241444546474849505152

الإحصائيات

سورة يوسف
ترتيب المصحف12ترتيب النزول53
التصنيفمكيّةعدد الصفحات13.50
عدد الآيات111عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول11تبدأ في الجزء12
تنتهي في الجزء13عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 6/29آلر: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (44) الى الآية رقم (49) عدد الآيات (6)

قالوا للمَلِكِ: أخلاطُ أحلامٍ، وعجَزُوا عن تفسيرِها، هنا تذكَّرَ السّاقي يوسفَ عليه السلام ، فذهبَ إليه، وطلبَ منه تفسيرَها، ففسَّرَها يوسفُ عليه السلام له.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (50) الى الآية رقم (53) عدد الآيات (4)

طلبَ الملكُ رؤيةَ يوسفَ عليه السلام وأمرَ بإخراجِه من السجنِ، فيرفضُ الخروجَ حتى تظهرَ براءتُه أولًا، فتعترفُ امرأةُ العزيزِ بصدقِ يوسفَ عليه السلام.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة يوسف

الثقة في تدبير الله (اصبر ولا تيأس)/ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ/ الصبر الجميل/ يوسف الإنسان قصة نجاح

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • إلى هؤلاء وإلى كل مسلم نزلت سورة يوسف.: نزلت تهمس في أذن كل مسلم في فترات الضيق أو البلاء؛ لتقول له: تعلَّم من يوسف عليه السلام الصبر، والأمل، وعدم اليأس رغم كل الظروف. وبالمقابل: تعلَّم منه كيف تواجه فترات الراحة والاطمئنان، وذلك بالتواضع والإخلاص لله عز وجل. فالسورة ترشدنا أن حياة الإنسان هي عبارة عن فترات رخاء وفترات شدة، فلا يوجد إنسان قط كانت حياته كلها فترات رخاء أو كلها فترات شدة، وهو في الحالتين: الرخاء والشدة، يُختبر.
  • • سورة يوسف أحسن القصص:: لأنها اشتملت على حاسد ومحسود، ومالك ومملوك، وشاهد ومشهود، وعاشق ومعشوق، وحبس وإطلاق، وخصب وإجداب، وذنب وعفو، وفراق ووصال، وسقم وصحة، وحل وترحال، وذل وعز. وعالجت مشاكل تربوية واجتماعية ونفسية وأخلاقية واقتصادية وسياسية.
  • • سورة يوسف أحسن القصص:: لأن في نهايتها حسن المآل وطيب العافية، فيعقوب عليه السلام رد إليه بصره وظفر بفلذة كبده، ويوسف عليه السلام آتاه الله الملك والحكمة، والأخوة تاب الله عليهم، ومنهم أو من ذريتهم اصطفى الله أسباط بني إسرائيل، وامرأة العزيز أقرت بذنبها وحسنت توبتها، وأهل مصر اجتازوا السبع الشداد حتى صار الناس يأتونهم من جميع الأقطار للمؤنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «‏يوسف».
  • • معنى الاسم :: هو نبي الله يوسف بن نبي الله يعقوب بن نبي الله إسحاق بن نبي الله إبراهيم عليهم السلام.
  • • سبب التسمية :: لأنها ذكرت قصة ‏يوسف عليه السلام كاملة، ولم تذكر قصته في غيرها، بل لم يذكر اسمه إلا في سورة الأنعام آية (84) ، وغافر آية (34).
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: الثقة بتدبير الله، والأمل، والصبر، وعدم اليأس رغم كل الظروف.
  • • علمتني السورة :: رعاية الله عز وجل لأوليائه ولطفه بهم في أوقات المحن.
  • • علمتني السورة :: أن القصص فيها الحسن والسيِّئ، وأن قصص القرآن أحسن القصص: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾
  • • علمتني السورة :: العفو والصفح ثم الإحسان بالدعاء من أخلاق الأنبياء: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾

مدارسة الآية : [44] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ ..

التفسير :

[44] قالوا:رؤياك هذه أخلاط أحلام لا تأويل لها، وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين.

{ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} أي أحلام لا حاصل لها، ولا لها تأويل.

وهذا جزم منهم بما لا يعلمون، وتعذر منهم، [بما ليس بعذر]ثم قالوا:{ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} أي:لا نعبر إلا الرؤيا، وأما الأحلام التي هي من الشيطان، أو من حديث النفس، فإنا لا نعبرها.

فجمعوا بين الجهل والجزم، بأنها أضغات أحلام، والإعجاب بالنفس، بحيث إنهم لم يقولوا:لا نعلم تأويلها، وهذا من الأمور التي لا تنبغي لأهل الدين والحجا، وهذا أيضا من لطف الله بيوسف عليه السلام. فإنه لو عبرها ابتداء - قبل أن يعرضها على الملأ من قومه وعلمائهم، فيعجزوا عنها -لم يكن لها ذلك الموقع، ولكن لما عرضها عليهم فعجزوا عن الجواب، وكان الملك مهتما لها غاية، فعبرها يوسف- وقعت عندهم موقعا عظيما، وهذا نظير إظهار الله فضل آدم على الملائكة بالعلم، بعد أن سألهم فلم يعلموا. ثم سأل آدم، فعلمهم أسماء كل شيء، فحصل بذلك زيادة فضله، وكما يظهر فضل أفضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم في القيامة، أن يلهم الله الخلق أن يتشفعوا بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم السلام، فيعتذرون عنها، ثم يأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقول:"أنا لها أنا لها"فيشفع في جميع الخلق، وينال ذلك المقام المحمود، الذي يغبطه به الأولون والآخرون.

فسبحان من خفيت ألطافه، ودقَّت في إيصاله البر والإحسان، إلى خواص أصفيائه وأوليائه.

وقوله- سبحانه- قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ حكاية لما رد به الكهان والأشراف على ما طلبه الملك منهم.

والأضغاث: جمع ضغث- بكسر الضاد- وهو ما جمع في حزمة واحدة من مختلف النيات وأعواد الشجر، فصار خليطا غير متجانس.

والأحلام: جمع حلم وحلم- بإسكان اللام وضمها تبعا للحاء- وهو ما يراه النائم في منامه، وتطلق كثيرا على ما ليس بحسن، ففي الحديث الصحيح: «الرؤيا من الله والحلم من الشيطان».

أى: قال الملأ للملك: ما رأيته أيها الملك في نومك ما هو إلا تخاليط أحلام ومنامات باطلة، فلا تهتم بها.

فهم قد شبهوا ما رآه بالأضغاث في اختلاطها، وعدم التجانس بين أطرافها.

ثم أضافوا إلى ذلك قولهم: «وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين» .

أى: إننا لسنا من أهل العلم بتفسير تخاليط الأحلام، وإنما نحن من أهل العلم بتفسير المنامات المعقولة المفهومة.

وقولهم هذا إنما هو اعتذار عن جهلهم، بمعرفة تفسير رؤيا الملك، ويبدو أن الملك كان يتوقع منهم هذا الجهل، كما يشعر به قوله- تعالى- إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ فقد أتى بإن المفيدة للشك.

قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: ما هو إلا حلم واحد فلماذا قالوا أضغاث أحلام فجمعوا!؟.

قلت: هو كما تقول فلان يركب الخيل، ويلبس عمائم الخز، لمن لا يركب إلا فرسا واحدا وماله إلا عمامة فردة، تزيدا في الوصف، فهؤلاء أيضا تزيدوا في وصف الحلم بالبطلان فجعلوه أضغاث أحلام ويجوز أن يكون قد قص عليهم مع هذه الرؤيا سواها».

واعتذروا إليه بأن هذه ) أضغاث أحلام ) أي : أخلاط اقتضت رؤياك هذه ( وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ) أي : ولو كانت رؤيا صحيحة من أخلاط ، لما كان لنا معرفة بتأويلها ، وهو تعبيرها .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ (44)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قال الملأ الذين سألهم ملك مصر عن تعبير رؤياه: رؤياك هذه " أضغاث أحلام " ، يعنون أنها أخلاطٌ، رؤيا كاذبةٌ لا حقيقة لها .

* * *

، وهي جمع " ضغث " ، و " الضغث " أصله الحزمة من الحشيش ، يشبه بها الأحلام المختلطة التي لا تأويل لها ، و " الأحلام "، جمع حلم ، وهو ما لم &; 16-118 &; يصدق من الرؤيا ، ومن " الأضْغَاث " قول ابن مقبل:

خَـوْدٌ كَـأَنَّ فِرَاشَـهَا وُضِعَـتْ بِـهِ

أضْغَــاثُ رَيْحَــانٍ غَـدَاةَ شَـمَالٍ (1)

ومنه قول الآخر: (2)

يَحْــمِي ذِمَـارَ جَـنِينٍ قَـلَّ مَانِعُـهُ

طَـاوٍ كَـضِغْثِ الخَلا فِي البَطْنِ مُكْتَمِن (3)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19332 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله: (أضغاث أحلام) يقول: مشتبهة.

19333 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: (أضغاث أحلام)، كاذبة.

19334 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال ،لما قصّ الملك رؤياه التي رأى على أصحابه ، قالوا: ( أضغاث أحلام)، أي فعل الأحلام.

19335 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (أضغاث أحلام)، قال: أخلاط أحلام ، (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين).

19336 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي مرزوق ، عن جويبر ، عن الضحاك قال ،" أضغاث أحلام "، كاذبة.

19337 - ... قال، حدثني المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك: " قالوا أضغاث " قال : كذب.

19338- حدثت عن الحسين بن الفرج قال ،سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (أضغاث أحلام)، هي الأحلام الكاذبة.

* * *

وقوله: (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين)، يقول: وما نحن بما تئول إليه الأحلام الكاذبة بعالمين . (4)

* * *

والباء الأولى التي في" التأويل " من صلة " العالمين " ، والتي في" العالمين "" الباء " التي تدخل في الخبر مع " ما " التي بمعنى الجحد ، ورفع " أضغاث أحلام " ، لأن معنى الكلام: ليس هذه الرؤيا بشيء، إنما هي أضغاث أحلام .

* * *

----------------------

الهوامش:

(1) لم أجده في غير هذا المكان . و" الخود" ، الفتاة الناعمة الشابة . و" الشمال" هي الريح المعروفة ، وهي الباردة . وما أطيب ما وصف ابن مقبل وما أبصره !

(2) لم أعرف قائله .

(3) هذا بيت لم أجده ، ولا أحسن تفسيره مفردًا .

(4) انظر تفسير" التأويل" فيما سلف ص : 98 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

المعاني :

أَضْغَاثُ :       أَخْلَاطُ السراج
أضغاث أحلام :       تخاليطها و أباطيلها معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[44] ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ من أجلك قد يسد الله عليهم كل منافذ إبصار الأمر على حقيقته، ليفتح لك الباب لتنجو!
وقفة
[44] ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ قال السعدي: «وهذا أيضًا من لطف الله بيوسف عليه السلام، فإنه لو عبرها ابتداء قبل أن يعرضها على الملأ من قومه وعلمائهم، فيعجزوا عنها لم يكن لها ذلك الموقع، ولكن لما عرضها عليهم فعجزوا عن الجواب، وكان الملك مهتما بها غاية الاهتمام، فعبرها يوسف وقعت عندهم موقعًا عظيمًا».
وقفة
[44] ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ في الناس من إذا جهل الشىء وصفه بالاضطراب والتناقض أو الاشكال تخلصًا من الأعباء ودفعًا للائمة وتسكينًا للنفس، أضغاث عند الجاهل رؤيا حق عند نبي.
وقفة
[44] ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ غالبًا من لا يحسن فهم شيءٍ يقلل من شأنه!
وقفة
[44] ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾، ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ [البقرة: 32]؛ من الكمال أن تعترف بالتقصير.
وقفة
[44] ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ اعترافهم بعدم علمهم قاد للبحث عن يوسف، فأنقذ الله به البلاد من المجاعة، حين نقول لا ندري عندما لا ندري نقدم خدمة جليلة.
اسقاط
[44] ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ للعلم: ليس عيبًا أن تقول: «لا أعلم».

الإعراب :

  • ﴿ قالوا:
  • فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به لقالوا.
  • ﴿ أضغاث أحلام:
  • أضغاث: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه أو هي أضغاث مرفوع بالضمة. أحلام: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: تخاليط أحلام وهي جمع ضغث وهو ما جمع من أخلاط النبات وحزم فاستعير للرؤيا الكاذبة.
  • ﴿ وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين:
  • واو: استننافية. ما: نافية تعمل عمل ليس عند الحجازيين وهي مهملة عند بني تميم. نحن: ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محل رفع اسم \"ما\" على لغة الحجازيين ومبتدأ على لغة بني تميم والجار والمجرور \"بتأويل\" متعلق بعالمين. الأحلام: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بعالمين: الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. عالمين: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا لأنه خبر \"ما\" أو مرفوع محلًا لأنه خبر \"نحن\" وعلامة نصبه محلًا وجره لفظًا: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     ولَمَّا رأى المَلِكُ في منامه هذه الرؤيا العجيبة، وسأل عن تأويلها؛ عجز الكهان والأشراف عن تأويلها، ووصفوها بأنها تخاليط أحلام بلا معنى، قال تعالى:
﴿ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [45] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ ..

التفسير :

[45] وقال الذي نجا من القتل من صاحبَي يوسف في السجن، وتذكر بعد مدة ما نسي من أمر يوسف:أنا أخبركم بتأويل هذه الرؤيا، فابعثوني إلى يوسف لآتيكم بتفسيرها.

{ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا} أي:من الفتيين، وهو:الذي رأى أنه يعصر خمرا، وهو الذي أوصاه يوسف أن يذكره عند ربه{ وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} أي:وتذكر يوسف، وما جرى له في تعبيره لرؤياهما، وما وصاه به، وعلم أنه كفيل بتعبير هذه الرؤيا بعد مدة من السنين فقال:{ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} إلى يوسف لأسأله عنها.

ثم بين- سبحانه- ما حدث بعد أن عجز الملأ من قوم الملك عن تأويل رؤياه فقال:

وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما أى: وقال أحد الرجلين اللذين كانا مع يوسف في السجن ثم خرج منه بريئا وهو ساقى الملك.

وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ: وتذكر بعد حين طويل من الزمان كيف فسر له يوسف رؤياه تفسيرا صادقا أيام أن كان معه في السجن.

وأصل «ادكر» اذتكر بوزن افتعل، مأخوذ من الذكر- بتشديد الذال وضمها- قلبت تاء الافتعال دالا لثقلها ولتقارب مخرجيهما، ثم قلبت الذال دالا ليتأتى إدغامها في الدال، لأنها أخف من الذال.

والأمة: الجماعة التي تؤم وتقصد لأمر ما، والمراد بها هنا: المدة المتطاولة من الزمان وكان هذا الساقي قد نسى ما أوصاه به يوسف من قوله «اذكرني عند ربك» فلما قال الملك ما قاله بشأن رؤياه، تذكر هذا الساقي حال يوسف.

قالوا: وكان ذلك بعد سنتين من خروجه من السجن.

وقوله أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ أى: قال الساقي للملك وحاشيته: أنا أخبركم بتأويله: بتفسير رؤيا الملك التي خفى تفسيرها على الملأ من قومه. فأرسلون، أى: فابعثونى إلى من عنده العلم الصحيح الصادق بتفسيرها.

ولم يذكر لهم اسم المرسل إليه، وهو يوسف- عليه السلام- لأنه أراد أن يفاجئهم بخبره بعد حصول تأويله للرؤيا، فيكون ذلك أوقع في قلوبهم، وأسمى لشأن يوسف- عليه السلام-.

وقال فَأَرْسِلُونِ ليشعرهم أن هذا التأويل ليس من عند نفسه، وإنما هو من عند من يرسلونه إليه وهو يوسف- عليه السلام.

فعند ذلك تذكر ذلك الذي نجا من ذينك الفتيين اللذين كانا في السجن مع يوسف ، وكان الشيطان قد أنساه ما وصاه به يوسف ، من ذكر أمره للملك ، فعند ذلك تذكر ) بعد أمة ) أي : مدة ، وقرأ بعضهم : " بعد أمة " أي : بعد نسيان ، فقال للملك والذين جمعهم لذلك : ( أنا أنبئكم بتأويله ) أي : بتأويل هذا المنام ، ( فأرسلون ) أي : فابعثون إلى يوسف الصديق إلى السجن . ومعنى الكلام : فبعثوا فجاء .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وقال الذي نجا من القتل من صاحبي السجن اللذين استعبرا يوسف الرؤيا ، (وادّكر)، يقول: وتذكر ما كان نسي من أمر يوسف ، وذِكْرَ حاجته للملك التي كان سأله عند تعبيره رؤياه أن يذكرها &; 16-120 &; له بقوله: اذكرني عند ربك ، (بعد أمة)، يعني بعد حين، كالذي:-

19339- حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس: (وادّكر بعد أمة)، قال: بعد حين (5) .

19340- حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، مثله .

19341- حدثنا الحسن بن يحيى قال ،أخبرنا عبد الرزاق قال ،أخبرنا الثوري ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، مثله .

19342 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا أبو بكر بن عياش: (وادّكر بعد أمة)، بعد حين.

19343 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عمرو بن محمد قال ،أخبرنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين قال: (وادّكر بعد أمة)، قال: بعد حين.

19344- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس مثله .

19345- ....قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله: (وادّكر بعد أمة)، يقول: بعد حين.

19346- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس: (وادّكر بعد أمة)، قال: ذكر بعد حين.

19347 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن: (وادكر بعد أمة) بعد حين.

19348 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .

19349- حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .

19350 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (وادّكر بعد أمة) ، بعد حين.

19351 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن كثير: (بعد أمة) : بعد حين ، قال ابن جريج : وقال ابن عباس: (بعد أمة)، بعد سنين.

19352 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: (وادّكر بعد أمة)، قال: بعد حين.

19353 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة: (وادّكر بعد أمة)، أي: بعد حقبة من الدهر.

* * *

قال أبو جعفر : وهذا التأويل على قراءة من قرأ: (بَعْدَ أُمَّةٍ) بضم الألف وتشديد الميم ، وهي قراءة القرأة في أمصار الإسلام .

* * *

وقد روي عن جماعة من المتقدمين أنهم قرءوا ذلك: " بَعْدَ أَمَةٍ" بفتح الألف، وتخفيف الميم وفتحها بمعنى: بعد نسيان .

* * *

وذكر بعضهم أن العرب تقول من ذلك: " أمِهَ الرجل يأمَهُ أمَهًا "، إذا نسي .

* * *

وكذلك تأوّله من قرأ ذلك كذلك .

ذكر من قال ذلك:

19354 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ: " بَعْدَ أمَهٍ" ويفسّرها، بعد نسيان.

19355- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا بهز بن أسد، عن همام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قرأ: " بَعْدَ أَمَهٍ" يقول: بعد نسيان.

19356 - حدثني أبو غسان مالك بن الخليل اليحمدي قال ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن أبي هارون الغنوي ، عن عكرمة أنه قرأ: " بَعْدَ أَمَهٍ"، و " الأمه ": النسيان. (6)

19357- حدثني يعقوب، وابن وكيع ، قالا حدثنا ابن علية، قال، حدثنا أبو هارون الغنوي، عن عكرمة، مثله .

19358 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عبد الوهاب قال، قال هارون، وحدثني أبو هارون الغنوي، عن عكرمة: " بَعْدَ أَمَهٍ"، بعد نسيان.

19359-... قال، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة: " وَادَّكَرَ بَعْدَ أًمَّهٍ": بعد نسيان.

19360- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن ابن عباس: أي بعد نسيان.

19361 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: " وادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ" قال: من بعد نسيانه.

19362 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو النعمان عارم قال ، حدثنا حماد &; 16-123 &; بن زيد ، عن عبد الكريم أبي أمية المعلم ، عن مجاهد: أنه قرأ: " وادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ".

19363 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي مرزوق ، عن جويبر ، عن الضحاك: (وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمَةٍ) قال: بعد نسيان.

19364- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " وادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ" يقول: بعد نسيان.

* * *

وقد ذكر فيها قراءة ثالثة ، وهي ما:-

19365- حدثني به المثنى قال ،أخبرنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن حميد قال ،قرأ مجاهد: " وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمْهٍ"، مجزومة الميم مخففة.

* * *

وكأنّ قارئ ذلك كذلك أراد به المصدرَ من قولهم: " أمه يأمَهُ أمْهًا " ، وتأويل هذه القراءة ، نظير تأويل من فتح الألف والميم .

* * *

وقوله: (أنا أنبئكم بتأويله) يقول: أنا أخبركم بتأويله (7) ، ( فأرسلون ) يقول: فأطلقوني، أمضي لآتيكم بتأويله من عند العالم به .

* * *

----------------------

الهوامش:

(5) انظر تفسير" الأمة" فيما سلف .... ، تعليق : ..... ، والمراجع هناك .

(6) الأثر : 19356 -" مالك بن الخليل اليحمدي الأزدي" ،" أبو غسان" ، شيخ الطبري ، روى عنه النسائي وغيره ، مترجم في التهذيب .

(7) انظر تفسير" النبأ" فيما سلف من فهارس اللغة

، وتفسيره" التأويل" فيما سلف ص : 119 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

المعاني :

وَادَّكَرَ :       تَذَكَّرَ السراج
بَعْدَ أُمَّةٍ :       بَعْدَ مُدَّةٍ السراج
ادّكر بعد أمّة :       تذكّر بعد مدّة طويلة معاني القرآن

التدبر :

عمل
[45] ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا﴾ إن لم تكن عالمًا فكن وسيطًا بين العالم والأمة؛ أوصل همومهم له، وانقل بيانه لهم.
وقفة
[45] ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾ إذا أراد الله إنفاذ أمر يسر له أسبابه؛ لذا أخفى عن الجميع تأويل الرؤيا، ولم يجعلها إلا ليوسف، فكان على يديه شفاء صدر الملك وذهاب حيرته.
وقفة
[45] ﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ عندما تومض بروق المشيئة تمطر الذكريات بغزارة.
وقفة
[45] (الأمة) لها أربعة معانٍ في اللغة: 1- الجمع الغفير من الناس: ﴿وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً﴾ [القصص: 23]، أي جمع غفير. 2- المدة الزمنية: ﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ أي زمن. 3- الرجل الصالح: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ [النحل: 120]، أي رجل قانت صالح. 4- الدين والملة: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ﴾ [الزخرف: 22]، أي دين.
وقفة
[45] تأويل الرؤيا كالفتيا، ﴿أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾ أي: أنا أخبركم بتأويل هذه الرؤيا بعرضها على العالم بها، لا من تلقاء نفسي، ولم يقل: (أفتيكم) تعظيمًا لأمر تأويل الرؤى فهو كالإفتاء، ويحتاج إلى علم لا يصلح له كل أحد، سُئِلَ الإمام مالك: «أيعبرُ الرؤيا كل أحد؟»، فقال: «أبالنبوة يلعب؟!»، وقال مالك: «لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها، فإن رأى خيرًا أخبر به، وإن رأى مكروهًا فليقل خيرًا أو ليصمت»، فقيل: «فهل يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه؟»، فقال: «لا، الرؤيا جزء من النبوة، فلا يُتلاعب بالنبوة».
عمل
[45] ﴿أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾ سل مجربًا ولا تسل حكيمًا! وقد جرب الساقي يوسف في تأويل الرؤى فوجد تأويله صحيحًا؛ لذا انطلق إليه واثقًا أنه سيأتيه بالخبر اليقين.
لمسة
[45] في سورة يوسف خوطِب الملك بصيغة الجمع: ﴿أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾، وفي يونس: ﴿عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ﴾ [يونس: 83]، جمع والمراد فرعون، وفي القصص: ﴿لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا﴾ [القصص: 9]، تخاطب زوجها فرعون؛ بدلالة: ﴿قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ﴾، فهذه الآيات تدل على جواز مخاطبة الملوك بالجمع؛ تحقيقًا لمصلحةٍ أو دفعًا لمفسدة.

الإعراب :

  • ﴿ وقال الذي:
  • الواو: عاطفة. قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل والجملة بعده. صلة الموصول.
  • ﴿ نجا منهما:
  • نجا: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. منهما: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الموصول \"الذي\" والميم حرف عماد والألف دال على التثنية.
  • ﴿ وادكر بعد أمَّةٍ:
  • الواو عاطفة. ادكر: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو ومعموله محذوف بمعنى: وتذكر يوسف أي تذكر ساقي الملك يوسف. بعد: ظرف زمان متعلق بادكر منصوب على الظرفية الزمانية بالفتحة وهو مضاف. أمةٍ: مضاف إليه مجرور بالكسرة بمعنى: بعد مدة طويلة أو بعد حين بعد نسيان.
  • ﴿ أنا أنبئكم بتأويله:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول- أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أنبئ: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بتأويله: جار ومجرور والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة وجملة \"أنبئكم بتأويله\" في محل رفع خبر \"أنا\" والجار والمجرور \"بتأويله\" متعلق بأنبئكم.
  • ﴿ فأرسلونِ:
  • الفاء: استئنافية. أرسلون: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون: نون الوقاية والياء المحذوفة مراعاة لرءوس الآي: ضمير متصل في محل نصب مفعول به والكسرة هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     وبعد أن عجزَ الملأُ من قوم المَلِك عن تأويل رؤياه؛ هنا ساقي المَلِك يتذكر يوسف عليه السلام ، فيخبرَ المَلِكَ بأن في الحبس رجلًا صالحًا خبيرًا بتأويل الرؤى، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ادكر:
1- بدال مشددة، وأصله، ادتكر، أبدلت التاء دالا وأدغمت الدال فيها فصار: ادكر، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- اذكر، بذال مشددة، بإبدال التاء ذالا وإدغام الذال فيها، وهى قراءة الحسن.
أمة:
وقرئ:
1- إمة، بكسر الهمزة أي: بعد نعمة أي بعد أن أنعم عليه بالنجاة من القتل، وهى قراءة الأشهب العقيلي.
2- أمه، بفتح الهمزة والميم مخففة وهاء، وهى قراءة ابن عباس، وزيد بن على، والضحاك، وقتادة، وأبى رجاء، وشبيل بن عزرة الضبعي، وربيعة بن عمرو.
3- أمه، بفتح الهمزة وسكون الميم وهاء، مصدر «أمه» على غير قياس، وهى قراءة عكرمة، ومجاهد.
أنبئكم:
وقرئ:
آتيكم، من «الإتيان» ، وهى قراءة الحسن.

مدارسة الآية : [46] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي ..

التفسير :

[46] وعندما وصل الرجل إلى يوسف قال له:يوسف أيها الصِّدِّيق فسِّر لنا رؤيا مَن رأى سبعَ بقرات سمان يأكلهن سبعُ بقرات هزيلات، ورأى سبعَ سنبلات خضر وأخرَ يابسات؛ لعلي أرجع إلى الملك وأصحابه فأخبرهم؛ ليعلموا تأويل ما سألتك عنه، وليعلموا مكانتك وفضلك.

فأرسلوه، فجاء إليه، ولم يعنفه يوسف على نسيانه، بل استمع ما يسأله عنه، وأجابه عن ذلك فقال:{ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} أي:كثير الصدق في أقواله وأفعاله.{ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} فإنهم متشوقون لتعبيرها، وقد أهمتهم.

وقوله يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا ... من بديع الإيجاز بالحذف في القرآن الكريم، لأن المحذوف لا يتعلق بذكره غرض.

والتقدير: قال لهم أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون إلى من عنده العلم بذلك، فأرسلوه فجاء إلى يوسف في السجن فقال له: يا يوسف يا أيها الصديق.

والصديق: هو الإنسان الذي صار الصدق دأبه وشيمته في كل أحواله، ووصفه بذلك لأنه جرب منه الصدق التام أيام أن كان معه في السجن.

وقوله «أفتنا» أى فسر لنا تلك الرؤيا التي رآها الملك، والتي عجز الناس عن تفسيرها، وهي أن الملك رأى في منامه «سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات» .

وقوله «لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون» تعليل لطلب الفتوى، وبيان لأهمّيّتها بالنسبة له وليوسف- عليه السلام.

أى: فسر لنا هذه الرؤيا «لعلى أرجع إلى الناس» وهم الملك وأهل الحل والعقد في مملكته، «لعلهم يعلمون» تأويلها، فينتفعون به، وترتفع منزلتك عندهم.

فقال : ( يوسف أيها الصديق أفتنا ) وذكر المنام الذي رآه الملك ، فعند ذلك ذكر له يوسف ، عليه السلام ، تعبيرها من غير تعنيف لذلك الفتى في نسيانه ما وصاه به ، ومن غير اشتراط للخروج قبل ذلك ،

وفي الكلام محذوف قد ترك ذكره استغناء بما ظهر عما ترك، وذلك: " فأرسلوه، فأتى يوسف ، فقال له ": يا يوسف، يا أيها الصديق، (8) كما:-

19366 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: قال الملك للملأ حوله: إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ ، الآية ، وقالوا له ما قال ، وسمع نبو من ذلك ما سمع ومسألته عن تأويلها، (9) ذكر يوسف وما كان عبَرَ له ولصاحبه، وما جاء من ذلك على ما قال من قوله، قال: (أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون) يقول الله : (وادّكر بعد أمة) ، أي حقبة من الدهر ، فأتاه فقال: يا يوسف، إن الملك قد رأى كذا وكذا ، فقصّ عليه الرؤيا ، فقال فيها يوسف ما ذكر الله لنا في الكتاب، فجاءهم مثلَ فلق الصبح تأويلُها ، فخرج نبوا من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك ، وأخبره بما قال.

* * *

وقيل: إن الذي نجا منهما إنما قال: " أرسلوني" ، لأن السجن لم يكن في المدينة .

* ذكر من قال ذلك:

19367 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: (وقال الذي نجا منهما وادّكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون) قال ابن عباس: لم يكن السجن في المدينة ، فانطلق الساقي إلى يوسف ، فقال: (أفتنا في سبع بقرات سمان) الآيات.

* * *

قوله: (أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات)، فإن معناه: أفتنا في سبع بقرات سمان رُئين في المنام، يأكلهن سبعٌ منها عجاف ، وفي سبع سنبلات خضر رئين أيضًا ، وسبع أخر منهن يابسات . فأما " السمان من البقر "، فإنها السنون المخصبة، كما:-

19368 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف)، قال: أما السمان فسنون منها مخصبة ، وأما السبع العجاف، فسنون مجدبة لا تنبت شيئًا.

19369- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (أفتنا في سبع بقرات سمان)، فالسمان المخاصيب ، والبقرات العجاف: هي السنون المحُول الجُدُوب.

* * *

قوله: (وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات)، أما(الخضر) فهن السنون المخاصيب وأما(اليابسات) فهن الجدوب المحول.

و " العِجاف " جمع " عَجِف " وهي المهازيل.

* * *

وقوله: (لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون)، يقول: كي أرجع إلى الناس فأخبرهم ، (لعلهم يعلمون) يقول: ليعلموا تأويل ما سألتك عنه من الرؤيا .

----------------------

الهوامش:

(8) انظر تفسير" الصديق" فيما سلف 8 : 530 - 532 / 10 : 485 .

(9) في المطبوعة والمخطوطة :" سمع" بغير" واو" ، والصواب إثباتها .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾ اقتران اسمك بصفة جميلة، جمال وأي جمال! جمال ظاهر وجمال باطن، اللهم اجمع لنا بين حسن الاسم والصفة.
وقفة
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾، أبو بكر الصديق، الصدق منجاة، قيمة الصدق قد تكلف كثيرًا، ولكن عند الله تكتب: صديقًا.
لمسة
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾ الصديق صيغة مبالغة، مشتقة من الصدق في حالة يوسف، أو من التصديق في حالة أبي بكر الصديق، قال ابن عطية: وسماه صديقًا من حيث كان جرب صدقه في غير شيء، وهو بناء مبالغة من صدق،وسمي أبو بكر صديقًا من (صدَّق) غيره، إذ مع كل تصديق صدق، فالمصدق بالحقائق صادق أيضًا.
لمسة
[46] قال: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾ ولم يقل: (أيها السجين) مع أنه مسجون، السبب -والله أعلم- لأن آثار التهمة والجريمة لم تظهر على وجهه، ولم يسمع ولم يرَ منه إلا خيرًا، ففيها تأدّب عجيب من عاصرِ الخمر، وهذه هدية لطالب العلم فضلًا عن غيره في حسن الأدب مع العالم أو مع أهل الفضل بشكل عام.
وقفة
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾ لا تتعجب من طريقة تعامل البعض وتغيرها معك، فيوسف كان بنظرهم (متهم)، وعندما احتاجوه أصبح (صديقًا)!
وقفة
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾ أيعقل! صدِّيق ومفتٍ ومسجون في قضية أخلاقية؟ أيقبل العقل مثل هذا؟ هذا الهراء لا يكون إلا في عالم الظلم والانحطاط، والتاريخ كأنه يعيد نفسه.
وقفة
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾ بعض عاصري الخمور أكثر أدبًا مع العلماء من بعض طلبة العلم، كن سخيًا بألقاب التكريم مع من يستحقها.
وقفة
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾ لم يعلِّق لوحةً في السجن فيها ذكر شهاداته ومنجزاته، بل صدِّيقيَّته هي التي كانت تنطق بحسن أفعاله!
اسقاط
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾ نسيه في السجن بضع سنين، وعاد يستفتيه في رؤيا الملك بعدها؛ فأفتاه دون كلمة عتاب، أي نفوس تلك؟!
عمل
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾ من أدب السؤال والفُتيا: تقديم عبارات لطيفة بين يدي السؤال، كـ (شيخنا)، و(أحسن الله إليك).
عمل
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾ كن مع الله؛ يجعلْ رؤى سجانيك معك.
وقفة
[46] الصدق والإخلاص طريقان لصواب الرأي والرؤية ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾.
عمل
[46] الصدق نور يشع ولو كان من خلف غياهب السجون؛ فكن صديقًا أينما كنت ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾.
عمل
[46] سل الله تعالى أن يعلمك، ويفتح عليك، كما فتح على نبي الله تعالى يوسف عليه السلام ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾.
وقفة
[46] ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾ ووصفه بالمبالغة في الصِّدق حسبما علمه وجرَّبَ أحواله في مدة إقامته معه في السجن، وفيه إشارة إلى أنه ينبغي للمستفتي أن يعظم المفتي.
عمل
[46] اسأل عالمًا عن أسئلة الناس التي يسألونك إياها ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفْتِنَا﴾.
وقفة
[46] علم التعبير من العلوم الشرعية، وأنه يثاب الإنسان على تعلمه وتعليمه، وأن تعبير المرائي داخل في الفتوى؛ لقوله للفتيين: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [41]، وقال الملك: ﴿أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ﴾ [43]، وقال الفتى ليوسف: ﴿أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ﴾؛ فلا يجوز الإقدام على تعبير الرؤيا من غير علم.
وقفة
[46] ﴿لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ لم يذكر الساقي ليوسف أن الرؤيا خاصة بالملك، ولم يذكر اسم يوسف للملك حين قال: ﴿فَأَرْسِلُونِ﴾، ولعل هذا بسبب طمعه في الاستفراد بالجائزة واحتکار معرفة تأويل الرؤيا بلا منازعة، أو لكي لا يشترط يوسف خروجه من السجن أولًا قبل تأويل رؤيا الملك.

الإعراب :

  • ﴿ يوسف:
  • منادى مفرد بأداء نداء محذوفة أي يا يوسف: وهو مبني على الضم في محل نصب.
  • ﴿ أيها الصديق:
  • أي: منادى بأداة نداء محذوفة مبني على الضم في محل نصب و \"ها\" زائدة للتنبيه. الصديق: -صفة -نعت- لأي لأنها كلمة مشتقة مرفوعة على لفظ \"أي\" لا محلها. و \"الصديق\" فيها مبالغة أي الكثير الصدق.
  • ﴿ أفتنا:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول- أي فقابل يوسف وقال له: أفْتنا. وهي فعل أمر مبني على حذف آخره -حرف العلة- والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت: و \"نا\" ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ في سبع بقرات سمان:
  • جار ومجرور متعلق بأفتنا. بقرات: مضاف إليه مجرور بالكسرة. سمان: صفة -نعت- لبقرات مجرورة مثلها.
  • ﴿ يأكلهنَّ سبع عجاف:
  • أعربت في الآية الكريمة الثالثة والأربعين.
  • ﴿ وسبع سنبلات خضر:
  • معطوفة بالواو على \"سبع بقرات سمان\" وتعرب إعرابها.
  • ﴿ وأخر يابسات:
  • الواو عاطفة: آخر: صفة -نعت- لمحذوف يدل عليه المعنى. أي وسبع أخر مجرورة بالفتحة بدلًا من الكسرة لأنها ممنوعة من الصرف -التنوين- يابسات: صفة -نعت- لأخر مجرورة بالكسرة المنونة.
  • ﴿ لعلي أرجع إلى الناس:
  • لعل: حرف مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم \"لعل\". أرجع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. إلى الناس: جار ومجرور متعلق بأرجع والجملة في محل رفع خبر لعل.
  • ﴿ لعلهم يعلمون:
  • لعل: حرف مشبه بالفعل و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم \"لعل\". يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة في محل رفع خبر \"لعل\" بمعنى لعلهم يعلمون فضلك وحذف المفعول اختصارًا. '

المتشابهات :

يوسف: 43﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي
يوسف: 46﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     ولَمَّا أرسلوه وجاء إلى يوسف في السجن؛ قَصَّ عليه رؤيا المَلِك، قال تعالى:
﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [47] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا ..

التفسير :

[47] قال يوسف لسائله عن رؤيا الملك:تفسير هذه الرؤيا أنكم تزرعون سبع سنين متتابعة جادِّين ليَكْثُر العطاء، فما حصدتم منه في كل مرة فادَّخِروه، واتركوه في سنبله؛ ليتمَّ حفظه من التسوُّس، وليكون أبقى، إلا قليلاً مما تأكلونه من الحبوب.

فعبر يوسف، السبع البقرات السمان والسبع السنبلات الخضر، بأنهن سبع سنين مخصبات، والسبع البقرات العجاف، والسبع السنبلات اليابسات، بأنهن سنين مجدبات، ولعل وجه ذلك - والله أعلم - أن الخصب والجدب لما كان الحرث مبنيا عليه، وأنه إذا حصل الخصب قويت الزروع والحروث، وحسن منظرها، وكثرت غلالها، والجدب بالعكس من ذلك. وكانت البقر هي التي تحرث عليها الأرض، وتسقى عليها الحروث في الغالب، والسنبلات هي أعظم الأقوات وأفضلها، عبرها بذلك، لوجود المناسبة، فجمع لهم في تأويلها بين التعبير والإشارة لما يفعلونه، ويستعدون به من التدبير في سني الخصب، إلى سني الجدب فقال:{ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} أي:متتابعات.

{ فَمَا حَصَدْتُمْ} من تلك الزروع{ فَذَرُوهُ} أي:اتركوه{ فِي سُنْبُلِهِ} لأنه أبقى له وأبعد من الالتفات إليه{ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ} أي:دبروا أيضا أكلكم في هذه السنين الخصبة، وليكن قليلا، ليكثر ما تدخرون ويعظم نفعه ووقعه.

وهنا تجد يوسف- عليه السلام- لا يكتفى بتأويل الرؤيا تأويلا مجردا بل يؤولها تأويلا صادقا صحيحا، ومعه النصح والإرشاد إلى ما يجب عمله في مثل هذه الأحوال، فقال: - كما حكى القرآن عنه-: قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً....

وتزرعون هاهنا: خبر في معنى الأمر، بدليل قوله بعد ذلك «فذروه» ...

وعبر عن الأمر بالمضارع مبالغة في التعبير عن استجابتهم لنصيحته، فكأنهم قد امتثلوا أمره، وهو يخبر عن هذا الامتثال.

ودَأَباً مصدر دأب على الشيء إذا استمر عليه ولازمه يقال: دأب فلان على فعل هذا الشيء يدأب دأبا ودأبا إذا داوم عليه، وهو حال من ضمير «تزرعون» أى قال يوسف للساقى: فارجع إلى قومك فقل لهم إن يوسف يأمركم أن تزرعوا أرضكم سبع سنين زراعة مستمرة على حسب عادتكم.

فَما حَصَدْتُمْ من زرعكم في كل سنة، فذروه في سنبله، أى: فاتركوا الحب في سنبله ولا تخرجوه منها حتى لا يتعرض للتلف بسبب السوس أو ما يشبهه: إلا قليلا مما تأكلون،أى: اتركوا الحب في سنبله فلا تخرجوه منها، إلا شيئا قليلا منه فأخرجوه من السنابل لحاجتكم إليه في مأكلكم.

وفي هذه الجملة إرشاد لهم إلى أن من الواجب عليهم أن يقتصدوا في مأكولاتهم إلى أقصى حد ممكن لأن المصلحة تقتضي ذلك.

قال القرطبي: هذه الآية أصل في القول بالمصالح الشرعية التي هي حفظ الأديان والنفوس والعقول والأنساب والأموال، فكل ما تضمن تحصيل شيء من هذه الأمور فهو مصلحة، وكل ما يفوت شيئا منها فهو مفسدة ودفعه مصلحة ولا خلاف، فإن مقصود الشرائع إرشاد الناس إلى مصالحهم الدنيوية ليحصل لهم التمكن من معرفة الله- تعالى- وعبادته الموصلتين إلى السعادة الأخروية، ومراعاة ذلك فضل من الله- عز وجل- ورحمة رحم بها عباده ... ».

بل قال : ( تزرعون سبع سنين دأبا ) أي يأتيكم الخصب والمطر سبع سنين متواليات ، ففسر البقر بالسنين; لأنها تثير الأرض التي تستغل منها الثمرات والزروع ، وهن السنبلات الخضر ، ثم أرشدهم إلى ما يعتمدونه في تلك السنين فقال : ( فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ) أي : مهما استغللتم في هذه السبع السنين الخصب فاخزنوه في سنبله ، ليكون أبقى له وأبعد عن إسراع الفساد إليه ، إلا المقدار الذي تأكلونه ، وليكن قليلا قليلا لا تسرفوا فيه ، لتنتفعوا في السبع الشداد ، وهن السبع السنين المحل التي تعقب هذه السبع متواليات ، وهن البقرات العجاف اللاتي يأكلن السمان; لأن سني الجدب يؤكل فيها ما جمعوه في سني الخصب ، وهن السنبلات اليابسات .

وأخبرهم أنهن لا ينبتن شيئا ، وما بذروه فلا يرجعون منه إلى شيء;

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف لسائله عن رؤيا الملك: (تزرعون سبع سنين دأبًا) يقول: تزرعون هذه السبع السنين ، كما كنتم تزرعون سائر السنين قبلها على عادتكم فيما مضى .

* * *

و " الدأب "، العادة، (10) ومن ذلك قول امرئ القيس:

كَــدَأْبِكَ مِــنْ أُمِّ الحُـوَيْرِثِ قَبْلَهَـا

وَجَارَتِهـــا أُمِّ الرَّبَــابِ بِمأْسَــلِ (11)

يعني كعادتك منها .

* * *

وقوله: (فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون)، وهذا مشورة أشار بها نبي الله صلى الله عليه وسلم على القوم ، ورأيٌ رآه لهم صلاحًا، يأمرهم باستبقاء طعامهم، كما:-

19370 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال: قال لهم نبيّ الله يوسف : (تزرعون سبع سنين دأبًا) الآية ، فإنما أراد نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم البقاء.

----------------------

الهوامش:

(10) انظر تفسير" الدأب" فيما سلف 6 : 224 ، 225 / 14 : 19 .

(11) مضى البيت وتخريجه فيما سلف 6 : 225 .

المعاني :

دَأَبًا :       مُتَتَابِعَةً، وَأَنْتُمْ جَادُّونَ في العَمَلِ السراج
دأبا :       دائبين كعادتكم في الزّراعة معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[47] ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ﴾ انتفعوا لما حدد الوقت، الدراسات الاستشرافية المفتوحة غير المقيدة بأزمان محددة: قليلة الجدوى ولا أثر لها في الواقع.
وقفة
[47] ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا﴾ المطلوب :مضاعفة الإنتاج وتقليل الاستهلاك، فسلوك الناس في الأزمات غير سلوكهم في الرخاء .
لمسة
[47] العام في الاستعمال القرآني هو لما فيه خير، والسنة لما فيه شر، ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا﴾؛ الزرع فيه جهد في هذه السنين جدب وقحط.
وقفة
[47] ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ﴾ الذكاء، والفطنة، وجوهر الانسان، ومعدنه النفيس مهما حاول البعض طمسه لابد أن يظهر.
وقفة
[47] ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ﴾ إدارة الأزمات الاقتصادية بالمتاح من الموارد.
وقفة
[47] ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾ هذه الآية أصل في القول بالمصالح الشرعية؛ التي هي حفظ الأديان والنفوس والعقول والأنساب والأموال، فكل ما تضمن تحصيل شيء من هذه الأمور فهو مصلحة، وكل ما يفوت شيئًا منها فهو مفسدة، ودفعه مصلحة.
وقفة
[47] ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾ ذكر له يوسف عليه السلام تعبيرها من غير تعنيف للفتى في نسيانه ما وصاه به، ومن غير اشتراط للخروج قبل ذلك.
وقفة
[47] ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾ وقد مزج تعبيره بإرشاد جليل لأحوال التموين والادخار لمصلحة الأمة.
عمل
[47] ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾ خطط جيدًا لأزماتك، ولا تظن أن التوكل على الله يعني ألا تفعل شيئًا، بل افعل وتوكل.
وقفة
[47] ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾ تأمل في قصة يوسف عليه السلام: استعبدوه، استخدموه، اتهموه، سجنوه؛ ولم يمنعه ذلك أن ينصح لهم.
وقفة
[47] ﴿فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ﴾ إنها أخلاق الكبار، فبعد كل هذا الظلم والسجن لبضع سنين يمحضهم النصيحة لإصلاح دنياهم، إنه حلم الأنبياء.
وقفة
[47] ﴿فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ﴾ من داخل السجن يقدم يوسف عليه السلام نصائحه المشفقة إلى المجتمع الذي ألقاه ظلمًا في الزنزانة، حينما تعبر الأرواح نهر الضغينة.
عمل
[47] ﴿فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ﴾ لا تكن موضوعيًا وحرفيًا في تأويلك وإجابتك: قدم نصائحك وإرشاداتك في طي التأويل والبيان.
وقفة
[47] المرحلة الأولى من خطة الإنقاذ المصيرية تستغرق سبع سنين، وحدد يوسف عليه السلام معالمها كما يلي: - خطة الإنتاج: ﴿تَزْرَعُونَ ﴾. - مدة الإنتاج: ﴿سَبْعَ سِنِينَ﴾. - معدل الإنتاج: ﴿دَأَبًا﴾ أي عملًا دائبًا متواصلًا بزيادة ساعات العمل. - زيادة المدخرات: ﴿فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ﴾. - ترشيد الإنفاق والاستهلاك: ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾.
وقفة
[47] ﴿فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِه﴾ إنها صدمة لشهوات الاستهلاك الغريزية في مدة طويلة، ولكن المصلحين لا ينافقون الشعوب.
وقفة
[47] ﴿فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِه﴾ من المؤكد أنه مات خلق كثير في هذه السبع كان بوسعهم التوسعة على أنفسهم، لكن يوسف أراد أمة تفكر في مستقبل أطفالها.
وقفة
[47] ﴿فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِه﴾ لقد كانت لهم احتياجات كثيرة في زمن الرخاء قد تبدو لهم ضرورية لكن لا بد من ربط الأحزمة، لا تكن موضوعيًا وحرفيًا في تأويلك وإجابتك، قدم نصائحك وإرشاداتك في طي التأويل والبيان.
وقفة
[47] سنينك العجاف بحاجة لرؤية رشيدة: ﴿فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِه﴾، وأحلامك البعيدة بحاجة ليقين: ﴿عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ [83].

الإعراب :

  • ﴿ قال:
  • فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. والجملة بعده في محل نصب مفعول به. لقال.
  • ﴿ تزرعون:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة خبرية في معنى الأمر وقد خرج الأمر في صورة الخبر للمبالغة بمعنى \"ازرعوا\" بدليل قوله فذروه في سنبله.
  • ﴿ سبع سنين:
  • مفعول فيه منصوب على الظرفية الزماتية بالفتحة. سنين: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والكلمة \"سنين\" تجري عليها الحركات والحروف.
  • ﴿ دأبًا:
  • مصدر \"دأب\" حال من \"المأمورين\" أي دائبين منصوب بالفتحة. أو بمعنى: ذوي دأب على إيقاع المصدر حالًا ويجوز أن تكون مفعولًا مطلقًا على تدأبون دأبًا أي على معنى \"تزرعون\" تدأبون.
  • ﴿ فما حصدتم:
  • الفاء استئنافية. ما: اسم شرط جازم في محل نصب مفعول به مقدم لفعل \"حصد\". حصدتم: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في حل جزم بما. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور، بمعنى: فالذي حصدتموه.
  • ﴿ فذروه:
  • الفاء واقعة في جواب الشرط. ذروه: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. بمعنى: فدعوه.
  • ﴿ في سنبله إلا قليلًا:
  • جار ومجرور متعلق بذروه والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. إلّا: أداة استثناء. قليلًا: صفة -نعت- للمصدر أو نائب مفعول مطلق منصوب بالفتحة بتقدير: إلّا حصادًا قليلًا لتموين البلاد.
  • ﴿ مما تأكلون:
  • مكونة من \"من\" حرف جر و \"ما\" اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بقليلًا. تأكلون: تعرب إعراب \"تزرعون\" وجملة \"تأكلون\" صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: تأكلونه. '

المتشابهات :

يوسف: 47﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ
يوسف: 48﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     ولَمَّا قَصَّ عليه رؤيا المَلِك؛ لم يعاتبه يوسف عليه السلام على نسيانه، بل بدأَ في تفسير هذه الرؤيا، قال تعالى:
﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

دأبا:
قرئ:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة حفص.
2- بإسكانها، وهى قراءة الجمهور.

مدارسة الآية : [48] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ ..

التفسير :

[48] ثم يأتي بعد هذه السنين الخِصْبة سبعُ سنين شديدة الجَدْب، يأكل أهلها كل ما ادَّخرتم لهن من قبل، إلا قليلاً مما تحفظونه وتدَّخرونه ليكون بذوراً للزراعة.

{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي:بعد تلك السنين السبع المخصبات.{ سَبْعٌ شِدَادٌ} أي:مجدبات جدا{ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} أي:يأكلن جميع ما ادخرتموه ولو كان كثيرا.{ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} أي:تمنعونه من التقديم لهن.

وقوله ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أى: من بعد تلك السنين السبع المذكورات التي تزرعونها على عادتكم المستمرة في الزراعة.

سَبْعٌ شِدادٌ أى: سبع سنين صعاب على الناس، لما فيهن من الجدب والقحط، يأكلن ما قدمتم لهن، أى: يأكل أهل تلك السنين الشداد، كل ما ادخروه في السنوات السبع المتقدمة من حبوب في سنابلها.

وأسند الأكل إلى السنين على سبيل المجاز العقلي، من إسناد الشيء إلى زمانه.

وقوله إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ أى: أن تلك السنين المجدبة ستأكلون فيها ما ادخرتموه في السنوات السابقة، إلا شيئا قليلا منه يبقى محرزا، لتنتفعوا به في زراعتكم لأرضكم.

فقوله تُحْصِنُونَ من الإحصان بمعنى الإحراز والادخار، يقال أحصن فلان الشيء، إذا جعله في الحصن، وهو الموضع الحصين الذي لا يوصل إليه إلا بصعوبة.

وحاصل تفسير يوسف- عليه السلام- لتلك الرؤيا: أنه فسر البقرات السمان والسنبلات الخضر، بالسنين السبع المخصبة. وفسر البقرات العجاف والسنبلات اليابسات بالسنين السبع المجدبة التي تأتى في أعقاب السنين المخصبة وفسر ابتلاع البقرات العجاف للبقرات السمان، بأكلهم ما جمع في السنين المخصبة، في السنين المجدبة.

ولقد كان هذا التأويل لرؤيا الملك تأويلا صحيحا صادقا من يوسف- عليه السلام- بسببه أنقذ الله- تعالى- مصر من مجاعة سبع سنين.

ولهذا قال : ( يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون )

ثم بشرهم بعد الجدب في العام المتوالي بأنه يعقبهم بعد ذلك ( عام فيه يغاث الناس ) أي : يأتيهم الغيث ، وهو المطر ، وتغل البلاد ، ويعصر الناس ما كانوا يعصرون على عادتهم ، من زيت ونحوه ، وسكر ونحوه حتى قال بعضهم : يدخل فيه حلب اللبن أيضا .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ( وفيه يعصرون ) يحلبون .

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48)

قال أبو جعفر : يقول: ثم يجيء من بعد السنين السبع التي تزرعون فيها دأبًا ، سنون سبع شداد، يقول: جدوب قحطة ، (يأكلن ما قدمتم لهن)، يقول: يؤكل فيهنّ ما قدمتم في إعداد ما أعددتم لهن في السنين السبعة الخصبة من الطعام والأقوات .

* * *

وقال جل ثناؤه: (يأكلن)، فوصف السنين بأنهن ( يأكلهن) ، وإنما المعنى: أن أهل تلك الناحية يأكلون فيهن ، كما قيل: (12)

نَهَـارُكَ يَـا مَغْـرُورُ سَـهْوٌ وَغَفْلَـةٌ

وَلَيْلُــكَ نَــوْمٌ والـرَّدَى لَـكَ لازِمُ (13)

فوصف النهار بالسهو والغفلة، والليل بالنوم ، وإنما يسهى في هذا ويغفل فيه، وينام في هذا ، لمعرفة المخاطبين بمعناه والمراد منه.

* * *

، ( إلا قليلا مما تحصنون) ، يقول: إلا يسيرًا مما تحرزونه .

* * *

والإحصان: التصيير في الحصن، وإنما المراد منه الإحراز .

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19371 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله: (يأكلن ما قدمتم لهن)، يقول: يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت ، (إلا قليلا مما تحصنون).

19372- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد)، وهنّ الجدوب المحُول ، (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون).

19373- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد)، وهن الجدوب ، (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون) ، مما تدَّخرون.

19374 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله: (إلا قليلا مما تحصنون)، يقول: تخزنون.

19375- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن عباس: (تحصنون) ، تحرزون.

19376 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي: (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون)، قال: مما تَرْفَعون.

* * *

قال أبو جعفر : وهذه الأقوال في قوله: (تحصنون)، وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيه ، فإن معانيها متقاربة ، وأصل الكلمة وتأويلها على ما بيَّنت .

----------------------

الهوامش:

(12) هو عبد الله بن عبد الأعلى بن أبي عمرة .

(13) الأخبار الطوال : 333 ، سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي : 225 ، تاريخ ابن كثير 9 : 206 ، وغيرها ، يقول :

أَيَقْظَـانُ أَنْـتَ اليَـوْمَ أَمْ أَنْـتَ حَـالِمُ

وكـيف يطيـق النَّـوْمَ حَـيْرَانُ هَـائِمُ

فَلَـوْ كُـنْتَ يَقْظَـانَ الغَـدَاةَ لَحَـرَّقَتْ

مَحَــاجِرَ عَيْنَيْـكَ الدُّمُـوعُ السَّـوَاجِمُ

بَلَ أَصْبَحْتَ فِي النَّوْمِ الطَّـوِيلِ وَقَدْ دَنَتْ

إلَيْــكَ أُمُــورٌ مُفْظِعَــاتٌ عَظَـائمُ

نَهَـارُكَ يَـا مَغْـرُورُ سَـهْوٌ وَغَفْلَـةٌ

ولَيْلُــكَ نَــوْمٌ , وَالـرَّدَى لـك لاَزِمُ

تُسَـرُّ بِمَا يَبْـلَى , وَتُشْـغَلُ بِـالمُنَى

كَمَـا سُـرَّ بِـالأَحْلامِ فِـي النَّـوْم نَائِمُ

وَسَـعْيُكَ فِيمـا سَـوْفَ تَكْـرَهُ غِبَّـهُ

كَــذَلِكَ فِــي الدُّنْيَـا تَعِيشُ البَهَـائِمُ

فَـلا أَنْـتَ فِـي النُّـوَّامِ يَوْمًـا بِسَالِمٍ

وَلا أَنْـتَ فِــي الأيْقَـاظِ يَقْظَانُ حَازِمُ

.

المعاني :

تُحْصِنُونَ :       تَحْفَظُونَ، وَتَدَّخِرُونَ السراج
تُحصنون :       تخبؤونه من البذر للزّراعة معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[48] ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ﴾ لا يخوفونك بالسنين الشداد؛ فقد جاءت بيوسف إلى خزائن الأرض وحملت إليه إخوته بإذن الله. رب شديدة تفتح لك فيها الخزائن.
لمسة
[48] ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ﴾ درس إداري مهم! اعتمدت خطة يوسف عليه السلام مبدأ المشاركة، ولاحظ مخاطبته لرسول الملك بقوله: (تزرعون)، و(حصدتم)، (فذروه)، (تحصنون)، فالخطاب بصيغة الجمع، أي للناس جميعًا، إشارة إلى ضرورة إشراك كافة المستويات في إعداد الخطة وتنفيذها.
وقفة
[48، 49] ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ﴾، ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ سبع سنوات شداد طويلة مرهقة محى أساها عام واحد فقط؛ هكذا عوض الله إذا حل.

الإعراب :

  • ﴿ ثم يأتي من بعد ذلك:
  • ثم: حرف عطف. يأتي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. من بعد: جار ومجرور متعلق بيأتي. ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.
  • ﴿ سبع شداد:
  • أي سنين من القحط. سبع: فاعل مرفوع بالضمة. شداد: صفة -نعت- لسبع مرفوعة مثلها بالضمة
  • ﴿ يأكلن:
  • الجملة: في محل رفع صفة ثانية لسبع أو حال لها بعد وصفها. يأكلن: فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع والنون ضمير مبهم مبني على الفتح في محل رفع فاعل وهو من الإسناد المجازي جعل أكل أهلهنَّ مسند اليهنَّ.
  • ﴿ ما قّدمتُمْ لهن:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. قدَّمتم: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. لهن: جار ومجرور متعلق بقدمتم.
  • ﴿ إلّا قليلًا مما تحصنون:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. وتحصنون: تحرزون لبذر الزراعة. '

المتشابهات :

يوسف: 48﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ
يوسف: 49﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     ولَمَّا أتَمَّ المشورةَ؛ رَجَعَ إلى بقية تفسير الرؤيا، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [49] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ ..

التفسير :

[49] ثم يأتي من بعد هذه السنين المجدبة عام يغاث فيه الناس بالمطر، فيرفع الله تعالى عنهم الشدة، ويعصرون فيه الثمار من كثرة الخِصْب والنماء.

{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} أي:بعد السبع الشداد{ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} أي:فيه تكثر الأمطار والسيول، وتكثر الغلات، وتزيد على أقواتهم، حتى إنهم يعصرون العنب ونحوه زيادة على أكلهم، ولعل استدلاله على وجود هذا العام الخصب، مع أنه غير مصرح به في رؤيا الملك، لأنه فهم من التقديربالسبع الشداد، أن العام الذي يليها يزول به شدتها،.ومن المعلوم أنه لا يزول الجدب المستمر سبع سنين متواليات، إلا بعام مخصب جدا، وإلا لما كان للتقدير فائدة، فلما رجع الرسول إلى الملك والناس، وأخبرهم بتأويل يوسف للرؤيا، عجبوا من ذلك، وفرحوا بها أشد الفرح.

وقوله ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ تبشير لهم بأن الخير سيأتيهم، بعد تلك السنوات الشداد، فقد جرت سنة الله- تعالى- أن يعقب العسر باليسر.

ولفظ يُغاثُ من الغوث بمعنى إزالة الهم والكرب عن طريق الأمطار التي يسوقها الله- تعالى- لهم بعد تلك السنوات الشداد التي قل فيها المطر.

يقال: غاث الله- تعالى- البلاد غيثا، إذا ساق لها المطر بعد أن يئسوا من نزوله، ويعصرون من العصر وهو الضغط على ما من شأنه أن يعصر، لإخراج ما فيه من مائع سواء كان هذا المائع زيتا أم ماء أم غيرهما.

أى: ثم يأتى من بعد تلك السنين السبع الشداد، عام فيه تزول الهموم والكروب ونقص الأموال عن الناس، بسبب إرسال الله- تعالى- المطر عليهم، فتخضر الأرض وتنبت من كل زوج بهيج، وفيه يعصرون من ثمار مزروعاتهم ما من شأنه أن يعصر كالزيتون وما يشبهه.

وهذا كناية عن بدء حلول الرخاء بهم، بعد تلك السنوات الشداد، وما قاله يوسف- عليه السلام- عن هذا العام الذي يأتى في أعقاب السنوات السبع الشداد، لا مقابل له في رؤيا الملك، بل هو خارج عنها، وذلك لزيادة التبشير للملك والناس، ولإفهامهم أن هذا العلم إنما بوحي من الله- تعالى- الذي يجب أن يخلص له الجميع العبادة والطاعة.

وإلى هنا نرى أن يوسف- عليه السلام- قد فسر رؤيا الملك تفسيرا سليما حكيما، من نتائجه الخير للملك وقومه ...

فماذا فعل الملك مع يوسف- عليه السلام- بعد ذلك؟

لقد قص علينا القرآن الكريم ما طلبه الملك من حاشيته وما رد به يوسف- عليه السلام- على رسول الملك، وما قالته النسوة وامرأة العزيز في شأن يوسف وما طلبه- عليه السلام- من الملك، استمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى كل ذلك بأسلوبه الخاص فيقول:

ولهذا قال : ( يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون )

ثم بشرهم بعد الجدب في العام المتوالي بأنه يعقبهم بعد ذلك ( عام فيه يغاث الناس ) أي : يأتيهم الغيث ، وهو المطر ، وتغل البلاد ، ويعصر الناس ما كانوا يعصرون على عادتهم ، من زيت ونحوه ، وسكر ونحوه حتى قال بعضهم : يدخل فيه حلب اللبن أيضا .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ( وفيه يعصرون ) يحلبون .

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)

قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من يوسف عليه السلام للقوم عما لم يكن في رؤيا ملكهم ، ولكنه من علم الغيب الذي آتاه الله دلالةً على نبوته وحجة على صدقة، كما:-

19377- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال: ثم زاده الله علم سنة لم يسألوه عنها ، فقال: (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون).

* * *

ويعني بقوله: (فيه يغاث الناس)، بالمطر والغيث .

* * *

وبنحو ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19378 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس)، قال: فيه يغاثون بالمطر.

19379 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك: (فيه يغاث الناس)، قال: بالمطر.

19380 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن عباس: (ثم يأتي من بعد ذلك عام)، قال: أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه ، وكان الله قد علمه إياه، ( عام فيه يغاث الناس) ، بالمطر.

19381 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (فيه يغاث الناس)، بالمطر.

* * *

وأما قوله: (وفيه يعصرون)، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.

فقال بعضهم: معناه: وفيه يعصرون العنب والسمسم وما أشبه ذلك .

*ذكر من قال ذلك:

19382 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس: (وفيه يعصرون) ، قال: الأعناب والدُّهْن.

19383- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن عباس: (وفيه يعصرون)، السمسم دهنًا ، والعنب خمرًا ، والزيتون زيتًا.

19384- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: (عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون)، يقول: يصيبهم غيث ، فيعصرون فيه العنب ، ويعصرون فيه الزيت ، ويعصرون من كل الثمرات.

19385 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن &; 16-130 &; ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (وفيه يعصرون)، قال: يعصرون أعنابهم.

19386 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: (وفيه يعصرون)، قال: العنب.

19387 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك: (وفيه يعصرون)، قال: الزيت.

19388 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة: " وفيه يعصرون " قال: كانوا يعصرون الأعناب والثمرات.

19389- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (وفيه يعصرون)، قال: يعصرون الأعناب والزيتون والثمار من الخصب. هذا علم آتاه الله يوسف لم يُسْأل عنه.

* * *

وقال آخرون: معنى قوله: (وفيه يعصرون)، وفيه يَحْلِبون.

*ذكر من قال ذلك:

19390 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني فضالة ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: (وفيه يعصرون)، قال: فيه يحلبون.

19391 - حدثني المثنى قال ،أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال ، حدثنا الفرج بن فضالة ، عن علي بن أبي طلحة قال: كان ابن عباس يقرأ: " وَفِيهِ تَعْصرُونَ" بالتاء ، يعني: تحتلبون.

* * *

واختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأه بعض قرأة أهل المدينة والبصرة والكوفة: (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) ، بالياء ، بمعنى ما وصفت، من قول من قال: عصر الأعناب والأدهان .

* * *

وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: " وَفِيهِ تَعْصِرُونَ"، بالتاء .

وقرأ بعضهم: " وَفِيهِ يُعْصَرُونَ"، بمعنى: يمطرون.

وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، لخلافها ما عليه قرأة الأمصار .

* * *

قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك أن لقارئه الخيارَ في قراءته بأي القراءتين الأخريين شاء ، إن شاء بالياء، ردًّا على الخبر به عن " الناس " ، على معنى: فيه يُغاث الناس وفيه يَعْصرون أعنابهم وأدهانهم ، وإن شاء بالتاء، ردًّا على قوله: (إلا قليلا مما تحصنون)، وخطابًا به لمن خاطبه بقوله: يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ ، لأنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار باتفاق المعنى ، وإن اختلفت الألفاظ بهما . وذلك أن المخاطبين بذلك كان لا شك أنهم إذا أغيثوا وعَصَروا، أغيث الناس الذين كانوا بناحيتهم وعصروا. وكذلك كانوا إذا أغيث الناس بناحيتهم وعصروا ، أغيث المخاطبون وعَصَروا ، فهما متفقتا المعنى ، وإن اختلفت الألفاظ بقراءة ذلك .

* * *

وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مَذهب كلام العرب، (14) يوجه معنى قوله: (وفيه يعصرون) إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث ، ويزعم أنه من " العَصَر " و " العُصْرَة " التي بمعنى المنجاة ، (15) من قول أبي زبيد الطائي:

صَادِيًــا يَسْــتَغِيثُ غَــيْرَ مُغَـاثٍ

وَلَقَــدْ كَــانَ عُصْــرَةَ المَنْجُـودِ (16)

أي المقهور. ومن قول لبيد:

فَبَـاتَ وَأَسْـرَى الْقَـوْمُ آخِـرَ لَيْلِهِـمْ

وَمَــا كَـانَ وقافًـا بِغَـيْرِ مُعَصَّـرِ (17)

وذلك تأويل يكفي من الشهادة على خطئه خلافه قول جميع أهل العلم من الصحابة والتابعين .

* * *

وأما القول الذي رَوَى الفرج بن فضالة، عن علي بن أبي طلحة ، (18) فقولٌ لا معنى له ، لأنه خلاف المعروف من كلام العرب، وخلاف ما يعرف من قول ابن عباس.

----------------------

الهوامش:

(14) يعني أبا عبيدة معمر بن المثنى ، فهو قائل ذلك في كتابه مجاز القرآن 1 : 313 ، 314 .

(15) في المطبوعة والمخطوطة (من العصر والعصر) التي بمعنى المناجاة، والصواب من مجاز القرآن لأبي عبيدة .

(16) أمالي اليزيدي : 8 ، وجمهرة أشعار العرب : 138 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 313 واللسان ( نجد ) و ( عصر ) ، وغيرها ، من قصيدة رثى بها أخاه اللجلاج ، وكان مات عطشًا في طريق مكة . يقول قبله ، وهو من جيد الشعر :

كُــلَّ مَيْـتٍ قَـدِ اغْتَفَرَتُ فَـلاَ أَجْـ

ـزَعُ مِــنْ وَالِـــدٍ وَلاَ مَوْلُــودِ

غَــيْرَ أَنَّ اللّجْــلاجَ هَـدَّ جَنَـاحِي

يَــوْمَ فَارَقْتُــهُ بِــأَعْلَى الصَّعِيـدِ

فِــي ضَـرِيحٍ عَلَيْـهِ عِـبْءٌ ثَقِيـلٌ

مِــنْ تُــرَابٍ وَجَــنْدَلٍ مَنْضـودِ

عَـنْ يَمِيـنِ الطَّـرِيقِ عِنْـدَ صَدٍ حَرَّ

انَ يَدْعُــو بــاللَّيْلِ غَــيْرَ مَعُـودِ

و" المنجود" المكروب ، والمقهور ، والهالك ، كله جيد .

(17) ديوانه ، القصيدة 14 ، بيت رقم : 12 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 295 ، 314 ، واللسان ( عصر ) ، و غيرها ، من قصيدة ذكر فيها من هلك من قومه ، وهذا البيت من ذكر قيس بن جزء ابن خالد بن جعفر ، وكان خرج غازيًا فظفر ، فلما رجع مات فجأه على ظهر فرسه ، بات على فرسه ربيئة لأصحابه ، وعليه الدرع ، فهرأه البرد فقتله . ففي ذلك يقول لبيد :

وقيسُ بـن جَـزْءٍ يَـوْمَ نَادَى صِحَابَهُ

فَعَـاجُوا عَلَيْـهِ مِـنْ سَـوَاهِمَ ضمَّـرِ

طَوَتْـهُ المَنَايَـا فَـوْقَ جَـرْدَاءَ شَطْبَةٍ

تَــدِفُّ دَفِيــفَ الطَّـائحِ المُتَمَطِّـرِ

فَبَــــات ........................

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يقول : نادى صحابه ، فعطفوا عليه خيلا قد لوحها السفر وهزلها ، وقد أخذته يد الموت وهو على ظهر فرسه الجرداء الطويلة ،" تدف" ، أي تطير طيرانًا كما يفعل الطائر وهو قريب من وجه الأرض ، و" الرائح المتمطر" ، وهو الطائر الذي يؤوب إلى فراخه ، طائرًا في المطر ، هاربًا منه ، فذلك أسرع له .

يقول : فبات عليها هلكًا ، وسار أصحابه ، ولم يتأخر عنهم إلا لأمر أصابه . ورواية الديوان :" بدار معصر" ، وذكر الرواية الأخرى .

(18) انظر رقم : 19391 .

المعاني :

يُغاث النّاس :       يُمطرون فتخصب أراضيهم معاني القرآن
يَعْصِرُونَ :       يَعْصِرُونَ الثِّمَارَ؛ لِكَثْرَةِ الخِصْبِ السراج
يعصرون :       ما شأنه أن يُعصر كالزّيتون معاني القرآن

التدبر :

عمل
[49] ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ ابحث في البؤس عن النعم.
وقفة
[49] ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ الفرج يأتيك بعد الشدة وبعد الوصول الى درجة اليأس وانغلاق الأبواب عندها يفتح باب رحمة الله.
وقفة
[49] ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ وهو من الغيث وهو المطر، أو من الغوث وهو الفرج، وكلاهما يوصل إلى سنة الله في حصول اليسربعد العسر.
وقفة
[49] ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ الكريم كريم في كل شيء! قال قتادة: «زاده الله علم سنة لم يسألوه عنها، إظهارًا لفضله، وإعلامًا لمكانته من العلم وبمعرفته».

الإعراب :

  • ﴿ ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. فيه: جار ومجرور متعلق بيغاث. يغاثُ: فعل مضارع مرفوع بالضمة مبني للمجهول. الناس: نائب فاعل مرفوع بالضمة أي فيه يمطرون وجملة \"فيه يغاث الناس\" في محل رفع صفة لعام.
  • ﴿ وفيه يعصرون:
  • الواو عاطفة. فيه: جار ومجرور متعلق بيعصرون. يعصرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل ومعموله محذوف بمعنى: يعصرون فيه العنب والزيتون وقيل بمعنى يحلبون إشارة إلى اللبن '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     وبعد الفراغ من تأويل الرؤيا؛ بشَّرهم بمجيء العام الثامن مباركًا خصيبًا كثير الخير، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يعصرون:
1- يعصرون، بالياء، على الغيبة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تعصرون، بالتاء، على الخطاب، وهى قراءة الأخوين.
3- تعصرون، بضم الياء وفتح الصاد، مبنيا للمفعول، وهى قراءة جعفر بن محمد، والأعرج، وعيسى.
4- تعصرون، بالتاء مضمومة على الخطاب، مبنيا للمفعول، ورويت عن عيسى أيضا.
5- يعصرون، بالياء مضمومة وكسر الصاد مشددة، حكيت عن النقاش.
6- تعصرون، بكسر التاء والعين والصاد وشدهما، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [50] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا ..

التفسير :

[50] وقال الملك لأعوانه:أخرجوا الرجل المعبِّر للرؤيا من السجن وأحضروه لي، فلما جاءه رسول الملك يدعوه قال يوسف للرسول:ارجع إلى سيدك الملك، واطلب منه أن يسأل النسوة اللاتي جرحن أيديهن عن حقيقة أمرهن وشأنهن معي؛ لتظهر الحقيقة للجميع، وتتضح براءتي، إن ربي ع

يقول تعالى:{ وَقَالَ الْمَلِكُ} لمن عنده{ ائْتُونِي بِهِ} أي:بيوسف عليه السلام، بأن يخرجوه من السجن ويحضروه إليه، فلما جاء يوسف الرسول وأمره بالحضور عند الملك، امتنع عن المبادرة إلى الخروج، حتى تتبين براءته التامة، وهذا من صبره وعقله ورأيه التام.

فـ{ قَالَ} للرسول:{ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} يعني به الملك.{ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} أي:اسأله ما شأنهن وقصتهن، فإن أمرهن ظاهر متضح{ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ}.

فقوله- سبحانه- وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ... حكاية لما طلبه الملك في ذلك الوقت من معاونيه في شأن يوسف- عليه السلام-، وفي الكلام حذف يفهم من المقام، والتقدير:

وقال الملك بعد أن سمع من ساقيه ما قاله يوسف في تفسير الرؤيا أحضروا لي يوسف هذا لأراه وأسمع منه، وأستفيد من علمه.

وهذا يدل- كما يقول الإمام الرازي- على فضيلة العلم، فإنه- سبحانه- جعل ما علمه ليوسف سببا لخلاصه من المحنة الدنيوية، فكيف لا يكون العلم سببا للخلاص من المحن الأخروية؟ .

وقوله- سبحانه- فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ، إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ بيان لما قاله يوسف- عليه السلام- لرسول الملك ...

أى: فلما جاء رسول الملك إلى يوسف ليخبره بأن الملك يريد لقاءه، قال له يوسف بأناة وإباء: ارجع إلى ربك، أى إلى سيدك الملك «فاسأله» قبل خروجي من السجن وذهابي إليه «ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن» أى: ما حالهن، وما حقيقة أمرهن معى، لأن الكشف عن حقيقة أمرهن معى يهمني أن يكون واضحا في الأذهان والعقول، حتى يعرف الجميع أننى برئ، وأننى نقى العرض طاهر الذيل.

والمراد بالسؤال في قوله «ارجع إلى ربك فاسأله» الحث والتحريض على معرفة حقيقة أمر النسوة اللائي قطعن أيديهن ...

ولم يكشف له يوسف عن حقيقة أمرهن معه لزيادة تهييجه على البحث والتقصي إذ من شأن الإنسان- خصوصا إذا كان- حاكما- أن يأنف من أن يسأل عن شيء مهم، ثم لا يهتم بالإجابة عنه.

وقد آثر يوسف- عليه السلام- أن يكون هذا السؤال وهو في السجن لتظهر الحقيقة خالصة ناصعة، دون تدخل منه في شأنها.

وجعل السؤال عن النسوة اللائي قطعن أيديهن دون امرأة العزيز، وفاء لحق زوجها، واحترازا من مكرها، ولأنهن كن شواهد على إقرارها بأنها قد راودته عن نفسه، فقد قالت أمامهن بكل تبجح وتكشف فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ» .

واكتفى بالسؤال عن تقطيع أيديهن، دون التعرض لكيدهن له، سترا لهن، وتنزها منه- عليه السلام- عن ذكرهن بما يسوؤهن.

ولذا فقد اكتفى بالإشارة الإجمالية إلى كيدهن، وفوض أمرهن إلى الله- تعالى- فقال:

إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ.

أى إن ربي وحده هو العليم بمكرهن بي، وكيدهن لي، وهو- سبحانه- هو الذي يتولى حسابهن على ذلك.

ولا شك في أن امتناع يوسف- عليه السلام- عن الذهاب إلى الملك إلا بعد التحقيق في قضيته، يدل دلالة واضحة على صبره، وسمو نفسه، وعلو همته ...

ولقد أجاد صاحب الكشاف في تعليله لامتناع يوسف عن الخروج من السجن للقاء الملك إلا بعد أن تثبت براءته فقال: «إنما تأنى وتثبت يوسف في إجابة الملك، وقدم سؤال النسوة، ليظهر براءة ساحته عما قذف به وسجن فيه، لئلا يتسلق به الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده. ويجعلوه سلما إلى حط منزلته لديه، ولئلا يقولوا: ما خلد في السجن إلا لأمر عظيم، وجرم كبير، حق به أن يسجن ويعذب، ويستكف شره.

وفيه دليل على أن الاجتهاد في نفى التهم، واجب وجوب اتقاء الوقوف في مواقفها» .

وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية بعض الأحاديث في فضل يوسف- عليه السلام- فقال ما ملخصه:

وقد وردت السنة بمدحه على ذلك- أى على امتناعه من الخروج من السجن حتى يتحقق الملك ورعيته من براءة ساحته ونزاهة عرضه- ففي الصحيحين عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن أحق بالشك من إبراهيم، إذ قال: رب أرنى كيف تحيى الموتى؟ قال: أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي، ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوى إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي» .

وروى الإمام أحمد عن أبى هريرة في قوله- تعالى- فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ... أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو كنت أنا لأسرعت الإجابة، وما ابتغيت العذر» .

وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجونى.

ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له، حين أتاه الرسول، ولو كنت مكانه لبادرتهم إلى الباب، ولكنه أراد أن يكون له العذر» .

قول تعالى إخبارا عن الملك لما رجعوا إليه بتعبير رؤياه ، التي كان رآها ، بما أعجبه وأينقه ، فعرف فضل يوسف ، عليه السلام ، وعلمه [ وحسن اطلاعه على رؤياه ] وحسن أخلاقه على من ببلده من رعاياه ، فقال ) ائتوني به ) أي : أخرجوه من السجن وأحضروه . فلما جاءه الرسول بذلك امتنع من الخروج حتى يتحقق الملك ورعيته براءة ساحته ، ونزاهة عرضه ، مما نسب إليه من جهة امرأة العزيز ، وأن هذا السجن لم يكن على أمر يقتضيه ، بل كان ظلما وعدوانا ، قال : ( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم )

وقد وردت السنة بمدحه على ذلك ، والتنبيه على فضله وشرفه ، وعلو قدره وصبره - صلوات الله وسلامه عليه - ففي المسند والصحيحين من حديث الزهري ، عن سعيد وأبي سلمة ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال ( رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) [ البقرة : 260 ] ويرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي "

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ) فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " لو كنت أنا لأسرعت الإجابة ، وما ابتغيت العذر " .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه ، والله يغفر له ، حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجوني . ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه ، والله يغفر له ، حين أتاه الرسول ، ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب ، ولكنه أراد أن يكون له العذر " . هذا حديث مرسل

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: فلما رجع الرسول الذي أرسلوه إلى يوسف ، الذي قال: أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ فأخبرهم بتأويل رؤيا الملك عن يوسف ، علم الملك حقيقة ما أفتاه به من تأويل رؤياه وصحة ذلك ، وقال الملك: ائتوني بالذي عبَر رؤياي هذه . كالذي:-

19392 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: فخرج نبو من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك حتى أتى الملك ، فأخبره بما قال ، فلما أخبره بما في نفسه كمثل النهار، (19) وعرف أن الذي قال كائن كما قال، قال: " ائتوني به ".

19393 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال: لما أتى الملك رسوله قال: " ائتوني به ".

* * *

وقوله: (فلما جاءه الرسول)، يقول: فلما جاءه رسول الملك يدعوه إلى الملك ، (قال ارجع إلى ربك)، يقول: قال يوسف للرسول: ارجع إلى سيدك (20) (فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)؟ وأبى أن يخرج مع الرسول وإجابةَ الملك، حتى يعرف صحّة أمره عندهم مما كانوا قرفوه به من شأن النساء ، (21) فقال للرسول: سل الملك ما شأن النسوة اللاتي قطعن أيديهن ، والمرأة التي سجنت بسببها ؟ كما:-

&; 16-134 &;

19394 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: (فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)، والمرأة التي سجنت بسبب أمرها، عما كان من ذلك.

19395 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال: لما أتى الملك رسوله فأخبره، قال: ( ائتوني به)، فلما أتاه الرسول ودعاه إلى الملك، أبى يوسف الخروجَ معه ، ( قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) الآية . قال السدي ، قال ابن عباس: لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلمَ الملك بشأنه ، ما زالت في نفس العزيز منه حاجَةٌ ! يقول: هذا الذي راود امرأته.

19396 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن رجل ، عن أبي الزناد ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله يوسف إن كان ذا أناة ! لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إليَّ لخرجت سريعًا ، إن كان لحليمًا ذا أناة! (22)

19397- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا محمد بن بشر قال ، حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو لبثت في السجن ما لبث يوسف، ثم جاءني الداعي لأجبته ، إذ جاءه الرسول فقال: ( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) الآية . (23)

19398- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال ،أخبرني سليمان بن بلال ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله . (24)

19399- حدثنا زكريا بن أبان المصريّ قال ، حدثنا سعيد بن تليد قال ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال ، حدثني بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي . (25)

19400- حدثني يونس قال ،أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله (26) .

19401- حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان بن مسلم قال ، حدثنا &; 16-136 &; حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقرأ هذه الآية: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم)، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت أنا، لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العُذر . (27)

19402- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قرأ: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)، الآية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو بعث إليَّ لأسرعت في الإجابة، وما ابتغيت العذر. (28)

19403 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ،أخبرنا عبد الرزاق قال ،أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه ، والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم بشيء حتى أشترط أن يخرجُوني.

ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، والله يغفر له حين أتاه الرسول ، ولو كنت مكانه لبادرتهم البابَ ، ولكنه أراد أن يكون له العذر. (29)

19404- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة)، أراد نبيُّ الله عليه السلام أن لا يخرج حتى يكون له العذر.

19405- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن &; 16-137 &; ابن جريج ، قوله: (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)، قال: أراد يوسف العذر قبل أن يخرج من السجن.

* * *

وقوله: (إن ربي بكيدهن عليم)، يقول: إن الله تعالى ذكره ذو علم بصنيعهن وأفعالهن التي فعلن، بي ويفعلن بغيري من الناس ، لا يخفى عليه ذلك كله ، وهو من ورَاء جزائهن على ذلك . (30)

* * *

وقيل: إن معنى ذلك: إن سيدي إطفير العزيز، زوج المرأة التي راودتني عن نفسي، ذو علم ببراءتي مما قرفتني به من السوء. (31)

----------------------

الهوامش:

(19) في المطبوعة :" بمثل النهار" ، وهي في المخطوطة سيئة الكتابة ، والصواب ما أثبت .

(20) انظر تفسير" الرب" فيما سلف ص : 107 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(21) في المطبوعة :" قذفوه" ، وأثبت الصواب من المخطوطة ." قرفه بالشيء" ، اتهمه به .

(22) الأثر : 19396 - هذا حديث ضعيف الإسناد ، لإبهام الرجل الذي حدث عن أبي الزناد .

(23) الأثر : 19397 - حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، رواه أبو جعفر من ثلاث طرق ، هذا ، والذي يليه ، ورقم : 19401 ، 19402 .

و" محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي" ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 12822 ، وغيرها قبله وبعده .

ومن طريق محمد بن عمرو ، ورواه أحمد في مسند أبي هريرة ، ونقله بإسناده ولفظه ابن كثير في تفسيره 4 : 448 ، قال :" حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة" . ولم أوفق لاستخراجه من المسند ، لطول مسند أبي هريرة .

وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 : 40 ، وقال :" قلت : له حديث في الصحيح غير هذا - رواه أحمد ، وفيه محمد بن عمرو ، وهو حسن الحديث" .

(24) الأثر : 19398 - مكرر الذي قبله .

" سليمان بن بلال التيمي" ، ثقة روى له الجماعة ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 11503 .

(25) الأثر : 19399 - : زكريا بن أبان المصري" ، هو" زكريا بن يحيى بن أبان المصري" ، شيخ الطبري ، وسلف برقم : 5973 ، 12803 ، وانظر ما كتبته عن الشك في أمره هناك . وكان في المطبوعة :" المقرئ" ، فكان" المصري" ، لم يحسن قراءة المخطوطة .

وهذا الخبر صحيح الإسناد ، رواه البخاري في صحيحه ( الفتح 8 : 277 ) ، عن سعيد بن تليد ، بمثله مطولا ، وانظر التعليق التالي .

(26) الأثر : 19400 - هذه طريق أخرى للأثر السالف .

ومن هذه الطريق رواه البخاري في صحيحه مطولا ( الفتح 6 : 293 - 295 ) ، واستقصى الحافظ شرحه وتخريجه هناك .

ورواه مسلم في صحيحه مطولا 2 : 183 / 15 : 122 ، 123 .

(27) الأثر : 19401 - من هذه الطريق رواه أحمد في مسنده ، وانظر التعليق على رقم : 19397 .

(28) الأثر : 19042 - هو حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، كما بينته في رقم : 19397 .

(29) الأثر : 19403 - هذا حديث مرسل .

(30) انظر تفسير" الكيد" فيما سلف ص : 88 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

، وتفسير" عليم" فيما سلف من فهارس اللغة ( علم ) .

(31) في المطبوعة :" قذفتني به" ، والصواب من المخطوطة : أي : اتهمتني به .

المعاني :

ما بال النّسوة ؟ :       ما حالهنّ ما شأنهنّ ؟ معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ﴾ فضيلة العلم: علم الأحكام والشرع، وعلم تعبير الرؤيا، وعلم التدبير والتربية، وأنه أفضل من الصورة الظاهرة، ولو بلغت في الحسن جمال يوسف؛ فإن يوسف بسبب جماله حصلت له تلك المحنة والسجن، وبسبب علمه حصل له العز، والرفعة، والتمكين في الأرض؛ فإن كل خير في الدنيا والآخرة من آثار العلم وموجباته.
عمل
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ﴾ خلص الله يوسف برؤيا رآها الملك، فقط أحسن ظنك وتفاءل وثـق بربك.
وقفة
[50] بعد تأويل يوسف للرؤيا: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ﴾، وبعد براءة يوسف: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي﴾ [54]؛ علمك يجعلهم يقربونك، ونزاهتك تجعلهم يصطفونك.
عمل
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ﴾ لا تدخل بلاط الملوك إلا بسمعة كالشمس.
عمل
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّك﴾ لا تجب -أيها العالم- كل الدعوات الآتية من أصحاب الدنيا، حافظ على هيبة ما لديك.
وقفة
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ لم يذكر امرأة العزيز رعيًا لذمام زوجها، وسترًا لها، بل ذكر النسوة اللاتي قطعن أيديهنّ.
وقفة
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ خشي أن يخرج وينال من الملك مرتبة، ويسكت عن أمر ذنبه صفحًا؛ فيراه الناس بتلك العين أبدًا، ويقولون: «هذا الذي راود امرأة مولاه»، فأراد يوسف عليه السلام أن يبين براءته، ويحقق منزلته من العفة والخير، وحينئذ يخرج للإحظاء والمنزلة؛ فلهذا قال للرسول: «ارجع إلى ربك»، وقل له: «ما بال النسوة».
وقفة
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ إذا أراد الله إظهار شرف أنبيائه وأصفيائه بالصفات الكاملة أراهم نقصها في غيرهم من المستعدين للكمال، وذلك في أمور كثيرة وردت في القرآن؛ لما أراد الله إظهار شرف يوسف في سعة العلم والتعبير رأى الملكُ تلك الرؤيا، وعرضها على كل من له علم بها ومعرفة فعجزوا عن معرفتها، ثم بعد ذلك عَبَّرها يوسف ذلك التعبير العجيب، الذي ظهر به من فضله وشرفه وتعظيم الخلق له شيء لا يمكن التعبير عنه.
وقفة
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ عزة النفس واثبات البراءة أعظم من الحرية؛ فهو لم يخرج إلا بعد ثبوت براءته.
وقفة
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ لم يقبل الخروج من السجن ولم يذعن لأمر الملك إلا بعد سؤال النسوة؛ فما فائدة الحرية مع سمعة مشوهة؟!
وقفة
[50] ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ جاءه الفرج، انتظر حتى تُعلن براءته، العظماء لا يستغرقون في اللحظة الحاضرة.
وقفة
[50] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ﴾ فيه سعي الإنسان في براءة نفسه؛ لئلا يتهم بخيانة أو نحوها وخصوصًا من يُقتدى بهم.
وقفة
[50] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ﴾ عظيم صبر يوسف! عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي؛ لَأَجَبْتُهُ». [البخاري 6992].
وقفة
[50] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ عندما يكون موقفك على حق، فلا تقدم أي تنازلات وتشبث بحقك لتحصل عليه.
وقفة
[50] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ ما أشدّ قسوة الاتهام! فقد كان تفكير يوسف في براءته مُقدَّمًا على خروجه.
وقفة
[50] ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ قال (ارجع) الذي يقول للشهوة: ﴿مَعَاذَ اللَّـهِ﴾ [23] يقول لرسول الملك: (ارجع)، الذي ينتصر على نفسه؛ ينتصر على كل ملوك الدنيا.
وقفة
[50] ﴿قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ﴾ قاله لرسول الملك بعد سنين من سجنه، وأول السجن قال لسجين مثله: ﴿اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ﴾ [42]، تبدأ الشدة فتيّة ثم تهرم ثم تموت.
عمل
[50] احرص على أن تكون سمعتك نقية لا يشوبها ريبة ﴿قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾.
عمل
[50] استخدم الذكاء والحيلة المباحة للوصول إلى حقك الذي صعُبَ عليك ﴿قَالَ ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَسْـَٔلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱلَّٰتِى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾.
وقفة
[50] إنما قال: ﴿فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾، وسكت عن امرأة العزيز؛ رعاية لذمام الملك العزيز، أو خوفًا من كيدها وعظيم شرها.
وقفة
[50] ﴿فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ سكت عن امرأة العزيز -والعلم عند الله- مع أنها تمثل رأس الأفعى حتى لا تأخذه العزة بالإثم وحتى لا يتفاقم شرها عليه، فالمهم إيجاد حل للمعضلة، لا التراشق بالتهم، وهكذا ينبغي لنا التعريض في بعض الأمور لا التصريح إن كان التصريح قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
وقفة
[50] ﴿فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ لسان حاله: لن أخرج كما دخلت حتى تظهر براءتي، وإلا فالسجن أحب إلي، في هذه الآية عزة وثبات كما ذُكر لنا أنه من المحسنين ٣ مرات والمخلصين مرة وصديق مرة حتى لا يظن ظان أنه ذليل، فهو يسامح ويعفو إلا أنه عزيز.
وقفة
[50] ﴿مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ منظر الدم يستحيل نسيانه، مع أنهن فعلن به ما هو أشد من تقطيع الأيادي، إلا أن للدم هيبته.
وقفة
[50] ﴿مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ ما زال يذكر الدم.
وقفة
[50] ﴿إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ أنا واثق أن ربي الذي جعل لكيد النسوة سلطانًا عليَّ فترة من الزمن لن يتخلى عني، فهو العالم بصبري على بلائه ورضاي بقضائه، وسيجازيني عنه دنيا وآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وقال الملك:
  • الواو عاطفة أي فأخبر الرسول الملك فقال الملك، قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح. الملك: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ إئتوني به:
  • الجملة: في محل نصب \"مقول القول\" أي مفعول به لقال. إئتوني: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. به: جار ومجرور متعلق بائتوني.
  • ﴿ فلمّا جاءه الرسول:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. جاءه: فعل ماضٍ مبني على الفتح والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. الرسول: فاعل مرفوع بالضمة. وجملة \"جاءه الرسول\" في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد لما.
  • ﴿ قال ارجع إلى ربك:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هوأي قال يوسف له. ارجع: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. إلى ربك: جار ومجرور متعلق بارجع والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة أي إلى سيدك أو مولاك والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. وجملة \"ارجع إلى ربك\" في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ فاسأله ما بال النسوة اللاتي:
  • فاسأله: معطوفة بالفاء على \"ارجع\" وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بال: خبر \"ما\" مرفوع بالضمة أي ما حال. النسوة: مضاف إليه مجرور بالكسرة. اللاتي: اسم موصول جمع \"التي\" مبني على السكون في محل جر صفة للنسوة.
  • ﴿ قطّعن أيديهن:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها. قطعن بمعنى: جرَّحْن: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون الإناث ضمير متصل في محل رفع فاعل. أيدي: مفعول به منصوب بالفتحة و\"هن\" ضمير الغائبات في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إنّ ربي:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربي: اسم \"إنّ\" منصوب للتعظيم أي ان الله وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ بكيدهن عليم:
  • جار ومجرور متعلق بعليم و \"هن\" ضمير الغائبات في محل جر بالإضافة. عليم: خبر \"إن\" مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

يوسف: 43﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ
يوسف: 50﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ
يوسف: 54﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     ولَمَّا عادَ ساقي المَلِك، وأخبرَ المَلِك بما قاله يوسف في تفسير الرؤيا؛ طلبَ المَلِكُ حضورَ يوسف، فأبى يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن إلا بعد أن تظهر براءته، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

النسوة:
وقرئ:
بضم النون، وهى قراءة أبى حيوة، وأبى بكر عن عاصم.
اللاتي:
وقرئ:
اللائي، وهى قراءة فرقة، كلاهما جمع «التي» .

مدارسة الآية : [51] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ ..

التفسير :

[51] قال الملك للنسوة اللاتي جرحن أيديهن:ما شأنكن حين راودتنَّ يوسف عن نفسه يوم الضيافة؟ فهل رأيتن منه ما يريب؟ قلن:معاذ الله ما علمنا عليه أدنى شيء يَشينه، عند ذلك قالت امرأة العزيز:الآن ظهر الحق بعد خفائه، فأنا التي حاولت فتنته بإغرائه فامتنع، وإنه ل

فأحضرهن الملك، وقال:{ مَا خَطْبُكُنَّ} أي:شأنكن{ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ} فهل رأيتن منه ما يريب؟

فبرَّأنه و{ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} أي:لا قليل ولا كثير، فحينئذ زال السبب الذي تنبني عليه التهمة، ولم يبق إلا ما عند امرأة العزيز، فـ{ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} أي:تمحض وتبين، بعد ما كنا ندخل معه من السوء والتهمة، ما أوجب له السجن{ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} في أقواله وبراءته.

هذا، وقوله- سبحانه- قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ حكاية لما فعله الملك بعد أن بلغه الرسول بما طلبه يوسف منه.

وفي الكلام حذف يفهم من السياق، والتقدير: وبعد أن رجع رسول الملك إليه وأخبره بما قاله يوسف، استجاب الملك لما طلبه يوسف منه، فأخضر النسوة وقال لهن: ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه.

والخطب: مصدر خطب يخطب، ويطلق- غالبا- على الأمر المهم الذي يجعل الناس يتحدثون فيه كثيرا، وجمعه خطوب.

والمعنى: بعد أن جمع الملك النسوة قال لهن: ما الأمر الهام الذي حملكن في الماضي على أن تراودن يوسف عن نفسه؟ وهل وجدتن فيه ميلا إلى الاستجابة لكنّ..؟

قال صاحب الظلال ما ملخصه: «والخطب الأمر الجلل ... فكأن الملك كان قد استقصى فعلم أمرهن قبل أن يواجههن، وهو المعتاد في مثل هذه الأحوال، ليكون الملك على بينة من الأمر وظروفه قبل الخوض فيه، فهو يواجههن مقررا الاتهام، ومشيرا إلى أمر لهن جلل..

ومن هذا نعلم شيئا بما دار في حفل الاستقبال في بيت الوزير، وما قالته النسوة ليوسف، وما لمحن به وأشرن إليه، من الإغراء الذي بلغ حد المراودة.

ومن هذا نتخيل صورة لهذه الأوساط ونسائها حتى في ذلك العهد الموغل في التاريخ، فالجاهلية هي الجاهلية دائما، وأنه حيثما كان الترف، وكانت القصور والحاشية، كان التحلل والتميع والفجور الناعم الذي يرتدى ثياب الأرستقراطية» .

وأمام هذه المواجهة التي واجههن بها الملك، لم يملكن الإنكار، بل قلن بلسان واحد:

حاشَ لِلَّهِ أى: معاذ الله.

ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قط، وإنما الذي علمناه منه هو الاستعصام عن كل سوء.

وهنا قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ ويبدو أنها كانت حاضرة، معهن عند الملك.

الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أى: الآن ظهر الحق وانكشف انكشافا تاما بعد أن كان خافيا والفعل حصحص أصله حص، كما قيل، كبكب في كب، وهو مأخوذ من الحص بمعنى الاستئصال والإزالة، تقول: فلان حص شعره إذا استأصله وأزاله فظهر ما كان خافيا من تحته ...

ثم أضافت إلى ذلك قولها «أنا راودته عن نفسه» أى: أنا التي طلبت منه ما طلبت «وإنه لمن الصادقين» في قوله «هي راودتني عن نفسي» .

وهكذا يشاء الله- تعالى- أن تثبت براءة يوسف على رءوس الأشهاد، بتلك الطريقة التي يراها الملك، وتنطق بها امرأة العزيز، والنسوة اللائي قطعن أيديهن.

قال صاحب الكشاف: «ولا مزيد على شهادتهن له بالبراءة والنزاهة، واعترافهن على أنفسهن بأنه لم يتعلق بشيء مما قذفنه به لأنهن خصومه، وإذا اعترف الخصم بأن صاحبه على الحق وهو على الباطل لم يبق لأحد مقال» - إذ الفضل ما شهدت به الأعداء-.

ثم واصلت امرأة العزيز حديثها فقالت: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ.

أى: ذلك الذي قلته واعترفت به على نفسي من أنى راودته عن نفسه، إنما قلته ليعلم يوسف أنى لم أخنه في غيبته، ولم أقل فيه شيئا يسوؤه بعد أن فارقنى، ولبث بعيدا عنى في السجن بضع سنين، وإنما أنا أقرر أمام الملك وحاشيته بأنه من الصادقين ...

وإنما قررت ذلك لأن الله- تعالى- لا يهدى كيد الخائنين، أى: لا ينفذ كيدهم ولا يسدده، بل يفضحه ويزهقه ولو بعد حين من الزمان.

لذا فأنا التزمت الأمانة في الحديث عنه، وابتعدت عن الخيانة، لأن الله- تعالى- لا يرضاها ولا يقبلها.

فأنت ترى أن هذه المرأة التي شهدت على نفسها شهادة لا تبالي بما يترتب عليها بشأنها، قد عللت شهادتها هذه بعلتين:

إحداهما: كراهتها أن تخونه في غيبته بعد أن فقد الدفاع عن نفسه وهو في السجن..

وثانيتهما: علمها بأن الله- تعالى- لا يهدى كيد الخائنين ولا يسدده، وإنما يبطله ويزهقه..

ثم أضافت إلى كل ذلك قولها: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي، إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ.

أى: ومع أنى أعترف بأنه من الصادقين، وأعترف بأنى لم أخنه بالغيب، إلا أنى مع كل ذلك لا أبرئ نفسي ولا أنزهها عن الميل إلى الهوى، وعن محاولة وصفه بما هو برىء منه، فأنا التي قلت لزوجي في حالة دهشتى وانفعالى الشديد، ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ وما حملني على هذا القول إلا هواى وشهواتى، ونفسي إن النفس البشرية لكثيرة الأمر لصاحبها بالسوء إلا نفسا رحمها الله وعصمها من الزلل والانحراف، كنفس يوسف- عليه السلام- وجملة إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ تعليل لما قبلها، أى: إن ربي كثير الغفران وكثير الرحمة، لمن يشاء أن يغفر له ويرحمه من عباده.

والذي يتأمل هذا الكلام الذي حكاه القرآن عن امرأة العزيز، يراه زاخرا بالصراحة التي ليس بعدها صراحة، وبالمشاعر والانفعالات الدالة على احترامها ليوسف الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، رغم الإغراءات المصحوبة بالترغيب والترهيب، ويبدو لنا- والله أعلم- أن هذا الكلام ما قالته امرأة العزيز، إلا بعد أن استقرت عقيدة الإيمان التي آمن بها يوسف في قلبها، وبعد أن رأت فيه إنسانا يختلف في استعصامه بالله وفي سمو نفسه، عن غيره من الناس الذين رأتهم.

وقوله تعالى : ( قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ) إخبار عن الملك حين جمع النسوة اللاتي قطعن أيديهن عند امرأة العزيز ، فقال مخاطبا لهن كلهن ، وهو يريد امرأة وزيره ، وهو العزيز : ( ما خطبكن ) أي : شأنكن وخبركن ( إذ راودتن يوسف عن نفسه ) يعني : يوم الضيافة ؟ ( قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء ) أي : قالت النسوة جوابا للملك : حاش لله أن يكون يوسف متهما ، والله ما علمنا عليه من سوء . فعند ذلك ( قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق )

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : تقول الآن : تبين الحق وظهر وبرز .

( أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ) أي : في قوله : ( هي راودتني عن نفسي )

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)

قال أبو جعفر : وفي هذا الكلام متروك، قد استغني بدلالة ما ذكر عليه عنه ، وهو: " فرجع الرسول إلى الملك من عند يوسف برسالته ، فدعا الملك النسوة اللاتي قطعن أيديهن وامرأة العزيز " فقال لهن: (ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه) ، كالذي:-

19406 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: فلما &; 16-138 &; جاء الرسول الملك من عند يوسف بما أرسله إليه، جمع النسوة وقال: ( ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه)؟

* * *

ويعني بقوله: (ما خطبكن)، ما كان أمركن ، وما كان شأنكن ، ( إذ راودتن يوسف عن نفسه) (32) ، فأجبنه فقلن: ( حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق)، (33) تقول: الآن تبين الحق وانكشف فظهر ، (أنا راودته عن نفسه) ، وإن يوسف لمن الصادقين في قوله: هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي .

* * *

وبمثل ما قلنا في معنى: (الآن حصحص الحق)، قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19407 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس: (الآن حصحص الحق)، قال: تبيّن.

19408 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله: (الآن حصحص الحق)، تبيّن.

19409- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19410- حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19411- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19412 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (الآن حصحص الحق)، الآن تبين الحق.

19413- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

19414- حدثنا الحسن بن يحيى قال ،أخبرنا عبد الرزاق قال ،أخبرنا معمر ، عن قتادة: (الآن حصحص الحق)، قال: تبيّن.

19415- حدثنا الحسن بن محمد قال ،حدثنا عمرو بن محمد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي: (الآن حصحص الحق) قال: تبين.

19416- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي ، مثله .

19417- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا هشيم قال ،أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، مثله .

19418- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: قالت راعيل امرأة إطفير العزيز: (الآن حصحص الحق) ، أي: الآن برز الحق وتبيَّن ، (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين)، فيما كان قال يوسف مما ادّعَت عليه.

19419- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: قال الملك: ائتوني بهن! فقال: (ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء) ، ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنها راودته عن نفسه ، ودخل معها البيت وحلّ سراويله، ثم شدَّه بعد ذلك، ، فلا تدري ما بدا له .

فقالت امرأة العزيز: (الآن حصحص الحق).

19420 - حدثني يونس قال ،أخبرنا ابن وهب قال ،قال ابن زيد ، في قوله: (الآن حصحص الحق)، تبين.

* * *

وأصل حَصحص: " حصَّ"، ولكن قيل: " حصحص " ، كما قيل: فَكُبْكِبُوا ، [ سورة الشعراء : 94 ]، في" كبوا " ، وقيل: " كفكف " في" كف " ، و " ذرذر " في" ذرّ" . (34) وأصل " الحص ": استئصال الشيء ، يقال منه: " حَصَّ شعره " ، إذا استأصله جزًّا . وإنما أريد في هذا الموضع بقوله: ( حصحص الحق )، (35) ذهب الباطل والكذب فانقطع ، وتبين الحق فظهر .

* * *

----------------------

الهوامش:

(32) انظر تفسير" المراودة" فيما سلف ص : 86 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(33) انظر تفسير" حاش الله" فيما سلف ص : 81 - 84 .

(34) في المخطوطة :" وردرد" ، في : رد ، وكأن الصواب ما في المطبوعة . و" الذرذرة" ، تفريقك الشيء وتبديدك إياه . و" ذر الشيء" ، بدده .

(35) في المطبوعة : أسقط قوله :" بقوله" .

المعاني :

خَطْبُكُنَّ :       شَانُكُنَّ السراج
ما خطبكنّ؟ :       ما شأنكنّ و أمركنّ ؟ معاني القرآن
حَاشَ لِلّهِ :       تَنْزِيهًا للهِ السراج
حاش لله :       تنزيها لله و تعجيبا من عفّة يوسف معاني القرآن
حَصْحَصَ الْحَقُّ :       ظَهَرَ بَعْدَ خَفَائِهِ السراج
حصحص الحقّ :       ظهر و انكشف بعد خفاء معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[51] ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ﴾ الذنب المقرون بالظلم والافتراء مهما أخفيت حقيقته عن الخلق فلابد أن يظهر الخالق.
عمل
[51] اجتنب الاتهام المباشر ولو كان صحيحًا (ما بال أقوام)، خاصة مع ذوي الهيئات ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ﴾.
وقفة
[51] ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ﴾ بسؤال حازم واستقصاء بسيط يستطيع ولي الأمر إنهاء أكذوبة تسببت في سجن بريء.
عمل
[51] اصدق الله، فإن صدقته فسيهيئ لك الشرفاء من الناس فيصدقون بشهادتهم معك ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾.
وقفة
[51] ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ﴾ في الموضعين، أحدهما في حضرة يوسف عليه السلام حين نفين عنه البشرية بزعمهن، والثاني بظهر الغيب حين نفين عنه السوء؛ فليس بتكرار.
وقفة
[51] ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾ أخلاقك الفاضلة لا تضفي عليك فقط هالة الوقار والعبير الفواح؛ بل تدافع عنك وقت الشدة.
وقفة
[51] ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾ حُسن سيرتك أفصح من يدافع عنك في غيابك.
وقفة
[51] ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾ ترفعك عن الخطأ يجلب لك الإحترام حتي ممن ظلمك واتهمك، حقك سيرد إليك ولو بعد حين.
لمسة
[51] ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾ فيه نفي لما ذكره بعض المفسرين من وجود بعض المقدمات من يوسف عليه السلام مثل حل السراويل، والجلوس منها مجلس الرجل من امرأته، وقوله تعالى: (مِن سُوءٍ) نكرة تؤكد النفي، فدل على أن يوسف لم يصدر منه أدنی سوء.
عمل
[51] إذا سمعت اتهامًا لأحد لم تعلم عنه سوءًا فبادر بالذب عنه ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾.
وقفة
[51] في العلاقات ما أجمل أن تبقى سيرتك بيضاء نقية رغم الاغراءات والمحن، حتى يعترف خصومك ويقولوا: ﴿مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾.
وقفة
[51] ﴿قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ مهما ظلمت الناس وخدعت بعضهم وانطلت عليهم الرواية؛ فلابد لميزان الحق أن يستقيم بالنهاية.
عمل
[51] ﴿قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ اصبر على أكاذيبهم، اصمد لاستهزائهم، اغمض عينيك عن لمح سياطهم؛ سيظهر الحق.
وقفة
[51] ﴿قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ لابد أن يظهر الحق ولو بعد حين.
وقفة
[51] ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ كان ينبغي أن يكون الحق قديمًا وليس الآن فقط، لكنها الساعة التي يعجز فيها الإنسان عن مقاومة عذاب الضمير.
وقفة
[51] ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ لم تكن مضطرة للاعتراف، لكن الشعور بتأنيب الضمير، وأصوات الحق، وصور المظلومين تطاردنا من الداخل.
وقفة
[51] ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ همسة في أذن المظلوم :تنام الحقيقة، وتنام طويلًا جدًا أحيانًا، لكنها لا تموت.
وقفة
[51] ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ بأمر من القوي العزيز تنهار امرأة العزيز.
وقفة
[51] ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ وقوع الظلم وطول مدته لا يدل على انتصار الظالم على المظلوم، والباطل على الحق؛ فلابد من انتصار الحق مهما طال الزمان.
وقفة
[51] ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ تنام الحقيقة، وتنام طويلًا أحيانًا؛ لكنها لا تموت.
وقفة
[51] ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ مهما طال زمن الكذب؛ فإن الشمس لا يضرها تلبد الغيوم.
عمل
[51] ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ﴾ لا بد أن تظهر براءتك يومًا ما، فقط اصبر.
وقفة
[51] من عجائب الجزاء في الدنيا: أنه لما بغت عليه المرأة بدعواها: ﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ [25]، أنطقها الحق بقولها: ﴿أَنَا رَاوَدتُّهُ﴾، ومن ترك معصية لله رأى ثمرة ذلك، وكذا إذا فعل الطاعة.
وقفة
[51] لما امتدت أيدي الظلم من إخوة يوسف ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ [20]؛ امتدت أكفهم بعد ذلك بين يديه بالطلب يقولون: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ [88]، ولما بغت المرأة عليها بدعواها: ﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ [25]؛ أنطقها ربها بقولها: ﴿أَنَا رَاوَدتُّهُ﴾؛ اليقين بأن الله مع المؤمنين ينصرهم ولو بعد حين.
وقفة
[51] ﴿أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ إذا أراد الملك صيانة جناب العلماء فستتحول الرعية إلى مدافعين عنهم ؛ حتى ألدّ الخصوم.
وقفة
[51] ﴿أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ توبة صادقة! كان بوسعها أن تسلك مسلك النسوة، فتعترف ببراءة يوسف ولا تزيد، لكنها -لصدق توبتها- أدلت باعتراف کامل أمام الملأ، معرضة سمعتها وكبرياءها للانهيار، فإن ذلك خير من عذاب النار.
وقفة
[51] ﴿أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ العشق يذهب بعقل صاحبه، فها هي امرأة العزيز تفضح نفسها بين نساء المدينة، وتعترف بجريمتها دون أدنى نظر في العاقبة.
وقفة
[51] لا تشغل تفكيرك كيف ستظهر براءتك وما الطريق حتى ينكشف من ظلمك، بكل بساطة: قد ينطقه الله ﴿أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾.
وقفة
[51] الصدق منجاة ﴿أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قال:
  • فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو يعود على الملك والجملة بعده: في محل نصب مفعول به لقال.
  • ﴿ ما خطبكنَّ:
  • ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خطبكنَّ: خبر \"ما\" مرفوع بالضمة. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والنون علامة جمع الإناث بمعنى: ما شأنكنَّ.
  • ﴿ إذ راودْتُنَّ:
  • إذ: ظرف زمان بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب. راودتن: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والنون علامة جمع الإناث والجملة في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ يوسف عن نفسه:
  • مفعول به منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف -التنوين- على المعجمة والعلمية. عن نفسه: جار ومجرور متعلق براودتن والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ قلن حاش لله ما:
  • قلن: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون الإناث ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. حاش أي تنزيهًا لله من صفات النقص واصله: حاشا فحذفت ألفه تخفيفًا وهو حرف يفيد معنى التنزيه في باب الاستثناء والمعنى تعجبًا من عفة يوسف إعراب \"حاش\" هو: اسم مبني على الفتح في محل نصب مفعول مطلق. التقدير: براءة لله أو تنزيهًا لله. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بحاش. وما نافية لا عمل لها.
  • ﴿ علمنا عليه من سوء:
  • فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا. و\"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والجار والمجرور \"عليه\" متعلق بحال مقدمة من \"سوء\" من حرف جر زائد للتأكيد. سوء: اسم مجرور لفظًا منصوب محلا لأنه مفعول \"علمنا\".
  • ﴿ قالت امرأة العزيز:
  • فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين و \"امرأة\" فاعل مرفوع بالضمة. العزيز: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ الآن حصحص الحق:
  • اسم مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بحصحص. حصحص: فعل ماضٍ مبني على الفتح. الحق: فاعل مرفوع بالضمة. أي ظهر الحق أو ثبت واستقر.
  • ﴿ أنا راودته عن نفسه:
  • أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. راودته: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. عن نفسه: جار ومجرور متعلق براودته والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة والجملة في محل رفع خبر أن.
  • ﴿ وإنه لمن الصادقين:
  • الواو عاطفة. إنه: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل -ضمير الغائب- مبني على الضم في محل نصب اسم \"إنّ\" اللام لام الابتداء -المزحلقة-. من الصادقين: جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر \"انّ\" وعلامة جر الاسم: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

يوسف: 30﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ
يوسف: 51﴿قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     ولَمَّا رفض يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن إلا بعد أن تظهر براءته؛ أمرَ المَلِكُ بإحضارالنسوة، وامرأة العزيز كانت حاضرة، فاعترفت بالحقيقة، قال تعالى:
﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

حصحص:
وقرئ:
حصحص، على البناء للمفعول.

مدارسة الآية : [52] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ ..

التفسير :

[52] ذلك القول الذي قلته في تنزيه يوسف والإقرارِ على نفسي ليعلم أني لم أخنه بالكذب عليه، ولم تقع مني الفاحشة مع أنني راودتُه واعترفت بذلك لإظهار براءتي وبراءته، وأن الله لا يوفق أهل الخيانة، ولا يرشدهم في خيانتهم.

{ ذَلِكَ} الإقرار، الذي أقررت [أني راودت يوسف]{ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}

يحتمل أن مرادها بذلك زوجها أي:ليعلم أني حين أقررت أني راودت يوسف، أني لم أخنه بالغيب، أي:لم يجر منِّي إلا مجرد المراودة، ولم أفسد عليه فراشه، ويحتمل أن المراد بذلك ليعلم يوسف حين أقررت أني أنا الذي راودته، وأنه صادق أني لم أخنه في حال غيبته عني.{ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} فإن كل خائن، لا بد أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بد أن يتبين أمره.

هذا، ويرى كثير من المفسرين أن كلام امرأة العزيز قد انتهى عند قوله- تعالى- وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وأن قوله- تعالى- بعد ذلك ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ... إلى قوله- تعالى- إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ هو من كلام يوسف- عليه السلام-، فيكون المعنى:

وذلك ليعلم «أى العزيز» أنى لم أخنه، في أهله بِالْغَيْبِ أى في غيبته وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ من النساء والرجال، بل يبطل هذا الكيد ويفضحه.

( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ) تقول : إنما اعترفت بهذا على نفسي ، ذلك ليعلم زوجي أن لم أخنه في نفس الأمر ، ولا وقع المحذور الأكبر ، وإنما راودت هذا الشاب مراودة ، فامتنع; فلهذا اعترفت ليعلم أني بريئة ، ( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين )

القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)

قال أبو جعفر: يعني بقوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، هذا الفعل الذي فعلتُه، من ردّي رسول الملك إليه ، وتركي إجابته والخروج إليه ، ومسألتي إيّاه أن يسأل النسوة اللاتي قطَّعن أيديهن عن شأنهن إذ قطعن أيديهن ، إنما فعلته ليعلم أني لم أخنه في زوجته ، " بالغيب "، يقول: لم أركب منها فاحشةً في حال غيبته عني . (36) وإذا لم يركب ذلك بمغيبه ، فهو في حال مشهده إياه أحرى أن يكون بعيدًا من ركوبه ، كما:-

19421- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال ،يقول يوسف: (ذلك ليعلم)، إطفير سيده ، (أني لم أخنه بالغيب)، أني لم أكن لأخالفه إلى أهله من حيث لا يعلمه.

19422 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، يوسف يقوله.

19423- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) يوسف يقوله: لم أخن سيِّدي.

19424- ....قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، قال يوسف يقوله.

19425 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، قال: هذا قول يوسف.

19426- حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، حدثنا هشيم ، عن إسماعيل بن سالم ، عن أبي صالح ، في قوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، قال هو يوسف، لم يخن العزيز في امرأته.

19427- حدِثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ يقول ، حدثنا عبيد قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله : " ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب " ، هو يوسف يقول: لم أخن الملك بالغيب.

* * *

وقوله: (وأنَّ الله لا يهدي كيد الخائنين)، يقول: فعلت ذلك ليعلم سيدي أني لم أخنه بالغيب ، ( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين)، يقول: وأن الله لا يسدّد صنيع من خان الأمانات ، ولا يرشد فعالهم في خيانتهموها . (37)

* * *

واتصل قوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، بقول امرأة العزيز: أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، لمعرفة السامعين لمعناه ، كاتصال قول الله: وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ، بقول المرأة: وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ، [ سورة النمل : 34 ] وذلك أن قوله: وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ، خبر مبتدأ ، وكذلك قول فرعون لأصحابه في" سورة الأعراف "، فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ، وهو متصل بقول الملأ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ [ سورة الأعراف : 110 ] . (38)

----------------------

الهوامش:

(36) انظر تفسير" الغيب" فيما سلف من فهارس اللغة ( غيب ) .

(37) انظر تفسير" الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة ( هدى ) .

وتفسير" الكيد" فيما سلف ص : 137 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .

(38) انظر ما سلف 13 : 20 .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[52] ﴿ذَٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ خيانة الغائبين جريمة دنيئة يتعفف عنها حتى من يضعف عند شهوته.
وقفة
[52] ﴿ذَٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ الأرجح أن هذا من كلام امرأة العزيز، أي ليعلم يوسف أني لم أخنه في غيبته وأرميه بذنب هو منه بريء، فإن ذلك خيانة، وكان يوسف إذ ذاك في السجن لم يحضر، قال الشيخ رشيد رضا: «وفيها وجه آخر، وهو أنها تقول: ذلك الذي حصل أقررت به ليعلم زوجي أني لم أخنه بالفعل في ما كان من خلواتي بيوسف في غيبته عنا، وأن كل ما وقع أنني راودت هذا الشاب الفاتن الذي وضعه في بيتي، وخلى بينه وبيني، فاستعصم وامتنع، فبقي عِرضه –أي الزوج- مصونًا، وشرفه محفوظًا».
اسقاط
[52] ﴿ذَٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ لمحبة امرأة العزيز ليوسف؛ اعترفت أنها لم تخنه بغيبته، فكيف بالمؤمن الذي يحب ربه، هل يخونه في خلوته؟!
وقفة
[52] ﴿ذَٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ الكيد ذكر على ثلاثة أوجه: كيد إخوة يوسف وكان محركهم الحسد، وكيد امرأة العزيز وكان دافعها الشهوة، وكيد يوسف وكان مطلبه لم الشمل.
وقفة
[52] ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ يضل الله كيده ويبطله، ولا يهديه لمقصوده، وإن نال بعضه، فالذي ناله سبب لزيادة عقوبته وخيبته.
وقفة
[52] ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ قال ابن عاشور: «لا ينفذه ولا يسدده، فأُطلقت الهداية التي هي الإرشاد إلى الطريق الموصلة على تيسير الوصول، وأطلق نفيها على نفي ذلك التيسير، أي إن سنة الله في الكون جرت على أن فنون الباطل وإن راجت أوائلها لا تلبث أن تنقشع».
وقفة
[52] ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ فيه أن الخائن مفتضح ولو بعد حين، ويوسف عليه السلام يصرح هنا أنه لو كان خائنًا لما خلصه الله من هذه الورطة، وحيث إنه خلصه، فهو دليل على أنه بريء مما نسبوه إليه.
وقفة
[52] ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ الخيانة من أهم موانع الهداية.
وقفة
[52] ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ كل من يكذب أو يمكر؛ لا يوفقه الله.
تفاعل
[52] ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[52] يُعمي الله الخائن فيكيد بالحق؛ ليُسقط نفسه، ويرفع اللهُ بكيده أهل الحق ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ذلك:
  • ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. أي ذلك التثبيت مني لظهور البراءة وهو قول يوسف. والخبر \"جملة ليعلم\" ويجوز أن تكون \"ذلك\" خبرا لمبتدأ محذوف أي الأمر ذلك.
  • ﴿ ليعلم:
  • اللام: حرف جر للتعليل. يعلم: فعل مضارع منصوب بأنْ مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه: الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هوأي ليعلم العزيز و \"ان\" المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر \"ذلك\" وجملة \"يعلم\" صلة \"أنْ\" المضمرة لا محل لها.
  • ﴿ أني لم أخنه:
  • أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم \"أنّ\". لم: حرف نفي وجزم وقلب. أخنه: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به وجملة \"لم أخنه\" في محل رفع خبر \"أنّ\" و \"أن\" مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي \"يعلم\".
  • ﴿ بالغيب:
  • جار ومجرور متعلق بحال من الفاعل على معنى وأنا غائب عنه خفي عن عينيه، أو متعلق بحال من المفعول بمعنى: وهو غائب عني خفي عن عيني.
  • ﴿ وأنّ الله:
  • الواو عاطفة أي وليعلم أن الله. أن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة: اسم \"أن\" منصوب للتعظيم بالفتحة و \"أن\" مع اسمها وخبرها: بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي \"يعلم\".
  • ﴿ لا يهدي كيد الخائنين:
  • الجملة: في محل رفع خبر \"أنّ\". لا: نافية لا عمل لها. يهدي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. كيد: مفعول به منصوب بالفتحة. الخائنين: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [52] لما قبلها :     ولَمَّا اعترفت امرأةُ العزيز بالحقيقة؛ عللت شهادتها هذه بعلتين، قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف