرف (جانبَ).

الإعراب :

  • ﴿ يا بَنِي إِسْرائِيلَ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول- بتقدير: قلنا يا بني اسرائيل وحذف فعل القول وهو كثير في القرآن الكريم.يا: أداة نداء. بني: اسم منادى بأداة النداء وهو مضاف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت نونه للاضافة. اسرائيل: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث.
  • ﴿ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ:
  • قد: حرف تحقيق. أنجى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.والكاف: ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَااعَدْناكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بأنجى والكاف ضمير المخاطبين في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. وواعدناكم:معطوفة بالواو على «أنجيناكم» وتعرب إعرابها. أي أمرنا أن توافوا موسى في موضع الجبل.
  • ﴿ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ:
  • بمعنى: ناحية أو جهة اليمن. جانب: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بواعدناكم منصوب بالفتحة وهو مضاف.الطور: مضاف اليه مجرور وعلامة جره الكسرة. الأيمن: صفة-نعت- للجانب منصوبة مثلها بالفتحة. والطور: جبل بطور سيناء.
  • ﴿ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ:
  • تعرب إعراب «واعدنا» عليكم: جار ومجرور متعلق بنزلنا والميم علامة جمع الذكور. المن: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَالسَّلْوى:
  • معطوفة بالواو على «المن» وتعرب إعرابها. وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. و «المن» هو رحيق متجمد تفرزه بعض الاشجار. و «السلوى» الطير المعروف بالسماني.'

المتشابهات :

البقرة: 57﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
الأعراف: 160﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     وبعد هلاك فرعون وجنوده؛ ذَكَّرَ اللهُ عز و جل هنا بنى إسرائيل ببعض نعمه عليهم بعد هلاك فرعون، قال تعالى:
﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أنجيناكم:
وقرئ:
1- أنجيتكم، وهى قراءة الكسائي، وحمزة.
2- أنجيناكم، وهى قراءة باقى السبعة.
3- نجيناكم، بتشديد الجيم، من غير ألف قبلها، وهى قراءة حميد.
وواعدناكم:
وقرئ:
وواعدتكم، وهى قراءة حمزة، والكسائي.
الأيمن:
وقرئ:
بالجر، على الجوار، رواها الزمخشري.

مدارسة الآية : [81] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ..

التفسير :

[81] كلوا من رزقنا الطيب، ولا تعتدوا فيه بأن يظلم بعضكم بعضاً، فينزل بكم غضبي، ومَن ينزل به غضبي فقد هلك وخسر.

{ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} أي:واشكروه على ما أسدى إليكم من النعم{ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ} أي:في رزقه، فتستعملونه في معاصيه، وتبطرون النعمة، فإنكم إن فعلتم ذلك، حل عليكم غضبي أي:غضبت عليكم، ثم عذبتكم،{ وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} أي:ردى وهلك، وخاب وخسر، لأنه عدم الرضا والإحسان، وحل عليه الغضب والخسران.

والأمر في قوله- سبحانه- كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ للإباحة، والجملة مقول لقول محذوف. أى: وقلنا لهم كلوا من طيبات ما رزقناكم من المن والسلوى، ومن غيرهما من اللذائذ التي أحلها الله لكم.

وقوله- تعالى-: وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فيحل عليكم غضبى ومن يحلل عليه غضبى فقد هوى تحذير لهم من تجاوز الحدود التي شرعها الله- تعالى- لهم، إذ الطغيان مجاوزة الحد في كل شيء.

والضمير في قوله فِيهِ يعود إلى الموصول الذي هو ما في قوله:

ما رَزَقْناكُمْ ويحل- بكسر الحاء- بمعنى يجب. يقال: حل أمر الله على فلان يحل حلالا بمعنى وجب.

وقرأ الكسائي فَيَحِلَّ بضم الحاء بمعنى ينزل يقال: حل فلان بالمكان يحل- بالضم حلولا، إذا نزل به.

والمعنى: كلوا يا بنى إسرائيل من الطيبات التي رزقكم الله إياها واشكروه عليها، ولا تتجاوزوا فيما رزقناكم الحدود التي شرعناها لكم، فإنكم إذا فعلتم ذلك حق عليكم غضبى، ونزل بكم عقابي، ومن حق عليه غضبى ونزل به عقابي فَقَدْ هَوى أى: إلى النار.

وأصله السقوط من مكان مرتفع كجبل ونحوه. يقال: هوى فلان- بفتح الواو- يهوى- بكسرها- إذا سقط إلى أسفل، ثم استعمل في الهلاك للزومه له.

ولهذا قال تعالى : ( كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ) أي : كلوا من هذا [ الرزق ] الذي رزقتكم ، ولا تطغوا في رزقي ، فتأخذوه من غير حاجة ، وتخالفوا ما آمركم به ، ( فيحل عليكم غضبي ) أي : أغضب عليكم ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أي : فقد شقي .

وقال شفي بن ماتع : إن في جهنم قصرا يرمى الكافر من أعلاه ، فيهوي في جهنم أربعين خريفا قبل أن يبلغ الصلصال ، وذلك قوله : ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) رواه ابن أبي حاتم .

القول في تأويل قوله تعالى : يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80)

يقول تعالى ذكره: فلما نجا موسى بقومه من البحر، وغشي فرعون قومه من اليم ما غشيهم، قلنا لقوم موسى ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ) فِرْعَوْنَ (وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأيْمَنَ وَنـزلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ) وقد ذكرنا كيف كانت مواعدة الله موسى وقومه جانب الطور الأيمن، وقد بيَّنا المنّ والسلوى باختلاف المختلفين فيهما، وذكرنا الشواهد على الصواب من القول في &; 18-346 &; ذلك فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ ) فكانت عامة قرّاء المدينة والبصرة يقرءونه ( قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ ) بالنون والألف وسائر الحروف الأخرى معه كذلك، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( قَدْ أنْجَيْتُكُمْ ) بالتاء، وكذلك سائر الحروف الأخر، إلى قوله ( وَنـزلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ) فإنهم وافقوا الآخرين في ذلك وقرءوه بالنون والألف.

والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان باتفاق المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ ذلك فمصيب.

المعاني :

وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ :       لَا تَعْتَدُوا بِأَنْ يَظْلِمَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا السراج
لا تطغوْا :       لا تكفروا نعمه أو لا تظلموا معاني القرآن
فَيَحِلَّ :       فَيَنْزِلَ السراج
فيحلّ عليكم :       فيجب عليكم و يلزمكم معاني القرآن
هَوَى :       خَسِرَ، وَهَلَكَ السراج
هَوَى :       هلك أو وَقع في الهاوية معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[81] ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي﴾ النعم تقتضي الحفظ والشكر المقرون بالمزيد، وجحودها يوجب حلول غضب الله ونزوله.
وقفة
[81] تحريم الإسراف والظلم، وكفر النعم ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي﴾.
عمل
[81] سمّ الله تعالى عند الأكل، واحمده بعده، واحذر الإسراف والمباهاة ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي﴾.
وقفة
[81] من عاش عيش البسطاء لم يظهر فيه الطغيان فالسرف بذرة الطغيان ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي﴾ لا يجتمع سَرف وتواضع.
وقفة
[81] إذا طغى الناس في استعمال النعم فقد استجلبوا المحق والغضب ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾.
وقفة
[81] الطغيان في الأكل والتبذير من موجبات غضب الله ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾.
وقفة
[81] الطغيان في النعمة من أسباب زوالها وعقوبة أهلها ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾.
وقفة
[81] ﴿وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾ قال ابن عباس: «لا تظلموا»، وقال الكلبي: «لا تكفروا النعمة فتكونوا ظالمين طاغين»، وقيل: «لا تنفقوا في معصيتي»، وقيل: «لا تتقووا بنعمتي على معاصيَّ».
عمل
[81] ﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾ لا تهتم كثيرًا بغضب المخلوق، المهم ألا يغضب عليك الخالق!
عمل
[81] ﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾ لا تعرض نفسك لغضب الله ومقته وعذابه، فلن يحجزك أحد عن الله أو ينصرك فلا تهلك نفسك بيدك.
وقفة
[81] يرتجف البنان حين كتابتها، وترتعد الفرائص عند قراءتها، ويخفق الجنان أثناء سماعها ﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾، يا رب سلم سلم.
تفاعل
[81] استعذ بالله من أسباب غضبه ﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما:
  • فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من طيبات: جار ومجرور متعلق بكلوا أو تكون «من» للتبعيض والجار والمجرور متعلقا بمفعول «كلوا» المحذوف بتقدير: كلوا بعضا من طيبات. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة والجملة بعده صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ رَزَقْناكُمْ:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ:
  • الواو عاطفة. لا: ناهية جازمة. تطغوا فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. فيه: جار ومجرور متعلق بتطغوا. أي لا تتجاوزوا الحد.
  • ﴿ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي:
  • فاء: سببية بمعنى: لكي لا يحلّ .. يحلّ:فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وهي فاء الجواب وعلامة نصبه الفتحة. عليكم: جار ومجرور متعلق بيحل والميم علامة جمع الذكور.غضبي: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء. والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وجملة «يحل عليكم غضبي» صلة «أن» المضمرة لا محل لها. و «أن» وما بعدها: بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق.
  • ﴿ وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يحلل: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه: سكون آخره. عليه: جار ومجرور متعلق بيحلل. غضبي: أعربت.
  • ﴿ فَقَدْ هَوى:
  • الجملة: جواب شرط‍ جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء: رابطة لجواب الشرط‍.قد: حرف تحقيق. هوى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو بمعنى: فقد سقط‍ الى الهاوية. والجملة من فعل الشرط‍ وجوابه-جزائه-في محل رفع خبر المبتدأ «من» وجملة يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي» صلة الموصول لا محل لها.'

المتشابهات :

البقرة: 57﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
البقرة: 172﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّـهِ
الأعراف: 160﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
طه: 81﴿ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     وبعد أن امتنَّ اللهُ عز و جل على بنى إسرائيل بإنزال المَنِّ والسَّلوَى؛ دعاهم هنا للأكل ممَّا رزقهم من الأطعمة الحلال، ثم نهاهم عن الطغيان وحَذَّرَهم من الأعمال التي توجب غضبه، قال تعالى:
﴿ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ما رزقناكم:
وقرئ:
ما رزقنكم، وهى قراءة حمزة، والكسائي.
ولا تطغوا:
وقرئ:
بضم الغين، وهى قراءة زيد بن على.
فيحل:
1- بكسر الحاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم الحاء، وهى قراءة الكسائي، وقتادة، وأبى حيوة، والأعمش، وطلحة.
فيحل عليكم:
قرئ:
1- لا يحلن عليكم، بلام ونون مشددة وفتح اللام وكسر الحاء، رواها أبو على الأهوازى فى «الإقناع» .
2- فيحل، بضم الياء وكسر الحاء، من «الإحلال» ، فهو متعد، وهى قراءة قتادة، وعبد الله بن مسلم بن يسار، وابن وثاب، والأعمش.

مدارسة الآية : [82] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ ..

التفسير :

[82] وإني لَغفار لمن تاب من ذنبه وكفره، وآمن بي وعمل الأعمال الصالحة، ثم اهتدى إلى الحق واستقام عليه.

ومع هذا، فالتوبة معروضة، ولو عمل العبد ما عمل من المعاصي، فلهذا قال:{ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ} أي:كثير المغفرة والرحمة، لمن تاب من الكفر والبدعة والفسوق، وآمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وعمل صالحا من أعمال القلب والبدن، وأقوال اللسان.

{ ثُمَّ اهْتَدَى} أي:سلك الصراط المستقيم، وتابع الرسول الكريم، واقتدى بالدين القويم، فهذا يغفر الله أوزاره، ويعفو عما تقدم من ذنبه وإصراره، لأنه أتى بالسبب الأكبر، للمغفرة والرحمة، بل الأسباب كلها منحصرة في هذه الأشياء فإن التوبة تجب ما قبلها، والإيمان والإسلام يهدم ما قبله، والعمل الصالح الذي هو الحسنات، يذهب السيئات، وسلوك طرق الهداية بجميع أنواعها، من تعلم علم، وتدبر آية أو حديث، حتى يتبين له معنى من المعاني يهتدي به، ودعوة إلى دين الحق، ورد بدعة أو كفر أو ضلالة، وجهاد، وهجرة، وغير ذلك من جزئيات الهداية، كلها مكفرات للذنوب محصلات لغاية المطلوب.

ثم فتح- سبحانه- باب الأمل لعباده فقال: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ أى: لكثير المغفرة لِمَنْ تابَ من الشرك والمعاصي وَآمَنَ بكل ما يجب الإيمان به وَعَمِلَ صالِحاً أى:

وعمل عملا مستقيما يرضى الله- تعالى-. ثُمَّ اهْتَدى أى: ثم واظب على ذلك، وداوم على استقامته وصلاحه إلى أن لقى الله- تعالى-.

وثم في قوله ثُمَّ اهْتَدى للتراخي النسبي، إذ أن هناك فرقا كبيرا بين من يتوب إلى الله- تعالى- ويقدم العمل الصالح، ويستمر على ذلك إلى أن يلقى الله- تعالى- وبين من لا يداوم على ذلك.

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن فتنة قوم موسى- عليه السلام- بعد أن ذهب لمناجاة ربه، وكيف انقادوا لخديعة السامري لهم.. فقال- تعالى-:

وقوله : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ) أي : كل من تاب إلي تبت عليه من أي ذنب كان ، حتى إنه تعالى تاب على من عبد العجل من بني إسرائيل .

وقوله : ( تاب ) أي : رجع عما كان فيه من كفر أو شرك أو نفاق أو معصية .

وقوله : ( وآمن ) أي : بقلبه ( وعمل صالحا ) أي : بجوارحه .

وقوله : ( ثم اهتدى ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : أي ثم لم يشكك .

وقال سعيد بن جبير : ( ثم اهتدى ) أي : استقام على السنة والجماعة . وروي نحوه عن مجاهد ، والضحاك ، وغير واحد من السلف .

وقال قتادة : ( ثم اهتدى ) أي : لزم الإسلام حتى يموت .

وقال سفيان الثوري : ( ثم اهتدى ) أي : علم أن لهذا ثوابا .

وثم هاهنا لترتيب الخبر على الخبر ، كقوله : ( ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ) [ البلد : 17 ] .

وقوله ( كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) يقول تعالى ذكره لهم: كلوا يا بني إسرائيل من شهيات رزقنا الذي رزقناكم، وحلاله الذي طيبناه لكم ( وَلا تَطْغَوْا فِيهِ ) يقول: ولا تعتدوا فيه، ولا يظلم فيه بعضكم بعضا. كما حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: ( وَلا تَطْغَوْا فِيهِ ) يقول: ولا تظلموا.

وقوله ( فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ) يقول: فينـزل عليكم عقوبتي.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة، قوله ( فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ) يقول: فينـزل عليكم غضبي.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والمدينة والبصرة والكوفة ( فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ ) بكسر الحاء وَمَنْ يَحْلِلْ بكسر اللام، ووجهوا معناه إلى: فيجب عليكم غضبي، وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة ( فَيَحُلَّ عَلَيْكُم) بضم الحاء، ووجهوا تأويله إلى ما ذكرنا عن قَتادة من أنه فيقع وينـزل عليكم غضبي.

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، وقد حذّر الله الذين قيل لهم هذا القول من بني إسرائيل وقوع بأسه بهم ونـزوله بمعصيتهم إياه إن هم عصوه، وخوّفهم وجوبه لهم، فسواء قرئ ذلك بالوقوع أو بالوجوب، لأنهم كانوا قد خوّفوا المعنيين كليهما.

"81"

&; 18-347 &;

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)

يقول تعالى ذكره: ومن يجب عليه غضبي، فينـزل به، فقد هوى، يقول فقد تردى فشقي. كما حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( فَقَدْ هَوَى ) يقول: فقد شقي.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ﴾ لا تتردد في العودة إلى الله مهما لوثتك الذنوب والخطايا، فالذي سترك تحت سقف المعصية لن يخذلك وأنت تحت جناح التوبة.
عمل
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ﴾ الناس إن اغضبتهم فلابد أن يذكروك بما فعلت إلا الله، فإنه يمسح ذنوبك، كأنها لم تكن، فلا تتردد من طرق بابه معتذرًا.
وقفة
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ ليس بينك وبين المغفرة سوى قلب يتألم على ما فات، ويعمل صالحًا فيما هو آت.
وقفة
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾ أسباب المغفرة كلها منحصرة في هذه الأشياء: فإن التوبة تجُبُّ ما قبلها، والإيمان والإسلام يهدم ما قبله، والعمل الصالح الذي هو الحسنات يذهب السيئات، وسلوك طريق الهداية بجميع أنواعها: من تعلم علم، وتدبر آية أو حديث؛ حتى يتبين له معنى من المعاني يهتدي به، ودعوة إلى دين الحق، ورد بدعة أو كفر أو ضلالة، وجهاد، وهجرة، وغير ذلك من جزئيات الهداية، كلها مكفرات للذنوب، محصلات لغاية المطلوب.
وقفة
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾ هل تريد المغفرة؟ حَقِّق هذه الأربعة.
وقفة
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾ الله غفور على الدوام لمن تاب من الشرك والكفر والمعصية، وآمن به وعمل الصالحات، ثم ثبت على ذلك حتى مات عليه.
وقفة
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾ قال أبو حامد الغزالي: «فإذا توقع المغفرة مع التوبة فهو راج، وإن توقع المغفرة مع الإصرار فهو مغرور».
وقفة
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾ قال الزمخشري: «الاهتداء هو الاستقامة والثبات على الهدى المذكور، وهو التوبة والإيمان والعمل الصالح».
وقفة
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾ التوبة ليست كلمة تقال, إنما هي عزيمة في القلب, يتحقق مدلولها بالإيمان والعمل الصالح، ويتجلى أثرها في السلوك العملي في الواقع.
وقفة
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾، ﴿وخرَّ راكعًا وأناب﴾ [ص: 24] التوبة الصادقة يصحبها العمل، توبة بلا عمل ادِّعاء.
تفاعل
[82] ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
عمل
[82] إذا مررت بقوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ﴾ فأرع لها سمعك، فما سيأتي بعدها شروط: ﴿لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾.
وقفة
[82] ومن أعجب ما ظاهره الرجاء وهو شديد التخويف: قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾، فإنه علق المغفرة على أربعة شروط، يصعب تصحيحها.
وقفة
[82] شروط المغفرة: التوبة، الإيمان، والعمل الصالح، والاهتداء ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾.
وقفة
[82] شروط المغفرة: التوبة، والإيمان، والعمل الصالح، والاهتداء والثبات ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾.
وقفة
[82] بشارة ربانية ووعد إلهي مؤكد بمؤكدات بلاغية: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾، وتحذير إلهي من الإصرار على المعصية ﴿ولم يصروا على ما فعلوا﴾ [آل عمران: 135].
لمسة
[82] ﴿ثُمَّ اهْتَدَىٰ﴾ المعنى المشهور (ثم) أنها للترتيب والتراخي، وقد تأتي فقط لترتيب الإخبار، ويؤتى بها ما هو أعظم مما قبلها، مثال: أعجبني ما صنعته اليوم ثم ما صنعت أمس أعجب، في سورة البلد: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * ... ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾ [12-17]، الإيمان أعلى من أن تطعم أو تفك رقبة، إذا لم يؤمن فليس في عمله فائدة، فبدأ بما هو أعلى ليس من باب التراخي في الزمن، وإنما فيما هو أهم في هذا السياق.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنِّي لَغَفّارٌ:
  • الواو: استئنافية. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم «إنّ».لغفار: اللام: لام التوكيد -المزحلقة-غفار: خبر «إن» مرفوع بالضمة بمعنى كثير الغفران.
  • ﴿ لِمَنْ تابَ:
  • جار ومجرور متعلق بغفار. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. تاب: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «تاب» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً:
  • الجملتان: معطوفتان بواوي العطف على «تاب» وتعربان إعرابها. صالحا: مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى: وعمل عملا صالحا فحذف الموصوف المفعول «عملا» وحلت الصفة «صالحا» محلة.
  • ﴿ ثُمَّ اهْتَدى:
  • ثم: حرف عطف. اهتدى معطوفة على «تاب» وتعرب إعرابها. وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. لأن المقصور لا تظهر عليه الحركات.'

المتشابهات :

الفرقان: 70﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ
مريم: 60﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
طه: 82﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّـ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ
القصص: 67﴿فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     وبعد أن حَذَّرَ اللهُ عز و جل بنى إسرائيل مِن الأعمالِ التي توجب غضبَه؛ بَيَّنَ هنا أنه غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا، قال تعالى:
﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [83] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا ..

التفسير :

[83] وأيُّ شيء أعجلك عن قومك -يا موسى- فسبقتَهم إلى جانب الطور الأيمن، وخلَّفتَهم وراءك؟

كان الله تعالى، قد واعد موسى أن يأتيه لينزل عليه التوراة ثلاثين ليلة، فأتمها بعشر، فلما تم الميقات، بادر موسى عليه السلام إلى الحضور للموعد شوقا لربه، وحرصا على موعوده، فقال الله له:{ وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى} أي:ما الذي قدمك عليهم؟ ولم لم تصبر حتى تقدم أنت وهم؟

وهذه الآيات الكريمة تحكى قصة ملخصها: أن موسى عليه السلام بعد أن أهلك الله- تعالى- فرعون وجنوده، سار ببني إسرائيل متجها ناحية جبل الطور، ثم تركهم مستخلفا عليهم أخاه هارون، وذهب لمناجاة ربه ومعه سبعون من وجهائهم، ثم عجل من بينهم شوقا للقاء ربه، فأخبره- سبحانه- بما أحدثه قومه في غيبته عنهم. وجملة وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى مقول لقول محذوف.

والمعنى: وقلنا لموسى: أى شيء جعلك تتعجل المجيء إلى هذا المكان قبل قومك وتخلفهم وراءك، مع أنه ينبغي لرئيس القوم أن يتأخر عنهم في حالة السفر، ليكون نظره محيطا بهم ونافذا عليهم؟.

لما سار موسى عليه السلام ببني إسرائيل بعد هلاك فرعون ، وافوا ( على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون ) [ الأعراف : 138 ، 139 ] وواعده ربه ثلاثين ليلة ثم أتبعها له عشرا ، فتمت [ له ] أربعين ليلة ، أي : يصومها ليلا ونهارا . وقد تقدم في حديث " الفتون " بيان ذلك . فسارع موسى عليه السلام مبادرا إلى الطور ، واستخلف على بني إسرائيل أخاه هارون; ولهذا قال تعالى : ( وما أعجلك عن قومك يا موسى)

وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)

وقوله ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ) يقول: وإني لذو غفر لمن تاب من شركه، فرجع منه إلى الإيمان لي ( وآمَنَ ) يقول: وأخلص لي الألوهة، ولم يشرك في عبادته إياي غيري.( وَعَمِلَ صَالِحًا ) يقول: وأدّى فرائضي التي افترضتها عليه، واجتنب معاصي ( ثُمَّ اهْتَدَى ) يقول: ثم لزم ذلك فاستقام ولم يضيع شيئا منه.

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ) من الشرك (وآمَنَ) يقول: وحد الله ( وَعَمِلَ صَالِحًا ) يقول: أدى فرائضي.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ) من ذنبه (وآمَنَ) به ( وَعَمِلَ صَالِحًا ) فيما بينه وبين الله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ) من الشرك (وآمَنَ) يقول: وأخلص لله، وعمل في إخلاصه.

واختلفوا في معنى قوله ( ثُمَّ اهْتَدَى ) فقال بعضهم: معناه: لم يشكك في إيمانه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( ثُمَّ اهْتَدَى ) يقول: لم يشكُك.

&; 18-348 &;

وقال آخرون: معنى ذلك: ثم لزم الإيمان والعمل الصالح.

* ذكر قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( ثُمَّ اهْتَدَى ) يقول: ثم لزم الإسلام حتى يموت عليه.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم استقام.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس ( ثُمَّ اهْتَدَى ) قال: أخذ بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وقال آخرون: بل معناه: أصاب العمل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) قال: أصاب العمل.

وقال آخرون: معنى ذلك: عرف أمر مُثيبه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن الكلبي ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ) من الذنب (وآمَنَ) من الشرك ( وَعَمِلَ صَالِحًا ) أدّى ما افترضت عليه ( ثُمَّ اهْتَدَى ) عرف مثيبه إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.

وقال آخرون بما حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، قال: أخبرنا عمر بن شاكر، قال: سمعت ثابتا البناني يقول في قوله ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) قال: إلى ولاية أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وسلم.

قال أبو جعفر: إنما اخترنا القول الذي اخترنا في ذلك، من أجل أن الاهتداء هو الاستقامة على هدى، ولا معنى للاستقامة عليه إلا وقد جمعه الإيمان والعمل الصالح والتوبة، فمن فعل ذلك وثبت عليه فلا شكّ في اهتدائه.

المعاني :

ما أعجلك؟ :       ما حملك على العجلة ؟ معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[83] ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ أفضل تعجيل بالطاعة هو الإتيان بها في أول وقتها، لا قبل وقتها.
وقفة
[83] ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ موسى عليه السلام لما أمره الله أن يسير هو وبنو إسرائيل إلى الطور، تقدم هو وحده مبادرة إلى أمر الله، وطلبًا لرضاه، وأمر بني إسرائيل أن يسيروا بعده، واستخلف عليهم أخاه هارون، فأمرهم السامريّ حينئذ بعبادة العجل.
وقفة
[83] ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ تعجل موسى إلى ميقات ربه، ليبدأ بنفسه، ويكون أول من ينفذ ما أمرهم به، مثل فاتح الأندلس طارق بن زياد حين قال لجنوده: «واعلموا أني أول مجيب ما دعوتكم إليه، وإني عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية القوم لذريق، فقاتله إن شاء الله تعالى، فاحملوا معي، فإن هلكت بعده فقد كفيتكم أمره».
وقفة
[83] ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ هيأ غياب موسی المناخ لإثارة الفتنة داخل بني إسرائيل، وكشف أن إيمان بني اسرائيل كان مرتبطًا بشخص موسی لا رسالته، وانكشف أنه إيمان هش، لم يتحرر بعد من مادية القوم ووثنية من عاشروهم.
وقفة
[83] ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ أي عن رؤساء قبائل قومك يأتون معك، وعجلة موسى هي ليبين لقومه أهمية الأمر الذي ذهب من أجله فيهتموا له.
وقفة
[83، 84] ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ﴾ إن قلتَ: هذا سؤال عن سبب العجلة، فإِن موسى لما واعده اللَّهُ تعالى حضورَ جانبِ الطور لأخذ التوراة، اختار من قومه سبعين رجلًا يصحبونه إلى ذلك، ثم سبَقهم شوقًا إلى ربه تعالى، وأمرهم بلَحاقه، فعوتب على ذلك، فكيف طابقَ الجوابُ في الآية السؤال؟ قلتُ: السؤال تضمَّن شيئين: إنكارَ العَجَلة، والسؤالَ عن سببها، فبدأ موسى بالاعتذار عمَّا أنكره تعالى عليه، بأنه لم يوجد منه إلا تقدّمٌ يسيرٌ، لا يُعتدُّ به عادةً، ثمَّ عقَّب العذر بجواب السؤال عن السبب بقوله: ﴿وعجلتُ إليك ربِّ لترضى﴾.
اسقاط
[83، 84] لما قال ﷻ: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ﴾، قال عليه السلام: ﴿قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾، فترك الخلق وراءه وأسرع لمرضاة ربه، هكذا حال الصادقين.

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَعْجَلَكَ:
  • واو: استئنافية. ما: اسم استفهام بمعنى اللوم والإنكار مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أعجلك: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «أعجلك» في محل رفع خبر «ما» والجملة الاسمية ما أَعْجَلَكَ» في محل نصب مفعول به-مقول القول-لفعل مقدر بمعنى: قال الله تعالى لموسى لما قدم عليه في الطور يلومه: ما أعجلك عن قومك فتركتهم خلفك وأقبلت قبل أن تأمن عليهم
  • ﴿ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى:
  • جار ومجرور والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. يا: حرف نداء. موسى: منادى علم مفرد مبني على الضم المقدر على الألف للتعذر في محل نصب والجار والمجرور عَنْ قَوْمِكَ» متعلق بأعجل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     وبعد أن أغرقَ اللهُ عز و جل فرعونَ وجنودَه؛ سارَ موسى عليه السلام ببنى إسرائيل متجهًا ناحية جبل الطور، ثم استخلف عليهم أخاه هارون عليه السلام، وذهب لمناجاة ربه ومعه النقباء السبعين، لكنه تعجل سابقًا قومَه؛ شوقًا للقاءِ ربِّه، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [84] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي ..

التفسير :

[84] قال:إنهم خلفي سوف يلحقون بي، وسبقتُهم إليك -يا ربي- لتزداد عني رضا.

قال:{ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي} أي:قريبا مني، وسيصلون في أثري والذي عجلني إليك يا رب طلبا لقربك ومسارعة في رضاك، وشوقا إليك

فأجاب موسى معتذرا لربه- تعالى- بقوله: هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي أى: على مقربة منى، وسيلحقون بي بعد زمن قليل وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى أى: وقد حملني على أن أحضر قبلهم، شوقي إلى مكالمتك- يا إلهى- وطمعي في زيادة رضاك عنى.

فموسى- عليه السلام- قد علل تقدمه على قومه في الحضور بعلتين: الأولى: أنهم كانوا على مقربة منه. والثانية: حرصه على استدامة رضى ربه عنه.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: وَما أَعْجَلَكَ سؤال عن سبب العجلة، فكان الذي ينطبق عليه من الجواب أن يقال: طلب زيادة رضاك أو الشوق في كلامك. وقوله:

هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي كما ترى غير منطبق عليه؟.

قلت: قد تضمن ما واجهه به رب العزة شيئين: أحدهما: إنكار العجلة في نفسها، والثاني: السؤال عن سببها الحامل عليها، فكان أهم الأمرين إلى موسى بسط العذر، وتمهيد العلة في نفس ما أنكر عليه، فاعتل بأنه لم يوجد منى إلا تقدم يسير، مثله لا يعتد به في العادة، ولا يحتفل به، وليس بيني وبين من سبقته إلا مسافة قريبة، يتقدم بمثلها الوفد رئيسهم ومقدمهم. ثم عقبه بجواب السؤال عن السبب فقال: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى .

أي : قادمون ينزلون قريبا من الطور ، ( وعجلت إليك رب لترضى ) أي : لتزداد عني رضا

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)

&; 18-349 &;

يقول تعالى ذكره: ( وَمَا أَعْجَلَكَ ) وأي شيء أعجلك ( عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى ) فتقدمتهم وخلفتهم وراءك، ولم تكن معهم

المعاني :

أُولَاءِ :       هَؤُلاءِ السراج
عَلَى أَثَرِي :       خَلْفِي سَوْفَ يَلْحَقُونَ بِي السراج

التدبر :

عمل
[84] ﴿قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي﴾ لا تستغرب ضلالة من ضل من أصحاب الأمس، هؤلاء أصحاب نبي غاب عنهم ساعات فكفروا.
وقفة
[84] ﴿قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي﴾ أولاء: لم يذكر هاء التنبيه؛ فلا يجوز أن يخاطب الله بهذا، ولم أرَ أحدًا خاطب الله بحرف التنبيه إلا الكفار.
عمل
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ لتنال رضا محبوبك قدم رضاه عن هوى نفسك، وتزلف لديه ليكرمك بقربه والحضوة عنده، فالأفعال أبلغ بكثير من الأقوال.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ لم يقل: (لتعطيني)، إن العلاقة مع الله ليست معاوضة، إنها عبودية، وإن جنة العبد أن يرضى عنه سيده.
اسقاط
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ كلما كنت الأعجل إلى الطاعة؛ كنت الأحرى بالرضا.
عمل
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ هرول إليه الآن، قبل فوات الآوان.
عمل
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ قال ﷺ: «التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ فِي عَمَلِ الآخِرَةِ» [أبو داود 4810، وصححه الألباني]، احذر أن تضيع رضا الرحمن ونعيم الجنان بالتأجيل.
عمل
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ ابحثوا في هذه الكلمة عن شوق الصالحين، وصدق المُنيبين، واستجابة الأوّابين، عجّل وامضِ إلى مكانٍ يرضي ربك.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ نحو الأحبة سباق مع الزمن، تُختصر فيه المسافات والساعات واللحظات.
عمل
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ بادروا وأسرعوا وسابقوا وعجلوا برضا الله، لعل الله يعجل لنا برضوانه، رضا ﻻ سخط بعده أبدًا.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ المسارعة بفعل الصالحات، واستغلال مواسم الطاعات؛ سبب لنيل رضا رب البريات.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ قال ابن تيمية: «إن رضا الرب في العجلة إلى أوامره».
عمل
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ مواسم الطاعات غنيمة، جددوا توبتكم وجددوا نيتكم وأقبلوا على الله.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ العجلة وإن كانت في الجملة مذمومة؛ فهي ممدوحة في الدين.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ الاستعجال في فعل الخيرات، سبب في رضا رب السماوات.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ أي: عجلت إلى الموضع الذي أمرتني بالمصير إليه؛ لترضى عني.
عمل
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ الابتعاد عن هدي الأنبياء مظنة الإضلال والصرف؛ فالزم غرز نبيّك.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ قال ابن القيم: «وظاهر الآية أن الحامل لموسى على العجلة هو طلب رضى ربه، وأن رضاه في المبادرة إلى أوامره والعجلة إليها، ولهذا احتج السلف بهذه الآية على أن الصلاة في أول الوقت أفضل، سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يذكر ذلك، قال: إن رضا الرب في العجلة إلى أوامره».
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ من أسباب الرضا: العجلة لتنفيذ ما أحب الله.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ فعل المستحبات والمسابقة إلى الطاعات أبلغ في إرضاء الله، ويحصل له بذلك من رضوان الله ومحبته ما لا يحصل بمجرد الواجبات كما قال موسى: (وعجلت إليك رب لترضى).
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ صاحب الهمة وطالب الجنة لا يرضي التأخر عن داعي الله.
عمل
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ استغفر لذنبك في الحال.
وقفة
[84] ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ ما أجلّه من شوق! فامـلأ بـه قلبــك لعل ربك يرضى عنك.
وقفة
[84] سباق من نوع آخر: السابق إلى ربه حري بأن يرضى الله عنه، تأمل: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ فإذا قرنت هذه الآية مع قوله ﷺ كما في الصحيح: «سَبَقَ المُفَرِّدُون»، ثم فسرهم بأنهم: «الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا والذاكرات» [مسلم 2676]، تحصل لك: أن أسبق الناس إلى الله هم الذاكون الله كثيرًا، ومن كان كذلك؛ رضي الله تعالى عنه.
عمل
[84] تعالَ قبلَ الأذانِ أحيَانًا، وقل: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾، فالأعجلُ إلى الطَّاعةِ أحرى بالرِّضا.
اسقاط
[84] ربما قررت أن تتوب يومًا، ولكن ألم تفكر بأن تقول الليلة: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾.
وقفة
[84] إذا كانت الدنيا كلها -في عمر الزمان - إنما هي ﴿عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: 46]، فكيف بليال معدودات من عمر الدنيا كلها؟ والمؤمن يستعمل هذا المعنى في أمثال مواسم الطاعات؛ ليغتنم كل لحظة فيها، ويغار أن يمضي وقت منها في غير قربة، ولسان حاله يقول: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾.
وقفة
[84] قال ربنا ﷻ على لسان موسى ﷺ: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ العجلة إلى أداء العبادة قربة وطاعة، والعجلة فيها مذمة ومعصية.
وقفة
[84] عند البحر: ﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: 62]، وعند فرعون: ﴿فَوَهَبَ لِي رَبِّي﴾ [الشعراء: 21]، وفى المحاورة: ﴿قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي﴾ [52]، وعند الميقات: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾؛ هل علمت لِمَ كلمه ربه؟!
عمل
[84] استعجل بعمل الخير، وإن كان العمل بعيدًا عنك؛ فاستعجل بنية الخير، فإن عجزت عن العمل فلك أجره كاملًا ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾.
وقفة
[84] في صلاة الفجر يقرأ الإمام: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾، فيقول شيخ لا تكاد قدماه تحملاه: «يا رب اغفر لعبد تأخر بالمجئ»، من أين يأتي هؤلاء بقلوبهم؟!

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.أي قال موسى يا ربّ. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به.-مقول القول-.
  • ﴿ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي:
  • هم: ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ. أولاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع صفة-نعت-للمبتدإ «هم» ويجوز أن يكون بدلا منه. على أثري: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ والياء ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة بمعنى: لم أبعد عنهم إلاّ مسافة قصيرة.
  • ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ:
  • الواو استئنافية. عجلت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير المتكلم في محل رفع فاعل بمعنى «تعجلت».اليك: جار ومجرور للتعظيم متعلق بعجلت.
  • ﴿ رَبِّ:
  • اسم منادى بحرف نداء محذوف. والأصل: يا ربّ: وهو منصوب للتعظيم بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة اكتفاء بكسر ما قبلها منع من ظهورها-الفتحة-حركة المناسبة والياء المحذوفة ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِتَرْضى:
  • اللام: لام التعليل. وهي حرف جر. ترضى: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت وجملة«ترضى» صلة «أن» المضمرة لا محل لها. و «أن» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بعجلت بمعنى: لكي ترضى عني. أو طمعا في رضائك عني.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     وبعد سؤال موسى عليه السلام عن سبب العجلة؛ أجاب هنا بأمرين: الأول: أنهم كانوا على مقربة منه، والثاني: طلبًا لرضا الله، قال تعالى:
﴿ قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أولاء:
1- بالمد والهمز، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- أولائى، بياء مكسورة، وهى قراءة الحسن، وابن معاذ، عن أبيه.
3- بالقصر، وهى قراءة ابن وثاب، وعيسى.
4- أولاى، بياء مفتوحة، وهى قراءة فرقة.
أثرى:
1- بفتح الهمزة والثاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر الهمزة وسكون الثاء، وهى قراءة عيسى، ويعقوب، وعبد الوارث، عن أبى عمرو، وزيد بن على.
3- بضم الهمزة وسكون الثاء، حكاها الكسائي، ورويت عن عيسى أيضا.

مدارسة الآية : [85] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ ..

التفسير :

[85] قال الله لموسى:فإنا قد ابتلينا قومك بعد فراقك إياهم بعبادة العجل، وإن السامري قد أضلهم.

{ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ} أي:بعبادتهم للعجل، ابتليناهم، واختبرناهم، فلم يصبروا، وحين وصلت إليهم المحنة، كفروا{ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ}

{ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا} وصاغه فصار{ لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا} لهم{ هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى} فنسيه موسى، فافتتن به بنو إسرائيل، فعبدوه، ونهاهم هارون فلم ينتهوا.

وقوله- تعالى-: قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ إخبار منه- سبحانه- بما فعله قومه بعد مفارقته لهم.

وكلمة فَتَنَّا من الفتن ومعناه لغة: وضع الذهب في النار ليتبين أهو خالص أم زائف.

والفتنة تطلق في القرآن بإطلاقات متعددة منها: الدخول في النار كما في قوله- تعالى-:

يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ. ومنها الحجة كما في قوله- تعالى-: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ. ومنها: الاختبار والامتحان، كما في قوله- سبحانه-: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

. ومنها الإضلال والإشراك، كما في قوله- تعالى-: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وقوله- سبحانه-: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ...

ويبدو أن المراد بالفتنة هذا المعنى الأخير وهو الإضلال والشرك، لأن فتنتهم كانت بسبب عبادتهم للعجل في غيبة موسى- عليه السلام-.

ويدل على هذا قوله- تعالى-: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ ...

والسامري: اسم للشخص الذي كان سببا في ضلال بنى إسرائيل، قيل: كان من زعماء بنى إسرائيل وينسب إلى قبيلة تعرف بالسامرة.

وقيل: إنه كان من قوم يعبدون البقر، وقيل غير ذلك من أقوال مظنونة غير محققة.

أى: قال الله- تعالى- لموسى: فإنا قد أضللنا قومك من بعد مفارقتك لهم، وكان السبب في ضلالهم السامري، حيث دعاهم إلى عبادة العجل فانقادوا له وأطاعوه.

( قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري ) أخبر تعالى نبيه موسى بما كان بعده من الحدث في بني إسرائيل ، وعبادتهم العجل الذي عمله لهم ذلك السامري . وفي الكتب الإسرائيلية : أنه كان اسمه هارون أيضا ، وكتب الله تعالى له في هذه المدة الألواح المتضمنة للتوراة ، كما قال تعالى : ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين ) [ الأعراف : 145 ] أي : عاقبة الخارجين عن طاعتي المخالفين لأمري .

( قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي ) يقول: قومي على أثري يلحقون بي ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ) يقول وعجلت أنا فسبقتهم ربّ كيما ترضى عني.

وإنما قال الله تعالى ذكره لموسى: ما أعجلك عن قومك، لأنه جلّ ثناؤه، فيما بلغنا، حين نجاه وبني إسرائيل من فرعون وقومه، وقطع بهم البحر، وعدهم جانب الطور الأيمن، فتعجل موسى إلى ربه، وأقام هارون في بني إسرائيل يسير بهم على أثر موسى.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وعد الله موسى حين أهلك فرعون وقومه ونجاه وقومه، ثلاثين ليلة، ثم أتمها بعشر، فتمّ ميقات ربه أربعين ليلة، تلقاه فيها بما شاء، فاستخلف موسى هارون في بني إسرائيل، ومعه السامريّ، يسير بهم على أثر موسى ليلحقهم به، فلما كلم الله موسى، قال له ( مَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ).

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ) قال: لأرضيك.

المعاني :

فتـنـّـا قومك :       ابتليناهم أو أوقعناهم في فتنة معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[85] ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ غياب القدوات يؤثر في المجتمع.
وقفة
[85] ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ غياب الدعاة = ضياع الأمة.
وقفة
[85] ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ الفتنة باختصار اختبار كبير من الله لعباده؛ فمنهم من ينجح، ومنهم من يسقط سقوطًا مدويًا، وكل ناجح مقرب من الله.
وقفة
[85] ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ يتأثر المجتمع بغياب القدوات، لذلك يسعى الصهيوصليبي بقتل وتشويه القيادات والقدوات.
وقفة
[85] ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ غياب المعلِّم والمربي في ظل رواج الشبهات قد يتيح الفرصة للمنحرفين فكريًّا لإضلال من لم يرسخ ممن يتلقى عنه!
وقفة
[85] قد يؤثر فرد على عقيدة أمة إذا غُيب العقل ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾.
وقفة
[85] ﴿فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ غياب القدوات والمصلحين عن الساحة يشكِّل خطرًا على ثوابت المجتمع.
لمسة
[85] ﴿قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ (فَتَنَّا) (أضَلَّهُم) الله تعالى لا ينسب الشرّ لنفسه مطلقًا، لكن نسب الفتنة إليه سبحانه؛ لأنها ليست شرًا، وإنما هي ابتلاء، وهو من أغراض الخلق.
وقفة
[85] ﴿قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ غياب المعلم والمربي عند رواج الشبهات يتيح الفرصة للمنحرفين فكريًا لإضلال الأتباع والتلاميذ.
وقفة
[85] ﴿وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ تختلف الهيئة، ويختلف اللقب أو المسمى، لكن الثابت أن في كل زمان هنالك سامريّ، بينه وبين طريق الحق عداوة متأصلة.
عمل
[85] ﴿وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ فردٌ يؤثر على عقيدة الآلاف، لا تَتهَاونَ مع داعية الشرّ أو داعية البدعة، وإن كان فردًا واحدًا.
وقفة
[85] ﴿السَّامِرِيُّ﴾ مع وجود الدعاة الأقوياء يخرس المنافقون الخبثاء (لم يخرج السامري إلا بعد ذهاب موسى).
وقفة
[85] ﴿السَّامِرِيُّ﴾ من يقرأ قصة السامري يدرك فضل الصحابة على جميع الأجيال: فأصحاب موسى ارتدوا مع غيابه عليه السلام، وأصحاب محمد عليه السلام ثبتوا بعد وفاة صلي الله عليه وسلم، ولهذا فهم خير القرون بعد الأنبياء عليهم السلام, ولن تهتدي الأمة إلا بالرجوع لهديهم وسنتهم رضي الله عنهم.
وقفة
[85] ﴿السَّامِرِيُّ﴾ فتنة السامري لبني اسرائيل تحتاج لدراسة تربوية، مفاتيحها في الإجابة على هذه الاسئلة: كيف استطاع أن يضل القوم في مدة لم تتجاوز أربعين يومًا؟ لماذا اختار العجل من بين الحيوانات؟ لم آمن بنو اسرائيل بفتنته؟ هارون لِم لَمْ يقاتل السامري المشرك؟ من أين أتى السامري بفكرة الأوثان؟ ما حقيقة خوار العجل مع أنه جماد؟ وما هي الحجة التي استعملها السامري في إضلال موحدي أهل الكتاب؟ موسى لِم لَمْ يقتل السامري؟ لِم كانت عقوبة السامري الهجر (لا مساس)؟ من أين أتى بنو اسرائيل بالحلي وقد كانت الغنائم لا تحل لهم؟ من الذي قدم السامري حتى أصبح هو متولي أمر الحلي؟ أترك الأمر مفتوحًا للتدبر وإعمال العقل من خلال الآيات التي ذكرت بني إسرائيل وسنة الله في الأمم الماضية.
وقفة
[85، 86] ﴿وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ * فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا﴾ ما حزنوا يومًا لأجل ذواتهم، وما كان غضبهم لأنفسهم.
وقفة
[85، 86] لما قيل لموسى: ﴿قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾، توجه إلى قومه أولًا: ﴿يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾؟! ثم نائبه في غيابه: ﴿يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا﴾ [92]؟ ثم صاحب الفتنة: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ [95]؟ وإنما بدأ بهم في اللوم؛ لأن البالغ العاقل مسئول عن نفسه، فليس يعذره قوة الإغراء، ولا تيسر أسباب الشر فالتبعة عليه أولًا.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه والجملة بعده: في محل نصب مفعول قال.
  • ﴿ فَإِنّا:
  • الفاء زائدة. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «انّ».
  • ﴿ قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «إنّ» قد: حرف تحقيق.فتن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. قومك: مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. بمعنى: ابتلينا واختبرنا قومك بعبادة العجل.
  • ﴿ مِنْ بَعْدِكَ:
  • جار ومجرور متعلق بفتنا والكاف ضمير المخاطب في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ:
  • الواو عاطفة. أضل: فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. السامري: فاعل مرفوع بالضمة و «السامري» رجل منهم منسوب الى قبيلة السامرة وقيل: السامرة: قوم من اليهود يخالفونهم في بعض دينهم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     وبعد أن ردَّ موسى عليه السلام عن سببِ العجلة؛ أخبرَه اللهُ هنا بما حدثَ من قومه بعد أن فارقهم، مما كان يبعد أن يحدث لو كان معهم، فقد دعاهم السَّامِرِيُّ إلى عبادة العِجلِ، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وأضلهم:
1- فعلا ماضيا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- برفع اللام، مبتدأ، و «السامري» خبره، وهى قراءة أبى معاذ، وفرقة.

مدارسة الآية : [86] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ ..

التفسير :

[86] فرجع موسى إلى قومه غضبان عليهم حزيناً، وقال لهم:يا قوم ألم يَعِدْكم ربكم وعداً حسناً بإنزال التوراة؟أفطال عليكم العهد واستبطأتم الوعد، أم أردتم أن تفعلوا فعلاً يحل عليكم بسببه غضب من ربكم، فأخلفتم موعدي وعبدتم العجل، وتركتم الالتزام بأوامري؟

فلما رجع موسى إلى قومه وهو غضبان أسف، أي:ممتلئ غيظا وحنقا وغما، قال لهم موبخا ومقبحا لفعلهم:{ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا} وذلك بإنزال التوراة،{ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ} أي:المدة، فتطاولتم غيبتي وهي مدة قصيرة؟ هذا قول كثير من المفسرين، ويحتمل أن معناه:أفطال عليكم عهد النبوة والرسالة، فلم يكن لكم بالنبوة علم ولا أثر، واندرست آثارها، فلم تقفوا منها على خبر، فانمحت آثارها لبعد العهد بها، فعبدتم غير الله، لغلبة الجهل، وعدم العلم بآثار الرسالة؟ أي:ليس الأمر كذلك، بل النبوة بين أظهركم، والعلم قائم، والعذر غير مقبول؟ أم أردتم بفعلكم، أن يحل عليكم غضب من ربكم؟ أي:فتعرضتم لأسبابه واقتحمتم موجب عذابه، وهذا هو الواقع،{ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي} حين أمرتكم بالاستقامة، ووصيت بكم هارون، فلم ترقبوا غائبا، ولم تحترموا حاضرا.

وقوله- تعالى-: فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً بيان لما كان منه- عليه السلام- بعد أن علم بضلال قومه.

وكان رجوع موسى إليهم بعد أن ناجى ربه، وتلقى منه التوراة.

قال الآلوسى ما ملخصه: فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ عند رجوعه المعهود أى: بعد ما استوفى الأربعين «ذا القعدة وعشر ذي الحجة» وأخذ التوراة لا عقيب الإخبار المذكور، فسببية ما قبل الفاء لما بعدها إنما هي باعتبار قيد الرجوع المستفاد من قوله غَضْبانَ أَسِفاً لا باعتبار نفسه، وإن كانت داخلة عليه حقيقة، فإن كون الرجوع بعد تمام الأربعين أمر مقرر مشهور لا يذهب الوهم إلى كونه عند الإخبار المذكور ... » .

والمعنى فرجع موسى إلى قومه- بعد مناجاته لربه وبعد تلقيه التوراة حالة كونه غَضْبانَ أَسِفاً أى: غضبان شديد الغضب.

فالمراد بالأسف شدة الغضب، وقيل المراد به الحزن والجزع.

ثم بين- سبحانه- ما قاله موسى لقومه بعد رجوعه إليهم فقال: قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً ...

أى: قال لهم على سبيل الزجر والتوبيخ يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا لا سبيل لكم إلى إنكاره، ومن هذا الوعد الحسن: إنزال التوراة لهدايتكم وسعادتكم، وإهلاك عدوكم أمام أعينكم. فلماذا أعرضتهم عن عبادته وطاعته مع أنكم تعيشون في خيره ورزقه..؟.

ثم زاد في تأنيبهم وفي الإنكار عليهم فقال: أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي.

فالاستفهام في قوله أَفَطالَ.. للنفي والإنكار وأَمْ منقطعة بمعنى بل.

والمعنى: أفطال عليكم الزمان الذي فارقتكم فيه؟ لا إنه لم يطل حتى تنسوا ما أمرتكم به، بل إنكم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم، فأخلفتم موعدي الذي وعدتمونى إياه وهو أن تثبتوا على إخلاص العبادة لله- تعالى-.

ومعنى إرادتهم حلول الغضب عليهم، أنهم فعلوا ما يستوجب ذلك وهو طاعتهم للسامري في عبادتهم للعجل.

قال ابن جرير: كان إخلافهم موعده: عكوفهم على عبادة العجل، وتركهم السير على أثر موسى للموعد الذي كان الله وعدهم، وقولهم لهارون إذ نهاهم عن عبادة العجل ودعاهم إلى السير معه في أثر موسى: لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى .

وقال مجاهد : ( غضبان أسفا ) أي : جزعا . وقال قتادة ، والسدي : ( أسفا ) أي : حزينا على ما صنع قومه من بعده .

( قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ) أي : أما وعدكم على لساني كل خير في الدنيا والآخرة ، وحسن العاقبة كما شاهدتم من نصرته إياكم على عدوكم ، وإظهاركم عليه ، وغير ذلك من أياديه عندكم؟ ( أفطال عليكم العهد ) أي : في انتظار ما وعدكم الله . ونسيان ما سلف من نعمه ، وما بالعهد من قدم . ( أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم ) " أم " هاهنا بمعنى " بل " وهي للإضراب عن الكلام الأول ، وعدول إلى الثاني ، كأنه يقول : بل أردتم بصنيعكم هذا أن يحل عليكم غضب من ربكم ( فأخلفتم موعدي )

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)

يقول الله تعالى ذكره قال الله لموسى: فإنا يا موسى قد ابتلينا قومك من بعدك بعبادة العجل، وذلك كان فتنتهم من بعد موسى.

ويعني بقوله ( مِنْ بَعْدِكَ ) من بعد فراقك إياهم يقول الله تبارك وتعالى ( وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ) &; 18-350 &; وكان إضلال السامريّ إياهم دعاءه إياهم إلى عبادة العجل.

المعاني :

أَسِفًا :       حَزِينًا السراج
أسِفا :       حزينا أو شديد الغضب معاني القرآن
وَعْدًا حَسَنًا :       الوَعْدَ بِإِنْزَالِ التَّوْرَاةِ السراج
موعدي :       وعدكم لي بالثبات على ديني معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[86] ﴿فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا﴾ أي: بعد ما أخبره تعالى بذلك في غاية الغضب والحنق عليهم؛ هو فيما هو فيه من الاعتناء بأمرهم، وتسلم التوراة التي فيها شريعتهم، وهذا شرف لهم، وهم قوم قد عبدوا غير الله.
وقفة
[86] ﴿فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا﴾ في الآيات أصل في نفي أهل البدع والمعاصي وهجرانهم، وألا يُخَالَطوا.
وقفة
[86] ﴿فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا﴾ الابتسامة ليست هي الأجمل دائمًا في وجه الداعية، قد يكون التقطيب والانفعال هو الأجمل في بعض المواقف.
وقفة
[86] ﴿فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا﴾ أصعب وأمر شيء قد يواجهه القائد المصلح أن يبني ويرى اتباعه يهدمون، يرشد ويراهم يضلون، فكم مؤلم خذلانهم.
وقفة
[86] من صفات الأنبياء: الغضب والحزن على وقوع معصية أو ترك طاعة ﴿فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا﴾.
لمسة
[86] ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ استفهام إنكاري لما بدر منهم من تصرفات لا تأتي إلا بالسخط والغضب الإلهي، ولذلك فقد شبّه موسى عليه السلام حالهم في ارتكابهم أسباب حلول غضب الله عليهم بحال من يحب حلول غضب الله عليه، إذ الحب لا سبب له.
وقفة
[86] ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي﴾ قال ابن جرير: «كان إخلافهم موعده: عكوفهم على عبادة العجل، وتركهم السير على أثر موسي للموعد الذي كان الله وعدهم، وقولهم هارون إذ نهاهم عن عبادة العجل ودعاهم إلى السير معه في أثر موسی: ﴿لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ﴾ [92]».
تفاعل
[86] ﴿أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ استعذ بالله الآن من غضبه.

الإعراب :

  • ﴿ فَرَجَعَ مُوسى:
  • الفاء: استئنافية. رجع أي عاد: فعل ماض مبني على الفتح. موسى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ:
  • جار ومجرور متعلق برجع والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. غضبان: حال منصوب بالفتحة. ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-على وزن-فعلان-ولأن مؤنثه: غضبى.
  • ﴿ أَسِفاً:
  • حال ثانية منصوبة بالفتحة. بمعنى: حزينا أو غاضبا غضبا شديدا.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ يا قَوْمِ:
  • : أداة نداء. قوم: منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة اكتفاء بكسر ما قبلها منع من ظهورها أي الفتحة، حركة المناسبة والياء المحذوفة ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ:
  • الهمزة همزة تقرير بلفظ‍ استفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يعدكم: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه: سكون آخره والكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. ربكم: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. الكاف ضمير المخاطبين في محل جر مضاف اليه والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَعْداً حَسَناً:
  • مفعول مطلق-مصدر-منصوب بالفتحة. حسنا: صفة -نعت-لوعدا منصوبة مثلها بالفتحة بمعنى: ألم يعدكم ربكم باعطائكم التوراة. ويجوز أن يكون «الوعد الحسن» مفعول «يعدكم» بمعنى «: ألم يعدكم ربكم الجنة في حالة اطاعته سبحانه.
  • ﴿ أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ‍ استفهام. طال: فعل ماض مبني على الفتح. عليكم: جار ومجرور متعلق بطال والميم علامة جمع الذكور. العهد: فاعل مرفوع بالضمة. بمعنى: الزمان. أي مدة مفارقتي لكم. أو بتقدير تحقيق العهد بحذف الفاعل المضاف-تحقيق- واحلال المضاف إليه محله.
  • ﴿ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ:
  • أم: حرف عطف. وتسمى-المتصلة-لأنها مسبوقة باستفهام. أردتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير المخاطبين في محل رفع فاعل. والميم علامة جمع الذكور. أن: حرف مصدري ونصب والجملة الفعلية بعد «أن» صلة «أن» لا محل لها.
  • ﴿ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ:
  • فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. عليكم:أعربت.
  • ﴿ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. من ربّ: جار ومجرور للتعظيم متعلق بصفة محذوفة من «غضب» و «من» هنا بيانية. و «كم» أعربت و «أن» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به لأردتم.
  • ﴿ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي:
  • الفاء: سببية. أخلفتم تعرب إعراب «أردتم». موعدي: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء والياء ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة. بمعنى: فأخلفتم وعدكم إياي بالثبات على الايمان.'

المتشابهات :

الأعراف: 150﴿وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي
طه: 86﴿فَـ رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     ولَمَّا أخبرَ اللهُ عز و جل موسى عليه السلام أن السَّامِرِيَّ دعا قومه إلى عبادة العِجلِ؛ رجعَ موسى عليه السلام إلى قومِه غضبانَ يعِظُهم ويعاتبُهم، قال تعالى:
﴿ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [87] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا ..

التفسير :

[87] قالوا:يا موسى ما أخلفنا موعدك باختيارنا، ولكنَّا حُمِّلنا أثقالاً مِن حليِّ قوم فرعون، فألقيناها في حفرة فيها نار بأمر السامري، فكذلك ألقى السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل عليه السلام.

تفسير الآيتين 87 و88:ـ

أي:قالوا له:ما فعلنا الذي فعلنا عن تعمد منا، وملك منا لأنفسنا، ولكن السبب الداعي لذلك، أننا تأثمنا من زينة القوم التي عندنا، وكانوا فيما يذكرون استعاروا حليا كثيرا من القبط، فخرجوا وهو معهم وألقوه، وجمعوه حين ذهب موسى ليراجعوه فيه إذا رجع.

وكان السامري قد بصر يوم الغرق بأثر الرسول، فسولت له نفسه أن يأخذ قبضة من أثره، وأنه إذا ألقاها على شيء حيي، فتنة وامتحانا، فألقاها على ذلك العجل الذي صاغه بصورة عجل، فتحرك العجل، وصار له خوار وصوت، وقالوا:إن موسى ذهب يطلب ربه، وهو هاهنا فنسيه، وهذا من بلادتهم، وسخافة عقولهم، حيث رأوا هذا الغريب الذي صار له خوار، بعد أن كان جمادا، فظنوه إله الأرض والسماوات.

ثم حكى- سبحانه- معاذيرهم الواهية التي تدل على بلادة عقولهم، وانتكاس أفكارهم، وتفاهة شخصيتهم فقال- تعالى-: قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا ...

وقوله بِمَلْكِنا قرأه نافع وعاصم- بفتح الميم وسكون اللام- أى: بأمرنا. وقرأه حمزة والكسائي بِمَلْكِنا بكسر الميم وسكون اللام- أى: بطاقتنا: وقرأه الباقون- بضم الميم وسكون اللام- أى: بسلطاننا، وهو مصدر مضاف لفاعله ومفعوله محذوف، أى: بملكنا أمرنا.

أى: قال بنو إسرائيل لنبيهم موسى على سبيل الاعتذار الذي هو أقبح من ذنب:

ما أخلفنا موعدك فعبدنا العجل بأمرنا وطاقتنا واختيارنا، فقد كان الحال أكبر من أن يدخل تحت سلطاننا، ولو خلينا بيننا وبين أنفسنا ولم يسول لنا السامري ما سول لبقينا على العهد الذي عاهدناك عليه، وهو أن نعبد الله- تعالى- وحده.

وقوله: وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ حكاية لبقية ما قالوه من أعذر قبيحة.

ولفظ: «حملنا» قرأه ابن كثير وابن عامر وحفص عن عاصم- بضم الحاء وتشديد الميم- على أنه فعل ونائب فاعل، وقرأه الباقون- بفتح الحاء والميم- على أنه فعل وفاعل.

قال الآلوسى ما ملخصه: والمراد بالقوم: القبط، وبالأوزار: الأحمال وتسمى بها الآثام، وقصدوا بذلك ما استعاروه من القبط من الحلي في عيد لهم قبل الخروج من مصر، وقيل:

استعاروه باسم العرس. وقيل: هي ما ألقاه البحر على الساحل مما كان على الذين غرقوا وهم فرعون وجنوده فأخذ بنو إسرائيل ذلك على أنه غنيمة مع أنها غنيمة مع أنها لم تكن حلالا لهم .

أى: قال بنو إسرائيل لموسى: ما أخلفنا عهدك بأمرنا ولكنا حملنا أثقالا وأحمالا من زينة القبط التي أخذناها منهم بدون حق فَقَذَفْناها في النار بتوجيه من السامري، فَكَذلِكَ أى: فكما ألقينا ما معنا أَلْقَى السَّامِرِيُّ ما معه من تلك الزينة.

قال ابن كثير: وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنهم تورعوا عن زينة القبط، فألقوها عنهم، فعبدوا العجل، فتورعوا عن الحقير، وفعلوا الأمر الكبير.. .

ثم شرعوا يعتذرون بالعذر البارد ، يخبرونه عن تورعهم عما كان بأيديهم من حلي القبط الذي كانوا قد استعاروه منهم ، حين خرجوا من مصر ، ( فقذفناها ) أي : ألقيناها عنا . وقد تقدم في حديث " الفتون " أن هارون عليه السلام هو الذي كان أمرهم بإلقاء الحلي في حفرة فيها نار .

وفي رواية السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس : إنما أراد هارون أن يجتمع الحلي كله في تلك الحفيرة ويجعل حجرا واحدا . حتى إذا رجع موسى يرى فيه ما يشاء . ثم جاء [ بعد ] ذلك السامري فألقى عليها تلك القبضة التي أخذها من أثر الرسول ، وسأل هارون أن يدعو الله أن يستجيب له في دعوته ، فدعا له هارون - وهو لا يعلم ما يريد - فأجيب له فقال السامري عند ذلك : أسأل الله أن يكون عجلا . فكان عجلا له خوار ، أي : صوت ، استدراجا وإمهالا ومحنة واختبارا;

وقوله ( فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ ) يقول: فانصرف موسى إلى قومه من بني إسرائيل بعد انقضاء الأربعين ليلة ( غَضْبَانَ أَسِفًا ) متغيظا على قومه، حزينا لما أحدثوه بعده من الكفر بالله.

كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( غَضْبَانَ أَسِفًا ) يقول: حزينا، وقال في الزخرف فَلَمَّا آسَفُونَا يقول: أغضبونا، والأسف على وجهين: الغضب، والحزن.

حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي ( غَضْبَانَ أَسِفًا ) يقول: حزينا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ) : أي حزينا على ما صنع قومه من بعده.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (أسِفا) قال: حزينا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله ، وقوله ( قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ) يقول: ألم يعدكم ربكم أنه غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، ويعدكم جانب الطور الأيمن، وينـزل عليكم المنّ والسلوى، فذلك وعد الله الحسن بني إسرائيل الذي قال لهم موسى: ألم يعدكموه ربكم ، وقوله ( أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ ) يقول: أفطال عليكم العهد بي، وبجميل نعم الله عندكم، وأياديه لديكم، أم أردتم أن يحلّ عليكم غضب من ربكم: يقول: أم أردتم أن يجب عليكم غضب من ربكم فتستحقوه بعبادتكم العجل، وكفركم بالله، فأخلفتم موعدي. وكان إخلافهم موعده، عكوفهم على العجل، وتركهم السير على أثر موسى للموعد الذي كان الله وعدهم، وقولهم لهارون إذ نهاهم عن عبادة العجل، ودعاهم إلى السير معه في أثر موسى ( لَنْ &; 18-351 &; نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ).

المعاني :

بِمَلْكِنَا :       بِاخْتِيَارِنَا وَقُدْرَتِنَا السراج
بملكِنا :       بقدرتِنا و طاقتِنا معاني القرآن
أَوْزَارًا :       أَثْقَالًا السراج
أوْزارا :       أثقالا أو آثاما و تبـِعات معاني القرآن
مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ :       مِنْ حُلِيِّ قَوْمِ فِرْعَوْنَ السراج
من زينة القوم :       من حليّ قبط مصر معاني القرآن
فَقَذَفْنَاهَا :       أَلْقَيْنَاهَا فِي حُفْرَةٍ فِيهَا نَارٌ السراج

التدبر :

وقفة
[87] ﴿قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا﴾ حكى الله أعذارهم الواهية التي تدل على بلادة عقولهم، وانتكاس إيمانهم فقالوا: ما أخلفنا موعدك فعبدنا العجل بأمرنا واختيارنا، فلولا إغواء السامري ما عبدنا العجل، ولبقينا على العهد الذي عاهدناك عليه.
وقفة
[87] ﴿قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا﴾ التعلل بالضعف، والتهرب من التبعات، والتبرير الواهي للعمل الفاسد وإلقاء اللوم على الغير، وعدم تحمل المسئولية، وتعليق الأخطاء على شماعات الآخرين، كل هذه خصال فاسدة تعلمنا الآية أن تجتنبها.
وقفة
[87] ﴿قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ﴾ وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة: أنهم تورعوا عن زينة القبط؛ فألقوها عنهم، وعبدوا العجل؛ فتورعوا عن الحقير، وفعلوا الأمر الكبير.
وقفة
[87] ﴿وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ﴾ قال ابن كثير: «وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنهم تورعوا عن زينة القبط -كانوا استعاروها من القبط في عيد لهم قبل خروجهم من مصر-، فألقوها عنهم، فعبدوا العجل، فتورعوا عن الحقير، وفعلوا الأمر الكبير».
وقفة
[87] ﴿وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ﴾ استغلال العاطفة الإيمانية الساذجة! قال لهم في خبث بنبرة الناصح الشفيق: إن ما حملتموه من ذهب قوم فرعون إثم يجب عليكم التخلص منه، والتطهر من وزره، فاقذفوا هذه الزينة في النار.
وقفة
[87] ﴿أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا﴾ القوم هم قوم فرعون، فقد كانوا يستعيرون الحلية من بعضهم البعض، ولم يستطيعوا ردها لأهلها قبل الخروج، خوفًا أن ينكشف أمرهم.
وقفة
[87] ﴿فَقَذَفْنَاهَا﴾ القذف: هو الرمي بشدة، فكأنهم يريدون التخلص منها، ورغبتهم في الخلاص منها، كان مدخلًا للسامري عليهم، فأقنعهم أنهم لن يتخلصوا منها إلا بقذفها في نار العجل.
وقفة
[87] ﴿فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ﴾ (فقذفناها) في النار بتوجيه من السامري، (فكذلك) أي: فكما ألقينا ما معنا ألقى السامري ما معه من تلك الزينة.
وقفة
[87] ﴿فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ﴾ أي رماها بلطف، فطريقته مختلفة عن طريقتهم القذف.
وقفة
[87] ﴿فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ﴾ السامري اسمه أيضًا موسى السامري.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة والجملة بعدها في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ:
  • ما: نافية لا عمل لها. اخلف: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل رفع فاعل. موعدك: مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. أي ما فعلنا ذلك.
  • ﴿ بِمَلْكِنا:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من موعدك» و «نا» «ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: بملكنا أمرنا.
  • ﴿ وَلكِنّا:
  • الواو: استئنافية للاستدراك. لكنّ: حرف مشبه بالفعل. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم لكنّ.
  • ﴿ حُمِّلْنا أَوْزاراً:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «لكن».حمل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل. أوزارا: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى: حملنا أحمالا أي نقلنا أموالا.
  • ﴿ مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أوزارا» القوم:مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ فَقَذَفْناها:
  • الفاء: عاطفة. قذفنا: تعرب اعراب «أخلفنا» و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به بمعنى فألقيناها في النار. أو في نار السامري التي أوقدها في الحفرة.
  • ﴿ فَكَذلِكَ:
  • الفاء: عاطفة. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب نائب عن المصدر-المفعول المطلق-أو صفة-نعت-للمصدر المقدر أي بمعنى: أراهم أنه يلقي حليا في يده القاء مثل القائهم و «ذا» اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.
  • ﴿ أَلْقَى السّامِرِيُّ:
  • فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر.السامري: فاعل مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     لما عاتبَ موسى عليه السلام قومه؛ ردوا عليه هنا بأعذار واهية تدل على بلادة عقولهم، وتفاهة شخصيتهم، قال تعالى:
﴿ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بملكنا:
قرئ:
1- بضم الميم، وهى قراءة الأخوين، والحسن، والأعمش، وطلحة، وابن أبى ليلى، وقعنب.
2- بفتحها، وهى قراءة زيد بن على، ونافع، وعاصم، وأبى جعفر، وشيبة، وابن سعدان.
3- بكسرها، وهى قراءة باقى السبعة.
4- بفتح الميم واللام، وهى قراءة عمر.
حملنا:
قرئ:
1- بفتح الحاء والميم، وهى قراءة الأخوين، وأبى عمرو، وابن محيصن.
2- بضم الحاء وكسر الميم، محففة، وهى قراءة أبى رجاء.
3- بضم الحاء وكسر الميم، مشددة، وهى قراءة باقى السبعة، وأبى جعفر، وشيبة، وحميد، ويعقوب.

البحث بالسورة

البحث في المصحف