ترتيب المصحف | 7 | ترتيب النزول | 39 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 26.00 |
عدد الآيات | 206 | عدد الأجزاء | 1.25 |
عدد الأحزاب | 2.50 | عدد الأرباع | 10.00 |
ترتيب الطول | 4 | تبدأ في الجزء | 8 |
تنتهي في الجزء | 9 | عدد السجدات | 1 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 3/29 | آلمص: 1/1 |
لَمَّا بَيَّنَ اللهُ وَعيدَ الكُفَّارِ ووَعدَ المُؤمِنينَ أتبعَه هنا بالحوارِ بينَ أصحابِ الجَنَّةِ وأصحابِ النَّارِ، ثُمَّ الحوارِ بين أصحابِ الأعرافِ وأصحابِ الجنةِ.
الحوارُ بينَ أهلِ الأعرافِ وأهلِ النَّارِ، ثُمَّ الحوارُ بينَ أصحابِ النَّارِ وأصحابِ الجنَّةِ، يطلُبونَ الماءَ أَو أنْ يُعطوهُم مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ مِنَ الطَّعامِ، فأجابُوهُم أَنَّ اللهَ حَرَّمَ ماءَ الجَنَّةِ وطَعَامَهَا على الكافِرِينَ.
التفسير :
يقول تعالى لما ذكر استقرار كل من الفريقين في الدارين، ووجدوا ما أخبرت به الرسل ونطقت به الكتب من الثواب والعقاب:أن أهل الجنة نادوا أصحاب النار بأن قالوا:{ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا} حين وعدنا على الإيمان والعمل الصالح الجنة فأدخلناها وأرانا ما وصفه لنا{ فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ} على الكفر والمعاصي{ حَقًّا قالوا نعم} قد وجدناه حقا، فبين للخلق كلهم، بيانا لا شك فيه، صدق وعد اللّه، ومن أصدق من اللّه قيلا، وذهبت عنهم الشكوك والشبه، وصار الأمر حق اليقين، وفرح المؤمنون بوعد اللّه واغتبطوا، وأيس الكفار من الخير، وأقروا على أنفسهم بأنهم مستحقون للعذاب.{ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ} أي:بين أهل النار وأهل الجنة، بأن قال:{ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ} أي:بُعْدُه وإقصاؤه عن كل خير{ عَلَى الظَّالِمِينَ} إذ فتح اللّه لهم أبواب رحمته، فصدفوا أنفسهم عنها ظلما، وصدوا عن سبيل اللّه بأنفسهم، وصدوا غيرهم، فضلوا وأضلوا.
والمعنى: أن أصحاب الجنة سوف يسألون أهل النار سؤال تعيير وتوبيخ يوم القيامة فيقولون لهم قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا من الثواب ومن الجزاء، فهل وجدتم أنتم ما وعدكم ربكم حقا من العقاب وسوء المصير؟ قالوا: نعم. أى: قال أهل النار: نعم وجدنا ما وعدنا ربنا على ألسنة رسله حقا.
وهذا النداء إنما يكون بعد استقرار أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار.
والظاهر أن هذا النداء من كل أهل الجنة لكل أهل النار لأن الجمع إذا قابل الجمع يوزع الفرد على الفرد. فكل فريق من أهل الجنة ينادى من كان يعرفه من الكفار في دار الدنيا.
وعبر بالماضي مع أن هذا النداء يكون في الآخرة لتحقق الوقوع وتأكده.
وكلمة حَقًّا نصبت في الموضعين على الحالية، وقيل إنها مفعول ثان ويكون وجد بمعنى علم.
يخبر تعالى بما يخاطب أهل الجنة أهل النار إذا استقروا في منازلهم ، وذلك على وجه التقريع والتوبيخ : (أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ) أن " هاهنا مفسرة للقول المحذوف ، و " قد " للتحقيق ، أي : قالوا لهم : ( قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم ) كما أخبر تعالى في سورة " الصافات " عن الذي كان له قرين من الكفار : ( فاطلع فرآه في سواء الجحيم قال تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين ) [ الآيات : 55 - 59 ] أي : ينكر عليه مقالته التي يقولها في الدنيا ، ويقرعه بما صار إليه من العذاب والنكال ، وكذا تقرعهم الملائكة يقولون لهم : ( هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون ) [ الطور : 14 - 16 ] وكذلك قرع رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلى القليب يوم بدر ، فنادى : " يا أبا جهل بن هشام ، ويا عتبة بن ربيعة ، ويا شيبة بن ربيعة - وسمى رءوسهم - : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا " وقال عمر : يا رسول الله ، تخاطب قوما قد جيفوا؟ فقال : " والذي نفسي بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا "
وقوله : ( فأذن مؤذن بينهم ) أي : أعلم معلم ونادى مناد : ( أن لعنة الله على الظالمين ) أي : مستقرة عليهم .
القول في تأويل قوله : وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ونادى أهلُ الجنة أهلَ النار بعد دخولهموها: يا أهل النار، قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا في الدنيا على ألسن رسله، من الثواب على الإيمان به وبهم، وعلى طاعته, فهل وجدتم ما وعدنا ربكم على ألسنتهم على الكفر به وعلى معاصيه من العقاب؟ (1) فأجابهم أهل النار: بأنْ نعم, قد وجدنا ما وعد ربنا حقًّا، كالذي:-
14670- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا قالوا نعم)، قال: وجد أهل الجنة ما وُعدوا من ثواب, وأهل النار ما وُعدوا من عقاب.
14671- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا)، وذلك أن الله وعد أهل الجنة النعيم والكرامة وكلَّ خير علمه الناس أو لم يعلموه, ووعدَ أهل النار كلَّ خزي وعذاب علمه الناس أو لم يعلموه، فذلك قوله: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ، [سورة ص: 58]. قال: فنادى أصحاب الجنة أصحابَ النار أنْ قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟ قالوا: نعم. يقول: من الخزي والهوان والعذاب. قال أهل الجنة: فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا من النعيم والكرامة =(فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين).
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: (قالوا نعم).
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة والبصرة: (قَالُوا نَعَمْ)، بفتح العين من " نعم ".
* * *
ورُوِي عن بعض الكوفيين أنه قرأ: " قَالُوا نَعِمْ" بكسر " العين ", وقد أنشد بيتا لبني كلب:
نَعِــمْ, إِذَا قالَهَــا, مِنْــهُ مُحَقَّقَـةٌ
وَلاتَخِيبُ" عَسَــى " مِنْــهُ وَلا قَمـنُ (2)
بكسر " نعم ".
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة عندنا(نَعَمْ) بفتح " العين ", لأنها القراءة المستفيضة في قرأة الأمصار، واللغة المشهورة في العرب.
* * *
وأما قوله: (فأذن مؤذن بينهم)، يقول: فنادى مناد, وأعلم مُعْلِمٌ بينهم =(أن لعنة الله على الظالمين)، يقول: غضب الله وسخطه وعقوبته على مَنْ كفر به. (3)
* * *
وقد بينا القول في" أنّ" إذا صحبت من الكلام ما ضارع الحكاية، وليس بصريح الحكاية, بأنها تشددها العرب أحيانًا، وتوقع الفعل عليها فتفتحها وتخففها أحيانًا, وتعمل الفعل فيها فتنصبها به، وتبطل عملها عن الاسم الذي يليها، فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (4)
* * *
وإذ كان ذلك كذلك, فسواء شُدِّدت " أن " أو خُفِّفت في القراءة, إذ كان معنى الكلام بأيّ ذلك قرأ القارئ واحدًا, وكانتا قراءتين مشهورتين في قرأة الأمصار.
-------------------
الهوامش :
(1) انظر تفسير (( أصحاب الجنة )) و (( أصحاب النار )) فيما سلف من فهارس اللغة ( صحب ) .
(2) لم أجد البيت ، ولم أعرف قائله . (( قمن )) ، جدير . يقول : لو قال لك : (( عسى أن يكون ما تسأل )) أو : (( أنت قمن أن تنال ما تطلب )) ، فذلك منه إنفاذ منه لما تسأل ، وتحقيق لما تطلب .
وكان في المطبوعة : (( ولا تجيء عسى )) ، غير ما في المخطوطة ، وهو الصواب . لأنه قال إن العدة بنعم محققة ، وبما أقل منها في الوعد محقق أيضًا لا يخيب معها سائله .
(3) انظر تفسير (( اللعنة )) فيما سلف ص : 416 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(4) انظر ما سلف قريبًا ص 443 - 445 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 44 | ﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ |
---|
الأعراف: 48 | ﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ﴾ |
---|
الأعراف: 50 | ﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أن لعنة الله:
قرئ:
1- بتثقيل «أن» ونصب «لعنة» ، وهى قراءة الأخوين، وابن عامر.
2- بكسر الهمزة والتثقيل ونصب «لعنة» ، وهى قراءة عصمة عن الأعمش.
3- بفتح الهمزة وتخفيف النون، ورفع «لعنة» ، وهى قراءة باقى السبعة.
التفسير :
فصدفوا أنفسهم عنها ظلما، وصدوا عن سبيل اللّه بأنفسهم، وصدوا غيرهم، فضلوا وأضلوا. واللّه تعالى يريد أن تكون مستقيمة، ويعتدل سير السالكين إليه،{ و} هؤلاء يريدونها{ عِوَجًا} منحرفة صادة عن سواء السبيل،{ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ} وهذا الذي أوجب لهم الانحراف عن الصراط، والإقبال على شهوات النفوس المحرمة، عدم إيمانهم بالبعث، وعدم خوفهم من العقاب ورجائهم للثواب، ومفهوم هذا النداء أن رحمة اللّه على المؤمنين، وبرَّه شامل لهم، وإحسانَه متواتر عليهم.
ثم بين- سبحانه- ما جرى بعد ذلك فقال: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ، أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ. الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً.
التأذن: رفع الصوت بالإعلام بالشيء. واللعنة: الطرد والإبعاد مع الخزي والإهانة.
والمعنى: بعد أن قامت الحجة على الكافرين وثبت الفوز للمؤمنين. نادى مناد بين الفريقين بقوله: لعنة الله على الظالمين لأنفسهم، ولغيرهم، الذين من صفاتهم أنهم يمنعون الناس عن اتباع شريعة الله، ويريدون لها أن تكون معوجة غير مستقيمة حتى لا يتبعها الناس، وهم بالآخرة وما فيها من ثواب وعقاب جاحدون مكذبون.
وفي قوله: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ. نكر المؤذن لأن معرفته غير مقصودة بل المقصود الإعلام بما يكون هناك من الأحكام ولم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيء، فهو من أمور الغيب التي لا تعلم علما صحيحا إلا بالتوقيف المستند إلى الوحى، وما ورد في ذلك فهو من الآثار التي لا يعتمد عليها.
قال بعض العلماء: «وفي هاتين الآيتين تعرض السورة لمرحلة أخرى من مراحل العذاب، وهي نداء أصحاب الجنة لأصحاب النار نداء يسجل عليهم الخزي والنكال، ويشعرهم بالحسرة والندامة، إذ كذبوا بما يرونه الآن واقعا في مقابلة النعيم الذي صار إليه أهل الإيمان، وأحسوا به كذلك واقعا.
وفي هذا نرى صورة من الحديث الذي يمثل الرضا والاطمئنان واللذة من جانب. ويمثل الحسرة والذلة والقلق من جانب آخر. ويصور الحكم النافذ الذي لا مرد له ولا محيص عنه يؤذن به مؤذن لا يدرك كنهه ولا يعلم من هو ولا ما صوته ولا كيف يلقى أذانه، ولا كيف يكون أثر هذا الأذن في نفوس سامعه.
وإنه لتصوير قوى بارع، يحرك إليه النفوس، ويهز المشاعر، ويبين أن النهاية الأليمة المتوقعة لهؤلاء المكذبين، إنما هي تسجيل اللعنة عليهم، والطرد والحرمان من رحمة الله، مشيرا إلى أسباب ذلك الحرمان الماثلة في ظلمهم الذي كونه صدهم عن سبيل الله، وبغيهم إياها عوجا وانحرافا وكفرهم بدار الجزاء» .
ثم وصفهم بقوله : ( الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا ) أي : يصدون الناس عن اتباع سبيل الله وشرعه وما جاءت به الأنبياء ، ويبغون أن تكون السبيل معوجة غير مستقيمة ، حتى لا يتبعها أحد . ( وهم بالآخرة كافرون ) أي : وهم بلقاء الله في الدار الآخرة كافرون ، أي : جاحدون مكذبون بذلك لا يصدقونه ولا يؤمنون به . فلهذا لا يبالون بما يأتون من منكر من القول والعمل; لأنهم لا يخافون حسابا عليه ، ولا عقابا ، فهم شر الناس أعمالا وأقوالا .
القول في تأويل قوله : الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ (45)
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: إن المؤذن بين أهل الجنة والنار يقول: أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ، الذين كفروا بالله وصدّوا عن سبيله (5) =(ويبغونها عوجًا)، يقول: حاولوا سبيل الله = وهو دينه (6) =" أن يغيروه ويبدِّلوه عما جعله الله له من استقامته " (7) =(وهم بالآخرة كافرون)، يقول: وهم لقيام الساعة والبعث في الآخرة والثواب والعقاب فيها جاحدون.
* * *
والعرب تقول للميل في الدِّين والطريق: " عِوَج " بكسر " العين ", وفي ميل الرجل على الشيء والعطف عليه: " عاجَ إليه يَعُوج عِيَاجًا وعَوَجًا وعِوَجًا ", بالكسر من " العين " والفتح, (8) كما قال الشاعر: (9)
قِفَــا نَسْــأَلْ مَنَــازِلَ آلِ لَيْــلى
عَــلَى عِــوَجٍ إلَيْهَــا وَانْثِنَــاءِ (10)
ذكر الفراء أن أبا الجرّاح أنشده إياه بكسر العين من " عوج "، فأما ما كان خلقة في الإنسان, فإنه يقال فيه: " عَوَج ساقه ", بفتح العين.
--------------------
الهوامش :
(5) انظر تفسير (( الصد )) فيما سلف 10 : 565 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
(6) انظر تفسير (( سبيل الله )) فيما سلف من فهارس اللغة ( سبل ) .
(7) انظر تفسير (( بغى )) فيما سلف ص : 286 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(8) انظر تفسير (( العوج )) فيما سلف 7 : 53 ، 54 ، ومجاز القرآن أبي عبيدة 1 : 98 .
(9) لم أعرف قائله .
(10) اللسان ( عوج ) ، وروايته :
* مَتَــى عِــوَجٌ إلَيْهَـا وَانْثنَـاءُ *
وفي المطبوعة : (( قفا نبكي )) ، وهو من سوء قراءة الناشر للمخطوطة ، وصوابه ما أثبت كما في رواية اللسان أيضًا .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 45 | ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ﴾ |
---|
هود: 19 | ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:وبين أصحاب الجنة وأصحاب النار حجاب يقال له:{ الأَعْرَاف} لا من الجنة ولا من النار، يشرف على الدارين، وينظر مِنْ عليه حالُ الفريقين، وعلى هذا الحجاب رجال يعرفون كلا من أهل الجنة والنار بسيماهم، أي:علاماتهم، التي بها يعرفون ويميزون، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نَادَوْهم{ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} أي:يحيونهم ويسلمون عليهم، وهم - إلى الآن - لم يدخلوا الجنة، ولكنهم يطمعون في دخولها، ولم يجعل اللّه الطمع في قلوبهم إلا لما يريد بهم من كرامته.
ثم ينتقل القرآن إلى الحديث عن مشهد آخر من مشاهد يوم القيامة، يحدثنا فيه عن أصحاب الأعراف وما يدور بينهم وبين أهل الجنة وأهل النار من حوار فيقول:
وَبَيْنَهُما حِجابٌ أى: بين أهل الجنة وأهل النار حجاب يفصل بينهما، ويمنع وصول أحد الفريقين إلى الآخر، ويرى بعض العلماء أن هذا الحجاب هو السور الذي ذكره الله في قوله- تعالى- في سورة الحديد: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً، فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ.
ثم قال- تعالى-: وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ، وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ.
الأعراف: جمع عرف، وهو المكان المرتفع من الأرض وغيرها. ومنه عرف الديك وعرف الفرس وهو الشعر الذي يكون في أعلى الرقبة.
والمعنى: وبين الجنة والنار حاجز يفصل بينهما وعلى أعراف هذا الحاجز- أى في أعلاه- رجال يرون أهل الجنة وأهل النار فيعرفون كلا منهم بسيماهم وعلاماتهم التي وصفهم الله بها في كتابه كبياض الوجوه بالنسبة لأهل الجنة، وسوادها بالنسبة لأهل النار، ونادى أصحاب الأعراف أصحاب الجنة عند رؤيتهم لهم بقولهم: سلام عليكم وتحية لكم لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ.
هذا، وللعلماء أقوال في أصحاب الأعراف أوصلها بعض المفسرين إلى اثنى عشر قولا من أشهرها قولان:
أولهما: أن أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، وقد روى هذا القول عن حذيفة وابن عباس وابن مسعود وغير واحد من السلف والخلف.
وقد استشهد أصحاب هذا القول بما رواه ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن استوت حسناتهم وسيئاتهم فقال: «أولئك أصحاب الأعراف، لم يدخلوها وهم يطمعون» .
وعن الشعبي عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة، وخلفت بهم حسناتهم عن النار. قال: فوقفوا هناك على السور حتى يقضى الله فيهم » .
وهناك آثار أخرى تقوى هذا الرأى ذكرها الإمام ابن كثير في تفسيره » .
أما الرأى الثاني: فيرى أصحابه أن أصحاب الأعراف قوم من أشرف الخلق وعدولهم كالأنبياء والصديقين والشهداء. وينسب هذا القول إلى مجاهد وإلى أبى مجلز فقد قال مجاهد:
«أصحاب الأعراف قوم صالحون فقهاء علماء» وقال أبو مجلز: أصحاب الأعراف هم رجال من الملائكة يعرفون أهل الجنة وأهل النار. ومعنى كونهم رجالا- في قول أبى مجلز أى: في صورتهم.
وقد رجح بعض العلماء الرأى الثاني فقال: «وليس أصحاب الأعراف ممن تساوت حسناتهم وسيئاتهم كما جاء في بعض الروايات، لأن ما نسب إليهم من أقوال لا يتفق مع انحطاط منزلتهم عن أهل الجنة، انظر قولهم للمستكبرين:
ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فإن هذا الكلام لا يصدر إلا من أرباب المعرفة الذين اطمأنوا إلى مكانتهم. ولذا أرجح أن رجال الأعراف هم عدول الأمم والشهداء على الناس، وفي مقدمتهم الأنبياء والرسل » .
والذي نراه: أن هناك حجابا بين الجنة والنار، الله أعلم بحقيقته، وأن هذا الحجاب لا يمنع وصول الأصوات عن طريق المناداة، وأن هذا الحجاب من فوقه رجال يرون أهل الجنة وأهل النار فينادون كل فريق بما يناسبه، يحيون أهل الجنة ويقرعون أهل النار، وأن هؤلاء الرجال- يغلب على ظننا- أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم. لأن هذا القول هو قول جمهور العلماء من السلف والخلف، ولأن الآثار تؤيده، ولذا قال ابن كثير: «واختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم؟ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم، نص عليه حذيفة وابن عباس وابن مسعود وغير واحد من السلف والخلف رحمهم الله » .
وقوله: لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ فيه وجهان:
أحدهما: أنه في أصحاب الأعراف، أى أن أصحاب الأعراف عند ما رأوا أهل الجنة سلموا عليهم حال كونهم- أى أصحاب الأعراف- لم يدخلوها معهم وهم طامعون في دخولها مترقبون له.
وثانيهما: أنه في أصحاب الجنة: أى: أنهم لم يدخلوها بعد، وهم طامعون في دخولها لما ظهر لهم من يسر الحساب. وكريم اللقاء.
لما ذكر تعالى مخاطبة أهل الجنة مع أهل النار ، نبه أن بين الجنة والنار حجابا ، وهو الحاجز المانع من وصول أهل النار إلى الجنة .
قال ابن جرير : وهو السور الذي قال الله تعالى : ( فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) [ الحديد : 13 ] وهو الأعراف الذي قال الله تعالى : ( وعلى الأعراف رجال ) .
ثم روى بإسناده عن السدي أنه قال في قوله تعالى ( وبينهما حجاب ) وهو " السور " ، وهو " الأعراف "
وقال مجاهد : الأعراف : حجاب بين الجنة والنار ، سور له باب . قال ابن جرير : والأعراف جمع " عرف " ، وكل مرتفع من الأرض عند العرب يسمى " عرفا " ، وإنما قيل لعرف الديك عرفا لارتفاعه .
وحدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا ابن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، سمع ابن عباس يقول : الأعراف هو الشيء المشرف .
وقال الثوري ، عن جابر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : الأعراف : سور كعرف الديك .
وفي رواية عن ابن عباس : الأعراف ، تل بين الجنة والنار ، حبس عليه ناس من أهل الذنوب بين الجنة والنار . وفي رواية عنه : هو سور بين الجنة والنار . وكذلك قال الضحاك وغير واحد من علماء التفسير .
وقال السدي : إنما سمي " الأعراف " أعرافا; لأن أصحابه يعرفون الناس .
واختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم ، وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد ، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم . نص عليه حذيفة ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وغير واحد من السلف والخلف ، رحمهم الله . وقد جاء في حديث مرفوع رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه :
حدثنا عبد الله بن إسماعيل ، حدثنا عبيد بن الحسين ، حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا النعمان بن عبد السلام ، حدثنا شيخ لنا يقال له : أبو عباد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته ، فقال : " أولئك أصحاب الأعراف ، لم يدخلوها وهم يطمعون "
وهذا حديث غريب من هذا الوجه ورواه من وجه آخر ، عن سعيد بن سلمة عن أبي الحسام ، عن محمد بن المنكدر عن رجل من مزينة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف ، فقال : " إنهم قوم خرجوا عصاة بغير إذن آبائهم ، فقتلوا في سبيل الله "
وقال سعيد بن منصور : حدثنا أبو معشر ، حدثنا يحيى بن شبل ، عن يحيى بن عبد الرحمن المزني عن أبيه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن " أصحاب الأعراف " فقال : " هم ناس قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم ، فمنعهم من دخول الجنة معصية آبائهم ومنعهم النار قتلهم في سبيل الله "
هكذا رواه ابن مردويه ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم من طرق ، عن أبي معشر به وكذلك رواه ابن ماجه مرفوعا ، من حديث ابن عباس وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما والله أعلم بصحة هذه الأخبار المرفوعة وقصاراها أن تكون موقوفة وفيه دلالة على ما ذكر .
وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم ، أخبرنا حصين ، عن الشعبي ، عن حذيفة; أنه سئل عن أصحاب الأعراف ، قال : فقال : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة ، وخلفت بهم حسناتهم عن النار . قال : فوقفوا هناك على السور حتى يقضي الله فيهم .
وقد رواه من وجه آخر أبسط من هذا فقال :
حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال : قال الشعبي : أرسل إلي عبد الحميد بن عبد الرحمن - وعنده أبو الزناد عبد الله بن ذكوان مولى قريش - وإذا هما قد ذكرا من أصحاب الأعراف ذكرا ليس كما ذكرا ، فقلت لهما : إن شئتما أنبأتكما بما ذكر حذيفة ، فقالا هات . فقلت : إن حذيفة ذكر أصحاب الأعراف فقال : هم قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار ، وقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة ، فإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا : ( ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) فبينا هم كذلك ، اطلع عليهم ربك فقال لهم : اذهبوا فادخلوا الجنة فإني قد غفرت لكم .
وقال عبد الله بن المبارك ، عن أبي بكر الهذلي قال : قال سعيد بن جبير ، وهو يحدث ذلك عن ابن مسعود قال يحاسب الناس يوم القيامة ، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار . ثم قرأ قول الله : ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ) [ المؤمنون : 102 ، 103 ] ثم قال : إن الميزان يخف بمثقال حبة ويرجح ، قال : ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف ، فوقفوا على الصراط ، ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار ، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا : سلام عليكم ، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم نظروا أصحاب النار قالوا : ( ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) فتعوذوا بالله من منازلهم . قال : فأما أصحاب الحسنات ، فإنهم يعطون نورا فيمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ، ويعطى كل عبد يومئذ نورا ، وكل أمة نورا ، فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة . فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا : ( ربنا أتمم لنا نورنا ) [ التحريم : 8 ] . وأما أصحاب الأعراف ، فإن النور كان في أيديهم فلم ينزع ، فهنالك يقول الله تعالى : ( لم يدخلوها وهم يطمعون ) فكان الطمع دخولا . قال : وقال ابن مسعود : على أن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر ، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة . ثم يقول : هلك من غلبت واحدته أعشاره .
رواه ابن جرير وقال أيضا :
حدثني ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير ، عن منصور ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس قال : " الأعراف " : السور الذي بين الجنة والنار ، وأصحاب الأعراف بذلك المكان ، حتى إذا بدأ الله أن يعافيهم ، انطلق بهم إلى نهر يقال له : " الحياة " ، حافتاه قصب الذهب ، مكلل باللؤلؤ ، ترابه المسك ، فألقوا فيه حتى تصلح ألوانهم ، وتبدو في نحورهم بيضاء يعرفون بها ، حتى إذا صلحت ألوانهم أتى بهم الرحمن تبارك وتعالى فقال : تمنوا ما شئتم فيتمنون ، حتى إذا انقطعت أمنيتهم قال لهم : لكم الذي تمنيتم ومثله سبعون ضعفا . فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها ، يسمون مساكين أهل الجنة .
وكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن يحيى بن المغيرة ، عن جرير ، به . وقد رواه سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن الحارث ، من قوله وهذا أصح ، والله أعلم . وهكذا روي عن مجاهد والضحاك وغير واحد .
وقال سنيد بن داود : حدثني جرير ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة عن عمرو بن جرير قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف ، قال : هم آخر من يفصل بينهم من العباد ، فإذا فرغ رب العالمين من فصله بين العباد قال : أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار ، ولم تدخلوا الجنة ، فأنتم عتقائي ، فارعوا من الجنة حيث شئتم " وهذا مرسل حسن .
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة " الوليد بن موسى " ، عن منبه بن عثمان عن عروة بن رويم ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم; أن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب ، فسألناه عن ثوابهم فقال : " على الأعراف ، وليسوا في الجنة مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم . فسألناه : وما الأعراف؟ فقال : " حائط الجنة تجري فيها الأنهار ، وتنبت فيه الأشجار والثمار "
رواه البيهقي ، عن ابن بشران ، عن علي بن محمد المصري ، عن يوسف بن يزيد ، عن الوليد بن موسى ، به .
وقال سفيان الثوري ، عن خصيف ، عن مجاهد قال : أصحاب الأعراف : قوم صالحون فقهاء علماء .
وقال ابن جرير : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن سليمان التيمي ، عن أبي مجلز في قوله تعالى : ( وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ) قال : هم رجال من الملائكة ، يعرفون أهل الجنة وأهل النار ، قال : ( ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ونادى أصحاب الأعراف رجالا ) في النار ( يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ) قال : فهذا حين دخل أهل الجنة الجنة : ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) .
وهذا صحيح إلى أبي مجلز لاحق بن حميد أحد التابعين ، وهو غريب من قوله وخلاف الظاهر من السياق : وقول الجمهور مقدم على قوله ، بدلالة الآية على ما ذهبوا إليه . وكذا قول مجاهد : إنهم قوم صالحون علماء فقهاء فيه غرابة أيضا . والله أعلم .
وقد حكى القرطبي وغيره فيهم اثني عشر قولا منها : أنهم شهدوا أنهم صلحاء تفرعوا من فرع الآخرة ، دخلوا يطلعون على أخبار الناس .
وقيل : هم أنبياء . وقيل : ملائكة .
وقوله تعالى : ( يعرفون كلا بسيماهم ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : يعرفون أهل الجنة ببياض الوجوه ، وأهل النار بسواد الوجوه . وكذا روى الضحاك ، عنه .
وقال العوفي ، عن ابن عباس أنزلهم الله بتلك المنزلة ، ليعرفوا من في الجنة والنار ، وليعرفوا أهل النار بسواد الوجوه ، ويتعوذوا بالله أن يجعلهم مع القوم الظالمين . وهم في ذلك يحيون أهل الجنة بالسلام ، لم يدخلوها ، وهم يطمعون أن يدخلوها ، وهم داخلوها إن شاء الله .
وكذا قال مجاهد ، والضحاك ، والسدي ، والحسن ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقال معمر ، عن الحسن : إنه تلا هذه الآية : ( لم يدخلوها وهم يطمعون ) قال : والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم ، إلا لكرامة يريدها بهم .
وقال قتادة قد أنبأكم الله بمكانهم من الطمع .
القول في تأويل قوله : وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلا بِسِيمَاهُمْ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (وبينهما حجاب)، وبين الجنة والنار حجاب, يقول: حاجز, وهو: السور الذي ذكره الله تعالى فقال: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ، [سورة الحديد: 13]. وهو " الأعراف " التي يقول الله فيها: (وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ)، كذلك.
14671- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله بن رجاء عن ابن جريج قال: بلغني عن مجاهد قال: " الأعراف "، حجاب بين الجنة والنار.
14672- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وبينهما حجاب)، وهو " السور ", وهو " الأعراف ".
* * *
وأما قوله: (وعلى الأعراف رجال)، فإن " الأعراف " جمع، واحدها " عُرْف ", وكل مرتفع من الأرض عند العرب فهو " عُرْف ", وإنما قيل لعُرف الديك " عرف ", لارتفاعه على ما سواه من جسده، ومنه قول الشماخ بن ضرار:
وَظَلًّــتْ بِــأَعْرَافٍ تَغَـالَى, كَأَنَّهَـا
رِمَـاحٌ نَحَاهَـا وِجْهَـةَ الـرِّيحِ رَاكِزُ (11)
يعني بقوله: " بأعراف "، بنشوز من الأرض، ومنه قول الآخر: (12)
كُـــلُّ كِنَـــازٍ لَحْمُــهُ نِيَــافِ
كَــالْعَلَمِ الْمُــوفِي عَـلَى الأعْـرَافِ (13)
* * *
وكان السدي يقول: إنما سمي" الأعراف " أعرافًا, لأن أصحابه يعرفون الناس.
14672- حدثني بذلك محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14673- حدثنا سفيان بن وكيع, قال:حدثنا ابن عيينة, عن عبيد الله بن أبي يزيد, سمع ابن عباس يقول: " الأعراف "، هو الشيء المشرف. (14)
14674- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة, عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عباس يقول, مثله. (15)
14675- حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي, عن سفيان, عن جابر, عن مجاهد, عن ابن عباس قال: " الأعراف "، سور كعرف الديك.
14676- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان, عن جابر, عن مجاهد, عن ابن عباس, مثله.
14677- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: " الأعراف "، حجاب بين الجنة والنار، سور له باب = قال أبو موسى: وحدثني عبيد الله بن أبي يزيد: أنه سمع ابن عباس يقول: إن الأعراف تَلٌّ بين الجنة والنار، حُبس عليه ناسٌ من أهل الذنوب بين الجنة والنار. (16)
14678- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: " الأعراف " ،حجاب بين الجنة والنار, سور له باب.
14679- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن حبيب بن أبي ثابت, عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال: " الأعراف "، سور بين الجنة والنار.
14680- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قال: " الأعراف "، سور بين الجنة والنار.
14681- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (وعلى الأعراف رجال)، يعني بالأعراف: السور الذي ذكر الله في القرآن، (17) وهو بين الجنة والنار.
||
14682- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل, عن جابر, عن مجاهد, عن ابن عباس قال: " الأعراف "، سور له عُرْف كعرف الديك.
14683- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن إسرائيل, عن جابر, عن أبي جعفر قال: " الأعراف "، سور بين الجنة والنار.
14684- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثني عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: " الأعراف "، السور الذي بين الجنة والنار.
* * *
واختلف أهل التأويل في صفة الرجال الذين أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم على الأعراف، وما السبب الذي من أجله صاروا هنالك.
فقال بعضهم: هم قوم من بني آدم، استوت حسناتهم وسيئاتهم, فجعلوا هنالك إلى أن يقضي الله فيهم ما يشاء, ثم يدخلهم الجنة بفضل رحمته إياهم.
* ذكر من قال ذلك:
14685- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال، قال الشعبي: أرسل إليّ عبد الحميد بن عبد الرحمن، وعنده أبو الزناد عبد الله بن ذكوان مولى قريش, وإذا هما قد ذكرَا من أصحاب الأعراف ذكرًا ليس كما ذَكَرا, فقلت لهما: إن شئتما أنبأتكما بما ذكر حذيفة، فقالا هات ! فقلت: إن حذيفة ذكر أصحاب الأعراف فقال: هم قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار، وقصرت بهم سيِّئاتهم عن الجنة, فإذا صُرفت أبصارُهم تلقاء أصحاب النار قالوا: رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ . فبينا هم كذلك, اطّلع إليهم ربك تبارك وتعالى فقال: اذهبوا وادخلوا الجنة, فإني قد غفرت لكم. (18)
14686- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين, عن الشعبي, عن حذيفة, أنه سئل عن أصحاب الأعراف, قال فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة, وخلّفت بهم حسناتهم عن النار. قال: فوُقِفوا هنالك على السور حتى يقضي الله فيهم.
14687- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير وعمران بن عيينة, عن حصين, عن عامر, عن حذيفة قال: أصحاب الأعراف، قومٌ كانت لهم ذنوب وحسنات, فقصرت بهم ذنوبهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار, فهم كذلك حتى يقضي الله بين خلقه، فينفذ فيهم أمره.
14688- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن سفيان, عن جابر, عن الشعبي, عن حذيفة قال: أصحاب الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فيقول: ادخلوا الجنة بفضلي ومغفرتي, لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون.
14689- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن يونس بن أبي إسحاق, عن عامر, عن حذيفة قال: أصحاب الأعراف، قوم تجاوزت بهم حسناتهم النار, وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة.
14690- حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك, عن أبي بكر الهذلي قال: قال سعيد بن جبير, وهو يحدّث ذلك عن ابن مسعود قال: يحاسب الناس يوم القيامة, فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة, ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار. ثم قرأ قول الله: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ، [سورة الأعراف: 8-9]. ثم قال: إن الميزان يخفّ بمثقال حبة ويرجح. قال: فمن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، فوقفوا على الصراط, ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار, فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: سَلامٌ عَلَيْكُمْ ، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم نظرُوا أصحاب النار قالوا: رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [سورة الأعراف: 47]، فيتعوذون بالله من منازلهم، قال: فأما أصحاب الحسنات, فإنهم يعطون نورًا فيمشون به بين أيديهم وبأيمانهم, ويعطى كل عبد يومئذ نورًا، وكل أمَةٍ نورًا. فإذا أتوا على الصراط سَلب الله نور كل منافق ومنافقة. فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون, (19) قالوا: رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا . وأما أصحاب الأعراف, فإن النور كان في أيديهم فلم ينـزع من أيديهم, فهنالك يقول الله: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ، فكان الطمع دخولا. قال: فقال ابن مسعود: على أن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر, وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة. ثم يقول: هلك من غلب وُحْدَانُه أعشارَه. (20)
14691- حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال، أخبرني ابن وهب قال، أخبرني عيسى الحنّاط، عن الشعبي, عن حذيفة قال: أصحاب الأعراف، قوم كانت لهم أعمال أنجاهم الله بها من النار, وهم آخر من يدخل الجنة, قد عرَفوا أهل الجنة وأهل النار. (21)
14692- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا همام, عن قتادة قال: قال ابن عباس: أصحاب الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فلم تزد حسناتهم على سيئاتهم، ولا سيئاتهم على حسناتهم.
14693- حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير، عن منصور, عن حبيب بن أبي ثابت, عن عبد الله بن الحارث, عن ابن عباس قال: " الأعراف "، سور بين الجنة والنار, وأصحاب الأعراف بذلك المكان, حتى إذا بَدَا لله أن يعافيهم, انْطُلِق بهم إلى نهر يقال له: " الحياة "، (22) حافتاه قَصَبُ الذهب، مكلَّل باللؤلؤ، ترابه المسك, فألقوا فيه حتى تصلح ألوانهم، ويبدو في نحورهم شامَةٌ بيضاء يعرفون بها, حتى إذا صلحت ألوانهم، أتى بهم الرحمنُ فقال: تمنوا ما شئتم ! قال: فيتمنون, حتى إذا انقطعت أمنيتهم قال لهم: لكم الذي تمنيتم ومثله سبعين مرة! فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها, يسمَّون مساكين الجنة. (23)
14694- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن حبيب, عن مجاهد, عن عبد الله بن الحارث قال: أصحاب الأعراف، يؤمر بهم إلى نهر يقال له: " الحياة ", ترابه الوَرْس والزعفران, وحافتاه قَصَبُ اللؤلؤ = قال: وأحسبه قال: مكلل باللؤلؤ = وقال: فيغتسلون فيه, فتبدو في نحورهم شامة بيضاء، فيقال لهم: تمنوا ! فيقال لهم: لكم ما تمنيتم وسبعون ضعفًا! وإنهم مساكين أهل الجنة = قال حبيب: وحدثني رجل: أنهم استوت حسناتهم وسيئاتهم.
14695- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن حبيب بن أبي ثابت, عن مجاهد, عن عبد الله بن الحارث قال: أصحاب الأعراف، ينتهى بهم إلى نهر يقال له: " الحياة ", حافتاه قَصَب من ذهب = قال سفيان: أراه قال : مكلل باللؤلؤ = قال: فيغتسلون منه اغتسالةً فتبدو في نحورهم شامة بيضاء, ثم يعودون فيغتسلون، فيزدادون. فكلما اغتسلوا ازدادت بياضًا, فيقال لهم: تمنوا ما شئتم ! فيتمنون ما شاءوا، فيقال لهم: لكم ما تمنيتم وسبعون ضعفًا ! قال: فهم مساكين أهل الجنة.
14696- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة, عن حصين, عن الشعبي, عن حذيفة قال: أصحاب الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فهم على سور بين الجنة والنار: لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ .
14697- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: كان ابن عباس يقول: " الأعراف "، بين الجنة والنار, حبس عليه أقوام بأعمالهم. وكان يقول: قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فلم تزد حسناتهم على سيئاتهم, ولا سيئاتهم على حسناتهم.
14698- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة قال، قال ابن عباس: أهل الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم.
14699- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد, عن جويبر, عن الضحاك قال: أصحاب الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم.
14700- . . . . وقال، حدثنا يحيى بن يمان, عن شريك, عن منصور, عن سعيد بن جبير قال: أصحاب الأعراف، استوت أعمالهم.
14701- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن جويبر, عن الضحاك, عن ابن عباس قال: أصحاب الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم, فوُقِفوا هنالك على السور.
14702- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن حبيب بن أبي ثابت, عن سفيع، أو سميع = قال أبو جعفر: كذا وجدت في كتاب سفيع (24) =، عن أبي علقمة قال: أصحاب الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم. (25)
* * *
وقال آخرون: كانوا قتلوا في سبيل الله عصاة لآبائهم في الدنيا.
* ذكر من قال ذلك:
14703- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن أبي مسعر, عن شرحبيل بن سعد قال: هم قوم خرجوا في الغزو بغير إذن آبائهم.
14704 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني خالد, عن سعيد, عن يحيى بن شبل: أن رجلا من بني النضير أخبره، عن رجل من بني هلال: أن أباه أخبره: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال: هم قوم غزوا في سبيل الله عصاةً لآبائهم, فقتلوا, فأعتقهم الله من النار بقتلهم في سبيله, وحُبسوا عن الجنة بمعصية آبائهم, فهم آخر من يدخل الجنة. (26)
14705 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا يزيد بن هارون, عن أبي معشر, عن يحيى بن شبل مولى بني هاشم, عن محمد بن عبد الرحمن, عن أبيه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف, فقال: قوم قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم, فمنعهم قتلهم في سبيل الله عن النار, ومنعتهم معصية آبائهم أن يدخلوا الجنة. (27)
* * *
وقال آخرون: بل هم قوم صالحون فقهاء علماء.
* ذكر من قال ذلك:
14706- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن خصيف, عن مجاهد قال: أصحاب الأعراف، قوم صالحون فقهاء علماء.
* * *
وقال آخرون: بل هم ملائكة وليسوا ببني آدم.
* ذكر من قال ذلك:
14707- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية, عن أبي مجلز قوله: (وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)، قال: هم رجال من الملائكة، يعرفون أهل الجنة وأهل النار، قال: وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ، إلى قوله: رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، قال: فنادى أصحاب الأعراف رجالا في النار يعرفونهم بسيماهم: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ . أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ، قال: فهذا حين دخل أهل الجنة الجنة: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ .
14708- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت عمران قال: قلت لأبي مجلز: يقول الله: (وعلى الأعراف رجال)، وتزعم أنتَ أنهم الملائكة؟ قال فقال: إنهم ذكور، وليسوا بإناث.
14709- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن سليمان التيمي, عن أبي مجلز: (وعلى الأعراف رجال)، قال: رجال من الملائكة، يعرفون الفريقين جميعًا بسيماهم, أهل النار وأهل الجنة, وهذا قبل أن يدخل أهل الجنة الجنة.
14710- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن أبي عدي, عن التيمي, عن أبي مجلز, بنحوه.
14711- . . . . وقال، حدثنا يحيى بن يمان, عن سفيان, عن التيمي, عن أبي مجلز قال: أصحاب الأعراف، الملائكة.
14712- حدثني المثنى قال، حدثنا يعلى بن أسد قال، حدثنا خالد قال، أخبرنا التيمي, عن أبي مجلز: (وعلى الأعراف رجال)، قال: هم الملائكة.
14713- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن عمران بن حدير, عن أبي مجلز: (وعلى الأعراف رجال)، قال: هم الملائكة. قلت: يا أبا مجلز، يقول الله تبارك وتعالى: " رجال ", وأنت تقول: ملائكة؟ قال: إنهم ذُكران ليسوا بإناث.
14714- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن عمران بن حدير, عن أبي مجلز في قوله: (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)، قال: الملائكة. قال قلت: يقول الله " رجال "؟ قال: الملائكة ذكور. (28)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في أصحاب الأعراف أن يقال كما قال الله جل ثناؤه فيهم: هم رجال يعرفون كُلا من أهل الجنة وأهل النار بسيماهم, ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصح سنده ،ولا أنه متفق على تأويلها, ولا إجماع من الأمة على أنهم ملائكة.
فإذ كان ذلك كذلك, وكان ذلك لا يدرك قياسًا, وكان المتعارف بين أهل لسان العرب أن " الرجال " اسم يجمع ذكور بني آدم دون إناثهم ودون سائر الخلق غيرهم, كان بيِّنًا أن ما قاله أبو مجلز من أنهم ملائكة، قولٌ لا معنى له, وأن الصحيح من القول في ذلك ما قاله سائر أهل التأويل غيره. هذا مع مَنْ قال بخلافه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك من الأخبار، وإن كان في أسانيدها ما فيها، وقد:-
14715- حدثني القاسم قال، حدثني الحسين قال، حدثني جرير عن عمارة بن القعقاع, عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال: هم آخر مَنْ يفصل بينهم من العباد, وإذا فرغ ربُّ العالمين من فصله بين العباد قال: أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار، ولم تدخلكم الجنة, وأنتم عُتَقائي، فارعوا من الجنة حيث شئتم. (29)
* * *
القول في تأويل قوله : يَعْرِفُونَ كُلا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وعلى الأعراف رجال يعرفون أهل الجنة بسيماهم, وذلك بياض وجوههم، ونضرةُ النعيم عليها = ويعرفون أهل النار كذلك بسيماهم, وذلك سواد وجوههم، وزرقة أعينهم, فإذا رأوا أهل الجنة نادوهم: " سَلامٌ عَلَيْكُمْ".
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14716- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)، قال: يعرفون أهل النار بسواد الوجوه, وأهل الجنة ببياض الوجوه.
14717 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)، قال: أنـزلهم الله بتلك المنـزلة، ليعرفوا من في الجنة والنار, وليعرفوا أهل النار بسواد الوجوه, ويتعوَّذوا بالله أن يجعلهم مع القوم الظالمين, وهم في ذلك يحيّون أهل الجنة بالسلام, لم يدخلوها، وهم يطمعون أن يدخلوها, وهم داخلوها إن شاء الله.
14718 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (بسيماهم)، قال: بسواد الوجوه، وزُرقة العيون.
14719- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)، الكفار بسواد الوجوه وزرقة العيون, وسيما أهل الجنة مبيَضَّة وجوههم.
14720- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم, عن جويبر, عن الضحاك, عن ابن عباس قال: أصحاب الأعراف إذا رأوا أصحاب الجنة عرَفوهم ببياض الوجوه, وإذا رأوا أصحاب النار عرفوهم بسواد الوجوه.
14721- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك, عن جويبر, عن الضحاك, عن ابن عباس قال: إن أصحاب الأعراف رجال كانت لهم ذنوبٌ عِظام, وكان حَسْمُ أمرهم لله, فأقيموا ذلك المقام، إذا نظروا إلى أهل النار عرفوهم بسواد الوجوه, فقالوا: رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، وإذا نظروا إلى أهل الجنة عرفوهم ببياض الوجوه, فذلك قوله: (ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون).
14722- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك في قوله: (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)، زعموا أن أصحاب الأعراف رجال من أهل الذنوب، أصابوا ذنوبًا، وكان حَسْم أمرهم لله, فجعلهم الله على الأعراف. فإذا نظروا إلى أهل النار عرفوهم بسواد الوجوه, فتعوذوا بالله من النار. وإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوهم: " أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ", قال الله: (لم يدخلوها وهم يطمعون). قال: وهذا قول ابن عباس.
14723- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (يعرفون كلا بسيماهم)، يعرفون الناس بسيماهم, يعرفون أهل النار بسواد وجوههم, وأهل الجنة ببياض وجوههم.
14724- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (يعرفون كلا بسيماهم)، يعرفون أهل النار بسواد وجوههم, وأهل الجنة ببياض وجوههم.
14725- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم)، قال: أهل الجنة بسيماهم. بيض الوجوه = وأهل النار بسيماهم، سود الوجوه. قال: وقوله (يعرفون كلا بسيماهم)، قال: أصحاب الجنة وأصحاب النار =" ونادوا أصحاب الجنة ", قال: حين رأوا وجوههم قد ابيضت.
14726- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك: (يعرفون كلا بسيماهم)، قال: بسواد الوجوه.
14727- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان, عن مبارك, عن الحسن: (بسيماهم)، قال: بسواد الوجوه وزرقة العيون.
* * *
و " السيماء "، العلامة الدالة على الشيء، في كلام العرب. وأصله من " السِّمَة "، نقلت واوها التي هي فاء الفعل، إلى موضع العين, كما يقال: " اضمحلّ" و " امضحلّ". وذكر سماعًا عن بعض بني عقيل: " هي أرض خامة ", يعني" وَخِمة ". ومنه قولهم: " له جاه عند الناس ", بمعنى " وجه ", نقلت واوه إلى موضع عين الفعل. (30) وفيها لغات ثلاث: " سيما " مقصورة, و " سيماء "، ممدودة, و " سيمياء "، بزيادة ياء أخرى بعد الميم فيها، ومدها، على مثال " الكبرياء ", (31) كما قال الشاعر: (32)
غُـلامٌ رَمَـاهُ اللـه بِالحُسْـنِ إذْ رَمَى
لَـهُ سِـيمِيَاءُ لا تَشُـقُّ عَـلَى البَصَـرْ (33)
* * *
وأما قوله: (ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون)، أي: حلت عليهم أمنة الله من عقابه وأليم عذابه. (34)
* * *
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: (لم يدخلوها وهم يطمعون).
فقال بعضهم: هذا خبر من الله عن أهل الأعراف: أنهم قالوا لأهل الجنة ما قالوا قبل دخول أصحاب الأعراف, غير أنهم قالوه وهم يطمعون في دخولها.
* ذكر من قال ذلك:
14728- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: أهل الأعراف يعرفون الناسَ, فإذا مرُّوا عليهم بزُمْرة يُذْهب بها إلى الجنة قالوا: " سلام عليكم ". يقول الله لأهل الأعراف: لم يدخلوها، وهم يطمعون أن يدخلوها.
14729- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر قال، تلا الحسن: (لم يدخلوها وهم يطمعون)، قال: والله ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم، إلا لكرامة يريدها بهم.
14730- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (لم يدخلوها وهم يطمعون)، قال: أنبأكم الله بمكانهم من الطمع.
14731- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن أبي بكر الهذلي قال، قال سعيد بن جبير, وهو يحدث ذلك عن ابن مسعود قال: أما أصحاب الأعراف, فإن النور كان في أيديهم، فانتزع من أيديهم، (35) يقول الله: (لم يدخلوها وهم يطمعون)، قال: في دخولها. قال ابن عباس: فأدخل الله أصحاب الأعراف الجنة.
14732- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل, عن جابر, عن عكرمة وعطاء: (لم يدخلوها وهم يطمعون)، قالا في دخولها.
* * *
وقال آخرون: إنما عني بذلك أهلَ الجنة, وأن أصحاب الأعراف يقولون لهم قبل أن يدخلوا الجنة: " سلام عليكم ", وأهل الجنة يطمعون أن يدخلوها, ولم يدخلوها بعدُ.
* ذكر من قال ذلك:
14733- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا جرير, عن سليمان التيمي, عن أبي مجلز: (ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون)، قال: الملائكة، يعرفون الفريقين جميعًا بسيماهم. وهذا قبل أن يدخل أهل الجنة الجنة، أصحاب الأعراف ينادون أصحابَ الجنة: أنْ سلام عليكم، لم يدخلوها وهم يطمعون في دخولها.
---------------------
الهوامش :
(11) ديوانه : 53 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 215 ، ورواية ديوانه وغيره (( وظلت تغالي باليفاع كأنها )) . وهذا البيت من آخر القصيدة في صفة حمر الوحش ، بعد أن عادت من رحلتها الطويلة العجيبة في طلب الماء ، يقودها العير ، فوصفه ووصفهن ، فقال :
مُحَــامٍ عـلى عَوْراتِهَـا لا يَرُوعُهـا
خَيَـالٌ ، وَلا رَامِـي الوُحُوشِ المنَاهِزُ
وأصْبَـحَ فَـوْقَ النَّشْـزِ ، نَشْزِ حَمَامةٍ،
لَـهُ مَرْكَضٌ فِي مُسْتَوَى الأَرْضِ بَارِزُ
وَظلَّــتْ تغَـالَي بِاليَفَـاع ..........
...................................
و (( تغالي الحمر )) احتكاك بعضها ببعض .يصف ضمور حمر الوحش ، كأنها رماح مائلة تستقبل مهب الرياح . وكان في المطبوعة : (( تعالى )) ، وهو خطأ . وفي المخطوطة هكذا : (( وطلت بأعراف تعالى كأنها رماح وجهه راكز )) ، صوابه ما أثبت .
(12) لم أعرف قائله .
(13) مجاز القرآن أبي عبيدة 1 : 215 ، اللسان ( نوف ) ، (( الكناز )) المجتمع اللحم القوية . و (( النياف )) ، الطويل ، يصف جملا . و (( العلم )) الجبل .
(14) الأثر : 14673 - (( عبيد الله بن أبي يزيد المكي )) ، روى عن ابن عباس ، مضى برقم : 3778 . وكان في المطبوعة (( عبيد الله بن يزيد )) ، والصواب من المخطوطة .
(15) الأثر : 14674 - (( عبيد الله بن أبي يزيد )) ، المذكور آنفًا ، في المطبوعة والمخطوطة هنا (( عبيد الله بن يزيد )) .
(16) الأثر : 14677 - (( عيسى )) ، هو (( عيسى بن ميمون المكي )) صاحب التفسير ، مضى مئات من المرات ، وترجم في رقم : 278 ، 3347 ، وكنيته (( أبو موسى )) فهو الرواي هنا عن (( عبيد الله بن أبي يزيد )) .
وكان في المطبوعة هنا أيضًا ( عبيد الله بن يزيد )) ، والصواب من المخطوطة . انظر التعليقين السالفين .
(17) هو المذكور في آية سورة الحديد : 13 ، والمذكور آنفًا في الآثار السالفة .
(18) الأثر : 14685 - (( عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوي )) ، وهو (( الأعرج )) استعمله عمر بن عبد العزيز على الكوفة ، وكان أبو الزناد كاتبًا له . ثقة ، روى له الجماعة مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 /1 / 15 ، ونسب قريش : 363 .
و (( أبو الزناد )) ، (( عبد الله بن ذكوان )) مولى على قريش )) ، مضى برقم : 11813 .
(19) في المخطوطة : (( فلما رأوا أهل الجنة )) ، وهو جائز .
(20) الأثر : 14690 - (( أبو بكر الهذلي )) ، ليس بثقة ، ولا يحتج بحديثه . وقال غندر : (( كان إمامنا ، وكان يكذب )) . مضى برقم : 597 ، 8376 ، 13054 ، 14398
غندر : (( كان إمامنا ، وكان يكذب )) . مضى برقم : 597 ، 8376 ، 13054 ، 14398 .
و (( الوحدان )) بضم الواو ، جمع (( واحد )) . و (( واحد )) . و (( الأعشار )) جمع (( عشر )) .
(21) الأثر : 14691 - (( الوليد بن شجاع بن الوليد السكوني )) ، (( أبو همام )) ، شيخ الطبري ، تكلموا فيه ، وقال ابن معين : (( لا بأس به ، ليس هو ممن يكذب )) ، وقال أبو حاتم : (( يكتب حديثه ولا يحتج به )) . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 7 .
و (( عيسى الحناط )) ، هو (( عيسى بن أبي عيسى الحناط الغفاري )) ، وهو (( عيسى بن ميسرة )) ضعيف مضطرب الحديث لا يكتب حديثه . وكان (( خباطًا )) ، ثم ترك ذلك وصار (( حناطًا )) ، ثم ترك ذلك وصار يبيع الخيط . قال ابن سعد : (( كان يقول : أنا خباط ، حناط ، خياط ، كلا قد عالجت )) . وكان في المطبوعة هنا (( الخياط )) ، وأثبت ما في المخطوطة ، وإن كان صوابًا ما في المطبوعة .
مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 289 .
(22) في ابن كثير 3 : 481 (( يقال له نهر الحياة )) . وانظر الأثر التالي . و (( قصب الذهب )) ، أنابيب من الذهب ، مجوفة مستطيلة . وفي المطبوعة هنا وفيما يلي (( قضب )) ، بالضاد .
(23) الأثر : 14693 - سيرويه موقوفًا على عبد الله بن الحارث في الأثر التالي ، قال ابن كثير بعد أن ذكر الخبرين : (( وعن عبد الله بن الحارث من قوله ، وهذا أصح )) ، التفسير 3 : 482 .
(24) في المخطوطة : (( كتابي )) ثم ضرب على (( بي )) ، وكتب بعدها (( ب )) ، وأخشى أن يكون الذي ضرب عليه الناسخ هو الصواب .
(25) الأثر : 14702 - (( سفيع )) ، لم أجد من ذكره .
وأما (( سميع )) الراوي عن ابن عباس ، فهو (( سميع الزيات )) (( أبو صالح )) ، ثقة مترجم في الكبير 2 /2 / 190 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 305 .
(26) الأثر : 14704 - (( يحيى بن شبل )) ، (( مولى بني هاشم )) لم أعرف حاله ، ترجم له ابن أبي حاتم 4 / 2 / 157 ، ولم يذكر فيه جرحًا ، والبخاري في الكبير 4 / 2 / 282 ، وذكره في التهذيب إلحاقًا فقال : (( ولهم بن شبل شيخ آخر مدني ، أقدم من هذا ، يروي عنه أبو معشر حديثًا في أصحاب الأعراف ))
واقتصر البخاري على أنه يروي عنه سعيد بن أبي هلال . وأما ابن أبي حاتم ، فذكر أنه روى عن (( عمر بن عبد الرحمن المزني ، وعن جده بن حسين ( ؟؟ ) عن علي رضي الله عنه )) ثم قال : (( روى عنه سعيد بن أبي هلال ، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، وأبو معشر ، وموسى بن عبيدة الربذي ، وابن أبي سبرة )) .
وزادنا أبو جعفر في الأثر التالي أنه (( مولى بني هاشم )) ، ولم أجد لذلك ذكرًا في الكتب التي بأيدينا .
وهذا خبر ضعيف ، لما فيه من المجاهيل ، ولأن (( أبا معشر )) نفسه ، قد تكلموا فيه ، وضعفوه . وانظر التعليق على الأثر التالي ، ففيه التخريج .
(27) الأثر : 14705 - (( يحيى بن شبل ، مولى بني هاشم )) ، انظر الأثر السالف .
و (( محمد بن عبد الرحمن المزني )) ، لم أجد له ترجمة مفردة ، ويقال أيضًا (( عمر بن الرحمن المزني )) ، ويقال : (( عمرو بن عبد الرحمن )) ، إن صلح ما في ترجمة أبيه في أسد الغابة .
وأبوه (( عبد الرحمن المزني )) ، ويقال (( عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن )) ، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب : (( وقد قيل : اسم أبيه محمد ، وهو الصواب إن شاء الله )) .
وترجم له ابن عبد البر في الاستيعاب : 399 ، وابن الأثير في أسد الغابة في موضعين 3 : 307 ، 322 ، وابن حجر في الإصابة في موضعين : في (( عبد الرحمن بن أبي الهلالي )) وفي (( عبد الرحمن المزني )) ، ولم يشر إلى ذلك في واحدة من الترجمتين ، وهو عجيب !! واختلفوا في تسمية ولده ، فقال ابن حجر : (( والد عمر ، ويقال : والد محمد )) ، وقال ابن عبد البر : (( وله ولد آخر يقال له : (( عبد الرحمن )) . أما ابن الأثير ، ففيه أن ولده (( عمرو )) ، وان كنية (( عبد الرحمن المزني )) هو (( أبو عمرو )) .
وأما قوله في الأثر السالف : (( أن رجلا من بني النضير )) ، فهكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة ، وفي المراجع الأخرى : (( أن رجلا من بني نضر )) ، ولا أدري أهو بالضاد المعجمة أم الصاد المهملة . وأما (( عن رجل من بني هلال )) فكأنه يعني من (( بني هلال بن رئاب )) من (( بني عمرو بن أد )) ، وهم مزينة ، ومن بني هلال بن رئاب (( إياس بن معاوية المزني )) القاضي المشهور . انظر جمهرة الأنساب لابن حزم : 192 . ويدل على ذلك ان ابن حجر ترجم له في (( عبد الرحمن بن أبي عبد الرحمن الهلالي )) وفي (( عبد الرحمن المزني )) ، وذكر فيهما حديثه في الأعراف .
وهذا الخبر ذكروه جميعًا من طرق مختلفة ، وكلها مضطرب ، وقد جمع الكلام فيه الحافظ ابن حجر في الإصابة في الموضعين ، ولكنه لم يستوفه .
ومهما يكن من شيء ، فهو حديث ضعيف لضعف أبي معشر ، ولما يحيط به من الجهالة كما أسلفت في التعليق على الأثر السالف .
(28) في المخطوطة : (( الملائكة )) دون صفتهم (( ذكور )) ، كأنه قطع الكلام بالإثبات . وإن كان يخشى أيضًا أن يكون الناسخ أسقط ما ثبت في المطبوعة .
(29) الأثر : 14715 - (( عمارة بن القعقاع بن شبرمة الضبي ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 14203 ، 14209 .
و (( أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي )) ، ثقة ، روى له الجماعة مضى كثيراص ، آخرها أيضًا رقم : 14203 ، 14209 . وكان في المطبوعة والمخطوطة : (( أبو زرعة ، عن عمرو بن جرير )) ، وهو خطأ .
وهذا خبر مرسل حسن ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 3 : 87 ، وزاد إلى ابن المنذر . ذكره ابن كثير في تفسيره 3 : 482 .
(30) انظر (( جاه )) فيما سلف 6 : 415 .
(31) انظر تفسير (( سيما )) فيما سلف 5 : 594 - 597 /7 : 189 ، 190 .
(32) هو أسيد بن عنقاء الفزاري .
(33) سلف البيت وتخريجه فيما سلف 5 : 595 /7 : 189 .
(34) انظر تفسير (( سلام )) فيما سلف ص : 114 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(35) في المطبوعة : (( ما انتزع )) ، والصواب من المخطوطة .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 46 | ﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوۡاْ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَن سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡۚ﴾ |
---|
الأعراف: 48 | ﴿وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغۡنَىٰ عَنكُمۡ جَمۡعُكُمۡ وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَكۡبِرُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وهم يطمعون:
وقرئ:
1- وهم طامعون، وهى قراءة النحوي.
2- وهم ساخطون، وهى قراءة إياد بن لقيط.
التفسير :
{ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ} ورأوا منظرا شنيعا، وهَوْلًا فظيعا{ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} فأهل الجنة [إذا رآهم أهل الأعراف] يطمعون أن يكونوا معهم في الجنة، ويحيونهم ويسلمون عليهم، وعند انصراف أبصارهم بغير اختيارهم لأهل النار، يستجيرون بالله من حالهم هذا على وجه العموم.
ثم قال- تعالى-: وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
أى: وإذا ما اتجهت أبصار أصحاب الأعراف إلى جهة النار قالوا مستعيذين بالله من سوء ما رأوا من أحوالهم: يا ربنا لا تجعلنا مع هؤلاء القوم الظالمين، ولا تجعلنا وإياهم في هذا المكان المهين.
قال صاحب المنار: «وقد أفاد هذا التعبير بالفعل المبنى للمجهول أنهم يوجهون أبصارهم إلى أصحاب الجنة بالقصد والرغبة ويلقون إليهم السلام، وأنهم يكرهون رؤية أصحاب النار، فإذا صرفت أبصارهم تلقاءهم من غير قصد ولا رغبة، بل بصارف يصرفهم إليها قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين.
ثم قال: والإنصاف أن هذا الدعاء أليق بحال من استوت حسناتهم وسيئاتهم وكانوا موقوفين مجهولا مصيرهم » .
وقوله : ( وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) قال الضحاك ، عن ابن عباس : إن أصحاب الأعراف إذا نظروا إلى أهل النار وعرفوهم قالوا : ( ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) .
وقال السدي : وإذا مروا بهم - يعني بأصحاب الأعراف - بزمرة يذهب بها إلى النار قالوا : ( ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) .
وقال عكرمة : تحدد وجوههم في النار ، فإذا رأوا أصحاب الجنة ذهب ذلك عنهم .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار ) فرأوا وجوههم مسودة ، وأعينهم مزرقة ، ( قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) .
القول في تأويل قوله : وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإذا صرفت أبصارُ أصحاب الأعراف تلقاء أصحاب النار = يعني: حِيالَهم ووِجاههم = فنظروا إلى تشويه الله لهم =(قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين)، الذين ظلموا أنفسهم، فأكسبوها من سخطك ما أورثهم من عذابك ما هم فيه.
14734- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: وإذا مروا بهم = يعني بأصحاب الأعراف = بزمرة يُذهب بها إلى النار, قالوا: (ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين).
14735- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن جويبر, عن الضحاك, عن ابن عباس قال: إن أصحاب الأعراف إذا نظروا إلى أهل النار وعرفوهم، قالوا: (ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين).
14736- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن أبي مكين, عن أخيه, عن عكرمة: (وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار)، قال: تحرد وجوههم للنار, فإذا رأوا أهل الجنة ذهبَ ذلك عنهم. (36)
14737- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، ابن زيد في قوله: (وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار)، فرأوا وجوههم مسودّة، وأعينهم مزرقّة, =(قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين).
------------------
الهوامش :
(36) الأثر : 14736 - (( أبو مكين )) ، هو (( نوح بن ربيعة الأنصاري )) ، مضى برقم : 9742 - 9839 . وكان وكيع يهم فيقول : (( أبو مكين )) هو (( نوح بن أبان )) ، أخو (( الحكم بن أبان )) ، ونبهوا على هذا الوهم . انظر ترجمة (( نوح بن ربيعة )) في التهذيب وابن أبي حاتم 4 / 1 / 482 .
وأخوه ، يعني وكيع : (( الحكم بن أبان العدني )) ، وهو يروي عن طاوس وعكرمة ، ثقة مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 2 / 334 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 /113 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 47 | ﴿وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ |
---|
الأعراف: 85 | ﴿فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ |
---|
الممتحنة: 5 | ﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وإذا صرفت:
وقرئت:
وإذا قلبت، وهى قراءة الأعمش.
التفسير :
ثم ذكر الخصوص بعد العموم فقال:{ وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} وهم من أهل النار، وقد كانوا في الدنيا لهم أبهة وشرف، وأموال وأولاد، فقال لهم أصحاب الأعراف، حين رأوهم منفردين في العذاب، بلا ناصر ولا مغيث:{ مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ} في الدنيا، الذي تستدفعون به المكاره، وتتوسلون به إلى مطالبكم في الدنيا، فاليوم اضمحل، ولا أغني عنكم شيئا، وكذلك، أي شيء نفعكم استكباركم على الحق وعلى من جاء به وعلى من اتبعه.
ثم بين- سبحانه- ما يقوله أهل الأعراف لرءوس الكفر في هذا الموقف العصيب فقال:
وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ.
أى: ونادى أصحاب الأعراف رجالا من أهل النار وكانوا أصحاب وجاهة وغنى في الدنيا، فيقولون لهم على سبيل التوبيخ والتقريع ما أغنى عنكم جمعكم وكثرتكم واستكباركم في الأرض بغير الحق. فقد صرتم في الآخرة بسبب كفركم وعنادكم إلى هذا الوضع المهين.
وقد كرر- سبحانه- ذكرهم مع قرب العهد بهم، فلم يقل «ونادوا» لزيادة التقرير، وكون هذا النداء خاصا في موضوع خاص فكان مستقلا.
وقوله: يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ أى: بعلاماتهم الدالة على سوء حالهم يومئذ كسواد الوجوه، وظهور الذلة على وجوههم. أو يعرفونهم بصورهم التي كانوا يعرفونهم بها في الدنيا.
قول الله تعالى مخبرا عن تقريع أهل الأعراف لرجال من صناديد المشركين وقادتهم ، يعرفونهم في النار بسيماهم : ( ما أغنى عنكم جمعكم ) أي : كثرتكم ، ( وما كنتم تستكبرون ) أي : لا ينفعكم كثرتكم ولا جموعكم من عذاب الله ، بل صرتم إلى ما صرتم فيه من العذاب والنكال .
القول في تأويل قوله : وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48)
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: (ونادى أصحاب الأعراف رجالا)، من أهل الأرض =(يعرفونهم بسيماهم)، سيما أهل النار =(قالوا ما أغنى عنكم جمعكم)، ما كنتم تجمعون من الأموال والعَدَد في الدنيا =(وما كنتم تستكبرون)، يقول: وتكبُّركم الذي كنتم تتكبرون فيها، (37) كما:
14738- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال، فمرّ بهم = يعني بأصحاب الأعراف = ناس من الجبَّارين عرفوهم بسيماهم. قال: يقول: قال أصحاب الأعراف: (ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون).
14739- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (ونادى أصحاب الأعراف رجالا)، قال: في النار =( يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون)، وتكبركم. (38)
14740- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن سليمان التيمي, عن أبي مجلز: (ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون)، قال: هذا حين دخل أهل الجنةِ الجنةَ, = أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ، الآية، قلت لأبي مجلز: عن ابن عباس؟ قال: لا بل عن غيره.
14741- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية, عن سليمان التيمي, عن أبي مجلز: (ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم)، قال: نادت الملائكة رجالا في النار يعرفونهم بسيماهم = مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ . أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ، قال: هذا حين دخل أهل الجنةِ الجنةَ = ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ .
14742- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم)، فالرجال، عظماء من أهل الدنيا. قال: فبهذه الصفة عرَف أهلُ الأعراف أهلَ الجنة من أهل النار. وإنما ذكر هذا حين يذهب رئيس أهل الخير ورئيس أهل الشر يوم القيامة = قال: وقال ابن زيد في قوله: (ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون)، قال: على أهل طاعة الله.
-----------------
الهوامش :
(37) انظر تفسير (( الاستكبار )) فيما سلف 11 : 540 / 12 : 421 .
(38) في المطبوعة : (( ... جميعكم وتكبركم وما كنتم تستكبرون )) ، وهو كذلك في المخطوطة ، إلا أنه فوق (( وتكبركم )) حرف ( م ) دلالة على أنه مقدم عن مكانه ، فرددته إلى الأصل ، وهو الصواب .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 46 | ﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوۡاْ أَصۡحَٰبَ ٱلۡجَنَّةِ أَن سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡۚ﴾ |
---|
الأعراف: 48 | ﴿وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم أشاروا لهم إلى أناس من أهل الجنة كانوا في الدنيا فقراء ضعفاء يستهزئ بهم أهل النار، فقالوا لأهل النار:{ أَهَؤُلَاءِ} الذين أدخلهم اللّه الجنة{ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ} احتقارا لهم وازدراء وإعجابا بأنفسكم، قد حنثتم في أيمانكم، وبدا لكم من اللّه ما لم يكن لكم في حساب،{ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} بما كنتم تعملون، أي:قيل لهؤلاء الضعفاء إكراما واحتراما:ادخلوا الجنة بأعمالكم الصالحة{ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ} فيما يستقبل من المكاره{ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} على ما مضى، بل آمنون مطمئنون فرحون بكل خير. وهذا كقوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} إلى أن قال{ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} واختلف أهل العلم والمفسرون، من هم أصحاب الأعراف، وما أعمالهم؟ والصحيح من ذلك، أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فلا رجحت سيئاتهم فدخلوا النار، ولا رجحت حسناتهم فدخلوا الجنة، فصاروا في الأعراف ما شاء اللّه، ثم إن اللّه تعالى يدخلهم برحمته الجنة، فإن رحمته تسبق وتغلب غضبه، ورحمته وسعت كل شيء.
ثم يزيدون توبيخهم وتبكيتهم فيقولون لهم: أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ.
أى: أن أصحاب الأعراف يشيرون إلى أهل الجنة من الفقراء والذين كانوا مستضعفين في الأرض ثم يقولون لرءوس الكفر الذين كانوا يعذبونهم: أهؤلاء الذين أقسمتم في الدنيا أن الله - تعالى- لا ينالهم برحمة في الآخرة لأنه لم يعطهم في الدنيا مثل ما أعطاكم من مال وبنين وسلطان.
وهنا ينادى مناد من قبل الله- تعالى- على هؤلاء الفقراء فيقول لهم: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ.
أى: ادخلوا الجنة لا خوف عليكم مما يكون في المستقبل، ولا أنتم تحزنون على ما خلفتموه في الدنيا.
وقيل: إن قوله- تعالى-: ادْخُلُوا. من كلام أصحاب الأعراف- أيضا، فكأنهم التفتوا إلى أولئك المشار إليهم من أهل الجنة وقالوا لهم: امكثوا في الجنة غير خائفين ولا محزونين على أكمل سرور وأتم كرامة.
( أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : يعني : أصحاب الأعراف ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) .
وقال ابن جرير : حدثني محمد بن سعد ، حدثني أبي ، حدثني عمي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون ) الآية ، قال : فلما قالوا لهم الذي قضى الله أن يقولوا - يعني أصحاب الأعراف لأهل الجنة وأهل النار - قال الله تعالى لأهل التكبر والأموال : ( أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) .
وقال حذيفة : إن أصحاب الأعراف قوم تكافأت أعمالهم ، فقصرت بهم حسناتهم عن الجنة .
وقصرت بهم سيئاتهم عن النار ، فجعلوا على الأعراف ، يعرفون الناس بسيماهم ، فلما قضى الله بين العباد أذن لهم في طلب الشفاعة ، فأتوا آدم فقالوا : يا آدم ، أنت أبونا ، فاشفع لنا عند ربك . فقال : هل تعلمون أن أحدا خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وسبقت رحمته إليه غضبه ، وسجدت له الملائكة غيري؟ فيقولون : لا . قال فيقول : ما علمت كنهه ، ما أستطيع أن أشفع لكم ، ولكن ائتوا ابني إبراهيم . فيأتون إبراهيم صلى الله عليه وسلم فيسألونه أن يشفع لهم عند ربهم ، فيقول : هل تعلمون من أحد اتخذه الله خليلا؟ هل تعلمون أن أحدا أحرقه قومه بالنار في الله غيري؟ فيقولون : لا . فيقول : ما علمت كنهه ، ما أستطيع أن أشفع لكم . ولكن ائتوا ابني موسى . فيأتون موسى ، عليه السلام ، فيقولون : اشفع لنا عند ربك فيقول : هل تعلمون من أحد كلمه الله تكليما وقربه نجيا غيري؟ فيقولون : لا فيقول : ما علمت كنهه ، ما أستطيع أن أشفع لكم ، ولكن ائتوا عيسى . فيأتونه ، عليه السلام ، فيقولون له : اشفع لنا عند ربك . فيقول : هل تعلمون أحدا خلقه الله من غير أب غيري؟ فيقولون : لا . فيقول : هل تعلمون من أحد كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله غيري؟ قال : فيقولون : لا . فيقول : أنا حجيج نفسي . ما علمت كنهه ، ما أستطيع أن أشفع لكم . ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيأتونني فأضرب بيدي على صدري ، ثم أقول : أنا لها . ثم أمشي حتى أقف بين يدي العرش ، فآتي ربي ، عز وجل ، فيفتح لي من الثناء ما لم يسمع السامعون بمثله قط ، ثم أسجد فيقال لي : يا محمد ، ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأرفع رأسي ، فأقول : ربي أمتي . فيقول : هم لك . فلا يبقى نبي مرسل ، ولا ملك مقرب ، إلا غبطني بذلك المقام ، وهو المقام المحمود . فآتي بهم الجنة ، فأستفتح فيفتح لي ولهم ، فيذهب بهم إلى نهر يقال له : نهر الحيوان ، حافتاه قصب مكلل باللؤلؤ ، ترابه المسك ، وحصباؤه الياقوت . فيغتسلون منه ، فتعود إليهم ألوان أهل الجنة ، وريح أهل الجنة فيصيرون كأنهم الكواكب الدرية ، ويبقى في صدورهم شامات بيض يعرفون بها ، يقال لهم : مساكين أهل الجنة "
القول في تأويل قوله : أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في المعنيِّين بهذا الكلام.
فقال بعضهم: هذا قِيل الله لأهل النار، توبيخًا على ما كان من قِيلهم في الدنيا، لأهل الأعراف، عند إدخاله أصحابَ الأعراف الجنة.
* ذكر من قال ذلك:
14743 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: " أصحاب الأعراف " ، رجال كانت لهم ذنوب عظام، وكان حَسْم أمرهم لله، يقومون على الأعراف، فإذا نظروا إلى أهل الجنة طمعوا أن يدخلوها. وإذا نظروا إلى أهل النار تعوَّذوا بالله منها، فأدخلوا الجنة. فذلك قوله تعالى: " أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة " ، يعني أصحابَ الأعراف=" ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ".
14744 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن جويبر، عن الضحاك قال، قال ابن عباس: إن الله أدخل أصحابَ الأعراف الجنة لقوله: " ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ".
14745 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: قال الله لأهل التكبر والأموال: " أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة " ، يعني أصحاب الأعراف=" ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ".
14746 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " أهؤلاء "، الضعفاء=" الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " ، قال: فقال حذيفة: " أصحاب الأعراف " ، قوم تكافأت أعمالهم، فقصَّرت بهم حسناتهم عن الجنة، وقصَّرت بهم سيئاتهم عن النار، فجعلوا على الأعراف، يعرفون الناس بسيماهم. فلما قُضِي بين العباد، أذن لهم في طلب الشفاعة، فأتوا آدم عليه السلام، فقالوا: يا آدم، أنت أبونا فاشفع لنا عند ربك ! فقال: هل تعلمون أحدًا خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وسبقت رحمته إليه غضبه، (39) وسجدت له الملائكة، غيري؟ فيقولون: لا! قال: فيقول: ما عملت فيه كُنْهَ ما أستطيع أن أشفع لكم، (40) ولكن ائتوا ابني إبراهيم ! قال: فيأتون إبراهيم عليه السلام فيسألونه أن يشفع لهم عند ربه، فيقول: هل تعلمون من أحدٍ اتخذه الله خليلا؟ هل تعلمون أحدًا أحرقه قومه في النار في الله، غيري؟ فيقولون: لا! فيقول: ما عملت كُنْهَ ما أستطيع أن أشفع لكم، (41) ولكن ائتوا ابني موسى ! فيأتون موسى عليه السلام، فيقول: هل تعلمون من أحد كلمه الله تكليمًا، وقرّبه نجيًّا، غيري؟ فيقولون: لا! فيقول: ما عملت فيه كُنْهَ ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا عيسى ! فيأتونه فيقولون: اشفع لنا عند ربك ! فيقول: هل تعلمون أحدًا خلقه الله من غير أب، غيري؟ فيقولون: لا! فيقول: هل تعلمون من أحد كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله غيري؟ قال: فيقولون: لا! قال: فيقول: أنا حجيجُ نفسي، ما عملت فيه كُنْهَ ما أستطيع أن أشفع لكم، (42) ولكن ائتوا محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيأتوني، فأضرب بيدي على صدري، ثم أقول: أنا لها! ثم أمشي حتى أقف بين يدي العرش، فأثني على ربي، فيفتح لي من الثناء ما لم يسمع السامعون بمثله قطُّ، ثم أسجد فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، سل تُعطَه، واشفع تُشَفَّع ! فأرفع رأسي فأقول: رب، أمتي ! فيقال: هم لك، فلا يبقى نبي مرسل ولا ملك مقرَّب إلا غَبَطني يومئذ بذلك المقام، وهو المقام المحمود. قال: فآتي بهم باب الجنة، فأستفتح فيفتح لي ولهم، فيُذهب بهم إلى نهر يقال له " نهر الحيوان "، (43) حافتاه قَصَب من ذهب مكلل باللؤلؤ، (44) ترابه المسك، وحصباؤه الياقوت، فيغتسلون منه، فتعود إليهم ألوان أهل الجنة وريح أهل الجنة، (45) ويصيرون كأنهم الكواكب الدرّية، ويبقى في صدورهم شامات بيض يعرفون بها، يقال لهم: " مساكين أهل الجنة ".
14747 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك قال: إن الله أدخلهم بعد أصحاب الجنة، وهو قوله: " ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " ، يعني أصحاب الأعراف. وهذا قول ابن عباس.
* * *
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام على هذا التأويل الذي ذكرنا عن ابن عباس، ومن ذكرنا قوله فيه=: قال الله لأهل التكبر عن الإقرار بوحدانية الله، والإذعان لطاعته وطاعة رسله، الجامعين في الدنيا الأموال مكاثرة ورياء: أيها الجبابرة كانوا في الدنيا، (46) أهؤلاء الضعفاء الذين كنتم في الدنيا أقسمتم لا ينالهم الله برحمة؟ قال: قد غفرت لهم ورحمتهم بفضلي ورحمتي، ادخلوا يا أصحاب الأعراف الجنة لا خوف عليكم بعدها من عقوبة تعاقبون بها على ما سلف منكم في الدنيا من الآثام والإجرام، ولا أنتم تحزنون على شيء فاتكم في دنياكم.
* * *
وقال أبو مجلز: بل هذا القول خبر من الله عن قيل الملائكة لأهل النار، بعد ما دخلوا النار، تعييرًا منهم لهم على ما كانوا يقولون في الدنيا للمؤمنين الذين أدخلهم الله يوم القيامة جنته. وأما قوله: " ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون " ، فخبر من الله عن أمره أهل الجنة بدخولها.
14748 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز قال: نادت الملائكة رجالا في النار يعرفونهم بسيماهم: " ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون * أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة "، قال: فهذا حين يدخل أهل الجنة الجنةَ =" ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ".
--------------------
الهوامش :
(39) في المطبوعة : "رحمة الله إليه غضبه" ، وأثبت ما في المخطوطة .
(40) "كنه الشيء" قدره ونهايته وغايته وحقيقته ، يريد : ما عملت ما يبلغ بي مرتبة الشفاعة لكم . وفي المطبوعة : "ما علمت" ، وأثبت ما في المخطوطة . وفي تفسير ابن كثير ، نقلا عن هذا الموضع من التفسير : "ما علمت كنهه ما أستطيع" ، والصواب ما في مخطوطة الطبري .
(41) في المطبوعة هنا أيضًا : "ما علمت" ، وأثبت ما في المخطوطة . وفي المخطوطة : "ما عملت فيه ما أستطيع" ، بإسقاط"كنه" سهوًا من الناسخ على الأرجح .
(42) في المطبوعة : "ما علمت كنه ما أستطيع" ، وأثبت ما في المخطوطة ، كما ذكرت في التعليقين السالفين.
(43) في المطبوعة : "نهر الحياة" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو المطابق لما في تفسير ابن كثير .
(44) "القصب" أنابيب مستطيلة مجوفة من الجوهر ، أو الذهب أو الفضة . وكان في المطبوعة كما سلف آنفًا ص : 455 ، تعليق : 1 ، "قضب" بالضاد ، وأثبت ما في المخطوطة ، وغيرها من المراجع
(45) في المخطوطة : "وريح" ، بإسقاط"أهل الجنة" . وفي المطبوعة : "وريحهم" ، وأثبت ما في تفسير ابن كثير 3 : 485 ، نقلا عن هذا الموضع من تفسير الطبري .
(46) في المطبوعة : "أيها الجبابرة الذين كانوا في الدنيا" ، زاد"الذين" ، وليست في المخطوطة ، والذي في المخطوطة حق الصواب .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المائدة: 53 | ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ |
---|
الأعراف: 49 | ﴿ أَهَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّـهُ بِرَحْمَةٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ادخلوا:
وقرئ:
1- أدخلوا، من «أدخل» أي: أدخلوا أنفسكم، وهى قراءة الحسن، وابن هرمز.
2- دخلوا، إخبار بفعل ماض، وهى قراءة عكرمة.
3- أدخلوا، مبنيا للمفعول، وهى قراءة طلحة، وابن وثاب، والنخعي.
التفسير :
أي:ينادي أصحاب النار أصحاب الجنة، حين يبلغ منهم العذاب كل مبلغ، وحين يمسهم الجوع المفرط والظمأ الموجع، يستغيثون بهم، فيقولون:{ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} من الطعام، فأجابهم أهل الجنة بقولهم:{ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا} أي:ماء الجنة وطعامها{ عَلَى الْكَافِرِينَ} وذلك جزاء لهم على كفرهم بآيات اللّه، واتخاذهم دينهم الذي أمروا أن يستقيموا عليه، ووعدوا بالجزاء الجزيل عليه.
ثم تسوق لنا السورة الكريمة بعد ذلك مشهدا ختاميا من مشاهد يوم القيامة تدور محاوراته بين أصحاب الجنة وأصحاب النار فتقول:
وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ، قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا، وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ.
إفاضة الماء: صبه، ومادة الفيض فيها معنى الكثرة.
والمعنى: أن أهل النار- بعد أن أحاط بهم العذاب المهين- أخذوا يستجدون أهل الجنة بذلة وانكسار فيقولون لهم: أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله من طعام، لكي نستعين بهما على ما نحن فيه من سموم وحميم.
يخبر تعالى عن ذلة أهل النار وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم ، وأنهم لا يجابون إلى ذلك .
قال السدي : ( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ) يعني : الطعام وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يستطعمونهم ويستسقونهم .
وقال الثوري ، عن عثمان الثقفي ، عن سعيد بن جبير في هذه الآية قال : ينادي الرجل أباه أو أخاه فيقول : قد احترقت ، أفض علي من الماء . فيقال لهم : أجيبوهم . فيقولون : ( إن الله حرمهما على الكافرين ) .
وروي من وجه آخر عن سعيد ، عن ابن عباس ، مثله سواء .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( إن الله حرمهما على الكافرين ) يعني : طعام الجنة وشرابها .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا نصر بن علي ، أخبرنا موسى بن المغيرة ، حدثنا أبو موسى الصفار في دار عمرو بن مسلم قال : سألت ابن عباس - أو : سئل - : أي الصدقة أفضل؟ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصدقة الماء ، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة قالوا : ( أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ) .
وقال أيضا : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن أبي صالح قال : لما مرض أبو طالب قالوا له : لو أرسلت إلى ابن أخيك هذا ، فيرسل إليك بعنقود من الجنة لعله أن يشفيك به . فجاءه الرسول وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر : إن الله حرمهما على الكافرين .
القول في تأويل قوله : وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن استغاثة أهل النار بأهل الجنة، عند نـزول عظيم البلاء بهم من شدة العطش والجوع، عقوبةً من الله لهم على ما سلف منهم في الدنيا من ترك طاعة الله، وأداء ما كان فرض عليهم فيها في أموالهم من حقوق المساكين من الزكاة والصدقة.
يقول تعالى ذكره: " ونادى أصحاب النار "، بعد ما دخلوها=" أصحاب الجنة "، بعد ما سكنوها=" أن "، يا أهل الجنة=" أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله "، أي: أطعمونا مما رزقكم الله من الطعام، كما:-
14749 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " ، قال: من الطعام.
14750 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " ، قال: يستطعمونهم ويستسقونهم.
* * *
= فأجابهم أهل الجنة، إن الله حرم الماء والطعام على الذين جحدوا توحيده، وكذبوا في الدنيا رسله.
* * *
و " الهاء والميم " في قوله: " إن الله حرّمهما " ، عائدتان على " الماء " وعلى " ما " التي في قوله: " أو مما رزقكم الله ".
* * *
وبنحو ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14751 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن عثمان الثقفي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " ، قال: ينادي الرجلُ أخاه أو أباه، فيقول: " قد احترقت، أفض عليَّ من الماء!" ، فيقال لهم: أجيبوهم ! فيقولون: " إن الله حرمهما على الكافرين "
14752 - وحدثني المثنى قال، حدثنا ابن دكين قال، حدثنا سفيان، عن عثمان، عن سعيد بن جبير: " ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " ، قال: ينادي الرجل أخاه: يا أخي، قد احترقتُ فأغثني! فيقول: " إن الله حرمهما على الكافرين ". (47)
14753 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " قالوا إن الله حرمهما على الكافرين " ، قال: طعامُ أهل الجنة وشرابُها.
--------------------
الهوامش :
(47) الأثر : 14752 -"ابن دكين" ، هو"الفضل بن دكين التيمي" ، مضى مرارًا ، منها : 2554 ، 3035 ، 8535 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 44 | ﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ |
---|
الأعراف: 48 | ﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ﴾ |
---|
الأعراف: 50 | ﴿ وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ لَهْوًا وَلَعِبًا} أي:لهت قلوبهم وأعرضت عنه، ولعبوا واتخذوه سخريا، أو أنهم جعلوا بدل دينهم اللهو واللعب، واستعاضوا بذلك عن الدين القيم.{ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} بزينتها وزخرفها وكثرة دعاتها، فاطمأنوا إليها ورضوا بها وفرحوا، وأعرضوا عن الآخرة ونسوها.{ فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ} أي:نتركهم في العذاب{ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} فكأنهم لم يخلقوا إلا للدنيا، وليس أمامهم عرض ولا جزاء.{ وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} والحال أن جحودهم هذا، لا عن قصور في آيات اللّه وبيناته.
وهنا يرد عليهم أهل الجنة بما يقطع آمالهم بسبب أعمالهم فيقولون لهم: إن الله منع كلا منهما على الكافرين، الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا، أى الذين اتخذوا دينهم- الذي أمرهم الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه- مادة للسخرية والتلهي، وصرف الوقت فيما لا يفيد، فأصبح الدين- في زعمهم- صورة ورسوما لا تزكى نفسا، ولا تطهر قلبا، ولا تهذب خلقا وهم فوق ذلك قد غرتهم الحياة الدنيا- أى شغلتهم بمتعها ولذائذها وزينتها عن كل ما يقربهم إلى الله، ويهديهم إلى طريقه القويم.
وقوله- تعالى-: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا معناه فاليوم نفعل بهم فعل الناسي بالمنسى من عدم الاعتناء بهم وتركهم في النار تركا كليا بسبب تركهم الاستعداد لهذا اليوم، وبسبب جحودهم لآياتنا التي جاءتهم بها أنبياؤهم.
فالنسيان في حق الله- تعالى- مستعمل في لازمه، بمعنى أن الله لا يجيب دعاءهم، ولا يرحم ضعفهم وذلهم، بل يتركهم في النار كما تركوا الإيمان والعمل الصالح في الدنيا.
وهكذا تسوق لنا السورة الكريمة مشاهد متنوعة لأهوال يوم القيامة، فتحكى لنا أحوال الكافرين، كما تصور لنا ما أعده الله للمؤمنين. كما تسوق لنا ما يدور بين الفريقين من محاورات ومناقشات فيها العبر والعظات «لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد» .
ثم بين- سبحانه- منزلة القرآن الكريم في إثباته للرسالة المحمدية عن طريق الإخبار بأحوال الأمم السابقة وبيان سوء عاقبة من كذب به، فقال:
ثم وصف تعالى الكافرين بما كانوا يعتمدونه في الدنيا من اتخاذهم الدين لهوا ولعبا ، واغترارهم بالدنيا وزينتها وزخرفها عما أمروا به من العمل للدار الآخرة .
قوله ( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ) أي : نعاملهم معاملة من نسيهم; لأنه تعالى لا يشذ عن علمه شيء ولا ينساه ، كما قال تعالى : ( في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ) [ طه : 52 ] .
وإنما قال تعالى هذا من باب المقابلة ، كما قال : ( نسوا الله فنسيهم ) [ التوبة : 67 ] وقال : ( كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ) [ طه : 126 ] وقال تعالى : ( وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ) [ الجاثية : 34 ] .
وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله ( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ) قال : نسيهم الله من الخير ، ولم ينسهم من الشر .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : نتركهم ، كما تركوا لقاء يومهم هذا . وقال مجاهد : نتركهم في النار . وقال السدي : نتركهم من الرحمة ، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا .
وفي الصحيح أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : " ألم أزوجك؟ ألم أكرمك؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول : بلى . فيقول : أظننت أنك ملاقي؟ فيقول : لا . فيقول الله : فاليوم أنساك كما نسيتني "
القول في تأويل قوله : الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله عن قِيل أهل الجنة للكافرين.
يقول تعالى ذكره: فأجاب أهلُ الجنة أهلَ النار: " إن الله حرمهما على الكافرين " الذين كفروا بالله ورسله، الذين اتخذوا دينهم الذي أمرهم الله به لهوًا ولعبا ، يقول: سخرية ولعبًا. (48)
وروي عن ابن عباس في ذلك ما:-
14754 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: " الذين اتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا " ، الآية، قال: وذلك أنهم كانوا إذا دُعوا إلى الإيمان سخِروا ممن دعاهم إليه وهزؤوا به، اغترارًا بالله.
* * *
=" وغرتهم الحياة الدنيا " ، يقول: وخدعهم عاجلُ ما هم فيه من العيش والخفض والدَّعة، عن الأخذ بنصيبهم من الآخرة، حتى أتتهم المنية (49) = يقول الله جل ثناؤه : " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا "، أي ففي هذا اليوم ، وذلك يوم القيامة =" ننساهم " ، يقول: نتركهم في العذاب المبين جياعًا عطاشًا بغير طعام ولا شراب، كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا ، ورفضوا الاستعداد له بإتعاب أبدانهم في طاعة الله.
* * *
وقد بينا معنى قوله: " ننساهم " ، بشواهده فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (50)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
14755 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد: " فاليوم ننساهم "، قال: نسوا في العذاب.
14756 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " فاليوم ننساهم " ، قال: نتركهم كما تركوا لقاء يومهم هذا.
14757 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " ننساهم " ، قال: نتركهم في النار.
14758 - حدثني المثتي قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا " ، قال: نتركهم من الرحمة، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا.
14759 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا " ، الآية ، يقول: نسيهم الله من الخير، ولم ينسهم من الشرّ.
14760 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا في قوله: " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا " ، قال: نؤخرهم في النار.
* * *
وأما قوله: " وما كانوا بآياتنا يجحدون " ، فإن معناه: " اليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا "، وكما كانوا بآياتنا يجحدون.
* * *
فـ" ما " التي في قوله: " وما كانوا " معطوفة على " ما " التي في قوله: " كما نسوا ".
* * *
قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: فاليوم نتركهم في العذاب، كما تركوا العمل في الدنيا للقاء الله يوم القيامة، وكما كانوا بآيات الله يجحدون = وهي حججه التي احتج بها عليهم، من الأنبياء والرسل والكتب وغير ذلك (51)
=" يجحدون "، يكذبون ولا يصدقون بشيء من ذلك. (52)
-------------------
الهوامش :
(48) انظر تفسير"اللهو" فيما سلف 11: 441 .
= وتفسير"اللعب" فيما سلف 11: 441 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك .
(49) انظر تفسير"الغرور" فيما سلف ص : 351 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(50) انظر تفسير"النسيان" فيما سلف 11: 357 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك.
(51) انظر تفسير"الآية" فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ).
(52) انظر تفسير"الجحد" فيما سلف 11: 334.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 51 | ﴿فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ |
---|
فصلت: 15 | ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ |
---|
فصلت: 28 | ﴿ذَٰلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّـهِ النَّارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ۖ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء