ترتيب المصحف | 20 | ترتيب النزول | 45 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 9.70 |
عدد الآيات | 135 | عدد الأجزاء | 0.50 |
عدد الأحزاب | 1.00 | عدد الأرباع | 4.00 |
ترتيب الطول | 19 | تبدأ في الجزء | 16 |
تنتهي في الجزء | 16 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 11/29 | طه: 1/1 |
المبارزةُ بين السَّحَرةِ وموسى، خيَّرُوه بين بدئِه بالإلقاءِ وبدئِهم بِه أدبًا منهُم، فقابلَهم بمِثلِه، فلمَّا ألقى موسى عصاه انقلبتْ حيةً وابتلعتْ ما صنعُوه، فآمَنُوا فتوعَّدَهم فرعونُ.
قريبًا إن شاء الله
لم يتراجعْ السحرةُ عن إيمانِهم بالرغمِ من شدَّةِ التَّهديدِ، واستَمَرُّوا في وعظِ فرعونَ وغيرِه، ثُمَّ حَذَّرَ اللهُ من عذابِه، ورَغَّبَ في جنَّتِه.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
فلما تمت مكيدتهم، وانحصر مقصدهم، ولم يبق إلا العمل{ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ} عصاك{ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} خيروه، موهمين أنهم على جزم من ظهورهم عليه بأي:حالة كانت
وحانت ساعة المبارزة والمنازلة. فتقدم السحرة نحو موسى- عليه السلام- وقالوا له- كما حكى القرآن عنهم-:.. يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى.
والإلقاء في الأصل: طرح الشيء، ومفعول «تلقى» محذوف للعلم به، والمراد به العصا.
أى قال السحرة لموسى على سبيل التخيير الذي يبدو فيه التحدي والتلويح بالقوة:
يا موسى إما أن تلقى أنت عصاك قبلنا، وإما أن تتركنا لنلقى حبالنا وعصينا قبلك.
قال الآلوسى: خيروه- عليه السلام- وقدموه على أنفسهم إظهارا للثقة بأمرهم.
وقيل. مراعاة للأدب معه- عليه السلام-. و «أن» مع ما في حيزها منصوب بفعل مضمر. أى، إما تختار إلقاءك أو تختار كوننا أول من ألقى. أو مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف.
أى: «الأمر إما إلقاؤك أو كوننا أول من ألقى..».
يقول تعالى مخبرا عن السحرة حين توافقوا هم وموسى ، عليه السلام ، أنهم قالوا لموسى : ( إما أن تلقي ) أي : أنت أولا ( إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى)
القول في تأويل قوله تعالى : فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)
اختلفت القراء في قراءة قوله ( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة ( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) بهمز الألف من (فأجْمِعُوا) ، ووجِّهوا معنى ذلك إلى: فأحكموا كيدكم، واعزموا عليه، من قولهم: أجمع فلان الخروج، وأجمع &; 18-333 &; على الخروج، كما يقال: أزمع عليه، ومنه قول الشاعر:
يـا لَيـت شِـعْرِي والمُنـى لا تَنْفَـعُ
هَـلْ أغْـدُونْ يوْمـا وأمْـرِي مُجْـمعُ (7)
يعني بقوله: " مجمع "; قد أحكم وعزم عليه، ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لمْ يُجْمَعْ عَلى الصَّوْمِ مِن اللَّيْلِ فَلا صَوْم لَهُ".
وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة: ( فاجْمِعُوا كَيْدكُمْ) بوصل الألف، وترك همزها، من جمعت الشيء، كأنه وجَّهه إلى معنى: فلا تدعَوا من كيدكم شيئا إلا جئتم به. وكان بعض قارئي هذه القراءة يعتلّ فيما ذُكر لي لقراءته ذلك كذلك بقوله فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ..
قال أبو جعفر: والصواب في قراءة ذلك عندنا همز الألف من أجمع، لإجماع الحجة من القرّاء عليه، وأن السحرة هم الذين كانوا به معروفين، فلا وجه لأن يقال لهم: أجمعوا ما دعيتم له مما أنتم به عالمون، لأن المرء إنما يجمع ما لم يكن عنده إلى ما عنده، ولم يكن ذلك يوم تزيد في علمهم بما كانوا يعملونه من السحر، بل كان يوم إظهاره، أو كان متفرّقا مما هو عنده، بعضه إلى بعض، ولم يكن السحر متفرّقا عندهم فيجمعونه ، وأما قوله فَجَمَعَ كَيْدَهُ فغير شبيه المعنى بقوله ( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) وذلك أن فرعون كان هو الذي يجمع ويحتفل بما يغلب به موسى مما لم يكن عنده مجتمعا حاضرا، فقيل: فتولى فرعون فجمع كيده.
وقوله ( ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ) يقول: احضروا وجيئوا صفا، والصفّ هاهنا مصدر، ولذلك وحد، ومعناه: ثم ائتوا صفوفا، وللصفّ في كلام العرب موضع آخر، وهو قول العرب: أتيت الصفّ اليوم، يعني به المصلى الذي يصلي فيه.
وقوله ( وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ) يقول: قد ظفر بحاجته اليوم من علا على صاحبه فقهره.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حُدثت عن وهب بن منبه، قال: جمع فرعون الناس لذلك الجمع، ثم أمر السحرة فقال ( ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ) أي قد أفلح من أفلج اليوم على صاحبه.
------------------------
الهوامش :
(7) البيت في ( اللسان : جمع ) ولم ينسبه قال وجمع أمره وأجمع عليه : عزم عليه ، كأنه جمع نفسه له ، والأمر مجمع . ويقال أيضا . أجمع أمرك ولا تدعه منتشرا وقال آخر " يا ليت شعري . . . البيت " وقوله تعالى : " فأجمعوا أمركم وشركاءكم " أي وادعوا شركاءكم قال وكذلك هي في قراءة عبد الله ؛ لأنه لا يقال أجمعت شركائي ، إنما يقال جمعت ، وقال الفراء الإجماع : الإعداد والعزيمة على الأمر قال ونصب شركائي بفعل مضمر ، كأنك قلت فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم قال أبو إسحاق الذي قاله الفراء غلط في إضماره " وادعوا شركاءكم " . لأن الكلام لا فائدة له . لأنهم كانوا يدعون شركاءهم لأن يجمعوا أمرهم . قال والمعنى فأجمعوا أمركم مع شركاءكم ، وإذا كان الدعاء لغير شيء فلا فائدة فيه قالوا والواو بمعنى مع . كقولك " لو يركب الناقة وفصيلها لرضعها " المعنى لو يركب الناقة مع فصيلها قال ومن قرأ " فأجمعوا أمركم وشركاءكم " بألف موصولة فإنه يعطف شركاءكم على أمركم قال ويجوز فأجمعوا أمركم مع شركائكم .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 115 | ﴿ قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ |
---|
طه: 65 | ﴿ قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فقال لهم موسى:{ بَلْ أَلْقُوا} فألقوا حبالهم وعصيهم،{ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ} أي:إلى موسى{ مِنْ سِحْرِهِمْ} البليغ{ أَنَّهَا تَسْعَى} أي:أنها حيات تسعى فلما خيل إلى موسى ذلك.
ثم حكى القرآن بعد ذلك أن موسى- عليه السلام- ترك فرصة البدء لهم، واستبقى لنفسه الجولة الأخيرة، فقال- تعالى-: قالَ بَلْ أَلْقُوا، فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى. والتخيل: هو إبداء أمر لا حقيقة له. ومنه الخيال، وهو الطيف الطارق في النوم.
أى: قال موسى- عليه السلام- للسحرة في الرد على تخييرهم له، ابدءوا أنتم بإلقاء ما معكم من حبال وعصى.
والفاء في قوله: فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ ... فصيحة وهي معطوفة على كلام محذوف، وإذا هي الفجائية.
أى: قال لهم موسى بل ألقوا أنتم أولا، فامتثلوا أمره وألقوا ما معهم، فإذا حبالهم وعصيهم التي طرحوها، جعلت موسى- لشدة اهتزازها واضطرابها- يخيل إليه من شدة سحرهم، أن هذه الحبال والعصى حيات تسعى على بطونها.
قال ابن كثير: وذلك أنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتحرك بسببه وتضطرب وتميد، بحيث يخيل للناظر أنها تسعى باختيارها، وإنما كانت حيلة، وكانوا جمّا غفيرا، وجمعا كبيرا- أى السحرة- فألقى كل منهم عصا وحبلا حتى صار الوادي ملآن حيات، يركب بعضها بعضا.. .
أي : أنتم أولا ليرى ماذا تصنعون من السحر ، وليظهر للناس جلية أمرهم ، ( فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ) . وفي الآية الأخرى أنهم لما ألقوا ( وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ) [ الشعراء : 44 ] وقال تعالى : ( سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم ) [ الأعراف : 116 ] ، وقال هاهنا ( فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ) .
وذلك أنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتحرك بسببه وتضطرب وتميد ، بحيث يخيل للناظر أنها تسعى باختيارها ، وإنما كانت حيلة ، وكانوا جما غفيرا وجمعا كبيرا فألقى كل منهم عصا وحبلا حتى صار الوادي ملآن حيات يركب بعضها بعضا .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65)
يقول تعالى ذكره: فأجمعت السحرة كيدهم، ثم أتوا صفا فقالوا لموسى ( يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ) وترك ذكر ذلك من الكلام اكتفاء بدلالة الكلام عليه.
واختلف في مبلغ عدد السحرة الذين أتوا يومئذ صفا، فقال بعضهم: كانوا سبعين ألف ساحر، مع كل ساحر منهم حبل وعصا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن هشام الدستوائي، قال: ثنا القاسم بن أبي بزّة، قال: جمع فرعون سبعين ألف ساحر، فألقوا سبعين ألف حبل، وسبعين ألف عصا، فألقى موسى عصاه، فإذا هي ثعبان مبين فاغر به فاه، فابتلع حبالهم وعصيهم فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا عند ذلك، فما رفعوا رءوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلهما، فعند ذلك قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ .
وقال آخرون: بل كانوا نيفا وثلاثين ألف رجل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا) ، فألقوا حبالهم وعصيهم، وكانوا بضعة وثلاثين ألف رجل ليس منهم رجل إلا ومعه حبل وعصا.
وقال آخرون بل كانوا خمسة عشر ألفا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثت عن وهب بن منبه، قال: صف خمسة عشر ألف ساحر، مع كل ساحر حباله وعصيه.
وقال آخرون: كانوا تسع مئة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: كان السحرة ثلاث مئة من العريش، وثلاث مئة من فيوم، ويشكون في ثلاث مئة من الإسكندرية، فقالوا لموسى: إما أن تلقي ما معك قبلنا، وإما أن نلقي ما معنا قبلك، وذلك لقوله ( وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ) وأن في قوله (إمَّا أنْ ) في موضع نصب، وذلك أن معنى الكلام: اختر يا موسى أحد هذين الأمرين: إما أن تلقي قبلنا، وإما أن نكون أوّل من ألقى، ولو قال قائل: هو رفع، كان مذهبا، كأنه وجَّهه إلى أنه خبر، كقول القائل:
فَسِــيرَا فإمَّــا حاجَـةً تَقْضِيانهـا
وإمَّــا مَقِيــل صَــالِحٌ وصَـدِيقُ (1)
---------------
الهوامش:
(1) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( مصورة الجامعة ، الورقة 198) قال : وقوله " إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى " . . أن وأن : في موضع نصب ، والمعنى : اختر إحدى هاتين ؛ ولو رفع إذ لم يظهر الفعل ، كان صوابا ، كأنه خبر ، كقول الشاعر : فسيرا . . . البيت " . ولو رفع " فإما منا بعد وإما فداء " كان أيضا صوابا . ومذهبه كمذهب قوله : " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " والنصب في قوله " إما أن تلقي " وفي قوله " فإما منا بعد وإما فداء " : أجود من الرفع ، لأنه شيء ليس بعام ، مثل ما ترى من معنى قوله " فإمساك " و " فصيام ثلاثة أيام " لما كان المعنى يعم الناس في الإمساك بالمعروف في صيام الثلاثة الأيام في كفارة اليمين ، كان الجزاء ، فرفع لذلك ، والاختيار إنما هي فعلة واحدة .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
عصيهم:
وقرئ:
بضم العين، وهو الأصل، لأن الكسر إتباع لحركة الصاد، وحركة الصاد لأجل الياء، وهى قراءة الحسن، وعيسى.
يخيل:
وقرئ:
1- تخيل، بالتاء، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الزهري، والحسن، وعيسى، وأبى حيوة، وقتادة، والجحدري، وروح، والوليد، وابن ذكوان.
2- تخيل، بفتح التاء، أي: تتخيل، وهى قراءة أبى السمال.
التفسير :
{ أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} كما هو مقتضى الطبيعة البشرية، وإلا فهو جازم بوعد الله ونصره.
ويبدو أن فعل السحرة هذا، قد أثر في موسى- عليه السلام- بدليل قوله- تعالى-:
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى.
والإيجاس: الإخفاء والإضمار، والخيفة: الخوف. أى فأخفى موسى- عليه السلام- في نفسه شيئا من الخوف، حين رأى حبال السحرة وعصيهم كأنها حيات تسعى على بطونها، وخوفه هذا حدث له بمقتضى الطبيعة البشرية عند ما رأى هذا الأمر الهائل من السحر، وبمقتضى أن يؤثر هذا السحر في نفوس الناس فيصرفهم عما سيفعله.
وقوله : ( فأوجس في نفسه خيفة موسى ) أي خاف على الناس أن يفتتنوا بسحرهم ويغتروا بهم قبل أن يلقي ما في يمينه ، فأوحى الله تعالى إليه في الساعة الراهنة أن ( وألق ما في يمينك ) يعني : عصاه ، فإذا هي ( تلقف ما صنعوا ) وذلك أنها صارت تنينا عظيما هائلا ذا عيون وقوائم وعنق ورأس وأضراس ، فجعلت تتبع تلك الحبال والعصي حتى لم تبق منها شيئا إلا تلقفته وابتلعته ، والسحرة والناس ينظرون إلى ذلك عيانا جهرة ، نهارا ضحوة . فقامت المعجزة ، واتضح البرهان ، وبطل ما كانوا يعملون
وقوله ( قَالَ بَلْ أَلْقُوا ) يقول تعالى ذكره: قال موسى للسحرة: بل ألقوا أنتم ما معكم قبلي. وقوله ( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) ، وفي هذا الكلام متروك، وهو: فألقوا ما معهم من الحبال والعصيّ، فإذا حبالهم، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام الذي ذكر عليه عنه ، وذُكر أن السحرة سحروا عين موسى وأعين الناس قبل أن يلقوا حبالهم وعصيهم، فخيل حينئذ إلى موسى أنها تسعى.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حُدثت عن وهب بن منبه، قال: قالوا يا موسى، ( إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا ) فكان أول ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون، ثم أبصار الناس بعد، ثم ألقى كلّ رجل منهم ما في يده من العصي والحبال، فإذا هي حيات كأمثال الحبال، قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضا.
واختلفت القراء في قراءة قوله ( يُخَيَّلُ إِلَيْهِ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار ( يُخَيَّلُ إِلَيْهِ ) بالياء بمعنى: يخيل إليهم سعيها، وإذا قرئ ذلك كذلك، كانت " أن " في موضع رفع ، ورُوي عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه: ( تُخَيَّلُ) بالتاء، بمعنى: تخيل حبالهم وعصيهم بأنها تسعى، ومن قرأ ذلك كذلك، كانت " أن " في موضع نصب لتعلق تخيل بها، وقد ذُكر عن بعضهم أنه كان يقرؤه: ( تُخَيَّلُ إلَيْه) بمعنى: تتخيل إليه، وإذا قرئ ذلك كذلك أيضا ف " أن " في موضع نصب بمعنى: تتخيل بالسعي لهم.
والقراءة التي لا يجوز عندي في ذلك غيرها( يُخَيَّل ) بالياء، لإجماع الحجة من القراء عليه.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ قُلْنَا} له تثبيتا وتطمينا:{ لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} عليهم، أي:ستعلو عليهم وتقهرهم، ويذلوا لك ويخضعوا.
وهنا ثبته الله- تعالى- وقواه، وأوحى إليه- سبحانه- بقوله: قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى.
أى: قلنا له عند ما أوجس في نفسه خيفة من فعل السحرة: لا تخف يا موسى مما فعلوه، إنك أنت الأعلى عليهم بالغلبة والظفر. أنت الأعلى لأن معك الحق ومعهم الباطل.
وقد أكد الله- تعالى- هذه البشارة لموسى بجملة من المؤكدات أحدها: إن المؤكدة،وثانيها: تكرير الضمير وثالثها: التعبير بالعلو المفيد للاستعلاء عليهم.
القول في تأويل قوله تعالى : فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67)
يعني تعالى ذكره بقوله: فأوجس في نفسه خوفا موسى فوجده.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ} أي:عصاك{ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} أي:كيدهم ومكرهم، ليس بمثمر لهم ولا ناجح، فإنه من كيد السحرة، الذين يموهون على الناس، ويلبسون الباطل، ويخيلون أنهم على الحق، فألقى موسى عصاه، فتلقفت ما صنعوا كله وأكلته، والناس ينظرون لذلك الصنيع، فعلم السحرة علما يقينا أن هذا ليس بسحر، وأنه من الله، فبادروا للإيمان.
وقوله- سبحانه-: وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا.. زيادة في تشجيعه وتثبيته.
وتلقف من اللقف بمعنى الأخذ للشيء بسرعة وخفة. يقال: لقف فلان يلقفه لقفا ولقفانا، إذا تناوله بسرعة وحذق باليد أو الفم.
وفي هذه الكلمات ثلاث قراءات سبعية، أحدها: «تلقّف» بتاء مفتوحة مخففة، بعدها لام مفتوحة، ثم قاف مشددة وفاء ساكنة، وأصل الفعل تتلقف، فحذفت إحداهما تخفيفا، وهو مجزوم في جواب الأمر وهو أَلْقِ.
وثانيها: تَلْقَفْ كالقراءة السابقة مع ضم الفاء، على أن الفعل خبر لمبتدأ محذوف.
أى: وألق ما في يمينك فهي تلقف ما صنعوا.
وثالثها: تَلْقَفْ بفتح التاء وسكون اللام وفتح القاف المخففة وجزم الفعل كالقراءة الأولى.
والمراد بما في يمينه عصاه، كما جاء ذلك صريحا في آيات أخرى منها قوله- تعالى-:
فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ.
وعبر عنها بقوله: ما فِي يَمِينِكَ على سبيل التهويل من شأنها، أو لتذكيره بما شاهده منها بعد أن قال الله- تعالى- له قبل ذلك وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى.. قالَ أَلْقِها يا مُوسى، فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى....
والمعنى: وألق يا موسى ما في يمينك تبتلع كل ما صنعه السحرة من تمويه وتزوير وتخييل، جعل الناس يتوهمون أن حبالهم وعصيهم تسعى.
قال ابن كثير: وذلك أنها صارت تنينا هائلا- أى حية عظيمة- ذا عيون وقوائم وعنق ورأس وأضراس، فجعلت تتبع تلك الحبال والعصى حتى لم تبق منها شيئا إلا تلقفته وابتلعته، والسحرة والناس ينظرون إلى ذلك عيانا جهارا نهارا.. فقامت المعجزة، واتضح البرهان، وبطل ما كانوا يعملون .
وقوله: إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ تعليل لقوله تَلْقَفْ ما صَنَعُوا وما موصولة وهي اسم إن، وكَيْدُ خبرها، والعائد محذوف.
والتقدير: وألق يا موسى عصاك تلقف ما صنعوه، فإن الذي صنعوه إنما هو كيد من جنس كيد السحرة وصنعهم وتمويههم.
وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ أى ولا يفوز هذا الجنس من الناس حَيْثُ أَتى أى: حيث كان فحيث ظرف مكان أريد به التعميم.
أى: أن الساحر لا يفلح ولا يفوز أينما كان، وحيثما أقبل، وأنّى اتجه، لأنه يصنع للناس التخييل والتمويه والتزوير والتزييف للحقائق.
قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: لم وحد ساحر ولم يجمع؟ قلت: لأن القصد في هذا الكلام إلى معنى الجنسية، لا إلى معنى العدد. فلو جمع لخيل أن المقصود هو العدد .
ولهذا قال تعالى : ( إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ) .
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن موسى الشيباني حدثنا حماد بن خالد ، حدثنا ابن معاذ - أحسبه الصائغ - عن الحسن ، عن جندب بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أخذتم - يعني الساحر - فاقتلوه " ثم قرأ : ( ولا يفلح الساحر حيث أتى ) قال : " لا يؤمن به حيث وجد .
وقد روى أصله الترمذي موقوفا ومرفوعا .
فلما عاين السحرة ذلك وشاهدوه ، ولهم خبرة بفنون السحر وطرقه ووجوهه ، علموا علم اليقين أن هذا الذي فعله موسى ليس من قبيل السحر والحيل ، وأنه حق لا مرية فيه ، ولا يقدر على هذا إلا الذي يقول للشيء كن فيكون ، فعند ذلك وقعوا سجدا لله وقالوا : ( آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) [ الشعراء : 47 ، 48 ] .
ولهذا قال ابن عباس ، وعبيد بن عمير : كانوا أول النهار سحرة ، وفي آخر النهار شهداء بررة .
قال محمد بن كعب : كانوا ثمانين ألفا ، وقال القاسم بن أبي بزة : كانوا سبعين ألفا .
وقال السدي : بضعة وثلاثين ألفا .
وقال الثوري : عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي ثمامة : كان سحرة فرعون تسعة عشر ألفا .
وقال محمد بن إسحاق : كانوا خمسة عشر ألفا .
وقال كعب الأحبار كانوا اثني عشر ألفا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن علي بن حمزة ، حدثنا علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كانت السحرة سبعين رجلا أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا المسيب بن واضح بمكة ، حدثنا ابن المبارك قال : قال الأوزاعي : لما خر السحرة سجدا رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها .
وقوله ( قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى ) يقول تعالى ذكره: قلنا لموسى إذ أوجس في نفسه خيفة ( لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى ) على هؤلاء السحرة، وعلى فرعون وجنده، والقاهر لهم .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 117 | ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ |
---|
الشعراء: 45 | ﴿فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ |
---|
طه: 69 | ﴿وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تلقف:
1- بفتح اللام، وتشديد القاف مجزوما على جواب الأمر، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح اللام، وتشديد القاف والرفع على الاستئناف أو على الحال، وهى قراءة ابن عامر.
3- بإسكان اللام والفاء وتخفيف القاف، وهى قراءة أبى جعفر، وحفص، وعصمة، عن عاصم.
كيد:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنصب، وهى قراءة مجاهد، وحميد، وزيد بن على.
ساحر:
1- اسم فاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- سحر، بكسر السين وإسكان الحاء، بمعنى: ذى سحر، وهى قراءة أبى بحرية، والأعمش، وطلحة، وابن أبى ليلى، وخلف، فى اختياره، وابن عيسى الأصبهانى، وابن جبير الأنطاكى، وابن جرير، وحمزة، والكسائي.
التفسير :
فوقع الحق وظهر وسطع، وبطل السحر والمكر والكيد، في ذلك المجمع العظيم.
ثم كانت بعد ذلك المفاجأة الكبرى فقد آمن السحرة حين رأوا ما رأوا بعد أن ألقى موسى ما في يمينه، قال- تعالى-: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى.
قال الآلوسى: «والفاء في قوله فَأُلْقِيَ ... فصيحة معربة عن جمل غنية عن التصريح» .
أى: فزال الخوف، وألقى موسى ما في يمينه، وصارت حية، وتلقفت حبالهم وعصيهم، وعلم السحرة أن ذلك معجزة، فخروا سجدا لله على وجوههم قائلين آمنا برب هارون وموسى.. .
والحق أن التعبير بقوله- تعالى-: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً.. يدل على قوة البرهان الذي عاينوه، حتى لكأنهم أمسكهم إنسان وألقاهم ساجدين بالقوة لعظم المعجزة التي عاينوها، وأطلق- سبحانه- عليهم اسم السحرة في حال سجودهم له- تعالى- وإيمانهم به، نظرا إلى حالهم الماضية.
وهكذا النفوس النقية عند ما يتبين لها الحق، لا تلبث أن تفيء إليه، وتستجيب لأهله. قال الكرخي: خروا ساجدين لله لأنهم كانوا في أعلى طبقات السحر، فلما رأوا ما فعله موسى خارجا عن صناعتهم، عرفوا أنه ليس من السحر ألبتة .
وقال صاحب الكشاف: «ما أعجب أمرهم، قد ألقوا حبالهم وعصيهم للكفر والجحود.
ثم ألقوا رءوسهم بعد ساعة للشكر والسجود. فما أعظم الفرق بين الإلقاءين» .
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما توعد فرعون به السحرة، وموقفهم من هذا الوعيد فقال- تعالى-:
قال : وذكر عن سعيد بن سلام : حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن سليمان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير قوله : ( فألقي السحرة سجدا ) قال : رأوا منازلهم تبنى لهم وهم في سجودهم . وكذا قال عكرمة والقاسم بن أبي بزة .
( وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ) يقول: وألق عصاك تبتلع حبالهم وعصيهم التي سحروها حتى خيل إليك أنها تسعى.
وقوله ( إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ) اختلفت القرّاء في قراءة قوله، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة ( إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ) برفع كيد وبالألف في ساحر بمعنى: إن الذي صنعه هؤلاء السحرة كيد من ساحر. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ) برفع الكيد وبغير الألف في السحر بمعنى إن الذي صنعوه كيد سحر.
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، وذلك أن الكيد هو المكر والخدعة، فالساحر مكره وخدعته من سحر يسحر، ومكر السحر وخدعته: تخيله إلى المسحور، على خلاف ما هو به في حقيقته، فالساحر كائد بالسحر، والسحر كائد بالتخييل، فإلى أيهما أضفت الكيد فهو صواب، وقد ذُكر عن بعضهم أنه قرأ ( كَيْدَ سِحْرٍ) بنصب كيد ، ومن قرأ ذلك كذلك، جعل إنما حرفا واحدا وأعمل صنعوا في كيد.
قال أبو جعفر: وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها لإجماع الحجة من القرّاء على خلافها.
وقوله ( وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) يقول: ولا يظفر الساحر بسحره بما طلب أين كان. وقد ذكر عن بعضهم أنه كان يقول: معنى ذلك: أن الساحر يُقتل حيث وُجد. وذكر بعض نحويي البصرة، أن ذلك في حرف ابن مسعود ( ولا يُفْلِحُ السَّاحِرُ أيْنَ أتَى) وقال: العرب تقول: جئتك من حيث لا تعلم، ومن أين لا تعلم، وقال غيره من أهل العربية الأول: جزاء يقتل الساحر حيث أتى وأين أتى وقال: وأما قول العرب: جئتك من حيث لا تعلم، ومن أين لا تعلم، فإنما هو جواب لم يفهم، فاستفهم كما قالوا: أين الماء والعشب.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 120 | ﴿ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴾ |
---|
الشعراء: 46 | ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ﴾ |
---|
طه: 70 | ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فصارت بينة ورحمة للمؤمنين، وحجة على المعاندين فـ{ قَالَ} فرعون للسحرة:{ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} أي:كيف أقدمتم على الإيمان من دون مراجعة مني ولا إذن؟
استغرب ذلك منهم، لأدبهم معه، وذلهم، وانقيادهم له في كل أمر من أمورهم، وجعل هذا من ذاك.
ثم استلج فرعون في كفره وطغيانه بعد هذا البرهان، واستخف عقول قومه، وأظهر لهم أن هذه الغلبة من موسى للسحرة، ليس لأن الذي معه الحق، بل لأنه تمالأ هو والسحرة، ومكروا، ودبروا أن يخرجوا فرعون وقومه من بلادهم، فقبل قومه هذا المكر منه، وظنوه صدقا{ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} مع أن هذه المقالة التي قالها، لا تدخل عقل من له أدنى مسكة من عقل ومعرفة بالواقع، فإن موسى أتى من مدين وحيدا، وحين أتى لم يجتمع بأحد من السحرة ولا غيرهم، بل بادر إلى دعوة فرعون وقومه، وأراهم الآيات، فأراد فرعون أن يعارض ما جاء به موسى فسعى ما أمكنه، وأرسل في مدائنه من يجمع له كل ساحر عليم.
فجاءوا إليه، ووعدهم الأجر والمنزلة عند الغلبة، وهم حرصوا غاية الحرص، وكادوا أشد الكيد، على غلبتهم لموسى، وكان منهم ما كان، فهل يمكن أن يتصور مع هذا أن يكونوا دبروا هم وموسى واتفقوا على ما صدر؟ هذا من أمحل المحال، ثم توعد فرعون السحرة فقال:{ فلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ}
كما يفعل بالمحارب الساعي بالفساد، يقطع يده اليمنى، ورجله اليسرى،{ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} أي:لأجل أن تشتهروا وتختزوا،{ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} يعني بزعمه هو أو الله، وأنه أشد عذابا من الله وأبقى، قلبا للحقائق، وترهيبا لمن لا عقل له.
أى: قال فرعون للسحرة بعد أن شاهدهم وقد خروا لله- تعالى- ساجدين: آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ أى: هل آمنتم لموسى وصدقتموه في دعوته وانقدتم له، قبل أن أعطيكم الإذن بذلك. فالاستفهام للتقريع والتهديد.
إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ أى: أن موسى الذي انقدتم له لهو كبيركم وشيخكم الذي علمكم فنون السحر، فأنتم تواطأتم معه. وآمنتم به لأنكم من أتباعه.
وغرضه من هذا القول صرف الناس عن التأسى بهم، وعن الإيمان بالحق الذي آمن به السحرة والظهور أمام قومه بمظهر الثبات والتماسك بعد أن استبد به وبهم الخوف والهلع، من هول ما رأوه.
ثم أضاف إلى قوله هذا تهديدا أشد فقال: فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ، وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ.
أى: فو الله لأقطعن أيديكم اليمنى- مثلا- مع أرجلكم اليسرى، ولأصلبنكم على جذوع النخل، لتكونوا عبرة لغيركم ممن تسول له نفسه أن يفعل فعلكم.
فالمراد من قوله «من خلاف» أى: من الجهة المخالفة أو من الجانب بأن يقطع اليد اليمنى ومعها الرجل اليسرى، لأن ذلك أشد على الإنسان من قطعهما من جهة واحدة إذ قطعهما من جهة واحدة يبقى عنده شيء كامل صحيح، بخلاف قطعهما من جهتين مختلفتين فإنه إفساد للجانبين.
واختار أن يصلبهم في جذوع النخل، لأن هذه الجذوع أخشن من غيرها والتصليب عليها أشق من التصليب على غيرها، وأظهر للرائى لعلوها عن سواها. فهو لطغيانه وفجوره اختار أقسى ألوان العذاب ليصبها على هؤلاء المؤمنين.
قال الجمل: قوله: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ يحتمل أن يكون حقيقة. وفي التفسير أنه نقر جذوع النخل حتى جوفها ووضعهم فيها فماتوا جوعا وعطشا.
ويحتمل أن يكون مجازا وله وجهان: أحدهما: أنه وضع حرفا مكان آخر، والأصل على جذوع النخل، والثاني: أنه شبه تمكنهم بتمكن من حواه الجذع واشتمل عليه.
وقال الكرخي «في» بمعنى «على» مجازا، من حيث إنه شبه تمكن المصلوب بالجذع، بتمكن المظروف في الظرف وهذا هو المشهور .
وقوله: وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى تهديد فوق تهديد، ووعيد إثر وعيد.
أى: والله لتعلمن أيها السحرة أينا أشد تعذيبا لكم، وأبقى في إنزال الهلاك بكم، أنا أم موسى وربه.
وكأنه بهذا التهديد يريد أن يهون من كل عذاب سوى عذابه لهم، ومن كل عقاب غير عقابه إياهم.
وهذا التهديد التي حكاه الله- تعالى- هنا، قد جاء ما يشبهه في آيات أخرى منها قوله- تعالى-: قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ، إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ .
يقول تعالى مخبرا عن كفر فرعون وعناده وبغيه ومكابرته الحق بالباطل ، حين رأى ما رأى من المعجزة الباهرة والآية العظيمة ، ورأى الذين قد استنصر بهم قد آمنوا بحضرة الناس كلهم وغلب كل الغلب - شرع في المكابرة والبهت ، وعدل إلى استعمال جاهه وسلطانه في السحرة ، فتهددهم وأوعدهم وقال ( آمنتم له ) أي : صدقتموه ( قبل أن آذن لكم ) أي : وما أمرتكم بذلك ، وافتتم علي في ذلك . وقال قولا يعلم هو والسحرة والخلق كلهم أنه بهت وكذب : ( إنه لكبيركم الذي علمكم السحر ) أي أنتم إنما أخذتم السحر عن موسى ، واتفقتم أنتم وإياه علي وعلى رعيتي ، لتظهروه ، كما قال في الآية الأخرى : ( إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون ) [ الأعراف 123 ] .
ثم أخذ يتهددهم فقال : ( فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ) أي : لأجعلنكم مثلة [ ولأقتلنكم ] ولأشهرنكم .
قال ابن عباس : فكان أول من فعل ذلك . رواه ابن أبي حاتم .
وقوله : ( ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ) أي أنتم تقولون : إني وقومي على ضلالة ، وأنتم مع موسى وقومه على الهدى . فسوف تعلمون من يكون له العذاب ويبقى فيه .
فلما صال عليهم بذلك وتوعدهم ، هانت عليهم أنفسهم في الله عز وجل
القول في تأويل قوله تعالى : فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)
وفي هذا الكلام متروك قد استغنى بدلالة ما ترك عليه وهو: فألقى موسى عصاه، فتلقفت ما صنعوا( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ) وذكر أن موسى لما ألقى ما في يده تحوّل ثعبانا، فالتقم كلّ ما كانت السحرة ألقته من الحبال والعصي.
* ذكر الرواية عمن قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: لما اجتمعوا وألقوا ما في أيديهم من السحر، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين، قال: فتحت فما لها مثل الدحل، ثم وضعت مشفرها على الأرض ورفعت الآخر، ثم استوعبت كل شيء ألقوه من السحر، ثم جاء إليها فقبض عليها، فإذا هي عصا، فخرّ السحرة سجدا(قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) قال: فكان أول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف فرعون ( وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) قال: فكان أول من صلب في جذوع النخل فرعون.
حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى فأوحى الله إليه لا تَخَفْ ( وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا يَأْفِكُونَ ) فألقى عصاه فأكلت كل حية لهم، فلما رأوا ذلك سجدوا و ( قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ).
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حُدثت عن وهب بن منبه فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى لما رأى ما ألقوا من الحبال والعصيّ وخيل إليه أنها تسعى، وقال: والله إن كانت لعصيا في أيديهم، ولقد عادت حيات، وما تعدو عصاي هذه، أو كما حدّث نفسه، فأوحى الله إليه أن وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى وفرح موسى فألقى عصاه من يده، فاستعرضت ما ألقوا من حبالهم وعصيهم، وهي حيات في عين فرعون وأعين الناس تسعى، فجعلت تلقفها، تبتلعها حية حية، حتى ما يرى بالوادي قليل ولا كثير مما ألقوا، ثم أخذها موسى فإذا هي عصا في يده كما كانت، ووقع السحرة سجدا، قالوا: آمنا برب هارون وموسى، لو كان هذا سحر ما غلبنا.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 123 | ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ﴾ |
---|
طه: 71 | ﴿ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾ |
---|
الشعراء: 49 | ﴿ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ولهذا لما عرف السحرة الحق، ورزقهم الله من العقل ما يدركون به الحقائق، أجابوه بقولهم:
{ لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} أي:لن نختارك وما وعدتنا به من الأجر والتقريب، على ما أرانا الله من الآيات البينات الدالات على أن الله هو الرب المعبود وحده، المعظم المبجل وحده، وأن ما سواه باطل، ونؤثرك على الذي فطرنا وخلقنا، هذا لا يكون{ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} مما أوعدتنا به من القطع، والصلب، والعذاب.
{ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} أي:إنما توعدنا به غاية ما يكون في هذه الحياة الدنيا، ينقضي ويزول ولا يضرنا، بخلاف عذاب الله، لمن استمر على كفره، فإنه دائم عظيم.
وهذا كأنه جواب منهم لقوله:{ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} وفي هذا الكلام، من السحرة، دليل على أنه ينبغي للعاقل، أن يوازن بين لذات الدنيا، ولذات الآخرة، وبين عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة.
ثم حكى- سبحانه- أن السحرة بعد أن استقر الإيمان في قلوبهم، قد قابلوا تهديد فرعون لهم بالاستخفاف وعدم الاكتراث فقال: قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ، وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ ...
أى: قال السحرة في ردهم على تهديد فرعون لهم: لن نختارك يا فرعون ولن نرضى بأن نكون من حزبك، ولن نقدم سلامتنا من عذابك.. على ما ظهر لنا من المعجزات التي جاءنا بها موسى، والتي على رأسها عصاه التي ألقاها فإذا هي تبتلع حبالنا وعصينا.
وجملة «والذي فطرنا» الواو فيها للعطف على «ما» في قوله ما جاءَنا.
أى: لن نختارك يا فرعون على الذي جاءنا من البينات على يد موسى، ولا على الذي فطرنا أى خلقنا وأوجدنا في هذه الحياة.
ويصح أن تكون هذه الواو للقسم، والموصول مقسم به، وجواب القسم محذوف دل عليه ما قبله، والمعنى: وحق الذي فطرنا لن نؤثرك يا فرعون على ما جاءنا من البينات.
وقوله: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ تصريح منهم بأن تهديده لهم لا وزن له عندهم، ورد منهم على قوله: فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ.
أى: لن نقدم طاعتك على طاعة خالقنا بعد أن ظهر لنا الحق، فافعل ما أنت فاعله، ونفذ ما تريد تنفيذه في جوارحنا، فهي وحدها التي تملكها، أما قلوبنا فقد استقر الإيمان فيها، ولا تملك شيئا من صرفها عما آمنت به.
قال بعض العلماء: واعلم أن العلماء اختلفوا: هل فعل بهم فرعون ما توعدهم به، أو لم يفعله بهم؟.
فقال قوم: قتلهم وصلبهم، وقوم أنكروا ذلك، وأظهر هما عندي: أنه لم يقتلهم، وأن الله عصمهم منه لأجل إيمانهم الراسخ بالله- تعالى- لأن الله قال لموسى وهارون: أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ .
وقوله: إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا، إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا تعليل لعدم مبالاتهم بتهديده لهم.
أى: افعل يا فرعون ما أنت فاعله بأجسامنا، فإن فعلك هذا إنما يتعلق بحياتنا في هذه الحياة الدنيا، وهي سريعة الزوال، وعذابها أهون من عذاب الآخرة.
( قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات ) أي : لن نختارك على ما حصل لنا من الهدى واليقين . ( والذي فطرنا ) يحتمل أن يكون قسما ، ويحتمل أن يكون معطوفا على البينات .
يعنون : لا نختارك على فاطرنا وخالقنا الذي أنشأنا من العدم ، المبتدئ خلقنا من الطين ، فهو المستحق للعبادة والخضوع لا أنت .
( فاقض ما أنت قاض ) أي : فافعل ما شئت وما وصلت إليه يدك ، ( إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ) أي : إنما لك تسلط في هذه الدار ، وهي دار الزوال ونحن قد رغبنا في دار القرار .
وقوله ( قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) يقول جلّ ثناؤه: وقال فرعون للسحرة: أصدقتم وأقررتم لموسى بما دعاكم إليه من قبل أن أطلق ذلك لكم ( إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ) يقول: إن موسى لعظيمكم ( الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ).
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حُدثت عن وهب بن منبه، قال: لما قالت السحرة ( آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ) قال لهم فرعون، وأسف ورأى الغلبة والبينة: ( آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ) : أي لعظيم السحار الذي علمكم.
وقوله: ( فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ) يقول: فلأقطعن أيديكم وأرجلكم مخالفا بين قطع ذلك، وذلك أن يقطع يمنى اليدين ويسرى الرجلين، أو يسرى اليدين، ويمنى الرجلين، فيكون ذلك قطعا من خلاف، وكان فيما ذُكر أوّل من فعل ذلك فرعون، وقد ذكرنا الرواية بذلك. وقوله ( وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) يقول: ولأصلبنكم على جذوع النخل، كما قال الشاعر:
هُـمْ صَلَبُـوا العَبْـدِيّ فِـي جِذعِ نَخْلَةٍ
فَــلا عَطَسَـتْ شَـيْبان إلا بأجْدَعـا (2)
يعني على، جذع نخلة، وإنما قيل: في جذوع، لأن المصلوب على الخشبة يرفع في طولها، ثم يصير عليها، فيقال: صلب عليها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) لما رأى السحرة ما جاء به عرفوا أنه من الله فخروا سجدا، وآمنوا عند ذلك، قال عدو الله ( فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ )... الآية.
حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال فرعون: ( فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) فقتلهم وقطعهم، كما قال عبد الله بن عباس حين قالوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وقال: كانوا في أوّل النهار سحرة، وفي آخر النهار شهداء.
وقوله ( وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ) يقول: ولتعلمنَّ أيها السحرة أينا أشدّ عذابا لكم، وأدوم، أنا أو موسى.
---------------
الهوامش:
(2) البيت لسويد بن أبي كاهل اليشكري ( اللسان : عبد ) قال : قال سيبويه : النسبة إلى عبد القيس عبدي ، وهو من القسم الذي أضيف فيه الأول ، لأنهم لو قالوا : قيسي ، لالتبس بالمضاف إلى قيس عيلان ونحوه ، قال سويد بن أبي كاهل : " وهو صلبوا . . . البيت " . قال ابن بري : قوله بأجدعا ، أي بأنف أجدع ، فحذف الموصوف ، وأقام صفته مكانه . واستشهد المؤلف بقوله : صلبوا العبدي في جذع نخلة أي على جذع نخلة ، كقول القرآن : وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ . وإنما ذلك على الاستعارة التبعية في الحرف ( في ) بتشبيه الاستعلاء بالظرفية ، بجامع التمكن في كل منهما
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تقضى:
1- مبنيا للفاعل، خطابا لفرعون، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للمفعول، وهى قراءة أبى حيوة.
التفسير :
{ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا} أي:كفرنا ومعاصينا، فإن الإيمان مكفر للسيئات، والتوبة تجب ما قبلها، وقولهم،{ وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} الذي عارضنا به الحق، هذا دليل على أنهم غير مختارين في عملهم المتقدم، وإنما أكرههم فرعون إكراها.
والظاهر -والله أعلم- أن موسى لما وعظهم كما تقدم في قوله:{ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} أثر معهم، ووقع منهم موقعا كبيرا، ولهذا تنازعوا بعد هذا الكلام والموعظة، ثم إن فرعون ألزمهم ذلك، وأكرههم على المكر الذي أجروه، ولهذا تكلموا بكلامه السابق قبل إتيانهم، حيث قالوا:{ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا} فجروا على ما سنه لهم، وأكرههم عليه، ولعل هذه النكتة، التي قامت بقلوبهم من كراهتهم لمعارضة الحق بالباطل وفعلهم، ما فعلوا على وجه الإغماض، هي التي أثرت معهم، ورحمهم الله بسببها، ووفقهم للإيمان والتوبة،{ والله خير} مما وعدتنا من الأجر والمنزلة والجاه، وأبقى ثوابا وإحسانا لا ما يقول فرعون:{ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} يريد أنه أشد عذابا وأبقى. وجميع ما أتى من قصص موسى مع فرعون، يذكر الله فيه إذا أتى على قصة السحرة، أن فرعون توعدهم بالقطع والصلب، ولم يذكر أنه فعل ذلك، ولم يأت في ذلك حديث صحيح، والجزم بوقوعه، أو عدمه، يتوقف على الدليل، والله أعلم بذلك وغيره، ولكن توعده إياهم بذلك مع اقتداره، دليل على وقوعه، ولأنه لو لم يقع لذكره الله، ولاتفاق الناقلين على ذلك.
إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا وخالقنا ومالك أمرنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا السالفة، التي اقترفناها بسبب الكفر والإشراك به- سبحانه-.
وَليغفر لنا ما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ لكي نعارض به موسى- عليه السلام- معارضة من هو على الباطل لمن هو على الحق، وقد كنا لا نملك أن نعصيك.
وخصوا السحر بالذكر مع دخوله في خطاياهم، للإشعار بشدة نفورهم منه، وبكثرة كراهيتهم له بعد أن هداهم الله إلى الإيمان.
وقوله: وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى تذييل قصدوا به الرد على قول فرعون لهم: وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى.
أى: والله- تعالى- خير ثوابا منك يا فرعون، وأبقى جزاء وعطاء، فإن ثوابه- سبحانه- لا نقص معه، وعطاءه أبقى من كل عطاء.
( إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا ) أي : ما كان منا من الآثام ، خصوصا ما أكرهتنا عليه من السحر لنعارض به آية الله تعالى ومعجزة نبيه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( وما أكرهتنا عليه من السحر ) قال : أخذ فرعون أربعين غلاما من بني إسرائيل فأمر أن يعلموا السحر بالفرما ، وقال : علموهم تعليما لا يعلمه أحد في الأرض . قال ابن عباس : فهم من الذين آمنوا بموسى ، وهم من الذين قالوا : ( [ إنا ] آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر ) .
وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقوله : ( والله خير وأبقى ) أي : خير لنا منك ) وأبقى ) أي : أدوم ثوابا مما كنت وعدتنا ومنيتنا . وهو رواية عن ابن إسحاق ، رحمه الله .
وقال محمد بن كعب القرظي : ( والله خير ) أي : لنا منك إن أطيع ، ( وأبقى ) أي : منك عذابا إن عصي .
وروي نحوه عن ابن إسحاق أيضا :
والظاهر أن فرعون - لعنه الله - صمم على ذلك وفعله بهم ، رحمهم الله; ولهذا قال ابن عباس وغيره من السلف : أصبحوا سحرة ، وأمسوا شهداء .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)
يقول تعالى ذكره: قالت السحرة لفرعون لما توعدهم بما توعدهم به ( لَنْ نُؤْثِرَكَ ) فنتبعك ونكذب من أجلك موسى ( عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ) يعني من الحجج والأدلة على حقيقة ما دعاهم إليه موسى ( وَالَّذِي فَطَرَنَا ) يقول: قالوا: لن نؤثرك على الذي جاءنا من البينات، وعلى الذي فطرنا، ويعني بقوله (فَطَرَنا) خلقنا، فالذي من قوله ( وَالَّذِي فَطَرَنَا ) خفض على قوله ( مَا جَاءَنَا ) وقد يحتمل أن يكون قوله ( وَالَّذِي فَطَرَنَا ) خفضا على القسم، فيكون معنى الكلام: لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والله، وقوله ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ) &; 18-341 &; يقول: فاصنع ما أنت صانع، واعمل بنا ما بدا لك ( إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) يقول: إنما تقدر أن تعذّبنا في هذه الحياة الدنيا التي تفنى، ونصب الحياة الدنيا على الوقت وجعلت إنما حرفا واحدا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حُدثت عن وهب بن منبه ( لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ) أي على الله على ما جاءنا من الحجج مع بينة ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ) أي اصنع ما بدا لك ( إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) أي ليس لك سلطان إلا فيها، ثم لا سلطان لك بعده.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى أن من أتاه، وقدم عليه مجرما -أي:وصفه الجرم من كل وجه، وذلك يستلزم الكفر- واستمر على ذلك حتى مات، فإن له نار جهنم، الشديد نكالها، العظيمة أغلالها، البعيد قعرها، الأليم حرها وقرها، التي فيها من العقاب ما يذيب الأكباد والقلوب، ومن شدة ذلك أن المعذب فيها لا يموت ولا يحيا، لا يموت فيستريح، ولا يحيا حياة يتلذذ بها، وإنما حياته محشوة بعذاب القلب والروح والبدن، الذي لا يقدر قدره، ولا يفتر عنه ساعة، يستغيث فلا يغاث، ويدعو فلا يستجاب له.
نعم إذا استغاث، أغيث بماء كالمهل يشوي الوجوه، وإذا دعا، أجيب بـ{ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}
وقوله- عز وجل-: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً ... يصح أن يكون كلاما مستأنفا ساقه الله- تعالى- لبيان سوء عاقبة المجرمين، وحسن عاقبة المؤمنين.
ويصح أن يكون من بقية كلام السحرة في ردهم على فرعون.
والمعنى: إِنَّهُ أى الحال والشأن مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ يوم القيامة في حال كونه مُجْرِماً.
أى: مرتكبا لجريمة الكفر والشرك بالله- تعالى- فَإِنَّ لَهُ أى: لهذا المجرم جَهَنَّمَ يعذب فيها عذابا شديدا من مظاهره أنه لا يَمُوتُ فِيها فيستريح وَلا يَحْيى حياة فيها راحة.
كما قال- تعالى-: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا، وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها، كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ .
الظاهر من السياق أن هذا من تمام ما وعظ به السحرة لفرعون ، يحذرونه من نقمة الله وعذابه الدائم السرمدي ، ويرغبونه في ثوابه الأبدي المخلد ، فقالوا : ( إنه من يأت ربه مجرما ) أي : يلقى الله يوم القيامة وهو مجرم ( فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ) كقوله : ( لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور ) [ فاطر : 36 ] ، وقال : ( ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيا ) [ الأعلى : 11 - 13 ] ، وقال تعالى : ( ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون ) [ الزخرف : 77 ] .
وقال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا إسماعيل ، أخبرنا سعيد بن يزيد ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أهل النار الذين هم أهلها ، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن [ الناس ] تصيبهم النار بذنوبهم ، فتميتهم إماتة ، حتى إذا صاروا فحما ، أذن في الشفاعة ، جيء بهم ضبائر ضبائر ، فبثوا على أنهار الجنة ، فيقال : يا أهل الجنة ، أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل " فقال رجل من القوم : كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية .
وهكذا أخرجه مسلم في كتابه الصحيح من رواية شعبة وبشر بن المفضل ، كلاهما عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد به .
وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال : حدثنا أبي حدثنا حيان ، سمعت سليمان التيمي ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فأتى على هذه الآية : ( إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ) ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أما أهلها الذين هم أهلها ، فلا يموتون فيها ولا يحيون ، وأما الذين ليسوا من أهلها ، فإن النار تمسهم ، ثم يقوم الشفعاء فيشفعون ، فتجعل الضبائر ، فيؤتى بهم نهرا يقال له : الحياة - أو : الحيوان - فينبتون كما ينبت القثاء في حميل السيل " .
وقوله ( إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا ) يقول تعالى ذكره: إنا أقررنا بتوحيد ربنا، وصدقنا بوعده ووعيده، وأن ما جاء به موسى حق ( لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا ) يقول: ليعفو لنا عن ذنوبنا فيسترها علينا( وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ) يقول: ليغفر لنا ذنوبنا، وتعلمنا ما تعلمناه من السحر، وعملنا به الذي أكرهتنا على تعلُّمه والعمل به ، وذُكر أن فرعون كان أخذهم بتعليم السحر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى بن سهل، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قول الله تبارك وتعالى: ( وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ) قال: غلمان دفعهم فرعون إلى السحرة، تعلمهم السحر بالفَرَما.
حدثي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ) قال: أمرهم بتعلم السحر، قال: تركوا كتاب الله، وأمروا قومهم بتعليم السحر.
(وما أكرهتنا عليه من السحر) قال: أمرتنا أن نتعلمه.
وقوله ( وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) يقول: والله خير منك يا فرعون جزاء لمن أطاعه، وأبقى عذابا لمن عصاه وخالف أمره.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ( وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) : خير منك ثوابا، وأبقى عذابا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب، ومحمد بن قيس في قول الله ( وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) قالا خيرا منك إن أطيع، وأبقى منك عذابا إن عُصي.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
طه: 74 | ﴿إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ﴾ |
---|
التوبة: 63 | ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا﴾ |
---|
الجن: 23 | ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ومن يأت ربه مؤمنا به مصدقا لرسله، متبعا لكتبه{ قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} الواجبة والمستحبة،{ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا} أي:المنازل العاليات، وفي الغرف المزخرفات، واللذات المتواصلات، والأنهار السارحات، والخلود الدائم، والسرور العظيم، فيما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ثم بين- سبحانه- حسن عاقبة المؤمنين فقال: وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً به إيمانا حقا، وقَدْ عَمِلَ الأعمال الصَّالِحاتِ بجانب إيمانه. فَأُولئِكَ الموصوفون بتلك الصفات لَهُمُ بسبب إيمانهم وعملهم الصالح الدَّرَجاتُ الْعُلى أى: المنازل الرفيعة، والمكانة السامية.
وقوله : ( ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات ) أي : ومن لقي ربه يوم المعاد مؤمن القلب ، قد صدق ضميره بقوله وعمله ، ( فأولئك لهم الدرجات العلا ) أي : الجنة ذات الدرجات العاليات ، والغرف الآمنات ، والمساكن الطيبات .
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، أنبأنا همام ، حدثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلاها درجة ومنها تخرج الأنهار الأربعة ، والعرش فوقها ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " .
ورواه الترمذي ، من حديث يزيد بن هارون ، عن همام ، به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، أخبرنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه قال : كان يقال : الجنة مائة درجة ، في كل درجة مائة درجة ، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، فيهن الياقوت والحلي ، في كل درجة أمير ، يرون له الفضل والسؤدد .
وفي الصحيحين : " أن أهل عليين ليرون من فوقهم كما ترون الكوكب الغابر في أفق السماء ، لتفاضل ما بينهم " . قالوا : يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء؟ قال : " بلى والذي نفسي بيده ، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " .
وفي السنن : " وإن أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما " .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74)
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل السحرة لفرعون ( إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ ) من خلقه (مُجْرِما) يقول: مكتسبا الكفر به، ( فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ ) يقول: فإن له جهنم مأوى ومسكنا، جزاء له على كفره ( لا يَمُوتُ فِيهَا ) فتخرج نفسه ( وَلا يَحْيَا ) فتستقر نفسه في مقرها فتطمئن، ولكنها تتعلق بالحناجر منهم .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَذَلِكَ} الثواب،{ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} أي:تطهر من الشرك والكفر والفسوق والعصيان، إما أن لا يفعلها بالكلية، أو يتوب مما فعله منها، وزكى أيضا نفسه، ونماها بالإيمان والعمل الصالح، فإن للتزكية معنيين، التنقية، وإزالة الخبث، والزيادة بحصول الخير، وسميت الزكاة زكاة، لهذين الأمرين.
وقوله: جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يدل على الدرجات العلى.
أى: لهم جنات باقية دائمة تجرى من تحت أشجارها وثمارها الأنهار خالِدِينَ فِيها خلودا أبديا.
وَذلِكَ العطاء الجزيل الباقي جزاء من تزكى، أى من تطهر وتجرد من دنس الكفر والمعاصي.
وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد صورت لنا بأسلوبها البليغ المؤثر، تلك المحاورات الطويلة التي دارت بين موسى وفرعون والسحرة.. والتي انتهت بانتصار الحق واندحار الباطل.
ثم ساق- سبحانه- جانبا من النعم التي أنعم بها على بنى إسرائيل، وحذرهم من جحودها، فقال- تعالى-:
وقوله : ( جنات عدن تجري ) أي : إقامة وهو بدل من الدرجات العلى ، ( [ تجري من تحتها الأنهار ] خالدين فيها ) أي : ماكثين أبدا ، ( وذلك جزاء من تزكى ) أي : طهر نفسه من الدنس والخبث والشرك ، وعبد الله وحده لا شريك له ، وصدق المرسلين فيما جاءوا به من خبر وطلب .
( وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا ) موحدا لا يُشرك به ( قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ ) يقول: قد عمل ما أمره به ربه، وانتهى عما نهاه عنه ( فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ) يقول: فأولئك الذين لهم درجات الجنة العلى.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المائدة: 29 | ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾ |
---|
المائدة: 85 | ﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّـهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ |
---|
التوبة: 26 | ﴿وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ |
---|
طه: 76 | ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّى﴾ |
---|
الحشر: 17 | ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء