ترتيب المصحف | 65 | ترتيب النزول | 99 |
---|---|---|---|
التصنيف | مدنيّة | عدد الصفحات | 2.00 |
عدد الآيات | 12 | عدد الأجزاء | 0.00 |
عدد الأحزاب | 0.00 | عدد الأرباع | 1.00 |
ترتيب الطول | 62 | تبدأ في الجزء | 28 |
تنتهي في الجزء | 28 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
النداء: 7/10 | يا أيها النبي: 2/3 |
لمَّا بَيَّنَ اللهُ حُكمَ الطلاقِ والرُّجْعةِ بَيَّنَ هنا حكمَ النَّفَقَةِ والسُّكنى، ثُمَّ بَيَّنَ عِدَّةَ المرأةِ الحامِلِ وهي وضعُ الحملِ، وتقديرُ النَّفَقةِ يسارًا وإعسارًا.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ بيانِ الأوامرِ السَّابِقةِ حذَّرَ اللهُ من مُخالفةِ أمرِهِ، كما عاقبَ الأممَ السابقةَ التي تعدَّتْ أوامِرَه تعالى، ثُمَّ بيانُ مُهمَّةِ الرَّسُولِ ﷺ، وقدرةِ اللهِ الشَّاملةِ وعِلْمِه بكلِّ شيءٍ.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
تقدم أن الله نهى عن إخراج المطلقات عن البيوت وهنا أمر بإسكانهن وقدر الإسكانبالمعررف، وهو البيت الذي يسكنه مثله ومثلها، بحسب وجد الزوج وعسره،{ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} أي:لا تضاروهن، عند سكناهن بالقول أو الفعل، لأجل أن يمللن، فيخرجن من البيوت، قبل تمام العدة، فتكونوا، أنتم المخرجين لهن، وحاصل هذا أنه نهى عن إخراجهن، ونهاهن عن الخروج، وأمر بسكناهن، على وجه لا يحصل به عليهن، ضرر ولا مشقة، وذلك راجع إلى العرف،{ وَإِنْ كُنَّ} أي:المطلقات{ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وذلك لأجل الحمل الذي في بطنها، إن كانت بائنًا، ولها ولحملها إن كانت رجعية، ومنتهى النفقة حتى يضعن حملهنفإذا وضعن حملهن، فإما أن يرضعن أولادهن أو لا،{ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} المسماة لهن، إن كان مسمى، وإلا فأجر المثل،{ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} أي:وليأمر كل واحد من الزوجين ومن غيرهما، الآخر بالمعروف، وهو كل ما فيه منفعة ومصلحة في الدنيا والآخرة، فإن الغفلة عن الائتمار بالمعروف، يحصل فيهمن الشر والضرر، ما لا يعلمه إلا الله، وفي الائتمار، تعاون على البر والتقوى، ومما يناسب هذا المقام، أن الزوجين عند الفراق وقت العدة، خصوصًا إذا ولد لهماولد في الغالب يحصل من التنازع والتشاجر لأجل النفقة عليها وعلى الولد مع الفراق، الذي في الغالب ما يصدر إلا عن بغض، ويتأثر منه البغض شيء كثير
فكل منهما يؤمر بالمعروف، والمعاشرة الحسنة، وعدم المشاقة والمخاصمةوينصح على ذلك.
{ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} بأن لم يتفقواعلى إرضاعها لولدها، فلترضعله أخرى غيرها{ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} وهذا حيث كان الولد يقبل ثدي غير أمه، فإن لم يقبل إلا ثدي أمه، تعينت لإرضاعه، ووجب عليها، وأجبرت إن امتنعت، وكان لها أجرة المثل إن لم يتفقا على مسمى، وهذا مأخوذ من الآية الكريمة من حيث المعنى، فإن الولد لما كان في بطن أمه مدة الحمل، ليس له خروج منهعين تعالى على وليه النفقة، فلما ولد، وكان يمكنأن يتقوت من أمه، ومن غيرها، أباح تعالى، الأمرين، فإذا، كان بحالة لا يمكن أن يتقوت إلا من أمه، كان بمنزلة الحمل، وتعينت أمه طريقًا لقوته
ثم أمر- سبحانه- الرجال بأن يحسنوا معاملة النساء المطلقات، ونهاهم عن الإساءة إليهن بأى لون من ألوان الإساءة فقال: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ...
والخطاب للرجال الذين يريدون فراق أزواجهن، والضمير المنصوب في قوله أَسْكِنُوهُنَّ يعود إلى النساء المطلقات.
ومِنْ للتبعيض، والوجد: السعة والقدرة.
أى: أسكنوا المطلقات في بعض البيوت التي تسكنونها والتي في وسعكم وطاقتكم إسكانهن فيها.
قال صاحب الكشاف: قوله: أَسْكِنُوهُنَّ وما بعده: بيان لما شرط من التقوى في قوله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ ... كأنه قيل: كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدات؟ فقيل: أَسْكِنُوهُنَّ.
فإن قلت: فقوله: مِنْ وُجْدِكُمْ ما موقعه؟ قلت: هو عطف بيان لقوله مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ، وتفسير له، كأنه قيل: أسكنوهن مكانا من مسكنكم مما تطيقونه.
والسكنى والنفقة: واجبتان لكل مطلقة. وعند مالك والشافعى: ليس للمبتونة إلا السكن ولا نفقة لها، وعن الحسن وحماد: لا نفقة لها ولا سكنى، لحديث فاطمة بنت قيس: أن زوجها أبتّ طلاقها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا سكنى لك ولا نفقة ... » .
ثم أتبع- سبحانه- الأمر بالإحسان إلى المطلقات، بالنهى عن إلحاق الأذى بهن فقال:
وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ أى: ولا تستعملوا معهن ما يؤذيهن ويضرهن، لكي تضيقوا عليهن ما منحه الله- تعالى- لهن من حقوق، بأن تطيلوا عليهن مدة العدة، فتصبح الواحدة منهن كالمعلقة، أو بأن تضيقوا عليهن في السكنى، حتى يلجأن إلى الخروج، والتنازل عن حقوقهن.
وقوله- تعالى-: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ.. أى:
وإن كان المطلقات أصحاب حمل- فعليكم يا معشر الأزواج- أن تقدموا لهن النفقة المناسبة، حتى يضعن حملهن.
قال الإمام ابن كثير: قال كثير من العلماء منهم ابن عباس، وطائفة من السلف. هذه هي البائن، إن كانت حاملا أنفق عليها حتى تضع حملها، قالوا: بدليل أن الرجعية تجب نفقتها سواء أكانت حاملا أم غير حامل.
وقال آخرون: بل السياق كله في الرجعيات، وإنما نص على الإنفاق على الحامل- وإن كانت رجعية- لأن الحمل تطول مدته غالبا. فاحتيج إلى النص على وجوب الإنفاق إلى الوضع، لئلا يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة.. .
ولما كان الحمل ينتهى بالوضع، انتقلت السورة الكريمة إلى بيان ما يجب للمطلقات بعد الوضع، فقال- تعالى-: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.
أى: عليكم- أيها المؤمنون- أن تقدموا لنسائكم ذوات الحمل اللائي طلقتموهن طلاقا بائنا، عليكم أن تقدموا لهن النفقة حتى يضعن حملهن، فإذا ما وضعن حملهن وأرادوا أن يرضعن لكم أولادكم منهن، فعليكم- أيضا- أن تعطوهن أجورهن على هذا الإرضاع، وأن تلتزموا بذلك لهن.
وقد أخذ العلماء من هذه الآية أن الأم المطلقة طلاقا بائنا، إذا أرادت أن ترضع ولدها بأجر المثل، فليس لأحد أن يمنعها من ذلك، لأنها أحق به من غيرها، لشدة شفقتها عليه ... وليس للأب أن يسترضع غيرها حينئذ. كما أخذوا منها- أيضا- أن نفقة الولد الصغير على أبيه، لأنه إذا لزمته أجرة الرضاع، فبقية النفقات الخاصة بالصغير تقاس على ذلك.
وقوله- سبحانه-: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ حض منه- سبحانه- للآباء والأمهات على التعاون والتناصح في وجوه الخير والبر.
والائتمار معناه: التشاور وتبادل الرأى، وسمى التشاور بذلك لأن المتشاورين في مسألة، يأمر أحدهما الآخر بشيء فيستجيب لأمره، ويقال: أئتمر القوم وتآمروا بمعنى واحد.
أى: عليكم- أيها الآباء والأمهات- أن تتشاوروا فيما ينفع أولادكم، وليأمر بعضكم بعضا بما هو حسن، فيما يتعلق بالإرضاع والأجر وغيرهما.
وقوله- تعالى-: وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى إرشاد إلى ما يجب عليهما في حالة عدم التراضي على الإرضاع أو الأجر.
والتعاسر مأخوذ من العسر الذي هو ضد اليسر والسماحة، يقال تعاسر المتبايعان، إذا تمسك كل واحد منهما برأيه، دون أن يتفقا على شيء.
أى: وإن اشتد الخلاف بينكم، ولم تصلوا إلى حل، بأن امتنع الأب عن دفع الأجرة للأم، أو امتنعت الأم عن الإرضاع إلا بأجر معين. فليس معنى ذلك أن يبقى المولود جائعا بدون رضاعة، بل على الأب أن يبحث عن مرضعة أخرى، لكي ترضع له ولده، فالضمير في قوله لَهُ يعود على الأب.
قال صاحب الكشاف قوله: وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى أى: فستوجد مرضعة غير الأم ترضعه، وفيه طرف من معاتبة الأم على المعاسرة، كما تقول لمن تستقضيه حاجة فيتوانى: سيقضيها غيرك. تريد لن تبقى غير مقضية وأنت ملوم.
وقد علق المحشى على الكشاف بقوله: وخص الأم بالمعاتبة، لأن المبذول من جهتها هو لبنها وهو غير متمول ولا مضنون به في العرف، وخصوصا في الأم على الولد، ولا كذلك المبذول من جهة الأب، فإنه المال المضنون به عادة فالأم إذا أجدى باللوم، وأحق بالعتب.. .
قالوا: وفي هذه الجملة- أيضا- طرف من معاتبة الأب، لأنه كان من الواجب عليه أن يسترضى الأم، ولا يكون مصدر عسر بالنسبة لها، حرصا على مصلحة الولد.
يقول تعالى آمرا عباده إذا طلق أحدهم المرأة أن يسكنها في منزل حتى تنقضي عدتها ، فقال : ( أسكنوهن من حيث سكنتم ) أي : عندكم ، ( من وجدكم ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : يعني سعتكم . حتى قال قتادة : إن لم تجد إلا جنب بيتك فأسكنها فيه .
وقوله : ( ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ) قال مقاتل بن حيان : يعني يضاجرها لتفتدي منه بمالها ، أو تخرج من مسكنه .
وقال الثوري ، عن منصور ، عن أبي الضحى : ( ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ) قال : يطلقها ، فإذا بقي يومان راجعها .
وقوله : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) قال كثير من العلماء منهم ابن عباس ، وطائفة من السلف ، وجماعات من الخلف : هذه في البائن ، إن كانت حاملا أنفق عليها حتى تضع حملها ، قالوا : بدليل أن الرجعية تجب نفقتها ، سواء كانت حاملا أو حائلا .
وقال آخرون : بل السياق كله في الرجعيات ، وإنما نص على الإنفاق على الحامل وإن كانت رجعية لأن الحمل تطول مدته غالبا ، فاحتيج إلى النص على وجوب الإنفاق إلى الوضع ; لئلا يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة .
واختلف العلماء : هل النفقة لها بواسطة الحمل ، أم للحمل وحده ؟ على قولين منصوصين عن الشافعي ، وغيره ، ويتفرع عليها مسائل مذكورة في علم الفروع .
وقوله : ( فإن أرضعن لكم ) أي : إذا وضعن حملهن وهن طوالق ، فقد بن بانقضاء عدتهن ، ولها حينئذ أن ترضع الولد ، ولها أن تمتنع منه ، ولكن بعد أن تغذيه باللبإ - وهو باكورة اللبن الذي لا قوام للولد غالبا إلا به - فإن أرضعت استحقت أجر مثلها ، ولها أن تعاقد أباه أو وليه على ما يتفقان عليه من أجرة ; ولهذا قال تعالى : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) وقوله : ( وأتمروا بينكم بمعروف ) أي : ولتكن أموركم فيما بينكم بالمعروف ، من غير إضرار ولا مضارة ، كما قال تعالى في سورة " البقرة " : ( لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ) [ البقرة : 233 ]
وقوله : ( وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) أي : وإن اختلف الرجل والمرأة ، فطلبت المرأة أجرة الرضاع كثيرا ، ولم يجبها الرجل إلى ذلك أو بذل الرجل قليلا ولم توافقه عليه ، فليسترضع له غيرها . فلو رضيت الأم بما استؤجرت عليه الأجنبية فهي أحق بولدها .
يقول تعالى ذكره: اسكنوا مطلقات نسائكم من الموضع الذي سكنتم ( مِنْ وُجْدِكُمْ ) : يقول: من سعتكم التي تجدون؛ وإنما أمر الرجال أن يعطوهنّ مسكنًا يسكنه مما يجدونه، حتى يقضين عِددَهنّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) يقول: من سعتكم.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( مِنْ وُجْدِكُمْ ) قال: من سعتكم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) قال: من سعتكم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، قوله: ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) فإن لم تجد إلا ناحية بيتك فأسكنها فيه.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدّي، في قوله: ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) قال: المرأة يطلقها، فعليه أن يسكنها، وينفق عليها.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قول الله عزّ وجلّ: ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) قال: من مقدرتك حيث تقدر، فإن كنت لا تجد شيئًا، وكنت في مسكن ليس لك، فجاء أمر أخرجك من المسكن، وليس لك مسكن تسكن فيه، وليس تجد فذاك، وإذا كان به قوّة على الكراء فذاك وجده، لا يخرجها من منـزلها، وإذا لم يجد وقال صاحب المسكن: لا أنـزل هذه في بيتي فلا وإذا كان يجد، كان ذلك عليه.
وقوله: ( وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ )
يقول جلّ ثناؤه: ولا تضاروهنّ في المسكن الذي تسكنونهنّ فيه، وأنتم تجدون سعة من المنازل أن تطلبوا التضييق عليهنّ، فذلك قوله: ( لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) يعني: لتضيقوا عليهنّ في المسكن مع وجودكم السعة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد ( وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) قال: في المسكن.
حدثني محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( مِنْ وُجْدِكُمْ ) قال: من ملككم، من مقدرتكم.
وفي قوله: ( وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) قال: لتضيقوا عليهن مساكنهنّ حتى يخرجن.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان: ( وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) قال: ليس ينبغي له أن يضارّها ويضيق عليها مكانها( حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) هذا لمن يملك الرجعة، ولمن لا يملك الرجعة.
وقوله: ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) يقول تعالى ذكره: وإن كان نساؤكم المطلقات أولات حمل وكنّ بائنات منكم، فأنفقوا عليهنّ في عدتهنّ منكم حتى يضعن حملهنّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) فهذه المرأة يطلقها زوجها، فيبتّ طلاقها وهي حامل، فيأمره الله أن يسكنها، وينفق عليها حتى تضع، وإن أرضعت فحتى تفطم، وإن أبان طلاقها، وليس بها حبل، فلها السكنى حتى تنقضي عدتها ولا نفقة، وكذلك المرأة يموت عنها زوجها، فإن كانت حاملا أنفق عليها من نصيب ذي بطنها إذا كان ميراث، وإن لم يكن ميراث أنفق عليها الوارث حتى تضع وتفطم ولدها كما قال الله عزّ وجلّ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فإن لم تكن حاملا فإن نفقتها كانت من مالها.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) قال: ينفق على الحبلى إذا كانت حاملا حتى تضع حملها.
وقال آخرون: عُنِيَ بقوله: ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) كلّ مطلقة، ملك زوجُها رجْعَتَهَا أو لم يملك.
وممن قال ذلك: عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
* ذكر الرواية عنهما بذلك:
حدثني أَبو السائب، قال: ثنا أَبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان عمر وعبد الله يجعلان للمطلقة ثلاثًا: السكنى، والنفقة، والمتعة. وكان عمر إذا ذكر عنده حديث فاطمة بنت قيس أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أمرها أن تعتدّ في غير بيت زوجها، قال: ما كنا لنجيز في ديننا شهادة امرأة.
حدثني نصر بن عبد الرحمن الأوْدِيّ، قال: ثنا يحيى بن إبراهيم، عن عيسى بن قرطاس، قال: سمعت عليّ بن الحسين يقول في المطلقة ثلاثًا: لها السكنى، والنفقة والمتعة، فإن خرجت من بيتها فلا سكنى ولا نفقة ولا متعة.
حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: ثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: للمطلقة ثلاثًا: السكنى والنفقة.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، قال: إذا طلق الرجل ثلاثًا، فإن لها السكنى والنفقة.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن لا نفقة للمبتوتة إلا أن تكون حاملا لأن الله جلّ ثناؤه جعل النفقة بقوله: ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن ) للحوامل دون غيرهنّ من البائنات من أزواجهن ولو كان البوائن من الحوامل وغير الحوامل في الواجب لهنّ من النفقة على أزواجهنّ سواء، لم يكن لخصوص أولات الأحمال بالذكر في هذا الموضع وجه مفهوم، إذ هنّ وغيرهنّ في ذلك سواء، وفي خصوصهن بالذكر دون غيرهنّ أدل الدليل على أن لا نفقة لبائن إلا أن تكون حاملا.
وبالذي قلنا في ذلك صحّ الخبر عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا بشر بن بكر، عن الأوزاعيّ، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، قال: ثني أَبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثتني فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس أن أبا عمرو المخزوميّ، طلقها ثلاثًا فأمر لها بنفقة فاستقلتها، وكان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعثه نحو اليمن، فانطلق خالد بن الوليد في نفر من بني مخزوم إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وهو عند ميمونة، فقال: يا رسول الله إن أبا عمرو طلق فاطمة ثلاثًا، فهل لها من نفقة؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ"، فأرسل إليها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن انتقلي إلى بيت أمّ شريك وأرسل إليها أن لا تسبقيني بنفسك، ثم أرسل إليها أنّ أمّ شريك يأتيها المهاجرون الأوّلون، فانتقلي إلى ابن أم مكتوم، فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك، فزوّجها رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أُسامة بن زيد.
وقوله: ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) يقول جلّ ثناؤه: فإن أرضع لكم نساؤكم البوائن منكم أولادهنّ الأطفال منكم بأجرة، فآتوهنّ أجورهن على رضاعهنّ إياهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك أنه قال في الرضاع: إذا قام على شيء فأُمّ الصبيّ أحقّ به، فإن شاءت أرضعته، وإن شاءت تركته إلا أن لا يقبل من غيرها، فإذا كان كذلك أُجْبِرت على رضاعه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) هي أحقّ بولدها أن تأخذه بما كنت مسترضعًا به غيرَها.
حدثنا محمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) قال: ما تراضوا عليه عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في الصبيّ إذا قام على ثمن فأمه أحق أن ترضعه، فإن لم يجد له من يرضعه أجبرت الأم على الرضاع.
قال: ثنا مهران، عن سفيان ( فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) قال: إن أرضعت لك بأحر فهي أحقّ من غيرها، وإن هي أبت أن ترضعه ولم تواتك فيما بينك وبينها عاسرتك في الأجر فاسترضع له أخرى.
وقوله: ( وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ) يقول تعالى ذكره: وليقبل بعضكم أيها الناس من بعض ما أمركم بعضكم به بعضا من معروف.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ) قال: اصنعوا المعروف فيما بينكم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ) حثّ بعضهم على بعض.
وقوله: ( وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ) يقول: وإن تعاسر الرجل والمرأة في رضاع ولدها منه، فامتنعت من رضاعه، فلا سبيل له عليها، وليس له إكراهها على إرضاعه، ولكنه يستأجر للصبيّ مرضعة غير أمه البائنة منه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ) قال: إن أبت الأم أن ترضع ولدها إذا طلقها أبوه التمس له مرضعة أخرى، الأمّ أحق إذا رضيت من أجر الرضاع بما يرضى به غيرها، فلا ينبغي له أن ينتزع منها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قال: إن هي أبت أن ترضعه ولم تواتك فيما بينها وبينك عاسرتك في الأجر، فاسترضع له أخرى.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قول الله: ( وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ) قال: فرض لها من قدر ما يجد، فقالت: لا أرضى هذا؛ قال: وهذا بعد الفراق، فأما وهي زوجته فإنها ترضع له طائعة ومكرهة إن شاءت وإن أبت، فقال لها: ليس لي زيادة على هذا إن أحببت أن ترضعي بهذا فأرضعي، وإن كرهت استرضعت ولدي، فهذا قوله: ( وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى ) .
وقوله: ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره: لينفق الذي بانت منه امرأته إذا كان ذا سعة من المال، وغني من سعة ماله وغناه على امرأته البائنة في أجر رضاع ولده منها، وعلى ولده الصغير ( وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ) يقول: ومن ضيق عليه رزقه فلم يوسع عليه، فلينفق مما أعطاه الله على قدر ماله، وما أعطى منه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وجدكم:
1- بضم الواو، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى قراءة الحسن، والأعرج، وابن أبى عبلة، وأبى حيوة.
3- بكسرها، وهى قراءة فياض بن غزوان، وعمرو بن ميمون، ويعقوب.
التفسير :
قدر تعالى النفقة، بحسب حال الزوج فقال:{ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}
أي:لينفق الغني من غناه، فلا ينفق نفقة الفقراء.
{ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي:ضيق عليه{ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} من الرزق.
{ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} وهذا مناسب للحكمة والرحمة الإلهية حيث جعل كلا بحسبه، وخفف عن المعسر، وأنه لا يكلفه إلا ما آتاه، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، في باب النفقة وغيرها.{ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} وهذه بشارة للمعسرين، أن الله تعالى سيزيل عنهم الشدة، ويرفع عنهم المشقة،{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}
ثم رسم- سبحانه- لعباده المنهج الذي لو اتبعوه لعاشوا آمنين مطمئنين فقال: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ.
والإنفاق: بذل المال في المصالح المتنوعة التي أحلها الله- تعالى-، كالمأكل والمشرب، والملبس، والمسكن، وإعطاء كل ذي حق حقه..
والسعة: البسطة في المال والرزق.
أى: على كل من أعطاه الله- تعالى- سعة وبسطة في المال والرزق، أن ينفق مما أعطاه الله- تعالى- وأن لا يبخل، فإن البخل صفة قبيحة، ولا سيما في الأغنياء.
فعليكم- أيها الآباء- أن تعطوا بسخاء كل من يستحقون العطاء، وعلى رأسهم الأمهات لأولادكم، اللائي يقمن بإرضاعهم بعد مفارقتكم لهن، وأن لا تبخلوا عليهن في أجرة الرضاع، أو في النفقة على الأولاد.
ثم قال- تعالى-: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ ... أى: ومن كان رزقه ضيقا وليس واسعا.. فلينفق على قدر ماله ورزقه وطاقته، مما آتاه الله- تعالى- من رزق.
وقوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها ... تعليل لما قبله، أى: فلينفق كل إنسان على نفسه وعلى زوجه، وعلى أولاده، وعلى أقاربه، وعلى غيرهم. على حسب حاله، فإن كان موسرا أنفق على حسب يسره، وإن كان معسرا أنفق على حسب عسره.. لأن الله- تعالى- لا يكلف نفسا إلا بقدر ما أعطاها من طاقة أو رزق..
روى ابن جرير أن عمر بن الخطاب سأل عن أبى عبيدة فقيل له: إنه يلبس الغليظ من الثياب، ويأكل الخشن من الطعام، فبعث إليه بألف دينار، وقال للرسول: انظر ماذا يصنع إذا أخذها: فلما أخذها، ما لبث أن لبس ألين الثياب، وأكل أطيب الطعام.. فجاء الرسول فأخبره فقال عمر: رحم الله أبا عبيدة، لقد عمل بهذه الآية: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ ... .
ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة ببشارة لمن يتبع أمره فقال: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً أى: سيجعل الله- تعالى- بفضله وإحسانه- اليسر بعد العسر، والسعة بعد الضيق، والغنى بعد الفقر.. لمن شاء من عباده، لأنه- سبحانه- هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وهو بعباده خبير بصير.
قال الإمام ابن كثير: وقد روى الإمام أحمد عن أبى هريرة قال: دخل رجل على أهله.
فلما رأى ما بهم من الفاقة خرج إلى البرية، فلما رأت امرأته ذلك قامت إلى الرحى فوضعتها، وإلى التنور فسجرته- أى أوقدته-، ثم قالت: اللهم ارزقنا، فنظرت، فإذا الجفنة قد امتلأت..
قال: وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا، قال: فرجع الزوج فقال لأهله: أأصبتم بعدي شيئا؟ فقالت امرأته: نعم من ربنا..
فذكر الرجل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أما إنه لو لم ترفعها، لم تزل تدور إلى يوم القيامة. .
وبعد هذه التشريعات الحكيمة التي تتعلق بالطلاق وما يترتب عليه من آثار، وبعد هذا التذكير المتكرر بوجوب تقوى الله- تعالى- والمحافظة على أداء تكاليفه، وبعد هذا الوعظ المؤثر في قلوب الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر..
بعد كل ذلك ساق- سبحانه- جانبا من سوء عاقبة الأقوام الذين فسقوا عن أمر ربهم، وخالفوا رسله: وكرر الأمر بتقواه، وذكر الناس بجانب من نعمه، حيث أرسل إليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ليتلو عليهم آياته.. كما ذكرهم بعظيم قدرته- تعالى- وشمول علمه، فقال- سبحانه-:
وقوله : ( لينفق ذو سعة من سعته ) أي : لينفق على المولود والده ، أو وليه ، بحسب قدرته ( ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ) كقوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) [ البقرة : 286 ] .
روى ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام ، عن أبي سنان قال : سأل عمر بن الخطاب ، عن أبي عبيدة فقيل : إنه يلبس الغليظ من الثياب ، ويأكل أخشن الطعام ، فبعث إليه بألف دينار ، وقال للرسول : انظر ما يصنع بها إذا هو أخذها : فما لبث أن لبس اللين من الثياب ، وأكل أطيب الطعام ، فجاءه الرسول فأخبره ، فقال : رحمه الله ، تأول هذه الآية : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله )
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير : حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، أخبرني أبي ، أخبرني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري - واسمه الحارث - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاثة نفر ، كان لأحدهم عشرة دنانير ، فتصدق منها بدينار . وكان لآخر عشر أواق ، فتصدق منها بأوقية . وكان لآخر مائة أوقية ، فتصدق منها بعشر أواق " . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هم في الأجر سواء ، كل قد تصدق بعشر ماله ، قال الله تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته )
هذا حديث غريب من هذا الوجه .
وقوله : ( سيجعل الله بعد عسر يسرا ) وعد منه تعالى ، ووعده حق ، لا يخلفه ، وهذه كقوله تعالى : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) [ الشرح : 5 ، 6 ]
وقد روى الإمام أحمد ، حديثا يحسن أن نذكره ها هنا ، فقال : حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، حدثنا شهر بن حوشب قال : قال أبو هريرة : بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يقدران على شيء ، فجاء الرجل من سفره ، فدخل على امرأته جائعا قد أصاب مسغبة شديدة ، فقال لامرأته : عندك شيء ؟ قالت : نعم ، أبشر ، أتاك رزق الله ، فاستحثها ، فقال : ويحك ! ابتغي إن كان عندك شيء . قالت : نعم ، هنيهة - ترجو رحمة الله - حتى إذا طال عليه الطوى قال : ويحك ! قومي فابتغي إن كان عندك شيء فائتيني به ، فإني قد بلغت وجهدت . فقالت : نعم ، الآن ينضج التنور فلا تعجل . فلما أن سكت عنها ساعة وتحينت أن يقول لها ، قالت من عند نفسها : لو قمت فنظرت إلى تنوري ؟ فقامت فنظرت إلى تنورها ملآن من جنوب الغنم ، ورحييها تطحنان . فقامت إلى الرحى فنفضتها ، واستخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم .
قال أبو هريرة : فوالذي نفس أبي القاسم بيده ، هو قول محمد - صلى الله عليه وسلم - : " لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها لطحنتا إلى يوم القيامة "
وقال في موضع آخر : حدثنا أبو عامر ، حدثنا أبو بكر ، عن هشام ، عن محمد - وهو ابن سيرين - عن أبي هريرة قال : دخل رجل على أهله ، فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلى البرية ، فلما رأت امرأته قامت إلى الرحى فوضعتها ، وإلى التنور فسجرته ، ثم قالت : اللهم ارزقنا . فنظرت ، فإذا الجفنة قد امتلأت ، قال : وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا ، قال : فرجع الزوج قال : أصبتم بعدي شيئا ؟ قالت امرأته : نعم ، من ربنا . قام إلى الرحى ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أما إنه لو لم ترفعها ، لم تزل تدور إلى يوم القيامة "
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ) قال: من سعة موجده، قال: ( وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ) قال: من قتر عليه رزقه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ) يقول: من طاقته.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ) قال: فرض لها من قدر ما يجد.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثني ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ) قال: على المطلقة إذا أرضعت له.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن أَبي سنان، قال: سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن أَبي عُبيدة، فقيل له: إنه يلبس الغليظ من الثياب، ويأكل أخشن الطعام، فبعث إليه بألف دينار، وقال للرسول: انظر ما يصنع إذا هو أخذها، فما لبث أن لبس ألين الثياب، وأكل أطيب الطعام، فجاء الرسول فأخبره، فقال رحمه الله: تأول هذه الآية ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ) .
وقوله: ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا )
يقول: لا يكلف الله أحدًا من النفقة على من تلزمه نفقته بالقرابة والرحم إلا ما أعطاه، إن كان ذا سعة فمن سعته، وإن كان مقدورًا عن رزقه فمما رزقه الله على قدر طاقته، لا يُكلف الفقير نفقة الغنيّ، ولا أحد من خلقه إلا فرضه الذي أوجبه عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا ) قال: يقول: لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغنيّ.
حدثنا عبد الله بن محمد الزهري، قال: ثنا سفيان، عن هشيم ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا ) قال: إلا ما افترض عليها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا ) يقول: إلا ما أطاقت.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا ) قال: لا يكلفه الله أن يتصدّق وليس عنده ما يتصدّق به، ولا يكلفه الله أن يزكي وليس عنده ما يزكي.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 286 | ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ |
---|
الطلاق: 7 | ﴿وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّـهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لينفق:
1- بلام الأمر، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنصب، واللام لا، «كى» ، حكاها أبو معاذ.
قدر:
1- مخففا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مشدد الدال، وهى قراءة ابن أبى عبلة.
التفسير :
يخبر تعالى عن إهلاكه الأمم العاتية، والقرون المكذبة للرسل أن كثرتهم وقوتهم، لم تنفعهمشيئًا، حين جاءهم الحساب الشديد، والعذاب الأليم، وأن الله أذاقهم من العذاب ما هو موجب أعمالهم السيئة.
وكلمة كَأَيِّنْ اسم لعدد كثير منهم، يفسره ما بعده، فهي بمعنى «كم» الخبرية التي تفيد التكثير، وهي مبتدأ، وقوله مِنْ قَرْيَةٍ تمييز لها.
وجملة عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها خبر للمبتدأ. والعتو: الخروج عن الطاعة، يقال: عتا فلان يعتو عتوا وعتيا. إذا تجبر وطغى وتجاوز الحدود في الاستكبار والعناد.
والمراد بالقرية: أهلها، على سبيل المجاز المرسل، من إطلاق المحل وإرادة الحال، فهو كقوله- تعالى-: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها.
والقرينة على أن المراد بالقرية أهلها، قوله- تعالى- بعد ذلك: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً....
والمراد بالمحاسبة في قوله فَحاسَبْناها ... المجازاة والمعاقبة الدنيوية على أعمالهم، بدليل قوله- تعالى- عن العذاب الأخروى بعد ذلك أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً....
ويجوز أن يراد بالمحاسبة هنا: العذاب الأخروى، وجيء بلفظ الماضي على سبيل التأكيد وتحقق الوقوع، كما في قوله- تعالى-: وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ....
ويكون قوله- سبحانه-: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً ... تكريرا للوعيد.
والمعنى: وكثير من أهل القرى الماضية، خرجوا عن طاعة ربهم، وعصوا رسله، فكانت نتيجة ذلك أن سجلنا عليهم أفعالهم تسجيلا دقيقا، وجازيناهم عليها جزاء عادلا، بأن عذبناهم عذابا فظيعا. وعاقبناهم عقابا نكرا..
والشيء النكر بضمتين وبضم فسكون- ما ينكره العقل من شدة كيفية حدوثه إنكارا عظيما.
يقول تعالى متوعدا لمن خالف أمره ، وكذب رسله ، وسلك غير ما شرعه ، ومخبرا عما حل بالأمم السالفة بسبب ذلك ، فقال : ( وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله ) أي : تمردت وطغت واستكبرت عن اتباع أمر الله ومتابعة رسله ، ( فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا ) أي : منكرا فظيعا .
يقول تعالى ذكره: سَيَجْعَلُ اللَّهُ للمقلّ من المال المقدور عليه رزقه بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا يقول: من بعد شدّة رخاء، ومن بعد ضيق سعة، ومن بعد فقر غنى.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا بعد الشدة الرخاء.
وقوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ ) يقول تعالى ذكره: وكأين من أهل قرية طغوا عن أمر ربهم وخالفوه، وعن أمر رسل ربهم، فتمادوا في طغيانهم وعتّوهم، ولجوا في كفرهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط عن السدي، في قوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ ) قال: غَيَّرت وَعَصَت.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا ) قال: العتو هاهنا الكفر والمعصية، عتُوّا: كفرًا، وعتت عن أمر ربها: تركته ولم تقبله.
وقيل: إنهم كانوا قومًا خالفوا أمر ربهم في الطلاق، فتوعد الله بالخبر عنهم هذه الأمة أن يفعل بهم فعله بهم إن خالفوا أمره في ذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت عمر بن سليمان يقول في قوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ ) قال: قرية عذّبت في الطلاق.
وقوله: ( فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا ) يقول: فحاسبناها على نعمتنا عندها وشكرها حسابًا شديدًا، يقول: حسابًا استقصينا فيه عليهم، لم نعف لهم فيه عن شيء، ولم نتجاوز فيه عنهم.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، قوله: ( فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا ) قال: لم نعف عنها الحساب الشديد الذي ليس فيه من العفو شيء.
حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا ) يقول: لم نرحم.
وقوله: ( وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا ) يقول: وعذبناها عذابًا عظيمًا منكرًا، وذلك عذاب جهنم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحج: 45 | ﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا﴾ |
---|
الحج: 48 | ﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ |
---|
محمد: 13 | ﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ﴾ |
---|
الطلاق: 8 | ﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى عن إهلاكه الأمم العاتية، والقرون المكذبة للرسل أن كثرتهم وقوتهم، لم تنفعهمشيئًا، حين جاءهم الحساب الشديد، والعذاب الأليم، وأن الله أذاقهم من العذاب ما هو موجب أعمالهم السيئة.
والفاء في قوله- تعالى-: فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها ... للتفريع على ما تقدم.
والوبال: الثقل، ومنه الطعام الوبيل، أى: الوخيم الثقيل على المعدة فيكون سببا في فسادها ومرضها. والذوق: الإحساس بالشيء إحساسا واضحا..
أى: فترتب على هذا الحساب والعقاب، أن ذاق أهل تلك القرى سوء عاقبة بغيهم وجحودهم لنعم الله..
وكان عاقبة أمرها خسرا أى: وكانت نهايتهم نهاية خاسرة خسارة عظيمة، كما يخسر التاجر صفقته التجارية التي عليها قوام حياته.
فذاقت وبال أمرها ) أي : غب مخالفتها ، وندموا حيث لا ينفعهم الندم ، ( وكان عاقبة أمرها خسرا
وقوله: ( فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا ) يقول: فذاقت هذه القرية التي عتت عن أمر ربها ورسله، عاقبة ما عملت وأتت من معاصي الله والكفر به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قوله: ( فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا ) قال: عقوبة أمرها.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا ) قال: ذاقت عاقبة ما عملت من الشرّ، الوبال: العاقبة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا ) يقول: عاقبة أمرها.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا ) قال: جزاء أمرها.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا ) يعني بوبال أمرها: جزاء أمرها الذي قد حلّ.
وقوله: ( وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ) يقول تعالى ذكره: وكان الذي أعقب أمرهم، وذلك كفرهم بالله وعصيانهم إياه خسرًا: يعني غَبْنا، لأنهم باعوا نعيم الآخرة بخسيس من الدنيا قليل، وآثروا اتباع أهوائهم على اتباع أمر الله.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ومع عذاب الدنيا، فإن الله أعد لهم في الآخرة عذابا شديدًا،{ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} أي:يا ذوي العقول، التي تفهم عن الله آياته وعبره، وأن الذي أهلك القرون الماضية، بتكذيبهم، أن من بعدهم مثلهم، لا فرق بين الطائفتين.
ثم بين- سبحانه- ما أعده لهم في الآخرة من عذاب، بعد بيان ما حل بهم في الدنيا فقال: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً أى: أن ما أصابهم في الدنيا بسبب فسوقهم عن أمر ربهم، ليس نهاية المطاف، بل هيأ الله- تعالى- لهم عذابا أشد من ذلك وأبقى في الآخرة..
وما دام الأمر كذلك فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ، الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً....
والألباب جمع لب، وهو العقل السليم الذي يرشد صاحبه إلى الخير والبر.
وقوله الَّذِينَ آمَنُوا منصوب بإضمار أعنى على سبيل البيان للمنادى، أو عطف بيان له.
والمراد بالذكر: القرآن الكريم، وقد سمى بذلك في آيات كثيرة منها قوله- تعالى-:
لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ ... أى: فيه شرفكم وعزكم، وفيه ما يذكركم بالحق، وينهاكم عن الباطل.
أى: فاتقوا الله- تعالى- يا أصحاب العقول السليمة، ويا من آمنتم بالله- تعالى- حق الإيمان، فهو- سبحانه- الذي أنزل عليكم القرآن الكريم، الذي فيه ما يذكركم عما غفلتم عنه من عقيدة سليمة، ومن أخلاق كريمة، ومن آداب قويمة..
وفي ندائهم بوصف «أولى الألباب» إشعار بأن العقول الراجحة هي التي تدعو أصحابها إلى تقوى الله وطاعته، وإلى كل كمال في الطباع والسلوك.
ي : في الدار الآخرة ، مع ما عجل لهم في الدنيا .
ثم قال بعد ما قص من خبر هؤلاء : ( فاتقوا الله يا أولي الألباب ) أي : الأفهام المستقيمة ، لا تكونوا مثلهم فيصيبكم ما أصابهم يا أولي الألباب ، ( الذين آمنوا ) أي : صدقوا بالله ورسله ، ( قد أنزل الله إليكم ذكرا ) يعني : القرآن . كقوله ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9 ]
يقول تعالى ذكره: أعد الله لهؤلاء القوم الذين عتوا عن أمر ربهم ورسله عذابًا شديدًا، وذلك عذاب النار الذي أعدّه لهم في القيامة ( فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ ) يقول تعالى ذكره: فخافوا الله، واحذروا سخطه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه يا أولي العقول.
كما حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ ) قال: يا أولي العقول.
وقوله: ( الَّذِينَ آمَنُوا ) يقول: الذين صدقوا الله ورسله.
وقوله: ( قَدْ أَنـزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولا ) اختلف أهل التأويل في المعني بالذكر والرسول في هذا الموضع، فقال بعضهم: الذكر هو القرآن، والرسول محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ( قَدْ أَنـزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولا ) قال: الذكر: القرآن، والرسول: محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله عزّ وجلّ: ( قَدْ أَنـزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ) قال: القرآن روح من الله، وقرأ: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا إلى آخر الآية، وقرأ: ( قَدْ أَنـزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولا ) قال: القرآن، وقرأ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ قال: بالقرآن، وقرأ إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ قال: القرآن، قال: وهو الذكر، وهو الروح.
وقال آخرون: الذكر: هو الرسول.
والصواب من القول في ذلك أن الرسول ترجمة عن الذكر، ذلك نصب لأنه مردود عليه على البيان عنه والترجمة.
فتأويل الكلام إذن: قد أنـزل الله إليكم يا أولي الألباب ذكرًا من الله لكم يذكركم به، وينبهكم على حظكم من الإيمان بالله، والعمل بطاعته، رسولا يتلو عليكم آيات الله التي أنـزلها عليه ( مُبَيِّنَاتٍ ) يقول: مبينات لمن سمعها وتدبرها أنها من عند الله.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المائدة: 100 | ﴿قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ |
---|
الطلاق: 10 | ﴿أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم ذكر عباده المؤمنين بما أنزل عليهم من كتابه، الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ليخرج الخلق من ظلمات الكفر والجهل والمعصية، إلى نور العلم والإيمان والطاعة، فمن الناس، من آمن به، ومنهم من لم يؤمن [به]،{ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا} من الواجبات والمستحبات.{ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} فيها من النعيم المقيم، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،{ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [أي:] ومن لم يؤمن بالله ورسوله، فأولئك أصحاب النار، هم فيها خالدون.
والمراد بالرسول في قوله- تعالى-: رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ محمد صلى الله عليه وسلم وللمفسرين جملة من الأقوال في إعرابه، فمنهم من يرى أنه منصوب بفعل مقدر، ومنهم من يرى أنه بدل من ذكرا ... .
والمعنى: فاتقوا الله- أيها المؤمنون- فقد أنزلنا إليكم قرآنا فيه ما يذكركم بخير الدنيا والآخرة ... وأرسلنا إليكم رسولا هو عبدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكي يتلو عليكم آياتنا تلاوة تدبر وفهم، يعقبهما تنفيذ ما اشتملت عليه هذه الآيات من أحكام وآداب وهدايات..
ولكي يخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من ظلمات الشرك الذي كانوا واقعين فيه، إلى نور الإيمان الذي صاروا إليه.
ومنهم من فسر الذكر بالرسول صلى الله عليه وسلم..
قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً هو النبي صلى الله عليه وسلم وعبر عنه بالذكر، لمواظبته على تلاوة القرآن الذي هو ذكر ...
وقوله- تعالى- رَسُولًا بدل من ذِكْراً، وعبر عن إرساله بالإنزال، لأن الإرسال مسبب عنه..
والظاهر أن الذكر هو القرآن، والرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم ورسولا منصوب بمقدر، أى: وأرسل رسولا.. .
ثم بين- سبحانه- حسن عاقبة المؤمنين الصادقين فقال: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ إيمانا حقا وَيَعْمَلْ عملا صالِحاً يُدْخِلْهُ- سبحانه- بفضله وإحسانه جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً خلودا أبديا..
وقوله: قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً حال من الضمير المنصوب في قوله يُدْخِلْهُ، والجمع في الضمائر باعتبار معنى مِنَ كما أن الأفراد في الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها:
والرزق: كل ما ينتفع به الإنسان، وتنكيره للتعظيم.
أى: قد وسع الله- تعالى- لهذا المؤمن الصادق في إيمانه رزقه في الجنة، وأعطاه من الخير والنعيم، ما يشرح صدره، ويدخل السرور على نفسه. ويصلح باله..
وقوله : ( رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ) قال بعضهم : ( رسولا ) منصوب على أنه بدل اشتمال وملابسة ; لأن الرسول هو الذي بلغ الذكر .
وقال ابن جرير : الصواب أن الرسول ترجمة عن الذكر ، يعني تفسيرا له ولهذا قال تعالى : ( رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ) أي في حال كونها بينة واضحة جلية ( ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ) كقوله تعالى ( كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) [ إبراهيم : 1 ] وقال تعالى ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) [ البقرة : 257 ] أي من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم وقد سمى الله تعالى الوحي الذي أنزله نورا لما يحصل به من الهدى كما سماه روحا لما يحصل به من حياة القلوب فقال : تعالى ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) [ الشورى : 52 ] وقوله : ( ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا ) قد تقدم تفسير مثل هذا غير مرة بما أغنى عن إعادته .
يقول تعالى ذكره: قد أنـزل الله إليكم أيها الناس ذكرًا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات، كي يخرج الذين صدّقوا الله ورسوله: (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول: وعملوا بما أمرهم الله به وأطاعوه (مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) يعني من الكفر وهي الظلمات، إلى النور يعني إلى الإيمان.
وقوله: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا ) يقول: ومن يصدّق بالله ويعمل بطاعته (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول: يُدخله بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) يقول: ماكثين مقيمين في البساتين التي تجري من تحتها الأنهار أبدًا، لا يموتون، ولا يخرجون منها أبدًا.
وقوله: (قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ) يقول: قد وسع الله له في الجنات رزقًا، يعني بالرزق: ما رزقه فيها من المطاعم والمشارب، وسائر ما أعدّ لأوليائه فيها، فطيبه لهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 257 | ﴿ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ |
---|
المائدة: 16 | ﴿ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ |
---|
ابراهيم: 1 | ﴿ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ |
---|
ابراهيم: 5 | ﴿ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ |
---|
الأحزاب: 43 | ﴿ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ |
---|
الحديد: 9 | ﴿ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ |
---|
الطلاق: 11 | ﴿ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
[ثم] أخبر [تعالى] أنه خلق الخلق من السماوات السبع ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيهن، وما بينهن، وأنزل الأمر، وهو الشرائع والأحكام الدينية التي أوحاها إلى رسله لتذكير العباد ووعظهم، وكذلك الأوامر الكونية والقدرية التي يدبر بها الخلق، كل ذلك لأجل أن يعرفه العباد ويعلموا إحاطة قدرته بالأشياء كلها، وإحاطة علمه بجميع الأشياء فإذا عرفوه بأوصافه المقدسة وأسمائه الحسنى وعبدوه وأحبوه وقاموا بحقه، فهذه الغاية المقصودة من الخلق والأمر معرفة الله وعبادته، فقام بذلك الموفقون من عباد الله الصالحين، وأعرض عن ذلك، الظالمون المعرضون.
[تم تفسيرها والحمد لله]
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بما يدل على كمال قدرته، وسعة علمه فقال: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ...
أى: الله- تعالى- وحده هو الذي خلق سبع سماوات طباقا وخلق من الأرض مثلهن، أى: في العدد فهي سبع كالسماوات.
والتعدد قد يكون باعتبار أصول الطبقات الطينية والصخرية والمائية والمعدنية، وغير ذلك من الاعتبارات التي لا يعلمها إلا الله- تعالى-.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية يقول- تعالى- مخبرا عن قدرته التامة، وسلطانه العظيم، ليكون ذلك باعثا على تعظيم ما شرع من الدين القويم: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ كقوله- تعالى- إخبارا عن نوح أنه قال لقومه: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ... وقال- تعالى- تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ.
وقوله: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أى: سبعا- أيضا- كما ثبت في الصحيحين: «من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه مع سبع أرضين» .
وفي صحيح البخاري: «خسف به إلى سبع أرضين ... »
ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم، فقد أبعد النجعة، وأغرق في النزع، وخالف القرآن والحديث بلا مستند.. .
وقال الآلوسى: الله الذي خلق سبع سماوات مبتدأ وخبر وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أى:
وخلق من الأرض مثلهن، على أن مِثْلَهُنَّ مفعول لفعل محذوف، والجملة معطوفة على الجملة قبلها.
والمثلية تصدق بالاشتراك في بعض الأوصاف، فقال الجمهور: هي هنا في كونها سبعا وكونها طباقا بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والأرض، وفي كل أرض سكان من خلق الله، لا يعلم حقيقتهم أحد إلا الله- تعالى-.
وقيل: المثلية في الخلق لا في العدد ولا في غيره، فهي أرض واحدة مخلوقة كالسماوات السبع.
ورد هذا القيل بأنه قد صح من رواية البخاري وغيره، قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن ... » .
والذي نراه أن كون المثلية في العد، هو المعول عليه، لورود الأحاديث الصحيحة التي صرحت بأن الأرضين سبع، فعلينا أن نؤمن بذلك، وأن نرد كيفية تكوينها، وهيئاتها، وأبعادها، ومساحاتها، وخصائصها.. إلى علم الله- تعالى-.
وقوله: يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ أى: يجرى أمر الله- تعالى- وقضاؤه وقدره بينهن، وينفذ حكمه فيهن، فالمراد بالأمر: قضاؤه وقدره ووحيه.
واللام في قوله- تعالى-: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً متعلقة بقوله خَلَقَ ...
أى: خلق- سبحانه- سبع سماوات ومن الأرض مثلهن، وأخبركم بذلك، لتعلموا علما تاما أن الله- تعالى- على كل شيء قدير، وأن علمه- تعالى- قد أحاط بكل شيء سواء أكان هذا الشيء جليلا أم حقيرا، صغيرا أم كبيرا ...
وبعد: فهذا تفسير لسورة «الطلاق» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
يقول تعالى مخبرا عن قدرته التامة وسلطانه العظيم ليكون ذلك باعثا على تعظيم ما شرع من الدين القويم ( الله الذي خلق سبع سماوات ) كقوله تعالى إخبارا عن نوح أنه قال لقومه ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ) [ نوح : 15 ] وقال تعالى ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ) [ الإسراء : 44 ] . وقوله تعالى ( ومن الأرض مثلهن ) أي سبعا أيضا ، كما ثبت في الصحيحين " من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين " وفي صحيح البخاري " خسف به إلى سبع أرضين " وقد ذكرت طرقه وألفاظه وعزوه في أول " البداية والنهاية " عند ذكر خلق الأرض ولله الحمد والمنة .
ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعد النجعة ، وأغرق في النزع ، وخالف القرآن ، والحديث بلا مستند . وقد تقدم في سورة الحديد عند قوله : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) [ الآية : 3 ] ذكر الأرضين السبع ، وبعد ما بينهن ، وكثافة كل واحدة منهن خمسمائة عام ، وهكذا قال ابن مسعود وغيره ، وكذا في الحديث الآخر " ما السماوات السبع ، وما فيهن ، وما بينهن ، والأرضون السبع ، وما فيهن ، وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة " . وقال ابن جرير ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : ( سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم ، وكفركم تكذيبكم بها .
وحدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القمي الأشعري ، عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال رجل لابن عباس ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) الآية . فقال : ابن عباس ما يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر . وقال ابن جرير ، حدثنا عمرو بن علي ، ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس في هذه الآية ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال عمرو : قال في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق .
وقال ابن المثنى في حديثه في كل سماء إبراهيم ، وقد روى البيهقي في كتاب الأسماء والصفات هذا الأثر عن ابن عباس بأبسط من هذا السياق فقال : أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أحمد بن يعقوب ، حدثنا عبيد بن غنام النخعي ، أنا علي بن حكيم ، حدثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، قال ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال : سبع أرضين ، في كل أرض نبي كنبيكم ، وآدم كآدم ، ونوح كنوح ، وإبراهيم ، كإبراهيم ، وعيسى كعيسى .
ثم رواه البيهقي من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، في قول الله عز وجل ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال في كل أرض نحو إبراهيم عليه السلام .
ثم قال البيهقي : إسناد هذا عن ابن عباس صحيح وهو شاذ بمرة ، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا ، والله أعلم
قال الإمام أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي في كتابه التفكر والاعتبار : حدثني إسحاق بن حاتم المدائني ، حدثنا يحيى بن سليمان عن عثمان بن أبي دهرس قال بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى أصحابه وهم سكوت لا يتكلمون ، فقال : " ما لكم لا تتكلمون ؟ " فقالوا : نتفكر في خلق الله عز وجل ، قال : " فكذلك فافعلوا ، تفكروا في خلق الله ، ولا تتفكروا فيه ، فإن بهذا المغرب أرضا بيضاء نورها ساحتها - أو قال : ساحتها نورها - مسيرة الشمس أربعين يوما بها خلق الله تعالى لم يعصوا الله طرفة عين قط ، قالوا : فأين الشيطان عنهم ؟ قال : " ما يدرون خلق الشيطان أم لم يخلق ؟ قالوا : أمن ولد آدم ؟ قال : " لا يدرون خلق آدم ، أم لم يخلق ؟ "
وهذا حديث مرسل وهو منكر جدا وعثمان بن أبي دهرش ذكره ابن أبي حاتم في كتابه ، فقال : روى عن رجل من آل الحكم بن أبي العاص ، وعنه سفيان بن عيينة ، ويحيى بن سليم الطائفي ، وابن المبارك ، سمعت أبي يقول ذلك .
يقول تعالى ذكره: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ) لا ما يعبده المشركون من الآلهة والأوثان التي لا تقدر على خلق شيء.
وقوله: ( وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) يقول: وخلق من الأرض مثلهنّ لما في كلّ واحدة منهنّ مثل ما في السموات من الخلق.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عمرو بن عليّ ومحمد بن المثنى، قالا ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن أَبي الضحى، عن ابن عباس، قال في هذه الآية: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) قال عمرو: قال: في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق. وقال ابن المثنى: في كلّ سماء إبراهيم.
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم تكذيبكم بها.
حدثنا أَبو كُرَيب، قال: ثنا أَبو بكر، عن عاصم، عن زِرّ، عن عبد الله، قال: خلق الله سبع سموات غلظ كلّ واحدة مسيرة خمس مئة عام، وبين كلّ واحدة منهنّ خمس مئة عام، وفوق السبع السموات الماء، والله جلّ ثناؤه فوق الماء، لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم. والأرض سبع، بين كلّ أرضين خمس مئة عام، وغلظ كلّ أرض خمس مئَة عام.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القُمي الأشعري، عن جعفر بن أبي المُغيرة الخزاعي، عن سعيد بن جبَير، قال: قال رجل لابن عباس ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) ... الآية، فقال ابن عباس: ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر.
قال: ثنا عباس، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد، قال: هذه الأرض إلى تلك مثل الفسطاط ضربته في فلاة، وهذه السماء إلى تلك السماء، مثل حلقة رميت بها في أرض فلاة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن أَبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: السماء أوّلها موج مكفوف؛ والثانية صخرة؛ والثالثة حديد؛ والرابعة نحاس؛ والخامسة فضة؛ والسادسة ذهب، والسابعة ياقوتة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا جرير بن حازم، قال: ثني حميد بن قيس، عن مجاهد، قال: هذا البيت الكعبة رابع أربعة عشر بيتًا في كل سماء بيت، كل بيت منها حذو صاحبه، لو وقع وقع عليه، وإن هذا الحرم حرمي بناؤه من السموات السبع والأرضين السبع.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) خلق سبع سموات وسبع أرضين في كل سماء من سمائه، وأرض من أرضه، خلق من خلقه وأمر من أمره، وقضاء من قضائه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: بينا النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جالس مرّة مع أصحابه، إذ مرّت سحابة، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم " أتدرون ما هَذَا؟ هَذِهِ العنَانُ، هَذِهِ رَوَايَا الأرْضِ يَسوُقُهَا اللهُ إلَى قَوْمٍ لا يَعْبُدُونَهُ"؛ قال: " أَتدْرُونَ مَا هَذِهِ السَّمَاءُ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " هَذِهِ السَّمَاءُ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ، وَسَقْفٌ مَحْفُوظٌ"؛ ثُم قال: " أَتَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِك؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " فَوْقَ ذَلك سَمَاءٌ أُخْرَى "، حتى عدّ سبع سموات وهو يقول: " أَتَدْرُونَ مَا بَيْنَهُمَا؟ خَمْس مِئَةِ سَنَةَ"؛ ثم قال: " أَتَدْرُونَ مَا فَوْق ذَلك؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ"، قال: " أتدرون ما بينهما؟" قالوا: الله ورسوله أعلم قال: " بَينَهُمَا خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ"؛ ثُمَّ قَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا هذِهِ الأرْضُ؟ قالوا: الله وَرَسولُهُ أَعلم، قَالَ: " تَحْتَ ذِلكَ أَرْضٌ"، قال: أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالُوا: الله وَرسوله أَعلم. قال: " بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ، حتى عدّ سبع أرضين، ثم قال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ دُلِي رَجُلٌ بِحَبْلٍ حَتى يَبْلُغَ أَسْفَلَ الأرْضِينَ السَّابِعَةِ لَهَبَطَ عَلَى اللهِ"؛ ثُم قَال: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: " التقى أربعة من الملائكة بين السماء والأرض، فقال بعضهم لبعض: من أين جئت؟ قال أحدهم: أرْسلني ربي من السماء السابعة، وتركته؛ ثمَّ، قال الآخر: أرسلني ربي من الأرض السابعة وتركته؛ ثمَّ، قال الآخر: أرسلني ربي من المشرق وتركته؛ ثمَّ، قال الآخر: أرسلني ربي من المغرب وتركته ثمَّ".
وقوله: ( يَتَنـزلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ ) يقول تعالى ذكره: يتنـزل أمر الله بين السماء السابعة والأرض السابعة.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يَتَنـزلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ ) قال: بين الأرض السابعة إلى السماء السابعة.
وقوله: ( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) يقول تعالى ذكره: ينـزل قضاء الله وأمره بين ذلك كي تعلموا أيها الناس كنه قدرته وسلطانه، وأنه لا يتعذّر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه أمر شاءه؛ ولكنه على ما يشاء قدير، ( وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) يقول جلّ ثناؤه: ولتعلموا أيها الناس أن الله بكل شيء من خلقه محيط علمًا، لا يعزُب عنه مثقالُ ذرّة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر: يقول جلّ ثناؤه فخافوا أيها الناس المخالفون أمر ربكم عقوبته، فإنه لا يمنعه من عقوبتكم مانع، وهو على ذلك قادر، ومحيط أيضًا بأعمالكم، فلا يخفى عليه منها خاف، وهو محصيها عليكم، ليجازيكم بها، يوم تجزى كلّ نفس ما كسبت.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
مثلهن:
1- بالنصب، عطفا على «سبع سموات» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، على الابتداء، وهى قراءة المفضل عن عاصم، وعصمه عن أبى بكر.
يتنزل:
1- مضارع «تنزل» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ينزل، مضارع «نزل» مشددا، و «الأمر» بالنصب، وهى قراءة عيسى، وأبى عمرو فى رواية.
لتعلموا:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بياء الغيبة.